الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / جزء فيه ضعف حديث: حسر الثوب في المطر
جزء فيه ضعف حديث: حسر الثوب في المطر
|
||||
جزء فيه
ضعف حديث:
«حسر الثوب في المطر»
تخريج:
أبي الحسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله له، ولوالديه، ولشيخه، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
أسماء من تكلم من أهل الحديث في بعض
أحاديث صحيح الحافظ مسلم /
فقد تكلم أئمة أفاضل من أهل الحديث في بعض أحاديث صحيح الحافظ مسلم / على قواعد أهل الحديث لحفظ السنة النبوية.
وإليك أسماءهم مرتبة على تاريخ وفياتهم وهم:
1) الحافظ البخاري / (المتوفى سنة:256هـ).
2) الحافظ أبو داود / (المتوفى سنة:275هـ).
3) الحافظ ابن خزيمة / (المتوفى سنة:311هـ).
4) الحافظ أبو الفضل بن عمار الشهيد / (المتوفى سنة:317هـ).
5) الحافظ ابن حبان / (المتوفى سنة:354هـ).
6) الحافظ الدارقطني / (المتوفى سنة:385هـ).
7) الحافظ الخطابي / (المتوفى سنة: 388هـ).
8) الحافظ البيهقي / (المتوفى سنة:458هـ).
9) الحافظ ابن عبد البر / (المتوفى سنة:465هـ).
10) الحافظ أبو علي الغساني / (المتوفى سنة:498هـ).
11) الحافظ القاضي عياض / (المتوفى سنة:544هـ).
12) الحافظ عبد الحق الإشبيلي / (المتوفى سنة:581هـ).
13) الحافظ ابن الجوزي / (المتوفى سنة: 597هـ).
14) الحافظ ابن الصلاح / (المتوفى سنة:643هـ).
15) الحافظ المنذري / (المتوفى سنة:656هـ).
16) الحافظ النووي / (المتوفى سنة:676هـ).
17) شيخ الإسلام ابن تيمية / (المتوفى سنة:728هـ).
18) الحافظ ابن عبد الهادي / (المتوفى سنة:744هـ).
19) الحافظ الذهبي / (المتوفى سنة:748هـ).
20) الحافظ ابن القيم / (المتوفى سنة:751هـ).
21) الحافظ البلقيني / (المتوفى سنة:805هـ).
22) الحافظ ابن حجر / (المتوفى سنة:852هـ).([1])
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب زدني علما، وحفظا، وفهما
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران :102].
]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].
]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].
أما بعد...
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذا جزء حديثي فيه تخريج حديث: «حسر الثوب في المطر» فخرجت الحديث تخريجا علميا، وبينت ضعفه على طريقة أهل الحديث.
قلت: وأبى الله أن لا يصح إلا كتابه الكريم، فلا تكون العصمة([2]) والصحة إلا لكتابه سبحانه وتعالى، وما سواه فلا، ومن هذه الكتب؛ كتاب صحيح الحافظ مسلم / ففيه أحاديث منتقدة من قبل أئمة الحديث منها: حديثنا هذا في «حسر الثوب في المطر»؛ ففطن لهذا ترشد.
هذا وأسأل الله العظيم أن ينفع بهذا الجزء عامة المسلمين، وأن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع، ويجعله في موازين حسناتي يوم لا ينفع مال ولابنون.
وفي الختام لا أنسى الشكر والتقدير لفضيلة شيخي العلامة الوالد فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري، الذي تفضل مشكورا بمراجعة هذا التخريج، فجزاه اللهعن ابنه خير ما جزى والدا عن ولده.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو الحسن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على ضعف حديث:
حسر الثوب في المطر
عن أنس بن مالك t، قال: أصابنا ونحن مع رسول الله r مطر، قال: فحسر رسول الله r ثوبه، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: «لأنه حديث عهد بربه تعالى».
حديث منكر
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص360 ح898)، وأبو داود في «السنن» (ص770 ح5100)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص328 ح1850)، وأحمد في «المسند» (ج19 ص364 ح12364)، و(ج21 ص324 ح13820)، وأبو يعلى في «المسند» (ص658 ح3426)، والبزار في «المسند» (ج13 ص293 ح6873)، والروياني في «المسند» (ج2 ص271 ح1385)، والبخاري في «الأدب المفرد» (ص204 ح571)، وابن حبان في «صحيحه» (ص1630 ح6135)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص501 ح6456)، وفي «معرفة السنن» (ج5 ص183 ح7231)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص317 ح7768)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص483)، وفي «حلية الأولياء» (ج6 ص291)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ص263 ح363)، والدارمي في «الرد على الجهمية» (ص53 ح76)، وأبو الشيخ الأصبهاني في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» (ص610 ح814)، وابن أبي الدنيا في «المطر والرعد والبرق» (ج8 ص415 ح1-موسوعة ابن أبي الدنيا)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (2360)، والذهبي في «العلو» (ص46)، وفي «العرش» (ج2 ص144)، والمزكي في «المزكيات» (ص64 ح2)، والبغوي في «الأنوار» (ص463 ح656)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص388)، والسمعاني في «المنتخب من معجم شيوخه» (ص354)، وابن تيمية في «الأربعين حديثا» (ص144 ح38)، وأبو العباس السراج في «البيتوتة» (ص62 ح15)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج3 ص138 ح797) من عدة طرق عن جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني، عن أنس t به.
قلت: وهذا سنده ضعيف؛ من أجل جعفر بن سليمان الضبعي ولم يتابع، وفي أحاديثه مناكير عن ثابت.
قال عنه علي ابن المديني: (لم يكن عند جعفر كتاب، وعنده أشياء ليست عند غيره)، وقال أيضا: (أما جعفر بن سليمان فأكثر عن ثابت، وكتب مراسيل، وكان فيها أحاديث مناكير)، وقال الجوزجاني: (جعفر بن سليمان الضبعي روى أحاديث منكرة وهو ثقة متماسك كان لا يكتب)، وقال الأزدي: (كان فيه تحامل على بعض السلف وكان لا يكذب في الحديث، ويؤخذ عنه الزهد والرقائق، وأما الحديث فعامة حديثه عن ثابت، وغيره فيها نظر ومنكر)، وقال ابن الجوزي: (في بعض حديثه منكر كان يبغض أبا بكر، وعمر، وكان يحيى بن سعيد يستضعفه)، وقال الذهبي: (وله ما ينكر)، وقال البخاري: (يخالف في بعض حديثه)، وقال محمد بن عمار: (جعفر ضعيف).([3])
وقال الحافظ ابن عدي رحمه الله في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص389)؛ عن هذا الحديث وغيره: (وهذه الأحاديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت، عن أنس كلها إفرادات لجعفر لا يرويها عن ثابت غيره). اهـ
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في «ميزان الاعتدال» (ج1 ص375): (وينفرد بأحاديث عدت مما ينكر، واختلف في الاحتجاج بها منها: ... وحديث: حسر عن بدنه وقال: (إنه حديث عهد بربه) ... وغالب ذلك في صحيح مسلم). اهـ
قلت: فالحافظ الذهبي / يعد هذا الحديث من إفراد جعفر بن سليمان، بل من مناكيره.
وقال الحافظ ابن الشهيد / في «علل أحاديث صحيح مسلم» (ص55): (وهذا حديث تفرد به جعفر بن سليمان، من بين أصحاب ثابت لم يروه غيره). اهـ
فلذلك لم يقبل الحافظ ابن الشهيد / من الحافظ مسلم / إخراج هذا الحديث في «صحيحه»!.
وقال الحافظ البزار / في «المسند» (ج13 ص293): (وهذا الحديث لا نعلم رواه، عن ثابت، عن أنس إلا جعفر بن سليمان). اهـ
قلت: فجعفر تفرد بهذا الطريق، وله عن ثابت([4]) مناكير وإفرادات لا تصح.
وقال الحافظ الحاكم
قلت: وتعقبه الذهبي بقوله: ذا في مسلم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352)؛ عن أهل الحديث أنهم: (يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا «علم علل الحديث» وهو من أشرف علومهم؛ بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط، وغلط فيه). اهـ
قلت: ولم يخرج الحديث([5]) البخاري في «صحيحه»؛ وهذا يدل على عدم صحته عنده؛ بدليل أنه لم يخرج لجعفر بن سليمان في «صحيحه»،([6]) بل قال عنه في «التاريخ الكبير» (ج2 ص192): (يخالف في بعض حديثه)، وهذا فيه إشعار بأن عدوله عنه لعلة نكارة حديثه، ومخالفته لحديث الثقات، وهذه النقطة في الحقيقة غفل عنها الكثير ممن يخرج أحاديث في صحيح مسلم، وهي في قوانين أهل الحديث من قبيل المنكر، والمنكر لا يعتبر به، فافهم لهذا.
قلت: فالحديث لا يصح عن النبي r بأبي هو وأمي، فتنبه.
وله وجه آخر عن ثابت:
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في ((أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم)) (ص610 ح813)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (ص334 ح1027)، الإسماعيلي في ((معجم الشيوخ)) (ج3 ص738 ح354)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص300) من عدة طرق عن يوسف بن عطية الصفار، حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرد للمطر، ويأمر أهل بيته بذلك). وفي رواية: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمطرت السماء أو طشت، شد إزاره على حقويه، وألقى رداءه عن منكبيه، واستقبله بجسده، ويقول: إنه قريب العهد بربه تبارك وتعالى).
قلت: وهذا سنده واه، فيه يوسف بن عطية الصفار، وهو متروك([7])؛ كما في ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص871).
وله وجه آخر عن ثابت:
أخرجه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (ص334 ح1028)، وابن أبي الدنيا في ((المطر والرعد والبرق)) (182) من طريق أبي يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي، حدثنا محمد بن جهضم، حدثنا الحجاج بن أبي الفرات، عن ثابت، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رشت السماء أو قال طشت شد إزاره على حقويه، وألقى رداءه عن منكبيه، ثم استقبلها بجسده، وقال: إنها قريبة العهد بربها تبارك وتعالى).
قلت: وهذا سنده ضعيف؛ فيه الحجاج بن أبي الفرات البصري، وهو مجهول.
قال الحافظ ابن حجر في ((تعجيل المنفعة)) (ج1 ص429): (غير مشهور).اهـ
وقال الحافظ الحسيني في ((الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال)) (ص87): (غير مشهور). اهـ
وذكره ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (ج3 704)؛ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وله وجه آخر عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج8 ص529 ح26580) من طريق وكيع، عن الربيع، عن يزيد بن أبان، عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمطر في أول مطرة)
قلت: وهذا سنده ضعيف جدا، وله علتان:
الأولى: الربيع بن صبيح، وهو ضعيف الحديث.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((تقريب التهذيب)) (ص247): (صدوق سيء الحفظ، وكان عابدا مجاهدا). اهـ
قلت: وخلاصة أمره: أنه صدوق في دينه، ضعيف في الحديث، وقد ضعفه أئمة الجرح والتعديل.
الثانية: يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف جدا في الحديث.
قال عنه ابن حجر: (زاهد ضعيف)، وقال النسائي، والحاكم أبو أحمد: (متروك الحديث)، وقال النسائي في موضع آخر: والدارقطني، والبرقاني: (ضعيف)، وقال شعبة: (لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي)، وقال أحمد: (لا يكتب عنه شيء كان منكر الحديث)، وقال مرة: (ليس ممن يحتج به)، وقال مرة أخرى: (ضعيف)، وقال يحيى: (كان رجلا صالحا ولكن حديثه ليس بشيء).([8])
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة:
فعن أبي هريرة t، يقول: كان رسول الله r وأصحابه يكشفون رؤوسهم في أول قطرة تكون من السماء في ذلك العام، ويقول رسول الله r: (هو أحدث عهد بربنا، وأعظمه بركة).
حديث ساقط
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في «أخلاق النبي r» (ص611 ح815)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج10 ص119)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج3 ص138 ح795) من طريق أحمد بن عبد الله بن سابور، حدثنا يحيى بن أبي حفص، حدثنا رواد بن الجراح البغدادي، حدثنا أيوب بن مدرك، عن مكحول، عن معاوية بن قرة، قال: سمعت أبا هريرة t به.
قلت: وهذا سنده ساقط، وله أربع علل:
الأولى: يحيى بن أبي حفص، وهو مجهول لم أجد له ترجمة.
الثانية: رواد بن الجراح العسقلاني، وهو صدوق اختلط بأخرة فترك؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص254)، وعنده مناكير؛ فهو ضعيف.([9])
الثالثة: أيوب بن مدرك متهم بالكذب.([10])
الرابعة: أيوب بن مدرك، عن مكحول مرسل.
قال الإمام البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج2 ص193): (أيوب بن مدرك، الدمشقي، عن مكحول، مرسل). اهـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الرد
على شبهة الاستدلال بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه في التمطر
قد استدل بعض أهل العلم على التمطر؛ بحديث: أنس بن مالك، قال: (أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة قام أعرابي، فقال يا رسول الله: هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده، ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد وبعد الغد، والذي يليه، حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الأعرابي - أو قال: غيره - فقال: يا رسول الله، تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: (اللهم حوالينا ولا علينا) فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود).
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ص150 ح933)، و(ص166 ح1033).
فاستدلوا: بقوله: (حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم)، على استحباب التمطر.([11])
قلت: وفي هذا الاستدلال نظر؛ فإنه لا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد التمطر([12])، فافهم لهذا ترشد.
قال الحافظ ابن رجب / في ((فتح الباري)) (ج6 ص314): (وفي الاستدال بهذا الحديث على التمطر نظر؛ فإن معنى التمطر: أن يقصد المستسقي أو غيره الوقوف في المطر حتى يصيبه، ولم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد الوقوف في ذلك اليوم على منبره حتى يصيبه المطر، فلعله إنما وقف لإتمام الخطبة خاصة). اهـ
وقال الحافظ العيني / في ((عمدة القاري)) (ج7 ص55): (قوله: (حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته)، ولكنها غير ظاهرة؛ لأن هذا الكلام لا يدل على التمطر الذي هو من التفعل الدال على التكلف). اهـ
وبوب عليه الإمام البخاري / في ((صحيحه)) (ص166): (باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته). اهـ
وتعقبه شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في ((شرح صحيح البخاري)) (ج4 ص97)؛ بقوله: (ولكن هل استدلال البخاري بهذا الحديث وجيه؟.
نقول: لابد فيه من تأمل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمكث على المنبر حتى يتحادر المطر على لحيته سنا للأمة وقصدا؛ بل هو بقي في المنبر حتى أكمل الخطبة). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في ((فتح الباري)) (ج2 ص520): (قوله: (باب من تمطر)؛ بتشديد الطاء؛ أي: تعرض لوقوع المطر، وتفعل يأتي لمعان أليقها هنا أنه بمعنى مواصلة العمل في مهلة نحو تفكر، ولعله أشار إلى ما أخرجه مسلم من طريق جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: (حسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر وقال لأنه حديث عهد بربه).
قال العلماء: معناه قريب العهد بتكوين ربه، وكأن المصنف أراد أن يبين أن تحادر المطر على لحيته صلى الله عليه وسلم لم يكن اتفاقا، وإنما كان قصدا، فلذلك ترجم بقوله: من تمطر؛ أي: قصد نزول المطر عليه؛ لأنه لو لم يكن باختياره لنزل عن المنبر أول ما وكف السقف، لكنه تمادى في خطبته حتى كثر نزوله بحيث تحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم). اهـ
وتعقبه شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في ((شرح صحيح البخاري)) (ج4 ص98)؛ بقوله: (هذا الاحتمال الذي ذكره ابن حجر / وارد لا شك، لكن يرد عليه احتمال آخر، وهو أنه أراد أن يبقى حتى يكمل حديثه وخطبته، وحينئذ لا يكون فيه دليل، أما حديث مسلم أنه حسر عن ثوبه فهذا شيء آخر). ثم ذكر قول الحافظ ابن رجب / وقال: (وهذا هو الأقرب). اهـ
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الجزء النافع المبارك -إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
درة نادرة أسماء من تكلم من أهل الحديث في بعض أحاديث صحيح الحافظ مسلم ........................................................................ |
05 |
2) |
المقدمة..................................................................................................... |
7 |
3) |
ذكر الدليل على ضعف حديث: حسر الثوب في المطر................... |
9 |
ﭑ ﭑ ﭑ
([1]) وانظر: «النجم الوهاج في ضعف حديث: صوم يوم عرفة لغير الحاج» لشيخي فوزي بن عبد الله الأثري (ص22 و23).
([3]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص97)، و«أحوال الرجال» للجوزجاني (ص184)، و«العلل» لابن المديني (ص87)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص171)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج1 ص132)، و«ميزان الاعتدال» له (ج1 ص374)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج2 ص192)، و«علل الأحاديث في صحيح مسلم» لابن الشهيد (ص55).
([4]) وثابت البناني / له أصحاب ثقات حفظوا حديثه، أشهرهم ثلاثة: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وسليمان بن المغيرة.
وأما جعفر بن سليمان، فله عن ثابت مناكير وإفرادات لم تثبت، فانتبه.
قلت: فمثل هذا لا يقبل تفرده عند أهل الحديث.
قال الإمام مسلم / في «صحيحه» (ص6): (فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته، وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما، أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس). اهـ
قلت: أي: إذا تفرد مثلا صدوق أو ثقة عن الزهري، أو غيره بحديث، ولم يروه أحد من أصحابه الثقات الأثبات المعروفين بالرواية عنه؛ فإن حديثه هذا لا يقبل، وهذا منه.
([7]) وانظر: ((الضعفاء والمتروكين)) لابن الجوزي (ج3 ص221)، و((ميزان الاعتدال)) للذهبي (ج5 ص192 و193)، و((الكامل)) لابن عدي (ج7 ص2610)، و((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (ج9 ص278).
([8]) وانظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج32 ص64)، و((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (ج11 ص309)، و((تقريب التهذيب)) له (ص853)، و((الضعفاء والمتروكين)) لابن الجوزي (ج3 ص206 و207)، و((الضعفاء والمتروكين)) للنسائي (ص110)، و((الضعفاء الكبير)) للعقيلي (ج4 ص373)، و((الضعفاء الصغير)) للبخاري (ص141)، و((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (ج9 ص308)، و((المغني في الضعفاء)) للذهبي (ج2 ص747)، و((تاريخ الإسلام)) له (ج3 ص561)، و((ميزان الاعتدال)) له أيضا (ج5 ص150)، و((سؤالات أبي عبيد الآجري)) للأبي داود (ص141)، و((بحر الدم)) لابن عبد الهادي (ص175)، و((الكامل)) لابن عدي (ج9 ص130)، و((المجروحين)) لابن حبان (ج2 ص448).
([9]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج9 ص227)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص288)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص286)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص40)، و«الضعفاء والمتروكين» للدارقطني (ص213)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص52)، و«ديوان الضعفاء» له (ص139)، و«بحر الدم» لابن عبد الهادي (ص55)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج4 ص114)، و«الثقات» لابن حبان (ج8 ص246).
([10]) وانظر: «الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص133)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص15)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص187)، «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص278)، و«ديوان الضعفاء» له (ص43)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج2 ص5).