الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / التدقيق في التوفيق
التدقيق في التوفيق
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الله تعالى عوني، وبه توفيقي
درة نادرة
عن الإمام الشافعي / قال: «والناس طبقات في العلم، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم فيه، فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية للـه في إدراك علمه نصا واستنباطا، والرغبة إلى اللـه في العون عليه، فإنه لا يدرك خير إلا بعونه».
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص204) من طريق صالح بن أحمد التميمي نا محمد بن حمدان الطرائفي نا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن جماعة في «تذكرة السامع» (ص48).
وعن الإمام الشافعي / قال: «أصل العمل التوفيق، وثمرته النجح، وغاية كل أمر الصدق»([1]).
قلت: والتوفيق فعل ما تتفق معه الطاعة، وإذا لم تتفق معه الطاعة لم يسم توفيقا، ولهذا قالوا: «إنه لا يحسن الفعل»؛ ولا يكون التوفيق إلا لما حسن من الأفعال، يقال: «وفق فلان للإنصاف».
فعن سهل بن عبداللـه التستري / قال: (الأعمال بالتوفيق؛ والتوفيق من اللـه، ومفتاحها الدعاء والتضرع) ([2]).
|
إذا لا يمكن أن تستقيم حياة العباد، ولا تنتظم النظام الصحيح؛ إلا بتوفيق اللـه تعالى، وهذا يلزم ضرورة حاجة العباد إلى الدين الحق، فحاجتهم إليه تفوق حاجتهم إلى كل شيء.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﮊ
المقــدمــة
الحمد للـه رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد،
فهذا كتاب لطيف في المفهوم الصحيح للتوفيق، والموفقين في الدنيا والدين معا.
قال تعالى: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﮊ [هود:88]؛ أي: ما صرت موفقا إلا بتأييد اللـه تعالى.
قلت: فتأملت في هذه الآية الكريمة كثيرا، فوجدنا أن التوفيق عزيز المنال، وهو مطلب سام، بل هو عنوان سعادة العبد المسلم في الدنيا والآخرة.
=ولا يعرف ذلك، ولا يوفق لهذا التوفيق في الدين الإسلامي كله، إلا الموفقون، وهذا التوفيق كله بيد اللـه تعالى، فما أفلح عبد في الدين، ونجا من الفتن، إلا بتوفيق اللـه تعالى، فاللهم موفق من يصطفي من يشاء من عباده.
قال تعالى: ﮋﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ* ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉﮊ [آل عمران:73-74].
قال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص292): (فأسباب التوفيق منه، ومن فضله، وهو الخالق لهذه، وهذه). اهـ
قال أبو حيان المفسر / في «البحر المحيط» (ج5 ص332): (قوله تعالى: ﮋﳈ ﳉﮊ؛ أي: لدعائكم إلى عبادة اللـه وحده، وترك ما نهاكم عنه إلا بمعونة اللـه، أو وما توفيقي لأن تكون أفعالي مسددة موافقة لرضا اللـه تعالى). اهـ
وقال المراغي المفسر / في «تفسيره» (ج12 ص74): (قوله تعالى: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌﮊ؛ التوفيق الفوز، والفلاح في كل عمل صالح، وسعي حسن، وحصول ذلك يتوقف على كسب العامل، وطلبه من الطريق الموصل إليه، وتيسير الأسباب التي يسهل معها الحصول عليه، وذلك إنما يكون من اللـه وحده، أي: وما توفيقي لإصابة الحق والصواب في كل ما آتى، وما أذر، إلا بهداية اللـه تعالى ومعونته). اهـ
هذا: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﮊ [هود:88].
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﮊ
ذكر الدليل على أن توفيق الله تعالى
لا يناله إلا أهل الأثر في الدنيا والآخرة،
وأن الخذلان من الله تعالى
لا يبتلى به إلا أهل الأهواء في الدنيا والآخرة.
إن من تأمل في واقعنا المعاصر الذي نعيش فيه معا، ونظر العبد يمينا وشمالا، وجد أن أناسا من المسلمين قد وفقوا في الدعوة إلى اللـه تعالى، بل وفي حياتهم الدنيوية، وساروا في طريق التوفيق، والسداد، والرشاد الموصل بإذن اللـه تعالى إلى جنات النعيم([3])، انطلاقا من قول الباري جل وعلا: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﮊ [هود:88].
=فتأملت في هذه الآية الكريمة كثيرا، فوجدنا أن التوفيق عزيز المنال، وهو مطلب سام، بل هو عنوان سعادة العبد المسلم في الدنيا والآخرة.
قلت: ولا يعرف ذلك، ولا يوفق لهذا التوفيق في الدين الإسلامي كله، إلا الموفقون، وهذا التوفيق كله بيد اللـه تعالى، فما أفلح عبد في الدين، ونجا من الفتن، إلا بتوفيق اللـه تعالى، فاللهم موفق من يصطفي من يشاء من عباده.
قال تعالى: ﮋﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ* ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉﮊ [آل عمران:73-74].
قال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص292): (فأسباب التوفيق منه، ومن فضله، وهو الخالق لهذه، وهذه). اهـ
قال تعالى: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﮊ [هود:88]؛ أي: ما صرت موفقا إلا بتأييد اللـه تعالى([4]).
قال أبو حيان المفسر / في «البحر المحيط» (ج5 ص332): (قوله تعالى: ﮋﳈ ﳉﮊ؛ أي: لدعائكم إلى عبادة اللـه وحده، وترك ما نهاكم عنه إلا بمعونة اللـه، أو وما توفيقي لأن تكون أفعالي مسددة موافقة لرضا اللـه تعالى). اهـ
وقال المراغي المفسر / في «تفسيره» (ج12 ص74): (قوله تعالى: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌﮊ؛ التوفيق الفوز، والفلاح في كل عمل صالح، وسعي حسن، وحصول ذلك يتوقف على كسب العامل، وطلبه من الطريق الموصل إليه، وتيسير الأسباب التي يسهل معها الحصول عليه، وذلك إنما يكون من اللـه وحده، أي: وما توفيقي لإصابة الحق والصواب في كل ما آتى، وما أذر، إلا بهداية اللـه تعالى ومعونته). اهـ
وقال القاسمي المفسر / في «محاسن التأويل» (ج9 ص162): (قوله تعالى: ﮋﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆﮊ؛ أي: إصلاح نفوسكم بالتزكية، والتهيئة لقبول الحكمة، ما دمت مستطيعا متمكنا منه. ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌﮊ؛ أي: وما كوني موفقا للإصلاح؛ إلا بمعونة اللـه وتأييده، وقوله تعالى: ﮋﳍ ﳎﮊ؛ أي: أعتمد، وقوله تعالى: ﮋﳏ ﳐﮊ؛ أي: أرجع في السراء والضراء). اهـ
وقال الإمام السمعاني / في «تفسير القرآن» (ج2 ص452): (قوله تعالى: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌﮊ؛ دليل على أن الطاعة لا يؤتى بها إلا بتوفيق اللـه، والتوفيق من اللـه؛ هو التسهيل، والتيسير، والمعونة). اهـ
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه اللـه في «تيسير الكريم الرحمن» (ج3 ص450): (قوله تعالى: ﮋﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆﮊ؛ أي: ليس لي من المقاصد، إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، بشيء بحسب استطاعتي.
ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله تعالى: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌﮊ؛ أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشر إلا باللـه تعالى، لا بحولي، ولا بقوتي، ﮋﳍ ﳎﮊ؛ أي: اعتمدت في أموري، ووثقت في كفايته، ﮋﳏ ﳐﮊ؛ في أداء ما أمرني به، من أنواع العبادات، وفي هذا التقرب إليه بسائر أفعال الخيرات.
وبهذين الأمرين: تستقيم أحوال العبد، وهما الاستعانة بربه، والإنابة إليه، كما قال تعالى: ﮋﲈ ﲉ ﲊ ﮊ [هود:123]). اهـ
=والمعنى: ما أريد فيما آمركم به، وأنهاكم عنه، إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم ما استطعت، قدرت على إصلاحه لئلا ينالكم من اللـه تعالى عقوبة منكلة بسبب معصيتكم للـه تعالى، ولرسوله ه، واللـه تعالى هو المعين، والموفق على إصلاح العباد في البلاد([5])، واللـه المستعان.
قلت: واعلم أن قوله تعالى: ﮋﳎﮊ؛ إشارة إلى محض التوحيد، لأن [توكلت] يفيد الحصر، وهو أنه لا ينبغي للعبد أن يتوكل على أحد إلا على اللـه تعالى وحده... وليس التوفيق في إصابة الحق فيما يريد العبد إلا باللـه تعالى، وهدايته، وعونه، والثبات على إخلاص الدعوة للـه تعالى([6])، دون أن يخشى العبد من قومه سوءا يصيبه منهم، فإن اللـه تعالى حافظه في الدنيا ما دام قد توكل عليه في جميع أموره.
=والتوفيق؛ تسهيل سبيل الخير، والطاعة على العبد، ولا يقدر على ذلك؛ إلا اللـه تعالى، فلذلك قال تعالى: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﮊ [هود:88].
قلت: إذا الإصلاح الرباني يكون بالعدل لا بالظلم... وبالإحسان لا بالإساءة... وبالصلاح لا بالفساد... وبالاستقامة لا بالانحراف... وبالسنة لا بالبدعة... وبالتوحيد لا بالشرك... وبالطاعة لا بالمعصية... وبالإخلاص لا بالسمعة، وحب الشهرة، والظهور والرياسة.
قال تعالى: ﮋﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﮊ [إبراهيم:34].
وقال تعالى: ﮋﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﮊ [الإسراء:80].
=إنها آيات تهز قلب العبد المسلم هزا، تجعله يفكر في حاله، وكلامه، وعمله، ومدخله، ومخرجه، هل هو سائر على طريق التوفيق في الدين؛ أم لا؟!.
فاللهم منك التيسير!.
قلت: ولم يفكر بذلك إلا السلفيون الحقيقيون الذين دعوا إلى اللـه تعالى بالكتاب، والسنة، والآثار... وابتعدوا عن الآثام، والمغريات في حياتهم الدنيا... وفقهم الباري سبحانه بتوفيقه، فشقوا الطرق السديدة، يحملهم في ذلك حب الرسول ه، وسنته، وأيامه... فعاشوا على أبوابها تحت ظلها... ونالوا شرف صحبة سنته ه... وصدقوا في الدعوة إليها، حتى أوصلوها إلى الداني والقاصي... لا يخافون في اللـه تعالى لومة لأئم في نشر السنة بالحكمة، والموعظة الحسنة... ولم يبدلوا تبديلا فيها... لأنهم ساروا على ما سار عليه محمد ه، واتبعوا سنته ظاهرا وباطنا؛ في توحيده واعتقاده... وصلاته وصيامه... وحجه وزكاته... وبيعه وشرائه... وذكره وآدابه... ومعاملته وأخلاقه... وحله وترحاله... ودعوته وجهاده... وقراءته للقرآن وتجويده وحفظه ودراسته... وفي كل شأن من شؤون حياته ه.
قال تعالى: ﮋﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﮊ [الأحزاب:21].
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج3 ص450): (وهذه الأسوة الحسنة، إنما يسلكها ويوفق لها من كان يرجو اللـه، واليوم الآخر ، فإن ما معه من الإيمان، وخوف اللـه، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه، يحثه على التأسي بالرسول ه). اهـ
فاللهم وفقنا لصالح القول والعمل!.
قال تعالى: ﭐﮋﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﮊ [الأحزاب:23].
=وأفضل التوفيق أن يوفقك اللـه تعالى إلى العلم النافع، والعمل الصالح، ونصرة دينه، وتتبع سنته ه، والعمل بها، والرضى بآثار صحابته الكرام اعتقادا ودعوة، ومنهجا وشريعة، والله ولي التوفيق.
قال تعالى: ﮋﱫ ﱬ ﱭ ﱮ * ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﮊ [الشمس:9-10].
قال الإمام الأزهري / في «معجم اللغة» (ج4 ص3927): (لا يتوفق عبد حتى يوفقه اللـه، وأن فلانا موفق: رشيد). اهـ
والتوفيق: هو السداد، والرشاد، والإلهام، وإصابة الحق([7]).
فعن الإمام الشافعي / قال: (والناس طبقات في العلم، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم فيه، فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية للـه في إدراك علمه نصا واستنباطا، والرغبة إلى اللـه في العون عليه، فإنه لا يدرك خير إلا بعونه).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص204) من طريق صالح بن أحمد التميمي نا محمد بن حمدان الطرائفي نا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن جماعة في «تذكرة السامع» (ص48).
=فظهرت ثمرات دعوتهم في البلد في الداخل، والخارج، وهذا ظاهر، كيف لا وهم فواتح الخير كله، في أوله وآخره، وفي ظاهره وباطنه.
قال تعالى: ﮋﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﮊ [يوسف:108].
وقال تعالى: ﮋﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉﮊ [النحل:97].
فتأملوا... وتفكروا.
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص1066): (وأنه لا موفق إلا من وفقه وأعانه، ولا مخذول إلا من خذله، وتخلى عنه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص1071): (ولا سبيل إلى طاعته إلا بمعونته، ولا وصول إلى مرضاته إلا بتوفيقه، فموارد الأمور كلها منه، ومصادرها إليه، وأزمة التوفيق جميعها بيديه، فلا مستعان للعباد إلا به، ولا متكل إلا عليه، كما قال شعيب عليه السلام خطيب الأنبياء: ﮋﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﮊ [هود:88]. اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص1075): (والتوفيق: إرادة اللـه تعالى من نفسه أن يفعل بعبده ما يصلح به العبد، بأن يجعله قادرا على فعل ما يرضيه، مريدا له، محبا له، مؤثرا له على غيره، ويبغض إليه ما يسخطه، ويكرهه له). اهـ
وقال العلامة الفيروز آبادي / في «القاموس المحيط» (ص942): (ووفقه اللـه توفيقا، ولا يتوفق عبد إلا بتوفيقه). اهـ
قلت: ويقال: وفقه اللـه سبحانه للخير ؛ ألهمه، وهو من التوفيق... وإن فلانا موفق؛ أي: رشيد، ويقال: وفقه؛ أي: فهمه، واستوفقت اللـه تعالى؛ أي: سألته التوفيق([8]).
فالتوفيق: هو إعانة خاصة من اللـه تعالى للعبد الطائع([9])، بها يضعف أثر النفس، والشيطان، وتقوى الرغبة في الطاعة، وإلا فالعبد لو وكل إلى نفسه لغلبته نفسه الأمارة بالسوء والشيطان.
والخذلان: يقابل التوفيق، وهو سلب العبد الإعانة التي تقويه على نفسه والشيطان، فيترك وشأنه، ونفسه الأمارة بالسوء، نعوذ باللـه من الخذلان([10]).
والخذلان من اللـه تعالى؛ هو ترك اللـه تعالى نصرة العبد وإهلاكه في الدنيا والآخرة([11]).
والذي يسلب منه التوفيق؛ فلابد أن يعوض بدله الخذلان، نعوذ باللـه من ذلك.
والخاذل: ضد الناصر.
يقال: خذله، وخذل عنه يخذله خذلا وخذلانا: ترك نصرته، وعونه.
والتخذيل: حمل الرجل على خذلان صاحبه، وتثبيطه عن نصرته.
وخذلان اللـه تعالى العبد: ألا يعصمه من الشبه، أو المعاصي، أو البدع، أو الشرك، أو الكفر فيقع في ذلك، فالخذلان: ترك المعونة.
ويقال: وخذل عنه أصحابه تخذيلا؛ أي: حملهم على خذلانه.
وتخاذلوا؛ أي خذل بعضهم بعضا. وفي الحديث: المؤمن أخو المؤمن لا يخذله؛ أي: لا يترك نصرته، ومعونته.
والخذل: ترك الإعانة والنصرة.
ورجل خذلة؛ أي: خاذل لا يزال يخذل.
والخاذل المنهزم، وتخاذل القوم: تدابروا([12]).
قال الإمام أبو إسحاق الحربي / في «غريب الحديث» (ج3 ص974): (والخذل: ضد النصرة، خذل يخذل خذلانا وخذلا، ورجل مخذول: ترك وحده). اهـ
قلت: فخذلان اللـه تعالى للعبد المخذول!؛ ألا يعصمه من البدع، أو المعاصي، أو الشبه فيقع فيها، لأنه غير منصور من اللـه تعالى، فإذا كان كذلك؛ فلابد أن يقع في السيئات، والشبهات، والله المستعان.
قال الخليل اللغوي / في «العين» (ج1 ص470): (وخذلان اللـه للعبد: ألا يعصمه من السوء). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (وقوله: «بتوفيق اللـه»؛ هذا تسليم للـه U، وتضرع إلى اللـه تعالى، وتبرؤ من الحول والقوة، فالإنسان لا يزكي نفسه، وإنما يقول: بتوفيق اللـه، بمشيئة اللـه، بحول اللـه، هذا أدب العلماء رحمهم اللـه).اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص1063 و1072): (وقد أجمع العارفون على أن كل خير، فأصله بتوفيق اللـه للعبد، وكل شر؛ فأصله خذلانه لعبده، وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك اللـه تعالى إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك.
والتوفيق بيد اللـه، فمفاتحه: الدعاء، والافتقار، وصدق اللجأ، والرغبة، والرهبة إليه، فمتى أعطي العبد هذا المفتاح، فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضله عن المفتاح، بقى باب الخير مرتجا دونه؛ يعني : مغلقا) ([13]). اهـ بتصرف
قلت: والتوفيق كله بيد اللـه تعالى، فمن يسر الله عليه الهدى اهتدى، ومن لم ييسره عليه لم يتيسر له ذلك؛ قال تعالى: ﮋﲢ ﲣ ﲤ ﲥ * ﲧ ﲨ * ﲪ ﲫ * ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ * ﲲ ﲳ * ﱁ ﱂ ﮊ [الليل: 5-10].
فعن معاذ بن جبل t قال: قلت: يا رسول اللـه أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار، قال ه: «لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره اللـه عليه... الحديث» ([14]).
قال الحافظ ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ص137): (قوله ه: «وإنه ليسير على من يسره اللـه عليه»؛ إشارة إلى أن التوفيق كله بيد اللـه U، فمن يسر اللـه عليه الهدى اهتدى، ومن لم ييسره عليه، لم ييسر له ذلك؛ قال اللـه تعالى: ﮋﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﱁ ﱂ ﮊ [الليل: 5-10].
=فأي: منزلة... وأي: توفيق... وأي فضل هذا أن يوفقك ربك لإعلاء كلمته... ونصرة دينه، وتتبع مرضاته... وبقدر ما تقدم، وتبذل لدينك يجتبيك ربك... ويوفقك ويحفظك، وهو خير الحافظين... والجزاء من جنس العمل.
فتأمل في هذا الأفق البعيد!.
قلت: إن من أعظم التوفيق في الدنيا أن يضع اللـه تعالى لك القبول في الأرض عند أمة الإجابة التي استجابت للـه تعالى، ورسوله ه.
=والقبول في الأرض: معناه التوفيق لما يحبه اللـه، ويرضاه من الأقوال والأعمال، أن تعيش الحياة الطيبة، حياة السعداء، عابدا حامدا، شاكرا محسنا، داعيا لله تعالى، إنه القبول، والتوفيق لا يحد بحد، ولا وصف؛ نعمة من نعم اللـه تعالى على عبده الموفق... فالتوفيق عزيز المنال.
اللهم وفق إلى طريق التوفيق!.
قال تعالى: ﮋﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉﮊ [مريم:96].
فهنيئا للموفقين في الدنيا والآخرة!.
قلت: إذن فادع ربك ليلا ونهارا، وتحرى أوقات الإجابة، والأماكن الفاضلة المباركة كالحرمين الشريفين، واسجد وتضرع، ومرغ جبينك، وانكسر بين يدي
ربك؛ وقل: يا رب أسألك التوفيق في القول والعمل!.
فاللهم لا تطيب الدنيا إلا بذكرك، ولا تطيب الآخرة إلا بعفوك!.
=ويا حسرتى على من ضل الطريق وخذل... وكان من أعوان الشيطان... يهدم ولا يبني... وينشر المعاصي والبدع... ويحميها ويدافع عنها، ويدعمها ويدعو لها... وهو يظن أنه يحسن صنعا!، وهذا هو طريق الخذلان! ([15]).
قال تعالى: ﮋﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ * ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﮊ [الكهف:104].
فهي شبهات وشهوات!... ظلمات بعضها فوق بعض!؟
قلت: فتوفيق اللـه تعالى للعبد؛ لا يكون بالغش في الأعمال الخيرية!، ولا بالدعوة الحزبية!، ولا بالدروس الآكاديمية!، ولا بالقصص والأحاديث الضعيفة!، ولا بالكتب الفكرية!، ولا بالسياسة الغربية!، ولا بفقه المذاهب التقليدية!، ولا بالآراء التعصبية!، ولا بالسياحة في الأرض!، ولا بالعلوم الثقافية!، ولا بالحروب الجاهلية!([16])، وإنما بفضل اللـه تعالى يؤتيه من يشاء... فتأمل هذا الفضل!.
قال تعالى: ﮋﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﮊ [العصر:1-3].
وقال تعالى: ﮋﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹﮊ [الإسراء:84].
فاللهم موفق من شاء من عبادك.
فانظر... وتأمل!... الرفيق قبل الطريق!.
=فحواجز التوفيق، وموانعه ستة أشياء، والله المستعان.
وقد قيل:
إذا لم يكن عون من اللـه للفتى |
فأول ما يقضي عليه اجتهاده |
قلت: وهذا يجري فيمن يعين أهل البدع المنتسبين إلى العلم على بدعهم، ومآربهم
الفاسدة... فمن أرضى اللـه تعالى بسخط الناس؛ كفاه اللـه تعالى مؤنة الناس، ومن أرضى الناس بسخط اللـه تعالى؛ لم يغنوا عنه من اللـه تعالى شيئا، بل عاد حامده من الناس ذاما([17]).
=وهذا أصل عظيم؛ فينبغي للعاقل أن يعرفه، وهذا يحصل لكل أحد؛ فإن العبد مدني بالطبع، لابد له من أن يعيش مع الناس، والناس لهم إرادات، وتصورات، وأهواء يطلبون منه أن يوافقهم عليها، وإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه، وإن وافقهم؛ حصل له الأذى والعذاب تارة منهم، وتارة من غيرهم، فعليه بالصبر على رضى اللـه تعالى، والثبات على دينه؛ رضي من رضى، وسخط من سخط، والله ناصر عبده، ولو بعد حين.
قال تعالى: ﮋﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﮊ [إبراهيم:42].
قال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص296): (فمن هداه اللـه وأرشده امتنع من فعل المحرم، وصبر على أذاهم وعداوتهم، ثم تكون العاقبة في الدنيا والآخرة؛ كما جرى للرسل وأتباعهم مع من آذاهم، وعاداهم). اهـ
وعن شقيق بن إبراهيم البلخي / قال: (جعل اللـه أهل طاعته أحياء في مماتهم، وأهل المعاصي أمواتا في حياتهم) ([18]).
وعن الإمام الشافعي / قال: (أصل العمل التوفيق، وثمرته النجح، وغاية كل أمر الصدق) ([19]).
وعن أبي القاسم النصراباذي / قال: (أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع... وما ضل أحد في هذا الطريق؛ إلا بفساد الابتداء؛ فإن فساد الابتداء يؤثر في الانتهاء) ([20]).
قلت: وهذا يدل على أن من صحت دعوته في الأولى، والابتداء صحت دعوته في الآخرة، والانتهاء؛ ومن فسدت دعوته في الأولى، والابتداء، فسدت دعوته في الآخرة، والانتهاء.
وعن أبي سليمان الداراني / قال: (كل عمل ليس له ثواب في الدنيا؛ ليس له جزاء في الآخرة) ([21]).
قلت: وعلى قدر نية العبد، وهمته، ومراده، ورغبته في ذلك؛ يكون توفيقه سبحانه، وإعانته، فالمعونة من اللـه تعالى تنزل على العباد على قدر هممهم، وثباتهم، ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك.
=فاللـه سبحانه - أحكم الحاكمين وأعلم العالمين - يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به، والخذلان في مواضعه اللائقة به، وهو العليم الحكيم([22]).
=والتوفيق فعل ما تتفق معه الطاعة، وإذا لم تتفق معه الطاعة لم يسم توفيقا، ولهذا قالوا: «إنه لا يحسن الفعل»؛ ولا يكون التوفيق إلا لما حسن من الأفعال، يقال: «وفق فلان للإنصاف».
فعن سهل بن عبداللـه التستري / قال: (الأعمال بالتوفيق؛ والتوفيق من اللـه، ومفتاحها الدعاء والتضرع) ([23]).
قلت: إذا لا يمكن أن تستقيم حياة العباد، ولا تنتظم النظام الصحيح؛ إلا بتوفيق اللـه تعالى، وهذا يلزم ضرورة حاجة العباد إلى الدين الحق، فحاجتهم إليه تفوق حاجتهم إلى كل شيء.
قلت: ويستحيل أن تستقيم حياة العباد العلمية والعملية بدون الدين الحق؛ إذ هو الميزان الصادق، والمعيار الدقيق، لمعرفة الحق، والعدل في أمور العباد كلها في البلاد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص93): (قاعدة نافعة في وجوب الاعتصام بالرسالة، وبيان أن السعادة، والهدى في متابعة الرسول ه، وأن الضلال، والشقاء في مخالفته، وأن كل خير في الوجود، إما عام، وإما خاص، فمنشأه من جهة الرسول ه، وأن كل شر في العالم مختص بالعبد فسببه مخالفة الرسول ه، أو الجهل بما جاء به، وأن سعادة العباد في معاشهم، ومعادهم باتباع الرسالة، والرسالة ضرورية للعباد، لابد لهم منها، وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء، والرسالة روح العالم ونوره وحياته، فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور، والدنيا مظلمة ملعونة؛ إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة، وكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة، ويناله من حياتها، وروحها فهو في ظلمة؛ وهو من الأموات قال تعالى: ﮋﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘﮊ [الأنعام:122]، فهذا وصف المؤمن كان ميتا في ظلمة الجهل، فأحياه اللـه بروح الرسالة، ونور الإيمان، وجعل له نورا يمشي به في الناس، وأما الكافر فميت القلب في الظلمات، وسمى اللـه تعالى رسالته روحا، والروح إذا عدم فقد فقدت الحياة؛ قال اللـه تعالى: ﮋﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﮊ [الشورى:52]. اهـ
قلت: واللـه سبحانه وتعالى جعل الرسل عليهم السلام وسائط بينه جل وعلا، وبين عباده، في إيصال الدين إليهم؛ ليعرفوا ما ينفعهم وما يضرهم؛ وليصلحوا به معاشهم ومعادهم، فالرسل بعثوا جميعا بالدعوة إلى الدين الحق، الذي يدعو الناس إلى اللـه تعالى ويعرفهم الطريق الموصل إليه عز وجل([24]).
قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج1 ص79): (اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول ه وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر؛ فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح، لا في الدنيا، ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب، والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضا اللـه البتة إلا على أيديهم، فالطيب من الأعمال، والأقوال، والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاءوا به، فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم، وأعمالهم، وأخلاقهم توزن الأقوال، والأخلاق، والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة، وحاجة فرضت، فضرورة العبد، وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير...
وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي ه فيجب على كل من نصح نفسه، وأحب نجاتها وسعادتها؛ أن يعرف من هديه وسيرته، وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به، ويدخل به في عداد أتباعه، وشيعته، وحزبه، والناس في هذا بين مستقل، ومستكثر، ومحروم([25])، والفضل بيد اللـه يؤتيه من يشاء واللـه ذو الفضل العظيم). اهـ
قلت: ومما سبق تتضح حاجة العباد إلى الدين، وضرورتهم إلى الرسل عليهم السلام، وما جاؤوا به عن اللـه تعالى، ومن عقل ذلك وجب عليه المسارعة إلى التمسك بهدي الرسول ه، والعمل بما جاء به؛ بحسن إخلاص، وصدق اتباع على عقيدة صحيحة، ومنهج سليم، وفق ما كان عليه الرسول ه، وأصحابه الكرام؛ ففي ذلك سعادة الدنيا، وفوز الآخرة، نسأل اللـه تعالى من فضله وتوفيقه.
قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج19 ص334): (والتوفيق في الاعتصام بالسنة والإجماع). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج19 ص328)؛ عن أبي حامد الغزالي: (ولم يكن له علم بالآثار ولا خبرة بالسنن النبوية القاضية على العقل!). اهـ
يعني: لم يوفق لعلم الآثار!.
وقال الإمام ابن الوزير / في «الأمر بالعزلة» (ص107): (فمن كان ضعيف الرياضة لنفسه لم يتيقظ الخفيات مداخل الشيطان، والنفس في ذلك، فربما حبط عمله، وهو لا يشعر ... ولو في بعض الأوقات، والغفلات، فيلحقه بذلك عقاب اللـه تعالى وسخطه، وسلب توفيقه). اهـ
=ومن هنا تأتي أهمية تجلية مفهوم التجديد([26]) وضوابطه وثمرته، ومفهوم التأصيل وضوابطه وثمرته تحت ظـل التوفيـق المثمـر الـذي يسهـم في صـلاح الأمـة،
وتجديد مفهومها للدين وتأصيلها، وتقويمها في بلدان المسلمين([27]).
هذا آخر ما وفقني اللـه سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك
-إن شاء اللـه- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،
وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى اللـه وسلم وبارك
على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص408)، وابن حمكان في «الفوائد والأخبار» (ج10 ص41- السير).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص41).
([3]) وانظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج2 ص381)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج9 ص162)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص468)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج12 ص437)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص327).
([5]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج7 ص103)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج18 ص38)، و«أنوار التنزيل» للبيضاوي (ج1 ص467)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج9 ص90)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج12 ص437)، و«لباب التأويل» للخازن (ج3 ص327)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج4 ص234).
([6]) فلا يكون الإصلاح بكثرة الجمعيات أو الجماعات، أو بكثرة المال أو الأتباع، أو بكثرة المحاضرات أو الأنشطة، أو بالسيطرة على المناصب أو القوة، أو بالعبقرية في السياسة الغربية، أو بالقصص، أو بالفصاحة والبيان، أو غير ذلك.
وانظر: «إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن» لأبي السعود (ج4 ص234).
([7]) وانظر: «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص942)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج7 ص90)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص4884)، و«المصباح المنير» للفيومي (ج2 ص919).
([10]) فإذا من يشأ الله تعالى يضلله؛ يعني: يسلب عنه التوفيق، فيخذله، فينتج من ذلك أن الله تعالى سلب عنه إعانته، وسلب عنه تسديده، وسلب عنه أسباب الخير، ولم يغلق عليه أبواب الشر، فهي متتابعة عليه، والعياذ باللـه.
([12]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص1118)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن لأثير (ج2 ص227)، «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص1005)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص72)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص165).
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص362)، وابن ماجه في «سننه» (ج5 ص459)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص245)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص127)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص20).
وإسناده صحيح.
([15]) وهذا هو الجهل الحقيقي الذي حذر منه الشارع الحكيم؛ وهو أن يبقى العبد بدون فائدة في هذه الحياة الدنيا.
قال تعالى: ﮋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﮊ [الفجر:24].
فتأمل أيها المغفل الحزبي!.
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص408)، وابن حمكان في «الفوائد والأخبار» (ج10 ص41- السير).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص41).
([25]) لأن الإسلام يعود غريبا كما بدأ؛ أي: غربة الإسلام وأهله، فلا يغتم الغريب بقلة من يعرف السنة وأهلها، ولا يضيق صدره بذلك، ولا يكون في شك من دين الإسلام.
وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج18 ص296). ومن هنا يأتي دور التأصيل، وتجديد مفاهيم الناس.
([26]) لابد أن يكون التجديد على منهج أهل السنة والجماعة، سواء كان التجديد الكلي، أو التجديد الجزئي، لأن التجديد يتجزأ، كما أن الاجتهاد في الدين يتجزأ.
وكذلك لابد أن يكون المجدد من أمة الإجابة، «الفرقة الناجية» السالمة من البدع المحدثة، والمعاصي المهلكة.
ولهذا لا يجوز أن يعد مجددا من وقع في البدع والمعاصي؛ كـ«بدع المرجئة، وبدع الإخوانية، وبدع التراثية، وبدع القطبية، وبدع السرورية، وبدع الثورية، وبدع الصوفية ، وبدع الأشعرية، وبدع الخارجية»، وكل من انحرف عن منهج أهل السنة والجماعة، لأنه اجتهد في نصرة، وتجديد مذهبه الباطل، فلا يكن من المجددين للإسلام.
وانظر: «عون المعبود» للعظيم آبادي (ج4 ص180).