القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / المؤازرة والنصرة لحماية خصائص الرسول من فتاوى النفرة

2024-12-04

صورة 1
المؤازرة والنصرة لحماية خصائص الرسول من فتاوى النفرة

       

سلسلة

من شعار أهل الحديث

 

 

81

             

 

المؤازرة والنصرة

لحماية

خصائص الرسول من فتاوى النفرة

 

* يقال: نفرة الرجل، هي قومه يغضبون لغضبه، ويتعصبون له!

* ويقال: نافره، خاصمه، ونافر منافرة، فهو: منافر، ومخاصم، ومنفر!.

 

 

دراسة أثرية منهجية علمية، لقطع دابر من ساوى بين العامي، وبين الرسول r في تكفير الذنوب: الماضية والباقية بزعمه لصومه ليوم عرفة، وأدخله في خصائص الرسول r، وقد خصه الله تعالى بالمغفرة في الأصول: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح: 1-2]؛ بل وخصه الله تعالى بخصائص كثيرة تميزه عن غيره؛ فهي من حقوق الرسول r، فمن أفتى بخلاف ذلك فوقع الإثم عليه وهلك؛ لأنه متعالم جهول؛ لسرقته لحقوق الرسول r، وسلمها لعامي مجهول، ومن هنا خالف الرسول r.

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

* يقال: نفرة الرجل، هي قومه يغضبون لغضبه، ويتعصبون له!

* ويقال: نافره، خاصمه، ونافر منافرة، فهو: منافر، ومخاصم، ومنفر!.

 

دراسة أثرية منهجية علمية، لقطع دابر من ساوى بين العامي، وبين الرسول r في تكفير الذنوب: الماضية والباقية بزعمه لصومه ليوم عرفة، وأدخله في خصائص الرسول r، وقد خصه الله تعالى بالمغفرة في الأصول: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح: 1-2]؛ بل وخصه الله تعالى بخصائص كثيرة تميزه عن غيره؛ فهي من حقوق الرسول r، فمن أفتى بخلاف ذلك فوقع الإثم عليه وهلك؛ لأنه متعالم جهول؛ لسرقته لحقوق الرسول r، وسلمها لعامي مجهول، ومن هنا خالف الرسول r.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

فتوى

شيخ الإسلام ابن تيمية / في أن العالم: يخطئ ويصيب، وليس بمعصوم في الإسلام، بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الدين، فإن أخطأ، فجعل له الشارع: أجرا على اجتهاده، وجعل خطأه مغفورا له في الدين.

* لذلك من أفتى من العلماء: بصيام يوم عرفة، فهو مجتهد، وله أجر على اجتهاده، وخطؤه: مغفور له، لأنه لا يدري بضعف الحديث، وخفيت عليه علته، ومات ولم يعلم بذلك، فهو معذور في الدين. ([1])

* لأن من أسباب اختلاف العلماء، أن العالم لا يدري بضعف الحديث، فيحكم به في الشريعة، وهو لا يدري، وقد وقع لكثير من العلماء ذلك في الدين.

* إذا فإن اجتهد العالم، ولكنه لم يصل إلى الصواب، فله أجر واحد: هو أجر الاجتهاد، لأن اجتهاده في طلب الحق عبادة([2])، وفاته أجر الإصابة، ولا يأثم بعدم إصابة الحق بعد بذله لجهده واجتهاده، بشرط أن يكون عالما، مؤهلا، متمكنا في علم الشريعة المطهرة.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص158): (فصل: وليس من شرط ولي الله: أن يكون معصوما، لا يغلط ولا يخطئ.

* بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة، ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين، حتى يحسب بعض الأمور مما أمر الله به([3])، ومما نهى عنه.

* وثبت في: «الصحيحين»، عن النبي r من حديث أبي هريرة، وعمرو بن العاص ، مرفوعا أنه قال: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر».

* فلم يؤثم المجتهد المخطئ، بل جعل له أجرا على اجتهاده، وجعل خطأه مغفورا له، ولكن المجتهد المصيب له أجران، فهو أفضل منه.

* ولهذا لما كان ولي الله: يجوز أن يغلط، لم يجب على الناس الإيمان بجميع ما يقوله من هو ولي لله، لئلا يكون نبيا.

* بل يجب عليه أن يعرض ذلك جميعه على ما جاء به محمد r ([4])، فإن وافقه قبله، وإن خالفه لم يقبله، وإن لم يعلم أموافق هو، أم مخالف، توقف فيه). اهـ.

قلت: إذا فليس من شروط العالم، أنه لا يخطئ ألبتة، أو لا يغلط أبدا، أو لا يكون عنده التباس، أو اشتباه في بعض الأحكام.

* فليس من شرط العالم، أن يكون كاملا، إذ لو شرط هذا، لقيل: إن العالم في مرتبة الرسول r، لأن الرسول r هو الذي لا يغلط، وهو المعصوم في الشريعة المطهرة، فافهم لهذا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» (ص32): (فتبين أن المجتهد، مع خطئه: له أجر، وذلك لأجل اجتهاده، وخطؤه مغفور له، لأن درك الصواب في جميع أعيان الأحكام، إما متعذر، أو متعسر). اهـ.

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

ذكر الدليل على أن العالم: يخطئ ويصيب في الشريعة، لأنه يجتهد، والمجتهد مع خطئه: له أجر من أجل اجتهاده، مثل: العالم الذي أفتى بصوم يوم عرفة بحديث ضعيف لا يصح، فهذا اجتهاد، أخطأ فيه، وله أجر على اجتهاده([5])، ولا يتبع في خطئه هذا، بل يتبع المسلم ما جاء به الرسول r، وهو عدم صوم يوم عرفة، لأنه يوم عيد، وهو منهي عنه في الشريعة المطهرة.

 

أقول أولا: فإن من المعلوم أن العلماء رحمهم الله يذكرون في كتبهم بعض الأحاديث الضعيفة، ويبنون عليها فتاوى فقهية، وذلك باجتهاد منهم في معرفة الحق، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ منهم فله أجر على اجتهاده، والشواهد على هذا كثيرة عند أهل العلم.

وإليك الدليل:

عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله r: (إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، فأخطأ فله أجر واحد). ([6])

قلت: فهذا نص صريح في أن المجتهدين، منهم: المصيب، ومنهم: المخطئ، ومن المعلوم أن المخطئ في الأحكام بعد استكمال الشروط معذور في خطئه، مأجور باجتهاده كما هو منطوق الحديث. ([7])

قال العلامة الشوكاني / في «السيل الجرار» (ج1 ص20): (فهذا الحديث قد دل دلالة بينة أن للمجتهد المصيب أجرين، وللمجتهد المخطئ أجرا، فسماه مخطئا وجعل له أجرا، فالمخالف للحق بعد أن اجتهد مخطئ مأجور، وهو يرد على من قال أنه مصيب، ويرد على من قال إنه آثم، ردا بينا، ويدفعه دفعا ظاهرا). اهـ.

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص260): (فهذا الحديث يفيدك أن الحق واحد، وأن بعض المجتهدين يوافقه، فيقال له مصيب، ويستحق أجرين، وبعض المجتهدين يخالفه، ويقال له مخطئ، واستحقاقه الأجر لا يستلزم كونه مصيبا، واسم المخطئ عليه لا يستلزم ألا يكون له أجر). اهـ.

وقال الحافظ البغوي / في «معالم التنزيل» (ج5 ص334): (وقوله r: «إذا اجتهد فأخطأ فله أجر»؛ لم يرد به أنه يؤجر على الخطأ، بل يؤجر على اجتهاده في طلب الحق، لأن اجتهاده عبادة، والإثم في الخطأ عنه موضوع، إذ لم يأل جهده). اهـ.

* وسبب ذلك أن علماء الدين كلهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله تعالى به رسوله r، وأن يكون الدين كله لله تعالى، وأن تكون كلمته هي العليا.

* فالمجتهد إن أخطأ فلا وزر عليه، وهو مأجور ومغفور له، وأما المقلد فلا عذر له عند الله تعالى، وهو مأثوم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص191): (بل يضل عن الحق من قصد الحق، وقد اجتهد في طلبه فعجز عنه فلا يعاقب، بل يكون له أجر على اجتهاده، وخطؤه الذي ضل فيه عن حقيقة الأمر مغفور له، وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة([8]) ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى: ]ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا[ [البقرة:286]، وفي الصحيح([9]) أن الله تعالى قال: «قد فعلت»). اهـ.

وقال الحافظ ابن قدامة / في «روضة الناظر» (ص196): (أما الإجماع فإن الصحابة y اشتهر عنهم في وقائع لا تخفى إطلاق الخطأ على المجتهد...، ثم ذكر الآثار في ذلك، ثم قال: وهذا اتفاق منهم على أن المجتهد يخطئ). اهـ.

ثانيا: فإن جميع الذين صححوا الحديث بناء على إيراد الحافظ مسلم / الحديث في «صحيحه»، فلم يتعرضوا له([10])، ولذلك بعد أن يذكر المصنف الحديث يقول: حديث صحيح، أخرجه مسلم، وقد بينا علة الحديث من قبل أئمة الجرح والتعديل، والله ولي التوفيق.

ثالثا: فإن البعض ([11]) الذين قالوا بصوم يوم عرفة لشهرته بين الناس، دون بحث في تخريجه وعلله وطرقه!، وبدون اجتهاد في الأدلة، ومعرفة الحق في هذه المسألة.

* والمفتي المقلد: إذا أفتى الناس بدون اجتهاد في الأدلة، ومعرفة الحق، فهو آثم، وإن أصاب الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد -يعني: من تقليد- فإنه آثم وإن كان قد صادف الحق). اهـ.

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص69): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب). اهـ.

* والمفتي: كـ«الحزبي المتعالم»، إن لم يكن عالما بالحق، والفتوى بالأدلة، والراجح الصحيح من أقوال العلماء، لم يحل له أن يفتي، ولا يقضي بما لا يعلم، ومتى أقدم على ذلك فقد تعرض لعقوبة الله تعالى، وأثم، والله المستعان.

قال الحافظ ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص220): (فإن لم يكن عالما بالحق فيها -يعني: الفتوى- ولا غلب على ظنه، لم يحل له أن يفتي، ولا يقضي بما لا يعلم، ومتى أقدم على ذلك: فقد تعرض لعقوبة الله تعالى، ودخل تحت: قوله تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف: 33]؛ فجعل القول عليه بلا علم: أعظم المحرمات الأربع التي لا تباح بحال). اهـ.

قلت: والواجب على المسلم الحق أن يحب ظهور الحق، ومعرفة المسلمين له، سواء كان في موافقته، أو مخالفته. ([12])

قلت: ولا شك، أن هذه العصور المتأخرة، قد شهدت ضعفا في أصول الحديث، وضعفا في أصول العلم، وقلة للعلماء الربانيين من أهل الحديث، أدى ذلك إلى انتشار البدع عن طريق الأحاديث المعلولة، مثل: «صوم يوم عرفة»، فإنه بدعة في الدين، لأنه فيه: يكفر السنة الماضية، والباقية، وهذا من خصائص الرسول r، ومن حقوقه.

قال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح: 1 و2].

* لقد تساهل كثير من الناس في هذا العصر في نشر الأحاديث المعلولة، على أنها صحيحة، والله المستعان.

* وقد حذر علماء السنة من الأحاديث الضعيفة بجميع أنواعها، وألفوا في ذلك الكتب، وكتبوا الردود فيها.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج6 ص358)؛ وهو يتكلم على الأحاديث الضعيفة، التي ينشرها القصاص، والوعاظ في المساجد: (هذه الأخبار التي ذكرها هذا الواعظ: كلها باطلة، مكذوبة على النبي r، ولا أصل لها... فينبغي التحذير من هؤلاء الكذابين، وينبغي للواعظ أن يتقي الله سبحانه: إذا وعظ الناس). اهـ.

وقال الحافظ ابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص117): (فصل: ذكر إيجاب دخول النار، لمن نسب الشيء إلى المصطفى r، وهو غير عالم بصحته، ثم ساق بسنده: عن أبي هريرة t، عن رسول الله r قال: «من قال: علي ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار».([13])). اهـ.

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

جوهرة نادرة

 

اعلم رحمك الله، أن المراد من هذا البحث، تبيين أبرز الأصول التي يقوم عليها أئمة الحديث، في نقد متون الأحاديث، وهو التحقق من سلامة معنى المتن من مناقضة، ومخالفة الأحكام الثابتة في القرآن والسنة.

* إذ لا يمكن أن يكون الحديث صحيحا، مع وجود تلك: المناقضة، والمخالفة في متنه.

* فعناية أئمة الحديث بالتحقيق من سلامة المتن من التناقض الذي لا يمكن أن يوجد في الأخبار الصحيحة. ([14])

* وقد جمعت طرق حديث: «صوم يوم عرفة» لغير الحاج.

* وقد أعلها أئمة الحديث، وبينوا أيضا هذه العلل، من جهة المعاني، ومن جهة الألفاظ التي تمنع من الحكم عليه بالصحة؛ لمناقضته، ومخالفته، لما ثبت في القرآن والسنة.

* وذكرت الآيات، والأحاديث في هذا البحث، التي تبين علة هذا الحديث، من جهة المعنى، ومن جهة اللفظ، ومن جهة الإسناد.

* وهذا يدل على ما بين صحة المتن، وصحة السند من ملازمة.

* بمعنى: أن وجود علة في المتن يقتضي وجود علة في السند، وقد تكون العلة واضحة، وقد تكون خفية، لا يفطن لها إلا الراسخون في أصول العلل والتخريج.

* وذلك: أن العلة في المتن لا بد لها من مصدر، ومصدرها لا بد أن يكون من رواة هذا المتن، ورواة المتن: هم السند في الحديث.

* ومن المقاييس التي استعملها المحدثون في نقد المتن: عرض المتن على القرآن الكريم، وعرض المتن على السنة الصحيحة. ([15])

* فكانوا يستدلون على ضعف الخبر بمناقضة متنه: القرآن، والسنة، لاستحالة وقوع التناقض في أخبار الله تعالى، وأخبار رسوله r.

قال تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [ [النساء: 81].

وعن الإمام الربيع بن خثيم / قال: (إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار نعرفه، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل ننكره). ([16])

وبوب الحافظ الخطيب في «الكفاية» (ج2 ص558) باب: القول في تعارض الأخبار، وما يصح التعارض فيه، وما لا يصح.

وقال الحافظ الخطيب / في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (ج2 ص558): (فكل خبرين على أن النبي r تكلم بهما، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين؛ لأن معنى التعارض بين الخبرين، والقرآن من أمر ونهي وغير ذلك، أن يكون موجب أحدهما منافيا لموجب الآخر، وذلك يبطل التكليف، إن كانا أمرا ونهيا، وإباحة وحظرا، أو يوجب كون أحدهما صدقا والآخر كذبا إن كانا خبرين، والنبي r منزه عن ذلك أجمع، معصوم منه باتفاق الأمة). اهـ.

وقال الحافظ الخطيب / في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (ج2 ص558): (وكل خبر واحد، دل العقل، أو نص الكتاب، أو الثابت من الأخبار، أو الإجماع، أو الأدلة الثابتة المعلومة على صحته، وجد خبر آخر يعارضه، فإنه يجب اطراح ذلك المعارض، والعمل بالثابت الصحيح اللازم؛ لأن العمل بالمعلوم واجب على كل حال). اهـ.

وبوب الحافظ الخطيب في «الكفاية» (ج2 ص550) باب: في وجوب اطراح المنكر، والمستحيل من الأحاديث.

قلت: وحديث الباب، يناقض الآيات، والأحاديث، فلا يصح في الشرع.

* فهذا الحديث يناقض قول الله تعالى، وقول رسوله r؛ فهو معلول عند أئمة الحديث.

قال تعالى: ]ومن أصدق من الله حديثا[ [النساء: 87].

وقال تعالى: ]ومن أصدق من الله قيلا[ [النساء: 122].

وقال تعالى: ]وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى[ [النجم: 3 و4].

قلت: فكل خبر صحيح لا بد أن يكون موافقا للقرآن؛ لأن الحديث الذي يخالف القرآن، هو منكر. ([17])

* وقد جاء في حديث أبي قتادة t ما يناقض القرآن والسنة، وهو: «أن صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية، والسنة الباقية».

* وهذا يناقض ما ثبت في القرآن الكريم أن تكفير الذنوب الماضية، والباقية، هو خاص برسول الله r مطلقا، يعني: ليس لغيره، لا لسنة، ولا أقل من ذلك، ولا أكثر.

* وقد بين الله تعالى في القرآن لهذه الخاصية، لرسول الله r.

فقال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح:1 و2].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص198): (هذا من خصائصه r التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفـر له مـا تقدم من ذنبه، وما تأخر([18])، وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله r).اهـ

وقال تعالى: ]ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) ورفعنا لك ذكرك[ [الشرح:1 و2 و3].

* فحديث: «صوم يوم عرفة» هذا مخالف للقرآن، فلا يحتج به في الشرع.

* وكذلك: رسول الله r، لم يصم يوم عرفة، على ما فيه من فضل عظيم في تكفير الذنوب، فكيف r يأمر بصيامه للأمة، ثم يتركه، ولم يصم، فهذا يستحيل أن يقع من النبي r؛ لأنه r: هو القدوة، الذي يقتدى به في الدين.

فعن عائشة ڤ قالت: (ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط).([19])

* يعني: الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة.

قلت: فقول عائشة ڤ: (ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط)، يتعذر فيه التأويل بأي حال.([20])

* وعائشة ڤ هي أعلم الناس بأحوال صوم النبي r، وقد أوضحت أن النبي r لم: يصم أيام العشر من ذي الحجة، منها: اليوم التاسع، وهو يوم عرفة!.

قال الإمام ابن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص417): (ويبعد جدا أن يكون النبي r يصوم العشر، ويخفى ذلك على عائشة ڤ، مع كونه يدور عليها في ليلتين، ويومين من كل تسعة أيام). اهـ

* ثم إن صوم رمضان، وهو ركن من أركان الإسـلام وهو صوم فرض، وأفضل من صوم النفل، لم يجعل له الشارع تكفير الذنوب الماضية، والباقية في السنة؛ فكيف يجعل الشارع هذا التكفير للذنوب لصوم نفل، ولا يجعله لصوم فرض، فهذا ينافي حكمة الشارع البالغة.

قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون[ [البقرة: 183].

وقال تعالى: ]شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه[ [البقرة: 185].

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل).([21])

وعن ابن عمر ، قال: (صام النبي r عاشوراء، وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك).([22])

وبوب الحافظ البخاري عليه في «صحيحه» (ج2 ص667)؛ باب: وجوب صوم رمضان.

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من صام رمضان، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه).([23])

قلت: فجعل النبي r في هذا الحديث، لصوم رمضان تكفير ما مضى من الزمن فقط، وهو فرض، فكيف يجعل r لصوم يوم عرفة، تكفير الذنوب لسنة ماضية، وسـنـة باقية، وهو مستحب: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

إذا: فذكر في حديث: «صوم يوم عرفة» زيادة شاذة، وهي صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، سنة ماضية، وسنة آتية، فيكون للعبد الصائم ليوم عرفة يكفر ما تقدم من ذنبه، وما تأخر.

قلت: وهذا الحكم خاص([24]) بالنبي r لا يشاركه أحد من بني آدم؛ لا جزئيا ولا كليا؛ فافطن لهذا ترشد.

وإليك الدليل:

قال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح:1 و2].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص198): (هذا من خصائصه r التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفـر له مـا تقدم من ذنبه، وما تأخر([25])، وهذا فيه تشريف عظيم لــرســول الله r).اهـ

وقال تعالى: ]ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) ورفعنا لك ذكرك[ [الشرح:1 و2 و3].

قال أبو المكارم القاضي الروياني الشافعي / في كتابه «العدة»: (في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين:

أحدهما: المراد السنة التي قبل هذه، فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين.

والثاني: أنه أراد سنة ماضية، وسنة مستقبلة، وهذا لا يوجد مثله من العبادات؛ أنه يكفر الزمان المستقبل، وإنما ذلك خاص لرسول الله r غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بنص القرآن العزيز).([26]) اهـ

* وقد عرف الصحابة t؛ بأن الله تعالى قد غفر للنبي r ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يتعدوا ذلك في أي عمل، لا في الصوم، ولا في غيره؛ لأنهم يعرفون أن ذلك من خصائصه r مطلقا.

فعن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا).([27])

* فمن خصائصه r أنه أخبره الله تعالى بالمغفرة، ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بمثل ذلك.

*  فكيف يجعل لعامي، أو غيره، أن يشارك النبي r في هذه الخاصية، أن يكفر الله له لمدة سنة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لصومه يوم عرفة!، فهذا باطل بلا شك.

* فلا غفران لسنة كاملة في أي عمل من الأعمال، بما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ لأن ذلك من خصائص الرسول r مطلقا.([28])

قلت: وكل ما يرد في الأخبار من تكفير الذنوب المستقبلة؛ فهي ضعيفة لتخصيص ذلك للنبي r وحده.([29])

قلت: ومن هذه الأخبار الضعيفة؛ خبر صوم يوم عرفة؛ فإنه يكفر سـنـة ماضية، وسنة مستقبلة.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في «شـرح ريـاض الـصـالحين» (ج2ص73): (قال بعض العلماء: واعلم أن من خصـائـص الـرسـول r أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبناء عليه: فكل حديث يأتي بأن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فإنه حديث ضعيف؛ لأن هذا من خصائص الرسـول، أما «غفر له ما تقدم من ذنبه»، فهذا كثير، لكن: «ما تأخر»، هذا لـيس إلا للـرسـول r فقط، وهو من خصائصه، وهذه قاعدة عامة نافعة لطالب العلم([30])، أنه إذا أتاك حديث فيه أن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فاعلم أن قوله: «ما تأخر»، ضعيف لا يصح؛ لأن هذا من خصائص محمد صلوات الله، وسلامه عليه).اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

رب أنعمت فزد

ذكر الدليل

على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدفاع عنه صلى الله عليه وسلم، والدفاع عن خصائصه التي خصها الله تعالى له في الدين، ومن ذلك: أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

* لذلك: لا يأتي مسلم فيزعم: بأنه يصوم يوم عرفة مثلا، فيكفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ لسنة ماضية ولسنة باقية.

* فإن زعم ذلك: فإنه تقدم بين يدي الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والويل له في قبره، ولا تفيده فتاوى النفرة: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) [الحجرات: 1]

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران :102].

]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سـديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].

أما بعد...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

* فإنه قد كثر التطاول في هذا العصر على مقام رسول الله r، وعلى مقام سنته r، من قبل أجناس من الناس، سواء عن طريق التصريح أو التلويح، أو عن طريق التقليد أو التعصب، أو عن طريق الغلو أو التحزب، أو طريق الفتاوى الباطلة، أو الاجتهاد الفاسد، أو عن طريق علم غير نافع، أو الأحاديث الضعيفة بجميع أنواعها([31])، فكل ذلك يعتبر إساءة لرسول الله r، ولسنته الغراء، ومقامه السامي الذي خصه الله تعالى به في الإسلام.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: (كم من مريد للخير لن يصيبه). ([32])

قال تعالى: ]وابتغوا إليه الوسيلة[ [المائدة: 35].

عن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]وابتغوا إليه الوسيلة[ [المائدة: 35]؛ قال: (أي: تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه). ([33])

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج5 ص66): (قوله تعالى: ]وابتغوا إليه الوسيلة[ [المائدة: 35]؛ يقول تعالى: واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه). اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى الشرعية» (ص137): (الأسلوب السيء من أخطر الوسائل في رد الحق، وعدم قبوله، أو إثارة القلاقل، والظلم، والعدوان). اهـ.

* لذلك: أوجب الله تعالى على كل مسلم صاحب قدرة أن يقوم بواجبه الشرعي في نصرة رسول الله r، والدفاع عنه r، والدفاع عن خصائصه التي خصها الله تعالى له، على حسب ما أوتي، وبقدر ما استطاع العبد.([34])

* فكان من حقه r على أتباعه إلى يوم الدين: الانتصار له ممن أساء إليه، وأساء إلى سنته، سواء يشعر أو لا يشعر، وسواء يعلم أو لم يعلم.

قال تعالى: ]لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا[ [الفتح: 9]؛ أي: وأعانوه على أعداء السنة، بجهادهم بالحجة والبيان. ([35])

وقال تعالى: ]فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون[ [الأعراف: 157].

وقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم[ [محمد:7].

* ولقد تعرض رسول الله r؛ لصنوف الإساءة: «القولية»، و«الفعلية»، من قبل المتنصبة المتعصبة، بدسهم له r، ولسنته من أحكام باطلة، من أحاديث معلولة في الأصول والفروع، وهم لا يشعرون، أسوة بمن مضى من المقلدة المتعصبة.

* ولم تزل فلول التقليد والتعصب تنال من رسول الله r، وتسيء إلى سنته. ([36])

* حيث شهد هذا العصر حملة شعواء مليئة بالتقليد والتعصب: للآراء الباطلة، والاجتهادات الفاسدة، عن طريق الإفتاء بالأحاديث الضعيفة، والفتاوى المجردة من الدليل، فإن ذلك يعتبر من الإساءة إلى الرسول r، ومن سنته الصحيحة. ([37])

قلت: فيجب الانتصار للنبي r، قولا وفعلا في هذا الدين.

* والمنتصر لهذا الدين هو داعية إليه.

* والداعية: ينبغي أن يكون ناصرا لهذا الدين، مدافعا عنه، يسعى لحمايته من كل مقلد متعصب، ومن كل متربص حاقد.

* وهذا من مقتضى الإيمان، وهو أن محمدا: رسول الله r، وهو الأصل الثاني: للدين، الذي لا يقوم الدين؛ إلا بهذا الأصل.

قال تعالى: ]لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا[ [الفتح: 9].

* ويدخل في نصرة رسول الله r، نصرة سنته الصحيحة، وتصفيتها مما أدخل فيها عن طريق الأحاديث المعلولة، وكشف البدع وبيان ضعفها وتهافتها. ([38])

قلت: فحفظ حقوق رسول الله r العامة والخاصة، والذب عن سنته، والذود عن شريعته، من أعظم المقاصد الشرعية، والحقوق المرعية.

* فهذا بيان حقوق رسول الله r على أمته، كوجوب: محبته وتعظيمه، وطاعته واتباعه، والدفاع عنه r، وقمع المقلدة المتعصبة، والانتصار لسنته، وغير ذلك من الحقوق الواجبة.

قال تعالى: ]ولينصرن الله من ينصره[ [الحج: 40]؛ أي: ليعينن الله تعالى، من ينصر رسوله r، ودينه في سبيله، لتكون كلمته العليا على المخالفين بجميع أنواعهم.([39])

* فإن النصرة من أعظم حقوق النبي r: على أمته، لأن حقوقه r عظيمة على أمته، وقد أوجبها الله تعالى في كتابه العزيز، وبينها النبي r في سنته الغراء.

* ومن أعظم هذه الحقوق، ما خصه الله تعالى بتكفير الذنوب له r: من المتقدمة والمتأخرة.

قال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح: 1 و2].

* فثبت في هذه الآية، النهي عن مساواة النبي r، في تكفير الذنوب، المتقدمة، والمتأخرة، بغيره من الخلق.

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص198): (هذا من خصائصه r التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره: غفـر له مـا تقدم من ذنبه، وما تأخر، وهذا فيه تشريف عظيم لـرسول الله r).اهـ

وقال تعالى: ]ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) ورفعنا لك ذكرك[ [الشرح:1 و2].

قال أبو المكارم القاضي الروياني الشافعي / في كتابه «العدة»: (في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين:

أحدهما: المراد السنة التي قبل هذه، فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين.

والثاني: أنه أراد سنة ماضية، وسنة مستقبلة، وهذا لا يوجد مثله من العبادات؛ أنه يكفر الزمان المستقبل، وإنما ذلك خاص لرسول الله r غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بنص القرآن العزيز).([40]) اهـ

* وقد عرف الصحـابة y؛ بأن الله تعالى قد غفر للنبي r ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يتعدوا ذلك في أي عمل، لا في الصوم، ولا في غيره؛ لأنهم يعرفون أن ذلك من خصائصه r مطلقا.

فعن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا).([41])

* فمن خصائصه r أنه أخبره الله تعالى بالمغفرة، ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بمثل ذلك.

*  فكيف يجعل لعامي، أو غيره، أن يشارك النبي r في هذه الخاصية، أن يكفر الله تعالى له لمدة سنة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لصومه يوم عرفة!، فهذا باطل بلا شك.

* فلا غفران لسنة كاملة في أي عمل من الأعمال، بما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ لأن ذلك من خصائص الرسول r مطلقا.([42])

قلت: وكل ما يرد في الأخبار من تكفير الذنوب المستقبلة؛ فهي ضعيفة لتخصيص ذلك للنبي r وحده.([43])

قلت: ومن هذه الأخبار الضعيفة؛ خبر صوم يوم عرفة؛ فإنه يكفر سـنـة ماضية، وسنة مستقبلة.

قال شـيـخـنـا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شــرح رياض الصالحين» (ج2ص73): (قال بعض العلماء: واعلم أن من خصائص الرسول r أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبناء عليه: فكل حديث يأتي بأن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فإنه حديث ضعيف؛ لأن هذا من خصائص الرسول، أما «غفر له ما تقدم من ذنبه»، فهذا كثير، لكن: «ما تأخر»، هذا ليس إلا لـلـرسـول r فقط، وهو من خصائصه، وهذه قاعدة عامة نافعة لطالب العلم([44])، أنه إذا أتاك حديث فيه أن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فاعلم أن قوله: (ما تأخر)، ضعيف لا يصح؛ لأن هذا من خصائص محمد صلوات الله، وسلامه عليه).اهـ

قلت: فهذا الحكم خاص بالنبي r، لا يشاركه أحد من بني آدم؛ لا جزئيا، ولا كليا؛ فافطن لهذا ترشد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول» (ص425): (إن نصر رســول الله r: فـرض عـلـيـنا، لأنه مـن الـتـعزيـر الـمـفروض، ولأنه من أعظم الجهاد في سبيل الله تعالى). اهـ.

* فكان حقا علينا، وعلى الأمة، بل على كل فرد فيها، أن ينصر رسول الله r، بما أوتي من قوة، في قمع الفتاوى التي تنشر، بأن العامي إذا صام يوم عرفة، فقد حصل على تكفير: سنة متقدمة، وسنة متأخرة، لأن هذا من الظلم.

* والنصر هذا من لوازم محبة رسول الله r، بأن تنصره، وتدافع عن حقه في أن الله تعالى خصه بهذه الخاصية في تكفير الذنوب: المتقدمة، والمتأخرة. ([45])

قال تعالى: ]إلا تنصروه فقد نصره الله[ [التوبة: 40].

وقال تعالى: ]فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون[ [الأعراف: 157].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ص217): (فرض الله تعالى علينا تعزير رسوله r: وتوقيره، وتعزيره: نصره ومنعه([46])، وتوقيره: إجلاله وتعظيمه، وذلك يوجب صون عرضه بكل طريق، بل ذلك أولى درجات التعزير والتوقير). اهـ.

* فالمؤمن الحق، هو الذي يهب لنصرة النبي r، متى انتهكت حرمته، وأسيء لسنته.

قال تعالى: ]والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم[ [الأنفال: 74].

قلت: فوصف الله تعالى المؤمنين الذين نصروا نبيهم r من الصحابة y، وغيرهم؛ بأنهم هم: المؤمنون حقا، لأنهم صدقوا إيمانهم وحققوه. ([47])

وقال تعالى: ]لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز[ [الحديد: 35].

* ليقيم الله تعالى سوق الامتحان بما أنزله من الكتاب، فيتبين من ينصره، وينصر رسله في حال الغيب التي ينفع فيها الإيمان. ([48])

* والانتصار للنبي r: تكليف شرعي، وواجب ديني يناط بالاستطاعة الشرعية.

* فقد يسوغ للعبد أن يكتمه تارة، ويظهره تارة أخرى.

* بحسب حال القوة والضعف، وبحسب استطاعته الشرعية، ورجحان المصلحة على المفسدة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج3 ص28): (فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان العقل، بل ينظر إلى لوازم ذلك، فإذا كان العقل ممكنا مع المفسدة الراجحة، لم يكن هذه استطاعة شرعية). اهـ.

قلت: وانحصرت القدرة علينا في نصرة رسول الله r، والإنكار على من ساوى بين الرسول r، وبين غيره من الخلق في تكفير الذنوب: المتقدمة والمتأخرة، بصومه يوم عرفة!.

* فلم يقم أحد بإنكار هذا المنكر، وإرجاع حقه r، لكي يبقى هو المتفرد بهذه الخاصية.

* فتعين علي نصرة النبي r في ذلك، لتفردي بالعلم، بعلة: «صوم عرفة»، وهو حديث منكر، لأن من شروط الإنكار: العلم بالمنكر، وبكيفية دفعه. ([49])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص192): (إلا أن يضطر أحد إلى الكلام، فلا يسعه السكوت، إذا طمع برد الباطل، وصرف صاحبه عن مذهبه، أو خشي ضلال عامة، أو نحو هذا). اهـ.

وقال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ص145): (فلم يجد العلماء بدا من الذب عن الدين، وأرادوا بذلك معرفة العامة الحق من الباطل). اهـ.

وعن الإمام يحيى بن يحيى النيسابوري / قال: (الذب عن السنة، أفضل من الجهاد في سبيل الله). ([50])

* فلا بد من تصفية السنة من الأحاديث المعلولة، وهذا من خلال تمييز الصحيح، من الضعيف، وإخراج السنة للناس صافية، مما علق بها من الأحاديث المعلولة.

قلت: فواجب الأمة صد المعتدي على معالم السنة، تعظيما لأمرها، وصيانة لها من تدنيس المعتدين عليها بإدخالهم الأحاديث المعلولة فيها في جميع الأحكام!.

قال تعالى: ]إلا تنصروه فقد نصره الله[ [التوبة: 40]؛ فإن الله تعالى: مؤيده، وكافيه، وحافظ سنته. ([51])

وقال تعالى: ]إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد[ [غافر: 51]؛ يعني: الله تعالى يغلبهم في الدارين جميعـا، بالحجة والبيان على مخالفيهم، ونجعلهم الغالبين عليهم لسنة نبيهم. ([52])

وقال تعالى: ]ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا[ [الأنبياء: 77]؛ أي: ونجيناه وخلصناه. ([53])

وقال تعالى: ]إن ينصركم الله فلا غالب لكم[ [آل عمران: 160].

قلت: فهذا تبيين من الله تعالى، وأنه المتكفل بنصر أتباع الرسول r، وإعزاز دينهم، وإظهارهم على عدوهم.

* وإن تولينا عن نصرة رسول الله r، فالله تعالى يستبدل غيرنا، فينصرون الله تعالى، ورسوله r.

قال تعالى: ]وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم[ [محمد:38].

* لذلك: يجب أن نتعرف على مواقف السلف في مجال نصرة رسول الله r، ونصرة سنته r، خلال حقب زمنية، متفاوتة؛ مرورا بالقرون الثلاثة الفاضلة، ووصولا إلى أتباع السلف من علماء الحديث قديما وحديثـا.([54])

* فقد تعين علي؛ وجوبا تبيين ضعف حديث أبي قتادة t: (في صوم يوم عرفة، وأنه يكفر السنة الماضية، والسنة الباقية!)؛ لتفردي بالعلم المتعلق بمعرفة علة هذا الحديث، جملة وتفصيلا.

قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج2 ص32): (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فرض كفاية، ثم إنه قد يتعين إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص66): (وهو فرض كفاية، ويصير فرض عين على القادر، الذي لم يقم به غيره، فإن مناط الوجوب هو القدرة، فيجب على كل إنسان بحسب قدرته). اهـ.

وقال الإمام ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص383): (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فرض كفاية، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: نصرة الدين؛ بإقامة الحجة على المخالفين.

* وقد يكون فرض عين إذا عرف المرء من نفسه صلاحية النظر، والاستقلال بالجدال، أو عرف ذلك منه). اهـ.

قلت: فرسول الله r: أجل وأعلى، وأسمى من أن يشاركه عامي في خاصية تكفير الذنوب: المتقدمة والمتأخرة.

* فالرسول r قد خصه الله تعالى، بهذه الخاصية، فلا يجوز لأي أحد أن يشاركه فيها، لا من قريب، ولا من بعيد، فيجب نصر الرسول r في هذه الخاصية، وأن تبقى له وحده r. ([55])

* لذلك: يجب الصدع بالحق عليهم، والجهر به لإبطال حكم صوم يوم عرفة، وهو أصل في صدعه بالحق.

قال تعالى: ]فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين[ [الحجر: 94].

* والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.

وقال تعالى: ]وقولوا للناس حسنا[ [البقرة: 83].

* وأن يكون الصدع بإخلاص، ونية صادقة، في نصرة الحق، والتجرد له، وقمع هذه البدعة([56])، ودرء أخطارها.

* والإفتاء بصوم يوم عرفة، وهو يوم عيد، فهذا من الغلو في الدين، وهو: مجاوزة الحد.

* والغلو من أعظم المداخل التي يدخل الشيطان بها إلى قلوب أهل الأهواء، فيقودها إلى مجاوزة المشروع من العبادة!.

قال تعالى: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون[ [الجاثية: 23].

* أي: مهما استحسن من حكم، ورآه حسنا في هوى نفسه، كان: دينه، ومذهبه.([57])

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص496): (وما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وإضاعة، وإما: إلى إفراط وغلو، ودين الله تعالى: وسط بين الجافي عنه، والغالي فيه.

* كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له، فالغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد). اهـ.

* والانحراف البدعي، إنما يكون في الغالب من باب القول بالمتشابه، والقول بالشبه، وهي: داء عظيم البلاء، يصيب القلوب فيطفئ فيها نور اليقين، إذ القلوب: ضعيفة، والشبه: خطافة. ([58])

قال تعالى: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[ [آل عمران: 7].

وعن عائشة ڤ قالت: (تلا رسول الله r هذه الآية: ]هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[ [آل عمران: 7]، قالت: قال رسول الله r: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله؛ فاحذروهم). ([59])

* ثم إن أهل التقليد: مغالون في التعصب للأحكام التي يصدرونها، بلا علم، ولا عدل، مع بغي وعدوان على المخالف لهم، وإن كان على الحق!. ([60])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج1 ص252)؛ في وصف أهل الأهواء: (واتباع أهواء: قوم قد ضلوا من قبل، وإن كان فيهم من فيه فضل وصلاح([61])، فهم فيما ابتدعوه من ذلك ضالون عن سبيل الله تعالى، يحسبون أن هذه البدعة تهديهم إلى محبة الله تعالى، وإنها لتصدهم عن سبيل الله تعالى). اهـ.

قال تعالى: ]فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة[ [المدثر: 49-51].  

* والمبتدعة قد جهلوا كمال الشريعة، وتحقيقها للمصالح، ودرءها للمفاسد على أكمل وجه وأتمه، فاستدركوا على الشرع، وكذبوا على رسول الله r بالأحاديث المعلولة، والضعيفة. ([62])

* ومن ضروب جهلهم: جهلهم، بأصل السنة، ودورها في التشريع، وجهلهم بصحيح السنة من غيره، وهو ما أدى إلى اختلاف الأحكام عليهم، ومن ذلك قولهم: بـ«صوم يوم عرفة»، وهو حديث معلول.

* فالمقلدة من أصحاب الإساءة إلى السنة وأهلها، ومن آثار انحرافهم في منهج نصرة السنة، زهد المقلدة في السنة، وتعمدهم لمز أصحاب السنة، إذا خالفوهم في فتاوى التقليد، وهذا بسبب تقديمهم للآراء على الدليل.

* وكثيرا ما يختلط حظ النفس، مع مقصد نصرة السنة وأهلها، فيكون هؤلاء، إنما ينتصرون لأنفسهم، وآرائهم، وجماعتهم، لا لهذا الدين!. ([63])

قال تعالى: ]وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا[ [يونس: 36].

وقال تعالى: ]ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا[ [الفرقان: 27-29].

وقال تعالى: ]والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون[ [الشورى: 39]؛ أي: فيهم قوة الانتصار ممن ظلمهم، واعتدى عليهم، ليسوا بعاجزين، بل يقدرون على الانتقام ممن بغى عليهم. ([64])

قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص176): (وسمي أصحابها: أهل الأهواء؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم، فلم يأخذوا الأدلة مأخذ الافتقار إليها، والتعويل عليها، بل قدموا أهواءهم، واعتمدوا على آرائهم، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورا فيها من وراء ذلك). اهـ.

* وإن زهد المقلدة المنتصرين بزعمهم للسنة، قابله في الغالب إساءة لها، ولأهلها، خصوصا إذا نصحوا، بضرورة الالتزام بالسنة الصحيحة في منهج الشريعة المطهرة.

* إن أعظم الأمور إساءة للنبي r: التولي عنه، وعن سنته([65])، فهذا أشد ما يؤلم النبي r، ويسيء إليه.

قال تعالى: ]فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا[ [الكهف: 6].

وقال تعالى: ]لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين[ [الشعراء: 3].

فأهل البدع: إذا سمعوا السنة الصحيحة، تولوا معرضين، وأخذوا في الإعراض عن الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص224): (ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة، من المنسوبين إلى العلماء والعباد، يجعل من أهل الأهواء، كما كان السلف يسمونهم: أهل الأهواء؛ وذلك أن كل من لم يتبع العلم، فقد اتبع هواه، والعلم بالدين، لا يكون إلا بهدي الله تعالى، الذي بعث به رسوله r). اهـ.

* ولا ينبغي لنا أن نسكت عن المقلدين، بنشرهم: للأحاديث الضعيفة، مثل: حديث: «صوم يوم عرفة، وأنه يكفر السنة الماضية، والسنة الباقية»!.

* حتى أن المقلد المتعصب يصل به التعصب، أن يكون بلغه النص، ولكنه يتأوله على معنى آخر، لم يرد في الشرع، فيقع في الزلل، بسبب عناده في الحكم، ولا يعذر بذلك.

قلت: والعذر بالجهل لمثل هذا الجاهل المتعصب المعاند، لا يعذر بجهله لا في الأصول، ولا في الفروع. ([66])

* وهذا من باب مقابلة البدعة، ببدعة مثلها، ولا يرفع البدعة، إلا السنة الصحيحة. ([67])

قال تعالى: ]ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون[ [الصافات: 171-173].

* فالنصرة من الله تعالى لعباده: هي حفظهم من كل مكروه، وكفايتهم من كل هم، وتأييدهم لقهر عدوهم، والغلبة على من ناوأهم.

* وحمل المبتدع وزر من اقتدى ببدعته.

فعن أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: (ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا). ([68])

* فخرج المقلد عن طريق الرسول r وهديه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص176): (وصاحب الهوى، يعميه الهوى ويصمه، فلا يستحضر ما لله تعالى، ورسوله r في ذلك، ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله تعالى، ورسوله r، ولا يغضب لغضب الله تعالى، ورسوله r.

* بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه.

* ويكون مع ذلك معه: شبهة دين، أن الذي يرضى له ويغضب له أنه السنة، وهو الحق، وهو الدين.

* فإذا قدر أن الذي معه هو: الحق المحض دين الإسلام، ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله تعالى، وأن تكون كلمة الله تعالى: هي العليا.

* بل قصد الحمية لنفسه وطائفته، أو الرياء ليعظم هو ويثنى عليه، أو فعل ذلك شجاعة وطبعا، أو لغرض من الدنيا، لم يكن لله تعالى، ولم يكن مجاهدا في سبيل الله تعالى). اهـ.

وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص182)؛ عند حديثه عن أسباب البدع: (هذه الأسباب الثلاثة راجعة في التحصيل إلى وجه واحد: وهو الجهل بمقاصد الشريعة، والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت، أو الأخذ فيها بالنظر الأول، ولا يكون ذلك من راسخ في العلم). اهـ.

* فضعف العلم، وقلة الفقه في الدين من أعظم سمات المبتدعة.

قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص290): (البدع لا تقع من راسخ في العلم، وإنما تقع ممن لم يبلغ مبلغ أهل الشريعة، المتصرفين في أدلتها). اهـ.

* فالجهل بمقاصد الشريعة، من سمات أهل الأهواء، ومن أعظم أسباب وقوعهم في الآراء الفاسدة، والأحكام الشاذة.

قلت: وما فعلوا هذا الصوم في يوم عرفة، إلا بسبب جهلهم بحق رسول الله r، وتطاولوا على مقام النبوة، وعموا عن إدراك حقيقة خصائصه r.

* وأصل الجهل هو: خلو النفس من العلم، وهو الجهل المركب([69])، أو الجهل البسيط.

* والجهل سبب الإعراض عن الحق.

قال تعالى: ]بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون[ [الأنبياء: 24].

قلت: ومن أبرز أساليب أهل التقليد: إثارة الشكوك والشبهات، وإطلاق التهم جزافا؛ من أجل تنفير الناس عن السنة الصحيحة.

* ومن أعظم أساليب الإساءة إلى النبي r: الافتراء عليه، ونسبة ما لم يقل إليه؛ لأن ذلك يؤدي إلى تحريف هذا الدين؛ لأجل ذلك عظم الوعيد على من افترى على رسول الله r الكذب.

فعن أنس بن مالك t؛ أن رسول الله r قال: (من تعمد علي كذبا، فليتبوأ مقعده من النار). ([70])

* وقد ابتليت هذه الأمة بالجاهلين بعلم الحديث وأصوله وعلله وتخريجه، الذين اختلقوا الأحاديث المعلولة ليتعبدوا بها في الدين، تقليدا لمشايخهم ولآبائهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول» (ص173): (إن تعمد الكذب عليه r، استهزاء به واستخفاف، لأنه يزعم أنه أمر بأشياء ليست مما أمر به). اهـ.

* ومن ذلك لمز كثير من هؤلاء المقلدة: أهل السنة، حين أنكروا عليهم: الإفتاء بـ«صوم عرفة»، و«صوم العشر الأولى من ذي الحجة»، وغير ذلك، بأنهم: جهلة، وغير ذلك من سيل التهم.

قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص275): (يلتزم الناس البدع، حتى تكون مخالفتها عندهم هي المنكر، وربما يعاقبون من لزم السنة، وقد يستبيحون دمه!). اهـ.

قلت: لقد مارس أهل التحزب منذ ظهور السنة، صنوفا من الترهيب القولي ([71])، بقصد ثني أهل السنة عن دعوتهم، وبث الرعب في قلوب أتباعها، فلم يلتفت أهل السنة إليهم.

قال تعالى: ]ويخوفونك بالذين من دونه[ [الزمر: 36].

وقال تعالى: ]ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل[ [الشورى: 41]؛ أي: استوفى حقه بنفسه. ([72])

* والمقلدة المتعصبة: يروجون بضاعتهم المزجاة في علم غير نافع، من أجل الحصول على دنياهم، من المناصب والأموال، والمآكل والمشارب، والمساكن الفاخرة، باسم الدين!.

وقال تعالى: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون[ [الأنعام: 112].

قلت: لقد أخبر الله تعالى في كتابه، أن سنته الماضية، أن يخرج لكل تابع للرسول r، عدوا من المجرمين، يقاوم دعوة السنة الصحيحة، ويحاربها وأهلها: ]والعاقبة للمتقين[ [الأعراف: 128].

قال العلامة الآلوسي / في «شرح مسائل الجاهلية» (ص189): (فكل من دعا إلى الحق رماه من كان على المسلك الجاهلي ([73])، أن قصده من الدعوة: طلب الرئاسة والجاه، من غير أن ينظروا إلى ما دعا إليه، وما قام عليه من البراهين). اهـ.

* فترك التأسي بالنبي r في السنة التركية، وفي هديه، من هؤلاء المقلدة، فأصبح هؤلاء، من المسيئين للسنة، لتنكبهم هديه في هذا الصوم المزعوم، وغيره!.

* فالمنتصر لبدعة صوم عرفة، هذا مجانب للشرعة السوية، مجاف للطريقة المحمدية، خارج عن طريق الرسول r وهديه. ([74])

* وهؤلاء المتحزبة المتنصبة، ينصر بعضهم بعضا في الباطل، ويؤازر بعضهم بعضا في البدع، ويؤيد بعضهم بعضا في بلدانهم.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: (من نصر قومه على غير الحق، فهو كالبعير) ([75])؛ يعني: الضال. ([76])

* فهم قائمون في البلدان على المؤازرة، ومساندة الباطل، وإشاعة البدع.

* فحرص المقلدة على تقليد بعضهم بعضا في غالب الأحكام في الأصول والفروع.

* فالمقلدة مولعون بتقليد بعضهم بعضا، مثل أسراب القطا، وما شرعت الحسبة إلا لمنع انتشار فتاوى المقلدة.

قلت: فمادام المقلدة، لم يعملوا بالسنة في حكم ما، فلا بد أن يعملوا بالبدعة على أنها من السنة، وهذا فيه من الفساد ما فيه.

قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].

وقال تعالى: ]وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون[ [الزخرف: 23].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص32): (وهذه الأمور مما تعظم بها المحنة على المؤمنين؛ فإنهم: يحتاجون إلى شيئين: إلى دفع الفتنة التي ابتلي بها نظراؤهم من فتنة الدين والدنيا عن نفوسهم مع قيام المقتضي لها.

* فإن معهم نفوسا، وشياطين، كما مع غيرهم، فمع وجود ذلك من نظرائهم يقوى المقتضي عندهم، كما هو الواقع.

* فيقوى الداعي الذي في نفس الإنسان وشيطانهم، وما يحصل من الداعي بفعل الغير والنظير.

* فكم ممن لم يرد خيرا، ولا شرا حتى رأى غيره -لا سيما إن كان نظيره- يفعله: ففعله؛ فإن الناس؛ كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض). اهـ.

قلت: فإلف الناس للتقليد الأعمى في الدين، يؤدي إلى انتشار الإساءة لسنة رسول الله r، وإلف الناس لها، واستهانتهم بها؛ لكثرة شهودهم لها، وكما قيل: «كثرة المساس، يبلد الإحساس»، خصوصا مع سكوت دعاة الحق، وتقاعسهم عن بيان الشبه، وكشف زيف الجهل المركب، والتقليد الأعمى. ([77])

* ولا شك أن هذا الإلف يؤدي إلى إعراض الناس عن الحق، واستنكافهم عن قبوله، لأن أصعب ما يكون على النفس: قطع العوائد، وما ألفوه، وإن كان خلاف الحق!.

قال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص153)؛ عن ضرر العوائد، وما ألفه الناس من الجهل في الدين: (الوصول إلى المطلوب: موقوف على هجر العوائد، وقطع العوائق.

* فالعوائد: السكون إلى الدعة والراحة، وما ألفه الناس، واعتادوه من الرسوم والأوضاع التي جعلوها بمنزلة الشرع المتبع، بل هي عندهم أعظم من الشرع.

* فإنهم: ينكرون على من خرج عنها وخالفها ما لا ينكرون على من خالف صريح الشرع، وربما كفروه، أو بدعوه، وضللوه، أو هجروه، وعاقبوه، لمخالفة تلك الرسوم، وأماتوا لها السنن، ونصبوها أندادا للرسول r، يوالون عليها ويعادون، فالمعروف عندهم ما وافقها، والمنكر ما خالفها!). اهـ.

قلت: وهذا التقليد الأعمى، ربي عليه الصغير، ونشأ عليه الكبير، واتخذ في الدين، وهو أعظم عندهم من الدين!.

* والواقف مع التقليد الأعمى محبوس، والمتقيد به منقطع، عم به المصاب، وهجر لأجله السنة والكتاب، من استنصر به فهو عند الله: مخذول، ومن اقتدى به، دون: كتاب الله، وسنة رسوله: فهو عند الله تعالى: غير مقبول!. ([78])

قال العلامة الشيخ مقبل الوادعي / في «المخرج من الفتنة» (ص136): (والله: لإن تمرض أجسادنا، أحب إلينا من أن تموت قلوبنا). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص54): (فكل خارج من الدنيا: إما متخلص من الحبس، وإما ذاهب إلى الحبس). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول» (ص483): (فيجب أن يحكم فيها بما هو أشبه بالأصول الكلية، وإذا لم يعمل بالمصلحة لزم العمل بالمفسدة، والله لا يحب الفساد). اهـ.

* فقد تعددت أساليب المتحزبة المتعصبة، للإساءة برسول الله r، عن طريق مخالفتهم لسنته r، في هذا العصر الحاضر، ونشرهم للأحاديث الضعيفة بين العامة، مع معرفتهم بضعفها، وعن طريق نشرهم للفتاوى المخالفة لسنته، بين الناس، مع علمهم بمخالفتها لسنة الرسول r، ومنهج الصحابة y.

* وعلى هذا لا بد من معرفة أساليب المسيئين من هذا الصنف من الناس- لرسول الله r، ولسنته: وكشف مكرهم ودسائسهم، ودحض شبههم في البلدان. ([79])

قلت: فقد تعددت شبه المتحزبة المتنصبة؛ بإظهارها بين أتباعهم الرهبان في البلدان، عن طريق الأحاديث الضعيفة، والفتاوى المشتبهة.

* فالجهل سبب العماية، ومن جهل بدعة صوم يوم عرفة، أوشك أن يقع فيها.

* وقد اشترك في بدعة صوم يوم عرفة: الرهبان([80]) الجهال.

قال تعالى: ]والشعراء يتبعهم الغاوون[ [الشعراء: 224].

* فأكبر جريمة نكراء، وفعلة شنعاء أن تأتي إلى حكم، وهو من حقوق النبي r الخاصة به، فتقول: هذا الحكم من فعله، وبقوله: كذا، وكذا، ثم الإفتاء للعامة بفعله، وحصول الأجر بتطبيقه، وهو من خصائص الرسول r. ([81])

* تلك الجريمة التي خطتها أقلام المقلدة، والتي كتبتها ريشة تضليل، ونطق بها لسان جاهل وهو لا يشعر.

قلت: فأعداء السنة الصحيحة، لم يسيئوا، لسنة النبي r فقط، بل أساؤوا لكل ما جاء به، ودعا إليه، من الأصول، والفروع.

* وفي المثل: «الناس أعداء ما جهلوا».

* وفي المثل الآخر: «من جهل شيئـا عاداه».

قال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص16): (والأسباب المانعة: من قبول الحق كثيرة جدا، فمنها: الجهل به، وهذا السبب: هو الغالب على أكثر النفوس؛ فإن من جهل شيئـا عاداه، وعادى أهله). اهـ.

قلت: فالجهل هو: سبب الإساءة للنبي r، سواء يشعر هذا العبد، أو لا يشعر.

* فالسنة: ترهب بقوتها، كل المبتدعة، وفي نشرها: تجعل الرهبة، والخوف في قلوب أهل البدع، ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

فعن أبي هريرة t، عن رسول الله r قال: (نصرت بالرعب على العدو). ([82])

* وهذه الخصوصية حاصلة له r على الإطلاق، حتى لو كان وحده بغير عسكر، وهي حاصلة لأتباعه من بعده r. ([83])

قلت: وفعل هذا الصوم، والدخول في خصائص النبي r، هذا من ضعف الإيمان، وضعف في العقل، لأنه لا يتصور من مسلم، أن يأخذ شيئـا من خصائص النبي r، ثم يجعلها له، ويشاركه فيها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول» (ص371): (كذلك: من يدعوه: ضعف عقله، أو ضعف دينه، إلى الانتقاص برسول الله r). اهـ.

قلت: فالقلب إذا مرض، اشتبه المعروف عليه بالمنكر.

قال تعالى: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا[ [الفرقان: 31].

قلت: هؤلاء أصحاب الأضغان؛ وهم: من المقلدة وغيرهم.

قال تعالى: ]أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم[ [محمد:29].  

* والمراد بالأضغان: ما في النفوس من بغض على القائم على السنة ونصرها جملة وتفصيلا. ([84])

* وقد صرح أهل التحزب: بشدة بغضهم، وعظيم حقدهم، وكراهتهم، لمن يقوم بنشر السنة الصحيحة بين المسلمين.

قال تعالى: ] أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله[ [النساء: 54].

قلت: والحسد من أعظم أدواء القلوب، فهو يعمي البصيرة، ويحمل على بطر الحق، وأذية أهله.

قال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ص251): (والحسد: خلق نفس ذميمة، وضيعة ساقطة، ليس فيها حرص على الخير). اهـ.

* فالحسد: هو داء لا يرجى معه: صلاح، ولا فلاح.

قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ماعنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون[ [آل عمران: 118].

* قد لاح على صفحات وجوههم، وفلتات ألسنتهم من العداوة، مع ما هم: مشتملون عليه في صدورهم من البغضاء على السنة، وأهلها ما لا يخفى مثله على لبيب، عاقل. ([85])

قال تعالى: ]أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم[ [محمد:29].  

قلت: فالإساءة للنبي r، ليست قاصرة على الأقوال فقط، مثل: السب والشتم وغير ذلك، بل تتعداها للأفعال، مثل: «صوم يوم عرفة»، والظن بهذا الفعل، أن له تكفير الذنوب المتقدمة والمتأخرة، فهذا إساءة للنبي r، بسلب حقه من الخصائص التي خصها الله تعالى له، منها: تكفير الذنوب المتقدمة والمتأخرة.

* واعتقاد لمعتقد، ليس عليه النبي r، فهذا من الإساءة له r، فهذه الأفعال: شاملة في أداتها. ([86])

* فيجب الرد على من خالف السنة، وأساء واعتدى.

قال تعالى: ]والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون[ [الشورى: 39]؛ أي: إذا أصابهم البغي: تناصروا عليه حتى يزيلوه عنهم، ويدفعوه عنهم. ([87])

قلت: ونصرة النبي r أيضا، داخلة في باب إنكار المنكر الواجب، وهي من مفردات الجهاد بالحجة والبيان والبرهان، لأن فيها ردا على المعتدي الذي رام النيل من مرتبة النبوة، والإساءة إليها.

قال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص10): (ومن بعض حقوق الله تعالى على عبده؛ رد الطاعنين على كتابه، ورسوله، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة، والبيان، والسيف والسنان، والقلب، والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ص111): (والمقصود: -من الجهاد- إنما هو أن تكون كلمة الله تعالى: هي العليا، ويكون الدين كله لله تعالى). اهـ.

قلت: فتعطيل النصرة يؤدي إلى الحيلولة، دون وصول مضامين هذا الدين إلى عموم الناس، من أمتي الإجابة، والدعوة، لأن التخاذل عن النصرة: مفض لا محالة إلى انتشار الشبهات، التي تحول دون وصول الحق نقيا، إلى عموم الناس. ([88])

 * فإن لم يوجد من أهل العلم من ينتصر لهذا الدين، ويبين زيف المقلدين المعاندين، التبس الحق على أكثر الناس، وردوا عن الدعوة الحقة، وانصرفوا عنها إلى البدع باسم الدين!.

قال تعالى: ]وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون[ [الأنعام: 137].

وقال تعالى: ]ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون[ [البقرة: 42].

وقال تعالى: ]يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون[ [آل عمران: 71].

فخراب الدين والدنيا: إنما هو بلبس الحق بالباطل، وبالتأويل الذي لم يرده الله تعالى، ورسوله r: بكلامه، ولا دل عليه أنه مراده.

* وهل اختلفت الأمم على أنبيائهم؛ إلا بالتأويل؟!.

* وهل وقعت في الأمة فتنة كبيرة، أو صغيرة؛ إلا بالتأويل؟!، فمن بابه دخل إليها.

* وهذا صنيع المقلدين المعاندين، ورهبانهم، حيث أخرجوا للناس ما توهمته عقولهم من الجهل، وروجوا له على أنه الحق.

* وفي المقابل عطلوا النصوص الشرعية، أو تأولوها تأويلا باطلا، فجمعوا بين إخفاء الحق، والإساءة إليه، والترويج للباطل وبهرجته. ([89])

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص926): (فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه، ولبسه به: خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر.

* ومنه التلبيس: وهو التدليس، والغش الذي يكون باطنه: خلاف الحق، وتكلم بلفظ له معنيان: معنى صحيح، ومعنى باطل، فيتوهم: السامع أنه أراد: المعنى الصحيح، ومراده الباطل، فهذا من الإجمال في اللفظ). اهـ.

وقال المفسر ابن عاشور / في «التحرير والتنوير» (ج1 ص455): (فلبس الحق بالباطل: ترويج الباطل في صورة الحق، وهذا اللبس: هو مبدأ التضليل والإلحاد في الأمور المشهورة.

* فإن المزاولين لذلك لا يروج عليهم قصد إبطالها؛ فشأن من يريد إبطالها، أن يعمد إلى خلط الحق بالباطل، حتى يوهم: أنه يريد الحق). اهـ.

* فقد سعى أهل التحزب إلى بث الشبهات بين العامة، وزينوا الباطل وبهرجوه، وطعنوا في الحق وزيفوه، حتى التبس على كثير من الخلق الحق بالباطل. ([90])

قلت: وما نصب المقلدة المتعصبة، العداوة لأهل الأثر، إلا بسبب جهلهم المركب للسنة الصحيحة، وظهور غربة الدين فيهم!.

فعن عبد الله بن عمر عن النبي r قال: (إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ). ([91])

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص200): (فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله تعالى: بصيرة في دينه، وفقها في سنة رسوله، وفهما في كتابه، وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات، وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله r، وأصحابه y.

* فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط؛ فليوطن نفسه على قدح الجهال، وأهل البدع فيه، وطعنهم عليه، وإزرائهم به، وتنفير الناس عنه، وتحذيرهم منه؛ كما كان سلفهم من الكفار: يفعلون مع متبوعه، وإمامه r.

* فأما إن دعاهم إلى ذلك، وقدح فيما هم عليه؛ فهنالك تقوم قيامتهم، ويبغون له الغوائل، وينصبون له الحبائل، ويجلبون عليه بخيل كبيرهم، ورجله. ([92])

* فهو غريب: في دينه، لفساد أديانهم، غريب: في تمسكه بالسنة، لتمسكهم بالبدع، غريب: في اعتقاده، لفساد عقائدهم، غريب: في صلاته، لسوء صلاتهم، غريب: في طريقه، لضلال وفساد طرقهم، غريب: في نسبته، لمخالفة نسبهم، غريب: في معاشرته لهم، لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم.

* وبالجملة: فهو غريب في أمور دنياه وآخرته، لا يجد من العامة مساعدا، ولا معينا، فهو عالم بين جهال، صاحب سنة بين أهل بدع، داع إلى الله تعالى ورسوله r: بين دعاة إلى الأهواء والبدع، آمر بالمعروف، ناه عن المنكر: بين قوم المعروف لديهم: منكر، والمنكر معروف). اهـ.

 * هكذا عندما تنتشر البدع وتفشو، ويقل من ينتصر لدين الله تعالى، ولنبيه r؛ هناك: يصير المتمسكون بالحق من دعاة السنة: غرباء، وتصير دعوتهم بين الجهال: غريبة!.

قلت: والجهاد بالحجة والبيان، هو المراد منه أيضا: إدخال الرعب في قلوب المقلدة المتعصبة، ورد عدوانهم على السنة الصحيحة.

قلت: فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أخص وسائل النصرة للدين.

* والنصرة من لوازم الإيمان بالنبي r، ومن لوازم الإيمان: الذب عن النبي r، والانتصار له r، ولسنته، لأن ذلك من تمام الإيمان بنبوته r.

قال تعالى: ]كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله[ [آل عمران: 110].

وقال تعالى: ]ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون[ [آل عمران: 104].

وعن أبي سعيد الخدري t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من رأى منكرا فغيره بيده فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بيده فغيره بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه فغيره بقلبه فقد برئ، وذلك أضعف الإيمان). ([93])

قال الحافظ ابن النحاس / في «تنبيه الغافلين» (ص11)، تعليقا على هذا الحديث: (قوله r: «فقد برئ»؛ أي: من الإثم بإنكاره، وفيه الدليل الواضح على أن من استطاع الإنكار؛ فلم ينكر أنه: غير برئ من الإثم، بل هو شريك فيه). اهـ.

وقال أبو بكر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج4 ص154): (أكد الله تعالى: فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مواضع من كتابه، وبينه رسول الله r: في أخبار متواترة عنه فيه، وأجمع السلف، وفقهاء الأمصار: على وجوبه). اهـ.

وعن أبي سعيد الخدري t؛ أن رسول الله r قال: (من رأى منكم منكرا؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). ([94])

قلت: والإساءة إلى النبي r من أعظم المنكر الموجب للتغيير، والتبيين، لأن مقام النبوة محفوظ([95])، والرد على المعتدي -سواء يشعر أو لا يشعر- من أعظم فروض شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

* فيجب بذل الوسع من خلال الطرق الشرعية، لمؤازرة الرسول r، ومنع الظلم ممن أساء إلى حقوقه وسنته عن طريق التعالم في الدين.

قلت: فهذه المؤازرة: هي اتباع، وحماية، وتوقير في الدين.

* ومجالات النصرة شاملة، لكل ما تعلق به r، من حقوقه وغيرها.

* ومن أعظم مجالات ([96]) النصرة، حماية خصائص الرسول r، من الدخيل عليها. ([97])

قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم[ [محمد: 7].

* فلا بد أن نتعرف على منهج السنة الصحيحة، في نصرة النبي r. ([98])

والنصرة: اسم مصدر، من نصر، ينصر، نصرا، ونصرة، فهو: ناصر.

* واسم الفاعل: النصير، والناصر، والجمع: أنصار، ونصر.

* والمنصور: مفعول من النصر.

* والنصير: فعيل، بمعنى: فاعل، أو مفعول، لأن كل واحد من المتناصرين، ناصر، ومنصور([99])، ومنه: ]نعم المولى ونعم النصير[ [الأنفال: 4].

* والنصرة من المسلم: هي الدفاع عن الرسول r، واتباع سنته، ومساندة الحق وإشاعة العدل، وقمع من أساء إلى سنة رسول الله r، واستيفاء حقوقه المسلوبة.

* وقد تضافرت الأدلة الشرعية على وجوب نصرة النبي r، فهي فريضة شرعية، وهي باقية ما بقي الليل والنهار، وهي من النصيحة لرسول الله r. ([100])

عن أبي الدرداء t، أن النبي r قال: (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: «صدق»، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي)، مرتين. ([101])

* والسنة وحي من الله تعالى، وهي حجة في الأصول والفروع.

* وهذا حق لا مرية فيه؛ لأنها وحي من لدن حكيم خبير.

قلت: لذلك وجوب التأسي به r في كل ما يصدر عنه r في السنة القولية، وفي السنة الفعلية، وفي السنة التركية.

قال تعالى: ]لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا[ [الأحزاب: 21].

وقال تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[ [الأنعام: 153].

* والنبي r لم يدع لأمته أمر خير؛ إلا دلهم عليه، فإذا ترك الرسول r، والصحابة y: فعل عبادة من العبادات، مع كون موجبها، وسببها المقتضي لها قائما ثابتـا، والمانع منها منتفيا، فإن فعلها بدعة. ([102])

* فمقتضى الذين ابتدعوا بدعة صوم العشر الأولى من ذي الحجة، هو محبة فعل سنة النبي r، وإظهار السنة بهذا الصوم.

* وهذا المقتضي كان موجودا زمن النبي r، وزمن الصحابة y، فهم أشد الناس حبا لفعل سنة النبي r.

* ولم يكن في زمنهم: مانع لهذا الصوم، رغم ذلك لم يصوموا في العشر الأول من ذي الحجة، فدل ذلك على أن هذا الصوم بدعة في الدين.

* والبدعة محبطة للعمل الذي جرت فيه البدعة، ومسقطة لثوابه.

فعن عائشة ڤ، أن النبي r قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).([103])

قلت: والبدعة لا تكون إلا ضلالة!، وإن حسنت في نظر صاحبها.

فعن جابر بن عبد الله t، أن النبي r قال: (وكل بدعة ضلالة).([104])

وعن ابن عمر قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([105])

ثم أقول أولا: فإن من المعلوم أن العلماء رحمهم الله يذكرون في كتبهم بعض الأحاديث الضعيفة، ويبنون عليها فتاوى فقهية، وذلك باجتهاد منهم في معرفة الحق، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ منهم فله أجر على اجتهاده، والشواهد على هذا كثيرة عند أهل العلم.

وإليك الدليل:

عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله r: (إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، فأخطأ فله أجر واحد). ([106])

قلت: فهذا نص صريح في أن المجتهدين، منهم: المصيب، ومنهم: المخطئ، ومن المعلوم أن المخطئ في الأحكام بعد استكمال الشروط معذور في خطئه، مأجور باجتهاده كما هو منطوق الحديث. ([107])

قال العلامة الشوكاني / في «السيل الجرار» (ج1 ص20): (فهذا الحديث قد دل دلالة بينة أن للمجتهد المصيب أجرين، وللمجتهد المخطئ أجرا، فسماه مخطئا وجعل له أجرا، فالمخالف للحق بعد أن اجتهد مخطئ مأجور، وهو يرد على من قال أنه مصيب، ويرد على من قال إنه آثم، ردا بينا، ويدفعه دفعا ظاهرا). اهـ.

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص260): (فهذا الحديث يفيدك أن الحق واحد، وأن بعض المجتهدين يوافقه، فيقال له مصيب، ويستحق أجرين، وبعض المجتهدين يخالفه، ويقال له مخطئ، واستحقاقه الأجر لا يستلزم كونه مصيبا، واسم المخطئ عليه لا يستلزم ألا يكون له أجر). اهـ.

وقال الحافظ البغوي / في «معالم التنزيل» (ج5 ص334): (وقوله r: «إذا اجتهد فأخطأ فله أجر»؛ لم يرد به أنه يؤجر على الخطأ، بل يؤجر على اجتهاده في طلب الحق، لأن اجتهاده عبادة، والإثم في الخطأ عنه موضوع، إذ لم يأل جهده). اهـ.

* وسبب ذلك أن علماء الدين كلهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله تعالى به رسوله r، وأن يكون الدين كله لله تعالى، وأن تكون كلمته هي العليا.

* فالمجتهد إن أخطأ فلا وزر عليه، وهو مأجور ومغفور له، وأما المقلد فلا عذر له عند الله تعالى، وهو مأثوم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص191): (بل يضل عن الحق من قصد الحق، وقد اجتهد في طلبه فعجز عنه فلا يعاقب، بل يكون له أجر على اجتهاده، وخطؤه الذي ضل فيه عن حقيقة الأمر مغفور له، وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة([108]) ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى: ]ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا[ [البقرة:286]، وفي الصحيح([109]) أن الله تعالى قال: «قد فعلت»). اهـ.

وقال الحافظ ابن قدامة / في «روضة الناظر» (ص196): (أما الإجماع فإن الصحابة y اشتهر عنهم في وقائع لا تخفى إطلاق الخطأ على المجتهد...، ثم ذكر الآثار في ذلك، ثم قال: وهذا اتفاق منهم على أن المجتهد يخطئ). اهـ.

ثانيا: فإن جميع الذين صححوا الحديث بناء على إيراد الحافظ مسلم / الحديث في «صحيحه»، فلم يتعرضوا له([110])، ولذلك بعد أن يذكر المصنف الحديث يقول: حديث صحيح، أخرجه مسلم، وقد بينا علة الحديث من قبل أئمة الجرح والتعديل، والله ولي التوفيق.

ثالثا: فإن البعض ([111]) الذين قالوا بصوم يوم عرفة لشهرته بين الناس، دون بحث في تخريجهوعلله وطرقه!، وبدون اجتهاد في الأدلة، ومعرفة الحق في هذه المسألة.

* والمفتي المقلد: إذا أفتى الناس بدون اجتهاد في الأدلة، ومعرفة الحق، فهو آثم، وإن أصاب الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد -يعني: من تقليد- فإنه آثم وإن كان قد صادف الحق). اهـ.

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص69): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب). اهـ.

* والمفتي: كـ«الحزبي المتعالم»، إن لم يكن عالما بالحق، والفتوى بالأدلة، والراجح الصحيح من أقوال العلماء، لم يحل له أن يفتي، ولا يقضي بما لا يعلم، ومتى أقدم على ذلك فقد تعرض لعقوبة الله تعالى، وأثم، والله المستعان.

قال الحافظ ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص220): (فإن لم يكن عالما بالحق فيها -يعني: الفتوى- ولا غلب على ظنه، لم يحل له أن يفتي، ولا يقضي بما لا يعلم، ومتى أقدم على ذلك: فقد تعرض لعقوبة الله تعالى، ودخل تحت: قوله تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف: 33]؛ فجعل القول عليه بلا علم: أعظم المحرمات الأربع التي لا تباح بحال). اهـ.

قلت: والواجب على المسلم الحق أن يحب ظهور الحق، ومعرفة المسلمين له، سواء كان في موافقته، أو مخالفته. ([112])

قلت: ولا شك، أن هذه العصور المتأخرة، قد شهدت ضعفا في أصول الحديث، وضعفا في أصول العلم، وقلة للعلماء الربانيين من أهل الحديث، أدى ذلك إلى انتشار البدع عن طريق الأحاديث المعلولة، مثل: «صوم يوم عرفة»، فإنه بدعة في الدين، لأنه فيه: يكفر السنة الماضية، والباقية، وهذا من خصائص الرسول r، ومن حقوقه.

قال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح: 1 و2].

* لقد تساهل كثير من الناس في هذا العصر في نشر الأحاديث المعلولة، على أنها صحيحة، والله المستعان.

* وقد حذر علماء السنة من الأحاديث الضعيفة بجميع أنواعها، وألفوا في ذلك الكتب، وكتبوا الردود فيها.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج6 ص358)؛ وهو يتكلم على الأحاديث الضعيفة، التي ينشرها القصاص، والوعاظ في المساجد: (هذه الأخبار التي ذكرها هذا الواعظ: كلها باطلة، مكذوبة على النبي r، ولا أصل لها... فينبغي التحذير من هؤلاء الكذابين، وينبغي للواعظ أن يتقي الله سبحانه: إذا وعظ الناس). اهـ.

وقال الحافظ ابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص117): (فصل: ذكر إيجاب دخول النار، لمن نسب الشيء إلى المصطفى r، وهو غير عالم بصحته، ثم ساق بسنده: عن أبي هريرة t، عن رسول الله r قال:  «من قال: علي ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار».([113])). اهـ.

وقال العلامة الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج1 ص47): (من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة، والموضوعة بينهم، لا أستثني أحدا منهم، ولو كانوا علماءهم، إلا من شاء الله تعالى منهم من أئمة الحديث ونقادهم: كـ«البخاري»، و«أحمد»، و«ابن معين»، و«أبي حاتم الرازي»، وغيرهم، وقد أدى انتشارها إلى مفاسد كثيرة، منها: ما هو من الأمور الاعتقادية الغيبية، ومنها: ما هو من الأمور التشريعية، وسيرى القارئ الكريم الأمثلة الكثيرة لما ندعيه في كثير من الأحاديث الآتية إن شاء الله تعالى.

* وقد اقتضت حكمة العليم الحكيم سبحانه وتعالى: أن لا يدع هذه الأحاديث التي اختلقها المغرضون لغايات شتى تسري بين المسلمين دون أن يقيض لها من يكشف القناع عن حقيقتها، ويبين للناس أمرها، أولـٰئك هم: أئمة الحديث الشريف، وحاملوا ألوية السنة النبوية، الذين دعا لهم رسول الله r بقوله: «نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها، وحفظها، وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»([114])، فقد قام هؤلاء الأئمة جزاهم الله تعالى عن المسلمين خيرا، ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة، أو ضعف، أو وضع، وأصلوا أصولا متينة، وقعدوا قواعد رصينة، من أتقنها وتضلع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أي حديث ولو لم ينصوا عليه، وذلك هو علم أصول الحديث.

* فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التي حفظوها عن مشايخهم، أو يقرؤونها في بعض الكتب التي لا تتحرى الصحيح الثابت، ولذلك لا نكاد نسمع وعظا لبعض المرشدين، أو محاضرة لأحد الأساتذة، أو خطبة من خطيب، إلا ونجد فيها شيئـا من تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وهذا أمر خطير، يخشى عليهم جميعـا أن يدخلوا بسببه تحت وعيد: قوله r: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»([115])؛ حديث صحيح متواتر، فإنهم: وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة، فقد ارتكبوه تبعا، لنقلهم الأحاديث التي يقفون عليها جميعـا، وهم يعلمون أن فيها ما هو ضعيف، وما هو مكذوب قطعـا.

* وقد أشار إلى هذا المعنى قوله r: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»([116])؛ رواه مسلم: «1/8»، وغيره من حديث أبي هريرة t.

* فتبين مما أوردنا أنه لا يجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها، وإن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله r، وقد قال r: «إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»([117])، رواه مسلم وغيره). اهـ.

هذا؛ وأسأل الله تعالى، أن ينصر نبيه، وسنته، وشريعته، والله المستعان، وعليه التكلان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في أن العالم: يخطئ ويصيب، وليس بمعصوم في الإسلام، بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الدين، فإن أخطأ، فجعل له الشارع: أجرا على اجتهاده، وجعل خطأه مغفورا له في الدين...............................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على أن العالم: يخطئ ويصيب في الشريعة، لأنه يجتهد، والمجتهد مع خطئه: له أجر من أجل اجتهاده، مثل: العالم الذي أفتى بصوم يوم عرفة بحديث ضعيف لا يصح، فهذا اجتهاد، أخطأ فيه، وله أجر على اجتهاده، ولا يتبع في خطئه هذا، بل يتبع المسلم ما جاء به الرسول، وهو عدم صوم يوم عرفة، لأنه يوم عيد، وهو منهي عنه في الشريعة المطهرة.................................................................

8

3)

جوهرة نادرة.............................................................................................

14

4)

ذكر الدليل على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدفاع عنه صلى الله عليه وسلم، والدفاع عن خصائصه التي خصها الله تعالى له في الدين، ومن ذلك: أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر...............

24

 

 

 

 

                                                                                   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) والمقلد، لا يعذر في الدين، لأنه لا يفتي على الأصول، بل يفتي بما يخالف الأصول في الدين، والله المستعان.

([2]) وأهل التقليد، ليسوا من أهل الاجتهاد، فوقع عليهم الإثم، ولا بد؛ لأنهم يفتون الناس بغير علم في الأصول والفروع، والله المستعان.

([3]) فظن عدد من العلماء، أن صوم يوم عرفة، من المأمور به في الدين، وهو ليس كذلك، بل هو منهي عن صيامه في الإسلام.

     * لذلك فلم نفت بصيامه، لأنه يوم عيد في الشريعة، وثبت ذلك عن عدد من أئمة الحديث.

([4]) قلت: فعرضنا، صوم يوم عرفة على ما جاء به الرسول r، فرأيناه مخالفا له، فلم نقبله، وهو الحق.

([5]) أما المقلدة الذين دون العلماء المجتهدين، فليس لهم إلا الإثم، لأنهم: معاندون، ومتعصبون لآرائهم المخالفة للكتاب والسنة والآثار.

([6]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص318)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1342)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص6)، وابن ماجة في «سننه» (ج4 ص776)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص198)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص176)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج4 ص12)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص115) من طريق بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص به.

([7]) انظر: «تقريب الوصول إلى علم الأصول» للغرناطي (ص443).

([8]) كـ«حديث صوم يوم عرفة».

([9]) أي: في «صحيح مسلم» (ج2 ص146)، من حديث ابن عباس .

([10]) ولذلك ترى بعض العلماء إذا ذكروا حديثـا في صحيح مسلم؛ اكتفوا بكونه في «صحيح مسلم».

     وهذا الحافظ ابن القطان / عندما ذكر حديث: «الطهور شطر الإيمان»؛ قال في «بيان الوهم والإيهام» (ج2 ص377): (اكتفوا بكونه في مسلم، فلم يتعرضوا له، وقد بين الدارقطني، وغيره أنه منقطع فيما بين أبي سلام، وأبي مالك الأشعري). اهـ.

([11]) كـ«المتعالمين، والقصاصين، والحزبيين ممن تشبهوا بشيوخ الدين، وليسوا منهم في العلم، بل هؤلاء من المتخبطين، والآثمين في الدين، وهؤلاء وإن درسوا، وخطبوا، وحاضروا، فهم جهال في الدين»، والله المستعان.

([12]) انظر: «الفرق بين النصيحة والتعيير» لابن رجب (ص26).

([13]) حديث حسن.

     أخرجه ابن ماجة في «سننه» (34)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص410 و469)، وابن حبان في «صحيحه» (28).

     وإسناده حسن.

([14]) وقد قصر في هذا الأصل، كثير ممن يشتغل بعلم الحديث، في هذا العصر الحاضر، فيصححون أحاديث، فيها تناقض ظاهر مع أصول القرآن، وأصول السنة.

([15]) وانظر: على سبيل المثال، «السنن الكبرى» للبيهقي (ج8 ص149)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج1 ص160)، و(ج3 ص60 و361)، و(ج5 ص89)، و«التاريخ الأوسط» له (ج1 ص396 و439)، و(ج2 ص46 و81)، و«السنن» للدارقطني (ج1 ص472)، و«العلل الكبير» للترمذي (ص103)، و«الأحكام الوسطى» للإشبيلي (ج3 ص117)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج20 ص230)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص672)، و«إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص565)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج2 ص802)، و«التحقيق» لابن الجوزي (ج2 ص349)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج59 ص158)، و«منهاج السنة» لابن تيمية (ج4 ص380)، و«المسند» للبزار (ج9 ص335).

([16]) أثر صحيح.

     أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص564)، والخطيب في «الكفاية» (1313)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص186)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص69)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص404).

     وإسناده صحيح.

([17]) لأن أهل الحديث، يعلون الحديث، بمناقضة متنه، لأصول القرآن، أو أصول السنة الصحيحة.

([18]) وكم زيادة شاذة وجدت في صحيح مسلم؛ كما بين ذلك أهل العلم.

([19]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص283)، والترمذي في «سننه» (756)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2872)، وأحمد في «المسند» (ج6ص42)، وابن حبان في «صحيحه» (3608)، والبغوي في «شرح السنة» (1793).

([20]) انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (ص392).

([21]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص821).

([22]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1793).

([23]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1802).

([24]) انظر: «مرشد المحتار إلى خصائص المختار» لابن طولون (ص394)، و«الخصائص الكبرى» للسيوطي (ج2 ص336).

([25]) وكم زيادة شاذة وجدت في صحيح مسلم؛ كما بين ذلك أهل العلم.

([26]) انظر: «المجموع» للنووي (ج6 ص381).

([27]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (20).

([28]) وانظر: «المواهب اللدنية بالمنح المحمدية» للقسطلاني (ج2 ص655)، و«شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص73)، و«المجموع» للنووي (ج6 ص381)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص198).

([29]) انظر: كتاب «الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة» لابن حجر.

([30]) قلت: رحم الله شيخنا، لقد خفيت عليه هذه القاعدة النافعة بقوله: «بصوم يوم عرفة»، وهو حديث ضعيف على هذه القاعدة؛ لأن فيه يكفر: (السنة الباقية والمتأخرة)، بمثل لفظ: (وما تأخر)، والله المستعان.

([31]) حتى وصل الأمر بالأحزاب الفوضوية في هذا العصر؛ أنهم: يرون أن المظاهرات البدعية من الوسائل المشروعة لنصرة النبي r، ولهم في ذلك شبه واهية، لا يعضدها الدليل في الدين.

     * وهذه البدع تعتبر إساءة للرسول r، ولسنته r.

     وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص203)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج8 ص245)، و«الفتاوى الشرعية» له (ص137).

([32]) أثر حسن.

     أخرجه الدارمي في «المسند» (210).

     وإسناده حسن.

([33]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص66).

     وإسناده صحيح.

     وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص71)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص45).

([34]) وهذا من الجهاد الأكبر في نصرة النبي r في هذا العصر الحاضر على طريقة الشريعة المطهرة.

([35]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج13 ص196).

([36]) فكان لزاما على كل مسلم، أن يهب لنصرته r، والذود عن سنته r، وكشف دسائس المقلدين المتعصبين، ودك حصونهم، ودحض شبههم على وجه الأرض.

([37]) فلا بد من كشف عن الوسائل البدعية، التي اتخذها المقلدة المتعصبة بزعمهم، لنصرة الرسول r، ونصرة سنته r، وبيان ضعفها، وتهافتها على وجه الأرض.

([38]) فكان لزاما على طلبة السنة، معرفة سبيل المقلدين على وجه التفصيل، ومن ثم معرفة المنهج القويم لنصرة رسول الله r، ونصرة سنته.

     قلت: وبيان الآثار السلبية للتخلف عن نصرة النبي r.

([39]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج18 ص151).

([40]) انظر: «المجموع» للنووي (ج6 ص381).

([41]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (20).

([42]) وانظر: «المواهب اللدنية بالمنح المحمدية» للقسطلاني (ج2 ص655)، و«شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص73)، و«المجموع» للنووي (ج6 ص381)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص198).

([43]) انظر: كتاب «الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة» لابن حجر.

([44]) قلت: رحم الله شيخنا، لقد خفيت عليه هذه القاعدة النافعة بقوله: «بصوم يوم عرفة»، وهو حديث ضعيف على هذه القاعدة؛ لأن فيه يكفر: (السنة الباقية والمتأخرة)، بمثل لفظ: (وما تأخر)، والله المستعان.

([45]) وتمنع من يخالف ذلك، ويزعم أن: «صوم يوم عرفة، يكفر السنة المتقدمة، والسنة المتأخرة».

([46]) يعني: منعه من كل ما يؤذيه.

     انظر: «الصارم المسلول على شاتم الرسول» لابن تيمية (ص425).

([47]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ص327).

([48]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ص842).

     قلت: المنتصر، هو القائم بأمر النصرة للدين.

([49]) فيتحول حكم النصرة إلى الوجوب العيني في حق المتفرد بالعلم، والاحتساب.

     وانظر: «غرائب القرآن» للنيسابوري (ج2 ص227).

([50]) أثر صحيح.

     أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص253).

     وإسناده صحيح.

([51]) انظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص495).

     قلت: المنتصر له، هو المعتدى عليه.

([52]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج13 ص196)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص495).

([53]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص354).

([54]) ونعرف وسيلة وعلامة النصرة.

     * وعلامات النصرة: هي بذل الوسائل والطرق الشرعية، لتحقيق الغاية.

([55]) وهذه النصرة أيضا: تشمل، النصرة بالمال، أن تسهم في طباعة الكتب التي تنصر الرسول r، وتنصر سنته؛ مثل: طباعة كتبي في إبطال: «صوم يوم عرفة»، فإن ذلك من النصر، والتعزير، والتوقير للرسول r.

     قال تعالى: ]لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه[ [الفتح: 9].

([56]) وما ابتدع قوم بدعة إلا بشبهة وقرت في قلوبهم، وزينت لهم سوء عملهم.

     * وهذه الشبهة هي التي تحول بين المقلد، ورؤية السنة!.

     وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص288).

([57]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص426).

([58]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج7 ص261).

([59]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4183)، ومسلم في «صحيحه» (4817).

([60]) وانظر: «الفتاوى» لابنتيمية (ج3 ص347)، و«اقتضاء الصراط المستقيم» له (ج1 ص106).

([61]) فتأمل قوله /: فيهم من فيه فضل، وصلاح!.

     * كيف ذلك: دخلوا عليه بحكم هو بقوله للموافقة، فأوقعوه معهم، وهو لا يشعر.

([62]) وانظر: «الانتصار للنبي المختار» للعربي (ص346).

     قلت: حتى وصل الأمر المشين، بأهل الأهواء، أن التمسك بالسنة الصحيحة وتعليمها للمسلمين، يفرق الأمة!.

([63]) قلت: وإثارة العصبية، والنعرات الحزبية.

([64]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج7 ص211).

([65]) قلت: والبعد عن التأسي بسنته، ظلم.

     وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص391).

([66]) فلا عذر له لتقصيره في معرفة الحق.

([67]) انظر: «الانتصار للنبي المختار» للعربي (ص469).

([68]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2674).

([69]) والمراد بالجهل المركب: أن يعتقد العبد خلاف الحق، مع اعتقاده أنه على الحق، وهو جاهل بالحق، ولا يدري أنه جاهل به.

     * وهذا أشنع من الجهل البسيط الذي: هو عدم العلم بالحق، بمعنى خلو الذهن عنه.

     وانظر: «شرح القصيدة النونية» لابن هراس (ص65).

([70]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (107)، ومسلم في «صحيحه» (3).

([71]) بل سعى الحزبيون بأراجيفهم، وأكاذيبهم للنيل من أهل الأثر.

([72]) وانظر: «النكت والعيون» للماوردي (ج5 ص208).

([73]) وقد سلك المقلدون المرجفون من الحزبيين وغيرهم -نفس مسالك الذين من قبلهم من أهل الأهواء، في الطعن في دعاة السنة، مستغلين نفوذهم الإعلامي، لبث الشبه، لتنفير الناس منهم وعن سماع الحق، فينعتون بشر الأوصاف، والله المستعان.

([74]) وهذا بسبب الجهل بضوابط تطبيق السنة.

([75]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو داود في «السنن» (4474).

     وإسناده صحيح.

     والأثر صححه الشيخ الألباني في «الجامع الصحيح» (11521).

([76]) انظر: «عون المعبود» للعظيم آبادي (ج14 ص18).

([77]) وانظر: «أضواء البيان» للشيخ الشنقيطي (ج3 ص28).

([78]) انظر: «الفوائد» لابن القيم (ص153).

([79]) لذلك: فلا بد أن تعرف المجالات الصحيحة، لنصرة رسول الله r، ونصرة سنته r.

     قلت: لقد تضافرت هجمات المتنصبة المقلدة المتعصبة الشرسة في بلدانهم، على السنة الصحيحة في العصر الحاضر، من أجل التغطية على تعالمهم، والتغطية على جهلهم المركب، للحصول على مآربهم الدنيوية، ومناصبهم الاجتماعية.

     قلت: ومن هنا تعرف الحاجة الملحة، لكشف منهج المقلدة.

([80]) والرهبان: وهم جهال الجماعات الحزبية، قد اعترضوا على السنن الصحيحة، بالأحاديث الضعيفة، والفتاوى الباطلة.

([81]) مثل: إفتاء العامة، بصوم يوم عرفة وأنه يكفر: «السنة الماضية، والسنة الباقية»، وهذا من خصائص الرسول r، ومن حقوقه.

     قال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح: 1و2].

([82]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (332)، ومسلم في «صحيحه» (846).

([83]) وهذا الخوف من انتشار السنة الصحيحة، وأهلها في هذا العصر الحاضر، تمثل هذا الخوف، شاهدا حاضرا في نفوس المبتدعة بجميع أنواعهم في العالم.

([84]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص333).

([85]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص108).

([86]) قلت: فهذا يدل على الاعتداء على النبي r، والتنقص من مقامه.

([87]) انظر: «النكت والعيون» للماوردي (ج5 ص206).

([88]) ولا يدفع زيف الباطل، وكيد المسيء للسنة؛ إلا سلاح الردع: المتمثل في الجهاد بالحجة والبرهان.

     * وحين يتخلف أهل السنة عن واجب النصرة، يتجرأ الحزبيون على هذا الدين، ولا يرقبون فيه، وفي أهله؛ إلا، ولا ذمة.

     قال تعالى: ]كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون[ [التوبة: 8].

     وقال تعالى: ]إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا[ [الكهف: 20].

([89]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص250)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج28 ص215)، و«التحرير والتنوير» لابن عاشور (ج1 ص455).

([90]) وهذا صنيع أهل التعصب قديما وحديثـا.

([91]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (235).

([92]) وهذا عين ما تمارسه؛ وسائل المقلدة المتعصبة في بلدانهم.

([93]) حديث صحيح.

     أخرجه النسائي في «المجتبى» (4947).

     وإسناده صحيح.

     والحديث صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن النسائي» (ج3 ص346).

([94]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (9568).

([95]) ولا بد من النصرة لمحبة المنصور، لا للرياء، ولا للسمعة.

([96]) مجال النصرة هو ميدانها.

([97]) وحماية سنة الرسول r، من كل متربص لها.

     قلت: فيجب النصرة على الخصم المناوئ، المشاغب على السنة الصحيحة.

([98]) لأن من المتنصبة، من ينصر الرافضة، ثم يدعي أنه ينصر الرسول r، وهو كاذب في ذلك!.

     * ومنهم: من ينصر أهل البدع، ثم يدعي أنه ينصر أهل السنة، وهو كاذب في ذلك!.

     قلت: فحقيقة النصرة تختلف: وسيلة وغاية، ونية وطريقة، ومجالا وإيضاحا، وذلك بحسب اختلاف المنتصر له، والله المستعان.

([99]) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص210)، و«الصحاح» للجوهري (ج2 ص210)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج14 ص224 و225)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج17 ص73).

([100]) وانظر: «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض (ج2 ص133)، و«المنهاج» للنووي (ج2 ص138)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص80)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج8 ص228).

([101]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3482).

([102]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج6 ص172).

([103]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2571)، ومسلم في «صحيحه» (3328).

([104]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (867).

([105]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» «ج1 ص92).

     وإسناده صحيح.

([106]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص318)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1342)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص6)، وابن ماجة في «سننه» (ج4 ص776)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص198)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص176)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج4 ص12)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص115) من طريق بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص به.

([107]) انظر: «تقريب الوصول إلى علم الأصول» للغرناطي (ص443).

([108]) كـ«حديث صوم يوم عرفة».

([109]) أي: في «صحيح مسلم» (ج2 ص146)، من حديث ابن عباس .

([110]) ولذلك ترى بعض العلماء إذا ذكروا حديثـا في صحيح مسلم؛ اكتفوا بكونه في «صحيح مسلم».

     وهذا الحافظ ابن القطان / عندما ذكر حديث: «الطهور شطر الإيمان»؛ قال في «بيان الوهم والإيهام» (ج2 ص377): (اكتفوا بكونه في مسلم، فلم يتعرضوا له، وقد بين الدارقطني، وغيره أنه منقطع فيما بين أبي سلام، وأبي مالك الأشعري). اهـ.

([111]) كـ«المتعالمين، والقصاصين، والحزبيين ممن تشبهوا بشيوخ الدين، وليسوا منهم في العلم، بل هؤلاء من المتخبطين، والآثمين في الدين، وهؤلاء وإن درسوا، وخطبوا، وحاضروا، فهم جهال في الدين»، والله المستعان.

([112]) انظر: «الفرق بين النصيحة والتعيير» لابن رجب (ص26).

([113]) حديث حسن.

     أخرجه ابن ماجة في «سننه» (34)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص410 و469)، وابن حبان في «صحيحه» (28).

     وإسناده حسن.

([114]) حديث صحيح.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (3660)، والترمذي في «سننه» (4656): وصححه، ابن حبان في «صحيحه» (67)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (24)، عن زيد بن ثابت t.

([115]) حديث صحيح.

     أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (2)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص223)، وابن ماجة في «سننه» (32).

     وإسناده صحيح.

([116]) حديث صحيح.

     أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (5)، وأبو داود في «سننه» (4992)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص595)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص112).

     وإسناده صحيح.

([117]) حديث صحيح.

     أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (4).

     وإسناده صحيح.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan