الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / أنوار الفلاةفي تبيين حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة
أنوار الفلاةفي تبيين حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة
أنوار الفلاة
في تبيين
حكم قراءة الفاتحة
خلف الإمام في الصلاة
للعلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فإن الإسلام جاءنا بالهداية والتوفيق والفلاح لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وتحقيق السعادة الحقيقة لهم في الدنيا والآخرة، وتحذيرهم من الشرك والبدع والجهل والتعصب، وإيجاد المجتمع الصالح الملتزم بالدين في فروعه وأصوله، فكان أن أرسل الله رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ليقوم بالدعوة إلى الدين المتين، بدعوة الناس إلى التمسك بالكتاب والسنة، ويوضح لهم الحق بالبراهين، فأوضح لهم سبل الهداية، ونجاهم بتوفيق من الله تعالى من طرق الضلالة.
ثم خلف من بعده صلى الله عليه وسلم الخلاف والنزاع في بعض مسائل الدين منذ عهد الصحابة والتابعين وأتباعهم من الأئمة المجتهدين إلى يومنا هذا.
ثم من بين هؤلاء خرج أناس جهال فقووا الخلاف، وتعصبوا وثبتوا على ما اختاره أئمتهم، وأخذوا في حصر الصحة على مذهب إمامهم وإن خالف القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة الصريحة، وحكموا بخطأ مذهب من خالفهم وإن وافق الدلائل والحجج من الكتاب والسنة.
ولو ترك هؤلاء التعصب المذهبي، واعتمدوا دائما على الدليل الأقوى من الكتاب والسنة لتقلص الخلاف بين الأمة والله المستعان.
فنصيحتي إلى هؤلاء المتعصبين لمذاهبهم أن يقرؤا ليعرفوا أن أئمة المذاهب نهوا عن تقليدهم، فخالفهم هؤلاء المتعصبون المذهبيون، واتبعهم كل من سار على نهج الكتاب والسنة ولله الحمد والمنة.
وهذه الرسالة المسماة بـ((أنوار الفلاة في تبين حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة)) تتعلق بمسألة هامة في الفروع ألا وهي القراءة خلف الإمام في الصلاة، وهي من المسائل التي وقع فيها الخلاف والنزاع بين الأئمة، وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن القراءة خلف الإمام واجبة مطلقا في السرية والجهرية.
والثاني: أن القراءة خلف الإمام واجبة في السرية دون الجهرية.
والثالث: أن القراءة خلف الإمام لا تجب في السرية ولا في الجهرية.
وموضوع قراءة الفاتحة خلف الإمام لها أهمية عظيمة في الدين، لذا اعتنى كثير من العلماء قديما وحديثا بهذا الموضوع فألفوا الكتب على إختلاف مشاربهم ومناهجهم، وهي من أعلام المسائل في الفقه الإسلامي.
ولذلك فهي بحاجة إلى إنصاف وعدم تعصب لأي مذهب، ومناقشة للأدلة بعدل وإنصاف كما فعل الأئمة رحمهم الله رحمة واسعة.
على هذا يطيب لي ويسعدني أن أقدم لإخواننا المسلمين هذه الرسالة المتواضعة ليستفيدوا منها، ويراجعوا الصواب من قريب.
هذا وأبتهل إلى الله العلي القدير أن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع في خدمة سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويجعله خالصا لوجهه الكريم ويوفقني لما يحبه ويرضاه ولمزيد من خدمة كتابه وسنة رسوله إنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى الله على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أبو عبد الرحمن
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة
اعلم يا أخي المسلم وفقك الله، أن في قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أن القراءة خلف الإمام واجبة مطلقا في السرية والجهرية.
وبه قال: الإمام الشافعي([1])، واختاره البخاري([2])، والشوكاني([3])، وشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين ([4]) حفظه الله تعالى.
وقد استدلوا على ذلك بما يأتي:
(1) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج2 ص236)، وفي ((خلق أفعال العباد)) (ص167 و168 و169)، وفي ((جزء القراءة)) (ص3 و 4 و 5 و26)، ومسلم في ((صحيحه)) (ج1 ص295)، وأبو داود في ((سننه)) (ج1 ص217)، والترمذي في ((سننه)) (ج2 ص25)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ق/ 13 أ/ط)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج2 ص137)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص273)، وأحمد في ((المسند)) (ج5 ص314 و321)، والشافعي في ((الأم)) (ج1 ص207)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج ص38 و164)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص148)، وفي ((المعرفة)) (ق/162/ط) من عدة طرق عن الزهري أخبرني محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت....... فذكره بألفاظ عندهم.
(2)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن النبي ﷺ صلى بأصحابه فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه فقال: أتقرأون في صلاتكم والإمام يقرأ فسكتوا فقالها ثلاث مرات فقال قائل أو قائلون: إنا لنفعل قال فلا تفعلوا وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه».
حديث غير محفوظ
أخرجه البخاري في ((جزء القراءة)) (ص63)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص340)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج3 ص160 و164)، والخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) (ج13 ص175 و176)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص166)، وفي ((القراءة خلف الإمام)) (ص72)، وأبو يعلى في ((المسند)) (ج5 ص187 و188)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (ج2 ص119 –مجمع البحرين) من طرق عن عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك به.
