القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / اليواقيت في المواقيت

2023-11-27

صورة 1
اليواقيت في المواقيت

 

سلسلة

من شعار أهل الحديث

 

 

 

 

 

 

                                                                                                            

شكل بيضاوي: 69 

 

 

 

 

 

اليواقيت

في

المواقيت

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

بسم الله الرحمن الرحيم

رب زدني علما، وحفظا، وفهما

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران : 102].

]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب: 70 و71].

أما بعد...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن الله تعالى حد لنا حدودا، وأمرنا ألا نعتديها، وقدر أشياء بعلمه وحكمته؛ فليس لنا الزيادة عليها، ولا النقصان عنها.

ومما قدره الله تعالى وشرع لنا أوقات الصلوات المفروضة، وقد علق الشارع الحكيم عليها أحكاما، فكان لزاما علينا أن نعرفها؛ لتأدية حقوق الله تعالى في هذا الحكم على سبيل الكمال والعلم في الدين.

قلت: وإن من قواعد الشريعة في أحكام الصلوات اليومية؛ أنه لا يصح وقوعها إلا في وقتها بيقين تام، ترتبط أسبابها بعلامات يقينية لا مدخل للعباد فيها، بل هي سنن كونية ثابتة يستوي في معرفتها عموم الخلق: علماء وطلبة وعامة، ولم تقيد بعلم دقيق، بل تناط معرفتها بأمور محسوسة مشاهدة، وكواكب سيارة يعرفها المتعلم، وغير المتعلم، ويهتدي بطلوعها وغروبها المكلفون جميعا.([1])

* ويظهر ذلك جليا في علامات مواقيت الصلوات الخمس المفروضة، وعدم دخول الخطإ فيها بالرؤية، والمشاهدة يستوي في معرفتها جميع الناس في الأرض.

قلت: إن ذلك من نعم الله تعالى على هذه الأمة ما اختصها به في الأيام والشهور والسنوات من عبادات عظيمة مفروضة، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله تعالى في القرآن، والنبي r في السنة أتم البيان وأوضحه.

قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مؤقتا بوقت محدد مبين، وهو مفروض على العباد.([2])

قلت: فالموقوت: المفروض، ويطلق على الوقت المحدد.

فعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (يعني: مفروضا).([3])

وعن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103] قال: (كلما مضى وقت جاء وقت آخر).([4])

وعن معمر بن يحيى / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (وجوبها).([5])

وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا، الموقوت: المفروض).([6])

وعن عطية العوفي / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا).([7])

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا)؛ أي: فرضا موقتا وقته الله تعالى عليهم.([8])

وقال الثعلبي المفسر / في «تفسير القرآن» (ج5 ص379)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]: (أي: واجبا مفروضا في الحضر والسفر، فركعتان في السفر وأربع في الحضر، وكتب الله عليهم ووقته؛ أي: جعل للأوقات). اهـ

وقال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص3)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ موقتا وقته عليهم.

وقال الجصاص المفسر / في «أحكام القرآن» (ج2 ص333): (قد انتظم ذلك إيجاب الفرض ومواقيته؛ لأن قوله تعالى: ]كتابا[؛ معناه: فرضا، وقوله: ]موقوتا[؛ معناه: أنه مفروض في أوقات معلومة معينة، فأجمل ذكر الأوقات في هذه الآية وبينها في مواضع أخر من الكتاب من غير ذكر تحديد أوائلها وأواخرها، وبين على لسان رسول الله r تحديدها ومقاديرها). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص459): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: محدودا معينا، يقال: وقته فهو موقوت ووقته فهو مؤقت.

والمعنى: إن الله افترض على عباده الصلوات، وكتبها عليهم في أوقاتها المحدودة، لا يجوز لأحد أن يأتي بها في غير ذلك الوقت إلا لعذر شرعي، من نوم أو سهو أو نحوهما). اهـ

وقال الواحدي المفسر / في «الوسيط» (ج2 ص110): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ فرضا مؤقتا). اهـ

وقال العلامة الشيخ السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص339): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به.

* وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص523): (كانت الصلاة على المؤمنين كتابا موقوتا؛ كما قال ربنا عز وجل، ومعنى: (كتابا)؛ أي مكتوبة، مفروضة، فــ«فعال»، بمعنى: مفعول، أي: كتبها الله عز وجل، في أوقات معلومة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص95): (والدليل على اشتراط الوقت: قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، أي: مؤقتا بوقته). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «تفسير القرآن» (ج9 ص167): (لأن ما كان مفروضا فواجب، وما كان واجبا أداؤه في وقت بعد وقت فمنجم([9])). اهـ.

وعن أبي موسى الأشعري t عن رسول الله r، أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: «فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام بالظهر، حين زالت الشمس، والقائل يقول قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول قد طلعت الشمس، أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص10)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

قلت: ونص أهل العلم على أن من شروط الصلاة: دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r بقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها([10])؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([11])

قال الحافظ الترمذي / في «العلل الكبير» (ج1 ص202): (قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي موسى، وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه في المواقيت؛ هو: حديث حسن، وحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في المواقيت؛ هو: حديث حسن). اهـ

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قلت: والصلاة على وقتها من أفضل الأعمال في الشريعة المطهرة.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: سألت النبي r: أي العمل أحب إلى الله؟ قال r: (الصلاة على وقتها). وفي رواية: (الصلاة لوقتها). وفي رواية: (الصلاة على ميقاتها)([12]). وفي رواية: (أي: العمل أفضل). وفي رواية: (أي الأعمال أقرب إلى الجنة).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (504)، و(5625)، وفي «الأدب المفرد» (1)، وفي «بر الوالدين» (ص104 و105)، ومسلم في «صحيحه» (85)، والترمذي في «سننه» (173)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص493)، وفي «المجتبى» (ج1 ص293)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص215)، وفي «الآداب» (1)، وفي «الاعتقاد» (ص249)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص197)، وفي «شعب الإيمان» (2544)، و(7439)، والطائي في «الأربعين» (12)، وابن المبارك في «البر والصلة» (1)، و(2)، و(35)، وابن الأعرابي في «المعجم» (611)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص418 و442 و451)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص278)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (ج1 ص171)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص266)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص115)، و(ج2 ص301)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص163)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص279)، و(ج4 ص207)، و(ج5 ص219)، وفي «المسند» (202)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» (ص214)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص338 و340 و342)، وفي «الثقات» تعليقا (ج8 ص314)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص23 و24 و25 و26)، وفي «المعجم الأوسط» (3583)، و(5394)، و(7233)، وفي «المعجم الصغير» (ج1 ص163)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص64)، والطيالسي في «المسند» (372)، وهناد في «الزهد» (983)، والبزار في «المسند» (1791)، و(1792)، و(1793)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (484)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1546)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص27)، و(ج5 ص366)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص541 و460)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص176)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص251)، والهيثم بن كليب في «المسند» (759)، و(761)، وأبو الفرج المقرئ في «الأربعين في الجهاد» (ص52)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص270)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص249)، وفي «المؤتلف والمختلف» (ج3 ص6696)، وعبد الخالق بن أسد في «المعجم» (ص399)، وأبو يعلى في «المسند» (5086)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج18 ص276)، و(ج54 ص396)، وفي «الأربعين في الحث على الجهاد» (3)، وفي «معجم الشيوخ» (482)، و(1551)، وابن المقرئ في «المعجم» (565)، والحميدي في «المسند» (103)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص136)، وفي «البر والصلة» (ص48)، وفي «التحقيق» (ج2 ص33)، وفي «الحدائق» (ج2 ص90)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص88)، والنسوي في «الأربعين» (ص75)، وأبو الشيخ في «ذكر الأقران» (ص29)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص346)، والفاكهي في «حديثه» (126)، وابن بشران في «الأمالي» (ص227)، وسعيد بن منصور في «السنن» (2302)، والإسماعيلي في «المعجم» (48)، والخلعي في «الخلعيات» (ص59 و60)، وأبو علي الرفاء في «الفوائد» (61)، والخلدي في «الفوائد» (470)، ومكرم البزاز في «الفوائد» (615)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص204 و205)، وابن المقرب في «الأربعين» (ص86)، وابن أسلم في «الأربعين» (ص72)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج1 ص436)، والحاكم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج4 ص65-الإمام)، وابن مسلمة في «المشيخة البغدادية» (ص141)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (ص426)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص554)، و(ج5 ص61 و157)، وابن المنذر في «الأوسط» (1111)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (162)، والحسين المروزي في «البر والصلة» (3)، والسلفي فيما «انتخبه من الطيوريات» (386)، ومعمر الأزدي في «جامعه» (ج11 ص190)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص126)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص65)، و(ج3 ص139)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج2 ص634)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص203 و204)، وابن دقيق العيد في «الإمام في معرفة أحاديث الأحكام» (ج4 ص64) من طرق عن عبد الله بن مسعود t به.

وبوب عليه الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص203)؛ باب: فضل الصلاة لوقتها.([13])

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص382): (لا يجوز للمسلم أو المسلمة، تأخير الصلاة المفروضة عن وقتها، بل يجب على كل مسلم ومسلمة من المكلفين أن يؤدوا الصلاة في وقتها على حسب الطاقة).اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص96): (والصلاة لا تصح قبل الوقت؛ بإجماع المسلمين). اهـ

قلت: فهذه المسألة مما اتفق عليها السلف، والخلف؛ استنادا إلى الأدلة التي سبقت في تحديد مواقيت الصلاة، وغيرها من الأدلة المعروفة في هذا الخصوص.

* ولكن الشيطان حريص كل الحرص على إبعاد العباد عن دينهم الحق، بشتى الوسائل؛ فيزين لهم عبادات ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، فهو عالم بما يزين للناس، ويحسن لهم من أعمال هي في الحقيقة بدع ومحدثات، ويوهم الكثيرين منهم أنهم على الجادة، وأنهم على أهدى سبيل.

قلت: ومن جملة ما يزين الشيطان للناس فعله في هذا الزمان تقديم وقت صلاة الفجر([14])، فيؤذن لصلاة الفجر على غير وقته، وصلى جمهور الناس صلاة الفجر في مساجدهم، وبيوتهم قبل دخول وقت صلاة الفجر، مما يؤكد فساد صلاتهم؛ لأنها لم تؤد على وقتها الذي شرعه الله تعالى لها.([15])

* والسبب في ذلك يعود لجهل الناس بمعرفة الفجر الصادق من الفجر الكاذب، واعتمادهم على تقاويم فلكية لم يراع في وضعها الدقة المطلوبة في الشرع، ولم يشرف على وضعها علماء مختصون، أو طلبة علم متمكنون في الشريعة المطهرة، بل أشرف على وضعها الدكاترة، والفلكيون في البلدان الإسلامية، والله المستعان.

قلت: ولما كان هذا الأمر بالغ الأهمية والخطورة؛ لتعلقه بالركن الثاني من أركان الإسلام، الذي عليه مدار قبول هذه العبادة وهي الصلاة التي تؤدى في غير وقتها([16])، وغيرة مني على هذه العبادة أن تؤدى على وقتها، كتبت هذا الكتاب راجيا المولى أن يجعل فيه عبرة لأولي الألباب، ودفعا للمسؤولين في بلدانهم أن يعطوا هذا الأمر جل اهتمامهم، وأن تعدل هذه «التقاويم الفلكية»([17])، وبذلك نصون عبادة الناس من الفساد، ونبرئ ذمتنا أمام الله تعالى يوم الميعاد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله تعالى بقلب سليم.

قال تعالى: ]وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون[ [آل عمران: 132].

وقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم[ [آل عمران: 31].

وقال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31].

قلت: ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة، والحاجة الماسة لهذا الموضوع، وهو تحديد: «وقت الصلوات المفروضة»، فهو موضوع يهم كل مسلم لارتباطه بأحكام شرعية كثيرة.

* ولأهمية هذا الموضوع، وارتباطه بعموم المسلمين، فلا شك أنه قد طرق وبحث كثيرا، ولكن الكثير ممن بحثوه واعتنوا بتحقيق وقته وتحديده كان عن طريق «العلم الفلكي»([18]) في البلدان الإسلامية، وغفلوا عن جانب مهم في الدين، وهو تحقيقه بأدلة الكتاب والسنة، والآثار والأقوال.

* ولهذا فإنني استعنت بالله تعالى في اختيار هذا الموضوع، وقد بذلت جهدي وحرصت على الوصول إلى الصواب؛ لإيضاح جوانبه العلمية، وجمع أدلته وما تفرق فيه من أحكام شرعية متعلقة بصلاة الفجر.

هذا وأسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين إلى العمل بكتابه، وسنة نبيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه: ]إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب[ [هود: 88].

                                                              وكتبه

                                                أبو عبد الرحمن الأثري

 

    

على الله توكلي، وبه ثقتي

ذكر الدليل على أن الفجر الصادق هو:

نور الصباح المنتشر في الأرض، وهو الذي

يحرم على الصائم الأكل، والشرب، والجماع،

وهو يدل على دخول وقت أذان صلاة الفجر، وفرض أدائها

 

فإن الله تعالى كتب على عباده جملة من العبادات الشرعية في الدين من صلاة، وصيام، وغير ذلك، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله سبحانه في القرآن الكريم، والنبي ه في السنة النبوية، والصحابة الكرام في الآثار السلفية.

وإليك الأدلة:

(1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

أي: مؤقتا بوقت محدد مبين.([19])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين: صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([20])

(2) وعن بريدة t عن النبي r: «أن رجلا سأله، عن وقت الصلاة، فقال له: صل، معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب، حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر، والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب، قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم). وفي رواية: «وصلى الفجر فأسفر بها». وفي رواية: «فنور بالفجر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

(3) وعن جابر بن عبد الله t قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي r حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، [ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل فصلى المغرب]([21])، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([22])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث حسن لغيره

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص263)، والترمذي في «سننه» (150)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص330)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص195)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص368)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، وابن حبان في «صحيحه» (1470)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (152)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص24)، وابن الجوزي في «التحقيق» (314)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص137 و138)، وتمام الرازي في «الفوائد» (327)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (135)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (6)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص147)، وفي «أحكام القرآن» (283)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص78)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص192)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص211)، وابن المقرئ في «الأربعين» (28)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص361)، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص338)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص545)، وعبد الحق في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص581) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن لغيره، لبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([23])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل / في «المسائل» (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

* وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبو موسى، وأبو برزة، وأبو هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: «ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره»، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

قلت: فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

(4) وعن أبي موسى t عن رسول الله r: (أنه أتاه سائل، يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس  لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل، يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر، حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

(5) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا، [ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم] ([24])، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم).

 حديث حسن لغيره

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (150)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص194)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193 و202)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص26)، والسراج في «المسند» (972)، وفي «حديثه» (1335)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج5 ص147)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص185)، والبزار في «المسند» (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة t به.

قلت: وإسناده حسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص255)، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (87): سألت محمدا البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.([25])

وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص269): إسناده حسن.

(6) وعن عبد الله بن عمرو، أن نبي الله قال: (إذا صليتم الفجر، فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر، فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل).

 أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

(7) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله t، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم) قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

8) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

9) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

* فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

* فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

10) وعن أبي برزة الأسلمي y قال: (كان النبي ه يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (541)، ومسلم في «صحيحه» (647)، وأبو داود في «سننه» (398)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص246)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص223)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص25)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج6 ص132)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج62 ص98)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص188)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص256)، والشافعي في «الأم» (ج8 ص477)، وفي «المسند» (387)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص178)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص369)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص241)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص392)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص425)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، و(ج4 ص329)، وفي «مشكل الآثار» (ج10 ص193)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص436)، والبزار في «المسند» (ج9 ص299)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص567)، والسراج في «المسند» (139)، وفي «حديثه» (1660)، والروياني في «المسند» (1315)، والطيالسي في «المسند» (962)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص183)، والترمذي في «سننه» (168)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص370)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص417)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (107)، وابن الجوزي في «التحقيق» (333)، وفي «الحدائق» (ج2 ص81)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص213)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص561)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281) من طرق عن أبي المنهال عن أبي برزة ط به.

11) وعن أنس بن مالك ط قال: «سئل النبي ه عن وقت الصلاة فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم صلى بعد ذلك حين أسفر([26])، فقال: ما بين هاذين وقت». وفي رواية: «أمر حين انشق الفجر أن تقام الصلاة فصلى بنا».

حديث صحيح

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص207)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص273)، وفي «الإغراب» (202)، وأبو يعلى في «المسند» (2679)، و(3680)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج2 ص1135)، وابن العطار الدمشقي في «التساعيات» (ص74)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص39) من طريق حميد عن أنس بن مالك ط به.

قلت: وإسناده صحيح.

وتابعه أبو صدقة قال: سمعت أنس بن مالك ط يقول: «كان رسول الله ه يصلي الصبح حين ينفسح البصر».

أخرجه السرقسطي في «غريب الحديث» (ج1 ص239-نصب الراية)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص207)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص273).

وينفسح البصر، وانفسح: إذا رأى الشيء عن بعد، يعني: به إسفار الصبح، وأن يتسع نوره.([27])

12) وعن أبي موسى ط وفيه؛ مواقيت الصلاة: (ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس، أو كادت).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى ط به.

13) وعن جابر بن عبد الله قال: في حجة النبي ه: «ثم اضطجع رسول الله ه حتى طلع الفجر، وصلى الفجر، حين تبين له الصبح، بأذان وإقامة».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1218)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1525)، و(4038)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص271)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج3 ص318)، وأبو داود في «سننه» (1905)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص178)، وفي «المحلى» (ج7 ص121)، وابن الجارود في «المنتقى» (469)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص7)، وفي «السنن الصغرى» (1675)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص437)، وابن ماجه في «سننه» (3074)، وابن حبان في «صحيحه» (3944)، والدارمي في «المسند» (1892)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (1133)، والبغوي في «شرح السنة» (1635)، وفي «مصابيح السنة» (1841)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (14908)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج2 ص29)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص382 و388) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله به.

قال الشيخ علي بن آدم في «ذخيرة العقبى» (ج7 ص111): (قوله: «حين تبين له الصبح»؛ فيه أن أول الصبح إذا تبين الفجر واتضح، فأما قبل تبينه فلا تصح صلاة الصبح، ولا يحرم الأكل في الصوم، وهذا الفجر: هو الفجر الثاني المسمى: بالصادق، الذي تتعلق به الأحكام، من صلاة الصبح، وحرمة الأكل ونحوه على الصائم). اهـ

قلت: فالأحكام كلها متعلقة بالفجر الصادق؛ فيه يدخل وقت صلاة الصبح، ويدخل في الصوم، ويحرم به الطعام والشراب على الصائم، وبه ينقضي الليل، ويدخل النهار، ولا يتعلق بالفجر الكاذب شيء من الأحكام؛ بإجماع المسلمين.([28])

قال الحافظ النووي / في «المجموع» (ج3 ص43): (أجمعت الأمة على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وهو الفجر الثاني، وآخر وقت الاختيار إذا أسفر أي أضاء ثم يبقى وقت الجواز إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال الإمام الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص182): (ووقت الصبح: إذا طلع الفجر الثاني، وهو الفجر الصادق الذي يحرم به الطعام، والشراب على الصائم، وآخره: إذا أسفر الصبح). اهـ

14) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي ه قال: «وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو ط به.

15) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله بن مسعود ط ، فأتينا المزدلفة، فلما كان حين طلع الفجر يعني صلى - .... ثم قال: وصلاة الفجر حين يبزغ الفجر يعني: طلع - فإني رأيت النبي ه يفعل ذلك».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: ومراد عبد الله بن مسعود ط أن يبين لهم أن النبي ه كان يصلي صلاة الصبح إذا طلع الفجر الصادق.([29])

قال الحافظ الترمذي / في «العلل الكبير» (ج1 ص202): (قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي موسى، وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه في المواقيت؛ هو: حديث حسن، وحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في المواقيت؛ هو: حديث حسن). اهـ

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قـال الإمـام ابـن قدامـة / في «المـغـني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون
على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187].

قلت: فحدد الله تعالى بهذه الآية وقت الصيام اليومي للمسلم تحديدا واضحا بينا، وأوجب الصوم، والإمساك عن الأكل والشرب بظهور الخيط الذي هو بياض الفجر.([30])

قال الحافظ ابن المنذر رحمه الله في «الإقناع» (ج1 ص192): (فالسحور مندوب إليه، وليس بواجب، والفجر الذي يحرم بطلوعه الأكل، والشرب، والجماع: هو الفجر المستطير، وهو المنتشر، ويأكل إن شاء، وإن شك في طلوع الفجر فيأكل حتى يوقن بطلوعه، وإن علم بعد ذلك أنه أكل في النهار فلا قضاء عليه، وإن أكل وهو يرى أن الشمس قد غربت فلم تكن غربت فلا قضاء عليه). اهـ

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص277): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ قد اقتضت الآية إباحة الأكل والشرب والجماع إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر... فعلموا أنه إنما يعني: بذلك الليل والنهار).اهـ

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص278): (وأنزل الله تعالى بعد ذلك: [من الفجر]؛ فزال الاحتمال، وصار المفهوم من اللفظ سواد الليل، وبياض النهار.

* وقد كان ذلك اسما لسواد الليل، وبياض النهار في الجاهلية قبل الإسلام مشهورا ذلك عندهم؛ قال أبو داود الإيادي:

ولـمـا أضـــاءت لـــنـــا ظـــلــمــة

 

 

ولاح مــن الـصـبـح خـيـط أنـارا). اهـ

قلت: فالخيط الأبيض هو الصبح، والخيط الأسود هو الليل، والخيط هو اللون.([31])

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص280): (قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة:187]؛ فأباح الأكل إلى أن يتبين، والتبين إنما هو حصول العلم الحقيقي، ومعلوم أن ذلك إنما أمروا به في حال يمكنهم فيها الوصول إلى العلم الحقيقي بطلوعه). اهـ

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص381): (قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم[ [البقرة:187]؛ وفيها الدلالة على إباحة الأكل، والشرب والجماع إلى أن يحصل له الاستبانة، واليقين بطلوع الفجر!). اهـ

قلت: فقد تضمنت الآية لا محالة الرخصة في إباحة الأكل، والشرب، والجماع إلى أن يتبين نور النهار.

قال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص291): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ فما لم يتبين؛ فالأكل له مباح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج1 ص121): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[؛ بينه: قوله تعالى: (من الفجر)؛ والعرب تسمي ضوء الصبح خيطا، وظلام الليل المختلط به خيطا، ومنه قول أبي دواد الإيادي:

ولـمـــا أضــاءت لـــنـــا ظــلــمــة

 

 

ولاح مـن الـصـبـح خـيـط أنـارا). اهـ

وقال المفسر ابن جزي / في «تفسير القرآن» (ص47): (قوله تعالى: ]من الفجر[؛ بيان للخيط الأبيض لا للأسود؛ لأن الفجر ليس له سواد، والخيط هنا استعارة: يراد بالخيط الأبيض بياض الفجر، وبالخيط الأسود: سواد الليل). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج2 ص70): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض[؛ أباح تعالى الأكل والشرب مع ما تقدم من إباحة الجماع في؛ أي: الليل شاء الصائم إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل، وعبر عن ذلك بالخيط الأبيض من الخيط الأسود، ورفع اللبس بقوله ه: (من الفجر). اهـ

وقال المفسر الآلوسي / في «روح المعاني» (ج2 ص632): (والمعنى: حتى يتضح لكم الفجر متميزا عن غبش الليل؛ فالغاية إباحة ما تقدم حتى يتبين أحدهما من الآخر ويميز بينهما، ومن هذا وجه عدم الاكتفاء به حتى يتبين لكم الفجر، أو يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص165): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[؛ هو تشبيه بليغ، والمراد هنا بالخيط الأبيض: هو المعترض في الأفق، لا الذي هو كذنب السرحان، فإنه الفجر الكذاب الذي لا يحل شيئا ولا يحرمه. والمراد بالخيط الأسود: سواد الليل، والتبين: أن يمتاز أحدهما عن الآخر، وذلك لا يكون إلا عند دخول وقت الفجر. وقوله: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ فيه التصريح بأن للصوم غاية هي الليل، فعند إقبال الليل من المشرق، وإدبار النهار من المغرب يفطر الصائم، ويحل له الأكل والشرب وغيرهما). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الإقناع» (ج1 ص81): (وأول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير المعترض). اهـ

والفجر: هو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الخيط الأبيض، والفجر الصادق... والفجر: ضوء الصباح، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة. ([32])([33])

وإليك الدليل:

فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفجر فجران: فأما الأول؛ فإنه لا يحرم الطعام، ولا يحل الصلاة، وأما الثاني؛ فإنه يحرم الطعام، ويحل الصلاة).([34])

قلت: والفجر؛ ضوء الصباح، وهو حمرة الشمس في سواد الليل... والفجر: انفجار الظلمة عن الصبح، وقد انفجر الصبح، وتفجر، وانفجر عنه الليل؛ هو انكشاف ظلمة الليل عن نور الصبح؛ لانبعاث ضوئه، ونوره في الطرق، والفجاج، وهذا ابتداء تنفس الصبح.([35])

قال تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير: 18]، وقال تعالى: ]وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا [ [الإسراء: 78].

قال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج1 ص449): (في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل دخول وقتها.

وقوله ه: «فجر يحرم فيه الطعام» يريد: على الصائم، «ويحل فيه الصلاة». يريد: صلاة الصبح، «وفجر يحرم فيه الصلاة». يريد: صلاة الصبح، إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلي في ذلك الوقت صلاة الصبح؛ لأن الفجر الأول يكون بالليل، ولم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد طلوع الفجر الأول. وقوله ه: «ويحل فيه الطعام». يريد: لمن يريد الصيام). اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج2 ص308) معلقا على الحديث: (وفيه يعني: الحديث تنبيه هام إلى وجوب أداء الصلاة بعد طلوع الفجر الصادق؛ وهذا ما أخل به المؤذنون! في كثير من العواصم   منها عمان؛ فإن الأذان الموحد فيها يرفع قبل الفجر بنحو نصف ساعة! بناء على «التوقيت الفلكي»، وهو خطأ ثابت بالمشاهدة!، وكذلك في كثير من البلاد الأخرى؛ كـ«دمشق»، و«الجزائر»، و«المغرب»، و«الكويت»، و«المدينة»،-و«مكة» -، و«الطائف»، - و«البحرين»، وغير ذلك -». اهـ

وترجم الحافظ البيهقي / لهذا الحديث في «السنن الكبرى» (ج1 ص457): باب إعادة صلاة من افتتحها قبل طلوع الفجر الآخر!.

وترجم الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج1 ص377): باب الفجر فجران ودخول وقت الصبح بطلوع الآخر منهما.

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج4 ص259): (فإن الصبح هو الفجر، كما قال تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير: 18]، وقال تعالى: ]إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب [[هود: 81]. اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج5 ص52): (وقد رأيت ذلك بنفسي مرارا من داري في جبل هملان جنوب شرق عمان ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين، أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية يرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة؛ أي: قبل الفجر الكاذب أيضا، وكثيرا ما سمعت إقامة صلاة الفجر في بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق، وهم يؤذنون قبلها بنصف ساعة، وعلى ذلك فقد صلوا سنة الفجر قبل وقتها، وقد يستعجلون بأداء الفريضة أيضا قبل وقتها في شهر رمضان... وفي ذلك تضييق على الناس بالتعجيل بالإمساك عن الطعام، وتعريض لصلاة الفجر للبطلان، وما ذلك إلا بسبب اعتمادهم على التوقيت الفلكي، وإعراضهم عن التوقيت الشرعي). اهـ

وقال الفقيه الماوردي / في «الحاوي الكبير» (ج2 ص29): (فدل هذان الحديثان على افتراق حكم الفجرين، وتعليق الحكم في الصلاة، والصيام بالثاني منهما دون الأول، والعرب تسمي الأول: الفجر الكذاب، لأنه يزول ولا يثبت، وتسمي الفجر الثاني: الفجر الصادق، لأنه صدقك عن الصبح). اهـ

وقال الفقيه الماوردي / في «الحاوي الكبير» (ج2 ص29): (فإذا ثبت ما ذكرنا من صفة الفجرين، فصلاة الصبح تجب بالثاني منهما دون الأول). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المقنع» (ص24): (الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في المشرق، ولا ظلمة بعده). اهـ

وقال الفقيه أبو إسحاق الحنبلي / في «المبدع» (ج1 ص348): (الفجر: سمي به لانفجار الصبح، وهو ضوء النهار إذا انشق عنه الليل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص432): (عن قيس بن طلق بن علي، عن أبيه، عن النبي ه: «ليس الفجر المستطيل في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر».([36])

* وهذا يدل على جواز الأكل إلى ظهور الحمرة، وقد جاءت أحاديث تدل على مثل ذلك، كما روت([37]) عائشة، وابن عمر أن النبي ه قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن لكم ابن أم مكتوم» متفق عليه.([38])

* وفي رواية لأحمد والبخاري: «فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر». قال ابن شهاب: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.

* فقد أجاز الأكل إلى حين يؤذن ابن أم مكتوم، مع قوله: «إنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر». ومعلوم أن من أكل إلى حين تأذينه فقد أكل بعد طلوع الفجر؛ لأنه لا بد أن يتأخر تأذينه عن طلوع الفجر، ولو لحظة). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (وفيه دليل على أكل السحور، وعلى أن الليل كله موضع الأكل، والشرب، والجماع؛ لمن شاء، كما قال الله عز وجل: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [[البقرة: 187]. اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص104): (فالفرق بين الفجر الصادق، والفجر الكاذب من وجوه:

الأول: الفجر الصادق الذي تحل فيه الصلاة، ويحرم الطعام: يكون مستطيرا من الشمال إلى الجنوب، وأما الفجر الكاذب: فبالعكس؛ يكون من الشرق إلى الغرب فهو كذنب السرحان يكون مستطيلا في السماء؛ يعني يكون طولا، لا عرضا.

ثانيا: الفجر الصادق لا ظلمة بعده، بل يزداد النور حتى يشمل الأفق كله، وأما الفجر الكاذب: فيظلم بعد هذا، ويزول ثم بعد ذلك يخرج الفجر الصادق.

ثالثا: الفجر الصادق نوره متصل بالأفق، وأما الفجر الكاذب: فنوره غير متصل؛ بمعنى أنك إذا رأيت أسفل الأفق لم تر نورا.

قال شيخنا عبد الرحمن السعدي /: الفرق بينهما نحو نصف ساعة([39])، يعني: أن الكاذب يخرج قبل الصادق بنحو نصف ساعة، ثم يضمحل). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص51): (وقوله: «حين انشق الفجر»؛ جعل ذلك انشقاقا؛ لأن الفجر إذا سطا على الظلمة؛ فكأنما شقها؛ لأن الظلمة تتمايز في مكان النور، فيكون هذا انشقاقا، ولا يحدث ذلك إلا في الفجر الصادق.

والفجر الصادق: هو الذي يشق الظلمة؛ لأنه يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويتصل بالأفق، ولا ظلمة بعده.

أما الفجر الكاذب: فيختلف عن الفجر الصادق بثلاثة أمور:

أولا: أن الفجر الكاذب مستطيل؛ يعني: يصعد في السماء طولا.

الثاني: أنه لا يتصل بالأفق؛ لأن ما بينه، وبين الأفق ظلمة.

والثالث: أن يضمحل، ويزول، أما الفجر الصادق؛ فلا يتأتى فيه هذه الأشياء الثلاثة). اهـ

قلت: وينبني على هذه الفائدة: انتفاء التكليف بما يشق على المسلمين.([40])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص300): (الله عز وجل أباح لنا الأكل، والشرب، والجماع إلى أن يتبين الفجر، ولم يقل: إلى أن يطلع!). اهـ

قلت: وهذا هو الفهم السليم؛ لقوله تعالى: ]حتى يتبين[ [البقرة: 187].

قال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ حتى: غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد، ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص154): (ووقت صلاة الصبح: أوله من طلوع الفجر، وهو ضوء النهار، أو حمرة([41]) الشمس في سواد الليل، وهو في آخر الليل، كالشفق في أوله؛ سمي به لانفجار الصبح). اهـ

قال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص97): (صلاة الفجر: وأول وقتها إذا طلع الفجر الثاني بغير خلاف، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق معترضا لا ظلمة بعده، وآخره إذا طلعت الشمس). اهـ

وقال الفقيه خليل / في «مختصره» (ج1 ص47): (وصلاة الصبح؛ من الفجر الصادق؛ للإسفار الأعلى). اهـ

وقال الفقيه الخرقي / في «مختصره» (ج1 ص174): (الفجر الثاني: وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق، فينتشر، ولا ظلمة بعده). اهـ

وقال الإمام القيرواني / في «رسالته» (ص54): (صلاة الفجر: فأول وقتها انصداع الفجر المعترض بالضياء في أقصى المشرق). اهـ

قلت: فوقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق: وهو الضياء المعترض، والمنتشر من جهة المشرق إلى جهة الأمام.([42])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص313): (والذي يتعلق به حكم الصيام والصلاة؛ هو الفجر الصادق!). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1ص385): (الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق؛ إلى أن تطلع الشمس.

وهنا أنبه فأقول: إن تقويم أم القرى فيه تقديم خمس دقائق في أذان الفجر على مدار السنة، فالذي يصلي أول ما يؤذن يعتبر أنه صلى قبل الوقت، وهذا شيء اختبرناه في الحساب الفلكي، واختبرناه أيضا في الرؤية.

فلذلك لا يعتمد هذا بالنسبة لأذان الفجر؛ لأنه مقدم، وهذه مسألة خطيرة جدا، لو تكبر للإحرام فقط قبل أن يدخل الوقت ما صحت صلاتك وما صارت فريضة. وقد حدثني أناس كثيرون ممن يعيشون في البر وليس حولهم أنوار، أنهم لا يشاهدون الفجر إلا بعد هذا التقويم بثلث ساعة، أي: عشرين دقيقة أو ربع ساعة أحيانا، لكن التقاويم الأخرى الفلكية التي بالحساب بينها وبين هذا التقويم خمس دقائق.

* على كل حال: وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض؛ إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص52): (والعلم بالوقت يكون بالعلامات التي جعلها الشارع علامة، فالظهر بزوال الشمس، والعصر بصيرورة ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء بمغيب الشفق الأحمر، والفجر بطلوع الفجر الثاني.([43])

* وهذه العلامات أصبحت في وقتنا علامات خفية؛ لعدم الاعتناء بها عند كثير من الناس، وأصبح الناس يعتمدون على التقاويم والساعات.

* ولكن هذه التقاويم تختلف؛ فأحيانا يكون بين الواحد والآخر إلى ست دقائق، وهذه ليست هينة ولا سيما في أذان الفجر، وأذان المغرب؛ لأنهما يتعلق بهما الصيام، مع أن كل الأوقات يجب فيها التحري، فإذا اختلف تقويمان، وكل منهما صادر عن عارف بعلامات الوقت، فإننا نقدم المتأخر في كل الأوقات؛ لأن الأصل عدم دخول الوقت، مع أن كلا من التقويمين صادر عن أهل، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على مثل هذا فقالوا: لو قال لرجلين ارقبا لي الفجر، فقال أحدهما: طلع الفجر، وقال الثاني: لم يطلع؛ فيأخذ بقول الثاني، فله أن يأكل ويشرب حتى يتفقا بأن يقول الثاني: طلع الفجر([44])، أما إذا كان أحد التقويمين صادرا عن أعلم أو أوثق فإنه يقدم).اهـ

قلت: فمن خلال كلام الشيخين الجليلين؛ الألباني /، وابن عثيمين /؛ فيما سبق ذكره، فإن الفجر الصادق يكون بعد وقت الأذان المحدد في «التقاويم الفلكية» بمدة تتراوح بين (20 إلى 30 دقيقة)، بحسب اختلاف الصيف والشتاء.

* إذا فبالنسبة لصلاة الفجر، المعروف أن «التوقيت الفلكي» الذي يعرفه الناس اليوم ليس بصحيح، فالتوقيت مقدم على الوقت الشرعي بـ(20 إلى 30 دقيقة) على أقل تقدير، وإلا فالوقت يكون أحيانا أكثر من ذلك على حسب الفصول المعروفة.

قلت: فالمسألة خطيرة، ولهذا لا ينبغي للعبد في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة، وليتأخر حتى يتيقن أن الفجر قد تبين، وحضر وقته.([45])

سئل العلامة شيخنا محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ص482): (نرى بعض التقاويم في شهر رمضان يوضع فيه قسم يسمى «الإمساك»، وهو يجعل قبل صلاة الفجر بنحو عشر دقائق، أو ربع ساعة؛ فهل هذا له أصل من السنة، أم هو من البدع؟ أفتونا مأجورين.

الجواب: (هذا من البدع، وليس له أصل من السنة، بل السنة على خلافه، لأن الله قال في كتابه العزيز: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ [البقرة: 187]، وقال النبي ه: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»([46])، وهذا  الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله عز وجل- فيكون باطلا، وهو من التنطع في دين الله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون»([47])). اهـ

وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص281): توزع بعض الشركات، والمؤسسات إمساكيات لشهر رمضان المبارك، وهذه الإمساكيات خاصة بأوقات الصلوات، ولكن الذي لفت انتباهي وضعهم وقتا للإمساك يسبق وقت آذان الفجر بربع ساعة، فهل لعملهم هذا أصل من السنة؟ أفتونا مأجورين. مرفق لسماحتكم صورة لواحدة من هذه الإمساكيات. 

الجواب: (لا أعلم لهذا التفصيل أصلا، بل الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإمساك يكون بطلوع الفجر؛ لقول الله سبحانه: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [[البقرة: 187]، ولقول النبي ه: «الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة؛ - أي: صلاة الصبح - ويحل فيه الطعام».([48])  رواه ابن خزيمة، والحاكم وصححاه؛ كما في بلوغ المرام، وقوله ه: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم»([49]) قال الراوي: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت. متفق على صحته). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص282): (إذا كان المؤذن يؤذن مبكرا، أو يشك في أذانه هل وافق الصبح أو لا، فله أن يأكل ويشرب حتى يتحقق طلوع الفجر.

* إما بالساعات المعروفة التي ضبط أنها على طلوع الفجر، أو بأذان ثقة يعرف أنه يؤذن على الفجر، فله أن يأكل في حالة الأذان؛ أن يأكل أو يشرب، أو يأكل ما في يده، أو يشرب ما في يده؛ لأن الأذان ليس على الصبح). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص284): (إذا كان الأذان بالظن والتحري حسب التقويم([50])؛ فإنه لا حرج في الشرب والأكل وقت الأذان). اهـ

قلت: فنص الشيخ ابن باز / أن للعبد أن يأكل ويشرب حتى يتبين له الفجر الصادق، وأنه لا يعتمد على أذان المؤذن إذا كان يؤذن على «التقويم الفلكي»، والله المستعان.

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص229): (الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق؛ إلى أن تطلع الشمس.

وهنا أنبه: فأقول إن التقويم - تقويم أم القرى - فيه تقديم خمس دقائق في أذان الفجر على مدار السنة، فالذي يصلي أول ما يؤذن يعتبر أنه صلى قبل الوقت، وهذا شيء اختبرناه في الحساب الفلكي، واختبرناه أيضا في الرؤية.

* فلذلك لا يعتمد هذا بالنسبة لأذان الفجر؛ لأنه مقدم، وهذه مسألة خطيرة جدا، لو تكبر للإحرام فقط قبل أن يدخل الوقت ما صحت صلاتك وما صارت فريضة، لكن التقاويم الأخرى الفلكية التي بالحساب بينها وبين هذا التقويم خمس دقائق.

* وعلى كل حال وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس). اهـ

قلت: ويلاحظ في فتاوى أهل العلم التفاوت الكبير بين «التقاويم الفلكية»، وبين «التقاويم الشرعية»، وهذا يدل على أن هناك خللا في «التقاويم الفلكية»، إذ لا يعقل أن يبلغ التفاوت بين تقويمين قرابة عشرين دقيقة، أو أكثر، والسبب في هذا التفاوت الكبير والخلل أن هذه «التقاويم الفلكية» قد وضعت على «الفجر الكاذب» المعروف بـ«الشفق الفلكي»، والله المستعان.

قلت: فمن خلال الاستقراء، والتتبع، والبحث التي قام بها أهل العلم وطلبتهم تبين أن وقت الفجر المحدد في «التقويم الفلكي» ليس بصحيح، ولا دقيق في تحديد وقت طلوع الفجر الصادق، بل هو متقدم عليه بحسب اختلاف الفصول الأربعة المعروفة، والله المستعان.

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص215): (صلاة الإنسان قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة؛ لأن الله تعالى يقول: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [ [النساء: 103]، وبين النبي ه هذه الأوقات في قوله ه: «وقت الظهر إذا زالت الشمس» آخر الحديث.

* وعلى هذا فمن صلى الصلاة قبل وقتها فإن صلاته لا تجزئه عن الفريضة). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص216): (الصلاة قبل وقتها لا تجزئ حتى ولو كانت قبل الوقت بدقيقة واحدة، فلو كبر الإنسان للإحرام قبل الوقت؛ فإنها لا تصح الصلاة؛ لأن الله تعالى يقول: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [[النساء: 103]؛ أي: مؤقتة محددة، فلا تصح الصلاة قبل وقتها). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص242): (فلا يجوز للمسلم أن يقدم الصلاة كلها، أو بعضها قبل دخول وقتها؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى، والاستهزاء بآياته!). اهـ

فعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله ه: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد». وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».([51])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص236): (واعلم أن الصلاة قبل دخول الوقت لا تقبل حتى لو كبر تكبيرة الإحرام ثم دخل الوقت بعد التكبيرة مباشرة؛ فإنها لا تقبل على أنها فريضة؛ لأن الشيء المؤقت بوقت لا يصح قبل وقته، كما لو أراد الإنسان أن يصوم قبل رمضان، ولو بيوم واحد، فإنه لا يجزئه عن رمضان). اهـ

16) وعن رفاعة بن غرابة الجهني ط أن رسول الله ه قال؛ في حديث: نزول الله تعالى: «حتى ينفجر الفجر». وفي رواية: «حتى ينفجر الصبح». وفي رواية: «حتى يطلع الفجر».

حديث صحيح

أخرجه الدارقطني في «النزول» (56)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج2 ص341)، والطبراني في «المعجم الكبير» (4557)، والدارمي في «الرد على المريسي» (ج1 ص213)، والآجري في «الشريعة» (705)، و(706)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج2 ص231)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج2 ص1077).

وإسناده صحيح.

وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية / في «العقيدة الأصفهانية» (ص247) بقوله: (لأن رفاعة يرويه ويقول في حديثه: «حتى ينفجر الفجر»). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الإشراف» (ج1 ص401): (وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر). اهـ

وقال الحافظ البغوي / في «معالم التنزيل» (ج1 ص208): (واعلم أن الفجر فجران: كاذب وصادق، فالكاذب يطلع أولا مستطيلا؛ كذنب السرحان يصعد إلى السماء فبطلوعه لا يخرج الليل، ولا يحرم الطعام والشراب على الصائم، ثم يغيب فيطلع بعده الفجر الصادق مستطيرا ينتشر سريعا في الأفق، فبطلوعه يدخل النهار، ويحرم الطعام والشراب على الصائم). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص372): باب الدليل على أن الفجر هما فجران، وأن طلوع الثاني منهما هو المحرم على الصائم الأكل والشرب، والجماع لا الأول يعني: الكاذب -، وهذا من الجنس الذي أعلمت أن الله تعالى ولى نبيه عليه السلام البيان عنه عز وجل.

وقال الحافظ أبو عوانة / في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص114): باب بيان إباحة التسحر حتى يتبين بياض النهار، والدليل على أن الشاك فيه جائز له أن يأكل حتى يستيقن بالنهار.

وقال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج1 ص448): باب ذكر بيان الفجر الذي يجوز صلاة الصبح بعد طلوعه؛ إذ الفجر هنا فجران: طلوع أحدهما بالليل، وطلوع الثاني يكون بطلوع النهار.

قلت: فالفجر فجران، فجر يقال له الكاذب، وهو يذهب طولا، ولا يذهب عرضا، والفجر الآخر يقال له الصادق، وهو يذهب عرضا، ولا يذهب طولا.

17) وعن سمرة بن جندب ط عن النبي ه قال: «لا يغرنكم نداء بلال، ولا هذا البياض يعني: الفجر الكاذب - حتى يبدو الفجر، أو قال: حتى ينفجر الفجر». يعني: الفجر الصادق.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1094)، وأبو داود في «سننه» (2346)، والترمذي في «سننه» (706)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2481)، وفي «المجتبى» (ج4 ص148)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص7 و9 و13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7394)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص278)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص215)، والطيالسي في «المسند» (897)، و(898)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص117)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص166)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص425)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (2437)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج3 ص170)، وابن أخي ميمي الدقاق في «الفوائد» (ص264) من طرق عن سوادة القشيري عن سمرة بن جندب ط.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص30).

قال الحافظ أبو عوانة / في «المستخرج» (ج3 ص116): باب بيان صفة الفجر الذي به يحرم الطعام والشراب، وإباحة الأكل والشرب والجماع قبله، وأن ما قبله من بياض الفجر يعني: الفجر الكاذب- لا يسمى فجرا.

وترجم الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج1 ص457): باب الإسفار بالفجر حتى يتبين طلوع الفجر الآخر معترضا.

18) وعن عدي بن حاتم ط في تفسير النبي ه قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187] بقوله ه: «إنما ذلك سواد الليل، وبياض النهار».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1916)، ومسلم في «صحيحه» (1090)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (ج6 ص257)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص452)، والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص287)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص208)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص115 و116)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص324)، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «سننه» (ج4 ص148)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج3 ص166)، والدارمي في «المسند» (1736)، والحميدي في «المسند» (941)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص277)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص532)، وابن حبان في «صحيحه» (3462)، من طرق عن الشعبي عن عدي بن حاتم ط به.

وبوب عليه الحافظ النووي في «المنهاج» (ص422)؛ باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.

قلت: فالعرب تسمي الفجر أول بياض النهار: «الخيط الأبيض»؛ كفلق الصبح، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى: «الخيط الأبيض»، و«الفجر الصادق»؛ لأنه صدقك عن الصبح بينه لك، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة.([52])

وسئل شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص207) عن الفرق بين الفجر الأول والفجر الثاني؟.

فأجاب قائلا: (ذكر العلماء أن بينهما ثلاثة فروق:

الأول: أن الفجر الأول: ممتد لا معترض، أي: ممتد طولا من الشرق إلى الغرب، والثاني: معترض من الشمال إلى الجنوب.

الثاني: أن الفجر الأول: يظلم؛ أي يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم، والفجر الثاني: لا يظلم بل يزداد نورا وإضاءة.

الثالث: أن الفجر الثاني: متصل بالأفق ليس بينه، وبين الأفق ظلمة، والفجر الأول: منقطع عن الأفق بينه، وبين الأفق ظلمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص435): (فإن النبي ه قال؛ لعدي ط: «إنما هو بياض النهار وسواد الليل»؛ فعلم أنه أول ما يبدو البياض الصادق يدخل النهار، كما أنه أول ما يقبل من المشرق السواد يدخل الليل).اهـ

وقال العلامة الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج4 ص28): (قوله: (في صفة الفجر)؛ ليس أن يقول هكذا وهكذا وصوب يده ورفعها تضمن هذا الحديث، وما بعده من الطرق، إن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو الفجر الثاني الصادق المستطير، بالراء لا المستطيل باللام. قلت: قرص الشمس عليه دائرتان: إحداهما؛ حمراء وهي التي تلي القرص، والأخرى بيضاء وهي بعد الحمراء. والبيضاء أول ما يطلع، ثم تليها في الطلوع الحمراء، ثم يلي الحمراء القرص، ومذهب الجمهور إن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو دائرة البياض، والبياض في الحقيقة دائرة، ولكن لاتساعها تظهر كأنها خط مستقيم أخذ من القبلة إلى الشمال. ويسمى الفجر المعترض، والمستطير بالراء، والصادق فالمعترض لاعتراضه. والمستطير المنتشر، من نشر الطائر جناحيه إذا مدهما. والصادق لصدق؛ لأنه كلما الوقت يمر وهو يتضح عكس الفجر الكاذب. المستطيل باللام الآخذ من الشرق إلى المغرب، وسمي كاذبا الكذبة؛ لأنه كلما الوقت يمر وهو يقل حتى لا يقابله شيء. وذهب حذيفة وابن مسعود إلى أن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو دائرة الحمرة. لقوله ه: «وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر» وهو حديث خرجه أبو داود. وحكى ابن بشير الإجماع على أن المعتبر البياض. ولا يصح هذا الإجماع لصحة ذلك عن حذيفة وابن مسعود وغيرهما. فعن زر بن حبيش، قال: تسحرت. ثم انطلقت إلى مسجد فدخلت على حذيفة فأمر بلقحة فحلبت، ثم بقدر فسخنت، ثم قال: كل فقلت إني أريد الصوم. فقال: وأنا كذلك. فأكلنا وشربنا ثم أتينا المسجد. وقد أقيمت الصلاة. فقال حذيفة: هكذا فعل بي رسول الله ه. فقلت: بعد الصبح. فقال: بعد الصبح إلا أن الشمس لم تطلع، وعن عامر بن مسعود، قال: «دخلت على ابن مسعود في داره، فأخرج لنا فضل سحوره فتسحرنا. وقد أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا معه» ومن حديث أبي هريرة إنه ه قال: «إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه». قال عمار: «وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر»، وعن أبي وائل أنه تسحر، وخرج إلى المسجد، فأقيمت الصلاة»، وعن عمر: «إنه كان يؤخر السحور حتى يظن الجاهل أنه لا صوم له»، وعن أبي عقيل أنه قال: «تسحرت مع علي ثم أمر المؤذن أن يقيم الصلاة»، وقال بعضهم: إن الصوم كان من طلوع الشمس). اهـ

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص239): (وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق الشرقي الذي ليس بعده ظلمة؛ إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص240): (ولم يختلف عنه ه أنه كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين قبل صلاة الصبح، وأنه لم يترك ذلك حتى مات فهذا عمله). اهـ

قلت: فلم يثبت عن النبي ه أنه صلى صلاة الفجر قبل طلوع الفجر الصادق؛ فكان ه إذا أذن المؤذن للفجر، صلى ركعتين خفيفتين، وهي سنة الفجر، ثم صلى صلاة الفريضة إذا طلع الفجر الصادق.

قال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج2 ص347): (ثبتت الأخبار عن رسول الله ه أنه صلى الفجر حين طلع الفجر). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الإشراف» (ج1 ص401): (ثبت أن رسول الله ه صلى الفجر حين طلوع الفجر). اهـ

قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187].

* فأباح الله تعالى الأكل والشرب في أي: الليل شاء الصائم إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل، وعبر عن ذلك بالخيط الأبيض من الخيط الأسود، ورفع اللبس بقوله تعالى: ]من الفجر[.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج4 ص325): (يعني: بياض النهار من سواد الليل. وهذا يحصل بطلوع الفجر). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص408): (الوقت الذي يجب صيامه من طلوع الفجر الثاني إلى مغيب قرص الشمس؛ لقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص96): (الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم حين يتبين الفجر الآخر معترضا في الأفق؛ وكذلك بلغنا عن النبي ه إلى أن تغيب الشمس، وكذلك قال الله عز وجل: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال الفقيه اليفرني / في «الاقتضاب» (ج1 ص8): (الفجر: هو أول بياض النهار الظاهر في الأفق الشرقي المستطير المنير المنتشر؛ تسميه العرب: الخيط الأبيض، قال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187])؛ أي: بياض النهار من سواد الليل). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج4 ص391): (مد الأكل إلى غاية التبين). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص348): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا[، معطوفة على قوله تعالى: ]باشروهن[؛ أي: لكم الأكل، والشرب.

وقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[؛ أي: حتى يظهر ظهورا جليا يتميز به ]الخيط الأبيض[، وهو بياض النهار ]من الخيط الأسود[، وهو سواد الليل.

وقوله تعالى ]من الفجر[، بيان لمعنى ]الخيط الأبيض [؛ ولم يذكر في الخيط الأسود «من الليل» اكتفاء بالأول، كما في قوله تعالى: ]وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر[ [النحل: 81] يعني: والبرد؛ فهذا من باب الاكتفاء بذكر أحد المتقابلين عن المقابل الآخر). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص35): (بيان خطإ بعض الجهال المؤذنين الذين يؤذنون قبل الفجر احتياطا -على زعمهم -؛ لأن الله تعالى أباح الأكل، والشرب، والجماع، حتى يتبين الفجر؛ ولأن النبي ه قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»([53])؛ وهو أيضا مخالف للاحتياط؛ لأنه يستلزم أن يمتنع الناس مما أحل الله لهم من الأكل، والشرب، والجماع، وأن يقدم الناس صلاة الفجر قبل طلوع الفجر). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص357): (الاعتبار بالفجر الصادق الذي يكون كالخيط ممتدا في الأفق؛ وذكر أهل العلم أن بين الفجر الصادق، والفجر الكاذب ثلاثة فروق:

الفرق الأول: أن الصادق مستطير معترض من الجنوب إلى الشمال؛ والكاذب مستطيل ممتد من الشرق إلى الغرب.

والفرق الثاني: أن الصادق متصل بالأفق؛ وذاك بينه وبين الأفق ظلمة.

والفرق الثالث: أن الصادق يمتد نوره، ويزداد؛ والكاذب يزول نوره ويظلم).اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص352): (من فوائد الآية: جواز الأكل، والشرب، والجماع في ليالي الصيام حتى يتبين الفجر؛ لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين[). اهـ

وقال الثعلبي المفسر / في «الكشف والبيان» (ج2 ص80): (والفجر انشقاق عمود الصبح، وابتداء ضوئه، وهو مصدر من قولك فجر الماء يفجر فجرا، إذا انبعث، وجرى شبهه شق الضوء بظلمة الفجر، الماء الحوض إذا شقه، وخرج منه، وهما فجران، أحدهما: يسطع في السماء مستطيلا؛ كذنب السرحان، ولا ينتشر فذلك لا يحل الصلاة، ولا يحرم الطعام على الصائم، وهو الفجر الكاذب، والثاني: هو المستطير الذي ينتشر، ويأخذ الأفق ضوء الفجر الصادق الذي يحل الصلاة، ويحرم الطعام على الصائم، وهو المعنى بهذه الآية). اهـ

قال الإمام محمد بن علي بن الحسين /: «كل حتى يتبين لك الفجر».([54])

يعني: المعترض الأحمر مع النور، وهو الذي يحل الصلاة، ويحرم الطعام على الصائم.

وقال الواحدي المفسر / في «الوسيط» (ج1 ص287): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا[ [البقرة: 187] أمر إباحة، وقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187] فسر النبي ه هذا ببياض النهار، وسواد الليل). اهـ

19) وعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187]؛ قال: (بياض النهار من سواد الليل، وهو الصبح إذا انفلق، قال: وهل يعرف العرب ذلك؟ قال ط: نعم، أما سمعت قول أمية:

الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق

                                            والخيط الأسود لون الليل مكموم).

وفي رواية: «فأحل لهم المجامعة، والأكل، والشرب حتى يتبين لهم الصبح».([55])

قال الإمام الزهري /: «وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى، لا يؤذن حتى يقول له الناس: أذن، أصبحت».([56])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص180): (لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، أصبحت: أيضا حقيقة على ظاهره، وما أذان ابن أم مكتوم إلا بعد الفجر، وأمر الإصباح؛ لا قبلهما، ولو كان ما ظنوه: لحرم الأكل قبل طلوع الفجر، وهذا ما لا يقولونه، ولا يقوله مسلم!). اهـ

قلت: فلا يجوز تقديم أذان الفجر، قبل طلوعه، لأن ذلك خلاف ما ثبت في الكتاب، والسنة، والآثار.([57])

قال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص371): باب ذكر البيان أن الله تعالى أراد بقوله: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ بيان بياض النهار من الليل؛ فوقع اسما لخيط على بياض النهار، وعلى سواد الليل.

وقال الشاعر:

الخيط الأبيض وقت الصبح منصدع

                                                                    والخيط الأسود لون الليل مكموم.([58])

وقال الثعلبي المفسر / في «الكشف والبيان» (ج2 ص80): (وإنما سمي بذلك تشبيها بالخيط؛ لابتداء الضوء، والظلمة لامتدادهما). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص135): (الفجر الأول: يظلم؛ أي: يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم، والفجر الثاني: لا يظلم بل يزداد نورا وإضاءة([59])). اهـ

20) وعن سمرة بن جندب ط قال: قال رسول الله ه: «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا؛ يعني معترضا». وفي رواية: «لا يغرنكم نداء بلال، ولا هذا البياض، حتى يبدو الفجر، أو قال: حتى ينفجر الفجر».([60])

فهما فجران: أحدهما المستطيل؛ وهو الفجر الكاذب الذي يسمى ذنب السرحان.

والآخر المستطير، وهو الفجر الصادق المنتشر في الأفق، ولا يكون إلا الصبح إلا الصادق.([61])

قال الفقيه ابن قائد / في «هداية الراغب» (ص131): (الفجر الثاني: هو البياض المعترض بالمشرق، ولا ظلمة بعده، ويقال له: «الفجر الصادق»، والأول ويقال له: «الكاذب» مستطيل أزرق، له شعاع ثم يظلم). اهـ

فالفجر الأول: هو البياض المستدق المتنفس صعدا من غير اعتراض؛ كذنب السرحان؛ وهو: «ذيل الذئب»، ويسمى الفجر الكاذب؛ لأنه يضيء ثم يسود، ويسمى الخيط الأسود عند العرب، ولا يتعلق به حكم.

والفجر الثاني: هو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الخيط الأبيض عند العرب، والفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة، فهو المنتشر في الطرق، والسكك، والبيوت، وهذا هو الذي تتعلق به أحكام الصيام والصلاة.([62])

قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187].

قلت: وهذه الآية الكريمة دلت على الفجر الكاذب؛ وهو الخيط الأسود، والفجر الصادق؛ وهو الخيط الأبيض.

* واعلم أيها الموفق إلى طاعة ربه أن أوصاف الفجر الصادق؛ هي التي تتفق، والآية الكريمة: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ فإن ضوء الفجر إذا اعترض في الأفق على الشعاب، ورءوس الجبال، والبحار ظهر كأنه خيط أبيض، وظهر من فوقه خيط أسود هو بقايا الظلام الذي ولى مدبرا!؛ فإذا تبين لك ذلك فأذن، وأمسك عن الأكل، والشراب، والنكاح في شهر رمضان!.

قلت: والفجر الكاذب؛ يؤثر فيه ضوء القمر، وفي ليالي وجود القمر جهة الشرق آخر الليل يصعب معرفته إلا على من لديه خبرة، ودراية كافية بأوصافه، وأحواله.

وأما الفجر الصادق؛ فإن تأثير ضوء القمر عليه محدود وضعيف، حتى لو كان القمر في جهة الشرق آخر الليل.([63])

21) وعن طلق بن علي ط أن رسول الله ه قال: «كلوا واشربوا، ولا يغرنكم؛ وفي رواية: «ولا يهيدنكم» الساطع المصعد، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر»([64])؛ يعني: الشفق الأحمر جهة المشرق في الصبح.

فالفجر الكاذب؛ مستطيل ساطع، ممتد من الشرق إلى الغرب، مصعد؛ كالعمود إلى أعلى، جهته وسط السماء، أو يميل قليلا، نوره يزول بالظلمة التي تعقبه، وتكون في أسفله مما يلي المشرق في الأفق.

وأما الفجر الصادق؛ فإنه يخرج معترضا مستطيرا في الأفق جهة المشرق، معترض من الجنوب إلى الشمال، يملأ بياضه، وضوؤه الطرق، والأسواق.([65])

قلت: والمراد من الحديث، لا تنزعجوا للساطع المصعد، وهو الفجر المستطيل فتمتنعوا به عن السحور؛ فإنه الصبح الكاذب، وأصل الهيد الحركة، وقد هدت الشيء أهيده هيدا، إذا حركته، وأزعجته.([66])

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص90): (والساطع المرتفع، وسطوعها ارتفاعها مصعدا مثل أن يعترض). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص374): باب الدليل على أن الفجر الثاني الذي ذكرناه؛ هو البياض المعترض الذي لونه الحمرة.

قال الشاعر:

فلـــما أضاءت لـنـــا غـــدوة

ولــاح من الصـبـح خـيـط أنــارا([67])

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص90): (ومعنى الأحمر هاهنا:أن يستبطن البياض المعترض أوائل الحمرة؛ وذلك أن البياض إذا تتام طلوعه ظهرت أوائل الحمرة، والعرب تشبه الصبح بالبلق في الخيل؛ لما فيه من بياض وحمرة).اهـ

وقال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص86): (والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض، وبه يقول عامة أهل العلم!). اهـ

قلت: والمعترض أوائل الحمرة؛ هو البياض إذا تتام طلوعه، ظهرت أوائل الحمرة، وليس بين الفجر الصادق فاصل فبعده الصبح، والنور مباشرة.([68])

قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص201): (أن ما بعد الفجر: هو من النهار، لا من الليل، ولا فاصل بينهما). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص374): باب الدليل على أن الأذان قبل الفجر لا يمنع الصائم طعامه، ولا شرابه، ولا جماعا ضد ما يتوهم العامة!.

22) وعن ابن مسعود ط قال: قال رسول الله ه: «إن الفجر ليس الذي يقول هكذا([69])؛ وجمع أصابعه، ثم نكسها إلى الأرض، ولكن الذي يقول هكذا([70])؛ ووضع المسبحة على المسبحة، ومد يديه». وفي رواية: «الفجر هو المعترض، وليس بالمستطيل».([71])

قلت: والفجر الكاذب([72]) يخرج قبل الفجر الصادق بنحو ساعة تقريبا، وبينما يكون خروج الفجر الصادق بعد الكاذب، وقبل طلوع الشمس بوقت محدود، يزيد هذا الوقت، وينقص بمقدار معلوم، حسب دورة الشتاء، والصيف.([73])

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص305): (في هذه الأحاديث بيان الفجر الذي يتعلق به الأحكام، وهو الفجر الثاني الصادق، والمستطير بالراء). اهـ

قلت: فالفجر فجران؛ فجر يقال له الكاذب، وهو يذهب طولا، ولا يذهب عرضا، والفجر الآخر يقال له الصادق، وهو يذهب عرضا، ولا يذهب طولا.([74])

قـال أبـو الـعـبـاس الـقـرطـبـي / في «المـفـهم» (ج3 ص153): (وتحصل من الروايتين: أنه ه أشار إلى أن الفجر الأول يطلع في السماء، ثم يرتفع طرفه الأعلى، وينخفض طرفه الأسفل، وقد بين هذا بقوله ه: «ولا بياض الأفق المستطيل»؛ يعني: الذي يطلع طويلا، فهذا البياض هو المسمى: بـ(الفجر الكاذب)، وشبه بذنب السرحان، وهو الذئب، وسمي به، وهذا الفجر لا يتعلق عليه حكم، لا من الصيام، ولا من الصلاة، ولا من غيرهما؛ وأما الفجر الصادق: فهو الذي أشار النبي ه حيث وضع المسبحة على المسبحة، ومد يديه، وهو إشارة إلى أنه: يطلع معترضا، ثم يعم الأفق ذاهبا فيه عرضا، ويستطير؛ أي: ينتشر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص313)؛ معلقا على الحديث: (يشير بذلك إلى الفجرين: الصادق والكاذب، قال العلماء رحمهم الله: الفجر فجران: أحدهما صادق، والثاني كاذب، وفرقوا بينهما من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن الفجر الصادق يكون معترضا من الجنوب إلى الشمال، والفجر الكاذب يكون مستطيلا من الشرق إلى الغرب كذنب السرحان (كذنب الذئب).

الوجه الثاني: أن الفجر الصادق يكون نوره متصلا بالأفق، ليس بينه وبين الأفق سواد، وأما الفجر الكاذب فبينه وبين الأفق سواد.

الوجه الثالث: أن الفجر الصادق لا ظلمة بعده، بل لا يزال الضوء ينتشر شيئا فشيئا حتى تطلع الشمس، والفجر الكاذب يظلم، يعني: ينمحي.

* والذي يتعلق به حكم الصيام والصلاة هو الفجر الصادق). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص316)؛ عن تبين طلوع الفجر: (فإن قيل: يلزم من هذا أن يدخل شيء من النهار؟، فالجواب: نعم، ولا بأس بهذا، والتشدد الذي يقوله بعض الفقهاء ليس له وجه، وقولهم: يلزم أن يمسك جزءا من الليل ليس بصحيح، نقول: يلزمه أن يمسك متى تبين الفجر... قال تعالى: ]حتى يتبين [[البقرة: 187]، ولا يمكن أن يتبين إلا وقد طلع، فالمسافة بين طلوعه، وتبينه لك أن تأكل فيها.

* اجعلوا الدليل المستند هو كتاب الله تعالى، وسنة الرسول ه، ودعوا الأقوال التي تخالف ذلك، ما دام عندنا نص صريح: ]حتى يتبين[؛ فكيف نقول: لا بد أن تمسك جزءا من الليل قبل طلوع الفجر؟!). اهـ

قلت: فالعبرة بالتبين؛ أي: تبين النور الذي ينتشر في الطرق والبيوت.

قال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص278): (وقد روي عن النبي ه في تحديد الوقت الذي يحرم به الأكل والشرب على الصائم؛ ثم ذكر الأحاديث في ذلك). اهـ

قال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج2 ص96): (الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم حين يتبين الفجر الآخر معترضا في الأفق). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص192): (الفجر فجران، والفجر الأول هو: المستطيل المستدق صاعدا في الفلك كذنب السرحان، وتحدث بعده ظلمة في الأفق؛ لا يحرم الأكل، ولا الشرب على الصائم، ولا يدخل به وقت صلاة الصبح، هذا لا خلاف فيه من أحد من الأمة كلها.

والآخر هو: البياض الذي يأخذ في عرض السماء في أفق المشرق في موضع طلوع الشمس في كل زمان، ينتقل بانتقالها، وهو مقدمة ضوئها، ويزداد بياضه؛ وربما كان فيه توريد بحمرة بديعة، وبتبينه يدخل وقت الصوم، ووقت الأذان لصلاة الصبح، ووقت صلاتها، فأما دخول وقت الصلاة بتبينه؛ فلا خلاف فيه من أحد من الأمة). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص518): (وأما تفريق النبي ه بين الفجرين، فإنه فرق بينهما، بأن الأول مستطيل، يأخذ في السماء طولا؛ ولهذا مد أصابعه، ورفعها إلى فوق، وطأطأها أسفل، والثاني: مستطير يأخذ في السماء عرضا، فينتشر عن اليمين، والشمال). اهـ

قلت: ولذلك يقال: طريق فجر؛ أي: واضح، وفجرته، فانفجر، وفجرته فتفجر، ومنه انفجر الماء انفجارا: تفتح؛ قال تعالى: ]وفجرنا الأرض عيونا[ [القمر: 12]، وقال تعالى: ]وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا[ [الإسراء: 90]، ومنه قيل للصبح: فجر؛ لكونه فجر الليل([75])، قال تعالى: ]وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا[ [الإسراء: 78].

قلت: فالفجر فجران؛ فالذي كأنه ذنب السرحان لا يحرم شيئا، وأما المستطير الذي يأخذ الأفق، فإنه يحل الصلاة، ويحرم الطعام.([76])

23) وعن عائشة ڤ؛ أن بلالا كان يؤذن بليل، فقال رسول الله ه: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».([77]) يعني: يقال له أصبحت؛ أي: طلع الصبح.([78])

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج8 ص251)؛ عن الفجر الصادق: (والآخر عند انفجار الصبح لصلاة الفجر، كان ذلك جائزا.

* فأما من أذن بليل قبل طلوع الفجر لصلاة الصبح، كان عليه الإعادة لصلاة الصبح، فإنه لم يصح أنه أذن له ه بليل إلا مؤذنان، لا مؤذن واحد). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص164): (فإذا طلع الفجر الثاني فقد دخل أول وقت صلاة الصبح؛ فلو كبر لها قبل ذلك لم يجزه، ويتمادى وقتها إلى أن يطلع أول قرص الشمس).([79]) اهـ

24) وعن عائشة ڤ قالت: «كان رسول الله ه إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة». وفي رواية: «كان ه إذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر». وفي رواية: «بعد أن يستنير الفجر».([80])

قلت: وهذه الروايات تدل على أن المؤذن في عهد النبي ه؛ لا يؤذن حتى ينشق الفجر، وتستنير الأرض.

وفي رواية حنبل؛ قال الإمام أحمد /: (الأذان الذي عليه أهل المدينة الأذان قبل طلوع الفجر، هو الأذان الأول، والأذان الثاني بعد طلوع الفجر، وكره الإمام أحمد الأذان للفجر قبل طلوع الفجر في رمضان خاصة؛ لما فيه منع الناس من السحور في وقت يباح فيه الأكل).([81])

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص531): (فإن ابن أم مكتوم كان يسفر بأذان الفجر، ولا يؤذن حتى يقال له: أصبحت). اهـ

25) وعن أنيسة بنت خبيب ڤ قالت: قال رسول الله ه: «إذا أذن ابن أم مكتوم، فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا»؛ فإن كانت المرأة منا ليبقى عليها شيء من سحورها، فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحوري».

حديث صحيح

أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (404)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج35 ص134)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص433)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1604)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص10 و11)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص455)، وابن حبان في «صحيحه» (3474)، والطبراني في «المعجم الكبير» (482) من طريق هشيم قال: أخبرنا منصور بن زاذان عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة بنت خبيب ڤ به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج16 ص879).

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص433)، وابن خزيمة في «صحيحه» (405)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (8940)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3345)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص382)، والطيالسي في «المسند» (1661)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج8 ص364)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، والطبراني في «المعجم الكبير» (480) من طريق محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة بن الحجاج عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة بنت خبيب ڤ به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج16 ص879).

وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص489) من طريق يزيد بن زريع قال: حدثنا شعبة بن الحجاج به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص433)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج35 ص135)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج7 ص32)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص455)، والطبراني في «المعجم الكبير» (380)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص382) من طرق عن شعبة  بن  الحجاج به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وروي هذا الحديث على الشك بتقديم أو التأخير في الأذان، وروي بتقديم أذان بلال دون الشك، وروي بتقديم أذان ابن أم مكتوم دون شك.

قلت: وقد ثبت التقديم والتأخير في أذان بلال، وأذان ابن أم مكتوم في أحاديث أخرى، وجمع بينها أهل العلم.([82])

فقد روي في حديث أنيسة بنت خبيب ڤ؛ أنهم كانوا يأمرون المؤذن أن يؤخر الأذان حتى يكملوا السحور.([83])

قال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج8 ص252): (هذان خبران قد يوهمان من لم يحكم صناعة العلم أنهما متضادان، وليس كذلك، لأن المصطفى ه كان جعل الليل بين بلال، وبين ابن أم مكتوم نوبا، فكان بلال يؤذن بالليل ليالي معلومة، لينبه النائم ويرجع القائم لا لصلاة الفجر، ويؤذن ابن أم مكتوم في تلك الليالي بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة، فإذا جاءت نوبة ابن أم مكتوم([84])، كان يؤذن بالليل ليالي معلومة كما وصفنا قبل، ويؤذن بلال في تلك الليالي بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة، من غير أن يكون بين الخبرين تضاد). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص456): (ففي هذه الآثار التي روينا أن المراعى بالصيام هو طلوع الفجر، وأنه الذي يحرم به الطعام والشراب على الصائم، وذلك موافق؛ لقول الله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]).اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص453): (وقول أهل العلم جميعا: أن أول الصيام من طلوع الفجر، وأن آخره عند غروب الشمس، وقد روي عن رسول الله ه في هذا الباب ما يوافق الآثار). اهـ

26) وعن جابر بن عبد الله في حديثه عن حجة الوداع؛ «أن النبي ه اضطجع بالمزدلفة حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بنداء وإقامة».([85])

قال الفقيه اليفرني / في «الاقتضاب» (ج1 ص8): (وقوله: «صلى الصبح حين طلع الفجر»؛ الفجر: هو أول بياض النهار الظاهر في الأفق الشرقي المستطير المنير المنتشر؛ تسميه العرب: الخيط الأبيض، قال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187])؛ أي: بياض النهار من سواد الليل... ويقولون؛ للأمر الواضح: هذا «كفلق الصبح»، و«تباشير([86]) الصبح»، و«كانبلاج الفجر»، ومعنى: أسفر([87]): بدا وتبين). اهـ

قلت: فوقت الصوم من الفجر الصادق إلى غروب الشمس بدون زيادة على الغروب([88])، اللهم غفرا.

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص379): (فبدايته يعني: الصيام - من طلوع الفجر الثاني، ونهايته: إلى غروب الشمس). اهـ

وقال الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص202): (وأول وقت الفجر إذا انشق الفجر؛ أي: ظهور الضوء المنتشر، وبينه ه أشفى بيان، فقال ه لهم: «أنه يطلع معترضا في الأفق»، و«أنه ليس الذي يلوح بياضه كذنب السرحان».

* وهذا شيء تدركه الأبصار، وقال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، فجاء بلفظ التفعل لإفادة أنه لا يكفي إلا التبين الواضح؛ أي: يتبين لكم شيئا فشيئا حتى يتضح؛ فإنه لا يتم تبينه، وظهوره إلا بعد كمال ظهوره، فإنه يطلع أولا تباشير الضوء، ثم ذنب السرحان، وهو الفجر الكذاب، ثم يتضح نور الصباح الذي أبداه بقدرته فالق الإصباح). اهـ

قلت: للأوقات علامات حسية يعرفها كل أحد([89])، والله المستعان.

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص175): (أما الصبح؛ فيدخل وقتها بطلوع الفجر الثاني إجماعا، وقد دلت عليه أخبار المواقيت، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك، والصبح ما جمع بياضا وحمرة، ومنه سمي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة: أصبح.

وأما الفجر الأول: فهو البياض المستدق صعدا من غير اعتراض، فلا يتعلق به حكم، ويسمى الفجر الكاذب، ثم لا يزال وقت الاختيار حتى يسفر النهار). اهـ

وقال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص123): (واتفقوا على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس). اهـ

 27) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حججنا مع عبد الله بن مسعود ط في إمارة عثمان بن عفان ط، فبتنا بجمع، فلما رأينا أول الفجر قام عبد الله بن مسعود فصلى الصبح».([90])

28) وعن الحسن البصري /؛ أنه سمع مؤذنا أذن بليل، فقال: «علوج تباري الديوك، وهل كان الأذان على عهد رسول الله ه إلا بعدما يطلع الفجر».([91])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص121): (فصح أن الأذان للصلاة لا يجوز أن يكون قبل الفجر). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص195): (دخول وقت صلاة الفجر؛ يدخل بالفجر الذي معه الحمرة). اهـ

وقال الحافظ أبو عوانة / في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص111): باب بيان وقت أكل السحر، وإباحة أكله إلى أن يتبين الفجر الصادق، وإن سمع الأذان قبل ذلك.

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج1 ص486): باب إباحة الأذان للصبح قبل طلوع الفجر إذا كان للمسجد مؤذنان لا مؤذن واحد، فيؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر، والآخر بعد طلوعه.

29) عن نافع أن ابن عمر ط: «كان إذا تبين له الصبح لا شك فيه أناخ، فصلى الصبح».([92])

30) وعن يزيد الأودي قال: «كنت أصلي وراء علي ط الغداة يعني: صلاة الفجر - ثم ألتفت فيخيل إلي أنه تطلع الشمس».([93])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص195): (وقت صلاة الفجر يدخل بالفجر الثاني). اهـ

31) وعن عامر بن مطر الشيباني قال: «أتيت عبد الله بن مسعود في داره، فأخرج لنا فضل سحوره، فتسحرنا معه، فأقيمت الصلاة، فخرجنا فصلينا معه».

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (8931)، والطبري في «جامع البيان» (3003)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص234)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص233)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص365) من طريق جبلة بن سحيم عن عامر بن مطر الشيباني عن أبيه به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على تفسير الطبري» (ج13 ص520).

وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير» ورجاله رجال الصحيح.

قلت: ولقد عمل السلف الصالح بذلك اقتداء بالكتاب والسنة.

32) قال إسحاق بن راهويه في «المسند» (ج6 ص236 السير): حدثنا وكيع قال: سمعت الأعمش / يقول: «لولا الشهرة لصليت الفجر، ثم تسحرت».

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص137 الفتح)، وأحمد في «العلل» (294)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص399)، والذهبي في «السير» (ج6 ص236).

وإسناده صحيح.

وأخرجه صالح بن أحمد في «المسائل» (ج2 ص445) من طريق أحمد حدثنا وكيع قال: قال الأعمش /: «لولا الشهرة لتسحرت بعد الصلاة».

وإسناده صحيح.

وأقره الإمام أحمد / على هذا الحكم، كما في «المسائل» (ج2 ص445)؛ برواية صالح (1138).

قلت: فالإمام الأعمش / يرى أن المراد من تبيين بياض من سواد الليل أن ينتشر البياض، والنور في الطرق، والسكك، والبيوت، وهذا عليه حذيفة بن اليمان، وغيره من الصحابة الكرام.([94])

وأخرجه الأشج في «حديثه» (ص295) من طريق أبي خالد قال: سمعت الأعمش / يقول: «لولا أني أخاف أن تفوتني التكبيرة الأولى لأكلت حتى يقيم».([95])

وإسناده صحيح.

قال أبو سعيد الأشج: يعني: السحور!.

وأخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387) من طريق أحمد بن محمد بن أبي رجاء المصيصي قال: سمعت وكيع بن الجراح، يقول: قال الأعمش: «لولا الشهرة لصليت الفجر، ثم تسحرت اتباعا لحديث رسول الله ه».

وإسناده صحيح.

وذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (ص164)، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص37).

قال الحافظ الذهبي / في «تاريخ الإسلام» (ص164): (هذا كان مذهب الأعمش، وهو على الذي روى النسائي من حديث عاصم عن زر عن حذيفة قال: «تسحرنا مع رسول الله ه فكان هو النهار؛ إلا أن الشمس لم تطلع). اهـ

قلت: لقد كان الإمام سليمان بن مهران الأعمش / من النساك، والعباد.

قال الحافظ أبو نعيم / في «حلية الأولياء» (ج5 ص46): (عن الأعمش: الإمام المقرئ، الراوي المفتي، كان كثير العمل، قصير الأمل، من ربه راهبا ناسكا). اهـ

وعن الإمام يحيى بن معين / قال: «كان الأعمش جليلا جدا!».([96])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص246): (ولا يلزم صوم في رمضان، ولا في غيره إلا بتبين طلوع الفجر الثاني، وأما ما لم يتبين فالأكل، والشرب، والجماع مباح كل ذلك كان على شك من طلوع الفجر، أو على يقين من أنه لم يطلع...، ثم ذكر قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]. ثم قال: لأن الله تعالى أباح الوطء، والأكل، والشرب إلى أن يتبين لنا الفجر، ولم يقل تعالى: (حتى يطلع الفجر)، ولا قال: (حتى تشكوا في الفجر)، فلا يحل لأحد أن يقوله، ولا أن يوجب صوما بطلوعه ما لم يتبين للمرء). يعني: يتضح النور في الطرقات.

وقال الإمام إسحاق بن راهويه /: (هؤلاء رأوا جواز الأكل، والصلاة بعد طلوع الفجر المعترض حتى يتبين بياض النهار من سواد الليل، قال الإمام إسحاق: وبالقول الأول أقول، لكن لا أطعن على من تأول الرخصة كالقول الثاني، ولا أرى عليه قضاء ولا كفارة).([97]) اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص137): (وفي هذا تعقب على (الموفق وغيره) حيث نقلوا الإجماع([98]) على خلاف ما ذهب إليه الأعمش). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص136): (وذهب جماعة من الصحابة، وقال به الأعمش من التابعين، وصاحبه أبو بكر ابن عياش إلى جواز السحور إلى أن يتضح الفجر!). اهـ

وقال الإمام أبو بكر ابن عياش /: «ربما شربت بعد قول المــؤذن   - يعني في رمضان -: قد قامت الصلاة، قال: «وما رأيت أحدا كان أفعل له من الأعمش».

أخرجه الطبري في «تفسيره» (3000).

وإسناده صحيح.

قال العلامة أحمد شاكر / في «شرحه لتفسير الطبري» (ج3ص519): (وهذا الإسناد صريح في سماعه يعني: ابن عياش من الأعمش، ورؤيته إياه يفعل ما حكى من سحوره بعد الأذان!). اهـ

وقال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص678): (باب: قدر كم بين السحور وصلاة الفجر).

33) وعن أبي حازم: أنه سمع سهل بن سعد  ط يقول: «كنت أتسحر في أهلي، ثم يكون سرعة بي، أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله ه».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (552)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1942) والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص536) من طريق سليمان بن بلال عن أبي حازم به.

وقوله: «يكون سرعة بي» أي: أسرع حتى أدرك، وهذا يدل على أن الصحابة الكرام يؤخرون السحور إلى الفجر الصادق اقتداء برسول الله ه، وهذا ظاهر منهم y.

قال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص678): (باب: تأخير السحور).

* وهذا الحديث: يدل على قرب تسحر الصحابة y من الفجر الصادق، بل كان سهل ط يتسحر والصلاة قائمة([99])، ثم يسرع ط لإدراك صلاة الفجر مع رسول الله ه، وهذا إقرار من النبي ه، فهي سنة إقرارية، ولو كان خطأ من فعل سهل بن سعد ط في أكله في هذا الوقت لبين النبي ه له عن طريق الوحي، لأنه ه لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة، والله ولي التوفيق.

34) وعن عمار بن أبي عمار /، وهو من التابعين قال؛ وهو يصف أذان المؤذنين لصلاة الفجر: «وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر». يعني: طلع النور، وفي رواية: «وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ الفجر».([100])

35) وعن عبيد الله بن عمر قال: قلت لنافع: إنهم كانوا ينادون قبل الفجر؟، قال نافع: «ما كان النداء إلا مع الفجر».([101]) وفي رواية: «ما كانوا يؤذنون حتى يطلع الفجر».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2ص222): (وهذا لأنه يقال: أسفر الفجر: أضاء. وأسفر وجهه حسنا: أي أشرق، وسفرت المرأة: كشفت عن وجهها. ومسافر الوجه: وما يظهر. ومنه: السفر، والسفر، والسفير. فهذه المادة حيث تصرفت، فإنما معناها: البيان والظهور.([102]) ومعلوم أنه إذا طلع الفجر فقد حصل البيان والظهور. قال الله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]. ويقال أبين من فلق الصبح، ومن فرق الصبح).اهــ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2ص223): (ولهذا مد الله الأكل بالليل إلى أن تبين الفجر، وقال: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]. فجعل وقت الفجر منوطا بتبينه وظهوره، وهو الأسفار الذي أمر النبي ه به على هذا التفسير. ولم يقل: ثم أتموا الصيام حتى يتبين لكم الليل، لأن دخول الليل لا شبهة فيه. فإذا أخرت حتى يظهر ضوء الفجر، ويتبين كان أبعد عن الشبهة، ولعله بهذا أيضا أن يتسحر الناس حتى يتبين لهم الفجر، وأن لا يكفوا عن الطعام إذا اشتبه عليهم الحال. وقد جاء ذلك مأثورا عن الصحابة في قضايا متعددة، فكأن المؤذن والمصلي إذا لم يتبين طلوع الفجر منع الناس ذلك).اهـ

36) وعن عائشة ڤ قالت: «ما كانوا يؤذنون حتى يصبحوا!».

أثر صحيح

أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص170) من طريق زهير عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة ڤ به.

 قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص119) من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود بن يزيد قال: قالت عائشة ڤ: «ما كانوا يؤذنون حتى يصبحوا!».

قلت: وهذا سنده صحيح. ومن هذا الوجه ذكره الزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص149)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص515).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص194) من طريق منصور عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة ڤ قالت: «ما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر!».

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص194)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص18)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص185) من طريق يونس عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال: قلت لعائشة؛ أي ساعة توترين؟، قالت: ما أوتر حتى يؤذنوا، وما يؤذنون حتى يطلع الفجر!».

قلت: وهذا سنده صحيح.

37) وعن أبي الأحوص / أنه قال لمؤذنه: «لا تؤذن حتى يطلع الفجر».([103])

38) وعن أبي الأسود الهمداني قال: «أذنت قبل أن يطلع الفجر، فجاء قيس بن أبي حازم بعصا؛ فضربني!».([104])

قلت: فلا يؤذن المؤذن بالصلاة حتى يدخل وقتها.([105])

39) وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: «صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح، فقرأ فيها بسورة يوسف، وسورة الحج قراءة بطيئة، قال هشام: فقلت: والله إذا لقد كان يقوم حين يطلع الفجر، قال: أجل».([106])

قوله: «كان يقوم»، أي: إلى الصلاة يبتدئها.

40) وعن أنس بن مالك ط قال: «صلى بنا أبو بكر ط صلاة الصبح، فقرأ بسورة: آل عمران، فقالوا: قد كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين». وفي رواية: «فقرأ بسورة البقرة».([107])

41) وعن السائب بن يزيد قال: «صليت خلف عمر ط الصبح، فقرأ فيها بالبقرة، فـلـما انـصرفـوا اسـتشرفـوا الـشـمـس، فـقـالـوا: طـلعـت الـشـمـس، فـقـال: لو طلعت لم تجدنا غافلين».([108])

42) وعن علي بن أبي طالب ط قال: «يا ابن التياح، أسفر، أسفر بالفجر».([109])

43) وعن عبد الله بن مسعود ط: «أنه كان يسفر بصلاة الغداة».([110]) يعني: الفجر، وفي رواية: «كان يسفر بصلاة الفجر».

44) وعن إبراهيم النخعي / قال: «ما أجمع أصحاب محمد ه على شيء ما أجمعوا على التنوير بالفجر».([111])

وبوب عليه الحافظ الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص184): باب الوقت الذي يصلى فيه الفجر.

قال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص118): معلقا على قول إبراهيم النخعي: «كانوا إذا أذن المؤذن...»: «هذه حكاية عن الصحابة ن، وأكابر التابعين». اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج2 ص347): (وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر). اهـ

قلت: وتأدية صلاة الصبح في الليل يفوت عدة فضائل على المسلمين:

(1) كثرة الجمع من المصلين، وهي مطلوبة في الجماعة بالمساجد، ويكون ذلك بطلوع الصبح، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى ([112])، وصلاة الفجر في الليل يفوت هذا الفضل.

وكان عمر بن الخطاب ط إذا اجتمع الناس عجل، وإذا لم يجتمعوا أخر.

(2) تحصيل الجماعة للمصلين في طلوع الصبح، والصلاة في الليل يفوت عليهم ذلك، وينفرهم من صلاة الصبح، والنبي ه قد أمر بالتخفيف على المصلين خشية التنفير([113])، كل ذلك رعاية لحال المأمومين.([114])

(3) تحصيل الأجر العظيم بوضوح الصبح، وطلوع النهار، فالتأخير فيه مصلحة راجحة للمصلين في الإسفار، فإن النبي ه قال: «أسفروا بالصبح، فإنه أعظم للأجر».([115]) وتقديم صلاة الفجر بالليل تفوت هذا الفضل على الناس.

(4) تطبيق السنة في تأخير صلاة الفجر، ونفي المشقة على المصلين، لأن المشقة راجحة في تقديم صلاة الفجر عليهم بليل، وبتطبيق السنة نفي ذلك([116])، فرعاية المصلين مطلوبة في الإسلام.

* فالإسفار يؤدي إلى كثرة الجماعة، واتصال الصفوف، ولأنه يتسع به وقت التنفل، وما أفاد كثرة التنفل كان أفضل.

قلت: وهذا البياض هو الذي يمسك عليه الصائم عن الأكل والشرب.

قال الحافظ الطبري / في «جامع البيان» (ج3 ص513): (وقال متأولو قول الله تعالى ذكره: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[؛ أنه بياض النهار، وسواد الليل، صفة ذلك البياض أن يكون منتشرا مستفيضا في السماء، يملأ بياضه، وضوءه الطرق، فأما الضوء الساطع في السماء يعني: الفجر الكاذب - فإن ذلك غير الذي عناه الله بقوله: ]الخيط الأبيض من الخيط الأسود[).اهـ

45) وعن أبي مجلز / قال: «الضوء الساطع في السماء ليس بالصبح، ولكن ذاك الصبح الكذاب، إنما الصبح إذا انفضح الأفق»؛ يعني: أسفر وطلع النور.

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج3 ص514)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

إسناده صحيح.

46) وعن الإمام مسلم أبي الضحى الهمداني([117])/ قال: «لم يكونوا يعدون الفجر فجركم هذا، كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت، والطرق». وفي رواية: «ما كانوا يعني: الصحابة والسلف - يرون إلا أن الفجر الذي يستفيض في السماء»؛ يعني: الفجر الصادق.

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2992-2993)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (9075)، وابن حزم في «المحلى» (ج6 ص234).

وإسناده صحيح.

قلت: فالسلف يرون أن الفجر هو الذي نوره ينتشر في الطرق، وهو الفجر الصادق، بإجماع الصحابة الكرام، والتابعين الأفاضل.

47) وعن ابن عباس قال: «هما فجران، فأما الذي يسطع([118]) في السماء فليس يحل، ولا يحرم شيئا، ولكن الفجر([119]) الذي يستبين على رءوس الجبال هو الذي يحرم الشراب». وفي رواية: «فجر يطلع بليل يحل فيه الطعام والشراب، ولا يحل فيه الصلاة، وفجر يحل فيه الصلاة، ويحرم فيه الطعام والشراب».

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2994)، وعبد الرزاق في «المصنف» (4765)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص500)، وفي «معرفة السنن» (ج6 ص256).

وإسناده صحيح.

48) وعن إبراهيم النخعي / قال: «الوتر بالليل، والسحور بالنهار!».

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان»(3005).

وإسناده صحيح.

49) وعن الإمام مسروق / قال: «لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت، والطرق».([120])

قلت: فبياض النهار أن ينتشر في الطرق، والسكك، والبيوت وقت صلاة المسفرين بصلاة الصبح.([121])

قال الفقيه النووي / في «المنهاج» (ج7 ص201): (أن ما بعد الفجر: هو من النهار لا من الليل ولا فاصل بينهما). اهـ

قلت: ولقد عمل الصحابة ن بتأخير السحور إلى طلوع النهار، وانتشاره في الطرقات، والبيوت!..

50) وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ط: «أنه قال حين طلع الفجر: الآن حين تبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود». وفي رواية: «أنه صلى الصبح». وفي رواية: «أنه لما صلى الفجر».([122])

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص136-الفتح)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج2 ص285-الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص519 و524)، والفريابي في «تفسير القرآن» (ج2 ص285 الدر المنثور) من عدة طرق عن علي بن أبي طالب ط به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36)، والقرطبي في «المفهم» (ج3 ص152)، وأبو حيان في «البحر المحيط» (ج2 ص85).

قال الحافظ ابن المنذر / في «الإشراف على مذاهب العلماء» (ج3 ص188): (وروينا عن علي أنه قال حين صلى الفجر: «الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود»، وروى عن حذيفة: «أنه لما طلع الفجر تسحر، ثم صلى»، وروى معنى ذلك عن ابن مسعود). اهـ

وقال المفسر ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج2 ص92): (وروي عن علي بن أبي طالب ط؛ أنه ه صلى الصبح بالناس ثم قال: الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود). اهـ

قلت: وهذا يدل على أنه لا بأس بالأكل والشرب في بداية طلوع الفجر الصادق إلى أن يتضح النهار، وينتشر في الطرق والسكك والبيوت.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (ج4 ص136): (وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن علي: «أنه صلى الصبح ثم قال الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود»). اهـ

وقال الإمام ابن المنذر /: (وذهب بعضهم إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت([123])). اهـ

قلت: فلا بد للإمساك أن ينتشر النور، والضوء في الطرقات، لأن هذا هو الفجر الصادق الذي تجري عليه الأحكام الشرعية، لا السواد المظلم الذي يمسك عليه الناس في هذا الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قلت: وهذا مفهوم التبين الذي ذكره الله تعالى في كتابه، بقوله: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187].

فقوله تعالى: ]حتى يتبين[، أي: يتضح نوره، وينتشر في الطرقات للناس، فهنا يجب على الصائم أن يمسك عن الأكل، والشرب لا مجرد طلوع الفجر ابتداء، لأن في هذا الوقت لم يتبين الفجر الصادق جيدا، فافهم لهذا ترشد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص408): (الوقت الذي يجب صيامه من طلوع الفجر الثاني إلى مغيب قرص الشمس؛ لقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص408): (وإذا أكل قبل أن يتبين الفجر، فقد أكل في الوقت الذي يحكم بأنه ليل، ولأن الله تعالى قال: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، فمن أكل وهو شاك، فقد أكل قبل أن يتبين له الخيط الأبيض([124])، ولأن الأكل مع الشك في طلوع الفجر جائز). اهـ

قلت: فإذا لم يتيقن طلوعه، فصومه تام، ولم يفطر بذلك إلا أن يتبين له الخطأ.

51) وعن حيان بن عمير قال: «سئل ابن عباس عن الرجل يسمع الأذان، وعليه ليل؟ قال: فليأكل، قيل: وإنه سمع مؤذنا آخر قال: شهد أحدهما لصاحبه».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص173).

وإسناده صحيح.

52) ويؤيده: عن شيبان بن مالك الأنصاري ط قال: «دخلت المسجد فإذا النبي ه يتسحر فتنحنحت فقال: أبو يحيى؟ ادنه هلم الغداء، قلت: إني أريد الصوم، قال: وأنا أريد الصوم، ولكن مؤذننا هذا في بصره شيء فأذن قبل طلوع الفجر».

حديث حسن لغيره

أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (979)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص218)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص118- المطالب العالية)، والبغوي في «معجم الصحابة» (290)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص373)، وفي «المعجم الأوسط» (4706)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (740)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج3 ص1482)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص54)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج2 ص533)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج5 ص112)، والحسن بن سفيان في «المسند» (ج6 ص118- المطالب العالية)، وابن منده في «معرفة الصحابة» (ج6 ص118- المطالب العالية).

بإسناد لا بأس به.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج3 ص434).

قال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج4 ص219): (فإن صح فكأن ابن أم مكتوم وقع تأذينه قبل الفجر، فلم يمتنع رسول الله ه من الأكل، وعلى هذا الذي ذكرنا تتفق الأخبار ولا تختلف). اهـ

53) وعن سالم بن عبيد، قال: «كنت في حجر أبي بكر الصديق، فصلى ذات ليلة ما شاء الله، ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر؟، قال: فخرجت ثم رجعت، فقلت: قد ارتفع في السماء أبيض، فصلى ما شاء الله، ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر؟، فخرجت ثم رجعت، فقلت: لقد اعترض في السماء أحمر، فقال: هيت الآن، فأبلغني سحوري». وفي رواية: «في رمضان، إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كف. ثم أتيته فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ قال: هات غذاءك، قال: فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة».

أثر صحيح

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج2 ص166)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (8929)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص246)، وابن العربي في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص227)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7648).

وإسناده صحيح، وقد صححه الدارقطني في «السنن» (ج2 ص166).

وقال ابن العربي: إسناده صحيح كله.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (3004) من وجه آخر.

وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154)، ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36).

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص137): (وروي بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي -وله صحبة- أن أبا بكر قال له فذكره).اهـ

54) وعن شقيق بن سلمة قال: «انطلقت أنا وزر بن حبيش إلى حذيفة وهو في دار الحارث بن أبي ربيعة، فاستأذنا عليه، فخرج إلينا، فأتى بلبن، فقال: اشربا، فقلنا: إنا نريد الصيام، قال: وأنا أريد الصيام، فشرب، ثم ناول زرا فشرب، ثم ناولني فشربت([125])، والمؤذن يؤذن في المسجد، قال: فلما دخلنا المسجد أقيمت الصلاة، وهم يغلسون([126])».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص230).

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (8937)، والطبري في «جامع البيان» (3000) عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي عن أبيه قال: «خرجت مع حذيفة إلى المدائن في رمضان، فلما طلع الفجر، قال: هل كان أحد منكم آكلا أو شاربا؟، قلنا: ما رجل يريد الصوم فلا ثم سرنا حتى استبطأناه في الصلاة، ثم نزل فصلى». وفي رواية: «فنزل فتسحر ثم صلى».

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على تفسير الطبري» (ج3 ص518). وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص433)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319).

وتابع يزيد بن شريك التيمي؛ زر بن حبيش على هذا الحكم.

فأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (2463)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص142) عن زر بن حبيش قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى الصلاة فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين وأقيمت الصلاة، وليس بينهما إلا هنيهة([127])».

وإسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص111)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص142)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232) والذهبي في «المعجم المختص» (ص63) عن زر بن حبيش قال: «قلنا لحذيفة: أي ساعة تسحرت مع رسول الله ه؟ قال: هو النهار، إلا أن الشمس لم تطلع».

وإسناده حسن. وقال الذهبي: هذا حديث حسن الإسناد.

وذكره الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص136)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ص164)، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36)، والقرطبي في «المفهم» (ج3 ص152).

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (3012 و3014)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص396 و400 و405)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، وابن ماجه في «سننه» (1695) عن زر بن حبيش عن حذيفة ط قال «كان النبي ه يتسحر وأنا أرى مواقع النبل. قال: قلت أبعد الصبح؟ قال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس».([128])

وإسناده حسن، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232).

وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ث432)، ثم قال: رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه. بإسناد صحيح.

وفي رواية: قال زر بن حبيش: «فأخذ حذيفة ط يحلب من جانب، وأحلب أنا من جانب، فناولني، فقلت: ألا ترى الصبح؟ فقال: اشرب، فشربت، ثم جئت إلى باب المسجد، فأقيمت الصلاة، فقلت له أخبرني بآخر سحور تسحرته مع رسول الله فقال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس».

وقد رواه عن عاصم بن أبي النجود خلق من الثقات؛ فانتبه.

وأخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص453)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج2 ص52)، وفي «مشكل الآثار» (ج14 ص126) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: «تسحرت ثم انطلقت إلى المسجد، فمررت بمنزل حذيفة بن اليمان فدخلت عليه، فأمر بلقحة فحلبت، وبقدر فسخنت، ثم قال: ادن فكل، فقلت: إني أريد الصوم، فقال: وأنا أريد الصوم، فأكلنا وشربنا، ثم أتينا المسجد، فأقيمت الصلاة، ثم قال حذيفة: هكذا فعل بي رسول الله ه، قلت: أبعد الصبح؟ قال: نعم، هو الصبح غير أن لم تطلع الشمس».

وإسناده حسن.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص111)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص142) من طريق عمرو بن علي، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا أبو يعفور، قال: حدثنا إبراهيم، عن صلة بن زفر، قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى المسجد فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصلاة، فصلينا».

وإسناده صحيح، وقد تابع صلة بن زفر؛ زر بن حبيش على هذا الحكم!.

قلت: وهذا الحديث يبين أن الضوء قد اتضح جيدا، وهذا فعل النبي ه في تأخير السحور، كل ذلك من أجل ألا يقع الصائم في الحرج، فيتضرر من الجوع والعطش في نهار رمضان.

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص52): (ففي هذا الحديث عن حذيفة ط؛ أنه أكل بعد طلوع الفجر، وهو يريد الصوم ويحكي مثل ذلك، عن رسول الله ه). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «مشكل الآثار» (ج14 ص127): (فكان في هذا الحديث: أن ذلك الطعام الذي كان من رسول الله ه كان بعد طلوع الفجر). اهـ

قال الإمام أبو بكر ابن عياش /: ما كذب عاصم، على زر، ولا زر، على حذيفة، قال: قلت له: يا أبا عبد الله «تسحرت مع النبي ه؟ قال: نعم هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع».([129])

قلت: فهذا جاء بصيغة في التوكيد موثقة، قصد بها أبو بكر ابن عياش / رفع شبهة الخطإ، أو التزيد في الرواية([130])، فافطن لهذا.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص137): (روي عن حذيفة من طرق صحيحة). اهـ

قلت: ثم إنه يبعد هذا الحديث وغيره التأويلات التي وردت من قبل بعض أهل العلم، تأكيد حذيفة ط بقوله: «إلا أن الشمس لم تطلع»، فإنه ظاهر في كون المراد حقيقة النهار، لا قرب النهار.([131])

ففي هذا الحديث عن حذيفة ط أنه أكل بعد طلوع الفجر، وهو يريد الصوم، ويحكي مثل ذلك عن رسول الله ه.([132])

* وهذا الحديث يبين أن إمساك النبي ه، والصحابة الكرام كان في النهار الشرعي الذي يقال فيه نهار لانتشار النور في البيوت، والطرق عند طلوع الفجر الصادق، كما في قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187].

* وهذا يدل على جواز الأكل والشرب عند بداية طلوع الفجر الصادق حتى يتضح النهار ويقال: «أصبحت، أصبحت».

قال الحافظ الطبري رحمه الله في «جامع البيان» (ج3 ص524): (وعلة من قال هذا القول: أن القول إنما هو النهار دون الليل.

قالوا: وأول النهار طلوع الشمس، كما أن آخره غروبها.

قالوا: ولو كان أوله طلوع الفجر لوجب أن يكون آخره غروب الشفق قالوا: وفي إجماع الحجة على أن آخر النهار غروب الشمس دليل واضح، على أن أوله طلوعها.

قالوا: وفي الخبر عن النبي ه أنه تسحر بعد طلوع الفجر أوضح الدليل على صحة قولنا).([133]) اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص231): (فقد صح أن الأكل مباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه). اهـ

قلت: فلا تملوا الناس، ولا تكرهوا عليهم أمر الله تعالى، فأمهلوهم حتى يدركوا صلاة الفجر في وقتها المحدد في الشرع، لأن الناس يستيقظون في الإسفار، وينامون في الظلام، والله المستعان.

* فانصداع الفجر المعترض بالضياء في أقصى المشارق، ثم انتشاره في الأرض، والإسفار البين؛ هو الأصل لصلاة الصبح، وإمساك الصائم عن الأكل والشرب، والجماع.([134])

قال الفقيه الخرشي / في «شرح مختصر خليل» (ج1 ص420): (أول الوقت المختار للصبح من حين طلوع الفجر الصادق ممتد إلى الإسفار الأعلى، وهو الذي تتراءى فيه الوجوه، والإسفار الظهور، والأعلى البين الواضح.

* واحترز بالصادق، وهو المستطير بـ«الراء»؛ أي: المنتشر من الفجر الكاذب لتغريره من لا يعرفه، وهو المستطيل بـ«اللام» لصعوده في كبد السماء). اهـ

55) وعن نافع أن ابن عمر ط: (كان إذا تبين له الصبح لا شك فيه أناخ، فصلى الصبح).([135])

56) وعن يزيد الأودي قال: (كنت أصلي مع علي ط الغداة يعني: صلاة الفجر- ثم ألتفت فيخيل إلي أنه تطلع الشمس).([136])

قال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234): (وقت صلاة الفجر يدخل بالفجر الثاني). اهـ

وقال أبو داود في «المسائل» (ص134): (قال أحمد إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه).

قلت: البياض؛ هو النهار، والسواد؛ هو الليل.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص431): (وهذا يدل على جواز الأكل إلى ظهور الحمرة، وقد جاءت أحاديث تدل على مثل ذلك). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص350): (فصل: ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]،... ويجوز الأكل والشرب إلى الفجر، للآية والخبر). اهـ

قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الإمداد» (ج1 ص325): (الفجر فجران:

الفجر الأول: بياض مستطيل، وليس معترضا، ويأتي بعده ظلمة.

والفجر الثاني: بياض معترض في الأفق، ولا يأتي بعده ظلمة، وهو الذي تتعلق به الأحكام من صيام وصلاة). اهـ

وقال الفقيه المحلي / في «كنز الراغبين» (ج1 ص168): (والصبح يدخل وقتها بالفجر الصادق، وهو المنتشر ضوؤه معترضا بالأفق؛ أي: نواحي السماء بخلاف الكاذب، وهو يطلع قبل الصادق مستطيلا، ثم يذهب ويعقبه ظلمة، ويبقى الوقت حتى تطلع الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن جزي / في «القوانين الفقهية» (ص69): (الصبح: فأول وقتها: طلوع الفجر الصادق، إجماعا، وآخره طلوع الشمس). اهـ

وقال الفقيه الدردير / في «الشرح الكبير» (ج1 ص118): «وللصبح من الفجر؛ أي: ظهور الضوء الصادق، وهو المستطير، أي: المنتشر ضياؤه حتى يعم الأفق احترازا من الكاذب، وهو المستطيل «اللام» وهو الذي لا ينتشر، بل يطلع وسط السماء دقيقا يشبه ذنب السرحان، ولا يكون في جميع الأزمان، بل في الشتاء ثم يظهر بعده ظلام، ثم يظهر الفجر الحقيقي، وينتهي المختار للإسفار، أي: الضوء الأعلى([137])؛ أي: البين الواضح، وهو الذي تتميز فيه الوجوه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الكافي» (ص35): (وأول وقت صلاة الصبح: إذا طلع الفجر المعترض في أفق المشرق، وهو أول بياض النهار، ثم لا يزال وقتها ممدودا قائما حتى يسفر). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «السيل الجرار» (ج1 ص409): (وأول وقت الفجر؛ طلوع الفجر، وهو يعرفه كل ذي بصر، وآخره طلوع الشمس، فهذه الأوقات لا ينبغي أن يقع في مثلها خلاف؛ لأن الأدلة عليها أوضح من كل واضح، وأظهر من كل ظاهر، وقد كرر ه الإيضاح، وعلمهم ما لا يحتاجون بعده إلى شيء، وجعل هذه الأوقات منوطة بعلامات حسية يعرفها كل من له بصر صحيح، فلا نطيل الكلام في هذا؛ فإن الإطالة لا تأتي بطائل). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الإمداد» (ج2 ص383): (وتأخير سحور): بأن يكون عند نهاية الليل وبداية النهار؛ لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]، والنبي ه كان يؤخر السحور إلى طلوع الفجر، فهؤلاء الذين يتسحرون مبكرين يخالفون السنة، فإذا تسحروا ناموا، وتركوا صلاة الفجر مع الجماعة، أو تركوا صلاة الفجر في وقتها، ولا يصلون إلا إذا استيقظوا فهؤلاء قد خالفوا السنة وهي تأخير السحور). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص289): قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، وقول النبي ه: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر)؛ فعلق النبي ه الإمساك بطلوع الفجر، والقرآن الكريم علقه كذلك بتبين طلوع الفجر، وهذا بالإجماع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص270): قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، ولم يقل: حتى يطلع الفجر، بل قال تعالى: ]حتى يتبين[؛ لأن العباد إنما يكلفون بما يطيقون). اهـ

قلت: فلا تملوا الناس، ولا تكرهوا عليهم أمر الله تعالى، فأمهلوهم حتى يدركوا صلاة الفجر في وقتها المحدد في الشرع، لأن الناس يستيقظون في الإسفار، وينامون في الظلام، والله المستعان.

57) فعن سالم مولى أبي حذيفة قال: «كنت أنا، وأبو بكر الصديق ط فوق سطح واحد في رمضان، فأتيته ذات ليلة فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله ه؟ فأومأ بيده أن: كف، ثم أتيته مرة أخرى فقلت له: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فأومأ بيده أن: كف، ثم أتيته مرة أخرى فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فنظر إلى الفجر، ثم أومأ بيده أن: كف، ثم أتيته فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ قال: هات غذاءك، قال: فأتيته به، فأكل، ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة».([138])

58) وعن عائشة ڤ عن النبي ه قال: «أن بلالا كان يؤذن بليل، فكلوا واشربوا، حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».([139])

قلت: وهذا فيه دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح، وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر، وهذا بالإجماع.([140])

59) وعن إبراهيم النخعي / قال: «ما أجمع أصحاب محمد ه على شيء ما أجمعوا على التنوير بالفجر».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص322) من طريق وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص184) من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: «ما اجتمع أصحاب محمد ه على شيء ما اجتمعوا على التنوير».

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن خسرو البلخي في «مسند أبي حنيفة» (ج1 ص395)، واللؤلؤي في «المسند» (ج1 ص295- الجامع)، وأبو يوسف القاضي في «الآثار» (ص66 و147)، والخوارزمي في «جامع المسانيد» (ج1 ص295) من طريق أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي قال: «لم يجتمع أصحاب رسول الله ه على شيء؛ كما اجتمعوا على التنوير بالفجر، والتبكير بالمغرب».

وإسناده لا بأس به.

وأخرجه ابن دكين في «الصلاة» (324) من طريق شريك عن مغيرة عن إبراهيم النخعي قال: «كانوا يسفرون بالفجر».

وإسناده لا بأس به في المتابعات.

وذكره الزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص237)، والعيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص298).

وذكره العلامة السندي في «كفاية الحاجة» (ص313) ثم قال: (فهذا الإجماع).

وقال الحافظ الزيلعي / في «نصب الراية» (ج1 ص238): (فثبت أن المراد بالإسفار إنما هو التنوير، وهو التأخير عن الغلس([141])، وزوال الظلمة). اهـ

60) وعن عقبة بن أبي صالح قال: «كان إبراهيم النخعي يسفر بصلاة الغداة».([142]) يعني: الصبح.

61) وعن عبيد المكتب قال: «قال لي إبراهيم: نور نور» وفي رواية: «كان ينور بالفجر».([143]) يعني: صلاة الصبح.

62) وعن هشام بن عائذ بن نصيب الأسدي قال: «دخلت أنا، وإبراهيم موماة، فلما طلع الفجر قلت: يا أبا عمران ألا تصلي؟! قال: أسفر، ثم مضى غير بعيد، قلت: ألا تصلي؟ قال: أسفر».([144])

63) وعن نفاعة بن مسلم قال: «كان سويد بن غفلة يسفر بالفجر إسفارا شديدا».([145])

64) وعن وقاء بن إياس قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: «للمؤذن: أسفر أسفر، يعني: صلاة الصبح»، وفي رواية: «يقول لمؤذنه: نور نور»([146])؛ يعني: أذن إذا طلع النور!.

65) وعن وقاء بن حبيب عن سعيد بن جبير /: «أنه كان ينور بالفجر».([147])

66) وعن سالم بن عبيد الأشجعي قال: كنت مع أبي بكر، فقال: «قم فاسترني من الفجر، ثم أكل».([148]) وفي رواية: «كنت في حجر  أبي  بكر الصديق؛ فصلى ذات ليلة ما شاء الله؛ ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر، فخرجت ثم رجعت، فقلت: قد ارتفع في السماء أبيض، فصلى ما شاء الله؛ ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر، فخرجت فرجعت، فقلت: قد اعترض في السماء أحمر؛ قال: هيت الآن، فأبلغني سحوري».

67) وعن حبان بن الحارث قال: «أتيت علي بن أبي طالب وهو معسكر بدير أبي موسى، فوجدته يطعم، فقال: ادن فكل، فقلت: إني أريد الصوم، فقال: وأنا أريد الصوم، فلما فرغ من طعامه، قال: لابن التياح؛ أقم الصلاة». وفي رواية: «تسحرنا مع علي ط، فلما فرغ من السحور أمر المؤذن فأقام الصلاة».([149])

68) وعن أبي بكر الصديق ط أنه قال: «إذا نظر الرجلان إلى الفجر، فشك أحدهما، فليأكلا حتى يتبين لهما».([150])

69) وعن معمر الأزدي / أنه: «كان يؤخر السحور جدا حتى يقول الجاهل: لا صوم له».([151])

70) وعن ابن جريج قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: «أتكره أن أشرب، وأنا في البيت لا أدري لعلي قد أصبحت؟، قال /: لا بأس بذلك، هو شك).([152])

71) وعن أبي بكر الصديق ط أنه: «أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر»؛([153]) أي: ثم يتسحر.

72) وعن أبي الضحى؛ أن رجلا قال؛ لابن عباس: متى أدع السحور؟، فقال رجل: إذا شككت، فقال ابن عباس ط: «كل ما شككت حتى يتبين لك».([154]) يعني: الفجر.

73) وعن مكحول الأزدي قال: «رأيت ابن عمر أخذ دلوا من زمزم، وقال لرجلين: أطلع الفجر؟ قال أحدهما: قد طلع، وقال الآخر: لا؛ فشرب ابن عمر».([155])

قلت: فالمرء إذا شك في طلوع الفجر، فالأصل بقاء الليل، حتى يستبين، ويتبين طلوعه، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.

* لذلك على المرء أن يعبد الله تعالى بعلم، ولا يعبده بجهل، لأن عبادة الجاهل مهما فعل فإن عبادته باطلة، ولا يجوز لعبد أن يقدم على أمر في الدين حتى يعلم حكم الله تعالى فيه.([156])

قلت: وصيام رمضان يحتاج إلى علم، ومعرفة حتى يكون أداؤه، والقيام به على الوجه المطلوب شرعا.

قال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص602): (ويستحب تأخير السحور... لأن السحور يراد ليتقوى به على الصوم([157])، فكان التأخير أبلغ في ذلك،  وكان أولى). اهـ

وقال الفقيه الرملي / في «نهاية المحتاج» (ج3 ص151): (ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى، ولأن تأخير السحور أقرب للتقوى على العبادة). اهـ

وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية» (ج1 ص308): (ووقت الصوم: من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ إلى أن قال: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]. والخيطان: بياض النهار، وسواد الليل). اهـ

وقال الفقيه ابن مودود / قال في «الاختيار» (ج1 ص137): (ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص331): (الصيام هو: الإمساك عن أشياء مخصوصة، وهي المفطرات من الأكل والشرب والجماع، وتوابعها، في وقت مخصوص، وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص134): (وأما ما عليه عرف الناس اليوم: أن الإمساك يكون قبل طلوع الفجر بوقت، فلم يشرع، بل هذا بدعة، بل ورد الأمر بالكتاب والسنة بالأكل إلى أن يتبين للإنسان طلوع الفجر). اهـ

وقال الفقيه ابن نجيم / في «النهر الفائق» (ج1 ص156): (وقت الفجر: سمي به لانفجار الظلام به، وبدأ به؛ لأنه لا خلاف في طرفيه، ولأنه أول النهار). اهـ

وقال الفقيه العيني / في «رمز الحقائق» (ج1 ص42): (وقت صلاة الفجر من ابتداء الصبح الصادق؛ وهو البياض المنتشر في الأفق، ولا عبرة بالصبح الكاذب، وهو البياض الذي يبدو طولا؛ كذنب السرحان، ثم تعقبه ظلمة... وهذا بالإجماع).اهـ

وقال الفقيه ابن عابدين / في «رد المحتار» (ج2 ص18): (فالمعتبر الفجر الصادق: وهو الفجر المستطير في الأفق؛ أي: الذي ينتشر ضوءه في أطراف السماء، لا الكاذب: وهو المستطيل الذي يبدو طويلا في السماء؛ كذنب السرحان؛ أي: الذئب، ثم يعقبه ظلمة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص106): (صلاة الفجر: ويبدأ وقتها بطلوع الفجر الثاني، ويمتد إلى طلوع الشمس). اهـ

قلت: فهذا وقت صلاة الفجر الذي فرضه الله تعالى على الناس، فعليهم أن يتقيدوا به، بحيث لا يصلون قبل هذا الوقت المحدد.

وقال الفقيه ابن مودود / في «الاختيار» (ج1 ص42): (وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني المعترض إلى طلوع الشمس؛ والفجر فجران: «كاذب»؛ وهو الذي يبدو طولا ثم تعقبه ظلمة، فلا يحرم الأكل على الصائم، و«صادق»؛ وهو البياض المعترض في الأفق، فيحرم به السحور، ويدخل به وقت الفجر). اهـ

وقال الفقيه السمرقندي / في «تحفة الفقهاء» (ص51): (أول وقت صلاة الفجر حين يطلع الفجر الثاني، وآخره حين تطلع الشمس، وإنما قيد بالفجر الثاني؛ لأن الفجر فجران: الأول؛ وهو الذي يبدو في ناحية من السماء، كذنب السرحان طولا، ثم ينكتم، سمي فجرا  كاذبا؛ لأنه يبدو نوره، ثم يخلف، ويعقبه الظلام، وهذا الفجر مما لا يحرم به الطعام والشراب على الصائمين.

وأما الفجر الثاني؛ فهو المعترض في الأفق لا يزال نوره حتى تطلع الشمس: سمي فجرا صادقا، لأنه إذا بدا نوره ينتشر في الأفق، ولم يخلف، وهذا الفجر مما يحرم به الطعام والشراب على الصائمين). اهـ

قال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج2 ص796): (الفجر فجران: «فجر يحرم فيه» على الصائم «الطعام» والشراب؛ أي: الأكل والشرب، «وتحل فيه الصلاة»؛ أي: صلاة الصبح، وهو الفجر الصادق؛ «وفجر تحرم فيه الصلاة»؛ أي: صلاة الصبح بعد دخول وقتها بطلوعه، «ويحل فيه الطعام» والشراب للصائم، وهو الفجر الكاذب الذي يطلع كذنب السرحان، ثم يذهب، وتعقبه ظلمة). اهـ

قلت: فالفجر الأول، ويسمى «الكاذب» لا معول عليه في شيء من الأحكام، بل وجوده كعدمه، فلا يحل الصلاة، ولا يحرم الطعام والشراب على الصائم.([158])

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج1 ص213): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ [البقرة: 187]؛ ومعنى الآية: وكلوا واشربوا في ليالي الصوم، حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود: بياض  النهار من سواد الليل، وسميا خيطين؛ لأن كل واحد منهما يبدو في الأفق ممتدا كالخيط، قال الشاعر:

فـلــمـا أضــاءت لــنــا ســدفــة

 

 

ولـاح مـن الـصـبـح خـيـط أنـارا). اهـ

قال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ حتى: غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد، ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر). اهـ

قلت: والتبيين للفجر تبينه في الطرق، والبيوت، وقد أجمع عليه السلف؛ منهم: عمر، وعثمان، وحذيفة، وابن عباس، وطلق بن علي، وغيرهم ن أجمعين.([159])

قال الإمام ابن أبي زمنين / في «تفسير القرآن» (ج1 ص203): (وقوله تعالى: ]الخيط الأبيض[ [البقرة: 187]؛ يعني: بياض النهار؛ وقوله تعالى: ]من الخيط الأسود[؛ يعني: سواد الليل؛ ويتبين هذا من هذا عند طلوع الفجر الثاني). اهـ

وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319): (وقالت طائفة؛ ذلك بعد طلوع الفجر، وتبينه في الطرق والبيوت؛ روي ذلك عن عمر، وحذيفة، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش سليمان، وغيرهم أن الإمساك يجب بتبيين الفجر في الطرق، وعلى رءوس الجبال). اهـ

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج1 ص214): (واعلم أن الفجر الذي يحرم به على الصائم الطعام والشراب والجماع هو الفجر الصادق المستطير المنتشر في الأفق سريعا، لا الفجر الكاذب المستطيل). اهـ

وقال المفسر ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج2 ص92): (وروي عن عثمان بن عفان، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش وغيرهم أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطرق، وعلى رؤوس الجبال).اهـ

وقال العلامة القاري / في «مرقاة المفاتيح» (ج2 ص286): «وصلى الفجر فأسفر بها؛ أي: أوقعها في وقت الإسفار، والباء للتعدية من: أسفر الصبح إذا أضاء).اهـ

74) وعن أنس بن مالك أن زيد بن ثابت ط قال: «تسحرنا مع النبي ه ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟، قال: قدر خمسين آية». وفي رواية: «تسحرنا مع النبي ه ثم خرجنا إلى الصلاة».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1921)، ومسلم في «صحيحه» (1097)، والترمذي في «سننه» (703)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2466)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص143)، وابن ماجه في «السنن» (1694)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص182 و185 و186)، وابن حبان في «صحيحه» (1497)، والدارمي في «المسند» (1737)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (1087)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص111 و112)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص489)، وابن الأعرابي في «المعجم» (6)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، والطيالسي في «المسند» (604) والبرزالي في «جزء عوالي الشيخات الست» (ص111 و112)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج21 ص207)، وفي «حديث أهل حردان» (ص85)، والمخلص في «المخلصيات» (370)، و(1356)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج3 ص172)، وفي «معرفة الصحابة» (ج3 ص1157)، وفي «حلية الأولياء» (ج3 ص61)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص536)، وابن أبي الفوارس في «الفوائد» (4)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص177)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (248)، والطبراني في «المعجم الكبير» (4792)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1941)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص454)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص293)، والبغوي في «شرح السنة» (355)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص259) من طرق عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن زيد بن ثابت ط به.

وقال أبو نعيم: صحيح مشهور من حديث قتادة.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج4 ص605).

قال الفقيه ابن أبي جمرة / في «بهجة النفوس» (ج1 ص744): (ويترتب على هذا من الفقه أن يكون السحور بقرب الصبح حتى ما يكون بعده إلا الاشتغال بالصبح، وهو الأظهر). اهـ

قلت: وهذا أرفق بالصائمين.

ثم تأمل قوله: (تسحرنا مع النبي ه ثم خرجنا إلى الصلاة). يعني: دخل عليهم الفجر، وهم يتسحرون.

قال الفقيه ابن أبي جمرة / في «بهجة النفوس» (ج1 ص739): (ظاهر الحديث يفيد بأن تأخير السحور من السنة؛ لأن النبي ه تسحر، وكان بينه، وبين الفجر قدر قراءة خمسين آية، وإنما فعل ذلك ه؛ لأنه كان أبدا ينظر ما هو أرفق لأمته، فيعمل عليه لطفا منه بهم، وسحوره ه من جملة الألطاف بهم). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي جمرة / في «بهجة النفوس» (ج1 ص741): (السحور في ذلك الوقت فيه خير كثير؛ بدليل ما أشرنا إليه، فإن السحور في ذلك الوقت فيه عون على صيام النهار؛ لأنه إذا تسحر، والفجر قريب أصبحت المعدة بالطعام، وقل أن يحتاج إلى الطعام). اهـ

قلت: فلا يخلو الطعام من بطنه إلى آخر النهار، فيكون وقت الإفطار قريبا، فيسهل عليه الانتظار في ذلك الزمن القريب.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص336): (فيه: استحباب تأخير السحور، وهذا هو المشروع، وأما ما يفعله كثير من الناس اليوم من تقديم السحور جدا، فهذا بدعة، ومن سبب هذه البدعة جعلوا للزوم وقتا، ولطلوع الفجر وقتا، والله تعالى ورسوله ه غيا ذلك بتبين الصبح، فقال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، فلم يقل: حتى يبقى على طلوع الفجر قدر ربع ساعة، أو جزء معين كما زعموا، ومرادهم في هذا الاحتياط، ولكن غلطوا في ذلك، وشرعوا ما لم يأذن به الله.

فالاحتياط: اتباع أفعاله ه وشرائعه، فلو كان هذا الأمر خيرا لسبقونا إليه، والله تعالى وسع في الصيام وسهل، ولهذا لم يقل: حتى يطلع الفجر، بل قال: حتى يتبين؛ أي: يتضح ويتيقن، ولهذا لو أكل وشرب بناء على بقاء الليل، ثم تبين أنه قد طلع الفجر صح صومه، ولو كان في نفس الأمر قد أكل وشرب بعد طلوع الفجر.

والعجب أنهم يوسوسون في الصيام، ويشددون فيه، والشارع قد سهل فيه وسامح، ثم يصلون ولما يتحققوا طلوع الفجر، والحال أنه لا تصح الصلاة حتى يتيقن طلوع الفجر تيقنا لا يدخله شك بوجه ما، حتى لو طلب الشهادة على طلوعه لشهد.

* ولكن ما ترك الناس سنة إلا اعتاضوا عنها بدعة، فإنهم أيضا يؤذنون قبل طلوع الفجر، وهذا لا يجزئ إلا إذا وجد من يؤذن بعد طلوع الفجر، ثم بعد ذلك يحتاجون إلى التنبيه على طلوع الفجر بغير الأذان.

* والعجب إقرار العلماء على ذلك، بل أمرهم به، حتى إنهم جعلوا إمساكية لرمضان، فيقولون: الفجر على كذا، واللزوم على كذا، والله تعالى يقول: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، وهذا فعله ه وأمره، فهم ضادوا الشرع، فهو يحث على تأخير السحور، وهم يحثون على تقديمه). اهـ

75) وعن خرشة بن الحر، قال: (كان عمر بن الخطاب يغلس بصلاة الصبح، ويسفر ويصليها بين ذلك).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص322)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص570)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص378) من طريق أبي حصين، عن خرشة بن الحر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

76) وعن جبير بن نفير، قال: صلى معاوية t بغلس؛ فقال أبو الدرداء t: (أسفروا بهذه الصلاة؛ فهو أفقه عليكم).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص321)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص378) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير به.

قلت: وهذا سنده حسن.

77) وعن علي بن ربيعة، قال: سمعت عليا t، يقول لقنبر: (أسفر أسفر؛ يعني: بصلاة الغداة).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص569)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص321)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص180)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص378) من طرق عن سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

78) وعن نافع، قال: (لما نزل الحجاج؛ بابن الزبير t، صلى الصبح بمنى، ثم أسفر بها جدا).

أثر حسن

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص571) من طريق عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع به.

قلت: وهذا سنده حسن.

79) وعن مغيث بن سمي، أنه قال: صليت مع ابن الزبير t الصبح بغلس فالتفت إلي عبد الله بن عمر فقلت: ما هذا؟ فقال: «هذه صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر، ومع عمر؛ فلما قتل عمر t، أسفر بها عثمان t).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص176) من طريق الأوزاعي، قال: حدثني نهيك بن يريم، عن مغيث بن سمي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: يريد ابن عمر في ذلك، أن يبين؛ لمغيث بن سمي، أن صلاة الفجر بالغلس، قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر t، وعمر بن الخطاب t، وأحيانا يسفرون، وقد ثبت ذلك عنهم أيضا.

* ثم في عهد عثمان بن عفان t، أسفر بها مطلقا، ولم يغلس، رغم أن وقت الغلس ثبت في السنة أحيانا، فظن الراوي أن ذلك ليس من السنة أحيانا، فظن الراوي أن ذلك ليس من السنة؛ لأنه أدرك الناس، وهم يسفرون مطلقا، فبين له ابن عمر عن سنة الغلس بصلاة الفجر أيضا، وأن ذلك فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر t، وعمر بن الخطاب t، ولا يلزم من ذلك أنهم لم يسفروا، فتنبه.

* هذا الذي أراده ابن عمر لمغيث بن سمي، وليس مراده أنهم كانوا يغلسون مطلقا، بل كانوا يصلون في الغلس أحيانا، ويصلون في الإسفار أحيانا على حسب الحاجة، للجمع بين الأدلة والآثار، فافطن لهذا.

80) وعن حبيب بن شهاب، عن أبيه، (أن أبا موسى t صلى الفجر بسواد). يعني: بغلس.

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص320) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن حبيب بن شهاب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

81) وعن عائشة ڤ قالت: (كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات([160]) بمروطهن([161])، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس) ([162]). وفي رواية: (وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة). وفي رواية: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس، فينصرفن نساء المؤمنين لا يعرفن من الغلس).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (372)، و(578)، و(867)، و(872)، ومسلم في «صحيحه» (645)، وأبو داود في «سننه» (423)، والترمذي في «سننه» (153)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1540)، وفي «المجتبى» (ج1 ص271)، و(ج3 ص82)، وابن ماجه في «سننه» (669)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص33 و37 و178 و248 و258)، ومالك في «الموطأ» (4)، والحميدي في «المسند» (174)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص165)، و(ج8 ص476)، وفي «المسند» (29)، و(175)، و(487)، وفي «الرسالة» (ص126)، وفي «اختلاف الحديث» (ص51)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (4)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص300)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص309)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص180)، وابن راهويه في «المسند» (ج2 ص116 و118)، والحدثاني في «الموطأ» (4)، وأبو يعلى في «المسند» (ج7 ص389 و390)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص595)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص365 و366 و367 و368)، والقعنبي في «الموطأ» (7)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص239 و240)، والسراج في «المسند» (616)، و(625)، و(809)، و(1171)، وفي «حديثه» (258)، و(1647)، و(1656)، و(1658)، وإسماعيل بن إسحاق الجهضمي في «مسند حديث مالك بن أنس» (86)، والصدفي في «نسخة أبي صالح المصري» (68)، والبزار في «المسند» (315)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص176)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص18)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص259)، والعلائي في «المجالس الثمانية» (ص272)، والجوهري في «مسند الموطأ» (790)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (138)، والطيالسي في «المسند» (1562)، وإسماعيل بن جعفر في «حديثه» (231)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص454)، و(ج2 ص235)، وفي «الخلافيات» (1336)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص467)، وابن القاسم في «الموطأ» (494)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص379)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج8 ص330)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص67)، و(ج4 ص118 و198)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص238)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص304)، والحازمي في «الاعتبار» (132)، وابن شاذان في «المشيخة الصغرى» (25)، وابن الأبار في «المعجم» (ص321)، وابن البختري في «حديثه» (26)، والخطابي في «غريب الحديث» (ج2 ص282)، وابن أبي ظهيرة في «معجم الشيوخ» (ج2 ص1064)، والحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص282)، وابن الأعرابي في «المعجم» (1890)، وابن بكير في «الموطأ» (4)، وابن الجوزي في «التحقيق» (332)، وفي «الحدائق» (ج2 ص85)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص280)، والذهبي في «السير» (ج19 ص442 و443)، وفي «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص698) من طريق القاسم، وعروة، وعمرة بنت عبد الرحمن؛ كلهم: عن عائشة ڤ به.

* متلفعات: متلففات، فينصرف النساء متلففات بمروطهن، هكذا بالفاء في رواية في «الموطأ»، و«متلفعات» الثانية: عين مهملة، وهي: رواية في «الموطأ» أيضا، وتقاربت معاني الروايتين.

* والتلفع: يستعمل في الالتحاف مع تغطية الرأس، والتلفف قريب منه، يجيء بمعنى التلفع، وتغطية الرأس.

قال البطليوسي الفقيه / في «مشكلات الموطإ» (ص38): (وقع في رواية: يحيى بفائين، ورواه أكثر الرواة بالفاء، والعين غير معجمة، والمعنى: واحد يقال: تلفع الرجل بثوبه إذا اشتمل به). اهـ

* بمروطهن: المرط؛ كساء من خز، أو صوف، أو كتان، يؤتز به، وتتلفع به المرأة.

* الغلس: ظلمة آخر الليل، إذا اختلطت بضوء الصباح.([163])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص216): (وروى يحيى بن يحيى: «متلففات» بالفاء، وتابعه طائفة، من رواة الموطإ، وأكثر الرواة على «متلفعات» بالعين، والمعنى: واحد، والمروط أكسية الصوف، وقد قيل: المرط: كساء صوف سداه شعر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص49): (قوله: (كان يصليها بغلس)، الغلس: هو اختلاط ظلمة الليل؛ بنور الفجر، بحيث لا يغلب أحدهما الآخر؛ لأنه إن غلب نور الفجر؛ فهو إسفار). اهـ

* نكارة بدع هذا الزمان في تقديم السحور:

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص199): (في حديث؛ أبي هريرة: «لا يزال الدين ظاهرا» وظهور الدين مستلزم لدوام الخير؛ قوله: «ما عجلوا الفطر»، وما ظرفية أي مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها.

«تنبيه»: من البدع المنكرة: ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة!، ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة؛ لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور، وخالفوا السنة؛ فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر، والله المستعان). اهـ

قلت: وهو حال جميع المسلمين اليوم إلا من رحم ربك، وقليل ما هم؛ فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام في واقع كثير من أتباعه وأدعيائه!!؛ اللهم غفرا.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([164])

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق الله تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

* والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([165])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول:

 اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([166])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: فردوه إلى ما تستحسنون). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([167])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فلا بد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

* إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك إلى تأويل بلا نص، ولا إجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([168])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([169])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([170]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)  من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).   

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

    

ذكر الدليل

على أن وقت صلاة الظهر يدخل بزوال الشمس عن كبد السماء، وأن يكون الظل في جهة المشرق، وحتى يتبين الظل قدر شبر باليد المعتدلة، وينتهي حتى يكون ظل كل شيء مثله

 

 

1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين: صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([171])

(2) وعن بريدة t عن النبي r: «أن رجلا سأله، عن وقت الصلاة، فقال له: صل معنا هذين، يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب، حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر، والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب، قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم). وفي رواية: «وصلى الفجر فأسفر بها». وفي رواية: «فنور بالفجر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

(3) وعن جابر بن عبد الله t قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي r حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، [ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل فصلى المغرب]([172])، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([173])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث حسن لغيره

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص263)، والترمذي في «سننه» (150)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص330)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص195)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص368)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، وابن حبان في «صحيحه» (1470)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (152)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص24)، وابن الجوزي في «التحقيق» (314)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص137 و138)، وتمام الرازي في «الفوائد» (327)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (135)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (6)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص147)، وفي «أحكام القرآن» (283)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص78)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص192)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص211)، وابن المقرئ في «الأربعين» (28)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص361)، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص338)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص545)، وعبد الحق في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص581) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن لغيره، لبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([174])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل / في «المسائل» (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

* وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبو موسى، وأبو برزة، وأبو هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: «ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره»، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

* فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

قلت: ويعرف الزوال؛ بأن يغرز خشبة في مكان، على أرض مستوية، ويجعل على مبلغ الظل منه علامة، فما دام الظل ينقص من الخط، فهو قبل الزوال، وإذا وقف لا يزداد، ولا ينقص، فهو ساعة الزوال، وإذا أخذ الظل في الزيادة في جهة المشرق، فقد علم أن الشمس قد زالت من كبد السماء.([175])

قال الحافظ ابن الأثير / في «النهاية في غريب الحديث» (ج4 ص26): (أقدام الظل التي تعرف بها أوقات الصلاة، هي قدم كل إنسان على قدر قامته، وهذا أمر مختلف باختلاف الأقاليم والبلاد؛ لأن سبب طول الظل وقصره هو انحطاط الشمس وارتفاعها إلى سمت الرؤوس.

* فكلما كانت أعلى، وإلى محاذاة الرؤوس في مجراها أقرب، كان الظل أقصر، وينعكس الأمر بالعكس، ولذلك ترى ظل الشتاء في البلاد الشمالية أبدا أطول من ظل الصيف في كل موضع منها). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص383): (فإذا زالت الشمس: دخل وقت الظهر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص102): (تعجيل صلاة الظهر أفضل لما يلي:

أولا: لقوله تعالى: ]فاستبقوا الخيرات[ [البقرة: 148]، أي: سارعوا، ولا شك أن الصلاة من الخيرات، فالاستباق إليها معناه المبادرة إليها.

ثانيا: أن النبي r حث على البداءة بالصلاة من حين الوقت). اهـ

4) وعن جابر بن سمرة t، قال: (كان النبي r يصلي الظهر إذا دحضت([176]) الشمس). وفي رواية: (كان بلال يؤذن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي r، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه). وفي رواية: (كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس لا يخرم، ثم لا يقيم حتى يخرج النبي r، قال: فإذا خرج أقام حين يراه). وفي رواية: (كان بلال يؤذن لصلاة الظهر حين تدحض الشمس، فإن جاء رسول الله r أقام، وإلا مكث حتى يخرج). وفي رواية: (أن بلالا كان يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس).

حديث صحيح

أخرجه مسلم في «صحيحه» (606)، و(618)، وأبو داود في «سننه» (403)، و(806)، وابن ماجه في «سننه» (673)، و(713)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص91 و106)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص385)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج2 ص218 و229 و232 و242)، وأبو عوانة في «المسند المستخرج» (ج1 ص372)، والطيالسي في «المسند» (ج2 ص128 و135 و236)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص19 و438)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص202 و203 و215)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1ص464)، والبزار في «المسند» (ج10 ص182 و184)، والسراج في «حديثه» (157)، و(159)، و(1330)، و(1559)، وفي «المسند» (967)، و(1038)، و(1039)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص286 و287)، وتمام الرازي في «الفوائد» (198)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص235)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص561)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص447)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج35 ص336) من طريق شعبة، وحماد بن سلمة، وعمرو بن أبي قيس الرازي، وزهير بن معاوية، وعنبسة بن سعيد، وقيس بن الربيع، وشريك بن عبد الله النخعي؛ كلهم: عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة t به.

5) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي r (خرج حين زاغت الشمس فصلى بهم صلاة الظهر). وفي رواية: (أن رسول الله r صلى الظهر حين زاغت الشمس).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (540)، و(7294)، وفي «الأدب المفرد» (1184)، ومسلم في «صحيحه» (2359)، والترمذي في «سننه» (156)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص190)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص247)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص161 و162)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص299)، ومعمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (ج11 ص397)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص296)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص358)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج9 ص72)، وفي «مسند الشاميين» (ج4 ص151)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص541)، والمحاملي في «المحامليات» (297)، والأصبهاني في «دلائل النبوة» (66)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص309)، و(ج4 ص369)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص286)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص186)، والسراج في «حديثه» (1342)، وفي «المسند» (977)، وابن بشكوال في «الغوامض» (ج1ص335)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (168)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص310 و311)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص218) من طريق معمر، وابن أخي الزهري، والزبيدي، وشعيب، ويونس؛ كلهم: عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك t به.

وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.

6) وعن أبي برزة t، (كان النبي r يصلي الصبح، وأحدنا يعرف جليسه([177])، ويقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة، ويصلي الظهر إذا زالت الشمس، والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة، رجع والشمس حية - ونسيت([178]) ما قال في المغرب - ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، ثم قال: إلى شطر الليل). وفي رواية: (كان رسول الله r يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة، ويرجع والشمس حية).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (541)، ومسلم في «صحيحه» (647)، وأبو داود في «سننه» (398)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص246)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص223)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص25)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج6 ص132)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج62 ص98)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص188)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص256)، والشافعي في «الأم» (ج8 ص477)، وفي «المسند» (387)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص178)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص369)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص241)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص392)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص425)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، و(ج4 ص329)، وفي «مشكل الآثار» (ج10 ص193)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص436)، والبزار في «المسند» (ج9 ص299)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص567)، والسراج في «المسند» (139)، وفي «حديثه» (1660)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص219 و220)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص346)، والروياني في «المسند» (1315)، والطيالسي في «المسند» (962)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص183)، والترمذي في «سننه» (168)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص370)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص417)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (107)، وابن الجوزي في «التحقيق» (333)، وفي «الحدائق» (ج2 ص81)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص213)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص561)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281) من طرق عن أبي المنهال عن أبي برزة ط به.

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج1 ص200)؛ باب: وقت الظهر عند الزوال.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص562): (قول البخاري /: باب: وقت الظهر عند الزوال؛ أي: عند زوال الشمس.

* وزوالها: ميلها إلى جهة المغرب، وذلك أن الشمس تخرج من المشرق، وتغرب من المغرب، فإذا توسطت السماء، وانحدرت نحو المغرب، ولو قليلا فقد زالت.

* قال العلماء رحمهم الله: وعلامة هذا أن تضع شاخصا؛ أي: شيئا قائما؛ كالعصا: عند طلوع الشمس، فستجد أن له ظلا، وكلما ارتفعت الشمس تقلص هذا الظل، فإذا انتهى: ثم بدأ بالزيادة، فهذه علامة الزوال، وحينئذ يكون قد دخل وقت الظهر، وحلت الصلاة). اهـ

7) وعن أبي موسى t عن رسول الله r: (أنه أتاه سائل، يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس  لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل، يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر، حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص21): (قوله r: (إذا زالت): أي: مالت إلى جهة الغرب؛ وذلك أن الشمس تطلع من الأفق الشرقي، وتغرب في الأفق الغربي.

*  فإذا انتصفت بينهما فهذا هو الزوال، وعلامته في الظل أن ترقب الظل: فكلما ارتفعت الشمس ينقص الظل؛ فإذا بدأ الظل يزيد، فهذا هو الزوال). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص102): (أما علامة الزوال بالساعة؛ فاقسم ما بين طلوع الشمس إلى غروبها نصفين، وهذا هو الزوال، فإذا قدرنا أن الشمس تطلع في الساعة السادسة، وتغيب في الساعة السادسة، فالزوال في الثانية عشرة). اهـ

8) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا، [ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم]([179])، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم).

 حديث حسن لغيره

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (150)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص194)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193 و202)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص26)، والسراج في «المسند» (972)، وفي «حديثه» (1335)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج5 ص147)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص185)، والبزار في «المسند» (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة t به.

قلت: وإسناده حسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص255)، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (87): سألت محمدا البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.

وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص269): إسناده حسن.

قال الفقيه السرخسي / في «المبسوط» (ج1 ص142): (ولا خلاف في أول وقت الظهر، أنه يدخل بزوال الشمس). اهـ

قلت: أجمع العلماء قديما وحديثا على أن وقت صلاة الظهر يدخل بزوال الشمس عن كبد السماء.

* ونقل جمع من أهل العلم، الإجماع على ذلك، منهم: الإمام ابن قدامة في «المغني» (ج1 ص371)، والإمام ابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، والإمام الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص21)، والعلامة الشنقيطي في «أضواء البيان» (ج1 ص335)، وغيرهم.

9) وعن ابن عباس قال: (دلوكها: زوالها).

أثر صحيح

أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص183)، وابن المنذر في «الأوسط» (937)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص364)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص25)، وابن وهب في «تفسير القرآن» (ج1 ص137)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1371)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6334) من طريق حصين، وأبي كدينة، وهشيم، وشعبة، وأبي عوانة، وخالد بن عبد الله عن مغيرة عن الشعبي عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص412)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج6 ص120).

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص27) من طريق الزهري عن ابن عباس قال: (دلوك الشمس: زيغها بعد نصف النهار).

وهذا إسناد منقطع؛ لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس.

انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج1 ص23).

وأخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص11)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص235)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص10)، ومحمد بن الحسن في «الموطإ» (ص345)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، والقعنبي في «الموطإ» (ص88)، والحدثاني في «الموطإ» (ص62) من طريق داود بن حصين قال: أخبرني مخبر أن ابن عباس كان يقول: (دلوك الشمس، إذا فاء الفيء).

قال الحافظ ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج1 ص271): (المخبر ههنا عكرمة ... وكان مالك يكتم اسمه لكلام سعيد بن المسيب فيه). اهـ

* فإن كان المخبر هو: «عكرمة مولى ابن عباس»؛ فإن رواية داود بن الحصين عن عكرمة متكلم فيها.

انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج8 ص380 و380).

10) وعن ابن عمر قال: (دلوك الشمس: زوالها). وفي رواية: (دلوك الشمس: زياغها بعد نصف النهار). وفي رواية: (دلوك الشمس: ميلها). أي: وقت الزوال.

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص11)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص384)، وفي «المصنف» (ج1 ص534)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص10)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص236)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص322)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص25)، والقعنبي في «الموطإ» (ص87)، وأبو الجهم في «جزئه» (ص42)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص364)، وابن بكار في «حديثه» (ص170)، والحدثاني في «الموطإ» (ج92)، ومحمد بن الحسن في «الموطإ» (ص345) من طريق نافع، وسالم بن عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص412).

وقال الحافظ البزار في «المسند» (ج12 ص257): «وهذا الحديث إنما يروى موقوفا عن ابن عمر ».

11) وعن مجاهد / قال: (دلوكها: زيغها حين تزيغ).

أثر صحيح

أخرجه آدم بن أبي إياس في «التفسير» (ص440) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ج6 ص120).

12) وعن ابن عباس قال: (دلوك الشمس: ميلها).

أثر حسن لغيره

أخرجه محمد بن الحسن في «الموطإ» (ص345) من طريق مالك عن داود بن الحصين عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات، وداود بن الحصين يروي عن عكرمة كما في رواية.

قال الإمام ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج3 ص1219): (وقد روى مالك في «الموطإ» عن ابن عباس أنه قال: دلوك الشمس: ميلها). اهـ

وقال الإمام محمد بن الحسن / في «الموطإ» (ص345): (هذا قول ابن عمر، وابن عباس، وقال: عبد الله بن مسعود دلوكها: غروبها، وكل حسن). اهـ

13) وعن الحسن البصري / قال: في قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78]، قال: (دلوك الشمس إذا زالت عن بطن السماء، وكان لها فيء في الأرض).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن وهب في «تفسير القرآن» (ج2 ص120) من طريق الليث بن سعد أن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به.

وذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ج6 ص120).

قال الواحدي / في «الوسيط» (ج3 ص120): (قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[؛ دلوك الشمس زوالها، وميلها في وقت الظهر، وكذلك ميلها للغروب هو دلوكها أيضا، قال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها عند العرب). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى قسم التفسير» (ج15 ص11): (مثال ذلك: قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل [ [البقرة: 187]، فسر: «الدلوك» بالزوال، وفسر: بالغروب، وليس بقولين؛ بل اللفظ يتناولهما معا؛ فإن الدلوك: هو الميل، ودلوك الشمس ميلها، ولهذا الميل: مبتدأ ومنتهى، فمبتدؤه الزوال، ومنتهاه الغروب، واللفظ متناول لهما بهذا الاعتبار). اهـ

قلت: فالآية عامة من ذلك كله، وهي دالة على معنيين.

أحدهما: الزوال.

والثاني: الغروب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى قسم التفسير» (ج15 ص11): (هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعا، فتأمله فإنه موضوع عظيم النفع، وقل ما يفطن له، وأكثر آيات القرآن دالة على معنيين فصاعدا فهي من هذا القبيل).([180])اهـ

قلت: فمعنى الدلوك في كلام العرب الزوال والميل عند الظهيرة، وعند الغروب.([181])

14) وعن عبد الله بن عمرو، أن نبي الله قال: (إذا صليتم الفجر، فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر، فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل).

 أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

15) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله t، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: (إن النبي r كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم) قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي r يفعله».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

16) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

17) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق). وفي رواية: (فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وفي «المجتبى» (ج1 ص620)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق هشام الدستوائي، وهمام بنيحيى، وحجاج الباهلي، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن  عبد  الله  بن  عمرو  t فذكره بألفاظ عندهم.

قلت: واشتمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على زيادة صحيحة في المواقيت، وهي: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)، فوجب قبولها، والمصير إليها، وأن ابتداء وقت صلاة المغرب يدخل إذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق وهي طالعة، ولم تغب بالكلية، ولا سيما الحديث من قول النبي r، والأحاديث الأخرى فعل منه r.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص75): (وليس عن النبي r حديث من قوله في المواقيت الخمس أصح منه). اهـ

ومعناه: أن وقت صلاة العصر ينتهي إلى أن يرى الناس الشمس صفراء أو حمراء طالعة في جهة الغروب، ولا تكون كذلك حتى ترى طالعة بقرب الأرض بعشر دقائق تقريبا، وقد اصفرت الشمس، أو يقول القائل: قد احمرت الشمس، وهذا هو وقت صلاة المغرب.

قلت: وهذا فيه دليل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض بحوالي عشر دقائق، وهذا الوقت لا يضر في إفطار الصائم فيه، لأن اليوم يعتبر بهذا القدر عند الشارع قد انتهى، فلا عبرة بخمس دقائق أو أدنى من ذلك، كما تدل على ذلك الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة، ولله الحمد. ([182])

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص235): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)؛ يعني: بقوله؛ ما لم تصفر: ما لم تدخلها صفرة، وظاهره: أن آخر وقت العصر قبل مخالطة الصفرة.

وهذا كما قال في حديث بريدة بن حصيب t: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، يعني: في اليوم الثاني). ([183]) اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص236): (قوله r:
 

(ويسقط قرنها الأول)؛ ([184]) فيه إشكال([185]) وذلك: أن قرن الشمس أعلاها، وهو أول ما يبدو منها في الطلوع، وأول ما يسقط منها في الغروب، كما قال r في هذه الرواية في وقت الفجر: (ما لم يطلع قرن الشمس الأول). اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص541): (وقرن الشمس الأول أول ما يبدو منها، واحترز به عما يلي الأرض). اهـ

وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج2 ص541): (قوله r: (إلى أن يطلع قرن الشمس الأول)؛ هو أول ما يبدو منها، واحترز به مما يلي الأرض). اهـ

قلت: فأول وقت صلاة المغرب، فقد ذكر في الأحاديث «الوقتين» أنه عند اصفرار الشمس، وهي طالعة؛ فهذا الوقت الأول، ثم عند غيبوبتها بالكلية، وهذا الوقت الثاني، وهذا ظاهر في حديث: عبد الله بن عمرو (ما لم تصفر الشمس)، وحديث: بريدة بن حصيب: (لم تخالطها صفرة)، وحديث: عبد الله بن مسعود y: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت).

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ؛ يعني: اصفرار الشمس.

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (وبأنه الاصفرار قال الجمهور). ([186]) اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (ولو قيل في الجمع بينهما إن المراد: بالاصفرار الغروب؛ لأنه يعني به مطلق الاصفرار، فاستظهر بجزء من النهار، كما استظهر بإمساك جزء من الليل في الصوم، وإن كان الأكل فيه جائزا، ويشهد بهذا الجمع قوله في «الأم»: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول)، فجمع بين الاصفرار([187]) والغروب([188]) لكان للنظر فيه مجال). اهـ

قلت: فقوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس).

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص242): (ففي هذا الأثر أن آخر وقتها، حين تصفر الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (ثبت أن آخر وقتها - يعني: صلاة المغرب - هو غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (فكان من حجة من ذهب إلى أن آخر وقتها إلى أن تتغير الشمس). اهـ يعني: وهي طالعة.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص575): (ويدخل وقت العصر؛ إلى أن تصفر الشمس وهذا وقت اختيار-، وإلى الغروب وهذا وقت ضرورة -، فإذا غرب حاجب الشمس الأعلى دخل وقت المغرب([189])، إلى أن يغيب الشفق الأحمر؛ يعني: إلى أن يصير مكان الغروب أبيض ليس فيه حمرة). اهـ

قلت: فذكر شيخنا ابن عثيمين / وقتين لصلاة المغرب، فالوقت الأول عند اصفرار قرص الشمس، وهي طالعة، والوقت الثاني عند خفاء قرص الشمس بالكلية، فنأخذ بقوله هذا لأنه موافق للسنة، والآثار، وكفى.

قلت: فإذا اصفر قرص الشمس في جهة المغرب، وهي مرتفعة عن الأرض بيسير قبل أن تختفي بالكلية، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص578): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول)؛ يفهم منه أن وقت الضرورة ما بين اصفرار الشمس، وسقوط القرن). اهـ

18) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قلت: فذكر النبي r أولا الغروب الكلي بقوله r: (ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس)، ثم أمره مرة ثانية بالغروب، والشمس طالعة، وهو نهاية وقت صلاة العصر، بقوله r: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية، لم تخالطها صفرة)؛ أي: إذا اصفرت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، وهذا يسمى عند العرب غروبا.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

* فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

* فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

19) وعن عبد الله بن مسعود t قال: (حبس المشركون رسول الله r عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت). وهي طالعة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (628)، وابن ماجه في «سننه» (686)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص392)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص297)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص246)، وفي «المسند» (301)، والترمذي في «سننه» (181)، والطيالسي في «المسند» (364)، والبزار في «المسند» (ج5 ص388)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج2 ص229)، وفي «حلية الأولياء» (ج4 ص165)، و(ج5 ص35)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص547)، و(ج9 ص196)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (163)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص573 و574)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص368)، والسراج في «المسند» (545)، و(546)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص301 و302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص465)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص174)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص228)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص86)، وابن الجوزي في «التحقيق» (348)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص460)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص480)، وفي «إثبات عذاب القبر» (199)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج1 ص125) من طريق زبيد اليامي عن مرة بن شراحيل عن عبد الله بن مسعود t به.

قلت: فقوله: (احمرت الشمس)؛ يعني: وقت غروب الشمس، وهو وقت صلاة المغرب، فبين t أن الشمس وهي طالعة في الأفق، وذلك في رؤيته أن الشمس احمرت واصفرت، وهي في الأفق بيسير عن الأرض، فرآها على هذا المستوى، وهو غروب الشمس الأول.

قلت: فهذه الأحاديث تدل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى غروب الشمس، وهو اصفرار الشمس وهي طالعة في الأفق مرتفعة عن الأرض؛ بيسير؛ بعشر دقائق تقريبا، وهذا الغروب الأول عند العرب، والغروب الثاني عند اختفاء قرص الشمس في الأرض.

قلت: فإذا اصفرت الشمس في الأفق، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قلت: فوقت المغرب: إذا غربت الشمس، وأفطر الصائم، وقتا واحدا لم يزل عليه النبي r، والصحابة y في حياتهم.

20) وعن أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى t: أن صل الظهر، إذا زاغت الشمس، والعصر والشمس بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة([190])، وأن صل المغرب إذا غربت الشمس).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص536)، والقعنبي في «الموطإ» (ص84)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص463)، وفي «الخلافيات» (ج2 ص196 و197)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص375)، والحدثاني في «الموطإ» (ص43 و44)، وابن بكير في «الموطإ» (ق/13/ط) من طرق عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وله شواهد.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص4): وهو حديث متصل ثابت عن عمر بن الخطاب t.

وأخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص535 و536 و537)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص319)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص328)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج2 ص41 إتحاف الخيرة)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص445)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص462)، والقعنبي في «الموطإ» (ص85)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، وهشام بن عمار في «عوالي مالك» (8)، والحنائي في «الحنائيات» (297)، والحدثاني في «الموطإ» (ص59) من طرق عن عمر بن الخطاب t به... فذكره بألفاظ عندهم.

21) وعن أسلم العدوي قال: (كتب عمر بن الخطاب t، أن وقت الظهر إذا كان الظل ذراعا إلى أن يستوي أحدكم بظله). يعني: مثله.

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص328) من طريق علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن أسلم العدوي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

22) وعن خشف بن مالك، قال: (كان عبد الله t يصلي الظهر، وأن الجنادب([191]) لتنفر من الرمضاء).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص324)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9278)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص358) من طريق سفيان، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

23) وعن أبي عثمان النهدي، قال: (كان عمر t، يصلي الظهر حين تزول الشمس).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (3211) من طريق جرير، عن التيمي، عن أبي عثمان النهدي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

24) وعن حبيب بن شهاب، عن أبيه، قال: سألت أبا هريرة t، عن وقت الظهر، فقال: (إذا زالت الشمس عن نصف النهار، وكان الظل قيد الشراك، فقد قامت الظهر).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص323) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن حبيب بن شهاب، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

25) وعن ابن عمر ، قال: (دلوك الشمس: زيغها بعد نصف النهار، وذلك وقت الظهر).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1ص543) من طريق الثوري، عن معمر، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

26) وعن جابر t قال: (الظهر كاسمها يقول: بالظهيرة).

أثر حسن

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص544) من طريق الثوري قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([192])

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق الله تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

* والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن»  (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([193])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول:

 اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([194])

قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: فردوه إلى ما تستحسنون). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([195])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فلا بد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

* إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك إلى تأويل بلا نص، ولا إجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([196])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([197])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([198]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)  من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).           

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على أن وقت صلاة العصر، يدخل في بداية كل شيء وظله بمثله، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة، أو حمرة، وأن نهاية وقت صلاة العصر إذا دخلت الصفرة، أو الحمرة: الشمس، وهي طالعة، قبل أن تغيب بالكلية، بعشر دقائق تقريبا، فإذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق، فإنه خرج وقت صلاة العصر، ودخل وقت صلاة المغرب

 

 

1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين: صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([199])

(2) وعن بريدة t عن النبي r: «أن رجلا سأله، عن وقت الصلاة، فقال له: صل معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب، حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر، والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب، قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم). وفي رواية: «وصلى الفجر فأسفر بها». وفي رواية: «فنور بالفجر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه به.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص384): (وأما العصر: ففيها وقت اختياري، ووقت ضروري، أما الاختياري: فمن أول الوقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا اصفرت الشمس فهذا هو وقت الضرورة إلى أن تغيب الشمس، ولا يجوز التأخير إليه، فإن صلاها في ذلك الوقت؛ فقد أداها في الوقت، لكن لا يجوز التأخير؛ لأن النبي r قال: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس)، ويقول r في المنافق: (تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقرها أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا)، ([200]) فذكر r أن التأخير هو وصف المنافقين، فالمؤمن لا يؤخرها إلى أن تصفر الشمس، بل يبادر فيصليها قبل أن تصفر الشمس في وقت الاختيار). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص29): (وقت العصر يدخل؛ بانتهاء وقت الظهر مباشرة، وينتهي باصفرار الشمس؛ لقوله: «ما لم تصفر الشمس»). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص109): (يسن في صلاة العصر تعجيلها في أول الوقت، وذلك لما يلي:

1) لعموم الأدلة الدالة على المبادرة إلى فعل الخير، كما في قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [البقرة: 148].

2 ) ما ثبت أن الصلاة في أول وقتها أفضل). اهـ

(3) وعن جابر بن عبد الله t قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي r حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، [ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل فصلى المغرب]([201])، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([202])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث حسن لغيره

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص263)، والترمذي في «سننه» (150)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص330)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص195)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص368)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، وابن حبان في «صحيحه» (1470)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (152)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص24)، وابن الجوزي في «التحقيق» (314)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص137 و138)، وتمام الرازي في «الفوائد» (327)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (135)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (6)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص147)، وفي «أحكام القرآن» (283)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص78)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص192)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص211)، وابن المقرئ في «الأربعين» (28)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص361)، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص338)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص545)، وعبد الحق في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص581) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن لغيره، لبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([203])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل / في «المسائل» (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبو موسى، وأبو برزة، وأبو هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: «ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره»، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

قلت: فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

4) وعن أبي موسى t عن رسول الله r: (أنه أتاه سائل، يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس  لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر، حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

5) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا، [ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم] ([204])، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم).

 حديث حسن لغيره

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (150)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص194)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193 و202)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص26)، والسراج في «المسند» (972)، وفي «حديثه» (1335)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج5 ص147)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص185)، والبزار في «المسند» (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة t به.

قلت: وإسناده حسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص255)، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (87): سألت محمدا البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.

وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص269): إسناده حسن.

6) وعن عبد الله بن عمرو، أن نبي الله قال: (إذا صليتم الفجر، فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر، فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص21): (وقوله r: (وكان ظل الرجل كطوله)، الواو عاطفة، على قوله r: (إذا زالت الشمس)، والمعنى: حتى يكون ظل الرجل كطوله؛ يعني: لو وقف الرجل عند زوال الشمس وحد حدا، ثم امتد الظل حتى صار من هذا الحد، إلى منتهى الظل على طول الرجل، فهنا يكون قد انتهى وقت الظهر.

* وقوله r: (ما لم يحضر وقت العصر)، يعني: إلى أن يحضر وقت العصر؛ أي: أنه يحضر وقت العصر، من حين خروج وقت الظهر، فليس هناك وقت مشترك بين صلاة الظهر والعصر.

* وقوله r: (ما لم تصفر الشمس)، يعني: ما لم تكن صفراء؛ لأنه من المعلوم أن الشمس بيضاء لا تدركها العين، فإذا غربت من الغروب صارت صفراء، وإذا اصفرت خرج وقت العصر). اهـ

7) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله t، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: (إن النبي r كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم) قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي r يفعله».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قلت: ووقت صلاة العصر يمتد إلى قبيل اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق عن الأرض بيسير بعشر دقائق تقريبا، وهذا دخول وقت صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

8) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

9) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق).

وفي رواية: (فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وفي «المجتبى» (ج1 ص620)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في « صحيحه » (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق هشام الدستوائي، وهمام بن يحيى، وحجاج الباهلي، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن  عبد  الله  بن  عمرو  t فذكره بألفاظ عندهم.

قلت: واشتمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على زيادة صحيحة في المواقيت، وهي: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)، فوجب قبولها، والمصير إليها، وأن ابتداء وقت صلاة المغرب يدخل إذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق وهي طالعة، ولم تغب بالكلية، ولا سيما الحديث من قول النبي r، والأحاديث الأخرى فعل منه r.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص75): (وليس عن النبي r حديث من قوله في المواقيت الخمس أصح منه). اهـ

ومعناه: أن وقت صلاة العصر ينتهي إلى أن يرى الناس الشمس صفراء أو حمراء طالعة في جهة الغروب، ولا تكون كذلك حتى ترى طالعة بقرب الأرض بعشر دقائق تقريبا، وقد اصفرت الشمس، أو يقول القائل: قد احمرت الشمس، وهذا هو وقت صلاة المغرب.

قلت: وهذا فيه دليل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض بحوالي عشر دقائق، وهذا الوقت لا يضر في إفطار الصائم فيه، لأن اليوم يعتبر بهذا القدر عند الشارع قد انتهى، فلا عبرة بخمس دقائق أو أدنى من ذلك، كما تدل على ذلك الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة، ولله الحمد. ([205])

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص235): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)؛ يعني: بقوله؛ ما لم تصفر: ما لم تدخلها صفرة، وظاهره: أن آخر وقت العصر قبل مخالطة الصفرة.

وهذا كما قال في حديث بريدة بن حصيب t: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، يعني: في اليوم الثاني). ([206]) اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص236): (قوله r:
 

(ويسقط قرنها الأول)؛ ([207]) فيه إشكال([208]) وذلك: أن قرن الشمس أعلاها، وهو أول ما يبدو منها في الطلوع، وأول ما يسقط منها في الغروب، كما قال r في هذه الرواية في وقت الفجر: (ما لم يطلع قرن الشمس الأول). اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص541): (وقرن الشمس الأول أول ما يبدو منها، واحترز به عما يلي الأرض). اهـ

وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج2 ص541): (قوله r: (إلى أن يطلع قرن الشمس الأول)؛ هو أول ما يبدو منها، واحترز به مما يلي الأرض). اهـ

قلت: فأول وقت صلاة المغرب، فقد ذكر في الأحاديث «الوقتين» أنه عند اصفرار الشمس، وهي طالعة؛ فهذا الوقت الأول، ثم عند غيبوبتها بالكلية، فهذا الوقت الثاني، وهذا ظاهر في حديث: عبد الله بن عمرو (ما لم تصفر الشمس)، وحديث: بريدة بن حصيب: (لم تخالطها صفرة)، وحديث: عبد الله بن مسعود y: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت).

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ؛ يعني: اصفرار الشمس.

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (وبأنه الاصفرار قال الجمهور). ([209]) اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (ولو قيل في الجمع بينهما إن المراد: بالاصفرار الغروب؛ لأنه يعني به مطلق الاصفرار، فاستظهر بجزء من النهار، كما استظهر بإمساك جزء من الليل في الصوم، وإن كان الأكل فيه جائزا، ويشهد بهذا الجمع قوله في «الأم»: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول)، فجمع بين الاصفرار([210]) والغروب([211]) لكان للنظر فيه مجال). اهـ

قلت: فقوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس).

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص242): (ففي هذا الأثر أن آخر وقتها، حين تصفر الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (ثبت أن آخر وقتها - يعني: صلاة المغرب - هو غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (فكان من حجة من ذهب إلى أن آخر وقتها إلى أن تتغير الشمس). اهـ يعني: وهي طالعة.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص575): (ويدخل وقت العصر؛ إلى أن تصفر الشمس وهذا وقت اختيار-، وإلى الغروب وهذا وقت ضرورة -، فإذا غرب حاجب الشمس الأعلى دخل وقت المغرب([212])، إلى أن يغيب الشفق الأحمر؛ يعني: إلى أن يصير مكان الغروب أبيض ليس فيه حمرة). اهـ

قلت: فذكر شيخنا ابن عثيمين / وقتين لصلاة المغرب، فالوقت الأول عند اصفرار قرص الشمس، وهي طالعة، والوقت الثاني عند خفاء قرص الشمس بالكلية، فنأخذ بقوله هذا لأنه موافق للسنة، والآثار، وكفى.

قلت: فإذا اصفر قرص الشمس في جهة المغرب، وهي مرتفعة عن الأرض بيسير قبل أن تختفي بالكلية، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص578): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول)؛ يفهم منه أن وقت الضرورة ما بين اصفرار الشمس، وسقوط القرن). اهـ

10) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قلت: فذكر النبي r أولا الغروب الكلي بقوله r: (ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس)، ثم أمره مرة ثانية بالغروب، والشمس طالعة، وهو نهاية وقت صلاة العصر، بقوله r: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية، لم تخالطها صفرة)؛ أي: إذا اصفرت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، وهذا يسمى عند العرب غروبا. 

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

* فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

* فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

11) وعن عبد الله بن مسعود t قال: (حبس المشركون رسول الله r عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت). وهي طالعة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (628)، وابن ماجه في «سننه» (686)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص392)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص297)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص246)، وفي «المسند» (301)، والترمذي في «سننه» (181)، والطيالسي في «المسند» (364)، والبزار في «المسند» (ج5 ص388)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج2 ص229)، وفي «حلية الأولياء» (ج4 ص165)، و(ج5 ص35)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص547)، و(ج9 ص196)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (163)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص573 و574)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص368)، والسراج في «المسند» (545)، و(546)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص301 و302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص465)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص174)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص228)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص86)، وابن الجوزي في «التحقيق» (348)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص460)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص480)، وفي «إثبات عذاب القبر» (199)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج1 ص125) من طريق زبيد اليامي عن مرة بن شراحيل عن عبد الله بن مسعود t به.

قلت: فقوله: (احمرت الشمس)؛ يعني: وقت غروب الشمس، وهو وقت صلاة المغرب، فبين t أن الشمس وهي طالعة في الأفق، وذلك في رؤيته أن الشمس احمرت واصفرت، وهي في الأفق بيسير عن الأرض، فرآها على هذا المستوى، وهو غروب الشمس الأول.

قلت: فهذه الأحاديث تدل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى غروب الشمس، وهو اصفرار الشمس وهي طالعة في الأفق مرتفعة عن الأرض؛ بيسير؛ بعشر دقائق تقريبا، وهذا الغروب الأول عند العرب، والغروب الثاني عند اختفاء قرص الشمس في الأرض.

قلت: فإذا اصفرت الشمس في الأفق، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قلت: فوقت المغرب: إذا غربت الشمس، وأفطر الصائم، وقتا واحدا لم يزل عليه النبي r، والصحابة y في حياتهم.

12) وعن أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى t: أن صل الظهر، إذا زاغت الشمس، والعصر والشمس بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة([213])، وأن صل المغرب إذا غربت الشمس).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص536)، والقعنبي في «الموطإ» (ص84)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص463)، وفي «الخلافيات» (ج2 ص196 و197)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص375)، والحدثاني في «الموطإ» (ص43 و44)، وابن بكير في «الموطإ» (ق/13/ط) من طرق عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وله شواهد.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص4): وهو حديث متصل ثابت عن عمر بن الخطاب t.

وأخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص535 و536 و537)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص319)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص328)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج2 ص41 إتحاف الخيرة)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص445)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص462)، والقعنبي في «الموطإ» (ص85)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، وهشام بن عمار في «عوالي مالك» (8)، والحنائي في «الحنائيات» (297)، والحدثاني في «الموطإ» (ص59) من طرق عن عمر بن الخطاب t به... فذكره بألفاظ عندهم.

13) وعن عائشة ڤ، قالت: (كان رسول الله r يصلي العصر، والشمس لم تخرج من حجرتها). وفي رواية: (أن رسول الله r صلى العصر، والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها). وفي رواية: (كان النبي r يصلي العصر والشمس طالعة في حجرتي، لم يظهر الفيء بعد). وفي رواية: (من قعر حجرتها).([214]) وفي رواية: (والشمس واقعة في حجرتي).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (522)، و(544)، و(545)، و(546)، و(3103)، ومسلم في «صحيحه» (611)، وأبو داود في «سننه» (407)، والترمذي في «سننه» (1159)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص252)، وابن ماجه في «سننه» (683)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص38 و85 و199 و204 و278)، ومالك في «الموطإ» (2)، والحميدي في «المسند» (170)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص548 و549)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص287)، وابن بكير في «الموطإ» (ج1 ص75)، وابن راهويه في «المسند» (ج2 ص108 و144 و145 و347)، وأبو يعلى في «المسند» (ج7 ص393 و455)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص363 و441 و442)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص396 و459)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (2)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص285)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (154)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص192 و193)، والحدثاني في «الموطإ» (3)، والخطيب في «الكفاية» (396)، وفي «الفصل للوصل المدرج في النقل» (ج2 ص631 و634 و636 و637)، وفي «الأسماء المبهمة» (ج4 ص238)، والقعنبي في «الموطإ» (5)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص285 و286 و292 و293)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (146)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص207 و208)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص170 و171)، ومحمد بن الحسن في «الموطإ» (2)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص300 و387)، والسراج في «حديثه» (1634)، و(1639)، و(1640)، و(1641)، وفي «المسند» (1055)، و(1060)، و(1061)، و(1062)، والخطابي في «غريب الحديث» (ج1 ص190 و191)، والطبراني في «مسند الشاميين» (ج4 ص118 و197)، والجوهري في «مسند الموطإ» (160)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص363)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص98 و99)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص565)، والجوزقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج2 ص42)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص223)، وابن القاسم في «الموطإ» (45)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص109)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص256 و257) من طريق الزهري، وهشام بن عروة؛ كلاهما؛ عن عروة بن الزبير به.

وبوب الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193)؛ تعجيل العصر.

قلت: وهذه الروايات يفسر بعضها بعضا، وهي تدل على تعجيل النبي r لصلاة العصر.

ومعنى ذلك: أن الشمس ما زالت في قعر حجرتها، لم يصعد الفيء بعد إلى الحيطان.([215])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص25): (ومحصله: أن المراد بظهور الشمس خروجها من الحجرة وبظهور الفيء انبساطه في الحجرة).اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص25): (والمستفاد من هذا الحديث تعجيل صلاة العصر في أول وقتها وهذا هو الذي فهمته عائشة ڤ).اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص578): (هذا يدل على أن الرسول r، كان يبادر بصلاة العصر.

* وأن من المساجد من يؤخر في صلاة العصر؛ لأنهم يخرجون من المسجد النبوي، إلى مسجد بني عمرو بن عوف، فيجدونهم يصلون العصر). اهـ

قلت: لا فاصل بين وقت صلاة الظهر، ووقت صلاة العصر، فيدخل وقت صلاة العصر مباشرة؛ إذ لو كان هناك فاصل، فلا موالاة، وأنه لا اشتراك بين الوقتين.([216])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص106): (والصحيح: أنه لا اشتراك، ولا انفصال، فإذا خرج وقت الظهر، دخل وقت العصر). اهـ

قلت: فيلي وقت الظهر، وقت العصر؛ فلا فاصل بين الوقتين.

14) وعن أبي برزة t، (كان النبي r يصلي الصبح، وأحدنا يعرف جليسه([217])، ويقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة، ويصلي الظهر إذا زالت الشمس، والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة، رجع والشمس حية - ونسيت([218]) ما قال في المغرب - ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، ثم قال: إلى شطر الليل). وفي رواية: (كان رسول الله r يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة، ويرجع والشمس حية).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (541)، ومسلم في «صحيحه» (647)، وأبو داود في «سننه» (398)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص246)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص223)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص25)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج6 ص132)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج62 ص98)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص188)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص256)، والشافعي في «الأم» (ج8 ص477)، وفي «المسند» (387)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص178)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص369)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص241)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص392)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص425)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، و(ج4 ص329)، وفي «مشكل الآثار» (ج10 ص193)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص436)، والبزار في «المسند» (ج9 ص299)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص567)، والسراج في «المسند» (139)، وفي «حديثه» (1660)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص219 و220)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص346)، والروياني في «المسند» (1315)، والطيالسي في «المسند» (962)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص183)، والترمذي في «سننه» (168)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص370)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص417)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (107)، وابن الجوزي في «التحقيق» (333)، وفي «الحدائق» (ج2 ص81)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص213)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص561)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281) من طرق عن أبي المنهال عن أبي برزة ط به.

15) وعن أنس بن مالك t قال: (كان رسول الله r يصلي العصر والشمس مرتفعة حية([219])، فيذهب الذاهب إلى العوالي([220])، فيأتيهم والشمس مرتفعة)؛ وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال([221]) أو نحوه، وهو مدرج من قول الزهري.

أخرجه البخاري في «صحيحه» (550)، و(551)، و(7329)، ومسلم في «صحيحه» (621)، وأبو داود في «سننه» (404)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1507)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص252 و253)، وابن ماجه في «سننه» (682)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص161 و214 و217 و223)، ومالك في «الموطأ» (11)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص161 و162)، وفي «المسند» (28)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص564)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (11)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص440)، وفي «الخلافيات» (1356)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص457)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص190)، وابن المنذر في «الأوسط» (1014)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص293)، ومحمد بن الحسن في «الموطإ» (3)، وابن جميع في «حديثه» (1)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص468)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج1 ص93)، والبزار في «المسند» (6292)، و(6293)، والجوهري في «مسند الموطإ» (122)، و(124)، والسراج في «حديثه» (1624)، و(1629)، وفي «المسند» (1049)، وأبو عمرو الداني في «علوم الحديث» (10)، وابن بكير في «الموطإ» (ج1 ص83)، والبغوي في «شرح السنة» (365)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص258)، والحداد في «جامع الصحيحين» (482)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص297)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص288)، والمحاملي في «المحامليات» (297)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص253)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص385 و388)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص547)، والقعنبي في «الموطإ» (12)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص217)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص281 و288 و289)، وابن البختري في «ستة مجالس من أماليه» (16)، والطبراني في «مسند الشاميين» (ج1 ص63)، و(ج4 ص151)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج3 ص78 و79)، والذهبي في «السير» (ج17 ص551)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص70)، و(ج43 ص201)، وابن الجوزي في «التحقيق» (339)، وفي «الحدائق» (ج2 ص82)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص270)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص226)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص347)، والجوزقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج2 ص42)، وابن البناء في «الجزء الخامس من مشيخته» (ق/8/ط: المدونة الكبرى؛ بمملكة البحرين)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص324)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566) من طرق عن الزهري قال: حدثني أنس بن مالك t به.

قال الإمام الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج1 ص426): (حياة الشمس: بقاء حرها لم يفتر، ونقاء لونها لم يتغير). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص27): (والشمس حية؛ أي: بيضاء نقية). اهـ

16) وعن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي -إمام ثقة، أحد كبار التابعين- قال: (يصلى العصر، والشمس بيضاء حية، وحياتها أن تجد حرها).

أثر صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (406)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص288)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص440 و441).

وإسناده صحيح.

17) وعن الزهري / قال: (والعوالي على ميلين، أو ثلاثة قال: وأحسبه قال: أو أربعة).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (2069)، وأبو داود في «سننه» (405)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص161)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص440)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص190)، والسراج في «حديثه» (1627)، وفي «المسند» (1048)، وابن الجوزي في «التحقيق» (339)، والمحاملي في «المحامليات» (297).

وإسناده صحيح.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص579): (الميل: كيلو، ونصف تقريبا، فأربعة أميال، تعادل: ستة كيلو، أو زيادة). اهـ

17) وعن جابر بن عبد الله t قال: (الظهر كاسمها، والعصر بيضاء حية، والمغرب كاسمها، وكنا نصلي مع رسول الله r المغرب، ثم نأتي منازلنا، وهي على قدر ميل، فنرى مواقع النبل، وكان يعجل العشاء ويؤخر، والفجر كاسمها، وكان يغلس بها).

أثر حسن

أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص303 و369)، والسري بن يحيى في «حديث الثوري» (21)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص360)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص552)، وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (ج2 ص166)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص79 و114) من طريق سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: ولا بأس بأهل الأعذار أحيانا أن يصلوا صلاة العصر في وسط الوقت من الرجال والنساء من أجل مشاغلهم، وغيرها، لما أبيح لهم من سعة الوقت في حياتهم.

فعن أنس بن مالك t قال: (كنا نصلي العصر، ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف، فيجدهم يصلون العصر).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (548)، ومسلم في «صحيحه» (621)، ومالك في «الموطإ» (10)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص190)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص294)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (9)، والبغوي في «شرح السنة» (365)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص443)، والحدثاني في «الموطإ» (7)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص217)، والسراج في «حديثه» (1630)، وفي «المسند» (1051)، والقعنبي في «الموطإ» (12)، والجوهري في «مسند الموطإ» (ص261)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص253)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص252)، وابن بكير في «الموطإ» (ج1 ص82)، وعبد الرزاق في «المصنف» (549)، وعبد الرحمن بن القاسم في «الموطإ» (122)، ومحمد بن الحسن في «الموطإ» (4)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص225)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص347) من طريق مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك t به.

قال الحافظ الجوهري / في «مسند الموطإ» (ص262): (هذا حديث موقوف، وقد رواه في غير: «الموطإ»: عبد الله بن المبارك، عن مالك مسندا).اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج1 ص216): (هذا يدخل في المسند، وهو الأغلب من أمره.

 وكذلك؛ رواه جماعة: الرواة «للموطإ» عن مالك.

* وقد رواه عبد الله بن المبارك([222]) عن مالك عن إسحاق عن أنس t قال: (كنا نصلي العصر مع رسول الله r) فذكره مسندا.([223])

وكذلك: رواه عتيق بن يعقوب الزبيري عن مالك كرواية ابن المبارك.

 * ومعنى هذا الحديث السعة في وقت العصر، وأن الناس في ذلك الوقت، وهم: أصحاب رسول الله r، لم تكن صلاتهم في فور واحد؛ لعلمهم بما أبيح لهم من سعة الوقت). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص101): (والرواية المشهورة: عن مالك في معنى المرفوع؛ لأن أنسا t، إنما أخرجه في مخرج الاستدلال به على تعجيل العصر.

وفي الحديث: دليل على جواز تأخير العصر، ما لم يدخل وقت الكراهة؛ فإن الصحابة فيهم من كان يؤخرها عن صلاة النبي r في عهده([224])، والظاهر: أنه كان r يعلم ذلك، ويقر عليه). اهـ

قلت: وهذا الحديث يدل على تعجيل صلاة رسول الله r، وكانت صلاة بني عمرو في وسط الوقت، وتأخير بني عمرو؛ لصلاة العصر أحيانا، لكونهم أهل أعمال في حروثهم، وزروعهم، وغير ذلك.

* فإذا فرغوا من أعمالهم: تأهبوا للصلاة، ثم يجتمعون لها، فتتأخر صلاتهم إلى وسط الوقت، لهذا المعنى.([225])

قال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص225): (وهذا الحديث موقوف لفظا مرفوع حكما، لأن الصحابي أورده في مقام الاحتجاج). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج5 ص122): (قال العلماء: منازل بني عمرو بن عوف على ميلين من المدينة.

* وهذا يدل على المبالغة في تعجيل صلاة رسول الله r، وكانت صلاة بني عمرو في وسط الوقت، ولولا هذا لم يكن فيه حجة، ولعل تأخير بني عمرو، لكونهم: كانوا أهل أعمال في حروثهم، وزروعهم، وحوائطهم، فإذا فرغوا من أعمالهم تأهبوا للصلاة بالطهارة، وغيرها، ثم اجتمعوا لها، فتتأخر صلاتهم إلى وسط الوقت لهذا المعنى.

* وفي هذه الأحاديث وما بعدها دليل؛ لمذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء: أن وقت العصر يدخل إذا صار ظل كل شيء مثله.

وقال أبو حنيفة: لا يدخل حتى يصير ظل الشيء مثليه.

وهذه الأحاديث حجة للجماعة عليه مع حديث ابن عباس t في بيان المواقيت، وحديث جابر، وغير ذلك). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج5 ص124): (هذان الحديثان صريحان في التبكير بصلاة العصر في أول وقتها، وأن وقتها يدخل بمصير ظل الشيء مثله). اهـ

18) وعن أبي أمامة بن سهل t، يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك t فوجدناه يصلي العصر، فقلت: يا عم ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: (العصر، وهذه صلاة رسول الله r التي كنا نصلي معه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (549)، ومسلم في «صحيحه» (623)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص253)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص294)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص383)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص218)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص443)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص348)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص567)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج8 ص149)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص225)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج33 ص122) من طريق أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل به.

وأخرجه النسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص253) من طريق أبي علقمة المدني قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال: (صلينا في زمان عمر بن عبد العزيز، ثم انصرفنا إلى أنس بن مالك t فوجدناه يصلي، فلما انصرف قال لنا: (صليتم؟) قلنا: صلينا الظهر. قال: (إني صليت العصر). فقولوا له: عجلت. فقال: (إنما أصلي كما رأيت أصحابي يصلون).

وإسناده حسن.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص35): (وفي القصة: دليل على أن عمر بن عبد العزيز كان يصلي الصلاة في آخر وقتها تبعا لسلفه إلى أن أنكر عليه عروة بن الزبير فرجع إليه كما تقدم.

* وإنما أنكر عليه عروة بن الزبير في العصر دون الظهر؛ لأن وقت الظهر لا كراهة فيه بخلاف وقت العصر.

 * وفيه دليل: على صلاة العصر في أول وقتها أيضا، وهو عند انتهاء وقت الظهر، ولهذا تشكك أبو أمامة t في صلاة أنس t أهي الظهر، أو العصر، فيدل أيضا على عدم الفاصلة بين الوقتين). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص102): (وصلاة: عمر بن عبد العزيز، هذه كانت بالمدينة، حيث كان أميرا من قبل: «الوليد».

* وقد تقدم أنه حينئذ لم يكن عنده علم من مواقيت الصلاة المسنونة، فكان يجري على عادة أهل بيته، وعموم الناس معهم في تأخير الصلاة أحيانا.

* فلما بلغته السنة: اجتهد حينئذ على العمل بها، ولكنه لم يعمل القيام بها على وجهها إلا في أيام خلافته، فإنه بالغ حينئذ في إقامة الحق على وجهه، ولم يترخص في شيء مما يقدر عليه، ولا أخذته في الله لومة لائم). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص25): (والمستفاد من هذا الحديث: تعجيل صلاة العصر في أول وقتها، وهذا هو الذي فهمته عائشة ڤ، وكذا الراوي عنها، عروة بن الزبير، واحتج به على عمر بن عبد العزيز في تأخيره صلاة العصر). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج5 ص124): (هذان الحديثان صريحان في التبكير بصلاة العصر في أول وقتها، وأن وقتها يدخل بمصير ظل الشيء مثله). اهـ

19) وعن أسلم العدوي، قال: (كتب عمر بن الخطاب t أن وقت العصر والشمس بيضاء نقية بقدر ما يسير الراكب: فرسخين([226]) أو ثلاثة).

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص362) من طريق علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن أسلم به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

20) وعن ابن جريج، قال: قلت لنافع: متى كان ابن عمر t يصلي العصر؟ قال: (والشمس بيضاء لم تتغير من أسرع السير سار قبل الليل خمسة أميال).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (55011)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص363) من طريق ابن جريج به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

21) وعن ثابت بن عبيد قال: سألت أنسا t عن وقت العصر، فقال: (وقتها أن تسير ستة أميال([227])، إلى أن تغرب الشمس).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (32811) من طريق وكيع، عن يزيد بن مردانبة، عن ثابت بن عبيد به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([228])

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق الله تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

* والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن»  (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([229])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول:

 اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([230])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: فردوه إلى ما تستحسنون). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([231])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فلا بد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

* إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك إلى تأويل بلا نص، ولا إجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([232])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([233])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([234]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620) من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).   

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

    

من تمسك بالسنة نجا

ذكر الدليل

على تعيين غروب الشمس لدخول وقت صلاة المغرب والذي يسن للصائم تعجيل فطره عنده، وتعجيل فطره بمغيب قرص الشمس كله، وله تعجيل فطره أحيانا قبل مغيب قرص الشمس بيسير، وذلك عند تقارب غروبها، لأن الأمر فيه سعة؛ بل هذا يسمى غروبا في الدين فلا نحجر واسعا([235])

 

 

1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين: صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([236])

(2) وعن بريدة t عن النبي r: «أن رجلا سأله، عن وقت الصلاة، فقال له: صل معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب، حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر، والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب، قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم). وفي رواية: «وصلى الفجر فأسفر بها». وفي رواية: «فنور بالفجر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإلمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص384): (وأما المغرب: فوقته كله وقت اختيار أيضا، من حين تغرب الشمس إلى أن يغيب الشفق، كله وقت اختيار، لكن تقديمها في أول الوقت أفضل؛ لأن النبي كان يصليها في أول الوقت عليه الصلاة والسلام، إذا غربت الشمس وأذن المؤذن أخر قليلا، ثم أقام عليه الصلاة والسلام، وصلاها في أول الوقت، ولو أخرها بعض الشيء؛ فلا بأس، ما دام أداها في وقتها، ووقتها ينتهي بغياب الشفق، فإذا غاب الشفق - وهو: الحمرة في جهة المغرب - انتهى وقت المغرب، ودخل وقت العشاء إلى نصف الليل). اهـ

(3) وعن جابر بن عبد الله t قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي r حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، [ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل فصلى المغرب]([237])، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([238])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث حسن لغيره

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص263)، والترمذي في «سننه» (150)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص330)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص195)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص368)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، وابن حبان في «صحيحه» (1470)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (152)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص24)، وابن الجوزي في «التحقيق» (314)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص137 و138)، وتمام الرازي في «الفوائد» (327)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (135)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (6)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص147)، وفي «أحكام القرآن» (283)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص78)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص192)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص211)، وابن المقرئ في «الأربعين» (28)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص361)، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص338)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص545)، وعبد الحق في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص581) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن لغيره، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([239])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل / في «المسائل» (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

* وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبو موسى، وأبو برزة، وأبو هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: «ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره»، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

قلت: فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

4) وعن أبي موسى t عن رسول الله r: (أنه أتاه سائل، يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس  لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل، يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر، حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

5) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا، [ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم]([240])، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم).

 حديث حسن لغيره

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (150)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص194)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193 و202)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص26)، والسراج في «المسند» (972)، وفي «حديثه» (1335)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج5 ص147)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص185)، والبزار في «المسند» (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة t به.

قلت: وإسناده حسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص255)، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (87): سألت محمدا البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.

وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص269): إسناده حسن.

6) وعن عبد الله بن عمرو، أن نبي الله قال: (إذا صليتم الفجر، فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر، فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

7) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله t، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: (إن النبي r كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم) قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي r يفعله».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قلت: ووقت صلاة العصر يمتد إلى قبيل اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق عن الأرض بيسير بعشر دقائق تقريبا، وهذا دخول وقت صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

8) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

9) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق).

وفي رواية: (فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وفي «المجتبى» (ج1 ص620)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في « صحيحه » (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق هشام الدستوائي، وهمام بن يحيى، وحجاج الباهلي، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن  عبد  الله  بن  عمرو  t فذكره بألفاظ عندهم.

قلت: واشتمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على زيادة صحيحة في المواقيت، وهي: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)، فوجب قبولها، والمصير إليها، وأن ابتداء وقت صلاة المغرب يدخل إذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق وهي طالعة، ولم تغب بالكلية، ولا سيما الحديث من قول النبي r، والأحاديث الأخرى فعل منه r.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص75): (وليس عن النبي r حديث من قوله في المواقيت الخمس أصح منه). اهـ

ومعناه: أن وقت صلاة العصر ينتهي إلى أن يرى الناس الشمس صفراء أو حمراء طالعة في جهة الغروب، ولا تكون كذلك حتى ترى طالعة بقرب الأرض بعشر دقائق تقريبا، وقد اصفرت الشمس، أو يقول القائل: قد احمرت الشمس، وهذا هو وقت صلاة المغرب.

قلت: وهذا فيه دليل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض بحوالي عشر دقائق، وهذا الوقت لا يضر في إفطار الصائم فيه، لأن اليوم يعتبر بهذا القدر عند الشارع قد انتهى، فلا عبرة بعشر دقائق أو أدنى من ذلك، كما تدل على ذلك الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة، ولله الحمد. ([241])

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص235): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)؛ يعني: بقوله؛ ما لم تصفر: ما لم تدخلها صفرة، وظاهره: أن آخر وقت العصر قبل مخالطة الصفرة.

* وهذا كما قال في حديث بريدة بن حصيب t: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، يعني: في اليوم الثاني). ([242]) اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص236): (قوله r:
 

(ويسقط قرنها الأول)؛ ([243]) فيه إشكال([244]) وذلك: أن قرن الشمس أعلاها، وهو أول ما يبدو منها في الطلوع، وأول ما يسقط منها في الغروب، كما قال r في هذه الرواية في وقت الفجر: (ما لم يطلع قرن الشمس الأول). اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص541): (وقرن الشمس الأول أول ما يبدو منها، واحترز به عما يلي الأرض). اهـ

وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج2 ص541): (قوله r: (إلى أن يطلع قرن الشمس الأول)؛ هو أول ما يبدو منها، واحترز به مما يلي الأرض). اهـ

قلت: فأول وقت صلاة المغرب، فقد ذكر في الأحاديث «الوقتين» أنه عند اصفرار الشمس، وهي طالعة؛ فهذا الوقت الأول، ثم عند غيبوبتها بالكلية، وفهذا الوقت الثاني، وهذا ظاهر في حديث: عبد الله بن عمرو (ما لم تصفر الشمس)، وحديث: بريدة بن حصيب: (لم تخالطها صفرة)، وحديث: عبدالله بن مسعود y: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت).

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ؛ يعني: اصفرار الشمس.

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (وبأنه الاصفرار قال الجمهور). ([245]) اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (ولو قيل في الجمع بينهما إن المراد: بالاصفرار الغروب؛ لأنه يعني به مطلق الاصفرار، فاستظهر بجزء من النهار، كما استظهر بإمساك جزء من الليل في الصوم، وإن كان الأكل فيه جائزا، ويشهد بهذا الجمع قوله في «الأم»: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول)، فجمع بين الاصفرار([246]) والغروب([247]) لكان للنظر فيه مجال). اهـ

قلت: فقوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس).

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص242): (ففي هذا الأثر أن آخر وقتها، حين تصفر الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (ثبت أن آخر وقتها - يعني: صلاة المغرب - هو غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (فكان من حجة من ذهب إلى أن آخر وقتها إلى أن تتغير الشمس). اهـ يعني: وهي طالعة.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص575): (ويدخل وقت العصر؛ إلى أن تصفر الشمس وهذا وقت اختيار-، وإلى الغروب وهذا وقت ضرورة -، فإذا غرب حاجب الشمس الأعلى دخل وقت المغرب([248])، إلى أن يغيب الشفق الأحمر؛ يعني: إلى أن يصير مكان الغروب أبيض ليس فيه حمرة). اهـ

قلت: فذكر شيخنا ابن عثيمين / وقتين لصلاة المغرب، فالوقت الأول عند اصفرار قرص الشمس، وهي طالعة، والوقت الثاني عند خفاء قرص الشمس بالكلية، فنأخذ بقوله هذا لأنه موافق للسنة، والآثار، وكفى.

قلت: فإذا اصفر قرص الشمس في جهة المغرب، وهي مرتفعة عن الأرض بيسير قبل أن تختفي بالكلية، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص578): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول)؛ يفهم منه أن وقت الضرورة ما بين اصفرار الشمس، وسقوط القرن). اهـ

10) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قلت: فذكر النبي r أولا الغروب الكلي بقوله r: (ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس)، ثم أمره مرة ثانية بالغروب، والشمس طالعة، وهو نهاية وقت صلاة العصر، بقوله r: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية، لم تخالطها صفرة)؛ أي: إذا اصفرت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، وهذا يسمى عند العرب غروبا. 

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

* فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

* فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

11) وعن عبد الله بن مسعود t قال: (حبس المشركون رسول الله r عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت). وهي طالعة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (628)، وابن ماجه في «سننه» (686)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص392)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص297)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص246)، وفي «المسند» (301)، والترمذي في «سننه» (181)، والطيالسي في «المسند» (364)، والبزار في «المسند» (ج5 ص388)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج2 ص229)، وفي «حلية الأولياء» (ج4 ص165)، و(ج5 ص35)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص547)، و(ج9 ص196)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (163)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص573 و574)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص368)، والسراج في «المسند» (545)، و(546)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص301 و302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص465)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص174)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص228)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص86)، وابن الجوزي في «التحقيق» (348)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص460)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص480)، وفي «إثبات عذاب القبر» (199)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج1 ص125) من طريق زبيد اليامي عن مرة بن شراحيل عن عبد الله بن مسعود t به.

قلت: فقوله: (احمرت الشمس)؛ يعني: وقت غروب الشمس، وهو وقت صلاة المغرب، فبين t أن الشمس وهي طالعة في الأفق، وذلك في رؤيته أن الشمس احمرت واصفرت، وهي في الأفق بيسير عن الأرض، فرآها على هذا المستوى، وهو غروب الشمس الأول.

قلت: فهذه الأحاديث تدل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى غروب الشمس، وهو اصفرار الشمس وهي طالعة في الأفق مرتفعة عن الأرض؛ بيسير؛ بعشر دقائق تقريبا، وهذا الغروب الأول عند العرب، والغروب الثاني عند اختفاء قرص الشمس في الأرض.

قلت: فإذا اصفرت الشمس في الأفق، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قلت: فوقت المغرب: إذا غربت الشمس، وأفطر الصائم، وقتا واحدا لم يزل عليه النبي r، والصحابة y في حياتهم.

12) وعن أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى t: أن صل الظهر، إذا زاغت الشمس، والعصر والشمس بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة([249])، وأن صل المغرب إذا غربت الشمس).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص536)، والقعنبي في «الموطإ» (ص84)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص463)، وفي «الخلافيات» (ج2 ص196 و197)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص375)، والحدثاني في «الموطإ» (ص43 و44)، وابن بكير في «الموطإ» (ق/13/ط) من طرق عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وله شواهد.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص4): وهو حديث متصل ثابت عن عمر بن الخطاب t.

وأخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص535 و536 و537)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص319)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص328)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج2 ص41 إتحاف الخيرة)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص445)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص462)، والقعنبي في «الموطإ» (ص85)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، وهشام بن عمار في «عوالي مالك» (8)، والحنائي في «الحنائيات» (297)، والحدثاني في «الموطإ» (ص59) من طرق عن عمر بن الخطاب t به... فذكره بألفاظ عندهم.

13) وعن رافع بن خديج t، يقول: (كنا نصلي المغرب مع النبي r، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (559)، ومسلم في «صحيحه» (637)، وابن ماجه في «سننه» (687)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص142)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص302)، وابن أبي شيبة في «المسند» (78)، وفي «المصنف» (ج1 ص289)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص259)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص234)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370 و447)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص461)، والسراج في «المسند» (565)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (427)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص237)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص583)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج4 ص280)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص352)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص381) من طريق الأوزاعي قال: حدثنا أبو النجاشي قال: سمعت رافع بن خديج t به.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص41): (أي: المواضع التي تصل إليها سهامه إذا رمى بها وروى أحمد في مسنده من طريق علي بن بلال عن ناس من الأنصار، قالوا: (كنا نصلي مع رسول الله r المغرب ثم نرجع فنترامى حتى نأتي ديارنا فما يخفى علينا مواقع سهامنا)؛ إسناده حسن، والنبل هي السهام العربية، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، قاله ابن سيده؛ وقيل واحدها نبلة مثل تمر، وتمرة ومقتضاه المبادرة بالمغرب في أول وقتها؛ بحيث إن الفراغ منها: يقع والضوء باق). اهـ

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص238): (قوله: (كنا نصلي المغرب مع النبي r أي: في أول وقتها، وقوله: (فينصرف أحدنا)؛ من المسجد، وقوله: (وأنه ليبصر)، بضم المثناة التحتية، واللام للتأكيد، وقوله: (مواقع نبله): حين يقع لبقاء الضوء، والنبل: بفتح النون، وسكون الموحدة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص630): (حديث رافع بن خديج t: فإنه يدل على مبادرة النبي r بالمغرب؛ لأنه ينصرف والواحد يبصر مواقع نبله، وهذا دليل على أنه r يبكر بها). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص609): (قوله: (مواقع نبله)؛ أي: مواقع سهامه التي ينبلها، وهذا يدل على أن النبي r، كان يبكر بالمغرب، وهو كذلك). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص629): (النبي r: كان يبادر، بصلاة المغرب دائما). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص54): (قوله: (ليبصر مواقع نبله)، أي: المكان الذي يقع فيه النبل، يعني: نبل السهم؛ بمعنى: أنه يرى مكان السهم إذا أطلقه من القوس، ومعلوم أنه بعيد.

* وإذا كان الإنسان يبصر مواقع نبله بعد الصلاة، مع عدم المصابيح الكهربائية في ذلك الوقت، فهذا دليل على أنه r كان يبادر بصلاة المغرب). اهـ

14) وعن سلمة بن الأكوع t قال: (كنا نصلي مع النبي r المغرب إذا توارت بالحجاب). وفي رواية: (أن رسول الله r كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس، وتوارت بالحجاب).([250]) وفي رواية: (كان رسول الله r يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (561)، ومسلم في «صحيحه» (636)، وأبو داود في «سننه» (417)، والترمذي في «سننه» (164)، وابن ماجه في «سننه» (688)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص51 و54)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص301)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (386)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص233)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص489)، والروياني في «المسند» (1133)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369 و446)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (148)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص297)، والسراج في «المسند» (564)، و(1111)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص31)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص369)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج22 ص83)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1ص154)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص90)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص31)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص339)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص583)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص215)، وأبو البقاء الحسيني في «المشيخة» (ص256)، والسخاوي في «البلدانيات» (ص82)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص115)، وابن أبي ظهيرة في «معجم الشيوخ» (ج3 ص1441) من طريق مكي بن إبراهيم، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزمي، وصفوان بن عيسى، وحاتم بن إسماعيل؛ جميعهم: عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع t به.

قلت: وهذا الحديث يبين أن أول وقت صلاة المغرب، إذا غربت الشمس، وهذا بالإجماع.([251])

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج1 ص434): (أما دخول وقت المغرب؛ بغروب الشمس، فإجماع أهل العلم. لا نعلم بينهم خلافا فيه، والأحاديث دالة عليه. وآخره: مغيب الشفق). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج5 ص136): (وفي هذين الحديثين: أن المغرب تعجل عقب غروب الشمس، وهذا مجمع عليه). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص110): (يسن تعجيل صلاة المغرب؛ لأن النبي r كان يصليها إذا وجبت، أي: إذا وجبت الشمس وغربت؛ فيبادر بها). اهـ

قلت: وآخر وقت صلاة المغرب إذا غاب الشفق الأحمر في جهة المغرب، فقد دخل وقت صلاة العشاء، وهو قول الجمهور([252])، وهذا القول: هو الصحيح، وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك.

15) وعن أنس بن مالك t قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي r، ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله).

حديث صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (416)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (3350)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص447)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص62)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2ص369)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص212)، والسراج في «المسند» (569)، و(1115)،  وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص434)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج5 ص33 و34)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص89) من طريق علي بن الجعد، وحجاج بن المنهال الأنماطي، وموسى بن إسماعيل، وداود بن شبيب الباهلي، وهدبة بن خالد، ويحيى بن إسحاق، وعبيد الله بن محمد العائشي، وإبراهيم بن الحجاج السامي؛ جميعهم: عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص277).

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج1 ص512).

* وتابعه حميد الطويل، عن أنس بن مالك t قال: (كنا نصلي مع رسول الله r المغرب، ثم يجيء أحدنا إلى بني سلمة، وهو يرى مواقع نبله).

حديث صحيح

أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص114 و189 و199 و205)، والنميري في «جزئه» (6)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص289)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص150)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج6 ص40 و42)، والسراج في «المسند» (573)، و(1119) من طريق مروان بن معاوية، وعبد ربه بن نافع، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن بكر السهمي، وابن أبي عدي، وعبد الواحد بن واصل؛ جميعهم: عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص277).

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص54): (النبي r كان يبادر بصلاة المغرب؛ لأنهم إذا كانوا ينصرفون منها، والضياء باق إلى هذا الحد؛ دل ذلك على أنه r كان يبادر بصلاة المغرب). اهـ

16) وعن زيد بن خالد الجهني t قال: (كنا نصلي مع النبي r المغرب، ثم ننصرف إلى السوق، ولو رمي بنبل لأبصرت). وفي رواية: (فلو رمينا بالنبل رأينا مواقعها).

حديث حسن

أخرجه الشافعي في «الأم» (ج2 ص163)، وفي «المسند» (28)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص114 و117)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (281)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص290)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج5 ص253)، والطيالسي في «المسند» (ج2 ص295)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص31)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402) من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوءمة، عن زيد بن خالد الجهني t به.

قلت: وهذا سنده حسن، وابن أبي ذئب سمع من صالح بن نبهان مولى التوأمة، قبل الاختلاط.([253])

والحديث حسنه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص278).

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج5 ص26).

* وتابع: ابن أبي ذئب؛ سفيان الثوري، عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت زيد بن خالد الجهني t به.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص115)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (39)، والطبراني في «المعجم الكبير» (5260).

وإسناده حسن.

17) وعن جابر بن عبد الله t، قال: (كنا نصلي مع رسول الله r المغرب، ثم نأتي بني سلمة، فلو رمينا رأينا مواقع نبلنا). وفي رواية: (ونحن نبصر مواقع النبل). وفي رواية: (كنا نصلي مع النبي r المغرب ثم نرجع فنتناضل حتى نبلغ منازلنا في بني سلمة فننظر إلى مواقع نبلنا من الأسفار).

حديث صحيح

أخرجه الشافعي في «الأم» (ج2 ص163)، وفي «المسند» (28)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص303 و369 و382)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص173)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص212 و213)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص324)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص552)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص360)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص166)، والسري بن يحيى في «حديث الثوري» (21)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص79 و114)، والسراج في «المسند» (570)، و(571)، و(572)، و(1116)، و(1117)، و(1118)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (3317)، والبغوي في «شرح السنة» (374)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1035)، وابن حبان في «صحيحه» (ج10 ص549)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص83) من طريق القعقاع بن حكيم، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ووهب بن كيسان، وعقبة بن عبد الرحمن، وأبي الزبير؛ كلهم: عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص277).

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج3 ص311 و591).

وقال تعالى: ]أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون[ [البقرة: 187].

والشاهد:

قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

قلت: ويتعين دخول الليل من غروب الشمس، ويتحقق للصائم الإفطار([254])، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج21 ص98): (والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ وأول الليل مغيب الشمس كلها في الأفق عن أعين الناظرين). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص42): (أجمع العلماء على أنه إذا حلت صلاة المغرب فقد حل الفطر للصائم فرضا وتطوعا، وأجمعوا أن صلاة المغرب من صلاة الليل، والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]).اهـ

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص348): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام[ أي: أكملوا الصيام على وجه التمام؛ ]إلى الليل[؛ أي: إلى دخول الليل؛ وذلك بغروب الشمس؛ لقول النبي ه: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»؛ وبمجرد غروب الشمس أي: غروب قرصها - يكون الإفطار؛ وليس بشرط أن تزول الحمرة، كما يظن بعض العوام؛ إذا الصوم محدود: من، وإلى؛ فلا يزاد فيه، ولا ينقص).اهـ

وعن عبد الكريم بن أبي المخارق / قال: «من عمل النبوة: تعجيل الفطر، والاستيناء([255]) بالسحور».

أثر صحيح

أخرجه أبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص299)، والبغوي في «شرح السنة» تعليقا (ج6 ص254)، والقعنبي في «الموطإ» (ص321)، والحدثاني في «الموطإ» (ص412) من طريق مالك وهو في «الموطإ» (ج1 ص158) رواية يحيى- قال: سمعت عبد الكريم بن أبي المخارق به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص290).

قال الفقيه البهوتي / في «كشاف القناع» (ج1 ص235): (وقت المغرب: وهو في الأصل: مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء وضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة: على وقت الغروب ومكانه). اهـ

قلت: فالمغرب سمي بذلك لفعلها وقت الغروب؛ إذ الغروب في اللغة البعد، أو وقته، أو مكانه فإذا كانت الشمس بعيدة في مستوى الغروب، فهي قد غربت، وإن كان قرصها لم يغب([256])، لأن هذا يسمى غروبا.([257])

قال الفقيه ابن أبي الفتح / في «المطلع» (ص57): (المغرب في الأصل: مصدر غربت الشمس غروبا، ومغربا، ثم سميت الصلاة مغربا). اهـ

وقال الفقيه أبو إسحاق الحنبلي / في «المبدع» (ج1 ص343): (المغرب: وهو في الأصل مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء»، و«ضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة على وقت الغروب، ومكانه، فسميت هذه بذلك لفعلها في هذا الوقت). اهـ

وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية» (ج1 ص308): (ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس؛ لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187] إلى أن قال: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]، والخيطان: بياض النهار، وسواد الليل). اهـ

وقال الفقيه ابن مودود / في «الاختيار» (ج1 ص137): (ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص331): (الصيام هو: الإمساك عن أشياء مخصوصة، وهي المفطرات من الأكل والشرب والجماع، وتوابعها، في وقت مخصوص، وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس). اهـ

ومنه؛ قول الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (والعرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص63): (فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه، والمراد مفهوم). اهـ

قلت: فهذا قرب قرص الشمس من الأرض، يعتبر هذا القرب غروبا، لأن العرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه.([258])

ومن هذا قول الله تعالى: ]فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن [ [الطلاق: 2]، وهذا على القرب عند الجميع.

ومنه؛ قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

* وهذا يدل على أن بقية النهار بعد غروب الشمس يسمى ليلا، مع أن النهار لم يغب بالكلية، أي: أنه لا عبرة بوجود شيء من آخر النهار([259])، وذلك لأن العرب تسمي ذلك ليلا؛ حتى مع وجود النهار([260])، فافهم لهذا.

قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص337): (وأما التي تتعلق بزمان الإمساك؛ فإنهم اتفقوا على أن آخره غيبوبة الشمس، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]). اهـ

وقـال الـعـلامـة الـشيخ عـبد الرحمـن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص87): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ أي: الإمساك عن المفطرات إلى الليل، وهو غروب الشمس). اهـ

قلت: ومنه؛ فيما اعتبروا في حصول الليل زوال آثار الشمس، وسموا ذلك ليلا، كذلك اعتبروا زوال الليل عند ظهور آثار الشمس عند المشرق، وسموا ذلك صباحا مع وجود شيء من الليل، وهو آخر الليل ومنتهاه، بل اعتبر بعض الصحابة، والتابعين أن الليل لا ينتهي إلا بطلوع الشمس مع وجود النهار قبل طلوع الشمس من المشرق، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، وحكى الشافعية: عن الأعمش، وابن راهويه أنهما جوزا الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الشمس.([261])

وحكى أبو حامد: عن حذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأبي مجلز، والأعمش؛ أنهم قالوا آخر الليل طلوع الشمس، وهو أول النهار، قالوا: وصلاة الصبح من صلوات الليل؛ قالوا وللصائم أن يأكل حتى تطلع الشمس.([262])

وحكي عن الأعمش؛ أنه قال عن صلاة الفجر: هي من صلوات الليل، وإنما قبل طلوع الشمس من الليل يحل فيه الأكل للصائم.([263])

وقال المفسر أبو حيان / في «البحر المحيط» (ج2 ص85): (وروي عن علي ط؛ «أنه صلى الصبح بالناس؛ ثم قال: الآن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود»؛ ومما قادهم إلى هذا القول أنهم يرون أن الصوم إنما هو في النهار، والنهار عندهم من طلوع الشمس إلى غروبها). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص453)؛ بعدما ذكر حديث حذيفة: (فدل حديث حذيفة على أن أول وقت الصيام من طلوع الشمس، وأن ما قبل طلوع الشمس، ففي حكم الليل). اهـ

وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319): (وقالت طائفة: ذلك بعد طلوع الفجر، وتبينه في الطرق والبيوت، روي ذلك عن عمر، وحذيفة، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش سليمان، وغيرهم أن الإمساك يجب بتبيين الفجر في الطرق، وعلى رءوس الجبال). اهـ

18) وعن عمر بن الخطاب ط قال: قال رسول الله ه: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1954)، ومسلم في «صحيحه» (1100)، وأبو داود في «سننه» (7351)، والترمذي في «سننه» (ج2 ص38)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص252)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص35)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص227)، وابن الجارود في «المنتقى» (393)، والفريابي في «الصيام» (ص52)، وابن حبان في «صحيحه» (3504)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص284)، والحميدي في «المسند» (20)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2058)، والبغوي في «شرح السنة» (1735)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص215)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص590)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص98)، وفي «الاستذكار» (ج10 ص42) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه عمر ط به.

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص160): (قوله ه: «فقد أفطر الصائم»؛ معناه: أنه قد صار في حكم المفطر، وإن لم يأكل، وقيل: معناه؛ أنه قد دخل في وقت الفطر، وحان له أن يفطر، كما قيل: أصبح الرجل إذا دخل في وقت الصبح، وأمسى، وأظهر كذلك). اهـ

وقال الحافظ ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص103): (قوله ه: «إذا غربت الشمس فقد أفطر الصائم»؛ أي: حل وقت فطره). اهـ

قلت: وأجمع العلماء على أنه إذا غربت الشمس فقد حل فطر الصائم، ولا ينتظر الأذان([264]) اللهم غفرا.

قال الإمام ابن الملقن / في «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» (ج5 ص310): (في الحديث دلالة واضحة على استحباب تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب، وقد اتفق العلماء عليه). اهـ

وقال الفقيه ابن القطان / في «مسائل الإجماع» (ج1 ص294): (وأجمعوا أنه إذا حلت صلاة المغرب([265]) حل الفطر). اهـ

وقال الإمام ابن الملقن / في «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» (ج5 ص12): (الإشارة في الأول إلى جهة المشرق، وفي الآخر إلى جهة المغرب، وهما متلازمان في الوجود: إذ لا يقبل الليل إلا إذا أدبر النهار). اهـ

قلت: فإذا أقبل الليل؛ أي: ظلامه من جهة المشرق، وأدبر النهار؛ أي: ضياؤه من جانب المغرب، فقد أفطر الصائم.

* فهذا إقبال الظلام، وإدبار النهار، وهو حل وقت فطر الصائم.([266])

قال الـعلامـة أبـو عبد الرحـمـن الـعـظـيم آبـادي / في «عون المعبود» (ج6 ص478): (قوله ه: «إذا جاء الليل من هاهنا»: أي: من جهة المشرق، وقوله ه: «وذهب النهار من هاهنا»؛ أي: من جهة المغرب). اهـ

قلت: والعبرة بغروب الشمس، أو قرب الغروب، ولا حاجة إلى أن يزول النور القوي، أو الحمرة، بل بمجرد ما يغيب قرص الشمس، أو قارب يفطر الصائم، كما فعل الصحابة الكرام.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج2 ص50): (وكان يعجل الفطر ويحض عليه، ... وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ... وكان ه يفطر قبل أن يصلي).اهـ

وقال الإمام أحمد /: (تعجيل الفطر يستحب).([267])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج21 ص67): (من السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس).اهـ

وقال الفقيه ابن بلبان / في «أخصر المختصرات» (ص147): (وسن تعجيل فطر، وتأخير سحور). اهـ

وقال الفقيه الحجاوي / في «زاد المستقنع» (ص83): (وسن تأخير سحور، وتعجيل فطر على رطب؛ فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء). اهـ

قلت: فيسن تعجيل فطره إذا تحقق غروب الشمس على رطب، أو تمر، أو ماء، أو غير ذلك، لما ثبت في السنة النبوية، والآثار السلفية.([268])

قال الإمام ابن قدامة / في «المقنع» (ص65): (ويستحب تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، وأن يفطر على التمر، إن لم يجد فعلى الماء). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج3 ص150): (ويسن تعجيل الفطر على تمر، وإلا فماء). اهـ

قلت: فتعجيل الفطر بعد تيقن غروب الشمس بتمر، أو ماء، أو غير ذلك مستحب في الشريعة المطهرة.([269])

قلت: ويجوز الفطر بناء على غلبة الظن بغروب الشمس؛ ودليل ذلك: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (1823) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ، قالت: «أفطرنا على عهد النبي ه يوم غيم، ثم طلعت الشمس»، فأنهم لم يفطروا على علم؛ لكن أفطروا على غلبة الظن، وأنهم لو أفطروا على علم ما طلعت الشمس.

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (قال تعالى: «ثم أتموا الصيام إلى الليل» [البقرة: 187]، فهذا يقتضي أن الإفطار عند غروب الشمس، فقد أجمعوا على أن الصوم ينقضي، ويتم بتمام الغروب، وأن السنة أن يفطر إذا تحقق الغروب، وأن له الفطر بغلبة الظن اتفاقا، إقامة له مقام اليقين). اهـ

قلت: وهذه قاعدة شرعية عظيمة في تعيين الغروب الذي يفطر عليه الصائم حتى بغلبة الظن، لأن الأصل هنا دخول الليل بغروب الشمس، ولو بالظن وذهاب النهار، ولا عبرة بالنور الباقي، والصفرة في السماء، فافهم لهذا ترشد.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص322): (هذا الحديث فيه تعجيل الإفطار، لكن قال العلماء رحمهم الله: بشرط أن يتيقن، أو يغلب على ظنه غروب الشمس؛ فـــ«يتيقن» إذا أمكنه المشاهدة؛ أو يغلب على ظنه إذا لم يمكنه المشاهدة؛ كما لو كان هناك غيم، أو حال بينه وبينها جبل، أو ما أشبه ذلك). اهـ

قلت: فإذا تيقن أن الشمس غربت، فيفطر، وإذا غلب على ظنه أنها غربت، فيفطر.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله ه، فهو الأصوب لا شك). اهـ

قال الفقيه ابن النقيب / في «عمدة السالك» (ص109): (والأفضل تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب، ويفطر على تمرات وترا؛ فإن لم يجد فالماء أفضل). اهـ

وقال الفقيه المعبري / في «فتح المعين» (ص273): (وسن تعجيل فطر، إذا تيقن الغروب). اهـ

19) وعن سهل بن سعد الساعدي ط أن رسول الله ه قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر». وفي رواية: «ما عجلوا الإفطار». وفي رواية: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عجلوا الإفطار».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص241)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص711)، والترمذي في «سننه» (ج3 ص82)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3298)، وفي «الإغراب» (ص300 و301)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص541)، وابن القاسم في «الموطإ» (ص422)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص336 و337 و339)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص254)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص72)، والحدثاني في «الموطإ» (ص413)، والفريابي في «الصيام» (ص50 و51)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص207 و208)، ومالك في «الموطإ» (ج1 ص288)، والشافعي في «السنن المأثور» (ص323)، وفي «المسند» (614)، وفي «الأم» (ج1 ص97)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص237)، وفي «السنن الصغرى» (649)، وفي «معرفة السنن» (2182)، وفي «فضائل الأوقات» (138)، وفي «شعب الإيمان» (ج7 ص489)، والقعنبي في «الموطإ» (ص321)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص368)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج6 ص170 و230)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص274)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ج1 ص415)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص300)، وأبو يعلى في «المسند» (7511)، وعبد الغني المقدسي في «فضائل رمضان» (ص80)، والسمعاني في «معجم الشيوخ» (ج1 ص461)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226)، والسلفي في «المشـيخـة الـبغدادية» (2439)، وضـيـاء الـدين المقـدسي في «فـضـائـل الأعـمـال» (ص254)، والدارمي في «المسند» (1699)، وابن الأبار في «المعجم» (ص391)، وأبو نعيم في «المستخرج» (2239)، وفي «حلية الأولياء» (ج7 ص136)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص24)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (9037)، وفي «المسند» (91)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص155)، والخلعي في «الخلعيات» (ص329)، والروياني في «مسند الصحابة» (ج2 ص124)، والجوهري في «مسند الموطإ» (ص371)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص304)، وفي «الحدائق» (ج2 ص247)، والطائي في «الأربعين الطائية» (ص145)، وأبو الحسن الإسكندراني في «الأربعين» (ص153)، وأبو سعد النيسابوري في «الأربعين» (ق/23/ط)، وابن أبي مريم في «جزء مما أسند سفيان الثوري من حديثه» (ص155)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص269)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص299)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ج2 ص472)، والخطيب في «الفصل للوصل» (ج2 ص693 و694 و695)، وفي «تاريخ بغداد» (ج4 ص422)، وفخر الدين ابن البخاري في «مشيخته» (ق/512/ط)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص158 و351)، وأبو عبد الله الرازي في «مشيخته» (ص160)، وابن جماعة في «رباعيات مسلم بن الحجاج» (ص158)، وابن عبد الهادي الحنبلي في «النهاية في اتصال الرواية» (ص210)، والحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص557)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص593)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص119)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (590)، و(591)، والمحاملي في «الأمالي» (ص41)، ومحمد بن الحسن في «الموطإ» (ص128) من طريق أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي ط به.

قال أبو الفتوح الطائي / في «الأربعين» (ص146): (وفي الحديث: دلالة على استحباب تعجيل الفطر، والإشارة فيه إلى إزالة ما لحق الصائم من كلفة العبادة، ليكون وقوفه على بساط النجوى في صلاة المغرب التي تؤدى في وقت الإفطار على فراغ من مطالبات النفس، فيجد القلب في المناجاة كمال الروح والأنس، وعلى هذا يحمل قوله ه: «إذا حضر العشاء، فابدءوا بالعشاء»([270]». اهـ

وقال الإمام ابن دقيق العيد / في «إحكام الأحكام» (ص566): (تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب: مستحب باتفاق، ودليله: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، وفيه دليل على المتشيعة، الذين يؤخرون إلى ظهور النجم. ولعل هذا هو السبب في كون الناس لا يزالون بخير ما عجلوا الفطر؛ لأنهم إذا أخروه كانوا داخلين في فعل خلاف السنة. ولا يزالون بخير ما فعلوا السنة). اهـ

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج4 ص592): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» أي: إذا تحققوا الغروب بالرؤية، أو بإخبار عدلين، أو عدل على الأرجح، وما ظرفية؛ أي: مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدودها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها). اهـ

وقال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج2 ص237): (وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي ه وغيرهم: استحبوا تعجيل الفطر، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق). اهـ

وقال العلامة الصنعاني / في «التنوير» (ج11 ص184): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير»؛ في دينهم: «ما عجلوا الفطر»؛ لأنه تقدم أنه من سنن المرسلين وطرائقهم). اهـ

قلت: فالأفضل هو تقديم الفطر على الصلاة؛ لأنه موافق لرسول الله ه، وصحابته الكرام.

قال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج2 ص1428): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ أي: ما داوموا على هذه السنة؛ لأن تعجيله بعد تيقن الغروب من سنن المرسلين فمن حافظ عليه تخلق بأخلاقهم؛ ولأن فيه مخالفة أهل الكتاب في تأخيرهم إلى اشتباك النجوم وفي ملتنا شعار أهل البدع؛ فمن خالفهم واتبع السنة لم يزل بخير). اهـ

قلت: فمتابعة رسول الله ه هي الطريق المستقيم.

وقال أبو الوليد الباجي / في «المنتقى» (ج1 ص42): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير»؛ يريد ه لا يزالون بخير في أمر دينهم ما فعلوا ذلك على سنة، وسبيل، وتعجيل الفطر: أن لا يؤخر بعد غروب الشمس على وجه التشدد، والمبالغة، واعتقاد أنه لا يجزئ الفطر عند غروب الشمس على حسب ما تفعله اليهود). اهـ

قلت: فيستمر الناس في الخير، ويقترن بهم الخير الديني، والخير الدنيوي؛ بتعجيلهم الفطر؛ أي: مدة تعجيلهم الفطر.([271])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج7 ص109): (يؤخذ من هذا أن ما يفعله بعض المتعمقين من تأخير الأذان بعد غروب الشمس بدقائق احتياطا أنه لا يصح، بل هذا مما ينهى عنه، ويقال: أنه فوت الخير على نفسه، وعلى غيره، لقول النبي ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، وقوله ه: «ما عجلوا الفطر»؛ مشروط بالعلم بغروب الشمس، أو الظن بغروبها، بمعنى: أنه لا بد أن يعلم أنها غابت، أو يغلب على ظنك أنها غابت). اهـ

قلت: وتأخير الفطر من الصائم في شهر رمضان سبب لحصول الشر، يؤخذ هذا من المفهوم، فالمنطوق هو: أن المعجل بخير، فالمفهوم أن غير المعجل بشر.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج7 ص114): (أن تأخير الفطر سبب لحصول الشر، يؤخذ هذا من المفهوم، فالمنطوق هو: أن المعجل بخير، فالمفهوم أن غير المعجل بشر، ومنه نأخذ أن من يؤخر الفطور من أهل البدع، فهم في شر، لأن الرسول ه يقول: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، والمراد بالخير هنا الخير الديني الذي يعود على القلب بالانشراح والنور، وليس المراد بالخير الدنيوي). اهـ

قلت: ويؤخذ من هذا كراهة التنطع في الدين؛ لأن تعجيل الفطر ينافي التنطع، والمتنطع هو الذي يقول: لا أفطر إلا أن يؤذن مؤذن الحي الذي أنا فيه، وبعض الجهلة يرى الشمس غابت بعينيه، ولكن ما سمع المؤذن، فيقول لا أفطر حتى يؤذن المؤذن، والله المستعان.([272])

قال القاضي حسين المغربي / في «البدر التمام» (ج2 ص403): (الحديث فيه دلالة على أن الأفضل الموافق للسنة التي بسببها ينال الخير، ويندفع الشر؛ هو تعجيل الإفطار، إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية، أو بإخبار من يجوز العمل بقوله). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص337): (فأفضل الصيام تأخير السحور، وتعجيل الفطر). اهـ

وقال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج4 ص180): (إذا أقبل الليل فليفطر الصائم، وذلك أن الخيرية منوطة بتعجيل الإفطار). اهـ

قلت: فإذا غربت الشمس، فليفطر الصائم، وذلك أن الخيرية منوطة بتعجيل الإفطار([273])، والله المستعان.

قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].

قلت: فكل ما فيه خير للعباد، ورحمة، وتيسير لهم فهو في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ه، وآثار الصحابة الكرام.

قال القـاضـي عـيـاض / في «إكمال المعلم» (ج4 ص33): (وقوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ ظاهره أنه عليه السلام أشار أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره، ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور). اهـ

وقال الإمام المازري / في «المعلم» (ج2 ص32): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ ظاهره أنه ه أشار إلى أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور).اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج3 ص198): (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر: لما فيه من المحافظة على السنة، فإذا خالفوها إلى البدعة كان ذلك علامة على إفساد يقعون فيه). اهـ

قلت: فلا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، ولم يؤخروه تأخير أهل الكفر في الخارج، وأهل البدع في الداخل، اللهم غفرا.

20) وعن أبي هريرة ط قال: قال رسول الله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر([274])، إن اليهود والنصارى يؤخرون». وفي رواية: «لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا الناس الإفطار، فإن اليهود والنصارى يؤخرون».

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص763)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2313)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص541)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص450)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص431)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص207)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج1 ص76)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص23)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص257)، البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص237)، وفي «شعب الإيمان» (ج7 ص492)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص285)، والفريابي في «الصيام» (ص48 و49)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص12)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (1089)، والخلال في «المجالس العشرة من أماليه» (53)، والسمسار في «مسند أبي هريرة» (ص48) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة ط به.

قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج5 ص231).

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وأورده البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ج2 ص20)، ثم قال: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

قلت: بل إسناده حسن، قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص673): محمد بن عمرو؛ شيخ مشهور، «حسن الحديث» أخرج له الشيخان متابعة.

وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج5 ص101)، وفي «إتحاف المهرة» (ج16 ص121).

والحـديـث حـسـنـه الشـيخ الألـبـاني في «صـحـيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص622).

وأخرجه ابن أبي صقر في «مشيخته» (ص92) من طريق خالد بن يزيد حدثنا حريث بن أبي مطر عن عامر عن مسروق، وأبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول اللهه: «لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا بالإفطار إن اليهود والنصارى يؤخرون».

وإسناده ضعيف.

قلت: فلا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، ولم يؤخروا تأخير أهل الكتاب من اليهود والنصارى.([275])

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الإمداد» (ج2 ص381): («وتعجيل فطر»؛ أي: يستحب للصائم تعجيل الفطر، إذا غربت الشمس فإنه يبادر بالفطر؛ لقوله ه: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»([276])، ولأن الله سبحانه وتعالى حدد الإفطار ببداية الليل، قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون[ [البقرة: 187].

* والليل يبدأ بغروب الشمس، فيستحب له المبادرة بالإفطار امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى؛ ولئلا يزيد في العبادة شيئا ليس منها، وفي هذا رد على الذين يؤخرون الإفطار، ويزعمون أن هذا من محبة الخير ومن الورع، فهذا من فعل المبتدعة الذين لا يفطرون إلا حين تشتبك النجوم، وهذا من علامات الضلال، ومخالفة السنة، أحب العباد إلى الله سبحانه وتعالى أعجلهم فطرا). اهـ

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (ما يؤخذ من الحديثين:

1) استحباب تعجيل الفطر، وقد اتفق العلماء على استحباب تعجيل الفطر، إذا تحقق غروب الشمس برؤية، أو بخبر ثقة، أو غلب على ظنه الغروب.

2) أن تعجيل الفطر دليل على بقاء الخير عند من عجله، وزوال الخير عمن أخره.

3) الخير المشار إليه هو اتباع السنة، ولا شك أنه سبب خيري الدنيا والآخرة ... فالشارع الحكيم يطلب من المسلمين ألا يشابهوا أهل الكتاب في عباداتهم، فتعجيل الفطر شعار يفرق بين صيام أهل الإسلام، وأهل الكتاب، وبين سوء المخالفة، وحسن الاتباع، والاقتداء.

4) هذا الحديث من المعجزات النبوية؛ فإن تأخير الإفطار هو طريقة بعض الفرق الضالة). اهـ

وقال العلامة الصنعاني / في «سبل السلام» (ج2 ص304): (والحديث دليل على استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار من يجوز العمل بقوله، وقد ذكر العلة وهي مخالفة اليهود والنصارى). اهـ

قلت: وتأخير الفطر عن غروب الشمس صار شعارا لأهل البدع المخالفين، وسمة لهم([277])، والعياذ بالله.

قـال الـفـقيـه الطيبي / في «الكاشف» (ج4 ص179): (ويدخل في معناه: حديث سهل بن سعد ط الذي يتلوه «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ لأن فيه مخالفة أهل الكتاب، وكانوا يؤخرون الإفطار إلى اشتباك النجوم، ثم صار في ملتنا شعارا لأهل البدع، وهذه هي الخصلة التي لم يرضها رسول الله ه). اهـ

وقـال الـعـلامـة الـلـكـنوي / في «التعليق الممجد» (ج2 ص204): (قوله: «والعامة»؛ أي: جمهور علماء أهل السنة خلافا؛ للشيعة المبتدعة حيث لم يفطروا حتى تشتبك النجوم). اهـ

وقال العلامة الـسنـدي / في «كـفـاية الحـاجة» (ص673): (قوله ه: «ما عجلوا الإفطار»؛ أي: مدة تعجيلهم، فما ظرفية، والمراد: ما لم يؤخروا عن أول وقته بعد تحقق الوقت). اهـ

وقال الفقيه ابن العربي / في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص218): (من دخل في وقت الفطر فقد خرج عن وقت الصوم، ففعله فيه لا معنى له). اهـ

قلت: فتعجيل الفطور سنة متبعة فيها التمييز الصريح بين أهل السنة، وبين أهل الكفر في الخارج، وأهل البدعة في الداخل؛ لأن الله تعالى يأمر بمثل هذه السنن لما فيها من مخالفة الديانات الكفرية، والديانات البدعية، فيتفرد الدين الإسلام بهذه السنن العظيمة، وبهذا التميز العظيم في أحكامه، ونظامه للعباد في الحياة الدنيا.

وقال العلامة السندي / في «كفاية الحاجة» (ص673): (قوله ه: «فإن اليهود يؤخرون»؛ تعليل لما ذكر بأن فيه مخالفة لأعداء الله تعالى، فما دام الناس يراعون مخالفة أعداء الله تعالى ينصرهم الله، ويظهر دينهم). اهـ

وقال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج2 ص1424): (تعجيل الصائم بالإفطار بعد تحقق الغروب، ولا يؤخر لاشتباك النجوم، كما يفعله أهل الكتاب). اهـ

قلت: فتعجيل الفطر، وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة، لأنها تخالف الكفرة، والمبتدعة الذين يزعمون أن تأخير الفطر بعد غروب الشمس، أو لاشتباك النجوم([278])، هو الأفضل.

قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج4 ص185): (في هذا التعليل دليل على أن قوام الدين الحنيفي على مخالفة الأعداء من أهل الكتابين، وأن في موافقتهم ثلما للدين، قال الله تعالى: ]يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم[ [المائدة: 51]). اهـ

وقال المفسر البـيـضـاوي / في «تحـفـة الأبـرار» (ج1 ص515): (لما اشتمل تعجيل الفطر على مخالفة أهل الكتاب؛ فإنهم يؤخرونه إلى اشتباك النجوم). اهـ

وقال العلامة القاري / في «مرقاة المفاتيح» (ج4 ص478): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير»؛ أي: موصوفين بخير كثير، أو المراد بالخير ضد الشر والفساد، «ما عجلوا الفطر»؛ أي: ما داموا على هذه السنة، ويسن تقديمه على الصلاة للخبر الصحيح به). اهـ

قلت: فالتعجيل للفطر بغروب الشمس فيه مخالفة لأهل الكتاب؛ فإنهم يؤخرون الفطر، ثم صار ذلك عادة أهل البدع في الإسلام.

وقال الفقيه الشربيني / في «مغني المحتاج» (ج1 ص635): (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس لخبر الصحيحين: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر»، ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى؛ ويكره أن يؤخره). اهـ

وقال الفقيه الدردير / في «الشرح الكبير» (ج1 ص378): (وتعجيل فطر بعد تحقق الغروب قبل الصلاة، وندب كونه على رطبات، فتمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء). اهـ

وقال الحافظ البيهقي / في «فضائل الأوقات» (ص296): (وإنما استحب تأخير السحور ما دام يعلم بقاء الليل، وإنما استحب تعجيل الفطر إذا علم غروب الشمس، فقد ورد التغليظ على من أفطر قبل غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام ابن المنذر / في «الإقناع» (ج1 ص200): (ويستحب تعجيل الإفطار؛ لقول النبي ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، ويستحب تأخير السحور، ويجب أن يفطر على تمر، فإن لم يجد فعلى ماء).اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص350): (فصل: ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]، ... ويجوز الأكل والشرب إلى الفجر؛ للآية، والخبر). اهـ

21) وعن أبي عطية الوادعي قال: دخلت أنا ومسروق، على عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، رجلان من أصحاب محمد ه، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟  قال: قلنا عبد الله؛ يعني: ابن مسعود قالت: كذلك كان يصنع رسول الله ه). والآخر: أبو موسى ط وفي رواية: «رجلان من أصحاب محمد ه، كلاهما لا يألوا عن الخير».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1099)، وابن أبي مريم في «مما أسند سفيان الثوري من حديثه» (280)، وأبو داود في «سننه» (2354)، والترمذي في «سننه» (702)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2471)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص144)، والفريابي في «الصيام» (ص60 و61)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص254)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص48)، وابن راهويه في «المسند» (1480)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص119)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص273) من طريق الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية الوادعي به.

قال الفقيه المحلي / في «كنز الراغبين» (ج2 ص98): (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس على التمر، وإلا فماء). اهـ

وقال الإمام القيرواني / في «رسالته» (ص176): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور). اهـ

قلت: فإذا غربت الشمس، فأفطر؛ لأن تعجيل الفطر بالغروب من الفضائل، وهو من السنة النبوية.([279])

وقال الفقيه النفراوي / في «الفواكه الدواني» (ج1 ص468): (ومن السنة تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب بغروب جميع قرص الشمس لمن ينظره، أو دخول الظلمة، وغلبة الظن بالغروب لمن لم ينظر قرص الشمس). اهـ

قلت: والمراعى في ذلك غيبوبة جرمها، وقرصها المستدير، دون أثرها وشعاعها، ... ولا عبرة بمغيب الحمرة في السماء عمن في الأرض، ولو غابت في خلف الجبال، فينظر إلى جهة المشرق، فإذا طلعت الظلمة كان دليلا على مغيب الشمس، ولا عبرة بطلوع الحمرة في رؤوس الجبال، فالمراعى غيبوبة قرص الشمس في الجبال والسهول، لأن الغروب الشرعي هو غروب جميع قرص الشمس.([280])

قال الفقيه الحطاب / في «مواهب الجليل» (ج2 ص24): (ولا خلاف أن أول وقتها غروب الشمس، وأجمعت الأمة على أنه لا يجوز فعلها قبل الغروب بحال).اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص161): (مجرد غيبوبة القرص يدخل به وقت صلاة المغرب، كما يفطر الصائم بذلك، وهذا إجماع من أهل العلم: حكاه ابن المنذر، وغيره). اهـ

قلت: فلا عبرة ببقاء الحمرة الشديدة في السماء بعد سقوط قرص الشمس، وغيبوبته عن الأبصار.([281])

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص163): (وقد أجمع العلماء على أن تعجيل المغرب في أول وقتها أفضل). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص172): (أما دخول وقت المغرب؛ بغروب الشمس: فإجماع من أهل العلم، لا نعلم فيه خلافا). اهـ

وقال الفقيه ابن جزي / في «القوانين الفقهية» (ص68): (المغرب: فأول وقتها: غروب الشمس إجماعا). اهـ

وقال الفقيه الهيتمي / في «المنهج القويم» (ج1 ص312): (وأول وقت المغرب بالغروب؛ لجميع قرص الشمس إجماعا، ويبقى حتى يغيب الشفق الأحمر). اهـ

قلت: والمراد غروب ما ذكر غروبا لم تعد بعده؛ أي: الشمس، فهذا غروب الشمس، وهو وقت دخول صلاة المغرب، وجواز إفطار الصائم.([282])

قال الفقيه الأنصاري / في «تحفة الطلاب» (ص149): (فوقت المغرب من الغروب([283]) إلى مغيب الشفق). اهـ

وقال الفقيه ابن شاس / في «عقد الجواهر» (ج1 ص80): (ووقت المغرب يدخل بغروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن تميم / في «مختصره» (ج2 ص25): (المغرب: وأول وقتها إذا غربت الشمس، وآخره إذا غاب الشفق الأحمر)([284]). اهـ

وقال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص179): (وأول وقت المغرب إذا غابت الشمس). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص69): (صلاة المغرب: وأول وقتها إذا غابت الشمس، وآخره إذا غاب الشفق الأحمر). اهـ

وقال الـفقيـه الشربينـي / في «مـغـني المحتاج» (ج1 ص190): (والمغرب: يدخل وقتها بالغروب لخبر جبريل، سميت بذلك لفعلها عقب الغروب؛ وأصل الغروب البعد، يقال غرب بفتح الراء إذا بعد، والمراد تكامل الغروب، ويعرف في العمران بزوال الشعاع من رءوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق). اهـ

وقال الفقيه العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص282): (أول وقتها بمجرد غروب الشمس). اهـ

قلت: وهذا بالإجماع.([285])

قال الفقيه السبكي / في «المنهل العذب» (ج3 ص273): (استحباب المبادرة بصلاة المغرب، وكراهة تأخيرها إلى اشتباك النجوم، وعلى أن تأخيرها سبب لزوال الخير، وتعجيلها سبب لاستجلابه، وقد عكست الروافض([286]) فجعلت تأخير صلاة المغرب إلى اشتباك النجوم مستحبا، والإجماع، والأحاديث ترده!). اهـ

22) وعن قيس بن أبي حازم قال: «أتي عمر بن الخطاب بإناء فيه شراب عند الفطر، فقال لرجل: اشرب لعلك من المسوفين، تقول سوف سوف([287])».

أثر حسن

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص56)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص23) من طريق عبد الواحد بن غياث، حدثنا أبو عوانة، عن بيان بن بشر الأحمسي، عن قيس بن أبي حازم به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فلا تكونوا من المسوفين بفطركم، ولا تنتظروا الأذان بفطركم، فإذا غربت الشمس فأفطروا، فإن ذلك من السنة، اللهم غفرا.

23) وعن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: «كنت جالسا عند عمر، إذ جاءه راكب من أهل الشام، فطفق عمر يستخبره عن حالهم، فقال: هل يعجل أهل الشام الإفطار؟ قال: نعم، قال: لن يزالوا بخير ما فعلوا ذلك، ولم ينتظروا النجوم انتظار أهل العراق». وفي رواية: «ولم يتنطعوا تنطع أهل العراق».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص225)، والفريابي في «الصيام» (ص54 و55)، والجوهري في «أماليه» (ج8 ص613 كنز العمال) من طرق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكر هذا الأثر ابن الأثير في «النهاية» (ج5 ص74)؛ ثم قال: «لم يتنطعوا»؛ أي: يتكلفوا القول والعمل ... ويستحب للصائم أن يعجل الفطر بتناول القليل من الفطور).

قلت: وترى ممن ينتسب إلى العلم يفتي أن المعتبر في الفطر غروب الشمس لا الأذان، ثم تراه يفطر على الأذان الحالي الذي هو على «التقويم الفلكي»!، فخالف السنة، وتنطع في الدين ووافق الكفرة، والمبتدعة!، ولا بد والله المستعان.

قال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج4 ص593): (وأما ما يفعله الفلكيون، أو بعضهم من التمكين بعد الغروب بدرجة، فمخالف للسنة، فلذا قل الخير، والله يوفقنا إلى سواء السبيل). اهـ

وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص293): (وقوله ه: «إذا غابت الشمس فقد أفطر الصائم»؛ يوجب أن يكون مفطرا بغروب الشمس أكل أو لم يأكل؛ لأن الصوم لا يكون بالليل). اهـ

وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص293): (ولا خلاف في أنه إذا غابت الشمس فقد انقضى وقت الصوم، وجاز للصائم الأكل والشرب والجماع، وسائر ما حظره عليه الصوم). اهـ

قلت: فالوقت الذي هو نهاية الصوم؛ هو دخول الليل، وذلك بغروب الشمس.

وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص93): (إذا تبين الليل سن الفطر شرعا، أكل، أو لم يأكل؛ فإن ترك([288]) الأكل لعذر، أو لشغل جاز). اهـ

قلت: وتأخير الإفطار عن غروب الشمس؛ إنما يفعل ذلك الكفرة: من اليهود والنصارى في الخارج، والمبتدعة: من الرافضة والإباضية في الداخل.([289])

قال الفقيه الكلوذاني / في «الهداية» (ص101): (ويستحب له تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص597): (بغروب الشمس قد انتهى صومه؛ وتم). اهـ

قلت: فمذهب أهل السنة من أهل العلم استحباب تعجيل الإفطار بغروب الشمس([290])، والله المستعان.

قال الفقيه الصاوي / في «بلغة السالك» (ج1 ص182): (غروب الشمس؛ أي: من غروب؛ أي مغيب جميع قرصها، وهذا هو الغروب الشرعي الذي يترتب عليه جواز الدخول في الصلاة، وجواز الفطر للصائم). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الكافي» (ص130): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والنهار الواجب صومه هو من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس، فإذا استيقن الصائم مغيبها حل له الفطر). اهـ

وقال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص602): (ويستحب أن يعجل الفطر([291])، إذا تحقق غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الشافعي /: (وأحب تعجيل الفطر، وتأخير السحور اتباعا لرسول الله ه).([292]) اهـ

وقال الفقيه الماوردي / في «الحاوي الكبير» (ج3 ص443): (تعجيل الفطر إذا تيقن غروب الشمس مسنون). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «روضة الطالبين» (ج2 ص368): (من سنن الصوم، تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس، وأن يفطر على تمر، فإن لم يجد، فعلى الماء). اهـ

24) وعن أبي رجاء قال: «كان ابن عباس يبعث مرتقبا يرقب الشمس، فإذا غابت أفطر، وكان يفطر قبل الصلاة([293])».

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص227) من طريقين عن عوف بن أبي جميلة حدثنا أبو رجاء به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104).

وأخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58) من طريق إسحاق بن يوسف، حدثنا عوف بن أبي جميلة، عن أبي رجاء قال: «كنت أشهد ابن عباس عند الإفطار في رمضان فيضع طعامه، ثم يبعث مرتقبا يرقب الشمس، فإذا قال: قد وجبت قال: كلوا. قال: وكنا نفطر قبل الصلاة عند ابن عباس في رمضان».

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص21) من طريق زياد بن الربيع عن أبي جمرة الضبعي: «أنه كان يفطر مع ابن عباس في رمضان، فكان إذا أمسى، بعث ربيبا له يصعد ظهر الدار، فلما غربت الشمس أذن فيأكل، ونأكل فإذا فرغ أقيمت الصلاة فيقوم يصلي، ونصلي معه».

وإسناده صحيح.

قال ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص41): (وقد روي عن ابن عباس، وطائفة أنهم كانوا يفطرون قبل الصلاة). اهـ

قلت: فلا تفطروا حين يبدو الظلام، فإن ذلك فعل اليهود والنصارى في الخارج، وفعل الرافضة والحزبية في الداخل([294])، اللهم سلم سلم.

25) وعن علقمة، قال: «أتي عبد الله بجفنة، فقال للقوم: «ادنوا فكلوا» فاعتزل رجل منهم، فقال له عبد الله: ما لك؟ قال: إني صائم، فقال عبد الله: «هذا، والذي لا إله غيره، حين حل الطعام لآكل».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

26) وعن مجاهد، قال: «إني كنت لآتي ابن عمر بفطره، فأغطيه استحياء من الناس أن يروه([295]»).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58) من طريق جرير، عن منصور، عن مجاهد قال: «كنت آتي ابن عمر بشرابه، وإني لأخفيه من الناس من تعجيله إفطاره».

وإسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226) من طريق ابن عيينة، عن منصور، أو ليث، عن مجاهد قال: «إن كنت لآتي ابن عمر بالقدح عند فطره فأستره من الناس، وما به إلا الحياء يقول: من سرعة ما يفطر».

وإسناده صحيح.

قلت: فمن السنة التبكير في الإفطار([296])، والله المستعان.

27) وعن عمرو بن ميمون /، وهو من أكبر التابعين قال: «كان أصحاب محمد ه أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص398)، والفريابي في «الصيام» (ص59)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد)، والخلعي في «الخلعيات» (ص329) من طريق سفيان الثوري، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص199)، والنووي في «المجموع» (ج6 ص326)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص118)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث، قال: «كان أصحاب رسول الله ه، أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا».

وإسناده لا بأس به في المتابعات.

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

قلت: فإذا ابتدع الناس بدعة تأخير الفطر عن غروب الشمس، فقل لهم هل أنتم أهدى، وأفضل من أصحاب رسول الله ه، إذا إنكم لمتمسكون بطرف ضلالة، لأنكم خالفتم أصحاب رسول الله ه، فإنهم كانوا يعجلون الإفطار، وأنتم تؤخرون الإفطار؛ فوافقتم اليهود، والنصارى، والرافضة فوقعتم في الشر: ]فسوف يلقون غيا[ [مريم: 59]، اللهم غفرا.

قال تعالى: ]فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم[ [البقرة: 59].

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ه، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم([297]) هلكوا». وفي رواية: «لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ه، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا».

أثر صحيح

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص120) من طريق سفيان الثوري.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص120) من طريق معمر.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص120) من طريق شعبة.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص120) من طريق زيد بن حبان.

كلهم عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود ط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه عبد الله بن المبارك في «الزهد» (815)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص616 و617)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص77)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص249)، وابن الأعرابي في «المعجم» (926)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج7ص311)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص49)، والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص155)، وفي «نصيحة أهل الحديث» (6)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص164)، واللالكائي في «الاعتقاد» (101) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود ط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فهذه قاعدة نافعة للمسلمين في أخذ العلم من أصحاب رسول الله ه، وأخذه من علماء السنة، فإن فعلوا ذلك كانوا صالحين متماسكين في دينهم، وأن يجتنبوا أخذ العلم من أهل الأهواء والبدع من أصحاب الشهادات، وأصحاب التعالم، وأصحاب القصص، وأصحاب الخطابة: ]ويضل الله الظالمين[ [إبراهيم: 27].

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «أنتم أهدى أم أصحاب محمد ه إنكم متمسكون بطرف ضلالة».([298])

وعن عبد الله بن مسعود ط قال: «إذا وقع الناس في الشر فقل لا أسوة لي بالشر».([299])

قلت: وليس الخطأ أن تقعوا في الشر، ولكن الخطأ أن تستمروا على الشر، والله المستعان.

قال تعالى: ]يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار[ [النور: 37].

وعن علقمة قال: «كنا عند عبد الله بن مسعود ط؛ فأتي بشراب، فقال: اسق فلانا، قال: إني صائم، حتى عرضه على القوم كلهم، فكلهم، يقول: إني صائم. قال: هات ولكني لست بصائم. قال: ثم نظر في وجوههم، فقال: ]يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار[ [النور: 37]».([300])

وعن عبد الله بن مسعود ط، قال: «إن الإثم حواز القلوب، فما حز في قلب أحدكم شيء فليدعه».([301])

والمراد: لا ترتكب ما لم يثبت في الدين من المخالفات التي تحك في صدرك، ولم يطمئن عليها قلبك؛ لما فيها من الشعور بالذنب، والإثم، والعياذ بالله.([302])

قلت: فتعلموا من هذه الآثار، ومن تعلم منكم فليعمل بما علم، والله المستعان.

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «السعيد من وعظ بغيره».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3645)، وابن وهب في «القدر» (ص61 و63)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1047)، والفريابي في «القدر» (140)، والآجري في «الشريعة» (361)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص214 إتحاف المهرة)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3044)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1402)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2644)، وابن حبان في «صحيحه» (6177)، وأبو داود في «الزهد» (170) من طرق عن ابن مسعود ط به.

قلت: فعلى الناس أن يتحروا رؤية غروب الشمس، فإذا غربت أفطروا مباشرة، ولم ينتظروا الأذان الحالي الذي يؤذن على «التقويم الفلكي»، لأنه متأخر عن غروب الشمس، لأن للفطر وقتا كوقت الصلاة تماما، وإلا وقعوا في البدعة التي وقع فيها اليهود والنصارى، والرافضة والحزبية، وهي تأخير الإفطار عن غروب الشمس، اللهم سلم سلم.

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة».([303])

قلت: وهؤلاء يصلون ولكن لم ينتفعوا بصلاتهم من ناحية التأثر بها، وطلب الزيادة بمعرفة السنة جملة وتفصيلا، والله المستعان؟!.

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «من لم تأمره صلاته بالمعروف، وتنهه عن المنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا».([304])

وعن عبد الله بن مسعود ط قال: «لا تنفع الصلاة إلا من أطاعها». وفي رواية: «إن فلانا كثير الصلاة؛ قال: فإنها لا تنفع إلا من أطاعها»، ثم قرأ: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [ [العنكبوت: 45].([305])

والمراد: أن العبد إذا صلى عليه أن يتقي الله تعالى في صلاته، فيحسنها بالعلم، ولا يسيء إليها بالجهل، فإن فعل ذلك انتفع بصلاته، لأنه موافق لصفة صلاة النبي ه([306])، فهذا قد أطاع صلاته، وحافظ على صفتها المأمور بها، وطاعة الصلاة بعد ذلك سوف تنهاه عن المحرمات، والبدع، والمنكرات من تأخير الإفطار، وغير ذلك.

وعن قتادة والحسن، قالا: في قوله تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[ [العنكبوت: 45] من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فإنه لا يزداد من الله بذلك إلا بعدا».([307]) وفي رواية: «ولا يزداد الله عليه بها إلا غصبا».

قال تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر[ [العنكبوت: 45].

قلت: إنما الصلاة التي تنهى المصلي عن الفحشاء والمنكر، هي التي توافق صفة صلاة النبي ه، فإذا لم تنهك صلاتك عن فحشاء، ولا منكر، فإنك لست تصلي صفة صلاة النبي ه.

* ومن صلى صلاة لم تأمره بالمعروف، وتنهه عن المنكر، لم تزده صلاته من الله تعالى إلا بعدا، لاغتراره بنفسه، وصلاته على ما فيها من نقص وخلل، والله المستعان.

فعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[ [العنكبوت: 45]؛ قال: «في الصلاة منتهى، ومزدجر عن معاصي الله تعالى».([308])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تفسيره» (ص632): (قوله تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[ [العنكبوت: 45] والفحشاء: كل ما استعظم، واستفحش من المعاصي التي تشتهيها النفوس، والمنكر: كل معصية تنكرها العقول، والفطر.

* ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها، وشروطها، وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل، أو تنعدم رغبته في الشر.

* فبالضرورة، مداومتها، والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها.

* وثم في الصلاة مقصود أعظم من هذا، وأكبر، وهو ما اشتملت عليه من ذكر الله، بالقلب، واللسان، والبدن). اهـ

قلت: إذا من أخر الإفطار إلى ما بعد غروب الشمس، فقد خالف النبي ه، والصحابة الكرام في تعجيل الإفطار مع غروب الشمس، فهذا لا يفلح أبدا.

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا.([309])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد عجلوا الفطر وخالفوا اليهود والنصارى، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم فله وعيد شديد، والعياذ بالله.

قلت: ووجه الاستدلال بها([310])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([311])

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ

قلت: وهذا وعيد من الله تعالى لمن يحيد عن منهج الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([312])، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول ه. قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول ه، فالمخالف لهم مخالف للرسول ه؛ كما أن المخالف للرسول ه مخالف لله؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول ه: وهذا هو الصواب([313])).اهـ

قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله ه، وسنن أصحابه ن، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

وقال الحافظ البيهقي في «فضائل الأوقات» (ص294): ما يستحب من تعجيل الفطر وتأخير السحور.

28) وعن إبراهيم النخعي / قال: «إن من السنة تعجيل الإفطار».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص23) من طريق وكيع، عن أبي العنبس عمرو بن مروان، قال: سمعت إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الفقيه السمرقندي في «تحفة الفقهاء» (ص52): (وأما أول وقت المغرب فحين تغرب الشمس بلا خلاف). اهـ

قلت: فدل هذا على إجماع العلماء على أن إذا غربت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، ودخل فطر الصائم([314])، والله المستعان.

قال العلامة الشوكاني / في «الدر البهية» (ج1 ص454): (ويندب تعجيل الفطر، وتأخير السحور). اهـ

وقال الحافظ أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج3 ص157): (التعجيل أحفظ للقوة، وأرفع للمشقة وأوفق للسنة، وأبعد عن الغلو والبدعة). اهـ

قلت: ويظهر الفرق هنا بين أهل السنة، وبين أهل البدعة.

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج4 ص37): (بقايا شعاع الشمس، وما بعد مغيبها لا يلتفت إليه، ولا يستحقه أمد الصوم، وأن مغيب قرصها أوجب الفطر ودخل الليل، أو أن التعجيل بالإفطار أولى وأحق). اهـ

قلت: فتعجيل الفطر من خصائص هذه الأمة، ولا تزال بخير ما دامت تحافظ على هذه السنة.([315])

قال الفقيه العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص285): (أن التأخير لما كان سببا لزوال الخير كان التعجيل سببا لاستجلابه). اهـ

29) وعن عروة بن عياض، يخبر عبد العزيز بن عبد الله أنه: «يؤمر أن يفطر الإنسان قبل أن يصلي، ولو على حسوة».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص227) من طريق ابن جريج قال: سمعت عروة بن عياض، يخبر عبد العزيز بن عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104).

قلت: وهذه الآثار موافقة لما ثبت في السنة النبوية من الأمر بتعجيل الإفطار بغروب الشمس، ولا ينتظر الأذان، والله ولي التوفيق.

قال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص240): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، وإنما هو مغيب الشمس عن أفق الصائم، ولا مزيد).اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص241): (وتعجيل الفطر قبل الصلاة، والأذان أفضل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص40): (وفي هذا فضل تعجيل الفطر، وكراهة تأخيره). اهـ

قلت: فمن سنن الصوم تعجيل الفطر عند غروب الشمس، وقبل الصلاة.([316])

قلت: وهذا يدل على أن إجماع الصحابة ن على تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب، ولم يتأخروا عن ذلك.([317])

قال الفقيه الدمياطي / في «إعانة الطالبين» (ج2 ص384): (ولما صح أن الصحابة ن كانوا أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا، وإنما كان الناس بخير ما عجلوه، لأنهم لو أخروه لكانوا مخالفين السنة، والخير ليس إلا في اتباعها:

* وكل خير في اتباع من سلف، * * وكل شر في ابتداع من خلف). اهـ

30) وعن ابن عوسجة قال: «كان علي يأمرنا أن نفطر قبل الصلاة، ويقول: إنه أحسن لصلاتكم».([318])

تنبيه: ضعف أثر عمر، وعثمان في تأخير الفطر بعد الصلاة!.

عن حميد بن عبد الرحمن: «أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان؛ كانا يصليان المغرب حين ينظران إلى الليل الأسود قبل أن يفطرا، ثم يفطران بعد الصلاة، وذلك في رمضان».

أثر ضعيف

أخرجه مالك في «الموطإ» (696)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص97)، وفي «المسند» (ج1 ص478)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص300)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص255)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص225)، والقعنبي في «الموطإ» (ص322)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص238)، وفي «معرفة السنن» (ج6 ص286)، ومحمد بن الحسن في «الموطإ» (ص128)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص24)، والحدثاني في «الموطإ» (ص413) من طريق ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن به.

قلت: وهذا سنده ضعيف؛ لانقطاعه.([319])

وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج8 ص612).

31) وعن حاجب بن عمر قال: كنت أسمع الحكم بن الأعرج يسأل: درهما أبا هند؟([320]) فيقول درهم: «كنت أقبل من السوق فيتلقاني الناس منصرفين، قد صلى بهم معقل بن يسار ط؛ فأتمارى غربت الشمس، أو لم تغرب».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص329) من طريق معاذ بن معاذ، عن حاجب بن عمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وهذا الصحابي معقل بن يسار المزني ط([321]) يصلي بالناس، ولم تغرب الشمس بالكلية، مما يدل على أن وجود قرص الشمس، أو بعضه يسمى غروبا عند السلف.

32) وقال تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهمذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا [ [الكهف: 17].

قلت: وهذه الآية الكريمة تدل على أن الشمس لم تغب بالكلية عن أهل الكهف لطلوعها جهة المغرب ووجودها، وقد سمى الله تعالى ذلك غروبا؛ بقوله تعالى: ]وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال[؛ فسمى الله ذلك غروبا، وهي ترى بالعين، لقوله تعالى: ]وترى الشمس[؛ أي: وتراها إذا غربت؛ أي: وهي طالعة تقرضهم؛ أي: تميل عنهم، ولا تميل عنهم أي: تتحرك- إلا إذا كانت طالعة وتزول، وتميل.([322])

* أما إذا اختفت بالكلية؛ فكيف تقرضهم، وتميل، وتتحرك عن الكهف، إذا إذا غابت بالكلية فلا حاجة أن تميل عنه.

33) فعن ابن عباس قال: (في قوله تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال [ [الكهف: 17]؛ قال: تميل عنهم، وفي قوله: ]تقرضهم[ قال: تذرهم).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص235)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص185)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج9 ص507-الدر المنثور) من طريق معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص507)، وفي «الإتقان» (ج2 ص25)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج5 ص143).

34) وعن مجاهد / قال: (في قوله: ]تقرضهم [ [الكهف: 17]؛ قال: تتركهم ذات الشمال).

أثر صحيح

أخرجه آدم بن إياس في «تفسير القرآن» (ص446)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج9 ص507-الدر المنثور)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص212)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2352)، والفريابي في «تفسير القرآن» (ج8 ص406-الفتح)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج9 ص507-الدر المنثور)، والبخاري في «صحيحه» تعليقا (ج8 ص406)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص243) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص212) من طريق حجاج عن ابن جريج عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص507)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج5 ص143)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج8 ص406).

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج5 ص143): (هذا دليل على أن باب هذا الكهف من نحو الشمال؛ لأنه تعالى أخبر أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه ]ذات اليمين [أي: يتقلص الفيء يمنة ... وقوله تعالى: ]تزاور[؛ أي: تميل ... ولو كان من ناحية القبلة لما دخل منها شيء عند الطلوع ولا عند الغروب). اهـ

35) وعن قتادة / قال: (في قوله تعالى: ]تزاور عن كهفهم ذات اليمين[ [الكهف: 17]، قال: تميل عن كهفهم ذات اليمين).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص400)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص211) من طريق معمر، وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

36) وعن قتادة / قال: (في قوله تعالى: ]تقرضهم ذات الشمال[ [الكهف: 17]، قال: تدعهم ذات الشمال).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص400)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص211) من طريق معمر، وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

37) وعن سعيد بن جبير / قال: (في قوله تعالى: ]تزاور عن كهفهم[ [الكهف: 17] تميل).

أثر حسن

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص211 و212) من طريق محمد بن مسلم عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير به.

قلت: وهذا سنده حسن.

38) وعن سعيد بن جبير / قال: (في قوله تعالى: ]وإذا غربت تقرضهم [ [الكهف: 17]؛ قال: تتركهم ذات الشمال).

أثر حسن

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص212) من طريق محمد بن مسلم عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فإذا طلعت الشمس مالت عن كهفهم ذات اليمين؛ يعني: يمين الكهف، وإذا غربت تمر بهم ذات الشمال؛ يعني: شمال الكهف لا تصيبه ... فتميل عنهم الشمس طالعة، وغاربة، لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرها، وتغير ألوانهم، وهم كانوا في متسع من الكهف، ينالهم فيه برد الريح، ونسيم الهواء.

قال تعالى: ]وهم في فجوة منه [ [الكهف: 17]؛ أي: من الكهف، والفجوة: متسع في مكان.([323])

قال المفسر الثعلبي / في «الكشف والبيان» (ج6 ص159): (قوله تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا [ [الكهف: 17]؛ أي: تتزاور ... تميل عنهم الشمس طالعة وغاربة وجارية). اهـ

قال المفسر الواحدي / في «الوسيط» (ج3 ص139): (قوله تعالى: ]وإذا غربت تقرضهم [ [الكهف: 17]؛ أي: تعدل عنهم وتتركهم ... وتميل عنهم الشمس طالعة وغاربة). اهـ

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج3 ص159): (]وترى الشمس إذا طلعت تزاور [ [الكهف: 17]؛ أي: تميل وتعدل ... ]وإذا غربت تقرضهم[؛ أي: تتركهم وتعدل عنهم ... فلا تقع الشمس عليهم عند الطلوع، ولا عند الغروب، ولا عند الاستواء). اهـ

وقال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج5 ص17): (]وترى الشمس[؛ أي: حفظهم الله تعالى من الشمس، فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس، تميل يمينا، وعند غروبها تميل عنه شمالا([324])، فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها).اهـ

وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج10 ص368): (قوله تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين[؛ أي: أي ترى أيها المخاطب الشمس عند طلوعها تميل عن كهفهم. والمعنى: إنك لو رأيتهم لرأيتهم كذا، لا أن المخاطب رآهم على التحقيق. «تتزاور» تتنحى وتميل، من الازورار. والزور الميل ... وقوله تعالى:  ]وإذا غربت تقرضهم[، قرأ الجمهور بالتاء على معنى تتركهم، قاله مجاهد، وقال قتادة: تدعهم. النحاس: وهذا معروف في اللغة، حكى البصريون أنه يقال: قرضه يقرضه إذا تركه، والمعنى: أنهم كانوا لا تصيبهم شمس ألبتة كرامة لهم، وهو قول ابن عباس. يعني: أن الشمس إذا طلعت مالت عن كهفهم ذات اليمين، أي يمين الكهف، وإذا غربت تمر بهم ذات الشمال، أي: شمال الكهف، فلا تصيبهم في ابتداء النهار، ولا في آخر النهار... فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة وجارية لا تبلغهم لتؤذيهم بحرها، وتغير ألوانهم وتبلي ثيابهم).اهـ

وقال المفسر ابن جرير / في «جامع البيان» (ج3 ص262)؛ عن غروب الشمس: (كما أن آخر النهار ابتداء غروبها دون أن يتتام غروبها). اهـ

والشاهد: قوله: (دون أن يتتام غروبها)، وهذا يدل أنها لم تغرب بالكلية، فقد بقي منها شيء لم يتم سقوط قرص الشمس كله، وهذا قول في لغة العرب.

39) وقال تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

قلت: ويتعين دخول الليل من غروب الشمس، ويتحقق للصائم الإفطار([325])، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

* وأول الليل مغيب الشمس؛ أي: وصول الشمس مكان الغروب.([326])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص63): (فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه، والمراد مفهوم). اهـ

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص42): (أجمع العلماء على أنه إذا حلت صلاة المغرب فقد حل الفطر للصائم فرضا وتطوعا، وأجمعوا أن صلاة المغرب من صلاة الليل، والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]).اهـ

قلت: فهذا قرب قرص الشمس من الأرض، يعتبر هذا القرب غروبا، لأن العرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه.([327])

ومن هذا قول الله تعالى: ]فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن [ [الطلاق: 2]، وهذا على القرب عند الجميع.

ومنه؛ قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

* وهذا يدل على أن بقية النهار بعد غروب الشمس يسمى ليلا، مع أن النهار لم يغب بالكلية، أي: أنه لا عبرة بوجود شيء من آخر النهار([328])، وذلك لأن العرب تسمي ذلك ليلا؛ حتى مع وجود النهار([329])، فافهم لهذا.

قلت: ودخول الليل، وذلك بغروب الشمس، وليس بشرط أن تغيب في الأفق عن أعين الناظرين، كما يظن البعض، بل لو تقارب غروب الشمس يكفي للإفطار والصلاة، فافهم لهذا.([330])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (والعرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه). اهـ

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي في «السنة» (ص121): (وقال الله تبارك وتعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]؛ ففسر([331]) النبي r بسنته كيف يجيء الليل لتمام الصيام). اهـ

قلت: وقد أجمع الصحابة الكرام على العمل بحكم فطر الصائم، والشمس طالعة في الأفق في جهة المغرب، وأجمعوا على دخول وقت صلاة المغرب بذلك؛ كما هو ظاهر في الآثار، وقد أجمع التابعون على اتباع الصحابة y فيما ورد عنهم من آثار من أقوالهم، وأفعالهم، والله المستعان.

قال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة y فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ

وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج2 ص23): (القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض، ولم يوجد له منهم مخالف؛ فهو إجماع، وحجة على من بعدهم). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355): (فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم؛ فأين المهرب عنهم دون سنة، ولا أصل وبالله التوفيق). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص560): (وأما تخصيص اتباعهم يعني: الصحابة- بأصول الدين دون فروعه فلا يصح؛ لأن الاتباع عام). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص474): (وتقليدهم يعني: الصحابة - اتباع لهم، ففاعله ممن رضي الله عنهم). اهـ

قلت: وهذه الأثار صحيحة في غروب الشمس، وهي طالعة رواها جماعة من الصحابة y، وأصحاب الحديث فيما ورد في الآثار، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها بمثل تأويل المتعالمين، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص82): (وأولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه؛ لسان النبي r). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص87): (فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها، على ما تعرف من معانيها). اهـ

40) وعن أبي العالية /؛ أنه قال في الوصال في الصيام، قال: (قال الله تبارك وتعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187] وإذا جاء الليل فهو مفطر، ثم إن شاء صام وإن شاء ترك).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص134)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص264).

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص134).

قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص337): (وأما التي تتعلق بزمان الإمساك؛ فإنهم اتفقوا على أن آخره غيبوبة الشمس، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]). اهـ

وقـال الـعـلامـة الـشيخ عـبد الرحمـن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص87): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ أي: الإمساك عن المفطرات إلى الليل، وهو غروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه الرازي / في «التفسير الكبير» (ج5 ص95): (كلمة «إلى» لانتهاء الغاية، فظاهر الآية أن الصوم ينتهي عند دخول الليل، وذلك لأن غاية الشيء مقطعه ومنتهاه، وإنما يكون مقطعا ومنتهى إذا لم يبق بعد ذلك). اهـ

وقال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج3 ص118): (]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187] أي: صوم كل يوم إلى الليل؛ أي: إلى ظهور الظلمة من قبل المشرق، وذلك بغروب الشمس، وكلمة «إلى» تفيد أن الإفطار عند غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص453): (فدل ما ذكرنا على أن الدخول في الصيام من طلوع الفجر، وعلى أن الخروج منه بدخول الليل، وكان قوله عز وجل: ]إلى الليل[؛ غاية لم يدخلها في الصيام بما بين لنا على لسان رسول الله). اهـ

وقال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج1 ص215): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ فالصائم يحرم عليه الطعام والشراب بطلوع الفجر الصادق، ويمتد إلى غروب الشمس، فإذا غربت حصل الفطر). اهـ

وقال المفسر ابن جزي / في «تفسير القرآن» (ص47): (قوله تعالى: ]إلى الليل[؛ أي: إلى أول الليل، وهو غروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص92): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ فشرط ربنا تعالى إتمام الصوم حتى يتبين الليل، كما جوز الأكل حتى يتبين النهار، ولكن إذا تبين الليل فالسنة تعجيل الفطر).اهـ

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج1 ص214): (فإذا تحقق طلوع الفجر الثاني، وهو الصادق حرم على الصائم الطعام، والشراب، والجماع إلى غروب الشمس، وهو قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ يعني: منتهى الصوم إلى الليل، فإذا دخل الليل حصل الفطر). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص165): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ فيه التصريح بأن للصوم غاية هي الليل، فعند إقبال الليل من المشرق، وإدبار النهار من المغرب، يفطر الصائم ويحل له الأكل والشرب، وغيرهما). اهـ

41) وعن عبد الله بن أبي أوفى t، قال: كنا مع رسول الله r في سفر وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال لبعض القوم: يا فلان، قم فاجدح لنا، فقال: يا رسول الله، لو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله، فلو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: إن عليك نهارا، قال: انزل فاجدح لنا، فنزل فجدح لهم، فشرب النبي r ثم قال: (إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم). وفي رواية: (إذا غابت الشمس من هاهنا، وجاء الليل من هاهنا([332]) فقد أفطر الصائم)، وفي رواية: (وأمر بلالا)، وفي رواية: (قال: يا رسول الله الشمس، قال: انزل فاجدح لي)، وفي رواية: (لو انتظرت حتى تمسي، قال انزل فاجدح لنا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1955 و1958 و2941)، ومسلم في «صحيحه» (1101)، وأحمد في «المسند» (19395)، و(19399)، أبو داود في «سننه» (2352)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3297)، وابن حبان في «صحيحه» (3511)، و(3512)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص312)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص590) من طرق عن سليمان الشيباني قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى t فذكره.

قلت: فالنبي r لم ينظر إلى وجود قرص الشمس نظرا تاما، لذلك أعرض r عن قول بلال حين قال: «يا رسول الله الشمس»، واعتبر r غيبوبة الشمس، مع أنها لم تغب كلها في الأرض([333])، والله المستعان.

قال الفقيه ابن العربي / في «القبس» (ج2 ص479)؛ معلقا على الحديث: (فأنكر الرجل سرعة الفطر، فأعلمه النبي r أن ذلك هو الحق!). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (قوله فاجدح بالجيم ثم الحاء المهملة والجدح تحريك السويق ونحوه بالماء بعود يقال له المجدح مجنح الرأس وزعم الداودي أن معنى قوله اجدح لي أي احلب وغلطوه في ذلك قوله إن عليك نهارا يحتمل أن يكون المذكور كان يرى كثرة الضوء من شدة الصحو فيظن أن الشمس لم تغرب ويقول لعلها غطاها شيء من جبل ونحوه أو كان هناك غيم فلم يتحقق غروب الشمس وأما قول الراوي وغربت الشمس فإخبار منه بما في نفس الأمر وإلا فلو تحقق الصحابي أن الشمس غربت ما توقف لأنه حينئذ يكون معاندا وإنما توقف احتياطا واستكشافا عن حكم المسألة). اهـ

قلت: وهذا كله يدل على شدة تعجيل النبي r للإفطار.

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وموضع الدلالة منه ما يشعر به سياقه من مراجعة الرجل له بكون الشمس لم تغرب في جواب طلبه لما يشير به فهو ظاهر في أنه كان r صائما). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن حصول الغروب لا يلزم منه أن يتحقق غروب قرص الشمس بالكلية، أي: أن قرص الشمس لم يغب بالكلية، بل يرى عيانا، وهذا يسمى غروبا عند العرب، لأن لا عبرة بنهاية الشمس في جهة المغرب بعشر دقائق عن الأرض، فافطن لهذا.

قال الإمام ابن الملقن / في «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» (ج5 ص12): (الإشارة في الأول إلى جهة المشرق، وفي الآخر إلى جهة المغرب، وهما متلازمان في الوجود: إذ لا يقبل الليل إلا إذا أدبر النهار). اهـ

قلت: فإذا أقبل الليل؛ أي: ظلامه من جهة المشرق، وأدبر النهار؛ أي: ضياؤه من جانب المغرب، فقد أفطر الصائم.

* فهذا إقبال الظلام، وإدبار النهار، وهو حل وقت فطر الصائم.([334])

قال الـعلامـة أبـو عبد الرحـمـن الـعـظـيم آبـادي / في «عون المعبود» (ج6 ص478): (قوله r: (إذا جاء الليل من هاهنا): أي: من جهة المشرق، وقوله r: (وذهب النهار من هاهنا)؛ أي: من جهة المغرب). اهـ

قلت: ووجه الدلالة أن النبي لما تحقق عنده غروب الشمس، أي: نهايتها، _ وإن كان قرص الشمس يرى _ لم يطلب مزيدا على ذلك، ولا التفت إلى موافقة من عنده من الصحابة الكرام على ذلك؛ بقوله: (يا رسول الله الشمس، فقال r له: انزل فاجدح لي، فنزل فجدح له([335]) فشرب!)، فلو كان يجب الإمساك حين غياب قرص الشمس بالكلية لفعل ذلك، فاعتبر r أن ذلك غروبا، بقوله r: (وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم)؛ أي: دخل في وقت الفطر.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وفي الحديث استحباب تعجيل الفطر، وأنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقا، بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر). اهـ

42) وعن عبد الله بن أبي أوفى، قال: (كنا مع النبي r في سفر، فقال لرجل من القوم: انزل فاجدح لي بشيء وهو صائم، فقال: الشمس يا رسول الله! قال: انزل فاجدح لي، قال: فنزل فجدح له فشرب، وقال: ولو ترآها([336]) أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس، ثم أشار النبي r بيده إلى المشرق، قال: إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الشيخ الألباني / في «مختصر صحيح البخاري» (ج1 ص571): (زاد عبد الرزاق (4/226/7594): (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها، يعني: الشمس)، وسنده صحيح على شرط الشيخين).

وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص412) وأقره؛ برواية ابن عيينة عن الشيباني عن ابن أبي أوفى t وفيه: (قال: فلو نزا أحد على بعيره لرآها؛ (يعني: الشمس)، ثم أشار النبي r بيده قبل المشرق).

قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي r أفطر مع وجود قرص الشمس لم يغب كله، وشدة ضيائها، لقوله: (يا رسول الله الشمس)، وقوله: (إن عليك نهارا)، وقوله: (ولو تراآها أحد على بعيره لرآها؛ يعني الشمس!)، مع أنه قال: (لما غابت الشمس)، فهذا يسمى عند العرب غروبا، وهو نهاية الشمس([337])، فافطن لهذا ترشد.

قلت: فمن فقه العبد تعجيل فطره، وتأخير سحوره، والله المستعان.

قلت: والعبرة بغروب الشمس، أو قرب الغروب، ولا حاجة إلى أن يزول النور القوي، أو الحمرة، بل بمجرد ما يغيب قرص الشمس، أو قارب يفطر الصائم، كما فعل الصحابة الكرام.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج2 ص50): (وكان يعجل الفطر ويحض عليه، ... وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ... وكان r يفطر قبل أن يصلي). اهـ

قلت: وهذا الحديث يدل على أن الرسول r أفطر على أمر غير معتاد لبلال بن رباح t، وهو إفطاره r مع وجود قرص الشمس، وأن المعتاد عند بلال t هو إفطار النبي r مع مغيب قرص الشمس بالكلية([338])، فأراد النبي r أن يعلم الصحابة الكرام y أن تعجيل الفطر بهذا المستوى من الشمس من الدين، وهذا من باب التيسير على الأمة، وهو موافق لأصول من أصول الشريعة الغراء: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقد عمل بذلك الصحابة الكرام، وهم أعلم الناس بأحكام الشريعة المطهرة.([339])

قلت: وهنا يريد الصحابي أن يفسر الحديث المجمل في ألفاظه؛ بقوله: (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس)([340])، ويبين حكم غروب الشمس بهذا المستوى، وأن تفسير الصحابي الحاضر في موقع الحادثة مع النبي r أولى من غيره ممن لم يكن حاضرا مع النبي r، وهذا فيه رد على من فسر طلوع الشمس بالحمرة في الأفق: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قلت: وهذا يدل أيضا على أن الأرض كانت غير مستوية؛ ليرى الناظر الشمس بوقوفه على قدمه، بل لا بد أن يحتاج الناظر إلى أرض مرتفعة ليراها([341])؛ لقوله: (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس)، فافطن لهذا.

قلت: وأضف إليه قول بلال بن رباح t: (الشمس يا رسول الله!)، وقوله: (إن عليك نهارا)([342])، وأنه إذا وجد النهار لا بد أن توجد الشمس طالعة في الأفق، والصحابة الكرام y هم عرب، ويتكلمون باللغة العربية، ويعرفون حقيقة النهار ووجوده، ويكون ذلك مع طلوع الشمس لا مع غيبوبتها بالكلية، فافطن لهذا.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (قوله: (إن عليك نهارا) يحتمل أن يكون المذكور كان يرى كثرة الضوء من شدة الصحو فيظن أن الشمس لم تغرب ويقول لعلها غطاها شيء من جبل ونحوه). اهـ

قلت: والصحيح أن الشمس غطاها شيء من سهل، أو تل، أو مرتفع، ونحو ذلك، وهذا يدل أنها لم تغب بالكلية، فهي خلف هذا المرتفع لقوله: (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها)، لأن لو تحقق لبلال بن رباح t أن الشمس قد غربت بالكلية ما توقف عن الجدح، وإنما توقف عن الجدح لطلوع قرص الشمس فوق الأرض، وهذا ظاهر لمن تدبر الحديث.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وأما قول الراوي: (وغربت الشمس)؛ فإخبار منه بما في نفس الأمر، وإلا فلو تحقق الصحابي أن الشمس غربت([343]) ما توقف؛ لأنه حينئذ يكون معاندا([344])، وإنما توقف احتياطا واستكشافا عن حكم المسألة([345]». اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ

وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([346])

قلت: وبيان السنة والأثر للقرآن حجة على أقوال العلماء، والمذاهب، والآراء، فلا يحل تقديم تفسير عالم، أو إمام، أو مذهب، أو تقرير عقل على تفسير السنة والأثر وعلى بيانهما، ولا يحل نصب الخلاف بين السنة والأثر، وبين قول مذهب، أو محاولة توفيق في شيء من ذلك، اللهم غفرا.

قال الإمام ابن القيم /: (وهكذا تجد كل مجادل في نصوص الوحي بالباطل، إنما يحمله على ذلك؛ كبر في صدره ماهو ببالغه).([347]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص234):  (القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى  الله عليه وسلم لم يحتج إلى أقوال أهل اللغة).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص186):  (من كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله، ونبيه الذي أرسله؛ كان أعلم فرقانا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص236):  (لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل، ورأي، وقياس). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص231):  (النزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مختصر الفتاوى المصرية» (ص556): (فمن ظن أنه يأخذ من الكتاب والسنة بدون أن يقتدي بالصحابة، ويتبع غير سبيلهم فهو من أهل البدع والضلال). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص281): (ليس لأحد أن يدفع المعلوم من سنة رسول الله r بقول أحد من الخلق). اهـ

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج1 ص290): (العلماء ورثة الأنبياء» والأنبياء لم يورثوا إلا العلم، وعلم نبينا r سنته، فمن تعرى عن معرفتها لم يكن من ورثة الأنبياء). اهـ

43) وعن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، قال حدثني وفدنا [وهم: من الصحابة] الذين قدموا على النبي r، (كان بلال t يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله ما بقي من رمضان بفطرنا وسحورنا من عند رسول الله r، فيأتينا بالسحور ... ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول: ما نرى الشمس ذهبت كلها، فيقول بلال t: ما جئتكم حتى أكل رسول الله r؛ يضع في الجفنة فيلقم منها). وفي رواية: (وإنا لنقول: إنا لنتمارى في وقوع الشمس لما نرى من الإسفار).

حديث حسن

أخرجه الروياني في «المسند» (742)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج1 ص115)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3279)، وابن هشام في «السيرة النبوية» (ج4 ص85) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي به مطولا.

وذكره ابن حجر في «الإصابة» (ج5 ص210)؛ في ترجمة عطية بن سفيان ثم قال: (وأصحها رواية إبراهيم بن سعد عنه: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان([348])، حدثني وفدنا الذين قدموا على النبي r بإسلام ثقيف، وقدموا عليه في رمضان... فذكر الحديث). اهـ

وذكره الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج2 ص495) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن عيسى عن عطية بن سفيان به. ومن طريق أحمد بن خالد الذهبي: عن ابن إسحاق، عن عيسى، عن عطية: حدثنا وفدنا؛ [أي: من الصحابة الذين كانوا مع النبي rثم قال ابن حجر: (ورواية أحمد بن خالد أشبه بالصواب، فإن عطية بن سفيان تابعي معروف). اهـ

وذكره الحافظ ابن كثير / في «البداية والنهاية» (ج5 ص32) من طريق ابن إسحاق: حدثني عيسى بن عبد الله، عن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي عن بعض وفدهم [وهم: من الصحابة] قال: كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله r ما بقي من شهر رمضان بفطورنا وسحورنا فيأتينا بالسحور ... ويأتينا بفطرنا، وإنا لنقول ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد، فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله r، ثم يضع يده في الجفنة فيلقم منها). اهـ

قلت: وهذا سنده حسن، وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وجهالة الوفد لا تضر، لأن جهالة الصحابة y لا تضر في الحديث، لأنهم كلهم عدول، كما هو مقرر في أصول الحديث.([349])

والحديث أشار إليه أبو القاسم ابن منده في «المستخرج» (ج2 ص280).

وقال الحافظ البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج7 ص10): (عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي؛ عن الوفد الذين جاؤوا النبي r). اهـ

وقد أثبت صحة الحديث الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج4 ص454)، و(ج5 ص210).

وقال الحافظ النووي / في «التقريب» (ج1 ص403): (والصحابة y كلهم عدول). اهـ

وقال الحافظ العراقي / في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص578): (أن الصحابة الذين ثبتت صحبتهم كلهم عدول). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «اختصار علوم الحديث» (ص158): (وجهالة الصحابي لا تضر، بخلاف غيره). اهـ

وقال العلامة الألباني / في «الصحيحة» (ج1 ص774): (وجهالة اسم الصحابي لا تضر، كما في المصطلح تقرر). اهـ

وقال العلامة الألباني / في «الصحيحة» (ج6 ص904): (وعلى هذا جرى إمام السنة أحمد بن حنبل / في مسنده، فإن فيه عشرات الأحاديث عن جماعة من الصحابة لم يسموا، يقول التابعي فيهم: عن بعض أصحاب النبي r، أو بعض من شهد النبي r). اهـ

قلت: وعطية بن سفيان([350]) هذا تابعي معروف، وابن الصحابي المعروف، وهو سفيان بن عبد الله الثقفي t الذي كان عامل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الطائف بعد عثمان بن أبي العاص t ([351])، ولم يأت بمنكر في هذا الحديث، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص681): (صدوق)، ووثقه الحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص438)، وذكره الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص216)؛ ثم قال: روى عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب ، وسكت عنه الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص10)، والحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج6 ص382)؛ فمثله حسن الحديث([352])، فافطن لهذا.

قال الحافظ الخطيب / في «أصول الرواية» (ص149): (وترتفع الجهالة عن الراوي بمعرفة العلماء له، أو برواية عدلين عنه). اهـ

قلت: وعيسى بن عبد الله بن مالك روى عنه أبو داود في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وابن ماجه في «سننه»، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص231)، وروى عنه جمع من الرواة، وقال الذهبي في (ج2 ص31): (وثق)، وسكت عنه الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج6 ص280)؛ فمثله حسن الحديث([353])؛ لأنه لم يأت بمنكر في الأحاديث التي رواها ووافق الثقات، فافهم لهذا ترشد.

قال الحافظ الخطيب / في «أصول الرواية» (ص149): (وترتفع الجهالة عن الراوي بمعرفة العلماء له، أو برواية عدلين عنه). اهـ

وقال الحافظ العراقي / في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص578): (والحق أنه إن كان معروفا بذكره في الغزوات أو فيمن وفد([354]) من الصحابة أو نحو ذلك؛ فإنه تثبت صحبته وإن لم يرو عنه إلا راو واحد). اهـ

قلت: ولا يضر اختلاف الحديث([355]) على محمد بن إسحاق ما دام ترجح لنا صحة رواية: «عطية بن سفيان» على غيرها، كما بين ذلك الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج5 ص210)، وغيره من أهل العلم.

وقال الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج5 ص210): (عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي: تابعي معروف، اختلف في حديثه على ابن إسحاق اختلافا كثيرا، وأصحها رواية إبراهيم بن سعد عنه: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان، حدثني وفدنا الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإسلام ثقيف، وقدموا عليه في رمضان ... فذكر الحديث.

* وأخرجه ابن ماجه، وقد تقدم بيان الاختلاف فيه في ترجمة علقمة الثقفي).اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج4 ص454)؛ بعدما ذكر الاختلاف: (علقمة بن سفيان، وقيل: ابن سهيل الثقفي، وقيل: عطية بن سفيان، وقال يونس بن بكير في زيادات المغازي: حدثني إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري([356])، حدثني عبد الكريم، حدثني علقمة بن سفيان، قال: كنت في الوفد من ثقيف، فضربت لنا قبة، فكان بلال يأتينا بفطرنا من عند النبي r... الحديث ... وقال أحمد بن خالد الوهبي: عن ابن إسحاق، عن عيسى، عن عطية: حدثنا وفدنا.([357])

* أخرجه ابن ماجه، ورواية أحمد بن خالد أشبه بالصواب، فإن عطية بن سفيان تابعي معروف). اهـ

وقال الحافظ البوصيري / في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص438): رواه أبو يعلى واللفظ له، وابن ماجه مختصرا، ورواته ثقات.

وقال الحافظ البوصيري / في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص437): عن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي قال أنبأنا وفدنا [يعني: من الصحابة y] الذين كانوا قدموا على رسول الله  r، وذكر الحديث.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج5 ص275)؛ أن رواية: إبراهيم بن سعد هي أصح الروايات، حيث رواها متصلة.

وكذلك رواية: زياد بن عبد الله البكائي وهو صاحب محمد بن إسحاق الذي أخذ ابن هشام «السيرة النبوية» عنه عن محمد بن إسحاق، حيث رواها متصلة أيضا؛ من حديث عطية بن سفيان، كما صوبه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج1 ص115).

قلت: وبقية الروايات([358]) لا تصح لما فيها من تحريف، أو تصحيف، أو إرسال في السند، وليس هذا موضع بسطها.([359])

قلت: وقصة وفد ثقيف مشهورة عند أهل العلم قديما وحديثا في صومهم مع النبي r في رمضان.

فعن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة، قال: حدثنا وفدنا الذين قدموا على رسول الله r بإسلام ثقيف([360])، قال: (وقدموا عليه في رمضان، فضرب عليهم قبة في المسجد، فلما أسلموا صاموا ما بقي عليهم من الشهر).

حديث حسن

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (1760)، وابن هشام في «السيرة النبوية» (ج4 ص185)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص43)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج20 ص150) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان به مختصرا.

قلت: وهذا سنده حسن، وقد صرح محمد بن إسحاق بسماعه من عيسى بن عبد الله، وكما في رواية إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق التي أشار إليها الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج5 ص275)؛ في ترجمة عطية بن سفيان بن ربيعة.

وقال محققو «سنن ابن ماجه» (ج2 ص642): (إسناده حسن إن شاء الله، محمد بن إسحاق وهو ابن يسار المطلبي قد صرح بسماعه من عيسى بن عبد الله كما في «السيرة النبوية» لابن هشام (4/185)، وكما في رواية إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق التي أشار إليها الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (5/275) في ترجمة عطية بن سفيان). اهـ

وقال الحافظ ابن أبي حاتم / في «الجرح والتعديل» (ج6 ص382): (عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي؛ عن الوفد الذين جاؤوا النبي r).اهـ

قلت: والشاهد قوله: (ما نرى الشمس ذهبت كلها)؛ حيث يدل على أن الصحابة y أفطروا مع بلال t في رمضان، والشمس قد قاربت الغروب، وهي طالعة في جهة المغرب، لم تغب بالكلية في الأرض.

* وكذلك أفطر النبي r قبلهم والشمس طالعة وأخبر بلال t عن ذلك، بقوله: (ما جئتكم حتى أكل رسول الله r)؛ أي: أكل رسول الله r والشمس لم تغب بالكلية في الأرض.

قلت: وقد نقل العلماء حديث: قصة وفد ثقيف، وما فيه من إفطار النبي r وأصحابه y، والشمس طالعة، لم يغب قرص الشمس بالكلية، ولم ينكروا الحديث، بل أقروه؛ منهم: الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج5 ص32)، والحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج4 ص454)، و(ج5 ص210)، والحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص438)، والفقيه السهيلي في «الروض الأنف» (ج7 ص418)، والفقيه يحيى بن أبي بكر الحرضي في «بهجة المحافل» (ج2 ص28)، والفقيه المقريزي في «إمتاع الأسماع» (ج14 ص309).

قال الفقيه السهيلي / في «الروض الأنف» (ج7 ص418): (بلال ووفد ثقيف في رمضان: قال ابن إسحاق: وحدثني عيسى عن عبد الله بن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي، عن بعض وفدهم. قال: كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله r ما بقي من رمضان بفطرنا وسحورنا من عند رسول الله r فيأتينا بالسحور، وإنا لنقول إنا لنرى الفجر قد طلع فيقول قد تركت رسول الله r يتسحر لتأخير السحور ويأتينا بفطرنا، وإنا لنقول ما نرى الشمس كلها ذهبت بعد([361]). فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله r؛ ثم يضع يده في الجفنة فيلتقم منها). اهـ

وقال الفقيه يحيى بن أبي بكر الحرضي / في «بهجة المحافل» (ج2 ص28): (كان قدومهم على النبي r في شهر رمضان عند مرجعه من تبوك روي عن بعض وفدهم [وهم: من الصحابة] قال: (كان بلال يأتينا بعد أن أسلمنا بسحورنا، وإنا لنقول: أن الفجر قد طلع، فيقول: قد تركت رسول الله r يتسحر، ويأتينا بفطورنا، وإنا لنقول: ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد([362]) فيقول: ما جئتكم حتى أكل رسول الله r ثم يضع يده في الجفنة فيلتقم منها ... (وإنا لنقول إن الفجر قد طلع)؛ أي: من شدة تأخير السحور كما هو السنة (بفطورنا)؛ بالفتح أيضا اسم لما يفطر به (ما نرى الشمس)؛ بالضم: أي ما نظنها (غربت)؛ أي من شدة تعجيل الفطر كما هو السنة). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «البداية والنهاية» (ج5 ص39)؛ فصل: قدوم وفد ثقيف على رسول الله r في رمضان من سنة تسع: (قال ابن إسحاق: وحدثني عيسى بن عبد الله، عن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي عن بعض وفدهم قال: كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله r ما بقي من شهر رمضان بفطورنا وسحورنا فيأتينا بالسحور فإنا لنقول إنا لنرى الفجر قد طلع؟ فيقول: قد تركت رسول الله r يتسحر لتأخير السحور، ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد([363])، فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله r، ثم يضع يده في الجفنة فيلقم منها). اهـ

وقال الفقيه المقريزي / في «إمتاع الأسماع» (ج14 ص309): (وذكر في وفد ثقيف أيضا أن بلالا t كان يأتيهم بفطرهم، ويخيل أن الشمس لم تغب، فيقولون: ما هذا من رسول الله r إلا لننظر كيف إسلامنا، فيقولون: يا بلال ما غابت الشمس بعد؟([364])، فيقول بلال t: ما جئتكم حتى أفطر رسول الله r، وكان بلال t يأتيهم بالسحور). اهـ

44) وعن حذيفة t قال: سمعت رسول الله r يقول يوم الخندق: (شغلونا عن صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا)، قال: (ولم يصلها يومئذ حتى غابت الشمس([365])). يعني بالكلية.

حديث صحيح

أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (2891)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص27)، والبيهقي في «إثبات عذاب القبر» (170)، و(171)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص166)، وابن أبي الفوارس في «الفوائد» (ق/3/ط)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج14 ص66)، والبزار في «المسند» (388)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص321)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص229) من طريق عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن حذيفة t به.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص309)، ثم قال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.

 ويؤيده: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (596)، و(598)، و(641)، و(4112) من طريق أبي سلمة قال: أخبرنا جابر بن عبد الله t «أن النبي r جاءه عمر بن الخطاب t يوم الخندق، فقال: يا رسول الله، والله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب   يعني: وهي طالعة -  وذلك بعد ما أفطر الصائم، فقال النبي r: والله ما صليتها، فنزل النبي r إلى بطحان وأنا معه، فتوضأ ثم صلى يعني العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب».

فقوله: (بعد ما أفطر الصائم)؛ فهذا يدل على أن الإفطار للصائم قد حدد بوقت محدد في الشرع، وهو فطره والشمس طالعة في جهة المغرب في الأفق، لقوله: (والله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب وذلك بعد ما أفطر الصائم)؛ يعني: لم تغب بالكلية، بل كادت الشمس أن تغرب، وقد صلى النبي r في وقت غروب الشمس بالكلية، مع إثبات الغروب الأول، وهو قبل مغيب قرص الشمس حين أفطر الصائم، كما بين ذلك عمر بن الخطاب t، وأقره النبي r على ذلك.

وفي رواية لمسلم في «صحيحه» (631) قال عمر بن الخطاب t: (يا رسول الله، والله ما كدت أن أصلي العصر، حتى كادت أن تغرب الشمس).

قلت: ويؤكد ذلك ما بينه عبد الله بن مسعود t في هذا الغروب في يوم الخندق؛ وهو يرى الشمس طالعة بقوله t: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت)([366]) في الرواية الأخرى، وهذا المستوى من الشمس يسمى غروبا عند الصحابة y.

إذا فقوله: (بعدما أفطر الصائم)؛ أي: إذا كان المقصود بعد الغروب الكلي، فما الحاجة من تكرار قوله: (ثم صلى العصر بعد ما غربت الشمس)، فهذا يعني أن معنى قوله: (بعد ما أفطر الصائم)؛ أي: أن هذا هو المعروف عندهم بوقت إفطار الصائم([367])، وهو: (عندما كادت الشمس تغرب)؛ أي أن الشمس لم تغرب بالكلية، بل قرصها يرى وقد احمرت، واصفرت في الأفق بجهة المغرب، وقد دنت بالقرب من الأرض.

قلت: فعمر بن الخطاب t ذكر الغروبين معا في حديث واحد، الأول: غروب الشمس في الأفق، وهي طالعة، والثاني: الغروب الكلي، وهو سقوط قرص الشمس بالكلية.

فالوقت الأول: لإفطار الصائم، وهو وقت دخول صلاة المغرب أيضا.

والوقت الثاني: بعد إخفاء قرص الشمس.

ثم قوله t: (وذلك بعد ما أفطر الصائم)؛ فيكون ليس في ذكره أي فائدة لهذه العبادة إن كان بعد غروب الشمس بالكلية؛ فهو t أراد أن يبين وقت إفطار الصائم، وهذا يكون في الغروب الأول، ثم بين الغروب الثاني، لأنه كرر كلمة: (بعد ما غربت الشمس)، هذا في الغروب الثاني بالكلية، والنبي r صلى صلاة العصر في هذا الوقت؛ لأن المشركين شغلوه عنها فتأخر في صلاتها إلى أن غربت الشمس في الأرض، وهذا الغروب الثاني.

قلت: وهذا يبين أنه معروف عندهم إذا كادت الشمس تغرب، أن ذلك من الغروب، وهو وقت إفطار الصائم، وإلا ما فائدة لذكره t لوقت إفطار الصائم، إلا ليبين وقت الإفطار، ووقت الغروب الأول، ووقت الغروب الثاني الذي حصل بعد ذلك، وإلا لماذا كرر للغروبين؟!.

قال الحافظ ابن حجر /  في «فتح الباري» (ج2 ص123): (والذي يظهر لي أن الإشارة بقوله: (وذلك بعد ما أفطر الصائم)؛ إشارة إلى الوقت([368]) الذي خاطب به عمر t النبي r لا إلى الوقت الذي صلى فيه عمر t العصر، فإنه كان: (قرب الغروب)([369])، كما تدل عليه: (كاد)).اهـ

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص98): باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت.

قلت: وتبويب الحافظ البخاري هذا يؤيد الحديث، وأنه بين أن وقت صلاة العصر قد انتهى، ودخل وقت صلاة المغرب بعدما أفطر الصائم، والشمس طالعة.

45) وعن أبي أيوب الأنصاري t قال: قال رسول الله r يقول: (صلوا المغرب لفطر الصائم).

حديث حسن لغيره

أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص421)، والدارقطني في «العلل» تعليقا (ج6 ص125)، والطيالسي في «المسند» (ج1 ص493) من طريق يزيد بن أبي حبيب قال: حدثني رجل سمع أبا أيوب t به، وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص290) من طريق ابن أبي ذئب عن أبي حبيبة عن أبي أيوب الأنصاري t به.

قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات، والشواهد.

وذكره الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج6 ص125)؛ وسكت عنه.

قلت: ووقت صلاة العصر يمتد إلى قبيل اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق عن الأرض بيسير بعشر دقائق تقريبا، وهذا دخول وقت صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

46) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

47) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق).

وفي رواية: (فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وفي «المجتبى» (ج1 ص620)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق هشام الدستوائي، وهمام بن يحيى، وحجاج الباهلي، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن  عبد  الله  بن  عمرو  t فذكره بألفاظ عندهم.

قلت: واشتمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على زيادة صحيحة في المواقيت، وهي: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)، فوجب قبولها، والمصير إليها، وأن ابتداء وقت صلاة المغرب يدخل إذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق وهي طالعة، ولم تغب بالكلية، ولا سيما الحديث من قول النبي r، والأحاديث الأخرى فعل منه r.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص75): (وليس عن النبي r حديث من قوله في المواقيت الخمس أصح منه). اهـ

ومعناه: أن وقت صلاة العصر ينتهي إلى أن يرى الناس الشمس صفراء أو حمراء طالعة في جهة الغروب، ولا تكون كذلك حتى ترى طالعة بقرب الأرض بعشر دقائق تقريبا، وقد اصفرت الشمس، أو يقول القائل: قد احمرت الشمس، وهذا هو وقت صلاة المغرب.

قلت: وهذا فيه دليل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض بحوالي عشر دقائق، وهذا الوقت لا يضر في إفطار الصائم فيه، لأن اليوم يعتبر بهذا القدر عند الشارع قد انتهى، فلا عبرة بعشر دقائق أو أدنى من ذلك، كما تدل على ذلك الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة، ولله الحمد. ([370])

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص235): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)؛ يعني: بقوله؛ ما لم تصفر: ما لم تدخلها صفرة، وظاهره: أن آخر وقت العصر قبل مخالطة الصفرة.

* وهذا كما قال في حديث بريدة بن حصيب t: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، يعني: في اليوم الثاني). ([371]) اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص236): (قوله r: (ويسقط قرنها الأول)؛ ([372]) فيه إشكال([373]) وذلك: أن قرن الشمس أعلاها، وهو أول ما يبدو منها في الطلوع، وأول ما يسقط منها في الغروب، كما قال r في هذه الرواية في وقت الفجر: (ما لم يطلع قرن الشمس الأول). اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص541): (وقرن الشمس الأول أول ما يبدو منها، واحترز به عما يلي الأرض). اهـ

وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج2 ص541): (قوله r: (إلى أن يطلع قرن الشمس الأول)؛ هو أول ما يبدو منها، واحترز به مما يلي الأرض). اهـ

قلت: فأول وقت صلاة المغرب، فقد ذكر في الأحاديث «الوقتين» أنه عند اصفرار الشمس، وهي طالعة؛ فهذا الوقت الأول، ثم عند غيبوبتها بالكلية، وفهذا الوقت الثاني، وهذا ظاهر في حديث: عبد الله بن عمرو (ما لم تصفر الشمس)، وحديث: بريدة بن حصيب: (لم تخالطها صفرة)، وحديث: عبد الله بن مسعود y: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت». اهـ

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ؛ يعني: اصفرار الشمس.

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (وبأنه الاصفرار قال الجمهور). ([374]) اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (ولو قيل في الجمع بينهما إن المراد: بالاصفرار الغروب؛ لأنه يعني به مطلق الاصفرار، فاستظهر بجزء من النهار، كما استظهر بإمساك جزء من الليل في الصوم، وإن كان الأكل فيه جائزا، ويشهد بهذا الجمع قوله في «الأم»: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول)، فجمع بين الاصفرار([375]) والغروب([376]) لكان للنظر فيه مجال). اهـ

قلت: فقوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس).

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص242): (ففي هذا الأثر أن آخر وقتها، حين تصفر الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (ثبت أن آخر وقتها  - يعني: صلاة المغرب - هو غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (فكان من حجة من ذهب إلى أن آخر وقتها إلى أن تتغير الشمس). اهـ يعني: وهي طالعة.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص575): (ويدخل وقت العصر؛ إلى أن تصفر الشمس وهذا وقت اختيار-، وإلى الغروب وهذا وقت ضرورة -، فإذا غرب حاجب الشمس الأعلى دخل وقت المغرب([377])، إلى أن يغيب الشفق الأحمر؛ يعني: إلى أن يصير مكان الغروب أبيض ليس فيه حمرة). اهـ

قلت: فذكر شيخنا ابن عثيمين / وقتين لصلاة المغرب، فالوقت الأول عند اصفرار قرص الشمس، وهي طالعة، والوقت الثاني عند خفاء قرص الشمس بالكلية، فنأخذ بقوله هذا لأنه موافق للسنة، والآثار، وكفى.

قلت: فإذا اصفر قرص الشمس في جهة المغرب، وهي مرتفعة عن الأرض بيسير قبل أن تختفي بالكلية، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص578): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول)؛ يفهم منه أن وقت الضرورة ما بين اصفرار الشمس، وسقوط القرن). اهـ

48) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قلت: فذكر النبي r أولا الغروب الكلي بقوله r: (ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس)، ثم أمره مرة ثانية بالغروب، والشمس طالعة، وهو نهاية وقت صلاة العصر، بقوله r: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية، لم تخالطها صفرة)؛ أي: إذا اصفرت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، وهذا يسمى عند العرب غروبا. 

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

* فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

49) عن عبد الله بن مسعود t قال: (حبس المشركون رسول الله r عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت). وهي طالعة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (628)، وابن ماجه في «سننه» (686)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص392)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص297)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص246)، وفي «المسند» (301)، والترمذي في «سننه» (181)، والطيالسي في «المسند» (364)، والبزار في «المسند» (ج5 ص388)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج2 ص229)، وفي «حلية الأولياء» (ج4 ص165)، و(ج5 ص35)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص547)، و(ج9 ص196)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (163)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص573 و574)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص368)، والسراج في «المسند» (545)، و(546)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص301 و302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص465)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص174)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص228)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص86)، وابن الجوزي في «التحقيق» (348)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص460)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص480)، وفي «إثبات عذاب القبر» (199)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج1 ص125) من طريق زبيد اليامي عن مرة بن شراحيل عن عبد الله بن مسعود t به.

قلت: فقوله: (احمرت الشمس)؛ يعني: وقت غروب الشمس، وهو وقت صلاة المغرب، فبين t أن الشمس وهي طالعة في الأفق، وذلك في رؤيته أن الشمس احمرت واصفرت، وهي في الأفق بيسير عن الأرض، فرآها على هذا المستوى، وهو غروب الشمس الأول.

قلت: فهذه الأحاديث تدل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى غروب الشمس، وهو اصفرار الشمس وهي طالعة في الأفق مرتفعة عن الأرض بيسير بعشر دقائق تقريبا، وهذا الغروب الأول عند العرب، والغروب الثاني عند اختفاء قرص الشمس في الأرض.

قلت: فإذا اصفرت الشمس في الأفق، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قلت: فوقت المغرب: إذا غربت الشمس، وأفطر الصائم، وقتا واحدا لم يزل عليه النبي r، والصحابة y في حياتهم.

50) وعن أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى t: أن صل الظهر، إذا زاغت الشمس، والعصر والشمس بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة([378])، وأن صل المغرب إذا غربت الشمس).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص536)، والقعنبي في «الموطإ» (ص84)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص463)، وفي «الخلافيات» (ج2 ص196 و197)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص375)، والحدثاني في «الموطإ» (ص43 و44)، وابن بكير في «الموطإ» (ق/13/ط) من طرق عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وله شواهد.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص4): وهو حديث متصل ثابت عن عمر بن الخطاب t.

وأخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص535 و536 و537)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص319)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص328)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج2 ص41 إتحاف الخيرة)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص6 و7)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص445)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص462)، والقعنبي في «الموطإ» (ص85)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، وهشام بن عمار في «عوالي مالك» (8)، والحنائي في «الحنائيات» (297)، والحدثاني في «الموطإ» (ص59) من طرق عن عمر بن الخطاب t به... فذكره بألفاظ عندهم.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج2 ص50): (وكان يعجل الفطر ويحض عليه، ... وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ... وكان r يفطر قبل أن يصلي).اهـ

51) وعن أيمن المكي قال: (دخلت على أبي سعيد الخدري t، فأفطر على عرق([379])، وأنا أرى أن الشمس لم تغرب). وفي رواية: (فرآه يفطر قبل مغيب القرص!).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص195) من طريق وكيع.

وأخرجه سعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص196- فتح الباري)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص195) من طريق سفيان؛ كلاهما عن عبد الواحد بن أيمن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات.

* وعبد الواحد بن أيمن القرشي، قال ابن معين عنه: «ثقة»، وقال أبو حاتم: «ثقة»، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص24)، وقال الذهبي في «الكاشف» (ج2 ص191): «ثقة»، وروى له البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وقال البزار: «مشهور ليس به بأس»، وقال النسائي: «ليس به بأس».([380])

* وأيمن المكي القرشي، والد عبد الواحد بن أيمن، قال أبو زرعة: «ثقة»، ووافقه الذهبي، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج1 ص47)، وروى له البخاري في «صحيحه»،([381]) وقال ابن حجر في «التقريب» (ص157): «ثقة».

وقال العلامـة الشـيخ الألـبانـي / فـي «مـختصر صحـيح البخاري» (ج1 ص571): (وصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة (3/ 12)؛ بسند صحيح). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص196): (وصله سعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة من طريق عبد الواحد بن أيمن عن أبيه، وقال: (دخلنا على أبي سعيد، فأفطر، ونحن نرى أن الشمس لم تغرب». يعني: لم تغرب بالكلية.

وذكره العيني في «عمدة القاري» (ج9 ص130)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص589).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص416): (وعن أيمن المكي: «أنه نزل على أبي سعيد الخدري، فرآه يفطر قبل مغيب القرص». رواه سعيد بن منصور). اهـ

قلت: أفطر أبو سعيد الخدري t، وقرص الشمس لم يغب([382])، بل لم يلتفت إلى موافقة من عنده على ذلك، بل طبق السنة في تعجيل الإفطار، وهذا هو الاتباع الذي يجب أن يتمسك به كل مسلم.([383])

قال الفقيه العيني / في «عمدة القاري» (ج9 ص130)؛ بعدما ذكر أثر أبي سعيد الخدري: (وجه ذلك أن أبا سعيد لما تحقق غروب الشمس لم يطلب مزيدا على ذلك، ولا التفت إلى موافقة من عنده على ذلك، فلو كان يجب عنده إمساك جزء من الليل لاشترك الجميع في معرفة ذلك). اهـ

52) وعن سهيل بن عمرو t قال: (لقد رأيت رسول الله r يفطر في شهر رمضان، ويخيل إلى الشمس لم تغرب من تعجيل فطره).

حديث حسن

أخرجه أبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (ج3 ص171) من طريقين عن محمد بن عمر العامري عن ابن مرسا قال: سمعت سهيل بن عمرو t به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

فقوله: (ويخيل إلى الشمس لم تغرب)؛ فهذا يدل على أن النبي r يفطر، وقرص الشمس لم يغب بالكلية، وهذا في حكم الغروب المعروف بين العرب، فانتبه.

53) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (إذا طلع حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس، فأخروا الصـلاة حتى تغيب).([384])

قلت: فذكر النبي r صفة الغروبين في حديث واحد:

الأول: الغروب مع ظهور قرص الشمس؛ بقوله r: (إذا غاب حاجب الشمس)؛ والحاجب: هنا هو: الحاجب الأسفل من قرص الشمس.

الثاني: الغروب الكلي، وهو خفاء قرص الشمس؛ بقوله r: (فأخروا الصلاة حتى تغيب). أي: بالكلية.

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص178): (قوله r: (وإذا غاب حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى تغيب)؛ أي: عن الصلاة عند بدء القرص في الغروب). اهـ

قلت: ويبدأ نزول قرص الشمس من الأسفل، وهو طالع، وهذا الحاجب السفلي، فسمى النبي r ذلك غروبا؛ إلى أن يغيب؛ أي: يسقط قرص الشمس
بالكلية، وهذا يسمى غروبا أيضا.
([385])

قلت: وقرص الشمس عليه دائرتان:

إحداهما: حمراء، وهي التي تلي القرص، والأخرى بيضاء، وهي بعد الحمراء، والحمراء أول ما تنزل من الأسفل ثم تليها في النزول البيضاء، ثم يلي البيضاء نزول القرص، وهذا كله غروب عند السلف، والخلف.([386])

وهذا يدل على أن غروب الشمس له ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: ارتفاع([387]) قرص الشمس بيسير عن الأرض.

الدرجة الثانية: طلوع نصف قرص الشمس عن الأرض.

الدرجة الثالثة: اختفاء قرص الشمس بالكلية في الأرض.([388])

54) وعن عقبة بن عامر الجهني t قال: (ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب). وفي رواية: (وحين تغيب الشمس إلى الغروب حتى تغرب).([389])

فقوله r: (وحين تضيف الشمس للغروب)؛ أي: قاربت الغروب، واقتربت من الأرض بملامسة الحاجب السفلي منها، فسمى ذلك غروبا مع وجودها طالعة، ويفسره اللفظ الآخر في نفس الحديث.([390])

ثم ذكر r: الغروب الكلي الذي هو سقوط القرص، بقوله r: «حتى تغرب» ، وهذا الغروب الثاني للشمس.

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم»  (ج4 ص401): (قوله r: (وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب»؛ قال بعضهم: «حين تضيف الشمس للغروب)؛ أي: حين يغيب حاجبها الأسفل، فيكون مدة هذا الوقت ما بين شروع قرنها الأسفل في الغروب إلى أن يتم غروب قرنها الأعلى). اهـ

وقال الإمام أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج1 ص19): (معناه: إذا مالت للغروب، يقال منه: ضافت تضيف إذا مالت، وضفت فلانا؛ أي: ملت إليه ونزلت به). اهـ

وقال الحافظ أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص459): (قوله r: (حين تضيف الشمس للغروب)؛ أي: تميل للغروب، يقال: ضافت، تضيف؛ إذا مالت). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص183): (من بعد صلاة العصر إلى أن تضيف الشمس للغروب، فقيل: إلى أن يبدو قرصها بالغروب، وقيل: إلى أن يكون بينها، وبين الغروب مقدار رمح، قياسا على أول النهار، وهذا ظاهر حديث: (وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب)).([391]) اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص401)؛ عن ارتفاع الشمس عن حدبة الأرض في الغروب: (قوله r: (حين تضيف)؛ حين يبقى بينها، وبين الغروب([392]) مقدار رمح([393])، من أجل أن تتساوى مع النهي حين طلوعها). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص394): (فهي: من الفجر إلى أن تطلع الشمس، ومن طلوعها إلى أن ترتفع قيد رمح، وعند قيامها حتى تزول، ومن صلاة العصر حتى يبقى بينها، وبين الغروب مقدار رمح، ومن ذلك الوقت إلى الغروب). اهـ

ويؤيد هذا التفسير:

عن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها).([394]) وفي رواية: (ولا عند غروبها).

فقوله: (ولا غروبها») (ولا عند غروبها)، أي: المقصود قبل الغروب الكلي، لأن النهي عن الصلاة النافلة عند بدء القرص في الغروب، كما في الرواية: (ولا عند غروبها)؛ لأنه الوقت الذي يسجد فيه الكفار للشمس؛ كالمودعين لها، وعند ظهورها يسجدون؛ كالمستقبلين لها، فالنبي r سمى ذلك: غروبا، بقوله r: (ولا غروبها).

والرواية الثانية أوضح: (ولا عند غروبها)؛ أي: في أثناء غروبها.

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص178)؛ عن النهي عن الصلاة حتى تغرب: (ولكنه نهى عن ذلك؛ أي: عن الصلاة عند بدء القرص في الغروب؛ لأنه الوقت الذي يسجد فيه الكفار للشمس؛ كالمودعين لها، وعند ظهورها يسجدون؛ كالمستقبلين لها). اهـ

وقال العلامة ابن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج2 ص175): (وهذا أمر متواتر عن النبي r، والسر أن أمة من المشركين يعبدون الشمس، فنهى عن ذلك لما فيه من التشبه، وسدا للذريعة، والوقت الضيق أشد عند الطلوع، وعند الغروب([395])، ويستثنى من ذلك عند العلماء الفائتة لقوله r: (من نام عن الصلاة...)، وهكذا على الصحيح ما كان لها سبب؛ لأنه يكون بعيدا عن التشبه). اهـ

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص62): (عند طلوع الشمس وعند غروبها). اهـ

55) وعن ابن عمر ، قال: قال رسول الله r: (إذا طلع حاجب الشمس، فدعوا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس، فدعوا الصلاة حتى تغيب، ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان).([396])

قلت: فسماه النبي r غروب الشمس، مع أنه الوقت المنهي عنه قبيل([397]) غروبها، لقوله r: (إذا غاب حاجب الشمس)؛ مع قوله r: (ولا غروبها)، وهذا عين الغروب.([398])

والحاجب الأعلى هو: أول ما يبدو من طلوع الشمس، والحاجب الأسفل هو: أول ما يغيب من الشمس عند الغروب.

قال الحافظ أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص458): (وحاجب الشمس، أول ما يبدو منها في الطلوع، وهو أول ما يغيب منها). اهـ

أي: حاجب الشمس السفلي.

وقال الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج3 ص180): (قوله r: (إذا بدا حاجب الشمس)؛ بدا: هنا غير مهموز؛ أي: ظهر وارتفع، وحاجبها أول ما يظهر منها، وهو الصحيح، وقيل قرناها أعلاها، وحواجبها نواحيها)([399]). اهـ

قلت: فحاجب الشمس السفلي هو: طرف قرص الشمس الأسفل الذي يلامس الأرض عند الغروب، وهي طالعة، وهذا غروب عند الصحابة الكرام.

قال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص261): (وفي الحديث النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، وغروبها، وهو مجمع عليه في الجملة، واقتصر فيه على حالتي الطلوع والغروب). اهـ

وبوب الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج6 ص266): باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها.

قلت: فسمى النووي / ذلك غروبا، وهو قبل غروب الشمس بالكلية.

ويؤيده:

عن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (إذا بدا حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى تغيب).([400])

قلت: فذكر النبي r حاجبين للشمس؛ الحاجب الأعلى، والحاجب الأسفل.

قلت: قوله r: (لا تحروا)؛ أي: لا تقصدوا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها.

* وهذا الحديث مفسر للسابق، أي: لا تكره الصلاة بعد الصلاتين؛ إلا لمن قصد طلوع الشمس وغروبها.

* فإذا صلى عبد فريضة أو غيرها في هذا الوقت، فهذا غير قاصد بصلاته عند طلوع الشمس ولا عند غروبها([401])، فافطن لهذا.

56) وعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله r: (لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها، فتصلوا عند ذلك).([402])

57) وعن عائشة ڤ قالت: (نهى رسول الله r أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها).([403])

فقولها: (وغروبها)؛ أي: الغروب الذي قبل الغروب الثاني؛ أي: قبل اختفاء قرص الشمس، لأن النهي عن الصلاة في هذا المستوى من الشمس، أي: وهي طالعة، قبل أن تغرب بالكلية، وهذا واضح من الأدلة السابقة أيضا.

وبوب الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج2 ص366): باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها.

قلت: وفي هذه الأحاديث ذكر العلماء الغروبين معا.

قلت: والمنع من الصلاة في طلوع الشمس وغروبها، فقط للنوافل، وأما تأدية الفرائض، وما لها سبب، فيجوز الصلاة في النهي، لأنه يكون بعيدا عن التشبه بعبادة الكفار للشمس عند الطلوع، وعند الغروب، ولأن المقصود من النهي في الأحاديث تأدية صلاة التطوع([404])، فانتبه.

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج3 ص203)؛ عن النهي: (وهذا كله عندنا، وعند جمهور العلماء في النوافل). اهـ

وقال الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج3 ص178): (التنفل في هذين الوقتين لغير سبب منهي عنه). اهـ

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص398): (قوله r: (لا تحروا) أن من لم يتحر الصلاة في هذا الوقت، وإنما صلى لسبب معلوم، فلا بأس.

ووجه ذلك: أن الرجل إذا تحرى الصلاة في هذا الوقت صار مشبها للكافرين الذين يسجدون عند طلوع الشمس وعند غروبها، فإذا كان للصلاة سبب زال هذا المحذور؛ إذ إن الصلاة في هذه الحال حيث كان لها سبب فتسند إلى السبب، ويتبين فيها جليا: أنه لا مشابهة، وأنه لولا هذا السبب ما صلى.

* وهذا هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمهم الله جميعا). اهـ

قلت: فما كان ذا سبب، فإن المصلي إذا قام به لا يعد متحريا لطلوع الشمس وغروبها. ([405])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص395): (قد دلت السنة على جواز فعل ذوات الأسباب في وقت النهي، وأن كل صلاة لها سبب؛ فلا حرج أن تصليها وقت النهي؛ كتحية المسجد، وصلاة الراتبة إذا فاتت؛ كما لو فاتته راتبة الفجر فيصليها بعد الصلاة؛ وكما لو فاتته راتبة الظهر، وقد جمع إليها العصر؛ فإنه لا بأس أن يصلي راتبة الظهر بعد صلاة العصر؛ لأن ذلك له سبب). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص176): (ويستثنى من ذلك عدة أمور:

أولا: إذا حضر مسجد الجماعة بعد أن صلى الصبح فإنه يصلي معهم؛ لأن النبي r صلى ذات يوم صلاة الصبح في مسجد «الخير» في منى، فلما انصرف إذا برجلين لم يصليا، فقال: (ما منعكما؟) قالا: يا رسول الله، صلينا على رحالنا. قال: (إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة).

ثانيا: سنة الفجر بعد صلاة الفجر؛ فإنه يروى عن النبي r من حديث قيس بن فهد: (أنه رآه يصلي بعد الفجر فنهاه أو استفهمه، فقال: هما الركعتان قبل الفجر)؛ فأقره.

ثالثا: ركعة الطواف؛ لعموم حديث: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت، وصلى فيه أية ساعة شاء من ليل أو نهار).

رابعا: الصلاة الفائتة؛ لقول النبي r: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها)، فلو ذكرت بعد صلاة الفجر أنك صليت البارحة العشاء بلا وضوء فإنك تصليها قضاء بعد صلاة الصبح؛ لعموم الحديث.

خامسا: سنة الظهر إذا جمعت إليها العصر؛ لأنه يصلي الركعتين اللتين بعد الظهر يصليها بعد العصر المجموعة.

سادسا: إذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب، وصادف ذلك - أي: وقت النهي- عند قيام الشمس فإنه يصلي الركعتين.

فهذه ستة أشياء مستثناة على المشهور من المذاهب.

والصواب: أن جميع ما له سبب مستثنى، وأن ما له سبب فهو جائز، ودليل ذلك:

* أن الرسول r قاله في حديث ابن عمر: (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها)، فدل هذا على: أن النهي إنما يكون على من صبر وانتظر حتى إذا كان عند شروق الشمس أو غروبها قام فصلى؛ لأنه في هذه الحال يشبه حال الكفار الذين يسجدون لها إذا طلعت، وإذا غربت). اهـ

58) وعن أنس بن مالك t: (أن رسول الله r خطب أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس أن تغرب، فلم يبق منها إلا شيء يسير وفي راوية: [إلا شف يسير]، فقال: والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه، وما نرى من الشمس إلا يسيرا).([406])

والشاهد: «إلا شيء يسير ... وما نرى من الشمس إلا يسيرا»؛ وهذا بمعنى الغروب عند العرب.([407])

والشف: بقية النهار لما يرى من يسير من الشمس، لقوله: «وما نرى من الشمس إلا يسيرا»؛ أي: قد بقيت منها بقية، وهذا في حكم الغروب عند العرب.

* وشفا كل شيء حرفه، قال تعالى: ]وكنتم على شفا حفرة[ [آل عمران: 103].

قال الحافظ ابن الأثير / في «النهاية» (ج2 ص271): (وفي حديث أنس t (أن النبي r خطب أصحابه يوما، وقد كادت الشمس تغرب ولم يبق منها إلا شف)؛ أي شيء قليل. الشف والشفا والشفافة: بقية النهار).اهـ

وقال اللغوي الرازي / في «مختار الصحاح» (ص145): (يقال للرجل عند موته، وللقمر عند امحاقه، وللشمس عند غروبها ما بقي منه إلا شفا؛ أي: قليل).اهـ

وقال الإمام الحربي / في «غريب الحديث» (ج2 ص818): (قال أبو نصر: يقال: بقي من الشمس شفا: أي شيء([408])). اهـ

وقال الإمام الحربي / في «غريب الحديث» (ج2 ص819): (سمعت ابن الأعرابي يقول: أشفت الشمس على الغيوب، وشفت وضرعت، وضجعت، ودلكت).اهـ

وقال ابن منظور / في «لسان العرب» (ج19 ص166): (شفت الشمس تشفو: قاربت الغروب). اهـ

قلت: وهذا يعني أنها غربت، ودخل وقت صلاة المغرب، ووقت إفطار الصائم.

قال القلقشندي / في «صبح الأعشى» (ج2 ص367): (أما الطبيعي: فالليل من لدن غروب الشمس، واستتارها بحدبة الأرض إلى طلوعها، وظهورها من الأفق، والنهار من طلوع نصف قرص الشمس من المشرق إلى غيبوبة نصفها في الأفق في المغرب، وسائر الأمم يستعملونه كذلك.

وأما الشرعي: فالليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وهو المراد بالخيط الأبيض من قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ [البقرة: 187]، والنهار من الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وبذلك تتعلق الأحكام الشرعية من الصوم، والصلاة، وغيرهما). اهـ

59) وعن حاجب بن عمر قال: كنت أسمع الحكم بن الأعرج يسأل درهما أبا هند؟([409]) فيقول درهم: (كنت أقبل من السوق فيتلقاني الناس منصرفين، قد صلى بهم معقل بن يسار t؛ فأتمارى غربت الشمس، أو لم تغرب).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص329) من طريق معاذ بن معاذ، عن حاجب بن عمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وهذا الصحابي معقل بن يسار المزني t ([410]) يصلي بالناس، ولم تغرب الشمس بالكلية، مما يدل على أن وجود قرص الشمس، أو بعضه يسمى غروبا عند السلف.

60) وعن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (كان عبد الله t، يصلي المغرب، ونحن نرى أن الشمس طالعة قال: فنظرنا يوما إلى ذلك فقال: ما تنظرون؟ قالوا: إلى الشمس، قال عبد الله: هذا والذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة، ثم قال: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]، فهذا دلوك الشمس).

أثر صحيح

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج4 ص274)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص489) من طريق جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد صححه العيني في «نخب الأفكار» (ج3 ص23)، والدارقطني في «العلل» (ج5 ص214).

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، بهذه السياقة، ووافقه الذهبي.

وبهذا الوجه ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (12856).

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص154 و155) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش قال: ثنا إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وفي آخره ذكر حفص بن غياث: (أنه قيل للأعمش: قيل حدثكم عمارة أيضا؟ قال: نعم). وهذا تصريح بالتحديث من الأعمش من إبراهيم، وعمارة، ثم عنعنة الأعمش عن شيوخ أكثر عنهم تحمل على السماع، مثل: إبراهيم النخعي، وغيره، وهذه الرواية منها([411])، فتفطن لذلك.

قال الذهبي / في «الميزان» (ج2 ص224)؛ عن الأعمش: (وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدري به، فمتى قال: حدثنا فلا كلام، ومتى قال: «عن» تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان؛ فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال). اهـ

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9131) من طريق زائدة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: «صلى عبد الله المغرب، فلما انصرف جعلنا نلتفت، فقال: ما لكم تلتفتون؟ قلنا: نرى أن الشمس طالعة، فقال: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة، ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل».

وإسناده صحيح.

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج7 ص50)؛ ثم قال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

وأخرجه المخلص في «المخلصيات» (1594) من طريق ابن نمير قال: حدثنا الأعمش، عنإبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (صلينا مع عبد الله t المغرب، فجعلنا نلتفت ننظر نرى أن الشمس طالعة، فقال عبد الله t: ما تنظرون؟ قالوا: نرى أن الشمس طالعة، فقال: هذا والذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة، ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] وقال: هذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل).

وإسناده صحيح.

قلت: فهذا ابن مسعود t يرى أن الشمس قد غربت، وهي لم تغب بالكلية، وهذا الغروب عند العرب من وجه.

واحتج عليهم ابن مسعود t بقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ والدلوك: الميل، وهذه الشمس قد مالت جهة المغرب، وكادت أن تغيب، ولم تغب فهذا يسمى غروبا أيضا عند العرب.

فالشاهد: (ونحن نرى أن الشمس طالعة)؛ فهذا يسمى غروبا عند العرب، ولذلك اعتبر ابن مسعود t أن هذا المستوى للشمس من الأرض دخول وقت صلاة المغرب؛ لأنها مالت إلى جهة الغروب، وأوشكت أن تلامس الأرض، فصلى صلاة المغرب؛ لأن وقتها دخل شرعا، وصلى خلفه أصحابه، وهم فقهاء الأمة من التابعين، ولم ينكر أحد منهم عليه، ولم يتخلفوا عن الصلاة خلف ابن مسعود t، فافهم لهذا ترشد.

وقد تبين في لفظ قال: (صلى ابن مسعود بأصحابه المغرب حين غربت الشمس)؛ مع أنها كانت طالعة في اللفظ الأول.

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص155) من طريق أبي الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال عبد الرحمن بن يزيد: «صلى ابن مسعود بأصحابه المغرب حين غربت الشمس، ثم قال: هذا، والذي لا إله إلا هو، وقت هذه الصلاة».

وإسناده صحيح، وهذا الحديث؛ هو الحديث الأول سواء بسواء كلاهما من رواية عبد الرحمن بن يزيد، فافطن لهذا.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص154 و155) من طريق عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: ثنا إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (صلى عبد الله بأصحابه صلاة المغرب، فقام أصحابه يتراءون الشمس؛ فقال: ما تنظرون؟ قالوا ننظر، أغابت الشمس([412]). فقال عبد الله: هذا، والله الذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة ، ثم قرأ عبد الله ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] وأشار بيده إلى المغرب فقال: هذا غسق الليل، وأشار بيده إلى المطلع، فقال: هذا دلوك الشمس).

وإسناده صحيح.

وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص136)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9132) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (صلى عبد الله ذات يوم، وجعل رجل ينظر هل غابت الشمس؟ فقال عبد الله: ما تنظرون هذا؟ والله الذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة؛ يقول الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل).

وإسناده صحيح، وليس اختلافا على الأعمش بل للأعمش فيه شيخان: وهما: عمارة بن عمير، وإبراهيم النخعي، وكلاهما يرويه عن عبد الرحمن بن يزيد.

وذكر لفظه الدارقطني في «العلل» (ج5 ص213 و214)؛ من حديث عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله t: (أنه صلى المغرب فلما انصرف جعلنا نتلفت فقال ما لكم، قلنا نرى أن الشمس طالعة؛ فقال: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة؛ ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ ثم قال:  يرويه الأعمش واختلف عنه؛

فرواه زائدة، وجرير، وابن مسهر، والثوري، وأبو شهاب، وأبو معاوية ومندل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله.

وخالفهم شعبة: فرواه عن الأعمش، عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد.

ورواه حفص بن غياث، عن الأعمش بتصحيح القولين جميعا؛ فقال: عن إبراهيم وعمارة عن عبد الرحمن بن يزيد؛ فصحت الأقاويل كلها.

ورواه سلمة بن كهيل، وإبراهيم بن مهاجر عن عبد الرحمن بن يزيد، وهو صحيح عنه). اهـ

وأخرجه الدارقطني في «العلل» (ج5 ص215) من طريق زفر، عن أشعث عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (كنت مع عبد الله بن مسعود فلما غربت الشمس قال هذا والذي لا إله إلا غيره حين حل لكل أكل ثم نزل فصلى المغرب ثم أقسم أن هذا وقتها).

قال الدارقطني: ورواه سلمة بن كهيل، وإبراهيم بن مهاجر عن عبد الرحمن بن يزيد وهو صحيح عنه.

وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص136)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9134)، و(9137) من طريقين عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد به.

وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص135)، والطبراني في «المعجم الكبير»  (9133) من طريق هشيم عن الشيباني سليمان بن أبي سليمان عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عبد الرحمن بن يزيد به.

قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص311): وإسناده صحيح.

قال الإمام العيني / في «نخب الأفكار» (ج3 ص213): (أي قد روي ما ذكرنا من أن وقت المغرب عقب غروب الشمس أيضا عن الصحابة، فأخرج ذلك عن أربعة منهم، وهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وعثمان بن عفان  y... وأما أثر عبد الله بن مسعود؛ فأخرجه من أربع طرق صحاح:

الأول: عن فهد بن سليمان، عن عمر بن حفص أحد مشايخ البخاري ومسلم، عن أبيه حفص بن غياث بن طلق، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي.

وأخرجه البيهقي في سننه بإسناده: عن الأعمش، عن إبراهيم وعمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (كان ابن مسعود يصلي المغرب، ونحن نرى أن الشمس طالعة، قال: فنظرنا يوما إلى ذلك، فقال: ما تنظرون؟ قالوا: إلى الشمس، فقال عبد الله: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة، ثم قال: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ فهذا دلوك الشمس).

قوله: (هل حدثكم عمارة أيضا؟ قال: نعم)؛ أراد أنهم سألوا الأعمش أن أثر ابن مسعود هذا حدثكم به عمارة أيضا؟ قال: نعم.

وأخرجه الطبراني بهذا الإسناد: ثنا محمد بن علي الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (صلى عبد الله ذات يوم، فجعل رجل ينظر، هل غابت الشمس؟ فقال: ما تنتظرون؟! هذا والذي لا إلا غيره ميقات هذه الصلاة، فيقول الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[؛ فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل). اهـ

قلت: ولا شك أن تفسير ابن مسعود t مقدم على تفسير غيره من الصحابة في هذا الباب، بالإضافة إلى موافقته لتفسير السنة النبوية أيضا، وآثار الصحابة الكرام في غروب الشمس في هذا المستوى من الأرض بطلوعها؛ أي: بارتفاعها عن الأرض من جهة الغروب.([413])

قلت: والتفسير الذي له حكم المرفوع دون تصريح برفع، فهو أن يفسر الصحابي الآية بلفظه، فيما ليس فيه مجال اجتهاد، دون أن يصرح برفع التفسير إلى النبي r.

ومنه: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص477)؛ عن عبد الله بن مسعود t؛ في تفسير: قوله تعالى: ]لقد رأى من آيات ربه الكبرى[ [النجم: 18]، قال: (رأى رفرفا أخضر سد أفق السماء).

قلت: رأى r جبريل عليه السلام على رفرف أخضر؛ أي: في حلة من رفرف، وهو الديباج الرقيق الحسن الصنعة.([414])

قلت: ولنترك ابن مسعود t يتحدث عن نفسه في مجال التفسير.

فعن مسروق، قال: قال عبد الله بن مسعود t: (والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه).([415])

وعن شقيق بن سلمة، قال: قال ابن مسعود t فقال: (والله لقد أخذت من في رسول الله r بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي r أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم).

قال شقيق: (فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك).([416])

وعن أبي الأحوص، قال: (كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله، وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله r ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم، -يعني: ابن مسعود- فقال أبو موسى: أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غبنا، ويؤذن له إذا حجبنا).([417])

قلت: فمثل هذا حري أن يقدم تفسيره للآية الكريمة، وهي ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78].

إذا: فتبين أن مراد الآية الكريمة: بأن «الدلوك: الميل»؛ أي: ميل الشمس في جهة الغروب.

قلت: فمجرد ميل الشمس إلى جهة الغروب يشعر بغروبها؛ أي: عقب الميل يسمى غروبا، وإن لم تغب بالكلية.

قلت: فهذا تفسير ابن مسعود t للآية: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78]، فإن الدلوك في الآية يسمى زوالا.

* ولا يتنافى هذا التفسير مع زوال الشمس في الظهيرة؛ لأن الآية تعني: أيضا زوال الشمس في وقت الظهر، وذلك لأن معنى الدلوك هو: الميل، فعند زوال الشمس يسمى ميلا، وعند غروب الشمس يسمى ميلا، فانتبه.([418])

* وهذا من اختلاف التنويع، فيكون معنى الدلوك: الزوال، والغروب، فافهم لهذا ترشد.([419])

61) وعن الأسود بن يزيد النخعي قال: (كنت جالسا مع عبد الله t في بيته، فوجبت الشمس، فقال عبد الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] ثم قال: هذا والله الذي لا إله غيره، حين أفطر الصائم، وبلغ وقت هذه الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص136) من طريق علي بن مسهر، عن الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص226)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص252) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الأسود قال: (كان عبد الله t يصلي المغرب حين تغرب الشمس، ويقول: هذا والذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة).

وإسناده صحيح.

وأخرجه الحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص879) من طريق أبي السائب، حدثنا وكيع، عن عمرو بن حسان، أخبرني عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه: (أن عبد الله بن مسعود t نظر إلى الشمس حين غربت ونشأ الليل فقال: هذا وقت المغرب).

وإسناده صحيح.

تنبيه: عن أبي عبيدة بن عبد الله، يقول: (كان ابن مسعود t يصلي المغرب إذا غاب حاجب الشمس([420]) ويحلف: والذي لا إله غيره إنه للوقت الذي قال الله عز وجل ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78])، وفي رواية: (إن عبد الله بن مسعود: يصلي المغرب حين يغرب حاجب الشمس).

أثر ضعيف

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص553)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص137)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ج2 ص196)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص230)، ومسدد في «المسند» (ج2 ص65-إتحاف الخيرة)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص24) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع أبا عبيدة بن عبد الله به.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا، وكان يوم توفي أبوه ابن سبع سنين، فلم يدركه أيضا للتحديث عن أفعاله([421])، فتنبه.

لذلك قال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص65): هذا إسناد رجاله ثقات.

وأخرجه مجاعة بن الزبير في «حديثه» (ص95)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص24) من طريق قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود به.

قلت: وهذا سنده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج15 ص24) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قد ذكر لنا أن ابن مسعود t ... فذكره.

قلت: وهذا من باب الاختلاف على ابن مسعود t.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص553) من طريق معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن بعض أصحاب ابن مسعود به.

قلت: وهذا سنده ضعيف لجهالة أصحاب ابن مسعود، فهو منقطع.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9138) من طريق عمرو بن مرة.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9942) من طريق يحيى بن أبي كثير؛ كلاهما عن أبي عبيدة بن عبد الله به.

وإسناده ضعيف كما سبق.

62) وعن ابن مسعود ط، قال: «دلوك الشمس: غروبها، تقول العرب إذا غربت الشمس: دلكت الشمس». وفي رواية: «دلوك الشمس حين تغيب».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص384)، وفي «المصنف» (2096)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص235 و236)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص323)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص363)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص22)، وابن وهب في «تفسير القرآن» (ج1 ص137)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9128)، و(2129) و(9130)، و(9136)، و(9137)، و(9138)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2341)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص135 و136)، وابن مردويه في «تفسير القرآن» (ج9 ص410-الدر المنثور)، والبغوي في «الجعديات» (2313)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص155)، والدارقطني في «العلل» (ج5 ص214)، والبيهقي في «معرفة السنن» (2356)، و(2357) من طرق عن ابن مسعود ط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص311)؛ ثم قال: وإسناده حسن.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص410)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (282)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج6 ص120)، والواحدي في «الوسيط» (ج3 ص120).

قال الثعلبي / في «تفسيره» (ج6 ص120): (ودليل هذا التأويل: حديث عبد الله بن مسعود ط: (إنه كان إذا غربت الشمس صلى المغرب، وأفطر إن كان صائما)، ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو أن هذه الساعة لميقات هذه الصلاة؛ وهي التي قال الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78]). اهـ

63) وعن ابن عباس قال: «دلوكها: غروبها».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص384 و385)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6328)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص23) من طريق سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الواحدي في «الوسيط» (ج3 ص120)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج3 ص128).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6336) من طريق سعيد بن جبير عن عبد الله، وابن عباس قالا: (دلوكها حين تغرب).

وإسناده صحيح، وسعيد بن جبير لم يدرك ابن مسعود، لكن الأثر الذي قبله يشهد له.

قال ابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص14): وقد روينا عن علي، وابن مسعود، وجماعة أنهم قالوا: دلوكها: غروبها.

64) وعن علي بن أبي طالب ط، قال: «دلوكها: غروبها».

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص336)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2342)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج9 ص411-الدر المنثور)، وفي «الأوسط» (ج1 ص14) من طريقين عن علي بن أبي طالب ط.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص411)، والواحدي في «الوسيط» (ج3 ص120).

65) وعن مجاهد / قال: «دلوكها: زيغها حين تزيغ».

أثر صحيح

أخرجه آدم بن أبي إياس في «التفسير» (ص440) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ج6 ص120).

66) وعن ابن عباس قال: «دلوك الشمس: ميلها».

أثر حسن لغيره

أخرجه محمد بن الحسن في «الموطإ» (ص345) من طريق مالك عن داود بن الحصين عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات، ودواد بن الحصين يروي عن عكرمة كما في رواية.

قال ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج3 ص1219): (وقد روى مالك في «الموطإ» عن ابن عباس أنه قال: دلوك الشمس: ميلها). اهـ

وقال الإمام محمد بن الحسن / في «الموطإ» (ص345): (هذا قول ابن عمر، وابن عباس، وقال عبد الله بن مسعود: دلوكها: غروبها، وكل حسن). اهـ

قال الواحدي / في «الوسيط» (ج3 ص120): (قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [؛ دلوك الشمس زوالها، وميلها في وقت الظهر، وكذلك ميلها للغروب هو دلوكها أيضا، قال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها عند العرب). اهـ

قلت: فمعنى الدلوك في كلام العرب الزوال والميل عند الظهيرة، وعند الغروب.([422])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى قسم التفسير» (ج15 ص11): (مثال ذلك: قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل [ [البقرة: 187]، فسر: «الدلوك» بالزوال، وفسر: بالغروب، وليس بقولين؛ بل اللفظ يتناولهما معا؛ فإن الدلوك: هو الميل، ودلوك الشمس ميلها، ولهذا الميل: مبتدأ ومنتهى، فمبتدؤه الزوال، ومنتهاه الغروب، واللفظ متناول لهما بهذا الاعتبار). اهـ

قلت: فالآية عامة من ذلك كله، وهي دالة على معنيين.

أحدهما: الزوال.

والثاني: الغروب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى قسم التفسير» (ج15 ص11): (هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعا، فتأمله فإنه موضوع عظيم النفع، وقل ما يفطن له، وأكثر آيات القرآن دالة على معنيين فصاعدا فهي من هذا القبيل).([423])اهـ

67) وعن محمد بن كعب قال: (أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر، وقد رحلت دابته، ولبس ثياب السفر، وقد تقارب غروب الشمس، فدعا بطعام فأكل منه ثم ركب، فقلت له: سنة؛ قال: نعم).

أثر صحيح

أخرجه الترمذي في «سننه» (ج2 ص318)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص247)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص188) من طريق سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثني زيد بن أسلم، أخبرني محمد بن المنكدر، عن محمد بن كعب به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «حديث إفطار الصائم ...» (ص22).

وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

فقوله: (وقد تقارب غروب الشمس)؛ يدل على أن الشمس لم تغرب بالكلية، بل يرى قرصها بقرب الأرض، وهذا يسمى غروبا؛ كما يدل عليه الأثر، وهذا مطابق لظاهر القرآن الكريم، والسنة النبوية، والآثار السلفية.([424])

قلت: إذا تقرر هذا فهنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو كون الصحابي قال: «سنة» يكون حكمه حكم الحديث المرفوع([425]) على ما هو مقرر في الأصول.([426])

قال الحافظ الحاكم في «المستدرك» (ج1 ص358): (وقد أجمعوا على أن قول الصحابي سنة حديث مسند). اهـ؛ أي: مرفوع عن النبي r.

وقال الحافظ الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص22): (وقول الصحابي: «من السنة»، كذا وأشباه ما ذكرناه إذا قاله الصحابي المعروف بالصحبة فهو حديث مسند؛ أي: مرفوع، وكل ذلك مخرج في المسانيد). اهـ

وقال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ص592): (وهذه الدلالة بعينها توجب حمل قوله: «من السنة كذا»؛ على أنها سنة الرسول r).اهـ

وقال الإمام أبو المظفر السمعاني / في «قواطع الأدلة» (ص82): (فإن قال الصحابي: «أمرنا بكذا»، أو «نهينا عن كذا»، أو «من السنة كذا» يكون مسندا، ويكون حجة).اهـ

وقال الحافظ ابن الأثير / في «جامع الأصول» (ص596): (وأما قوله: من السنة كذا، والسنة جارية بكذا فالظاهر أنه لا يريد إلا سنة رسول الله r). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج1 ص30): (إذا قال الصحابي: «أمرنا بكذا»، أو «نهينا عن كذا»، أو «من السنة كذا»، أو «مضت السنة كذا»، ونحو ذلك؛ فكله مرفوع إلى رسول الله r على المذهب الصحيح الذي قاله الجماهير من أصحاب الفنون). اهـ

قلت: فالحديث ورد بهذه الصيغة: (نعم سنة)، فله حكم الرفع، وقد أجمع الصحابة الكرام على أن ذلك من سنة النبي r، وبهذا قال جماهير العلماء من
المحدثين والفقهاء.([427])

قلت: فإذا أطلق الصحابي ذكر: (السنة)، فالمراد سنة رسول الله r بلا شك([428])؛ أي: فمطلق السنة منصرف إلى سنة الرسول r.([429])

قلت: والصحابي إنما يقصد بذلك الاحتجاج؛ لإثبات شرع، وحكم يجب كونه مشروعا.([430])

قال الفقيه البهوتي / في «كشاف القناع» (ج1 ص235): (وقت المغرب: وهو في الأصل: مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء وضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة: على وقت الغروب ومكانه). اهـ

قلت: فالمغرب سمي بذلك لفعلها وقت الغروب؛ إذ الغروب في اللغة البعد، أو وقته، أو مكانه فإذا كانت الشمس بعيدة في مستوى الغروب، فهي قد غربت، وإن كان قرصها لم يغب([431])، لأن هذا يسمى غروبا.([432])

قال الفقيه ابن أبي الفتح / في «المطلع» (ص57): (المغرب في الأصل: مصدر غربت الشمس غروبا، ومغربا، ثم سميت الصلاة مغربا). اهـ

وقال الفقيه أبو إسحاق الحنبلي / في «المبدع» (ج1 ص343): (المغرب: وهو في الأصل مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء»، و«ضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة على وقت الغروب، ومكانه، فسميت هذه بذلك لفعلها في هذا الوقت). اهـ

ومنه؛ قول الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (والعرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص63): (فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه، والمراد مفهوم). اهـ

قلت: فهذا قرب قرص الشمس من الأرض، يعتبر هذا القرب غروبا، لأن العرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه.([433])

ومن هذا قول الله تعالى: ]فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن [ [الطلاق: 2]، وهذا على القرب عند الجميع.

ومنه؛ قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

* وهذا يدل على أن بقية النهار بعد غروب الشمس يسمى ليلا، مع أن النهار لم يغب بالكلية، أي: أنه لا عبرة بوجود شيء من آخر النهار([434])، وذلك لأن العرب تسمي ذلك ليلا؛ حتى مع وجود النهار([435])، فافهم لهذا.

قال تعالى: ]فاستبقوا الخيرات[ [البقرة: 178].

68) وعن حميد الطويل قال: (كنا عند أنس بن مالك t وكان صائما فدعا بعشائه، فالتفت ثابت البناني ينظر إلى الشمس، وهو يرى أن الشمس لم تغب([436])، فقال أنس لثابت: لو كنت عند عمر t لأحفظك). يعني: لغضب عليك.([437])

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص56) من طريق محمد بن عبد الأعلى، حدثنا معتمر بن سليمان التيمي قال سمعت حميد الطويل([438]) به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات.

69) وعن مجاهد، قال: (إني كنت لآتي ابن عمر بفطره، فأغطيه استحياء من الناس أن يروه([439])).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58) من طريق جرير، عن منصور، عن مجاهد قال: (كنت آتي ابن عمر بشرابه، وإني لأخفيه من الناس من تعجيله إفطاره).

وإسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226) من طريق ابن عيينة، عن منصور، أو ليث، عن مجاهد قال: (إن كنت لآتي ابن عمر بالقدح عند فطره فأستره من الناس، وما به إلا الحياء يقول: من سرعة ما يفطر).

وإسناده صحيح.

قلت: وهذا يدل على أن ابن عمر في هذا اليوم أفطر على أمر غير معتاد لسرعته، وهو أنه عجل الفطر مع وجود قرص الشمس، وإلا لماذا يستتر عن أعين الناس إذا أفطر مع غروب الشمس بالكلية؟!، لأن الناس اعتادوا في الفطر بغروب الشمس بالكلية، وهذا أمر مألوف لديهم، وإنما الإنكار عليه إذا أفطر مع وجود قرص الشمس، فخاف من ذلك لجهلهم، فأمر مجاهدا أن يغطيه استحياء من الناس أن يروه على هذه الحالة، فافهم لهذا ترشد.([440])

قلت: فمن السنة التبكير في الإفطار([441])، والله المستعان.

70) وعن عمرو بن ميمون /، وهو من أكبر التابعين قال: (كان أصحاب محمد r أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص398)، والفريابي في «الصيام» (ص59)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد)، والخلعي في «الخلعيات» (ص329) من طريق سفيان الثوري، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص199)، والنووي في «المجموع» (ج6 ص326)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص118)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث، قال: (كان أصحاب رسول الله r، أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا).

وإسناده لا بأس به في المتابعات.

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

71) وعن سويد بن غفلة قال: قال عمر بن الخطاب t: (صلوا هذه الصلاة يعني: المغرب - والفجاج([442]) مسفرة([443])).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص248) من طريق عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا زهير بن معاوية عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص248) من طريق وهب قال: ثنا شعبة عن عمران بن مسلم فذكره مثله.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص249) من طريق حجاج قال: ثنا أبو عوانة عن عمران بن مسلم، فذكره مثله.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص159): (وهذا كله يدل على شدة تعجيل النبي r لصلاة المغرب، ولهذا كانت تسمى صلاة البصر([444])). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله r، فهو الأصوب لا شك). اهـ

وقال الفقيه ابن النقيب / في «عمدة السالك» (ص109): (والأفضل تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب، ويفطر على تمرات وترا؛ فإن لم يجد فالماء أفضل). اهـ

وقال الفقيه المعبري / في «فتح المعين» (ص273): (وسن تعجيل فطر، إذا تيقن الغروب). اهـ

72) وعن حميد الطويل، عن أنس بن مالك t: (أنه لم يكن ينتظر المؤذن في الإفطار، وكان يعجل الفطر).

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص57) من طريق وهب بن بقية، أخبرنا خالد، عن حميد الطويل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وتأخير الإفطار عن غروب الشمس؛ إنما يفعل ذلك الكفرة: من اليهود والنصارى في الخارج، والمبتدعة: من الرافضة والإباضية والحزبية في الداخل.([445])

73) وعن عبد الله بن يزيد، قال: (لم أر أحدا كان أعجل إفطارا من سعيد بن المسيب، كان لا ينتظر مؤذنا، ويؤتى بقدح من ماء؛ فيشربه بنفس واحد، لا يقطعه حتى يفرغ منه).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص158)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص395) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال ابن عبد البر: وهذا أصح عن سعيد بن المسيب.

وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص320):

يــــــا قـــــوم فــــانـــتـــبـــهوا لأنـــفــســـكم

 

 

وخـــــلـــــوا الـــجهل والدعوى بلا برهان

قلت: فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في أحكام الدين بدون دليل.

قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ

قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتأويلها.

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص149):

وتــــأولــــوا عــــلـــم الإلـــــه وقــــــولــــــه

 

 

وصــفـــاتـــــه بالـــســــلــــب والـــبـــطلان

 

وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص235): (تحديد مفهوم السلف، وأنهم كانوا يفهمون من هذه النصوص؛ كتابا وسنة ما تدل عليه بوضعها وبظاهرها باقية على حقيقتها، ولم يؤولوها، ولم يخرجوا بها عن ظاهرها كما يزعم الخلف). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص12): (وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها وترك المجادلة فيها؛ وبالله العصمة والتوفيق). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ

قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص173):

واعــــلــــم بـــــأن طــــريقـــهـــــم عكــس

 

 

الـــطــــريق الـــمـــســـتــقــيم لمن له عينان

 

وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ

74) وعن سهل بن سعد الساعدي t أن رسول الله r قال: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر). وفي رواية: (ما عجلوا الإفطار). وفي رواية: (لا تزال هذه الأمة بخير ما عجلوا الإفطار).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص241)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص711)، والترمذي في «سننه» (ج3 ص82)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3298)، وفي «الإغراب» (ص300 و301)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص541)، وابن القاسم في «الموطإ» (ص422)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص336 و337 و339)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص254)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص72)، والحدثاني في «الموطإ» (ص413)، والفريابي في «الصيام» (ص50 و51)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص207 و208) من طريق أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي t به.

قلت: فإذا غربت الشمس، فليفطر الصائم، وذلك أن الخيرية منوطة بتعجيل الإفطار([446])، والله المستعان.

قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].

قلت: فكل ما فيه خير للعباد، ورحمة، وتيسير لهم فهو في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وآثار الصحابة الكرام.

قال القـاضـي عـيـاض / في «إكمال المعلم» (ج4 ص33): (وقوله r: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)؛ ظاهره أنه عليه السلام أشار أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره، ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور). اهـ

وقال الإمام المازري / في «المعلم» (ج2 ص32): (قوله r: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)؛ ظاهره أنه r أشار إلى أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور).اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج3 ص198): (قوله r: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)؛ لما فيه من المحافظة على السنة، فإذا خالفوها إلى البدعة كان ذلك علامة على إفساد يقعون فيه). اهـ

قلت: فإذا غربت الشمس، فأفطر؛ لأن تعجيل الفطر بالغروب من الفضائل، وهو من السنة النبوية.([447])

قلت: والحكمة في تعجيل الفطر لأمور منها:

1) أن الله تعالى هو الكريم، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه.

2) أن في ذلك مخالفة لأعداء الله تعالى في الخارج من اليهود والنصارى.

3) أن في ذلك مخالفة لأعداء الله تعالى في الداخل من الرافضة، والإباضية، والصوفية، والحزبية.

4) أن ذلك يقوي العبد على الطاعة، وعلى حاجاته، وأرحم به.

5) أن ذلك فيه اقتداء بالرسول r، والتأسي به r، وبصحابته y.

6) أن في ذلك ظهور الدين وعلوه.

7) أن في ذلك ظهور الخيرية في المسلمين.

8) أن في ذلك ظهور الخيرية في الفرد.

قال الفقـيـه ابـن الـصـواف / في «الخـصـال الـصغير» (ص50): (وفضائل الصوم: تقديم الإفطار، وتأخير السحور). اهـ

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (ما يؤخذ من الحديثين:

1) استحباب تعجيل الفطر، وقد اتفق العلماء على استحباب تعجيل الفطر، إذا تحقق غروب الشمس برؤية، أو بخبر ثقة، أو غلب على ظنه الغروب.

2) أن تعجيل الفطر دليل على بقاء الخير عند من عجله، وزوال الخير عمن أخره.

3) الخير المشار إليه هو اتباع السنة، ولا شك أنه سبب خيري الدنيا والآخرة ... فالشارع الحكيم يطلب من المسلمين ألا يشابهوا أهل الكتاب في عباداتهم، فتعجيل الفطر شعار يفرق بين صيام أهل الإسلام، وأهل الكتاب، وبين سوء المخالفة، وحسن الاتباع، والاقتداء.

4) هذا الحديث من المعجزات النبوية؛ فإن تأخير الإفطار هو طريقة بعض الفرق الضالة). اهـ

وقال العلامة الصنعاني / في «سبل السلام» (ج2 ص304): (والحديث دليل على استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار من يجوز العمل بقوله، وقد ذكر العلة وهي مخالفة اليهود والنصارى). اهـ

قلت: وتأخير الفطر عن غروب الشمس صار شعارا لأهل البدع المخالفين، وسمة لهم([448])، والعياذ بالله.

قلت: ويجوز الفطر بناء على غلبة الظن بغروب الشمس؛ ودليل ذلك: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (1823) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ، قالت: (أفطرنا على عهد النبي r يوم غيم، ثم طلعت الشمس)، فأنهم لم يفطروا على علم؛ لكن أفطروا على غلبة الظن، وأنهم لو أفطروا على علم ما طلعت الشمس.

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (قال تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]، فهذا يقتضي أن الإفطار عند غروب الشمس، فقد أجمعوا على أن الصوم ينقضي، ويتم بتمام الغروب، وأن السنة أن يفطر إذا تحقق الغروب، وأن له الفطر بغلبة الظن اتفاقا، إقامة له مقام اليقين). اهـ

قلت: وهذه قاعدة شرعية عظيمة في تعيين الغروب الذي يفطر عليه الصائم حتى بغلبة الظن، لأن الأصل هنا دخول الليل بغروب الشمس، ولو بالظن وذهاب النهار، ولا عبرة بالنور الباقي، والصفرة في السماء، فافهم لهذا ترشد.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص322): (هذا الحديث فيه تعجيل الإفطار، لكن قال العلماء رحمهم الله: بشرط أن يتيقن، أو يغلب على ظنه غروب الشمس؛ فـ«يتيقن» إذا أمكنه المشاهدة؛ أو يغلب على ظنه إذا لم يمكنه المشاهدة؛ كما لو كان هناك غيم، أو حال بينه وبينها جبل، أو ما أشبه ذلك). اهـ

قلت: فإذا تيقن أن الشمس غربت، فيفطر، وإذا غلب على ظنه أنها غربت، فيفطر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج25 ص231): (ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قالت: (أفطرنا يوما من رمضان في غيم على عهد رسول الله r ثم طلعت الشمس).

وهذا يدل على شيئين:

على أنه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب؛ فإنهم لم يفعلوا ذلك ولم يأمرهم به النبي r والصحابة مع نبيهم أعلم وأطوع لله ولرسوله ممن جاء بعدهم.

والثاني: لا يجب القضاء فإن النبي r لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم فلما لم ينقل ذلك دل على إنه لم يأمرهم به). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله r، فهو الأصوب لا شك). اهـ

75) وعن رافع بن خديج t قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي r، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله).([449])

قوله r: (مواقع نبله)؛ إذا رميت بعيدا، ووقعت أي: حيث تقع.([450])

* وهذا يدل على سرعة النبي r في تأدية صلاة المغرب في ضوء آخر النهار، وفي هذا الوقت يفطر الصائم في هذا المستوى من النهار لتعجيل فطره، ولإصابة السنة، ولا يؤخر إلى ظهور الليل، لأن ذلك خلاف السنة، والله ولي التوفيق.

قلت: فتعلموا من هذه الآثار، ومن تعلم منكم فليعمل بما علم، والله المستعان.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: (السعيد من وعظ بغيره).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3645)، وابن وهب في «القدر» (ص61 و63)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1047)، والفريابي في «القدر» (140)، والآجري في «الشريعة» (361)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص214 إتحاف المهرة)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3044)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1402)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2644)، وابن حبان في «صحيحه» (6177)، وأبو داود في «الزهد» (170) من طرق عن ابن مسعود t به.

قلت: فعلى الناس أن يتحروا رؤية غروب الشمس، فإذا غربت أفطروا مباشرة، ولم ينتظروا الأذان الحالي الذي يؤذن على «التقويم الفلكي»، لأنه متأخر عن غروب الشمس، لأن للفطر وقتا كوقت الصلاة تماما، وإلا وقعوا في البدعة التي وقع فيها اليهود والنصارى، والرافضة والحزبية، وهي تأخير الإفطار عن غروب الشمس، اللهم سلم سلم.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([451])

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق الله تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ

* والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن»  (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([452])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول:

 اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([453])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: فردوه إلى ما تستحسنون). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([454])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فلا بد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

* إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك إلى تأويل بلا نص، ولا إجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغي إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([455])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([456])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق... كما سماه الشافعي حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([457]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)  من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).

ﭑ ﭑ ﭑ

    

ذكر الدليل

على أن وقت صلاة العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر في جهة المغرب، وينتهي بنصف الليل

 

 

فإن الله تعالى كتب على عباده جملة من العبادات الشرعية في الدين من صلاة، وصيام، وغير ذلك، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله سبحانه في القرآن الكريم، والنبي ه في السنة النبوية، والصحابة الكرام في الآثار السلفية.

وإليك الأدلة:

(1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

أي: مؤقتا بوقت محدد مبين.([458])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين: صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([459])

(2) وعن بريدة t عن النبي r: «أن رجلا سأله، عن وقت الصلاة، فقال له: صل معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب، حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر، والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب، قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم). وفي رواية: «وصلى الفجر فأسفر بها». وفي رواية: «فنور بالفجر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

(3) وعن جابر بن عبد الله t قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي r حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، [ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل فصلى المغرب]([460])، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([461])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث حسن لغيره

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص263)، والترمذي في «سننه» (150)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص330)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص195)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص368)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، وابن حبان في «صحيحه» (1470)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (152)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص24)، وابن الجوزي في «التحقيق» (314)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص137 و138)، وتمام الرازي في «الفوائد» (327)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (135)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (6)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص147)، وفي «أحكام القرآن» (283)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص78)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص192)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص211)، وابن المقرئ في «الأربعين» (28)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص361)، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص338)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص545)، وعبد الحق في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص581) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن لغيره، لبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([462])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل / في «المسائل» (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

* وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبو موسى، وأبو برزة، وأبو هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: «ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره»، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

* فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

4) وعن أبي برزة t، (كان النبي r يصلي الصبح، وأحدنا يعرف جليسه([463])، ويقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة، ويصلي الظهر إذا زالت الشمس، والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة، رجع والشمس حية - ونسيت([464]) ما قال في المغرب - ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، ثم قال: إلى شطر الليل). وفي رواية: (كان رسول الله r يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة، ويرجع والشمس حية).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (541)، ومسلم في «صحيحه» (647)، وأبو داود في «سننه» (398)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص246)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص223)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص25)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج6 ص132)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج62 ص98)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص188)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص256)، والشافعي في «الأم» (ج8 ص477)، وفي «المسند» (387)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص178)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص369)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص241)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص392)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص425)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، و(ج4 ص329)، وفي «مشكل الآثار» (ج10 ص193)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص436)، والبزار في «المسند» (ج9 ص299)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص567)، والسراج في «المسند» (139)، وفي «حديثه» (1660)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص219 و220)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص346)، والروياني في «المسند» (1315)، والطيالسي في «المسند» (962)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص183)، والترمذي في «سننه» (168)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص370)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص417)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (107)، وابن الجوزي في «التحقيق» (333)، وفي «الحدائق» (ج2 ص81)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص213)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص561)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281) من طرق عن أبي المنهال عن أبي برزة ط به.

5) وعن أبي موسى t عن رسول الله r: (أنه أتاه سائل، يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس  لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل، يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر، حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

6) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا، [ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم]([465])، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم).

 حديث حسن لغيره

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (150)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص194)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193 و202)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص26)، والسراج في «المسند» (972)، وفي «حديثه» (1335)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج5 ص147)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص185)، والبزار في «المسند» (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة t به.

قلت: وإسناده حسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص255)، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (87): سألت محمد البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.

وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص269): إسناده حسن.

7) وعن عبد الله بن عمرو، أن نبي الله قال: (إذا صليتم الفجر، فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر، فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

8) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله t، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: (إن النبي r كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم) قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي r يفعله».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

9) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

10) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

11) وعن عروة بن الزبير؛ أن عائشة ڤ، أخبرته؛ قالت: (أعتم رسول الله r، ليلة بالعشاء، وذلك قبل: أن يفشو الإسلام، فلم يخرج حتى قال عمر t: نام النساء والصبيان، فخرج فقال لأهل المسجد: ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم).

* وهذا لفظ: البخاري.

وفي رواية: (أعتم رسول الله r بالعشاء حتى ناداه عمر t: الصلاة، نام النساء، والصبيان، فخرج فقال: ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم، قال: ولا تصلى يومئذ إلا بالمدينة، قال: وكانوا يصلون العشاء فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول).

* وهذا لفظ: البخاري.

وفي رواية: (أعتم([466]) رسول الله r، ليلة من الليالي بصلاة العشاء، وهي التي تدعى: العتمة، فلم يخرج رسول الله r، حتى قال عمر بن الخطاب t: نام النساء، والصبيان، فخرج رسول الله r، فقال لأهل المسجد، حين خرج عليهم: ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم)؛ وذلك قبل أن يفشو الإسلام.

* وهذا لفظ: مسلم.

أخرجه البخاري في «صحيحه» (566)، و(569)، و(862)، و(864)، ومسلم في «صحيحه» (638)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص231)، و(ج2 ص203)، وفي «المجتبى» (ج1 ص239)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص34 و199 و215 و272)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص305)، والدارمي في «المسند» (1213)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص234 و235)، وابن راهويه في «المسند» (ج2 ص302 و303)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص372)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص402)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص32)، والطبراني في «مسند الشاميين» (ج1 ص66)، و(ج4 ص197 و198)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص584 و585)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص157)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص247)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص353 و354)، والسراج في «المسند» (580)، و(1126) من طريق عقيل بن خالد، وصالح بن كيسان، وشعيب بن أبي حمزة، وإبراهيم بن أبي عبلة، ويونس بن يزيد، وابن أبي ذئب، ومعمر بن راشد، وابن أخي الزهري؛ جميعهم عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير به.

وقوله: (ولا تصلى يومئذ إلا بالمدينة)، وفي رواية: (ولم يكن أحد يومئذ يصلي غير أهل المدينة).

وقوله: (وكانوا يصلون العشاء فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول).

هكذا وقعت هذه الزيادات مدرجة، وليست من قول عائشة ڤ.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص186): (وقوله: «قال: ولا يصلى يومئذ؛ إلا بالمدينة»، «قال: وكانوا يصلون...»، فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول، الظاهر أنه مدرج، من قول الزهري). اهـ

وقد أخرج مسلم في «صحيحه» هذا الحديث، بدون هذه الزيادة في آخر الحديث، من رواية يونس، وعقيل عن الزهري.

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص179): (قال: «ولا يصلى يومئذ؛ إلا بالمدينة»، ولعل هذا مدرج، من قول الزهري، أو عروة بن الزبير).اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص187): (والظاهر أنه مدرج، من قول الزهري). اهـ

وقد أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ج1 ص66)؛ من مسند إبراهيم بن أبي عبلة، من غير وجه؛ عن محمد بن حمير، عن ابن أبي عبلة عن الزهري به، وفيه: (وكانوا يصلون...)، وهذا يبين أنه مدرج، من قول الزهري.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص188): (وهذا يدل على أن في هذا الحديث ألفاظ، أرسلها الزهري، وكانت تلك عادته، أنه يدرج في أحاديثه كلمات يرسلها، أو يقولها من عنده). اهـ

ووقعت هذه الزيادة: مدرجة في المرفوع، بلفظ: (قال: صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل).

هكذا عند النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص231)، و(ج2 ص203) من طريق محمد بن حمير قال: حدثنا ابن أبي عبلة عن الزهري به.

فذكر الحديث، مع إدراج الزيادة في المرفوع.

* وهذا وهم ظاهر، والزيادة هذه غير محفوظة من قول النبي r، بل هي من قول الزهري.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص187): (فجعله من قول النبي r، وهذا غير محفوظ، والظاهر أنه مدرج من قول الزهري). اهـ

ويؤيده: ما أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ج1 ص66) من طريق محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة ڤ، قالت: (أعتم رسول الله r بالعتمة، فناداه عمر بن الخطاب t: الصلاة، نام الصبيان، فخرج رسول الله r، فقال: «ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم»، فلا يصلي بنا يومئذ إلا بالمدينة، كانوا يصلون صلاة العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل).

فقد أخرجه في مسند: إبراهيم بن أبي عبلة، عن محمد بن حمير، بغير إدراج في المرفوع، بل هو من قول الزهري، بمثل: رواية: شعيب بن أبي حمزة، وصالح بن كيسان؛ (قال: كانوا يصلون صلاة العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل). وهو المحفوظ.

* وهناك زيادة أخرى مدرجة، عند مسلم في «صحيحه» (ج1 ص441)؛ تفرد بها: يونس بن يزيد عن الزهري: قال: قال ابن شهاب: (وذكر لي، أن رسول الله r، قال: وما كان لكم أن تنزروا رسول الله r، على الصلاة؛ وذاك حين صاح عمر بن الخطاب).

* وهذه الرواية: منقطعة، لإرسال الزهري.

والحديث: أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص441) من طريق عمرو بن سواد العامري، وحرملة بن يحيى، قالا: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، أن ابن شهاب: أخبره، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة ڤ زوج النبي r، قالت: (أعتم رسول الله r، ليلة من الليالي، بصلاة العشاء، وهي التي تدعى العتمة، فلم يخرج رسول الله r، حتى قال عمر بن الخطاب: نام النساء، والصبيان، فخرج رسول الله r، فقال لأهل المسجد، حين خرج عليهم: ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم، وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس).

قال الحافظ مسلم في «صحيحه» (ج1 ص441): (زاد حرملة، في روايته: قال ابن شهاب: وذكر لي أن رسول الله r قال: «وما كان لكم أن تنزروا رسول الله r على الصلاة، وذاك حين صاح عمر بن الخطاب»).

قلت: ذكر الحافظ مسلم /، هذه الرواية، ليبين علتها، وأنها لا تصح.

* فذكر قبلها الرواية الصحيحة، ثم ذكر بعدها الرواية الأخرى، التي تعل رواية حرملة، بهذه الزيادة: (وذكر لي أن رسول الله r...).

فقال الحافظ مسلم في «صحيحه» (ج1 ص441): وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، عن عقيل، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، مثله، ولم يذكر: قول الزهري: «وذكر لي، وما بعده».

قلت: وهذا يبين أن الإمام مسلما /، يعل المدرج المرفوع، الذي أرسله الزهري.

* فذكر المرفوع، ليبين علته؛ فتنبه، لمثل: هذا الإعلال في «صحيح مسلم» في الأبواب.

12) وعن نافع، قال: حدثنا عبد الله بن عمر : (أن رسول الله r شغل عنها ليلة، فأخرها حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا النبي r، ثم قال: ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم). وكان ابن عمر: «لا يبالي أقدمها أم أخرها، إذا كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها، وكان يرقد قبلها».

وفي رواية: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله r لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل، أو بعده، فلا ندري أشيء شغله في أهله، أو غير ذلك، فقال حين خرج: إنكم لتنتظرون صلاة، ما ينتظرها أهل دين غيركم، ولولا أن يثقل على أمتي، لصليت بهم هذه الساعة، ثم أمر المؤذن، فأقام الصلاة وصلى).

وفي رواية: (أن رسول الله r شغل عنها ليلة، فأخرها حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا، فقال r: ليس أحد ينتظر الصلاة غيركم).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (570)، ومسلم في «صحيحه» (639)، وأبو داود  في «سننه» (199)، و(420)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص267 و268)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص291)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص307)، والبزار في «المسند» (ج12 ص208 و209)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص88)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص177 و179)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص371)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص235 و236)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص380)، و(ج4 ص403)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص557)، والسراج في «المسند» (582)، و(583)، و(584)، و(585)، و(1129)، و(1130)، وفي «حديثه» (1991)، و(1992)، و(1993)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص450)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج18 ص248)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص156 و157)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص183)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص355)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص248)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص589) من طريق ابن جريج، والحكم بن عتيبة؛ كلاهما: عن نافع عن عبد الله بن عمر به.

13) وعن ابن جريج قال: قلت لعطاء، فقال: سمعت ابن عباس ، يقول: (أعتم رسول الله r ليلة بالعشاء، حتى رقد الناس واستيقظوا، ورقدوا واستيقظوا، فقام عمر بن الخطاب فقال: الصلاة، قال عطاء: قال ابن عباس: فخرج نبي الله r، كأني أنظر إليه الآن، يقطر رأسه ماء، واضعا يده على رأسه، فقال: لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم أن يصلوها هكذا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (571)، (7239)، ومسلم في «صحيحه» (642)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص365 و266)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص221 و244 و366)، والحميدي في «المسند» (ج1 ص438)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص449)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص304)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص557 و558)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص299)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص237)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص176)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص155 و159 و169 و180)، وفي «المعجم الأوسط» (ج1 ص181)، والسراج في «المسند» (575)، و(576)، و(577)، و(578)، و(1121)، و(1123)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص379)، وابن الجوزي في «التحقيق» (35)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص287)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (634)، وأبو العباس الأصم في «حديثه» (49)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج9 ص63)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص589)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص355) من طريق ابن جريج، وقيس بن سعد المكي، وأيوب السختياني، وإبراهيم بن ميمون الصائغ؛ كلهم: عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به.

* قال ابن جريج: قلت لعطاء بن أبي رباح: أي حين أحب إليك أن أصلي العشاء، التي يقولها الناس العتمة، إماما، وخلوا، قال عطاء: (أحب إلي أن أصليها، إماما، وخلوا، مؤخرة، كما صلاها النبي r، ليلتئذ، فإن شق عليك ذلك خلوا، أو على الناس في الجماعة، وأنت إمامهم، فصلها وسطا، لا معجلة، ولا مؤخرة) ([467]).

14) وعن أنس بن مالك t، قال: (أخر النبي r صلاة العشاء إلى نصف الليل، ثم صلى، ثم قال: قد صلى الناس وناموا، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (572)، و(661)، و(847)، و(5869)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص204)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص268)، وابن ماجه في «سننه» (692)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص182 و189 و200)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص354)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص345)، وابن وهب في «الجامع» (ج2 ص693)، وإسماعيل بن جعفر في «حديثه» (63)، والشحامي في «الأحاديث السباعيات الألف» (ص280 و295 و445)، وأبو جعفر الحنيني في «مسند أنس بن مالك» (ص161)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (118)، وفي «الأربعين حديثا من المساواة» (ص207)، والوخشي في «الوخشيات» (29)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص157 و158)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص471 و472)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص428)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، و(ج2 ص188)، وفي «معرفة السنن والآثار» (ج7 ص581)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص33)، والسراج في «المسند» (590)، و(609)، و(1135)، و(1155)، وفي «حديثه» (2005)، و(2027)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص146 و147)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص352)، و(ج7 ص97)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص360)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص261)، وابن عدي في «الكامل» (ج7 ص216)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (897) من طرق عن حميد الطويل عن أنس بن مالك t به.

وتابعه ثابت البناني عن أنس بن مالك t قال: (أخر رسول الله r العشاء، ذات ليلة إلى شطر الليل، أو: كاد يذهب شطر الليل، ثم جاء، فقال r: إن الناس قد صلوا، وناموا، وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (640)، و(2095)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج8 ص194)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص267)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص303)، و(ج5 ص259)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1292)، و(1358)، وابن حبان في «صحيحه» (ج2 ص404)، و(ج5 ص45)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص157)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص472)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي r» (ج2 ص275)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص375)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص204)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج4 ص187)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص60 و64)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص590)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج17 ص109 و110)، والسراج في «حديثه» (936)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص236) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك t به.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (600)، ومسلم في «صحيحه» (640)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج8 ص174)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص375)، و(ج3 ص65)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص205)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (300)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص590)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص303)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص378)، والطيالسي في «المسند» (2108) من طريق قرة بن خالد عن الحسن، وقتادة، عن أنس بن مالك t قال: (نظرنا رسول الله r ليلة، حتى كان قريب من نصف الليل، ثم جاء فصلى، ثم أقبل علينا بوجهه). وفي رواية: (نظرنا النبي r ذات ليلة حتى كان شطر الليل يبلغه، فجاء فصلى لنا، ثم خطبنا، فقال r: ألا إن الناس قد صلوا، ثم رقدوا، وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة).

قال الحسن البصري: وإن القوم لا يزالون بخير، ما انتظروا الخير.

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج1 ص209)؛ باب: وقت العشاء إلى نصف الليل.

قلت: فمن هذه الأحاديث، يتضح أن أول وقت صلاة العشاء، هو مغيب الشفق الأحمر في جهة المغرب. ([468])

* وقد نقل غير واحد من أهل العلم: الإجماع على ذلك، فمنهم: النووي في «المجموع» (ج3 ص83)، وابن قدامة في «المغني» (ج1 ص426)، والخطابي في «معالم السنن» (ج1 ص276).

قال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص164): (ثم يتمادى: وقت صلاة المغرب، إلى أن يغيب الشفق الذي: هو «الحمرة»، فإذا غربت حمرة الشفق كلها، فقد بطل وقت الدخول في صلاة المغرب، ودخل وقت صلاة العشاء الآخرة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص524): (إذا خرج وقت المغرب، فعند خروجه يدخل وقت العشاء، إلى نصف الليل، ثم لا وقت). اهـ

قلت: وآخر وقت صلاة العشاء، إلى نصف الليل، وهو وقت الاختيار.

* وآخر وقت الاضطرار: إلى طلوع الفجر، وهذا يكون في حق: مريض، أو ناس، أو نائم استيقظ، أو مشغول، أو مغمى عليه أفاق، وما شابه ذلك. ([469])

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج1 ص284): (والأولى إن شاء الله تعالى: أن لا يؤخرها عن ثلث الليل، وإن أخرها إلى نصف الليل جاز، وما بعد النصف وقت ضرورة، الحكم فيه حكم وقت الضرورة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص632): (جزم البخاري /: بأن وقت العشاء إلى نصف الليل، وهذا هو الذي يدل عليه، ظاهر القرآن، وصريح السنة). اهـ

15) وعن أبي بردة، عن أبي موسى، t قال: كنت أنا، وأصحابي الذين قدموا([470]) معي في السفينة نزولا في بقيع بطحان، والنبي r بالمدينة، فكان يتناوب النبي r، عند صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم، فوافقنا النبي r أنا وأصحابي، وله بعض الشغل في بعض أمره، فأعتم بالصلاة حتى ابهار الليل، ثم خرج النبي r فصلى بهم، فلما قضى صلاته، قال لمن حضره: (على رسلكم، أبشروا، إن من نعمة الله عليكم، أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم). أو قال: (ما صلى هذه الساعة أحد غيركم). لا يدري أي الكلمتين قال، قال أبو موسى: فرجعنا، ففرحنا بما سمعنا من رسول الله r.

أخرجه البخاري في «صحيحه» (567)، ومسلم في «صحيحه» (646)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص285)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج4 ص106)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص303 و403)، والسراج في «المسند» (591)، و(1136)، وفي «حديثه» (2006)، والبزار في «المسند» (ج8 ص155 و156)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص237)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص245)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص354)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص590)، والدارقطني في «الأربعين» (ص148 و149) من طريق أبي أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى t به.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص568): (الأفضل تأخير صلاة العشاء، إلى ثلث الليل، ولا تخرج عن نصف الليل.

* ولكن إذا كان الأرفق بالناس أن يقدمها، قدمها؛ لحديث: جابر t، قال: «العشاء أحيانا، وأحيانا، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤا أخر»). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص583): (نصف الليل: هو المنتهى، وليس المبتدأ، فيصير ما بين ثلث الليل، إلى نصفه -وهو سدس- هو الوقت الأفضل في صلاة العشاء، وليس المعنى: أن ما بين ثلث الليل إلى نصفه: وقت ضرورة). اهـ

16) وعن أم كلثوم بنت أبي بكر: أنها أخبرته عن عائشة ڤ، قالت: (أعتم([471]) النبي r ذات ليلة، حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال r: إنه لوقتها، لولا أن أشق على أمتي). وفي رواية: (لولا أن يشق على أمتي).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (638)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص203)، وفي «المجتبى» (ج1 ص267)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص150)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص557)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص299)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص202)، وابن راهويه في «المسند» (ج2 ص464)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص346)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص235)، وابن خزيمة في «صحيحه» (348)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص450)، وفي «معرفة السنن والآثار» (ج1 ص407)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص158)، والسراج في «المسند» (579)، و(1125)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص585)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج28 ص358) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني المغيرة بن حكيم، عن أم كلثوم بنت أبي بكر، أنها أخبرته عن عائشة ڤ به.

17) وعن جابر بن سمرة t قال: (كان رسول الله r: يؤخر العشاء الآخرة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (643)، والنسائي في «المجتبى» (ج1 ص266)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص89)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص290)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص305)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص394 و401)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص270)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (ج5 ص89 و93 و95)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص238)، والسراج في «المسند» (604)، و(1150)، وفي «حديثه» (2022)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص450)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج2 ص236) من طريق هناد بن السري، وقتيبة بن سعيد، وداود بن عمرو الضبي، ومسدد بن مسرهد، وعبد الله بن الجراح، ويحيى بن يحيى النيسابوري، جميعهم: عن أبي الأحوص عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة t به.

* وتابعه: أبو عوانة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة t قال: (كان الرسول r يصلي الصلوات نحوا من صلاتكم، وكان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئا، وكان يخف الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (643)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص105)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (1077)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص445)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (1428)، والسراج في «المسند» (596)، و(1142)، وفي «حديثه» (2012).

18) وعن سويد بن غفلة قال: قال عمر بن الخطاب t: (عجلوا العشاء قبل أن ينام عنها المريض، ويكسل العامل).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص331)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص372) من طريق سفيان، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

19) وعن أسلم العدوي، (أن عمر بن الخطاب t، كتب: إن وقت العشاء الآخرة، إذا غاب الشفق، إلى ثلث الليل، ولا تؤخروه إلى ذلك؛ إلا من شغل).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص158) من طريق محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن أسلم العدوي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

20) وعن ابن أبي لبيبة قال: (جئت إلى أبي هريرة t، فقال: صل صلاة العشاء، إذا ذهب الشفق، وادلام([472]) الليل من ههنا، وأشار إلى المشرق، فيما بينك، وبين ثلث الليل، وما عجلت بعد ذهاب بياض الأفق، فهو أفضل).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (33011)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص539)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص341) من طريق معمر عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن ابن أبي لبيبة به.

قلت: وهذا سنده حسن.

21) وعن ابن عمر قال: (الشفق: الحمرة).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص293)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص559)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص339)، وعبد الله بن أحمد في «المسائل» (187)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (652)، والدوري في «التاريخ» (ج4 ص73)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص26)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص373)، وفي «معرفة السنن والآثار» (ج1 ص409)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص269) من طرق عن نافع عن ابن عمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص373)، وأبو إسحاق ابن مفلح في «المبدع» (ج1 ص344).

22) وعن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي، قال: (قدم الحجاج، فسألنا جابر بن عبد الله t، فقال: كان النبي r يصلي الظهر بالهاجرة([473])، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء أحيانا، وأحيانا، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤا أخر، والصبح كان النبي r يصليها بغلس). وفي رواية: (سألنا جابر بن عبد الله t، عن صلاة النبي r، فقال: كان النبي r يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء إذا كثر الناس عجل، وإذا قلوا أخر، والصبح يغلس).

وفي رواية: (لما قدم الحجاج المدينة، فسألنا جابر بن عبد الله t...). وفي رواية: (كان رسول الله r يصلي الظهر إذا زالت الشمس).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (560)، و(565)، ومسلم في «صحيحه» (646)، وأبو داود في «سننه» (397)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص264)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص369)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص306 و307)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص395)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص240)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص289)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص15)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص256)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص27 و79)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص177 و184)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص243)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص587)، والسراج في «المسند» (626)، و(1172)، وفي «حديثه» (1659)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص434 و449 و455)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج55 ص16)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص88) من طريق سعد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو به.

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص94)، باب: وقت العشاء إذا اجتمع الناس، أو تأخروا.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص48): (قوله: «والعشاء أحيانا، وأحيانا»، يعني: ويصلي العشاء أحيانا يقدمها، وأحيانا يؤخرها.

* يقول: «إذا رآهم اجتمعوا»، الفاعل هم: الجماعة الذين يحضرون المسجد، «عجل»؛ أي: قدمها في أول الوقت مراعاة لهم.

* «وإذا رآهم أبطؤا أخر»؛ وذلك لوجهين: الوجه الأول: مراعاة فضيلة الوقت، الوجه الثاني: مراعاة أحوال الجماعة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص49): (الرسول r كان يراعي حال المؤمنين؛ فيعجل إذا اجتمعوا، وإن كان يحب التأخير، وإذا رآهم أبطؤا تأخر؛ مراعاة لهم، ولفضيلة الوقت أيضا). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص50): (الإنسان يعذر بالتأخر عن الصلاة إذا كان لا يخشى الفوات؛ لأن الصحابة y: يتعجلون في الوقت، ويتأخرون حسب الظروف؛ إذ قد تكون هناك: أمطار، أو ظلمة، أو رياح، توجب أن يتأخروا). اهـ

قلت: وتأخير صلاة العشاء أحيانا، أفضل: ما لم يخرج وقتها، قبل نصف الليل.

* وأحيانا ينظر في تأخيرها، ما لم يشق على المؤمنين، فيراعي حالهم، فإذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤا أخر. ([474])

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج1 ص484): (والأولى إن شاء الله تعالى: أن لا يؤخرها عن ثلث الليل، وإن أخرها إلى نصف الليل جاز، وما بعد النصف وقت ضرورة، الحكم فيه، حكم وقت الضرورة). اهـ

قلت: فيتضح من جملة الأحاديث الواردة، أنه إذا خيف من المشقة على المؤمنين، فيبادر الإمام في صلاة العشاء في أول وقتها، وإلا فيستحب التأخير أحيانا، لتطبيق السنة في المساجد، أو في البيوت، أو غير ذلك، للرجال، والنساء.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص618): (هنا سألوا جابرا t، ليس لمجرد العلم النظري، ولكن من أجل العلم العملي، الذي يثمر العمل، وهذا هو الواجب على كل مسلم، إذا تبينت له السنة أن يأخذ بها). اهـ

23) وعن عبيد الله بن أبي يزيد؛ أنه سمع: ابن عباس يقول: (ليس بتأخير العتمة بأس).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص559) من طريق ابن جريج أخبرني عبيد بن أبي يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج2 ص781)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص370)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (ج2 ص291)، وفي «السنن الكبرى» (ج1 ص451) من طريق سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عباس : (يستحب تأخير العشاء، ويقرأ: ]وزلفا من الليل[ [هود: 114]).

وإسناده صحيح.

قلت: فعلى الناس أن يتحروا وقت صلاة العشاء، فإذا غاب الشفق الأحمر في جهة المغرب، فقد دخل وقت العشاء، ولم ينتظروا الأذان الحالي الذي يؤذن على: «التقويم الفلكي»، لأنه متأخر عن غياب الشفق الأحمر في طوال السنة، وهذا مخالف الشرع. ([475])

فعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([476])

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق الله تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان).اهـ 

* والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن»  (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله: إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([477])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]؛ فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع).اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59]؛ إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59]؛ أي: إلى سنة رسول الله ﷺ). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول:

 اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]؛ أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]؛ أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]؛ أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([478])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)، وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[، وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: فردوه إلى ما تستحسنون). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([479])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فلا بد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك إلى تأويل بلا نص، ولا إجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها، والذي قلدته قد علم ذلك، فقلدت من هو أعلم مني. قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r، أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم، ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب، أن الفقهاء المقلدين، يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه، بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغي إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([480])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد: الإمعة، ومحقب دينه([481])، ... وكانوا يسمونه: الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين: أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي: حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([482]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)  من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة، شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).   

هذا آخر ما وفقني اللـه سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الجزء النافع المبارك -إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة.....................................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على أن الفجر الصادق هو: نور الصباح المنتشر في الأرض، وهو الذي يحرم على الصائم الأكل، والشرب، والجماع،

وهو يدل على دخول وقت أذان صلاة الفجر، وفرض أدائها.........................................................................................................

23

3)

ذكر الدليل على أن وقت صلاة الظهر يدخل بزوال الشمس عن كبد السماء، وأن يكون الظل في جهة المشرق، وحتى يتبين الظل قدر شبر باليد المعتدلة، وينتهي حتى يكون ظل كل شيء مثله.........

164

4)

ذكر الدليل على أن وقت صلاة العصر، يدخل في بداية كل شيء وظله بمثله، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة، أو حمرة، وأن نهاية وقت صلاة العصر إذا دخلت الصفرة، أو الحمرة الشمس، وهي طالعة، قبل أن تغيب بالكلية، بعشر دقائق تقريبا، فإذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق، فإنه خرج وقت صلاة العصر، ودخل وقت صلاة المغرب.................................

215

5)

ذكر الدليل على تعيين غروب الشمس لدخول وقت صلاة المغرب والذي يسن للصائم تعجيل فطره عنده، وتعجيل فطره بمغيب قرص الشمس كله، وله تعجيل فطره أحيانا قبل مغيب قرص الشمس بيسير، وذلك عند تقارب غروبها، لأن الأمر فيه سعة؛ بل هذا يسمى غروبا في الدين فلا نحجر واسعا.....................

270

6)

ذكر الدليل على أن وقت صلاة العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر في جهة المغرب، وينتهي بنصف الليل..................................

475

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج1 ص399).

([2]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص209)، و«جامع البيان» للطبري (ج9 ص197)، و«أحكام القرآن» للطحاوي (ج1 ص168) و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص374)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص403).

([3]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص674)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج3 ص209)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([4]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167) من طريقين عن أبي جعفر الرازي عن زيد بن أسلم به.

     وإسناده حسن.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص675)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج3 ص209)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج5 ص374)، والسمعاني في «تفسير القرآن» (ج1 ص474).

([5]) أثر حسن.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده حسن.

([6]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

([7]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

     وذكره الجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([8]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص97)، والسمعاني في «تفسير القرآن» (ج1 ص474)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج5 ص148) من طريق ليث بن أبي سليم، وابن أبي نجيح عن مجاهد به.

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص674)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص472)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([9]) النجم: هو الوقت المضروب.

    انظر: «التعليق على تفسير الطبري» للشيخ أحمد شاكر (ج9 ص169).

([10]) انظر: «أحكام القرآن» للجصاص (ج2 ص333).

([11]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([12]) قلت: وقد روي هذا الحديث: «الصلاة في أول وقتها» من حديث ابن مسعود t؛ ولا يصح بزيادة: «أول وقتها»؛ بل هي زيادة شاذة لا تثبت من حديث ابن مسعود t.

     أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص339)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص188)، وفي «معرفة علوم الحديث» (ص130)، والخطيب في «الكفاية» (428)، وابن حزم في «المحلى» (ج3 ص182)، وغيرهم، وقد أعرض الحافظ البخاري في «صحيحه» عن هذه الزيادة، فروى الحديث بلفظ: «الصلاة على ميقاتها»، وهذا يؤكد شذوذها عنده.

     إذا: فالحديث غير محفوظ بهذه الزيادة، ويأتي تخريجه في موضع آخر، والله ولي التوفيق.

([13]) أي: في وقتها المحدد في الشريعة.

     انظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص203).

([14]) وهي مخالفة مكشوفة، وواضحة لما كان عليه الأمر في زمن النبي r، وزمن أصحابه y، ومن بعدهم.

([15]) فيجب مراعاة وقت صلاة الفجر، وعدم إضاعته بما يسمى: بــ«التقويم الفلكي».

([16]) وهذا من التشديد على المسلمين، ولم يكن r ليشدد على أحد من المسلمين، والله المستعان.

([17]) وهذا هو واجب المسؤولين في وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي، والله المستعان.

([18]) أو عن طريق «العلم الشرعي» لكن بقصور في التحقيق والبحث.

([19]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص404)، و«جامع البيان» للطبري (ج9 ص197)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص148)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص374)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص378)، و«عمدة القاري» للعيني (ج4 ص142)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص188)، و«فتح المعين» للمعبري (ص87)، و«الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج1 ص373 و398)، و«الإحكام شرح أصول الأحكام» لابن القاسم (ج1 ص149)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج2 ص4)، و«الواضح في شرح مختصر الخرقي» لابن أبي القاسم (ج1 ص167)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص160)، و«إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه» لجانباز (ج1 ص531).

([20]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([21]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له؛ أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([22]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([23]) انظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و«تلخيص الحبير» لابن حجر (ج1 ص281).

([24]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([25]) يعني: لبعض ألفاظه، ليس مطلقا، فتنبه.

([26]) وقوله: (حين أسفر)؛ يقال: أسفر الصبح إذا أضاء.

     انظر: «الاقتضاب» لليفري (ج1 ص8).

([27]) انظر: «نصب الراية» للزيلعي (ج1 ص239)، و«حاشية السندي على سنن النسائي» (ج1 ص273)، و«شرح سنن النسائي» للسيوطي (ج1 ص273)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص791، 792)، و«إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه» لجانباز (ج2 ص534).

([28]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص44)، و«روضة الطالبين» له (ج1 ص182)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص29)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51)، و«نهاية المحتاج» للرملي (ج1 ص229)، و«كفاية النبيه» لابن الرفعة (ج6 ص332)، و«الهداية» للكلوذاني (ص28)، و«المطلع على أبواب المقنع» لابن أبي الفتح (ص59)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص348)، و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص107)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص202).

([29]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص525).

([30]) وانظر: «بداية المجتهد، ونهاية المقتصد» لابن رشد (ج1 ص337 و338)، و«المنتقى شرح الموطإ» للباجي (ج1 ص141)، و«كنز الدقائق» للنسفي (ج1 ص231)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص308)، و«تحفة الفقهاء» للسمرقندي (ص162)، و«السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» للشوكاني (ج2 ص39)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص85)، و«أحكام القرآن» للجصاص (ج1 ص279)، و«إنجاز الحاجة» لجانباز (ج2 ص531)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص84).

([31]) وانظر: «أحكام القرآن» للجصاص (ج1 ص278)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص85)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين «ج1 ص203)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج1 ص189)، و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص107).

([32]) قلت: فيجب مراعاة وقت صلاة الصبح على هذا الوصف؛ كما ذكر في القرآن، والسنة، والآثار.

([33]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج2 ص30)، و«المبسوط» للسرخسي (ج1 ص141)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص338)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص202)، و«لباب التأويل في معاني التنزيل» للخازن (ج1 ص214). و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص320)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص625)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص187)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج1 ص432)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص28)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص182)، و«نهاية المحتاج» للرملي (ج1 ص229)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص238)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص192 و193)، و«جواهر الإكليل» للآبي (ج1 ص47)، و«المطلع على أبواب المقنع» لابن أبي الفتح (ص59)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص307)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص215).

([34]) حديث حسن.

     أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص210)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص191)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص165)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص261)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص58)، وابن العربي في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص226)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص335).

     وإسناده حسن للاختلاف الذي فيه، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (693).

     وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج7 ص418).

([35]) وانظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص475)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص187)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص337 و338)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج1 ص42)، و«إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه» لجانباز (ج2 ص542)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص262)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص321)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص625)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص28 و29)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج30 ص58)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص182)، و«الإحكام شرح أصول الأحكام» لابن القاسم (ج1 ص154)، و«مغني المحتاج» للشـربيني (ج1 ص192 و193)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص346 و348)، و«الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج6 ص307 و308).

([36]) حديث حسن.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج39 ص461)، وأبو داود في «سننه» (2348)، والترمذي في «سننه» (705) وقال الترمذي: (حسن غريب من هذا الوجه)، وقد حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص51).

([37]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (622)، ومسلم في «صحيحه» (1092).

([38]) أخرجه أحمد في «المسند» (26431)، والبخاري في «صحيحه» (2656).

([39]) ويقع الأذان الحالي على «التقويم الفلكي» قبل الفجر الكاذب أيضا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

([40]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج5 ص300).

([41]) الحمرة؛ أي: التي ترى في المشرق عند طلوع الشمس.

([42]) وانظر: «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق» للزيلعي (ج1 ص213)، و«الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي (ج1 ص174 و175)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج1 ص425)، و«رد المحتار على الدر المختار» لابن عابدين (ج2 ص18)، و«الدر المختار في شرح تنوير الأبصار» للحصكفي (ج2 ص18)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص24)، و(ج7 ص85)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1414)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج1 ص189).

([43]) قلت: فيجب مراعاة هذه الأوقات للصلوات المفروضة، وعدم إضاعتها بما يسمى بـ«التقويم الفلكي»، اللهم غفرا.

([44]) انظر: «الإقناع» لابن المنذر (ج1 ص504).

([45]) وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص385)، و«الشـرح الممتع» له (ج2 ص52).

([46]) أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب: الصوم، باب: قول النبي ه: «لا يمنعنكم...» (1918)، ومسلم في «صحيحه» كتاب: الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر... (1092).

([47]) أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب: العلم، باب: هلك المتنطعون (2670).

([48]) حديث حسن.

     أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» في كتاب: الصيام، باب: الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم (8024)، والدارقطني في «السنن» في كتاب: الصيام، باب: في وقت السحر (2154).

     وإسناده حسن.

     وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج7 ص418).

([49]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (623)، ومسلم في «صحيحه» (1092).

([50]) لأن التقويم الفلكي متقدم على التقويم الشرعي، والله المستعان.

([51]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (697)، ومسلم في «صحيحه» (1718).

([52]) وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص280)، و«الـشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص135)، و«الفتاوى» له (ج12 ص229)، و«التعليق على صحيح مسلم» أيضا له (ج5 ص399)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص84)، و«المبسوط» للسرخـسي (ج1 ص141)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص30)، و«الفروع» لابن مفلح (ج1 ص302)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص8).

([53]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (617)، ومسلم في «صحيحه» (2536).

([54]) نقله عنه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

([55]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص316)، والطستي في «مسائله» (ج2 ص282-الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص237 و249)، وأبو بكر ابن الأنباري في «إيضاح الوقف والابتداء» (ص81) من طرق عنه.

     وإسناده حسن.

     وذكره السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص92).

([56]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (617)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص164، 170)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص208).

     وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص499).

([57]) وانظر: «المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص181).

([58]) انظر: «الكشف والبيان» للثعلبي (ج2 ص80).

([59]) قلت: الفجر الأول ممتد معترض؛ أي: ممتد طولا من الـشـرق إلى الغرب، والفجر الثاني معترض من الشمال إلى الجنوب.

     انظر: «الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص135)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص8).

([60]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1094)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2481)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص148)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص456).

([61]) وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص320)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص240)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج2 ص99)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و«التعليق على صحيح مسلم» له (ج5 ص313)، و«السنن الصغرى» للبيهقي (ج2 ص93)، و«عمدة السالك» لابن النقيب (ص37)، و«زاد المستقنع» للحجاوي (ص40)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج2 ص20 و21)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج1 ص189).

([62]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج2 ص30)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص199)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج2 ص223)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج2 ص99)، و«تفسير القرآن» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص357)، و«الشرح الممتع» له (ج2 ص357)، و«الفتاوى» له أيضا (ج12 ص207)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص99)، و«جامع أحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص321)، و«المنهاج» للنووي (ج7 ص201)، و«هداية الراغب» لابن قائد (ص131)، و«المختصـر» لابن تميم (ج2 ص19)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص438)، و«الفروع» لابن مفلح (ج1 ص304)، و«معاني القرآن» للفراء (ج1 ص114).

([63]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و«أسباب النزول» للواحدي (ص34)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص17)، و«أسباب النزول» للسيوطي (ص32)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص174)، و«الوجيز» له (ص50).

([64]) حديث حسن.

     أخرجه الترمذي في «سننه» (705)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8257)، وأبو داود في «سننه» (342)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص54)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص454)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص23)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص211)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص26)، والسمعاني في «معجم الشيوخ» (ج2 ص651)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص278).

     وإسناده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج7 ص112).

     وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

     وقال الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص447): حديث حسن صحيح.

     وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص373)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص518).

([65]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص251)، و«تفسير القرآن» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص357)، و«الفتاوى» له (ج12 ص207)، و«المنهاج» للنووي (ج3 ص163)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص122)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص240)، و«معالم السنن» للخطابي (ج2 ص90)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج2 ص39)، و«كنز الراغبين» للمحلي (ج1 ص169)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص169).

([66]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص365)، و«الاقتضاب» لليفرني (ج1 ص8).

([67]) انظر: «الكشف والبيان» للثعلبي (ج2 ص80).

([68]) وانظر: «معالم السنن» للخطابي (ج4 ص137)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص137)، و«السنن الصغرى» للبيهقي (ج2 ص93)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج2 ص81)، و«الوجيز» للغزالي (ص50)، و«الذخيرة» للقرافي (ج1 ص396)، و«كنز الراغبين» للمحلي (ج1 ص169)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج1 ص202).

([69]) يعني: طولا.

([70]) يعني: عرضا.

     وانظر: «الصحيح» لابن خزيمة (ج3 ص373)، و«إتحاف المهرة» لابن حجر (ج10 ص319).

([71]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (621)، ومسلم في «صحيحه» (1093)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص118)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص456).

([72]) قلت: والفجر الكاذب له رأس مستدق إلى أعلى في السماء يشبه ذنب السـرحان؛ أي: الذئب، والفجر الصادق ليس كذلك.

([73]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و«الشرح الممتع» له (ج2 ص107)، و«معرفة السنن والآثار» للبيهقي (ج6 ص256)، و«المنهاج» للنووي (ج3 ص163)، و«التمهيد» لابن عبد البر «ج2 ص99)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص122)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص251)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص28).

([74]) وانظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (ج1 ص377)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص252)، و«السنن» للدارقطني (ج1 ص268)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص174)، و«الوجيز» له (ص50)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص169)، و«الحاشية على كنز الراغبين» لعميرة (ج1 ص169)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص184)، و«كنز الدقائق» للنسفي (ج1 ص114)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51 و104)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج1 ص202).

([75]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص187)، و«المعجم الوسيط» (ج2 ص675)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص95)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص238)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1414)، و«إنجاح الحاجة» للدهلوي (ص672)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص625)، و«معالم السنن» للخطابي (ج2 ص90)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص229)، و«البناية شرح الهداية» للعيني (ج2 ص37 و38)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص475)، و«اللباب» للمحاملي (ص35).

([76]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص252)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص520)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص8 و9)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص174)، و«الوجيز» له (ص50)، و«الإمداد بتيسير شرح الزاد» للشيخ الفوزان (ج1 ص325 و327)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص97)، و«إرشاد السالك» لابن عسكر (ص33)، و«الحاشية» للدسوقي (ج1 ص178)، و«الفواكه الدواني» (ج1 ص201)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص184)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص798).

([77]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1919)، ومسلم في «صحيحه» (1092)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص112)، وابن راهويه في «المسند» (1934)، و«النسائي في «المجتبى» (ج2 ص10)، وفي «السنن الكبرى» (1603)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص455)، والمخلص في «المخلصيات» (433).

([78]) وانظر: «الصحيح» لابن حبان (ج8 ص248).

([79]) وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص179): (ولا أعجب من قول بعض المقلدين!).

([80]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1919)، ومسلم في «صحيحه» (1092)، وأبو داود في «سننه» (1336).

     وذكر هذه الروايات ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص506).

([81]) نقله عنه ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص523).

([82]) وانظر: «الصحيح» لابن حبان (ج8 ص252).

([83]) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص531).

([84]) وانظر: «شرح الموطإ» للزرقاني (ج1 ص227 و228).

([85]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص177)، وأبو داود في «سننه» (1905)، والدارمي في «المسند» (1857)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص169)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص124).

([86]) أوائله.

([87]) وأسفر الصبح: أضاء.

([88]) وانظر: «الروضة الندية» للشيخ محمد صديق خان (ج1 ص200)، و«الدرر البهية» للشوكاني (ج1 ص200).

([89]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص102 و103)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص18).

([90]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص169)، والمخلص في «المخلصيات» (709).

     وإسناده صحيح.

([91]) أثر حسن.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص117)، والسرقسطي في «غريب الحديث» (ج2 ص758)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص221 و222).

     وإسناده حسن.

     وذكره الزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص150).

     العلوج: الشديد الغليظ.

     التباري: هو المعارضة أن تعارض الرجل بمثل عمله.

     انظر: «غريب الحديث» للسرقسطي (ج2 ص757)، و«الرائد» لجبران (ص562).

([92]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص572).

     وإسناده صحيح.

([93]) أثر حسن.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (320)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (جض ص106).

     وإسناده حسن.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 197).

([94]) وانظر: «الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص26)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص33)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص44)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ص164)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص136)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص28)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص36 و37)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص152)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص92).

([95]) قلت: فالإمام الأعمش / يرى تبين النور جيدا للفجر الصادق ثم يمسك عن الأكل والشـرب، فما بال الذين يحرمون على المسلمين الأكل والشرب قبل طلوع الفجر، والله المستعان.

([96]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو عبيد الآجري في «سؤالاته» (ص108)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج9 ص9).

     وإسناده صحيح.

([97]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص37).

([98]) قلت: بل ثبت إجماع الصحابة y، والتابعين الكرام على ما ذهب إليه الأعمش، كما سترى ذلك في هذا الكتاب، والله ولي التوفيق.

([99]) فماذا يقول أهل التنطع، والتشدد بتسحر سهل بن سعد ط، والصلاة قائمة في عهد النبي ه؟!.

     فلماذا لم ينكر عليه النبي ه، كما ينكر هؤلاء على طلبة العلم؟!.

([100]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج2 ص175)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص510)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4ص218)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص203).

     وإسناده صحيح.

([101]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن شيبة في «المصنف» (ج1 ص194)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص119).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص515).

([102]) قلت: والمعنى: أن العبد يتيقن ظهور الفجر بحيث لا يكون فيه شك.

([103]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص172).

     وإسناده صحيح.

([104]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص172).

     وإسناده صحيح.

([105]) وانظر: «الصلاة» لابن دكين (ص73)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج1 ص195)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص503)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص117 و121 و192).

([106]) أثر صحيح.

     أخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص82)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص205)، وفي «الأم» (ج7 ص207)، وعبد الرزاق في «المصنف» (2715)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص85)، ومسلم في «التمييز» (ص221)، وأحمد في «العلل» (ج2 ص578)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص389)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص211)، والقعنبي في «الموطإ» (ص143)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص180)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص353).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن حجر من «إتحاف المهرة» (ج12 ص229).

([107]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص181)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص85)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص205)، وفي «الأم» (ج7 ص207 و228)، وحرب الكرماني في «المسائل» (ج1 ص395)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص113)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص353)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص55)، وأبو القاسم ابن منده في «ما قرأه النبي والصحابة» (ج4 ص54- الإمام)، ومالك في «الموطإ» (ج1 ص82)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص389)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص210)، والقعنبي في «الموطإ» (ص143).

     وسنده صحيح.

     وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج2 ص221).

([108]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص181)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص58).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج2 ص221).

([109]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص215)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص283)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص569).

     وإسناده صحيح.

([110]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص568)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص216)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج3 ص75)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص182)، والمخلص في «المخلصيات» (709).

     وإسناده صحيح.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص297).

([111]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص184)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص216)، واللؤلوي في «المسند» (ج1 ص295- الجامع)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284)، وابن خـسرو في «مسند أبي حنيفة» (ج1 ص395)، وأبو يوسف القاضي في «الآثار» (ص66)، والخوارزمي في «جامع المسانيد» (ج1 ص295).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السندي في «كفاية الحاجة» (ص313)، ثم قال: (فهذا الإجماع).

([112]) قلت: وصلاة الفجر في هذه الأيام يؤذن لها في الليل، وهو وقت النوم، فيشق فعلها في هذا الوقت، فتعين تأخيرها إلى الإسفار بالصبح، حتى يتهيأ الناس لها، والإسفار هو الوقت المنضبط ليتهيأ فيه الجميع.

([113]) وانظر: «حديث أبي مسعود الأنصاري ط» في «الجامع الصحيح» للبخاري (90)، و«الصحيح» لمسلم (466).

([114]) قلت: فالإسفار أرفق بالمصلين، والنبي ه كان يراعي حال المأمومين في صلاة الفجر، فإنه ه يسفر بحيث يجتمعون، وهذا أبين ه عنه.

([115]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (424)، والترمذي في «سننه» (154)، وأحمد في «المسند» (15819).

     وإسناده حسن.

([116]) قلت: والاشتغال بالسنن من مصلحة المصلين، لأن من سنة النبي ه تأدية صلاة الفجر إذا برق الفجر وأسفر، فيكون الإسفار بفعلها أفضل، لما فيه من توسيع الحال على النائم، والضعيف، فيدركان الجماعة، لأن في الأسفار تكثير الجماعة، وهذا مطلوب في الدين.

     وانظر: «الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي (ج1 ص180).

([117]) وهو إمام ثقة من التابعين، كثير الحديث.

     انظر: «رجال تفسير الطبري» (ص524).

([118]) أي: الفجر الكاذب، كأنه ذنب السرحان: أي: كذيل الذئب، وذلك كناية عن استطالته، وامتداده.

     فهذا الفجر لا يحرم الأكل، ولا الشراب، ولا النكاح.

([119]) أي الفجر الصادق: وهو الذي يملأ نوره البيوت والطرق.

     فهذا الفجر يحل الصلاة، ويحرم الأكل، والشراب، والنكاح.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص105).

([120]) نقله عنه ابن المنذر في «الإشراف» (ج3 ص118)، وابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص433)، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص37)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319).

([121]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص37)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص152).

([122]) قال العلامة الشيخ أحمد بن شاكر / في«شرحه لتفسير الطبري» (ج3 ص519): (ولكن ذكره السيوطي (1/ 199) بنحوه، بلفظ: «أنه قال حين طلع الفجر»!، ونسبه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير.

     وأنا أكاد أرجح أن قوله: «طلع الفجر» تحريف من الناسخين، لأن روايتي الطبري هذه، والآتية فيها: «صلى الفجر» وأيده ما قاله الحافظ من رواية ابن المنذر). اهـ

     قلت: وقوله: (حين طلع الفجر)؛ ثبت عنه، وكذلك عن الصحابة الكرام.

([123]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص137).

([124]) والأذان الحالي يؤذن قبل طلوع الفجر، فيجوز في هذه الحالة الأكل والـشـرب، كما فعل النبي ه، والصحابة الكرام.

([125]) قلت: وكثير من الناس الآن يقدمون السحور بوقت كثير عن الفجر الصادق، لأنهم يعتمدون على «التقويم الفلكي»، والله المستعان.

([126]) قلت: وقوله: «وهم يغلسون» أن يصلون عند طلوع الفجر ابتداء، والغلس آخر الظلمة من الليل، أي: الغلس: اختلاط ضوء الصبح بظلمة الليل بحيث لا يبلغ الإسفار.

      وانظر: «الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج1 ص308)، و«الثمر الداني» للأزهري (ص105).

([127]) هنيهة: بالتصغير؛ أي: قدر يسير.

([128]) قلت: وهذا التبين الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم، وفسرته السنة، وفسرته الآثار عن السلف، ولله ولي التوفيق.

     وهذا نص من النبي ه أن الانتظار إلى أن يتبين مواقع النبل، وينتشر الضوء،: وحتى يتبين الأبيض من الأسود: ]من الفجر[ [البقرة: 187].

([129]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (3012) بإسناد صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على تفسير الطبري» (ج3 ص519).

([130]) وانظر: «شرح تفسير الطبري» للشيخ أحمد شاكر (ج3 ص525).

([131]) وانظر: «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى» للأتيوبي (ج20 ص351).

     * وهذا يرد أيضا تأويل الجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص219)، وتأويله غير صحيح، لأن قول حذيفة ط هذا صريح في إرادته طلوع النهار حقيقة، لا قرب النهار، فتنبه.

([132]) وانظر: «شرح معاني الآثار» للطحاوي (ج2 ص52)، و«عارضة الأحوذي» لابن العربي (ج3 ص227)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص37)، و«المفهم» للقرطبي (ج3 ص152 و157)، و«البحر المحيط» لابن حيان (ج2 ص85).

([133]) وعلى هذا لو أراد الصائم أن يمسك عن الأكل والشرب عند انتشار النور في البيوت والطرق فلا بأس، ولا يجوز الإنكار عليه، لأن هذا من فعل النبي ه، وأبي بكر الصديق ط، وعلي بن أبي طالب ط، وحذيفة ط، والصحابة ن، والسلف رحمهم الله.

     وانظر: «عارضة الأحوذي» لابن العربي (ج3 ص226 و227).

([134]) وانظر: «الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني (ص54)، و«الثمر الداني» للآبي (ص54 و55)، و«الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج1 ص420)، و«الكافي» لابن عبد البر (ص35)، و«شرح الموطإ» للزرقاني (ج1 ص228 و229)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص91 و95)، و«البناية شرح الهداية» للعيني (ج20 ص19 و37)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج1 ص42)، و«تحفة الفقهاء» للسمرقندي (ص51 و52)، و«المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود» للسبكي (ج3 ص280)، و«كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه» للسندي (ص314)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص284)، و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج4 ص182).

([135]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص572).

     وإسناده صحيح.

([136]) أثر حسن.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (320)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص106).

     وإسناده حسن.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص197).

([137]) الإسفار الأعلى: هو الوقت من الصبح الذي يميز الرجل فيه جليسه، أو الذي تتراءى فيه الوجوه.

     وانظر: «الفواكه الدواني» للنفراوي (ج1 ص201)، و«شرح مختصـر خليل» للخرشي (ج1 ص420).

([138]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «الكبير» (6378 و6379 و6780)، والمحاملي في «الأمالي» (ص203) من طرق عن أبي إسحاق عن عبد الله بن معقل عن سالم مولى أبي حذيفة به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

     وقال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص154): ورجاله رجال الصحيح.

([139]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1919).

([140]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج4 ص120)، و«المغني» لابن قدامة (ج4 ص325)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص514).

([141]) والغلس: هو اختلاط ظلام الليل بنور النهار.

     وانظر: «نصب الراية» للزيلعي (ج1 ص238).

([142]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص217).

     وإسناده صحيح.

([143]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص570)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص217).

     وإسناده صحيح.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص298)، والزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص237).

([144]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص217).

     وإسناده صحيح.

([145]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص218)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284).

     وإسناده صحيح.

([146]) أثر حسن.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص569)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص218).

     وإسناده حسن.

([147]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص284).

     وإسناده حسن.

([148]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص166)، وابن العربي في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص227)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7648)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص237)، وإسناده صحيح، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232).

     وقال ابن العربي: إسناده صحيح كله.

     وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36).

     وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح.

([149]) أثر حسن.

     أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص718)، وفي «المعرفة» (ج1 ص456)، والشافعي في «المسند» (124)، وفي «الأم» (ج7 ص165)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج8 ص233)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص106)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص335)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص209).

     وإسناده حسن. وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص434)، والشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج3 ص384).

([150]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص172).

     وإسناده صحيح.

([151]) أثر حسن.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

     وإسناده حسن.

([152]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

     وإسناده صحيح.

([153]) أثر صحيح.

     أخرجه سعيد بن منصور في «السنن» (ج3 ص440- شرح العمدة)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7648)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص237)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص237) من طرق عنه بألفاظ عندهم.

     وإسناده صحيح، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232).

([154]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص25)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص172)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص221)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص237) من طرق عنه.

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص285)، وابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص439).

     وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص221) من طريق حبيب بن أبي ثابت قال: «أرسل  ابن  عباس  رجلين ينظران إلى الفجر، فقال أحدهما: أصبحت، وقال الآخر: لا، قال: اختلفتما أرني شرابي»، وفي رواية: (فشرب)، وروي في هذا عن أبي بكر الصديق، وعمر، وابن عمر ن.

([155]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (9060)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص233).

     وإسناده حسن.

([156]) قلت: وباب العبادة مسدود حتى يفتحه الله تعالى، ورسوله ه.

([157]) ولأن في تعجيل الفطر، وتأخير السحور قوة لجسده، ومعونة لأداء عبادته.

     انظر: «الحاوي الكبير» للماوردي (ج3 ص444).

([158]) وانظر: «فيض القدير» للمناوي (ج2 ص797)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص70)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج2 ص632)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص165)، و«عارضة الأحوذي» لابن العربي (ج3 ص227)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص154)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج1 ص202)، و«لباب التأويل في معاني التنزيل» للخازن (ج1 ص214)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص215)، و«تفسير القرآن» لابن جزي (ص47)، و«زاد المسير في على التفسير» لابن الجوزي (ج1 ص192).

([159]) وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص319)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص85)، و«المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» لابن عطية (ج2 ص92).

([160]) متلفعات: متجللات بأكسيتهن.

([161]) بمروطهن: المرط: كساء، أو مطرف يشتمل به كالملحفة.

([162]) الغلس: ظلام آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح.

     انظر: «تاج العروس» للزبيدي (ج22 ص156)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص244)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص261)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص156)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص390).

([163]) وانظر: «مشارق الأنوار» للقاضي عياض (ج1 ص361)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج5 ص143 و144)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص216)، و«التمهيد» له (ج23 ص390).

([164]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([165]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([166]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([167]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([168]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([169]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([170]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).

([171]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([172]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح، وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي: شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([173]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([174]) انظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و«تلخيص الحبير» لابن حجر (ج1 ص281).

([175]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج1 ص372)، و«المبسوط» للسرخسي (ج1 ص142)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص24)، و«الأم» للشافعي (ج1 ص72)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص110).

([176]) دحضت: بفتح الدال، والحاء؛ أي: إذا زالت.

     انظر: «المنهاج» للنووي (ج5 ص120)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج3 ص562 و592).

([177]) «وأحدنا يعرف جليسه»؛ مجالسة الذي إلى جنبه عندما ينتهي من الصلاة، «إلى المائة»؛ يعني: من آيات القرآن الكريم، «زالت»؛ مالت إلى جهة المغرب، «حية»؛ بيضاء لم يتغير لونها ولا حرها، «شطر»؛ نصف.

     وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص220)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص27)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص281).

([178]) نسيت: غاب عن علمي.

       والناسي: هو الراوي: أبو المنهال عن أبي برزة.

     انظر: «تنبيه الأفهام بشرح عمدة الأحكام» لشيخنا ابن عثيمين (ص136).

([179]) هذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح في الحديث، وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([180]) ثم ذكر المثال المذكور أعلاه.

     قلت: وهذا يعرفه من درس أصول التفسير على يد علماء السنة.

     وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص401).

([181]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص1412)، و«الصحاح» للجوهري (ج4 ص1584)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص191) و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص70)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج21 ص21)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج4 ص195)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص128).

([182]) وعلى هذا لا يلتفت إلى المقلدة المتشددة الذين لا يجوزون للصائم أن يفطر في هذا المستوى من الشمس.

([183]) قلت: وذهب عدد من أهل العلم إلى تأويل الأحاديث بالتأويلات البعيدة في اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق، والصحيح أن الأحاديث تبقى على ظاهرها في دخول وقت صلاة المغرب، وهي طالعة في الأفق لم يغب قرصها في الأرض.

      وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج2 ص570 و571 و572)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص236و237).

([184]) يعني: الشمس طالعة، وهذا يدل أن الشمس لم تغب بالكلية، وهذا وقت دخول صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

([185]) قلت: إذا جمعت الروايات المرفوعة، مع الروايات الموقوفة؛ تبين لك أن آخر وقت صلاة العصر عند اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض، ومن هنا يتبين لك أنه لا إشكال في كون دخول وقت صلاة المغرب بهذا المستوى من الشمس؛ أي: لم يسقط قرصها كله.

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ

([186]) قلت: والمراد بقرنها أعلى قرص الشمس.

       وانظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص 236)، و«إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص541).

        قلت: وصلاة المغرب يجب أن يبكر بها، وتعجل في أول وقتها؛ أي: بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف والمنطقة مسفرة جدا، وحتى يرمي أحدنا نبله، فيبصر موقعه لبقاء الضوء الشديد.

([187]) وهذا الغروب هو الأول، وهو أن الشمس مرتفعة لم يسقط قرصها بالكلية.

([188]) وهذا الغروب هو الثاني، وهو أن الشمس غربت بالكلية.

       * لذلك لا يجوز التقليد في دخول وقت صلاة المغرب لوضوحه حتى للعوام إذا تدبروا الأدلة.

       قال الإمام القرافي /: (منع ابن القصار / التقليد في دخول وقت الظهر لوضوحه حتى للعوام، ولا يرد أن يقال المغرب أوضح؛ لأن المقصود معرفة الوقت من حيث إيقاع الصلاة فيه). اهـ

      انظر: «إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص542).

([189]) فيقول شيخنا ابن عثيمين / بالغروبين، عند اصفرار الشمس، وهذا الوقت الأول، وعند خفائها، وهذا الوقت الثاني، وهذا هو المراد من ذكر قول شيخنا هنا، أنه ذكر الوقتين للشمس في جهة الغروب، وهذا موافق للسنة والآثار، وإن كان ذكر الغروب الكلي لدخول صلاة المغرب.

([190]) قلت: ولا تدخل الصفرة في الشمس إلا بعد أن تكون في جهة الغرب، وهي طالعة، وهذا وقت دخول صلاة المغرب الأول، كما في الروايات الأخرى، أيضا.

([191]) الجنادب: ضرب من الجراد.

       والمراد: أنها تنفر من شدة الحر.

([192]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([193]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([194]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([195]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([196]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([197]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([198]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).

([199]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([200]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (622) من حديث أنس بن مالك t.

([201]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([202]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([203]) انظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و«تلخيص الحبير» لابن حجر (ج1 ص281).

([204]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([205]) وعلى هذا لا يلتفت إلى المقلدة المتشددة الذين لا يجوزون للصائم أن يفطر في هذا المستوى من الشمس.

([206]) قلت: وذهب عدد من أهل العلم إلى تأويل الأحاديث بالتأويلات البعيدة في اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق، والصحيح أن الأحاديث تبقى على ظاهرها في دخول وقت صلاة المغرب، وهي طالعة في الأفق لم يغب قرصها في الأرض.

      وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج2 ص570 و571 و572)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص236 و237).

([207]) يعني: الشمس طالعة، وهذا يدل أن الشمس لم تغب بالكلية، وهذا وقت دخول صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

([208]) قلت: إذا جمعت الروايات المرفوعة، مع الروايات الموقوفة؛ تبين لك أن آخر وقت صلاة العصر عند اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض، ومن هنا يتبين لك أنه لا إشكال في كون دخول وقت صلاة المغرب بهذا المستوى من الشمس؛ أي: لم يسقط قرصها كله.

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ

([209]) قلت: والمراد بقرنها أعلى قرص الشمس.

       وانظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص 236)، و«إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص541).

        قلت: وصلاة المغرب يجب أن يبكر بها، وتعجل في أول وقتها؛ أي: بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف والمنطقة مسفرة جدا، وحتى يرمي أحدنا نبله، فيبصر موقعه لبقاء الضوء الشديد.

([210]) وهذا الغروب هو الأول، وهو أن الشمس مرتفعة لم يسقط قرصها بالكلية.

([211]) وهذا الغروب هو الثاني، وهو أن الشمس غربت بالكلية.

       * لذلك لا يجوز التقليد في دخول وقت صلاة المغرب لوضوحه حتى للعوام إذا تدبروا الأدلة.

       قال الإمام القرافي /: (منع ابن القصار / التقليد في دخول وقت الظهر لوضوحه حتى للعوام، ولا يرد أن يقال المغرب أوضح؛ لأن المقصود معرفة الوقت من حيث إيقاع الصلاة فيه). اهـ

      انظر: «إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص542).

([212]) فيقول شيخنا ابن عثيمين / بالغروبين، عند اصفرار الشمس، وهذا الوقت الأول، وعند خفائها، وهذا الوقت الثاني، وهذا هو المراد من ذكر قول شيخنا هنا، أنه ذكر الوقتين للشمس في جهة الغروب، وهذا موافق للسنة والآثار، وإن كان ذكر الغروب الكلي لدخول صلاة المغرب.

([213]) قلت: ولا تدخل الصفرة في الشمس إلا بعد أن تكون في جهة الغرب، وهي طالعة، وهذا وقت دخول صلاة المغرب الأول، كما في الروايات الأخرى، أيضا.

([214]) قعر حجرتها: أسفل بيتها.

([215]) انظر: «أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص423)، و«غريب الحديث» له (ج1 ص190)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج8 ص97)، و«الاستذكار» له (ج1 ص32)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص165).

([216]) انظر: «الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص106)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» له (ج2 ص29).

([217]) «وأحدنا يعرف جليسه»؛ مجالسة الذي إلى جنبه عندما ينتهي من الصلاة، «إلى المائة»؛ يعني: من آيات القرآن الكريم، «زالت»؛ مالت إلى جهة المغرب، «حية»؛ بيضاء لم يتغير لونها ولا حرها، «شطر»؛ نصف.

     وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص220)، و«فتحالباري» لابن حجر (ج2 ص27)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص281).

([218]) نسيت: غاب عن علمي.

       والناسي: هو الراوي: أبو المنهال عن أبي برزة.

     انظر: «تنبيه الأفهام بشرح عمدة الأحكام» لشيخنا ابن عثيمين (ص136).

([219]) حية: لم يتغير ضوؤها، ولا حرها.

([220]) العوالي: جمع عالية، وهي القرى التي حول المدينة من جهة نجد.

     وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص226)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص281)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص27).

([221]) والميل: يساوي (2) كيلو تقريبا.

([222]) وهو عبد الله بن المبارك المروزي، الإمام المعروف.

     * وليس هو أبا عبد الله: محمد بن المبارك الصوري، صاحب الرواية، للموطإ، فانتبه.

([223]) المغاربة: يستعملون كلمة: «المسند» بمعنى: المرفوع.

([224]) قلت: وهذا الأمر للضرورة؛ لأهل الحاجات، وإلا الأصل تعجيل صلاة العصر في أول وقتها.

([225]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص35)، و«المنهاج» للنووي (ج5 ص122)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج1 ص216).

([226]) الفرسخ: يساوي «5» كيلو تقريبا.

([227]) الميل الواحد: يساوي (2) كيلو تقريبا.

([228]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([229]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([230]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([231]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([232]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([233]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([234]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).

([235]) قلت: وتنطع الفلكيون، ومن تابعهم ممن ينتسب إلى العلم في تأخير الفطر للصائم إلى الأذان على حسب «التقويم الفلكي!»، الذي يكون معه بعض سواد الليل، فخالفوا السنة!، وهم يظنون على السنة!، اللهم غفرا.

      قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص199): (تنبيه؛ من البدع المنكرة: ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان ... وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير وكثر فيهم الشر). اهـ

([236]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([237]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([238]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([239]) انظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و«تلخيص الحبير» لابن حجر (ج1 ص281).

([240]) هذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح في الحديث، وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى في هذا الحديث ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([241]) وعلى هذا لا يلتفت إلى المقلدة المتشددة الذين لا يجوزون للصائم أن يفطر في هذا المستوى من الشمس.

([242]) قلت: وذهب عدد من أهل العلم إلى تأويل الأحاديث بالتأويلات البعيدة في اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق، والصحيح أن الأحاديث تبقى على ظاهرها في دخول وقت صلاة المغرب، وهي طالعة في الأفق لم يغب قرصها في الأرض.

      وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج2 ص570 و571 و572)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص236 و237).

([243]) يعني: الشمس طالعة، وهذا يدل أن الشمس لم تغب بالكلية، وهذا وقت دخول صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

([244]) قلت: إذا جمعت الروايات المرفوعة، مع الروايات الموقوفة؛ تبين لك أن آخر وقت صلاة العصر عند اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض، ومن هنا يتبين لك أنه لا إشكال في كون دخول وقت صلاة المغرب بهذا المستوى من الشمس؛ أي: لم يسقط قرصها كله.

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ

([245]) قلت: والمراد بقرنها أعلى قرص الشمس.

       وانظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص 236)، و«إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص541).

        قلت: وصلاة المغرب يجب أن يبكر بها، وتعجل في أول وقتها؛ أي: بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف والمنطقة مسفرة جدا، وحتى يرمي أحدنا نبله، فيبصر موقعه لبقاء الضوء الشديد.

([246]) وهذا الغروب هو الأول، وهو أن الشمس مرتفعة لم يسقط قرصها بالكلية.

([247]) وهذا الغروب هو الثاني، وهو أن الشمس غربت بالكلية.

       * لذلك لا يجوز التقليد في دخول وقت صلاة المغرب لوضوحه حتى للعوام إذا تدبروا الأدلة.

       قال الإمام القرافي /: (منع ابن القصار / التقليد في دخول وقت الظهر لوضوحه حتى للعوام، ولا يرد أن يقال المغرب أوضح؛ لأن المقصود معرفة الوقت من حيث إيقاع الصلاة فيه). اهـ

      انظر: «إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص542).

([248]) فيقول شيخنا ابن عثيمين / بالغروبين، عند اصفرار الشمس، وهذا الوقت الأول، وعند خفائها، وهذا الوقت الثاني، وهذا هو المراد من ذكر قول شيخنا هنا، أنه ذكر الوقتين للشمس في جهة الغروب، وهذا موافق للسنة والآثار، وإن كان ذكر الغروب الكلي لدخول صلاة المغرب.

([249]) قلت: ولا تدخل الصفرة في الشمس إلا بعد أن تكون في جهة الغرب، وهي طالعة، وهذا وقت دخول صلاة المغرب الأول، كما في الروايات الأخرى، أيضا.

([250]) توارت بالحجاب: غاب حاجب الشمس، وغربت.

      وانظر: «المنهاج» للنووي (ج5 ص136)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص42).

([251]) وانظر: «معالم السنن» للخطابي (ج1 ص276)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص29)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج2 ص2)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص164)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص42).

([252]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص216)، و«المغني» لابن قدامة (ج1ص425)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج1 ص164)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص30)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج1 ص504)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص276)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج1 ص371).

([253]) وانظر: «الكواكب النيرات» لابن الكيال (ص33)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص201)، و«المختلطين» للعلائي (ص58).

([254]) وانظر: «الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج3 ص156).

     والفطر: ابتداء بالأول، واستئناف حال أخرى غير الصوم، وكل شيء ابتدأته فقد فطرته، وموضوعه هنا: قطع الصوم الشرعي بالأكل والشرب.

     انظر: «الاقتضاب في غريب الموطإ» لليفرني (ج1 ص325).

([255]) الاستيناء بالسحور؛ أي: تأخيره.

([256]) قلت: فاعتبر غروبا بسبب البعد في جهة الغرب في زمن لم يغب قرص الشمس كله.

([257]) وانظر: «الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص167).

([258]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62).

([259]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج2 ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص230).

([260]) ومثله: غروب الشمس عند الصحابة الكرام يطلق عليه غروبا مع وجود قرص الشمس بيسير في آخر النهار، والله المستعان.

([261]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج6 ص305).

([262]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص45)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص33)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص29).

([263]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص45)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص33).

([264]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص102)، و«مراتب الإجماع» لابن حزم (ص70).

([265]) قلت: وتحل صلاة المغرب بغروب الشمس.

([266]) وانظر: «تحفة الباري» للأنصاري (ج2 ص527)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج9 ص124)، و«فيض الباري» للكشميري (ج4 ص102)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج3 ص384)، و«عون المعبود» لأبي عبد الرحمن العظيم آبادي (ج6 ص478).

([267]) «رواية الكوسج» (ج2 ص1224).

([268]) وانظر: «غاية المطلب» لأبي بكر الجراعي (ص178)، و«هداية الراغب» لابن قائد (ص298)، و«الروض المربع» للبهوتي (ص236)، و«كشاف القناع» له (ج2 ص153)، و«الذخيرة» للقرافي (ج2 ص332)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص360)، و«الإحكام بشـرح أصول الأحكام» لابن القاسم (ج2 ص249)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج2 ص98)، و«منهاج الطالبين» للنووي (ج2 ص98)، و«المختصـر» لخليل (ج1 ص204)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص555).

([269]) وانظر: «نهاية المحتاج» للرملي (ج3 ص150)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص424)، و«كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار» للحصني (ص189)، و«غاية الاختصار» لأبي شجاع (ص189)، و«المنهج القويم» للهيتمي (ج2 ص364)، و«الحاشية» للجرهزي (ج2 ص364)، و«فتح المعين» للمعبري (ص273)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج3 ص532)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص517)، و«فتح الوهاب» للأنصاري (ج1 ص210)، و«تجريد العناية» لابن اللحام (ص83)، و«شرح منتهى الإرادات» للبهوتي (ج1 ص455)، و«الذخيرة» للقرافي (ج1 ص393)، و«المختصـر» للخرقي (ج1 ص613)، و«الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج1 ص555)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص517).

([270]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص159)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص392).

([271]) وانظر: «فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص109)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص32)، و«المكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج4 ص32)، و«المفهم» للقرطبي (ج3 ص157).

([272]) وانظر: «فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص115).

([273]) وانظر: «مرقاة المصابيح» للقاري (ج4 ص479)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1416).

([274]) فأرشد النبي ه إلى تعجيل الإفطار، والله المستعان.

([275]) وانظر: «الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج3 ص18)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج4 ص478)، و«المنتقى في شرح الموطإ» للباجي (ج2 ص42)، و«القبس» لابن العربي (ج2 ص478).

([276]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص46)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص132) من حديث عمر بن الخطاب ط.

([277]) وانظر: «البدر التمام» للمغربي (ج2 ص403).

([278]) وانظر: «فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1427).

([279]) وانظر: «الثمر الداني» للآبي (ص176)، و«شرح مختـصر خليل» للخرشي (ج3 ص17)، و«الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج3 ص17)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص211)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1416)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص135)، و«النهر الفائق» لابن نجيم (ج2 ص5)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج3 ص432).

([280]) وانظر: «مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص24)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص661)، و«عقد الجواهر الثمينة» لابن شاس (ج1 ص80)، و«منهاج الطالبين» للنووي (ج1 ص167)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص343)، و«الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج1 ص315)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص315)، و«الثمر الداني» للآبي (ص57)، و«أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري» للخطابي (ج1 ص445)، و«شرح سنن النسائي» للسيوطي (ج2 ص258)، و«الحاشية على سنن النسائي» للسندي (ج2 ص258).

([281]) وانظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن رجب (ج3 ص161).

([282]) انظر: «إعانة الطالبين» للدمياطي (ج1 ص185)، و«السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» للشوكاني (ج1 ص421)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص92)، و«الشـرح الكبير» للدردير (ج1 ص118)، و«فتح المعين» للمعبري (ص87 و273)، و«فتح الوهاب» للأنصاري (ج1 ص54)، و«كفاية النبيه» لابن الرفعة (ج2 ص338)، و(ج6 ص369)، و«تجريد العناية» لابن اللحام (ص30)، و«الهداية» للكلوذاني (ص28)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص236)، و«الحاشية على كنز الراغبين» لعميرة (ج2 ص99)، و«جواهر الإكليل» للآبي (ج1 ص46)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص182).

([283]) أي تمامه إلى مغيب الشفق الأحمر جهة المغرب.

([284]) الشفق الأحمر؛ أي: الذي يرى في المغرب من بقايا شعاع الشمس، وبغيابه يخرج وقت المغرب، ويدخل وقت العشاء.

     وانظر: «المنتقى» للباجي (ج1 ص15)، و«الفواكه الدواني» للنفراوي (ج1 ص169)، و«إرشاد السالك» لابن عسكر (ص32)، و«المبسوط» للسرخسي (ج1 ص144).

([285]) وانظر: «شرح سنن أبي داود» للعيني (ج2 ص282)، و«المنهل العذب المورود» للسبكي (ج3 ص234)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص161).

([286]) وانظر: «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» لابن رجب (ج3 ص161).

([287]) قلت: والمراد أنه يؤخر فعل السنة؛ وهو تعجيل الإفطار، والله المستعان.

([288]) قلت: وإن تركه قصدا لموالاة الصيام قربة، فقد خالف السنة، وتشبه بأهل الكتاب، والعياذ بالله.

([289]) وانظر: «الحاشية» للشلبي (ج2 ص211)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص83).

([290]) وانظر: «الواضح في شرح مختصر الخرقي» لابن أبي القاسم (ج1 ص61).

([291]) ولأن في تعجيل الفطر، وتأخير السحور قوة لجسده، ومعونة لأداء عبادته.

      انظر: «الحاوي الكبير» للماوردي (ج3 ص444).

([292]) انظر: «مختصر المزني» (ص57).

([293]) أي: قبل صلاة المغرب؛ لأن تعلق القلب بالطعام يشغل عن الصلاة.

([294]) وانظر: «فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1427)، و«التعليق الممجد» للكنوي (ج2 ص204)، و«سبل السلام» للصنعاني (ج2 ص304)، و«الكاشف» للطيبي (ج4 ص179)، و«الإمداد» للشيخ الفوزان (ج2 ص381)، و«القبس» لابن العربي (ج2 ص478)، و«إكمال إكمال المعلم» للآبي (ج4 ص32)، و«المنتقى شرح الموطإ» للباجي (ج2 ص42).

([295]) يعني: من سرعة فطره.

([296]) وانظر: «الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج4 ص179 و180).

([297]) أصاغرهم: هم الذين ينتسبون إلى العلم، وليسوا من أهله، والله المستعان.

([298]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص136)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص142)، وعبد الرزاق في «المصنف» (5408)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص79)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص8).

     وإسناده صحيح.

     وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج1 ص189)، ثم قال: وله إسنادان أحدهما رجاله رجال الصحيح؛ رواه عن الأسود عن عبد الله بن مسعود.

     قلت: بل له ثلاثة أسانيد.

([299]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص137 و138).

     وإسناده صحيح.

([300]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو داود في «الزهد» (127)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج7 ص104- تحفة الأشراف)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص166)، وابن المبارك في «الزهد» (501)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص177)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص310)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص3609).

    وإسناده صحيح.

([301]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص163)، وأبو داود في «الزهد» (133)، وابن أبي حاتم في «الزهد» (32)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (5434)، وهناد في «الزهد» (934)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص134)، والعدني في «المسند» (1590- المطالب العالية).

     وإسناده صحيح، وقد صححه ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ج2 ص96)، والشيخ الألباني في «الصحيحة» (2613).

     وقال العراقي في «المغني» (ج1ص17): موقوفا على ابن مسعود.

     وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج1ص80)؛ رجاله ثقات.

([302]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص377)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج3 ص37).

([303]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([304]) أثر صحيح.

     أخرجه أحمد في «الزهد» (199)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص103)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج5 ص159-الدر المنثور)، وأبو داود في «الزهد» (134)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص409)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3264)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج7 ص27).

     وإسناده صحيح، وقد صححه ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص290).

     وقال العراقي في «المغني» (ج1 ص134): وإسناده صحيح.

     وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج2 ص261): رجاله رجال الصحيح.

([305]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو داود في «الزهد» (165)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص163)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص408)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج9 ص3066)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3263)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج5 ص159-الدر المنثور)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص98).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج5 ص159).

([306]) قلت: أما إذا كان جاهلا بصفة الصلاة، فإنه لم ينتفع بها، لأنه مخل فيها، فهذا لا بد أن يقع في المحرمات، والبدع، والمنكرات ولا بد، كما هو مشاهد من عامة المصلين في البلدان الإسلامية، وذلك بسبب جهلهم بشروط، وأركان، وواجبات الصلاة.

      * فهذا المصلي الجاهل لم يطع الصلاة، وما دام كذلك فلم يتأثر بها، لأنها مخالفة لصفة صلاة النبي، بناء على ذلك لم تنهه صلاته عن فعله للمخالفات الشرعية.

      * فالصلاة التي تنهى العبد عن الفحشاء والمنكر هي ما وافقت قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي»؛ وإلا فلا؟!.

([307]) أثر صحيح.

     أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج7 ص30)، وأحمد في «الزهد» (ص324)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص410).

     وإسناده صحيح.

([308]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج9 ص3066)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص408).

     وإسناده صحيح.

    وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج5 ص159).

([309]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

     وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([310]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.

([311]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).

([312]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).

([313]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذه المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.

([314]) وانظر: «المخلص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص105)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص23)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص794 و795)، و«الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» لابن الملقن (ج5 ص309)، و«إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق العيد (ص566).

([315]) وانظر: «إكمالإكمال المعلم» للأبي (ج4 ص32)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج4 ص32)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص157)، و«مختصر سنن أبي داود» للمنذري (ج3 ص235)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج4 ص217).

([316]) وانظر: «كنز الراغبين» للمحلي (ج2 ص98)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج4 ص217)، و«مشكاة المصابيح» للتبريزي (ج4 ص791)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج2 ص98)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج3 ص584)، و«جواهر الإكليل» للآبي (ج1 ص204)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص555)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج4 ص478)، و«سبل السلام» للصنعاني (ج2 ص305)، و«التنوير» له (ج11 ص98)، و«الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي (ج14 ص631)، و«القوانين الفقهية» لابن جزي (ص138)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1424).

([317]) وانظر: «السنن» للترمذي (ج2 ص237).

([318]) أثر حسن لغيره.

     أخرجه سمويه في «فوائده» (ج8 ص613-كنز العمال).

([319]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص41)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص84).

([320]) وأبو هند درهم هذا من العباد.

     انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (534).

([321]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص960).

([322]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص143)، و«جامع البيان» لابن جرير (ج15 ص212)، و«تغليق التعليق» لابن حجر (ج4 ص244)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص368)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج7 ص2352)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج5 ص121)، و«الوسيط» للواحدي (ج3 ص139)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص107)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص159)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج31 ص89).

([323]) انظر: «الوسيط في تفسير القرآن» للواحدي (ج3 ص139)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج21 ص86)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص241)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص154)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص159)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج15 ص222)، و«تذكرة الأريب» لابن الجوزي (ج1 ص314)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص107)، و«تفسير المشكل من غريب القرآن» للقيسـي (ص142)، و«تأويل مشكل القرآن» لابن قتيبة (ص264)، و«جامع البيان» لابن جرير (ج15 ص212).

([324]) قلت: فهي تميل وتتحرك عنه شمالا لوجودها، أما إذا اختفت بالكلية، فكيف تميل عن الكهف؟!: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

([325]) وانظر: «الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج3 ص156).

     والفطر: ابتداء بالأول، واستئناف حال أخرى غير الصوم، وكل شيء ابتدأته فقد فطرته، وموضوعه هنا: قطع الصوم الشرعي بالأكل والشرب.

     انظر: «الاقتضاب في غريب الموطإ» لليفرني (ج1 ص325).

([326]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج21 ص98)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج4 ص247)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص3225)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج3 ض412)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج4 ص22)، و«السنن» للدارقطني (ج2 ص88).

([327]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62).

([328]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج2 ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص230).

([329]) ومثله: غروب الشمس عند الصحابة الكرام يطلق عليه غروبا مع وجود قرص الشمس بيسير في آخر النهار، والله المستعان.

([330]) وانظر: «المبدع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص343)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62 و63)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص235)، و«المصنف» لعبد الرزاق (ج4 ص226)، و«مختصر صحيح البخاري» للشيخ الألباني (ج1 ص571)، و«عمدة القاري» للعيني (ج9 ص130).

([331]) وفسر الصحابة y أيضا كيف يفطر الصائم ومتى؟!.

([332]) وأشار بيده نحو المشرق، كما في رواية.

([333]) ويدل على ذلك أن لو ركب أحدهم على مرتفع يسير لرأى قرص الشمس، لأنه لم يغب كله، اللهم غفرا.

([334]) وانظر: «تحفة الباري» للأنصاري (ج2 ص527)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج9 ص124)، و«فيض الباري» للكشميري (ج4 ص102)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج3 ص384)، و«عون المعبود» لأبي عبد الرحمن العظيم آبادي (ج6 ص478).

([335]) قوله r: «فاجدح»؛ بالجيم ثم حاء المهملة، والجدح تحريك السويق بالماء، ويحرك حتى يستوي بالعود يقال له: المجدح، مجنح الرأس يخاض به الأشربة وتستوي، والجدح: خلط الشيء بغيره، والمجدحة: الملعقة.

انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص197)، و«عون المعبود» لأبي عبد الرحمن العظيم آبادي (ج6 ص479)، و«معالم السنن» للخطابي (ج2 ص161)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص239)، و«المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج2 ص33)، و«المفصح» لابن هشام (ص87).

([336]) معناه: لو ركب أحد منهم على بعيره لرأى الشمس طالعة لم تغب بالكلية.

([337]) قلت: ولا يلتفت إلى من لم يفقه هذا الحكم في تعجيل الإفطار على هذه الطريقة في هذا العصـر، لأن النبي r أفطر ولم يلتفت إلى قول بلال t، والله المستعان.

([338]) لذلك لو تحقق لبلال بن رباح t أن الشمس قد غربت بالكلية ما توقف عن أمر الرسول r، لأنه يعرف حكم غروب الشمس بهذا المستوى لأذانه في المدينة لصلاة المغرب في المسجد النبوي، فهذا لا يخفى عليه، والذي خفي عليه أن وقت الغروب قد دخل مع طلوع الشمس، وحل الإفطار، وحلت صلاة المغرب، فأراد أن يستكشف عن حكم المسألة هذه، فعلمه النبي r صحة هذا الحكم وأنه الحق، وما كان عليه t إلا التسليم لأمر الرسول r.

      وانظر: «القبس» لابن العربي (ج2 ص476)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص197).

([339]) وهذا مطابق لظاهر القرآن، وشهادة الآثار السلفية له، وموافقته لأصل من أصول الشريعة الغراء: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وعمل الصحابة y بهذا الحكم.

([340]) وهذا يدل أن الشمس في الأفق مرتفعة خلف مرتفع صغير من تل، أو سهل ونحوهما، وذلك من قوله لو ركب أحدنا على بعيره لرأى الشمس طالعة، وكما هو معلوم أن البعير ليس طوله بالعالي الذي يرى فوقه الشمس من خلف جبل مثلا، فانتبه.

      وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص197).

([341]) وهذا فيه رد على من زعم أن الأرض كانت مستوية!.

([342]) وإن من العجب أن يتوجه البعض إلى إنكار هذه الألفاظ الصريحة في الحكم، ويفسرها بأن المراد من قوله: (إن عليك نهارا)، وقوله: (الشمس يا رسول الله)؛ إنما قال ذلك لأنه رأى آثار الضياء والحمرة التي بعد غروب الشمس بالكلية!: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص: 6].

       قلت: وهؤلاء بقولهم هذا يتهمون وهم لا يشعرون بلال بن رباح t  بأنه لا يميز بين صفة الشمس، وبين صفة الحمرة في الأفق؛ أي: أنه لا يعرف في شكل الشمس، وشكل الحمرة: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

      * لو كان كذلك لقال: يا رسول الله الحمرة، أو الضياء، لأنه يعرف شكل الشمس، ولذلك قال: (الشمس يا رسول الله)، ولم يقل: (الحمرة)؛ لمعرفته بصفة الشمس، وصفة الحمرة، فافهم لهذا.  

([343]) وهذا يدل على أن الشمس لم تغب بالكلية، فلذلك سأل بلال بن رباح t النبي r عن هذا الحكم الجديد في تعجيل الإفطار بهذا المستوى من الشمس.

([344]) قلت: وما أكثر أهل العناد في العصر نعوذ بالله من الخذلان.

([345]) والمسألة هذه هي إفطار الصائم مع وجود قرص الشمس.

       قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وموضع الدلالة منه ما يشعر به سياقه من مراجعة الرجل له بكون الشمس لم تغرب). اهـ؛ يعني: لم تغرب بالكلية.

([346]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([347]) «مختصر الصواعق المرسلة» (ج1 ص126).

([348]) قلت: وعطية بن سفيان قد حسن له الحافظ ابن حجر، أو صحح له في «فتح الباري» (ج13 ص54).

([349]) وانظر: «تدريب الراوي» للسيوطي (ج1 ص403)، و«التقييد والإيضاح» للعراقي (ج1 ص578)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج6 ص904).

([350]) وقد وهم الحافظ ابن حجر / من عده صحابيا؛ كالطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص448)، وأبي نعيم في «معرفة الصحابة» (3279)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج3 ص43)، وغيرهم.

        قال الحافظ ابن حجر / في «التقريب» (ص681): (عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، صدوق، من الثالثة، ووهم من عده صحابيا). اهـ

([351]) وانظر: «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج5 ص275).

([352]) لذلك قول الحافظ الذهبي / في «الكاشف» (ج2 ص235)؛ فيه جهالة فيه نظر لما بينه عنه العلماء في أصول الحديث، لكن سكت عنه الذهبي في «الميزان» (ج3 ص477).

([353]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج22 ص623 و624)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص217).

([354]) مثل: وفد ثقيف، فالوفد هذا من الصحابة.

     وانظر: «السنن» لابن ماجه (ج2 ص642)، و«السيرة النبوية» لابن هشام (ج4 ص185)، و«الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج5 ص275).

([355]) وانظر: للاختلاف: «معرفة الصحابة» لأبي نعيم (5072)، و«المصنف» لعبد الرزاق (27616)، و«الآحاد والمثاني» لابن أبي عاصم (1371). و«الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج4 ص454).

([356]) إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري، وهو مجهول الحديث، كما في «التقريب» لابن حجر (ص136).

([357]) وهذه الرواية هي الصحيحة، وقد رجحها أهل العلم، كما سبق.

([358]) فدخل عليها ما دخل من التحريفات في السند.

([359]) لعل ذلك يكون في موضع آخر.

        قلت: وقد ذكرت التفصيل في تخريج قصة: وفد ثقيف في هذا الكتاب نفسه، فارجع إليه.

([360]) وهذا الحديث يدل على شهرة قصة وفد ثقيف على رسول الله r في شهر رمضان وإسلامهم، وأنهم صاموا في رمضان، وقدم وفد ثقيف في سنة تسع من الهجرة.

       وانظر: «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج5 ص275)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج5 ص32)، و«الروض الأنف» للسهيلي (ج7 ص418)، و«تاريخ الأمم» للطبري (ج2 ص179)، و«المنتظم في تاريخ الأمم» لابن الجوزي (ج3 ص352 و355)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج7 ص10).

([361]) قلت: فقد أقر السهيلي قصة وفد ثقيف في عهد رسول الله r، وصومهم في رمضان، وإفطارهم والشمس لم تغب بالكلية.

([362]) قلت: ولم ينكر ابن أبي بكر الحرضي الفطر مع وجود قرص الشمس في الأفق وهي طالعة في قوله: (ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد)، بل قال ذلك من السنة.

([363]) قلت: وهذا إقرار ابن كثير في ثبوت قصة وفد ثقيف، ولم ينكر إفطارهم والشمس وهي طالعة بجهة المغرب في عهد النبي r.

([364]) قلت: ولم ينكر المقريزي إفطار وفد ثقيف قبل غروب الشمس بالكلية.

([365]) قلت: والغروب الثاني كما جاء في الروايات الأخرى، وثبت في هذه الروايات أيضا الغروب الأول، والشمس طالعة حين أفطر الصائم.

([366]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (628).

([367]) قلت: ففطر الصائم بقرب الغروب؛ أي: والشمس قرب الأرض من جهة الغروب، كما تدل عليه: (كاد)؛ أي: (حتى كادت الشمس تغرب، وذلك بعد ما أفطر الصائم)، فذكر ذلك للفائدة.

     وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص123).

([368]) قلت: وهذا يدل على أن هناك وقتين في الحديث الواحد.

([369]) قلت: وهذا يدل على أن أثناء مخاطبة عمر بن الخطاب t للنبي r كان وقت إفطار الصائم، وهو أثناء الغروب الأول، والشمس طالعة؛ لأن لا فائدة من ذكر ذلك إذا كان يعني بعد غروب الشمس بالكلية، لأنه تكررت كلمة: (بعد ما غربت الشمس)، أي: الغروب الكلي، وهذا الذي دلت عليه الألفاظ الأخرى في نفس يوم الخندق وغيره، والله ولي التوفيق.

([370]) وعلى هذا لا يلتفت إلى المقلدة المتشددة الذين لا يجوزون للصائم أن يفطر في هذا المستوى من الشمس.

([371]) قلت: وذهب عدد من أهل العلم إلى تأويل الأحاديث بالتأويلات البعيدة في اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق، والصحيح أن الأحاديث تبقى على ظاهرها في دخول وقت صلاة المغرب، وهي طالعة في الأفق لم يغب قرصها في الأرض.

      وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج2 ص570 و571 و572)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص236 و237).

([372]) يعني: الشمس طالعة، وهذا يدل أن الشمس لم تغب بالكلية، وهذا وقت دخول صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

([373]) قلت: إذا جمعت الروايات المرفوعة، مع الروايات الموقوفة؛ تبين لك أن آخر وقت صلاة العصر عند اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض، ومن هنا يتبين لك أنه لا إشكال في كون دخول وقت صلاة المغرب بهذا المستوى من الشمس؛ أي: لم يسقط قرصها كله.

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ

([374]) قلت: والمراد بقرنها أعلى قرص الشمس.

       وانظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص 236)، و«إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص541).

        قلت: وصلاة المغرب يجب أن يبكر بها، وتعجل في أول وقتها؛ أي: بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف والمنطقة مسفرة جدا، وحتى يرمي أحدنا نبله، فيبصر موقعه لبقاء الضوء الشديد.

([375]) وهذا الغروب هو الأول، وهو أن الشمس مرتفعة لم يسقط قرصها بالكلية.

([376]) وهذا الغروب هو الثاني، وهو أن الشمس غربت بالكلية.

       * لذلك لا يجوز التقليد في دخول وقت صلاة المغرب لوضوحه حتى للعوام إذا تدبروا الأدلة.

       قال الإمام القرافي /: (منع ابن القصار / التقليد في دخول وقت الظهر لوضوحه حتى للعوام، ولا يرد أن يقال المغرب أوضح؛ لأن المقصود معرفة الوقت من حيث إيقاع الصلاة فيه). اهـ

      انظر: «إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص542).

([377]) فيقول شيخنا ابن عثيمين / بالغروبين، عند اصفرار الشمس، وهذا الوقت الأول، وعند خفائها، وهذا الوقت الثاني، وهذا هو المراد من ذكر قول شيخنا هنا، أنه ذكر الوقتين للشمس في جهة الغروب، وهذا موافق للسنة والآثار، وإن كان ذكر الغروب الكلي لدخول صلاة المغرب.

([378]) قلت: ولا تدخل الصفرة في الشمس إلا بعد أن تكون في جهة الغرب، وهي طالعة، وهذا وقت دخول صلاة المغرب الأول، كما في الروايات الأخرى، أيضا.

([379]) عرق: العظم الذي أكل لحمه.

     انظر: «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (1172).

([380]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج18 ص447)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص343)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج6 ص19)، و«التاريخ» للدوري (ج2 ص376).

([381]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج3 ص451)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج1 ص318)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص284)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص345).

([382]) قلت: ولا يستطيع أحد ممن يزعم أنه يعجل الفطر في هذا الزمان ممن ينتسب إلى العلم؛ أن يفطر وقرص الشمس لم يغب، لأن يصيبه وسواس في نفسه، هل صومه صحيح، أو لا؟!، بل هؤلاء لم يفطروا بغروب الشمس بالكلية؛ لأنهم يفطرون مع الأذان الذي هو متأخر عن غروب الشمس؛ أي: على التقويم الفلكي، اللهم غفرا.

([383]) طبق السنة في هذا المستوى من الشمس، أحيانا، ولا تلتفت إلى من لا يستطيع أن يطبقها، اللهم غفرا.

([384]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (583)، ومسلم في «صحيحه» (838).

([385]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص401)، و«السنن» للترمذي (ج2 ص318)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص196)، و«تغليق التعليق» له (ج3 ص195)، و«الصيام» للفريابي (ص56).

([386]) وانظر: «إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص28).

([387]) قدر أهل العلم هذا الارتفاع بمقدار رمح.

     انظر: «شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص183).

([388]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص183)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص489)، و(ج4 ص247)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص235)، و«المصنف» لعبد الرزاق (ج4 ص226)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج4 ص22)، و«المستدرك» للحاكم (ج4 ص274)، و«صبح الأعشى» للقلقشندي (ج2 ص367)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج3 ص416)، و«الصيام» للفريابي (ص56).

([389]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (831)، وأبو داود في «سننه» (3192)، والترمذي في «سننه» (1030)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1151)، وفي «المجتبى» (560)، وابن ماجه في «سننه» (1519)، وأحمد في «المسند» (17377)، والثقفي في «الثقفيات» (150)، والفاكهي في «الفوائد» (15)، والسراج في «حديثه» (1543)، و(2340)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص113)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (1776)، والروياني في «المسند» (201)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص331).

([390]) وانظر: «إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج3 ص181)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج2 ص208 و209 و211)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص260 و261)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص401).

([391]) قلت: فالميل هذا في نفسه يسمى غروبا عند العرب.

     وانظر: «المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج1 ص311)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج7 ص2343)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج2 ص336)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج1 ص14)، و«الوسيط» للواحدي (ج3 ص120)، و«تفسير القرآن» لعبد الرزاق (ج1 ص384)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص120)، و«جامع البيان» للطبري (ج15 ص22).

([392]) أي: عند الغروب الثاني الكلي.

([393]) قلت: وفي هذا القدر من ارتفاع الشمس من الأرض يسمى غروبا عند العرب، وهذا الذي دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والآثار.

([394]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (582)، ومسلم في «صحيحه» (828).

([395]) فسمى الشيخ ابن باز هذا النوع من الغروب غروبا.

([396]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (582)، ومسلم في «صحيحه» (829).

([397]) وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص258): باب: لا تتحرى الصلاة قبل غروب الشمس.

([398]) وانظر: «عمدة القاري» للعيني (ج2 ص234 و236)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص265 و266)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص258)، و«فيض الباري» للكشميري (ج1 ص316)، و«المنهاج» للنووي (ج2 ص366).

([399]) فحواجب الشمس: نواحيها؛ الحاجب الأعلى، والحاجب الأسفل، وغير ذلك.

     انظر: «عمدة القاري» للعيني (ج4 ص234).

     قال الجوهري / في «الصحاح» (ج1 ص107): (حواجب الشمس نواحيها). اهـ

([400]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (829).

([401]) وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص258 و260)، و«المنهاج» للنووي (ج2 ص366 و367).

([402]) أخرجه مسلم في«صحيحه» (833).

([403]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (833).

([404]) وانظر: «إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (ج3 ص203)، و«التعليق على صحيح البخاري» للشيخ ابن باز (ج2 ص175)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص437)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج3 ص203)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج3 ص178)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص457)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص395)، و«المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج1 ص310).

([405]) انظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص403).

([406]) أثر حسن لغيره.

     أخرجه البزار في «المسند» (ج7 ص81-تفسير ابن كثير)، وسمويه في «فوائده» (ص77)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج7 ص121).

     وذكره السيوطي في «الجامع الكبير» (ج10 ص616).

     وأورده ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج7 ص81) ثم قال: (هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العمي عن أبيه، وقد ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: ربما أخطأ). اهـ

     وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص311)، ثم قال: رواه البزار عن طريق خلف بن موسى عن أبيه، وقد وثقا، وبقية رجاله رجال الصحيح.

([407]) وانظر: «الجامع الكبير» للسيوطي (ج10 ص616)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص144 و145)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج19 ص166)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج11 ص291).

([408]) وهذا وإن بقي من الشمس يسيرا ترى بالعيون، إلا أنه عند العرب في حكم الغروب، فانتبه.

     وانظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (ج11 ص291)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج4 ص165).

([409]) وأبو هند درهم هذا من العباد.

     انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (534).

([410]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص960).

([411]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج6 ص247)، و«تذكرة الحفاظ» له (ج1 ص154).

([412]) يعني: لم تغب الشمس، وإلا لماذا يريدون أن ينظروا إليها، كما في رواية.

([413]) وانظر: «الكاشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص120)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج7 ص81)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج7 ص2342)، و«جامع البيان» للطبري (ج5 ص22)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص128)، و«تفسير القرآن» لابن وهب (ج1 ص137)، و«تفسير القرآن» لسعيد بن منصور (ج6 ص135).

([414]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص477).

([415]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج9 ص47)، ومسلم في «صحيحه» (2463).

([416]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4619)، ومسلم في «صحيحه» (2462).

([417]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2459).

([418]) فلما مالت الشمس إلى جهة الغروب، وزالت وأصبحت بالقرب من الأرض، فهذا يسمى غروبا عند العرب، وإن كانت طالعة لم تغب بالكلية.

([419]) فهذه الآية تعني دخول وقت صلاة الظهر، ودخول وقت صلاة المغرب، والله ولي التوفيق.

     وانظر: «تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج3 ص34)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص120)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص1412)، و«الصحاح» للجوهري (ج4 ص1584)، و«الوسيط» للواحدي (ج3 ص120)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج21 ص21)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص196)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص70).

([420]) فقوله: «إذا غاب حاجب الشمس ... حين يغرب حاجب الشمس»؛ رواية شاذة، لأن جميع الروايات الثابتة عن ابن مسعود كان يصلي وقد غربت الشمس، وهي طالعة، فالشمس غربت، أو وهي طالعة بمعنى واحد بالنسبة للغروب، فانتبه.

([421]) وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص1174)، و«تهذيب التهذيب» له (ج5 ص76)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج14 ص61)، و«التاريخ» للدوري (ج2 ص288).

([422]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص1412)، و«الصحاح» للجوهري (ج4 ص1584)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص191) و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص70)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج21 ص21)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج4 ص195)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص128).

([423]) ثم ذكر المثال المذكور أعلاه.

     قلت: وهذا يعرفه من درس أصول التفسير على يد علماء السنة.

     وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص401).

([424]) قلت: وهذا كله واسع؛ فمن شاء أفطر قبل الصلاة على وجود قرص الشمس بيسير من الأرض، ومن شاء أفطر بمغيب قرص الشمس كله، وكل ذلك من تحقق غروب الشمس، ولا بأس من فعل هذا، وهذا، والله ولي التوفيق.

     انظر منه؛ «الموطإ» للإمام محمد بن الحسن (ج2 ص205).

([425]) أي: أنه من سنة النبي r، ولقد أفطر r وقرص الشمس لم يغب بالكلية، كما بين ذلك.

([426]) وانظر: «تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر» للشيخ الألباني (ص7 و8)، و«اختصار علوم الحديث» لابن كثير (ص65)، و«الكفاية» للخطيب (ص591)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص523)، و«المجموع» للنووي (ج1 ص95).

([427]) وانظر: «الكفاية» للخطيب (ص591)، و«علوم الحديث» لابن الصلاح (ص45)، و«تدريب الراوي» للسيوطي (ج1 ص208)، و«فتح المغيث» للسخاوي (ج1 ص127)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ج1 ص579)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ص48).

([428]) فإذا قال الصحابي: (سنة)؛ فهو مسند مرفوع، لأنه لا يريد به إلا سنة رسول الله r، وما يجب اتباعه.

([429]) وانظر: «علوم الحديث» لابن الصلاح (ص45)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص30)، و«المجموع» له (ج1 ص59)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص523)، و«نصب الراية» للزيلعي (ج1 ص314)، و«نهاية السول» للأسنوي (ج3 ص187 و188)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ج1 ص579).

([430]) وانظر: «النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص523)، و«جامع الأصول» لابن الأثير (ج1 ص94 و95)، و«قواطع الأدلة في أصول الفقه» للسمعاني (ص821 و824)، و«التبصرة في أصول الفقه» للشيرازي (ص332)، و«الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» للخطيب (ص591 و592).

([431]) قلت: فاعتبر غروبا بسبب البعد في جهة الغرب في زمن لم يغب قرص الشمس كله.

([432]) وانظر: «الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص167).

([433]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62).

([434]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج2 ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص230).

([435]) ومثله: غروب الشمس عند الصحابة الكرام يطلق عليه غروبا مع وجود قرص الشمس بيسير في آخر النهار، والله المستعان.

([436]) قلت: ولا يستطيع أحد ممن يزعم أنه يعجل الفطر في هذا الزمان ممن ينتسب إلى العلم؛ أن يفطر وقرص الشمس لم يغب، لأنه يصيبه وسواس في نفسه، هل صومه صحيح، أو لا؟!، بل هؤلاء لم يفطروا بغروب الشمس بالكلية؛ لأنهم يفطرون مع الأذان الذي هو متأخر عن غروب الشمس، اللهم غفرا.

([437]) طبق السنة في هذا المستوى من الشمس، أحيانا، ولا تلتفت إلى من لا يستطيع أن يطبقها، اللهم غفرا.

([438]) وتصحف: «الطويل» إلى «الحارث»؛ ولعل الناسخ أخطأ في نسبته، لأن من شيوخ المعتمر؛ حميدا الطويل، ولا يوجد من شيوخه حميد الحارث.

     انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج28 ص250).

([439]) يعني: من سرعة فطره.

([440]) فإذا أفطر الناس جميعا بغروب قرص الشمس بالكلية، فلا حاجة لابن عمر أن يأمر مجاهدا بتغطيته عن الناس، لأنهم اعتادوا الفطر بخفاء قرص الشمس بالكلية، فافطن لهذا.

([441]) وانظر: «الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج4 ص179 و180).

([442]) الفجاج: الطريق الواسع.

      انظر: «المعجم الوسيط» (ج2 ص674).

([443])  الفجاج مسفرة؛ أي بينة مبصرة لا تخفى.

        وفي الحديث: (صلاة المغرب) يقال لها: (صلاة البصر)؛ لأنها تؤدى قبل ظلمة الليل الحائلة بين الإبصار والشخوص.

      انظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (ج12 ص279)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص159).

([444]) قال الإمام أحمد /: صلاة البصر: هي صلاة المغرب.

       انظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص159).

([445]) وانظر: «الحاشية» للشلبي (ج2 ص211)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص83).

([446]) وانظر: «مرقاة المصابيح» للقاري (ج4 ص479)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2ص1416).

([447]) وانظر: «الثمر الداني» للآبي (ص176)، و«شرح مختـصر خليل» للخرشي (ج3 ص17)، و«الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج3 ص17)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص211)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1416)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص135)، و«النهر الفائق» لابن نجيم (ج2 ص5)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج3 ص432).

([448]) وانظر: «البدر التمام» للمغربي (ج2 ص403).

([449]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (559)، ومسلم في «صحيحه» (637).

([450]) انظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص263).

([451]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([452]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([453]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([454]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([455]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([456]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([457]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).

([458]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص404)، و«جامع البيان» للطبري (ج9 ص197)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص148)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص374)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص378)، و«عمدة القاري» للعيني (ج4 ص142)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص188)، و«فتح المعين» للمعبري (ص87)، و«الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج1 ص373 و398)، و«الإحكام شرح أصول الأحكام» لابن القاسم (ج1 ص149)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج2 ص4)، و«الواضح في شرح مختصر الخرقي» لابن أبي القاسم (ج1 ص167)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص160)، و«إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه» لجانباز (ج1 ص531).

([459]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([460]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح، وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([461]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([462]) انظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و«تلخيص الحبير» لابن حجر (ج1 ص281).

([463]) «وأحدنا يعرف جليسه»؛ مجالسة الذي إلى جنبه عندما ينتهي من الصلاة، «إلى المائة»؛ يعني: من آيات القرآن الكريم، «زالت»؛ مالت إلى جهة المغرب، «حية»؛ بيضاء لم يتغير لونها ولا حرها، «شطر»؛ نصف.

     وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص220)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص27)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص281).

([464]) نسيت: غاب عن علمي.

       والناسي: هو الراوي: أبو المنهال عن أبي برزة.

     انظر: «تنبيه الأفهام بشرح عمدة الأحكام» لشيخنا ابن عثيمين (ص136).

([465]) هذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح في الحديث، وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([466]) أعتم: أخر.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص181)، و«شرح السنة» للبغوي (ج2 ص33).

([467]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (642)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص589)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص287)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص237)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص304)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص449).

([468]) وانظر: «سبل السلام» للصنعاني (ج1 ص239)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص38)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص164)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج2 ص9)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص281)، و«المغني» لابن قدامة (ج1 ص426).

([469]) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص207)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج2 ص343)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص322)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج22 ص74)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص51)، و«المنهاج» للنووي (ج5 ص137)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج2 ص11)، و«المقنع» لابن قدامة (ص24)، و«المغني» له (ج1 ص484)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص632)، و«التعليق على صحيح مسلم» له (ج3 ص575).

([470]) (قدموا معي في السفينة): التي أتوا بها من اليمن. (نزولا): نازلين، جمع نازل. (في بقيع): المكان المتسع من الأرض. (بطحان): واد بالمدينة. (نفر): عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة. (ابهار الليل): تراكمت ظلمته، أو ذهب أكثره، وانتصف. (على رسلكم): تأنوا وابقوا على هيئتكم.

     وانظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (ج1 ص83)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص245)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج6 ص154)، و«غريب الحديث» للخطابي (ج2 ص232)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج4 ص81).

([471]) أعتم: إذا دخل في العتمة، وعتمة الليل: هي ظلمته.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص180).

([472]) ومعنى: «ادلام» الشيء، دلم، والليل ادلهم: كثف ظلامه، و«الدلام» السواد.

     انظر: «المعجم الوسيط» (ج1 ص294).

([473]) الهاجرة: وقت شدة الحر في نصف النهار.

     انظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص243).

([474]) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص203)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج2 ص369)، و«المنهاج» للنووي (ج5 ص137)، و«المجموع» له (ج3 ص39)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص50)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج2 ص11)، و«المغني» لابن قدامة (ج1 ص484)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص618)، و«التعليق على صحيح مسلم» له (ج3 ص632 و583).

([475]) ولا يجوز تأخير صلاة العشاء؛ إلا أحيانا، لإصابة السنة، لأنه يستحب.

([476]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([477]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([478]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([479]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([480]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([481]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([482]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan