القائمة الرئيسة
الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / جزء فيه تخريج حديث: شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية

2024-11-04

صورة 1
جزء فيه تخريج حديث: شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية

       
 

                سلسلة

      روائع البحار في تخريج الآثار

 

 
 
    شكل بيضاوي: 14

 

 

 

 

 

 

 

 

جزء

فيه تخريج حديث: (شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية)

 

 

 

 

 

تخريج:

أبي الحسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري

غفر الله له، ولوالديه، ولشيخه، وللمسلمين

    

المقدمة

 

 

الحمد لله الذي سهل الحديث لهذه الأمة، وخص أهل الحديث منهم فجعلهم سادة وأئمة، والصلاة والسلام على المبعوث بالرحمة الذي كشف الله به الغمة، وعلى آله وأصحابه وأحبابه أولي الفضل والهمة.

أما بعد:

فهذا جزء حديثي في تخريج حديث: (شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية)؛ من سلسلتنا المباركة بإذن الله تعالى: «سلسلة روائع البحار في تخريج الآثار»، سرت فيه على طريقة أهل الحديث والأثر في إعلال الحديث المذكور، وبيان أنه حديث ضعيف([1]) مضطرب.

قلت: والاضطراب في الحديث لا يظهر؛ إلا بعد جمع طرق الحديث؛ إذن هو من العلل الخفية؛ فجمعتها، فوجدت الاضطراب فيه واضحا.([2])

قلت: والتعليل بالاضطراب من علم علل الحديث:

قال العلامة الشيخناصر الدين الألباني / في «الضعيفة» (ج3 ص135): (ولا يخفى على الخبير بهذا العلم الشريف أن هذا الاختلاف إنما يدل على أن المختلف عليه, وهو داود بن أبي هند لم يضبط هذا الحديث, ولم يحفظه جيدا, ولذلك اضطرب فيه على الوجوه الثلاثة التي بينتها, ولا يمكن أن يكون ذلك من الرواة عنه؛ لأنهم جميعا ثقات, فكل روى ما سمع منه, وإذا كان كذلك فالاضطراب دليل على ضعف الحديث, كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث؛ لأنه يشعر بأن راويه لم يحفظه). اهـ

وقال العلامة الألباني / في «تمام المنة» (ص263): (ومن المقرر في علم مصطلح الحديث أن الاضطراب دليل على ضعف الحديث، وعدم ضبط راويه له). اهـ

وقال الحافظ الزيلعي / في «نصب الراية» (ج1 ص353)؛ عن ضعف الحديث المضطرب: (فلا يقبل ما تفرد به، مع أنه قد اضطرب في إسناده ومتنه، وهو أيضا من أسباب الضعف!). اهـ

وقال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص193): (والاضطراب موجب ضعف الحديث؛ لإشعاره بأنه لم يضبط). اهـ

هذا: وأحمد الله عز وجل أن يسر لنا عالم من علماء أهل السنة والجماعة ألا وهو شيخنا العلامة المحدث فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري حفظه الله ورعاه، الذي ما زال ليله ونهاره في جهد جهيد، وعمل علمي سديد، يقرأ ويحقق، ويكتب ويخرج، ويصحح، ويضعف، ويراجع ويوثق، ويرتب وينسق، ويعلم ويشرح، وينصح ويوجه ... أسأل الله العظيم أن يجزيه خير الجزاء في الدنيا والآخرة.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

كتبه

أبو الحسن علي العريفي الأثري

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على ضعف حديث:

علاج عرق النسا

 

 

عن أنس بن مالك t: (أن النبي r كان يصف من عرق النسا([3]) ألية([4]) كبش عربي أسود، ليس بالعظيم ولا بالصغير، يجزأ ثلاثة أجزاء، فيذاب فيشرب كل يوم جزء). وفي رواية: (فيشرب كل يوم جزءا على ريق النفس). وفي رواية: (شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية).

حديث ضعيف مضطرب

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ص536 ح3463)، وأحمد في «المسند» (ج21 ص21 ح13295)، والبزار في «المسند» (ج13 ص264 ح6798)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص226 ح3189)، و(ج4 ص162 ح7549)، و([5])(ج4 ص162 ح7550)، و(ج4 ص321 ح8327)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج4 ص385 ح1554)، و(ج4 ص386 ح1555)، ومسدد في «المسند» (ج4 ص432-إتحاف الخيرة)، وأبو نعيم في «الطب النبوي» (ج2 ص507 ح493)، وفي «حلية الأولياء» (ج6 ص276)، وفي «أخبار أصبهان» (ج2 ص311)، وابن أبي شيبة في «المسند» (ج4 ص60-مصباح الزجاجة)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص60-مصباح الزجاجة)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص322)، والدارقطني في «العلل» (ج12 ص7 و8)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج1 ص283 ح600) من طريق الوليد بن مسلم، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وأبي أسامة حماد بن سلمة، ومعتمر، وروح بن عبادة، وحماد بن زيد، وابن عون جميعهم عن هشام بن حسان، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا إسناده ضعيف لاختلافه واضطرابه.

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص88)؛ ثم قال: (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح). اهـ

قلت: ولا يلزم من كون رجاله رجال الصحيح أن يكون الحديث صحيحا([6])؛ فهو فيه اختلاف واضطراب، ولا يصح.

وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج1 ص232)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج1 ص427)، والسيوطي في «جمع الجوامع» (ج4 ص290)، و(ج5 ص383)، و(ج13 ص25).

واختلف على هشام بن حسان في رفعه ووقفه:

* فرواه الوليد بن مسلم، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وأبو أسامة حماد بن سلمة، ومعتمر، وروح بن عبادة، وحمادبن زيد، وابن عون؛ جميعهم: عن هشام بن حسان، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك t به مرفوعا.

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ص536 ح3463)، وأحمد في «المسند» (ج21 ص21 ح13295)، والبزار في «المسند» (ج13 ص264 ح6798)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص226 ح3189)، و(ج4 ص162 ح7549)، و([7])(ج4 ص162 ح7550)، و(ج4 ص321 ح8327)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج4 ص385 ح1554)، و(ج4 ص386 ح1555)، ومسدد في «المسند» (ج4 ص432-إتحاف الخيرة)، وأبو نعيم في «الطب النبوي» (ج2 ص507 ح493)، وفي «حلية الأولياء» (ج6 ص276)، وفي «أخبار أصبهان» (ج2 ص311)، وابن أبي شيبة في «المسند» (ج4 ص60-مصباح الزجاجة)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص60-مصباح الزجاجة)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص322)، والدارقطني في «العلل» (ج12 ص7 و8)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج1 ص283 ح600).

** وخالفهم يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك به موقوفا.

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص276) من طريق عبد الله بن جعفر، ثنا أبو مسعود به.

قلت: فالرفع أصح؛ لمخالفة يزيد بن هارون الجماعة.

قلت: وقولنا الرفع أصح؛ لا نعني به صحة الإسناد، ألا فافهم.

قال الحافظ النووي / في «الأذكار» (ص186): (ولا يلزم من هذه العبارة أن يكون حديث صلاة التسبيح صحيحا، فإنهم يقولون: هذا أصح ما جاء في الباب، وإن كان ضعيفا، ومرادهم أرجحه، وأقله ضعفا). اهـ

وقال الإمام ابن القطان / في «بيان الوهم والإيهام» (ج2 ص262): (قول البخاري: أصح شيء، ليس معناه صحيحا، فاعلمه). اهـ

وشرحه الحافظ الزيلعي / في «نصب الراية» (ج2 ص217): (قال ابن القطان في «كتابه» هذا ليس بصريح في التصحيح، فقوله: هو أصح شيء في الباب؛ يعني: أشبه ما في الباب، وأقل ضعفا). اهـ

وقال الحافظ ابن سيد الناس / في «النفح الشذي شرح جامع الترمذي» (ج1 ص39): (قوله -أي: الترمذي-: (هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب)، لا يلزم منه أن يكون صحيحا عنده، وكذلك إذا قال: (أحسن)، لا يقتضي أن يكون حسنا). اهـ

واختلف على أنس بن سيرين في سنده:

(1) فرواه هشام بن حسان، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك t به.

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ص536 ح3463)، وأحمد في «المسند» (ج21 ص21 ح13295)، والبزار في «المسند» (ج13 ص264 ح6798)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص226 ح3189)، و(ج4 ص162 ح7549)، و([8])(ج4 ص162 ح7550)، و(ج4 ص321 ح8327)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج4 ص385 ح1554)، و(ج4 ص386 ح1555)، ومسدد في «المسند» (ج4 ص432-إتحاف الخيرة)، وأبو نعيم في «الطب النبوي» (ج2 ص507 ح493)، وفي «حلية الأولياء» (ج6 ص276)، وفي «أخبار أصبهان» (ج2 ص311)، وابن أبي شيبة في «المسند» (ج4 ص60-مصباح الزجاجة)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص60-مصباح الزجاجة)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص322)، والدارقطني في «العلل» (ج12 ص7 و8)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج1 ص283 ح600).

وتابع هشام بن حسان عليه:

أ- حبيب بن الشهيد:

أخرجه البزار في «المسند» (ج13 ص263 ح6797)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص308 ح2067)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص163 ح7551)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج4 ص386 ح1556)، وأبو نعيم في «الطب النبوي» (ج2 ص509 ح494)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج13 ص131)، والجرجاني في «تاريخ جرجان» (ص300)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج6 ص126)، والدارقطني في «العلل» (ج12 ص7) من طريق عبد الخالق بن أبي المخارق، حدثنا حبيب بن الشهيد، عن أنس بن سيرين، عن أنس به بألفاظ عندهم.

قلت: وهذا سنده منكر فيه عبد الخالق بن أبي المخارق، وهو مجهول؛ فهي متابعة لا يفرح بها.

ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج6 ص126)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص422)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل؛ فلا يعتد بتوثيقه.([9])

قال الحافظ البزار / في «المسند» (ج13 ص263): (وهذا الحديث لا نعلم رواه عن حبيب بن الشهيد إلا عبد الخالق بن أبي المخارق، وعبد الخالق بصري مشهور روى عنه عمرو بن عاصم الكلابي، وعثمان بن طالوت، وحفص بن محبوب وغيرهم، ولا روى حبيب، عن أنس بن سيرين، عن أنس، إلا هذا الحديث). اهـ

وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج13 ص129) من طريق المظفر بن نظيف، قال: حدثنا محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا أحمد بن بديل، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا هشام، عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده ساقط فيه؛ المظفر بن نظيف، قال عنه الأزهري: (كذاب).([10])

قال الحافظ الخطيب البغدادي /: (قد أخطأ المظفر بن نظيف على ابن مخلد في هذا الحديث خطأ فظيعا، وارتكب بما أتى من ذلك أمرا شنيعا؛ لأن ابن مخلد لم يرو عن أحمد بن بديل، ولا لقيه قط، وصواب هذا الحديث: ما أخبرناه).

ثم ساق الحديث من طريق آخر عن ابن مخلد، عن العباس بن يزيد، عن عبد الخالق بن أبي المخارق، عن حبيب بن الشهيد، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك t.

ب- أبو قبيصة: سكين بن يزيد.

ذكره الدارقطني في «العلل» (ج12 ص6).

قلت: ولم أقف على هذا الوجه، وأبو قبيصة هذا مجهول؛ لم أجد فيه جرحا ولا تعديلا.

ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص199)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص432)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل؛ فلا يعتد بتوثيقه.

(2) ورواه حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن معبد بن سيرين، عن رجل من الأنصار، عن أبيه به مرفوعا.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج34 ص346 ح20742)، و(ج34 ص347 ح20743)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج5 ص348 ح2921)، والدارقطني في «العلل» (ج12 ص8)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج7 ص416 ح6822) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وعفان بن مسلم، وهدبة بن خالد به.

قلت: وهذا سنده ضعيف فيه رجل لم يسم.

وذكره ضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج4 ص387)، وأبو نعيم في «الطب النبوي» (ج2 ص509).

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص88)؛ ثم قال: (رواه أحمد، وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح). اهـ

(3) ورواه منصور بن زاذان، عن أنس بن سيرين، عن عبد الله بن عمر به.

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج13 ص7641-جامع المسانيد لابن كثير).

قلت: ولم أجده في المطبوع من «المعجم الكبير» في طبعة: «حمدي السلفي»، ووجدته في المطبوع من «المعجم الكبير» في (المجلد الثالث عشر) من تحقيق فريق من الباحثين (ص239 ح13977).

قال أبو الحسن الأثري: وقد أخطأ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص88) حيث جعله من حديث عبد الله بن عمرو، قال: (رواه الطبراني، وقال: أسلاه يعني: أذابه. ورجاله ثقات)؛ فالصحيح أنه من حديث عبد الله بن عمر.

ومما يؤيد ذلك أيضا:

قال العلامة الهندي / في «كنز العمال» (ج10 ص33): «من اشترى أو أهدي إليه كبشا، فليقسمه([11]) على ثلاثة أجزاء، فيطعم كل يوم جزءا على الريق؛ إن شاء أسلأه([12])، وإن شاء أكله)، يعني: ألية الكبش يتداوى به من عرق النسا». "طب" عن ابن عمر). اهـ

وقال العلامة الصالحي الشامي / في «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد» (ج12 ص187): (وروى الطبراني في «الكبير» عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله r قال: «من اشترى أو أهدي له كبشا، فليقسمه على ثلاثة أجزاء، كل يوم جزءا على الريق؛ إن شاء أسلأه، وإن شاء أكله)، يعني: ألية الكبش يتداوى به من عرق النسا»). اهـ

(4) ورواه خالد الحذاء، عن أنس بن سيرين، قال: حدثني رجل من أصحاب النبي r لم يسمه.

ذكره الدارقطني في «العلل» (ج12 ص6).

وقال الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج12 ص6)؛ عندما سئل عن حديث أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: ذكر رسول الله r عرق النسا، فقال: يؤخذ ألية كبش عربي ليست بالصغيرة ولا بالكبيرة فلتذاب، فيشربه ثلاثة أيام.

فقال: (اختلف فيه على أنس بن سيرين:

فرواه حبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وأبو قبيصة: سكين بن يزيد، كوفي، يقال له: السجزي، وقع بالكوفة، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك.

وخالفهم خالد الحذاء، فرواه عن أنس بن سيرين، قال: حدثني رجل من أصحاب النبي r لم يسمه.

ورواه حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، عن النبي r، وعن أنس.

وأشبهها بالصواب قول حماد بن سلمة، والله أعلم). اهـ

قلت: فالحديث اضطرب فيه أنس بن سيرين، وهذا الاضطراب يكفي وحده في تضعيف الحديث.

قال الحافظ ابن أبي حاتم في «العلل» (ص1533): (وسألت أبي عن حديث الأنصاري محمد بن عبد الله، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس، عن النبي r؛ في عرق النسا؟.([13])

قال أبي: هذا وهم؛ رواه الوليد بن مسلم، عن هشام بن حسان، عن أنس بن سيرين، عن أنس؛ قال رسول الله r.

قال أبي: هذا خطأ بهذا الإسناد، والحديث: ما رواه حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن رجل من الأنصار،([14]) عن النبي r.

قال أبي: وهذا أصح). اهـ

وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «العلل» (ص1664): (وسألت أبي، وأبا زرعة عن حديث: رواه هشام بن حسان، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، عن النبي r؛ في عرق النسا.

فقلت: ورواه حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن رجل من الأنصار،([15]) عن النبي r؟

فقالا: الصحيح حديث حماد بن سلمة). اهـ

وقال العلامة مقبل الوادعي / في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (ج1 ص97): (هذا حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح ... هذا الحديث قد أعله أبو حاتم /، والظاهر أنها علة لا تؤثر على أصل الحديث). اهـ

قلت: وفي قوله / نظر؛ فإن العلة التي ذكرها الإمام أبو حاتم / مؤثرة في القدح في الإسناد.

وقال العلامة مقبل الوادعي / في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (ج1 ص97): (وإبهام الصحابي لا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول). اهـ

قلت: وليس كما قال /؛ فإن المبهم تابعي، وليس صحابيا، لأنه يروي عن أبيه، ألا فافهم.

ولذلك قال: (عن رجل من الأنصار عن أبيه)، فقد تنصرف عبارة: (رجل من الأنصار) إلى الأنصار الذين صحبوا النبي r، وإلى أولادهم ممن لم يصحبوا النبي r.

ومثاله في حديث آخر:

ما أخرجه أحمد في «المسند» (ج14 ص530 ح8975) من طريق عفان، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني محمد بن عبد الجبار رجل من الأنصار قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، يحدث أنه سمع أبا هريرة.

قلت: فشيخ شعبة هنا محمد بن عبد الجبار قد وصفه بأنه رجل من الأنصار، وليس هو بصحابي، ألا فانتبه.

وللحديث شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين, والعجوة من الجنة, وهي شفاء من السم) وقال: ونعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عرق النسا ألية كبش تجزأ ثلاثة أجزاء, ثم تذاب, فتشرب كل يوم جزءا على الريق.

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص3080 ح12481)، وفي «المعجم الأوسط» (ج3 ص362 ح3406)، وفي «المعجم الصغير» (ص280 ح344)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج10 ص216)، و(ج10 ص226)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج14 ص353) من طريق الحسن بن غليب المصري، ثنا مهدي بن جعفر الرملي، ثنا عبد المجيد بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله ثلاث علل:

الأولى: مهدي بن جعفر الرملي، له أوهام؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص780).

وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج9 ص201)، وقال: (ربما أخطأ). اهـ

وقال عنه ابن عدي: (مهدي بن جعفر يروي عن الثقات أشياء لا يتابعه عليها أحد).([16])

وقال عنه البخاري: (حديثه منكر).([17])

الثانية: عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، يخطئ؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص491).