قال الخطيب: هكذا روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن أيوب، وخالفه سلام أبو المنذر، فرواه عن أيوب عن أبي قلابة، عن أبي هريرة، وخالفهما الربيع بن بدر، رواه عن أيوب عن الأعرج عن أبي هريرة. ورواه إسماعيل بن علية وغيره عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي ﷺ مرسلا. ورواه خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي ﷺ عن النبي ﷺ. اهـ
قلت: ورواية خالد الحذاء رواها أحمد في ((المسند)) (ج5 ص410)، وأخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) (ج3 ص164) بهذا الإسناد.
وقال: سمع هذا الخبر أبو قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ وسمعه من أنس بن مالك، فالطريقان جميعا محفوظان. اهـ
وخالفه البيهقي فقال: إن طريق أبي قلابة عن أنس ليس بمحفوظة. اهـ
(3)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تمام».
أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (ج1 ص296)، وأبو داود في ((سننه)) (ج1 ص216)، والترمذي في ((سننه)) (ج5 ص201)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ق13 –أ/ ط)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج2 ص135 و136)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص273)، وأحمد في ((المسند)) (ج2 ص460)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (ج2 ص121)، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (ج2 ص126)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص215)، وأبو يعلى في ((المسند)) (ج11 ص402)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج3 ص98) من طريقين عن أبي هريرة به.
(3)، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «أتقرؤن خلفي قالوا: نعم يا رسول الله إنا لنهذه هذا قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن».
حديث حسن
أخرجه البخاري في ((جزء القراءة)) (ص18)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص79 و80) من طريق النصر بن محمد ثنا عكرمة ابن عمار ثنا عمرو ابن سعد عن عمرو بن شعيب به.
قلت: وهذا سنده حسن، من أجل عمرو بن شعيب بن محمد وهو صدوق؛ كما في ((التقريب)) لابن حجر (ص423).
وجه الاستدلال من هذه الأحاديث: قالوا: فهذه الأدلة دلت على وجوب قراءة الفاتحة، وهي عامة للإمام والمنفرد والمأموم.
القول الثاني:
أن القراءة خلف الإمام واجبة في السرية دون الجهرية. وبه قال الإمام مالك([5])، والإمام أحمد ([6])، والإمام إسحاق بن راهويه([7]).
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
(1) قال الله تعالى:} وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون{.
(2) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أن رسول الله خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال: «أقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا».
أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (ج1 ص303 و304)، وأبو داود في ((سننه)) (ج1 ص255، 258)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص276)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص141)، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (ج2 ص128، 129، 230)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج3 ص105) من طريق قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى به.
(3) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا».
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (ج1 ص165)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ق13 –أ/ ط)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج2 ص141 و142)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص276)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص377)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج3 ص105) من طريق أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(4) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة».
حديث ضعيف
أخرجه ابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص277)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (ج7 ص334)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص331)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص217)، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (ص320)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج2 ص542)، وابن المنذر في ((الأوسط))؛ تعليقا (ج3 ص102)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص155) من طريق جابر عن أبي الزبير عن جابر به.
قلت: وهذا سنده واه وله علتان:
الأولى: جابر وهو ابن يزيد بن الحارث الجعفي كذبه يحيى والجوزجاني وأبو حنيفة وقال النسائي متروك وقال أبو أحمد: ذاهب الحديث وقال ابن سعد: كان ضعيفا جدا في رأيه وروايته.
الثانية: أبو الزبير وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي وهو ودلس وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث. وصفه النسائي وغيره بالتدلس.
انظر: ((التهذيب)) لابن حجر (ج2 ص41)، و((تعريف أهل التقديس)) له (ص100)، و((الميزان)) للذهبي (ج1 ص379).
وقال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (ج 1 ص295): (هذا إسناد ضعيف، جابر هو ابن يزيد الجعفي متهم). اهـ
وبه أعله البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص156)، والألباني في ((الإرواء)) (ج2 ص269).
وأخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص331)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص160)، وفي ((المعرفة))؛ تعليقا (ج3 ص79)، وفي ((القراءة خلف الإمام)) (ص155 و156)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص217)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج6 ص2107)، والذهبي في ((الميزان)) (ج3 ص422) من طريق جابر وليث عن أبي الزبير عن جابر به.
قلت: وهذا سنده واه؛ كسابقه فيه جابر الجعفي تقدم، وليث وهو ابن أبي سليم الكوفي قال عنه: أحمد مضطرب الحديث وضعفه يحيى والنسائي وقال ابن حبان اختلط في آخر عمره، وعنعنه أبي الزبير.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج43 ص420).
وقال البيهقي: (جابر الجعفي وليث بن أبي سليم لا يحتج بهما وكل من تابعهما على ذلك أضعف منهما أو من أحدهما والمحفوظ عن جابر في هذا الباب). اهـ
ثم ساق حديث جابر موقوفا عليه.
وقال الدارقطني: (جابر وليث ضعيفان). اهـ
وبهما أعله الألباني في ((الإرواء)) (ج2 ص269).
وأخرجه أحمد في ((المسند)) (ج3 ص339)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص377) من طريق حسن بن صالح عن أبي الزبير عن جابر به.
بإسقاط جابر الجعفي. وفيه عنعنة أبي الزبير.
وذكره الزيلعي في ((نصب الراية)) (ج2 ص10) ثم قال: (ولكن في إسناده ضعف). اهـ
ومن طريق أحمد به: أخرجه ابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص320). بذكر جابر الجعفي.
وبه أعله ابن الجوزي.
وأخرجه محمد بن الحسن في ((الموطأ)) (ق21/ط)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص158)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص320)، وفي ((العلل المتناهية)) (ج1 ص428)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص402) من طريق سهل بن العباس الترمذي ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر به.
