الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه ضعف حديث: أبي ذر رضي الله عنه؛ في فضل قيام الليل مع الجماعة: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف من صلاته، حسب له قيام ليلته
جزء فيه ضعف حديث: أبي ذر رضي الله عنه؛ في فضل قيام الليل مع الجماعة: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف من صلاته، حسب له قيام ليلته
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار 67
|
جزء فيه
ضعف حديث: أبي ذر t؛ في فضل قيام الليل مع الجماعة: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف من صلاته، حسب له قيام ليلته»
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر ولا تعسر
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران:102].
]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء: 1].
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
* لا تخفى أهمية علم الرجال والعلل في الحفاظ على السنة النبوية، وحمايتها من أن يدخل فيها ما ليس منها، فهو الميزان الذي تعرض عليه أحوال الناقلين لأحاديث رسول الله r، وبه يميز الصادق من الكاذب، والثقة من الضعيف، والضابط من غير الضابط.([1])
قال الإمام علي بن المديني /: (التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم).([2])
قلت: فيعد علم علل الحديث من أهم أنواع علوم الحديث، وأشرفها على الإطلاق؛ ذلك لما له من وظيفة غاية في الدقة والأهمية، وهي الكشف عما يعتري الثقات من أوهام.
قال الحافظ الخطيب / في «الجامع» (ج2 ص294): (معرفة العلل أجل أنواع علم الحديث).اهـ.
وقال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص112): (هذا النوع منه معرفة علل الحديث، وهو علم بـرأسـه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل). اهـ.
قلت: وهذا العلم يعد من أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة الثقات، ومعرفة ثاقبة في علل الحديث.([3])([4])
قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج4 ص662): (اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقيمه يحصل من وجهين:
أحدهما: معرفة رجاله، وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين: لأن الثقات والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التآليف.
الوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع، ونحو ذلك.
* وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه، وكثرة مـمـارسـتـه الوقوف على دقائق علل الحديث). اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب / أيضا في «شرح العلل الصغير» (ج4 ص662): (ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به، فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين به؛ كيحيى بن سعـيـد القطان، ومن تلقى عنه؛ كأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهما.
* فمن رزق مطالعة ذلك وفهمه وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة، صلح له أن يتكلم فيه). اهـ.
قلت: لأن علم العلل هو أدق علوم الحديث، وأغمض أنواع الحديث، ولا يقوم به إلا من فهمه الله تعالى هذا العلم الثاقب.
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد من أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك).اهـ.
قلت: ولأن هذا العلم بحاجة إلى إحاطة تامة بالرواة والأسـانـيـد، فقد قل المتكلمون فيه في كل عصر.
قال الإمام ابن مندة /: (إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرا يسيرا من كثير ممن يدعي علم الحديث).([5]) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم). اهـ.
قلت: وقد اشتكى العلماء قديما من ندرة المؤهلين للنظر في هذا العلم، بل في وجودهم أصلا في بعض العصور.
قال الإمام أبو حاتم الرازي /؛ لما مات أبو زرعة الرازي /: (ذهب الذي كان يحسن هذا المعنى – أي: التعليل – يعني: أبا زرعة، ما بقي بمصر، ولا بالعراق أحد يحسن هذا).([6])
وقال الإمام أبو حاتم الرازي /: (جرى بيني، وبين أبي زرعة يوما تمييز الحديث ومعرفته؛ فجعل يذكر أحاديث، ويذكر عللها.
وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها، وخطأ الشيوخ.
فقال أبو زرعة، لي: يا أبا حاتم، قل من يفهم هذا، ما أعز هذا، إذا رفعت هذا من واحد واثنين؛ فما أقل من تجد من يحسن هذا، وربما أشك في شيء، أو يتخالجني شيء في حديث، فإلى أن ألتقي معك، لا أجد من يشفيني منه!). ([7])
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «الموضوعات» (ج1 ص31): وهو يتكلم عن نقاد الحديث: (غير أن هذا النسل قد قل في هذا الزمان فصار أعز من عنقاء مغرب). اهـ.
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «الموضوعات» (ج1 ص31): (فكان الأمر متحاملا إلى أن آلت الحال إلى خلف لا يفرقون بين صحيح وسـقـيـم، ولا يعرفون نسرا من ظليم). اهـ.
قلت: يرحم الله أئمة الحديث، كيف لو أدركوا زماننا؛ ماذا عسى هؤلاء أن يقولوا؛ اللهم غفرا.
* ونظرا لوظيفته في الكشف عن الأوهام نجد ناقد العلل يفرح لظفره بعلة حديث عنده أكثر من فرحه بأحاديث جديدة يضيفها إلى رصيده.
قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي /: (لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليست عندي).([8])
* وتقديرا لأهمية هذا العلم لكشف الأوهام في الأحاديث؛ فإن كبار المحدثين إذا شك أحدهم في رواية جمع طرقها، ونظر في اختلافها؛ ليعرف علتها.
قلت: لأن هذا هو السبيل لكشفها.
قال الحافظ الخطيب / في «الجامع» (ج2 ص295): (والسبيل إلى معرفة علة الحديث([9]) أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، وتعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان، والضبط). اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (مدار التعليل في الحقيقة على بيان الاختلاف). اهـ.
قلت: ونص نقاد الحديث على مبادئ هذا العلم، ووسائل معرفته.
فقال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص113): (والحجة فيه عندنا: الحفظ، والفهم، والمعرفة لا غير). اهـ.
قلت: فالأمر هذا إذن يأتي بالمذاكرة والحفظ، والبحث والتخريج، وملازمة أصحاب الحديث، والاطلاع الواسع على الأسانيد، والمداومة على قراءة مصنفات أهل الحديث.
قال العلامة المعلمي / في «مقدمته للفوائد المجموعة» (ص9): (القواعد المقررة في مصطلح الحديث، منها: ما يذكر فيه خلاف، ولا يحقق الحق فيه تحقيقا واضحا، وكثيرا ما يختلف الترجيح باختلاف العوارض التي تختلف في الجزئيات كثيرا، وإدراك الحق في ذلك يحتاج إلى مـمـارسـة طويلة لكتب الحديث، والرجال والعلل، مع حسن الفهم وصلاح النية). اهـ.
وقال الحافظ العلائي /: (إن التعليل أمر خفي لا يقوم به إلا نقاد أئمـة الحديث، دون من لا اطلاع له على طرقه وخفاياها).([10]) اهـ.
قلت: ومنهج جمع الروايات ومقارنتها؛ لتمييز الصواب من الخطإ فيها، هو منهج أهل الحديث القويم. ([11])
* فيستنكر النقاد أحيانا بعض ما ينفرد فيه الثقات من الحديث، ويردون غرائب رواياتهم، بالرغم من ثقتهم، واشتهارهم بالعلم.
قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص582): (وأما أكثر الحفاظ المتقدمين؛ فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه أنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه، واشتهرت عدالته وحديثه؛ كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه).اهـ.
قلت: فيعد وهم الراوي وما يتابعه من مسائل، من أكثر قضايا علوم الحديث، التي شغلت بال النقاد، ونجد إعلالهم لكثير من الروايات بهذه العلة واضحا متوافرا في كتب الرجال والعلل، كما أنهم عنوا بمعرفة وحصر كل راو ثبت أنه عانى من الوهم، والخطإ، والخلط، وصنفت في ذلك كتب من قبل الحفاظ ولا يستغني مشتغل بالحديث وعلله عن معرفة هؤلاء؛ المختلطين والمخطئين، وما لكل واحد منهم من روايات دخلها الوهم والغلط.
* ولهذا كان النقاد يجدون مشقة بالغة، وهم يفتشون في أسانيد مختلفي الأمصار ويتفحصونها.
قلت: ولأجل هذه الصعوبة التي ذكرت، ينبغي للناقد الذي يريد اكتشاف الوهم في روايات مختلفي الأمصار، أن يكون ذا دراية تامة، وإحاطة شاملة بالمختلطين والمخطئين وأخبارهم، وأساليبهم في ذلك، وعمن أخطئوا، وعدد رواياتهم الشاذة إلى غير ذلك من قضايا تساعد في تجلية هذه المشكلة حتى يتسنى له اكتشاف الوهم في الروايات. ([12])
قلت: ولقد تحصل لي من هذا البحث العلمي بعد أن جمعت فيه طرق حديث: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف من صلاته، حسب له قيام ليلته»، والكلام على أسانـيـدها جرحا وتعديلا، وبيان عللها، والحكم عليها بالشذوذ والضعف.
* ولذلك على المسلم الحق أن يطلب العلم، ويسلك سبيله، ويعمل بحقه؛ لكي يضبط أصول الكتاب الكريم، والسنة النبوية.
قلت: فيعمل جادا في البحث([13]) عما يستنبط منهما من معان، وأحكام فقهية؛ لكي يتعبد الله تعالى بما شرعه في دينه، وفيما ثبت وصح عن النبي r، لأنه لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتعبد الله تعالى؛ إلا بما شرعه في دينه، ولذلك يحرم على المسلم أن يتعبد الله تعالى بالأحاديث الضعيفة، أو الألفاظ الشاذة، أو المنكرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة» (ص162): (لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة، التي ليست صحيحة ولا حسنة). اهـ.
وقـال الــعــلامـة الــشــوكــانـي / فـي «إرشـــاد الـــفــــحــــول» (ص48): (الضعيف الذي يبلغ ضعفه إلى حد لا يحصل معه الظن لا يثبت به الحكم، ولا يجوز الاحتجاج به في إثبات شرع عام، وإنما يثبت الحكم بالصحيح والحسن لذاته، أو لغيره، لحصول الظن بصدق ذلك، وثبوته عن الشارع). اهـ.
قلت: والتعبد لله تعالى بغير ما شرعه من أخطر الأمور على العبد؛ لما يجعله يحاد الله تعالى، ورسوله r.([14])
* لأن التشريع من الله تعالى لهذه الأمة الإسلامية ينزل على الرسول r عـن طريق الوحيين: «الكتاب والسنة»، ]وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى[ [النجم: 3-4]، ولم يقبض الله تعالى رسول الله r إليه إلا بعد أن أكمل له ولأمته هذا الدين؛ فأنزل عليه قبل وفاته بأشهر في حجة الوداع، قوله تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3].
قلت: فكان كمال الدين من نعم الله تعالى العظيمة على هذه الأمة الإسلامية، ولذا كانت اليهود تغبط المسلمين على هذه الآية؛ لما أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص105)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2362): (أن رجلا من اليهود جاء إلى عمر t فقال: آية في كتابكم تقرؤونها لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال أي آية قال: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]).
قلت: فإذا تقرر ذلك؛ فإنه لا يجوز لمسلم أن يزيد في دين الله تعالى ما ليس منه، ولا يعبد الله تعالى؛ إلا بما شرع الله تعالى، ورسوله r، بل يجب على المسلمين جميعا أن يخضعوا لأمر الله تعالى، ورسوله r، وأن لا يتبعوا في الدين ما لم يأذن به الله تعالى، ولم يشرعه رسوله r مهما رأوه حسنا؛ لأن الدين قد كمل.
قلت: وبعد استعراض هذه الفوائد العلمية؛ لعلم أصول الحديث، فإنه يظهر من خلالها ما تعود به من الخير على طلبة العلم، وعليه فإنهم مطالبون بإتقان أدوات هذا العلم([15])، والتمرس فيه، وإلا وقعوا في أوهام فاحشة هي عكس هذه الفوائد الحديثية.
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة الإسلامية، وأن يتقبل مني هذا الجهد، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه ورعايته، إنه نعم المولى، ونعم النصير، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو عبد الرحمن
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
ذكر الدليل على أن الخطأ والوهم في الأحاديث، لا يسلم منهما أحد من الرواة، حتى من الثقات، الأثبات، الحفاظ؛ من الأئمة الكبار في الحديث، لأن الله تعالى كتب الخطأ والوهم على بني آدم في هذه الحياة، ولا بد
عن عبد الله بن بحينة t أنه قال: (صلى لنا رسول الله r، ركعتين، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته، ونظرنا تسليمه، كبر سجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1224)، ومسلم في «صحيحه» (570)، وأبو داود في «سننه» (1034)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص345)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص96)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص99)، والنسائي في «السنن» (ج3 ص19)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج2 ص193)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص352 و353)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص333 و334) من طريق مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن عبد الله بن بحينة t به.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج4 ص370)، في تعليقه على هذا الحديث: (وفي هذا الحديث: بيان أن أحدا لا يسلم من الوهم والنسيان؛ لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء، فغيرهم بذلك أحرى). اهـ.
قلت: ولا شك أن الوهم: لا يسلم منه أحد؛ إلا أن الرواة، متفاوتون في ذلك.([16])
* والوهم: هو ما يخطئ فيه الراوي، وهو يظنه: على الصواب.
* وتجد هذه اللفظة في كتب الرجال، والعلل، فيقولون: «في حديثه: وهم»، أي: غلط، أو: «في حديثه: أوهام»، أو: «صدوق: يهم»، أو: «له أوهام».
* والطريق لمعرفة العلة في الحديث، لا بد من جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، لأن جمع الروايات من حيث اتفاقها، واختلافها، هو مفتاح بيان: الوهم واكتشافه.
قال الإمام مالك بن أنس /: (من ذا الذي لا يخطئ). ([17])
وفي رواية: مهنا قال: للإمام أحمد: كان غندر يغلط؟، قال: (أليس هو من الناس). ([18])
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج4 ص370)؛ في تعليقه كما سبق: على حديث سهو النبي r في الصلاة: (وفي هذا الحديث، بيان أن أحدا لا يسلم من الوهم، والنسيان؛ لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء؛ فغيرهم: بذلك أحرى). اهـ.
قال الحافظ الخطيب في «الجامع» (ج2 ص295): (السبيل إلى معرفة علة الحديث، أن يجمع طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان، والضبط). اهـ.
* والعلة: تقع في الإسناد، وهو الأكثر، وقد تقع في المتن.
* ولا شك: أن الوهم لا يسلم منه أحد، إلا أنهم متفاوتون في ذلك. ([19])
وقال الحافظ الترمذي / في «العلل الصغير» (ج1 ص431): (وإنما يتفاضل أهل العلم، بالحفظ، والإتقان، والتثبت: عند السماع، مع أنه لم يسلم من الخطأ، والغلط: كثير من الأئمة، مع حفظهم). اهـ.
قلت: فالراوي الثقة: معرض للخطأ، والوهم في الحديث، لأنه بشر، إلا أنه متفاوت بين الرواة الثقات.
قال الإمام ابن المبارك /: (ومن يسلم من الوهم). ([20])
وقال الحافظ يحيى بن معين / في «التاريخ» (ج3 ص549): (من لا يخطئ في الحديث، فهو: كذاب).
وقال الإمام العسكري / في «تصحيفات المحدثين» (ص5): (وما يسلم أحد من زلة، ولا خطأ؛ إلا من عصم الله تعالى). اهـ.
وعن الإمام علي بن المديني / قال: (كان شعبة بن الحجاج، يخطئ في أسماء الرجال). ([21])
لذلك: أطلق جماعة من أئمة الحديث، النكارة على مجرد تفرد الراوي الثقة، الثبت، لأنه: وهم في الحديث.
فيقال: «منكر الحديث». ([22])
فهذا: الإمام أحمد /، أنكر على جماعة من الرواة المحتج بهم في «الصحيحين»، ما تفردوا به، ووهموا في الحديث.
فقال الإمام أحمد / في «العلل» (ج1 ص205)؛ عن محمد بن إبراهيم التيمي: (يروي أحاديث مناكير، أو منكرة).
* فعلق على ذلك: الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص437)؛ في ترجمة: محمد التيمي بقوله: (المنكر: أطلقه: أحمد بن حنبل، وجماعة، على الحديث الفرد، الذي لا متابع له، فيحمل هذا على ذلك، وقد احتج به: الجماعة). اهـ.
وقال الإمام أحمد / في «العلل» (ج1 ص210)؛ في بريد بن عبد الله بن أبي بردة: (يروي أحاديث مناكير).
فقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص392)؛ معلقا: (احتج به الأئمة: كلهم، وأحمد، وغيره، يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة). اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج1 ص352): (وأما أكثر الحفاظ المتقدمين؛ فإنهم يقولون: في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه: «إنه لا يتابع عليه»، فيجعلون ذلك علة فيه). اهـ.
وقال الحافظ ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص53): (ويستعان على إدراك العلة: بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك). اهـ.
قلت: فيستدلون على العلة؛ بأمور منها: التفرد، أو التفرد مع المخالفة.
وقال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص359): (حديث المجروح: ساقط، واه.
* وعلة الحديث: يكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له علة، فيخفى عليهم: علمه، فيصير الحديث معلولا). اهـ.
قلت: وهذا يدل على أهمية: التفرد في الدلالة على العلة، وأن أحاديث الثقات؛ منها: الصحيح، ومنها: المعلول.
* إذا: فالشأن فيما تفرد به الثقة؛ فإنه قد يقبل، وهو معلول، بناء على صحة ظاهره، وثقة راويه.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص202): (والثقة إذا حدث بالخطأ، فحمل عنه، وهو لا يشعر أنه خطأ، يعمل به على الدوام للوثوق بنقله، فيكون سببا للعمل بما لم يقله الشارع). اهـ.
قلت: فهذا يدل على أن التفرد، هو أحد القرائن الدالة على العلة، وأن ميدان العلل، هو أحاديث الثقات.
قال الحافظ أبو داود / في «رسالته إلى أهل مكة» (ص46): (فإنه لا يحتج: بحديث غريب، ولو كان من رواية: مالك، ويحيى بن سعيد، والثقات من أئمة العلم، ولو احتج بحديث غريب، لوجدت من يطعن فيه). اهـ.
قلت: الوهم أيضا يأتي بسبب التقليد في الخطأ، كما وقع في هذا التقليد: عبد السلام الشويعر، فوقع في الوهم والخطأ، ولا بد.
* وهذا التقليد: هو أن يقلد الراوي أحد الثقات، فيتابعه في روايته، أو يدلس عنه، فيتابعه في الوهم، ولا بد.
* وقد أخطأ أبو عوانة، في اسم: «خالد بن علقمة»، فقال: «مالك بن عرفطة»، بسبب أنه قلد: شعبة بن الحجاج، في هذا الخطأ. ([23])
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ج3 ص715)؛ في رواية: ابن العبد: (قال أبو عوانة، يوما: حدثنا مالك بن عرفطة، عن عبد خير، فقال له عمرو الأعصف: رحمك الله: يا أبا عوانة، هذا: «خالد بن علقمة» ([24])، ولكن شعبة: مخطئ فيه، فقال أبو عوانة: هو في كتابي: «خالد بن علقمة»، ولكن قال لي شعبة: هو: «مالك بن عرفطة»).([25]) اهـ.
وهذا الحديث: أخرجه أبو داود في «سننه» (ق/21/ط)، و(ج1 ص82) من طريق شعبة قال: سمعت مالك بن عرفطة، سمعت عبد خير قال: (رأيت عليا t، أتي بكرسي، فقعد عليه، ثم أتي بكوز من ماء، فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد، وذكر هذا الحديث).
فقد أخطأ: شعبة بن الحجاج في تسمية شيخه، فقال: «مالك بن عرفطة»، والصواب: «خالد بن علقمة».
وقد خطأ: شعبة، فيه غير واحد من النقاد الحفاظ، المرجوع إليهم في هذا الفن.
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ق/21/ط): (أخطأ فيه شعبة، وإنما هو: «خالد بن علقمة»).
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (83)، و(99)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص68 و69) من طريق شعبة عن مالك بن عرفطة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب في «الفصل للوصل المدرج في النقل» (ج1 ص567 و568 و569)، بهذا الإسناد.
فوهم: شعبة بن الحجاج، فقال: «مالك بن عرفطة»، وإنما هو: «خالد بن علقمة».([26])
قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج3 ص715): (وعاب بعضهم: على أبي عوانة، كونه كان يقول: «خالد بن علقمة»، مثل: الجماعة، ثم رجع عن ذلك حين قيل له: إن شعبة يقول: «مالك بن عرفطة»، فاتبعه، وقال: شعبة أعلم مني. ([27])
* وحكاية: أبي داود، تدل على أنه رجع عن ذلك([28]): ثانيا، إلى ما كان يقول أولا: وهو: الصواب). اهـ.
وقال الإمام أحمد / في «العلل» (1210): (أخطأ: شعبة، في اسم: خالد بن علقمة، فقال: مالك بن عرفطة).
وقال الإمام البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج3 ص163): (خالد بن علقمة الهمداني: وقال شعبة: «مالك بن عرفطة»، وهو: وهم، وقال أبو عوانة مرة: «خالد بن علقمة»، ثم قال: «مالك بن عرفطة»).
قلت: يشير الإمام البخاري أن أبا عوانة: قلد شعبة، فأخطأ في تقليده.
وقال الإمام الترمذي في «السنن» (ج1 ص69): (روى شعبة هذا الحديث، عن خالد بن علقمة، فأخطأ في اسمه، واسم أبيه، فقال: «مالك بن عرفطة»، عن عبد خير، عن علي t).
* وابن جريج، قلد سفيان بن عيينة، في حديث: (أن النبي r، كان يمشي أمام الجنازة)، فأخطأ في إسناده.
أخرجه الترمذي في «السنن» (ج2 ص493 و494).
وقال الترمذي: «وأهل الحديث، كأنهم يرون، أن الحديث المرسل في ذلك أصح».
يعني: مرسل الزهري عن النبي r.
وأخرجه الترمذي في «سننه» (ج2 ص493)؛ موصولا، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه به.
* والمرسل: أصح. ([29])
قال الإمام عبد الله بن المبارك /: (حديث الزهري في هذا: مرسل، أصح من حديث سفيان بن عيينة، قال ابن المبارك: وأرى ابن جريج أخذه عن ابن عيينة).([30])
يعني: يشير أن ابن جريج قلد في هذا الخطأ: سفيان بن عيينة، فوقع في الخطأ، ولا بد.
قلت: وقلد حماد بن سلمة، سفيان الثوري في حديث، فتابعه في الوهم، فوقع في الخطأ والوهم؛ لأنه تابعه في المخالفة.
فأخرج أحمد في «المسند» (ج1 ص232) من طريق وكيع، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ قال: (أمرنا رسول الله r بإسباغ الوضوء).
وقد خالف: سفيان الثوري في روايته هذه، عن أبي جهضم، كل من:
1) حماد بن زيد.
2) ومرجى بن رجاء.
3) وابن علية.
4) وعبد الوارث بن سعيد.
5) ووهيب بن خالد.
6) وسعيد بن زيد.
هؤلاء: قد رووه: عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ به.
أخرجه أبو داود في «سننه» (808)، والترمذي في «سننه» (1701)، والنسائي في «السنن» (ج1 ص89)، وابن ماجة في «سننه» (426)، وابن خزيمة في «صحيحه» (175)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص248)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص4)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23).
فحديث سفيان الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه. ([31])
قال الحافظ الترمذي في «السنن» (ج1 ص79)؛ قال البخاري: (حديث الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه الثوري.
والصحيح: ما روى إسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد، عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس).
* فوهم الحافظ البخاري، سفيان الثوري، ومن تابعه، وهو حماد بن سلمة، في هذا الإسناد. ([32])
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23): (كذا قاله: سفيان الثوري في هذا الإسناد: «عبيد الله».
* وكذلك: قاله حماد بن سلمة، فيما روى عنه الطيالسي... وحديث سفيان الثوري: وهم، قاله البخاري، وغيره).
* وأظن أن حماد بن سلمة، قد قلد: سفيان الثوري؛ فتابعه: في الوهم، فأخطأ، ولا بد.
ورواية: حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه: ابن عباس ﭭ به.
أخرجها ابن أبي حاتم في «العلل» (44).
* فوهم: حماد بن سلمة، في ذكره: عبيد الله بن عبد الله بن عباس، في الإسناد، إنما هو: «عبد الله بن عبيد الله بن عباس».
قال الحافظ أبو حاتم في «العلل» (ج1 ص464): (إنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، أخطأ فيه: حماد بن سلمة).
قلت: فخالف حماد بن سلمة، الجماعة، فأخطأ.
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص144)؛ سمعت أبي يقول: (روى الثوري، وحماد بن سلمة، عن موسى بن سالم، فقالا: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، ووهما.
* والصحيح: ما رواه حماد بن زيد، وعبد الوارث، ومرجى بن رجاء، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس).
* بل إن بعض المحدثين، ربما حدث بالحديث، ثم نسيه، وأنكر أن يكون حدث به، وهذا يدخل في «من حدث حديثـا، ثم نسي».([33])
روى أبو هريرة t، وقد حدث عن النبي r أنه قال: (لا عدوى ولا طيرة، ولا صفر ولا هامة). ([34])
ثم أنكر أبو هريرة، أنه حدث به.
قال أبو سلمة بن عبد الرحمن، الراوي عن أبي هريرة، هذا الحديث: (قد حدث به، وما سمعت: أبا هريرة نسي حديثـا غيره قط).
* وروى عمرو بن دينار، عن أبي معبد مولى ابن عباس، عن ابن عباس ﭭ قال: (ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله r؛ إلا بالتكبير).([35])
قال عمرو بن دينار: «فذكرت ذلك، لأبي معبد، فأنكره، وقال: لم أحدثك به، قال عمرو: وقد أخبرنيه قبل ذلك».
قال الإمام الشافعي في «الأم» (ج1 ص126): (كان قد نسيه، بعدما حدثه إياه).
* وقد حصل بمثل هذا النسيان، لكثير من أئمة الحديث.
قلت: فالنسيان من الأسباب الرئيسية في وقوع الرواة الثقات في الوهم، ولا يكاد يسلم منه أحد. ([36])
* وقد نسي عمر بن الخطاب t، حديث: «التيمم»، حتى ذكره فيه: عمار بن ياسر t.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص129 و130 و132 و133)، ومسلم في «صحيحه» (368).
وقال الإمام ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص118): (وقد روى كثير من الأكابر، أحاديث نسوها، بعدما حدثوا بها، عمن سمعها منهم). اهـ.
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على ضعف؛ حديث: أبي ذر t، في فضل قيام الليل،
وفيه: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف من صلاته، حسب له قيام ليلته»، فهو: حديث منكر، مضطرب، والزيادة هذه شاذة في الحديث، وقد اختلف الرواة في ألفاظه، واضطربوا فيه، ولم يضبطوه، فهو معلول.
عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r شهر رمضان، قال: فلم يقم بنا من الشهر شيئـا حتى بقي سبع، قال: فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، قال: فلما كانت السادسة، لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة، قام بنا حتى ذهب شطر الليل الآخر، قلنا: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية هذه الليلة؟، فقال: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف من صلاته، حسب له قيام ليلته، فلما كانت الرابعة لم يقم بنا، فلما كانت الثالثة، جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلنا: وما الفلاح؟، قال: السحور، قال: ثم لم يقم بنا بقية الشهر).
حديث منكر
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص254)، وأحمد في «المسند» (ج35 ص352)، وابن الجارود في «المنتقى في السنن المسندة» (403)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص94)، والبزار في «المسند» (4041)، و(4042)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص1116) من طريق سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان، فلم يقم بنا من الشهر شيئـا حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب نحو من ثلث الليل، ثم لم يقم بنا الليلة الرابعة، وقام بنا الليلة التي تليها، حتى ذهب نحو من شطر الليل، قال: فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟، قال: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف، حسب له بقية ليلته، ثم لم يقم بنا السادسة، وقام بنا السابعة، قال: وبعث إلى أهله واجتمع الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟، قال: السحور).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، ومدار الحديث يروى عن داود بن أبي هند القشيري مولاهم، البصري، وهو ثقة، لكنه له: أوهام إذا حدث من حفظه، خاصة: بآخرة، وهذه منها. ([37])
ففي رواية: الأثرم (ج4 ص194)؛ عن الإمام أحمد / قال: عن داود بن أبي هند: (كان كثير الاضطراب، والخلاف).
قلت: وهذا ظاهر منه، في حديث أبي ذر t، في فضل قيام الليل، وقد اضطرب فيه وخالف الثقات الأثبات، ولم يضبطه.
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص278)؛ عن داود بن أبي هند: (وكان من خيار أهل البصرة، من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه.
* ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير يخطئ، والوهم القليل يهم، حتى يفحش ذلك منه، لأن هذا مما لا ينفك منه البشر.
* ولو سلكنا هذا المسلك، للزمنا ترك جماعة من الثقات الأئمة؛ لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ.
* بل الصواب: في هذا ترك من فحش ذلك منه، والاحتجاج بمن كان منه ما لا ينفك منه البشر). اهـ.
قلت: وهذا الحديث رواه: داود بن أبي هند من حفظه، ولم يضبطه، فوقع في المخالفة للثقات الأثبات.
لذلك: لم يرو عنه، الحافظ البخاري على شرط: «الجامع المسند الصحيح»، لاضطرابه في الحديث.
* وقد أعرض الحافظ مسلم عن هذا الحديث، فلم يروه على شرط: «المسند الصحيح»، رغم أنه على شرطه، لأنه يروي عن داود بن أبي هند في «صحيحه».
فهو: حديث منكر، مضطرب.
قال الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص110)؛ عن داود بن أبي هند: (الإمام الثبت، كان من حفاظ أهل البصرة ومفتيهم، حديثه في الكتب الستة، لكن في البخاري: استشهادا!).
قلت: فلم يرو عنه الحافظ البخاري على شرط الصحيح، لأنه يخالف، ويهم أحيانا، إذا حدث من حفظه.
قلت: ولو ثبت هذا الحديث، وأنه من قسم الصحيح، لذكره الحافظ البخاري في «صحيحه»، لكنه: لم يفعل لضعفه عنده، وكذا الحافظ مسلم.
ومنه:
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج16 ص218)؛ عن حديث: (ولو كان عنده -يعني: البخاري- صحيحا، لأخرجه في «مصنفه الصحيح»، عنده، ولم يفعل، لأنه لا يعول في «الصحيح»، إلا على الإسناد، وهذا الحديث، لا يحتج أهل الحديث؛ بمثل إسناده). اهـ.
وقال الحافظ البيهقي / في «معرفة السنن» (ج1 ص469): (وإنما لم يخرجه البخاري، ومسلم في «الصحيحين»، لاختلاف وقع في اسم: «سعيد بن سلمة»، و«المغيرة بن أبي بردة»). اهـ.
* وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، يخطئ ويخالف أحيانا.
فمن خطئه في الحديث:
ما أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص232) من طريق وكيع، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ قال: (أمرنا رسول الله r؛ بإسباغ الوضوء).
حديث منكر؛ بهذا الإسناد
قلت: وهذا سنده رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، غير أبي جهضم موسى بن سالم، وهو ثقة، لكنه معلول.
والحديث، رواه كذلك الطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص273) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23) من طريق محمد بن كثير العبدي، عن سفيان الثوري به.
وقد خالف: سفيان الثوري في روايته هذه، عن أبي جهضم، كل من:
1) حماد بن زيد.
2) ومرجى بن رجاء.
3) وابن علية.
4) وعبد الوارث بن سعيد.
5) ووهيب بن خالد.
6) وسعيد بن زيد.
هؤلاء: قد رووه: عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ به.
أخرجه أبو داود في «سننه» (808)، والترمذي في «سننه» (1701)، والنسائي في «السنن» (ج1 ص89)، وابن ماجة في «سننه» (426)، وابن خزيمة في «صحيحه» (175)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص248)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص4)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23).
فحديث سفيان الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه. ([38])
قال الحافظ الترمذي في «السنن» (ج1 ص79)؛ قال البخاري: (حديث الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه الثوري.
والصحيح: ما روى إسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد، عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس).
* فوهم الحافظ البخاري، سفيان الثوري، ومن تابعه، وهو حماد بن سلمة، في هذا الإسناد. ([39])
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23): (كذا قاله سفيان الثوري في هذا الإسناد: «عبيد الله».
* وكذلك: قاله حماد بن سلمة، فيما روى عنه الطيالسي... وحديث سفيان الثوري: وهم، قاله البخاري، وغيره).
* وأظن أن حماد بن سلمة، قد قلد: سفيان الثوري؛ فتابعه: في الوهم، فأخطأ، ولا بد.
ورواية: حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه: ابن عباس ﭭ به.
أخرجها ابن أبي حاتم في «العلل» (44).
* فوهم: حماد بن سلمة، في ذكره: لعبيد الله بن عبد الله بن عباس، في الإسناد، إنما هو: «عبد الله بن عبيد الله بن عباس».
قال الحافظ أبو حاتم في «العلل» (ج1 ص464): (إنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، أخطأ فيه: حماد بن سلمة).
قلت: فخالف حماد بن سلمة، الجماعة، فأخطأ.
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص144)؛ سمعت أبي يقول: (روى الثوري، وحماد بن سلمة، عن موسى بن سالم، فقالا: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، ووهما.
* والصحيح: ما رواه حماد بن زيد، وعبد الوارث، ومرجى بن رجاء، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس).
* ورواه عن سفيان الثوري: عبيد الله بن موسى بن أبي المختار الكوفي، واسمه: باذام به.
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج2 ص1116)، والبزار في «المسند» (ج9 ص433) من طريق عبيد الله بن موسى قال: نا سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r شهر رمضان، فلم يقم بنا حتى بقي سبع ليال فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل أو نحوه، ثم لم يقم بنا ليلة الرابعة، وقام بنا ليلة الخامسة، حتى ذهب نحو من شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا؟، فقال: إن الرجل إذا كان مع الإمام حتى ينفتل، حسب له بقية ليله، ثم لم يقم بنا ليلة السادسة، وقام بنا ليلة السابعة، وأرسل إلى أهله ونسائه فاجتمعن، وقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلت: وما الفلاح؟، قال: السحور).
ففي رواية: عبيد الله بن موسى؛ ذكر: «حتى بقي سبع ليال».
وفي رواية: عبد الرزاق الصنعاني؛ لم يذكر: «ليال»، قال: «حتى بقي سبع». هكذا.
وفي رواية: عبيد الله بن موسى؛ ذكر: «لم يقم بنا ليلة السادسة، وقام بنا ليلة السابعة».
وفي رواية: عبد الرزاق الصنعاني؛ لم يذكر: «ليلة»، قال: «لم يقم بنا السادسة، وقام بنا السابعة». هكذا.
وفي رواية: عبيد الله بن موسى؛ ذكر: «وأرسل إلى أهله ونسائه فاجتمعن».
وفي رواية: عبد الرزاق الصنعاني، لم يذكر: «ونسائه»، وقال: «واجتمع الناس».
قلت: وهذا التخليط من الرواة، بعضهم من بعض.
* وعبيد الله بن موسى هذا، ضعف في روايته: عن سفيان الثوري، وهذه منها.
قال الإمام أحمد؛ عن عبيد الله بن موسى: (كان صاحب تخليط). ([40])
وقال الحافظ ابن شاهين في «تاريخ أسماء الثقات» (ص165): قال عثمان بن أبي شيبة؛ عن عبيد الله بن موسى: (كان يضطرب في حديث سفيان الثوري، اضطرابا قبيحا).
وفي رواية عبد الله بن أحمد في «العلل ومعرفة الرجال» (ج3 ص197)، عن الإمام أحمد قال: (روى مناكير).
* وهذا الحديث من مناكيره.
* ورواه أيضا، عن سفيان الثوري: مهران بن أبي عمر الرازي به.
أخرجه البزار في «المسند» (ج9 ص432) من طريق مهران بن أبي عمر قال: نا سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t، به، ولم يسق لفظه.
* ومهران بن أبي عمر الرازي هذا، سيئ الحفظ، ويغلط في حديث الثوري.
قال الإمام يحيى بن معين، عن مهران بن أبي عمر: (كان عنده غلط كثير في حديث سفيان الثوري). ([41])
وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج4 ص766): سمعت إبراهيم بن موسى، يضعف مهران بن أبي عمر، وقال: (في حديثه اضطراب).
وقال الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص1373)؛ عن مهران بن أبي عمر: (روى عن الثوري أحاديث لا يتابع عليها).
وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ج3 ص1850)؛ عن مهران بن أبي عمر: (صدوق، له أوهام، سيئ الحفظ).
وقال الحافظ البزار في «المسند» (ج9 ص434): (وهذا الحديث: لا نعلمه يروى بهذا اللفظ؛ إلا عن أبي ذر، ولا نعلم له طريقا، عن أبي ذر غير هذا الطريق، ورواه عن داود بن أبي هند، غير واحد).
* ورواه عن سفيان الثوري، أيضا: عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني، ثقة؛ لكنه يهم في حديث الثوري، أحيانا.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج35 ص352) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان، فلم يقم بنا من الشهر شيئا حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب نحو من ثلث الليل، ثم لم يقم بنا الليلة الرابعة، وقام بنا الليلة التي تليها حتى ذهب نحو من شطر الليل، قال: فقلنا: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، قال: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له بقية ليلته، ثم لم يقم بنا السادسة، وقام بنا السابعة، قال: وبعث إلى أهله واجتمع الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟، قال: السحور).
* وقد تكلم في حديث: عبد الرزاق عن سفيان الثوري: الإمام أحمد، والإمام ابن معين، وغيرهما. ([42])
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص412)؛ عن عبد الرزاق الصنعاني: (كان ممن يخطئ، إذا حدث من حفظه).
قلت: فقد اضطرب هؤلاء الرواة، في حديث سفيان الثوري، هذا: وهذا ظاهر.
وفي رواية سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري: «حتى بقي سبع».
وفي روايات أخرى: «سبع ليال».
وفي روايته: «وقام بنا الليلة التي تليها».
* وليس فيها: «التي تليها ليلة الخامسة»، وفيها: «ثم لم يقم بنا ليلة السادسة».
* وليس فيها: «ثم لم يقم بنا ليلة السادسة»، وفيها: «وقام بنا السابعة».
* وليس فيها: «وقام بنا ليلة السابعة»، وفيها: «وبعث إلى أهله».
* وليس فيها: «وبعث إلى أهله ونسائه».
وهذا التخليط من: داود بن أبي هند أيضا، ومن عبد الرزاق الصنعاني([43])، الراوي عن سفيان الثوري، وكذا غيره.
* وهذا المتن يدل على أن الشهر كان ناقصا في هذه السنة، وأن الليالي التي صلى بهم النبي r فيها: هي: «ليلة الثالث والعشرين»، و«ليلة الخامس والعشرين»، و«ليلة السابع والعشرين».
* وهذا من حديث: سفيان الثوري، ويحيى بن أبي زائدة.
* بينما وقع في حديث علي بن عاصم الواسطي، أن الليالي التي قامها النبي r على الترتيب الوارد في الحديث: «ليلة أربع وعشرين»، و«ليلة ست وعشرين»، و«ليلة ثمان وعشرين».
* وفسرها: فقال في الأولى: «هذه السابعة»، وقال في الثانية: «هذه الخامسة»، وقال في الثالثة: «ثلاث بقين».
أخرجه أحمد في «المسند» (ج35 ص331) من طريق علي بن عاصم، عن داود، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر، حتى إذا كان ليلة أربع وعشرين، قام بنا رسول الله r حتى كاد أن يذهب ثلث الليل، فلما كانت الليلة التي تليها، لم يقم بنا، فلما كانت ليلة ست وعشرين، قام بنا رسول الله r حتى كاد أن يذهب شطر الليل، قال: قلت: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه قال r: لا، إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف، حسب له قيام ليلة، فلما كانت الليلة التي تليها لم يقم بنا، فلما أن كانت ليلة ثمان وعشرين، جمع رسول الله r أهله واجتمع له الناس، فصلى بنا رسول الله r حتى كاد يفوتنا الفلاح. قلت: وما الفلاح؟، قال: السحور، ثم لم يقم بنا يا ابن أخي شيئا من الشهر).
* وعلي بن عاصم بن صهيب الواسطي، هو كثير الغلط والوهم.
قال عنه أحمد: «كان يغلط ويخطئ»، وقال ابن المديني: «كان كثير الغلط، وكان إذا غلط فرد عليه لم يرجع»، وقال صالح بن محمد: «سيئ الحفظ، كثير الوهم»، وقال ابن معين: «ليس بشيء، ولا يحتج به»، وقال الدارقطني: «كان يغلط، ويثبت على غلطه»، وقال البخاري: «ليس بالقوي عندهم»، وقال ابن حبان: «وكان ممن يخطئ، ويقيم على خطئه».([44])
قلت: فعلي بن عاصم الواسطي، هذا: كان يغلط، ويروي أحاديث منكرة، لا يحتج به، وهذه منها.
قلت: وعلى هذه الرواية يكون الشهر تاما ثلاثين يوما.
* وهذا من الاختلاف المذموم في أصول الحديث.
قلت: فلا تقبل هذه الزيادات.
* وكذلك وقع اختلاف في حديث: وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، فقال: «فلما كانت ليلة خمس وعشرين، لم يصل بنا».
* فوهيب بن خالد، نفى الصلاة في: «ليلة خمس وعشرين».
* بينما أثبت يحيى بن أبي زائدة الصلاة في نفس الليلة، فقال: «ثم قام بنا ليلة خمس وعشرين، حتى ذهب نحو من شطر الليل».
* وهذا من الاختلاف.
* ووهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، ثقة، ثبت: لكنه تغير في آخره، ويهم في الحديث، بسبب أنه ذهب بصره، وهذا الحديث يدل على وهمه. ([45])
قال الآجري في «السؤالات» (ص128)؛ سمعت: أبا داود يقول: (ذهب بصره، وتغير، وهو ابن ثمان وخمسين سنة؛ يعني: وهيب بن خالد).
وقال الآجري في «السؤالات» (ص222)؛ سمعت: أبا داود يقول: (تغير وهيب بن خالد، ووهيب ثقة).
وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ج4 ص1981): (وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم، البصري، ثقة، ثبت، لكنه تغير قليلا بآخرة).
* ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني، ثقة، ثبت، لكنه يخطئ في الحديث أحيانا ([46])، وهذا ظاهر في هذا الحديث.
قال الحافظ أبو زرعة في «العلل» (ج2 ص123): (يحيى بن أبي زائدة: قلما يخطئ، فإذا أخطأ أتى بالعظائم).
قلت: وهو كذلك في هذا الحديث؛ فأتى بالمنكر.
ففي رواية: علي بن عاصم الواسطي، أيضا: قد جعل قيام النبي r، في الليالي الزوجية، من العشر الأواخر.
* وتابعه على ذلك وهيب بن خالد، وهو يهم في الحديث أحيانا، عند الطيالسي في «المسند» (466).
* وجاءت الروايات الأخرى، في هذا الحديث، أن قيام النبي r كان في الليالي الفردية، من رواية: سفيان الثوري، عند أحمد في «المسند» (ج35 ص352)، وغيره.
* وهذا من الاختلاف والاضطراب.
فهو: حديث مضطرب.
قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص661)؛ بعد أن ذكر، رواية: عبد الرزاق عن الثوري: (ورواه وهيب عن داود قال: «ليلة أربع وعشرين، السابع مما يبقى»، وقال: «ليلة ست وعشرين، الخامس مما يبقى، وليلة ثمان وعشرين، الثالث مما يبقى».
وبمعناه: رواه هشيم بن بشير، ويزيد بن زريع، وغيرهما، عن داود، وبمعناه: رواه غير عبد الرزاق عن الثوري، ورواه حماد بن سلمة، عن داود نحو رواية: عبد الرزاق عن الثوري، وكذلك محمد بن موسى الأنصاري عن داود. ورواية وهيب ومن تابعه أصح).
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج6 ص448 و449) من طريق علي بن عاصم الواسطي، حدثنا داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، حدثنا أبو ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r فلم يقم بنا شيئا من الشهر، فلما كانت ليلة أربع وعشرين - قال أبو الحسن: وهو علي بن عاصم: هذه السابعة- قام بنا رسول الله r نحوا من ثلث الليل، فلما كانت ليلة ست وعشرين - قال أبو الحسن: هذه الخامسة- قام بنا رسول الله r حتى ذهب نحو من شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، قال: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة، فلما كانت الليلة التي تليها ليلة سبع وعشرين، لم يقم بنا رسول الله r، فلما كانت ليلة ثمان وعشرين -قال أبو الحسن: ثلاث بقين- جمع رسول الله r أهله واجتمع الناس، فصلى بنا حتى كاد يفوتنا الفلاح، قلنا: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم قال: يا ابن أخي، ثم لم يقم بنا رسول الله r شيئا من الشهر)
قلت: وهذا سنده منكر، فيه علي بن عاصم الواسطي، وهو يخطئ ويخالف. ([47])
قال الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص353): «ضعيف».
وقال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج2 ص450): «حافظ، مشهور: ضعفوه، وكان مكثرا».
قلت: وعلي بن عاصم الواسطي، ذكر الاختلاف في لفظ الحديث.
* وجاء هذا الحديث، من حديث أبي داود الطيالسي، عن وهيب بن خالد الباهلي.
* والطيالسي: ثقة، لكنه له أوهام في عدد من الأحاديث([48])، وهذه منها.
قال الحافظ الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج10 ص34): (كان أبو داود الطيالسي: يحدث من حفظه، والحفظ خوان، فكان يغلط، مع أن غلطه يسير في جنب ما روى على الصحة والسلامة).
وقال الحافظ ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص218)؛ عن الطيالسي: (كان ثقة كثير الحديث، وربما غلط).
وخالف الطيالسي: عفان بن مسلم الصفار، فرواه عن وهيب بن خالد، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (صمت مع رسول الله r رمضان، ولم يكن بنا، حتى بقي سبع من الشهر، فلما كانت الليلة السابعة([49])، خرج فصلى بنا، حتى مضى ثلث الليل، ثم لم يصل بنا السادسة، حتى خرج ليلة الخامسة، فصلى بنا حتى مضى شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله، لو نفلتنا؟([50])، فقال: إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف، كتب لهم قيام تلك الليلة، ثم لم يصل بنا الرابعة، حتى إذا كانت ليلة الثالثة، خرج وخرج بأهله، فصلى بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلت: وما الفلاح؟، قال السحور) ([51]).
أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار المختلفة المأثورة عن رسول الله r في الأحكام» (ج1 ص349).
لكنه قال: «عن أبي ذر قال: صمت مع رسول الله r رمضان»؛ يعني: لوحده.
وفي رواية: «عن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله رمضان».
هكذا: «صمنا» بالجمع.
وفي رواية: «عن أبي ذر قال: شهدنا مع رسول الله r بشهر رمضان».
وفي رواية: «عن أبي ذر قال: قام بنا رسول الله r»، بدون ذكر: «صوم شهر رمضان».
وأخرجه الفريابي في «الصيام» (ص117)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج4 ص11)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج63 ص159) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثني داود بن أبي هند، قال: حدثني الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان، فلم يقم حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا نحو من ثلث الليل، ثم كان في السادسة فلم يقم بنا، ثم قام بنا ليلة خمس وعشرين حتى ذهب نحو شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو قمت بنا بقية ليلتنا هذه؟، فقال: إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام بقية ليلته، قال: فلما بقي أربع لم يقم بنا، فلما بقي ثلاث من الشهر أرسل إلى أهله ونسائه، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلت: وما الفلاح؟، قال: السحور، قال: ثم لم يقم بنا بقية الشهر).
وفي رواية الفريابي: (فلما كانت الليلة السادسة، لم يقم بنا، ثم قام بنا ليلة خمس وعشرين).
* وجاء في رواية يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الكوفي؛ تسمية: «الليلة الخامسة»، التي بقيت، والتي صلى بهم حتى ذهب شطر الليل، قال: «ثم قام بنا ليلة «خمس وعشرين»، حتى ذهب نحو من شطر الليل».
* وأما تسمية الليالي التي قامها النبي r: فهكذا؛ سماها محمد بن فضيل بن غزوان، الضبي، صدوق، لكنه يخالف.
وتابعه على ذلك:
1) يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الكوفي، ثقة، متقن.
2) وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، ثقة، ثبت، لكنه: يهم أحيانا في الحديث.
3) يزيد بن زريع البصري، ثقة، ثبت.
4) خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي، ثقة، ثبت.
5) بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، ثقة، ثبت.
6) هشيم بن بشير الواسطي، ثقة، ثبت.
7) مسلمة بن علقمة البصري، صدوق، له أوهام، روى مناكير.
فرووا الحديث، مع اختلاف في ألفاظه.
* فالرواة هؤلاء للحديث، كان العد عندهم بما بقي من الشهر.
* ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة الكوفي، ثقة، متقن، لكنه أخطأ في أحاديث.
* ومن أوهامه:
ما أخرجه أبو داود في «سننه» (3461) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن زكريا، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما، أو الربا).
حديث منكر؛ بهذا اللفظ
قلت: وهذا سنده رجاله: كلهم ثقات رجال الشيخين، لكنه معلول، بتفرد يحيى بن زكريا، بهذا اللفظ، ولم يتابع عليه، فهو: حديث شاذ، لا يحتج به في هذه المسألة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص120)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص45)، وابن حبان في «صحيحه» (4974)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص343)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج9 ص6)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج24 ص389) من طريق يحيى بن زكريا، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة t به.
* هكذا: قال يحيى بن زكريا، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة t، عن النبي r: (من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما، أو الربا).
* وقد وهم في هذا الحديث.
وخالفه: جماعة من الثقات الأثبات، فرووه: عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة t قال: (نهى رسول الله r، عن بيعتين في بيعة).
وهو: الصحيح.([52])
هكذا قال: يحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وعبد العزيز الدراوردي، وعبدة بن سليمان، ومعاذ بن معاذ، وإسماعيل بن جعفر.
أخرجه النسائي في «السنن» (ج7 ص295)، والترمذي في «سننه» (1231)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص432 و475 و503)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص343)، وفي «معرفة السنن» (ج8 ص156)، وابن حبان في «صحيحه» (4973)، وابن الجارود في «المنتقى» (600)، وأبو يعلى في «المسند» (6124).
قال العلامة العظيم آبادي / في «عون المعبود» (ج9 ص239): (وبهذا: يعرف أن رواية يحيى بن زكريا فيها شذوذ، كما لا يخفى). اهـ.
وقال العلامة المباركفوري / في «تحفة الأحوذي» (ج4 ص359): (وقد تفرد: يحيى بن زكريا، بهذا اللفظ، وقد روي هذا الحديث، عن عدة من الصحابة y، من طرق ليس في واحد منها هذا اللفظ) ([53]). اهـ.
* إذا، فوهم يحيى بن زكريا في ذكره لهذا اللفظ، وخالف الثقات الأثبات.
أوكسهما([54]): أي: فللبائع أقل الثمنين، وهو الثمن الحقيقي.
أو الربا: يعني: إن أخذ الثمن الأكبرالذي حدده، فقد أخذ الربا.
* وهذا البيع: هو ما يعرف ببيع العينة، وهو منهي عنه، لأنه وسيلة واحتيال لأخذ زيادة بالربا.
* والغرض منه أخذ المال بزيادة عن الثمن الحقيقي.
وفي الحديث: الزجر عن التعامل بالربا بجميع صوره.
* وحينئذ نقول ما معنى: أوكسهما؛ أي: أنقصهما، أو الربا، إن لم يكن له أنقصهما، يعني: إن كان له الأكثر وقع في الربا، وإن كان له الأقل لم يقع في الربا.
ومثال ذلك: أن يقول بعتك هذا الشيء بعشرة نقدا، أو بعشرين نسيئة، فهنا إن أخذ بالعشرة نقدا لم يقع في الربا، وإن أخذ بعشرين نسيئة، وقع في الربا، فهذه صورة من صور الربا. ([55])
وأخرجه الطيالسي في «المسند» (ج1 ص373)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار المختلفة المأثورة عن رسول الله r في الأحكام» (ج1 ص349)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3683) من طريق وهيب بن خالد، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t، قال: (صمنا رمضان مع رسول الله r، فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى إذا كانت ليلة أربع وعشرين السابعة مما يبقى، صلى بنا، حتى كاد أن يذهب ثلث الليل، فلما كانت ليلة خمس وعشرين لم يصل بنا، فلما كانت ليلة ست وعشرين الخامسة مما يبقى، صلى بنا حتى كاد أن يذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا؟، فقال: لا، إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف، كتبت له قيام ليلة، فلما كانت ليلة سبع وعشرين، لم يصل بنا، فلما كانت ليلة ثمان وعشرين، رجع رسول الله r إلى أهله، واجتمع له الناس، فصلى بنا حتى كاد أن يفوتنا الفلاح، ثم يا ابن أخي، لم يصل بنا شيئا من الشهر، قال: والفلاح: السحور).
ورواية وهيب بن خالد هذه معارضة؛ لرواية ابن أبي زائدة.
* فوهيب بن خالد: نفى الصلاة في: «ليلة خمس وعشرين».
* وبينما أثبت: يحيى بن أبي زائدة: الصلاة في نفس الليلة.
أخرج هذا الحديث: الفريابي في «الصيام» (ص117)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج4 ص11) من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند به، وفيه: (ثم قام بنا ليلة خمس وعشرين).
* وهذا من الاختلاف.
* وقد اختلف فيه على وهيب بن خالد:
فهكذا: رواه عنه، الطيالسي في «المسند» (ج1 ص373).
وخالفه في ذلك: عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار: فرواه عن وهيب بن خالد، بروايات الجماعة، مع اختلاف في ألفاظها.
قلت: وأبو داود سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي، هو ثقة، حافظ، لكنه غلط في أحاديث، وهذه منها. ([56])
قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ج1 ص677): (سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي ثقة حافظ، غلط في أحاديث).
* وعفان بن مسلم بن عبد الله الصفار، ثقة، ثبت، لكنه: أخطأ في أحاديث. ([57])
قال الحافظ علي بن المديني: «وربما وهم».
وقال الحافظ يحيى بن معين، عن عفان بن مسلم: (قد أخذت عليه الخطأ في غير حديث). ([58])
وقال الحافظ يحيى بن معين: (أخطأ عفان بن مسلم، في نيف وعشرين حديثـا، ما أعلمت بها أحدا، وأعلمته فيما بيني وبينه). ([59])
وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج5 ص384)؛ عن عفان بن مسلم: (ولا أعلم لعفان إلا أحاديث مراسيل عن الحمادين، وغيرهما: وصلها.
* وأحاديث موقوفة رفعها، والثقة قد يهم في الشيء، وعفان لا بأس به، صدوق).
* ووهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، ثقة ثبت، لكنه تغير في آخره. ([60])
قلت: وروايته لهذا الحديث، يدل على تغيره، وهو منكر.
* ومن أوهامه أيضا:
ما أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص75) من طريق عفان، حدثنا وهيب بن خالد، حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، أو عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله r: اشتكى فأتاه جبريل، فقال: (بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من كل حاسد وعين، الله يشفيك).
حديث منكر؛ بهذا الإسناد
هكذا، وهم: وهيب بن خالد، في اسم الصحابي، فرواه على الشك، فقال: «عن أبي سعيد، أو جابر».
* وقد رواه محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط؛ كلاهما: عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، وحده.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص48)، و(ج10 ص317)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص58)، والطبراني في «الدعاء» (1091)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (8800)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2904).
وإسناده صحيح، على شرط مسلم.
* فوهيب بن خالد، وهم في هذا الحديث، بذكره للحديث على الشك، من حديث جابر بن عبد الله t.
والحديث معروف، عن أبي سعيد الخدري t، وحده.
لذلك: قال الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج11 ص326): «والصحيح: عن أبي سعيد الخدري».
فوهم: فيه وهيب بن خالد، وخالف الثقات.
وقد أخرجه مسلم في «صحيحه» (2186) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
* وقد فسر الحافظ ابن حبان في «صحيحه» (ج6 ص288)؛ هذا الحديث، برواية: الجماعة، والتي فصلتها رواية: سفيان الثوري، ورواية: يحيى بن أبي زائدة؛ فقال: (قول أبي ذر: «لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة»، يريد مما بقي من العشر، لا مما مضى منه.
* وكان الشهر الذي خاطب النبي r: أمته بهذا الخطاب فيه: «تسعا وعشرين»، فليلة السادسة من باقي: «تسع وعشرين» تكون ليلة: «أربع وعشرين»، و«ليلة الخامسة»، من باقي: «تسع وعشرين»، تكون: «ليلة الخامس والعشرين»).
وخالفه: الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص661)؛ ففسر رواية: الجماعة؛ برواية: وهيب بن خالد، ومال إلى ترجيحها، على رواية: سفيان الثوري، فقال بعد أن ذكر رواية عبد الرزاق عن الثوري: (ورواه وهيب، عن داود قال: «ليلة أربع وعشرين السابع مما يبقى»، وقال: «ليلة ست وعشرين الخامس مما يبقى، وليلة ثمان وعشرين الثالث مما يبقى».
وبمعناه: رواه هشيم بن بشير، ويزيد بن زريع، وغيرهما، عن داود، وبمعناه: رواه غير عبد الرزاق عن الثوري، ورواه حماد بن سلمة عن داود نحو رواية: عبد الرزاق عن الثوري، وكذلك: محمد بن موسى الأنصاري عن داود، ورواية وهيب ومن تابعه أصح). اهـ.
* واختلاف أهل العلم في هذا الحديث، هو بسبب اضطراب الرواة الثقات فيه.
وأخرجه الترمذي في «الجامع المختصر من السنن عن رسول الله r» (806)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص108 و114)، وفي «المجتبى من السنن المسندة» (ج3 ص83 و203)، وابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي r» (ج3 ص589 و590)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص124)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص394)، وابن حبان في «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع» (ج4 ص109) من طريق محمد بن الفضيل، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r فلم يصل بنا، حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة، حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟، فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة، ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، وصلى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟، قال: السحور).
وقال الترمذي: «هذا حديث صحيح حسن»، وفيه نظر.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، وهو يهم ويخالف، لا يحتج به. ([61])
* وداود بن أبي هند القشيري، يضطرب في الحديث، فلا يحتج به في هذا الحديث. ([62])
ففي رواية: الأثرم (ج4 ص194)، عن الإمام أحمد / قال: عن داود بن أبي هند: (كان كثير الاضطراب، والخلاف).
* ومحمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبي ثقة، لكنه يخطئ أحيانا.
* فمن خطئه في الحديث:
ما أخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص321) من طريق محمد بن فضيل، حدثنا الشيباني، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة ڤ قالت: (كان رسول الله r، يصلي على الخمرة فيسجد فيصيبني ثوبه، وأنا إلى جنبه، وأنا حائض).
حديث منكر؛ بهذا الإسناد
قلت: وهذا سنده رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، لكنه: معلول، بتفرد محمد بن فضيل بهذا الإسناد، فوهم فيه.
هكذا: رواه محمد بن فضيل، فقال: عن سليمان بن أبي سليمان الشيباني الكوفي، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة بنت الحارث ڤ.
فوهم: في الإسناد.
وخالفه: شعبة بن الحجاج، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبادة بن العوام، وهشيم بن بشير، وأبو عوانة، وسفيان الثوري، وعبد الواحد بن زياد، وجرير بن عبد الحميد، وسفيان بن عيينة، وأبو حمزة السكري، وإبراهيم الزبرقاني، وعلي بن عاصم، وأبو شهاب الحناط، وعلي بن مسهر، وزائدة بن قدامة، وأسباط بن محمد، وحفص بن غياث؛ جميعهم: عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة بنت الحارث ڤ.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (303)، و(333)، و(379)، و(381)، و(517)، و(518)، ومسلم في «صحيحه» (513)، وأبو داود في «سننه» (369)، وابن ماجه في «سننه» (653)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص330 و335)، والشافعي في «الأم» (ج1 ص64)، والحميدي في «المسند» (313)، وابن خزيمة في «صحيحه» (768)، وأبو يعلى في «المسند» (7095)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (1426)، وابن الجارود في «المنتقى» (133)، وابن حبان في «صحيحه» (2329)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج24 ص10 و54)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص311)، والدارقطني في «العلل» (ج15 ص268).
فوهم: محمد بن فضيل، فجعله من رواية يزيد بن الأصم عن ميمونة.
والصحيح: أنه من رواية: عبد الله بن شداد عن ميمونة. ([63])
فرواية: محمد بن فضيل، رواية شاذة، لا تصح.
* وقد خالف الجماعة.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج6 ص449 و450) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثنا محمد بن فضيل، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (قام بنا رسول الله r ليلة ثلاث وعشرين إلى نحو من ثلث الليل، ثم قام بنا رسول الله r ليلة خمس وعشرين إلى نحو من شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟، فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلته، ثم لم يقم بنا حتى بقي من الشهر ثلاث فشد المئزر، وجمع أهله، ونساءه والناس وقام بنا، حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلنا: وما الفلاح؟، قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر).
قلت: وهذا سنده كسابقه، منكر: فيه يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، وهو متهم بسرقة الحديث.
قال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج2 ص739): «حافظ: منكر الحديث).
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج11 ص93): «ضعيف عندهم».
وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ج4 ص2009): «يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني حافظ، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث).
* ومحمد بن فضيل بن غزوان الضبي، يخطئ أحيانا. ([64])
* وداود بن أبي هند القشيري: يهم في الحديث. ([65])
قال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص278)؛ عن داود بن أبي هند: (كان يهم إذا حدث من حفظه).
* وأما تسمية الليالي التي قامها النبي r: فهكذا؛ سماها محمد بن فضيل بن غزوان، الضبي، صدوق، لكنه يخالف.
وتابعه على ذلك:
1) يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الكوفي، ثقة، متقن.
2) وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، ثقة، ثبت، لكنه يهم أحيانا في الحديث.
3) يزيد بن زريع البصري، ثقة، ثبت.
4) خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي، ثقة، ثبت.
5) بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، ثقة، ثبت.
6) هشيم بن بشير الواسطي، ثقة، ثبت.
7) مسلمة بن علقمة البصري، صدوق، له أوهام، روى مناكير.
فرووا الحديث، مع اختلاف في ألفاظه، وقد سبق بيان ذلك.
فهو: حديث مضطرب.
* فالرواة هؤلاء للحديث، كان العد عندهم بما بقي من الشهر.
وأخرجه البزار في «المسند» (ج9 ص434) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال: نا داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث بطوله).
حديث منكر
هكذا: وقع، عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ففي رواية: عبد الأعلى بن عبد الأعلى بن محمد البصري، ذكر القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن في الروايات الأخرى، أن القائل: هو أبو ذر t.
وهذا الخطأ من: داود بن أبي هند، فإنه يضطرب في الإسناد، وفي المتن. ([66])
* وكذا الخطأ من عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، وهو ثقة، لكنه: يهم إذا حدث من حفظه، ويخلط في الأحاديث، وهذه منها.
* وقد اختلفوا فيه، ولم يضعف، والأكثر على توثيقه، وحديثه من قسم الصحيح.
لكنه: ما هو في القوة، في رتبة: يحيى القطان، وغندر، وغيرهما، في الحفظ للأحاديث. ([67])
قال الحافظ أبو داود في «السؤالات» (ص346): سمعت أحمد، قيل له: عبد الأعلى السامي؟، قال: (ما كان من حفظه ففيه تخليط، وما كان من كتاب: فلا بأس به).
قلت: وهذا التخليط، ظاهر عليه في روايته لهذا الحديث.
وقال الحافظ ابن سعد في «الطبقات» (ج9 ص291)؛ عن عبد الأعلى البصري: (لم يكن بالقوي).
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (ج9 ص243)؛ عن عبد الأعلى البصري: (تقرر الحال: أن حديثه من قسم الصحيح: نعم، ما هو في القوة في رتبة: يحيى القطان، وغندر).
وأخرجه ابن ماجة في «السنن» (ج2 ص353 و354) من طريق مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان فلم يقم بنا شيئا منه، حتى بقي سبع ليال، فقام بنا ليلة السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل، ثم كانت الليلة السادسة التي تليها فلم يقمها، حتى كانت الخامسة التي تليها، ثم قام بنا حتى مضى نحو من شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، فإنه يعدل قيام ليلة، ثم كانت الرابعة التي تليها، فلم يقمها، حتى كانت الثالثة التي تليها، قال: فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح؟، قال: السحور، قال: ثم لم يقم بنا شيئا من بقية الشهر).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، فيه داود بن أبي هند القشيري، وهو يخطئ، ويهم في الحديث.
* ومسلمة بن علقمة المازني، البصري، وهو منكر الحديث، لا يحتج به، يروي عن داود بن أبي هند، مناكير، وهذه منها. ([68])
قال الإمام أحمد في «العلل» (ج2 ص523)؛ عن مسلمة بن علقمة: (شيخ ضعيف؛ حدث عن داود بن أبي هند، أحاديث مناكير، وأسند عنه).
وقال الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص1358): (وله عن داود بن أبي هند: مناكير، وما لا يتابع عليه من حديثه: كثير).
وقال الحافظ الساجي؛ عن مسلمة بن علقمة: (روى عن داود بن أبي هند: مناكير).
وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج8 ص22): (له غير ما ذكرت مما لا يتابع عليه).
وقال الإمام أحمد، عن مسلمة بن علقمة: (يروون عنه أحاديث مناكير، وأراهم قد تساهلوا في الرواية: عنه). ([69])
قلت: وما أكثر أهل التساهل في هذا الزمان، في روايتهم: للأحاديث الضعيفة، والمعلولة.
* ومتنه يختلف عن الأحاديث الأخرى.
فهو: حديث منكر.
وأخرجه أبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج3 ص189 و190)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص207 و276) من طريق مطر بن طهمان الوراق، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r، في رمضان، فذكر الحديث).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، فيه داود بن أبي هند، له أوهام في الحديث، لا يحتج به في هذا الحديث. ([70])
* ومطر بن طهمان الوراق، له مناكير في الحديث، لا يحتج به. ([71])
قال الحافظ الذهبي في «السير» (ج5 ص452)؛ عن مطر الوراق: (غيره أتقن للرواية منه).
قال أحمد: «سيئ الحفظ»، وقال الساجي: «صدوق: يهم»، وقال ابن حبان: «ربما أخطأ»، وقال أبو داود: «ليس هو عندي بحجة»، وقال النسائي: «ليس بالقوي»، وقال ابن سعد: «كان فيه ضعف في الحديث».([72])
وأخرجه المروزي في «قيام رمضان» (ص153 و154)، والفريابي في «الصيام» (ص117 و118) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن داود، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان، فلم يقم بنا شيئـا منه حتى بقي سبع ليال، فقام بنا حتى كانت ليلة الخامسة، فقام بنا حتى كان نحوا من شطر الليل، قال فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينفتل، حسب له قيام ليلة، ثم كانت الليلة التي تليها فلم يقمها حتى كانت الثالثة، فجمع أهله واجتمع الناس، فقام بنا، حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، فقلت: وما الفلاح؟، قال: السحور، ثم لم يقم بنا بعدها حتى مضى الشهر).
قلت: وهذا سنده منكر، ومدار الحديث يروى عن داود بن أبي هند القشيري مولاهم، البصري، وهو ثقة، لكنه له أوهام إذا حدث من حفظه، خاصة بآخرة، وهذه منها. ([73])
ففي رواية: الأثرم (ج4 ص194)؛ عن الإمام أحمد / قال: عن داود بن أبي هند: (كان كثير الاضطراب، والخلاف).
قلت: وهذا ظاهر منه، في حديث أبي ذر t، في فضل قيام الليل، وقد اضطرب فيه وخالف الثقات الأثبات، ولم يضبطه.
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص278)؛ عن داود بن أبي هند: (وكان من خيار أهل البصرة، من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه.
* ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير: يخطئ، والوهم القليل يهم، حتى يفحش ذلك منه، لأن هذا مما لا ينفك منه البشر.
* ولو سلكنا هذا المسلك، للزمنا ترك جماعة من الثقات الأئمة؛ لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ.
* بل الصواب: في هذا ترك من فحش ذلك منه، والاحتجاج بمن كان منه ما لا ينفك منه البشر). اهـ.
قلت: وهذا الحديث رواه: داود بن أبي هند من حفظه، ولم يضبطه، فوقع في المخالفة للثقات الأثبات.
لذلك: لم يرو عنه، الحافظ البخاري على شرط: «الجامع المسند الصحيح»، لاضطرابه في الحديث.
* وقد أعرض الحافظ مسلم عن هذا الحديث، فلم يروه على شرط: «المسند الصحيح»، رغم أنه على شرطه، لأنه يروي عن: داود بن أبي هند في «صحيحه».
فهو: حديث منكر، مضطرب.
قال الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص110)؛ عن داود بن أبي هند: (الإمام الثبت، كان من حفاظ أهل البصرة ومفتيهم، حديثه في الكتب الستة، لكن في البخاري: استشهادا).
قلت: فلم يرو عنه الحافظ البخاري على شرط الصحيح، لأنه يخالف، ويهم أحيانا.
* وخالد بن عبد الله الواسطي، ثقة، ثبت، وقد أنكر عليه الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص318)؛ حديثـا، قد أخطأ فيه، وقد أصاب في ذلك، حتى قال: «تفرد به خالد بن عبد الله، وهو ضعيف».
قلت: وحديث الباب مما أخطأ فيه خالد بن عبد الله الواسطي، فلا يحتج به في هذا الحديث.
* وقد سمى الليالي، التي قامها النبي r، ولم يذكر: «نساءه»، فقال: «جمع أهله، واجتمع الناس، فقام بنا»، وخالفه فيه غيره من الرواة الأثبات.
قلت: والنبي r في قيامه في رمضان، لم يصل بأهله، وبنسائه، ولم يجمعهن، في هذا القيام، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، وسوف يأتي ذكرها.
* وهذا يدل على أن هذا الحديث، من الأحاديث المعلولة في قيام الليل.
* وخالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي الطحان، وهو يهم أحيانا.
* ومن أوهامه:
ما أخرجه ابن ماجة في «سننه» (2164) من طريق عبد الحميد بن بيان الواسطي، ثنا خالد بن عبد الله، عن يونس، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك t؛ أن النبي r: (احتجم، وأعطى الحجام أجره).
حديث منكر
قلت: وهذا إسناده رجاله كلهم ثقات، لكنه معلول.
وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (2835)، وابن حبان في «صحيحه» (5151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص130) من طرق عن خالد بن عبد الله، عن يونس بن عبيد العبدي، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك t به.
هكذا: قال خالد بن عبد الله الواسطي، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك، فوهم في هذا الحديث.
وخالف: خالد بن عبد الله، عبيد الله بن تمام؛ فرواه: عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس ﭭ به.
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (2852).
وهو الصحيح: عن ابن عباس.
وكذلك: رواه أصحاب، محمد بن سيرين عن ابن عباس ﭭ به؛ وهم: أيوب السختياني، وخالد الحذاء، وهشام بن حسان، ومعمر بن راشد، وسعيد بن عبد الرحمن، وابن عون، وعوف الأعرابي، وأشعث بن سوار، وأبو هلال الراسبي، وأبو بكر الهذلي؛ فرووه عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وفيهم من هو أثبت الناس في محمد بن سيرين.
فخالف: خالد بن عبد الله الواسطي في ذلك، فرواه: عن يونس بن عبيد، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك t، فوهم، فهو حديث منكر. ([74])
وبه أعله الحافظ ابن المديني في «العلل» (ص84)، وأنكره.
وقد ذكر الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج10 ص61)؛ أن هذا الحديث، إنما: يرويه الناس عن ابن سيرين، عن ابن عباس، ولم يذكر أنس بن مالك، فدل على أنه غير محفوظ، عن أنس بن مالك.
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «العلل» (2248): (سألت أبي، عن حديث رواه خالد الواسطي، عن يونس، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك t؛ أن النبي r: «احتجم، وأعطى الحجام أجره».
* ورواه: حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس ﭭ، قال: الصحيح عن ابن عباس عن النبي r).
قلت: فوهم خالد الواسطي، فجعل هذا الحديث، من مسند: أنس بن مالك، وإنما هو من مسند: ابن عباس.
والصحيح: أنه عن ابن سيرين عن ابن عباس، ورواية ابن سيرين عن ابن عباس مرسلة، لا تصح. ([75])
قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص338): «رواية: محمد بن سيرين، عن ابن عباس: مرسلة».
وأخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص526)، و(ق/180/ط)، والفريابي في «الصيام» (ص115 و116)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص112)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص1115 و1116) من طريق يزيد بن زريع، حدثنا داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان، فلم يقم بنا شيئـا من الشهر، حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال: فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة، جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟، قال السحور، ثم لم يقم بقية الشهر).
وفي لفظ: «قام بنا حتى ذهب شطر الليل الآخر».
وفي لفظ: «قلنا: وما الفلاح؟»، بدلا من: «قلت: وما الفلاح؟».
قال الحافظ الدارمي في «المسند» (ج2 ص1116): (حدثنا عبيد الله بن موسى، عن سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر، نحوه).
* يشير إلى الاختلاف.
* ويزيد بن زريع البصري، ثقة، ثبت؛ لكنه تغير بآخرة.
قلت: وروايته لهذا الحديث، يدل على أنه تغير، وهو حديث منكر.
ومن أوهامه في الحديث:
ما أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (3050) من طريق محمد بن المنهال، ثنا يزيد بن زريع، ثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس ﭭ، أن النبي r قال: (إذا حج الصبي فهي له حجة، حتى يعقل، فإذا عقل فعليه حجة أخرى، وإذا حج الأعرابي فهي له حجة، فإذا هاجر فعليه حجة أخرى).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده رجاله ثقات، رجال الشيخين، لكنه معلول، لا يصح، فقد وهم فيه: يزيد بن زريع البصري، فرفعه، وهو موقوف.
وأخرجه القطيعي في «جزء الألف دينار» (145)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص481)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (2731)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص325)، و(ج5 ص179)، وفي «السنن الصغرى» (1477)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج8 ص209) من طريق محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس ﭭ عن النبي r به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، كسابقه.
هكذا قال: يزيد بن زريع، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، عن النبي r.
وخالفه: محمد بن أبي عدي، وعبد الوهاب بن عطاء، فقالا عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس ﭭ من قوله، ولم يذكرا النبي r في الإسناد.
أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (3051)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص325)، عن ابن عباس ﭭ، موقوفا عليه.
وهو الصواب.
وهو الصحيح أيضا، من حديث محمد بن كثير، والطيالسي، وعفان بن مسلم، كلهم: عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس ﭭ؛ موقوفا عليه.
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج1 ص481)، وجمع روايتهم، مع رواية يزيد بن زريع.
لكن قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص325): (أظن شيخنا: حمل رواية عفان، ومحمد، وأبي الوليد على رواية يزيد بن زريع، والمعروف أن يزيد بن زريع تفرد برفعه).
وقال الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج7 ص40): (ويؤيد ما ذكره البيهقي، ما ذكره الطبراني، وابن عدي، وغيرهما: من تفرد يزيد بن زريع به).
وكذلك رواه على الصحيح: أبو معاوية، وسفيان، كلاهما: عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس ﭭ، موقوفا عليه.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (14872)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص291)، وفي «السنن الصغرى» (1479).
قلت: لم يرفعه؛ إلا يزيد بن زريع عن شعبة، وهو منكر.
وقال الحافظ الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج8 ص209): (لم يرفعه، إلا يزيد بن زريع عن شعبة، وهو غريب).
وقال الحافظ ابن خزيمة في «صحيحه» (ج4 ص349)؛ عقب أن رواه موقوفا: (هذا علمي، وهو الصحيح، بلا شك).
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في «المحرر في الحديث» (ج1 ص385): «الصحيح: أنه موقوف».
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الصغرى» (ج3 ص501): (كذا رواه: يزيد بن زريع، عن شعبة: مرفوعا، ورواه غيره عن شعبة: موقوفا، والموقوف: أصح).
وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (ج4 ص124)، وابن شاهين في «فضائل القرآن» (ص25)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج5 ص44)، وابن أبي الدنيا في «التهجد وقيام الليل» (ص436)، وفي «فضائل القرآن» (ص71) من طريق الخضر بن محمد، أنا هشيم بن بشير، أنا داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، نا أبو ذر t قال: (شهدنا مع رسول الله r بشهر رمضان، فلم يقم في شيء من الشهر حتى كانت ليلة سابعة بقيت، فقام بنا إلى نحو من ثلث الليل، ثم لم يقم بنا ليلة سادسة بقيت، فلما كانت ليلة خامسة بقيت، قام بنا إلى نحو من شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة؟، فقال: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة، ثم لم يقم بنا ليلة رابعة بقيت، فلما كان ليلة ثالثة بقيت قام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلت: وما الفلاح؟، قال: السحور، قال: فكان يوقظ في تلك الليلة أهله وبناته ونساءه).
قلت: وهذا سنده منكر، كسابقه، فيه داود بن أبي هند القشيري، له أوهام في الحديث. ([76])
* ومدار الحديث عليه؛ وفي آخره زيادة: «فكان يوقظ في تلك الليلة أهله، وبناته، ونساءه».
* وهشيم بن بشير الواسطي كان يروي أحاديث من حفظه، فيهم فيها، وهذه منها.
* ومن أوهامه: ما أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص344) من طريق سريج بن النعمان، حدثنا هشيم قال: أخبرنا داود بن أبي هند قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود، عن فضالة الليثي t قال: (أتيت النبي r، فأسلمت، وعلمني حتى علمني الصلوات الخمس لمواقيتهن، قال: فقلت له: إن هذه لساعات أشغل فيها فمرني بجوامع، فقال لي: إن شغلت فلا تشغل عن العصرين، قلت: وما العصران؟، قال: صلاة الغداة، وصلاة العصر).
حديث منكر
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص79 و80)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص170)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج4 ص3285) من طريق هشيم، عن داود بن أبي هند، عن ابن أبي الأسود، عن فضالة الليثي t به.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج1 ص20)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص33)، وابن حبان في «صحيحه» (1741) من طريق سعيد بن منصور، وزكريا بن يحيى؛ كلاهما: عن هشيم، عن داود بن أبي هند، عن ابن أبي الأسود، عن فضالة الليثي t به.
قلت: وهذا سنده رجاله: كلهم ثقات، رجال الصحيح، غير الصحابي، لكنه معلول.
* هكذا قال هشيم بن بشير الواسطي: عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن فضالة الليثي.
فوهم في الحديث.
وخالفه: زهير بن إسحاق السلولي، وخالد بن عبد الله الواسطي، ومسلمة بن علقمة، وعلي بن عاصم الواسطي، فقالوا: عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن فضالة، عن أبيه: فضالة الليثي به.
أخرجه أبو داود في «سننه» (428)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص199 و200)، وابن حبان في «صحيحه» (1742)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (939)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص466)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص33)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص826)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص386)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص325 و326)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص170)، و(ج7 ص1240)، وابن البختري في «المنتقى من حديثه» (687)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص162)، والمروزي في «الوتر» (10)، والخطابي في «غريب الحديث» (ج1 ص186)، وابن قتيبة في «غريب الحديث» (ج1 ص179)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج15 ص431)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج4 ص2284)، وابن حجر في «الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع» (31)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (128)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج5 ص135).
* فأسقط هشيم بن بشير: عبد الله بن فضالة، من الإسناد، فوهم. ([77])
قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج10 ص602): «وفي إسناد حديثه: اختلاف».
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «العلل» (ج1 ص109)؛ سألت أبي عن هذا الحديث، فقال أبي: (ورواه خالد الواسطي، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن فضالة الليثي، عن أبيه: فضالة، عن النبي r.
قال أبي: حديث خالد: أصح عندي).
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج5 ص136): (ورواه خالد الواسطي، وزهير بن إسحاق، عن داود، عن أبي حرب، عن عبد الله بن فضالة، عن أبيه: «أنه أتى النبي r»، وهو أصح، سمعت: أبي يقول ذلك).
وقال الحافظ الذهبي في «التلخيص» (ج1 ص199): «خولف هشيم بن بشير».
وقال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج1 ص350): (عبد الله بن فضالة، عن أبيه، ولفضالة صحبة، لا يعرفان، والخبر منكر، في وقت الصلاة).
فهو حديث منكر، لأنه يوهم جواز الاقتصار على العصرين، وهما: الفجر والعصر. ([78])
* وعبد الله بن فضالة الليثي، وهو مجهول لأنه: لم يرو عنه سوى: أبي حرب بن أبي الأسود، وعوف بن أبي جميلة الأعرابي، ولم يوثقه غير ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص40)؛ في ثقات التابعين.
* فعلى هذا؛ فلا حجة لأحد في عد: «عبد الله بن فضالة»، في الصحابة، ولا حتى في إثبات الرؤية له. ([79])
قال الحافظ أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج3 ص1748): (عبد الله بن فضالة الليثي: لم يذكر سماعا من النبي r، ولا يصح له صحبة، عداده في التابعين).
فالصحيح: أنه معدود في التابعين، وهو في عداد المجهولين، ولا تصح له صحبة، ولا رؤية.
وقد بين ذلك أيضا: الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص170)، والحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج5 ص135)، وغيرهما.
فحديث: هشيم بن بشير، هذا خطأ بلا شك، لمخالفته؛ لرواية: الجماعة.
فالصحيح: حديث خالد الواسطي، وزهير بن إسحاق، وعلي بن عاصم، ومسلمة بن علقمة؛ وذلك: بإثبات الواسطة: «عبد الله بن فضالة»، بين أبي حرب، وبين فضالة الليثي.
قال الحافظ ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ج3 ص962)؛ بعد ذكر هذا الاختلاف، مرجحا، رواية خالد الواسطي، وزهير بن إسحاق: «وهو أصح إن شاء الله تعالى».
قلت: فخالف هؤلاء: هشيم بن بشير، فوهم في الحديث.
فهو: حديث منكر، لا يصح.
* وهذا الحديث منكر، لا يحتج به أيضا، لمخالفته لأصول القرآن، والسنة، في إثبات جميع الصلوات المفروضة، لكل مكلف على وجه الأرض.
* فيستحيل أن يسقط النبي r، عن أحد المكلفين ثلاثة فروض، وهي من الأركان في الإسلام.
* ثم كيف يعقل أن يرخص له النبي r: بترك المحافظة على مواقيت: الظهر، والمغرب، والعشاء.
فهذا الحديث، مخالف لأصول الدين.
قال تعالى: ]حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى[ [البقرة: 238].
قلت: والصلاة على وقتها من أفضل الأعمال في الشريعة المطهرة.
فعن عبد الله بن مسعود t قال: سألت النبي r: أي العمل أحب إلى الله؟ قال r: (الصلاة على وقتها). وفي رواية: (الصلاة لوقتها). وفي رواية: (الصلاة على ميقاتها)([80]). وفي رواية: (أي: العمل أفضل). وفي رواية: (أي الأعمال أقرب إلى الجنة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (504)، و(5625)، وفي «الأدب المفرد» (1)، وفي «بر الوالدين» (ص104 و105)، ومسلم في «صحيحه» (85)، والترمذي في «سننه» (173)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص493)، وفي «المجتبى» (ج1 ص293)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص215)، وفي «الآداب» (1)، وفي «الاعتقاد» (ص249)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص197)، وفي «شعب الإيمان» (2544)، و(7439)، والطائي في «الأربعين» (12)، وابن المبارك في «البر والصلة» (1)، و(2)، و(35)، وابن الأعرابي في «المعجم» (611)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص418 و442 و451)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص278)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (ج1 ص171)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص266)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص115)، و(ج2 ص301)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص163)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص279)، و(ج4 ص207)، و(ج5 ص219)، وفي «المسند» (202)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» (ص214)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص338 و340 و342)، وفي «الثقات» تعليقا (ج8 ص314)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص23 و24 و25 و26)، وفي «المعجم الأوسط» (3583)، و(5394)، و(7233)، وفي «المعجم الصغير» (ج1 ص163)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص64)، والطيالسي في «المسند» (372)، وهناد في «الزهد» (983)، والبزار في «المسند» (1791)، و(1792)، و(1793)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (484)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1546)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص27)، و(ج5 ص366)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص541 و460)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص176)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص251)، والهيثم بن كليب في «المسند» (759)، و(761)، وأبو الفرج المقرئ في «الأربعين في الجهاد» (ص52)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص270)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص249)، وفي «المؤتلف والمختلف» (ج3 ص6696)، وعبد الخالق بن أسد في «المعجم» (ص399)، وأبو يعلى في «المسند» (5086)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج18 ص276)، و(ج54 ص396)، وفي «الأربعين في الحث على الجهاد» (3)، وفي «معجم الشيوخ» (482)، و(1551)، وابن المقرئ في «المعجم» (565)، والحميدي في «المسند» (103)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص136)، وفي «البر والصلة» (ص48)، وفي «التحقيق» (ج2 ص33)، وفي «الحدائق» (ج2 ص90)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص88)، والنسوي في «الأربعين» (ص75)، وأبو الشيخ في «ذكر الأقران» (ص29)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص346)، والفاكهي في «حديثه» (126)، وابن بشران في «الأمالي» (ص227)، وسعيد بن منصور في «السنن» (2302)، والإسماعيلي في «المعجم» (48)، والخلعي في «الخلعيات» (ص59 و60)، وأبو علي الرفاء في «الفوائد» (61)، والخلدي في «الفوائد» (470)، ومكرم البزاز في «الفوائد» (615)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص204 و205)، وابن المقرب في «الأربعين» (ص86)، وابن أسلم في «الأربعين» (ص72)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج1 ص436)، والحاكم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج4 ص65-الإمام)، وابن مسلمة في «المشيخة البغدادية» (ص141)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (ص426)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص554)، و(ج5 ص61 و157)، وابن المنذر في «الأوسط» (1111)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (162)، والحسين المروزي في «البر والصلة» (3)، والسلفي فيما «انتخبه من الطيوريات» (386)، ومعمر الأزدي في «جامعه» (ج11 ص190)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص126)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص65)، و(ج3 ص139)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج2 ص634)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص203 و204)، وابن دقيق العيد في «الإمام في معرفة أحاديث الأحكام» (ج4 ص64) من طرق عن عبد الله بن مسعود t به.
وبوب عليه الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص203)؛ باب: فضل الصلاة لوقتها.([81])
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص382): (لا يجوز للمسلم أو المسلمة، تأخير الصلاة المفروضة عن وقتها، بل يجب على كل مسلم ومسلمة من المكلفين أن يؤدوا الصلاة في وقتها على حسب الطاقة).اهـ
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص108)، وفي «المجتبى» (ج3 ص83) من طريق بشر بن المفضل قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان، فلم يقم بنا النبي r حتى بقي سبع([82]) من الشهر، فقام بنا حتى ذهب نحو من ثلث الليل، ثم كانت سادسة([83])، فلم يقم، فلما كانت الخامسة، قام بنا حتى ذهب نحو من شطر الليل، قلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة([84])، قال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف، حسب له قيام ليلة، قال: ثم كانت الرابعة، فلم يقم بنا، فلما بقي ثلاث من الشهر، أرسل إلى بناته ونسائه، وحشد الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، ثم لم يقم بنا شيئا من الشهر.
قال داود: قلت: ما الفلاح؟، قال: السحور).
قلت: وهذا سنده منكر، كسابقه، فيه داود بن أبي هند القشيري، وهو يهم ويخطئ في الحديث. ([85])
* وبشر بن المفضل بن لاحق البصري، ثقة، ثبت، لكنه أخطأ في أحاديث، وهذه منها.
فمن خطئه في الحديث:
ما أخرجه الترمذي في «سننه» (1039) من طريق يحيى بن خلف، وحميد بن مسعدة، قالا: حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين t قال: قال رسول الله r: (إن أخاكم النجاشي قد مات، فقوموا فصلوا عليه، قال: فقمنا فصففنا كما يصف على الميت، وصلينا عليه، كما يصلى على الميت).
حديث منكر؛ بهذا الإسناد
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، رجال الصحيح، لكنه معلول.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص362) من طريق عفان، عن بشر بن المفضل، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين t به.
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (2102)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص439)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص448)، وفي «المعجم الأوسط» (8530)، والبزار في «المسند» (3583) من طرق عن بشر بن المفضل، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين t به.
هكذا: رواه بشر بن المفضل عن يونس بن عبيد، عن ابن سيرين، عن أبي المهلب، عن عمران بن الحصين.
* فوهم: بشر بن المفضل في هذا الإسناد، فزاد: «أبا المهلب»، بين ابن سيرين، وبين عمران بن حصين.
قلت: وهذا مما يدل على وهم بشر بن المفضل في هذا الإسناد، أن محمد بن سيرين: هو مشهور بالرواية عن عمران بن حصين.
فقد أخرج الطبراني ذلك في «المعجم الكبير» (ج18 ص181 و188).
وروى مسلم في «صحيحه» (1668)، و(1673)؛ حديثين، من رواية محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين.
وقد خالفه: عبد الوارث بن سعيد، وعبد الأعلى السامي، فروياه: عن يونس بن عبيد، عن ابن سيرين، عن عمران بن حصين t به.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص439 و441)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص362)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص443).
فخالفه: ثقتان، لم يذكرا: «أبا المهلب».
وهو الصحيح، فحديث: بشر بن المفضل خطأ.
لذلك: قال الحافظ الترمذي في «السنن» (ج ص): «هذا حديث حسن، صحيح، غريب من هذا الوجه».
وقال الحافظ الدارقطني في «الأفراد» (ج4 ص220): «غريب من حديث: ابن سيرين، وغريب من حديث: يونس عن ابن سيرين، تفرد به: بشر بن المفضل، عنه».
وبه أعله الحافظ الطبراني في «المعجم الأوسط» (8530).
قلت: فقد وهم بشر بن المفضل في هذا الحديث.
وأخرجه ابن المنذر في «الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف» (ج5 ص183 و184) من طريق داود بن أبي هند، قال: ثنا الوليد بن عبد الرحمن الجرشي قال: حدثني جبير بن نفير الحضرمي، قال: ثنا أبو ذر t قال: (صمنا مع رسول الله r رمضان، فلم يقم بنا حتى بقي من الشهر سبع، فلما كانت الليلة الثالثة قام بنا حتى ذهب نحو من ثلث الليل، ثم لم يقم بنا الرابعة وقام الخامسة حتى بقي نحو من نصف الليل، فقلنا: يا رسول الله، لو تصلينا بقية ليلتنا هذه، فقال: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتبت له بقية ليلته، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام في السابعة، وبعث إلى نسائه وأهله، واجتمع الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟، قال: السحور).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، ومدار الحديث يروى عن داود بن أبي هند القشيري مولاهم، البصري، وهو ثقة، لكنه له: أوهام إذا حدث من حفظه، خاصة: بآخرة، وهذه منها. ([86])
ففي رواية: الأثرم (ج4 ص194)؛ عن الإمام أحمد / قال: عن داود بن أبي هند: (كان كثير الاضطراب، والخلاف).
قلت: وهذا ظاهر منه، في حديث أبي ذر t، في فضل قيام الليل، وقد اضطرب فيه وخالف الثقات الأثبات، ولم يضبطه.
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص278)؛ عن داود بن أبي هند: (وكان من خيار أهل البصرة، من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه.
* ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير: يخطئ، والوهم القليل يهم، حتى يفحش ذلك منه، لأن هذا مما لا ينفك منه البشر.
* ولو سلكنا هذا المسلك، للزمنا ترك جماعة من الثقات الأئمة؛ لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ.
* بل الصواب: في هذا ترك من فحش ذلك منه، والاحتجاج بمن كان منه ما لا ينفك منه البشر). اهـ.
قلت: وهذا الحديث رواه: داود بن أبي هند من حفظه، ولم يضبطه، فوقع في المخالفة للثقات الأثبات.
لذلك: لم يرو عنه، الحافظ البخاري على شرط: «الجامع المسند الصحيح»، لاضطرابه في الحديث.
* وقد أعرض الحافظ مسلم عن هذا الحديث، فلم يروه على شرط: «المسند الصحيح»، رغم أنه على شرطه، لأنه يروي عن: داود بن أبي هند في «صحيحه».
فهو: حديث منكر، مضطرب.
قال الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص110)؛ عن داود بن أبي هند: (الإمام الثبت، كان من حفاظ أهل البصرة ومفتيهم، حديثه في الكتب الستة، لكن في البخاري: استشهادا!).
قلت: فلم يرو عنه الحافظ البخاري على شرط الصحيح، لأنه يخالف، ويهم أحيانا.
* ورواه صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم الدمشقي، حدثنا صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي ذر t قال: (قام فينا رسول الله r، ليلة: سبع وعشرين من شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم انصرف إلى معتكفه، فأتيته، فقلت: يا رسول الله: لقد جئناك، ولقد تشددنا للقيام، وما كنا نظن أنك تفارق مقامك حتى نصلي الصبح، فقال: يا أبا ذر إنك إذا صليت بصلاة إمامك وانصرفت، كتب لك قنوت ليلتك).
حديث منكر
أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص114).
وذكر فيه: أن النبي r قام فقط: «ليلة: سبع وعشرين»، يعني: ليلة واحدة، وهذا منكر من القول.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، وهو يستنكر حديثه. ([87])
لذلك: أعرض عنه الحافظ البخاري، ولم يرو عنه على شرط الصحيح.
قلت: وروايته لهذا الحديث، يدل على أنه لم يضبطه، والحديث معروف عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t.
* وأيضا أخطأ في هذا الحديث، الوليد بن مسلم الدمشقي، وأتى بالمنكر في هذا الحديث. ([88])
عن عبد الله بن أحمد عن أبيه: أحمد قال: (كان الوليد بن مسلم: رفاعا). ([89])
وعن المروذي قال في «العلل» (ص104)؛ عن أحمد: (كان الوليد بن مسلم: كثير الخطأ).
وفي رواية: مهنا قال: سألت أحمد عن الوليد بن مسلم، فقال: (اختلطت عليه أحاديث ما سمع، وما لم يسمع، وكانت له منكرات). ([90])
وقال الحافظ أبو حاتم في «العلل» (ج2 ص438): (الوليد بن مسلم: كثير الوهم).
فهو: حديث منكر، من حديث الوليد بن مسلم الدمشقي.
وخالفه: أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي، حدثنا: صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد الحضرمي، يرده إلى أبي ذر t، أنه قال: (لما كان العشر الأواخر اعتكف رسول الله r في المسجد، فلما صلى النبي r صلاة العصر من يوم اثنين وعشرين، قال: إنا قائمون الليلة إن شاء الله، فمن شاء منكم أن يقوم فليقم، وهي ليلة ثلاث وعشرين، فصلاها النبي r جماعة بعد العتمة حتى ذهب ثلث الليل، ثم انصرف، فلما كان ليلة أربع وعشرين لم يصل شيئا ولم يقم، فلما كان ليلة خمس وعشرين قام بعد صلاة العصر يوم أربع وعشرين فقال: إنا قائمون الليلة إن شاء الله -يعني: ليلة خمس وعشرين- فمن شاء فليقم، فصلى بالناس حتى ذهب ثلث الليل، ثم انصرف، فلما كان ليلة ست وعشرين لم يقل شيئا ولم يقم، فلما كان عند صلاة العصر من يوم ست وعشرين قام فقال: إنا قائمون إن شاء الله -يعني: ليلة سبع وعشرين- فمن شاء أن يقوم فليقم، قال أبو ذر: فتجلدنا للقيام فصلى بنا النبي r حتى ذهب ثلثا الليل، ثم انصرف إلى قبته في المسجد فقلت له: إن كنا لقد طمعنا يا رسول الله أن تقوم بنا حتى تصبح، فقال: يا أبا ذر، إنك إذا صليت مع إمامك وانصرفت إذا انصرف، كتب لك قنوت ليلتك).
أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص172)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص140)، وفي «مسند الشاميين» (ج2 ص91).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه شريح بن عبيد الحضرمي، ثقة؛ لكنه: كثير الإرسال، لم يدرك: أبا ذر، فهو لم يسمع منه شيئـا. ([91])
فهو: حديث منقطع، لا يصح.
ومتنه: منكر جدا، بذكر: صلاة العصر، وبألفاظ أخرى منكرة.
وأورده ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج14 ص130).
وقال الحافظ الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص140): (لم يرو هذا الحديث، عن شريح بن عبيد؛ إلا صفوان بن عمرو).
قلت: وهذا الحديث معروف عن جبير بن نفير عن أبي ذر، وروايته: عن شريح بن عبيد: خطأ.
* ورواه زيد، قال: حدثنا معاوية، قال: حدثني أبو الزاهرية، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذر t قال: (قام بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قال: ما أحسب ما تطلبون إلا وراءكم، ثم قام ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قال: ما أحسب ما تطلبون إلا وراءكم، ثم قمنا ليلة سبع وعشرين إلى الصبح).
حديث منكر
أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص180)، والفريابي في «الصيام» (151)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2205)، والطبراني في «مسند الشاميين» (ج3 ص142) من طريق أحمد بن حنبل، وعبد الله بن وهب، وعبدة بن عبد الله الصفار، جميعهم: عن زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح قال: حدثني أبو الزاهرية: حدير بن كريب، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر t به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي، وهو منكر الحديث، وليس بالثبت، له غرائب ومناكير ([92])، وهذه منها.
قال الحافظ يعقوب بن شيبة؛ عن معاوية بن صالح: (قد حمل الناس عنه، ومنهم: من يرى أنه وسط -ليس بالثبت ولا بالضعيف- ومنهم: من يضعفه). ([93])
وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج8 ص148): (صدوق: إلا أنه يقع في حديثه: إفرادات).
وقال الحافظ ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (ج4 ص112)؛ عن معاوية بن صالح: (مختلف فيه: ومن ضعفه؛ بسوء حفظه).
وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص955): (صدوق: له أوهام).
* ولم يذكر زيادة: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتبت له قيام ليلة».
قلت: وقد اختلف في لفظ هذا الحديث، أيضا، من رواية: معاوية بن صالح.
فقد ذكر: «ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول»، و«ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل»، و«ليلة سبع وعشرين حتى أصبح».
* فسمى الليالي التي قامها النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يذكر: «وبعث إلى أهله ونسائه واجتمع الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح»، يعني: السحور.
وهنا قال: «فقمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى أصبح».
وهذا اضطراب في الحديث.
فهو: ليس بمحفوظ، في جميع هذه الأوجه.
وزاد: «لا أحسب ما تطلبون إلا وراءكم».
قال الحافظ ابن خزيمة في «الصحيح» (ج3 ص337): (هذه اللفظة: «إلا وراءكم»، هو عندي من باب الأضداد، ويريد: أمامكم؛ لأن ما قد مضى هو وراء المرء، وما يستقبله هو أمامه.
* والنبي صلى الله عليه وسلم، إنما أراد: «ما أحسب ما تطلبون»، أي: ليلة القدر؛ إلا فيما تستقبلون، لا أنها فيما مضى من الشهر، وهذا كقوله تعالى: ]وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا[ [الكهف: 79]؛ يريد: وكان أمامهم). اهـ.
قلت: ويعل حديث أبي ذر؛ حديث عائشة، في أنها لم تذكر الليالي التي فصلت في حديث أبي ذر.
* بل ذكرت بخلاف ذلك، وأنها لم تذكر تعيين هذه الليالي على التفصيل إلى آخر الشهر، والصلاة إلى الصباح، ولم تذكر أن النبي r: جمع بناته ونساءه والناس في صلاة قيام الليل في رمضان.
* ولم تذكر زيادة: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له بقية ليلته»، وهي زيادة شاذة في حديث أبي ذر.
وإليك الدليل:
عن عائشة ڤ قالت؛ أن النبي r صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسول الله r، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان)
حديث صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1129)، و(2011)، ومسلم في «صحيحه» (761)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص169)، وأبو داود في «سننه» (1373)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1299)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص202)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص177)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (274)، وابن حبان في «صحيحه» (2542)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص117)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (238)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج2 ص251)، والفريابي في «الصيام» (162)، وأبو نعيم الحداد في «جامع الصحيحين» (1164)، والحسن بن محمد الخلال في «المجالس العشرة» (35)، والقعنبي في «الموطأ» (147)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (1734)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص492 و493)، وفي «فضائل الأوقات» (119)، وفي «شعب الإيمان» (2997)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص258)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (740)، والخطيب في «الفصل للوصل، المدرج في النقل» (ج1 ص454)، وأحمد بن عبيد الصدفي في «نسخة أبي صالح المصري» (35)، وأبو علي المدائني في «الفوائد» (7)، وابن راهويه في «المسند» (865)، وابن القاسم في «الموطأ» (36)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج3 ص199)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج1 ص485)، والجوهري في «مسند الموطأ» (165) من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي، وقتيبة بن سعيد، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرحمن بن القاسم، ومعن بن عيسى، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ويحيى بن بكير، وأبي مصعب الزهري، وروح بن عبادة، ويحيى بن يحيى الليثي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وبشر بن عمر الزهراني، وإسماعيل بن أبي أويس، جميعهم: عن مالك، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذا سنده صحيح، على شرط الصحيح.
وهو المحفوظ في قيام النبي r في رمضان، مع الناس.
قلت: فتوفي النبي r، والأمر على ذلك؛ يعني: توقف r عن صلاة قيام الليل في المسجد جماعة، ولم يستمر فيها.
* ولم تذكر عائشة ڤ، الزيادة، المدرجة في حديث: أبي ذر، وهي: «أنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة»، فهي زيادة شاذة، لا تصح.
* ويؤيد ذلك: تصرف الحافظ البخاري، والحافظ مسلم في ترك إخراج هذه الزيادة، المدرجة، الشاذة، في صحيحيهما، لشذوذها عندهما، وهي ليست على شرط: «المسند الصحيح».
* وأخرج الحافظ البخاري، والحافظ مسلم: حديث عائشة؛ بهذا اللفظ، لأنه على شرطهما في هذا الوجه، من رواية: الجماعة، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة ڤ.
* وليس فيه الزيادة: المذكورة في حديث أبي ذر t.
* وهذا يدل على اشتهار هذا الحديث، بهذا الإسناد، وبهذا اللفظ، في قيام النبي r في رمضان.
وألفاظ: حديث أبي ذر كلها، منكرة: لا تصح.
* والأدلة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة، وأهمها:
1) أن النبي r في حديث عائشة، توقف، ولم يستمر في هذا القيام، وهي ثلاث ليال.
بخلاف: حديث أبي ذر: أنه r استمر في هذا القيام إلى آخر الشهر.
2) أن حديث عائشة، أنه r، صلى بهم في ليلتين، وفي الليلة الثالثة، ولم يخرج لهم، ولم يصل بهم، فهي: ليلتان، وفي لفظ: أنها ثلاث، ولم يخرج لهم في الرابعة، وأن هذه الليالي التي قام فيها كانت متتابعة، بينما حديث أبي ذر عدد الليالي أكثر، وهي أيضا متفرقة، حتى في العدد، والثالثة جمع فيها أهله ونساءه، ومنهن عائشة، فكيف عائشة تخالف؛ فتذكر أن القيام كان في ليال متوالية دون تفريق؟!.
3) وكذلك: أن في حديث عائشة أن الناس اجتمعوا بأنفسهم خلف النبي r، لما رأوه يصلي، ولم يجمعهم النبي r للصلاة: كما في حديث أبي ذر؛ أنه أرسل لهم وبعث لهم ليجتمعوا في مسجده، وكذلك في حديث زيد بن ثابت: «فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد»([94])، يعني: تعمد r عدم الخروج لهم، فحديث أبي ذر مخالف صراحة للواقعة التي حصلت.
* وكذلك: حديث أبي ذر، هو مخالف لما في حديث زيد بن ثابت؛ أنه قال لمن صلوا خلفه: «فصلوا أيها الناس في بيوتكم»([95])، فكيف يعلن لهم بالاجتماع في المسجد، ويبعث لهم للاجتماع لصلاة القيام، فهذا يخالف: هذا النص.
4) كذلك في لفظ؛ عند البخاري: لحديث عائشة: «خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته»، ففيه أن النبي r صلى بعد نصف الليل، وهذا بخلاف حديث أبي ذر؛ أنه صلى بهم أول الليل إلى ثلثه، وإلى شطره، لقوله: « فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، قال: فلما كانت السادسة، لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة، قام بنا حتى ذهب شطر الليل»، فهذه مخالفة صريحة للواقعة.
5) وكذلك: قيامه r بهم من أول الليل، إلى أن كاد يفوتهم الفلاح، هو مخالف لما ثبت عن النبي r في صفة قيامه؛ أنه كان يقوم، وينام، وأنه من رغب عن سنته؛ فليس منه، في قصة الثلاثة النفر. ([96])
* فظهر بهذا: أن هذه القصة، التي في حديث أبي ذر مغايرة، لما في حديث عائشة، وحديث زيد بن ثابت.
* وظاهر حديث أبي ذر: كان ذلك في ليالي الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وكانت صلاته في الليالي الوترية، والليالي الشفعية، وكلها: غلط، وفي رواية: صلى بهم النبي r، في أول شهر رمضان!.
* وحديث عائشة: في الليالي الأولى من رمضان فقط.
6) وكذلك: كان الصحابة y يفعلون كنبيهم r؛ كما في قصة سلمان، وأبي الدرداء ﭭ: «أنه لما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال له سلمان: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال له: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فقاما فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي r،فذكر ذلك له، فقال النبي r: صدق سلمان». ([97])
7) في حديث عائشة: أنهم لما كثروا في المسجد في الليلة الثالثة: لم يصل بهم النبي r بعد ذلك.
* بينما في حديث أبي ذر؛ أنهم لما كثروا: صلى بهم، وإلى وقت الفلاح كانت صلاته!، وهذا مخالف صراحة للواقعة، في أنه لم يصل بهم، وهي مما يستحيل أن تكون واقعة واحدة، وفيها هذا التضاد الواضح، والمخالفة الصريحة!.
8) أن النبي r في حديث عائشة، أخبر عن سبب توقفه عن قيام الليل، وعدم استمراريته فيه.
بخلاف: حديث أبي ذر، فإنهم: قالوا له أن يستمر بقيام الليل.
9) وفي حديث عائشة، لم تذكر، اجتماع بناته، ونسائه r في قيام الليل في رمضان، خلف النبي r في المسجد.
بخلاف: حديث أبي ذر، فقد ذكر فيه اجتماع الناس، وبناته ونسائه r في قيام الليل في رمضان، خلف النبي r في المسجد.
10) أن النبي r في حديث عائشة، صلى ثلاث ليال في قيام رمضان في المسجد.
بخلاف: حديث أبي ذر، فقد ذكر فيه: أكثر من ذلك.
11) أن في حديث عائشة، عدم تعيين الليالي التي صلى فيها النبي r.
بخلاف: حديث أبي ذر، فإنه فيه تعيين الليالي في قيام الليل.
12) أن في حديث عائشة، عدم تسمية الليالي التي قام بها النبي r، على التفصيل.
بخلاف: حديث أبي ذر، فقد ذكرت الليالي التي قام بها النبي r، على التفصيل.
13) أن في حديث عائشة، عدم ذكر الزيادة: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة».
بخلاف: حديث أبي ذر، فقد ذكرت هذه الزيادة المذكورة.
14) أن حديث عائشة لم يقع فيه اختلاف في ألفاظه من الرواة.
بخلاف: حديث أبي ذر، فقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا في ألفاظه.
* إذا: فحديث عائشة: أصح، من حديث أبي ذر.
فرواه الجماعة، عن النبي r، من وجوه تثبت هذا الحديث، وأنه أثبت من حديث أبي ذر، وهو حديث شاذ.
* فكيف هؤلاء الرواة الأثبات، الحفاظ، لا يعلون: حديث أبي ذر، وفيهم أثبت أصحاب: مالك بن أنس، في روايته.
فهو: حديث معلول، لا يصح.
* ومما يدل أيضا على إعلال، حديث أبي ذر، أن حديث عائشة الآخر، الذي ثبت فيه: «أنه كان إذا دخل العشر، أحيا الليل لوحده، وشد المئزر، وأيقظ أهله»؛ يعني: لصلاة قيام الليل لوحدهن في البيوت، دون الجماعة، كما ذكر في حديث أبي ذر، أن الناس، وبنات ونساء رسول الله r صلوا جماعة معه r في المسجد، فلم يذكر ذلك في حديث عائشة، مما يدل على شذوذ حديث أبي ذر.
وإليك الدليل:
عن عائشة ڤ: (أن النبي r كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وشد المئزر([98])، وأيقظ أهله). وفي رواية: (كان النبي r إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله).
حديث صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» (2024)، ومسلم في «صحيحه» (1174)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1336)، و(3377)، وابن ماجة في «سننه» (1868)، وأبو داود في «سننه» (ق/181/ط)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص40)، والحميدي في «المسند» (187)، وابن راهويه في «المسند» (ج2 ص135)، والمخرمي في «جزئه» (113)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج2 ص253)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2214)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص313)، وفي «شعب الإيمان» (ج6 ص218)، وفي «فضائل الأوقات» (73)، وابن حبان في «صحيحه» (ج2 ص25)، و(ج8 ص222 و223)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص254)، والمروزي في «قيام رمضان» (ص247)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص389)، وفي «الأنوار» (708)، وفي «معالم التنزيل» (ج4 ص510)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج2 ص812)، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص364)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص296)، وفي «الاستذكار» (ج3 ص409)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج8 ص314)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص678)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج2 ص92)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص261) من طريق أحمد بن حنبل، وابن أبي عمر العدني، وعلي بن المديني، ونصر بن علي الجهضمي، والحميدي، وابن راهويه، وعبد الجبار بن العلاء، وعبد الله بن محمد الزهري، وعبد الرزاق بن همام، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وعبيد الله بن سعيد السرخسي، وعلي بن حرب، والعباس بن الوليد النرسي، وداود بن أمية الأزدي، ومحمد بن الوليد، وسعدان بن نصر؛ جميعهم: عن سفيان بن عيينة، عن أبي يعفور: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة ڤ به.
فرواه جماعة من الثقات، الأثبات، الحفاظ؛ وفيهم: أثبت أصحاب: سفيان بن عيينة، في روايته.
* فكيف: هؤلاء الحفاظ الأثبات، لا يعلون، حديث أبي ذر، الذي ذكر فيه: «أن الناس، وبنات، ونساء النبي r، قد اجتمعوا بالصلاة خلف النبي r في صلاة قيام الليل في رمضان»، وهو لم يثبت ذلك.
* بل صلى النبي r لوحده قيام الليل، في بيته، وأيقظ أهله، ولم يصل بهن النبي r في المسجد مع الناس.
لذلك: لم يصب من صحح هذا الحديث؛ مثل: الحافظ ابن حجر في «الإمتاع» (ص48)، والشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص306)، وفي «الصحيحة» (1813)، والحافظ السيوطي في «الجامع الصحيح» (3657)، وغيرهم.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك - إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على أن الخطأ والوهم في الأحاديث، لا يسلم منهما أحد من الرواة، حتى من الثقات، الأثبات، الحفاظ؛ من الأئمة الكبار في الحديث، لأن الله تعالى كتب الخطأ والوهم على بني آدم في هذه الحياة، ولا بد........................................................................................... |
18 |
3) |
ذكر الدليل على ضعف؛ حديث: أبي ذر، في فضل قيام الليل، وفيه: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف من صلاته، حسب له قيام ليلته»، فهو: حديث منكر، مضطرب، والزيادة هذه شاذة في الحديث، وقد اختلف الرواة في ألفاظه، واضطربوا فيه، ولم يضبطوه، فهو معلول.............................................................................. |
32 |
[1]) انظر: «الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم» للرفاعي (ص18).
[2]) أثر صحيح.
أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص310)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1634) بإسناد صحيح.
[3]) انظر: «النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص711)، و«الوهم في روايات مختلفي الأمصار» للوريكات (ص83).
[4]) ومعرفة مناهج النقاد، وفهم عباراتهم في علم علل الحديث.
[5]) انظر: «شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج1 ص339).
[6]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (ص356). بإسناد صحيح.
[7]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (ص356)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص417 و418)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص11). بإسناد صحيح.
[8]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في «العلل» (ج1 ص9)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص112)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص295)، بإسناد صحيح.
[9]) قلت: أو يعرضه على المؤهلين لهذه المهمة من أهل الحديث.
* وهذا الأمر الذي أشرت إليه من حيث اعتماد العلماء على أهل العلل؛ كمرجعية علمية... لأن هؤلاء كانوا أعلم بهذا العلم من غيرهم.
[10]) انظر: «النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص782).
[11]) قلت: فوضعوا لصيانة الحديث من القواعد والضوابط، التي بها يكون التحاكم إليها عند اختلاف الناس، للحكم على الحديث بالصحة أو الضعف.
[12]) قلت: والكلام في وهم الرواة، ودخول الوهم في الرواية طويل متشعب، وضرورة النقاد التنبيه على مثل هذه الأوهام.
[13]) قلت: ولا ينظر إلى شهرة الأحاديث، والأحكام بين المسلمين؛ بدون نظر في هذه الأحاديث، هل هي صحيحة أو غير صحيحة، وإن صدرت من العلماء رحمهم الله تعالى، لأنهم بشر، ومن طبيعة البشر يخطئون ويصيبون، فافهم هذا ترشد.
قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص15): (ما وقع التصريح - يعني: الحديث- بصحته أو حسنه جاز العمل به، وما وقع التصريح بضعفه لم يجز العمل به، وما أطلقوه ولم يتكلموا عليه، ولا تكلم عليه غيرهم، لم يجز العمل به؛ إلا بعد البحث عن حاله إن كان الباحث أهلا لذلك). اهـ.
[14]) قلت: وهؤلاء المقلدة المتعصبة أكثرهم مقلدون لا يعرفون من الحديث إلا على أقله، ولا يكادون يميزون بين «صحيحه» من «سقيمه»، ولا يعرفون جيده من رديئه، ولا يعبئون بما يبلغهم منه أن يحتجوا به، والله المستعان.
* وعلى هذا عادة أهل التقليد في كل زمان ومكان، ليس لهم إلا آراء الرجال أصابوا أم أخطئوا، ألا إن عذر العالم ليس عذرا لغيره إن تبين: الحق، أو بين له» وقد وردت أقوال العلماء تؤكد هذا الشيء، وتبين موقفهم من تقليدهم، وأنهم تبرءوا من ذلك جملة، وهذا من كمال علمهم، وتقواهم حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنة كلها.
انظر: «هداية السلطان» للمعصومي (ص19)، وكتابي «الجوهر الفريد في نهي الأئمة الأربعة عن التقليد».
والله ولي التوفيق.
[15]) وكيف كان أهله ينقدون الروايات.
([16]) وانظر: «الاستذكار» لابن عبد البر (ج4 ص370)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج2 ص142)، و«التاريخ» لابن معين (ج3 ص549)، و«الجامع لأخلاق الراوي» للخطيب (ج2 ص295)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج1 ص159)، و«هدي الساري» لابن حجر (ص455)، و«تصحيفات المحدثين» للعسكري (ص5)، و«فتح المغيث» للسخاوي (ج3 ص68).
([19]) وانظر: «تحفة الأشراف» للمزي (ج3 ص343)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص359)، و«تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج1 ص82)، و«تصحيفات المحدثين» للعسكري (ص5)، و«معرفة أنواع علم الحديث» لابن الصلاح (ص53)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج2 ص142)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص521)، و«صفة الصلاة» للشيخ الألباني (ج3 ص901)، و«المعرفة والتاريخ» لابن سفيان (ج2 ص197).
([22]) وانظر: «معرفة أنواع علم الحديث» لابن الصلاح (ص180)، و«هدي الساري» لابن حجر (ص455)، و«الرفع والتكميل» للكنوي (ص150 و151)، و«التاريخ» لابن معين (ج3 ص13).
([23]) وهذا التقليد وقع فيه: عبد السلام الشويعر، فقلد لرواية للإمام أحمد، في مسألة: «وضع اليدين تحت السرة في الصلاة»، فوقع في الخطأ، ولا بد.
([24]) وهو خالد بن علقمة الهمداني، وهو صدوق.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 289)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص163).
([25]) وانظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص163)، و«الموضح» للخطيب (ج2 ص807)، و«الفصل للوصل المدرج في النقل» له (ج1 ص571)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص715)، و«تحفة الأشراف» للمزي (ج7 ص417).
([26]) وانظر: «تحفة الأشراف» للمزي (ج7 ص417)، و«العلل» للدارقطني (ج4 ص49)، و«الخلافيات» للبيهقي (ج1 ص134)، و«الفصل للوصل المدرج في النقل» للخطيب (ج1 ص571)، و«العلل» لابن أبي حاتم (ج1 ص56)، و«السنن» للنسائي (ج1 ص69).
([27]) هكذا: أهل التقليد يقعون في الأخطاء، بسبب تقليد العالم، لأنه أعلم منهم، دون أن يشعروا أنه يخطئ، ويصيب في الدين.
([28]) هل يرجع: عبد السلام الشويعر عن خطئه هذا، في هذا التقليد الأعمى إلى الصواب، بالقول في ثبوت السنة الصحيحة: «في وضع اليدين على الصدر في الصلاة».
([31]) وانظر: «السنن» للترمذي (ج1 ص179)، و«العلل الكبير» له (ج1 ص38)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص23)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص144).
([34]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5707)، و(5757)، ومسلم في «صحيحه» (2321)، وأبو داود في «سننه» (2911).
([36]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج5 ص279)، و«الكفاية» للخطيب (ص383)، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج1 ص324)، و«الأم» للشافعي (ج1 ص126)، و«المسند الصحيح» لمسلم (973).
([37]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص194)، و«تقريب التهذيب» له (ج1 ص490)، و«ترتيب ثقات ابن حبان» للهيثمي (ج5 ص298).
([38]) وانظر: «السنن» للترمذي (ج1 ص179)، و«العلل الكبير» له (ج1 ص38)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص23)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص144).
أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص173).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج8 ص675).
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص301).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج13 ص370).
([44]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج9 ص467)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج13 ص409)، و«السؤالات» للسلمي (ص246)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص149)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج6 ص290)، و«العلل ومعرفة الرجال» لعبد الله بن أحمد (ج1 ص156)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج4 ص266)، و«السؤالات» للبرذعي (ج2 ص396)، و«الثقات» لابن حبان (ج8 ص71)، و«المجروحين من المحدثين» له (ج2 ص89)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص179)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج6 ص199).
([48]) انظر: «طبقات المحدثين بأصبهان» لأبي الشيخ (ج2 ص48)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص333)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج4 ص112)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج10 ص38).
([50]) لو نفلتنا؛ بتشديد «الفاء» وتخفيفها، أي: أعطيتنا قيام بقية الليل، وزودتنا إياه، كان أحرى وأولى، ويحتمل أن تكون كلمة «لو» للتمني، فلا جواب لها، كذا في بعض الحواشي.
([51]) السحور: أصل الفلاح، البقاء، سمي السحور فلاحا لكونه سببا لبقاء الصوم، ومعينا عليه.
انظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (ج5 ص45)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص282).
([52]) وانظر: «مختصر السنن» للمنذري (ج5 ص98)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج5 ص249)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (ج9 ص239)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج4 ص359).
([53]) يعني: اللفظ الذي ذكر يحيى بن زكريا، وهو: «من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا».
وهو حديث: شاذ، منكر.
([56]) انظر: «الكاشف» للذهبي (ج1 ص458)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص332)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج4 ص194)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج10 ص34)، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج7 ص218).
([57]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج9 ص193)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج5 ص384)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج14 ص205)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص90)، و«الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم» للرفاعي (ص122).
([67]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج9 ص243)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص441)، و«هدي الساري» له (ج2 ص1105).
([68]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص764)، و«تقريب التهذيب» له (ج3 ص1783)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج2 ص657).
([71]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص1791)، و«تهذيب التهذيب» له (ج12 ص812)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج2 ص662).
([72]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص812)، و«العلل ومعرفة الرجال» لعبد الله بن أحمد (ج1 ص409)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص388)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص227)، و«السنن الكبرى» له (ج10 ص360)، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج9 ص253)، و«السؤالات» للآجري (ج2 ص71)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج11 ص222)، و«الثقات» لابن حبان (ج5 ص435).
([73]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص194)، و«تقريب التهذيب» له (ج1 ص490)، و«ترتيب ثقات ابن حبان» للهيثمي (ج5 ص298).
([76]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص194)، و«تقريب التهذيب» له (ج1 ص490)، و«ترتيب ثقات ابن حبان» للهيثمي (ج5 ص298).
([80]) قلت: وقد روي هذا الحديث: «الصلاة في أول وقتها» من حديث ابن مسعود t؛ ولا يصح بزيادة: «أول وقتها»؛ بل هي زيادة شاذة لا تثبت من حديث ابن مسعود t.
أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص339)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص188)، وفي «معرفة علوم الحديث» (ص130)، والخطيب في «الكفاية» (428)، وابن حزم في «المحلى» (ج3 ص182)، وغيرهم، وقد أعرض الحافظ البخاري في «صحيحه» عن هذه الزيادة، فروى الحديث بلفظ: «الصلاة على ميقاتها»، وهذا يؤكد شذوذها عنده.
إذا: فالحديث غير محفوظ بهذه الزيادة، ويأتي تخريجه في موضع آخر، والله ولي التوفيق.
([83]) قوله: «ثم كانت سادسة»؛ أي: مما بقي من الليالي الست، وهي التي تلي ليلة القيام، وهكذا: «الخامسة».
([85]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص194)، و«تقريب التهذيب» له (ج1 ص490)، و«ترتيب ثقات ابن حبان» للهيثمي (ج5 ص298).
([86]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص194)، و«تقريب التهذيب» له (ج1 ص490)، و«ترتيب ثقات ابن حبان» للهيثمي (ج5 ص298).
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج63 ص91).
وإسناده صحيح.
قوله: «رفاعا»؛ يعني: أنه كان يرفع الأحاديث الموقوفة، ويسند المرسلة.
([91]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص90)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص195)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج23 ص64)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص146).
([92]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج13 ص84)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص383)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج11 ص270)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج8 ص145).
([95]) فأرشدهم النبي r، لتأدية صلاة قيام الليل في البيوت في رمضان، وقال النبي r لهم: «فإن أفضل الصلاة، صلاة المرء في بيته؛ إلا المكتوبة».