الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / الدر النضيد في أنه إذا ثبت العذر الشرعي سقطت صلاة العيد
الدر النضيد في أنه إذا ثبت العذر الشرعي سقطت صلاة العيد
الدر النضيد
في أنه إذا ثبت العذر الشرعي سقطت صلاة العيد
دراسة أثرية منهجية علمية في تبيين فقه الصحابة y في سقوط صلاة العيد إذا وجد العذر، وهم: خير القرون، وقد أمرنا بالإقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات في الدين
بقلم:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]فهل من مدكر[ [القمر: 15]؛ معتبر
الرواية الثانية
للإمام مالك / وهي الرواية الصحيحة لموافقتها للسنة
قد ثبت عن الإمام مالك /: أنه إذا فاتته: «صلاة العيد» مع الإمام في المسجد، لا يصلي، ولا يقضي: لا في المصلى، ولا في بيته.
عن معن قال: قال مالك /: (في رجل وجد الناس؛ قد انصرفوا: من الصلاة يوم العيد؟. أنه لا يرى صلاة في المصلى، ولا في بيته).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «أحكام العيدين» (ص206) من طريق إسحاق بن موسى ثنا معن قال: قال مالك بن أنس / به، وهو في «الموطأ» (ج1 ص180).
قلت: وهذا سنده صحيح.
وهذه الرواية: ذكرها يحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (496)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (591)، وابن بكير في «الموطأ» (581)، والقعنبي في «الموطأ» (341)، والحدثاني في «الموطأ» (190) ؛كلهم: عن مالك بن أنس به.
قلت: فقول الإمام مالك /: (أنه لا صلاة للعيد بعد انقضائها، لا في المصلى، ولا في البيت)؛ فهذا القدر في الحكم هو الراجح من مذهبه، وهو المعتمد في الدين، لأنه موافق للسنة، والصحابة y، والتابعين الكرام. ([1])
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق[ [سبأ: 6].
درة نادرة
في
وجوب التمسك بفقه السنة، وفقه الصحابة
قال الإمام أبو يعلى الخليلي / في «الإرشاد» (ج1 ص153): (قال الله تعالى: ]لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر[ [الأحزاب: 21]، وقال تعالى: ]وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون[ [آل عمران: 132]، وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]، فجمع سبحانه بين مشاققة الرسول r، ومخالفة سبيل المؤمنين في إلحاق الوعيد بفاعلهما: فصار إجماع الصحابة، والتابعين، وأهل كل عصر من المؤمنين؛ أحد ما تؤخذ منه الأحكام، وتحرم مخالفته، فلما كانت سنة النبي r، وأقاويل الصحابة الذين شاهدوا الوحي، والتنزيل؛ ركنين لشرائع الإسلام، والمرجع بعد الكتاب في الأحكام).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ضعف أثر:
أنس بن مالك t ([2]):«أنه كان يصلي في بيته ركعتين» يوم العيد،
وأنه معلول، وقد اضطرب في إسناده ومتنه، فلا يحتج به في الأحكام
عن أنس بن مالك t؛ أنه: (أمر مولاه ابن أبي عتبة بالزاوية، فجمع أهله، وبنيه، وصلى كصلاة أهل المصر، وتكبيرهم).
أثر ضعيف مضطرب
أخرجه البخاري تعليقا في «صحيحه» (ج2 ص474)، ولا يصح، لاضطرابه،
وقد اختلف في هذا الأثر:
قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج3 ص120): «ضعيف»، وهو الصواب.([3])
وفي رواية: (كان أنس بن مالك t: إذا فاتته صلاة العيد([4]) مع الإمام جمع أهله، فصلى بهم مثل: صلاة الإمام في العيد).
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص503).
وفي رواية: (إذا كان في منزله بـ«الطف»، فلم يشهد العيد إلى مصره، جمع مواليه، وولده، ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة، فيصلي بهم: كصلاة أهل المصر). ولم يذكر أنه فاتته: «صلاة العيد!». ([5])
أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص348).
وهذا الأثر أعله الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص305)، وابن التركماني في «الجوهر النقي» (ج3 ص305).
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ضعف أثر:
عبد الله بن مسعود t في: «من فاتته صلاة العيد»، أن يصلي: أربع ركعات في البيت، وقد اضطرب في إسناده، فلا يحتج به في الأحكام([6])
عن عبدالله بن مسعود t قال: (من فاته العيدان، والجمعة، فليصل أربعا([7]». وفي رواية: (من فاته العيد، فليصل أربعا).
أثر ضعيف مضطرب
وقد اختلف في هذا الأثر:
أخرجه المحاملي في «صلاة العيد» (ص202)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص45)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص355).
وهو معلول بالاضطراب.
وأعله الشيخ الألباني بالانقطاع في «إرواء الغليل» (ج3 ص121)؛ بين الشعبي، وابن مسعود t، فهو: «ضعيف».
وضعفه الحافظ ابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص336).
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق [ [فصلت: 53].
شيخ الإسلام ابن تيمية /
يلقم
المقلدة، بجميع أنواعهم: حجارة من سجيل في إحداثهم: «صلاة العيد» في البيوت للرجال والنساء ([8])؛ لأن هذا الحكم لم يثبت في الكتاب والسنة والآثار:
قال تعالى: ]لقد جئناكم بالحق [ [الزخرف: 78].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج24 ص179): (وكذلك أيضا لم يصل العيد بمنى، لا هو r، ولا أحد من خلفائه الراشدين y، فقد دخل مكة عام الفتح، ودخلها في شهر رمضان؛ فأدرك فيها عيد الفطر، ولم يصل بها يوم العيد: «صلاة العيد»، ولم ينقل ذلك مسلم، ومن المعلوم أنهم لو كان صلى r بهم: «صلاة العيد» بمكة مع كثرة المسلمين معه كانوا أكثر من عشرة آلاف، لكان هذا من أعظم ما تتوفر الهمم، والدواعي على نقله، وكذلك بدر كانت في شهر رمضان، وأدركه: «يوم العيد» في السفر، ولم يصل: «صلاة عيد» في السفر.
* وأيضا: فإنه لم يكن أحد يصلي: «صلاة العيد» بالمدينة إلا معه r، كما لم يكونوا يصلون الجمعة إلا معه r، وكان بالمدينة مساجد كثيرة: لكل دار من دور الأنصار مسجد([9])، ولهم إمام يصلي بهم، والأئمة يصلون بهم الصلوات الخمس، ولم يكونوا يصلون بهم لا جمعة، ولا عيدا؛ فعلم أن العيد كان عندهم من جنس الجمعة، لا من جنس التطوع المطلق([10])، ولا من جنس صلاة الجنازة، وقول القائل: إن صلاة العيد تطوع: ممنوع، ولو سلم قيل له هذه مخصوصة بخصائص لا يشركها فيها غيرها، والسنة مضت بأن المسلمين كلهم يجتمعون خلف النبي r، وخلفائه بعده، ولم يكونوا في سائر التطوع يفعلون هذا، وكان يخرج بهم إلى الصحراء، ويكبر فيها، ويخطب بعدها، وهذا مشروع في كل: «يوم عيد» شريعة راتبة.
* وأيضا: فإن علي بن أبي طالب t: «لما استخلف للناس من يصلي العيد بالضعفاء في المسجد الجامع أمره أن يصلي أربع ركعات» ([11])، كما أن من لم يصل الجمعة صلى أربعا، ولم يكن الناس يعرفون قبل علي t أن يصلي أحد العيد إلا مع الإمام في الصحراء، فإذا كانت سنة: رسول الله r، وخلفائه لم يكن فيها «صلاة عيد» إلا مع الإمام؛ بطل أن يكون بمنزلة ما كانوا يفعلونه، وحدانا، وجماعة.
* وأيضا: فإن النبي r لم يشرعها للنساء([12])، بل أمرهن أن يخرجن يوم العيد، حتى أمر بإخراج الحيض، فقالوا له: إن لم يكن للمرأة جلباب؛ قال r: «لتلبسها أختها من جلبابها»، وهذا توكيد لخروجهن يوم العيد مع أنه في الجمعة والجماعة؛ قال r: «وبيوتهن خير لهن»؛ وذلك لأنه كان يمكنهن أن يصلين في البيوت يوم الجمعة كسائر الأيام، فيصلين ظهرا، فلو كانت صلاة العيد مشروعة لهن في البيوت؛ لأغنى ذلك عن توكيد خروجهن.
* وأيضا: لو كان ذلك جائزا لفعله النساءعلى عهده؛ كما كن يصلين التطوعات، فلما لم ينقل أحد أن أحدا من النساء صلى العيد على عهده في البيت، ولا من الرجال([13])، بل كن يخرجن بأمره r إلى المصلى علم أن ذلك ليس من شرعه.
* وأما يوم العيد: فليس فيه صلاة مشروعة غير «صلاة العيد»، وإنما تشرع مع الإمام، فمن كان قادرا على صلاتها مع الإمام من النساء والمسافرين فعلوها معه، وهم مشروع لهم ذلك، بخلاف الجمعة فإنهم إن شاءوا صلوها مع الإمام، وإن شاءوا صلوها ظهرا؛ بخلاف العيد: فإنهم إذا فوتوه فوتوه إلى غير بدل، فكان صلاة العيد للمسافر، والمرأة أوكد، من صلاة يوم الجمعة، والجمعة لها بدل، بخلاف العيد.
وكل من العيدين إنما يكون في العام مرة، والجمعة تتكرر في العام خمسين جمعة، وأكثر، فلم يكن تفويت بعض الجمع كتفويت العيد).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
قال تعالى: ]والحق أقول[ [ص: 84].
شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /
يرمي
المقلدة؛ بجميع أنواعهم: بشهاب حارق لأمرهم العامة مخالفة الشرع: أن يصلوا: «صلاة العيد» في البيوت، ولأن ذلك لم يثبت عن النبي r، ولا عن صحابته y: ]أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي[ [يونس: 35].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج5 ص155): (أما هذه فصلاة مشروعة على وجه الإجتماع، فإذا فاتت فإنها لا تقضى إلا بدليل يدل على قضائها إذا فاتت، ولهذا إذا فاتت الرجل صلاة الجمعة لم يقضها، وإنما يصلي فرض الوقت وهو الظهر.
* ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية /: إلى أنها لا تقضى إذا فاتت، وأن من فاتته، فلا يسن له أن يقضيها؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي r؛ ولأنها صلاة ذات اجتماع معين، فلا تشرع إلا على هذا الوجه.
* فإن قال قائل: أليست الجمعة ذات اجتماع على وجه معين، ومع ذلك تقضى؟
فالجواب: الجمعة لا تقضى، وإنما يصلى فرض الوقت، وهو الظهر، و«صلاة العيد» أيضا نقول: فات الاجتماع فلا تقضى، وليس لهذا الوقت فرض، ولا سنة أيضا.
فهي صلاة شرعت على هذا الوجه، فإن أدركها الإنسان على هذا الوجه صلاها، وإلا فلا.
* وبناء على هذا القول يتضح أن الذين في البيوت لا يصلونها، ولهذا أمر رسول الله r الناس أن يخرجوا إليها، وأمر النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيض أن يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، ولم يقل: «ومن تخلف؛ فليصل في بيته».
* فإذا قال قائل: لماذا لا نقضيها، فإن كنا مصيبين فهذا هو المطلوب، وإن كنا غير مصيبين فإننا مجتهدون؟
فالجواب: نعم، الإنسان إذا اجتهد، وفعل العبادة على اجتهاد فله أجر على اجتهاده، وعلى فعله أيضا، لكن إذا تبينت السنة، فلا تمكن مخالفتها).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته[ [الشورى: 24].
شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /
يبطل
فتاوى المقلدة؛ بجميع أنواعهم، لإفتائهم للناس أن يصلوا: «صلاة العيد» في البيوت، فخالفوا الكتاب، والسنة، والآثار، وأن النبي r، وصحابته y، أحق أن يتبعوا في سقوط: «صلاة العيد» على أهل الأعذار: ]فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون[ [الأنعام: 81].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج4 ص71): (لا يقضيها، وهذا القول أرجح الأقوال؛ لأن «صلاة العيد» إنما شرعت على الاجتماع على الإمام، فإذا فاتت على هذا الوجه فلا تقضى، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية / ([14])، وهو الأقيس؛ لأنه ليس هناك دليل واضح من السنة على أنها تقضى، وخلاف العلماء رحمهم الله في ذلك: إنما هو أقوال متقابلة، ليس بعضها أحق بالقبول من بعض، وحينئذ نبقى على الأصل؛ وهو أن مشروعية «صلاة العيد» إنما هي على هيئة معينة، متى أدركها الإنسان أدركها، وإذا لم يدركها فقد فاتتها، وليس الوقت، وقت صلاة مفروضة حتى نقول: لا بد أن تأتي ببدلها، بل نقول: ليس هذا وقت صلاة مفروضة).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
والله المعين على ما قصدته
وهو حسبي ونعم الوكيل
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
فهذه رسالة لطيفة، وكلمة وجيزة، مبنية على الأدلة الشرعية، مؤيدة بالآثار الصحابية، والفتاوى السلفية.
* وهي تشرح حكما؛ مما ينبغي أن يعرفه المسلم: وهو حكم؛ سقوط: «صلاة العيد» على من فاتته مع الإمام في الجامع، أو عطلت الصلاة بالكلية في المساجد.
* فكتبت هذه الرسالة: براءة للذمة، ونصحا للأمة؛ إذ قد رأيت حاجة الناس في هذه الأزمان إلى معرفة هذا الحكم، والاطلاع عليه.
وذلك لما نبغ في هذه الأيام جماعة من المقلدة: يفتون العامة بجواز: «صلاة العيد» في البيوت؛ تقليدا لعدد من الفقهاء([15]) عن طريق اختلافهم فيمن فاتته: «صلاة العيد» مع الإمام.
* وقد سلكوا: مسلك التقليد الأعمى، لفتاوى عدد من الفقهاء، دونما علم، أو بحث، أو تحقيق في المسألة([16]): دراية، ورواية: ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[ [البقرة:111].
والدعـــــاوى إن لم تقيمــــــــــــوا عليــــها |
|
|
بينـــــــــــات أصحـــــــــابها أدعيـاء |
* لذلك كان القرآن: كثيرا ما يبطل دعوى: «المقلدة» الذين يقلدون في الدين بدون برهان؛ بأن يأتوا بدليل على دعواهم في الدين، فيقول لهم الحق تعالى: ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[ [البقرة:111].
وقال تعالى: ]قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون * قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين[ [الأنعام:148-149].
قلت: ولولا ذلك؛ لكان في إمكان من شاء: أن يقول: ما شاء، وفي هذا من المفاسد أشياء!.
وإن أخطر المصائب التي حلت بالمسلمين في تاريخهم الغابر، وفي واقعهم المعاصر، إنما حلت بهم عن طريق التقليد، والمقلدين في الدين.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص522): (أن فرقة التقليد: قد ارتكبت مخالفة أمر الله تعالى، وأمر رسوله r، وهدي أصحابه y، وأحوال أئمتهم، وسلكوا ضد طريق أهل العلم، أما أمر الله تعالى؛ فإنه أمر برد ما تنازع فيه المسلمون إليه، وإلى رسوله r).اهـ
قلت: ومثل هذا الخلاف في آراء الرجال، لا يمكن الخلاص منه؛ إلا بالرجوع إلى الكتاب، والسنة، والآثار.
قال تعالى: ]كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه[ [البقرة:213].
وقال تعالى: ]ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك[ [هود:118-119].
وقال تعالى: ]واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[ [آل عمران:103].
وقال تعالى: ]ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء:82].
قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص64): (وقد نص تعالى: على أن الاختلاف ليس من عنده، ومعنى ذلك أنه تعالى: لم يرض به). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (فقد أخبر الله تعالى: أن الاختلاف ليس من عنده وما لم يكن من عنده فليس بالصواب). ([17]) اهـ
قلت: فالاختلاف مذموم في الشريعة، فالواجب التخلص منه ما أمكن، في الأصول، والفروع. ([18])
قال الإمام المزني /: (فذم الله الاختلاف، وأمر عنده بالرجوع إلى الكتاب والسنة، فلو كان الاختلاف من دينه ما ذمه، ولو كان التنازع من حكمه ما أمرهم بالرجوع عنده إلى: الكتاب والسنة). ([19]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4ص236): (خلق قوما للاختلاف، وقوما للرحمة). اهـ
قلت: فليس لأحد أن يحتج بقول أحد من العلماء في مسائل النزاع، وإنما الحجة: الكتاب، والسنة.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922): (الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة، إلا من لا بصر له، ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله). اهـ
وقال الإمام الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج3 ص2092): (وليس الاختلاف حجة، وبيان السنة حجة على المختلفين: من الأولين، والآخرين).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة: النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقدر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الحق واحد لا يتعدد، وما عداه: فخطأ، ولا بد.
قال الإمام ابن القيم /: (الحق عند الله تعالى واحد). ([20]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج33 ص42): (ولهذا تجد المسائل التي تنازعت فيها الأمة على أقوال؛ وإنما القول الذي بعث به الرسول r واحد منها). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص249755): (أن الحق واحد لا يختلف).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص465): (أن الحق في جهة واحدة). اهـ
قلت: لذلك يجب الإفتاء بلفظ النص ما أمكن، لأنه يتظمن الحكم، والدليل مع البيان التام، فهو حكم مضمون له الصواب. ([21])
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص170): (ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص مهما أمكنه؛ فإنه يتضمن الحكم والدليل مع البيان التام، فهو حكم مضمون له الصواب، متضمن للدليل عليه في أحسن بيان، وقول الفقيه المعين ليس كذلك، وقد كان الصحابة، والتابعون، والأئمة الذين سلكوا على منهاجهم، يتحرون ذلك غاية التحري، حتى خلفت من بعدهم خلوف رغبوا عن النصوص).اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج14 ص7): (تالله إنها فتنة عمت فأعمت، ورمت القلوب فأصمت، ربا عليها الصغير، وهرم فيها الكبير، واتخذ لأجلها القرآن مهجورا، وكان ذلك بقضاء الله وقدره في الكتاب مسطورا، ولما عمت بها البلية، وعظمت بسببها الرزية، بحيث لا يعرف أكثر الناس سواها، ولا يعدون العلم إلا إياها؛ فطالب الحق من مظانه لديهم مفتون، ومؤثره على ما سواه عندهم مغبون.
نصبوا لمن خالفهم في طريقهم الحبائل، وبغوا له الغوائل، ورموه عن قوس الجهل، والبغي، والعناد، وقالوا لإخوانهم؛ كما قال فرعون لملئه في موسى: ]إنا نخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد[ [غافر: 26]).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص28): (فإن التقليد: لا يورث؛ إلا بلادة).اهـ
قلت: وكل هذا يؤيد ضرورة الاهتمام بهذا الأصل، وترسيخه عند غلبة الجهل به.
ولا ريب أن الزمن الذي نعيش فيه الآن، قد عم الجهل بأحكام الأصول والفروع في الدين.
فواجب أهل العلم، وطلبته: الالتزام بالميثاق الذي أخذه الله تعالى عليهم؛ في: قوله تعالى: ]لتبيننه للناس ولا تكتمونه[ [آل عمران:187].
* فليبينوا للناس هذا الأصل، محتسبين لله تعالى، مخلصين له أعمالهم، ولا يمنعهم من بيانه تلك الشبهات المتهافتة، التي يروجها بعض من لا خلاق له.
فليتق الله هؤلاء المقلدون، ولينتهوا عن صد الناس عن سبيل الله كعادتهم؛ خدمة لآرائهم، وترويجا لمذاهبهم؛ بمثل هذه الأحاديث الضعيفة، والشبه الواهية.
* فعلى من أراد لنفسه النجاة؛ والفلاح: أن يتأمل في نصوص الشرع الواردة في هذا الباب.
فيعمل بها، ويذعن لها، ولا يجعل للهوى عليه سلطانا.
إذا فبين يديك؛ أيها الطالب للحق، نصوص شرعية، ونقول سلفية؛ فأرع لها سمعك، وأمعن فيها بصرك، جعل الله التوفيق حليفك، والتسديد رفيقك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو عبدالرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا[ [البقرة: 119].
ذكر الدليل على أن صلاة العيد إذا لم تقام في مسجد جامع، ولم يجتمع عليها الناس مع إمام، يخطب بهم، لعذر شرعي فإنها تسقط، على الرجال، والنساء في البيوت، ولا تصلى، ولا تقضى في البيوت، لا جماعات، ولا فرادى،
وهذا من تيسير الدين على المسلمين وهذا الحكم ثبت عن النبي r، وأجمع عليه الصحابة y، والتابعون الكرام، ومن أصاب ممن بعدهم من العلماء،
وكانوا لا يصلون صلاة العيد إلا جماعة في مسجد جامع، ولم يثبت عنهم أنهم صلوها فرادى في البيوت: ]فبهداهم اقتده[ [الأنعام:90].
1) قال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7].
2) وقال تعالى: ]وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى[ [النجم: 3-4].
3) وقال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31].
4) وقال تعالى: ]لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر[ [الأحزاب: 21].
5) وقال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
6) وقال تعالى: ]إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون[ [النور: 51].
7) وقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].
8) وقال تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله[ [النساء: 80].
9) وعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم). ([22])
10) وعن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: (خير الناس قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). ([23])
قلت: والمتتبع لأحداث الزمن؛ بصدق: على مر العصور، وكر الدهور، يرى: بوضوح، أن أشد الناس تمسكا، بسبيل أهل القرون الثلاثة التي شهد لها النبي r بالخيرية؛ هم: «أهل الحديث» ولله الحمد.
11) وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t قال: (لا جمعة، ولا تشريق([24])، ولا صلاة فطر، ولا أضحى إلا في مصر جامع، أو مدينة عظيمة).
أثر صحيح: في حكم المرفوع عن النبي r
أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج3 ص168)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص27)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص439)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص179)، والمروزي في «الجمعة» (71)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (ج2 ص398)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج3 ص452)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص188) من طريق الأعمش، ومنصور، وطلحة بن مصرف، وزبيد اليامي، وغيرهم؛ كلهم: عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب t به موقوفا.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج5 ص53)، والدارقطني في «العلل» (ج4 ص165 و166).
وقال ابن حجر / في «الدراية» (ج1 ص214): (إسناده صحيح).
وقال الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج2 ص317): (فالسند صحيح موقوفا).
وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص389)، وابن المنذر في «الإشراف» (ج2 ص179).
فقوله t: (لا صلاة فطر، ولا أضحى؛ إلا في مصر جامع)؛ يعني: صلاة: «عيد الفطر»، ولا صلاة: «عيد الأضحى»؛ إلا في مسجد جامع يجتمع الناس فيه على: «صلاة العيد»، وخطبة: «صلاة العيد».
* وهذا الحكم: له حكم الرفع من النبي r، فإن علي بن أبي طالب t أخذه بتوقيف من النبي r، فمثل هذا لا يكون رأيا، ولا يكون؛ إلا توقيفا. ([25])
قال الإمام الطحاوي / في «مشكل الآثار» (ج3 ص188): (لم يقله علي t: رأيا، إذ كان مثله: لا يقال بالرأي، وإنما يقال: بتوقيف عن رسول الله r). اهـ
قلت: فلا صلاة في: «عيد الفطر»، و: «عيد الأضحى»، هذا في حكم المرفوع عن النبي r، وقد ثبت عنه r هذا الحكم في حياته، فإنه r كان يأمر من قوله: الصحابة y؛ بالاجتماع لصلاة العيد في مصلى العيد للرجال والنساء، لأن من شرط صلاة العيد الاجتماع في مسجد جامع، وظهور الفرح والسرور باجتماعهم.
قال الإمام معمر بن راشد /: (يعني: بالتشريق: يوم الفطر).([26])
وقال أبو داود / في «المسائل» (ص60): (سمعت: أحمد؛ سئل عن قول علي t: (لا تشريق؛ إلا في مصر)، ما يعني: بـ«التشريق»؟ قال: الصلاة). ([27])
قلت: والشاهد: لم يفعل الصحابة y في تطبيق الأحكام الشرعية، إلا بتوقيف من النبي r، ولم يوجد: أي: مخالف لعلي بن أبي طالب t: على أن لا صلاة: «عيد فطر»، ولا صلاة: «عيد أضحى»؛ إلا في جامع يجتمع الناس فيه للصلاة، وسماع خطبة الإمام.
* وقد فعل ذلك: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وغيرهم من الصحابة y أجمعين، فقد كانوا يصلون: «صلاة العيد» بالناس في الجوامع، ولم ينفردوا بـ «صلاة العيد» في البيوت.
12) وعن الزهري / قال: (ليس على المسافر: صلاة الأضحى، ولا صلاة الفطر؛ إلا أن يكون في مصر، أو قرية([28])، فيشهد معهم الصلاة).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص302) من طريق معمر عن الزهري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن المنذر في «الإشراف» (ج2 ص179).
* فبين الإمام الزهري /: أن المنفرد، وهو المسافر([29]) تسقط عنه: «صلاة العيد»، فلا يصلي.
ثم بين أن من شرط: «صلاة العيد»، أن يكون في بلد، أو قرية كبيرة، أو قرية متوسطة يجتمع معهم، فيصلي مع الناس في مسجدهم.
قلت: فلا جمعة، ولا تشريق([30])؛ إلا في مصر([31]) جامع.([32])
13) قال الإمام سفيان الثوري /: (لا تشريق، ولا جمعة، إلا في مصر جامع).([33])
وقال الإمام محمد بن نصر المروزي / في «اختلاف العلماء» (ص58)؛ وذكر قول سفيان الثوري: في مسألة صلاة العيد: (وإنما جعل ذلك لأنها صلاة، لا تقضى، وليست هي بمنزلة صلاة فريضة يقضيها). اهـ
14) وعن أيوب: (أن عمر بن عبد العزيز: كتب إلى أهل المياه؛ بين مكة والمدينة: أن تجمعوا، فقال عطاء: عند ذلك، فقد بلغنا أن لا جمعة؛ إلا في مصر جامع). ([34])
أثر صحيح
أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج3 ص169) من طريق معمر عن أيوب به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
فقوله: (فقد بلغنا)؛ يعني: عن الصحابة y في هذا بالإجماع؛ أن «صلاة الجمعة» لابد أن تكون في مسجد جامع، فلا تصلى في البيوت.
وكذلك: «صلاة العيد» لا تؤدى إلا في مسجد جامع، فلا تصلى في البيوت، فافطن لهذا.
15) وذهب الإمام أبو حنيفة، والحنفية: أن «صلاة العيد»، لا تقضى بالكلية؛ يعني: لا تقضى بحال من الأحوال([35])، وهو الصواب، لموافقة هذا الحكم للنبي r، ولصحابته y، والتابعين لهم بإحسان.
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].
قلت: فكل ما فيه خير للعباد، ورحمة، وتيسير لهم: فهو في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وآثار الصحابة الكرام.
قال الإمام ابن المنذر / في «الإشراف» (ج2 ص178): (سن رسول الله r: «صلاة العيد» بركعتين، فكل من صلاها، صلاها كما سن رسول الله r). اهـ
قلت: فبين الإمام ابن المنذر / : أن من صلى: «صلاة العيد»، فيجب عليه أن يصليها على صفة: صلاة النبي r للعيد، وهي: تكون في جماعة، وفي جامع، وبإمام، وبتكبيرات فيها، هذه هي السنة. ([36])
قال الإمام محمد بن الحسن / في «الآثار» (ج1 ص245): (إنما: «صلاة العيد» مع الإمام، فإذا فاتتك مع الإمام فلا صلاة، وهو قول أبي حنيفة). اهـ
وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية»: (ومن فاتته: «صلاة العيد»، مع الإمام: «لم يقضها»، لأن الصلاة: بهذه الصفة، لم تعرف قربة؛ إلا بشرائط، لا تتم بالمنفرد). اهـ
وقال الفقيه السرخسي / في «المبسوط» (ج2 ص177): (يوضحه: أنا لو أوجبنا عليه القضاء؛ فإما أن يقضي مع التكبيرات، أو بدون التكبيرات، ولا يمكنه: أن يقضي مع التكبيرات، لأن ذلك غير مشروع؛ إلا في: «صلاة العيد»، والمنفرد لا يتمكن من أداء: «صلاة العيد»، ولا يجوز أن يقضيه بدون التكبيرات، لأن القضاء بصفة الأداء). اهـ
وقال الفقيه أبو البركات النسفي / في «كنز الدقائق» (ج1 ص187): (ولم تقض([37]) إن فاتت مع الإمام). اهـ
وقال الفقيه العيني / في «رمز الحقائق» (ج1 ص102): (ولم تقض: «صلاة العيد»، إن فاتت مع الإمام، بأن صلاها الإمام مع جماعة، ولم يصلها هو، لا يقضيها في الوقت، ولا بعده، لأنها شرعت بشرائط، لا تتم بالمنفرد!). اهـ
وقال الفقيه ابن نجيم / في «النهر الفائق» (ج1 ص370): (ولم تقض: «صلاة العيد» منفردا، إذا فاتت؛ أي: «صلاة العيد»، مع الإمام: قيد للفاعل، لا للفعل، لأن الصلاة: بهذه الصفة لم تعرف قربة، إلا بشرائط، لا تتم بالمنفرد). اهـ
وقال الفقيه ابن عمار / في «مراقي الفلاح» (ج1 ص535): (ومن فاتته الصلاة، فلم يدركها مع الإمام لا يقضيها، لأنها لم تعرف قربة، إلا بشرائط، لا تتم بدون الإمام؛ أي: السلطان، أو مأموره). اهـ
وقال الفقيه العيني / في «البناية» (ج1 ص102): (ومن فاتته: «صلاة العيد»، مع الإمام لم يقضها، كلمة متعلقة بالصلاة، لا بقوله فاتته، أي: فاتت الصلاة عنه بالجماعة، وليس معناه: فاتت الصلاة عنه، وعن الإمام، حاصله: أدى الإمام: «صلاة العيد»، ولم يؤدها هو). اهـ
وقال الفقيه الكاساني / في «بدائع الصنائع» (ج1 ص279): (وإن فسدت بخروج الوقت، أو فاتت عن وقتها، مع الإمام سقطت، ولا يقضيها). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج4 ص70): (إذا فات الإنسان صلاة العيد فماذا يصنع؟ هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم رحمهم الله:
فمنهم من قال: يقضيها على صفتها، فيكبر في الركعة الأولى: ستا زائدة، وفي الثانية: خمسا.
ومنهم من يقول: يقضيها ركعتين؛ كالعادة بدون زيادة تكبير، وهذا ظاهر كلام البخاري /؛ لأنه قال: «إذا فاته العيد يصلي ركعتين»، ولم يقل: كصلاة الإمام، فظاهر ترجمته / أنه يصليها ركعتين كالعادة.
ومنهم من قال: يصليها أربعا؛ كالظهر؛ قياسا على الجمعة إذا فاتت، فإنه يصلي بدلها أربعا ظهرا.
ومنهم من قال: لا يقضيها، وهذا القول أرجح الأقوال؛ لأن «صلاة العيد» إنما شرعت على الاجتماع على الإمام، فإذا فاتت على هذا الوجه فلا تقضى، وهذا هو اختيار: شيخ الإسلام ابن تيمية / ([38])، وهو الأقيس؛ لأنه ليس هناك دليل واضح من السنة على أنها تقضى، وخلاف العلماء رحمهم الله في ذلك إنما هو أقوال متقابلة، ليس بعضها أحق بالقبول من بعض، وحينئذ نبقى على الأصل؛ وهو أن مشروعية «صلاة العيد» إنما هي على هيئة معينة، متى أدركها الإنسان أدركها، وإذا لم يدركها فقد فاتته، وليس الوقت، وقت صلاة مفروضة حتى نقول: لا بد أن تأتي ببدلها، بل نقول: ليس هذا وقت صلاة مفروضة). اهـ
* وثبت من فعله r: «لصلاة العيد» في مصلى العيد، باجتماع الصحابة y؛ منهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم من كبار الصحابة y أجمعين.([39])
قلت: ومن خالف النبي r، وإجماع الصحابة y من المقلدة، فقد شذ عنهم، وأخطأ السبيل، ولا بد.([40])
وإليك الدليل:
فعن عبد الله بن عمر y: (أن رسول الله r كان يصلي في الأضحى، والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة).([41])
وعن جابر بن عبد الله ﭭ: (إن النبي r خرج يوم الفطر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة).([42])
وعن ابن عباس ﭭ قال: (شهدت العيد مع رسول الله r، وأبي بكر، وعمر، وعثمان y: فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة).([43])
وعن ابن عمر ﭭ قال: (كان رسول الله r، وأبو بكر، وعمر ﭭ: يصلون العيدين قبل الخطبة).([44])
قال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج4 ص310): (فقد ثبت عن رسول الله r: أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة في يوم العيد، وكذلك فعل: الخلفاء الراشدون المهديون، وعليه عوام علماء أهل الأمصار). اهـ
قال العلامة الشيخ السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص251): (ولم يزل عمل المسلمين على ذلك: من ذلك الوقت، وإلى زماننا هذا... ولم يزل العمل بالسنة إلى زماننا هذا، ولا صلاح للناس؛ إلا باتباع السنة في جميع أحوالهم).اهـ
عن أبي عبيد قال: (شهدت العيد مع علي بن أبي طالب، وعثمان: محصور، فجاء فصلى، ثم انصرف فخطب).
أثر صحيح
أخرجه الشافعي في «المسند» (502)، وفي «السنن المأثورة» (180)، وفي «الموطأ» (ص416)، ويحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (ج1 ص179)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص73)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص115)، والقعنبي في «الموطأ» (338)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ج5 ص84)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (588)، والجوهري في «مسند الموطأ» (204)، ومحمد بن الحسن الشيباني في «الموطأ» (232)، والحدثاني في «الموطأ» (189) من طريق مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ
قلت: ولا ريب أن سبيل المؤمنين: هو سبيل الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن اتبعهم بإحسان.
فإذا كان الأمر كذلك فمن المحال أن يكون خير الناس، وأفضل القرون قد قصروا في هذا الباب بزيادة أو نقصان؛ وهذا مما يدل على صحة مذهب السلف الصالح.
* فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين؛ هم: ورثة الأنبياء والمرسلين؛ فقد تلقوا علومهم من ينبوع الرسالة الإلهية؛ فالقرآن نزل بلغة الصحابة y وفي عصرهم، وهم أقرب الناس إلى معين النبوة الصافي، وهم أصفاهم قريحة، وأقلهم تكلفا، كيف وقد زكاهم الله تعالى في محكم تنزيله، وأثنى عليهم، وعلى التابعين لهم بإحسان، كما قال تعالى: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان y ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100].
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين في الأصول، والفروع، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([45])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله وعيد شديد، والعياذ بالله.
قلت: ووجه الاستدلال بها([46])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([47])
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من الله تعالى لمن يحيد عن منهج الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([48])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم، وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك. وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول r، قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r، كما أن المخالف للرسول r مخالف لله؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r؛ وهذا هو الصواب)([49]).اهـ
قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.
قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا؛ سلوك هذا الطريق: كتاب الله، وسنن رسول الله ه، وسنن أصحابه ن، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، ورضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ
وقال ابن هانئ في «المسائل» (ص103)؛ سئل الإمام أحمد: هل على النساء صلاة العيد؟ قال: (ما سمعنا فيه شيئا([50])، وأرى أن يفعلنه: يصلين).([51])
وقال ابن هانئ في «المسائل» (ص103)؛ وقال في مرة أخرى: (ما سمعنا؛ أن على المرأة: صلاة العيدين، وإن صلت فحسن، وهو أحب إلي). اهـ
وقال عبد الله بن أحمد في «المسائل» (ج2 ص434): (سألت: أبي عمن فاتته العيد؟، قال الإمام أحمد: لا بأس أن يجمع أهله وولده، ويجمع بهم إذا فاته العيد، فأما أن لا يفوته؛ فلا أرى ذلك). اهـ
قلت: فيرى الإمام أحمد /: أنه إذا فاتته «صلاة العيد» مع الجماعة في المسجد، أنه لا بأس أن يصلي المسلم في بيته جماعة.
* وهذا يدل على أن الإمام أحمد /: يرى أن: «صلاة العيد»؛ لابد أن تكون قائمة بإمامها على الأصل في البلد في جماعات المساجد، فهذا إذا فاتته الصلاة يقضيها على الأصل عنده.([52])
* وأما إذا لم تكن: «صلاة العيد» قائمة بالكلية في البلد في جماعات المساجد، فإنه عند الإمام أحمد /؛ لم تفته: «صلاة العيد»؛ لأنها غير قائمة في الأصل في أنحاء البلد، فهذا لا يصليها في البيت، ولا يقضيها، عند الإمام أحمد /؛ بقوله: (فأما أن لا يفوته؛ فلا أرى ذلك). ([53])
قلت: فمن فاتته صلاة العيد، فلا قضاء عليه، لأنها فرض كفاية، وقام بها من حصلت الكفاية به، وهذا إذا كانت الصلاة تؤدى في المساجد. ([54])
* إذا يرى الإمام أحمد /: أنه لا يجوز لمن لم تفته: «صلاة العيد» أن يقيمها، بين أهله وولده ([55])، لأن الأصل فيها أنها فرض كفاية، وتقام في المصلى، أو في مسجد.
قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص250): (وجملة القول: أن من فاتته صلاة العيد، فلا قضاء عليه). اهـ
قلت: فصلاة العيد؛ إنما تقام في المساجد جماعة في المدن، والقرى، فلا تشرع إقامتها في البيوت.
هكذا: جاءت السنة عن رسول الله r ([56])، ولم يحفظ عنه r، ولا عن أصحابه y: أنهم صلوا: «صلاة العيد» جماعة، أو فرادى في البيوت.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاختيارات الفقهية» (ص150): (ولا يستحب: قضاؤها –يعني: صلاة العيد- لمن فاتته منهم، وهو قول: أبي حنيفة).اهـ
قلت: فلا يشرع استدراك: «صلاة العيد» إذا فاتت مع الجماعة؛ سواء كانت بالاضطرار([57])، أو بالاختيار.
* وذهب الإمام أبو حنيفة /، وأصحابه: إلى أنه لا عيد، إلا في مصر جامع.([58])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله r، فهو الأصوب لا شك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص567): (وعند التنازع يجب الرد إلى الله تعالى والرسول r، وليس فعل غير الرسول حجة على الإطلاق).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص259): (يحرم اتباع من يتكلم بغير علم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص274): (ليس اتباع أحدهم واجبا على جميع الأمة؛ كاتباع الرسول r). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص219): (ومن أعظم الجرائم الفتوى بغير علم؛ فكم ضل بها من ضل، وهلك بها من هلك). اهـ
قلت: وقد ثبت عن الإمام مالك /: أنه إذا فاتته: «صلاة العيد» مع الإمام في المسجد، لا يصلي، ولا يقضي: لا في المصلى، ولا في بيته.
15) فعن معن قال: قال مالك /: (في رجل وجد الناس؛ قد انصرفوا: من الصلاة يوم العيد؟. أنه لا يرى صلاة في المصلى، ولا في بيته، وأنه إن صلى في بيته، أو في المصلى: لم يرى بذلك بأسا، ويكبر سبعا في الأولى قبل القراءة، وخمسا في الآخرة قبل القراءة).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «أحكام العيدين» (ص206) من طريق إسحاق بن موسى ثنا معن قال: قال مالك بن أنس / به، وهو في «الموطأ» (ج1 ص180).
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه يحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (496)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (591)، وابن بكير في «الموطأ» (581)، والقعنبي في «الموطأ» (341)، والحدثاني في «الموطأ» (190)؛ كلهم: عن مالك بن أنس به.
قلت: فقول الإمام مالك /: (أنه لا صلاة للعيد بعد انقضائها، لا في المصلى، ولا في البيت)؛ فهذا القدر في الحكم هو الراجح من مذهبه، وهو المعتمد في الدين، لأنه موافق للسنة، والصحابة y، والتابعين الكرام. ([59])
وقال الإمام الشافعي / في «الموطأ» (ص417): (ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر: أن يدعوا أن يجمعوا؛ إلا من عذر يجوز لهم به ترك الجمعة، وإن كان يوم عيد). اهـ
قلت: ولم يقل هنا الإمام الشافعي / بأن صلاة العيد تقضى.
* وقوله هذا: هو الصواب، لأنه موافق للنبي r، وأصحابه y، لأنه لم ينقل عنهم أن: «صلاة العيد» إذا فاتت تقضى، ولا تؤدى فرادى في البيوت، بل لا بد لها من إمام، أو بإذن الإمام تقام في مسجد جامع؛ جماعة.
قال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال). ([60])
قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا[ [الأحزاب: 36].
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ
وقال الإمام الرافعي الشافعي / في «شرح مسند الشافعي» (ج1 ص483): (ومقصود الأثر أن الجمعة، والعيد، وسائر الشعائر؛ تؤدى خلف من يقوم بها من: أمير، ومنصوب من جهته، ومتغلب على البلد، وغير متغلب، وفيه دليل على أنه إذا لم ييسر للإمام الخروج، ولا بعث من ينوب عنه للعيدين، وغيرهما، فيستحب للقوم القيام بها، وتأدية الشعائر المشروعة في الدين، وليتصد له كبير مرموق بين القوم، كما فعل علي t).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج5 ص155): (أما هذه فصلاة مشروعة على وجه الإجتماع، فإذا فاتت فإنها لا تقضى إلا بدليل يدل على قضائها إذا فاتت، ولهذا إذا فاتت الرجل صلاة الجمعة لم يقضها، وإنما يصلي فرض الوقت وهو الظهر.
* ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية /: إلى أنها لا تقضى إذا فاتت، وأن من فاتته، فلا يسن له أن يقضيها؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي r؛ ولأنها صلاة ذات اجتماع معين، فلا تشرع إلا على هذا الوجه.
* فإن قال قائل: أليست الجمعة ذات اجتماع على وجه معين، ومع ذلك تقضى؟
فالجواب: الجمعة لا تقضى، وإنما يصلى فرض الوقت، وهو الظهر، و«صلاة العيد» أيضا نقول: فات الاجتماع فلا تقضى، وليس لهذا الوقت فرض، ولا سنة أيضا.
فهي صلاة شرعت على هذا الوجه، فإن أدركها الإنسان على هذا الوجه صلاها، وإلا فلا.
* وبناء على هذا القول يتضح أن الذين في البيوت لا يصلونها، ولهذا أمر رسول الله r الناس أن يخرجوا إليها، وأمر النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيض أن يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، ولم يقل: «ومن تخلف؛ فليصل في بيته».
* فإذا قال قائل: لماذا لا نقضيها، فإن كنا مصيبين فهذا هو المطلوب، وإن كنا غير مصيبين فإننا مجتهدون؟
فالجواب: نعم، الإنسان إذا اجتهد، وفعل العبادة على اجتهاد فله أجر على اجتهاده، وعلى فعله أيضا، لكن إذا تبينت السنة، فلا تمكن مخالفتها).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص26): (وإذا ذكروا نزاع المتأخرين لم يكن بمجرد ذلك أن يجعل هذه من مسائل الاجتهاد التي يكون كل قول من تلك الأقوال سائغا لم يخالف إجماعا؛ لأن كثيرا من أصول المتأخرين محدث مبتدع في الإسلام مسبوق بإجماع السلف على خلافه، والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ
وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة y فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص24)؛ عن تفضيل السلف على الخلف: (ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا، وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله؛ كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك؛ فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة؛ فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير، وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم. وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا؛ سلوك هذا الطريق: كتاب الله، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (فتارة يحكون الإجماع ولا يعلمون إلا قولهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (يحكون إجماعا ونزاعا؛ ولا يعرفون ما قال السلف في ذلك ألبتة؛ بل قد يكون قول السلف خارجا عن أقوالهم). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص421): (فالله الله في نفسك، وعليك بالأثر، وأصحاب الأثر، والتقليد([61])؛ فإن الدين إنما هو بالتقليد؛ يعني: للنبي r، وأصحابه رضوان الله عليهم، ومن قبلنا لم يدعونا في لبس، فقلدهم واسترح، ولا تجاوز الأثر، وأهل الأثر!). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة y أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، ياخذون المعاني أولا، ثم ياخذون الألفاظ). ([62]) اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص560): (وأما تخصيص اتباعهم -يعني: الصحابة- بأصول الدين دون فروعه فلا يصح؛ لأن الاتباع عام). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص26): (والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص227): (ومعلوم أن السابقين الأولين أعظم اهتداء واتباعا؛ للآثار النبوية، فهم أعظم إيمانا، وتقوى، وأما آخر الأولياء: فلا يحصل له مثل ما حصل لهم). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص83): (الأساس الذي تبنى عليه الجماعة، هم: أصحاب محمد r، وهم أهل السنة والجماعة، فمن لم ياخذ عنهم فقد ضل وابتدع). اهـ
قلت: فإجماع المسلمين قديما ثابت على خلاف ما كان عليه أهل التقليد؛ فإن السلف الصالح من صدر هذه الأمة؛ وهم: الصحابة الذين هم خير القرون، والتابعون لهم بإحسان، وأئمة الهدى من بعدهم كانوا مجمعين على إثبات ما أثبته الله تعالى في القرآن، أو أثبته له رسوله r في السنة، وعدم رد النصوص.
قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص39): (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات). اهـ
فعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة). ([63])
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ
* والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على ضعف آثار الصحابة، والتابعين في قضاء صلاة العيد إذا فاتته مع الناس في المسجد
1) عن عبدالله بن مسعود t قال: (من فاته العيدان، والجمعة، فليصل أربعا([64]». وفي رواية: (من فاته العيد، فليصل أربعا).
أثر ضعيف مضطرب
وقد اختلف في هذا الأثر:
فرواه الحسن بن أبي الربيع قال: حدثنا يزيد عن الحجاج عن عامر الشعبي عن مسروق عن عبدالله بن مسعود t به.
أخرجه المحاملي في «صلاة العيد» (ص202).
قلت: وللحجاج بن أرطاة في هذا الإسناد شيخ آخر، بخلاف الإسناد هذا.
* فرواه هشيم، وحفص عن حجاج بن أرطاة عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عبدالله بن مسعود t به.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص45).
قلت: وهذا اضطراب من الحجاج بن أرطاة، فهو ضعيف الرواية، كما أنه مدلس([65])، وقد عنعن في روايته لهذا الأثر، فلا يحتج بحديثه هذا.
فمرة يرويه عن عامر الشعبي، ومرة يرويه عن: مسلم، وهذا اضطراب من حجاج بن أرطاة بسبب تدليسه.
فعن عبدالله بن المبارك / قال: (كان حجاج بن أرطاة يدلس). ([66])
وقال إسماعيل القاضي /: (مضطرب الحديث؛ لكثرة تدليسه). ([67])
وقال يحيى بن معين /: (الحجاج بن أرطاة: كوفي، صدوق، ليس بالقوي، يدلس). ([68])
وقال أبو زرعة /: (الحجاج بن أرطاة: صدوق، ومدلس). ([69])
وقال أبو حاتم /: (حجاج بن أرطاة: صدوق، يدلس عن الضعفاء). ([70])
وعن أبي حاتم، وأبي زرعة: (الحجاج بن أرطاة: يدلس في حديثه عن الضعفاء، ولا يحتج به). ([71])
وقال النسائي / في «السنن الكبرى» (ج8 ص231): (حجاج بن أرطاة: ضعيف صاحب تدليس).
وعن أحمد بن حنبل / قال: (حجاج بن أرطاة: كان يدلس). ([72])
وقال الخطيب البغدادي / في «تاريخ بغداد» (ج8 ص230): (حجاج بن أرطاة: كان مدلسا، يروي عمن لم يلقه).
وقال ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص372): (حجاج بن أرطاة: مدلس).
وقال الدارقطني / في «السنن» (ج3 ص174): (الحجاج بن أرطاة: رجل مشهور بالتدليس).
وقال ابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص226): (كان الحجاج بن أرطاة: مدلسا، عمن رآه، وعمن لم يره).
* ورواه معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن سفيان عن مطرف عن الشعبي قال: قال عبدالله بن مسعود t: (من فاته العيد، فليصل أربعا). ولم يذكر مسروقا.
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص355)، والمحاملي في «صلاة العيدين» (202).
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج2 ص205)؛ ثم قال: رواه الطبراني في: «الكبير»، ورجاله ثقات.
وإسناده ضعيف منقطع، لأن الشعبي لم يدرك ابن مسعود t. ([73])
وأعله الشيخ الألباني بالانقطاع في «إرواء الغليل» (ج3 ص121)؛ بين الشعبي، وابن مسعود t.
وهذا الإسناد هو المحفوظ؛ أي: في عدم ذكر: «مسروق بن الأجدع»، في الإسناد، لأن سفيان الثوري من الحفاظ المتقنين للأحاديث. ([74])
ويؤيده: ما رواه عبدالرزاق في «المصنف» (ج3 ص300)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص306) من طريق سفيان الثوري.
ورواه الفريابي في «أحكام العيدين» (ص207) من طريق هشيم.
ورواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص45) من طريق سفيان بن عيينة.
جميعهم: عن مطرف عن الشعبي قال: قال عبدالله بن مسعود t: (من فاتته الصلاة يوم العيد؛ فليصل أربعا).
وهذا يدل على أن المحفوظ من الإسناد في عدم ذكر: «مسروق بن الأجدع». ([75])
فالصحيح: أنه عن الشعبي: مرسلا.
*وروي عن هشيم بن بشير الواسطي: بزيادة: «مسروق بن الأجدع»؛ بين الشعبي، وابن مسعود، وهذا الإسناد فيه وهم.
فأخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص334 و335) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا سعيد بن منصور الخراساني قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا مطرف عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود t قال: (من فاتته الصلاة مع الإمام يوم الفطر، فليصل أربعا).
والصحيح عن هشيم، وهو الوجه الأول، لأن: «مسروق بن الأجدع» في الوجه الثاني، وقع وهما: ممن دون هشيم.
قلت: والخطأ من محمد بن علي المكي، وله ترجمة في «التقييد» لابن نقطة (ج1 ص81)، نقل فيها توثيق الدارقطني له.
وقد ذكره ابن حبان في «الثقات» (ج9 ص152)؛ فهو غير مشهور بالحديث، وبحفظه، فلا يحتج به لمخالفته الحفاظ الأثبات في زيادته: «لمسروق بن الأجدع»، في الإسناد.
فيرجح: وجه هشيم الأول، وهو عدم ذكر: «مسروق بن الأجدع»، في الإسناد: لموافقته لرواية: «سفيان الثوري»، و«سفيان بن عيينة» عن مطرف عن الشعبي عن ابن مسعود t، فهي المحفوظة.
* ورواه وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: (يصلي أربعا).
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص45).
هكذا عن الشعبي، ولم يذكر عبدالله بن مسعود t، وهذا من الاختلاف، فانتبه.
* وقد ورد عن مطرف من وجه آخر، وفيه: زيادة واسطة بين مطرف، وبين الشعبي، مما يدل على ضعف هذا الأثر، وأنه مضطرب، فلا يحتج به للاختلاف فيه.
* فرواه يحيى بن آدم عن الحسن بن صالح عن مطرف قال: حدثني رجل عن الشعبي عن مسروق عن عبدالله بن مسعود t.
أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص336).
وإسناده ضعيف؛ فيه رجل لم يسم، وهو مجهول، وهذه علة أخرى.
وهذا يدل على أن مطرف بن طريف: لم يسمع هذا الحديث من الشعبي، بل سمعه من رجل مجهول. ([76])
قال ابن المنذر / في «الأوسط» (ج4 ص336): (ولا أحسب: خبر ابن مسعود يثبت، فبطل الحديث لما أخبر مطرف: أن رجلا أخبره، ولم يذكر من الرجل).
وقال ابن المنذر / في «الإشراف» (ج2 ص178): (ولا يصح: حديث ابن مسعود t).اهـ
وقد قال ابن رجب في «فتح الباري» (ج9 ص77): (ولا عبرة بتضعيف ابن المنذر له، فإنه روي بأسانيد([77]) صحيحة).اهـ
قلت: قد ظهر لك مما سبق أنه ضعيف، ولا يصح، والصواب: تضعيف ابن المنذر: للأثر.
قلت: لذلك لم يصب ابن حجر في تصحيحه لهذا الأثر في «فتح الباري» (ج2 ص475)، فانتبه.
* خلاصة القول: أن الأثر ضعيف، لا يصح، لأنه اضطرب في إسناده.
فمرة: عن حجاج عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود t.
ومرة: عن حجاج عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن ابن مسعود t.
ومرة: عن مطرف عن الشعبي عن ابن مسعود t.
ومرة: عن مطرف عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود t.
ومرة: عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي من قوله!.
ومرة: عن مطرف عن رجل عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود t.
فهذا اضطراب شديد في الإسناد، يدل على ضعفه.
قلت: وقد روي عن أنس بن مالك t؛ خلاف ذلك، وهو أنه: «إذا فاتته صلاة العيد صلى ركعتين»، ليس بأربع ركعات!، ولا يصح؛ لاضطراب متنه، وإسناده، فاختلف فيه على أوجه، وإليك الدليل:
2) فعن أنس بن مالك t؛ أنه: (أمر مولاه ابن أبي عتبة بالزاوية([78])، فجمع أهله، وبنيه، وصلى كصلاة أهل المصر، وتكبيرهم). ([79])
أخرجه البخاري تعليقا في «صحيحه» (ج2 ص474)، ولا يصح، لاضطرابه.
وذكره ابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص450).
قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج3 ص120): «ضعيف»، وهو الصواب.([80])
فرواه حمزة بن محمد الكاتب ثنا نعيم بن حماد ثنا هشيم عن عبيدالله بن أبي بكر بن أنس بن مالك قال: (كان أنس بن مالك t: إذا فاتته صلاة العيد([81]) مع الإمام جمع أهله، فصلى بهم مثل: صلاة الإمام في العيد([82]».
أثر ضعيف
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص503)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص386).
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: نعيم بن حماد الخزاعي، وهو كثير الخطأ، لا يحتج به في الحديث.([83])
* وقد أعله الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج3 ص120)؛ به، بقوله: وهذا سنده ضعيف، فإن نعيم بن حماد ضعيف: لكثرة خطئه.
وقال ابن التركماني في «الجوهر النقي» (ج3 ص305): (في سنده نعيم بن حماد: قال النسائي: «ليس بثقة»، وقال الدارقطني: «كثير الوهم».).اهـ
قلت: ونعيم بن حماد قد جعل الإمام هو: «أنس بن مالك t»، وغيره من الرواة جعل «عبدالله بن أبي عتبة» هو الإمام؛ لصلاة العيد في البيت!. وهذا من الاختلاف في المتن.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص305)؛ تعليقا، وذكره بصيغة الضعف؛ بقوله: (ويذكر عن أنس بن مالكt : أنه كان إذا كان بمنزله بالزاوية، فلم يشهد العيد بالبصرة، جمع مواليه، وولده، ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة، فيصلي بهم: كصلاة أهل المصر؛ ركعتين، ويكبر بهم كتكبيرهم).
فالبيهقي يعل هذا الأثر.
قال ابن رجب / في «فتح الباري» (ج6 ص169): (وأنس بن مالك t لم يفته في المصر، بل كان ساكنا خارجا من المصر، بعيدا منه، فهو في حكم: أهل القرى).اهـ
الثانية: هشيم بن بشير الواسطي، وهو مدلس، وقد عنعن، ولم يصرح بالتحديث، فالإسناد ضعيف. ([84])
قال أحمد بن حنبل /؛ عن هشيم: (كان يدلس تدليسا وحشا). ([85])
وقال ابن سعد / في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص227): (يدلس كثيرا).
وقال النسائي / في «السنن الكبرى» (ج3 ص234): (هشيم بن بشير: كان مدلسا).
* ورواه صالح بن عبدالرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور قال: ثنا هشيم: أخبرني عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك، عن جده، أنس بن مالك t قال: (إذا كان في منزله بـ«الطف»، فلم يشهد العيد إلى مصره، جمع مواليه، وولده ، ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة، فيصلي بهم: كصلاة أهل المصر). ولم يذكر أنه فاتته: «صلاة العيد!». ([86])
أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص348).
وإسناده ضعيف، فيه صالح بن عبدالرحمن المصري، وهو منكر الحديث، ولا يحتج به بمثل هذا الاختلاف في الحديث. ([87])
قلت: وهذا الأثر من أوهامه، حيث جعل الإمام هو: «عبدالله بن أبي عتبة»، ليس بأنس بن مالك t!.
وأخرجه عبدالله بن أحمد في «المسائل» (ج6 ص176- فتح الباري لابن رجب) من طريق هشيم أنا عبيدالله بن أبي بكر عن جده: أنس بن مالك t به.