الثالثة: عبد الملك بن عبدالعزيز بن جريج المكي، مشهور بالتدليس.

قال الدارقطني: (شر التدليس تدليس ابن جريج؛ فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح)، وقال الذهبي: (يدلس)، ووصفه النسائي وغيره بالتدليس، وذكره ابن حجر في «المرتبة الثالثة» من المدلسين.([18])

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص89)؛ ثم قال: (رواه الطبراني في الثلاثة، وفيه مهدي بن جعفر الرملي وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات). اهـ

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الجزء النافع المبارك -إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينامحمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة....................................................................................................

2

2)

ذكر الدليل على ضعف حديث: علاج عرق النسا..........................

5

 



([1]) قلت: والحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا.

      وانظر: «قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث» للقاسمي (ص113)، و«شرح علل الترمذي» لابن رجب (ج1 ص372)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص251)، و«قاعدة جليلة» له (ص162)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص48)، و«تمام المنة في التعليق على فقه السنة» للشيخ الألباني (ص38)، و«شرح المنظومة البيقونية» لشيخ شيخنا ابن عثيمين (ص47)، و«المقترح» للشيخ مقبل الوادعي (ص155).  

([2]) وانظر: «تهذيب السنن» لابن القيم (ج1 ص21)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج1 ص19)، و«شرح ألفية العراقي في علوم الحديث» للعيني (ص134 و135).

([3]) النسا: بوزن: «العصا»، وهو عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذين.

      انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص321)، و«النهاية في غريب الحديث والأثر» لابن الأثير (ج5 ص51)، و«الصحاح» للجوهري (ج6 ص250)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج10 ص366)، و«التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (ج2 ص78)، و«فيض القدير» له (ج4 ص162)، و«كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه» للسندي (ج2 ص347).

([4]) ألية: مفتوحة الهمزة، وهي طرف الشاة، وقيل: ما ركب العجر من اللحم والشحم، والجمع: أليات.

       انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج14 ص43)، و«النهاية» لابن الأثير (ج1 ص64).  

([5]) وسقط من هذا الموضع «أنس بن سيرين»، وهو مثبت، والتصويب من «إتحاف المهرة» لابن حجر (ج4 ص432).

([6]) وانظر: «صحيح الترغيب والترهيب» للشيخ الألباني (ص29).

([7]) وسقط من هذا الموضع «أنس بن سيرين»، وهو مثبت، والتصويب من «إتحاف المهرة» لابن حجر (ج4 ص432).

([8]) وسقط من هذا الموضع «أنس بن سيرين»، وهو مثبت، والتصويب من «إتحاف المهرة» لابن حجر (ج4 ص432).

([9]) وانظر: «لسان الميزان» لابن حجر (ج1 ص14)، و«الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص103و104)، و«مقدمة الثقات» لابن حبان (ج1 ص11 و12 و13).

([10]) انظر: «الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج3 ص126)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج8 ص93)، و«تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة» لابن عراق الكناني (ج1 ص118).

([11]) وقع في المطبوع: «فليقمه».

([12]) وقع في المطبوع: «أغلاه».

([13]) قلت: وهذا الطريق الذي فيه «محمد بن سيرين» لم أقف عليه.

([14]) قلت: هكذا من غير ذكر «عن أبيه»، ولم أقف على هذا الطريق من هذا الوجه، ولعله خطأ.

([15]) قلت: هكذا من غير ذكر «عن أبيه»، ولم أقف على هذا الطريق من هذا الوجه، ولعله خطأ.

([16]) وانظر: «تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج91 ص279)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج28 ص590)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص325)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج4 ص391)، و«تاريخ الإسلام» له (ج5 ص704)، و«التكميل في الجرح والتعديل» لابن كثير (ج1 ص219).

        قلت: ولم أجد له ترجمة في «الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي.

       قال الحافظ الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج4 ص391): (وقول ابن عدي لم أره في «الكامل»، ولكنه في «تاريخ دمشق»). اهـ

([17]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص326)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج4 ص392)، و«الإكمال» للحسيني (ص423)، و«التكميل في الجرح والتعديل» لابن كثير (ج1 ص219).

       قلت: ولم أقف على قول البخاري في كتبه.

([18]) انظر: «تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص95)، و«تقريب التهذيب» له (ص495)، و«التبيين لأسماء المدلسين» لابن العجمي (ص39)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص574)، و«مذكرة في دروس علل المدلسين» لشيخنا فوزي الأثري (ج2 ص9).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan