الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / جزء فيه: إن الله تعالى يرفع: زوجة، وذرية المؤمن: كالعالم، وطالب العلم: معه في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العلم، والعمل: لتقر بهم عينه

جزء فيه: إن الله تعالى يرفع: زوجة، وذرية المؤمن: كالعالم، وطالب العلم: معه في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العلم، والعمل: لتقر بهم عينه
سلسلة من شعار أهل الحديث |
72 |
إن الله تعالى يرفع: زوجة، وذرية المؤمن: كالعالم، وطالب العلم: معه في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العلم، والعمل: لتقر بهم عينه
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الدليل
على أن الله تعالى: ليرفع أزواج، وأولاد العلماء مع درجتهم في الجنة، وإن كانوا: أقل من علمهم، وعملهم، وهذا يدل على فضل العلماء على أهليهم، ويدخل في ذلك: زوجة، وأولاد المؤمن، مثل: طالب العلم، ومن دونه في العلم والعمل
قال تعالى: ]والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين[ [الطور: 21].
عن ابن عباس ﭭ قال؛ في قوله تعالى: ]ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم[ [الطور: 21] قال: (إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه، ثم، قرأ ]والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم[ [الطور: 21] يقول: وما نقصناهم).([1]) وفي رواية: (ليقر الله بهم عينه وإن كانوا دونه في العمل).
أثر صحيح له حكم الرفع
أخرجه يحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج4 ص297)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص247)، والطبري في «جامع البيان» (ج21 ص579 و580)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص468)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج14 ص465)، وهناد في «الزهد» (179)، والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» (690)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص268)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص320)، والبستي في «تفسير القرآن» (ق/217/ط)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج7 ص428)، وابن أبي الدنيا في «العيال» (361)، و(434)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص105)، والثوري في «تفسير القرآن» (ص991) من عدة طرق عن شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، كلاهما عن: عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص648).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج13 ص702)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج13 ص232)، وابن القيم في «حادي الأرواح» (ص318).
وقوله: (ليرفع ذرية المؤمن)؛ المؤمن، أول ما يدخل فيه العالم، ثم الأدنى، من طلبة العلم، ثم الأدنى.
قلت: فأدخل الله تعالى الذرية، بعمل الآباء، منهم: العلماء، وطلبة العلم.([2])
ومعناه: إذا دخل المؤمن الجنة، دخل معه: زوجته وأولاده، وإن لم يبلغوا درجته، وعمله ، وعلمه، فيؤمروا بإلحاقهم به.
قلت: فيلحق الأهل، بإيمان الآباء، خاصة: العلماء، وطلبة العلم، يلحقوا بهم: من الزوجات، والأولاد.
قال الإمام ابن القيم / في «حادي الأرواح» (ص397): (وعلى هذا فيكون المعنى إن الله سبحانه يجمع ذرية المؤمن إليه، إذا أتوا من الإيمان بمثل إيمانه إذ هذا حقيقة التبعية، وإن كانوا دونه في الإيمان رفعهم الله إلى درجته إقرارا لعينه وتكميلا لنعيمه، وهذا كما إن زوجات النبي r معه في الدرجة تبعا، وإن لم يبلغوا تلك الدرجة بأعمالهن). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «طريق الهجرتين» (ص396): (فهذه الآية: تدل على أن الله سبحانه يلحق ذرية المؤمنين بهم في الجنة، وأنهم يكونون معهم في درجتهم، ومع هذه فلا يتوهم نزول الأباء إلى درجة الذرية.
* فإن الله لم يلتهم أي: لم ينقصهم من أعمالهم شيئا؛ بل رفع ذرياتهم إلى درجاتهم مع توفير أجور الآباء عليهم، ولما كان إلحاق الذرية بالآباء في الدرجة إنما هو بحكم التبعية لا بالأعمال). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص391): (قوله تعالى: ]وما ألتناهم من عملهم[ [الطور21]، رفعا لوهم متوهم أنه يحط الآباء إلى درجة الأبناء ليحصل الإلحاق والتبعية فأزال هذا الوهم بقوله تعالى: ]وما ألتناهم من عملهم[ أي: ما نقصنا الآباء بهذا الاتباع شيئا من عملهم بل رفعنا الذرية إليهم قرة لعيونهم، وإن لم يكن لهم أعمال يستحقون بها تلك الدرجة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الرسالة التبوكية» (ص67): (أخبر سبحانه: أنه ألحق الذرية بآبائهم في الجنة، كما أتبعهم إياهم في الإيمان، ولما كانت الذرية لا عمل لهم يستحقون به تلك الدرجات قال تعالى: ]وما ألتناهم من عملهم من شيء[، والضمير عائد إلى الذين آمنوا؛ أي: وما نقصناهم شيئا من عملهم، بل رفعنا ذريتهم إلى درجاتهم، مع توفيتهم أجور أعمالهم). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «حادي الأرواح» (ص202): (فأخبر سبحانه أنه يكرمهم بإلحاق ذرياتهم الذين كانوا لهم بهم في الدنيا). اهـ
قلت: فعملوا بطاعة الله تعالى، فألحقهم الله تعالى بآبائهم، خاصة من العلماء، وطلبة العلم، فإن زوجاتهم، وأولادهم، معهم في الجنة، وإن لم يبلغوا درجتهم في الجنة.([3])
قال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج4 ص145): (قوله تعالى: ]والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين[ [الطور: 21]؛ يعني: من أدرك العمل من أولاد بني آدم المؤمنين فعمل خيرا فهم مع آبائهم في الجنة، ثم قال: ]ألحقنا بهم ذريتهم[ يعني: الصغار الذين لم يبلغوا العمل من أولاد المؤمنين فهم معهم وأزواجهم في الدرجة لتقر أعينهم). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