الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / جزء فيه تخريج؛ حديث: صوم يوم عرفة
جزء فيه تخريج؛ حديث: صوم يوم عرفة
سلسلة روائع البحار في تخريج الآثار |
2 |
جزء فيه
تخريج؛ حديث:
صوم يوم عرفة
تخريج:
أبي صالح أيمن بن صالح بن أحمد الأثري
غفر الله له، ولشيخه، ولوالديه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
فهذا جزء مختصر في تخريج حديث: «صوم يوم عرفة يكفر سنتين»، وبينا فيه علته على منهج أهل الحديث والأثر: مستشهدين عليه بكلام أهل الحديث من علماء الجرح والتعديل، السابقين الأولين سادات هذا الفن، وأئمته ونحن على آثارهم سائرون مقتدون، وعلى طريقتهم متدينون.
* ونسأل الله تعالى أن يبارك لنا فيما رزقنا به من نور العلم، ويزيدنا بسطة ورفعة فيه.
* ولا ننسى أن نشكر شيخنا العلامة المحدث فوزي الحميدي الأثري؛ لأنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس، وخاصة أنه صاحب الفضل علينا بعد الله تعالى في تعلم هذا العلم العظيم، والسير به على الصراط المستقيم، فتكرم علينا بمراجعة هذا البحث المختصر؛ فزادنا بهذا شرفا، فجزاه الله عنا، وعن المسلمين خير الجزاء: إنه جواد كريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو صالح الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن
ذكر الدليل على معرفة علة حديث: صوم يوم عرفة
عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة: رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تصوم؟، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه، قال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، نعوذ بالله من غضب الله، وغضب رسوله فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟، قال: "لا صام ولا أفطر"، أو قال: "لم يصم ولم يفطر"، قال: كيف من يصوم يومين، ويفطر يوما؟ قال: "ويطيق ذلك أحد؟"، قال: كيف من يصوم يوما، ويفطر يوما؟ قال: "ذاك صوم داود عليه السلام"، قال: كيف من يصوم يوما، ويفطر يومين؟ قال: "وددت أني طوقت ذلك"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».
حديث ضعيف، معلول
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ح1162)، وأبو داود في «سننه» (ح2425 و2426)، والترمذي في «سننه» (ح749)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ح2826)، وابن ماجة في «سننه» (ج3 ح1730)، وأحمد في «المسند» (ج16 ح22520)، وأبو عوانة في «مسنده» (ج2 ح2924 و2925 و2926 و2949 و2950)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ح3631»، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ح8380 و 8399)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ح1447)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ح3483)، وفي «فضائل الأوقات» (184)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج2 ح2087)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ح9714)، والطيوري في «الطيوريات» (ج2 ح339)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ح3192 و3193 و3220 و3221 و3222)، وأبو يعلى الفراء في «الأمالي الستة»، والبغوي في «شرح السنة» (ج3 ح1783 و1784)، والطيالسي في «مسنده» (ج1 ص 635 و636)، والطبري في «تهذيب الآثار» (410)، و(461)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج3 ص397) و(ج8 ص492)، وابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (ج5 ص372)، والأصبهاني في «مشيخته» (ج1 ح257) من عدة طرق عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة رضي الله عنه به.
قلت: وهذا الحديث سنده منقطع ضعيف فيه، عبد الله بن معبد الزماني، وإن كان ثقة، لكنه لا يصح له سماع من أبي قتادة رضي الله عنه.
قال الإمام البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج5 ص97): (عبد الله بن معبد الزماني البصري: عن أبي قتادة، روى عنه حجاج بن عتاب، وغيلان بن جرير، وقتادة، ولا نعرف سماعه من أبي قتادة). اهـ
وقال الإمام البخاري / في «التاريخ الأوسط» (ج3 ص135): (ورواه عبدالله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم «في صوم يوم عاشوراء»، ولم يذكر سماعا من أبي قتادة). اهـ
وإليك كلام علماء الحديث رحمهم الله: في موافقتهم للإمام البخاري في ثبوت الانقطاع، بين عبد الله بن معبد الزماني، وأبي قتادة رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن عدي / في «الكامل في ضعفاء الرجال» (ج5 ص372): (سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: عبد الله بن معبد الزماني الأنصاري، عن أبي قتادة لا يعرف له سماع من أبي قتادة). اهـ
وقال الحافظ ابن عدي / في «الكامل في ضعفاء الرجال» (ج5 ص373): - بعد أن ذكر حديث عبد الله بن معبد عن أبي قتادة في صوم يوم عرفة يكفر سنتين–قال: (وهذا الحديث هو الذي أراده البخاري، أن عبد الله بن معبد لا يعرف له سماع من أبي قتادة). اهـ
قلت: ويتبين من كلام الإمام ابن عدي، أن مراد الإمام البخاري في إعلال سند عبد الله بن معبد عن أبي قتادة، هو نفس الحديث: الذي أورده الإمام مسلم في «صحيحه»؛ بأن صوم يوم عرفة يكفر سنتين، ولأن عبد الله بن معبد الزماني لم يرو عن أبي قتادة رضي الله عنه إلا في هذا الحديث، وهو: مرسل.
وقال الحافظ العقيلي / في «الضعفاء الكبير» (ج2 ص305): (قال البخاري: عبد الله بن معبد الزماني، روى عنه غيلان بن جرير، وقتادة، يحدث عن أبي قتادة، ولا يعرف سماعه من أبي قتادة). اهـ
وقال الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج2 ص452): (عبد الله بن معبد الزماني. من جلة التابعين. وثقه النسائي. يحدث عن أبي قتادة. قال البخاري: لا يعرف له سماع منه). اهـ([1])
وقال الحافظ ابن نقطة / في «تكملة الإكمال» (ج2 ص745): (فقال البخاري في «تاريخه»: روى عنه حجاج بن أرطاة، وغيلان بن جرير، وقتادة، لا يعرف سماعه من أبي قتادة). اهـ
وقال الحافظ العراقي في «تحفة التحصيل» (ص187): (عبد الله بن معبد الزماني، يروي عن أبي قتادة، روايته عنه في «صحيح» مسلم، وقال البخاري: لا يعرف له سماع منه). اهـ
قلت: وهذا إقرار من أئمة أهل الحديث، على ما ذكره الإمام البخاري من علة الانقطاع، بين عبد الله بن معبد، وأبي قتادة رضي الله عنه حيث ذكروا هذا الحديث في كتب الضعفاء، والمراسيل، وأعلوه: بالانقطاع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352)؛ عن أهل الحديث: (يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا علم علل الحديث، وهو من أشرف علومهم بحيث يكون الحديث، قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه). اهـ
هذا ما وسعني ذكره وأسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على معرفة علة حديث: صوم يوم عرفة............................ |
7 |