الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / جزء فيه: تخريج حديث: صوم يوم عرفة
جزء فيه: تخريج حديث: صوم يوم عرفة
|
||||
جزء فيه:
تخريج حديث: صوم يوم عرفة
تخريج:
أبي حسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله له، ولوالديه، ولشيخه، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
عونك يا رب يسر
المقدمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على أشرف خلقه نبينا محمد r، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فالعلم بحديث رسول الله r: وروايته من أشرف العلوم، وأفضلها، وأحقها بالاعتناء لمحصلها؛ لأنه ثاني أدلة علوم الإسلام، ومادة علوم الأصول والأحكام، فهو لعلوم الإسلام أصل وأساس، ولذلك لم يزل قدر حفاظه عظيما وخطرهم عند علماء الأمة جسيما.([1])
قلت: وقد اعتنى به أهل الحديث قديما وحديثا؛ فهم: المرجع في معرفة الصحيح من السقيم.([2])
قال الإمام ابن الوزير / في «الروض الباسم» (ج1 ص234): (تبين لك أن المحدثين هم الذين اختصوا بالذب عن السنن النبوية، والمعارف الأثرية، وحموا حماها من أكاذيب الحشوية، وصنفوا كتب الموضوعات، وناقشوا في دقائق الأوهام حفاظ الثقات، وعملوا في ذلك أعمالا عظيمة، وقطعوا فيها أعمارا طويلة).اهـ
وقال السيوطي الشافعي / في «تدريب الراوي» (ج1 ص37): (فإن علم الحديث رفيع القدر، عظيم الفخر، شريف الذكر، لا يعتني به إلا كل حبر، ولا يحرمه إلا كل غمر، ولا تفنى محاسنه على ممر الدهر). اهـ
وقال ابن الملقن الشافعي / في «المقنع في علوم الحديث» (ج1 ص37): (فالعلم بحديث رسول الله r، وروايته من أشرف العلوم، إذ هو ثاني الأساس، والمقدم على الإجماع والقياس). اهـ
قلت: ولما كانت السنة النبوية هي: المصدر الثاني من مصادر التشريع أحببت أن أبتدئ سلسلتنا: «سلسلة روائع البحار في تخريج الآثار» بتخريج حديث صوم يوم عرفة؛ تخريجا مختصرا.
راجيا بذلك من الله تعالى أن يحشرني في زمرة المحدثين تحت لواء إمامنا ونبينا محمد يوم يدعى كل أناس بإمامهم.
قال تعالى: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن العظيم» (ج3 ص56)؛ عند قوله عز وجل: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]: (قال بعض السلف: هذا أكبر شرف (لأصحاب الحديث)؛ لأن إمامهم النبي r). اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «البدور السافرة في أمور الآخرة» (ص73): (باب: لكل طائفة إمام يقدمهم: قال الله تعالى: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71] قال بعض السلف: هذا أكبر شرف (لأصحاب الحديث)؛ لأن إمامهم النبي r). اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج10 ص252)؛ عند قوله تعالى: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]: (قالوا: فيه شرف (لأصحاب الحديث)؛ لأن إمامهم النبي r). اهـ
وفي الختام: لا يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى شيخي العلامة الجليل والمحدث الأصيل فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري حفظه الله على تفضله بمراجعة هذا البحث، فجزاه الله عني خير ما جزى شيخا عن تلميذه.
والله نسأل أن يجعل عملنا كله صالحا، وأن يجعله لوجهه الكريم خالصا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أبو الحسن علي بن حسن العريفي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
ذكر الدليل على تضعيف حديث: صوم يوم عرفة
عن أبي قتادة رضي الله عنه رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى عمر رضي الله عنه، غضبه، قال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: «لا صام ولا أفطر» - أو قال - «لم يصم ولم يفطر» قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يوما؟ قال: «ويطيق ذلك أحد؟» قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يوما؟ قال: «ذاك صوم داود عليه السلام» قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: «وددت أني طوقت ذلك» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».
حديث منكر
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص476 ح1162)، وأبو داود في «سننه» (ص374 ح2425)، والترمذي في «سننه» (ص435 ح749)، والنسائي في «سننه الكبرى» (ج2 ص153 ح2813)، وفي «المجتبى» (ص370 ح2383)، وابن ماجة في «سننه» (ص261 ح1730)، وأحمد في «مسنده» (ج2 ص713 ح22904)، وابن حبان في «صحيحه» (ص1000 ح3632)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج2 ص1003 ح2087)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (ج6 ص350 ح8463)، وفي «سننه الصغرى» (ج1 ص365 ح1447)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص313 ح3483)، وفي «فضائل الأوقات» (ص358 ح184)، والطيوري في «الطيوريات» (ص191 ح339)، وحنبل بن إسحاق في «جزئه» (ص78 ح27)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص155 ح9802)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص128 ح3192)، و(ج2 ص129 ح3139)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص162 ح257)، وأبو يعلى الفراء في «جزئه» (ص85 ح64)، وابن قدامة المقدسي في «فضل يوم التروية وعرفة» (ق/68/ط/ب) من طريق حماد بن زيد، وشعبة، ومهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده إذا نظرت إلى رجاله رأيتهم من الثقات؛ إلا أنه منقطع بين عبد الله بن معبد الزماني، وأبي قتادة رضي الله عنه.
قال الإمام البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج3 ص68): (وروى غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف سماع عبد الله بن معبد من أبي قتادة). اهـ
وقال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص198): (عبد الله بن معبد الزماني البصري، عن أبي قتادة، روى عنه حجاج بن عتاب، وغيلان بن جرير، وقتادة، ولا نعرف سماعه من أبي قتادة). اهـ
وقال الإمام البخاري / في «التاريخ الأوسط» (ج1 ص411): (ورواه عبد الله بن معبدالزماني، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم: في صوم عاشوراء، ولم يذكر سماعا من أبي قتادة). اهـ
ونقل عبارة الإمام البخاري وأقرها كل من: ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج3 ص671)، والذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج2 ص7)، وفي «المغني في الضعفاء» (ج1 ص358)، وفي «ديوان الضعفاء» (ص229)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج2 ص305)، وابن عدي في «الكامل» (ج5 ص372)، والعراقي في «تحفة التحصيل» (ص187).
قلت: وعبارة الإمام البخاري معروفة عند «أهل الحديث»؛ فهي تدل على الانقطاع.
قلت: وقد أكثر الإمام البخاري / من إعلال الأحاديث بالانقطاع؛ كما هو مشاهد منه في كتبه.
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص76)، عن الإمام البخاري: (فقد أكثر – يعني: الإمام البخاري - من تعليل الأحاديث في «تاريخه» بمجرد ذلك).اهـ
قلت: وعبارة الإمام البخاري / صحيحة حيث لم أجد ما يدل على سماع ابن معبد من أبي قتادة رضي الله عنه.
قلت: فالحديث لا يصح؛ لأنه قد فقد شرطا من شروط الصحة، ومن المقرر عند «أهل الحديث» أن الحديث الصحيح هو ما اجتمع فيه هذه الشروط:
(1) اتصال السند في جميع طبقاته.
(2) ثقة رواته، وعدالتهم.
(3) عدم الشذوذ.
(4) عدم العلة.([3])
قلت: وقد أرسل عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة رضي الله عنه، ولم يثبت سماعه، والسند المعنعن غير متصل حتى يثبت اللقاء، والسماع بين التلميذ وشيخه، وهذا الذي عليه جمهور «أهل الحديث»، كما هو معروف، وهو الصحيح، وهو شرط الإمام البخاري /.([4])
قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص128): (وهذا الذي صار إليه «مسلم»، قد أنكره المحققون، وقالوا: هذا الذي صار إليه ضعيف، والذي رده هو المختار الصحيح الذي عليه أئمة هذا الفن علي بن المديني، والبخاري، وغيرهما).اهـ
قلت: فإذا ثبت علة الإسناد بالانقطاع، ثبت ضعف الحديث، كما هو معروف في «أصول الحديث».
والله ولي التوفيق
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على تضعيف حديث: صوم يوم عرفة............................... |
8 |
([1]) وانظر: «المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي» لابن جماعة الشافعي (ص45)، و«جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير (ج1 ص36 و37)، و«الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم» لابن الوزير (ج1 ص6 و7).