الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه؛ ضعف أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وضع اليدين فوق السرة في الصلاة
جزء فيه؛ ضعف أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وضع اليدين فوق السرة في الصلاة
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
جزء فيه؛
ضعف أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وضع اليدين فوق السرة في الصلاة
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد...
فإن التنقية للآثار الضعيفة التي وردت عن السلف في «الأحكام»، ونخلها من كتب السنن، بذكر عللها في أسانيدها ومتونها؛ من أجل العلوم النافعة التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وتعويضها بالآثار الصحيحة، وذلك لحفظ الشريعة المطهرة، وصونها من أن يدخل فيها ما ليس منها من الأحكام الدخيلة في الدين، من ذلك: الروايات التي وردت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وضع اليدين فوق السرة في الصلاة، وهي معلولة في أسانيدها، ومتونها، جملة وتفصيلا؛ كما سوف يأتي.
* وهذا يسمى بـ«علل الحديث»، وهو من أشرف العلوم عند أئمة الجرح والتعديل.
قال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص140): (ذكر النوع السابع والعشرين من علوم الحديث، هذا النوع منه معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل... فإن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص294): (مـعرفة العلل أجل أنواع علم الحديث). اهـ
وقال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص81): (اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث، وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة، والفهم الثاقب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352)؛ عن أهل الحديث إنهم: (يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا «علم علل الحديث» وهو من أشرف علومهم؛ بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط، وغلط فيه). اهـ
وقال الحافظ العلائي /: (وهذا الفن: أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن، وحذاقهم؛ كابن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأمثالهم).([1]) اهـ
قلت: ولذلك على المسلم الحق أن يطلب العلم، ويسلك سبيله، ويعمل بحقه لكي يضبط أصول الكتاب الكريم، والسنة النبوية.([2])
* فيعمل جادا في البحث([3]) عما يستنبط منهما من معان وأحكام فقهية، لكي يتعبد الله تعالى بما شرعه في دينه، وفيما ثبت وصح عن النبي r؛ لأنه لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتعبد الله إلا بما شرعه في دينه.
قلت: ولذلك يحرم على المسلم أن يتعبد الله بالأحاديث الضعيفة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة» (ص162): (لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة، ولا حسنة).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص48): (الضعيف الذي يبلغ ضعفه إلى حد لا يحصل معه الظن؛ لا يثبت به الحكم، ولا يجوز الاحتجاج به في إثبات شرع عام، وإنما يثبت الحكم بالصحيح، والحسن لذاته، أو لغيره، لحصول الظن بصدق ذلك، وثبوته عن الشارع). اهـ
قلت: والتعبد لله بغير ما شرعه من أخطر الأمور على العبد؛ لما يجعله يحاد الله تعالى، ورسوله r.([4])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج7 ص367): (الحق ما قام عليه الدليل، وليس الحق فيما عمله الناس). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج6 ص302): (وصاحب الهوى يقبل ما وافق هواه بلا حجة توجب صدقه، ويرد ما خالف هواه بلا حجة توجب رده). اهـ
وقال الحافظ المزي / في «تهذيب الكمال» (ج2 ص326): (لو سكت من لا يدري لاستراح وأراح، وقل الخطأ، وكثر الصواب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (هدفنا هو اتباع الحق لا الانتصار للآراء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص449): (ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبا، وإن كان لا يتعمد الكذب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (الذي يريد الحق، يفرح بالنصيحة، ويفرح بالتنبيه على الخطأ).([5]) اهـ
وقال العلامة اللكنوي الهندي / في «الأجوبة الفاضلة» (ص140): (لا يجوز الاحتجاج في الأحكام بكل ما في الكتب المذكورة وأمثالها، من غير تعمق يرشد إلى التمييز لما مر أنها مشتملة على الصحاح، والحسان، والضعاف، فلا بد من التمييز بين الصحيح لذاته، أو لغيره، أو الحسن لذاته، أو لغيره، فيحتج به، وبين الضعيف بأقسامه، فلا يحتج به، فيأخذ الحسن من مظانه، والصحيح من مظانه، ويرجع إلى تصريحات النقاد الذين عليهم الاعتماد، وينتقد بنفسه إن كان أهلا لذلك، فإن لم يوجد شيء من ذلك توقف فيما هنالك).([6]) اهـ
قلت: فلا يجوز الاحتجاج في الدين بجميع ما في الكتب من أحاديث من غير وقفة، ونظر.
وقال العلامة الشيخ زكريا الأنصاري / في «فتح الباقي» (ج1 ص107): (من أراد الاحتجاج بحديث من السنن، أو من المسانيد: إن كان متأهلا لمعرفة ما يحتج به من غيره، فلا يحتج به حتى ينظر في اتصال إسناده، وأحوال رواته، وإلا فإن وجد أحدا من الأئمة صححه، أو حسنه، فله تقليده، وإلا فلا يحتج به). اهـ
* وعلى هذا؛ فالمتكلم في علوم الحديث، وهو لم يتعلمها على وجه التفصيل، ولم يأت اللعلم من أبوابه، فهذا يعتبر عاميا في هذا الشأن.
قال الإمام ابن قدامة / في «روضة الناظر» (ج1 ص350): (ومن يعرف من العلم ما لا أثر له في معرفة الحكم... فهو كالعامي لا يعتد بخلافه، فإن كل أحد عامي بالنسبة إلى ما لم يحصل علمه، وإن حصل علما سواه). اهـ
وقال العلامة ابن بدران / في «نزهة الخاطر» (ج1 ص351)؛ معلقا: (خصوصا إن كان جاهلا، جهلا مركبا يجهل، ويجهل إنه يجهل). اهـ
* ثم إن من أسباب حفظ الله تعالى، لهذا الدين: أن هيأ له رجالا، لا يخافون في الله تعالى لومة لائم، نذروا حياتهم له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والذب عنه، وعملوا على تثبيت قواعده وأصوله.
قال تعالى: ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر:9].
* فهؤلاء؛ هم: أئمة الحديث النقاد، الذين ينتقدون الحديث، ليميزوا جيده من زائفه، ورسموا: منهجا، لمن بعدهم في بيان صحيح الأحاديث من سقيمها، ووضعوا علم الجرح والتعديل، وعلم التعليل والتخريج.
* وما هذا الكتاب: الذي بين يديك إلا في تبيين علم علل الحديث.
قال القاضي أبو علي اللخمي /، في «رسالة»، بعث بها إلى العماد الأصفهاني /، يعتذر إليه من كلام استدركه عليه: (إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه، إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا، لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، هذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر) ([7]). اهـ
قلت: ومن هنا فنحن عازمون على تصحيح، وتصويب، وتبيين، ما في: الكتب من علل في الأحاديث، وغير ذلك، ما طالت بنا الحياة، وجرى القلم بين الأنامل، ووقع النظر على ضعف البشر!، والله الهادي إلى سواء السبيل.
* فإن علم العلل، هو أدق علوم الحديث، وأعمقها غورا، وأكثرها أهمية، وأصعبها تناولا؛ لما يترتب عليه من تدقيق في الألفاظ، وثبت في الأسانيد، وسعة في الطرق والروايات، واطلاع في علوم عدة.
* وهذا العلم لا يخوضه، إلا من علا في الفهم كعبه، واتسعت رقعة معارفه ودرايته، إذ القاصر فيه مخبط، والناقص فيه مخلط.
قال سفيان بن عيينة /: (ما كان أشد انتقاد مالك بن أنس، للرجال، وأعلمه بشأنهم).([8])
وقال الشافعي /: (كان مالك بن أنس: إذا شك في بعض الحديث، طرحه كله).([9])
قلت: وعلم العلل من أثقل العلوم، بل هو من أصعب العلوم في هذه الحياة، لما فيه من الدقة الخفية في علل الأحاديث، فهو أدق علوم الحديث، وأغمض أنواع الحديث، ولا يقوم به؛ إلا من فهمه الله تعالى هذا العلم الثاقب.
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد من أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك؛ لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص662): (ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به، فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين به؛ كيحيى بن سعيد القطان، ومن تلقى عنه، كأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهما.
* فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه، وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة، صلح له أن يتكلم فيه). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص662): (اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقيمه، يحصل من وجهين:
أحدهما: معرفة رجاله، وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين؛ لأن الثقات، والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التآليف.
الوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف، والرفع، ونحو ذلك.
* وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه، وكثرة ممارسته: الوقوف على دقائق علل الحديث). اهـ
فهذه الرسالة اللطيفة، قائمة على الحجة والبرهان، لتعلم ببينة واضحة، ولتستبين لك الضحالة العلمية، لأولئك الخائضين فيما لا يعلمون في الدين. ([10])
* لتتأكد لك؛ الجملة الشهيرة الذائعة: «من تكلم في غير فنه، أتى بالعجائب»، ونادى على نفسه بالجهل المركب الفاضح، الواضح. ([11])
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص41): (فالواجب على العالمين، ألا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه، لكان الإمساك أولى به، وأقرب له من السلامة له إن شاء الله). اهـ
* فالله العظيم، أسأل أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يكتبنا في زمرة الذابين عن سنة نبيه r؛ إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على ضعف أثر علي بن أبي طالب t، في وضع اليد اليمنى على اليد الشمال، فوق السرة في الصلاة
عن ابن جرير الضبي، عن أبيه قال: (رأيت عليا t: يمسك شماله بيمينه على الرسغ، فوق السرة).
أثر منكر، مضطرب
* فقد اضطرب في هذا الحديث؛ في سنده، وفي متنه:
* فرواه أبو بدر شجاع بن الوليد، عن أبي طالوت عبد السلام، عن ابن جرير الضبي، عن أبيه قال: (رأيت عليا t،يمسك: شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة).
أثر منكر بهذا الإسناد، وبزيادة: «فوق السرة»، فهي شاذة في هذا الأثر
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص70).
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: ابن جرير الضبي، وهو مجهول. ([12])
الثانية: جرير الضبي، وهو مجهول ([13])، وهو جد: فضيل بن غزوان بن جرير.
قال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج1 ص130)؛ عن جرير الضبي: «لا يدرى من هو».
قلت: وليس لهما في «الكتب الستة»، سوى هذا الحديث.
* فلا يعتمد عليهما في هذا الأثر، لمخالفتهما الثقات الأثبات، ولجهالة حالهما.
الثالثة: شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، أبو بدر الكوفي، له أوهام ([14])، وهذه منها.
قال الحافظ أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص379)؛ عن شجاع بن الوليد: (وهو شيخ ليس بالمتين، لا يحتج بحديثه).
قلت: أحيانا.
وقال الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص293): (إسناد ضعيف: ابن جرير، واسمه: غزوان، ووالده، في عداد مجهولي الحال).
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص29): «وروي عن علي t: تحت السرة، وفي إسناده ضعف».
* وخولف فيما رواه:
فرواه وكيع، ومسلم بن إبراهيم؛ كلاهما: عن عبد السلام بن أبي حازم أبي طالوت، عن ابن جرير الضبي، عن أبيه قال: (كان إذا قام إلى الصلاة، فكبر ضرب بيده اليمنى على رسغه الأيسر).
* ولم يذكرا فيه: «فوق السرة»([15])، مما يدل على شذوذها في أثر علي بن أبي طالب t.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص390)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص29 و30).
وقال البيهقي: «إسناده حسن».
وبهذا اللفظ؛ أي: دون قوله: «فوق السرة»، علقه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج2 ص61)، في أول كتاب: «العمل في الصلاة».
ووصله الحافظ ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص442) من طريق مسلم بن إبراهيم، وحسن إسناده.
وهو: أصح، دون قوله: «فوق السرة».
* ورواه أبو معاوية، ويحيى بن زكريا، وحفص بن غياث، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن زياد بن زيد، عن أبي جحيفة؛ أن علي بن أبي طالب t قال: (السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة).
أثر منكر
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص69 و70)، وعبد الله بن أحمد في «زيادات المسند» (ج1 ص110)، وفي «المسائل» (ص73)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص343)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص286)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج3 ص94)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص31)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص185)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج9 ص473)، (1/ق441/ط)، وابن الجوزي في «التحقيق» (ج1 ص285)، وفي «جامع المسانيد» (ج6 ص200)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج2 ص386 و387)، وابن شاهين في «السنة» (ج8 ص103-الكنز).
ورواية: أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عند ابن أبي شيبة في «المصنف» (3945)؛ بلفظ: (من سنة الصلاة، وضع الأيدي على الأيدي، تحت السرة).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو منكر الحديث، لا يحتج به. ([16])
قال عنه أحمد: «منكر الحديث»، وقال أبو حاتم: «منكر الحديث»، وقال البيهقي: «متروك»، وقال ابن معين: «ضعيف، ليس بشيء»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال البخاري: «فيه نظر»، وقال أبو زرعة: «ليس بقوي»، وقال ابن خزيمة: «لا يحتج بحديثه»، وقال الساجي: «أحاديثه مناكير». ([17])
وبه أعله: الحافظ ابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص200).
فهو: حديث مضطرب، لا يصح.
وقال العلامة الشيخ ابن باز في «الفتاوى» (ج11 ص98): «أما وضعهما: «تحت السرة»، فقد ورد فيه حديث: ضعيف عن علي t».
وقد ضعفه الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص75)، والحافظ ابن عبد الهادي في «التنقيح» (ج10 ص339)، والشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص291).
فأخطأ الحافظ ضياء الدين المقدسي في إيراده هذا الحديث في «الأحاديث المختارة» (ج2 ص386 و387).
* وزياد بن زيد السوائي، وهو مجهول. ([18])
وبه أعله: الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص292).
* ورواه محمد بن العلاء، ثنا حفص بن غياث، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي بن أبي طالب t، أنه كان يقول: (إن من سنة الصلاة، وضع اليمين على الشمال، تحت السرة).
أثر منكر، بزيادة: «تحت السرة».
أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص286)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص31).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو منكر الحديث. ([19])
وبه أعله: الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص292)؛ بقوله: (وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن إسحاق، وهو ضعيف: اتفاقا).
لذلك: نقل النووي في «المجموع» (ج3 ص313)؛ اتفاق العلماء، على تضعيفه، وتضعيف حديثه هذا.
وأقره الحافظ الزيلعي في «تخريج أحاديث الهداية» (ج1 ص314).
وقال الحافظ البيهقي في «معرفة السنن» (ج1 ص499): (لا يثبت إسناده، تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو متروك).
وقال العلامة الشيخ ابن باز في «الفتاوى» (ج11 ص136): «قد روى أبو داود عن علي t: أن السنة وضع اليدين تحت السرة، وهو حديث ضعيف».
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج3 ص141): (وأما الذين قالوا: إنهما أسفل من السرة، أو على السرة، فاستدلوا؛ بحديث علي t، لكنه: ضعيف).
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص178): «هو حديث ضعيف».
وقد ضعفه: الحافظ الذهبي في «التنقيح» (ج1 ص139)، والحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص272).
هكذا: اضطرب عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، في إسناد هذا الحديث. ([20])
قال الإمام النووي في «الخلاصة» (1097): «اتفقوا على تضعيفه؛ لأنه من رواية: عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، منكر الحديث، مجمع على ضعفه».
وقال الحافظ البيهقي في «معرفة السنن» (ج1 ص499): (والذي روي عنه: «تحت السرة»، لم يثبت إسناده، تفرد به: عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي: وهو متروك).
وقال العلامة الشيخ ابن باز في «الفتاوى» (ج11 ص145): «أما حديث: علي t، في وضعهما تحت السرة، فضعيف عند أهل العلم بالحديث».
وقال الحافظ ابن الجوزي في «التحقيق» (ج1 ص285): (وهذا لا يصح).
* وزياد بن زيد السوائي، وهو مجهول، لا يحتج به. ([21])
قال عنه الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج2 ص89): «مجهول، روى عنه: عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي: الضعيف».
وقال الحافظ الذهبي في «الكاشف» (ج1 ص331): «لا يعرف».
* والنعمان بن سعد الكوفي، وهو مجهول. ([22])
والحديث ضعفه: العلامة المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج2 ص97)، والعلامة ابن باز في «الفتاوى» (ج11 ص136)، والعلامة الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج9 ص291 و293)، وفي «إرواء الغليل» (ج2 ص69)، وفي «أحكام الجنائز» (ص151).
* ورواه عبد الواحد بن زياد البصري، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن سيار أبي الحكم، عن أبي وائل، عن أبي هريرة t قال: (من السنة، أن يضع الرجل يده اليمنى على اليسرى، تحت السرة في الصلاة).
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص71)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص284)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج3 ص94)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص78)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص186).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو منكر الحديث يضطرب.
فمرة يذكره: عن علي بن أبي طالب.
ومرة يذكره: عن أبي هريرة.
فهو: حديث منكر، مضطرب. ([23])
وبه أعله: الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص295)، والشيخ ابن باز في «الفتاوى» (ج11 ص136).
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ج2 ص71): «روي عن أبي هريرة، وليس بالقوي».
وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص75): (وروي ذلك: عن علي، وأبي هريرة، والنخعي، ولا يثبت ذلك عنهم).
وقال الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص292): (في إسناده: عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو ضعيف؛ باتفاق: أئمة الجرح والتعديل، وقد اضطرب في إسناده: فمرة: جعله من: «مسند علي»، ومرة جعله: من: «مسند أبي هريرة»).
وقال الشيخ أحمد شاكر في «تخريج أحاديث المسند» (ج2 ص163): (إسناده ضعيف: عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، ضعيف: ضعفه ابن سعد، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم).
وقال الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج2 ص69): (ضعيف: علته عبد الرحمن بن إسحاق هذا، وهو الواسطي: وهو ضعيف).
تنبيه: على وقوع التحريف في «المصنف» لابن أبي شيبة:
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة /: (حدثنا وكيع، عن موسى بن عمير، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه قال: «رأيت النبي r وضع يمينه على شماله في الصلاة»)([24])، ثم ذكر بعده أثر إبراهيم النخعي، فقال: (حدثنا وكيع، عن ربيع، عن أبي معشر، عن إبراهيم النخعي قال: «يضع يمينه على شماله في الصلاة: تحت السرة»)([25]).
* وغير خاف على القارئ الكريم: أن حديث وائل بن حجر t، لا توجد فيه زيادة: «تحت السرة»، وهي توجد في أثر إبراهيم النخعي الذي يلي حديث وائل بن حجر t في «المصنف» لابن أبي شيبة، كما تقدم.
هكذا: ورد حديث وائل بن حجر t بدون هذه الزيادة في «المصنف» في: «الطبعة الأولى» بحيدر آباد: «1386هـ - 1966»، وفي «الطبعة الثانية»، بمومبائي: «1399هـ - 1979»، والثانية مصورة من: «الطبعة الأولى».
التحريف في هذا الحديث: قامت إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، بكراتشي: «باكستان»، بطبع: «المصنف» لابن أبي شيبة، وامتازت هذه الطبعة على الطبعتين السابقتين، لاستدراكها عليهما الأبواب الساقطة منهما.
* ولكن للأسف فإن ناشره زاد عبارة: «تحت السرة»، في حديث وائل بن حجر t متعمدا، بخط جلي، وهذا الحديث يوجد في الصفحة ذات الرقم: «290»، من: «المجلد الأول» في الطبعات الثلاث من: «المصنف».
وبعد تحريفه في: «طبعة إدارة القرآن»، ورد كما يلي: (حدثنا وكيع، عن موسى بن عمير، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه قال: «رأيت النبي r وضع يمينه على شماله في الصلاة: تحت السرة»)([26])، هكذا وردت الزيادة: «تحت السرة»، في حديث وائل بن حجر t في الطبعة المشار إليها، ولم يشر ناشرها إلى النسخة التي وجدت فيها هذه الزيادة، وأين توجد هذه النسخة؟!.([27])
ﭑ ﭑ ﭑ
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على ضعف أثر علي بن أبي طالب، في وضع اليد اليمنى على اليد الشمال، فوق السرة في الصلاة................................. |
15 |
([2]) ومن هنا يظهر للمسلم الحق مدى الفرق الشاسع بين أهل العلم، وبين أهل الجهل؛ لأنهم أبعد ما يكونون عن تفقه هذا العلم الثاقب، وعن معرفة أصوله. اللهم غفرا.
انظر: «الجامع لأخلاق الراوي» للخطيب (ج2 ص257).
([3]) ولا ينظر إلى شهرة الأحاديث والأحكام بين المسلمين بدون نظر في هذه الأحاديث، هل هي صحيحة، أو غير صحيحة، وإن صدرت من العلماء رحمهم الله تعالى؛ لأنهم بشر، ومن طبيعة البشر أنهم يخطئون ويصيبون، فافهم هذا ترشد.
قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص15): (ما وقع التصريح ـ يعني: الحديث- بصحته أو حسنه جاز العمل به، وما وقع التصريح بضعفه، لم يجز العمل به، وما أطلقوه، ولم يتكلموا عليه، ولا تكلم عليه غيرهم؛ لم يجز العمل به، إلا بعد البحث عن حاله، إن كان الباحث أهلا لذلك). اهـ
([4]) وهؤلاء المقلدة المتعصبة أكثرهم مقلدون لا يعرفون من الحديث إلا أقله، ولا يكادون يميزون بين صحيحه وسقيمه، ولا يعرفون جيده من رديئه، ولا يعبئون بما يبلغهم منه أن يحتجوا به، والله المستعان.
قلت: وعلى هذا عادة أهل التقليد في كل زمان ومكان، ليس لهم إلا أراء الرجال أصابوا أم أخطأوا، إلا أن عذر العالم ليس عذرا لغيره إن تبين، أو بين له الحق، وقد وردت أقوال العلماء تؤكد هذا الشيء، وتبين موقفهم من تقليدهم، وأنهم تبرءوا من ذلك جملة، وهذا من كمال علمهم، وتقواهم حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنة كلها.
انظر: «هداية السلطان» للمعصومي (ص19)، وكتابي: «الجوهر الفريد في نهي الأئمة الأربعة عن التقليد»، والله ولي التوفيق.
([10]) وانظر: «البرهان في أصول الفقه» للجويني (ج1 ص287)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص29)، و«نهاية السول في شرح منهاج الأصول» للإسنوي (ج1 ص123)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج1 ص281)، و«الحاشية على أسنى المطالب» للرملي الكبير (ج4 ص282).
([13]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص589)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص397)، و«المغني في الضعفاء» له (ج1 ص130)، و«الجوهر النقي» لابن التركماني (ج2 ص31)، و«ضعيف سنن أبي داود» للشيخ الألباني (ج1 ص294)
([15]) وهي أصح من رواية: شجاع بن الوليد أبي بدر السكوني، له أوهام، في ذكره: «فوق السرة».
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص729).
([16]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص534)، و«الكمال في أسماء الرجال» للمقدسي (ج6 ص391)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص515).
([17]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص534)، و«السنن» لأبي داود (ج2 ص71)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج5 ص213)، و«التاريخ» للدوري (ج2 ص34)، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج8 ص481)، و«المعرفة والتاريخ» لابن سفيان (ج3 ص59)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص54)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج5 ص259)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص378)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص221)، و«الكمال في أسماء الرجال» للمقدسي (ج6 ص391).
([20]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص260)، و«المنهاج» له (ج4 ص115)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص224)، و«بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (ج5 ص26 و690)، و«تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (ج1 ص339)، و«التنقيح» للذهبي (ج1 ص139)، و«ضعيف سنن أبي داود» للشيخ الألباني (ج1 ص292).