الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / جزء فيه: ضعف أثر معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي استدل به الدكتور: صالح العصيمي على قوله بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا للحاجة
جزء فيه: ضعف أثر معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي استدل به الدكتور: صالح العصيمي على قوله بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا للحاجة
ضعف أثر معاذ بن جبل t الذي استدل به الدكتور: ((صالح العصيمي)) على قوله بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا للحاجة
وقد أعله: الحافظ ابن حجر /، والإمام القسطلاني /، والإمام الإسماعيلي /، والإمام الدارقطني /، والإمام الجورقاني /، والإمام ابن حزم /، والإمام علي بن المديني /، وأبو زرعة /، والعلامة الألباني /
تخريج:
أبي الحسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله له، ولشيخه، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
في
أن من أفتى بحكم فعليه أن يستدل بحديث صحيح، ويبين صحته، ويثبت ذلك
قال الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن / في «الدرر السنية» (ج4 ص79): (إن على من نسب إلى النبي r قولا، أو فعلا، أن يصحح ما نسب، وما ادعى، ويثبته بطريق تثبت به الأحكام، وإلا فمجرد الدعوى لا يفيد، ولا يجدي، ولو فتح هذا الباب، وأعطي الناس بدعواهم، لذهبت أحكام هذه الشريعة، وادعى كل مخالف ما ينصر دعواه). اهـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
فهذا تخريج لأثر استدل به جماعة على جواز إخراج زكاة الفطر نقدا، ومن هؤلاء: - الدكتور «صالح العصيمي»-، فقال الدكتور صالح العصيمي: (وأما إخراج القيمة فليس السنة، وإنما يجوز مع الحاجة ... وإنما هو مباح بقدر ما يقدره ولي الأمر، فإذا قدر ولي الأمر ذلك جاز، لأن الدليل في ذلك هو فعل معاذ مع أهل اليمن، ومعاذ كان هو أمير أهل اليمن؛ فإذا رأى ولي الأمر ذلك بأن تخرج قيمة، فلا بأس حينئذ لأجل الحاجة).([1]) اهـ
فبينت ضعف الأثر، وعدم الدلالة فيه على إخراج زكاة الفطر نقدا؛ سواء كان لحاجة، أو لغير حاجة.
وقد ظهر لي أن الدكتور في إيراده للأحاديث الضعيفة في دروسه، وفي كتبه، والاعتماد عليها؛ أن الضعف عليه بين في علم الحديث، وإن عمل بهذا العلم بزعمه في كتابه: «الدر النضيد في تخريج كتاب التوحيد»، وغيره([2])، فتراه يصحح للأحاديث المعلولة، والأحاديث المنكرة، والأحاديث الضعيفة جهلا منه بأصول الحديث وقواعده؛ بل تراه يستدل بأحاديث ظاهرة الضعف لا تخفى على المبتدئين في علم الحديث.
قلت: وكان الواجب عليه أن يرجع لأهل الحديث في معرفة الحديث الصحيح من الحديث الضعيف.
قال الإمام مسلم / في «التمييز» (ص196): (اعلم رحمك الله أن صناعة الحديث، ومعرفة أسبابه من الصحيح، والسقيم، إنما هي لأهل الحديث خاصة؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفين بها دون غيرهم، إذ الأصل الذي يعتمدون لأديانهم السنن، والآثار المنقولة من عصر إلى عصر، من لدن النبي r إلى عصرنا هذا، فلا سبيل لمن نابذهم من الناس، وخالفهم في المذهب، إلى معرفة الحديث، ومعرفة الرجال، من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار، ممن نقل الأخبار، والآثار، وأهل الحديث عن الذين يعرفونهم ويميزونهم، حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل، والتجريح). اهـ
قلت: وحجة صاحب الحديث أقوى من المخالف.
فعن الإمام أبي عروبة الحراني / قال: (الفقيه إذا لم يكن صاحب حديث يكون أعرج).
أثر صحيح
أخرجه السلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص187)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص133) من طريق أبي الفضل أحمد بن محمد بن جعفر الجواز قال: سمعت أبا بكر بن المقرئ، يقول: سمعت أبا عروبة الحراني به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: والدكتور: «صالح العصيمي» بضاعته في الحديث مزجاة.
واعلم أن معرفة أصول الحديث ليست تلقينا([3])، وإنما هو علم يحدثه الله تعالى لعباده الصادقين في قلوبهم بعد طول الممارسة له، والاجتهاد فيه، والاعتناء به، والصدق في تحصيله.
فالعبد إذا بنى علمه على أصل وثيق حصل على مطلبه الشرعي، وإلا فلا.
قال تعالى: ]أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين[ [التوبة:109].
وقال تعالى: ]فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون[ [التوبة:122].
وعن الإمام عبد الرحمن بن مهدي / قال: (معرفة الحديث إلهام).
قال ابن نمير: (صدق لو قلت: من أين لم يكن له جواب).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص383)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء([4])» (ج9 ص4)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج1 ص388) من طريق علي بن الحسين بن الجنيد، قال: سمعت ابن نمير، يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ص484)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج4 ص1152)، وفي «سير أعلام النبلاء» (ج7 ص594).
وقوله /: (إلهام)؛ أي: ملكة تتكون بكثرة الممارسة في علم مصطلح الحديث وعلله الخفية، وتخريج أسانيده ومتونه.([5])
قال الحافظ الخطيب البغدادي / في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص255): (المعرفة بالحديث ليست تلقينا، وإنما هو علم يحدثه الله في القلب أشبه الأشياء بعلم الحديث معرفة الصرف، ونقد الدنانير والدراهم؛ فإنه لا يعرف جودة الدينار والدراهم بلون، ولا مس، ولا طراوة، ولا دنس، ولا نقش، ولا صفة تعود إلى صغر أو كبر، ولا إلى ضيق أو سعة، وإنما يعرفه الناقد عند المعاينة فيعرف البهرج والزائف والخالص والمغشوش وكذلك تمييز الحديث؛ فإنه علم يخلقه الله تعالى في القلوب بعد طول الممارسة له والاعتناء به). اهـ
وبوب الإمام عياض / في «الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع» (ص6)؛ باب في وجوب طلب علم الحديث والسنن وإتقان ذلك وضبطه وحفظه ووعيه.
وعن الإمام ابن المديني / قال: (إن العلم ليس بالسن).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص136)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص149) من طريق محمد بن الحسن البزاز حدثنا محمد بن الحسن بن الأعرابي قال: سمعت علي بن المديني به.
قلت: وهذا إسناده صحيح.
وذكره العليمي في «المنهج الأحمد» (ج1 ص182)، وابن مفلح في «الآداب الشرعية» (ج2 ص110).
وبوب الإمام عياض / في «الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع» (ص17)؛ باب في شرف علم الحديث وشرف أهله.
وقال الإمام ابن مفلح / في «الآداب الشرعية» (ج2 ص121)؛ فصل: في فضل الجمع بين الحديث وفقهه وكراهة طلب الغريب والضعيف منه.
قلت: فعلى طالب العلم أن يجمع بين الحديث وحفظه، ويضيف إليه فقهه، ومعرفة الحلال والحرام، والسنن في الأصول والفروع مما يجب عليه معرفته.
قال الإمام النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج1 ص47): (إن المراد من علم الحديث، تحقيق معاني المتون، وتحقيق علم الاسناد والمعلل، والعلة عبارة عن معنى في الحديث خفي يقتضي ضعف الحديث مع أن ظاهره السلامة منها، وتكون العلة تارة في المتن، وتارة في الاسناد، وليس المراد من هذا العلم مجرد السماع، ولا الاسماع، ولا الكتابة؛ بل الاعتناء بتحقيقه، والبحث عن خفي معاني المتون والاسانيد والفكر في ذلك، ودوام الاعتناء به ومراجعة أهل المعرفة به، ومطالعة كتب أهل التحقيق فيه، وتقييد ما حصل من نفائسه وغيرها ...).اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «تدريب الراوي» (ج1 ص37): (فإن علم الحديث رفيع القدر، عظيم الفخر، شريف الذكر، لا يعتني به إلا كل حبر، ولا يحرمه إلا كل غمر، ولا تفنى محاسنه على ممر الدهر). اهـ
وقال الإمام النووي / في «التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير» (ص79): (علم الحديث شريف يناسب مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، وهو من علوم الآخرة، من حرمه حرم خيرا عظيما، ومن رزقه نال فضلا جزيلا، فعلى صاحبه تصحيح النية، وتطهير قلبه من أغراض الدنيا). اهـ
هذا؛ والله تعالى نسأل التوفيق؛ ]إنه هو السميع العليم[ [يوسف:34].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو الحسن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على ضعف ما استدل به الدكتور: «صالح العصيمي» عن معاذ بن جبل t؛ بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا للحاجة
عن معاذ بن جبل t قال: لأهل اليمن: (ائتوني بعرض ثياب خميص -أو لبيس- في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي r بالمدينة).
أثر منكر
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ص234)؛ معلقا بقوله: وقال طاوس: قال معاذ t فذكره.
في باب: «العرض في الزكاة».
وهكذا أخرجه: المهلب بن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج2 ص244).
وأخرجه ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص 13)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص86 ح1913)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص113)، وفي «الخلافيات» (ج4 ص320 ح3224)، وفي «معرفة السنن والآثار»؛ تعليقا (ج9 ص320)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص295 ح10532)، و(ج10 ص295 ح10533)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص105 ح7133)، ويحيى بن آدم في «الخراج» (ص169 ح525)، و(ص169 ح526) من طريق إبراهيم بن ميسرة، وعمرو بن دينار؛ كلاهما: عن طاوس قال: قال معاذ باليمن: (ائتوني بخميس([6]) أو لبيس([7]) آخذه منكم مكان الصدقة فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة). وفي رواية: (أن معاذا، كان يأخذ العروض في الصدقة). وفي رواية: (ائتوني بعرض ثياب).
وذكره البغوي في «شرح السنة» (ج6 ص12).
قلت: وهذا سنده ضعيف؛ لانقطاعه فإن طاوس بن كيسان لم يسمع من معاذ بن جبل t.
قال الإمام ابن المديني / في «علل الحديث ومعرفة الرجال والتاريخ» (ص339): (ولم يسمع طاوس من معاذ بن جبل شيئا).([8])
وقال الحافظ أبو زرعة /: (وطاوس عن معاذ: مرسل).([9])
وقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ج1 ص18): (فإسناده إلى طاوس صحيح، إلا أن طاوسا لم يسمع من معاذ). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج3 ص312): (هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاوس؛ لكن طاوس لم يسمع من معاذ؛ فهو منقطع فلا يغتر بقول من قال: ذكره البخاري بالتعليق الجازم؛ فهو صحيح عنده؛ لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا). اهـ
وقال الإمام القسطلاني / في «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (ج3 ص41): (وهذا التعليق وإن كان صحيحا إلى طاوس، لكن طاوس لم يسمع من معاذ؛ فهو منقطع). اهـ
وقال الإمام الإسماعيلي /: (حديث طاووس لو كان صحيحا لوجب ذكره؛ لينتهى إليه، وإن كان مرسلا فلا حجة فيه).([10])
وقال الحافظ ابن حجر / في «تغليق التعليق» (ج3 ص13): (قلت: وهو إلى طاوس إسناد صحيح، لكنه لم يسمع من معاذ؛ فهو منقطع). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج5 ص9): (وأرسل عن معاذ بن جبل). اهـ
وقال الحافظ الدارقطني / في «السنن» (ج2 ص86): (هذا مرسل، طاوس لم يدرك معاذا).([11]) اهـ
وقال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج6 ص65): (ومن قال عن معاذ؛ فهو أيضا مرسل؛ لأن طاووسا لم يسمع من معاذ). اهـ
وقال العلامة المحدث الألباني / في «تمام المنة في التعليق على فقه السنة» (ص379): (وهذا منقطع بين طاوس ومعاذ). اهـ
قلت: فنص أئمة الحديث على عدم سماع طاوس بن كيسان من معاذ بن جبل t.
وقال الإمام ابن الأثير / في «النهاية في غريب الحديث والأثر» (ج2 ص79): (وجاء في البخاري: خميص بالصاد، قيل: إن صحت الرواية، فيكون مذكر الخميصة، وهي كساء صغير، فاستعارها للثوب). اهـ
قلت: وهذا من التعليق الجازم الذي يضعف بسبب الانقطاع:
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت على كتاب ابن الصلاح» (ص164): (ومثال التعليق الجازم الذي يضعف بسبب الانقطاع:
قوله في «كتاب الزكاة»: وقال طاووس: قال معاذ؛ يعني: ابن جبل t؛ لأهل اليمن: (ائتوني بعرض ثياب خميص، أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي r).
والإسناد صحيح إلى طاووس، قد رويناه في «كتاب الخراج» ليحيى بن آدم، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، وإبراهيم بن ميسرة عن طاووس، لكنه منقطع؛ لأن طاووسا لم يسمع من معاذ t). اهـ
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص294 ح10530)، وابن زنجويه في «الأموال» (ج3 ص818 ح1422)، و(ج3 ص1029 ح1898)، والحارث بن أبي أسامة في «المسند» (ج5 ص531-المطالب العالية)، وأبو عبيد في «الأموال» (ص568 ح1377)، الجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (ص237 ح460) من طريق يزيد بن هارون، وعبد الرحيم، عن الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس قال: (بعث رسول الله r معاذا t إلى اليمن، فكان يأخذ الثياب بصدقة الحنطة والشعير).
قلت: وهذا سنده ضعيف، وله علتان:
الأولى: الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، ومدلس، وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث.
قال عنه ابن حجر: (كثير الخطأ والتدليس)، وقال يحيى: (ضعيف)، وقال مرة: (لا يحتج بحديثه)، وقال مرة: (ليس بالقوي)، وقال النسائي: (ليس بالقوي)، وقال أبو حاتم الرازي: (يدلس عن الضعفاء)، وقال الدارقطني: (لا يحتج به)، وقال في موضع آخر: (ضعيف)، وقال أبو عبد الله الحاكم: (ممن لا يحتج بحديثه)، وقال ابن حبان: (تركه ابن المبارك، ويحيى القطان، وابن مهدي، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل)، وقال أحمد: (يزيد في الأحاديث، ويروي عن من لم يلقه، لا يحتج به)، وذكره ابن حجر في «المرتبة الرابعة من المدلسين»، وممن أطلق عليه التدليس: ابن المبارك، ويحيى بن القطان، ويحيى بن معين، وأحمد، وأبو زرعة، وذكره النسائي مع ذكره للمدلسين.([12])
الثانية: الانقطاع؛ فإن طاوس لم يسمع من معاذ بن جبل t.
قال الإمام الجورقاني / في «الأباطيل والمناكير» (ص237): (هذا حديث باطل مرسل). اهـ
وقال الإمام الإسماعيلي /: (وقد قال فيه بعضهم: من الجزية بدل الصدقة).([13])
وقال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج4 ص113): (هذا هو الأليق بمعاذ، والأشبه بما أمره النبي r به من أخذ الجنس في الصدقات، وأخذ الدينار، أو عد له معافر ثياب باليمن في الجزية، وأن ترد الصدقات على فقرائهم لا أن ينقلها إلى المهاجرين بالمدينة الذين أكثرهم أهل فيء، لا أهل صدقة). اهـ
وقال الإمام القسطلاني / في «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (ج3 ص41): (وقد حكى البيهقي عن بعضهم أنه قالفيه: عن الجزية بدل الصدقة، فإن ثبت ذلك فقد سقط الاحتجاج به). اهـ
وبوب عليه ابن أبي شيبة / في «المصنف» (ج4 ص294): ما قالوا: في أخذ العروض في الصدقة.
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج5 ص507): (وهذا لا تقوم به حجة لوجوه:
أولها: أنه مرسل، لأن طاوسا لم يدرك معاذا ولا ولد إلا بعد موت معاذ؟.
والثاني: أنه لو صح لما كانت فيه حجة؛ لأنه ليس عن رسول الله r ولا حجة إلا فيما جاء عنه عليه السلام.
والثالث: أنه ليس فيه أنه قال ذلك في الزكاة؛ فالكذب لا يجوز، وقد يمكن لو صح أن يكون قاله لأهل الجزية، وكان يأخذ منهم: الذرة، والشعير، والعرض: مكان الجزية.
والرابع: أن الدليل على بطلان هذا الخبر ما فيه من قول معاذ (خير لأهل المدينة)، وحاشا لله أن يقول معاذ هذا، فيجعل ما لم يوجبه الله تعالى خيرا مما أوجبه). اهـ
قلت: ولو سلمنا جدلا؛ أنه ثابت فليس فيه دلالة على إخراج زكاة الفطر نقدا؛ لأن العرض غير النقود.
قال ابن منظور اللغوي / في «لسان العرب» (ج7 ص170): (والعرض: خلاف النقد من المال). اهـ
وقال الجوهري اللغوي / في «الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية» (ج3 ص1083): (والعرض: المتاع، وكل شيء فهو عرض، سوى الدراهم والدنانير فإنهما: عين). اهـ
وقال ابن فارس اللغوي / في «مقاييس اللغة» (ج4 ص276): (وهو كل ما كان من المال غير نقد، وجمعه: عروض). اهـ
وقال ابن سيده اللغوي / في «المحكم والمحيط الأعظم» (ج1 ص398): (والعرض: خلاف النقد من المال، وجمعه: عروض). اهـ
وقال الفيروزآبادي اللغوي / في «القاموس المحيط» (ص645): (والعرض: المتاع، ويحرك، عن القزاز، وكل شيء سوى النقدين، والجبل، أو سفحه، أو ناحيته، أو الموضع يعلى منه الجبل، والكثير من الجراد، وجبل بفاس، والسعة، وخلاف الطول). اهـ
قلت: ولو سلمنا جدلا؛ أن الأثر ثابت، وأنه في زكاة الفطر، وأنه يدل على جواز إخراج زكاة الفطر نقدا؛ فيقال: أن ما صدر من معاذ بن جبل t اجتهاد منه؛ فلا حجة فيه.
ثم إن الأثر معارض للسنة الصحيحة:
فعن ابن عباس ﭭ: أن النبي r بعث معاذا t إلى اليمن، فقال: (ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1395)، و(1496)، ومسلم في «صحيحه» (19).
قلت: فالأثر السابق منكر لمخالفته للأصول، وأن معاذا خالف أمر النبي r، وهذا يستحيل، فافهم لهذا ترشد.
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
درة نادرة في أن من أفتى بحكم فعليه أن يستدل بحديث صحيح، ويبين صحته، ويثبت ذلك..................................................................... |
5 |
2) |
المقدمة..................................................................................................... |
6 |
3) |
ذكر الدليل على ضعف ما استدل به الدكتور: «صالح العصيمي» عن معاذ بن جبل؛ بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا للحاجة..................................................................................................... |
12 |
([3]) كما يلقن به المقلدة، والمتعالمة في الجامعات، وغيرها، عن طريق تلقين الدكاترة، وغيرهم لهم؛ لأنه علم في علم الحديث غير نافع.
([6]) الخميس: الثوب الذي طوله خمس أذرع، ويقال له: المخموس أيضا.
انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» لابن الأثير (ج2 ص79)، و«الفائق في غريب الحديث» للزمخشري (ج1 ص397)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص312).
([8]) وانظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص89)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص201)، و«تحفة التحصيل» لابن العراقي (ص157).
([10]) انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (ج4 ص113)، و«الخلافيات» له (ج4 ص321)، و«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن الشافعي (ج10 ص364)، و«البدر المنير» له (ج7 ص402).
([12]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص162)، و«تهذيب التهذيب» له (ج1 ص660)، و«تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» له أيضا (ص125)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص191)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص421)، و«بحر الدم» لابن عبد الهادي (ص38)، و«التبيين لأسماء المدلسين» لابن العجمي (ص20)، و«المختلف فيهم» لابن شاهين (ص25)، و«تاريخ أسماء الثقات» له (ص109)، و«سؤلات السجزي لأبي عبد الله الحاكم» (ص40)، و«سؤلات أبي عبد الرحمن السلمي للإمام الدارقطني» (ص147)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج3 ص167)، و«الضعفاء الصغير» للبخاري (ص59)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص92)، و«أسماء المدلسين» للسيوطي (ص37)، و«المدلسين» لأبي زرعة العراقي (ص40)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج1 ص277)، و«من تكلم فيه الدارقطني» للمقدسي (ص47)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص269).