وهذا من الاختلاف.
* ورواه ابن علية عن يونس بن عبيد قال: حدثني بعض آل أنس؛ (أن أنسا t: كان ربما جمع أهله، وحشمه يوم العيد، فصلى بهم عبدالله بن أبي عتبة ركعتين)([88]). ولم يذكر أنه فاتته: «صلاة العيد».
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص46).
وإسناده ضعيف فيه من لم يسم، وهذا الوجه يدل أيضا على اضطراب الأسانيد في القصة الواحدة، مما يدل على أن الرواة لم يضبطوا هذا الأثر، فهو غير محفوظ.
وضعفه الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج3 ص121)، بالإبهام، وهو الصواب. ([89])
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص475).
* ورواه محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان عن يونس بن عبيد عن أبي بكر بن أنس قال: (كان مولى لأنس على رستاق([90]) من رساتيق البصرة؛ فأمره أنس t: أن يجمع بهم في الأضحى، والفطر)؛ فذكره في «العيدين»، وهذا منكر.
أخرجه ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص386 و387).
ولم يذكر أنه فاتته: «صلاة العيد»، وقد ذكر من رواية: «أبي بكر بن أنس»، وهي غير محفوظة، لأن هذا الأثر المعروف؛ برواية: «عبيد الله بن أبي بكر بن أنس»، وهذا يدل على اضطرابه.
وهذه علة أخرى في الأثر.
وأضف الاضطراب في المتن، وأن أنس بن مالك t؛ لم يحضر مع الإمام بنفسه، وهذا منكر، كما سبق ذكره.
خلاصة القول: أن الأثر ضعيف لا يصح، لأنه اضطرب في إسناده، ومتنه اضطرابا كثيرا، كما أوضحته في البحث المتقدم مع ضعف أسانيده.
* أما الإسناد؛ فمرة: عن عبيدالله بن أبي بكر بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك.
ومرة: عن بعض آل أنس بن مالك عن أنس بن مالك.
ومرة: عن أبي بكر بن أنس بن مالك عن مولى لأنس بن مالك.
* فهذا اضطراب شديد في الإسناد، يدل على ضعفه.
* وأما المتن:
فمرة يذكر: أن مولاه ابن أبي عتبة.
ومرة: أن مولاهم([91])ابن أبي عتبة.
ومرة: «ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة، فيصلي بهم»، ولم يذكر أنه فاتته: «صلاة العيد».
ومرة: «فأمره أنس t: أن يجمع بهم».
ومرة: «ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة».
* وكذلك يضطرب في أصل المتن:
فمرة: «وصلى كصلاة أهل المصر، وتكبيرهم»، يعني: لم يكن في البلد، ولم تفته الصلاة.
ومرة: «إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام»، يعني: كان في البلد، وفاتته الصلاة.
ومرة: «إذا كان في منزله بـ«الطف»، فلم يشهد العيد إلى مصره».
ومرة يذكر: «صلاة العيد».
ومرة: «فلم يشهد العيد بالبصرة».
ومرة: «فلم يشهد العيد إلى مصره».
ومرة: «يوم العيد».
ومرة: «أن يجمع بهم في الأضحى، والفطر»؛ يعني: في العيدين.
ومرة: «إذا كان بمنزله بالزاوية».
وكذلك يذكر؛ مرة: «صلاة العيد».
ومرة: «كصلاة أهل المصر».
ومرة: «فصلى ركعتين»، وهذا مطلق النفل ليست صلاة العيد.
فهذا اضطراب شديد في إسناد الأثر، ومتنه؛ مما يدل على أنه ضعيف، لا يحتج به.
قلت: وهذا الحكم أيضا ليس عليه دليل، والصحابة y على خلافه.
* فمضت السنة التي لا اختلاف فيها:
أن: «صلاة العيد» تؤدى بإمام، وجماعة، وخطبة، وفي مسجد جامع، وبركعتين، فيكبر في الركعة الأولى: سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الركعة الثانية: خمس تكبيرات قبل القراءة.
قلت: وقد اضطربوا في الفتاوى فيمن فاتته: «صلاة العيد» مع الإمام في المسجد.
فمنهم: من يرى أن يصلي صلاة العيد، وهو منفرد.
ومنهم: من يرى قضاء صلاة العيد بأربع ركعات.
ومنهم: من يرى قضاء صلاة العيد بركعتين، بدون صفة صلاة العيد من تكبير، وغيره.
ومنهم: من يرى الصلاة ركعتين، بدون جهر بالقراءة، ولا تكبير... ومنهم غير ذلك.
قلت: وكل ذلك مخالف للسنة، لا يحتج به، وهي اجتهادات خالفت الشريعة المطهرة، فانتبه.
3) وعن علي بن أبي طالب t: (أنه سئل في ضعفة الناس لا يستطيعون الخروج إلى الجبانة، فأمر رجلا يصلي بالناس أربع ركعات، ركعتين للعيد، وركعتين لمكان خروجهم إلى الجبانة).
أثر ضعيف مضطرب
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص47) من طريق ابن إدريس، عن ليث، عن الحكم، عن حنش قال: (قيل لعلي بن أبي طالب: إن ضعفة من ضعفة الناس،،، فذكره).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه ثلاث علل:
الأولى: ليث بن أبي سليم القرشي، وهو سيء الحفظ، لا يحتج به. ([92])
قال الإمام أحمد في «العلل» (ج1 ص389): (ليث بن أبي سليم: مضطرب الحديث).
والثانية: حنش بن المعتمر الكناني، ضعفوه، بسبب كثرة أوهامه، فلايحتج به.
قال الإمام ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص291): (سمعت أبي يقول: حنش بن المعتمر هو عندي صالح. قلت: يحتج بحديثه؟ قال: ليس أراهم يحتجون بحديثه).
وقال الإمام البخاري في «الضعفاء الصغير» (ص 38): (يتكلمون في حديثه).
وقال الإمام النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (ص 35): (ليس بالقوي).
وقال الإمام الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج1 ص619): (يتفرد عن علي t بأشياء، لا يشبه حديث الثقات).
الثالثة: الاضطراب في سنده، ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص48) من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق: (أن عليا t أمر رجلا يصلي بضعفة الناس في المسجد ركعتين).
قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه أبو إسحاق وهو مدلس، فلا يحتج به بمثل هذا النقل عن علي بن أبي طالب t، ثم ذكر في الحديث: «أمره أن يصلي ركعتين» مطلقا، وهذا من الاضطراب.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص48) من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبي قيس، قال: أظنه؛ عن هذيل: (أن عليا t أمر رجلا يصلي بضعفة الناس يوم العيد أربعا كصلاة الهجير). يعني: صلاة الظهر!.
وإسناده ضعيف، كما هو ظاهر.
وهذا من الاختلاف في الإسناد، والمتن، وهو أثر مضطرب، لا يحتج به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص48) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى: ( أن عليا t: أمر رجلا يصلى بالناس في مسجد الكوفة: ركعتين).
قلت: وهذا سنده ضعيف، لانقطاعه، فإن عبدالله بن عيسى بن أبي ليلى، لم يدرك علي بن أبي طالب t.
وكذلك: «أمره أن يصلي ركعتين»، نافلة!.
وهذا من الاختلاف في الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص48) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى عن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (صلي بالناس في مسجد الكوفة ركعتين، في إمارة مصعب بن الزبير). وليس في يوم عيد.
فعاد الأثر إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، وليس إلى علي بن أبي طالب t.
وهذا من الاضطراب في إسناد الأثر، وفي متنه.
4) وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (يصلي ركعتين ويكبر).
أثر ضعيف
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص45)، والفريابي في «المصنف» (ج2 ص475 -الفتح)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص384) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه ابن جريج، وهو مدلس([93]) ، وقد عنعن، ولم يصرح بالتحديث. ([94])
وعلقه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص474)، ولا يصح، لضعف إسناده.
قال ابن جريج: (إذا قلت: قال عطاء؛ فأنا سمعت منه، وإن لم أقل: سمعت).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي خيثمة في «أخبار المكيين» (ص356) من طريق إبراهيم بن عرعرة قال: نا يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريج به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الإمام أحمد /: (كل شيء: قال ابن جريج، قال: عطاء، أو عن عطاء؛ فإنه لم يسمعه من عطاء). ([95])
قال أحمد بن صالح: (ابن جريج: إذا أخبر الخبر؛ فهو جيد، وإذا لم يخبر، فلا يعبأ به) ([96]). يعني: إذا لم يصرح بالتحديث.
وقال الحاكم في «السؤالات» (ص174): (سئل الدارقطني: عن تدليس ابن جريج، فقال: يتجنب تدليسه، فإنه فاحش التدليس، لا يدلس، إلا فيما سمعه من مجروح).
وقال ابن حبان / في «الثقات» (ج7 ص93): (ابن جريج: كان يدلس).
وقال الخليلي / في «الإرشاد» (ج1 ص352): (ابن جريج يدلس في أحاديث، ولا يخفى ذلك على الحفاظ).
5) وعن الضحاك / قال: (من كان له عذر، يعذر به: في يوم فطر، أو جمعة، أو أضحى، فصلاته أربع ركعات).
أثر منكر
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص46) من طريق علي بن هاشم عن جويبر عن الضحاك به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه جويبر بن سعيد الأزدي، وهو منكر الحديث، ضعيف الحديث، لا يحتج به مطلقا. ([97])
قال الحافظ الذهبي / في «ديوان الضعفاء» (ص68): (متروك).
6) وعن الحسن البصري / قال: (يصلي مثل صلاة الإمام).
أثر منكر
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص46) من طريق وكيع عن ربيع بن صبيح عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه ربيع بن صبيح البصري، وهو سيء الحفظ، لا يحتج به.
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص320).
والأثر: علقه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص305).
7) وعن محمد بن سيرين / قال في الذي يفوته العيد: (أنه يستحب: أن يصلي مثل صلاة الإمام، وإن علم ما قرأ به الإمام؛ قرأ به).
أثر منكر
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص47-طبعة مكتبة الرشد) من طريق حسن بن عبدالرحمن الحارثي([98]) عن ابن عون عن محمد بن سيرين به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه حسن بن عبدالرحمن الحارثي، وهو مجهول.
ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص296)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص24)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول.
وقد وثقه ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص168)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل.
وعلقه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص305).
8) وعن قتادة قال: (من فاتته الصلاة يوم الفطر: صلى كما يصلي الإمام).
أثر ضعيف
أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج3 ص300 و301) من طريق معمر عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، فمعمر بن راشد الأزدي([99]) إذا لم يتابع على حديث قتادة: يرد حديثه، فلا يحتج به بمثل هذا النقل، وقد أخرج له في: «الصحيحين» متابعة: لمعمر عن قتادة، وليس بالتفرد.
قال الحافظ الدارقطني في«العلل» (ج12 ص221): (ومعمر سيء الحفظ لحديث قتادة والأعمش).
وقال أبو عبيد الآجري في «سؤالاته» (ج3 ص270): (قيل لأبي داود: «شيبان»؛ أحب إليك في قتادة من: «معمر»، قال: نعم). لأن معمر بن راشد: يهم على قتادة.
9) وعن حماد بن أبي سليمان قال: فيمن لم يدرك الصلاة يوم العيد: (يصلي صلاته، ويكبر مثل تكبيره)؛ يعني: صلاة، وتكبير الإمام.
أثر ضعيف
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص46) من طريق هشيم عن المغيرة عن حماد بن أبي سليمان به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه هشيم بن بشير الواسطي، وهو كثير التدليس([100])، وقد عنعن، ولم يصرح بالتحديث، فالإسناد ضعيف.
والمغيرة بن مقسم الكوفي([101])، وهو مدلس أيضا، وقد عنعن.
قال ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص464): (مغيرة بن مقسم الضبي: كان مدلسا).
وعن ابن فضيل قال: (كان المغيرة: يدلس). ([102])
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص46) من طريق جرير عن مغيرة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال: (إذا فاتتك الصلاة مع الإمام، فصل مثل: صلاته).
أثر ضعيف
إسناده ضعيف فيه مغيرة بن مقسم الكوفي، وهو مدلس، وقد عنعن، ولم يصرح بالتحديث.
10) وعن شريك، قال: سألت أبا إسحاق عن الرجل يجيء يوم العيد، وقد فرغ الإمام: قال: (يصلي ركعتين).
أثر ضعيف
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص47) من طريق شريك قال: سألت أبا إسحاق فذكره.
قلت: وشريك بن عبدالله النخعي، لا يحتج به بمثل هذا، لسوء حفظه، فهو سيء الحفظ. ([103])
11) وأثر أبي عياض: اختلف في متنه، وسنده، فلا يحتج به، وأبو عياض: هناك جماعة بهذه الكنية([104])، والأقرب: هو: «عمرو بن الأسود»، وهو لا يحتج به بمثل هذا الحكم.
فأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص46) من طريق وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة قال: (كان أبو عياض مستخفيا، قال: فجاءه مجاهد يوم عيد، فصلى بهم: ركعتين، ودعا).
أثر مضطرب
ومتنه منكر، ولم يثبت عن مجاهد شيئا في ذلك، وأبو عياض لا يحتج بأثره هذا، لأنه مخالف للسنة.
وأخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج3 ص301) من طريق ابن التيمي، وغيره عن شعبة عن الحكم بن عتيبة قال: (كان أبو عياض، ومجاهد متواريين زمن الحجاج، وكان يوم فطر، فكلم أبو عياض، ودعا لهم، وأمهم بركعتين، قال: وأخبرنا شعبة عن قتادة عن عكرمة مولى ابن عباس: (أنه كان يقول مثل ذلك).
فمرة: عن وكيع عن شعبة عن الحكم.
ومرة: عن ابن التيمي وغيره عن شعبة عن الحكم.
ومرة: عن شعبة عن قتادة عن عكرمة.
قلت: وهذا من الاختلاف الذي لا يحتج به، والصلاة بركعتين، مخالفة لصفة صلاة العيد، والتي لا بد لها أن تكون مع الإمام وفي جامع، فهذا الحكم مخالف للسنة، فلا يحتج به.
وكذلك: يذكر أن مجاهدا، جاءه من الخارج، وصلى معه، ومرة: أن مجاهدا كان معه في الخفاء، وهذا من الاختلاف. ([105])
12) وعن ابن الحنفية قال: (يصلي ركعتين).
أثر ضعيف
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص46) من طريق وكيع عن إسماعيل عن أبي عمر عن ابن الحنفية به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه: دينار بن عمر الأسدي، رافضي وهو ضعيف الحديث، لا يحتج به.
قال عنه أبو حاتم: ليس بالمشهور، وقال الخليلي: كذاب، وقال ابن حجر: صالح الحديث، رمي بالرفض، وقال الأزدي: متروك. ([106])
وذكره الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص131)، وابن الجوزي في «الضعفاء» (ج1 ص272)، فلا يحتج به في الحديث.
13) وعن الوليد قال: سألت الأوزاعي، قلت: جئت الإمام: وقد فرغ من العيد، وهو يخطب، فقال: (اجلس إلى خطبته، ثم إذا فرغ منها، فقم فصل ركعتين: لا تجهر بقراءتك، ولا تكبر تكبير صلاة العيد).
أثر ضعيف
أخرجه الفريابي في «أحكام العيدين» (ص207) من طريق صفوان بن صالح ثنا الوليد قال: سألت الأوزاعي فذكره.
قلت: ووليد بن مسلم الدمشقي، كثير الخطأ على الأئمة، والتدليس، وقد اختلطت عليه الروايات، فلا يحتج به بمثل ذلك، فقد اضطرب في سؤاله عن الأوزاعي، وعن مالك بن أنس. ([107])
* وهذا الحكم مخالف لصفة: «صلاة العيد»، فلا يحتج به([108])، لمخالفته للسنة، فلا تقضى لا على صفة: «صلاة العيد»، ولا تقضى على أنه يصلي ركعتين بمثل: النافلة، فإن ذلك لم يثبت عن النبي r، ولا عن صحابته y.
14) وعن الوليد قال: سألت مالك بن أنس /: عمن جاء إلى صلاة العيد، فوافاهم قد فرغوا من الصلاة، وفرغ الإمام من الخطبة، قال: (يصلي ركعتين ثم يفعل؛ كفعل إمامه في تكبير صلاة العيد).
أثر ضعيف
أخرجه الفريابي في «أحكام العيدين» (ص206) من طريق صفوان بن صالح ثنا الوليد قال: سألت مالك بن أنس فذكره.
قلت: ومن حيث هو مدلس، وأنه خطير التدليس، فقد ينقل الحديث، وليس له، وقد ينقل السؤال، وليس له، وكلاهما: من غيره.
فيظهره على أن هذا الحديث من حديثه، وأن هذا السؤال من سؤاله.
فيوهم: أنه أراد بالسؤال الأوزاعي، ومالك بن أنس، وغيرهما.
والوليد بن مسلم: قد اختلطت عليه أمور في روايات الأوزاعي، وفي روايات مالك بن أنس، وغيرهما.
فلا يلتفت إلى قوله هذا في سؤالاته، إلا إذا كانت هناك قرينة قوية توافق الأصول في العلم. ([109])
ولذلك اضطرب في السؤالين:
فمرة يقول: سألت الأوزاعي، وفيه: «فصل ركعتين»، مطلقا، والمتن مختلف.
ومرة يقول: سألت مالك بن أنس، وفيه: «يصلي ركعتين، بصلاة العيد»، والمتن مختلف.
ويؤكد ذلك: أن كلاهما: من طريق صفوان بن صالح([110])، فهذه قرينة تدل على أن الوليد بن مسلم غير ضابط للإجابة.
* وقد ثبت عن الإمام مالك خلاف ذلك: وأنه إذا فاتته: «صلاة العيد» مع الإمام في المسجد، لا يصلي، ولا يقضي: لا في المصلى، ولا في بيته. ([111])
فعن معن قال: قال مالك /: (في رجل وجد الناس؛ قد انصرفوا: من الصلاة يوم العيد؟. أنه لا يرى صلاة في المصلى، ولا في بيته، وأنه إن صلى في بيته، أو في المصلى: لم يرى بذلك بأسا، ويكبر سبعا في الأولى قبل القراءة، وخمسا في الآخرة قبل القراءة).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «أحكام العيدين» (ص206) من طريق إسحاق بن موسى ثنا معن قال: قال مالك بن أنس / به، وهو في «الموطأ» (ج1 ص180).
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه يحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (496)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (591)، وابن بكير في «الموطأ» (581)، والقعنبي في «الموطأ» (341)، والحدثاني في «الموطأ» (190) ؛كلهم: عن مالك بن أنس به.
قلت: فقول الإمام مالك /: (أنه لا صلاة للعيد بعد انقضائها، لا في المصلى، ولا في البيت)؛ فهذا القدر في الحكم هو الراجح من مذهبه، وهو المعتمد في الدين، لأنه موافق للسنة، والصحابة y، والتابعين الكرام. ([112])
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
([1]) وقد أمر الإمام مالك / بالتمسك بالسنة إذا قال بقول: يخالفها، لأنه يعلم أنه يجتهد في الحكم، وأنه يخطئ ويصيب.
وانظر: كتابي «طلوع الأقمار» (ص59).
([3]) وكذلك الشيخ الألباني؛ لم يصححه في «مختصر صحيح البخاري» (ج1 ص302)، مع أن الأثر: علقه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص474)، وذلك لأنه معلول.
([4]) وهذا من اضطراب الأثر، فمرة يذكر أنه صلى في بيته، ولم تفته: «صلاة العيد»، ومرة فاتته: «صلاة العيد».
([6]) ويستحيل: من «عبد الله بن مسعود t» ، يقول: «يصلي أربعا»، و«صلاة العيد» يصليها المسلم: «ركعتين».
([7]) ولفظ الأثر: منكر، لأن: «صلاة العيد» تصلى ركعتين، فكيف تصلى أربعا!، بمثل: «صلاة الجمعة» إذا فاتت، وصلاة الجمعة إذا فاتت تصلى أربعا، وهي صلاة الظهر، وصلاة العيد إذا فاتت ليس لها هذا الحكم في السنة.
والفرق ظاهر لأن من فاتته الجمعة: يعود لفرضه من الظهر، بخلاف صلاة العيد، ليس لها ذلك.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص475).
([8]) وقد تبين: أن المقلدة لم يوافقهم على إفتائهم؛ بهذه المخالفة؛ أي: عالم فقيه، لا من المتقدمين، ولا من المتأخرين.
لأن الذين أفتوا بالقضاء من الفقهاء، إذا كانت الصلاة قائمة في المساجد، وقد فاتت من عذر، فإنه عندهم تقضى: «صلاة العيد»، أما إذا لم تقم: «صلاة العيد» في البلد بالكلية في المساجد، فإن عند جميع العلماء من المتقدمين، والمتأخرين، لا تقام، ولا تقضى، بل تسقط على جميع المسلمين، فلا تقضى، لا في البيوت، ولا في غيرها، لأن القضاء لا بد له من فوات جماعة في المساجد، فافهم لهذا ترشد.
([9]) فكيف: المقلدة يأمرون العامة بـ«صلاة العيد» أن تصلى في البيوت، فرادى: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5].
([10]) والمقلدة؛ جعلوا: «صلاة العيد» أن تصلى العيد في البيوت من جنس التطوع، وهذا الأمر محدث في الإسلام، اللهم غفرا.
([13]) فالمقلدة؛ أحدثوا: حدثا في: «صلاة العيد» في تأديتها في البيوت للرجال، والنساء: ]ما أنزل الله بها من سلطان[ [النجم:23].
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r: (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه، فهو رد). وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص959)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343).
([15]) وهؤلاء الفقهاء: اجتهدوا، والأصل: الرجوع إلى الكتاب، والسنة، والآثار في الأحكام في الأصول والفروع.
([16]) فكان هذا من عجائب ما وقع فيه المقلدة من التساهل في إصدار الأحكام عن طريق تقليد: آراء الرجال، بنقل إفتائهم، دونما نظر في أدلتهم، هل هي موافقة للكتاب، والسنة، والآثار، أو غير موافقة، والغفلة عن فقه الصحابة y.
لذلك: لا يجوز الخبط، والخلط، لا في الأصول، ولا في الفروع في الدين.
([18]) قلت: وهذا الاختلاف المذموم لا يختص فقط في الأصول، كذلك يذم الخلاف في الفروع، فافطن لهذا.
وانظر: «الضعيفة» للشيخ الألباني (ج1 ص77)، و«مختصر الصواعق» لابن القيم (ج2 ص566)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج13 ص118).
([21]) فلا يجوز إفتاء الناس بالتقليد في الفتاوى بدون دليل، فتقول: قال فلان بدون معرفة لدليله، فإن ذلك هو الهلاك المبين.
العـــــــــــــــلم قـــــــــــــال الله قـــــــــــــال رســـــــــــــوله |
|
|
قــــــــــال الصحـــــــــابة ليس خـــــــــلف فيــــــــــه |
مــــــــــــا العـــــــــــلم نصبك للخــــــــلاف سفــــــــاهة |
|
|
بين النصــــــــــــــوص وبين رأي سفيـــــــــــــــــــــه |
كلا ولا نصــــــــــــب الخــــــــــــــلاف جهــــــــــــــــالة |
|
|
بين الرســـــــــــــــــول وبين رأي فقيـــــــــــــــــــــــه |
وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج1 ص149).
([24]) ولا تشريق: «صلاة العيد»، أخذا من شروق الشمس؛ لأن ذلك وقتها.
وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص264)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج6 ص393).
قلت: الشاهد: لا «صلاة جمعة»، و«صلاة عيد»؛ إلا في مصر جامع على الأصل، لكن إذا اتسع البلد، فيجوز تأدية: «صلاة الجمعة»، و«صلاة العيد» في القرى، بإذن الإمام في الجوامع، ضرورة، لكن الأصل، لا جمعة، ولا عيد؛ إلا في مصر جامع.
([28]) يعني: القرية الكبيرة، أو القرية المتوسطة، وليست القرية الصغيرة التي تتسع لعشرين من البيوت مثلا؛ فإن أهل هذه القرية الصغيرة يذهبون يصلون في جوامع المدن الكبرى، والقرى الكبرى، والقرى الوسطى، كما هو الشأن فيالقرى الصغرى في اليمن مثلا، وغيرها، وقد أجمع الصحابة y على هذا الحكم، فافهم لهذا ترشد.
([29]) ويدخل للمنفرد في بلده سقوط: «صلاة العيد» عنه إذا فاتته مع الجماعة، أو تركت بالكلية في البلد من عذر؛ سقطت.
([32]) ذكره إسحاق بن منصور المروزي في «المسائل» (ج2 ص865).
وانظر: «تبيين الحقائق» للزيلعي (ج1 ص217)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج4 ص337).
([34]) فالشاهد: «في مصر جامع»، فلا تقام: «صلاة الجمعة»، و«صلاة العيد»، إلا في مسجد جامع مع الإمام.
وإذا كان هناك جوامع في القرى الكبرى، أو القرى الوسطى؛ بإذن الإمام، فلا بأس بتأدية «صلاة الجمعة»، و«صلاة العيد»، ضرورة، لكن: الأصل: لا جمعة، ولا عيد؛ إلا في مصر جامع في المدينة، أو في البلد، فافهم لهذا.
([35]) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج6 ص173 و175)، و«المبسوط» للسرخسي (ج2 ص177)، و«الهداية في شرح بداية المبتدي» للمرغيناني (ج1 ص213)، و«الآثار» لمحمد بن الحسن (ج1 ص245)، و«كنز الدقائق» للنسفي (ج1 ص187)، و«الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي (ج1 ص535)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص279).
([36]) وإذا صلاها المسلم في البيت، فلا بد أن يخل بهذه الشروط، فكيف يؤديها، أو يقضيها في البيت، وهي على هذه الصفة: اللهم غفرا.
([40]) ولم يثبت عن النبي r، والصحابة y؛ أنهم صلوا: «صلاة العيد»، فرادى في البيوت، بدون مسجد جامع، ومصلى العيد.
وعلى هذا: فإن المقلدة في هذا الزمان يفتون بتأدية: «صلاة العيد»، فرادى في البيوت بدون دليل، بل بالتقليد لاجتهاد عدد من العلماء المتأخرين، كعادتهم، وبهذا أحدثوا في دين الله تعالى حدثا في: «صلاة العيد» بناء على آثار ضعيفة، واجتهادات علماء، اللهم غفرا.
([45]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([46]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي ، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([47]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([49]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذه المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.
([52]) لذلك: لا نقوم بتأدية الفرع، دون وجود الأصل بالكلية.
فصلاة العيد: غير قائمة، في هذه الأيام لعذر هذا الوباء في جميع المساجد، فكيف تقضى، وهي لم توجد في أصلها؟!.
([55]) قلت: وهذا الحكم يناسب: ما نحن فيه في هذه السنة: «1441هـ»، وأن: «صلاة العيد» لم تقم بالكلية في المساجد كلها؛ بسبب عذر انتشار: «الوباء».
وقد أمر ولي الأمر بعدم إقامتها في البلد، فحكم الإمام أحمد /: أن لا تصلى في البيوت نهائيا، لأن: «صلاة العيد» غير قائمة على أصلها، وهذا القول للإمام أحمد: هو الصواب، لأنه موافق للسنة.
([57]) لأنه لم يثبت الأخذ بمشروعية القضاء، أو الاستدراك: «لصلاة العيد» إذا فاتت مع الجماعة، أو لم تقم بالكلية.
ولم يأت الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص474)؛ بدليل من السنة: يطابق الترجمة على: أن من فاتته: «صلاة العيد»، يصلي ركعتين في البيت.
([59]) وقد أمر الإمام مالك / بالتمسك بالسنة إذا قال بقول: يخالفها، لأنه يعلم أنه يجتهد في الحكم، وأنه يخطئ ويصيب.
وانظر: كتابي «طلوع الأقمار» (ص59).
نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).
([61]) قلت: والمراد بالتقليد هنا: هو الاتباع، وهو التقليد المحمود، وليس هو من التقليد المذموم الذي عند المتأخرين والمعاصرين من المذهبيين، والحزبيين الذين هلكوا بسبب التقليد الأعمى لأفكارهم، والتعصب لها.
قلت: فالتقليد من غير دليل، ومن غير معرفة ما عليه المقلد من حق، أو باطل، فهذا هو التقليد المذموم، وهو المردود في الدين.
إذا فالتقليد بمعنى الاتباع ما عليه المقلد من الحق، فهذا محمود في الدين، لأنه تقليد للنبي r، وأصحابه y.
وانظر: «شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص421).
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).
وإسناده صحيح.
([64]) ولفظ الأثر: منكر، لأن: «صلاة العيد» تصلى ركعتين، فكيف تصلى أربعا!، بمثل: «صلاة الجمعة» إذا فاتت، وصلاة الجمعة إذا فاتت تصلى أربعا، وهي صلاة الظهر، وصلاة العيد إذا فاتت ليس لها هذا الحكم في السنة.
والفرق ظاهر لأن من فاتته الجمعة: يعود لفرضه من الظهر، بخلاف صلاة العيد، ليس لها ذلك.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص475).
أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (ج1 ص278)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص224 و225)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص378)، وفي «الضعفاء الصغير» (ص36).
وإسناده صحيح.
([73]) وانظر: «تحفة التحصيل» للعراقي (ص164)، و«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص190)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص68).
([75]) فاتفاق: هشيم، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، يترجح هذا الوجه على وجه ذكر: «مسروق» في الإسناد، وهذه علة أخرى.
([79]) هذه الرواية: تبين أن أنس بن مالك t صلى العيد، هو وأهله في البيت دون الإمام، ولم يذكر أنه فاتته: «صلاة العيد»، ثم قضاها، وهذه الرواية منكرة، لأنه t يستحيل أن يتخلف عن جماعة المسلمين، ويصلي في بيته، لأن الصحابة y أحرص الناس على الجماعة، فافهم لهذا ترشد.
([80]) وكذلك الشيخ الألباني؛ لم يصححه في «مختصر صحيح البخاري» (ج1 ص302)، مع أن الأثر: علقه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص474)، وذلك لأنه معلول.
([81]) وهذا من اضطراب الأثر، فمرة يذكر أنه صلى في بيته، ولم تفته: «صلاة العيد»، ومرة فاتته: «صلاة العيد».
([82]) وقد ذكر في هذا اللفظ: «إذا فاتته صلاة العيد»، وفي الألفاظ الأخرى أنه يتخلف بنفسه عن الإمام ويصلي هو وأهله «صلاة العيد»، وهذا باطل، لأن الصحابة y يصلون دائما مع الإمام في: «صلاة العيد»، لا يتخلف أحد منهم، إلا من عذر.
ثم إن اللفظ يوحي على أن أنس بن مالك t يتخلف كثيرا عن: «صلاة العيد» مع الإمام، وهذا منكر من القول، لأن الصحابة y؛ هم: أحرص الناس على الصلاة معهم في المساجد.
([83]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج9 ص230)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص458)، و«تقريب التهذيب» له (ص1006).
([84]) وانظر: «المعرفة والتاريخ» للفسوي (ج2 ص633)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج1 ص311)، و«العلل الكبير» للترمذي (ص386)، و«تاريخ الثقات» للعجلي (ص459)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج7 ص138)، و«تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص158 و159)
([89]) وكذلك الشيخ الألباني؛ لم يصحح هذا الأثر في «مختصر صحيح البخاري» (ج1 ص302)، بل عزاه إلى ابن أبي شيبة.
([91]) وهناك فرق بين: «مولاه»، و«مولاهم».
قوله: (مولاه)؛ أي: مولى أنس بن مالك t.
وقوله: (مولاهم)؛ أي: مولى أنس، وأهله.
وانظر: «التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص70).
([93]) لأن ابن جريج: أخبر عن نفسه، أنه إذا قال: قال عطاء كذا، فقد سمعه منه، وهذا ليس منه.
قلت: وقد ثبت عن عطاء بن أبي رباح خلاف ذلك كما سوف يأتي، وأن صلاة الجمعة، لا تؤدى إلا في الجامع، وكذلك: «صلاة العيد».
([97]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص205)، و«تهذيب التهذيب» له (ج2 ص123)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج5 ص167)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص427)، و«ديوان الضعفاء» له (ص68).
([98]) قال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص24): (روى عن ابن عون).
وقد تحرف اسم: «حسن بن عبدالرحمن الحارثي» إلى: «عبدالرحمن المحاربي»، وهو خطأ في «طبعة: مؤسسة الكتب الثقافية» (ج2 ص5).
وعبدالرحمن بن محمد المحاربي: هذا لين الحديث، وهو مدلس، وصفه بذلك: أحمد، والعقيلي، وغيرهما.
وانظر: «تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص140)، و«تقريب التهذيب» له (ص598)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج2 ص347)، و«العلل» رواية: عبدالله بن أحمد (ج3 ص363).
([103]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج12 ص462)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص333)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج8 ص178).
([104]) وانظر: «الأسامي والكنى» لأبي أحمد الحاكم (ج6 ص585)، و«الكنى والأسماء» لمسلم (ق/ 87 /ط)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص546).
([106]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج8 506)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج3 ص430)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ص311)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (ص131)، و «ميزان الاعتدال» له (ج2 ص220).
([107]) وانظر: «السؤالات» للآجري (ج2 ص186 و187)، و«المعرفة والتاريخ» للفسوي (ج2 ص464)، و«العلل الكبير» للترمذي (ص133)، و«الثقات» لابن حبان (ج9 ص222)، و«المجروحين» له (ج1 ص91)، و(ج2 ص55)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج2 ص823)، و«بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (ج4 109 و110)، و(ج5 ص499)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص135)، و«تعريف أهل التقديس» له (ص170)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص113).
([108]) قلت: فلا يحتج بمثل هذه الآثار في الدين، ولا يفتى بها في الأحكام، لأنها مخالفة للكتاب، والسنة، فتنبه.
([109]) وقد خالف الأصول، فلا يحتج به بمثل هذا الحكم، فافطن لهذا.
لذلك ترى السائل أحيانا ينقل عن العالم: خلاف ما أجابه عن السؤال!.