القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / الثمار المتدللة في إثبات لله صفة الهرولة

2023-11-25

صورة 1
الثمار المتدللة في إثبات لله صفة الهرولة

الثمار المتدللة

في

إثبات لله صفة الهرولة

 

دراسة أثرية منهجية علمية في اعتقاد أهل السنة والجماعة، وأنهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من الأسماء الحسنى والصفات العلى، لا يتجاوزون القرآن والحديث؛ يثبتون ألفاظ! الأسماء والصفات، ويعلمون معناها في لسان العرب الذي نزل به القرآن، ويفوضون الكيفية لله تعالى، لأن الله تعالى قد اختص بها فلم يطلع عليها أحدا من الخلق، فهم ينطلقون في هذا الباب الاعتقادي من أسس ثابتة، من لزمها سلم من الانحراف في توحيد الأسماء والصفات:  ]أأنتم أعلم أم الله[ [البقرة: 140].

 

تأليف

العلامة المحدث

أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره

 

 

    

]في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا[

درة نادرة

قاعدة: لأهل السنة والجماعة في إثبات

صفات الله تعالى في الكتاب والسنة والآثار

منها: صفة: ((الهرولة))

 

عن الوليد بن مسلم، قال: سألت مالك بن أنس،  وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي عن الأحاديث التي فيها الصفات؟ فقالوا: (أمروها كما جاءت بلا تفسير([1])). وفي رواية: (أمروها كما جاءت بلا كيف). وفي رواية: (بلا كيفية).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص259)، والدارقطني في «الصفات» (ص75)، والآجري في «الشريعة» (720)، والذهبي في «العلو» (ج2 ص959)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص241)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص115 و307)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص527)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص158)، و(ج19 ص231)، وفي «الانتقاء» (ص63)، وفي «الاستذكار» (ج8 ص118)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص377)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص2)، وفي «الاعتقاد» (ص57)، وأبو عثمان الصابوني في «الاعتقاد» (ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20)، وابن المقرئ في «المعجم» (555)، وابن دحية في «الابتهاج في أحاديث المعراج» (ص98)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص345)، و(ج3 ص249)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)  من طرق عن الهيثم بن خارجة حدثنا الوليد بن مسلم به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الذهبي في «الأربعين» (ص82)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص142)، وابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص39).

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص96): (وقد روينا عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات؛ أنهم كلهم قالوا: أمروها كما جاءت). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ

قلت: فهذه الأحاديث نثبت ألفاظها ومعانيها مع اعتقادنا أننا مكلفون بمعرفة تلك الألفاظ والمعاني؛ أي: فإننا متعبدون بمعرفة معاني صفات الله تعالى، مع إثبات الظاهر لهذه الصفات، ونفي علمنا بكيفية هذه الصفات؛ فإن هذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، فهو أعلم بصفاته سبحانه.([2])

قال تعالى: ]ولا يحيطون به علم[ [طه:110].

وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11].

وقال تعالى: ]ولم يكن له كفوا أحد [[الإخلاص: 4].

وقال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم [[الإسراء: 36].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص36): (وتأويل  الصفات هو في الحقيقة التي انفرد الله تعالى بعلمها وهو الكيف المجهول). اهـ

قلت: وهذا التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، هو علم كيفية صفاته سبحانه وتعالى.

قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ]هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله[ [الأعراف:53].

وقال تعالى: ]ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا[ [الكهف:82].

وقال تعالى: ]سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا[ [الكهف:87].

وقال تعالى: ]ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء:59].

قلت: وأحسن التأويل هو: تأويل الله تعالى لصفاته، لأن لا يعلم هذا التأويل إلا هو سبحانه وتعالى؛ أي: علم كيفية هذه الصفات.

قال الإمام أبو سلميان الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج1 ص637): (هذا الحديث، وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

    

]أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى[

المقدمة

 

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.

ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([3])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([4])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([5])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([6])

فهذه رسالة لطيفة أثرية في باب من أبواب الاعتقاد السلفي؛ وهو «إثبات صفة الهرولة للـه تعالى» على ما يليق بكماله وجلاله.([7])

وهي مع صغر حجمها تضم أحاديث مهمة عن النبي r في «إثبات صفة الهرولة للـه تعالى»، وشرحها أهل العلم، وأثبتوا هذه الصفة بأدلة السنة النبوية، وإجماع الصحابة y، وأئمة الحديث.

قلت: وهذا معتقد أهل السنة والأثر قديما وحديثا، فلم نأت بمحدث من القول، ولا بمنكر من الاعتقاد، وقد تحرينا فيه الاقتداء، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة y، والتابعين الكرام، والأئمة الفضلاء ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم.

قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.([8])

وقد ذكر الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص41)؛ أنه أثبت صفات الله تعالى؛ ومنها: ((صفة الهرولة)) من القرآن، وعن رسول الله r، وعن أصحابه y؛ حيث قال: (وروينا عن رسول الله r، وعن أصحابه y). اهـ

قلت: فبين الإمام الدارمي أن من أصول كتابه هذا الذي ذكر فيه صفات الله تعالى أنه أثبت([9]) هذه الصفات من القرآن، والسنة، والآثار، والحمد لله.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

قلت: وصفة ((الهرولة))؛ هي صفة فعلية ثابتة لله عز وجل بالسنة الصحيحة، وإجماع الصحابة، وأئمة الحديث.([10])

فعن أنس بن مالك t، عن النبي r يرويه عن ربه، قال: (إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة). ([11])

وعن أبي هريرة t عن النبي r، قال: (قال الله عز وجل: إذا تقرب عبدي مني شبرا، تقربت منه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة).([12])

وعن أبي ذر t قال: قال رسول الله r: (يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).([13])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج8 ص593): (الشاهد من هذه الأحاديث: أن النبي r يروي الحديث عن الله تعالى، وهذه الأحاديث تسمى الأحاديث القدسية، وهي أرفع من الأحاديث النبوية، ودون القرآن، فهي في منزلة وسط، ولهذا تضاف إلى الله تعالى فيقال: الأحاديث القدسية، ولكن لا يثبت لها أحكام القرآن، فيجوز أن تنقل بالمعنى، كما تنقل الأحاديث النبوية). اهـ

قلت: والشاهد من الحديث إثبات صفة القرب، وصفة: ((الهرولة)) ... فنصف الله تعالى بالقرب، و((الهرولة))، ولا يلزم من ذلك قطع المسافة، أو شيء من لوازم المخلوق، فانتبه.

وقد بوب الإمام أبو إسماعيل الهروي / في «دلائل التوحيد» (ص79)؛ باب: الهرولة لله عز وجل.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص466): (وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده؛ فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستوائه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف، وأئمة الإسلام المشهورين، وأهل الحديث والنقل عنهم بذلك متواتر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (وعليه فنجري الحديث على ظاهره، ونقول: إن الله تعالى يأتي حقيقة: ((هرولة))، ويتقرب حقيقة ذراعا وباعا، وأي مانع؟، لأن الله تعالى يفعل ما يريد([14])، وهذا مما يريده عز وجل). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (فهو سبحانه يأتي: ((هرولة))، ويأتي بتأن، فأي مانع يمنع هذا؟، ما دام ثبت أنه يأتي في القرآن، فإنه إذا أتى؛ فلابد أن يكون إما بسرعة، وإما بغير سرعة، فأي مانع يمنع من أن يكون بسرعة، أو بغير سرعة؟، الجواب: لا مانع). اهـ

وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص561): (وقد أجمعنا([15]) على أن الحركة والنزول، والمشي والهرولة، والاستواء على العرش وإلى السماء قديم، والرضا والفرح والغضب، والحب والمقت، كلها أفعال في الذات للذات، وهي قديمة). اهـ

وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز /:

لقد قرأت في رياض الصالحين بتصحيح السيد علوي المالكي، ومحمود أمين النواوي حديثا قدسيا يتطرق إلى ((هرولة)) الله سبحانه وتعالى، والحديث مروي عن أنس t عن النبي r فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري.([16])

فقال المعلقان في تعليقهما عليه: إن هذا من التمثيل، وتصوير المعقول بالمحسوس لزيادة إيضاحه، فمعناه: أن من أتى شيئا من الطاعات ولو قليلا أثابه الله بأضعافه، وأحسن إليه بالكثير، وإلا فقد قامت البراهين القطعية على أنه ليس هناك تقرب حسي، ولا مشي، ولا ((هرولة)) من الله سبحانه وتعالى عن صفات المحدثين.

فهل ما قالاه في المشي، و((الهرولة)) موافق لما قاله سلف الأمة على إثبات صفات الله، وإمرارها كما جاءت، وإذا كان هناك براهين دالة على أنه ليس هناك مشي، ولا ((هرولة)) فنرجو منكم إيضاحها، والله الموفق؟.

الجواب: (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه؛ أما بعد:

فلا ريب أن الحديث المذكور صحيح، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يقول الله عز وجل: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، ومن تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).

وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح.([17])

ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره([18]) على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي r سمعوا هذا الحديث من رسول الله r ولم يعترضوه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله، وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.

فالواجب في مثل هذا أن يتلقى بالقبول، وأن يحمل على خير المحامل، وأن هذه الصفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه فليس تقربه إلى عبده مثل تقرب العبد إلى غيره، وليس مشيه كمشيه، ولا هرولته كهرولته، وهكذا غضبه، وهكذا رضاه، وهكذا مجيئه يوم القيامة، وإتيانه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وهكذا استواؤه على العرش، وهكذا نزوله في آخر الليل كل ليلة، كلها صفات تليق بالله جل وعلا، لا يشابه فيها خلقه.

فكما أن استواءه على العرش، ونزوله في آخر الليل في الثلث الأخير من الليل، ومجيئه يوم القيامة، لا يشابه استواء خلقه، ولا مجيء خلقه، ولا نزول خلقه؛ فهكذا تقربه إلى عباده العابدين له، والمسارعين لطاعته، وتقربه إليهم لا يشابه تقربهم، وليس قربه منهم كقربهم منه، وليس مشيه كمشيهم، ولا هرولته كهرولتهم، بل هو شيء يليق بالله لا يشابه فيه خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات، فهو أعلم بالصفات، وأعلم بكيفيتها عز وجل.

وقد أجمع السلف([19]) على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت، واعتقاد معناها، وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله، وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان، والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق، كما قال عز وجل: ]قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4) [[الإخلاص: 1-4]، وقال عز وجل: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[  [النحل: 74]. وقال سبحانه: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]. فرد على المشبهة بقوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]، وقوله تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال[؛ ورد على (المعطلة) بقوله تعالى: ]وهو السميع البصير[ وقوله تعالى: ]قل هو الله أحد[ ]الله الصمد[ ]إن الله عزيز حكيم[ [البقرة: 220]، وقوله تعالى: ]إن الله سميع بصير[ [الحج: 75]، وقوله تعالى: ]إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173]،  ]إن الله على كل شيء قدير[ [البقرة: 109] إلى غير ذلك.

فالواجب على المسلمين علماء، وعامة إثبات ما أثبته الله لنفسه، إثباتا بلا تمثيل، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وتنزيه الله عما نزه عنه نفسه تنزيها بلا تعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي r، وأتباعهم من سلف الأمة؛ كالفقهاء السبعة، وكمالك بن أنس، والأوزاعي، والثوري والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم من أئمة الإسلام، يقولون أمروها كما جاءت، وأثبتوها كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

وأما ما قاله المعلقان في هذا: (علوي وصاحبه محمود)؛ فهو كلام ليس بجيد، وليس بصحيح، ولكن مقتضى هذا الحديث أنه سبحانه أسرع بالخير إليهم، وأولى بالجود والكرم([20])، ولكن ليس هذا هو معناه، فالمعنى شيء، وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، فهو يدل على أنه أسرع بالخير إلى عباده منهم، ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى يجب إثباته لله من التقرب، والمشي، و((الهرولة))، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، من غير أن يشابه خلقه في شيء من ذلك، فنثبته لله على الوجه الذي أراده الله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

وقولهم: إن هذا من تصوير المعقول بالمحسوس: هذا غلط، وهكذا يقول أهل البدع في أشياء كثيرة، وهم يؤولون، والأصل عدم التأويل، وعدم التكييف، وعدم التمثيل، والتحريف، فتمر آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، ولا يتعرض لها بتأويل، ولا بتحريف، ولا بتعطيل، بل نثبت معانيها لله كما أثبتها لنفسه، وكما خاطبنا بها، إثباتا يليق بالله لا يشابه الخلق سبحانه وتعالى في شيء منها، كما نقول في الغضب، واليد، والوجه، والأصابع، والكراهة، والنزول، والاستواء، فالباب واحد، وباب الصفات باب واحد).([21]) اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج7 ص554): (فإذا كان الله يأتي حقيقة، فإنه لابد أن يأتي على صفة ما، سواء كانت ((الهرولة)) أو غيرها، فإذا قال عن نفسه: (أتيته هرولة)؛ قلنا: ما الذي يمنع أن يكون إتيانه هرولة؟؛ إذا كنا نؤمن بأنه يأتي حقيقة، ونحن نؤمن بأنه يأتي حقيقة، فإذا كان يأتي حقيقة، فلابد أن يكون إتيانه على صفة من الصفات، فإذا أخبرنا بأنه يأتي ((هرولة))، قلنا: آمنا بالله.

لكن كيف هذه: ((الهرولة؟))، فالجواب: لا يجوز أن نكيفها، ولا يمكن أن نتصورها، فهي فوق ما تتصور، وفوق ما نتكلم به). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص426): (قوله في هذا الحديث: (تقربت منه)، و(أتيت هرولة) من هذا الباب، والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف، ولا تمثيل). اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([22])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد «أثبتوا صفة الهرولة للـه تعالى»، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله و عيد شديد، و العياذ باللـه.

قلت: ووجه الاستدلال بها([23])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([24])

والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([25])

قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([26]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([27])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.

قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([28])

قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ

قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[  [البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ

قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([29])، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r،  واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr  قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([30])

فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ

قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([31])؛ إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([32])

قلت: والاعتراضات التي ذكرها المبتدعة على إجماع السلف، والأئمة في الأسماء والصفات؛ هي في الحقيقة اعتراضات متكلفة، وفاسدة، تكلفوها حتى يروجوا بدعة التجهم في الدين.

قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.

وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.

 قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المبتدع أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من اعتقاد فاسد في الأسماء والصفات، والله المستعان.

قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].

وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].

ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.

فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([33])، والعياذ باللـه.

قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في الأسماء والصفات، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في إثبات الأسماء والصفات من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.

قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين؛ لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم؛ قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ

قلت: وعليه؛ فلا تعجل أخي القارئ برد هذا الكتاب، ولا ما جاء فيه عن أئمة الحديث؛ فتقع في مخالفتهم؛ فإنه لم يأت إنكار مسألة «صفة الهرولة للـه تعالى» إلا عن الجهمية أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، فعنهم تلقفها من جاء بعدهم ممن اشتغل بالنظر في كتب أهل الكلام، وأعرض عن دراسة ما كتبه أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص485): (المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل عليهم السلام من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص224): (لهذا السلف مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول r مشهورا معلوما بالاضطرار، لعموم المسلمين). اهـ

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص257): (ولهذا كان السلف، والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة؛ بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع). اهـ

قلت: وإنما ذكرت صفة: «الهرولة» هنا حتى يتبين لك أن هذا الكتاب الذي سطرته في عقيدة أهل السنة والجماعة أنه شجى في حلوق أهل البدع من الجهمية، والأشاعرة، والإباضية، والصوفية وغيرهم([34])، والله المستعان.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح، والله الموفق.

قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الهرولة للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.([35])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص24): (صفة ((الهرولة)) ثابتة لله تعالى، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t عن النبي r، قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي (فذكر الحديث، وفيه):  وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة)، وهذه ((الهرولة)) صفة من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل؛ لأنه أخبر بها عن نفسه، فوجب علينا قبولها بدون تكييف؛ لأن التكييف قول على الله بغير علم، وهو حرام، وبدون تمثيل؛ لأن الله يقول: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592)؛ عن الهرولة: (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ

قلت: وورد عن بعض أهل العلم إطلاق معنى الهرولة، ومرادهم ثمرة صفة: ((الهرولة))، فأرادوا بذلك معنى صحيحا يوافق ما أجمعوا عليه من إثبات صفة: ((الهرولة))، لا ما يريده الجهمية من نفي الصفات لله تعالى وتعطيلها.([36])

قال العلامة الشيخ ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص68): (وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح، ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره على طريق السلف الصالح ... ولكن مقتضى هذا الحديث أنه سبحانه أسرع بالخير إليهم، وأولى بالجود والكرم، ولكن ليس هذا هو معناه، فالمعنى شيء، وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، فهو يدل على أنه أسرع بالخير إلى عباده منهم، ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى([37]) يجب إثباته لله من التقرب، والمشي و((الهرولة))، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج7 ص555): (ولهذا لا ينكر السلف كل تأويل، السلف ينكرون كل تأويل([38]) لا يدل عليه دليل، فإذا دل عليه دليل قالوا: إن المراد ما دل عليه هذا الدليل). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص169)؛ على تعليقه لحديث؛: ((الهرولة)): (وصار هذا هو ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية المفهومة من سياقه، وإذا كان هذا ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية: لم يكن تفسيره به خروجا به عن ظاهره، ولا تأويلا؛ كتأويل أهل التعطيل؛ فلا يكون حجة لهم على أهل السنة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص75): (فكما نحن لا نكيف هذه الصفات، لا نكذب بها كتكذيبكم، ولا نفسرها؛ كباطل تفسيركم). اهـ

عن أبي هريرة t عن رسول الله r قال: (إن الله قال: إذا تلقاني عبدي بشبر، تلقيته بذراع، وإذا تلقاني بذراع، تلقيته بباع، وإذا تلقاني بباع أتيته بأسرع). وفي رواية: (أتيته بأسرع منه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2675)، وأحمد في «المسند» (8178)، والبغوي في «شرح السنة» (ج5 ص25) من طريق معمر عن همام بن منبه قال: حدثنا أبو هريرة t به.

وأخرجه همام بن منبه في «صحيفته» (81).

وأخرجه أحمد في «المسند» (8178)؛ ضمن روايته لصحيفة همام بن منبه.  

وعن قتادة السدوسي / قال؛ عن ثمرة الهرولة: (والله أسرع بالمغفرة).([39])

وقال الكرماني / في «المسائل» (ص345): (سمعت إسحاق يقول: في حديث النبي عليه السلام: (من تقرب إلى الله شبرا([40]) تقرب الله إليه باعا). قال: يعني من تقرب إلى الله شبرا بالعمل تقرب الله إليه بالثواب باعا). اهـ

وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي؛ عن صفة: ((التقرب))، وصفة: ((الهرولة)): (هذه كلها من الصفات الفعلية لله عز وجل ... لكن ثمراتها أن الله تعالى أسرع بالخير إلى العبد، وأسرع بالإثابة من فعل العبد للطاعة([41])، فهذه ثمرات، وليست هي الصفات ... وهذه الصفات الفعلية توصف بها نفس الله عز وجل). ([42]) اهـ

قلت: وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قول المسلمين، وبين الجهميين من الفرق في الدين.

واعلم أن من أهم ما تريد الجهمية الزنادقة الوصول إليه: هو نفي صفات اللـه، والعياذ باللـه.

قلت: لذلك أنكر عليهم أئمة السنة، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم، اللهم سلم سلم.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص915): (قال تعالى في آلهة المشركين المعطلين: ]ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها[ [الأعراف195]؛ فجعل سبحانه عدم البطش والمشي، والسمع والبصر دليلا على عدم إلهية من عدمت فيه هذه الصفات فالبطش والمشي من أنواع الأفعال، والسمع والبصر من أنواع الصفات، وقد وصف نفسه سبحانه بضد صفة أربابهم، وبضد ما وصفه به المعطلة والجهمية). اهـ

فيسرنا أن نضع بين يدي طلبة السنة كتابي: «الثمار المتدللة في إثبات لله صفة الهرولة»، وكتابنا هذا سرنا فيه على طريقة السلف في تصانيفهم، فسقنا الأحاديث النبوية، والإجماعات السلفية؛ «المثبتة لصفة الهرولة للـه تعالى» على المعاني الصحيحة فيها.

قلت: وهذا الاستنباط من النصوص في الأصول والفروع لا يعرفه، إلا علماء السنة والأثر: ]ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم[ [الجمعة: 4]، وهو من التأويل الصحيح للنصوص، وللـه الحمد والمنة.

قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب[ [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ]لعلمه الذين يستنبطونه منهم[ [النساء: 83].

وقال تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].

قلت: فمن أين لهم هذه الحذلقة، والفلسفة([43]) على أن يردوا على اللـه تعالى، وعلى رسوله r، وعلى أئمة المسلمين، وعلمائهم من أهل الحديث، والله المستعان.

قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص100): (وكل واحد منهم- يعني: الأئمة- له تصانيف كثيرة... وكلهم من أصحاب الحديث يعرفون تفسير القرآن العظيم، وتفسير الأحاديث عن النبي r، وتأويلها ... وما قالوا في ذلك بالمقاييس والآراء، ولا بأهواء أنفسهم، وإنما قالوا بدلائل، وبراهين من الكتاب والسنة، ولا يكون على وجه الأرض أحد أعلم بالكتاب والسنة من أصحاب الحديث، فمن يخالفهم، ولا يقول ما قالوه، ولا يعتقد ما اعتقدوه، فهو مبتدع ضال مضل). اهـ

قلت: والسلف كرهوا الخوض في صفات الله تعالى، قبل أن يخوض المبتدعة فيها، فلما خاضوا بالباطل في صفات الله تعالى، وأعلنوه أنكر ذلك السلف عليهم، وحذروا الناس منهم.

فكره ابن المبارك /: (حكاية كلامهم قبل أن يعلنوه. فلما أعلنوه أنكر عليهم وعابهم ذلك).([44])

وكذلك قال الإمام أحمد /: (كنا نرى السكوت عن هذا قبل أن يخوض فيه هؤلاء، فلما أظهروه لم نجد بدا من مخالفتهم والرد عليهم).([45])

قلت: وهذا شأن السلف الصالح من أهل البدع لما أعلنوا الباطل في صفات الله تعالى، وخشي على الناس الافتتان بهم؛ لم يجد علماء السنة بدا من الرد عليهم، ومقارعتهم بالحجج الدامغة حتى دحرهم الله تعالى، ورد كيدهم في نحورهم، ولله الحمد.

قال الإمام الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص536): (فكره القوم الخوض فيه؛ إذ لم يكن يخاض فيها علانية، وقد أصابوا في ترك الخوض فيه، إذ لم يعلن، فلما أعلنوه ... ودعوا العامة إليه([46]) ... أنكر ذلك عليهم من غبر من العلماء وبقي من الفقهاء، فكذبوهم وكفروهم وحذروا الناس أمرهم، وفسروا مرادهم من ذلك، فكان هذا من الجهمية خوضا فيما نهوا عنه، ومن أصحابنا إنكارا للكفر البين، ومنافحة عن الله عز وجل كيلا يسب وتعطل صفاته، وذبا عن ضعفاء الناس كيلا يضلوا بمحنتهم هذه، من غير أن يعرفوا ضدها من الحجج التي تنقض دعواهم وتبطل حججهم). اهـ

وعن سليمان بن الأشعث قال: سمعت أحمد بن حنبل؛ سئل: (هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟ فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟).([47])

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص18): (وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في هذا وما أشبهه، وقد كانوا رزقوا العافية منهم، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام، وذهاب العلماء، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق اللـه تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

قلت: فهذا نحن نروي عن أئمة المسلمين من أهل الحديث بأسانيد صحيحة في «إثبات صفة الهرولة للـه تعالى»، بما يليق بجلاله سبحانه تعالى.

وها أنا ذا الآن شارع فيما قصدت من التبيين؛ فالله أسأل أن يقوي حجتي، وأن يسدد قلمي، وأن يرزقني هديا قاصدا، إن ربي لسميع الدعاء.

والحمد لله تعالى على السنة.

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

    

رب يسر

ذكر الدليل

من السنة، والإجماع على «إثبات صفة الهرولة لله تعالى»

على ما يليق بجلاله؛ لا يشابه فيها خلقه، كسائر صفاته تعالى

 

تعريف الهرولة:

الهرولة لغة: بين العدو والمشي، يقال: هرول الرجل هرولة: بين المشي والعدو، وقيل: الهرولة فوق المشي، وقيل الهرولة: الإسراع؛ أي: أسرع في مشيه.([48])

وهرول: فعل؛ هرول يهرول، هرولة، فهو مهرول.

وهرول الشخص: أسرع في مشيه، وجرى بين المشي والعدو.

وهرولة: اسم؛ وهرولة: مصدر هرول.

قال الإمام أبو إسحاق الحربي / في «غريب الحديث» (ج2 ص684): (قوله: هرولة: مشي سريع). اهـ

وقال الإمام أبو موسى المديني / في «المجموع المغيث» (ج3 ص69): (قوله: (من أتانى يمشى أتيته هرولة): وهي مشي سريع بين المشي والعدو). اهـ

قلت: وهذا إثبات منهما لصفة: ((الهرولة)) على حقيقتها، وهي المشي السريع، وهي في حق الله تعالى على ما يليق بكماله وجلاله.

وقال ابن أبي بكرالرازي اللغوي / في «مختار الصحاح» (ص289): (الهرولة: ضرب من العدو، وهو ما بين المشي والعدو). اهـ

وقال الفيروزآبادي اللغوي / في «القاموس المحيط» (ص1083): (الهرولة: بين العدو والمشي، والإسراع في المشي). اهـ

وقال الخليل اللغوي / في «العين» (ج3 ص1882): (الهرولة: بين المشي والعدو. هرول الرجل هرولة). اهـ

وقال الجوهري اللغوي / في «الصحاح» (ج5 ص1850): (الهرولة: ضرب من العدو، وهو ما بين المشي والعدو). اهـ

وقال ابن الأثير اللغوي / في «النهاية» (ج5 ص1850): (الهرولة: بين المشي والعدو). اهـ

قلت: ومما نقل عن أهل الحديث- كما قد بسط في غير هذا الموضع- وبينوا أن ما أثبتوه للـه تعالى من صفة «الهرولة» لا يعلمها غيره، فكيفية هذه «الهرولة» لا يعلمها إلا الله تعالى.([49])

وإليك الدليل:

1) فعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (قال ربكم: إن تقرب عبدي مني شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني مشيا أتيته هرولة).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص414)، وفي «خلق أفعال العباد» (426)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص130 و138 و128)، وعبد الرزاق في «المصنف» (20575)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (960)، و(961)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج3 ص1593)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ص340)،  والبزار في «المسند» (7129)،  والطيالسي في «المسند» (2079)، والبغوي في «شرح السنة» (1250)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص179)، وأبو يعلى في «المسند» (3180)، و(3269)، وابن منده في «التوحيد» (541)، والروياني في «مسند الصحابة» (1346)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص98)، وأبو الشيخ في «الفوائد» (ص32)،  والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (214)، والطبراني في «الدعاء» (1871)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1169)، وابن يزداد البغدادي في «السنة» (ص15)، وابن عبد الهادي في «النهاية في اتصال الرواية» (ص22)  من طريق إبراهيم القناد، ومعمر، وشعبة عن قتادة يحدث عن أنس بن مالك t به.

وتابعه سليمان التيمي عن أنس بن مالك t  مرفوعا به.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2675) من طريق يحيى بن سعيد، وابن أبي عدي عن سليمان التيمي به.

2) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (7405)، ومسلم في «صحيحه» (2675)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص509)، والترمذي في «سننه» (3603)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7730)، وفي «النعوت» (72)، وابن ماجه في  «سننه» (3822)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص575)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ج1 ص16)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص284)، وفي «الأربعين الصغرى» (43)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص337)، وابن بلبان في «الأحاديث الإلهية» (ص217)، والبغوي في «شرح السنة» (1251)، وابن حبان في «صحيحه» (811)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص117)، و(ج9 ص26 و27)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» تعليقا (ق/219/ط)،  والكرماني في «المسائل» (ص345)، وأبو إسماعيل الهروي في «دلائل التوحيد» (ص79)، وابن منده في «الرد على الجهمية» (ص93)، وفي «التوحيد» (538)  من طرق عن الأعمش قال: سمعت أبا صالح يحدث عن أبي هريرة t به.

3) وعن أبي ذر t قال: قال رسول الله r: (يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2687)، وابن ماجه في «سننه» (2821)، وإبراهيم بن محمد في «زوائده على صحيح مسلم» (2687)،  والبغوي في «شرح السنة» (1253)، وفي «معالم التنزيل» (ج3 ص211)، وابن منده في «الإيمان» (78)، وفي «التوحيد» (543)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1975)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج2 ص637 و638-مسند ابن عباس)، وأبو إسحاق الحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص682)، وفخر الدين ابن البخاري في «مشيخته» (ق/297/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج2 ص883)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص200)، وفي «الدعاء» (1870)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/219/ط)، و(ص52/م)، والبزار في «المسند» (3988)، وأبو عوانة في «الدعوات» (ج14 ص1 ص99-الإتحاف)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص209)، وفي «شعب الإيمان» (1043)، و(7047)، والحسين المروزي في «زوائده على زهد ابن المبارك» (1035)، وأحمد في «المسند» (21360) من طرق عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر t به.

وتابعه واصل الأحدب عن المعرور بن سويد عن أبي ذر t به.

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص268).

قلت: وهذه الأحاديث النبوية تدل على ثبوت صفة: ((الهرولة لله تعالى))، وهي من الصفات الفعلية، والتي هي في حق الله تعالى على ما يليق بكماله وجلاله لا يشابه فيها خلقه تعالى؛ كسائر الصفات، فهو أعلم بصفاته، وأعلم بكيفيتها عز وجل: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] فإذا أخبرنا عن نفسه أنه يأتي ((هرولة))، قلنا: آمنا بالله تعالى.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ

قلت: وهذا إجماع في إثبات الصفات على ظاهرها، وإمرارها على ما جاءت النصوص، وقد أخبر بهذا الإجماع من هو ممن يتتبع كلام أهل العلم، ويطلع على خلافهم فيقول: أجمعوا على هذا؛ أي: يعني: أثبتوا أنه لا يوجد أي خلاف في ثبوت الصفات على حقيقتها.([50])

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص312):

مـــن قـــال ذا قــد خــــالـــف الإجــمـــــاع

 

 

والـــخــبــر الــصــحــيـــح وظـــاهر القرآن

 

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (وعليه فنجري الحديث على ظاهره، ونقول: إن الله تعالى يأتي حقيقة: ((هرولة))، ويتقرب حقيقة ذراعا وباعا، وأي مانع؟، لأن الله تعالى يفعل ما يريد([51])، وهذا مما يريده عز وجل). اهـ

وعن المروذي: سألت أبا عبد الله يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22)  من طريقين عن المروذي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.

قلت: وذكر الإمام ابن بطة / بعض أحاديث الصفات؛ منها: حديث([52]) صفة: «الهرولة»، وهذا يدل أنه / يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث.([53])

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([54])  لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ

قلت: فمذهب أهل السنة والجماعة في صفة: «الهرولة»([55]) الإقرار، والإمرار، والكف عن تأويلها.([56])

قلت: وصفة ((الهرولة)) كغيرها من الصفات يثبت ما ورد منها على ما يليق بجلال الله، وعظمته من غير تشبيه ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

قلت: والأشاعرة المبتدعة هم الذين يتأولون الصفات ... والعجب من البعض كيف يثبت الصفات ثم يتأول صفة: ((الهرولة)) على طريقة الأشاعرة المبتدعة: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قال فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان: (الذي لا يثبت صفة: ((الهرولة)) فإنه في ضلال)؛ وذكر له بعض العلماء الذين أولوا صفة: ((الهرولة)) لله عز وجل مثل: ابن قتيبة، والنووي، والشيخ الفوزان، وغيرهم؛ فخطأهم وقال: (كل يأخذ من قوله ويرد).([57])

وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).

وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وقد بوب الإمام أبو إسماعيل الهروي / في «دلائل التوحيد» (ص79)؛ باب: الهرولة لله عز وجل.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (وعليه فنجري الحديث على ظاهره، ونقول: إن الله تعالى يأتي حقيقة: ((هرولة))، ويتقرب حقيقة ذراعا وباعا، وأي مانع؟، لأن الله تعالى يفعل ما يريد([58])، وهذا مما يريده عز وجل). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (فهو سبحانه يأتي: ((هرولة))، ويأتي بتأن، فأي مانع يمنع هذا؟، ما دام ثبت أنه يأتي في القرآن، فإنه إذا أتى؛ فلابد أن يكون إما بسرعة، وإما بغير سرعة، فأي مانع يمنع من أن يكون بسرعة، أو بغير سرعة؟، الجواب: لا مانع). اهـ

وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص561): (وقد أجمعنا([59]) على أن الحركة والنزول، والمشي والهرولة، والاستواء على العرش وإلى السماء قديم، والرضا والفرح والغضب، والحب والمقت، كلها أفعال في الذات للذات، وهي قديمة). اهـ

وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛ فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.

قلت: وهذا سنده حسن.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([60])، والله الموفق.

قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الهرولة للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.([61])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص24): (صفة ((الهرولة)) ثابتة لله تعالى، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t عن النبي r، قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي (فذكر الحديث، وفيه):  وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة)، وهذه ((الهرولة)) صفة من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل؛ لأنه أخبر بها عن نفسه، فوجب علينا قبولها بدون تكييف؛ لأن التكييف قول على الله بغير علم، وهو حرام، وبدون تمثيل؛ لأن الله يقول: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592)؛ عن الهرولة: (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص68): (وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح، ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره على طريق السلف الصالح ... ولكن مقتضى هذا الحديث أنه سبحانه أسرع بالخير إليهم، وأولى بالجود والكرم، ولكن ليس هذا هو معناه، فالمعنى شيء، وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، فهو يدل على أنه أسرع بالخير إلى عباده منهم، ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى([62]) يجب إثباته لله من التقرب، والمشي و((الهرولة))، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى). اهـ

قلت: هذه الأحكام في الأصول كلها نؤمن بها، ولا نحرفها، والسلف نقلوا لنا هذه الأحكام، ولابد أن نأخذ بها؛ لأن الذين نقلوا هذه السنن؛ هم: الذين نقلوا لنا الأحكام في الفروع؛ مثل: الطهارة، والصلاة، وسائر الأحكام.

فقبل أهل الأهواء هذا الأحكام في الفروع من السلف، وأخذوا منهم، واحتجوا بهم، ولكنهم ردوا أحكام الأصول مثل: الصفات وغيرها، ولم يأخذوا منهم، ولم يحتجوا بهم، وهذا من الضلال المبين، لأن كيف يأخذوا من السلف الفروع، ويتركوا الأصول:  ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5]؛ فمن فعل ذلك فهو مبتدع ضال فاحذروه.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (فإنه لا يخفى عليك أن هذه الصفة جاء إثباتها لله تعالى فيما أخبر الله به نفسه عن نفسه: ((أتيته هرولة))، وفيما نقله عنه أمينه على وحيه، ورسوله إلى من أرسله إليهم من خلقه، وفيما رواه الصحابة عن رسول الله r، وفيما رواه التابعون عن الصحابة، وفيما رواه أئمة الأمة من بعدهم إلى عصرنا هذا، كلهم يقولون عن الله: ((أتيته هرولة))، فقد ذكرت في كلام الله في الحديث القدسي، وفي كلام رسوله، وفي كلام الصحابة، وفي كلام التابعين، وفي كلام الأئمة من بعدهم رواية ودراية نقلا وقبولا، ولله الحمد.

ولا يخفى عليك القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف)؛ وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم، ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة، ومن ذلك هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه، فإن ظاهره ثبوت إتيان الله تعالى: ((هرولة))، وهذا الظاهر ليس ممتنعا على الله عز وجل؛ لأنه لا يتضمن نقصا فيكون داخلا في القاعدة المذكورة، فيثبت لله تعالى حقيقة، ويصان عن الأوهام الباطلة من التمثيل والتكييف، ولا يخفى عليك أن هذا الحديث ليس فيه شيء من المشاكلة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج7 ص554): (فإذا كان الله يأتي حقيقة، فإنه لابد أن يأتي على صفة ما، سواء كانت ((الهرولة)) أو غيرها، فإذا قال عن نفسه: (أتيته هرولة)؛ قلنا: ما الذي يمنع أن يكون إتيانه هرولة؟؛ إذا كنا نؤمن بأنه يأتي حقيقة، ونحن نؤمن بأنه يأتي حقيقة، فإذا كان يأتي حقيقة، فلابد أن يكون إتيانه على صفة من الصفات، فإذا أخبرنا بأنه يأتي ((هرولة))، قلنا: آمنا بالله.

لكن كيف هذه: ((الهرولة؟))، فالجواب: لا يجوز أن نكيفها، ولا يمكن أن نتصورها، فهي فوق ما تتصور، وفوق ما نتكلم به). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص426): (قوله في هذا الحديث: (تقربت منه)، و(أتيت هرولة) من هذا الباب، والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف، ولا تمثيل). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).

وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم.

ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة، ومن ذلك هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه، فإن ظاهره ثبوت إتيان الله تعالى: ((هرولة))، وهذا الظاهر ليس ممتنعا على الله عز وجل؛ لأنه لا يتضمن نقصا فيكون داخلا في القاعدة المذكورة، فيثبت لله تعالى حقيقة). اهـ

وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص31):

ومــــذهبــــــــنا لا كيـــــــــف لا مثل لا لما

 

 

بالإقـــــــــرار والإمـــــــرار من غير ما فسر

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص280): (فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، وسموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف).اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص25)؛ فيما يتعلق بالحديث القدسي الذي: رواه النبي r عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال: (من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة): (تعلم أن هذا الحديث أخبر الله تعالى به عن نفسه، ونقله عنه أمينه على وحيه، ورسوله r إلى عباده، ومبلغ رسالته على الوجه الأتم، ونقله عن هذا الرسول r أمناء أمته من الصحابة والتابعين، وأئمة الأمة من أهل الحديث والفقه، وتلقته الأمة بالقبول.

وتعلم أن الله تبارك وتعالى أعلم بنفسه وبغيره: ]والله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [البقرة: 219]، ]قل أأنتم أعلم أم الله[ [البقرة: 140].

وتعلم أن الله تعالى لم يطلع خلقه على ما علمه إياهم من أسمائه وصفاته، وأفعاله وأحكامه، إلا ليبين لهم الحق حتى لا يضلوا: ]يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم[ [النساء: 176] .

وتعلم أنه لا أحد أحسن من الله حديثا، ولا أصدق منه قيلا، وأن كلامه جل وعلا في أعلى الفصاحة والبيان.

وقد قال سبحانه عن نفسه: (من أتاني يمشي أتيته هرولة)، فلا تستوحش يا أخي من شيء أثبته الله تعالى لنفسه بعد أن علمت ما سبق، واعلم أنك إذا نفيت أن الله تعالى يأتي هرولة؛ فسيكون مضمون هذا النفي صحة أن يقال: إن الله لا يأتي هرولة، وفي هذا ما فيه.

ومن المعلوم أن السلف يؤمنون بأن الله تعالى يأتي إتيانا حقيقيا للفصل بين عباده يوم القيامة على الوجه اللائق به، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وليس في هذا الحديث القدسي إلا أن إتيانه يكون ((هرولة)) لمن أتاه يمشي، فمن أثبت إتيان الله تعالى حقيقة لم يشكل عليه أن يكون شيء من هذا الإتيان بصفة: ((الهرولة)) على الوجه اللائق به. وأي مانع يمنع من أن نؤمن بأن الله تعالى يأتي ((هرولة))، وقد أخبر الله تعالى به عن نفسه، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وليس في إتيان الله تعالى ((هرولة)) على الوجه اللائق به بدون تكييف ولا تمثيل شيء من النقص، حتى يقال: إنه ليس ظاهر الكلام، بل هو فعل من أفعاله يفعله كيف يشاء، ولهذا لم يأت في كلام الله تعالى عنه، ولا في كلام رسول الله r ما يصرفه عن ذلك). اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([63])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

وسئل الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني /: هل تثبتون صفة الهرولة لله تعالى؟.

الجواب: (الهرولة: كالمجيء، والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها إذا خصصناها بالله عز وجل؛ لأن هذه الصفات ليست صفة نقص حتى نبادر رأسا إلى نفيها ... لكن لا أتوسع([64]) في موضوع ((الهرولة))، ولا أزيد على أكثر مما جاء في الحديث([65])). اهـ

قلت: فالشيخ الألباني / يثبت صفة: ((الهرولة)) على ظاهر الحديث.

وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي؛ عن صفة: ((التقرب))، وصفة: ((الهرولة)): (هذه كلها من الصفات الفعلية لله عز وجل ... لكن ثمراتها([66]) أن الله تعالى أسرع بالخير إلى العبد، وأسرع بالإثابة من فعل العبد للطاعة([67])، فهذه ثمرات، وليست هي الصفات ... وهذه الصفات الفعلية توصف بها نفس الله عز وجل). ([68]) اهـ

وقد ورد في الفتوى (رقم: 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية (ج3 ص142) ما يلي:

س: هل لله صفة الهرولة؟.

ج:  (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه ... وبعد:

 نعم؛ صفة ((الهرولة)) على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به، قال تعالى: (إذا تقرب إلي العبد شبرا؛ تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا؛ تقربت منه باعا، وإذا أتاني ماشيا؛ أتيته هرولة). رواه:

البخاري، ومسلم.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم).([69]) اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص188): (من المعلوم أن السلف يؤمنون بأن الله تعالى يأتي إتيانا حقيقيا للفصل بين عباده يوم القيامة على الوجه اللائق به، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وليس في هذا الحديث القدسي إلا أن إتيانه يكون: ((هرولة)) لمن أتاه يمشي، فمن أثبت إتيان الله تعالى حقيقة، لم يشكل عليه أن يكون شيء من هذا الإتيان بصفة: ((الهرولة)) على الوجه اللائق به، وأي مانع يمنع من أن نؤمن بأن الله تعالى يأتي: ((هرولة))، وقد أخبر الله تعالى به عن نفسه، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير؟!.

وليس في إتيان الله تعالى ((هرولة)) على الوجه اللائق به بدون تكييف ولا تمثيل شيء من النقص، حتى يقال: إنه ليس ظاهر الكلام، بل هو فعل من أفعاله يفعله كيف يشاء). اهـ

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص131): (ومن فهم من شيء من هذه النصوص تشبيها، أو حلولا، أو اتحادا، فإنما أتي من جهله، وسوء فهمه عن الله تعالى، ورسوله r، والله تعالى ورسوله r بريئان من ذلك كله، فسبحان من ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني / في «التعليق على الترغيب» (ج2 ص610)؛ في رده على أهل التأويل: (ولو أنهم تلقوها حين سماعها، مستحضرين؛ قوله: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ لما ركنوا إلى التأويل، وآمنوا بحقائقها على ما يليق به تعالى.

شأنهم في ذلك شأنهم في إيمانهم بصفتي: ((السمع))، و((البصر))، وغيرهما من صفاته عز وجل، مع تنزيهه عن مشابهة للحوادث، لو فعلوا ذلك هنا، لاستراحوا وأراحوا، ونجوا من تناقضهم في إيمانهم بربهم وصفاته). اهـ

قلت: وقد روى أئمة الحديث؛ أحاديث صفة: ((الهرولة)) في كتبهم، ولم يتعرضوا لتأويلها، وتفسيرها بشيء، وهذا مما يدل على أنهم يثبتون صفة: ((الهرولة)) على ظاهر الأحاديث، وهم:

1) الإمام البخاري / في «الجامع الصحيح» (ج6 ص2694)، وفي «خلق أفعال العباد والرد على الجهمية» (ص742).

2) الإمام ابن منده / في «الرد على الجهمية» (ص93).

3) الإمام ابن خزيمة / في «التوحيد» (ج1 ص16).

4) الإمام ابن بطة / في «الرد على الجهمية» (ج3 ص377)، وفي «الإبانة الصغرى» (ص259).

5) الإمام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص646)، وفي «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص259).

6) الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص65).

7) الإمام ابن المحب / في «صفات رب العالمين» (ق/219/ط)، و(ص52/م).

وهؤلاء الأئمة طريقتهم في ذكر أحاديث الصفات في كتبهم: إمرارها على ظاهرها.([70])

ولذلك ذكروا آثار السلف؛ بقولهم: (أمرها كما جاءت بلا تفسير) على إثبات صفة: ((الهرولة)).

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1150)؛ عن إثبات النبي r للصفات للرب تعالى: (ومرة يشير بإصبعه، ومرة يضع يده على عينه وأذنه حين يخبر عن سمع الرب وبصره، ومرة يصفه بالنزول، والمجيء، والإتيان، والانطلاق، والمشي، و((الهرولة))، ومرة يثبت له الوجه، والعين، واليد، والإصبع والقدم، والرجل، والضحك، والفرح، والرضى، والغضب، والكلام، والتكليم، والنداء بالصوت والمناجاة). اهـ

وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في؛ إثبات صفة الهرولة: (الحديث القدسي الذي فيه: (إذا تقرب عبدي مني شبرا، تقربت منه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة)؛ فأتباع السلف الذين ينهجون منهج السلف لا يستبعدون إتيان الله تعالى سواء كان ذلك مشيا، أو ((هرولة))، وإتيان الله تعالى إلى بعض عباده، وتقرب الله تعالى إلى بعض عباده ... لا يستغربون الصفات كلها من باب واحد؛ لا فرق عندهم بين هذا الحديث يعني: حديث الهرولة- وبين حديث النزول، وآية الاستواء، النزول، والإتيان، وتقريب الله تعالى بعض عباده، وتقربه بنفسه بما يليق به، يؤمنون بذلك على ظاهر هذه النصوص على ما يليق بالله تعالى دون أن يشبهوا تلك الصفات بصفات خلقه).([71]) اهـ

قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى؛ منها: صفة الهرولة، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لأن ذلك يفيد اليقين.([72])

قال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي: (أن ((الملل))، و((الهورلة))؛ وصف يليق بالله تعالى، ولا يلزم منه النقص؛ لأنه سبحانه لا يشابه المخلوقين في شيء من الصفات؛ لكن من أثر الصفة: أن الله أسرع بالخير من العبد).([73]) اهـ

وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها, ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت , ولا نردها إلا بأحق منها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).

قلت: وهذه أحاديث صحيحة في صفة: ((الهرولة))؛ رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.

وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.

وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص156): (ومعتقد أهل السنة والجماعة وقولهم: هو إمرار آيات الصفات، وأحاديث الصفات؛ كما جاءت مع اعتقاد معناها حقيقة؛ لأن تفسيرها المخالف لما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا علم، وخروج عن طريق الاعتدال). اهـ

وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز /:

لقد قرأت في رياض الصالحين بتصحيح السيد علوي المالكي، ومحمود أمين النواوي حديثا قدسيا يتطرق إلى ((هرولة)) الله سبحانه وتعالى، والحديث مروي عن أنس t عن النبي r فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري.([74])

فقال المعلقان في تعليقهما عليه: إن هذا من التمثيل، وتصوير المعقول بالمحسوس لزيادة إيضاحه، فمعناه: أن من أتى شيئا من الطاعات ولو قليلا أثابه الله بأضعافه، وأحسن إليه بالكثير، وإلا فقد قامت البراهين القطعية على أنه ليس هناك تقرب حسي، ولا مشي، ولا ((هرولة)) من الله سبحانه وتعالى عن صفات المحدثين.

فهل ما قالاه في المشي، و((الهرولة)) موافق لما قاله سلف الأمة على إثبات صفات الله، وإمرارها كما جاءت، وإذا كان هناك براهين دالة على أنه ليس هناك مشي، ولا ((هرولة)) فنرجو منكم إيضاحها، والله الموفق؟.

الجواب: (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه؛ أما بعد:

فلا ريب أن الحديث المذكور صحيح، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يقول الله عز وجل: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، ومن تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).

وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح.([75])

ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره([76]) على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي r سمعوا هذا الحديث من رسول الله r ولم يعترضوه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله، وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.

فالواجب في مثل هذا أن يتلقى بالقبول، وأن يحمل على خير المحامل، وأن هذه الصفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه فليس تقربه إلى عبده مثل تقرب العبد إلى غيره، وليس مشيه كمشيه، ولا هرولته كهرولته، وهكذا غضبه، وهكذا رضاه، وهكذا مجيئه يوم القيامة، وإتيانه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وهكذا استواؤه على العرش، وهكذا نزوله في آخر الليل كل ليلة، كلها صفات تليق بالله جل وعلا، لا يشابه فيها خلقه.

فكما أن استواءه على العرش، ونزوله في آخر الليل في الثلث الأخير من الليل، ومجيئه يوم القيامة، لا يشابه استواء خلقه، ولا مجيء خلقه، ولا نزول خلقه؛ فهكذا تقربه إلى عباده العابدين له، والمسارعين لطاعته، وتقربه إليهم لا يشابه تقربهم، وليس قربه منهم كقربهم منه، وليس مشيه كمشيهم، ولا هرولته كهرولتهم، بل هو شيء يليق بالله لا يشابه فيه خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات، فهو أعلم بالصفات، وأعلم بكيفيتها عز وجل.

وقد أجمع السلف([77]) على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت، واعتقاد معناها، وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله، وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان، والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق، كما قال عز وجل: ]قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4) [[الإخلاص: 1-4]، وقال عز وجل: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[  [النحل: 74]. وقال سبحانه: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]. فرد على المشبهة بقوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]، وقوله تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال[؛ ورد على (المعطلة) بقوله تعالى: ]وهو السميع البصير[ وقوله تعالى: ]قل هو الله أحد[ ]الله الصمد[ ]إن الله عزيز حكيم[ [البقرة: 220]، وقوله تعالى: ]إن الله سميع بصير[ [الحج: 75]، وقوله تعالى: ]إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173]،  ]إن الله على كل شيء قدير[ [البقرة: 109] إلى غير ذلك.

فالواجب على المسلمين علماء، وعامة إثبات ما أثبته الله لنفسه، إثباتا بلا تمثيل، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وتنزيه الله عما نزه عنه نفسه تنزيها بلا تعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي r، وأتباعهم من سلف الأمة؛ كالفقهاء السبعة، وكمالك بن أنس، والأوزاعي، والثوري والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم من أئمة الإسلام، يقولون أمروها كما جاءت، وأثبتوها كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

وأما ما قاله المعلقان في هذا: (علوي وصاحبه محمود)؛ فهو كلام ليس بجيد، وليس بصحيح، ولكن مقتضى هذا الحديث أنه سبحانه أسرع بالخير إليهم، وأولى بالجود والكرم([78])، ولكن ليس هذا هو معناه، فالمعنى شيء، وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، فهو يدل على أنه أسرع بالخير إلى عباده منهم، ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى يجب إثباته لله من التقرب، والمشي، و((الهرولة))، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، من غير أن يشابه خلقه في شيء من ذلك، فنثبته لله على الوجه الذي أراده الله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

وقولهم: إن هذا من تصوير المعقول بالمحسوس: هذا غلط، وهكذا يقول أهل البدع في أشياء كثيرة، وهم يؤولون، والأصل عدم التأويل، وعدم التكييف، وعدم التمثيل، والتحريف، فتمر آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، ولا يتعرض لها بتأويل، ولا بتحريف، ولا بتعطيل، بل نثبت معانيها لله كما أثبتها لنفسه، وكما خاطبنا بها، إثباتا يليق بالله لا يشابه الخلق سبحانه وتعالى في شيء منها، كما نقول في الغضب، واليد، والوجه، والأصابع، والكراهة، والنزول، والاستواء، فالباب واحد، وباب الصفات باب واحد).([79]) اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص61):  (وهكذا النزول و((الهرولة)) جاءت بها الأحاديثالصحيحة، ونطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأثبتها لربه عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه من غير مشابهة لخلقه، ولا يعلم كيفية هذه الصفات إلا هو سبحانه). اهـ

وقال العلامة أبو النصر علي بن حسن القنوجي / في «القائد إلى العقائد»  (ق/3/ط) و(ص25/م): (ومن صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه، ونطق بها كتابه: أنه فوق سبع سماواته؛ مستو على عرشه ... والدنو، والقرب، والإتيان، والنزول، والهرولة). اهـ  

وقال الإمام الهروي / في: «ذم الكلام» (ج5 ص137): (وأولئك قالوا: لا صفة، وهؤلاء يقولون: وجه؛ كما يقال: وجه النهار، ووجه الأمر، ووجه الحديث، وعين كعين المتاع، وسمع: كأذن الجدار، وبصر كما يقال: جداراهما يتراءيان، ويد كيد المنة والعطية، والأصابع؛ كقولهم: خراسان بين أصبعي الأمير، والقدمان كقولهم: جعلت الخصومة تحت قدمي، والقبضة؛ كما قيل: فلان في قبضتي؛ أي أنا أملك أمره، وقال الكرسي العلم، والعرش: الملك، والضحك: الرضى، والاستواء: الاستيلاء، والنزول: القبول، و«الهرولة» مثله، فشبهوا من وجه، وأنكروا من وجه، وخالفوا السلف، وتعدوا الظاهر، فردوا الأصل، ولم يثبتوا شيئا، ولم يبقوا موجودا). اهـ

قلت: والعلامة الشيخ ابن باز / يبدع من يؤول الصفات؛ منها: صفة: ((الهرولة))، حيث قال في «الفتاوى» (ج4 ص131): (التأويل منكر، لا يجوز تأويل الصفات، بل يجب إمرارها كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله سبحانه وتعالى بغير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.

فالله جل وعلا أخبرنا عن صفاته، وعن أسمائه وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]، فعلينا أن نمرها كما جاءت ... ومن ذلك الحديث القدسي، وهو قول الله سبحانه: (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)؛ يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى ... أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة والجماعة، وتبرؤوا منه، وحذروا من أهله). اهـ

قلت: ولهذا كان السلف الصالح الأوائل يعدون التأويل مذهبا من مذاهب الجهمية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج2 ص95): (وهم يثبتون الصفات يعني: السلف-، لا يقولون بتأويل الجهمية النفاة، التي هي صرف النصوص عن مقتضاها، ومدلولها، ومعناها). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص265):

كــــــلا ولا الــــتـــــأويـــــل والـــتـــــبــديـل

 

 

والتـــحـــريـــــف للـــــوحــــيين بالبـــهـتان

 

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص188): (الكلام في صفات الله عز وجل ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله r، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وذهب قوم من المثبتين([80]) إلى البحث عن التكييف). اهـ

قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص43): (لا يجوز رد هذه الأخبار على ما ذهب إليه جماعة من المعتزلة، ولا التشاغل بتأويلها على ما ذهب إليه الأشعرية، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها). اهـ

وقال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ

قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتحريفها، وتعطيلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله تعالى تليق بكماله وجلاله.([81])

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص139):

قــفــل مـــــن الـــجـــهــــل الـــمركب فوقه

 

 

قــفـــل الـــتــعـــصـــب كيــــف يــنـــفتحان

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص303): (القول الشامل في جميع هذا الباب أي: باب الصفات- أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسول الله r، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث).اهـ

قلت: فأمروا حديث رسول الله r على ما جاءت به الرواية في صفة: «الهرولة».

قال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص365): (السلف يفهمون معاني الصفات العامة([82])، ويفوضون الكيفية فقط، فليسوا بالمؤولين المحرفين، وليسوا بالمشبهين المجسمين، ولا بالمفوضين الجاهلين، ولا الواقفين الحائرين، بل هم أصحاب فهم صحيح، وفقه دقيق([83])، إذ هم وسط بين هذه النحل المختلفة). اهـ

وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص235): (تحديد مفهوم السلف، وأنهم كانوا يفهمون من هذه النصوص؛ كتابا وسنة ما تدل عليه بوضعها وبظاهرها باقية على حقيقتها، ولم يؤولوها، ولم يخرجوا بها عن ظاهرها كما يزعم الخلف). اهـ

قلت: فعرفنا أن مذهب السلف يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.([84])

قال الإمام ابن البناء / في «الرد على المبتدعة» (ص153): (وأصحاب الحديث: يمرنها كما جاءت من غير إبطال، ولا تأويل). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص153): (ومذهب السلف رحمة الله عليهم الإيمان بصفات الله تعالى، وأسمائه التي وصف بها نفسه في آياته، وتنزيله، أو على لسان رسوله r من غير زيادة عليها، ولا نقص منها، ولا تجاوز لها، ولا تفسير، ولا تأويل لها بما يخالف ظاهرها ولا تشبيه بصفات المخلوقين، ولا سمات المحدثين، بل أمروها كما جاءت، وردوا علمها إلى قائلها، ومعناها([85]) إلى المتكلم بها). اهـ

وقال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص138): (وهذا دين الأمة، وقول أهل السنة في هذه الصفات أن تمر كما جاءت بغير تكييف، ولا تحديد، فمن تجاوز المروي فيها وكيف شيئا منها، ومثلها بشيء من جوارحنا وآلتنا، فقد ضل واعتدى، وابتدع في الدين ما ليس منه، وخرق إجماع المسلمين، وفارق أئمة الدين).اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص210)؛ عن اعتقاد الصحابة في الأسماء والصفات: (لم يتنازعوا في تأويل آيات الصفات، وأخبارها في موضع واحد، بل اتفقت كلمتهم، وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها وإمرارها؛ مع فهم معانيها وإثبات حقائقها.

وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا، وأن العناية ببيانها أهم؛ لأنها من تمام تحقيق الشهادتين وإثباتها من لوازم التوحيد فبينها الله تعالى، ورسوله r بيانا شافيا لا يقع فيه لبس، ولا إشكال يوقع الراسخين في العلم في منازعة؛ ولا اشتباه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص12): (وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها وترك المجادلة فيها؛ وبالله العصمة والتوفيق). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج10 ص506): (قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا.

وآيات الصفات، وأحاديثها؛ لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما، لبادروا إليه). اهـ

وقال الإمام الترمذي / في «السنن» (ج4 ص692): (والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم؛ أنهم رووا هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يقال: كيف؟، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا تتوهم، ولا يقال: كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه). اهـ

قلت: فالسلف الصالح ينهون عن تفسير نصوص صفات الله تعالى، ويريدون به؛ النهي عن تفسيرها بتفسيرات الجهمية المعطلة البدعية.

قال تعالى: ]انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا[ [الإسراء: 48].

وقال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74].

وقال تعالى: ]وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله[ [البقرة: 102].

قال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص240): (فكما أنه تعالى له ذات لا تشبه ذوات خلقه، فله صفات لا تشبه صفات خلقه، هو جل شأنه لا يقاس بخلقه، لا في أحكامه، وقضائه، وقدره، ولا في أفعاله وصفاته، كما لا يقال بهم في ذاته، قال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]، وقال تعالى: ]انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا[ [الإسراء: 48]، وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «تعليقه على العقيدة الواسطية» (ص19): (قوله: (الفرقة الناجية: أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات)؛ هو إثبات ما جاء في القرآن العظيم، والسنة الصحيحة؛ من أسماء الله وصفاته، على الوجه اللائق بجلال الله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقول الله تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]، فنفى عن نفسه المماثلة، وأثبت السمع والبصر، فدل ذلك على أن مراده سمع وبصر لا يماثلان أسماع الخلق وأبصارهم). اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص332): (والله تعالى كما هو صريح القرآن، وصريح سنة الرسول r له صفات؛ صفات لائقة بعظمته، ومجده وكبريائه، صفات يجب إثباتها لله كما أثبتها الله لنفسه في القرآن، وكما أثبتها الرسول r لربه في سنته المطهرة.

صفات يجب إثباتها لله تعالى على الحقيقة لا على المجاز خلافا للمعتزلة، والجهمية، والماتريدية، والأشاعرة، والقدرية.

فما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله r وجب إثباته؛ إثباتا من غير تكييف، ولا تمثيل، ومن غير تحريف، ولا تعطيل: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ

قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص173):

واعــــلــــم بـــــأن طــــريقـــهـــــم عكــس

 

 

الـــطــــريق الـــمـــســـتــقــيم لمن له عينان

 

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (وأهل السنة والجماعة جعلوا المتبادر من النصوص هو: المعنى الحقيقي اللائق بالله تعالى، وقالوا: إن هذا المعنى حق على حقيقته، لكنه لائق بالله تعالى.

ففي قولهم: (إنه حق على حقيقته)؛ رد على المعطلة، وفي قولهم: (اللائق بالله)؛ رد على الممثلة الذين جلعوه مماثلا للمخلوق). اهـ

قلت: فهم مجمعون على الإقرار، والإيمان لهذه الصفات العظيمة.

وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ

وقال الحافظ البيهقي / في «الأسماء والصفات» (ج2 ص43): (أما المتقدمون من هذه الأمة، فإنهم لم يفسروا ما كتبنا من الآيتين والأخبار في هذا الباب). اهـ  يعني: في باب الصفات.

وقال الإمام ابن سريج / في «أجوبة في أصول الدين» (ص86)؛ في الصفات: (أنا نقبلها ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نزيد عليها، ولا ننقص منها، ولا نفسرها، ولا نكيفها، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ولا نشير إليها بخواطر القلوب، ولا بحركات الجوارح، بل نطلق ما أطلق الله عز وجل.

ونفسر الذي فسره النبي r، وأصحابه، والتابعون، والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدين والأمانة.

ونجمع على ما أجمعوا عليه، ونمسك عما أمسكوا عنه، ونسلم الخبر لظاهره، والآية لظاهر تنزيلها، لا نقول بتأويل المعتزلة، والأشعرية، والجهمية، والملحدة، والمجسمة، والمشبه، والكرامية، والمكيفة.

بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل.

ونقول: الآية والخبر صحيحان، والإيمان بهما واجب، والقول بهم سنة، وابتغاء تأويلها بدعة وزندقة). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص320):

يــــــا قـــــوم فــــانـــتـــبـــهوا لأنـــفــســـكم

 

 

وخـــــلـــــوا الـــجهل والدعوى بلا برهان

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله-

 سائلا   ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،

وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك

على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،

وآخر دعوانا أن الحمد الله

رب العالمين

 



([1]) أي: من غير تفسير، وأرادوا به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة y، والتابعون الكرام من الإثبات.

       وانظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص333)، و«التدمرية» له (ص112 و113).

       قال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74].

       وقال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].

([2]) انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص35 و36 و37)، و(ج6 ص469)، و«الاعتقاد» للالكائي (ج3 ص454)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص222)، و«معالم السنن» للخطابي (ج3 ص555)، و«شرح العقيدة الواسطية» للهراس (ص112)، و«أصول السنة» لابن أبي زمنين (ص110)، و «ذم التأويل» لابن قدامة (ص11 و12)، و«أجوبة في أصول الدين» لابن سريج (ص86)، و«حقيقة التأويل» للمعلمي (ج6 ص52 و54)، و«القائد إلى تصحيح العقائد» له (ص114 و115 و123)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص98 و99 و100)، و«أجوبة في الصفات» للخطيب (ص74 و75)، و«التحف في مذاهب السلف» للشوكاني (ص31)، و«دراسات لآيات الأسماء والصفات» للشنقيطي (ص10 و11).

([3]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه ((الرد على الزنادقة والجهمية)): مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ

([4]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].

        قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ

       وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم (متفقون على مخالفة الكتاب)؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ

([5]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ

([6]) انظر: «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص170).

([7]) قلت: وقد أنكر صفة: ((الهرولة)) للـه تعالى أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية والصوفية، والإباضية وغيرهم؛ من أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، لأنهم أعرضوا عن دراسة اعتقاد السلف والأثر، نعوذ بالله من الخذلان.

     وانظر: «النقض على المريسي الجهمي» للدارمي (ج1 ص561)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص915)، و«فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن باز (ج1 ص67).

([8]) قلت: واعتقاد السلف شجى في حلوق أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والإباضية، والصوفية، وغيرهم من معطلة الصفات.

([9]) قلت: ومن هذه الصفات التي أثبتها، صفة: ((الهرولة))، حيث أثبتها عن رسول الله r، وإجماع الصحابة y، وإجماع أئمة الحديث.

       وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص561)، و«فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن باز (ج1 ص79)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426).

([10])  وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص466)،  و«فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن باز (ج1 ص79)، و«النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص561).

([11]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص414)، وفي «خلق أفعال العباد» (426)، وأحمد في «المسند» (12233)، والطيالسي في «المسند» (2079).

([12]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (7405)، ومسلم في «صحيحه» (2675)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص509)، والترمذي في «سننه» (3603).

([13]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2687)، وابن ماجه في «سننه» (2821)، والبغوي في «شرح السنة» (1253)، وأحمد في «المسند» (21360).

([14]) قلت: أي؛ من باب الأفعال الاختيارية، والله تعالى يفعل ما يشاء، يتقرب ذراعا، أو شبرا، أو ما شاء الله، ويأتي كما يشاء هرولة.

        وقاعدة السلف: أن نثبت هذا الفعل على حقيقته، ونقول: إن الله يتقرب من الإنسان قدر ذراع، وقدر باع، ويأتي: ((هرولة))؛ كما في قوله تعالى: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]؛ إنه يأتي سبحانه وتعالى بنفسه للقضاء بين العباد.

       وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426). 

([15]) قلت: ومن خالف هذا الإجماع، وهو من دون العالم المجتهد، وأصر وعاند على تعطيل صفة ((الهرولة))، فهو يعتبر مبتدعا ضالا في الأصول، لأن خالف السنة النبوية، وإجماع السلف، ووافق الجهمية المعطلة.

       قال العلامة المعلمي / في ((حقيقة البدعة)) (ج6 ص112): (من لم يبلغ درجة الاجتهاد، وإنما يتعاطى النظر في الأدلة، ويحكم بما يظهر له بدون استناد إلى موافقة مجتهد من المجتهدين، فهذا ضال مضل، وهو من الرؤساء الجهال الذين ورد فيهم الحديث). اهـ

       وقال العلامة المعلمي / في ((حقيقة البدعة)) (ج6 ص112): (وإن تبين له بطلان دليل مقلده، وأصر على تقليده؛ فهو هالك!). اهـ

       قلت: وأما العالم السني المجتهد إذا خالف في هذه الصفة وغيرها، فهو يعتبر مخطأ، لأنه اجتهد وأخطأ، وهو لا يتعمد المخالفة في الأصل، وهو مغفور له لاجتهاده، ولا يتبع في خطئه هذا، ومن اتبعه في زلته هذه فهو آثم.

      لكن إذا تبين لهذا العالم المجتهد أنه أخطأ، فيجب عليه الرجوع عن خطئه هذا في العلم، والله المستعان.

([16]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص414)، وفي «خلق أفعال العباد» (426)، وأحمد في «المسند» (12233)، والطيالسي في «المسند» (2079).

([17]) وهذا المعنى: يراد به ثمرة صفة: ((الهرولة))، مع إجراء صفة: ((الهرولة)) على ظاهر الأحاديث؛ أي: مع إثبات صفة: ((الهرولة)) لله تعالى على ما يليق بجلاله، فافهم لهذا ترشد.

([18]) يعني: إثبات صفة: ((الهرولة)) على حقيقتها لله تعالى على ما يليق بجلاله، لا يشابه فيها خلقه؛ كسائر الصفات.

     وانظر: ((الفتاوى)) لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188).

([19]) من هذه الصفات التي أجمع السلف عليها؛ صفة: ((الهرولة)) لله تعالى.

      وانظر: ((النقض على المريسي الجهمي)) للدرامي (ج1 ص561). 

([20]) وهذه ثمرة صفة: ((الهرولة))، فلا بأس بذكر هذا المعنى اللغوي الآخر، مع إثبات المعنى الحقيقي، وهو إثبات صفة ((الهرولة)) على حقيقتها لله تعالى بما يليق بجلاله سبحانه.

      وانظر: ((فتاوى نور على الدرب)) للشيخ ابن باز (ج1 ص79). 

([21])((فتاوى نور على الدرب)) للشيخ ابن باز (ج1 ص76). 

([22]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([23]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.

([24]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).

([25]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.

([26]) والمشاقة: المعاداة.

([27]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.

        قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.

      وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([28]) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([29]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).

([30]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.

([31]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.

     وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).

([32]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).

([33]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).

([34]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.

      وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).

([35]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188)، و«دلائل التوحيد» للهروي (ص79)، و«صفات الله عز وجل» للسقاف (ص391).

([36]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج5 ص24 و26)، و«إبطال التأويلات لأخبار الصفات» لأبي يعلى الحنبلي (ج1 ص225)، و(ج2 ص449)، و«القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص169).

([37]) يعني: المعنى الحقيقي وهو إثبات صفة: ((الهرولة)) لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

        وانظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص86 و127 و141)، و«القواعد المثلى» له (ص127 و128 و129)، و«شرح صحيح مسلم» له أيضا (ج7 ص554 و555).

([38]) كتأويل المعطلة للصفات؛ من الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والماتريدية، والصوفية، والمعتزلة، وغيرهم.

        وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5  ص556)، و(ج6 ص471)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص73).

([39]) أثر صحيح.

        أخرجه البغوي «شرح السنة» (ج5 ص24)، ومعمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (ج11 ص292)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص138)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ج3 ص1167).

      وإسناده صحيح.

([40]) قلت: وأخذ البعض من أهل التعالم بهذه الثمرة من كلام أهل العلم أنهم لم يثبتوا صفة: ((الهرولة))، بل ظن أن ((الهرولة)) في الحديث مؤولة على حسب ظنه الفاسد، فوقع في التجهم وهو لا يشعر، ولا يعذر بجهله في ذلك، فهو برزخ بين السلف، والجهمية إلى أن يتوب، ويرجع عن مذهب الجهمية، اللهم سلم سلم.

       ومنه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص471): (والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة).اهـ

       وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص349): (والتجهم عندنا باب كبير من الزندقة، يستتاب أهله، فإن تابوا، وإلا قتلوا). اهـ

([41]) قلت: والصحيح أن هذا المعنى من ثمرات صفة: ((التقرب))، وصفة: ((الهرولة))، وليس هذا المعنى للصفة؛ كما سبق ذلك، فتنبه.  

([42]) ((شرح حديث: صفة التقرب، وصفة الهرولة))؛ التواصل المرئي بتاريخ: 6/11/1437هـ      

([43]) قلت: وهكذا يفضح الله تعالى من عاند الحق، واتبع الباطل بالهوى، اللهم غفرا.

        لذلك نطالب أهل البدع أن يأتوا ببرهان على عقيدة الأشعرية الجهمية:] قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[ [البقرة: 111]. 

([44]) أثر صحيح.

        أخرجه الدارمي في «النقض على المريسي الجهمي» (ج1 ص538).

        وإسناده صحيح.

([45]) أثر صحيح.

        أخرجه الدارمي في «النقض على المريسي الجهمي» (ج1 ص538).

        وإسناده صحيح.

([46]) كذلك لما أعلن المعطلون لصفة: ((الهرولة)) في هذا الزمان، وخاضوا في ذلك بدون علم، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل في صفة: ((الهرولة))، ونبين كيدهم، ونكشف مكرهم، ومقارعتهم بالحجج الدامغة، لأن كان هذا من المعطلة خوضا فيما نهوا عنه في الشرع.

([47]) أثر صحيح.

        أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في ((الحجة)) (ج1 ص423)، والخلال في ((السنة)) (1794)، والآجري في ((الشريعة)) (187)، وأبو داود في ((مسائل أحمد)) (ص264).

        وإسناده صحيح.

([48]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج8 ص4685)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص328)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص289)،  و«القاموس المحيط» للفيرزآبادي (ص1083)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3753).

([49]) قلت: وقد ثبت عن بعض أهل السنة ذكر معنى: «الهرولة»، ويعنون به ثمرة: صفة «الهرولة»، مع إثبات صفة «الهرولة للـه تعالى».

      قال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

     وقال تعالى: ]ولا يحيطون به علما[ [طه:110].

([50]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«التدمرية» لابن تيمية (ص7)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص234). 

([51]) قلت: أي؛ من باب الأفعال الاختيارية، والله تعالى يفعل ما يشاء، يتقرب ذراعا، أو شبرا، أو ما شاء الله، ويأتي كما يشاء هرولة.

        وقاعدة السلف: أن نثبت هذا الفعل على حقيقته، ونقول: إن الله يتقرب من الإنسان قدر ذراع، وقدر باع، ويأتي: ((هرولة))؛ كما في قوله تعالى: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]؛ إنه يأتي سبحانه وتعالى بنفسه للقضاء بين العباد.

       وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426). 

([52]) انظر: «الرد على الجهمية» لابن بطة (ج3 ص337).

([53]) قلت: ولا يدع أحاديث صفة «الهرولة»، إلا متعالم مبتدع.

       قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار، أو يرد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع). اهـ

([54]) يعني: لا نطلب لها المعاني الباطلة المحرفة؛ مثل: تحريف المعطلة النفاة.

        وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج9 ص165).

([55]) قلت: وإنما قلنا بصفة: ((الهرولة))؛ بأدلة السنة، وإجماع السلف، ليعرف الناس أن من عطل صفة: ((الهرولة))، ولم يثبتها، أنه على خلاف السنة، وخلاف مذهب السلف، والله المستعان.

([56]) وانظر: «العلو للعلي العظيم» للذهبي (ج1 ص948).

([57]) فتوى له في «التواصل المرئي» بعنوان: (الذي لا يثبت صفة الهرولة أنه على ضلال) سنة: (1437هـ).

([58]) قلت: أي؛ من باب الأفعال الاختيارية، والله تعالى يفعل ما يشاء، يتقرب ذراعا، أو شبرا، أو ما شاء الله، ويأتي كما يشاء هرولة.

        وقاعدة السلف: أن نثبت هذا الفعل على حقيقته، ونقول: إن الله يتقرب من الإنسان قدر ذراع، وقدر باع، ويأتي: ((هرولة))؛ كما في قوله تعالى: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]؛ إنه يأتي سبحانه وتعالى بنفسه للقضاء بين العباد.

       وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426). 

([59]) قلت: ومن خالف هذا الإجماع، وهو من دون العالم المجتهد، وأصر وعاند على تعطيل صفة ((الهرولة))، فهو يعتبر مبتدعا ضالا في الأصول، لأن خالف السنة النبوية، وإجماع السلف، ووافق الجهمية المعطلة.

       قال العلامة المعلمي / في ((حقيقة البدعة)) (ج6 ص112): (من لم يبلغ درجة الاجتهاد، وإنما يتعاطى النظر في الأدلة، ويحكم بما يظهر له بدون استناد إلى موافقة مجتهد من المجتهدين، فهذا ضال مضل، وهو من الرؤساء الجهال الذين ورد فيهم الحديث). اهـ

       وقال العلامة المعلمي / في ((حقيقة البدعة)) (ج6 ص112): (وإن تبين له بطلان دليل مقلده، وأصر على تقليده؛ فهو هالك!). اهـ

       قلت: وأما العالم السني المجتهد إذا خالف في هذه الصفة وغيرها، فهو يعتبر مخطأ، لأنه اجتهد وأخطأ، وهو لا يتعمد المخالفة في الأصل، وهو مغفور له لاجتهاده، ولا يتبع في خطئه هذا، ومن اتبعه في زلته هذه فهو آثم.

      لكن إذا تبين لهذا العالم المجتهد أنه أخطأ، فيجب عليه الرجوع عن خطئه هذا في العلم، والله المستعان.

([60]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.

      وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).

([61]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188)، و«شرح لمعة الاعتقاد» له (ص38)، و«دلائل التوحيد» للهروي (ص79)، و«صفات الله عز وجل» للسقاف (ص391)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص190)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259).

([62]) يعني: المعنى الحقيقي وهو إثبات صفة: ((الهرولة)) لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

        وانظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص86 و127 و141)، و«القواعد المثلى» له (ص127 و128 و129)، و«شرح صحيح مسلم» له أيضا (ج7 ص554 و555).

([63]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24)، و«العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص96).

([64]) يعني: في تأويل صفة: «الهرولة».

([65]) سلسلة:  «الهدى والنور» (756/12:55)؛ «طريق الإسلام».

([66]) قلت: وأخذ البعض من أهل التعالم بهذه الثمرة من كلام أهل العلم أنهم لم يثبتوا صفة: ((الهرولة))، بل ظن أن ((الهرولة)) في الحديث مؤولة على حسب ظنه الفاسد، فوقع في التجهم وهو لا يشعر، ولا يعذر بجهله في ذلك، فهو برزخ بين السلف، والجهمية إلى أن يتوب، ويرجع عن مذهب الجهمية، اللهم سلم سلم.

       ومنه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص471): (والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة).اهـ

       وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص349): (والتجهم عندنا باب كبير من الزندقة، يستتاب أهله، فإن تابوا، وإلا قتلوا). اهـ

([67]) قلت: والصحيح أن هذا المعنى من ثمرات صفة: ((التقرب))، وصفة: ((الهرولة))، وليس هذا المعنى للصفة؛ كما سبق ذلك، فتنبه.  

([68]) ((شرح حديث: صفة التقرب، وصفة الهرولة))؛ التواصل المرئي بتاريخ: 6/11/1437هـ      

([69]) الفتوى (رقم 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (ج3 ص142).

       وقد وقع على هذه الفتوى كل من المشايخ: عبد العزيز بن باز، عبد الرازق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود.

([70]) وانظر: «شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«الفتاوى» له (ج5 ص39)، و«السنة» للخلال (ج1 ص259)، و«الشريعة» للآجري (ص720)، و«العلو» للذهبي (ج2 ص959)، و«التوحيد» لابن منده (ج3 ص115)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص158)، و«ذم التأويل» لابن قدامة (ص20).

([71]) وانظر: «التعليق على الحديث القدسي» في التواصل المرئي، سنة (1437هـ).

([72]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص640 و653 و654)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للإسماعيلي (ص172).

([73]) «شرح سنن الترمذي»، دروس مفرقة، سنة (1437هـ).

([74]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص414)، وفي «خلق أفعال العباد» (426)، وأحمد في «المسند» (12233)، والطيالسي في «المسند» (2079).

([75]) وهذا المعنى: يراد به ثمرة صفة: ((الهرولة))، مع إجراء صفة: ((الهرولة)) على ظاهر الأحاديث؛ أي: مع إثبات صفة: ((الهرولة)) لله تعالى على ما يليق بجلاله، فافهم لهذا ترشد.

([76]) يعني: إثبات صفة: ((الهرولة)) على حقيقتها لله تعالى على ما يليق بجلاله، لا يشابه فيها خلقه؛ كسائر الصفات.

     وانظر: ((الفتاوى)) لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188).

([77]) من هذه الصفات التي أجمع السلف عليها؛ صفة: ((الهرولة)) لله تعالى.

      وانظر: ((النقض على المريسي الجهمي)) للدرامي (ج1 ص561). 

([78]) وهذه ثمرة صفة: ((الهرولة))، فلا بأس بذكر هذا المعنى اللغوي الآخر، مع إثبات المعنى الحقيقي، وهو إثبات صفة ((الهرولة)) على حقيقتها لله تعالى بما يليق بجلاله سبحانه.

      وانظر: ((فتاوى نور على الدرب)) للشيخ ابن باز (ج1 ص79). 

([79])((فتاوى نور على الدرب)) للشيخ ابن باز (ج1 ص76). 

([80]) وهم: المشبهة الذين شبهوا ذات الله تعالى بذات خلقه، أو صفاته بصفات خلقه.

     انظر: «الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص255)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص103).

([81]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«لمعة الاعتقاد» لابن قدامة (ص9)، و«تحريم النظر في كتب الكلام» له (ص38)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص147 و148). 

([82]) فالسلف كانوا يحرصون كل الحرص على عدم التكلف بالتأويل والتحريف، بل يكتفون بفهم المعاني العامة للنصوص.

([83]) فلا يتجاوزون الكتاب والسنة، وهذا من فقههم في الدين.

([84]) يعني: كيفية الصفات، لا يعلمها إلا الله تعالى.

([85]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج9 ص165).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan