القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة التحف في تأصيل منهج السلف / ذم التفويض

2024-12-04

صورة 1
ذم التفويض

سلسلة

التحف في تأصيل منهج السلف

 

 

9

 

 

 

 

 

 

                                                                                                                 

 

 

 

                                                                                 

 

ذم التفويض

 

 

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     

المقدمة

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام: على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فهذا جزء لطيف في: «ذم مذهب المفوضة»، في الصفات، لأن كثيرا من المتأخرين: يظنون أن مذهب السلف، هو: «التفويض»؛ يعني: أنهم لا يتكلمون في معنى: الصفات.

* وهذا كذب على السلف، بل مذهب السلف: إثبات المعنى، ونفي التكييف، يعني: يثبتون المعنى، ويفوضون الكيفية إلى علم الله تعالى.

* فأهل السنة والجماعة: كما أمروا؛ بإمرار: نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت، فإنهم:

1) يثبتون ما دلت عليها من المعاني، التي خاطبنا الله تعالى بها.

2) ويثبتون حقيقة صفات الله تعالى، على ما يليق به، مع نفي العلم، بكيفية الصفة. ([1])

قال تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا[ [التغابن: 8].

وقال تعالى: ]وأنزلنا إليكم نورا مبينا[ [النساء: 174].

وقال تعالى: ]قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين[ [يونس: 57].

وقال تعالى: ]وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون[ [النحل: 64].

قلت: وهذه الآيات تبين، أن القرآن لا يمكن أن يوصف بكونه هدى وشفاء، وبيانا، ونورا، إلا إذا كان مفهوم المراد، ويكون في غاية من الوضوح والبيان.

وقال تعالى: ]هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين[ [آل عمران: 138].

وقال تعالى: ]نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين[ [النحل: 89].

وقال تعالى: ]وهذا لسان عربي مبين[ [النحل: 103].

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص331): (كثير من الناس يظنون أن مذهب السلف هو: التفويض، والتفويض هو أن يفوض المعنى، فإذا قيل له: ما معنى كذا؟، قال: الله أعلم، وإذا قيل له: ما معنى ]وجاء ربك والملك[ [الفجر:22]؛ قال: الله أعلم، أنا لا أقول: هو جاء بنفسه، ولا أقول: جاء أمره، وهكذا بقية الصفات، ويدعون أن هذا مذهب السلف، وكذبوا فيما نسبوه إلى السلف، وضلوا فيما اعتقدوه في صفات خالقهم عز وجل، لأن الله لا يخاطبنا بشيء لا نعرف معناه). اهـ

* فليس أمرهم؛ بإمرار: الصفات مجردا، عن إثبات ما دلت عليه من المعاني، كما يظنه أهل التجهيل من المفوضة، والمعطلة.

* والتفويض في باب: «صفات الله تعالى»، عند السلف، هو: التفويض في الكيف فقط، دون المعنى.

* فالسلف: كانوا يعرفون معاني الصفات، ويفوضون علم كيفيتها إلى الله تعالى.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص248): (والعجب أن كثيرا من المتأخرين: يظنون أن هذا مذهب السلف، فيظنون، أن مذهب السلف، هو التفويض؛ يعني: أنهم لا يتكلمون بالمعنى إطلاقا.

* تسأله: عن قول الله تعالى: ]ويبقى وجه ربك[ [الرحمن: 27]؛ قال: والله لا أدري، ويرون أن هذا مذهب السلف!). اهـ

* وهذا دليل قاطع على إبطال التفويض المنقول عن السلف الصالح، وأنهم لم يكونوا مفوضة.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص332): (فكل السلف يقولون: أمروها كما جاءت بلا كيف، وهذه العبارة -كما نعلم- تدل على أن السلف يثبتون لها معنى من وجهين:

الوجه الأول: قولهم: «أمروها كما جاءت»؛ لأنها ألفاظ جاءت لمعاني، ولا يمكن إمرارها كما جاءت؛ إلا بإثبات معناها كما نثبت لفظها، فإن لم نثبت المعنى: لم نكن أمررناها كما جاءت؛ لأن الله تعالى أنزلها كلمات لها معان.

الوجه الثاني: قولهم: «بلا كيف»؛ لأن نفي الكيفية يدل على وجود أصل المعنى، لأن نفي الكيفية عما ليس بثابت: لغو، فإذا قالوا: «بلا كيف»، علمنا أنهم يريدون: إثبات المعنى، لكن بلا كيف). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص332): (يقولون: إن مذهب السلف: هو التفويض، وهذا لا شك، أنه كذب على السلف... فمذهب السلف: إثبات المعنى، ونفي التكييف). اهـ

* وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون: علم معاني نصوص الصفات، ويدعون أن هذا مذهب أهل السنة والجماعة.

هذا؛ وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتي، وأن يتقبله بقبول حسن، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.

                                                                                                                كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

    

ذكر الدليل

على أن أهل السنة والجماعة؛ يمرون نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت،  ويثبتون حقيقة معناها، التي على لغة القرآن، ولغة السنة، ولغة الأثر، وهذا فيه قمع: «للمفوضة» في هذا العصر الحاضر، في تفويضهم للمعنى، وفي سكوتهم عن إثبات حقيقة؛ معنى: صفات الله تعالى التي خاطبنا الله تعالى بها

 

* فأهل السنة والجماعة: كما أمروا؛ بإمرار: نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت، فإنهم:

1) يثبتون ما دلت عليها من المعاني، التي خاطبنا الله تعالى بها.

2) ويثبتون حقيقة صفات الله تعالى، على ما يليق به، مع نفي العلم، بكيفية الصفة. ([2])

قال تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا[ [التغابن: 8].

وقال تعالى: ]وأنزلنا إليكم نورا مبينا[ [النساء: 174].

وقال تعالى: ]قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين[ [يونس: 57].

وقال تعالى: ]وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون[ [النحل: 64].

قلت: وهذه الآيات تبين، أن القرآن لا يمكن أن يوصف بكونه هدى وشفاء، وبيانا، ونورا، إلا إذا كان مفهوم المراد، ويكون في غاية من الوضوح والبيان.

وقال تعالى: ]هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين[ [آل عمران: 138].

وقال تعالى: ]نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين[ [النحل: 89].

وقال تعالى: ]وهذا لسان عربي مبين[ [النحل: 103].

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص331): (كثير من الناس يظنون أن مذهب السلف هو: التفويض، والتفويض هو أن يفوض المعنى، فإذا قيل له: ما معنى كذا؟، قال: الله أعلم، وإذا قيل له: ما معنى ]وجاء ربك والملك[ [الفجر:22]؛ قال: الله أعلم، أنا لا أقول: هو جاء بنفسه، ولا أقول: جاء أمره، وهكذا بقية الصفات، ويدعون أن هذا مذهب السلف، وكذبوا فيما نسبوه إلى السلف، وضلوا فيما اعتقدوه في صفات خالقهم عز وجل، لأن الله لا يخاطبنا بشيء لا نعرف معناه). اهـ

* فليس أمرهم؛ بإمرار: الصفات مجردا، عن إثبات ما دلت عليه من المعاني، كما يظنه أهل التجهيل من المفوضة، والمعطلة.

* والتفويض: مصدر من باب: التفعيل، يقال: فوض إليه الأمر؛ أي: رده إليه، ويقال: فوض إليه الأمر: سيره إليه، وجعله الحاكم فيه. ([3])

* ومنه: قوله تعالى، عن مؤمن آل فرعون: ]وأفوض أمري إلى الله[ [غافر: 44].

* فمعنى التفويض في الشيء، لغة: التوقف فيه، وعدم الحكم عليه، لا نفيا، ولا إثباتا، ورد الحكم عليه، إلى الغير ليحكم فيه. ([4])

* فالمفوض في الشيء: يكون غير مثبت له، ولا ناف له، ويكون جاهلا بالحكم عليه، فمعناه: أنه جاهل بالحكم عليه.

* والتفويض في باب: «صفات الله تعالى»، عند السلف، هو: التفويض في الكيف فقط، دون المعنى.

* فالسلف: كانوا يعرفون معاني الصفات، ويفوضون علم كيفيتها إلى الله تعالى.

* فيكون الكيف: هو المجهول عندهم، لا المعنى، فكانوا: مثبتين للصفات، لا مفوضين لها. ([5])

قلت: والتفويض في معنى الصفات، قالت به: «الماتريدية»، في هذا العصر الحاضر.

* فالتفويض في صفات الله تعالى، عند: «الماتريدية»، هو التفويض في معانيها، وكيفيتها.

قال أبو منصور الماتريدي في «التوحيد» (ص74): (مع ما كان الله تعالى: يمتحن بالوقوف في أشياء، كما جاء من نعوت الوعد والوعيد، وما جاء من الحروف المقطعة، وغير ذلك، مما يؤمن المرء، أن يكون ذا مما المحنة فيه: الوقف، لا القطع). اهـ

وقال أبو منصور الماتريدي في «التوحيد» (ص74): (يجب نفي التشبيه عنه، والإيمان بما أراده، من غير تحقيق على شيء). اهـ

وقال التفتازاني الماتريدي في «شرح المقاصد» (ج2 ص50)؛ بعدما ذكر عدة من آيات الصفات: (والجواب: أنها ظنيات سمعية، في معارضة قطعيات عقلية، فيقطع بأنها ليست على ظاهرها، ويفوض العلم بمعانيها إلى الله تعالى، مع اعتقاد حقيقتها جريا على الطريق الأسلم). اهـ

وقال الكوثري الماتريدي في «تبديد الظلام» (ص53): (ولا كيف، ولا معنى).اهـ

والحاصل: أن معنى التفويض عند: «الماتريدية»، تفويض معاني الصفات، ونصوصها، وتفويض كيفيتها جميعا إلى الله تعالى.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص413 و414): (فإن معرفة مراد الرسول r، ومراد الصحابة y: هو أصل العلم، وينبوع الهدى.

* وإلا فكثير ممن يذكر مذهب السلف، ويحكيه لا يكون له خبرة بشيء من هذا الباب، كما يظنون أن مذهب السلف في آيات الصفات، وأحاديثها؛ أنه لا يفهم أحد معانيها، لا الرسول r، ولا غيره.

* فيجعلون مضمون مذهب السلف، أن الرسول r، بلغ قرآنا، لا يفهم معناه، بل تكلم بأحاديث الصفات، وهو لا يفهم معناها، وأن جبريل عليه السلام كذلك، وأن الصحابة والتابعين كذلك.

* وهذا ضلال عظيم، وهو أحد أنواع الضلال، في كلام الله تعالى، والرسول r، ظن أهل التخييل، وظن أهل التحريف، والتبديل، وظن أهل التجهيل) ([6]). اهـ

* والمقصود: هنا التنبيه على أصول المفوضة الفاسدة، التي أوجبت الضلالة منهم، في باب: الصفات.

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص422): (والصنف الثالث: أصحاب التجهيل: الذين قالوا: نصوص الصفات ألفاظ، لا تعقل معانيها، ولا ندري ما أراد الله تعالى، ورسوله r منها؛ ولكن نقرؤها ألفاظا، لا معاني لها، ونعلم أن لها تأويلا، لا يعلمه إلا الله تعالى، وهي عندنا: بمنزلة: ]كهيعص[ [مريم: 1]، و: ]حم عسق[ [الشورى: 1و2]، وظن هؤلاء: أن هذه طريقة السلف، وأنهم: لم يكونوا يعرفون حقائق الأسماء والصفات). اهـ

* فظن المفوضة: أن طريقة السلف، هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن، والحديث، من غير فقه في ذلك. ([7])

* وصرح المقبلي في «الأرواح النوافخ» (ص395)؛ أن السلف: لم يكونوا مفوضة، والتفويض جهل بالمعنى، وهو أخو: «التأويل»، فالمفوض: متأول، لا مسلم.

والحاصل: أن الذي يدعي، التفويض: في المعنى، وبتقوله على السلف، فهو في الحقيقة، مع جهله، وتجهيله: للسلف، لم يجعل القرآن بيانا، ولا هدى، ولا فرقانا.([8])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص285): (ويبين ذلك: أن الصحابة، والتابعين، لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات، لا يعلم معناها رسول الله r، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41)؛ عن السلف: (فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا علم حقيقة الصفة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص308): (وكذلك: الأئمة، كانوا إذا سئلوا عن شيء من ذلك، لم ينفوا معناه، بل يثبتون المعنى، وينفون الكيف). اهـ

* فنصوص أئمة السنة؛ أنهم: كانوا يعرفون معاني الصفات، ويفهمون المراد من نصوصها، غير أنهم: كانوا يفوضون في الكيف فقط، دون المعنى.

* فنسبة التفويض الباطل: إليهم، هو: تقول قبيح، وكذب صريح، وبهت شنيع، وهو افتراء فظيع، وضلال، وإضلال.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1133): (ومن جعل طريقة السلف: عدم العلم، بمعاني الكتاب والسنة، وعدم إثبات ما تضمناه من الصفات: فقد أخطأ خطأ، فاحشا، على السلف). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص133): (حتى إن كثيرا من المنتسبين إلى السنة: يعتقدون أن طريقة السلف، هي الإيمان بألفاظ النصوص، والإعراض عن تدبر معانيها، وتفقهها، وتعقلها). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص89): (وكذلك: من سأل عن «العلم»، و«الحياة»، و«القدرة»، و«الإرادة»، و«النزول»، و«الغضب»، و«الرضا»، و«الرحمة»، و«الضحك»، وغير ذلك؛ فمعانيها كلها مفهومة؛ وأما كيفيتها: فغير معقولة). اهـ

قلت: فمن لم يستفد من العلم، واليقين في باب الأسماء والصفات، من متواتر الأخبار، وآحادها: فهو بمعزل عن تحكيم الرسول r، والتسليم له في الدين. ([9])

قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص24): (وهذا لا شك أنه محال؛ يعني: على رأي من يقولون: إن نصوص الصفات غير مفهومة المعنى.

* لأنه يترتب على ذلك، أن يكون ما قصه الله تعالى علينا من أنباء فرعون، وهامان، وقارون، وغيرهم، من الكفرة: معلوم المعنى.

* وما قصه أيضا عن الرسل الكرام من الفضائل، والمناقب: معلوم المعنى.

* وما قصه عن نفسه، من صفات الكمال، غير معلوم المعنى، وهل هذا معقول.

* مع أن أشد ما يكون في الشريعة الإسلامية، وأولى، وأوجب ما يكون، هو معرفة الله تعالى، بأسمائه وصفاته، فكيف يكون القرآن غير معلوم المعنى في هذه الأمور العظيمة الجليلة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص248): (والعجب أن كثيرا من المتأخرين: يظنون أن هذا مذهب السلف، فيظنون، أن مذهب السلف، هو التفويض؛ يعني: أنهم لا يتكلمون بالمعنى إطلاقا.

* تسأله: عن قول الله تعالى: ]ويبقى وجه ربك[ [الرحمن: 27]؛ قال: والله لا أدري، ويرون أن هذا مذهب السلف!). اهـ

قلت: وهذا رأي: «بدر بن علي العتيبي»، إذا سألته عن صفة لله تعالى، قال: «لا أدري ما معناها»، فهذا هو التفويض الذي ذمه أئمة الحديث، قديما، وحديثا. ([10])

* والقرآن نزل باللغة العربية، مما يدل على أن معناه معلوم.

قال تعالى: ]إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون[ [الزخرف: 3].

وقال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون[ [النحل: 44].

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص246): (وقوله تعالى: ]ولعلهم يتفكرون[؛ يتفكرون في المعنى، وهذا يدل على أن القرآن الكريم؛ له معان، هي محل التفكير). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص247): (من المحال، أن ينزل الله تعالى كتابا، أو يتكلم رسوله r؛ بكلام يقصد بهذا الكتاب.

* وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق، ويبقى في أعظم الأمور، وأشدها ضرورة، مجهول المعنى: بمنزلة الحروف الهجائية، التي لا يفهم منها شيء: لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى؛ عن كتابه: ]كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير[ [هود: 1]). اهـ

قلت: وبيان الشارع، للقرآن، هو شامل، لبيان لفظه، وبيان معناه. ([11])

* وهذا دليل قاطع على إبطال التفويض المنقول عن السلف الصالح، وأنهم لم يكونوا مفوضة.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص332): (فكل السلف يقولون: أمروها كما جاءت بلا كيف، وهذه العبارة -كما نعلم- تدل على أن السلف يثبتون لها معنى من وجهين:

الوجه الأول: قولهم: «أمروها كما جاءت»؛ لأنها ألفاظ جاءت لمعاني، ولا يمكن إمرارها كما جاءت؛ إلا بإثبات معناها كما نثبت لفظها، فإن لم نثبت المعنى: لم نكن أمررناها كما جاءت؛ لأن الله تعالى أنزلها كلمات لها معان.

الوجه الثاني: قولهم: «بلا كيف»؛ لأن نفي الكيفية يدل على وجود أصل المعنى، لأن نفي الكيفية عما ليس بثابت: لغو، فإذا قالوا: «بلا كيف»، علمنا أنهم يريدون: إثبات المعنى، لكن بلا كيف). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص332): (يقولون: إن مذهب السلف: هو التفويض، وهذا لا شك، أنه كذب على السلف... فمذهب السلف: إثبات المعنى، ونفي التكييف). اهـ

* وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون: علم معاني نصوص الصفات، ويدعون أن هذا مذهب أهل السنة والجماعة.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص252): (والسلف: بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال: عنهم، بإثبات المعاني، لهذه النصوص، إجمالا أحيانا، وتفصيلا أحيانا، وتفويضهم الكيفية إلى علم الله تعالى). اهـ

قلت: وبعد هذا؛ فما هي أحرى الأوصاف، بهذا: «العتيبي» التضليل، والتلبيس، والخيانة، أم الجهل، والغفلة، والغرور، إن من كان هذا حاله حقيق، بأن يرثى مآله، ويطرح قوله، ومقاله، لعل المغرورين به من الجهلة، يكتشفون حقيقته، وجهله في الأصول والفروع، وهذا ظاهر فيه هذا المغرور. ([12])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص307): (فالسلف من الصحابة، والتابعين، وسائر الأمة، قد تكلموا، في جميع نصوص القرآن -في آيات الصفات وغيرها-، وفسروها بما يوافق دلالتها وبيانها، ورووا عن النبي r، أحاديث كثيرة توافق القرآن، وأئمة الصحابة في هذا أعظم من غيرهم... ولو كان معاني هذه الآيات منفيا، أو مسكوتا عنه، لم يكن ربانيو الصحابة أهل العلم، بالكتاب والسنة، أكثر كلاما فيه.

* ثم إن الصحابة t، نقلوا عن النبي r، أنهم كانوا يتعلمون منه التفسير مع التلاوة، ولم يذكر أحد منهم عنه قط أنه امتنع من تفسير آية... وكذلك الأئمة كانوا إذا سئلوا عن شيء من ذلك لم ينفوا معناه؛ بل يثبتون المعنى، وينفون الكيفية). اهـ

قلت: وأقوال السلف كثيرة، في تفسير نصوص الصفات، وبيان أوجه معانيها، وهي دامغة، لكل مفتر عليهم، من مفوض، ومعطل.

والحاصل: أن السلف كانوا يعرفون معاني صفات الله تعالى، والمراد من نصوصها.

* ولذلك فسروها؛ كتفسيرهم: لبقية النصوص، غير أنهم: كانوا يفوضون على كيفيتها إلى الله تعالى.

* فهل يقال بعد هذا كله، أن مذهب التفويض، هو مذهب السلف: ]إن هذا لشيء عجاب[ [سورة ص: 5].

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص333): (قوله: «وأما التفويض فمن المعلوم أن الله تعالى أمرنا بتدبر القرآن، وحضنا على عقله وفهمه»: مذهب أهل التفويض يقولون: اترك هذا، ولا تبحث في معناه، ولا تحاول أن تفهمه؛ لأن فهمه على زعمهم متعذر، فالواجب أن تقرأه لفظا، وألا تتكلم به معنى، عند هؤلاء حتى الرسول r لا يعلم معاني آيات الصفات، ولا يدري ماذا أراد الله تعالى بقوله: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]، ولا يدري ماذا أراد الله تعالى بقوله: ]بل يداه مبسوطتان[ [المائدة: 64]، ولا يدري ما معنى قوله: ]ويبقى وجه ربك[ [الرحمن: 27]، كل هذه الصفات، بل كل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه، فإن الرسول r لا يعلم معناه، بل لو تكلم الرسول r بشيء من صفات الله تعالى؛ فإنه لا يعلم معناه، أي يقولون: إن الرسول r قال: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا»([13])، ولو سألت الرسول r: ماذا أراد؟ لقال: لا أدري.

* ولا شك أن هذا من أعظم القدح في الله تعالى، وفي رسوله r، وفي كتابه، وفي أمة الإسلام، أن تكون غير فاهمة معنى ما وصف الله تعالى به نفسه، وأن ينزل الله تعالى علينا كتابا بمنزلة الحروف الهجائية لا يدرى ما المراد بها، وأن الرسول r يتكلم بالكلام ولا يدري ما معناه، هذا من أعظم القدح). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص335): (وهذا المذهب -في الحقيقة- لو تدبره الإنسان لعلم أنه لا يمكن أن يكون هذا مذهب السلف إطلاقا، وأن من ادعى أنه مذهب السلف فهو إما جاهل بمذهبهم، أو كاذب عليهم، والحمد لله فالسلف كلامهم مشهور، وحججهم السمعية والعقلية معلومة، بأن المعنى فيما أخبر الله تعالى به عن نفسه، وعن صفاته معلوم.

إذن: مذهب السلف: إثبات المعاني، وفهمها، ونشرها بين الأمة، ولكنهم يقفون عن الخوض في الكيفية، لأن الكيفية غير معلومة لا عن طريق السمع، ولا عن طريق العقل، بل إن السمع والعقل كلاهما يدل على أن العلم بالكيفية مستحيل، وبهذا يكون مشينا على الصراط المستقيم، ونقول: من قال إن السلف يؤمنون باللفظ، ولا يفهمون المعنى: فهو كاذب عليهم، وقادح فيهم بنفس الوقت؛ لأنه جعلهم أميين بمنزلة الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية الكبرى» (ص310): (فقولهم: «أمروها كما جاءت»؛ يقتضي: إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان.

* فلو كانت دلالتها منتفية، لكان الواجب أن يقال: أمروا ألفاظها، مع اعتقاد، أن المفهوم منها: غير مراد، أو أمروا ألفاظها، مع اعتقاد أن الله تعالى لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال: حينئذ: «بلا كيف»، إذ نفي الكيفية عما ليس بثابت لغو من القول). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج6 ص265): (فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة،. ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد، من غير فهم لمعناه - على ما يليق بالله - لما قالوا: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول»، ولما قالوا: «أمروها كما جاءت بلا كيف»، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما، بل مجهولا، بمنزلة حروف المعجم). اهـ

قلت: وهذا بيان معاني نصوص الصفات، وأنها تحمل على الكلام المعهود، والمعروف من لغة العرب، الذي خاطبنا الله تعالى به.

قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة في بيان المحجة» (ج1 ص128): (الكلام في صفات الله تعالى: ما جاء منها في كتاب الله تعالى، أو روي بالأسانيد الصحيحة، عن رسول الله r؛ فمذهب السلف: إثباتها، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص204): (فعلى قول هؤلاء: يكون الأنبياء، والمرسلون: لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص، ولا الملائكة، ولا السابقون الأولون.

* وحينئذ فيكون ما وصف الله تعالى به نفسه في القرآن، أو كثير مما وصف الله تعالى به نفسه، لا يعلم الأنبياء معناه، بل يقولون كلاما، لا يعقلون معناه.

* ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء، إذ كان الله تعالى أنزل القرآن، وأخبر أنه جعله هدى، وبيانا للناس، وأمر الرسول r أن يبلغ البلاغ المبين... لا يعلم أحد معناه.

* فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون، أنهم متبعون للسنة، والسلف، من شر أقوال أهل البدع والإلحاد). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص253): (أهل التفويض يقولون: إن الذي في القرآن، لا يعلم معناه: حتى الرسول محمد r، لو سألته: ما معنى: ]بل يداه مبسوطتان[ [المائدة: 64]؛ يقول: ما أدري!، ما معنى: ]استوى على العرش[ [السجدة: 4]؛ قال: ما أدري!، وأنت يا محمد تقول: «أن الله ينزل إلى السماء الدنيا»([14])، ما معنى: ينزل؟، يقول: ما أدري!، أنت تقول: «إن الله يضحك إلى رجلين؛ يقتل أحدهما: الآخر، كلاهما يدخل الجنة»([15])، ما معنى: يضحك؟، قال: ما أدري!، هل هذا معقول؟!). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص252): (ومن أراد الزيادة من النقول؛ فليرجع إلى كتب السنة المؤلفة في هذا الباب، فهم: قد اتفقوا على هذه الجملة في نصوص الصفات: «أمروها كما جاءت بلا كيف»، وهذه مشهورة عن أئمة التابعين، وهي تدل على أنهم يثبتون المعنى من وجهين:

الوجه الأول: قولهم: «أمروها كما جاءت»؛ لأننا نعلم أنها ألفاظ جاءت لمعان، فما جاءت من أجل أن تتلى فقط!.

والوجه الثاني: قولهم: «بلا كيف»، لأن نفي الكيفية دليل على ثبوت أصل المعنى، ولو لم يكن المعنى: ثابتا ما احتجنا إلى نفي الكيفية). اهـ

* فهذه أقوال أهل العلم، وهي من البراهين الواضحة، على أنهم: لم يكونوا مفوضة بالمعنى الذي يعنيه: «بدر العتيبي» الجاهل.

وقال الإمام أبو المظفر السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص45 و49): (ومما يدل على أن أهل الحديث؛ هم: على الحق، أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة... قديمهم وحديثهم، مع اختلاف بلدانهم... وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة... يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها... لا ترى بينهم اختلافا، ولا تفرقا في شيء ما، وإن قل.

* بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم، ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأنه جاء من قلب واحد... وهل على الحق دليل أبين من هذا، قال الله تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء:82]).اهـ

وقال الإمام ابن البناء الحنبلي / في «المختار من الأصول» (ص66)؛ وهو يتكلم عن اعتقاد أهل السنة: (لا يختلفون في شيء من هذه الأصول، ومن فارقهم في شيء؛ منها: نابذوه، وباغضوه، وبدعوه، وهجروه). اهـ

قلت: فهذا «العتيبي»، قائم على الاجتهاد الفاسد، الذي فيه لا يعذر، لأنه معاند، وقد وقع في الزندقة، وليس هو من أهل الاجتهاد الصحيح، فهو مفوض.

فعن الإمام أبي عبد الله الشافعي / قال: (والله لأن يفتي العالم، فيقال: أخطأ العالم([16])، خير له من أن يتكلم، فيقال: زنديق!، وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله). ([17])

قال الحافظ الذهبي / في «سير أعلام النبلاء» (ج10 ص19)؛ ومعلقا على قول الشافعي: (هذا دال على أن مذهب: أبي عبد الله، أن الخطأ في الأصول، ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع). اهـ   

وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على بشر المريسي» (ص54): (وأما ما ذكرت من اجتهاد الرأي في تكييف صفات الله تعالى؛ فإنا لا نجيز اجتهاد الرأي في كثير من الفرائض، والأحكام، التي نراها بأعيننا، ونسمع في آذاننا، فكيف في صفات الله تعالى، التي لم ترها العيون، وقصرت عنها الظنون). اهـ

وقال الإمام ابن جرير / في «التبصير في معالم الدين» (ص113)؛ عن المجتهد الجاهل: (والآخر منهما غير معذور بالخطأ فيه، مكلف قد بلغ حد الأمر والنهي). اهـ

وقال الإمام ابن منده / في «التوحيد» (ج1 ص314): (ذكر الدليل على أن المجتهد([18]) المخطئ في معرفة الله تعالى ووحدانيته؛ كالمعاند). اهـ

وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني / في «الجامع» (ص121): (ومن قول أهل السنة: أنه لا يعذر من أداه اجتهاده إلى بدعة، لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل، فلم يعذروا، إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة y، فسماهم النبي r: مارقين من الدين) ([19]). اهـ

* وقد بين العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص18)؛ بأن الاجتهاد في الصفات، وغيرها، لا يقبل بالجهل في ذلك، حتى قال: (سبحان الله: ما أقبح الجهل، وما أبشعه). اهـ 

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص131)؛ بدعوى الاجتهاد في الأصول: (ثم يقال: لهذا الرجل وأمثاله؛ قد أجمع علماء المسلمين من عهد الصحابة y، إلى يومنا هذا على أن الاجتهاد محلة المسائل الفرعية، التي لا نص فيها.

* أما العقيدة، والأحكام: التي فيها نص صريح من الكتاب، أو السنة الصحيحة، فليست محلا للاجتهاد، بل الواجب على الجميع الأخذ بالنص، وترك ما خالفه، وقد نص العلماء، على ذلك في كل مذهب من المذاهب المتبعة). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن سحمان / في «إجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة الجهمية» (ص148): (فليس كل اجتهاد، وخطأ، وجهل؛ مغفورا، لا يكفر، ولا يؤثم فاعله، هذا على سبيل التنبيه، وإلا فالمقام يحتمل بسطا أكثر من هذا). اهـ

* وقد وافق: «بدر العتيبي»، من خاض في مذهب التفويض، من المتكلمين، وزعم أن التفويض، وهو مذهب السلف.

قال أبو المعالي الجويني في «العقيدة النظامية» (ص23): (وذهب أئمة السلف إلى الإنكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مرادها، وتفويض معانيها، إلى الرب سبحانه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص41)؛ وهو يتكلم، عن موقف: أبي المعالي من الصفات: (والثاني: تفويض معانيها إلى الرب سبحانه، وهو آخر: قولي أبي المعالي، كما ذكره في «الرسالة النظامية»). اهـ

وقال ابن خلدون في «مقدمته» (ص353): (وإنما مذهب السلف: ما قررناه، أولا: من تفويض المراد بها إلى الله تعالى، والسكوت عن فهمها). اهـ

وقال السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص6)؛ وهو يتكلم عن آيات الصفات: (وجمهور أهل السنة([20])؛ منهم السلف: على الإيمان بها، وتفويض معناها المراد: منها إلى الله تعالى). اهـ

وقال محمد رشيد رضا في «تعليقه على لمعة الاعتقاد» (ص31): (لا نقول كيف هي، ولا نقول: معناها كذا، وكذا، بل نقول: صفة أثبتها الله تعالى لنفسه، فنحن نثبتها له، ونكل كيفيتها، ومعناها إليه تعالى.

* واعلم أن هذا ما كان عليه السلف الصالح كلهم!، والأئمة المقتدى بهم، وذهب إليه المحققون من الخلف، ومن كبار: علماء الأشاعرة!). اهـ

* وذهب أيضا حسن البنا في كتابه «العقائد» (ص66)؛ إلى مذهب المفوضة.

قلت: فـ«بدر العتيبي»، وافق في التفويض، هؤلاء الأشاعرة، وغيرهم، فخاب وخسر.

قلت: وما وقع: «بدر العتيبي» في التفويض، إلا بسبب جهله، باعتقاد السلف جملة وتفصيلا، فالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.

* فإن الجهل المركب، الذي وقع فيه: «بدر العتيبي»، وتفويضه في الصفات، كان هو من أعظم الأسباب، في تقصيره، في إثبات ما جاء به الرسول r، عن الله تعالى، وفي معرفة معاني أسمائه وصفاته.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح رب البرية بتلخيص الحموية» (ص48): (فصل: وأما أهل التجهيل؛ فهم: كثير من المنتسبين إلى السنة، واتباع السلف.

* وحقيقة مذهبهم: أن ما جاء به الرسول r من نصوص الصفات، ألفاظ مجهولة، لا يعرف معناها، حتى الرسول r يتكلم بأحاديث الصفات، ولا يعرف معناها.

* فطريقتهم في نصوص الصفات: إمرار لفظها، مع تفويض معناها، ومنهم: من يتناقض، فيقول: تجرى على ظاهرها، من أن لها تأويلا، يخالفه لا يعلمه إلا الله تعالى.

* وهذا ظاهر التناقض، إذ كيف يمكن إجراؤها على ظاهرها، مع أن المراد: بها خلافه). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص331): (بهذا التقرير الذي تبين به أنه لا يمكن أن يكون في القرآن شيء لا يعلم معناه إلا الله تعالى؛ يتبين بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم معاني آيات الصفات، ويدعون أن هذا هو مذهب السلف، وقد ضلوا فيما ذهبوا إليه، وكذبوا فيما نسبوه إلى السلف، فإن السلف إنما يفوضون علم الكيفية دون علم المعنى، وقد تواترت النقول عنهم بإثبات معاني هذه النصوص، إجمالا أحيانا، وتفصيلا أحيانا، فمن الإجمال قوله: «أمروها كما جاءت بلا كيف»، ومن التفصيل: ما سبق عن مالك في الاستواء). اهـ

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك ـ إن شاء الله ـ سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة.....................................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على أن أهل السنة والجماعة؛ يمرون نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت، ويثبتون حقيقة معناها، التي على لغة القرآن، ولغة السنة، ولغة الأثر، وهذا فيه قمع: «للمفوضة» في هذا العصر الحاضر، في تفويضهم للمعنى، وفي سكوتهم عن إثبات حقيقة؛ معنى: صفات الله تعالى التي خاطبنا الله تعالى بها.................

9

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص251 و252 و253)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج1 ص116 و118)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له (ص310)، و«الفتاوى» له أيضا (ج13 ص307 و308)، و«اجتماع الجيوش» لابن القيم (ص199)، و«الصواعق المرسلة» له (ج2 ص422 و423)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج3 ص244)، و«التوحيد» لابن منده (ج3 ص7)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج1 ص128).

([2]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص251 و252 و253)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج1 ص116 و118)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له (ص310)، و«الفتاوى» له أيضا (ج13 ص307 و308)، و«اجتماع الجيوش» لابن القيم (ص199)، و«الصواعق المرسلة» له (ج2 ص422 و423)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج3 ص244)، و«التوحيد» لابن منده (ج3 ص7)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج1 ص128).

([3]) انظر: «الصحاح» للجوهري (ج3 ص1099)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج5 ص71)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص210)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص215)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص839).

([4]) انظر: «الماتريدية» للأفغاني (ج2 ص126).

([5]) انظر: «الماتريدية» للأفغاني (ج2 ص126).

([6]) وأهل التجهيل: هم المفوضة، وهؤلاء يزعمون أنهم على السنة، وظنوا أنه لا يعرف معاني نصوص الصفات؛ إلا الله تعالى، وهؤلاء: منحرفون عن طريقة السلف الصالح.

     وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص31 و35)، و«شرح حديث النزول» له (ص65).

([7]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص352).

([8]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص8 و12)، و«الرسائل الكبرى» له (ج1 ص427 و429)، و«دقائق التفسير» له أيضا (ج1 ص129 و134 و135)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج5 ص378 و379)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص161 و170).

([9]) وانظر: «التبيان في أقسام القرآن» لابن القيم (ص549)، و«مختصر الصواعق المرسلة» له (ج2 ص520).

([10]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص247).

([11]) وانظر: «شرح القواعد المثلى في صفات الله تعالى، وأسمائه الحسنى» لشيخنا ابن عثيمين (ص249)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ص 279).

([12]) لقد بنى شرحه بزعمه لمذهب أهل السنة، على زخم هائل، من التدليس، والتلبيس، في تحريف مذهب أهل السنة والجماعة، وهذه جادة مطروقة لدى من تشربت نفوسهم بالجهل والهوى.

([13]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1094)، ومسلم في «صحيحه» (758).

([14]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1145)، ومسلم في «صحيحه» (758).

([15]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2826)، ومسلم في «صحيحه» (1890).

([16]) مراد الإمام الشافعي، من اجتهاد أهل الرأي، الذين يخوضون في الرأي في الأصول، بدون اجتهاد صحيح، فتنبه.

     وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ص54)، و«التبصير في معالم الدين» لابن جرير (ص113).

([17]) أثر صحيح.

     أخرجه عنه: الذهبي في «السير» (ج10 ص19)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج14 ص405)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص453).

     وإسناده صحيح.

([18]) يعني: المجتهد الجاهل، فهذا غير معذور، وهو آثم، بلا شك، وهذا؛ مثل: المفوض: «بدر العتيبي»، تماما.

([19]) فلا يعذر: باجتهاده، هذا: «بدر العتيبي» المبتدع المفوض، حيث أداه اجتهاده إلى بدعة المفوضة، وتبديعه، بإجماع أهل السنة والجماعة.

     وانظر: «منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات ابن جرجيس» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص18).

([20]) يعني: الأشاعرة.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan