الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / قاعدة جليلة في الرجوع إلى إجماعات الصحابة رضي الله عنهم، وفقههم في أحكام الأصول، وأحكام الفروع في الدين
قاعدة جليلة في الرجوع إلى إجماعات الصحابة رضي الله عنهم، وفقههم في أحكام الأصول، وأحكام الفروع في الدين
سلسلة من شعار أهل الحديث |
قاعدة جليلة:
في الرجوع إلى إجماعات الصحابة رضي الله عنهم، وفقههم في أحكام الأصول، وأحكام الفروع في الدين
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
إلماعة
الإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه الصحابة y في الأصول، وفي الفروع؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، حتى أنهم ينقلون الإجماع بالغلط، ولم يكن الحكم بالإجماع، وفي هذا قمع للمقلدة الذين يقلدون بعض العلماء في الأحكام، ويتركون فقه الصحابة أو إجماعهم
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله وعيد شديد، والعياذ بالله.([1])
قلت: ووجه الاستدلال بها([2])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيلا لهم؛ فيكون اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([3])
* والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول الله r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([4])
قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r ، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة في أصول الفقه» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ
وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة في أصول الفقه» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من الله تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع ([5])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول r قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([6])
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص14): (وأما أقوال الصحابة؛ فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم؛ فهي حجة عند جماهير العلماء، وإن تنازعوا رد ما تنازعوا فيه إلى الله تعالى، والرسول r ولم يكن قول بعضهم حجة مع مخالفة بعضهم له باتفاق العلماء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «العقيدة الواسطية» (ص128): (والإجماع: هو الأصل الثالث؛ الذي يعتمد عليه في العلم والدين.
وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين.
والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة الواسطية» (ج2 ص327): (فجمهور الأمة أن الإجماع دليل مستقل، وأننا إذا وجدنا مسألة فيها إجماع؛ أثبتناها بهذا الإجماع.
وكأن المؤلف / يريد من هذه الجملة إثبات أن إجماع أهل السنة حجة.
* قوله: (وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين).
* (الأصول الثلاثة): هي الكتاب والسنة والإجماع.
يعني: أن أهل السنة والجماعة يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من قول أو عمل، باطن أو ظاهر، لا يعرفون أنه حق؛ إلا إذا وزنوه بالكتاب والسنة والإجماع؛ فإن وجد له دليل منها؛ فهو حق، وإن كان على خلافه؛ فهو باطل.
* قوله: (والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة).
يعني: أن الإجماع الذي يمكن ضبطه، والإحاطة به: هو ما كان عليه السلف الصالح، وهم: القرون الثلاثة، الصحابة، والتابعون، وتابعوهم.
* ثم علل المؤلف ذلك بقوله: (إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة)؛ يعني: أنه كثر الاختلاف ككثرة الأهواء؛ لأن الناس تفرقوا طوائف، ولم يكونوا كلهم يريدون الحق، فاختلفت الآراء، وتنوعت الأقوال.
* (وانتشرت الأمة): فصارت الإحاطة بهم من أصعب الأمور.
* فشيخ الإسلام / كأنه يقول: من ادعى الإجماع بعد السلف الصالح، وهم القرون الثلاثة، فإنه لا يصح دعواه الإجماع، لأن الإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح، وهل يمكن أن يوجد إجماع بعد الخلاف؛ فنقول: لا إجماع مع وجود خلاف سابق، ولا عبرة بخلاف بعد تحقق الإجماع). اهـ
وقال العلامة محمد الهراس / في «شرح العقيدة الواسطية» (ص256): (قوله: «ثم من طريقة أهل السنة ...» إلخ؛ هذا بيان المنهج لأهل السنة والجماعة في استنباط الأحكام الدينية كلها، أصولها وفروعها، بعد طريقتهم في مسائل الأصول، وهذا المنهج يقوم على أصول ثلاثة:
أولها: كتاب الله عز وجل، الذي هو خير الكلام وأصدقه، فهم لا يقدمون على كلام الله كلام أحد من الناس.
وثانيها: سنة رسول الله r، وما أثر عنه من هدي وطريقة، لا يقدمون على ذلك هدي أحد من الناس.
وثالثها: ما وقع عليه إجماع الصدر الأول من هذه الأمة قبل التفرق والانتشار وظهور البدعة والمقالات، وما جاءهم بعد ذلك مما قاله الناس وذهبوا إليه من المقالات وزنوها بهذه الأصول الثلاثة التي هي الكتاب، والسنة، والإجماع، فإن وافقها؛ قبلوه، وإن خالفها ردوه؛ أيا كان قائله.
* وهذا هو المنهج الوسط، والصراط المستقيم، الذي لا يضل سالكه، ولا يشقى من اتبعه، وسط بين من يتلاعب بالنصوص، فيتأول الكتاب، وينكر الأحاديث الصحيحة، ولا يعبأ بإجماع السلف، وبين من يخبط خبط عشواء، فيتقبل كل رأي، ويأخذ بكل قول، لا يفرق في ذلك بين غث وسمين، وصحيح وسقيم). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح العقيدة الواسطية» (ص213): (فمن صفات أهل السنة الاجتماع على الأخذ بالكتاب، والسنة، والاتفاق على الحق، والتعاون على البر، والتقوى، وقد أثمر هذا وجود الإجماع: (والإجماع هو الأصل الثالث: الذي يعتمد عليه في العلم والدين)، وقد عرف الأصوليون الإجماع بأنه: اتفاق علماء العصر على أمر ديني، وهو حجة قاطعة يجب العمل به، وقوله: (وهو الأصل الثالث)؛ أي: بعد الأصلين الأولين: وهما الكتاب والسنة.
* من صفات أهل السنة أنهم: (يزنون بهذه الأصول الثلاثة)؛ وهي الكتاب، والسنة، والإجماع: (جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين)؛ فهم يجعلون هذه الأصول الثلاثة ميزانا لبيان الحق من الباطل، والهدى من الضلال، فيما يصدر من الناس من تصرفات قولية، أو فعلية اعتقادية، أو عملية: (مما له تعلق بالدين)؛ من أعمال الناس كالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والمعاملات وغيرها، أما ما ليس له تعلق بالدين من الأمور العادية، والأمور الدنيوية فالأصل فيه الإباحة.
* ثم بين الشيخ / حقيقة الإجماع الذي يجعل أصلا في الاستدلال فقال: (والإجماع الذي ينضبط)؛ أي: يجزم بحصوله ووقوعه: (هو ما كان عليه السلف الصالح)؛ لما كانوا قليلين مجتمعين في الحجاز يمكن ضبطهم، ومعرفة رأيهم في القضية: (وبعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة)؛ أي: بعد السلف الصالح صار الإجماع لا ينضبط لأمرين:
أولا: كثرة الاختلاف بحيث لا يمكن الإحاطة بأقوالهم.
ثانيا: انتشار الأمة في أقطار الأرض بعد الفتوح بحيث لا يمكن عادة بلوغ الحادثة لكل واحد منهم، ووقوفه عليها، ثم لا يمكن الجزم بأنهم أطبقوا على قول واحد فيها). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على وجوب التقيد بما عليه الصحابة السابقون من أحكام الإسلام
في الأصول والفروع، لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد،
ولم يبلغ درجة التمكن في العلم الشرعي، فيلزم عليه أن يأخذ بفقه الصحابة y وإجماعهم، إذا أراد النجاة لنفسه في الدنيا والآخرة
الحمد لله رب العالمين، وبه أستعين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد،
فهذا الضابط: ([7]) من الأسس الأصولية في قضية الاجتهاد في أحكام الدين في الأصول والفروع؛ لأنه يلزم المبتدئ، والمقصر في العلم الذي لم يبلغ مرتبة الاجتهاد، ولم يبلغ درجة التمكن في العلم، أن يتبع آثار الصحابة الكرام، وينضبط بحكمهم ومنهجهم ودعوتهم؛ وذلك حتى لا ينفرد عنهم بفهم ليس له فيه سلف من الصحابة y في مسألة من المسائل، وإلا كان مبتدعا في الدين، ومتبعا لغير سبيل المؤمنين.
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([8])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم، فله وعيد شديد، والعياذ بالله.
قلت: ووجه الاستدلال بها ([9]) أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم، فيكون اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة. ([10])
* والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول الله r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين، اعتقادا وتلقيا وعبادة ومعاملات ودعوة، باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([11])
قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد؛ لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة ([12]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعد ما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([13])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.
قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف. ([14])
* والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r، وعلى هذا علماء السلف.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم: واجب). اهـ
قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام، مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال وأفعال الصحابة الكرام، دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[ [البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r: هم الصحابة y.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم: قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من الله تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول والفروع ([15])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم، وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم: فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم، فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك، وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف لله، ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([16])
* فلا توجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع، فيستدل به، كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص، وهو دليل ثان مع النص). اهـ
قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم ([17])؛ إذ لا يضم المباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما، أي: إنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة. ([18])
قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق، أي: في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.
* وسبيل المرء يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد، فسبيل المؤمنين إذن ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد، فيصدق عليه ما يجمع عليه.
قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المقلد أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا، بما جاء من حكم في الأصول، أو الفروع، والله المستعان.
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
* والظاهر أن مضمون الآية: أن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، يدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
ومنه: قوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.
فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين ([19])، والعياذ بالله.
قلت: ولا شك في أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في أحكام الدين ضلال، وزيغ وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف كما يقال، ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في الأحكام، وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.
قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم، قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم، إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ
قلت: وتقرير هذا، أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام، فوجب أن يكون اتباع سبيل المؤمنين واجبا. ([20])
* فاتباع غير سبيل المؤمنين وحده حرام، وأنه متوعد عليه، بل يعتبر من المشاقة؛ لأن المشاقة معناها: ترك العمل بما جاء به الرسول r، وصحابته الكرام. ([21])
فعن المزني، والربيع قالا: (كنا يوما عند الشافعي، إذ جاء شيخ، فقال له: أسأل؟ قال الشافعي: سل. قال: إيش الحجة في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله، قال: وماذا؟ قال: سنة رسول الله r. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة). ([22])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص26): (وإذا ذكروا نزاع المتأخرين لم يكن بمجرد ذلك أن يجعل هذه من مسائل الاجتهاد التي يكون كل قول من تلك الأقوال سائغا لم يخالف إجماعا؛ لأن كثيرا من أصول المتأخرين محدث مبتدع في الإسلام، ومسبوق بإجماع السلف على خلافه، والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته والجواب عما يعارضه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ
وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة y فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص24)؛ عن تفضيل السلف على الخلف: (ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا، وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله، كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك، فإنهم أفضل ممن بعدهم، كما دل عليه الكتاب والسنة، فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير، وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم. وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب الله، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (فتارة يحكون الإجماع ولا يعلمون إلا قولهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (يحكون إجماعا ونزاعا ولا يعرفون ما قال السلف في ذلك ألبتة، بل قد يكون قول السلف خارجا عن أقوالهم). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «شرح السنة» (ص351): (فموقف المسلم من صحابة رسول الله r احترامهم، والترضي عنهم، والاقتداء بهم، واتباعهم، والدفاع عن أعراضهم، هذا هو موقف المسلم من صحابة رسول الله r). اهـ.
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص421): (فالله الله في نفسك، وعليك بالأثر، وأصحاب الأثر، والتقليد ([23])، فإن الدين إنما هو بالتقليد، يعني: للنبي r وأصحابه رضوان الله عليهم، ومن قبلنا لم يدعونا في لبس، فقلدهم واسترح، ولا تجاوز الأثر، وأهل الأثر). اهـ
وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص57)؛ عن إجماع الصحابة الكرام: (فهو إنما يدل على أن إجماعهم حجة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «أعلام الموقعين» (ج5 ص560): (وأما تخصيص اتباعهم – يعني الصحابة- بأصول الدين دون فروعه، فلا يصح؛ لأن الاتباع عام). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «أعلام الموقعين» (ج3 ص474): (وتقليدهم –يعني الصحابة - اتباع لهم، ففاعله ممن رضي الله عنهم). اهـ
وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج2 ص23): (القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض، ولم يوجد له منهم مخالف، فهو إجماع وحجة على من بعدهم). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355): (فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم؛ فأين المهرب عنهم دون سنة ولا أصل، وبالله التوفيق). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص273): (من ثبت على قول رسول الله r وأمره، وأمر أصحابه، ولم يتخط أحدا منهم، ولم يجاوز أمرهم، ووسعه ما وسعهم، ولم يرغب عن طريقتهم ومذهبهم، وعلم أنهم كانوا على الإسلام الصحيح، والإيمان الصحيح، فقلدهم دينه واستراح، وعلم أن الدين إنما هو بالتقليد([24])، والتقليد لأصحاب محمد r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص567): (وكل من خالف ما جاءت به الرسل عليهم السلام فهو ضال، من أي الطوائف كان، فإن الله بعثهم بالحق، والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل عليهم السلام. لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل عليهم السلام). اهـ
قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [آل عمران:164].
وقال تعالى: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص26): (والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص227): (ومعلوم أن السابقين الأولين أعظم اهتداء واتباعا للآثار النبوية فهم أعظم إيمانا وتقوى، وأما آخر الأولياء فلا يحصل له مثل ما حصل لهم). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص83): (الأساس الذي تبنى عليه الجماعة، هم: أصحاب محمد r، وهم أهل السنة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل وابتدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص15): (وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله -عز وجل- وبسنة نبيه r، وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص18): (نعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله تعالى وسنة نبيه r، وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله تعالى بدعة لم يأذن الله تعالى بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم). اهـ
وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم، فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم، فبدعة وضلالة). اهـ
|
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص301): (والجماعة: ما اجتمع عليه أصحاب رسول الله r). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «شرح السنة» (ص301): (وأول الجماعة، ومقدم الجماعة: صحابة رسول الله r الذين هم أفضل القرون، ما اجتمع عليه صحابة رسول الله r فهو الجماعة، ومن بعدهم من كان على الحق فهو الجماعة، فالذي على الحق يسمى جماعة، ولو كان واحدا، ولو كان الناس كلهم على خلافه، إذ ليس المراد بالجماعة الكثرة، بل المراد بالجماعة من كانوا على الحق، ولو كانوا طائفة يسيرة). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص435): (واعلم أن الدين إنما هو التقليد ([25])، والتقليد لأصحاب محمد r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص66): (والمقصود: أن كثيرا من المتأخرين لم يصيروا يعتمدون في دينهم لا على القرآن، ولا على الإيمان الذي جاء به الرسول r بخلاف السلف؛ فلهذا كان السلف أكمل علما وإيمانا، وخطؤهم أخف، وصوابهم أكثر). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص67): (فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعا لما جاء به الرسول r، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعا لقوله، وعمله تبعا لأمره فهكذا كان الصحابة y ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين؛ فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول r وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول، فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر، وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة، وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول r، بل على ما رأوه أو ذاقوه ثم إن وجدوا السنة توافقه، وإلا لم يبالوا بذلك، فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا أو حرفوها تأويلا، فهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة، وأهل النفاق والبدعة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص156): (قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب ربنا، وسنة نبينا، وما جاء عن الصحابة y والتابعين، وأئمة المسلمين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مختصر الفتاوى المصرية» (ص556): (فمن ظن أنه يأخذ من الكتاب والسنة بدون أن يقتدي بالصحابة، ويتبع غير سبيلهم فهو من أهل البدع والضلال). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (وأما المتأخرون الذين لم يتحروا متابعتهم، وسلوك سبيلهم، ولا لهم خبرة بأقوالهم وأفعالهم، بل هم في كثير مما يتكلمون به في العلم، ويعملون به لا يعرفون طريق الصحابة والتابعين في ذلك من أهل الكلام والرأي والزهد والتصوف.
* فهؤلاء تجد عمدتهم في كثير من الأمور المهمة في الدين إنما هو عما يظنونه من الإجماع، وهم لا يعرفون في ذلك أقوال السلف ألبتة، أو عرفوا بعضها ولم يعرفوا سائرها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (وهم –يعني: المتأخرين- إذا ذكروا إجماع المسلمين لم يكن لهم علم بهذا الإجماع؛ فإنه لو أمكن العلم بإجماع المسلمين لم يكن هؤلاء من أهل العلم به؛ لعدم علمهم بأقوال السلف، فكيف إذا كان المسلمون يتعذر القطع بإجماعهم في مسائل النزاع بخلاف السلف؛ فإنه يمكن العلم بإجماعهم كثيرا). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص40): (والإجماع حجة قاطعة فإن الله لا يجمع أمة محمد -عليه السلام- على ضلالة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص39): (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد...، والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص257): (أتدري -أيها المتعالم- من السلف؟ السلف هم الرسول r والخلفاء الراشدون والصحابة y والتابعون لهم بإحسان من أئمة الهدى والحق، فكيف تكون طريقة الخلف أهدى منهم). اهـ ]إن هذا لشيء يراد[ [ص: 6].
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص288): (الحق بلا ريب فيما كان عليه النبي r، وأصحابه y، وسلف الأمة،
وأئمتها). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص288): (مخالفة النبي r وأصحابه y، وسلف الأمة، لا شك أنه هو الباطل والضلال). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع، كان من أهل السنة والجماعة). اهـ
قلت: فمصادر المعرفة في أحكام الدين في الأصول والفروع موقوفة على هذه الأصول الثلاثة عند السلف الصالح، فعنها يصدرون، ومنها ينهلون؛ إذ لا حاجة لهم إلى غيرها في تلك المطالب، فقد ضمن الله لعباده فيها الهدى والنور، والعصمة من الغي والضلال، وفيها الكفاية والرحمة والذكرى لمن طلب الحق وصح قصده: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص136): (وأما الأمور الإلهية، والمعارف الدينية، فهذه العلم فيها مأخذه عن الرسول، فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص134): (والمفترقة من أهل الضلال تجعل لها دينا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم، ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادا لا اعتمادا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص130): (جماع الفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، وطريق السعادة والنجاة، وطريق الشقاوة والهلاك -أن يجعل ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه، وبه يحصل الفرقان والهدى والعلم والإيمان، فيصدق بأنه حق وصدق، وما سواه من كلام سائر الناس يعرض عليه، فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه فهو باطل، وإن لم يعلم هل وافقه أو خالفه لكون ذلك الكلام مجملا لا يعرف مراد صاحبه، أو قد عرف مراده ولكن لم يعرف هل جاء الرسول r بتصديقه أو تكذيبه، فإنه يمسك فلا يتكلم إلا بعلم، والعلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص234): (القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي r لم يحتج إلى أقوال أهل اللغة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص186): (من كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله، ونبيه الذي أرسله كان أعلم فرقانا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص236): (لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم للسلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ). ([26]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص290): (وأما التأويل - بمعنى صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه؛ فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف ... وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله تعالى، ورسوله r، التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص113): (وجهة الغلط أن التأويل الذي استأثر الله تعالى بعلمه هو الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو، وأما التأويل المذموم والباطل فهو تأويل أهل التحريف والبدع الذين يتأولونه على غير تأويله، ويدعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك). اهـ
قال الإمام ابن القيم /: (انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى بها، فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرة بالمنقول.
فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول، والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين ثم تابع التابعين مع التابعين، هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث، كما يعلمون عدالة الصحابة y، وصدقهم، وأمانتهم، ونقلهم ذلك عن نبيهم r، فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا أحاديث الصفات).([27]) اهـ
قلت: وهذا تقرير لإجماع الأمة على وجوب تلقي أحاديث الرسول r في الأصول والفروع بالقبول والتسليم، والعمل بما دلت عليه، والإيمان بها.
قلت: فالصحابة y، والتابعون الكرام: أجمعوا على تلقي أخبار الأصول والفروع بالقبول، مع الإيمان بمعانيها، وعدم تكلف السؤال عن تأويلها، وهذا هو الواجب في هذا الباب، أن تقر هذه النصوص الشرعية بإثبات حقائقها، وفهم معانيها.([28])
قلت: وعليه يكون العلماء الراسخون في العلم يعلمون التأويل الذي بمعنى التفسير والبيان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص285): (أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله r، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس، وهذا لا ريب فيه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (فإذا تنازع المسلمون في مسألة؛ وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله تعالى، والرسول r، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص204): (معارضة أقوال الأنبياء بآراء الرجال، وتقديم ذلك عليها، هو من فعل المكذبين للرسل، بل هو جماع كل كفر). اهـ
قلت: ومن الخطأ أن يلجأ إلى العقل والرأي مع وجود النقل، إلا إذا كان الخصم كافرا لا يؤمن بالنقل، وإذا كان العقل هو مناط التكليف والفهم والاستنباط فذلك لا يعني تقديمه على النقل. ([29])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص170): (إن العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته، وأن خبره مطابق لمخبره، فإن جاز أن تكون هذه الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلا صحيحا، وإذا لم يكن دليلا صحيحا لم يجز أن يتبع بحال، فضلا عن أن يقدم، فصار تقديم العقل على النقل قدحا في العقل بانتفاء لوازمه ومدلوله، وإذا كان تقديمه على النقل يستلزم القدح فيه، والقدح فيه يمنع دلالته، والقدح في دلالته يقدح في معارضته، كان تقديمه عند المعارضة مبطلا للمعارضة، فامتنع تقديمه على النقل، وهو المطلوب). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص82): (وأولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه لسان النبي r). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص87): (فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها ([30])، على ما تعرف من معانيها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ
قلت: وبيان السنة والأثر للقرآن حجة على أقوال العلماء، والمذاهب، والآراء، فلا يحل تقديم تفسير عالم، أو إمام، أو مذهب، أو تقرير عقل على تفسير السنة والأثر وعلى بيانهما، ولا يحل نصب الخلاف بين السنة والأثر، وبين قول مذهب، أو محاولة توفيق في شيء من ذلك، اللهم غفرا.
قال الإمام ابن القيم /: (وهكذا تجد كل مجادل في نصوص الوحي بالباطل إنما يحمله على ذلك: كبر في صدره ما هو ببالغه). ([31]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص281): (ليس لأحد أن يدفع المعلوم من سنة رسول الله r بقول أحد من الخلق). اهـ
وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج1 ص290): (العلماء ورثة الأنبياء» والأنبياء لم يورثوا إلا العلم، وعلم نبينا r سنته، فمن تعرى عن معرفتها لم يكن من ورثة الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد ... والإجماع: هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ
وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ
قلت: وقد توعد رب العزة الذين يتبعون غير سبيلهم بالعذاب الأليم، فقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]؛ ولا ريب أن سبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن اتبعهم بإحسان.
* فإذا كان الأمر كذلك فمن المحال أن يكون خير الناس، وأفضل القرون قد قصروا في هذا الباب بزيادة أو نقصان، وهذا مما يدل على صحة مذهب السلف الصالح.
فالسلف الصالح من الصحابة والتابعين هم ورثة الأنبياء والمرسلين، فقد تلقوا علومهم من ينبوع الرسالة الإلهية، فالقرآن نزل بلغة الصحابة y وفي عصرهم، وهم أقرب الناس إلى معين النبوة الصافي، وهم أصفاهم قريحة، وأقلهم تكلفا، كيف وقد زكاهم الله تعالى في محكم تنزيله، وأثنى عليهم، وعلى التابعين لهم بإحسان، كما قال تعالى: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ
قلت: فالسلف الصالح من الصحابة والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في أحكام الدين بدون دليل.
قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل أن الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق).اهـ
وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص235): (تحديد مفهوم السلف، وأنهم كانوا يفهمون من هذه النصوص - كتابا وسنة- ما تدل عليه بوضعها وبظاهرها باقية على حقيقتها، ولم يؤولوها، ولم يخرجوا بها عن ظاهرها كما يزعم الخلف). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص12): (وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها وترك المجادلة فيها، وبالله العصمة والتوفيق). اهـ
قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة؛ لأنه مقتضى الكتاب والسنة.
وقال الإمام ابن القيم / في «أعلام الموقعين» (ج6 ص21): (المدارك التي شاركناهم -يعني: الصحابة- فيها من دلالات الألفاظ، والأقيسة، فلا ريب أنهم كانوا أبر قلوبا، وأعمق علما، وأقل تكلفا، وأقرب إلى أن يوفقوا فيها لما لم نوفق له نحن؛ لما خصهم الله تعالى به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك وسرعته، وقلة المعارض أو عدمه، وحسن القصد، وتقوى الرب تعالى، فالعربية طبيعتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم ... فليس في حقهم إلا أمران:
أحدهما: قال الله تعالى كذا، وقال رسوله كذا.
والثاني: معناه كذا وكذا، وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين، وأحظى الأمة بهما، فقواهم متوفرة مجتمعة عليهما). اهـ
وقال الإمام الخطابي / في «غريب الحديث» (ج2 ص304): (ولا أعلم خلافا في أن الوتر ليس بفرض، إلا أن بعض الفقهاء ([32]) قد علق فيه القول، وقد سبقه الإجماع بخلافه). اهـ
قلت: لم ير الإمام الخطابي / خلاف الحنفية في وجوبهم صلاة الوتر، ولم يلتفت إلى خلافهم، وأثبت أن إجماع السلف خلاف ذلك، فأثبت إجماع الذين من قبلهم، وترك خلافهم.
وما توفيقي إلا بالله عليه أتوكل وبه أعتصم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
إلماعة الإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه الصحابة في الأصول، وفي الفروع؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، حتى أنهم ينقلون الإجماع بالغلط، ولم يكن الحكم بالإجماع، وفي هذا قمع للمقلدة الذين يقلدون بعض العلماء في الأحكام، ويتركون فقه الصحابة أو إجماعهم............................................................................. |
5 |
2) |
ذكر الدليل على وجوب التقيد بما عليه الصحابة السابقون من أحكام الإسلام في الأصول والفروع، لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد، ولم يبلغ درجة التمكن في العلم الشرعي، فيلزم عليه أن يأخذ بفقه الصحابة وإجماعهم، إذا أراد النجاة لنفسه في الدنيا والآخرة........... |
13 |
([1]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([2]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([3]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([4]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.
والمشاقة: المعاداة.
قلت: وكان ذنب من يعرف الحق ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد لله تعالى.
قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.
وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).
([6]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.
([7]) وكذلك هذا هو الضابط الذي يلزم العامي في هذا العصر، أن يتبع عالما يتبع آثار الصحابة الكرام في الأصول والفروع، وينضبط بحكمه ومنهجه ودعوته؛ حتى لا ينفرد بفهم ليس له فيه سلف في حكم من أحكام الدين، وإلا كان مبتدعا في الدين، ومتبعا لغير سبيل المسلمين.
([8]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([9]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([10]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([11]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم.
([13]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد لله تعالى.
قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r فهو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.
وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).
([16]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست وذهبت، فحكموا على من يخالف هذه المذاهب بالضلال والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر.
([17]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.
وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للإسنوي (ج2 ص282)، و «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).
([18]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للإسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» للباحسين (ص220)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص208).
([19]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).
([20]) قلت: والإجماع سبيلهم، أو من سبيلهم، فيجب اتباعه، ويكون حجة على المخالفين.
وانظر: «التفسير الكبير» للرازي (ج3 ص462)، و«إجمال الإصابة في أقوال الصحابة» للعلائي (ص57)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج3 ص135)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص78).
([21]) قلت: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف الصحابة الكرام، ويتبع غيرهم من العلماء في اختلافهم؛ فإنه متوعد له، وهذا يقتضي لحوق الإثم عليه: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
أخرجه البيهقي في «أحكام القرآن» (ج1 ص52)، والسبكي في «الطبقات الشافعية الكبرى» (ج2 ص19).
وإسناده صحيح.
([23]) قلت: والمراد بالتقليد هنا: هو الاتباع، وهو التقليد المحمود، وليس هو من التقليد المذموم الذي عند المتأخرين والمعاصرين من المذهبيين، والحزبيين الذين هلكوا بسبب التقليد الأعمى لأفكارهم، والتعصب لها.
قلت: فالتقليد من غير دليل، ومن غير معرفة ما عليه المقلد من حق، أو باطل، فهذا هو التقليد المذموم، وهو المردود في الدين.
* إذا فالتقليد بمعنى الاتباع ما عليه المقلد من الحق، فهذا محمود في الدين؛ لأنه تقليد للنبي r، وأصحابه y.
وانظر: «شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص421).
([25]) قلت: والمراد من التقليد الاتباع للنبي r، وأصحابه الكرام في الدين.
* فقلدهم واسترح، فلا تكلف نفسك فقد كفيت، فإنك على الحق إذا قلدتهم.
وانظر: «شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص422).