قلت: وهذا سنده واه فيه سهل بن العباس الترمذي وهو متروك.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج2 ص429).
وقال أبو عبد الله: (هذا الخبر باطل بهذا الإسناد .....، وإنما الحمل فيه على سهل بن العباس هذا فإنه مجهول لا يعرف). اهـــ
وقال الدارقطني: (هذا حديث منكر وسهل بن العباس متروك). اهـ
وقال ابن الجوزي: (هذا حديث لا يصح والترمذي متروك). اهـ
وأخرجه محمد بن الحسن في ((الموطأ)) (ق21/ط)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص217)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص159)، وفي ((القراءة خلف الإمام)) (ص147 و148)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص323 و324)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (ج1 ص340)، وفي ((الفقيه والمتفقه)) (ج1 ص225 و226)، وفي ((الموضح)) (ج2 ص401)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص320)، والخوارزمي في ((جامع المسانيد)) (ج1 ص331)، والحاكم في ((المعرفة)) (ص117 و178) من طريق أبي حنيفة النعمان بن ثابت حدثنا أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن جابر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده غير محفوظ.
قال الدارقطني: (لم يسنده عن موسى بن أبي عائشة غير أبي حنيفة والحسن بن عمارة وهما ضعيفان). اهـ
وقال البيهقي: (هكذا رواه جماعة عن أبي حنيفة موصولا، ورواه عبد الله بن المبارك عنه مرسلا دون ذكر جابر وهو المحفوظ). اهـ
وقال الخطيب: (فإن حديث عبادة هو الصحيح –تقدم تخريجه –وأما حديث جابر فتفرد بوصل إسناده عن موسى بن أبي عائشة أبو حنيفة، وقيل عن الحسن بن عمارة كذلك والحسن ضعيف جدا، والمحفوظ أن أبا حنيفة تفرد بوصله وخالفه الثقات الحفاظ منهم سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج وزائدة ابن قدامة وأبو عوانة الوضاح وأبو الأحوص سلام بن سليم وشريك بن عبد الله وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وأبو إسحاق الفزاري ووكيع بن الجراح فرووه عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي ﷺ لم يذكروا فيه جابرا والقول قولهم فلا تثبت بالحديث حجة لأنه مرسل). اهـ
وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج11 ص48): (وقد روى هذا الحديث أبو حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن جابر بن عبد الله عن النبي عليه السلام. ولم يسنده غير أبي حنيفة وهو سيء الحفظ عند أهل الحديث. وقد خالفه الحفاظ فيه. سفيان الثوري وشعبة وابن عيينة وجرير. فرووه عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرسلا. وهو الصحيح فيه الإرسال وليس مما يحتج به). اهـ
وقال ابن أبي حاتم في ((العلل)) (ج1 ص104 و105): (ذكر أبي حديثا رواه الثوري عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» قال أبي: هذا يرويه بعض الثقات عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن رجل من أهل البصرة. قال أبي ولا يختلف أهل العلم أن من قال موسى بن أبي عائشة عن جابر أنه قد أخطأ. قال أبو محمد قلت: الذي قال عن موسى بن أبي عائشة عن جابر فأخطأ هو النعمان بن ثابت. قال: نعم). اهـ
وأخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص325)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج2 ص706)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص148) من طريق الحسن بن عمارة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده كسابقه غير محفوظ.
قال الدارقطني: (الحسن بن عمارة متروك الحديث. وروى هذا الحديث سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل بن يونس وشريك وأبو خالد الدالاني وأبو الأحوص وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن مشداد مرسلا عن النبي ﷺ وهو الصواب). اهـ
وذكر نحوه البيهقي وقال: (الحسن بن عمارة متروك). اهـ
وقال ابن عدي: (وهذا لم يوصله فزاد في إسناده جابر غير الحسن بن عمارة وأبو حنيفة، وبأبي حنيفة أشهر منه من الحسن بن عمارة، وقد روى هذا الحديث عن موسى بن أبي عائشة غيرهما فأرسلوه). اهـ
وأخرجه ابن منيع في ((المسند)) من طريق إسحاق ازرق حدثنا سفيان وشريك عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر به.
قلت: وهذا سنده ظاهره الصحة، لكنه معلول.
قال الألباني في ((الإرواء)) (ج2 ص272): (وهو عندي معلول، فقد ذكر ابن عدي كما تقدم وكذا الدارقطني والبيهقي أن سفيان وشريكا روياه مرسلا دون ذكر جابر فذكر جابر في إسناد ابن منيع وهم، وأظنه من إسحاق الأزرق، فإنه وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن سعد: ربما غلط، وقد قال ابن أبي شيبة في المصنف (1/149/2): نا شريك وجرير عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد قال: قال رسول الله ﷺ. فذكره مرسلا لم يذكر جابرا). اهـ
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص154 و155) من طريق العباس بن عزيز بن سيار القطان المروزي نا عتيق بن محمد النيسابوري نا حفص بن عبد الرحمن عن أبي شيبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعا به.
قال البيهقي: (قيل هذه الرواية إن سلمت من العباس القطان هذا فإني لا أعرفه بعد العد فلا تسلم من أبي شيبة عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي.
قال أحمد بن حنبل رحمه الله: أبو شيبة ليس بشيء منكر الحديث. وقال يحيى بن معين عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي متروك وجرحه أيضا البخاري وأبو عبد الرحمن السنائي وغيرهما من أهل العلم بالحديث، وإذا كنا لا نقبل رواية المجهولين فكيف نقبل رواية المجروحين، لا نقبل من الحديث إلا ما رواه من ثبتت عدالته وعرف بالصدق رواته وقد رواه أيوب بن الحسن ومحمد بن يزيد السلمي عن حفص بن عبد الرحمن مرسلا). اهـ
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) أيضا (ص158 و159) من طريق محمد بن أحمد الماليني نا محمد بن أشرس نا عبد الله بن عمر عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده مظلم مسلسل بالعلل:
الأولى: محمد بن أحمد الماليني وهو مجهول.
الثاني: محمد بن أشرس السلمي متهم في الحديث.
الثالث: عبد الله بن لهيعة الحضرمي وهو ضعيف.
الرابعة: أبو الزبير مدلس وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج3 ص485).
وقال البيهقي: (وروي بإسناد مظلم عن إبراهيم بن رستم عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن الفضل بن عطية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ﷺ. وإبراهيم بن رستم ونوح بن أبي مريم لهما من الإفراد والمنكرات ما يوجب ترك الاحتجاج بروايتهما. كيف وفي صحة هذه الرواية عنهما مقال لجهالة الراوي عن إبراهيم وكان محمد بن سرين يقول هذا الحديث دين فانظروا عن من تأخذون دينكم). اهـ
وأخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص218)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص327)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص159 و160)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص321) من طريق يحيى بن سلام ثنا مالك بن أنس عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه يحيى بن سلام البصري وهو ضعيف.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج4 ص380).
وقال الدارقطني: (يحيى بن سلام ضعيف، والصواب موقوف). اهـ
وقال أبو أحمد: (لم يرفعه عن مالك غير يحيى بن سلام وهو في الموطأ موقوف). اهـ
وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج11 ص48): (لم يرو هذا الحديث أحد من رواة الموطأ مرفوعا، وإنما هو في الموطأ موقوف على جابر من قوله، وانفرد يحيى بن سلام برفعه عن مالك ولم يتابع على ذلك.
والصحيح فيه أنه من قول جابر). اهـ
ثم أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص218)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص160)، وفي ((القراءة خلف الإمام)) (ص162 و163)، وسحنون في ((المدونة الكبرى)) (ج1 ص68) من طرق عن مالك وهو في ((الموطأ)) (ج1 ص84) عن وهب بن كيسان عن جابر موقوفا به.
قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.
وقال البيهقي: (هذا هو الصحيح عن جابر من قوله غير مرفوع، وقد رفعه يحيى بن سلام وغيره من الضعفاء عن مالك وذاك مما لا يحل روايته على طريق الاحتجاج به). اهـ
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص160) من طريق السري بن خزيمة نا إسماعيل بن موسى السدي نا مالك بن أنس عن وهب بن كيسان عن جابر. قال السري بن خزيمة وليس بمرفوع قال كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج إلا وراء الإمام. قال لنا أبو عبد الله فيما قرئ عليه سمعت أبا عبد الله يقول: سمعت السري بن خزيمة يقول: لا أجعل في حل من روى عني هذا الخبر مرفوعا فإنه في كتابي موقوف.
وقال أيضا: ما حدثت بهذا الحديث إلا هكذا (يعني موقوف) فمن ذكره عني مسندا فقد كذب.
قلت: ثم أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص218)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص161) من طريق إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي يقول: قلت: لمالك في هذا الحديث مرفوع هو فقال: خذوا برجله.
قال الإمام أحمد رحمه الله: (هذه الحكاية عن مالك تكذب رواية من رواه مرفوعا). اهـ
وأخرجه الدارقطني في ((غرائب مالك))؛ كما في نصب الراية للزيلعي (ج2 ص10)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص161) من طريق أبي عصمة عاصم بن عصام خزان ثنا يحيى بن نصر با صاحب نا مالك بن أنس عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا به.
قال الدارقطني: (هذا باطل لا يصح عن مالك. ولا عن وهب بن كيسان وفيه عاصم بن عصام لا يعرف). اهـ
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (خلط يحيى بن نصر في هذا الحديث من وجهين أحدهما في رفعه والأخر في تغيير لفظه، وله من ذلك أخوات كثيرة ولا جل ذلك سقط عن حد الاحتجاج برواياته). اهـ
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص162) من طريق محمد بن أشرس نا إبراهيم بن رستم وعلي بن الجارود بن يزيد قالا ثنا مالك بن أنس عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده واه فيه محمد بن أشرس وهو متهم.
وقال البيهقي: (محمد بن أشرس هذا مرمي بالكذب ولا يحتج بروايته. وهذا الحديث في الموطأ الذي صنفه مالك بن أنس وتداوله أهل العلم إلى يومنا هذا موقوف). اهـ
فحاصل هذا: أنه لا يصح شيء من هذه الطرق إلا طريق عبد الله بن شداد المرسلة، وما دونه فمرجوح، ولا أقول هذا على أنه يصح الاحتجاج بالمرسل بل المرسل من قسم الضعيف، وقد ذكر لهذا الحديث شواهد كما سوف تأتي في البحث قواه بها بعض الناس، وجميعها واهية والأسانيد الواهية لا يعتد بها مهما كثرت وتعددت ولا يجوز أن يستشهد بأحاديث المتروكين ولا المتهمين كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث، علما بأن المستشهدين بها لا يشرحون عللها لتعلم حقيقتها ولا يحكمون عليها بما يبين حالها، وإنما يكتفون بسردها فيحصل بذلك لبس للحق بالباطل.
وحديث عبد الله بن شداد المرسل:
أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص217)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص160)، وفي ((القراءة خلف الإمام)) (ص148)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص376) من عدة طرق عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي ﷺ مرسلا.
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر وأبي هريرة وابن عباس وابن مسعود وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وأبي الدرداء وعلي والنواس بن سمعان.
(1) أما حديث ابن عمر.
أخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص402)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص179)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (ج1 ص237)، وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (ج1 ص428) من طريق خارجة بن مصعب عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده واه فيه خارجة بن مصعب السرخسي وهاو أحمد وقال ابن معين ليس بثقة وقال أيضا كذاب وقال البخاري تركه ابن المبارك ووكيع وقال الدارقطني ضعيف.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج1 ص625).
وقال الدارقطني: (رفعه وهم والصواب عن أيوب وعن ابن علية أيضا). اهـ يعني وقفه.
ثم ساقه من طريق إسماعيل بن علية ثنا أيوب عن نافع وأنس بن سيرين أنهما حدثا عن ابن عمر بن موقوفا عليه.
وبهذا الإسناد أخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص181).
قلت: وكذلك هو في ((الموطأ)) (ج1 ص86) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل هل يقرأ أحد خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام. وإذا صلى وحده فليقرأ.
وبهذا الإسناد أيضا أخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص183). وأخرجه تمام في ((الفوائد)) (ج 1 ص341) من طريق أبي عمر ناشب بن عمرو نا مقاتل بن حيان عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده واه فيه ناشب بن عمرو قال عنه الدارقطني ضعيف وقال البخاري منكر الحديث. انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج4 ص239).
وأخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص218) من طريق جابر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده فيه جابر وهو الجعفي ضعيف جدا. قال أبو حنيفة: ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي.
انظر: ((القراءة خلف الإمام)) للبيهقي (ص157).
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص182) من طريق عثمان بن عبد الله القرشي نا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده واه فيه عثمان بن عبد الله القرشي قال ابن عدي: يروي الموضوعات عن الثقات.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج3 ص41).
وقال البيهقي: (قال لنا أبو عبد الله: عثمان بن عبد الله هذا الذي زعم أنه قرشي كذاب وقح ظاهر الكذب). اهـ
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص181) من طريق أبي عبد الرحمن محمد بن أحمد التميمي نا سويد بن سعيد أبو محمد حفظا نا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.
قال أبو عبد الرحمن التميمي: (هذا استخير الله تعالى أن أضرب على حديث سويد كله من أجل هذا الحديث الواحد في القراءة خلف الإمام). اهـ
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (سويد بن سعيد تغير في آخر عمره وكثرت المناكير في حديثه وهذا الحديث عند أصحاب عبيد الله بن عمر موقوف غير مرفوع). اهـ
وأخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص326)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص185)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص321) من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا به.
قال الدارقطني: محمد بن الفضل متروك.
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص184) من طريق أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن الفضل بن عطية عن سالم عن ابن عمر مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده واه فيه نوح بن أبي مريم المروزي قال عنه مسلم متروك وقال البخاري منكر الحديث وقال الحاكم وضع أبو عصمة حديث فضائل القرآن الطويل.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج4 ص279).
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) أيضا (ص185) من طريق أبي جعفر محمد بن عبد الله الماستني نا إسحاق بن منصور الكوسج نا أبو داود الحفري عن سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر مرفوعا به.
قال البيهقي: (ورفعه بهذا الإسناد باطل لا أصل له والحمل فيه على هذا الماستني، ورواه شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر موقوفا بمعناه). اهـ
وأخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (ج6 ص2396)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص185) من طريق معاوية عن يحيى عن الزهري عن سالم عن أبيه شك في رفعه قال به.
قلت: وهذا سنده واه فيه معاوية بن يحيى الصدفي قال عنه ابن معين ليس بشيء وقال أبو زرعة أحاديثه كلها مقلوبة وقال الدارقطني وغيره ضعيف وقال ابن حبان كان يسرق الحديث ويحدث بها ثم تغير حفظه.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج4 ص138).
وقال البيهقي: (معاوية بن يحيى الصدفي ضعيف لا يحتج به وقد شك في رفعه ورفعه بهذا الإسناد باطل والمحفوظ عن معمر وابن جريح عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: يكفيك قراءة الإمام فيما يجهر). اهـ
وخلاصة القول: أن الحديث لا يصح وقد ثبت من البحث المتقدم أن الصحيح من قول ابن عمر رضي الله عنهما.
(2) وأما حديث أبي هريرة.
أخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص332 و403)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص194)، وابن الأعرابي في ((المعجم)) (ج2 ص252)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص323) من طريق محمد بن عباد الرازي ثنا أبو يحيى التيمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به.
قلت: وهذا سنده واه وله علتان:
الأولى: محمد بن عباد الرازي وهو ضعيف.
الثاني: أبو يحيى إسماعيل بن إبراهيم التيمي قال عنه ابن نمير ضعيف جدا وقال ابن المديني ضعيف وكذا ضعفه غير واحد. انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج1 ص213)، و (ج4 ص590).
وقال الدارقطني: (أبو يحيى التيمي ومحمد بن عباد ضعيفان). اهـ
(3) وأما حديث ابن عباس.
أخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص333)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص322)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص196) من طريق عاصم بن عبد العزيز عن أبي سهيل عن عون عن ابن عباس مرفوعا به.
قال الإمام أحمد رحمه الله: (حديث ابن عباس هذا منكر، ورفعه وهم). اهـ
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص197) من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن علي بن كيسان عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعا به.
قال البيهقي: (قال لنا أبو عبد الله لم نسمع بعلي بن كيسان إلا في هذا الإسناد). اهـ
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (كيف يصح هذا عن ابن عباس وقد روينا عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: أقرأ خلف الإمام جهر أو لم يجهر). اهـ
(4) وأما حديث ابن مسعود.
أخرجه الطبراني في ((المعجم الأوسط))؛ كما في ((الإرواء)) للألباني (ج2 ص274)، والخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) (ج11 ص426)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص167) من طريق أحمد بن عبد الله بن ربيعة بن العجلان حدثنا سفيان بن سعيد الثوري عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود به.
قال الطبراني: لم يروه عن الثوري إلا أحمد بن عبد الله بن ربيعة.
وقال الخطيب: وهو شيخ مجهول.
قلت: فالإسناد ساقط.
(5) وأما حديث أبي سعيد الخدري.
أخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص198)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج1 ص316)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (ج2 ص118 –مجمع البحرين) من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده واه فيه عمارة بن جوين أبو هارون العبدي كذبه حماد بن زيد وقال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: ضعيف لا يصدق في حديثه وقال النسائي: متروك، وقال الجوزجاني أبو هارون كذاب مفتر.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج3 ص173).
وذكره الهيثمي في ((المجمع)) (ج2 ص111) ثم قال: (رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو هارون العبدي وهو متروك). اهـ
وقال الألباني في ((الإرواء)) (ج2 ص271): (وأبو هارون العبدي متروك، وقد رواه عنه معتمر موقوفا على أبي سعيد. رواه ابن أبي شيبة (1/150/1)). اهـ
(6) وأما حديث أنس بن مالك.
أخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص178) من طريق الحسن بن سهل البصري ثنا قطن بن صالح نا شعبة عن قتادة عن أنس به.
قلت: وهذا سنده واه فيه الحسن بن سهل البصري متهم بالوضع.
وأخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (ج2 ص203) من طريق عثمان بن عبد الله الأموي قال حدثنا غنيم بن سالم عن أنس بن مالك به.
قال ابن حبان: (غنيم بن سالم شيخ يروي عن أنس بن مالك العجائب، روى عنه المجاهيل والضعفاء، لا يعجبني الرواية عنه فكيف الاحتجاج به، وكيف يجوز الاحتجاج بمن يخالف الثقات في الروايات). اهـ
(7) وأما حديث أبي الدرداء.
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (ق13 –ب/ظ)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج2 ص142)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص332)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص322)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص171) من طريق زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح ثنا أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عن أبي الدرداء مرفوعا به.
قال النسائي: (هذا عن رسول الله ﷺ خطأ أنما هو قول أبي الدرداء). اهـ
وقال الدارقطني: (كذا قال وهو وهم من زيد بن الحباب والصواب فقال أبو الدرداء: ما أرى الإمام إلا قد كفاهم). اهـ
ثم ساق الدارقطني من طريق ابن وهب حدثني معاوية بهذا قال: فقال أبو الدرداء: «يا كثير ما أرى الإمام إلا قد كفاهم».
وأخرجه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص162 و163)، وفي ((القراءة خلف الإمام)) (ص171) من طريق أبي صالح حدثني معاوية بن صالح حدثني أبو الزاهرية حدثني كثير بن مرة الحضرني قال سمعت أبا الدرداء مرفوعا به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه عبد الله بن صالح بن محمد الجهني كاتب الليث كثير الغلط كما في ((التقريب)) لابن حجر (ص308).
وقال البيهقي: (كذا رواه أبو صالح كاتب الليث وغلط فيه وكذلك رواه زيد بن الحباب في إحدى الروايتين عنه وأخطأ فيه والصواب أن أبا الدرداء قال ذلك لكثير بن مرة). اهـ
ثم ساق البيهقي الموقوف.
وأخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص174 و175) من طريق معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس قال سأل رجل أبا الدرداء فذكره مرفوعا.
قال البيهقي: (تفرد به معاوية بن يحيى الصدفي وهو متروك جرحه يحيى بن معين وعلي بن المديني والبخاري وأبو عبد الرحمن النسائي). اهـ
(8) وأما حديث علي بن أبي طالب.
أخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص330)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص187)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص321) من طريق غسان بن الربيع عن قيس بن الربيع عن محمد بن سالم عن الشعبي عن الحارث عن علي به.
قلت: وهذا سنده مظلم وله علل:
الأولى: غسان بن الربيع الأزدي وهو ضعيف.
الثانية: قيس بن الربيع الأسدي قال عنه يحيى: ضعيف وقال أحمد: كثير الخطأ وله أحاديث منكرة، وقال النسائي: متروك وكان وكيع وعلي بن المديني يضعفانه.
الثالثة: محمد بن سالم الحمداني قال الذهبي عنه ضعفوه جدا.
الرابعة: الحارث وهو ابن عبد الله الأعور قال عنه أبو إسحاق والشعبي وابن المديني: كذاب وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي. وقال ابن الجنيد: أضعف القوم الحارث عن علي بن أبي طالب.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج1 ص434)، و (ج3 ص334 و393 و556)، و((التهذيب)) لابن حجر (ج2 ص126)، و((الضعفاء)) لابن الجوزي (ج1 ص181)، و((الضعفاء الكبير)) للعقيلي (ج1 ص208).
وقال الدارقطني: (تفرد به غسان وهو ضعيف، وقيس ومحمد بن سالم ضعيفان والمرسل الذي قبله أصح منه). اهـــ يعني مرسل الشعبي.
أخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص330) من طريق علي بن عاصم عن محمد بن سالم عن الشعبي قال: قال رسول الله ﷺ: «لا قراءة خلف الإمام».
قلت: وهذا سنده ضعيف جداوله ثلاث علل:
الأولى: علي بن عاصم الواسطي، قال عنه يزيد بن هارون ما زلنا نعرفه بالكذب وقال ابن معين ليس بشيء وقال النسائي متروك الحديث وقال البخاري ليس القوي.
الثانية: محمد بن سالم ضعيف تقدم.
الثالثة: الإرسال.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج3 ص135).
(9) وأما حديث النواس بن سمعان.
أخرجه البيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص201) من طريق عبد الله بن حماد أنبأ سليمان بن سلمة عن محمد بن إسحاق الأندلسي أنبأ مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن النواس بن سمعان به.
قلت: وهذا سنده واه فيه محمد بن إسحاق بن إبراهيم العكاشي ويقال له الأندلسي قال عنه البخاري: منكر الحديث وقال ابن معين: كذاب وقال الدارقطني: يضع الحديث.
انظر: ((الميزان)) للذهبي (ج3 ص476).
وقال البيهقي: (هذا إسناد باطل فيه من لا يعرف ومحمد بن إسحاق هذا إن كان هو العكاشي فهو كذاب يضع الحديث). اهـ
قلت: هو العكاشي بعينه.
وخلاصة القول في الحديث أن أسانيده واهية لا يقوي بعضها بعضا، لأن الذي ضعفه ناشئ عن تهمة أو جهالة إذا كثرت طرقه ارتقى عن مرتبة المردود والمنكر الذي لا يجوز العمل به بحال.
وبعد الذي شرحت لك من علة هذا الحديث تعلم أن تحسين مثل هذا في غابة البعد.
قال ابن حزم في ((المحلى)) (ج3 ص242): (وقد جاءت أحاديث ساقطة كلها فيها: «من كان له إمام فإن قراءة الإمام له قراءة» وفي بعضها: «ما أرى الإمام إلا قد كفاه» وكلها إما مرسل، وإما من رواية جابر الجعفي الكذاب، وإما عن مجهول ولو صحت كلها لكان قوله عليه السلام: «لا تفعلوا إلا بأم القرآن» كافيا في تأليف جميعها. اهـ
وقال أبو موسى الرازي: لم يصح فيه عندنا عن النبي ﷺ شيء إنما اعتمد مشايخنا فيه على الروايات عن علي وعبد الله بن مسعود والصحابة رضي الله عنهم). اهـ
قلت: ولم يصح فيها شيء كما تقدم.
وقال ابن حجر في ((التلخيص)) (ج1 ص232): حديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» مشهور من حديث جابر، وله طرق عن جماعة من الصحابة، وكلها معلولة. اهـ
(2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله ﷺ انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفا فقال رجل نعم يا رسول الله قال إني أقول مالي أنازع القرآن قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله ﷺ فيما جهر فيه النبي ﷺ بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله ﷺ».
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (ج1 ص218)، والترمذي في ((سننه)) (ج2 ص118)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ق13 –ب/ط)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج2 ص140 و141)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص276)، وأحمد في ((المسند)) (ج 2 ص284)، ومالك في ((الموطأ)) (ج1 ص86 و87)، والبيهقي في ((السنن)) (ج2 ص157)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (ج2 ص175) من طريق الزهري عن ابن أكمة الليثي عن أبي هريرة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وجه الاستدلال من هذه الأحاديث:
قالوا: فهذه الأدلة دلت على أن المأموم مأمور بالإنصات لقراءة الإمام متابعة له، وهي عام لجميع القرآن ولم يخص بذلك الفاتحة فإذا قرأ الإمام في الصلاة وجب على المأموم الإنصات له، فدل على سقوط القراءة عن المأموم في الصلاة فيما جهر به الإمام.
القول الثالث:
أن القراءة خلف الإمام لا تجب في السرية ولا في الجهرية. وبه قال الحنفية ([8]).
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
(1) قال الله تعالى: }فاقرءوا ما تيسر من القرآن{ ]المزمل آية: 20[.
وجه الاستدلال من الآية: أن الله تعالى أمر بقراءة ما تيسر من القرآن مطلقا. وعلى هذا القول يكفي قراءة قل هو الله أحد.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة».
حديث ضعيف
تقدم تخريجه (ص18).
الترجيح:
الراجح هو القول الأول في أن المأموم تجب عليه قراءة الفاتحة مطلقا في السرية والجهرية لقوة الأدلة.
ويؤيد هذا القول: حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه وهو الفاصل في قطع النزاع، وهو أيضا نص في الموضوع.
ولفظه: «كنا خلف رسول الله ﷺ في صلاة الفجر فقرأ رسول الله ﷺ فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم هذا يا رسول الله قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها».
حديث حسن.
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (ج1 ص217)، والترمذي في ((سننه)) (ج1 ص117)، وأحمد في ((المسند)) (ج5 ص316)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج1 ص36)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص215)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج3 ص137 و141 و161)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج11 ص44)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص238)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج3 ص82)، وفي ((مصابيح السنة)) (ج1 ص331)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص318 و 319)، والبيهقي في ((القراءة خلف الإمام)) (ص56)، وفي ((المعرفة)) (ج3 ص81)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص209)، والبخاري في ((جزء القراءة)) (ص18 و 63)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (ج1 ص433)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج3 ص107)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص373)، وابن حزم في ((المحلى)) (ج3 ص236)، والطبراني في ((المعجم الصغير)) (ج1 ص230)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص325) من عدة طرق عن محمد بن إسحاق حدثني مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت به.
قلت: وهذا سنده حسن، من أجل محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وباقي رجاله ثقات.
وقال الترمذي: (حديث حسن).
وقال الدارقطني عقب الحديث: (هذا إسناد حسن).
وقال ابن حجر: (هذا حديث حسن).
وقال الخطابي: إسناده جيد لا مطعن فيه؛ كما في ((المجموع)) للنووي (ج3 ص366).
وقال البيهقي: (وقد رواه إبراهيم بعد سعد عن محمد بن إسحاق فذكر فيه سماع ابن إسحاق من مكحول فصار الحديث بذلك موصولا صحيحا). اهـ
وقال الحاكم: (إسناده مستقيم)؛ كما في ((خلاصة البدر المنير)) لابن الملقن (ج1 ص119).
والحديث حسنه البغوي في ((مصابيح السنة)) (ج1 ص231).
ولم ينفرد به محمد بن إسحاق، بل تابعه عليه زيد بن واقد أحد الثقات من أهل الشام، عند أبي داود في ((سننه)) (ج1 ص217)، والبخاري في ((جزء القراءة)) (ص18)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص164 و165)، وفي ((القراءة خلف الإمام)) (ص56)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص319).
وإسناده فيه نافع بن محمود بن الربيع وهو مستور؛ كما في ((التقريب)) لابن حجر (ص558).
قلت: فمثله حسن في المتابعات.
وأخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص320)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص329)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (ج29 ص292)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (ج1 ص434)، والبيهقي في ((المعرفة)) (ج3 ص82) من طريق مكحول وحرام بن حكيم عن نافع به.
قلت: وقد تابع مكحولا حرام هنا.
وأخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (ق13 –ب/ط)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج2 ص141) من طريق زيد بن واقد عن حرام بن حكيم عن نافع به.
وله شاهد:
أخرجه أحمد في ((المسند)) (ج5 ص410) من طريق عبد الله بن الوليد العدني ثنا سفيان ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب محمد ﷺ مرفوعا: «لعلكم تقرؤن والإمام يقرأ قالها ثلاثا قالوا إنا لنفعل ذاك قال فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب».
قلت: وهذا سنده حسن من أجل عبد الله بن الوليد العدني، وهو صدوق؛ كما في ((التقريب)) لابن حجر (ص328)، وباقي رجاله ثقات.
وقد حسنه ابن حجر في ((التلخيص)) (ج1 ص231)، وأحمد شاكر في ((شرح سنن الترمذي)) (ج2 ص117).
وتابعه عليه أبو حذيفة به، عند البيهقي في ((المعرفة)) (ج3 ص83). وتابعه عليه أيضا مسدد عن يزيد بن زريع به، عند ابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج11 ص45) بلفظ: «فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بأم القرآن في نفسه».
* وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني والثالث من الأدلة.
فالجواب عنها: هي أدلة عامة للفاتحة وغيرها، وحديث عبادة بن الصامت خاص بأنه يقرأ الفاتحة ولا تعارض بين العام والخاص فإن الخاص يخصص به العموم كما هو مقرر في أصول الفقه.
والجواب: عن حديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة».
فأقول:
أولا: الحديث ضعيف كما تقدم فلا يحتج به.
ثانيا: على فرض صحته فإنه عام وحديث عبادة بن الصامت خاص.
قال ابن حزم في ((المحلى)) (ج3 ص242): (وقد جاءت أحاديث ساقطة كلها فيها: «من كان له إمام فإن قراءة الإمام له قراءة» وفي بعضها: «ما أرى الإمام إلا قد كفاه» وكلها أما مرسل، وأما من رواية جابر الجعفي الكذاب، وأما عن مجهول ولو صحت كلها لكان قوله عليه السلام: «لا تفعلوا إلا بأم القرآن» كافيا في تأليف جميعها). اهــ
وقال البيهقي في ((المعرفة)) (ج3 ص80): (أن النبي ﷺ إنما جعل قراءة الإمام له قراءة في قراءة السورة، وفي الجهر بالقراءة دون قراءة الفاتحة.
وخبر عبادة مفسر، ذكر فيه ما نهى عنه وما أمر به، فهو أولى من غيره). اهـ
تنبيه: ولا يعارض حديث عبادة بن الصامت، حديث أبي هريرة: «أنه قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله ﷺ فيما جهر فيه» فإن المراد انتهوا عن قراءة ما سوى الفاتحة وكانوا بالأول يقرؤون كما يقر الإمام ويخالجون الإمام وينازعونه القراءة. قاله شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى في ((شرح زاد المستقنع)) (ص35).
والحمد لله أولا وآخرا كما يحب ربنا ويرضى وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.
([1]) انظر: ((المجموع)) للنووي (ج3 ص364)، و((المغني)) لابن قدامة (ج1 ص600)، و((المحلى)) لابن حزم (ج3 ص239)، و((بداية المجتهد)) لابن رشد (ج1 ص154)، و((الأم)) للشافعي (ج1 ص107)، و((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج1 ص119).
([5]) انظر: ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج1 ص118)، و((بداية المجتهد)) لابن رشد (ج1 ص154)، و((الأوسط)) لابن المنذر (ج3 ص106)، و((الاستذكار)) لابن عبد البر (ج2 ص186).