القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / الكوكب الدري في أن صوم يوم عرفة لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم

2023-11-27

صورة 1
الكوكب الدري في أن صوم يوم عرفة لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم

سلسلة

من شعار أهل الحديث

 

 

                                         

 
  شكل بيضاوي: 103

 

 

 

 

الكوكب الدري

في

أن صوم يوم عرفة لم يصمه النبي r

 

دراسة أثرية منهجية علمية في أن النبي r لم يصم يوم عرفة، ولم يتحر في السنة إلا صوم يوم عاشوراء، وأن تكفير الذنوب المتقدمة، والمتأخرة من خصائص النبي r،بل وأفضل الصيام بعد شهر رمضان؛ صيام شهر المحرم!.

 

 

تأليف:

فضيلة الشيخ فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

ومعه:

قمع العادات والتقاليد التي تربى عليها الناس في بلدانهم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر

درة نادرة

الإمام يحيى بن معين / لم يصم يوم عرفة

مما يدل على أن الحديث لم يثبت عنده، بل لم يعرف الحديث أصلا، والحديث الذي لم يعرفه الإمام ابن معين فليس بحديث، فكيف العمل به؟!

 

عن يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي قال: «رأيت يحيى بن معين عشية عرفة في مسجد الجامع قد حضر مع الناس، ورأيته يشرب ماء، ولم يكن بصائم».([1])

قلت: وهذا يدل على أن صوم يوم عرفة لم يكن معروفا عند الإمام يحيى بن معين /، ولا الناس من أهل الحديث الذين من حوله في المسجد؛ لذلك لم ينكر عليه أحد من الناس مما يدل على أن يوم عرفة يوم أكل وشرب، لا يوم صيام، والله المستعان.

قلت: وقد انتهى علم الحديث إلى الإمام يحيى بن معين، والحديث الذي لا يعرفه فليس بحديث يعمل به في السنة النبوية.([2])

ﭑ ﭑ ﭑ

بسم الله الرحمن الرحيم

عصف، وخسف

قاعدة جليلة

كل حديث فيه ذكر غفران الذنوب الماضية والمتأخرة، فهو            حديث ضعيف

 

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في «شرح رياض الصالحين» (ج2ص73): (قال بعض العلماء: واعلم أن من خصائص الرسول r، أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبناء عليه: فكل حديث يأتي بأن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فإنه حديث ضعيف؛ لأن هذا من خصائص الرسول r، أما «غفر له ما تقدم من ذنبه»، فهذا كثير، لكن: «ما تأخر»، هذا ليس إلا للرسول r فقط، وهو من خصائصه، وهذه قاعدة عامة نافعة لطالب العلم([3])، أنه إذا أتاك حديث فيه أن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فاعلم أن قوله «ما تأخر»، ضعيف لا يصح؛ لأن هذا من خصائص محمد صلوات الله، وسلامه عليه). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قصف وقصم

جوهرة نادرة

 

قال الإمام شـيـخنا ابن عثيمين / في «الشرح الممتع» (ج4 ص159): (الرجل إذا خالفك بمقتضى الدليل عنده؛ لا بمقتضى العناد ينبغي أن تزداد محبة له!). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

    

حرق وبركان

لؤلؤة نادرة

 

 

عن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم).

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص270)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص19)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص77)، وابن الجوزي في «التحقيق» (ج1 ص23).

وإسناده حسن.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

دك وانقضاض

ديباجة نادرة

 

عن سليمان الأحول / قال: ذكرنا لطاووس صوم يوم عرفة، وأنه كان يقال: (كفارة سنتين)، فقال طاووس /:(فأين كان أبو بكر، وعمر عن ذلك؟! يعني أنهما كانا لا يصومانه).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1ص364 مسند عمر)، والفاكهي في «أخبار مكة» (ج5 ص33) من طريق محمد بن شريك أبي عثمان المكي عنسليمان الأحول به.

قلت: وهذا سنده صحيح إلى طاووس، رجاله كلهم ثقات، وطاووس من الأئمة يحتمل لمثل هذا النقل([4]) في العلم للتأكيد على عدم صوم أبي بكر، وعمر ليوم عرفة، وهذا النقل حكاية عنهما، ليس براو عنهما، وحاكي الأحكام، لا يلزم أن يكون مدركا للناقل عنه، فافهم لهذا ترشد!.

وأخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (ج5 ص33) بهذا الإسناد بنحوه.

قلت: فهذا أبو بكر الصديق t، وعمر بن الخطاب t: كانا لا يصومان يوم عرفة، وذلك؛ لأنه ليس من السنة صيامه، وهما المرآن يقتدى بهما، وحسبك بهما شيخا.

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

فضة نادرة

فتوى

العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين /

في تحريم معاداة طلبة العلم في مسائل فقهية

 

* سئل العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين /: هب أن رجلا خالف كثيرا من أهل العلم في مسألة خلافية، هل يبغض هذا الشخص في الله، وهل تشن عليه الهجمات؟!.

فأجاب فضيلته: (لا، أبدا، لو خالف الإنسان جمهور العلماء في مسألة قام الدليل على الصواب بقوله فيها؛ فإنه لا يجوز أن نعنف عليه، ولا يجوز أن تحمى نفوس الناس دونه أبدا، بل يناقش هذا الرجل ويتصل به؛ كم من مسألة غريبة على أفهام الناس، ويظنون أن الإجماع فيها محقق، فإذا بحث الموضوع وجد أن لقول هذا الرجل من الأدلة ما يحمل النفوس العادلة على القول بما قال به واتباعه!.

* صحيح أن الظاهر أن يكون الصواب مع الجمهور هذا الغالب، لكن لا يعني ذلك أن الصواب قطعا مع الجمهور، قد يكون الدليل المخالف للجمهور حقا، وما دامت المسألة ليس فيها إجماع؛ فإنه لا ينكر على هذا الرجل، ولا توغر الصدور عليه، ولا يغتاب، بل يتصل به ويبحث معه، ويناقش مناقشة يراد بها الحق، والله سبحانه وتعالى يقول: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر:17]، كل من أراد الحق، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «العقيدة الواسطية»: (من تدبر القرآن للهدى منه تبين له طريق الحق). اهـ

[انظر: «كتاب إلى متى الخلاف» (ص40)]

 

 

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

رب أنعمت فزد

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران :102].

]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورســوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].

أما بعد...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ه، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

* فإن أهل الحديث قد ابتلوا في غابر الزمان، وحاضره بفئام من الناس، تطاولوا عليهم، وسودوا في ذمهم القرطاس، ولم يرقبوا فيهم إلا، ولا ذمة، بل أرادوا الطعن بهم، والوقيعة فيهم ليشوهوا بهي صورهم عند العامة.([5])

قال تعالى: ]كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون[ [التوبة: 8].

وقال تعالى: ]لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون[ [التوبة: 10].

* وهؤلاء نسجوا على منوال أسـلافـهم ممن طعنوا بعلماء الحديث، فتراهم يلمزونهم تلميحا تارة، ويقدحون فيهم تصريحا تارة أخرى، وليس ذلك منهم إلا لينفروا نشأ الأمة منهم، متبعين في ذلك شتى الطرق، والأساليب الماكرة التي تخدم أهدافهم، وتنفذ مآربهم، سالكين طريقة الذين لا يؤمنون بالله، ولا باليوم الآخر!.

قال تعالى: ]ومكر أولئك هو يبور[ [فاطر: 10].

وقال تعالى: ]ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله[ [فاطر: 43].

وقال تعالى: ]قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون[ [التوبة: 52].

قلت: والناظر بتأمل، وروية يرى دليل ذلك عيانا، في أمثلة صريحة لا يستطيع لها نكرانا!، فنرى أن موجة هجوم المبتدعة وأذيالهم، قد بدأت تأخذ مسارا آخر، إذ لما كشف الله سبحانه حقيقتهم، وأظهر مكنون قلوبهم، علم أهل السنة أن بضاعة هؤلاء في سوق الحق كاسدة، وأن تلبيساتهم، وتدليساتهم لا تنطلي، إلا على ذوي العقول، والآراء الفاسدة.

* فيمم أهل التحزب الخائبون وجوههم، وريشوا سهامهم، نحو أهل الحديث من دعاة السنة، لا يألون جهدا في تسويد الردود عليهم، وتوجيه الطعون إليهم، بعبارات ماكرة، وكلمات ممجوجة، ورسالات بالحق محجوجة.

قلت: وإذا نظرت أخي المسلم نظرة تأمل، وتفحص ترى أن غالب من رفع عقيرته بالرد على أهل الحديث هم: أهل البدع والأهواء، والانحراف عن السنة، وترك نهج التوحيد الصافي، والبضاعة المزجاة في المنهج السلفي الأثري، والله المستعان.

* ولما تكشفت لنا أهداف العصبة الردية التي تحركها دوافع إرجائية، وحزبية تنوعت دوافعها، ولكنها اجتمعت على محاربة الدعوة السلفية المباركة، وحفر الأخاديد في طريق المد الدعوي السلفي الذي تشهده الساحة الإسـلامـية، وذلك في صورة تجريح دعاتها، فلم نلق لهم بالا؛ لأننا لا نريد مراء، ولا جدالا، ولثقتنا بالله تعالى أنه سـيـعيد مكرهم عليهم وبالا: ]ومكر أولئك هو يبور[ [فاطر:10]، فأنظرناهم لعلهم يرجعون، وبالتواصي بالحق يقتنعون، أو يتذكرون فيرعون ... ولكنهم أرادوا أن يعيدوها جذعة؛ لأن نار الحقد، والحسد، والبغضاء في قلوبهم لم تنطفئ، وكيف يخمد أوارها وفيها ينفخ ذوو الشهوات، والشبهات، ويمنونهم: ]يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا[ [النساء:120]، فأصدروا كتابين([6]) ملؤوهما منكرا من القول، وزورا لعلهم يروجون على المخدوعين من الهمج الرعاع.

* فتراهم يبحثون عن زلة؛ ليجعلوا منها العلة، وعن عثرة ليدعوا إلى النفرة، وتراهم يجعلون من الحبة قبة، ومن النملة فيلا!.

* وتراهم يمضغون الهواء بعد أن عجزوا عن استـنبات بذور حقدهم، وحسدهم فيه، اللهم غفرا.

* وتراهم ينسجون من الرمال حبالا، ويجعلون من أعواد الخيزران جبالا، وظنوا أنهم شوهوا سـمـعة البرآء، ولطخوا صورة الذين جعلوا هجرتهم لله تعالى، ولرسوله r.

* فأولئك سحقا لهم سحقا، ومحقا لهم محقا، وتعسا لهم تعسا، فأولى لهم ثم أولى لهم.

أقول: لقد أصبح أمرا مألوفا اليوم أن يطفو فلان، ويشار إليه بالبنان إذا نازل عظيما!، أو أهان كريما!.

* وكم رأينا أمثال هؤلاء الذين أعماهم حب الظهور، وأصيبوا بداء العظمة، حيث قاموا يتطاولون على أهل العلم، وطلبة العلم؛ فكان ردهم عليهم بدون أدب، ونيلهم منهم بكل وقاحة، هو القبر الذي حفروه لأنفسهم بأيديهم، فلم تقم لهم بعدها قائمة، وعلى نفسها جنت براقش: ]ليقضي الله أمرا كان مفعولا[ [الأنفال:44].

قال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير » (ص25): (وأما إذا كان مراد الراد بذلك إظهار عيب من رد عليه، وتنقصه، وتبيين جهله، وقصوره في العلم بزعمه -، ونحو ذلك كان محرما، سواء كان رده لذلك في وجه من رد عليه، أو في غيبته، وسواء كان في حياته، أو بعد موته، وهذا داخل فيما ذمه الله تعالى في كتابه، وتوعد عليه في الهمز واللمز). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص22): (وأما بيان خطإ من أخطأ من العلماء قبله، إذا تأدب في الخطاب، وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه، ولا لوم يتوجه إليه). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص29): (وأما إشاعة، وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله، ورسوله، قال الله تعالى: ]إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون [[النور:19]، فلهذا كان إشاعة الفاحشة مقترنة بالتعيير، وهما من خصال الفجار؛ لأن الفاجر لا غرض له في زوال المفـاسـد، ولا في اجتناب المؤمن للنقائص والمعايب، إنما غرضه في مجرد إشاعة العيب في أخيه المؤمن، وهتك عرضه، فهو يعيد ذلك ويبديه، ومقصوده تنقص أخيه المؤمن في إظهار عيوبه، ومساويه للناس ليدخل عليه بذلك الضرر في الدنيا!). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص30): (وأما الحامل للفاجر على إشاعة السوء وهتكه، فهو القسوة والغلظة، ومحبته إيذاء أخيه المؤمن، وإدخال الضرر عليه، وهذه صفة الشيطان الذي يزين لبني آدم الكفر، والفسوق، والعصيان ليصيروا بذلك من أهل النيران، كما قال تعالى: ]إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحـاب السعير[ [فاطر:6] ... فشتان بين من قصده النصيحة، وبين من قصده الفضيحة، ولا تلتبس إحداهما بالأخرى إلا على من ليس من ذوي العقول الصحيحة). اهـ

قلت: ومـن أعـظـم القـربـات إلى الله تعالى توحيد الكلمة على شـرع الله تعالى،

وإشاعة الألفة والمحبة والأخوة([7]) بين المسلمين، ومراعاة ما أوجبه الله تعالى علينا من الحقوق تجاه إخواننا، وهذا لا يأتي إلا بعد علم، ومعرفة، واطلاع.

* ولنتدارك الأخطاء التي يقع فيها الآمرون بالمعروف في نصحهم، فتتحول النصيحة إلى تعيير!، والإصلاح إلى تنفير!، والصفاء إلى تعكير!.([8])

قلت: وقد ثبتت النصوص النبوية في تثبيت دعائم الأخوة، وإشاعة المحبة، والمودة، والوئام، وقد تلقتها قلوب الصحابة بمبدأ التلقي للتنفيذ والتطبيق، وعاشتها حياة كريمة، رقت فيها القلوب، وصفت فيها النفوس، وسمت فيها المشاعر.

قال تعالى: ]والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض[ [التوبة:71].

قلت: والمفروض أن يكون الأخ واثقا من أخيه، مطمئنا إليه، فلا يؤول كلامه إلا بخير ما دام يجد في الكلام مجالا للتأويل الحسن.

قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم[ [الحجرات:12].

* يقول الله تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة، والتخون للأهل، والأقـارب، والنــاس في غيـر مـحـلـه؛ لأن بعـض ذلـك يـكون إثـمـا مـحـضا، فليجتنب كثير منه احتياطا.([9])

قال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص26): (ومن حمل كلامه، والحال على ما ذكر، فهو ممن يظن بالبريء الظن السوء، وذلك من الظن الذي حرمه الله تعالى، ورسوله r، وهو داخل في قوله سبحانه وتعالى: ]ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا[ [النساء:112]، فإن الظن السوء ممن لا يظهر منه - أعني هذا الظان - أمارات السوء، مثل: كثرة البغي، والعدوان، وقلة الورع، وإطلاق اللسان، وكثرة الغيبة، والبهتان، والحسد للناس، على ما آتاهم الله من فضله والامتنان، وشدة الحرص على المزاحمة على الرئاسات قبل الأوان، فمن عرفت منه هذه الصفات التي لا يرضى بها أهل العلم والإيمان، فإنه إنما يحمل تعرضه للعلماء، ورده عليهم على الوجه الثاني فيستحق حينئذ بمقابلته بالهوان، ومن لم تظهر منه أمارات بالكلية تدل على شيء، فإنه يجب أن يحمل كلامه على أحسن محملاته، ولا يجوز حمله على أسوأ حالاته. وقد قال عمر t: «لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا»([10])). اهـ

قلت: فالعلة إذا تتبع الأخ، وسوء الظن به([11])، اللهم غفرا.

* وهذه العلة الأساسية والأولى في أتباع الجماعات الحزبية، فإنهم في تمزيق الأخوة، وتشتيت الأحباب، وذهاب الألفة، والمودة بينهم، إنما هو في لسانهم البتار!، فلم يرحموا المسلمين، بل ولم يرحموا أنفسهم، كما هو مشاهد منهم في اختلافاتهم مع بعض، وهذا عقاب الله تعالى لهم.

فعن جرير بن عبد الله t عن النبي r قال: (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

 عز وجل)، وفي رواية: (لا يرحم الله من لا يرحم الناس).([12])

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله r: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).([13])

وعن أبي هريرة t قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق r يقول: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي).([14])

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من لا يرحم لا يرحم).([15])

قال الحافظ ابن حجر / في «الإمتاع» (ص67):

إن من يرحم من في الأرض قد

آن أن يرحمه من في السما

فارحم الخلق جميعا إنما

يرحم الرحمن فينا الرحما

قال تعالى: ]إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي[ [يوسف:53].

قلت: فإذا أراد العبد أن يتخلق بخلق الرحمة على الناس، احتاج إلى أن يمكن

 له في الصدر الذي هو ساحة القلب، فمن كان أوسع صدرا، كان أوسع رحمة للناس ... فإذا اتسع صدره([16])، وجد كل خلق من الأخلاق الحميدة ناحية في صدره، وتمكنت منه، وسهل على القلب إنفاذ أمور الله تعالى، ورسوله r... فينشرح الصدر على قدر توسع الرحمة فيه، فمبتدأ الرحمة أن يعمل العبد في توسـيـع الصدر حتى تصير له الأخلاق الحميدة، فتشرق منه أنوار الكتاب والسنة، فيعيش غنيا بالله تعالى ما عاش، وبالله التوفيق.

قلت: فإذا رحمك الرحمن صلحت للدعوة إلى الله، وتفرغت للعلم النافع، والعمل الصالح، وإذا لم ترحم لم تصلح للدعوة إلى الله تعالى، ولم تتفرغ للعلم النافع، والعمل الصالح، اللهم سلم سلم.

* فالرحمة رقة في القلب، وحسـاسـيـة في الضمير، وإرهاف في الشعور تستهدف الرأفة بالآخرين، والشفقة عليهم من أن يتعرضوا للبلاء، والضرر، والاختلاف المهلك، وتسلط أعداء السنة عليهم.

* ولنعلم أن الرحمة خلق إسلامي كريم حث عليه النبي r في أحاديث كثيرة.

قلت: وعلى هذا فمن ابتلي بشيء من مكر الحزبية، فليتق الله تعالى، ويستعن به، ويصبر فإن العاقبة له.

قال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص37): (ومن بلي بشيء من هذا المكر، فليتق الله، ويستعن به، ويصبر، فإن العاقبة للتقوى، كما قال الله تعالى بعد أن قص قصة يوسف، وما حصل له من أنواع الأذى بالمكر، والمخادعة: ]وكذلك مكنا ليـوســف في الأرض[ [يوسف:21]، وقال الله تعالى حكاية عنه أنه قال لإخوته: ]أنا يوسف وهـذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين[ [يوسف:90]، وقال تعالى في قصة مــوســى عليه السلام، وما حصل له، ولقومه من أذى فرعون وكيده، قال لقومه: ]استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين[ [الأعراف:128]، وقد أخبر الله تعالى أن المكر يعود وباله على صاحبه، قال تعالى: ]استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا[ [فاطر:43]، وقال تعالى: ]وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون[ [الأنعام:123]، والواقع يشهد بذلك، فإن من سبر أخبار الناس، وتواريخ العالم وقف على أخبار من مكر بأخيه فعاد مكره عليه، وكان ذلك سببا لنجاته وسلامته على العجب العجاب).([17]) اهـ

قلت: وهؤلاء لهم النصيب الأوفر في هذا الكلام؛ لأنهم أهل مكر([18])، ويظهرون مكرهم في صورة نصح، اللهم سلم سلم .

قال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص31): (وعقوبة من أشاع السوء على أخيه المؤمن، وتتبع عيوبه، وكشف عورته، أن يتبع الله عورته، ويفضحه، ولو في جوف بيته). اهـ

وقـال الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص34) فيمن يظهر النصح، ويبطن التعيير والأذى، وأن ذلك من صفات المنافقين: (ومن أخرج التعيير وأظهر السوء وإشاعته في قالب النصح وزعم أنه إنما يحمله على ذلك العيوب، إما عاما أو خاصا، وكان في الباطن إنما غرضه التعيير والأذى، فهو من إخوان المنافقين الذين ذمهم الله في كتابه، في مواضع، فإن الله تعالى ذم من أظهر فعلا أو قولا حسنا، وأراد به التوصل إلى غرض فاسد يقصده في الباطن، وعد ذلك من خصال النفاق؛ كما في سورة براءة التي هتك فيها المنافقين وفضحهم بأوصافهم الخبيثة: ]والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون «107» لا تقم فيه أبدا...[ [التوبة:107]، وقال تعالى: ]لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم[ [آل عمران:188]، وهذه الآية نزلت في اليهود، لما سألهم النبي r عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره، وقد أروه أن قد أخبروه بما سـألـهم عنه، واستحمدوا بذلك عليه وفرحوا بما أتوا من كتمانه، وما سألهم عنه.

* كذلك قال ابن عباس ، وحديثه بذلك مخرج في «الصحيحين».([19])

وعن أبي سعيد الخدري t قال: (أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله r إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله r، فإذا قدم رسول

الله اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت هذه الآية).([20])

* فهذه الخصال، خصال اليهود والمنافقين، وهو أن يظهر الإنسان في الظاهر قولا أو فعلا، وهو في الصورة التي ظهر عليها حسن، ومقصوده بذلك التوصل إلى غرض فاسد، فيحمده على ما أظهر من ذلك الحسن، ويتوصل هو به إلى غرضه الفاسد الذي هو أبطنه، ويفرح بحمده على ذلك الذي أظهر أنه حسن، وفي الباطن سيئ، وعلى توصله في الباطن إلى غرضه السيء، فتتم له الفائدة، وتنفذ له الحيلة بهذا الخداع!.

* ومن كانت هذه صفته فهو داخل في هذه الآية ولا بد، فهو متوعد بالعذاب

 الأليم، ومثال ذلك: أن يريد الإنسان ذم رجل وتنقصه، وإظهار عيبه لينفر الناس عنه: إما محبة لإيذائه أو لعداوته، أو مخافة من مزاحمته على مال أو رياسة أو غير ذلك من الأسباب المذمومة، فلا يتوصل إلى ذلك إلا بإظهار الطعن فيه بسبب ديني، مثل: أن يكون قد رد قولا ضعيفا من أقوال عالم([21]) مشهور فيشيع بين من يعظم ذلك العالم، أن فلانا يبغض هذا العالم ويذمه ويطعن عليه فيغر بذلك كل من يعظمه، ويوهمهم أن بغض الراد وأذاه من أعمال القرب؛ لأنه ذب عن ذلك العالم، ورفع الأذى عنه، وذلك قربة إلى الله عز وجل وطاعته؛ فيجمع هذا المظهر للنصح بين أمرين قبيحين محرمين:

أحدهما: أن يحمل رد هذا العالم القول الآخر على البغض، والطعن، والهوى،

وقد يكون إنما أراد به النصح للمؤمنين، وإظهار ما لا يحل له كتمانه من العلم.

والثاني: أن يظهر الطعن عليه ليتوصل بذلك إلى هواه، وغرضه الفــاســد في قالب النصح، والذب عن علماء الشرع.

* وبمثل هذه المكيدة كان ظلم بني مروان وأتباعهم يستميلون الناس إليهم، وينفرون قلوبهم عن علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين وذريتهم y أجمعين).اهـ

قلت: ولو تتبعـنا ذيـول مشـكلـة الـمقلد المتعصـب لوجدناها نابعة مـن عوامل

 عدة:

منها: شعوره بالحسد.

ومنها: تحريض من جهات أخرى لها مصلحة في الطعن بالدعوة السلفية.

ومنها: حب الظهور في الرد على فلان، وفلان.

ومنها: لعله يعوض ما في قلبه من حقد، وغل، وغير ذلك.

قال تعالى: ]وكل إنسان ألزمناه طآئره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا[ [الإسراء:13].

* واعلم أنه لا بد لكل نعمة من حاسد، ولكل حق من جاحد ومعاند ... وهذه بضاعته المزجاة ... وعقله المكدود يعرض على عقول العالمين، وإلقائه نفسه، وعرضه بين مخالب الحاسدين، وأنياب البغاة المعتدين، فاستهدف لسهام الراشقين، واستـعذر إلى الله تعالى من الزلل، ثم إلى عباده المؤمنين ... فلا يعرف من المعروف، ولا ينكر من المنكر إلا ما وافق إرادته، وهاتف هواه، يستطيل على أولياء الرسول r وحزبه بأصغريه، ويجالس أهل الإرجاء والجهالة، ويزاحمهم بركبتيه، قد ارتوى من ماء آجن.([22])

* فهذا المعترض ممن لا يردون يد لامس، ولا يتحركون إلا كالخفافيش في جنح الظلام الطامس، وريقات سودها بكذب، وتزوير، وتدليس، وتلبيس زعم فيها أن راقم هذه الحروف لم يلتزم في كتابه: «تخريج حديث صوم عرفة»، بآداب التصنيف، ولم يقف على مقاصد التأليف([23])؛ بانتحاله كلام غيره، وإظهار شره، وكتمان خيره.

قلت: وقد تبين لي من كتابات هؤلاء في الحكم على صوم يوم عرفة أنهم من القوم الذين يحكمون الدين بآراء الرجال، وبحسب عادات البلدان، وهذا الذي اعتادوه، وتربوا عليه، فقلدوا آباءهم، وقالوا بقول مشايخهم بدون نظر في الأدلة الشرعية، وهذا خروج عن الصراط المستقيم.

قـال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص233): (فأما من لم

 يعرف إلا قول عالم واحد وحجته؛ دون قول العالم الآخر وحجته؛ فإنه من العوام المقلدين([24])، لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رفع الملام» (ص89): (فلا بد أن نؤمن بالكتاب كله، ونتبع ما أنزل إلينا من ربنا جميعه، ولا نؤمن ببعض الكتاب، ونكفر ببعض، وتلين قلوبنا لاتباع بعض السنة، وتنفر عن قبول بعضها بحسب العادات والأهواء، فإن هذا خروج عن الصراط المستقيم، إلى صراط المغضوب عليهم والضالين). اهـ

قلت: والأصل أن نفتي الناس بالدليل أولا، ثم نحتج بأقوال العلماء الذين وافقوا الدليل، فلا نحتج بأقوال العلماء بدون دليل، فإن العلماء يحتج لهم بالأدلة الشرعية، ولا يحتج بهم على الأدلة الشرعية، فافهم هذا ترشد.

قال شـيـخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة: النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقدر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء  يحتج لها بالأدلة الشرعية، ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فعلى المتعصب المقلد أن يفهم ذلك جيدا، وإلا هلـك مـع من هلك من

المقلدين، اللهم سلم سلم .

قال تعالى: ]فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم[ [النساء:140].

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تفسير القرآن» (ج2 ص198): (وقد بين الله لكم - فيما أنزل عليكم - حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي ... ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم، وكذلك المبتدعون على اختلاف أنواعهم، فإن احتجاجهم على باطلهم يتضمن الاستهانة بآيات الله؛ لأنها لا تدل إلا على حق، ولا تستلزم إلا صدقا، بل وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق([25]) التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده، ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم «حتى يخوضوا في حديث غيره» أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها). اهـ

وقال المفسر المراغي / في «تفسير القرآن» (ج5 ص184): (وفي الآية دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يدل على التنقص والاسـتـهزاء بالأدلة الشرعية، والأحكام الدينية كما يقع من أسراء التقليد([26]) الذين استبدلوا آراء العلماء بالكتاب والسنة، ولم يبق في أيديهم إلا قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه كذا ... وجعلوا رأي إمامهم مقدما على ما نطق به الكتاب، وأرشدت إليه السنة). اهـ

قلت: ومن قعد معهم فهو شريك معهم في الإثم، والله المستعان.

قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

* فهذه القاعدة توضح الألفاظ العامة في الحكم، وأن معاني الآيات تتناول أشياء كثيرة لدخول ما هو مثلها ونظيرها في الحكم عموما؛ لأنها ذكرت على سبيل المثال لـتوضـيح الألفاظ العامة، وليست معاني الألفاظ والآيات مـقصورة عليها بحكم مخصوص على أناس معينين؛ لأن القرآن الكريم إنما نزل لهداية أول الأمة وآخرها.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «القواعد الحسان» (ص7)

عن هذه القاعدة: (وهذه القاعدة نافعة جدا، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع في الغلط والارتباك الخطير).اهـ

قلت: وزعم البعض أننا ننزل بمثل هذه الآيات في غير محلها، وهذا فهم خاطئ؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فمن الخطأ أن يفهم من هذا الكلام ما يفصل بين المسلمين والقرآن الكريم، فيحتج بالقرآن على المسلمين، كما يحتج به على الكافرين إذا كانت هناك مشابهة في أصل المخالفة فافهم هذا ترشد.([27])

* وقد احتج العلماء بآيات في إبطال التقليد، وإن كانت في الكفار؛ لأن ذلك وقع من جهة المشابهة فقط فافطن لهذا([28])، مثل: قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولوا كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون[ [البقرة:170].

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص134) بعد أن ساق بعض الآيات في إبطال التقليد: (وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أولئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد، كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ

وقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون[ [آل عمران:118].

قلت: فالله تبارك وتعالى نهى أهل الإسلام عن اتخاذ المنافقين، أو المشركين، أو المبتدعين بطانة وصحبة؛ لأنهم يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن، وإدخال الفساد عليهم، وبما يستطيعون من المكر والخديعة لما يحملونه من البغض الشديد لهم، وما تخفي صدورهم أكبر، أي: وما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم.

* وقد بين الله تبارك وتعالى الآيات للعقول السليمة، وأظهر لهم الدلالات الواضحة التي يتميز بها بين الولي والعدو، ومن يصح أن يتخذ بطانة وصحبة، ومن لا يصح أن يتخذ بطانة وصحبة لخيانته وفساده، وسوء عاقبة مباطنته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص263): (ثم إن هؤلاء الذين يقولون على الله بغير علم إذا قيل لهم: ]اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا[ [البقرة:170] فليس عندهم علم، بل عندهم اتباع سلفهم وهو الذي اعتادوه وتربوا عليه([29](). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج1 ص25): (الأحكام لا تثبت إلا بالدليل). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المجموع» (ج1 ص46): (ينبغي ألا يقتصر في فتواه يعني: المفتي- على قوله: في المسألة خلاف، أو قولان، أو وجهان، أو روايتان، أو يرجع إلى رأي القاضي، ونحو ذلك، فهذا ليس بجواب ومقصود المستفتي بيان ما يعمل به فينبغي أن يجزم له بما هو الراجح؛ فإن لم يعرفه توقف حتى يظهر أو يترك الإفتاء).اهـ

قلت: وبناء عليه: فإنه لا يصح للمفتي أن يفتي إلا بما يعلم أنه حق، وبما يترجح عنده بالدليل؛ لأن الفتوى شأنها عظيم، وخطرها جسيم، فهي توقيع عن الله تعالى، ودخول بين الله تعالى وبين خلقه، والقائم بها معرض للخطأ، فعليه أخذ الحيطة، والحذر، وعدم الإقدام عليها إلا بعد التأهل لها مع شدة المراقبة لله تعالى، وملازمة التقوى، والورع، وأهل العلم الربانيين.([30])

قلت: ولهذا كان السلف يتحاشونها، ويود كل واحد منهم أن يكفيه غيره، والله

المستعان.

وقال العلامة الشيخ حمد بن ناصر بن معمر /  في شروط من يحق له الفتيا -: (واعتبر الشيخ تقي الدين يعني: ابن تيمية وابن الصلاح الاستفاضة بأنه أهل للفتيا، ورجحه النووي في الروضة، ونقله عن أصحابه إلى أن قال: فعلى هذا لا يكتفى بمجرد انتسابه إلى العلم، ولو بمنصب تدريس أو غيره، لا سيما في هذا الزمان الذي غلب فيه الجهل، وقل فيه طلب العلم، وتصدى فيه جهلة الطلبة للقضاء والفتيا!).([31]) اهـ

* ولذلك فإن معرفة أهل العلم الشرعي الذين يرجع إليهم في الفتن، والنوازل، والأحكام، والقضاء من أهم أسـبـاب الاسـتـقـرار والأمـن، ومن أعظم ما يساهم في رفع البلاء، والفتن، ونصر المسلمين على عدوهم في الخارج، والداخل.

قلت: بل ادعى وجازف المتعصب أنني ضعفت الحديث بدون أي سبق من أحد من الأئمة!، ويدعي أنني لم أصب في ذكر الأدلة على عدم سنية صوم يوم عرفة، بل ادعى المعترض أن الأمور اختلطت علي، و لم أفهم كلام الأئمة!.

قلت: الـمتعصب هذا نـشأ مـن صغره في قوم يرون بسنية صوم يوم عرفة لغير الحاج، فيسمع الفتاوى في صومه، ويرى الناس يصومون ذلك، ويسمع الوعظ فيه، وهكذا؛ فرسخ في عقله تعظيم صوم يوم عرفة على عادة الأقوام، فتمكن الجهل والهوى منه في تعظيم العادات الجارية التي يأمر بها المطاعون، فغضب غضبا شديدا عندما أمر بترك صوم يوم عرفة لغير الحاج، - مع أن هذا الحكم من المسائـل الفقهية-! لما بين ما فيه من الخطأ والزلل، وإلا لم نر له من الغضب الشديد عندما غير الحكم الاعتقادي في مسائل الإيمان، وبترك الأصول والتنازل عنها، وسفك الدماء، ودمار الديار، وهدم البلدان، وغير ذلك!، وهذا هو الضلال المبين.

* فهذه العادات وإن كانت منهم فلا يعتريها عندهم إجمال، ولا إشكال، ولا يحل لأحد مخالفتها.

* وهؤلاء شأنهم شأن بعض الأعراب الذين يعظمون العادات الجارية التي يأمر بها المطاعون، ويغضبون لها إذا انتهكت أعظم من غضبهم لحرمات الله تعالى إذا انتهكت، وهذا ضلال مبين.([32])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص130): (بل كثير من المنتسبين إلى الإســلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله تعالى، كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة). اهـ

قلت: فالواجب أن يجعل ما أنزله الله من الكتاب والسنة أصلا في جميع الأمور، ثم يرد ما تكلم فيه الناس إلى ذلك.

* لذلك ترى فتاوى الـراســخـين في العلم المقتفين لأثر الصحابة الكرام، والتابعين مطابقة لألفاظ القرآن والسنة، يتحرون ذلك غاية التحري، فحصلت لهم السلامة، ومن حاد عن سبيلهم، حصل له الخطأ والزلل، والتناقض والاضطراب.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص170): (ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص مهما أمكنه؛ فإنه يتضمن الحكم والدليل مع البيان التام، فهو حكم مضمون له الصواب، متضمن للدليل عليه في أحسن بيان، وقول الفقيه المعين ليس كذلك، وقد كان الصحابة، والتابعون، والأئمة الذين سلكوا على منهاجهم، يتحرون ذلك غاية التحري، حتى خلفت من بعدهم خلوف رغبوا عن النصوص، واشتقوا لهم ألفاظا غير ألفاظ النصوص، فأوجب ذلك هجر النصوص.

* ومعلوم أن تلك الألفاظ لا تفي بما تفي به النصوص من الحكم والدليل وحسن البيان، فتولد من هجران ألفاظ النصوص، والإقبال على الألفاظ الحادثة، وتـعـليق الأحـكام بـهـا عـلـى الأمة من الـفسـاد مـا لا يـعلـمه إلا الله، فألفاظ النصوص

عصمة، وحجة، بريئة من الخطأ، والتناقض، والتعقيد، والاضطراب)([33]). اهـ

وقال شـيـخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص263): (ثم إن

هؤلاء الذين يقولون على الله بغير علم إذا قيل لهم: ]اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا[ [البقرة:170] فليس عندهم علم؛ بل عندهم اتباع سلفهم وهو الذي اعتادوه وتربوا عليه! ([34])).اهـ

قلت: لذلك لا يعذر المقلد على نفسه، والجاني على غيره في اقتحامه على هذا الحكم، وذلك لعدم دقته في البحث، فلا يعذر كل من تأول تأويلا خاطئا، أي لا عذر لأحد في خطئ ركبه حسبه هدى، فقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.

قال الإمام البربهاري / في «السنة» (ص22): (وذلك أن السنة والجماعة قد أحكما أمر الدين كله، وتبين للناس، فعلى الناس الاتباع). اهـ

قلت: فهناك صنف من الناس متبع لأهوائه، وآرائه، وخواطره، وعادة قومه، وتراه يرد ما هو أوضح من الصبح من سنن رسول الله r، وأشهر من الشمس: برأي دخيل، واستحسان ذميم، وظن فاسد، ونظر مشوب بالهوى، فهل يعذر مثل هذا؟!.([35])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص251): (وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «النبذ» (ص114): (والتقليد حرام، ولا يحل لأحد أن يأخذ بقول أحد بلا برهان). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص42): (وبالتقليد أغفل من أغفل منهم). اهـ

قال تعالى: ]ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد[ [الممتحنة:6].

قلت: والمقلد آثم، وإن أصاب الحق؛ لأنه يفتي الناس بدون اجتهاد دقيق في الأدلة، والأحكام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد، فإنه آثم وإن كان قد صادف الحق). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «النبذ» (ص120): (وأما من قلد دون النبي r، فإن صادف أمر النبي r به فهو عاص لله تعالى، آثم بتقليده، ولا سلامة، ولا أجر له على موافقته للحق، وما يدري كيف هذا؟، فإنه لم يقصد إلى الحق، وإن أخطأ فيه أثم إثمين، إثم تقليده، وإثم خلافه للحق، ولا أجر له البتة، ونعوذ بالله من الخذلان).اهـ

قلت: فلا أجر لمن قلد دون النبي r، وإن أصاب الحق.

* وقد جزم غير واحد من أهل العلم على أن من نقل حديثا عن النبي r، وهو لا يعلم حاله: أنه آثم، فيدخل في ذلك الكتاب، والوعاظ، والقصاص، والخطباء، وغـيرهم ممن ينقل الأحاديث، ويبثهـا بين الناس، وهو لا يعلم حالها إلا عن طريق التقليد؛ لأنه أقدم على رواية الحديث من غير علم.

قال الحافظ العراقي / في «الباعث على الخلاص» (ص93): (وإن اتفق أنه نقل حديثا صحيحا؛ كان آثما في ذلك([36])؛ لأنه ينقل ما لا علم له به، وإن صادف الواقع([37])؛ كان آثما بإقدامه على ما لا يعلم). اهـ

قلت: وهذا عين الصواب؛ لأنه قفا ما لا علم له به، وقد قال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولـئك كان عنه مسؤولا[ [الإسراء:36].

قلت: فيجب على كل عالم، وطالب، وخطيب، وواعظ، ومؤلف، وكاتب ألا يحدثوا الناس إلا بما عرف مخرجه وصحته، وإلا؛ فلهم حظ وافر من أحاديث الوعيد الثابتة عن النبي r.

وقال الحافظ العراقي / في «الباعث على الخلاص» (ص95): (ولو نظر أحدهم في بعض التفـاسـير المصنفة لا يحل له النقل منها؛ لأن كتب التفسير فيها الأقوال المنكرة والصحيحة، ومن لا يميز صحيحها من منكرها: لا يحل له الاعتماد على الكتب.

* وأيضا فكثير من المفسرين ضعفاء النقل، كمقاتل بن سليمان، والكلبي، والضحاك بن مزاحم، وكذا كثير من التفـاســيـر عن ابن عباس لا تصح عنه لضعف رواتها.

* وليت شعري! كيف يقدم من هذه حاله على تفسير كتاب الله؟ أحسن أحواله أن لا يعرف سقيمه من صحيحه، بل يزيد أحدهم فيحدث لنفسه أقوالا لو نقلت عن المجانين لاستقبحت منهم). اهـ

وقال الحافظ العراقي / في «الباعث على الخلاص» (ص96)؛ عن الأئمة الذين يتوقفون عن الإجابة في الدين: (فإذا كان مثل هؤلاء الأئمة يتوقف أحدهم عن الخوض في تفسير حديث رسول الله r خيفة أن يكون المراد منه غير ذلك، فكيف بمن لا يعرف له تعلم شيء من العلم عن أهله؟!.([38])

* وأيضا فلا يحل لأحد ممن هو بهذا الوصف أن ينقل حديثا من الكتب، بل لو من الصحيحين([39]) ما لم يعتمد على من يعلم ذلك من أهل الحديث). اهـ

وقال الحافظ ابن خير / في «فهرسته» (ص16): (وقد اتفق العلماء رحمهم الله على أنه لا يصح مسلم أن يقول: قال رسول الله r كذا ... حتى يكون عند ذلك القول مرويا، ولو على أقل وجوه الروايات؛ لقول رسول الله r: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)، وفي بعض الروايات: (من كذب علي...) مطلقا دون تقييد). اهـ

قلت: فإذا تقرر هذا في النفوس، وقبلت به القلوب، وعلم أن أهل الحسد لابد لنا من استئصال شأفتهم، والقضاء على أمرهم، وذلك: إما بالقلم واللسان، أو بغير ذلك.

* فهذه، وتلك من الأسباب التي دعتني لكتابة هذا الكتاب في عدم صوم النبي r ليوم عرفة بأدلة السنة، والآثار، والأخبار، علما بأنني لم آت بجديد، وإنما اعتمدت على كتب أئمة الهدى، والدين من أهل الأثر، كما هي عادتي، والله الموعد.

* وهذه تنبيهات من رأس القلم؛ لقمع دعاوى من تعدى وظلم، قد ينقلها ناقل، ويتقبلها قابل، ويتهوك فيها جاهل، فيتحير عاقل، فيصيب قوما بجهالة، فترتد على محدثها ومبتدعها بالندامة، والملامة، والويل يوم القيامة.

* ولذلك رأيت تسطيرها؛ لتكون قوة للمسترشد، وبيانا للمتحير، وتبصرة للمهتدي، ومقتلا للخراصين، ونصحا لإخواننا المسلمين.

* ولكن لا تغرنكم البرقة؛ فإنها فجر كاذب، ولا تهولنكم المفاجأة؛ فإن الجهابذة ينخلونهم نخلا، فيبقى اللباب، ويعيش على النخالة دواب.

* اللهم فعياذا ممن قصر في العلم والدين باعه، وطالت في الجهل وأذى عبادك ذراعه فهو لجهله يرى الإحسان إساءة، والسنة بدعة، والعرف نكرا، ولظلمه يجزي بالحسنة سيئة كاملة وبالسيئة الواحدة عشرا، قد اتخذ بطر الحق وغمط الناس سلما إلى ما يحبه من الباطل ويرضاه.([40])

* اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

 

كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

المدخل

في

أن الفقيه هو الذي يعرف مواقع الخلاف، لا حفظ مجرد الخلاف،

فإن المقلدة بجميع أنواعهم في هذا الزمان يحفظون الخلاف، لكن

لا يعرفون مواقع الخلاف، فهم يذكرون الإجماع في بعض الأحكام

بجهل بالغ في الفقه الإسلامي

 

* فبإحكام النظر في هذا المعنى يترشح الناظر في الفقه أن يبلغ درجة الفقه ليحصل على معرفة مواقع الخلاف([41])، ومواقع الإجماع ليتبين له الحق في معرفة مواضع الاختلاف، ومواضع الإجماع في كل مسألة تعرض له في الدين.([42])

قلت: لذلك جعل العلماء العلم معرفة مواقع الخلاف، ومواقع الإجماع، لا مجرد حفظ الخلاف([43])، وحفظ الإجماع؛ أي: المراد فهم الخلاف، وتتبعه في مظانه، ومعرفة حقيقته على الجادة، وكذلك الإجماع معرفته على الحقيقة لا بالتقليد والظن!.

* وقد نبه السلف على هذا الأصل في الفقه، وبينوا أن الذي لا يعرف مواقع الخلاف؛ فإنه لا يشم رائحة الفقه في الدين.

فعن سعيد بن أبي عروبة / قال: «من لم يسمع الاختلاف فلا تعدوه عالما».([44])

وعن قتادة / قال: «من لم يعرف الاختلاف لم يشم رائحة الفقه بأنفه».([45])

وعن هشام بن عبيد الله الرازي / قال: «من لم يعرف اختلاف القراء فليس بقارئ، ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه».([46])

وعن عطاء بن أبي مسلم الخراساني / قال: «لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس، حتى يكون عالما باختلاف الناس؛ فإن لم يكن كذلك رد من العلم ما هو أوثق من الذي في يده».([47])

وعن أيوب السختياني / يقول: «أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما باختلاف العلماء، وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء».([48])

وعن سفيان بن عيينة / قال: «أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما باختلاف العلماء».([49])

وعن ابن القاسم قال: «سئل مالك، قيل له: لمن تجوز الفتوى؟ قال: لا تجوز الفتوى إلا لمن علم ما اختلف الناس فيه، قيل له: اختلاف أهل الرأي؟ قال: لا، اختلاف أصحاب محمد r».([50])

وعن يحيى بن سلام /: «لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي».([51])

وعن قبيصة بن عقبة / قال: «لا يفلح من لا يعرف اختلاف الناس».([52])

قلت: فهذه الآثار تنبيه على المعرفة بمواقع الخلاف، لكي لا يدعي متعالم بإجماع أهل العلم في مسألة فقهية.

قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص123): (وحاصله معرفة مواقع الخلاف، لا حفظ مجرد الخلاف، ومعرفة ذلك إنما تحصل بما تقدم من النظر؛ فلا بد منه لكل مجتهد). اهـ

قلت: وهذه درجة عظمى في العلم؛ إنما تتحقق بمعرفة مواقع الاختلاف عند وجوده، ومعرفة الحق فيه بالترجيح بالأدلة الشرعية الصحيحة.([53])

* يظهر هذا فيمن له القدرة على الترجيح؛ فإنه إذا لم يعلم اختلافهم وأدلة كل، ربما كان ما في يده من علم أضعف مدركا مما لم يقف عليه من العلم، فإذا عرف الخلاف، ومدرك كل أمكنه الترجيح وإصابة الحق، فلا يأخذ ضعيفا، ويترك قويا.

قلت: لذلك فلن يفقه المرء كل الفقه حتى يعرف وجه الخلاف، ووجه الإجماع في القرون الفاضلة، والدهور الغابرة، والعصور الحاضرة!.

* فقد كان السلف من الصحابة، والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره؛ فإذا رأى أنها قد تعينت عليه بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب، والسنة، والآثار.([54])

فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى / قال: «أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي r، أراه قال: في هذا المسجد، فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا».([55])

قلت: وصوم يوم عرفة للمقيم لم يعرفه الصحابة y، ولم ينقل عنهم صومهم ذلك اليوم، وما لم يعرفه الصحابة الكرام فليس من الدين بلا شك، وإن عمل به الناس كلهم في هذا الزمان الحاضر!.

فعن سعيد بن جبير / قال: «ما لم يعرفه البدريون فليس من الدين!».([56])

وعن الأوزاعي / قال: «العلم ما جاء عن أصحاب محمد r، وما لم يجئ عن واحد منهم فليس بعلم».([57])

قلت: وذكر الحافظ الطبري / في «تهذيب الآثار» (ج1 ص363) هذه الآثار عن الصحابة y تحت باب: (ذكر من كره صوم يوم عرفة لكل أحد، لكل
موضع).

* ويتبين من كراهتهم لصوم يوم عرفة لغير الحاج؛ بأنهم لا يرون سـنيـة صوم يوم عرفة، ولا الأجر فيه، وذلك لعدم ثبوته عندهم.

قال أبو عبد الرحمن الأثري: قد بينت هذه الآثار التي ذكـرناهـا عـن الـسلف y

إفطارهم يوم عرفة بلا شك في غير الحج ... مما تبين بأن اســتـحـباب صوم يوم عرفة غير مجمع عليه، بل مختلف فيه بين أهل العلم.([58])

وذكر الحافظ الطبري / في «تهذيب الآثار» (ج1 ص365) ذلك الاختلاف بقوله: (بل ذلك مختلف فيه...). اهـ

قلت: فإذا كان قد اختلف في صوم يوم عرفة لغير الحاج، الاختلاف الذي ذكرناه، ولم يكن هناك أي حديث عن رسول الله r في الاسـتـحـباب في صومه بغير عرفة، وبينت الأحاديث عن النبي r، وعن الصحابة، وعن التابعين في عدم صومه؛ فالأولى اتباع ذلك، والتفرغ للعبادة من دعاء، وغيره في يوم عرفة لما فيه من الخير العظيم.

وذكر هذا الاختلاف كذلك الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج21 ص161) بقوله: (وقد ذهبت طائفة إلى ترك صومه بعرفة، وغير عرفة للدعاء). اهـ

وبوب الحافظ الطبري / في «تهذيب الآثار» (ج1 ص361) بقوله: (ذكر
0

من كره صوم يوم عرفة لكل أحد، لكل موضع).

وقال الحافظ الطبري / في «تهذيب الآثار» (ج1 ص361): (... وقد صح عندك الخبر عن رسول الله r؛ بأنه جعله في أيام العيد التي آثر الأكل فيها، والشرب على الصوم، وثبت عندك عن جماعة من السلف كراهتهم صوم ذلك اليوم، لكل أحد، في كل موضع، وكل بقعة من بقاع الأرض([59])، وإنكار بعضهم([60]) الخبر الذي روي عن أبي قتادة عن رسول الله r في فضل صومه). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن جماعة من السلف نهوا عن صيام يوم عرفة لغير الحاج مما يدل أيضا بأنهم لا يرون صيام يوم عرفة لغير الحاج.

قال الإمام العيني الحنفي / في «نخب الأفكار» (ج8 ص378): (قال أبو جعفر الطحاوي /: «فذهب قوم إلى هذا الحديث([61])، فكرهوا به صوم يوم عرفة وجعلوا صومه؛ كصوم يوم النحر!».([62])

أراد بالقوم هؤلاء: بعض أهل الحديث([63])، وبعض الظاهرية([64])؛ فإنهم قالوا: صوم

يوم عرفة؛ كصوم يوم النحر حرام!، واحتجوا في ذلك بالحديث([65]) المذكور سواء كان للحاج، أو غيره!). اهـ يعني: يحرم على المقيم.

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص1548): (وقد جاء تسميتة عيدا في حديث مرفوع: خرجه أهل السنن من حديث عقبة بن عامر، عن النبي r قال: «يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل، وشرب»، وقد أشكل وجهه([66]) على كثير من العلماء؛ لأنه يدل على أن يوم عرفة يوم عيد لا يصام، كما روي ذلك عن بعض المتقدمين([67])، وحمله بعضهم([68]) على أهل الموقف!([69])). اهـ

وقال الحافظ الطبري / في «تهذيب الآثار» (ج1 ص364): (وأما كراهة من كره صومه -يعني: يوم عرفة- من أصحاب رسول الله r، والتابعين في غير عرفة، ولغير الحاج، فإن كراهة ذلك له لما قد تقدم بيانه قبل من إيثارهم الأفضل من نفل الأعمال على ما هو دونه....). اهـ

قلت: ونهي السلف الصالح y عن صيام يوم عرفة؛ لأنه ليس من السنة صيامه؛ كما أسلفنا.

قلت: فأين الإجمـاع على صوم يـوم عرفـة؟، لذلـك لا يجوز الفتـوى بالتقليـد

المذموم؛ لأنه ليس بعلم، والفتوى بغير علم حرام، ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك.([70]) 

قـال عبـد الله بن أحمـد / في «المـسائـل» (ج3 ص1314): (سـمعت أبي يعني: الإمام أحمد- يقول: ما يدعي الرجل فيه الإجماع هذا الكذب، من ادعى الإجماع فهو كذب، لعل الناس قد اختلفوا، هذا دعوى بشر المريسي، والأصم([71])، ولكن يقول: لا يعلم الناس يختلفون، أو لم يبلغه ذلك، ولم ينته إليه فيقول: لا نعلم الناس اختلفوا). اهـ

ونقل الحافظ ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص30) هذه الرواية ثم بين مراد الإمام أحمد / بإنكاره للإجماع فقال: (ونصوص رسول الله r أجل عند الإمام أحمد، وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع([72])، مضمونه عدم العلم بالمخالف، ولو ساغ لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص، فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد، والشافعي من دعوى الإجماع، ولا ما يظنه بعض الناس أنه اسـتـبـعـاد لوجوده).اهـ

قلت: وقد صح أن يوم عرفة يوم عيد، واستحب التكبير فيه، فيلزم ألا يصام، كالأعياد الأخرى! ([73])، اللهم غفرا.

وإليك الدليل:

فعن عقبة بن عامر t قال: قال رسول الله r: (يوم عرفة([74])، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب).

حديث صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (2419)، والترمذي في «سـنـنه» (ج3ص148)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2829) و(4181)، وفي «السنن الصغرى» (ج5 ص252)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص152)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص23)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2100)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص104)، و(ج4 ص21) من طرق عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال سمعت عقبة بن عامرt به.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط مسلم.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

والحديث صححه الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج4 ص130).

وقولـه r: (عيدنا أهـل الإسـلام)؛ هـذا عـام لـجـمــيـع الـمسـلمـين من الحجاج، وغيرهم([75])، ولم يثبت أي دليل يخصص هذا العام بأن هذا خاص بمن كان بعرفة من الحجاج ([76])

فالحديث يدل على أن هذه الأيام الخمسة  -بما فيها يوم عرفة- أيام أكل وشرب للحاج، وغير الحاج، وهذا المعنى يوجد في العيدين، وأيام التشريق أيضا، فإن الناس كلهم فيها في ضيافة الله عز وجل، لا سيما عيد النحر؛ فإن الناس يأكلون من لحوم نسكهم أهل الموقف، وغيرهم، فلا يصومن أحد.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص459): (وقال ابن أبي جمرة: الحديث دال على أن العمل في أيام التشريق أفضل من العمل في غيره؛ قال ولا يعكر على ذلك كونها أيام عيد؛ كما تقدم من حديث عائشة، ولا ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام، أنها أيام أكل وشرب؛ كما رواه مسلم؛ لأن ذلك لا يمنع العمل فيها بل قد شرع فيها أعلى العبادات وهو ذكر الله تعالى ولم يمنع فيها منها إلا الصيام). اهـ

لذلك ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، فكرهوا به صوم يوم عرفة، وجعلوا صومه؛ كصوم يوم النحر.([77])

قال الحافظ ابن أسد / في «معجم الشيوخ» (ص330)؛ عن صيام يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى: (قال بعض العلماء: بأن النهي عن الصوم في هذين اليومين يقتضي التحريم، وأن الصوم فيها غير مشروع، ومن صام هذه الأيام لا يصح صومه([78])، وهو قول الشافعي /). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج4 ص240): (قوله r (عيدنا أهل الإسلام)؛ فيه دليل على أن يوم عرفة، وبقية أيام التشريق التي بعد النحر أيام عيد). اهـ

وقال العلامة المبار كفوري / في «تحفة الأحوذي» (ج3 ص481): (قوله: (يوم عرفة)؛ أي: اليوم التاسع من ذي الحجة، (ويوم النحر)؛ أي: اليوم العاشر من ذي الحجة، (وأيام التشريق)؛ أي: اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، (عيدنا)؛ بالرفع على الخبرية، (أهل الإسلام)؛ بالنصب على الاختصاص (وهي)؛ أي: الأيام الخمسة، (أيام أكل وشرب)؛ في الحديث دليل على أن يوم عرفة، وأيام التشريق أيام عيد؛ كما أن يوم النحر يوم عيد، وكل هذه الأيام الخمسة؛ أيام أكل وشرب). اهـ

ﭑ ﭑ ﭑ

    

من تمسك بالآثار نجا

ذكر الدليل على أن النبي r لم يصم يوم عرفة لا في الحج، ولا في غيره، ولم يتحر في السنة إلا صوم يوم عاشوراء، وبين r أن أفضل الصيام بعد شهر رمضان، هو صيام شهر محرم

 

عن عائشة ڤ قالت: (ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط). يعني: الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص283)، والترمذي في «سنـنـه» (756)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2872)، وابن راهويه في «المسند» (1505)، وأحمد في «المسند» (ج6ص42)، والسراج في «المسند» (ق/99/ط)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (ج2 ص739)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص41)، وابن حبان في «صحيحه» (3608)، والبغوي في «شرح السنة» (1793)، وفي «شمائل النبي r» (ج2 ص481)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص285) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأســود عن عائشة ڤ به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ص283) من طريق سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ قالت: (أن النبي r لم، يصم العشر).([79])

وأخرجه المحاملي في «الأمالي» (ص276) من طريق الفرات الرقي عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ قالت: (ما رأيت رسول الله r صائما أيام العشر قط).

وإسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص285)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص42) من طريق يعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (2874) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (2103) من طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود في «سننـه» (ج2 ص816)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص124) من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسـود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص120): (هكذا رواه غير واحد

عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة). اهـ

* ثم ذكر أن هذه الرواية أصح، وأوصل إسنادا.([80])

فقال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص121): (وقد اختلفوا على منصور في هذا الحديث، ورواية الأعمش أصح، وأوصل إسنادا). اهـ

قال الإمام وكيع بن الجراح /: (الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور).([81])

وحديث منصور: أخرجه ابن ماجة في «سنـنـه» (1726) من طريق أبي الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

قال العلامة الشيخ الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج7 ص201): (رواية ابن ماجة عن منصور متصلة صحيحة الإسـنـاد، فهي تؤكد أصحية رواية الأعمش). اهـ

قلت: لأن فيها متابعة منصور للأعمش.([82])

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص41)، وابن راهويه في «المسند»

 (1506) من طريق جرير عن منصور عن إبراهيم: (أن النبي r لم ير صائما في العشر قط)،هكذا مرسلا.

وأخرجه ابن الجعد في «حديثه» (ج2 ص735) من طريق سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال حدثت: (أن رسول الله r، لم يصم العشر قط).

ومن هذا الوجه؛ أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص378).

قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص103): (وروى الثوري، وغيره هذا الحديث عن منصور عن إبراهيم: (أن النبي r لم ير صائما في العشر)، وروى أبو الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن عائشة، ولم يذكر فيه عـن الأســود، وقد اختلفوا على منصور في هذا الحديث، ورواية الأعمش أصح، وأوصل إسنادا).([83]) اهـ

ثم قال الحافظ الترمذي /: وسـمـعت محمد بن أبان يقول سمعت وكيعا يقول: (الأعمش أحفظ؛ لإسناد إبراهيم من منصور). اهـ

* وقد ذكر مثل كلام الترمذي: أبو حاتم، وأبو زرعة؛ فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في «العلل» (ج2 ص71).

وذكر الحافظ الدارقطني /: اختلاف منصور، والأعمش على إبراهيم النخـعي، فالأعـمـش كـمـا سـبـق روى الحـديث عـن إبـراهـيـم عـن الأسود عن عائشة

متصلا مرفوعا، وروى منصور الحديث عن إبراهيم مرسلا، ومتصلا.

* ولم يرجح الحافظ الدارقطني / أحد الجانبين على الآخر، والظاهر أنه يرجح الإرسال.([84])

حيث قال الحافظ الدارقطني / في «التتبع» (ص529): (وأخرج مسلم حديث الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: ما صام رسول الله r العشر).

قال أبو الحسن الدارقطني: (وخالفه منصور: رواه عن إبراهيم مرسلا). اهـ

وقد صرح بترجيحه للإرسال في كتابه «العلل» (ج5 ص129)؛ مجيبا عن سؤال وجه إليه عن هذا الحديث: (يرويه إبراهيم النخعي، واختلف عنه: فرواه الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، ولم يختلف عن الأعمش فيما حدث به عنه أبو معاوية، وحفص بن غياث، وزائدة بن قدامة، وعبدة بن سليمان، والقاسم بن معين، وأبو عوانة.

* واختلف عن الثوري، فرواه ابن مهدي عن الثوري عن الأعمش كذلك.

وتابعه: يزيد بن زريع، واختلف عنه: فرواه حميد المروزي عن يزيد بن زريع، عن الثوري عن الأعمش مثل قول عبد الرحمن بن مهدي.

* وحدث به شيخ من أهل أصبهان: يعرف بعبد الله بن محمد النعمان عن محمد بن منهال الضرير عن يزيد عن الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.

* وتابعه: معمر بن سهل الأهوازي عن أبي أحمد الزبيري عن الثوري.

والصحيح: عن الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: حدثت: أن رسـول الله r، وكذلك رواه أصحاب منصور مرسلا: منهم فضيل بن عياض، وجرير). اهـ

* فنرى الحافظ الدارقطني /: هنا قد رجح الإرســال، واحتج لذلك بأن أصحاب منصور قد رووه مرسلا.

* ولكن الاختلاف بين الأعمش، ومنصور الحق فيه: أن الوصل الذي رواه الأعمش؛ هو الصواب والراجح، كما سبق ذكر ذلك.

ويؤيد ذلك: رواية منصور المتصلة السابقة عن ابن ماجة في «سننه» (1726).

قال العلامة الشيخ الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج7 ص201): (رواية ابن ماجة عن منصور متصلة صحيحة الإسـنـاد، فهي تؤكد أصحية رواية الأعمش). اهـ

قلت: لأن فيها متابعة منصور للأعمش.

قلت: إذا: فالراجح هو الوصل.

قلت: فالمتن صحيح من هذا الطريق الذي اعترضه الحافظ الدارقطني /.

قال العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي / في «تعليقه على التتبع للدارقطني» (ص531): (فعلى هذا لا يلزم الاعتراض مسلما؛ لأنه أخرج الطريق المتصلة، وهي المعتمدة؛ كما أفاده الترمذي عن وكيع). اهـ

وأورد الحافظ ابن رجب / في «لطائف المعارف» (ص392)؛ حديث عائشة هذا، وأورد عليه إيرادات غير قادحة؛ كما سبق فقال: (وقد اختلف جواب الإمام أحمد عن هذا الحديث؛ فأجاب مرة؛ بأنه قد روي خلافه، وذكر حديث حفصة، وأشار على أنه اختلف في إسـنـاد حديث عائشة فأسـنـده الأعمش، ورواه منصور عن إبراهيم: مرسلا). اهـ

قلت: وهذا الحديث نص صريح أن النبي r لم يصم العشر الأولى من ذي الحجة، واليوم التاسع منها، وهو يوم عرفة، والله ولي التوفيق.

فقولها: (ما رأيته صائما في العشر قط)؛ يتعذر تأويل بعض العلماء فيه؛ لأنه صريح في أن النبي r لم يصم مطلقا في أيام العشر من ذي الحجة، وعلى هذا مما جاء أنه ما صام r في جميع العشر هو الأصل فليتأمل.([85])

قال الحافظ ابن رجب / في «لطائف المعارف» (ص392): (وهذا الجمع يصح في رواية من روى: (ما رأيته صائما العشر)، وأما من روى: (ما رأيته صائما في العشر)؛ فيبعد، أو يتعذر الجمع فيه). اهـ

قلت: ولذلك لم يرض الإمام ابن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص417) هذه التأويلات لحديث عائشة ڤ؛ لأنها غير مقنعة، فقال /: (قد تأملت الحديثين، واتضح لي أن حديث حفصة ڤ فيه اضطراب([86])، وحديث عائشة ڤ أصح منه، والجمع الذي ذكره الشوكاني فيه نظر، ويبعد جدا أن يكون النبي r يصوم العشر، ويخفى ذلك على عائشة ڤ، مع كونه يدور عليها في ليلتين، ويومين من كل تسعة أيام؛ لأن سـودة ڤ وهبت يومها لعائشة ڤ، وأقر النبي r ذلك، فكان لعائشة ڤ يومان، وليلتان من كل تسع([87])، ولكن عدم صومه r العشر لا يدل على عدم أفضلية صيامها؛ لأن النبي r قد تعرض له أمور تشغله عن الصوم([88])). اهـ

قلت: وقول الإمام ابن باز /: (ولكن عدم صومه r العشر...) هذا في مقابلة النص، فيغني عن الاجتهاد.

فعن أنس t قال: «كان للنبي r تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن، لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع، فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها، فكان في بيت عائشة، فجاءت زينب، فمد يده إليها، فقالت: هذه زينب، فكف النبي r يده، فتقاولتا حتى استخبتا، وأقيمت الصلاة، فمر أبو بكر على ذلك، فسمع أصواتهما، فقال: اخرج يا رسول الله إلى الصلاة، واحث في أفواههن التراب، فخرج النبي r، فقالت عائشة: الآن يقضي النبي r صلاته، فيجيء أبو بكر فيفعل بي ويفعل، فلما قضى النبي r صلاته، أتاها أبو بكر، فقال لها قولا شديدا، وقال: أتصنعين هذا؟».([89])

وعن عائشة ڤ قالت: «ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في

 مسلاخها من سودة بنت زمعة، من امرأة فيها حدة، قالت: فلما كبرت، جعلت يومها من رسول الله r لعائشة، قالت: يا رسول الله، قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان رسول الله r، يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة».([90])

قلت: وهذا يشعر بأن صوم يوم عرفة لم يكن معروفا عند النبي r، مما يؤكد بأن الحديث الوارد في الترغيب في صومه غير ثابت عنه r.

وهذا فيه رد على الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص298) بأنه قال: (هذا([91]) يشعر بأن صوم يوم عرفة كان معروفا عندهم معتادا لهم في الحضر([92])، وكأن من جزم بأنه صائم استند إلى ما ألفه من العبادة، ومن جزم غير صائم قامت عنده قرينة كونه مسافرا، وقد عرف نهيه عن صوم الفرض في السفر فضلا عن النفل). اهـ

قلت: وهذا اجتهاد في مقابلة النص، فإذا وجد النص فلا رأي ولا اجتهاد، فالنقل هو الأصل، وهو المقدم على كل شيء في حالة ما يشبه التعارض.

* ومن المعلوم أن كل ما نص عليه الكتاب، والسنة نصا صريحا لا يجوز العدول عنه إلى ما يؤدي إليه الاجتهاد.

قال الحافظ الخطيب / في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص504): (باب في سقوط الاجتهاد مع وجود النص). اهـ

وقال الحافظ ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص287): (فصل في تحريم الإفتاء، والحكم في دين الله بما يخالف النصوص، وسـقـوط الاجتهاد، والتقليد عند ظهور النص، وذكر إجماع العلماء على ذلك). اهـ

قلت: ويدل أيضا على أن النبي r لم يصم صوم يوم عرفة، حديث أبي هريرة t.

فعن أبي هريرة t: (أن أبا بكر الصديق t بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله r قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان).

أخرجه البخاري في«صحيحه» (1622)، ومسلم في «صحيحه» (1347) من طريق ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة t به.

قلت: وهذا الدليل الضربة القاضية للمجوزين لصوم يوم عرفة، وذلك أن النبي r كان حجه في السنة العاشرة في حجة الوداع، وقد حج أبو بكر الصديق t بالناس في السنة التاسعة بأمر النبي r، وكان النبي r في المدينة في الحضر، ولم يكن حاجا، ولم ينقل عنه r أنه صام يوم عرفة، وهو في المدينة في السنة التاسعة، مما يدل على أن صوم يوم عرفة غير مشروع صومه، ولو كان مشروعا لصامه r، وأمر الناس بصيامه؛ كما فعل r في أمره بصوم يوم عاشوراء([93])، وغيره من صوم النفل.

قلت: فعدم ذكر الصوم في يوم عرفة، دليل على أن النبي r لم يفعله، ولو كان r صامه لنقل إلينا، لكن لما لم ينقل، دل ذلك على أنه لم يفعله r، ومثل هذا يحفظ ويضبط، وتتوفر الهمم، والدواعي على نقله، فلو كان قد صام يوم عرفة لذكر ذلك الصحابة الكرام.

قلت: فالذين وصفوا صفة صوم النبي r لم ينقلوا هذا الصوم المزعوم([94])؛ فإنه لم ينقل عن النبي r، ولا عن أحد من الصحابة الكرام، أنهم تحروا صوم يوم عرفة، وإنما عمدة من يصوم يوم عرفة ما نقل عن ابن معبد عن أبي قتادة t، وهو اســتدلال ضعيف، وخلاف السنة.

ومنه: قول شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج23 ص48)؛ في عدم ثبوت التشهد في سجود السهو: (وليس في شيء من أقواله أمر بالتشهد بعد السجود، ولا في الأحاديث المتلقاة بالقبول‏؛‏ أنه يتشهد بعد السجود؛ بل هذا التشهد بعد السجدتين عمل طويل بقدر السجدتين، أو أطول ،‏ ومثل هذا مما يحفظ ويضبط، وتتوفر الهمم، والدواعي على نقله، فلو كان قد تشهد لذكر ذلك من ذكر أنه سجد، وكان الداعي إلى ذكر ذلك أقوى من الداعي إلى ذكر السلام ،‏ وذكر التكبير عن الخفض والرفع ،‏ فإن هذه أقوال خفيفة، والتشهد عمل طويل، فكيف ينقلون هذا، ولا ينقلون هذا‏؟!). اهـ

قلت: لذلك فقد نقل الصحابة الكرام تسبيح النبي r في السجود، ولم ينقلوا تسبيحه r في سجود السهو، فكيف ينقلون هذا، ولا ينقلون هذا؟!، فدل على أن تسبيح سجود السهو لم يثبت عنه r، لا من قوله، ولا من فعله([95])، والسلام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج23 ص281): (أن تعليل الأحكام بالخلاف علة باطلة في نفس الأمر، فإن الخلاف ليس من الصفات التي يعلق الشارع بها الأحكام في نفس الأمر، فإن ذلك وصف حادث بعد النبي، ولكن يسلكه من لم يكن عالما بالأدلة الشرعية في نفس الأمر، لطلب الاحتياط). اهـ

قلت: ويؤيد ما تقدم أن النبي r لم يتحر في السنة، إلا يوم عاشوراء، مع أن كفارة صوم يوم عرفة أعظم من كفارة صوم يوم عاشوراء، فهل يعقل أن النبي r يتحرى صوم يوم عاشوراء، وأجره دون أجر صوم يوم عرفة؟!، ولا يتحرى هذا اليوم الذي أجره يكفر السنة الماضـية، والباقية!، فهذا يبعد بلا شك، فهل أنتم أحـرص مـن

النبي r في صوم يوم عرفة، اللهم غفرا.

وإليك الدليل:

عن ابن عباس قال: (ما رأيت رسول الله r يتحرى صيام يوم يلتمس فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وشهر رمضان). ولم يذكر صوم يوم عرفة!. وفي رواية: (ما رأيت النبي r صام يوما يتحرى فضله على الأيام([96]) إلا هذا اليوم؛ يعني: يوم عاشوراء، وهذا الشهر؛ يعني: شهر رمضان). وفي رواية: (ما صام رسول الله r يوما يطلب فضله سوى رمضان، إلا يوم عاشوراء).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص251)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص797)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص123)، وفي «السنن الصغرى» (ج4ص204)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص212)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص333)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص89)، وفي «شمائل النبي r» (ج2 ص479)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص287)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص58)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص287)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص286)، وفي «المعرفة» (ج6 ص356)، وفي «فضائل الأوقات» (ص437) والشافعي في «السنن» (ص315)، وفي «المسند» (ج1 ص457)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص402)، وابن البختري في «الأمالي» (ص169)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص259)، والمهرواني في «الفوائد المنتخبة» (ص121)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص75)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج2 ص744)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص385 و386 و387)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص219)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص126 و127)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص180)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص19) من طرق عن عبيد الله بن أبي زيد أنه سمع ابن عباس به.

* وهذا يدل على أن صيام يوم عاشوراء كان معروفا عند الصحابة y، بل وحتى عند الأنبياء في السابق.([97])

قلت: وأما صوم يوم عرفة لم يكن معروفا عندهم؛ وإلا لذكره ابن عباس .

* وهذا الحديث يدل على أن النبي r لم يتحر فضل صوم يوم عرفة، بل كان يطلب فضل صوم يوم عاشوراء على غيره من الأيام، وهذا نص صريح، ولا اجتهاد مع وجود نص.

قلت: والسلف على هذا الاتباع؛ أي: أنهم لم يتحروا إلا صوم يوم عاشوراء فقط، ولم يأمروا إلا به.

فـعـن الأسـود بـن يـزيـد، قال: (مـا رأيـت أحـدا مـمـن كان بالكوفة من أصحاب

رسول الله r آمر بصوم عاشوراء من علي بن أبي طالب، وأبي موسى الأشعري).

أثر صحيح

أخرجه الطيالسي في «المسند» (1212)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7836)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص312)، والبغوي في «الجعديات» (ج2ص230)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4ص286)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص150)، وأبو ذر الهروي في «جزء من فوائد حديثه» (11)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص389 مسند عمر)، ولوين في «جزئه» (42) من طرق عن أبي إسحاق قال: سمعت الأسود بن يزيد به.

قلت: وهذا ســنـده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج11 ص146).

تنبيه:

وأما ما أخرجه ابن سمعون في «الأمالي» (ص89) من طريق أحمد بن سليمان حدثنا هشام بن عمار حدثنا شعيب بن إسحاق حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد الله بن أبي يزيد قال سمعت ابن عباس يقول: (ما كان رسول الله r يتحرى صيام يوم إلا يوم عاشوراء، ويوم عرفة).

فهو حديث منكر بزيادة: (يوم عرفة).

قلت: وهذا سنده منكر؛ فيه أحمد بن سليمان بن زبان، وهو ضعيف، وهشام بن عمار السلمي يخالف ويخطئ، ولما كبر صار يتلقن؛ فلا يحتج بحديثه؛ إلا إذا توبع، وسعيد بن أبي عروبة مختلط.

انظر: «السير» للذهبي (ج11 ص431)، و«التقريب» لابن حجر (ص384).

قلت: فلا يحتج به في هذا الباب.

وذكر في حديث: «صوم يوم عرفة» زيادة شاذة، وهي صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، سنة ماضية، وسنة آتية، فيكون للعبد الصائم ليوم عرفة يكفر ما تقدم من ذنبه، وما تأخر.

قلت: وهذا الحكم خاص([98]) بالنبي r لا يشاركه أحد من بني آدم؛ لا جزئيا ولا كليا؛ فافطن لهذا ترشد.

وإليك الدليل:

قال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح:1 و2].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص198): (هذا من خصائصه r التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفـر له مـا تقدم من ذنبه، وما تأخر([99])، وهذا فيه تشريف عظيم لـرسول الله r).اهـ

وقال تعالى: ]ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك «3» ورفعنا لك ذكرك[ [الشرح:1 و2].

قال أبو المكارم القاضي الروياني الشافعي / في كتابه «العدة»: (في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين:

أحدهما: المراد السنة التي قبل هذه، فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين.

والثاني: أنه أراد سنة ماضية، وسنة مستقبلة، وهذا لا يوجد مثله من العبادات؛ أنه يكفر الزمان المستقبل، وإنما ذلك خاص لرسول الله r غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بنص القرآن العزيز).([100]) اهـ

* وقد عرف الصحابة y؛ بأن الله تعالى قد غفر للنبي r ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يتعدوا ذلك في أي عمل، لا في الصوم، ولا في غيره؛ لأنهم يعرفون أن ذلك من خصائصه r مطلقا.

فعن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا).([101])

* فمن خصائصه r أنه أخبره الله تعالى بالمغفرة، ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بمثل ذلك.

*  فكيف يجعل لعامي، أو غيره، أن يشارك النبي r في هذه الخاصية، أن يكفر الله له لمدة سنة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لصومه يوم عرفة!، فهذا باطل بلا شك.

* فلا غفران لسنة كاملة في أي عمل من الأعمال، بما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ لأن ذلك من خصائص الرسول r مطلقا.([102])

قلت: وكل ما يرد في الأخبار من تكفير الذنوب المستقبلة؛ فهي ضعيفة لتخصيص ذلك للنبي r وحده.([103])

قلت: ومن هذه الأخبار الضعيفة؛ خبر صوم يوم عرفة؛ فإنه يكفر سـنـة ماضية، وسنة مستقبلة.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في «شـرح رياض الصالحين» (ج2ص73): (قال بعض العلماء: واعلم أن من خصائص الرسول r أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبناء عليه: فكل حديث يأتي بأن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فإنه حديث ضعيف؛ لأن هذا من خصائص الرسول، أما «غفر له ما تقدم من ذنبه»، فهذا كثير، لكن: «ما تأخر»، هذا ليس إلا للرسول r فقط، وهو من خصائصه، وهذه قاعدة عامة نافعة لطالب العلم([104])، أنه إذا أتاك حديث فيه أن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فاعلم أن قوله: «ما تأخر»، ضعيف لا يصح؛ لأن هذا من خصائص محمد صلوات الله، وسلامه عليه).اهـ

قلت: ولهذا لا يشرع لأهل الإسلام - من الحجاج، وغيرهم - صوم يوم عرفة؛ لأنه أول أعيادهم، وأكبر مجامعهم، وقد أفطره النبي r بعرفة([105])، والناس ينظرون إليه، ولم يبين r أن غير الحاج يصوم يوم عرفة.

وإليك الدليل:

(1) عن أم الفضل بنت الحارث ڤ: (أن ناسا تماروا([106]) عندها يوم عرفة في صوم النبي r، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس
بصائم، فأرسلت إليه بقدح
([107]) لبن، وهو واقف([108]) على بعيره، فشربه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص701)، ومسلم في «صحيحه» (1123)، وأبو داود في «سـنـنـه» (ج2ص817)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص340)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص283)، وفي «المعرفة» (ج6 ص347)، وفي «فضائل الأوقات» (ص365)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص343-رواية يحيى الليثي)، والقعنبي في «الموطأ» (ص345)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (ص129)، وأبو أحمد الحاكم في «عوالي مالك» (ج6 ص215)، ومصعب الزبيري في «حديثه» (ص59)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص171)، والطيالسي في «المسند» (1649)، وأبو يعلى في «المسند» (7073)، وابن البختري في «حديثه» (ص460)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1ص343)، والحدثاني في «الموطأ» (ص428)، وابن القـاسـم في «الموطأ» (ص438)، والبغوي في «شرح السنة» (1791)، وفي «شمائل النبي r» (ج2 ص480)، وابن حبان في «صحيحه» (3606)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2828)، والفاكهي في «أخبار مكة» (ج5 ص31)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص204)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج6 ص121)، والطبري في «تهذيب الآثار» (569- مسند عمر)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7815)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج25 ص24)، والسهروردي في «مشيخته» (ص96)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص197) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عمير مولى عبد الله بن العباس عن أم الفضل بنت الحارث ڤ به.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص225)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2102)، وابن حبان في «صحيحه» (3605)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج25 ص17)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص161)، وابن أبي عاصم في «الأحاد والمثاني» (ج6 ص20)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص284)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص340) من طريق حماد بن زيد قال حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أنه أفطر بعرفة، أتي برمان فأكله وقال حدثتني أم الفضل ڤ فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط البخاري.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص226) من طريق محمد بن عيسى بن الطباع عن حماد بن زيد به.

لكنه قرن بعكرمة: سعيد بن جبير.

وإسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3ص225) من طريق ابن علية عن أيوب عن سعيد بن جبير به.

وإسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي في «سننه» (750)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2102)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص283) من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن أمه أم الفضل به، ولم يذكر الترمذي أم الفضل في إسناده.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه ابن راهويه في «المسند» (ص313)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج25 ص18)، وابن الجعد في «حديثه» (ج2 ص988)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج6 ص20)، وابن عدي في «الكامل» (ج4 ص1375)، وابن بطريق في «الفوائد» (ق/28/ط) من طريق ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس عن أم الفضل ڤ به.

(2) وعن ميمونة ڤ: (أن الناس شكوا في صيام النبي r يوم عرفة، فأرسلت إليه بحلاب([109]) وهو واقف([110]) في الموقف، فشرب منه، والناس ينظرون).      

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص702)، ومسلم في «صحيحه» (1124)، وابن حبان في «صحيحه» (3607)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص283)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص205)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص170) من طريق بكير بن الأشج عن كريب عن ميمونة ڤ به.

وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص157)، والفاكهي في «أخبار مكة» (ج5 ص30) من طريق عبد العزيز الدراوردي عن إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس عن ميمونة ڤ به.

قلت: والحافظ البخاري لما تعرض لحكم صيام يوم عرفة في «صحيحه» (ج4 ص236)؛ لم يأت بشيء في فضل صيامه، بل أورد هذين الحديثين، وظاهرهما النهي عن صيام يوم عرفة للحاج، وغيره.

وعلق عليه الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج4ص236) بقوله: (قوله:

باب صوم يوم عرفة)؛ أي: ما حكمه؟، وكأنه لم تثبت الأحاديث الواردة في الترغيب في صومه على شرطه يعني: الإمام البخاري-، وأصحها حديث أبي قتادة...). اهـ

وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج9 ص179): (باب صوم يوم عرفة؛ أي: هذا باب في بيان حكم صوم يوم عرفة، ولما لم تثبت عنده الأحاديث الواردة في الترغيب في صومه على شرطه أبهم، ولم يبين الحكم). اهـ

قلت: فمطابقته للترجمة من حيث إنه يوضح الإبهام الذي في الترجمة، ويكون التقدير باب صوم يوم عرفة غير مستحب بعرفة، وغير عرفة، بل ذهب بعض السلف إلى كراهة صوم يوم عرفة للحاج، وغير الحاج؛([111]) كما سبق.

* وللعلم أن طريقة الإمام البخاري / في ترجمة الباب الذي من هذا القبيل أنه إذا لم يثبت الحديث عنده؛ فإنه يذكره في ترجمة الباب للتنبيه على أن هذا الحكم ليس بصحيح في الشريعة.

فمثلا: ترجم الإمام البخاري في «صحيحه» (ج9 ص164)؛ باب: صيام أيام البيض، ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر.

* وذلك لأن الأحاديث الواردة في الترغيب في صوم ما يسمى بأيام البيض لم تثبت عنده، فهي أحاديث ضعيفة.

والدليل على ذلك: أن الإمام البخاري / ذكر في «صحيحه» ترجمة ذكر

  فيها سنية صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يحددها فيما يسمى بأيام البيض، والأحاديث التي وردت في عدم التقييد أقوى في الاستدلال، فافطن لهذا.

قال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج9 ص171)؛ باب الصوم من آخر الشهر.

* وهذا يدل على أن النبي r كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر في أوله، أو وسطه، أو آخره، ولم يعين r في الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؛ لأنها لم تثبت عنه r ([112])، فتنبه.

وذكر الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج9 ص164): باب: صيام البيض ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر ثم قال: (جرت عادته يعني: البخاري- في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث، وإن لم يكن على شرطه([113])). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص226): (البخاري جرى على عادته في الإيماء إلى ما ورد في بعض طرق الحديث). اهـ

قلت: والإمام البخاري / يشير إلى ضعف هذه الطرق فانتبه.

وقد كره الإمام مالك / تعيين صيام ما تسمى بأيام البيض!.

قال الإمام مالك / في «الموطأ» (ج2 ص77-المنتقى): (ما هذا ببلدنا، وكره تعمد صومها). اهـ

وقال الفقيه الباجي / في «المنتقى» (ج2 ص77)؛ عن صوم أيام البيض: (وقد روي في إباحة تعمدها بالصوم أحاديث لا تثبت). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن صوم يوم عرفة لأهل الآفاق خلاف السنة، بل السنة فطره لاختياره r ذلك لنفسه، وعمل خلفاؤه بعده بالفطر، وأصحابه y من بعده، ولم يؤثر عن أحد من الصحابة صوم يوم عرفة في الحضر: ]أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده[ [الأنعام:90]، فعلى الناس أن يقتدوا بهم، والله ولي التوفيق.

قلت: وقد بين النبي r أن أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، صيام شهر محرم،
ولم يذكر صيام يوم عرفة في شهر ذي الحجة، مع أن الأجر الذي ذكر في صوم يوم عرفة أعظم؛ لأنه يكفر السنة الماضية، والسنة الباقية، وهذا يدل على أن صوم يوم عرفة غير مشروع في الدين.

وإليك الدليل:

فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص821)، وأبو داود في «سـنـنـه» (ج2 ص811)، والترمذي في «سننه» (ج2 ص301)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2907)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص206)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص342 و344)، وابن البختري في «حديثه» (ص168)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص96)، والخلعي في «الخلعيات» (ص339)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (ج1 ص215)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص1103)، والبغوي في «شرح السنة» (1788)، وفي «معالم التنزيل» (ج6 ص306)، وابن راهويه في «المسند» (ج1 ص299)، وعبد بن حميد في «المسند» (1421)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج4 ص242 و243)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص203)، وابن نصر في «قيام الليل» (ص35)، والسلفي في «السلماسـيـات» (ص42)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص258)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص181)، والدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج2 ص545)، والآجري في «فضل قيام الليل» (ص82)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص290)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص121)، وفي «شعب الإيمان» (ج4 ص290)، وفي «فضائل الأوقات» (ص429)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص163)، وابن شاهين في «الترغيب في فضائل الأعمال» (ص423)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص252) من طرق عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله عن أبي بشر جعفر بن إياس عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة t به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص821)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج2 ص290)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص303 و329 و342 و535)، والحنائي في «الحنائيات» (ج1 ص743)، والبغوي في «شرح السنة» (1923)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج2 ص101)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص142)، وابن ماجة في «سـنـنـه» (1742)، وابن المنـذر في «الأوســط» (ج5 ص147)، وابن راهويه في «المسند» (ج1 ص298)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص1102)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص282)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج2 ص274)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص307)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2905)، و(2906)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص291)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص121)، وفي «فضائل الأوقات» (ص431)، وأبو يعلى في «المسند» (ج11 ص281 و283)، والطيوري في «الطيوريات» (ج2 ص384)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص386)، وضياء الدين المقـدسـي في «فضائل الأعمال» (ص261)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص251) من طرق عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة t به.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقال البغوي: هذا حديث صحيح.

وقال الإمام أبو حاتم / في «العلل» (ج3 ص129): بعدما ذكر الاختلاف على الحديث: (والصحيح متصل: حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبيr).([114])

وقال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (1656): بعد ما ذكر الاختلاف: (ورفعه صحيح)؛ يعني: رواية حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي r مرفوعا.

وصحح الحافظ المزي / في «تحفة الأشراف» (3266)؛ الرواية المرفوعة، وكذلك الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (3997).

قلت: وفي رواية في الحديث: (سـئـل أي الصيام أفضل بعد صيام شهر رمضان؟ فقال r: أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم)، ولم يقل r: (صوم يوم عرفة).

وبوب عليه الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص54)؛ باب: فضل صوم المحرم.

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «صحيحه» (ج3 ص282)؛ كتاب الصوم جماع أبواب صوم التطوع، باب: فضل الصوم في المحرم إذ هو أفضل أيام الصيام بعد شهر رمضان.

قلت: فأين إذا فضل صوم يوم عرفة المزعوم الذي يكفر السنة الماضية، والباقية، إذا كان صوم شهر المحرم أفضل الصيام بعد شهر رمضان بشهادة النبي r، نعوذ بالله من التعصب والتقليد.

   وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص55): (قوله r: (أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، شهر الله المحرم): تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم). اهـ

وعن عائشة ڤ قالت: (أن النبي r كان يصوم يوم عاشـوراء، ويأمرنا بصيامه).

حديث صحيح

أخرجه الدارمي في «المسند» (1801)، والبيهقي في «معرفة السنن» (8977) من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة ڤ به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فأين صوم النبي r ليوم عرفة؟!، وأين أمر بصيامه؟!.

قلت: لذلك الصحابة الكرام أمروا بصيام يوم عاشوراء؛ لأنهم يرون له فضلا في الصوم على سائر الأيام سوى شهر رمضان، ولم يأمروا بصيام يوم عرفة، بل لم يكن صوم يوم عرفة معروفا عندهم، اللهم غفرا.

وإليك الدليل:

(1) فعن الأسود بن يزيد قال: (ما أدركت أحدا من أصحاب رسول الله r كان أمر بصوم عاشوراء من علي، وأبي موسى ).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص389 مسند عمر)، والطيالسي في «المسند» (1212) من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص389 مسند عمر)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص312) من طريق مسعر، وعلي بن صالح، وإسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال: (ما رأيت أحدا كان آمر بصوم عاشوراء من علي، وأبي موسى).

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص150)، وأبو ذر الهروي في «الفوائد» (11)، وابن الجعد في «حديثه» (ج2 ص230)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج3 ص3784) من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (7836)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص286)، وفي «معرفة السنن» (ج6 ص358) من طريق معمر عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (9361)، ولوين في «جزئه» (42) من طريق ابن عيينة عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(2) وعن جسرة بنت دجاجة العامرية قالت، قيل لعائشة ڤ: (إن عليا t أمر بصيام يوم عاشوراء، قالت ڤ: هو أعلم من بقي بالسنة)، وفي رواية: (من يأمركم بصومه؟ قالوا: علي بن أبي طالب t، قالت ڤ: هو أعلم من بقي بالسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص390 مسند عمر)، والباغندي في «ستة مجالس من أماليه» (30)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (ج3 ص40)، والخوارزمي في «مناقب علي بن أبي طالب» (84)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج42 ص407) من طريق سفيان الثوري عن فليت بن خليفة العامري عن جسرة بنت دجاجة العامرية به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وأخرجه الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (ج1 ص526)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص255)، وابن عدي في «الكامل» (ج7 ص235)، والخلال في «الجامع» (ق/36/ط)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج42 ص408) من وجه آخر، عن عائشة ڤ قالت: (علي بن أبي طالب أعلم الناس بالسنة).

(3) وعن عبد الرحمن بن عوف t: (أنه أضحى يوم عاشوراء حتى ارتفع النهار ولا يعلم، ثم علم بعد، ففزع لذلك، ثم صام، وأمرنا بالصيام بعد أن أضحى).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص390 مسند عمر) من طريق ابن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن جده عبد الرحمن بن عوف t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(4) وعن علقمة بن قيس قال: «أتيت  ابن  مسعود  فيما بين رمضان إلى

رمضان، ما من يوم إلا أتيته فيه، فما رأيته في يوم صائما ولا يوم عاشوراء).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص391 مسند عمر)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص159) من طريق ابن علية عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبي عن علقمة بن قيس به.

قلت: وهذا سنده حسن.

(5) وعن ابن عباس : (أنه كان يصوم اليوم التاسع، واليوم العاشر)؛ أي: عاشوراء.

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص392 مسند عمر) من طريق ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص392 مسند عمر)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ج6 ص351) من طريق ابن  أبي  ذئب  عن  شعبة  مولى ابن عباس عن ابن عباس به.

(6) وعن محمد بن سيرين /: (أنه كان يصوم العاشور، اليوم العاشر).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص394 مسند عمر) من طريق النضر بن شميل أنبأنا ابن عون عن ابن سيرين به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(7) وعن القاسم /: (أنه كان يصوم عاشوراء).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص90)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص395 مسند عمر) من طريق شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

تنبيه:

عن عمران بن سليمان قال: سألت ابن عمر عن صيام يوم عرفة؟ فقال: (هو أحق الأيام أن يصام، بعد شهر رمضان).

أثر ضعيف

أخرجه ابن أبي الصقر في «مشيخته» (ص154) من طريق أبي صالح الحراني عن ابن لهيعة عن عمران بن سليمان به.

قلت: وهذا سنده ضعيف؛ فيه عبد الله بن لهيعة الحضرمي وهو ضعيف، لا يحتج به.([115])

8) وعن ابن عمر قال: (لم يصم رسول الله r، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي y يوم عرفة).

حديث صحيح؛ بهذا اللفظ

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص72) من طريق أبي حذيفة قال ثنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وهو المحفوظ.

* وتابعه: المؤمل بن إسماعيل حدثنا سفيان به، ولم يذكر علي بن أبي طالب t.

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (2825)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص47).

وإسناده ضعيف؛ فيه مؤمل بن إسماعيل، وهو سيئ الحفظ، كما في «التقريب» لابن حجر (ص987) ولكنه توبع.

قلت: إذا: لم يثبت صوم يوم عرفة عن النبيr ، وصحابته y، فوجب تركه؛ لأن ذلك من السنة التركية.

سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء؛ كما في «الفتاوى» (ج10 ص400)؛ هل ثبت أن الرسولr  صام عشر ذي الحجة؟.

فأجابت: (لم يثبت فيما نعلم أن الرسولr  صام عشر ذي الحجة([116])،أي: تسعة الأيام التي قبل العيد، لكنه r حث على العمل الصالح فيها، فقد ثبت عنه r أنه قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه، وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» رواه البخاري.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

         عضو ...                    عضو ...            نائب رئيس اللجنة ...       الرئيس

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز). اهـ

وقال العلامة الشيخ مقبل الوادعي / في «قمع المعاند» (ج2 ص574): (صيام عشر ذي الحجة لم يثبت فيه حديث عن النبي r بخصوصه). اهـ

وقال الإمام أبو المظفر السمعاني / في «قواطع الأدلة» (ج3 ص311): (إذا ترك النبي r شيئا من الأشياء وجب علينا متابعته فيه). اهـ

وقال الفقيه الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص343): (عليك أن تأخذ بالحق، وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله، ولو خالف فلانا، وعليك ألا تتعصب وتقلد تقليدا أعمى). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص104): (في القصة أي: قتال مانعي الزكاة- دليل على أن السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة ويطلع عليها آحادهم، ولهذا لا يلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تخالفها، ولا يقال كيف خفي ذا على فلان، والله الموفق). اهـ

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك  ـ إن شاء الله ـ سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عــنـي به وزرا،

وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسـلـم

وبارك على نبينا محمد وعلى آله

وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

درة نادرة...................................................................................................

5

2)

عصف، وخسف......................................................................................

6

3)

قصف وقصم...........................................................................................

7

4)

حرق وبركان............................................................................................

8

5)

دك وانقضاض..........................................................................................

9

6)

فضة نادرة.................................................................................................

11

7)

المقدمة.....................................................................................................

13

8)

المدخل في أن الفقيه هو الذي يعرف مواقع الخلاف، لا حفظ مجرد الخلاف، فإن المقلدة بجميع أنواعهم في هذا الزمان يحفظون الخلاف، لكن لا يعرفون مواقع الخلاف، فهم يذكرون الإجماع في بعض الأحكام بجهل بالغ في الفقه الإسلامي...............

44

9)

ذكر الدليل على أن النبي لم يـصـم يوم عرفة لا في الحج، ولا في غيره، ولم يتحر في السنة إلا صوم يوم عاشوراء، وبين أن أفضل الصيام بعد شهر رمضان، هو صيام شهر محرم...................................

58

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) نقله عنه ابن أبي يعلى الحنبلي في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص554).

     قلت: وهذا يدل على أن حديث صوم يوم عرفة، لم يكن معروفا عند الإمام يحيى بن معين /، بل هو ضعيف عنده، كما هو واضح من إفطاره في يوم عرفة، والله المستعان.

([2]) قلت: وقد وافقه أئمة الحديث، كالإمام البخاري /في عدم سنية صوم يوم عرفة، اللهم غفرا.

([3]) قلت: رحم الله شيخنا، لقد خفيت عليه هذه القاعدة النافعة في قوله: «بصوم يوم عرفة»، وهو حديث ضعيف على هذه القاعدة؛ لأن فيه يكفر: (السنة الباقية، والمتأخرة)، بمثل لفظ: (وما تأخر)، والله المستعان.

([4]) قلت: ونقل كلام السابقين هذا مثل: نقل أهل العلم كلام السابقين عنهم؛ كـ«الصحابة» الكرام، وغيرهم، والنقل هذا يصح في الشريعة، فافهم لهذا.

([5]) قلت: وهذا عين التجاهل، وغمط الناس أشياءهم بغير حق، والله المستعان.

([6]) الأول كتاب: «الردادي»، والثاني كتاب: «العطاوي»، وكل واحد منهما يأخذ عن الثاني، فالفكرة واحدة، والمقصد واحد، ولم يأت أحد منهما بجديد في حكم: صوم يوم عرفة!.

([7]) قلت: والأخوة حرمة يجب الوقوف عندها، وقد جعلها رسول الله r شرطا لدخول الجنة، كما في حديث أبي هريرة t، أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص74).

([8]) وقد بينت ذلك جملة وتفصيلا في كتابي: «تحفة الأخيار في تأليف قلوب الأبرار»، ولله الحمد والمنة.

     قلت: ولا سبيل لتقوية الروابط الشرعية إلا في تقريب القلوب قولا وفعلا.

([9]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص227).

([10]) أثر حسن.

     أخرجه المحاملي في «الأمالي» (ص395) من طريق نافع بن عامر الجمحي عن سليمان بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب t به.

     قلت: وهذا سنده حسن.

     * وتابعه سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب به.

     أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج44 ص360)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (ج1 ص305) من طريق يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب به.

     وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص227).

([11]) قلت: بل إن تتبعت عورات المسلمين أفسدتهم، والله المستعان.  

([12]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص348)، ومسلم في «صحيحه» (2319)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص358 و361 و365).

([13]) حديث حسن لغيره.

      أخرجه أبو داود في «سننه» (4941)، والترمذي في «سننه» (1924)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص160)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص175).

([14]) حديث حسن.

      أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (376)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص232)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص323) بإسناد حسن.

([15]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5997)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص77).

([16]) وإذا ضاق صدره لم تستقر الرحمة فيه، وملك نفسه بقوة الهوى، وسلطان الشيطان، فعامل الخلق بالغضب؛ لأن الشيطان يريه ذلك، حتى يأخذ من الشبهات بتضييع الأمانات، وتعطيل الفرائض، ومنع الحقوق، والتعصب للآراء، ويعرض عن المواعظ والنصائح، ونسيان الموت والمعاد، والحساب بين يدي الله تعالى، اللهم سلم سلم.

([17]) قلت: ومن كانت هذه صفته فهو داخل في هذه الآيات ولا بد.

([18]) فقد مكروا قديما وحديثا بأهل العلم وطلبتهم، والله المستعان.

     * وقد عاد مكرهم عليهم وبالا، وقد هزموا شر هزيمة في الآونة الأخيرة على يدي علماء الدعوة السلفية وطلبتهم، والواقع يشهد بذلك.

([19]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4568)، ومسلم في «صحيحه» (2778).

([20]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4567)، ومسلم في «صحيحه» (2777).

([21]) كما يدعي المعترض العطاوي، والمعترض الردادي، والمعترض ربيع المدخلي، والمعترض علي الحلبي، إنني أذم الإمام مسلما / وصحيحه، والله المستعان.

     قلت: فما أشبه الليلة بالبارحة!.

([22]) وانظر: «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (ج1 ص218).

([23]) وإنني تعديت على صحيح الإمام مسلم /، وتجرأت على كتب أهل العلم، وهذا الاتهام هو اتهام أهل البدع مع أهل العلم كـ«الشيخ الألباني» /، وغيره، بل وزاد في الباطل الذي جاء به أباطيل كثيرة من جنايته، وتعديه، وتدليسه، وتلبيسه، اللهم سلم سلم.

([24]) قلت: والمتعصب يعتبر من العوام المقلدين؛ لأنه لا يعرف في حكم صوم يوم عرفة إلا القول الذي أخذ به، والحجة في ذلك، ولم يعرف القول الآخر لشدة تعصبه لصوم يوم عرفة، وغفل أن المسألة خلافية، كما غفل غيره، وسوف يأتي ذكر الخلاف في هذه المسألة، والله المستعان.

([25]) فأدخل الشيخ السعدي في هذه الآية أهل البدع وأهل المعاصي، رغم أنها نزلت في أهل الكفر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فافهم لهذا ترشد.

([26]) فأدخل المفسر المراغي أهل التقليد من المتعصبة لمذاهبهم الفقهية في هذه الآية أيضا، اللهم غفرا.

([27]) وانظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص83)، و«القواعد الحسان بتفسير القرآن» للشيخ السعدي (ص7) القاعدة الثانية: (العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب).

([28])وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج2 ص15)، و«رسالة التقليد» لابن القيم (ص22).

([29]) قلت: فالمقلد لم يأت بشيء جديد عن قومه، فهذا الذي تربى عليه، واعتاده في بلده من سنين طويلة، اللهم غفرا.

([30]) ولذلك لا تغتر بالذين يفتون في التلفاز، أو الجرائد، أو الصحف، فإن أكثرهم من الجهال، وإن أطلق عليهم بالشيوخ، أو العلماء، أو المفكرين، فإن هؤلاء أبعد الناس من المشيخة، والعلم، والفكر السليم ... والإطلاق على هؤلاء بالشيوخ، أو العلماء إنما هذا أشبه بالصوري الشكلي، والله المستعان.

([31]) «الاجتهاد والتقليد» (ص47).

      قلت: وهؤلاء عرفوا الطريق الموصل إلى المناصب... فيذهب مثلا إلى المغرب وغيرها... ثم يأتي بالشهادة الأكاديمية!... ثم ينصب قاضيا، أو مديرا، أو خطيبا، أو غير ذلك، والله المستعان.

([32]) انظر: «زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون» للدكتور حمد العثمان (ص10).

     قلت: ولم يتفطن المقلد المعترض أن هناك من هو أعلم بالحديث ممن أخذ عنهم من قومه ذلك بسبب تفاوت الناس في العلم؛ لأن العلم رتب، ودرجات في الناس، كما قال تعالى: ]وفوق كل ذي علم عليم[ [يوسف:76]، لم يأخذوا بحكم صوم يوم عرفة لغير الحاج، لضعف حديث أبي قتادة منهم: الصحابة، والتابعون، والبخاري، وابن عدي، والعقيلي، والمقدسي وغيرهم.

([33]) قلت: فالواجب على من يؤصل للدعوة إلى الله، ويقعد لها أن يترك العادات في قومه، ولا بد عليه من التفتيش والتنقيب، والله الحسيب!.

([34]) ولا يحل للمفتي أن يفتي في المسألة بقوله: «اختلف العلماء»، أو «اختلف الفقهاء»؛ لأن ذلك قاعدة المتعالمين في الدعوة، اللهم غفرا.

([35]) وانظر: «الحجة في بيان المحجة» لأبي القاسم الأصبهاني (ج2 ص510)، و«السنة» للبربهاري (ص22).

        قلت: فنظر المقلد قاصر على الصور لا يتجاوزها إلى الحقائق، فهو محبوس في سجن التقليد، مقيد بقيود العادات.

([36]) هذه عقوبة له؛ لأنه يتكلم في دين الله تعالى بغير علم، والمفروض أنه لا ينقل شيئا في الدين لا الحديث الصحيح ولا غيره، بل عليه السكوت، ويلزم أهل العلم؛ لأنه جاهل.

     * ولأنه جمع الجهل، ورقة الدين، ثم يدعي دعاوى باطلة أنه من الدعاة!، أو العلماء!، أو طلبة العلم!.

([37]) بل وإن صادف الحق، فهو آثم.

     قال الحافظ البيهقي / في «المدخل إلى السنن الكبرى» (ص94 الباعث): (قد يكون المراد بالخبر من يقول فيه برأيه من غير معرفة منه بأصول العلم وفروعه، فتكون موافقته للصواب وإن وافقه من حيث لا يعرفه غير محمودة).اهـ

([38]) قلت: فهذا يوقع الناس في شيء من الاعتقادات السيئة، والأحكام الباطلة بسبب تحديثه بالأحاديث الضعيفة، اللهم سلم سلم.

     وانظر: «الباعث على الخلاص من حوادث القصاص» للعراقي (ص98).

([39]) قلت: وهكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية /، وهذا القول شديد على المقلدة للصحيحين مطلقا، لظنهم أن كل ما في الصحيحين من قسم الصحيح، وهذا جهل في دين الله تعالى؛ لأن هذه الكتب المصنفة من المخلوقين لا تفلت من الخطأ أبدا؛ لأن الله تعالى كتب على بني آدم الخطأ، وهو من طبيعتهم، ولا يصح مطلقا إلا كتاب الله تعالى.

     * وصدق الإمام الشافعي /حيث قال: (أبى الله أن تكون العصمة لغير كتابه) اللهم غفرا.

     انظر: «مسند أبي يعلى» (ج1 ص22)، و«منهاج السنة» لابن تيمية (ج7 ص216).

([40]) وانظر: «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (ج1 ص217).

([41]) فمجرد حفظ الخلاف لا يكفي في الشريعة المطهرة، فافطن لهذا.

([42]) وبسبب تقليدهم في مسائل الخلاف ارتكزوا في أخطاء كثيرة في فتاويهم في الدين، وسموا ذلك بـ«الفقه المقارن»؛ أي: بمجرد ذكرهم الخلاف أمام العامة والإكثار منه بلا فائدة تذكر، إلا تشوش العامة بذلك، وهذا بدعة في الإسلام، والله المستعان.

([43]) يعني: وبسبب جهل المقلدة في هذا العصر بمواقع الخلاف: فإما أن ينقلوا الخلافيات بدون فهم، مع وجود إجماع السلف في ذلك، وإما أن ينقلوا الإجماع عن تقليد في مسألة، وهناك اختلاف فيها بين العلماء!، فهؤلاء يحفظون الخلاف بدون معرفة فقه الخلاف، فافطن لهذا.

     لذلك ارتكزوا في أخطاء كثيرة في فتاويهم في الدين.

([44]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1521)، و(1536)، والدوري في «التاريخ» (ج4 ص281).

     وإسناده صحيح.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص123).

([45]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1520)، و(1522).

     وإسناده لا بأس به.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص122).

([46]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1523).

     وإسناده حسن.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص122).

([47]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1524).

     وإسناده لا بأس به.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص122).

([48]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1525).

     وإسناده حسن.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص123).

([49]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1527).

     وإسناده حسن.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص123).

([50]) أثر صحيح

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1529).

     وإسناده صحيح.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص123).

([51]) ذكره ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1534)، والشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص123).

([52]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1537).

     وإسناده حسن.

     وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص123).

([53]) لأنه بدون ذلك لا يمكنه ترجيح جانب الحق في المسألة ما لم يقف على أدلة، فضرورة معرفة مواقع الخلاف في الفقه.

([54]) انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص63).

([55]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (58)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص110)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص23)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1120)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (800)، و(801)، وأبو خيثمة في «العلم» (21)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص248)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص817)، والآجري في «أخلاق العلماء» (76).

     وإسناده صحيح.

([56]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص771)، و(ج2 ص945).

     وإسناده حسن.

     * فالعلماء هم: أصحاب محمد r: {فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90].

([57]) أثر صحيح

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص769).

     وإسناده صحيح.

     * وصوم يوم عرفة للمقيم لم يجئ عن واحد من الصحابة، فهو ليس من السنة، فلا تغتر بمن يقول أنه من السنة!.

([58]) وأما الصحابة y فأجمعوا على عدم مشروعية صوم يوم عرفة، كما سبق ذكره، ولذلك لم يصوموا يوم عرفة.

([59]) يعني: بذلك لغير الحاج.

([60]) وهذا يدل بأن حديث أبي قتادة t: في فضل صوم يوم عرفة قد أنكره بعض العلماء؛ كما أسلفنا، مما يتبين بأنه غير مجمع على صحته.

([61]) يعني: حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه المذكور.

([62]) يعني: صوم عيد الأضحى.

([63]) وهذا فيه نقض لإجماع المقلدة الذين يزعمون أن صوم يوم عرفة أجمع عليه العلماء!، والله المستعان.

([64]) وهذا يدل على جهل المقلدة بفقه الخلاف، والله المستعان.

([65]) فإذا ثبت الحديث عن النبي r، فلا يلتفت إلى رأي أحد من العلماء، فالقول: قول النبي r، والله المستعان.

     قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء:59].

     * وهذا يدل أن حديث أبي قتادة رضي الله عنه في «صوم يوم عرفة» لغير الحاج، لا يثبت عند علماء الحديث، وإلا لقالوا به.

     قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «رسالة الحجاب» (ص34)؛ وهو يحذر المقلد بغير علم: (وليحذر الكاتب، والمؤلف من التقصير في طلب الأدلة، وتمحيصها، والتسرع إلى القول بغير علم). اهـ

([66]) قلت: ولا إشكال في الحديث لمن تدبر الأدلة.

([67]) قلت: وهو الأصح للأدلة.

([68]) وهذا فيه نظر، فيشاركهم أهل الأمصار أيضا في هذا العيد، بالذكر، والتكبير، والدعاء، والأكل والشرب، والفرح والسرور، وغير ذلك مما يحصل في العيد.

([69]) قلت: وهذا التكلف في مقابلة النص، فلا يعتد به في الشرع.

     قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج8 ص271): (والتنصيص على أن تسمية يوم عرفة، يوم عيد يغني عن هذا التكلف!). اهـ

([70]) انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج1 ص44) في مسألة التقليد.

([71]) فتوهم الإجماع من منهج أهل البدع ليطعنوا في أهل الحديث، فافطن لهذا.

([72]) فيتوهم أهل التحزب الإجماع في بعض المسائل الفقهية أمام العامة ليشوشوا على أهل الأثر، اللهم غفرا.

([73]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج5 ص40)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص393)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج2 ص442).

([74]) وأنكر الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج21ص163) لفظ: «يوم عرفة»، وفيه نظر لثبوته، فلا يلتفت إليه.

([75]) وعيد الأضحى بما فيه يوم النحر، وأيام التشريق لجميع المسلمين؛ كما هو معلوم، فهذه الأيام: أيام أكل وشرب.

([76]) علما بأن قول بعض العلماء بأن هذا خاص بالحجاج، فهذا لا يخصص العام في الحديث؛ فتنبه.

([77]) وانظر: «شرح معاني الآثار» للطحاوي (ج2ص76).

([78]) وكذلك من صام يوم عرفة، فصومه لا يصح؛ لأنه يوم عيد، والصوم في أيام العيد غير مشروع، بل منهي عنه في الشريعة، فافطن لهذا.

([79]) فأيام العشر من ذي الحجة تشمل يوم عرفة؛ كما هو واضح في الحديث.

     انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (ص398).

([80]) يعني: من الرواية المرسلة الآتي ذكرها قريبا.

([81]) أثر صحيح

        أخرجه الترمذي في «سننه» (ج3 ص121).

        وإسناده صحيح.

([82]) وانظر: «العلل» لابن أبي حاتم (ج2 ص71).

([83]) قال العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي / في «تعليقه على التتبع» للدارقطني (ص531): (فالظاهر هو ما رجحه الترمذي /، لكون الأعمش أحفظ لحديث إبراهيم). اهـ

([84]) وانظر: «تعليق الشيخ مقبل الوادعي / على التتبع» (ص530).

([85]) وانظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (ص392).

([86]) وهو حديث ضعيف مضطرب.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص287) وغيره.

     وانظر: «إرواء الغليل» للشيخ الألباني (ج4 ص111).

([87]) قلت: وهذا يدل أن عائشة ڤ أعلم الناس بعبادات النبي r، فالأمر إليها في ذلك، كما أوضح الشيخ ابن باز /.

([88]) وهذا القول فيه نظر؛ لثبوت النص على خلافه، والله ولي التوفيق.

([89]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5212)، ومسلم في «صحيحه» (ص364).

([90]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص364).

([91]) يشير إلى حديث أم الفضل بنت الحارث ڤ بقولها: (أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي r.... الحديث).

([92]) وهذا القول ليس بصحيح؛ لأنه ثبت عن بعض الصحابة y اجتهادات في بعض العبادات ثم تبين لهم بأنها خطأ، وذلك بعد تبيين النبي r لهم ذلك، فرجعوا عنها، وقد بينت هذا الأمر في كتابي: «العقود اللؤلؤية في تبيين رجوع السلف عن آرائهم وخطئهم في المسائل الخلافية الفقهية»، ولله الحمد والمنة.

([93]) وانظر: «الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص14).

([94]) قلت: والصحابة الكرام نقلوا عن النبي r ما هو دون ذلك، ولم ينقلوا صومه r في هذا اليوم العظيم، فهذا من المستحيلات، والله المستعان

     وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج23 ص48).

([95]) قلت: فكل ما حكاه الصحابة الكرام أنهم رأوا النبي يفعله في العبادة دخل تحت الأمر، وصح الاستدلال به على شرعيته في الدين، وما لم يحكه الصحابة الكرام فلا يدخل تحت الأمر، إلا أن يثبت بدليل آخر، والله ولي التوفيق.

([96]) فلم يذكر ابن عباس t فضل يوم عرفة على سائر الأيام؛ إلا يوم عاشوراء، بل نفى t أن النبي r صام على سبيل التحري في السنة إلا يوم عاشوراء.

     وانظر: «تهذيب الآثار» للطبري (ج1 ص385 و386 مسند عمر).

([97]) انظر: «لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف» لابن رجب (ص77).

([98]) انظر: «مرشد المحتار إلى خصائص المختار» لابن طولون (ص394)، و«الخصائص الكبرى» للسيوطي (ج2 ص336).

([99]) وكم زيادة شاذة وجدت في صحيح مسلم؛ كما بين ذلك أهل العلم.

([100]) انظر: «المجموع» للنووي (ج6 ص381).

([101]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (20).

([102]) وانظر: «المواهب اللدنية بالمنح المحمدية» للقسطلاني (ج2 ص655)، و«شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص73)، و«المجموع» للنووي (ج6 ص381)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص198).

([103]) انظر: كتاب «الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة» لابن حجر.

([104]) قلت: رحم الله شيخنا، لقد خفيت عليه هذه القاعدة النافعة بقوله: «بصوم يوم عرفة»، وهو حديث ضعيف على هذه القاعدة؛ لأن فيه يكفر: (السنة الباقية والمتأخرة)، بمثل لفظ: (وما تأخر)، والله المستعان.

([105]) وكذلك أفطر بغير عرفة، ولم يصم؛ كما سبق ذلك.

([106]) تماروا: اختلفوا، وتجادلوا.

([107]) قدح: إناء يشرب فيه.

([108]) واقف: يعني بعرفة.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص237).

([109]) بحلاب: الإناء الذي يحلب فيه اللبن.

([110]) الموقف: في عرفة.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص238).

([111]) وانظر: «شرح معاني الآثار» للطحاوي (ج6ص76)، و«تهذيب الآثار» للطبري (ج1 ص361)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج1 ص154)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج21 ص161).

([112]) وانظر: «عمدة القاري» للعيني (ج9 ص166 و167 و168)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج9 ص139 و141)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص226 و230)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص626 و629)، و«إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج4 ص134 و135)، و«المنتقى في شرح الموطأ» للباجي (ج2 ص77).

([113]) يعني: الأسانيد فيها مقال ليست على شرط الصحيح، والصحيح استحباب ثلاثة أيام من الشهر غير معينة.

    وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص626)، و«المنتقى في شرح الموطأ» للباجي (ج2 ص77)، و«عمدة القاري» للعيني (ج9 ص167).

([114]) وهذه المسألة في «العلل» لابن أبي حاتم (ج3 ص150)، موجهة لأبي زرعة، وقد أجاب بمثل جواب أبي حاتم هنا؛ أي: صحح الرواية المرفوعة عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة عن النبي r.

([115]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص373)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج15 ص487)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج2 ص136)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج2 ص364).

([116]) وهذا هو القول الصحيح، أن النبي rلم يصم هذه العشر؛ منها: يوم عرفة: فوجب ترك الصوم في هذه الأيام؛ لأن النبي r ترك هذا الصوم، فلا يلتفت إلى الفتاوى التي تقول بصوم العشر، وصوم يوم عرفة؛ لأن ذلك خلاف السنة. 

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan