الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / كشف الخفاء عن ضعف حديث استجابة الدعاء يوم الأربعاء
كشف الخفاء عن ضعف حديث استجابة الدعاء يوم الأربعاء
سلسلة روائع البحار في تخريج الآثار
|
23 |
كشف الخفاء
عن
ضعف حديث
«استجابة الدعاء يوم الأربعاء»
بقلم
أبي يوسف إبراهيم بن علي الحمري الأثري
غفر الله له، ولشيخه، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
اعلم وفقك الله أن الحديث الضعيف؛ سواء كان في الترغيب والترهيب، أو في الأحكام؛ فإنه مجزوم بأن النبي r لم يقله؛ فلا يجوز العمل به ([1])، وقد حذر الله تعالى بالتقول عليه بالكذب.
فعن علي بن أبي طالب t قال: قال رسول الله r: (لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار). ([2])
قال الإمام أبو شامة المقدسي / في «الباعث على إنكار البدع والحوادث» (ص75): (جرى في ذلك على عادة جماعة من أهل الأحاديث يتساهلون في أحاديث فضائل الأعمال، وهذا عند المحققين من أهل الحديث، وعند علماء الأصول في الفقه: خطأ، بل ينبغي أن يبين أمره إن علم، وإلا دخل تحت الوعيد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج1 ص251): (ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز: أن يجعل الشيء واجبا، أو مستحبا؛ بحديث ضعيف ومن قال هذا فقد خالف الإجماع). اهـ
قلت: ومن ذلك الحديث الذي اعتاد القصاص نشره، في كل يوم الأربعاء في وسائل التواصل في زماننا، تذكيرا بزعمهم للناس بوقت من أوقات إجابة الدعاء؛ ألا وهو بين صلاتي الظهر والعصر من يوم الأربعاء، وهو حديث منكر لا يصح عن النبي r، ولا يثبت عن جابر بن عبد الله ﭭ أنه عمل به، فلا يلتفت له، ولا يعمل به، ولا يقال أنه من باب فضائل الأعمال، بل وجب تحذير الناس من العمل به، وحث الناس على التمسك بما صح في السنة من أوقات، وأماكن استجابة الدعاء، ففي السنة الثابتة الكفاية ([3])، وبالاكتفاء بها، وتطبيقها الخير والبركة على الأفراد والبلدان، والله المستعان.
* وفي الختام: لا يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى شيخي العلامة الجليل والمحدث الأصيل فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري حفظه الله على تفضله بمراجعة هذا البحث، فجزاه الله عني خير الجزاء، وأجزل لهالمثوبة والعطاء، وبارك في علمه، وعمله، وعمره، وزاده من الفضل والرفعة.
والله نسأل أن يجعل عملنا كله صالحا، وأن يجعله لوجهه الكريم خالصا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أبو يوسف إبراهيم بن علي الحمري الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر و أعن فإنك نعم المعين
ذكر الدليل على ضعف
حديث: «استجابة الدعاء يوم الأربعاء»
عن جابر بن عبد الله ﭭ: (أن النبي r دعا في مسجد الفتح ثلاثا: يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرف البشر في وجهه). قال جابر t : (فلم ينزل بي أمر مهم غليظ، إلا توخيت تلك الساعة، فأدعو فيها فأعرف الإجابة). وفي لفظ: (أمر مهم عائص).
حديث منكر
أخرجه أحمد في «المسند» (14563)، ومن طريقه: ابن النجار في «الدرة الثمينة في أخبار المدينة» (247)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (1002)، وفي «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج3 ص234)، وفي «مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن» (488)، والبزار في «المسند» (ج1 ص216-كشف الأستار)، ومن طريقه: ابن عبد البر في «التمهيد» (ج19 ص 200 و201) من طريق أحمد بن حنبل، ومحمد بن بشار بندار، وعمرو بن علي، ومحمد بن معمر؛ جميعهم: عن أبي عامر، حدثنا كثير بن زيد، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، حدثني جابر بن عبد الله ﭭ به.
قلت: وهذا إسناده منكر([4])، وفيه علل:
العلة الأولى:كثير بن زيد الأسلمي، تكلم فيه([5])، لسوء حفظه، وقد تفرد بهذا الحديث، وهو صدوق في نفسه، يخطئ في الحديث، وقد اضطرب في إسناد الحديث ومتنه، فلا يحتج به.
قال الحافظ ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص222): (كان كثير الخطأ، على قلة روايته، لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد) ([6]).
قلت: ومدار الحديث على كثير بن زيد الأسلمي، وهو ضعيف سيء الحفظ.
العلة الثانية: عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، مجهول الحال عند أئمة الحديث، و«فيه نظر»، لا يحتج به. ([7])
العلة الثالثة: الاضطراب في الإسناد، فمرة يروى: «عن كثير بن زيد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب، عن جابر t»، ومرة يروى: «عن كثير بن زيد، عن عبد الرحمن بن كعب، عن جابر t»، ومرة يروى: «عن كثير بن زيد، عن المطلب بن حنطب مرسلا»، وسيأتي ذكر الاضطراب بالتفصيل.
العلة الرابعة: الاضطراب في المتن، فقد اختلفت ألفاظه اختلافا شديدا، فمرة يقول: في «مسجد الفتح»، ومرة: «مسجد الأحزاب»، ومرة: «مسجد قباء»، ومرة: «المسجد الأعلى على الجبل»، ومرة: «دعا على الجبل الذي عليه مسجد الفتح، وصلى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل» فجعل الدعاء في موضع، والصلاة في موضع آخر، ومرة يقول: «بين الصلاتين» دون تحديدها بصلاة، ومرة أخرى يحددها: «بين الظهر والعصر».([8])
قال الحافظ البيهقي في «شعب الإيمان» (ج5 ص387): (وكذلك رواه سفيان بن حمزة، عن كثير بن زيد؛ إلا أنه قال: «مسجد الفتح»!).
وقال الحافظ البزار في «المسند» (ج1 ص216-كشف الأستار): (وقال محمد بن المثنى في حديثه: في «مسجد قباء»!).([9])
العلة الخامسة: التفرد، فإن كثير بن زيد الأسلمي، لا يحتمل التفرد، مع كل هذه العلل من المخالفة، والاضطراب في الإسناد، والمتن.
قال الحافظ البزار في «المسند» (ج1 ص216-كشف الأستار): (لا نعلمه يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد).
العلة السادسة: مخالفته للحديث الثابت في الصحيحين أن النبي r قام فدعى على الأحزاب، ولم يثبت أنه كرر هذا الدعاء ثلاثة أيام، ولا تحديد يوم الأربعاء، ولو كان لتحديد يوم الأربعاء مزية على غيره لتفطن له الصحابة y، ولعملوا به ونقلوه، فلم يثبت عن أحد من الصحابة تحري يوم الأربعاء، وتخصيصه بالدعاء بين الصلاتين، فافهم لهذا ترشد.
قلت: وقد خالف ما فهمه الصحابة y من أن هذا الوقت كان يقاتل فيه النبي r بسبب هبوب الريح، وبسبب دخول وقت الصلوات، وهو مخالف لفهم هذا الحديث من تخصيص يوم الأربعاء؛ بهذه الخاصية بين الصلاتين، فلا يقبل هذا الحديث، ويرد لمخالفته الثابت الصحيح عن الصحابة y، بل يقدم ما ثبت وصح عن النبي r، وما فهمه صحابته y من فعله ذلك، ويرد ما خالفه لضعف إسناده، وعلله الآنفة الذكر.
* إليك الدليل على ما نقله لنا الصحابة y مما فعله النبي r في يوم الأحزاب، كما في الصحيحين.
فعن سالم أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله، وكان كاتبا له، قال: (كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى ﭭ، فقرأته: إن رسول الله r في بعض أيامه التي لقي فيها، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس خطيبا قال: أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال:اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم). ([10])
قلت: وفي الحديث وصية الصحابي: عبد الله بن أبي أوفى t؛ بالأخذ بسنة الرسول r، كما في غزوة الأحزاب، ولم يخصص يوما للدعاء عن غيره، فلو كان للأيام ميزة وخصوصية، وأنها موضع للاستجابة؛ لبينه عبد الله بن أبي أوفى t، وإنما بين في الحديث فعل النبي r من تحين وقت زوال الشمس في غزوة الأحزاب، دون ذكر اليوم، وعلى هذا كان غالب عمل النبي r من تحين القتال أول النهار، وإلا فإنه يؤخره حتى تزول الشمس، كما فعل في غزوة الأحزاب، ونقله الصحابة y وبينوا سبب ذلك، ولم يرد عنهم تخصيص يوم الأربعاء بفضل للدعاء.
فعن النعمان بن مقرن t قال: (شهدت القتال مع رسول الله r، كان إذا لم يقاتل في أول النهار، انتظر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلوات). ([11])
قال الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم» (ج12 ص49): (وقد جاء في غير هذا الحديث: أنه r كان إذا لم يقاتل أول النهار، انتظر حتى تزول الشمس.
قال العلماء: سببه أنه أمكن للقتال، فإنه وقت هبوب الريح، ونشاط النفوس، وكلما طال ازدادوا نشاطا، وإقداما على عدوهم، وقد جاء في صحيح البخاري: «أخر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلاة»؛ قالوا: وسببه فضيلة أوقات الصلوات، والدعاء عندها).اهـ
وقال الإمام العيني / في «عمدة القاري» (ج15 ص85): (وهذه المحاورة التي وقعت بين النعمان بن مقرن، والمغيرة بن شعبة ﭭ، بسبب تأخير النعمان القتال، فاعتذر النعمان بقوله: «ولكني شهدت القتال مع رسول الله r ... إلى آخره».
* فقال النعمان t: إنك شهدت القتال مع رسول الله r لكنك ما ضبطت انتظاره للهبوب.
قوله: «وتحضر الصلوات»؛ يعني: بعد زوال الشمس.
وفي الحديث من الفوائد: منقبة النعمان... وأن المفضول قد يكون أميرا على الأفضل، لأن الزبير بن العوام t، كان في جيش عليه النعمان بن مقرن، والزبير أفضل منه اتفاقا... وفيه: فضل القتال بعد زوال الشمس على ما قبله).اهـ
وقال الإمام ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج5 ص134): (وقال: «انتظر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلوات»؛ وأوقات الصلوات أفضل الأوقات، ويستجاب فيها الدعاء).اهـ
وقال الإمام ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج5 ص335): (وقد تقدم هذا الحديث وإسناده في «الجزء الأول»، من «الجهاد»، في باب: «كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس»، وأيضا فإن أفضل الأوقات أوقات الصلوات، وفيها الأذان، وقد جاء في الحديث: «أن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد»([12])).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص146): (فيظهر أن فائدة التأخير: لكون أوقات الصلاة مظنة إجابة الدعاء).اهـ
وقال الإمام الصنعاني / في «سبل السلام» (ج4 ص90): (قالوا: والحكمة في التأخير إلى وقت الصلاة: مظنة إجابة الدعاء).اهـ
وقال الإمام الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج7 ص284): (ظاهر هذا أن التأخير ليدخل وقت الصلاة، لكونه مظنة الإجابة).اهـ
قلت: فلم يبين الصحابة y خصوصية «الدعاء بيوم الأربعاء»، لا في غزوة الأحزاب، ولا في غيرها، بل إن ذلك عام في كل يوم، إن لم يغز أول النهار، استحب له أن يؤخره إلى أن تزول الشمس. ([13])
* وهذا الحديث اختلف فيه: على كثير بن زيد الأسلمي، في سنده ومتنه:
1) فرواه أحمد بن حنبل، وبندار، كلاهما: عن أبي عامر، عن كثير بن زيد، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، حدثني جابر بن عبد الله ﭭ.
أخرجه أحمد في «المسند» (14563)، ومن طريقه: ابن النجار في «الدرة الثمينة في أخبار المدينة» (247)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (1002)، وفي «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج3 ص234)، وفي «مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن» (488)، والبزار في «المسند» (ج1 ص216-كشف الأستار)، ومن طريقه: ابن عبد البر في «التمهيد» (ج19 ص 200 و201)، وابن بشكوال في «المستغيثين بالله تعالى» (ص39) من طريق أحمد بن حنبل، ومحمد بن بشار بندار، وعمرو بن علي، ومحمد بن معمر؛ جميعهم: عن أبي عامر، حدثنا كثير بن زيد، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، حدثني جابر بن عبد الله ﭭ به.
قلت: وهذا سنده منكر، وقد سبق الكلام عليه.
قلت: فعين المسجد في هذا الحديث: «بمسجد الفتح»، ولم يعين: «الصلاة».
2) ورواه محمد بن المثنى عن أبي عامر، عن كثير بن زيد، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن، حدثني جابر بن عبد الله ﭭ؛ (فقال: «مسجد قباء»؛ بدلا من: «مسجد الفتح»)، ولم يسم: «الصلاة».
فأخرجه البزار في «المسند» (ج1 ص216-كشف الأستار)، ومن طريقه: ابن عبد البر في «التمهيد» (ج19 ص200)، وابن بشكوال في «المستغيثين بالله تعالى» (ص39) من طريق محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو عامر، عن كثير بن زيد، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال: حدثني جابر بن عبد الله ﭭ قال: (دعا رسول الله r في مسجد قباء ثلاثا، يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين). قال جابرt: (فلم ينزل في أمر مهم إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة).
قلت: وسنده كسابقه، منكر، لا يصح، فيه كثير بن زيد الأسلمي، ليس بالقوي في الحديث، وقد تفرد به، فلا يحتج به.([14])
* وعبد الله بن عبد الرحمن بن كعب مجهول، لا يحتج به، وقد سبق.([15])
قلت: وقد عين في هذا الحديث: «بمسجد قباء».
وهذا يدل على اضطراب الحديث.
وذكره ابن بشكوال في «المستغيثين بالله تعالى» (ص58).
3) ورواه محمد بن مروان البصري عن أبي عامر، عن كثير بن زيد، حدثني عبد الرحمن بن كعب، حدثني جابر بن عبد الله ﭭ.
أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج19 ص201) من طريق أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا محمد بن مروان البصري حدثنا عبد الملك بن عمرو -يعني: أبا عامر- حدثنا كثير بن زيد قال حدثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال حدثني جابر بن عبد الله ﭭ به، وفيه: (في مسجد الفتح)، ولم يسم: «الصلاة».
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: أحمد بن الفضل الدينوري، عنده مناكير. ([16])
الثانية: كثير بن زيد الأسلمي، سيء الحفظ، لا يحتج به([17])، ومدار الحديث عليه.
4) ورواه سفيان بن حمزة، عن كثير بن زيد، عن عبد الرحمن بن كعب، عن جابر بن عبد الله ﭭ؛ «فرواه عن: عبد الرحمن بن كعب، بدلا من: عبد الله بن عبد الرحمن»، و«أبهم الصلاتين»
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (704) من طريق إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا سفيان بن حمزة قال: حدثني كثير بن زيد، عن عبد الرحمن بن كعب قال: سمعت جابر بن عبد الله ﭭ يقول: (دعا رسول الله r في هذا المسجد، مسجد الفتح، يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له بين الصلاتين من يوم الأربعاء). قال جابر t: (ولم ينزل بي أمر مهم غائظ([18]) إلا توخيت تلك الساعة، فدعوت الله فيه بين الصلاتين يوم الأربعاء في تلك الساعة، إلا عرفت الإجابة).
قلت: وهذا من الاضطراب، وقد خلط فيه كثير بن زيد الأسلمي([19])، وهو منكر الحديث، لا يحتج به، وقد تفرد بهذا الحديث.
5) ورواه محمد بن عمر الواقدي عن كثير بن زيد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله ﭭ؛ «فقال: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب»، بدلا: من:«عبد الله بن عبد الرحمن»، وفي متنه «مسجد الأحزاب»، بدلا: من «مسجد الفتح»، و«حدد الوقت بين الظهر والعصر»، وعين اسم: «الصلاتين»؛ بالظهر والعصر، وألفاظ أخرى.
أخرجه محمد بن عمر الواقدي في «المغازي» (ج2 ص488) من طريق كثير بن زيد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله ﭭ قال: (دعا رسول الله r على الأحزاب في مسجد الأحزاب، يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيب له بين الظهر والعصر يوم الأربعاء. قال: فعرفنا السرور في وجهه). قال جابر t: (فما نزل بي أمر غائظ مهم إلا تحينت تلك الساعة من ذلك اليوم، فأدعو الله فأعرف الإجابة).
قلت: وهذا إسناده واه،، فيه محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك الحديث. ([20])
وكثير بن زيد الأسلمي لا يحتج به، وقد سبق. ([21])
* وهو حديث مضطرب.
6) ورواه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي البصري؛ كلاهما قالا: حدثنا كثير بن زيد، قال: سمعت عبد الرحمن بن كعب بن مالك، يقول: سمعت جابر بن عبد الله ﭭ «فرواه عن عبد الرحمن بن كعب»، وقال: «في مسجد الأحزاب»، و«حدد الوقت بين الظهر والعصر»، وعين اسم: «الصلاتين».
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (3591)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص56)، وابن الغطريف في «جزئه» (68)، ومن طريقه: عبد الغني المقدسي في «الترغيب في الدعاء» (47) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي البصري؛ كلاهما قالا: حدثنا كثير بن زيد، قال: سمعت عبد الرحمن بن كعب بن مالك، يقول: سمعت جابر بن عبد الله ﭭ قال: (دعا رسول الله r في مسجد الأحزاب، يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء، بين الصلاتين: الظهر والعصر، فعرفنا البشر في وجهه). قال جابر t: (فلم ينزل بي أمر مهم؛ إلا توجهت تلك الساعة من ذلك اليوم، فدعوت الله، فأعرف الإجابة).
قلت: وهذا من الاضطراب، وهذا الاضطراب من كثير بن زيد الأسلمي([22])، كما سبق بيانه.
* فهو حديث منكر.
7) ورواه عبد العزيز بن عمران، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن حنطب به، مرسلا.
أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص58) من طريق أبي غسان محمد بن يحيى المدني: أخبرني عبد العزيز بن عمران، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن حنطب قال: (دعا رسول الله r في المسجد الأعلى على الجبل، يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء، واستجيب يوم الأربعاء: بين الصلاتين).
قلت: وهذا إسناده منكر، فيه عبد العزيز بن عمران الزهري المعروف؛ بابن أبي ثابت، وهو متروك الحديث ([23]).
* وكثير بن زيد الأسلمي سيء الحفظ([24])، ويخالف.
* والمطلب بن حنطب أرسله بلفظ: «في المسجد الأعلى على الجبل».
وهذا من الاضطراب ،فلا يصح.
وتابع كثير بن زيد الأسلمي: سعيد بن معاذ الديناري عن ابن أبي عتيق.
* فرواه أبو غسان محمد بن يحيى المدني: أخبرني عبد العزيز؛ يعني: ابن أبي ثابت، عن سعيد بن معاذ الديناري، عن ابن أبي عتيق، عن جابر بن عبد الله ﭭ قال : (دعا رسول الله r في المسجد الأعلى، يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء، واستجيب له يوم الأربعاء: بين الصلاتين).
حديث منكر
أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص58)، بهذا الإسناد.
قلت: وهذا إسناده منكر، فيه عبد العزيز بن عمران الزهري يعرف؛ بابن أبي ثابت([25])، وهو متروك الحديث كما تقدم، وسعيد بن معاذ لم أجد له ترجمة، فهو: مجهول.
* وأخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص60) من طريق أبي غسان، عن ابن أبي يحيى، عن خالد بن رباح، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب: (أن النبي r دعا يوم الإثنين في مسجد الفتح، واستجيب له عشية الأربعاء: بين الصلاتين).
حديث منكر
قلت: وهذا مرسل منكر أيضا، فيه ابن أبي يحيى، وهو إبراهيم بن محمد الأسلمي كذبوه، متروك الحديث([26])، واختلفت ألفاظه فجعل الدعاء في يوم الإثنين، ولكن الاستجابة حصلت: الأربعاء، وكل ذلك من الاضطراب فيه، وأرسله عن المطلب، فلا يصح بحال.
* ثم ابن أبي يحيى: اضطرب في متنه، وفي سنده.
* فأخرج ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص58) من طريق أبي غسان، عن ابن أبي يحيى، عن أسيد بن أبي أسيد، عن أشياخهم: (أن النبي r دعا على الجبل الذي عليه مسجد الفتح، وصلى في المسجد الصغير، الذي بأصل الجبل على الطريق، حتى مصعد الجبل).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه من لم يسم من المشايخ، فهو منقطع، وكذلك ابن أبي يحيى تقدم أنه متروك الحديث. ([27])
* فابن أبي يحيى اضطرب في إسناده، فمرة يقول: عن خالد بن رباح عن المطلب بن عبد الله، مرسلا.
ومرة يقول: عن أسيد بن أبي أسيد عن أشياخهم.
ثم اضطرب في ألفاظ الحديث، فمرة: بذكر موضع الشاهد، وهو استجابة الدعاء يوم الأربعاء.
ومرة: لا يذكر موضع الشاهد.
ومرة: يرويه عن سلمة بن أبي يزيد، عن جابر، بدون ذكر موضع الشاهد.
* أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص59) من طريق أبي غسان، عن ابن أبي يحيى، عن سلمة بن أبي يزيد، عن جابر t: (أن النبي r قعد على موضع مسجد الفتح وحمد الله، ودعا عليه، وعرض أصحابه وهو عليه).
قلت: وهذا الإسناد كسابقه، منكر لا يفرح به، فابن أبي يحيى وهو متروك([28])، كما تقدم؛ وقد اضطرب في الحديث، وقد سبق.
* ورواه ابن أبي يحيى، عن الفضل بن مبشر، عن جابر بن عبد الله ﭭ قال: (دعا النبي r على الجبل الذي عليه مسجد الفتح من ناحية الغرب، وصلى من وراء المسجد).
حديث منكر
أخرجه ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص59).
قلت: وهذا سنده كسابقه، لا يصح.
* وقد اضطرب: ابن أبي يحيى في إسناده، وفي متنه، كما هو ظاهر، وقد سبق، ثم ليس فيه موضع الشاهد، وهو: «استجابة الدعاء يوم الأربعاء».
* أخرجه أيضا ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص64) من طريق ابن أبي يحيى، عن أبي بكر بن يحيى بن النضر الأنصاري، عن أبيه: (أن النبي r لم يصل في مسجد ما في جوبة المدينة، إلا في مسجد أبي بن كعب في بني جديلة، ومسجد بني عمرو بن مبذول , ومسجد جهينة، ومسجد بني دينار، ومسجد دار النابغة، ومسجد بني عدي، وأنه جلس في كهف سلع، وجلس في مسجد الفتح ودعا فيه).
حديث باطل
قلت: وهذا مرسل منكر كسابقه، تقدم ذكر الكلام على ابن أبي يحيى فيه، وفيه كذلك أبو بكر الأنصاري مستور([29])، وقد أرسله أبوه، وليس فيه دليل على تخصيص يوم الأربعاء بدعاء فوق كل ذلك.
* فهو: حديث باطل.
* وتابع ابن أبي يحيى: معاذ بن سعيد السلمي، بذكر صلاة العصر، وغير ذلك، دون ذكر الشاهد، في الدعاء يوم الأربعاء.
* فأخرجه ابن النجار في «الدرة الثمينة في أخبار المدينة» (248) من طريق أبي منصور بن شكرويه أخبرنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا أبو عبد الله المحاملي حدثنا علي بن سالم([30])، حدثنا: إسماعيل بن أبي فديك، عن معاذ بن سعيد السلمي عن أبيه عن جابر t : (أن رسول الله r مر بمسجد الفتح الذي على الجبل، وقد حضرت صلاة العصر فرقى، فصلى فيه صلاة العصر).
حديث منكر
قلت: وهذا إسناده مظلم، فمعاذ بن سعيد السلمي([31])، وأبوه لم أجد لهما ترجمة، وأبو منصور محمد بن أحمد ابن شكرويه متكلم فيه([32])، وهو ضعيف، ثم ليس فيه موضع الشاهد: «وهو الدعاء يوم الأربعاء».
* وأخرجه أيضا ابن النجار في «الدرة الثمينة في أخبار المدينة» (249)، وابن الجوزي في «مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن» (487) تعليقا: عن هارون بن كثير عن أبيه عن جده: (أن رسول الله r يوم الخندق دعا على الأحزاب في موضع الأسطوانة الوسطى من مسجد الفتح الذي على الجبل).
حديث منكر
قلت: وهذا إسناده مظلم، فهارون بن كثير مجهول، بل ضعف، وأنكرت أحاديثه([33])، وأبوه، وجده: مجهولي العين، ناهيك عن أنه معلق، فأوله وآخره: مظلم الإسناد.
* وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (31881) من طريق عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا موسى بن عبيدة، عن عمر بن الحكم الأنصاري / قال: (سألته هل صلى رسول الله r في مسجد الفتح، الذي يقال له: مسجد الأحزاب؟، قال: لم يصل فيه، لكنه دعا، فكان من دعائه أن قال: اللهم لك الحمد، لا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا مهين لمن أكرمت، ولا مكرم لمن أهنت، ولا ناصر لمن خذلت، ولا خاذل لمن نصرت، ولا معز لمن أذللت، ولا مذل لمن أعززت، ولا رازق لمن حرمت، ولا حارم لمن رزقت، ولا مانع لمن أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا رافع لمن خفضت، ولا خافض لمن رفعت، ولا ساتر لما خرقت، ولا خارق لما سترت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت، ثم دعا عليهم، فلم يصبح في المدينة كذاب من الأحزاب، ولا من المشركين إلا أهلكه الله، غير حيي بن أخطب، وقريظة قتلها الله وشتتت).
حديث باطل
قلت: وهذا مرسل منكر، وموسى بن عبيدة بن نشيط الربذي ضعفوه، وأنكروا أحاديثه([34])، وقد أرسله عن عمر بن الحكم، فلا يحل الاحتجاج به.
* وكذلك: أخرجه أحمد في «المسند» (15230)، ومحمد بن عمر الواقدي في «المغازي» (ج2 ص488)، ومن طريقه: ابن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص60) من طريقين عن الواقدي، وحسين بن محمد بن بهرام المروزي، كلاهما: عن ابن أبي ذئب، عن رجل من بني سلمة، عن جابر بن عبد الله ﭭ: (أن النبي r أتى مسجد – يعني: الأحزاب - فوضع رداءه وقام، ورفع يديه مدا يدعو عليهم، ولم يصل قال: ثم جاء ودعا عليهم، وصلى).
وفي لفظ: (قام رسول الله r على الجبل الذي عليه المسجد، فدعا في إزار ورفع يديه مدا، ثم جاءه مرة أخرى فصلى ودعا).
حديث منكر
قلت: وهذه متابعة واهية أيضا، فأما من حيث الإسناد ففيه من لم يسم، وهو الرجل من بني سلمة، وأما من حيث المتن، فليس فيها: «ذكر الاستجابة للدعاء»، ولا وقت الصلاة، ولا أي: يوم كانت، فلا يفرح بها.
قال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج4 ص12): (رواه أحمد، وفيه رجل لم يسم).
* وأخرج ابن زبالة في «أخبار المدينة» (ج3 ص39-وفاء الوفاء) عن المطلب مرسلا: (أن النبي r دعا في مسجد الفتح يوم الأحزاب، حتى ذهبت الظهر، وذهبت العصر، وذهبت المغرب، ولم يصل منهن شيئا، ثم صلاهن جميعا بعد المغرب).
قلت: وهذا كسابقه، منكر الإسناد والمتن، فأما الإسناد: فهو مرسل، وابن زبالة: هو محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، وهو متروك قد كذبوه([35])، وأما المتن: فقد خالف الصحيح الثابت في أن النبي r فاتته العصر فقط.([36])
* وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج14 ص157): (ولما اشتد الأمر على المسلمين، وطال المقام في الخندق، قام r على التل الذي عليه مسجد الفتح في بعض الليالي، وتوقع ما وعده الله من النصر، وقال r: من يذهب ليأتينا بخبرهم وله الجنة؟. فلم يجبه أحد، وقال ثانيا، وثالثا، فلم يجبه أحد، فنظر إلى جانبه وقال: من هذا؟ فقال: حذيفة. فقال r : ألم تسمع كلامي منذ الليلة؟ قال حذيفة: فقلت يا رسول الله، منعني أن أجيبك الضر والقر. قال: انطلق حتى تدخل في القوم فتسمع كلامهم، وتأتيني بخبرهم، اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله حتى ترده إلي، انطلق ولا تحدث شيئا حتى تأتيني. فانطلق حذيفة بسلاحه، ورفع رسول الله r يده يقول: يا صريخ المكروبين([37])، ويا مجيب المضطرين، اكشف همي، وغمي، وكربي، فقد ترى حالي، وحال أصحابي، فنزل جبريل وقال: إن الله قد سمع دعوتك، وكفاك هول عدوك، فخر رسول الله r على ركبتيه، وبسط يديه، وأرخى عينيه، وهو يقول: شكرا، شكرا، كما رحمتني، ورحمت أصحابي. وأخبره جبريل أن الله تعالى مرسل عليهم ريحا، فبشر أصحابه بذلك. قال حذيفة: فانتهيت إليهم وإذا نيرانهم تتقد، فأقبلت ريح شديدة فيها حصباء، فما تركت لهم نارا إلا أطفأتها، ولا بناء إلا طرحته، وجعلوا يتترسون من الحصباء. وقام أبو سفيان إلى راحلته وصاح في قريش: النجاء النجاء، وفعل كذلك عيينة بن حصن، والحارث بن عوف، والأقرع بن حابس، وتفرقت الأحزاب).
حديث منكر
قلت: ولم أجد له إسنادا، ناهيك أن متنه جاء في الدعاء «بالليل»، فلا يعضد به حديث جابر t، فهو: حديث لا أصل له.
قلت: وقصة حذيفة t يوم الأحزاب لم يكن فيها الدعاء.
فعن حذيفة t قال: (لقد رأيتنا مع رسول الله r ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقر، فقال رسول الله r: ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟، فسكتنا فلم يجبه منا أحد، فقال: قم يا حذيفة، فأتنا بخبر القوم، فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم، قال: اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تذعرهم علي، فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه، فذكرت قول رسول الله r: ولا تذعرهم علي، ولو رميته لأصبته، فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام، فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت، قررت، فألبسني رسول الله r من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها، فلم أزل نائما حتى أصبحت، فلما أصبحت قال: قم يا نومان). ([38])
قلت: فلم يذكر فيها الدعاء، ولكن جاء ذكر الدعاء في حديث عبد الله بن أبي أوفى ﭭ.
* فعن سالم أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله، وكان كاتبا له، قال: (كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى ﭭ، فقرأته: إن رسول الله r في بعض أيامه التي لقي فيها، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس خطيبا قال: أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال: اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم). ([39])
قلت: وقد تقدم الكلام على ذلك في العلة السادسة؛ لحديث جابر t في «استجابة الدعاء يوم الأربعاء»، وأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة، مما كان عليه النبي r، وكان عليه عمل الصحابة y، وأنه لم يرد عنهم تخصيص: يوم الأربعاء بفضل للدعاء.
قال الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم» (ج12 ص49): (وقد جاء في غير هذا الحديث، أنه r كان إذا لم يقاتل أول النهار، انتظر حتى تزول الشمس، قال العلماء: سببه أنه أمكن للقتال، فإنه وقت هبوب الريح، ونشاط النفوس، وكلما طال ازدادوا نشاطا، وإقداما على عدوهم، وقد جاء في صحيح البخاري: «أخر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلاة» ([40])؛ قالوا: وسببه فضيلة أوقات الصلوات، والدعاء عندها).اهـ
قلت: فلم يحدد الدعاء بيوم الأربعاء، ولم يخصص بذلك، بل هو عام في كل يوم، فتنبه.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه، سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
ذكر الدليل على ضعف حديث: «استجابة الدعاء يوم الأربعاء»................................................................................................... |
5 |
([1]) قلت: وراجع كتاب: «إرشاد الطبيب إلى تحريم العمل بالحديث الضعيف في الترغيب والترهيب» لأبي الحسن علي بن حسن العريفي الأثري رفع الله قدره، فإنه قد أجاد وأفاد في هذا الموضوع.
([3]) قلت: وراجع كتاب: «فيض الوعاء في أوقات وأماكن إجابة الدعاء» لأم خديجة الدوسري الأثرية رفع الله قدرها، فإنها قد أجادت وأفادت بمختصر ماتع نافع في هذا الموضوع.
([4]) وقد حسن الشيخ الألباني حديث كثير بن زيد هذا؛ كما في «صحيح الأدب المفرد» (ص 262)، وفي «صحيح الترغيب والترهيب» (1185)، والحق أنه حديث منكر، فقد وصف الشيخ الألباني: «كثير بن زيد»، في «إرواء الغليل» (ج5 ص143)؛ بقوله: «مثله حسن الحديث، إن شاء الله تعالى ما لم يتبين خطئوه,،، ولم يتفرد به»؛ يعني: في حديث آخر، وقد تبين خطؤه في هذا الحديث: بتفرده، واضطرابه في أسانيده ومتونه، ومخالفته للصحيح الثابت، كما سيأتي تفصيل كل ذلك.
لذلك قال الشيخ الألباني مرة في «الصحيحة» (ج4 ص328): «كثير بن زيد الأسلمي: ضعيف».
وكذلك؛ أخطأ الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج4 ص12)؛ بقوله: (رواه أحمد، والبزار، ورجال أحمد ثقات!)؛ وكذلك الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص143)، مع أن الحافظ الهيثمي: قد وصف «كثير بن زيد» بقوله: «اختلف في الاحتجاج به»، ومرة قال: «فيه كلام»، وقال أخرى: «فيه ضعف»، وهذا هو الحق أنه: متكلم فيه، فلا يقبل حديثه مع كل هذه العلل: من الاضطراب، والمخالفة، والتفرد، فافهم لهذا ترشد.
* وانظر: «مجمع الزوائد» للهيثمي (ج2 ص115)، و(ج4 ص14 و66)، و«إرواء الغليل» للألباني (ج5 ص143)، و«السلسلة الصحيحة» له (ج4 ص328).
([5]) قال عنه ابن المديني: «صالح وليس بالقوي»، وقال أحمد: «ما أرى به بأس»، وقال ابن معين: «ليس به بأس»، وقال مرة: «صالح»، وقال في أخرى: «ليس بذاك القوي، وكان قال لا شيء ثم ضرب عليه»، وقال أخرى: «ضعيف»، وقال أبو زرعة: «صدوق فيه لين»، وقال أبو حاتم: «صالح، ليس بالقوي، يكتب حديثه»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال يعقوب بن شيبة: «ليس بذاك الساقط، وإلى الضعف ما هو»، وقال ابن عدي: «أرجو أنه لا بأس به»، وقال ابن جرير الطبري: «هو عندهم ممن لا يحتج بنقله»، وقال ابن حجر: «صدوق يخطئ»، وقال ابن تيمية: «فيه كلام»، وقال ابن القيم: «قد تكلم فيه»، وقال ضياء الدين المقدسي: «فيه بعض الكلام»، وقال المعلمي: «غير قوي»، وقال مرة: «ضعيف»، وقال الألباني: «ضعيف».
* وانظر: «العلل ومعرفة الرجال لأحمد» رواية ابنه عبد الله (ج2 ص317)، و«سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني» (98)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج7 ص151)، و«تاريخ ابن معين» رواية ابن محرز (164)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (530)، و«الكمال» لعبد الغني المقدسي (ج8 ص236)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج24 ص113)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص370)، و«تقريب التهذيب» له (ص 808)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج5 ص489)، و«ديوان الضعفاء» له (ص 330)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي (ج7 ص204)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص222)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج8 ص407)، و«التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة (ص439)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج50 ص24)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (2786)، و«مغاني الأخيار» للعيني (ج2 ص492)، و«التحفة اللطيفة» للسخاوي (ج2 ص391)، و«اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص344)، و«جلاء الأفهام» لابن القيم (ص 51)، و«السنن والأحكام» لضياء الدين المقدسي (ج4 ص300)، و«آثار المعلمي اليماني» (ج12 ص46 و431)، و«السلسلة الصحيحة» للألباني (ج4 ص328).
([7]) وقد ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج5 ص95)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج6 ص163)؛ ولم يذكرا فيه جرحا أو تعديلا، فهو مجهول الحال بذلك، وقال فيه الحافظ أبو المحاسن الحسيني في «الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال» (ص239): «فيه نظر»، ونقله عنه كذلك الحافظ ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (ج1 ص750)، وأقره.
* وأما الحافظ ابن حبان فقد ذكره في «الثقات» (ج7 ص3)؛ على قاعدته في توثيق المجهولين، وتابعه الحافظ قطلوبغا في «الثقات» (ج6 ص55).
قال الحافظ ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (ج1 ص750): (عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري: عن أبيه، وجابر، وعنه كثير بن زيد، وعبد الله بن محمد بن عقيل، فيه نظر.
قلت –يعني الحافظ-: أما الذي روى عن جابر، وروى عنه كثير بن زيد فهو كما ذكر، وحديثه عن جابر t في: «الدعاء في مسجد الفتح».
وأما الذي روى: عن أبيه، وروى عنه ابن عقيل، فالذي أظنه أنه انقلب، وأنه عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، شيخ الزهري، وهو مترجم في التهذيب، ولكن ذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة من «الثقات»؛ كالذي وقع هنا، فلعله: ابن عمه، والله أعلم).اهـ
* وانظر: «التحفة اللطيفة» للسخاوي (ج2 ص52).
([8]) قلت: وفي هذا الاختلاف الشديد في اسم المسجد؛ زجر للصوفية الذين يستدلون بهذا الحديث في مسألة التبرك بالمواضع والآثار، فكيف يتعدد المسجد والحادثة واحدة!، وهذا كله من نكارة أسانيد وألفاظ هذا الحديث، فلا يستدل به على أمر في الشريعة مطلقا، فكيف بالاستدلال به على أمور مبتدعة شركية من التبرك بالمواضع والأماكن، فتنبه.
([10]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2933)، و(2965)، و(3024)، و(4115)، و(6392)، و(7489)، ومسلم في «صحيحه» (1742).
([11]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3160)، من طريق جبير بن حية، قال: ندبنا عمر بن الخطاب t، واستعمل علينا النعمان بن مقرن t، حتى إذا كنا بأرض العدو وخرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا، فذكره.
قلت: وقد قال النعمان t هذا الكلام في محضر جماعة من الصحابة.
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج1 ص415)، وأبو داود في «سننه» (ج1 ص144) من حديث أنس بن مالك t.
وإسناده صحيح.
وصححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1ص261).
وانظر: «فيض الوعاء في أوقات وأماكن اجابة الدعاء» لأم خديجة الأثرية (ص 12).
([14]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج24 ص113)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص370)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج5 ص489).
([16]) انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص272)، و«تاريخ الإسلام» له (ج7 ص871)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج1 ص577)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج5 ص164).
([17]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج24 ص113)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (ص330)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (530).
([26]) قال عنه ابن المديني: «كذاب»، وقال يحيى بن معين: «كان كذابا, وكان رافضيا قدريا»، وقال يحيى بن سعيد القطان: «كنا نتهمه بالكذب»، وقال أحمد: «لا يكتب حديثه، ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث منكرة، لا أصل لها، وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه، كان قدريا جهميا كل بلاء فيه»، وقال إبراهيم بن سعد: «كنا نسميه: خرافة»، وقال مالك: «ليس هو في دينه وحديثه بذاك»، وقال ابن المبارك: «تركت حديثه»، وقال أبو داود: «قدري رافضي كذاب»، وكان يزيد بن هارون: «يكذبه»، وقال الدارقطني: «ضعيف الحديث، ضعيف الدين، رافضي، قدري»، وقال بشر بن المفضل: «سألت فقهاء أهل المدينة عنه، فكلهم يقولون: كذاب، أو نحو هذا»، وقال البخاري: «جهمي تركه ابن المبارك والناس»، وقال النسائي: «متروك الحديث»، وقال أبو حاتم: «كذاب، متروك الحديث»، وقال أبو زرعة: «ليس بشيء»، وقال ابن حجر: «متروك»، وقال الذهبي: «قد ساق ابن عدي لإبراهيم ترجمة طويلة إلى أن قال:...وثقه الشافعي، وابن الأصبهاني، قلت –يعني الذهبي-: الجرح مقدم».
انظر: «سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني» (155)، و«العلل ومعرفة الرجال لأحمد»؛ رواية: ابنه عبد الله (ج2 ص503 و535)، و«سؤالات السلمي للدارقطني» (11)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص125)، و«الضعفاء الصغير» للبخاري (8)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج1 ص62)، و«تهذيب الكمال في أسماء الرجال» للمزي (ج2 ص184)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي (ج1 ص353)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ص836)، و«تهذيب التهذيب» له (ج1 ص137)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص182)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص105).
([30]) أشار محقق كتاب «الدرة الثمينة في أخبار المدينة» صلاح الدين بن عباس (ص348)؛ أنه علي بن مسلم؛ يعني: الطوسي، كما وقع في بعض نسخ المخطوطات، وهو: «ثقة» كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر(ص705)، وليس ابن سالم، كما وقع في بعض النسخ الأخرى، فإني لم أجد لهذا الأخير ترجمة.
([31]) أشار محقق كتاب «الدرة الثمينة في أخبار المدينة» صلاح الدين بن عباس (ص348)؛ أن معاذ بن سعد: هو الذي ترجم له الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب» (ص951) بقوله: (معاذ بن سعد، ويقال: سعيد، مجهول، من السادسة).
قلت: ولم ينسبه الحافظ ابن حجر؛ ففي الإسناد نسبه ابن النجار: بـ«السلمي»، وسواء كان هو، أو غيره، فهو مجهول على كل حال.
([32]) انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج6 ص55)، و«ديوان الضعفاء» له (ص 339)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج6 ص541)، و«التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد» لابن نقطة (31)، و«الوافي بالوفيات» للصفدي (406).
([33]) قال أبو حاتم: «مجهول»، وقال ابن عدي: «شيخ ليس بمعروف»، وقال ابن القيسراني: «غير معروف»، وقال السيوطي: «غير معروف»، وقال ابن حجر: «أحد الضعفاء»، وقال الذهبي: «مجهول».
وانظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج9 ص94)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي (ج8 ص440)، و«ذخيرة الحفاظ» لابن القيسراني (ج4 ص2370)، و«اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» للسيوطي (ج1 ص208)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص247-عند ترجمة: سلام بن سلم)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج7 ص65)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (3574).
([36]) فعن جابر بن عبد الله ﭭ: (أن عمر بن الخطاب t، جاء يوم الخندق، بعد ما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر، حتى كادت الشمس تغرب، قال النبي r: والله ما صليتها، فقمنا إلى بطحان، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (596)، و (598)، و (641)، و (4112)، ومسلم في «صحيحه» (631)
([37]) لفظ هذا الدعاء جاء أنه في غزوة أحد، وليس في الأحزاب، ولكنه مرسل لا يصح.
أخرجه ابن بشكوال في «المستغيثين بالله تعالى» (8) من طريق يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا عبد العزيز، عن حسين بن زيد بن علي بن حسين، عن جعفر الصادق مرسلا: (أن رسول الله r دعا يوم أحد بهذا الدعاء: يا صريخ المكروبين، ومجيب المضطرين، ويا كاشف الكرب العظيم، اكشف كربي وهمي وغمي، فإنك ترى حالي، وحال أصحابي. فصرف الله عدوهم).
قلت: وهذا إسناده مرسل، أرسله جعفر الصادق، فلا يصح.
([38]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1788) من طريق زهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم، جميعا: عن جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن حذيفة t به.