القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / فتح الإله في إثبات الحد لله

2023-11-25

صورة 1
فتح الإله في إثبات الحد لله

    

وبه أثق

افحام

الأشعرية الجهمية المعتزلية

في مسألة علو الله تعالى على العرش فوق السماوات السبع

قال أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني: «كنا عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل، فقال له: ما معنى قوله تعالى:    ﮊ ﮋ ﮌ  [طه:5]، فقال له ابن الأعرابي: هو على عرشه كما أخبر، فقال: يا أبا عبداللـه أما معناه استولى؟، فقال له ابن الأعرابي: ما يدريك؟، العرب لا تقول: استولى على الشيء حتى يكون له مضاد، وأيهما غلب فقد استولى». وفي رواية: «والله تعالى لا مضاد له، وهو على عرشه كما أخبر». وفي رواية: «الاستيلاء بعد المغالبة».

أثر صحيح

   أخرجه أبوطاهر الأصبهاني في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص426)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص399)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (879)، وابن مهدي في «تأويل الآيات المشكلة» (ق/133/ط)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص283)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (105)، والذهبي في «الأربعين في صفات رب العالمين» (ص38)، وفي «العلو» (ج2 ص1132) من طريق أبي عبداللـه إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي النحوي، المعروف بنفطويه- وهو في كتابه: «الرد على الجهمية» (ج2 ص289)_ العرش للذهبي) نا أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني به.

قلت: وهذا سنده صحيح وقد صححه الشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص196).

وذكره ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص336)، وابن منظور في «لسان العرب» (ج14 ص414)، والذهبي في «العرش» (ج2 ص289)، والسيوطي في «الاعتقاد» (ج2 ص6)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص265)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص406).

وهذا رد على أهل التحريف الذين يزعمون أن معنى  ؛ أي: استولى عليه!.

قلت: وتفسيرهم هذا مخالف، لتفسير السلف الصالح الذي أجمعوا على أن معنى: «استـوى على العرش»؛ أي: علا على العرش.

وقولهم هذا: «استولى»؛ يلزم منه أن هناك إله آخر مع اللـه تعالى، ثم غلبه الله تعالى واستولى عليه!، لأن كلمة «استولى» لا تكون إلا بعد مغالبة من آخر، وهذا باطل لأن الله تعالى لا يغلبه أحد، ولم يكن معه أحد حتى يغلبه، ويستولي على العرش([1])!، اللهم غفرا.

وإليك الدليل:

1) ﭧ ﭨ ﮋ     ﮊ ﮋ ﮌ [طه:5]؛ أي: علا على العرش.

2) وﭨ ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [الأعراف:54].

3) وﭧ ﭨ ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ [يونس:3].

4) وﭧ ﭨ ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ  [الرعد:2].

5) وﭧ ﭨ ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ [الفرقان:59].

6) وﭧ ﭨ ﮋ   ﭻ ﭼ ﭽﭾ [السجدة:4].

7) وﭧ ﭨ ﮋ ﭙ ﭚ   ﭛ ﭜﭝ    [الحديد:4].

قلت: فذكر الله استواءه على عرشه في سبعة مواضع من كتابه العزيز، والله المستعان.

 

 

 

    

ﯼﯽ ﯿ

 

المقــدمــة

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه النبي العربي الأمينه.

أما بعد،

فهذه رسالة لطيفة أثرية في باب من أبواب الاعتقاد السلفي؛ وهو «إثبات الحد للـه تعالى»، وعلوه على خلقه، واستوائه على عرشه، وبينونته عن خلقه([2]).

وهي مع صغر حجمها تضم آثارا مهمة عن السلف الصالح في «إثبات الحد للـه تعالى».

قلت: وهذا معتقد أهل السنة والأثر قديما وحديثا، فلم نأت بمحدث من القول، ولا بمنكر من الاعتقاد، وقد تحرينا فيه الاقتداء، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة ن، والتابعين الكرام، والأئمة الفضلاء ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم.

قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار([3]).

قال الإمام الآجري /في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول اللهه، وسنن أصحابه ن، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا([4]).

ﭧ ﭨ ﮋ   ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ  ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ   [النساء: 115].

قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد «أثبتوا الحد للـه تعالى»، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم فله و عيد شديد، و العياذ باللـه.

قلت: ووجه الاستدلال بها([5])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون اتباعه واجبا

على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة([6]). 

والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول ه، ومن شاق الرسول ه اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول ه؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه ه، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات([7]).

قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([8]) الرسول ه، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([9])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.

قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف([10]).

قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول ه متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول ه؛ وعلى هذا علماء السلف.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ

قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول ه، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى: ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ    ﮜ ﮝ ﮞﮟ  [البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول ه هم الصحابة ن.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ

قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([11])، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول ه. قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول ه، فالمخالف لهم مخالف للرسول ه؛ كما أن المخالف للرسول ه مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول ه: وهذا هو الصواب([12]).

فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول ه، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الاجماع فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص، وهو دليل ثان مع النص). اهـ

قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول ه التي هي كفر فيحرم([13])؛ إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة([14]).

قلت: والاعتراضات التي ذكرها المبتدعة على إجماع السلف، والأئمة في الأسماء والصفات؛ هي في الحقيقة اعتراضات متكلفة، وفاسدة، تكلفوها حتى يروجوا بدعة التجهم في الدين.

قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول ه؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.

وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.

 قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المبتدع أن يتبع غير سبيل الرسول ه، بل ومشاقته ه؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من اعتقاد فاسد في الأسماء والصفات، والله المستعان.

ﭧ ﭨ ﮋ    ﮥ ﮦ ﮧ     ﮨﮩ  [البقرة:195].

ﭧ ﭨ   ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ  ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ  [النساء:115].

والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول ه، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ [النساء:115].

ومنه؛ لقوله تعالى: ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ  ﮥﮦ  [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.

فقوله تعالى: ﭻ ﭼ ﭽ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([15])، والعياذ باللـه.

قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في الأسماء والصفات، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في إثبات الأسماء والصفات من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، وهذه هي مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.

قلت: وعليه؛ فلا تعجل أخي القارئ برد هذا الكتاب، ولا ما جاء فيه عن أئمة الحديث؛ فتقع في مخالفتهم؛ فإنه لم يأت إنكار مسألة «الحد للـه تعالى» إلا عن الجهمية أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، فعنهم تلقفها من جاء بعدهم ممن اشتغل بالنظر في كتب أهل الكلام، وأعرض عن دراسة ما كتبه أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.

قلت: ومن الذين اشتغلوا بعلم الكلام المدعو حسن بن علي السقاف المبتدع الجهمي الزنديق([16])، الذي أرغى وأزبد، وشرق وغرب، وبعد وقرب في الطعن في أهل السنة والجماعة، وفي اعتقادهم، ومصنفاتهم.

وهذا ليس بغريب من هذا المبتدع الجهمي الزنديق الذي ملأ كتبه، وتعليقاته على كتب السنة بالطعون الكاذبة، والتعليقات الواهية، والتحريرات النابية، وتضعيفه للأحاديث والآثار بالافتراء، والاتهامات الزائفة؛ لأئمة السلف الصالح، ومن تبعهم بإحسان في كل زمان.

قلت: وقد افتضح أمر السقاف الجهمي هذا، وانكشف حاله، وظهر للقريب، والبعيد ما عرف به من الزيغ، والجهل في الدين؛ جملة وتفصيلا.

ولقد رأيت لهذا الجهمي تعليقات واهية، وتحريرات نابية على كتاب «العلو للعلي الغفار» للحافظ الذهبي /؛ طبعة: «دار الإمام النووي، عمان- الأردن؛ سنة: 419اهـ»؛ فهناك من يروج له، ويدافع عنه من المبتدعة فيجب الحذر من هذه الطبعة المشينة([17])، اللهم سلم سلم.

قلت: وهكذا أهل البدع، يتواصون دوما فيما بينهم؛ لنشر الباطل، والإفك والزيف، والغمز والتحريف، والتبديل و التضليل، والزندقة والطعن في أئمة السنة وكتبهم، وهذا ديدنهم الذي به على غيرهم يعلون، ومن أجله يفتخرون([18]).

قلت: والسقاف الزنديق الزنديق لما في قلبه من الحقد، والغل، على أهل السنة، فلم يدع لفظة شنيعة؛ إلا ووسم بها أهل السنة، ولا وصفا قبيحا؛ إلا وعابهم به، فجعل الحق باطلا، والباطل حقا، والسنة بدعة، والبدعة سنة؛ ولم يكتف بما جاء به من البدع في توحيد الأسماء والصفات، حتى طعن في أحاديث الأسماء والصفات([19])، وتجاوز حده فيها، فأخذ يفتري على النبي ه، وعلى السلف بالكذب... فسعى بشتى الوسائل البدعية للقضاء على «العقيدة السلفية»، ولكن هيهات.. هيهات.

فهذا السقاف الجهمي، فإن قلت عنه أنه أشعري؛ فباطله يدل على ذلك،... وإن قلت عنه أنه جهمي؛ فضلالاته تشهد عليه بذلك... وإن قلت عنه أنه زنديق؛ فبدعه تدينه بذلك... فكل بدعة، وضلالة، وزندقة فيه([20])، اللهم([21])سلم سلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص485): (المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل عليهم السلام من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص224): (لهذا السلف مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول ه مشهورا معلوما بالاضطرار، لعموم المسلمين). اهـ

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص257): (ولهذا كان السلف، والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة؛ بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع). اهـ

وإنما ذكرته هنا حتى يتبين لك أن هذا الكتاب الذي سطرته في عقيدة أهل السنة والجماعة في «الحد»، و«العلو»، و«الاستواء»، أنه شجى في حلوق أهل البدع من الجهمية، والأشاعرة، وغيرهم، ومنهم: المدعو حسن بن علي السقاف المبتدع الأشعري الجهمي الزنديق([22])، والله المستعان.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح، والله الموفق.

قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الحد للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات علوه سبحانه وتعالى، وبينونته من خلقه، واستوائه على عرشه.

وورد عن بعض أهل العلم إطلاق نفي «الحد»؛ وإنما أرادوا بهذا النفي معنى صحيحا يوافق ما أجمعوا عليه، لا ما يريده الجهمية من نفي «الحد»؛ الذي يعنون به نفي العلو للـه تعالى على خلقه([23]).

قلت: ونفي بعض أهل العلم « الحد للـه تعالى»، يحمل على معنيين:

الأول: عدم إحاطة لشيء من المخلوقات به سبحانه وتعالى.

الثاني: نفي علم الخلق «بحده» سبحانه وتعالى، فلا يعلم كيفية حده إلا هو سبحانه([24]).

ﭧ ﭨ ﮋ           [طه: 110].

قال أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص62): (وقد اتفقت الكلمة من المسلمين، والكافرين أن الله تعالى في السماء، وحدوه بذلك؛ إلا المريسي الضال وأصحابه). اهـ

قلت: وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قول المسلمين، و بين الجهميين من الفرق في الدين.

واعلم أن من أهم ما تريد الجهمية الزنادقة الوصول إليه: هو نفي علو اللـه تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه([25])، والعياذ باللـه.

قلت: لذلك أنكر عليهم أئمة السنة، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم([26])، اللهم سلم سلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص43): (لما كان الجهمية يقولون ما مضمونه: إن الخالق لا يتميز عن الخلق، فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قدره، ..فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه، منفصل عنه، وذكر «الحد»؛ لأن الجهمية كانوا يقولون: «ليس له حد»، وما لا حد له لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم، لأن ذلك مستلزم للحد). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص590): (وقد ثبت عن أئمة السلف أنهم قالوا: للـه تعالى «حد»، وأن ذلك لا يعلمه غيره، وأنه مباين لخلقه، وفي ذلك لأهل الحديث والسنة مصنفات). اهـ

وقال أبو سعيد الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص58): (فمن ادعى أنه ليس للـه تعالى «حد» فقد رد القرآن، وادعى أنه لا شيء؛ لأن الله تعالى «حد» مكانه في مواضع كثيرة في كتابه، فقال تعالى:     [طه: 5]، و [الملك: 16]، و [النحل: 50]، و            [آل عمران: 55]، و ﯬﯭ  [فاطر: 10]، فهذا كله وما أشبهه شواهد، ودلائل على الحد، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل اللـه تعالى، وجحد آيات اللـه تعالى). اهـ

قلت: لأن بنفي «الحد» عن اللـه تعالى؛ يستلزم نفي علو اللـه تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي ذلك كفر بإجماع السلف الصالح، وأئمة السنة؛ اللهم سلم سلم.

فيسرنا أن نضع بين يدي طلبة السنة كتابي: «فتح الإله في إثبات الحد للـه تعالى»، وكتابنا هذا سرنا فيه على طريقة السلف في تصانيفهم، فسقنا الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية؛ «المثبتة للحد للـه تعالى» على المعاني الصحيحة فيها.

قلت: وهذا الاستنباط من النصوص في الأصول والفروع لا يعرفه، إلا علماء السنة والأثر: ﭿ ﮃﮄ       [الجمعة:4]، وهو من التأويل الصحيح للنصوص، وللـه الحمد والمنة.

ﯘﯙ            ﯣﯤ       [آل عمران: 7].

و ﮟﮠ  [النساء: 82].

و   ﭽ ﭾ ﭿ                       [النساء: 81].

قلت: فمن أين لهم هذه الحذلقة، والفلسفة([27]) على أن يردوا على اللـه تعالى، وعلى رسوله ه، وعلى أئمة المسلمين، وعلمائهم من أهل الحديث، والله المستعان.

قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص100): (وكل واحد منهم- يعني: الأئمة- له تصانيف كثيرة... وكلهم من أصحاب الحديث يعرفون تفسير القرآن العظيم، وتفسير الأحاديث عن النبي ه، وتأويلها، واحتجوا في «إثبات الحد للـه عز وجل» بنص الكتاب والسنة، وما قالوا في ذلك بالمقاييس والآراء، ولا بأهواء أنفسهم، وإنما قالوا بدلائل، وبراهين من الكتاب والسنة، ولا يكون على وجه الأرض أحد أعلم بالكتاب والسنة من أصحاب الحديث، فمن يخالفهم، ولا يقول ما قالوه، ولا يعتقد ما اعتقدوه، فهو مبتدع ضال مضل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق اللـه تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله ه، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

قلت: فهذا نحن نروي عن أئمة المسلمين من أهل الحديث بأسانيد صحيحة في «إثبات الحد للـه تعالى»، بما يليق بجلاله سبحانه تعالى.

وها أنا ذا الآن شارع فيما قصدت من التبيين؛ فالله أسأل أن يقوي حجتي، وأن يسدد قلمي، وأن يرزقني هديا قاصدا، إن ربي لسميع الدعاء.

والحمد لله تعالى على السنة.

 

أبو عبد الرحمن الأثري

    

رب يسر

ذكر الدليل

من الكتاب، والسنة، والآثار، والإجماع

 على «إثبات الحد لله تعالى»

تعريف الحد:

الحد لغة: فصل بين كل شيئين؛ حد بينهما، ومنتهى كل شيء حده؛ أي: حد الشيء منتهاه، والفصل بين الشيئين لئلا تختلط أحدهما بالآخر، ومنه أحد حدود الأرضين، وحدود الحرم، و «الحد»: المنع، والمراد لكل شيء منتهى، ونهاية([28]).

قال ابن فارس / في «معجم المقاييس» (ج2 ص3): (حد: الحاء، والدال؛ أصلان: الأول: المنع، والثاني: طرف الشيء، فالحد: الحاجز بين الشيئين). اهـ

وقال الفيروز آبادي / في «القاموس المحيط» (ص299): (الحد: الحاجز بين شيئين، ومنتهى الشيء). اهـ

وقال الفيومي / في «المصباح المنير» (ص69): (الحد في اللغة: الفصل، والمنع... يقال: «حددته»؛ عن أمره إذا منعته، فهو «محدود»، ومنه: «الحدود»؛ المقدرة في الشرع؛ لأنها تمنع من الإقدام، ويسمى الحاجب: «حدادا»؛ لأنه يمنع من الدخول).اهـ

وقال الخليل / في «العين» (ج1ص355): (الحد: فصل ما بين كل شيئين حد بينهما، ومنتهى كل شيء حده... وحدود الله: هي الأشياء التي بينها، وأمر أن لا يتعدى فيها). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني /: (حد كل شيء موضع بينونته عن غيره فإن كان غرض القائل بقوله: ليس للـه حد؛ لا يحيط علم الخلق به؛ فهو مصيب) ([29]).

قلت: فكل موجود له حد ينتهي إليه، ويميزه عن غيره في صفته، وقدره.

وقال أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص57): (الخلق كلهم علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم الشيء إلا وله حد، وغاية، وصفة، وأن لا شيء ليس له حد، ولا غاية، ولا صفة؛ فالشيء أبدا موصوف لا محالة، ولا شيء يوصف بلاحد، ولا غاية، وقولك: لا حد له؛ يعني: أنه لا شيء). اهـ

قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على إطلاق لفظ «الحد للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات علوه تعالى، وبينونته عن خلقه، واستوائه على عرشه([30]).

قال أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص62): (اتفقت الكلمة من المسلمين، والكافرين أن الله تعالى في السماء، وحدوه بذلك؛ إلا المريسي الضال وأصحابه([31])، حتى الصبيان الذين لم يبلغوا الحنث قد عرفوه بذلك إذا حزب الصبي شيء يرفع يديه إلى ربه يدعوه في السماء دون ما سواها).اهـ

قلت: ومما نقل عن أهل الحديث- كما قد بسط في غير هذا الموضع- وبينوا أن ما أثبتوه للـه تعالى من «الحد» لا يعلمه غيره، فكيفية هذا «الحد» لا يعلمه إلا الله تعالى([32])([33]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج2 ص33) بعدما ذكر قول بعض أهل العلم: «لا يحدون الله تعالى بحد»: (وذلك لا ينافي ما تقدم من إثبات أنه في نفسه له «حد» يعلمه هو؛ لا يعلمه غيره، أو أنه هو يصف نفسه، وهكذا كلام سائر أئمة السلف يثبتون الحقائق، وينفون علم العباد بكنهها). اهـ

قلت: وسبب في ذكر أهل السنة والجماعة «الحد للـه تعالى»([34])، أنه لما كانت الجهمية ينفون علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ويقولون: إن الله تعالى لا يباين خلقه، وليس بينه، وبينهم حد، ولا يتميز عنهم، أنكر عليهم أهل السنة والأثر، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم([35]).

قلت: وقد تضافرت أقوال العلماء على إثبات «الحد للـه تعالى»، حدا لا يعلمه غيره تعالى.

قال الإمام الكرماني / في «مسائله» (ص355): (هذا مذهب أئمة العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المعروفين بها، المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء... وذكر قولهم في الاعتقاد- ثم قال: (وهو سبحانه بائن من خلقه، لا يخلو علمه مكان، ولله عرش، وللعرش حملة يحملونه، وله حد، والله أعلم بحده، والله على عرشه تعالى).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص590): (وقد ثبت عن أئمة السلف أنهم قالوا: للـه «حد»، وأن ذلك لا يعلمه غيره، وأنه مباين لخلقه).اهـ

قلت: فمعنى «الحد للـه تعالى»؛ أي: «بحد»، أي: أنه منفصل عن الخلق بائن منهم([36]).

قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص235): (فمن أثبت «الحد» أراد به هذا المعنى؛ أي: أن الله تعالى منفصل بائن عن الخلق، ليس حالا فيهم، ولا الخلق حالون فيه، وهذا المعنى صحيح.

ومن قال: إنه غير محدود أراد أن الله تعالى أكبر من أن يحد، ولا يحده شيء من مخلوقاته، ولا يحصره شيء من مخلوقاته).اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص236): (على كل حال أراد المؤلف- يعني السفاريني- بنفي «الحد» هنا ما ذكرناه؛ يعني: الحد الذي يحصر الله عز وجل، ولم يرد «الحد» الذي يجعله بائنا من الخلق، فإن «الحد» الذي يراد به بينونة الله تعالى من خلقه أمر ثابت؛ واجب اعتقاده).اهـ

وقال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج2 ص78): (من قال من السلف؛ بإثبات «الحد» في الاستواء، أو غيره فمراده؛ حد يعلمه الله سبحانه، ولا يعلمه العباد).اهـ

قلت: ومراد الأئمة بـ «الحد» الحقيقة، يعني: أنه استواء على العرش حقيقة([37]).

فأطلقوا لفظ «الحد للـه تعالى» من باب زيادة البيان والإيضاح؛ فهو بائن من خلقه بحد([38])، والله ولي التوفيق.

وإليك الدليل:

     [طه:5].

و    [النحل:50].

و      [فاطر:10].

وهذه أدلة على «إثبات الحد للـه تعالى»، وأنه بائن من خلقه، وهو فوق عرشه([39]).

قال الإمام الدارمي / في «النقض» (ص58): (من ادعى أن ليس للـه تعالى «حد»، فقد رد القرآن، وادعى أنه لا شيء؛ لأن الله تعالى وصف «حد» مكانه في مواضع كثيرة في كتابه،      [طه:5]، و    [الملك:16]، و [النحل:50]، و       [آل عمران:55]، و ﯬﯭ      [فاطر:10]، فهذا كله، وما أشبهه شواهد، ودلائل على «الحد»، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل اللـه تعالى، وجحد آيات اللـه تعالى).اهـ

وعن ابن أبي حاتم / قال: (سألت أبي، وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار... فكان من مذهبهم: أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص...  وأن الله عز وجل على عرشه، بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله، بلا كيف، أحاط بكل شيء علما: ﭡ ﭢ       ﭣﭤ      ﭦ ﭧ ([40]) [الشورى: 11].

وقال الإمام السجزي / في «رسالته إلى أهل زبيد» (ص129): (وعند أهل الحق أن الله سبحانه مباين لخلقه بذاته فوق العرش بلا كيفية).اهـ

وقال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد لله» (ص91): (فسبحانه الذي خلق فسوى، وقدر فهدى... ثم بذاته على العرش بالحد استوى).اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني /: (تكلم أهل الحقائق في تفسير «الحد» بعبارات مختلفة محصول تلك العبارات: أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره، فإن كان غرض القائل بقوله: «ليس للـه حد»؛ لا يحيط علم الخلق به؛ فهو مصيب، وإن كان غرضه بذلك: لا يحيط علم الله بنفسه؛ فهو ضال، أو كان غرضه: أن الله في كل مكان بذاته، فهو أيضا ضال) ([41]).

وقال علي بن الحسن بن شقيق :قيل لابن المبارك؛ بأي شيء نعرف ربنا ؟، قال: «بأنه في السماء على العرش بائن من خلقه»، قلت: بحد؟، قال: «بحد»([42]).

     [طه:5]، و    [الملك:16]، و [النحل:50]، و       [آل عمران:55]،  و        [فاطر:10].

قلت: فهذه الآيات استدل بها أهل الحديث على ثبوت «الحد للـه تعالى»، ويعنون بـ «الحد»، أنه منفصل عن الخلق، بائن منهم([43]).

قلت: وأريد بنفي «الحد» من قبل بعض أهل العلم؛ أن العباد لا يعلمون للـه تعالى «حدا»، ولا «يحدون» صفاته، ولا يكيفونها، والله المستعان.

وعن معاوية بن الحكم السلمي ط قال: -في الحديث الطويل- وفيه قول النبيه؛ للأمـة السوداء: «أيـن الله، قالـت: في السماء، قال ه: من أنا، قالت: أنت

 

 

رسول اللـه، قال ه: أعتقها فإنها مؤمنة» ([44]).

قلت: وهذا الحديث يدل على أن الله تعالى يحد «بحد»، ولا نعلم كيفية حده تعالى، لكن نثبت «الحد للـه تعالى» بما يليق بجلاله من غير تعطيل، ولا تمثيل، ولا تحريف.

قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص107): (هذه الآيات، والأحاديث تدل على «أن للـه تعالى حدا»، والله أعلم بحده).اهـ

وعن عبداللـه بن المبارك / قال: (نعرف ربنا عز وجل فوق سبع سموات على العرش؛ بائنا من خلقه «بحد»، ولا نقول كما قالت الجهمية هاهنا). وأشار بيده الأرض([45]).

قلت: فقد صرح الإمام عبداللـه بن المبارك / بإثبات «الحد للـه تعالى»، وقد أجمع أهل السنة على ذلك، فمن خالف هذا الإجماع، فهو مبتدع ضال.

قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص100): (أصحاب الحديث يعرفون تفسير القرآن العظيم، وتفسير الأحاديث عن النبي ه، وتأويلها، واحتجوا في إثبات «الحد للـه عز وجل» بنص الكتاب والسنة، وما قالوا في ذلك بالمقاييس والآراء، ولا بأهواء أنفسهم، وإنما قالوا بدلائل، وبراهين من الكتاب والسنة، ولا يكون على وجه الأرض أحد أعلم بالكتاب والسنة من أصحاب الحديث، فمن يخالفهم ولا يقول ما قالوه، ولا يعتقد ما اعتقدوه؛ فهو مبتدع ضال مضل!). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص40): (ومما يحقق قول ابن المبارك؛ قول رسول اللـه ه؛ للجارية: «أين الله»؟، يمتحن بذلك إيمانها، فلما قالت: «في السماء»، قال ه: «أعتقها فإنها مؤمنة»([46])، والآثار في ذلك عن رسول اللـه ه كثيرة، والحجج متظاهرة). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص83): (والحجة لقول ابن المبارك، قول اللـه تبارك وتعالى: [الزمر:75]، فلماذا يحفون حول العرش؛ إلا لأن الله عز وجل فوقه، ولو كان في كل مكان لحفوا بالأمكنة كلها؛ لا بالعرش دونها.

ففي هذا بيان بين «للحد»، وأن الله فوق العرش، والملائكة حوله حافون يسبحونه، ويقدسونه). اهـ

 

قلت: وهذا يفهمه من فقه الكتاب، والسنة، والآثار([47])، اللهم غفرا.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص443): (فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه؛ مباين لخلقه، منفصل عنه، وذكر الحد؛ لأن الجهمية كانوا يقولون: «ليس له حد»، ومالا حد له لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم؛ لأن ذلك مستلزم للحد). اهـ 

قلت: واعلم أن من أهم ما يريد الجهمية المعطلة الوصول عليه: هو نفي علو اللـه تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، والعياذ باللـه.

فعن حماد بن زيد /-وذكر الجهمية- قال: (إنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء شيء) ([48]).

وعن عبدالرحمن بن مهدي / قال: (ليس في أصحاب الأهواء شر من أصحاب جهم؛ يدورون على أن يقولوا: ليس في السماء شيء) ([49]).

قلت: ومراد الجهمية- لعنة اللـه عليهم- في نفي الحد عن اللـه تعالى، لكي ينفوا وجود اللـه؛ أي: فقولهم: لا حد له؛ يعني: أنه لا شيء([50]).

وقال محمد بن إبراهيم القيسي؛ قلت لأحمد بن حنبل: (يحكى عن ابن المبارك، قيل له: كيف نعرف ربنا تعالى؟، فقال: في السماء السابعة على عرشه «بحد»، فقال أحمد: هكذا هو عندنا) ([51]). وفي رواية له: (هكذا على العرش استوى «بحد»).

قلت: فأثبت الإمام أحمد / «الحد للـه تعالى»، ولم ينكره.

وعن الإمام أحمد / قال: (وللـه عز وجل عرش، وللعرش حملة يحملونه، والله عز وجل على عرشه، وله «حد»، والله أعلم «بحده»)([52]).

قلت: فقد أطلق الإمام أحمد القول بإثبات «الحد للـه تعالى»، وهذا الحد يليق بجلاله سبحانه وتعالى.

قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص110): (ووجدت في كتاب «الأصول» للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء بخط يده أنه قال: قد أطلق أحمد القول: إن للـه تعالى حدا).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في « بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص160): (وقد يتوقف بعضهم عن اطلاق اللفظ؛ مثل: لفظ «الحد»؛ فإن المشاهير بالإمامة في السنة أثبتوه، كما ذكره عثمان بن سعيد عنهم، وسمى ابن المبارك). اهـ

قلت: وبين الإمام أحمد / بالأدلة من القرآن على ثبوت «الحد للـه تعالى»؛ كقوله تعالى: ﯬﯭ      [فاطر: 10]، وقوله تعالى: [الملك: 16]، وقوله تعالى: [المعارج: 4] ([53]).

قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص118): (هذه الآيات تدل على أن الله عز وجل استوى على عرشه «بحد»، وهو سبحانه يعلم «بحده». اهـ

قلت: هكذا الله تعالى على العرش استوى «بحد»، وهذا بإجماع أهل السنة والجماعة.

إذا إذا ثبت استواؤه سبحانه وتعالى ثبت أنه على العرش، وإذا ثبت أنه على العرش ثبت أنه في «حد»، وهذا الحد لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى([54]).

قال أبو عبد اللـه ابن منده /: (ولا دين لمن لا يرى للـه الحد؛ لأنه يسقط من بينه وبين الله الحاجز، والحجاب، والإشارات([55])، والخطاب) ([56]).

وقال ابن الزاغوني / في «الإيضاح في أصول الدين» (ص326): (اعلم أن الدليل القاطع دل على وجود الباري، وثبوته ذاتا بحقيقة الإثبات، وأنه لا بد من فصل يكون بينه وبين خلقه، ويقتضي انفراده بنفسه، وهذا بعينه هو الحد والنهاية.

وإنما يغتر الأغمار الذين لا خبرة عندهم بصعوبة إضافة: الحد والغاية، والنهاية إليه تعالى، مع إقرارهم أنه متميز بذاته، منفرد مباين لخلقه، وهذا مناقضة منهم في العقيدة، يسندونها إلى جهل بالأمر).اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص223): (والله تعالى له حد؛ لا يعلمه أحد غيره، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه، ولكن يؤمن بالحد، ويكل علم ذلك إلى اللـه تعالى، ولمكانه أيضا حد، وهو على عرشه فوق سماواته، فهذان حدان اثنان) ([57]). اهـ

وعن حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لإسحاق بن راهويه: قول اللـه تعالى:                      [المجادلة: 7]، كيف نقول فيه؟، قال: (وحيثما كنت هو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه، قال حرب: قلت لإسحاق: على العرش «بحد»؟، قال: نعم، وذكر عن ابن المبارك، قال: هو على عرشه، بائن من خلقه «بحد»)([58]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص184): (وهذا مشهور عن ابن المبارك، ثابت عنه من غير وجه، وهو أيضا صحيح ثابت عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغير واحد من الأئمة).اهـ

قلت: وطريقة أهل البدع قديما وحديثا الطعن في الآثار انتصارا لبدعهم، والله المستعان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص570): (وهذا([59]) الحديث يعني: -حديث الأطيط- قد يطعن فيه بعض المشتغلين بالحديث انتصارا للجهمية، وإن كان لا يفقه حقيقة قولهم، وما فيه من التعطيل!).اهـ

وقال أبو إسماعيل الهروي / في «دلائل التوحيد» (ص57): «باب إثبات الحد للـه عز وجل».

ويؤيده من الأدلة:

فعن أبي هريرة ط، أن النبي ه قال في دعائه: «أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء» ([60]).

قلت: وهذا الحديث يدل على ثبوت «الحد للـه تعالى»، وقد استدل به الإمام الهروي / في كتابه: «دلائل التوحيد» (ص57).

قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص126): (فهذا إمام-يعني الهروي- من أئمة المسلمين استدل بهذا الحديث على أن الله عز وجل له «حد» لا يعلمه إلا هو، ومن قال: إن هذا الحديث ليس فيه دليل على إثبات «الحد للـه تعالى»؛ فهو رجل غمر في صدره([61])؛ غمر: ليس له معرفة بكلام العرب، ولا بلغاتهم).اهـ

وقال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص127): (فمن مذهب أصحاب الحديث؛ الذين هم: أهل السنة، وأئمة المسلمين، وعلماؤهم يعتقدون، ويشهدون: أن من قال: «ليس للـه تعالى حد»؛ يعني بذلك: أن الله في كل مكان، أوليس هو على العرش استوى).اهـ

قلت: فلسان حالهم؛ هو: لسان قول المبتدعة، والعياذ باللـه.

لذلك لا يعتد بقول؛ أي: أحد في خلاف ما ذكرناه في ثبوت «الحد للـه تعالى»؛ من كتاب اللـه تعالى، وسنة الرسول ه، وآثار السلف وإجماع العلماء!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص440)؛ في رده على من أنكر «الحد للـه تعالى»: (وقد أنكره طائفة من أهل الفقه، والحديث؛ ممن يسلك في الإثبات مسلك: ابن كلاب، والقلانسي، وأبي الحسن؛ ونحوهم في هذه المعاني، ولا يكاد يتجاوز ما أثبته أمثال هؤلاء، مع ماله من معرفة بالفقه، والحديث؛ «كأبي حاتم البستي» هذا، وأبي سليمان الخطابي، وغيرهما).اهـ

قلت: فتبين مما سبق إثبات «الحد للـه تعالى»، وبان تعلق هذه المسألة؛ بمسألة علو الرب سبحانه وتعالى، وبينونته عن خلقه، واستوائه على عرشه على ما يليق به سبحانه، وهذا معتقد أهل السنة قديما وحديثا([62])، والله ولي التوفيق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص163): (وهذا محفوظ عن السلف، والأئمة من إثبات «حد للـه تعالى» في نفسه، قد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه، ولا يدركونه؛ ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك كما يظنه بعض الناس، فإنهم نفوا أن يحد أحد الله تعالى).اهـ

قلت: والمقصود ها  هنا: بيان اعتقاد أهل السنة في هذه المسألة، وأن السني لا يسعه إلا الاتباع، والتسليم لما كان عليه السلف الصالح.

                      [النساء: 65].

و     ﭿﮀ   [النساء: 115].

وعن الإمام الزهري / قال: (من اللـه عز وجل الرسالة، وعلى رسول اللـه البلاغ، وعلينا التسليم) ([63]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص144): (فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك اتباع السلف). اهـ

 

 



([1])  وانظر «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص377و 381)، و«الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص232)، و«بيان تلبيس الجهمية» له (ج2 ص335)، و«الفتاوى» له أيضا (ج5 ص520)، و«مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص126)، و«إثبات الحد للـه» للدشتي (ص105)، و«الصحيح» للبخاري (ج13 ص403)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص92)، و«العرش» للذهبي (ج2 ص258)، وفي «العلو» له (ج1 ص580)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص403)، و«تغليق التعليق» له (ج5 ص255).

([2])  قلت: وقد أنكر هذه الصفات للـه تعالى أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية والصوفية، وغيرهم؛ من أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، لأنهم أعرضوا عن دراسة اعتقاد السلف والأثر، نعوذ بالله من الخذلان.

وانظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص523)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص198).

([3])  قلت: واعتقاد السلف شجى في حلوق أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والإباضية، والصوفية، وغيرهم من معطلة الصفات.

([4])  قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([5])  قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.

([6])  وانظر: «الأحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).

([7])  قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.

([8])  والمشاقة: المعاداة.

([9])  قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.

     قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول ه هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.

وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([10])  انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([11])  وانظر: «الأحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).

([12])  قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.

([13])  قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول ه؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول ه، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.

وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).

([14])  انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).

([15])  وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3ص496).

([16])  قلت: فلا بد من تبيين ضلالاته، وأباطيله، وكذبه، وافتراءاته، حتى ينكشف أمره لمن لم يعرفه إلى الآن، ويظهر زيغه وجهله، وقمع عناده وانحرافه، اللهم سدد.

وانظر: «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص170).

([17])  قلت: وسوف أرد عليه- إن شاء- لاستئصال شأفته، والقضاء على أمره، اللهم سدد سدد.

([18])  وأحب أن أشير هنا إلى مسألة هامة؛ وهي أن هذا السقاف الجمهمي قد اجتر معلوماته هذه البدعية التي يلقيها شبها على الناس من فتات ألقاه إليه شعيب الأرناؤوط المبتدع الأشعري الزنديق... فالرجل قد اتخذ من هذا السقاف الجهمي الزنديق صديقا يسير معه، ويشير عليه، ويدله على ما مر معه خلال حياته من أمور تشوش من ليس له قدم راسخة في العلوم الشرعية، وتهوش الرعاع؛ ليزعزع ثقة السلفيين بطريقهم ومنهجهم، فينشرها هذا السقاف الجهمي في كتبه على أنها من بنات أفكاره، وهكذا يشفي شعيب الأشعري الزنديق غله و حقده على كتب السنة، اللهم غفرا.

وانظر: «تعليقات شعيب الأرناؤوط البدعية في تحريفه لصفات اللـه تعالى»؛ في «تعليقه على رياض الصالحين» للنووي (ص225)، و(ص227)، و(ص278)، و(ص276)، و(ص419)، وتعليقه على «مسند الإمام أحمد» (ج6 ص131و255)، وتعليقه على «زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص136)، وفي تعليقه على «شرح السنة» للبغوي (ج15 ص141)، وفي تعليقه على «صحيح ابن حبان» (ج1 ص502)، وغير ذلك.

([19])  قلت: فيختلق الأكاذيب عليها... لأنها تغيظه، وتحزنه، وتخنقه، وتقمعه، والله المستعان.

([20]) وانظر: تعليقات هذا السقاف على كتاب «دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه» لابن الجوزي (ص95 و148و108و110و111و118و127و131و135و141و144و148و157و170و173و190و194و219و245و250و274).

([21])  وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج8 ص339)، و(ج14 ص354)، و(منهاج السنة» له (ج5 ص358)، و«بيان تلبيس الجهمية» أيضا له (ج1 ص270)، و(ج2 ص399).

([22])  قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.

وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).

([23])  وانظر: «إثبات الحد للـه عز وجل» (ص24- المقدمة) للدشتي.

([24])  وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص433)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج2 ص33)، و«إثبات الحد للـه عز وجل» للدشتي (ص103)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج20 ص85)، و«النقض على المريسي» للدارمي (ص76).

([25])  وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص43)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص218و219)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص934)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج2 ص78).

([26])  قلت: فالجهمية ينفون علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ويقولون: إن الله تعالى لا يباين خلقه، وليس بينه، وبينهم حد، ولا يتميز عنهم.

وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص43)، و«السنة» لعبدالله بن أحمد (ص55و89)، و«تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج1 ص168)، و«الرسالة» للسجزي (ص129).

([27])  قلت: وهكذا يفضح الله تعالى من عاند الحق، واتبع الباطل بالهوى، اللهم غفرا.

لذلك نطالب أهل البدع أن يأتوا ببرهان على عقيدة الأشعرية الجهمية: ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ   [البقرة: 111]. 

([28])  انظر: «معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج1 ص759)، و«الزاهر» له (ص462)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص53)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص799)، و«غرائب الأحاديث» للسمعاني (ج1 ص278)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج1 ص37)، و«العين» للخليل (ج1 ص355).

([29])  أثر صحيح.

أخرجه الدشتي في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص103).

وإسناده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج20 ص85).

([30])   وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص433)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج2 ص33)، و«مختصر الصواعق المرسلة» (ج3ص888)، و«الحجة في بيان المحجة» لأبي قاسم الأصبهاني (ج2 ص257)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص191)، و«العرش» للذهبي (ص7)، و«العلو» له (ج2 ص1303)، و«الرسالة» للسجزي (ص131)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380).

([31])   وقد نفت الجهمية «الحد للـه تعالى»، وتعني به نفي العلو للـه تعالى على خلقه، والعياذ باللـه.

([32])  وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج2 ص35)، و«الفتاوى» له (ج4 ص67)، و(ج6 ص53)، و(ج12 ص367).

([33])  قلت: وقد ثبت عن بعض أهل السنة نفي «الحد للـه تعالى»، ويعنون به نفي علم الخلق بحده تعالى، فلا يعلم كيفية حده إلا هو تعالى، ولا يحيط علم الخلق به، مع إثبات «الحد للـه تعالى».

قلت: فأريد بنفي الحد أن العباد لا يعلمون للـه حدا، ولا يحدون صفاته، ولا يكيفونها.

ﭧ ﭨ ﮋ ﭡ ﭢ       ﭣﭤ      ﭦ ﭧ [الشورى:11].

وﭧ ﭨ ﮋ           [طه:110].

وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص433)، و«الفتاوى» له (ج3 ص141)، و(ج5 ص298)، و(ج6 ص38)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج6 ص535)، و«الرد على الجهمية» لابن قتيبة (ص53).

([34])   قلت: والحد ليس صفة من صفات اللـه تعالى، وإنما «الحد» ما يتميز به عن غيره.

([35]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص42و43)، و«الفتاوى» له (ج5 ص519و520)، و«النقض على بشر المريسي» للدارمي (ص57)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج11 ص466)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص934)، و«اجتماع الجيوش» له (ص249)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص159)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص129).

([36])  قلت: ولقد أخطأ من قال أن لفظ «الحد للـه تعالى» لم يثبت في الكتاب والسنة، ولم يرد فيهما نفيا، ولا إثباتا! وجعله من الألفاظ الاصطلاحية الحادثة! كـ «الجسم» وغيره، اللهم غفرا.

قلت: بل «الحد للـه تعالى» ثبت في الكتاب والسنة في المعنى الصحيح، والاستنباط الصريح، وأثبت هذا المعنى فيها الأئمة، وأجمعوا على ثبوت «الحد للـه تعالى»، كما ذكرنا في أثناء الكتاب، والله ولي التوفيق.

([37])  انظر «شرح لمعة الاعتقاد» للشيخ الفوزان (ص297)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380).

([38])  قلت: وهذه المسألة لها شبه؛ بمسألة: «القرآن»، وأنه كلام اللـه تعالى غير مخلوق.

فزاد الأئمة «غير مخلوق» وذلك لمـا نشأت الجهمية، وصرحوا «بخلق القرآن»، فلم يسع أهل السنة حينئذ السكوت أمام هذا الضلال والكفر، فصرحوا بالقول بأن القرآن كلام اللـه تعالى، وزادوا بأنه: «غير مخلوق»، والله المستعان.

وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ص310).

([39])  قلت: والذين نفوا «الحد» عن اللـه تعالى، مرادهم نفي علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي ذلك  كفر بإجماع أهل السنة والجماعة

وانظر: «النقض على بشر المريسي» للدارمي (ص57و58)، و«اجتماع الجيوش» لابن القيم (ص225)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج11 ص466)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص379).

([40])  أثر صحيح.

أخرجه العطار في «الاعتقاد» (ص91)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص359)، واللالكائي في «الاعتقاد»، والذهبي في «العلو» (ج2 ص1155)، وفي «السير» (ج13 ص84)، وابن قدامة في «إثبات العلو» (110)، وابن الطبري في «السنة» (321) من طرق عن ابن أبي حاتم به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص257)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص232).

قلت: وهذا الاعتقاد الصحيح عن الإمام عبدالرحمن بن أبي حاتم ثبت من وجوه عنه، وهو مشهور عنه.

([41])  أثر صحيح.

أخرجه أبو محمد الدشتي في «اثبات الحد للـه تعالى» (ص103) من طريق يوسف بن خليل الدمشقي أخبرنا هشام المعروف بالمؤيد بن عبدالرحيم قال: قال الأصبهاني به

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج20 ص85)

([42])  أثر صحيح.

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص7و35و72)، والذهبي في «العلو» (ج2 ص987)، وفي «تاريخ الإسلام» (ص237)، والدارمي في «الرد على الجهمية» (ص50)، وفي «النقض على المريسي» (ج1 ص510)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص426)، وابن قدامة في «إثبات العلو» (99)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص308)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (112)، والصابوني في «العقيدة» (28) من طرق عن علي بن الحسن بن شقيق به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص269)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص54)، والذهبي في «العلو» (ص986)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص152). وذكره الذهبي في «السير» (ج8 ص401).

([43])  وانظر: «إثبات الحد للـه» للدشتي (ص105)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص84).

([44])  أخرجه مسلم في «صحيحه» (1136)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص447)، والطيالسي في «المسند» (1105)، وأبو داود في «سننه» (930)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج3 ص14)، وابن خزيمة في «التوحيد» (178)، والعطار في «الاعتقاد» (ص74)، وابن قدامة في «العلو» (16).

قلت: وأراد المبتدعة التشكيك في صحة هذا الحديث، وأنه وقع فيه اختلاف في متنه لإبطال دلالته على اعتقاد أهل الحديث من أن الله تعالى فوق خلقه، وأنه في «حد».

قلت: وشبهات المبتدعة لم تسلم منها آيات الكتاب العزيز؛ فكيف تسلم منها الأحاديث، اللهم غفرا.

وانظر: تعليق السقاف الزنديق على كتاب «دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه» لابن الجوزي (ص108)، وليتبين لك زندقته، وهو يضعف حديث الجارية؛ لكونه يخالف معتقده الذي يعتقده من الباطل من نفي علو الله تعالى على خلقه، كما عليه الجهمية الزنادقة!.

([45])  أثر صحيح.

أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (216)، والبيهقي في «الاسماء والصفات» (902)، والدارمي في «النقص» (33)، وفي «الرد على الجهمية» (162)، وابن جرير في «ذيل المذيل» (ص660)، والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص112) من طريق عبدالله بن أحمد بن شبويه قال: سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول: سمع عبدالله بن المبارك به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص184): (وهذا مشهور عن ابن المبارك، ثابت عنه من غير وجه).اهـ

([46])  أخرجه مسلم في «صحيحه» (537) عن معاوية بن الحكم ط.

([47])  قلت: وهذا فيه رد على من قال أن «الحد للـه تعالى»، لم يشهد له الكتاب والسنة، وهو الشيخ الألباني /؛ حيث ذكر كتاب: «إثبات الحد للـه تعالى» للإمام الدشتي؛ في فهرسة: «مخطوطات دار الكتب الظاهرية» (ص376)، وعلق عليه بقوله: (ليس فيه ما يشهد لذلك من الكتاب والسنة!).

قلت: ولا يخفى أن هذا قول ليس بصواب، بل أدلة الكتاب والسنة تشهد «للحد للـه تعالى»، والله ولي التوفيق.

([48])  أثر صحيح.

أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (41)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (ص7)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص279)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص168) من طرق عن سليمان بن حرب قال: سمعت حماد بن زيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «الحموية» (ص41)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص146).

وأخرجه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج5 ص1696) من طريق آخر به.

وإسناده صحيح.

([49])  أثر صحيح.

أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (147)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج9 ص7) من طريق عبدالله بن شبويه حدثنا محمد بن عثمان قال: سمعت عبدالرحمن بن مهدي به

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (2269) من طريق آخر.

وإسناده صحيح.

([50])  وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص223)، و«الرد على الجهمية» له(ص84)، و«إثبات الحد للـه» للدشتي (ص104)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج20 ص85).

([51])  أثر صحيح.

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص156)، والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص115)، والخلال في «السنة» (ج2 ص162- تلبيس الجهمية)؛ من أوجه صحيحة عن الإمام أحمد به.

وذكره ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص162)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص233).

([52])  أثر صحيح.

أخرجه الدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص119) من طريق محمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن جعفر الاصطخري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([53])  أثر صحيح.

أخرجه الخلال في «السنة» (ج2 ص162- تلبيس الجهمية)؛  والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص118) من طريق هارون بن يعقوب الهاشمي قال: سمعت أبي يقول: كنا عند أبي عبد اللـه-يعني الإمام أحمد-، فسألناه... فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص162و173).

([54])  وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج2 ص172و173).

([55])  أي: الإشارة إلى السماء في إثبات العلو للـه تعالى!.

([56])  أثر صحيح.

أخرجه الدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص107) من طريق محمد القطان أنبا محمد بن أبي نصر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([57])  وقال الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص223)؛ وهو رد على الجهمية: (وادعى المعارض أيضا أنه ليس للـه حد، ولا غاية، ولا نهاية، وهذا هو الأصل الذي بنى عليه جهم بن صفوان- لعنة اللـه عليه- جميع ضلالاته، واشتق منها أغلوطاته، وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق جهما إليها أحد من العالمين). اهـ

([58])  أثر صحيح.

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص161)، والهروي في «ذم الكلام» (1208)، والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص124)، وهو في «مسائل» حرب الكرماني (ص412).

وإسناده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص184).

([59])  قلت: بل طعنوا في أحاديث أخرى؛ لينصروا بدعهم. والله المستعان.

([60])  أخرجه مسلم في «صحيحه» (6988)، والبخاري في «الأدب المفرد» (1212)، وأبو داود في «سننه» (5051)، والترمذي في «سننه» (3400).

([61])  قلت: بل من قال: إن هذا الحديث ليس دليل على إثبات «الحد للـه تعالى» فهو مبتدع ضال، لأنه يلزم أنه يقول: أن الله تعالى في كل مكان أوليس هو على العرش استوى، والعياذ باللـه.

وانظر: «إثبات الحد للـه تعالى» للدشتي (ص 127)، و«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج2 ص181).

([62])  وانظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380)، و«الدرة العثيمينية» (ص204)، و«إثبات الحد للـه تعالى» للدشتي (ص124)، و«قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر» للقنوجي (ص48)، و«اعتقاد أهل السنة» للإسماعيلي (ص32)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص212و213)، و«بيان تلبيس الجهمية» له (ج1 ص433)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص198).

([63])  أثر صحيح.

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا في كتاب «التوحيد» (ج13 ص503)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، والبيهقي في «الاعتقاد» (ص39).

وإسناده صحيح.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan