الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه؛ ضعف الآثار في وضع اليدين في الصلاة
جزء فيه؛ ضعف الآثار في وضع اليدين في الصلاة
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
جزء فيه؛
ضعف الآثار في وضع اليدين في الصلاة
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد...
فإن التنقية للآثار الضعيفة التي وردت عن السلف في «الأحكام»، ونخلها من كتب السنن، بذكر عللها في أسانيدها ومتونها؛ من أجل العلوم النافعة التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وتعويضها بالآثار الصحيحة، وذلك لحفظ الشريعة المطهرة، وصونها من أن يدخل فيها ما ليس منها من الأحكام الدخيلة في الدين، من ذلك: الروايات التي وردت في وضع اليدين تحت السرة في الصلاة، وهي معلولة في أسانيدها، ومتونها، جملة وتفصيلا؛ كما سوف يأتي.
* وهذا يسمى بـ«علل الحديث»، وهو من أشرف العلوم عند أئمة الجرح والتعديل.
قال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص140): (ذكر النوع السابع والعشرين من علوم الحديث، هذا النوع منه معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل... فإن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص294): (مـعرفة العلل أجل أنواع علم الحديث). اهـ
وقال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص81): (اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث، وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة، والفهم الثاقب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352)؛ عن أهل الحديث إنهم: (يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا «علم علل الحديث» وهو من أشرف علومهم؛ بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط، وغلط فيه). اهـ
وقال الحافظ العلائي /: (وهذا الفن: أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن، وحذاقهم؛ كابن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأمثالهم).([1]) اهـ
قلت: ولذلك على المسلم الحق أن يطلب العلم، ويسلك سبيله، ويعمل بحقه لكي يضبط أصول الكتاب الكريم، والسنة النبوية.([2])
* فيعمل جادا في البحث([3]) عما يستنبط منهما من معان وأحكام فقهية، لكي يتعبد الله تعالى بما شرعه في دينه، وفيما ثبت وصح عن النبي r؛ لأنه لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتعبد الله إلا بما شرعه في دينه.
قلت: ولذلك يحرم على المسلم أن يتعبد الله بالأحاديث الضعيفة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة» (ص162): (لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة، ولا حسنة).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص48): (الضعيف الذي يبلغ ضعفه إلى حد لا يحصل معه الظن؛ لا يثبت به الحكم، ولا يجوز الاحتجاج به في إثبات شرع عام، وإنما يثبت الحكم بالصحيح، والحسن لذاته، أو لغيره، لحصول الظن بصدق ذلك، وثبوته عن الشارع). اهـ
قلت: والتعبد لله بغير ما شرعه من أخطر الأمور على العبد؛ لما يجعله يحاد الله تعالى، ورسوله r.([4])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج7 ص367): (الحق ما قام عليه الدليل، وليس الحق فيما عمله الناس). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج6 ص302): (وصاحب الهوى يقبل ما وافق هواه بلا حجة توجب صدقه، ويرد ما خالف هواه بلا حجة توجب رده). اهـ
وقال الحافظ المزي / في «تهذيب الكمال» (ج2 ص326): (لو سكت من لا يدري لاستراح وأراح، وقل الخطأ، وكثر الصواب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (هدفنا هو اتباع الحق لا الانتصار للآراء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص449): (ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبا، وإن كان لا يتعمد الكذب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (الذي يريد الحق، يفرح بالنصيحة، ويفرح بالتنبيه على الخطأ).([5]) اهـ
وقال العلامة اللكنوي الهندي / في «الأجوبة الفاضلة» (ص140): (لا يجوز الاحتجاج في الأحكام بكل ما في الكتب المذكورة وأمثالها، من غير تعمق يرشد إلى التمييز لما مر أنها مشتملة على الصحاح، والحسان، والضعاف، فلا بد من التمييز بين الصحيح لذاته، أو لغيره، أو الحسن لذاته، أو لغيره، فيحتج به، وبين الضعيف بأقسامه، فلا يحتج به، فيأخذ الحسن من مظانه، والصحيح من مظانه، ويرجع إلى تصريحات النقاد الذين عليهم الاعتماد، وينتقد بنفسه إن كان أهلا لذلك، فإن لم يوجد شيء من ذلك توقف فيما هنالك).([6]) اهـ
قلت: فلا يجوز الاحتجاج في الدين بجميع ما في الكتب من أحاديث من غير وقفة، ونظر.
وقال العلامة الشيخ زكريا الأنصاري / في «فتح الباقي» (ج1 ص107): (من أراد الاحتجاج بحديث من السنن، أو من المسانيد: إن كان متأهلا لمعرفة ما يحتج به من غيره، فلا يحتج به حتى ينظر في اتصال إسناده، وأحوال رواته، وإلا فإن وجد أحدا من الأئمة صححه، أو حسنه، فله تقليده، وإلا فلا يحتج به). اهـ
* وعلى هذا؛ فالمتكلم في علوم الحديث، وهو لم يتعلمها على وجه التفصيل، ولم يأت اللعلم من أبوابه، فهذا يعتبر عاميا في هذا الشأن.
قال الإمام ابن قدامة / في «روضة الناظر» (ج1 ص350): (ومن يعرف من العلم ما لا أثر له في معرفة الحكم... فهو كالعامي لا يعتد بخلافه، فإن كل أحد عامي بالنسبة إلى ما لم يحصل علمه، وإن حصل علما سواه). اهـ
وقال العلامة ابن بدران / في «نزهة الخاطر» (ج1 ص351)؛ معلقا: (خصوصا إن كان جاهلا، جهلا مركبا يجهل، ويجهل إنه يجهل). اهـ
* ثم إن من أسباب حفظ الله تعالى، لهذا الدين: أن هيأ له رجالا، لا يخافون في الله تعالى لومة لائم، نذروا حياتهم له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والذب عنه، وعملوا على تثبيت قواعده وأصوله.
قال تعالى: ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر:9].
* فهؤلاء؛ هم: أئمة الحديث النقاد، الذين ينتقدون الحديث، ليميزوا جيده من زائفه، ورسموا: منهجا، لمن بعدهم في بيان صحيح الأحاديث من سقيمها، ووضعوا علم الجرح والتعديل، وعلم التعليل والتخريج.
* وما هذا الكتاب: الذي بين يديك إلا في تبيين علم علل الحديث.
قال القاضي أبو علي اللخمي /، في «رسالة»، بعث بها إلى العماد الأصفهاني /، يعتذر إليه من كلام استدركه عليه: (إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه، إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا، لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، هذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر) ([7]). اهـ
قلت: ومن هنا فنحن عازمون على تصحيح، وتصويب، وتبيين، ما في: الكتب من علل في الأحاديث، وغير ذلك، ما طالت بنا الحياة، وجرى القلم بين الأنامل، ووقع النظر على ضعف البشر!، والله الهادي إلى سواء السبيل.
* فإن علم العلل، هو أدق علوم الحديث، وأعمقها غورا، وأكثرها أهمية، وأصعبها تناولا؛ لما يترتب عليه من تدقيق في الألفاظ، وثبت في الأسانيد، وسعة في الطرق والروايات، واطلاع في علوم عدة.
* وهذا العلم لا يخوضه، إلا من علا في الفهم كعبه، واتسعت رقعة معارفه ودرايته، إذ القاصر فيه مخبط، والناقص فيه مخلط.
قال سفيان بن عيينة /: (ما كان أشد انتقاد مالك بن أنس، للرجال، وأعلمه بشأنهم).([8])
وقال الشافعي /: (كان مالك بن أنس: إذا شك في بعض الحديث، طرحه كله).([9])
قلت: وعلم العلل من أثقل العلوم، بل هو من أصعب العلوم في هذه الحياة، لما فيه من الدقة الخفية في علل الأحاديث، فهو أدق علوم الحديث، وأغمض أنواع الحديث، ولا يقوم به؛ إلا من فهمه الله تعالى هذا العلم الثاقب.
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد من أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك؛ لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص662): (ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به، فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين به؛ كيحيى بن سعيد القطان، ومن تلقى عنه، كأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهما.
* فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه، وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة، صلح له أن يتكلم فيه). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص662): (اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقيمه، يحصل من وجهين:
أحدهما: معرفة رجاله، وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين؛ لأن الثقات، والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التآليف.
الوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف، والرفع، ونحو ذلك.
* وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه، وكثرة ممارسته: الوقوف على دقائق علل الحديث). اهـ
فهذه الرسالة اللطيفة، قائمة على الحجة والبرهان، لتعلم ببينة واضحة، ولتستبين لك الضحالة العلمية، لأولئك الخائضين فيما لا يعلمون في الدين. ([10])
* لتتأكد لك؛ الجملة الشهيرة الذائعة: «من تكلم في غير فنه، أتى بالعجائب»، ونادى على نفسه بالجهل المركب الفاضح، الواضح. ([11])
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص41): (فالواجب على العالمين، ألا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه، لكان الإمساك أولى به، وأقرب له من السلامة له إن شاء الله). اهـ
* فالله العظيم، أسأل أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يكتبنا في زمرة الذابين عن سنة نبيه r؛ إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على ضعف الآثار في وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى تحت السرة في الصلاة
1) عن أبي الزبير قال: أمرني عطاء؛ أن أسأل: سعيد بن جبير: أين تكون اليدان في الصلاة، فوق السرة، أو أسفل من السرة؟، فسألته عنه فقال: (فوق السرة).
أثر ضعيف
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص31) من طريق يحيى بن أبي طالب، أنبأ زيد، ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه يحيى بن أبي طالب، وهو ضعيف. ([12])
* وروايته هذه: «فوق السرة»، تدل على ضعفه.
وبه أعله: الحافظ ابن التركماني في «الجوهر النقي» (ج2 ص31).
وقال الحافظ أبو داود في «السنن» (ج2 ص71): «وروي عن سعيد بن جبير: فوق السرة».
هكذا: بصيغة التمريض.
* وابن جريج، مدلس، وقد عنعنه ([13])، فلا يصح.
وقد أشار الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص295)؛ إلى ضعف الأثر.
2) وعن حجاج بن حسان قال: سمعت أبا مجلز، أو سألته قال: قلت: كيف يضع؟، قال: (يضع باطن كفه اليمنى على ظاهر كف شماله، ويجعلهما أسفل من السرة).
أثر ضعيف
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص390 و391) من طريق يزيد بن هارون، عن حجاج بن حسان به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه حجاج بن حسان البصري، وهو لين الحديث، يعتبر به([14])، وقد شك في الأثر، لعدم ضبطه.
* وابن أبي شيبة: يخطئ في الأسانيد، والمتون([15])، وهذه منها.
قال عنه، الإمام أحمد: «كثير الخطأ».
وأورده الحافظ أبو داود في «السنن» (ج2 ص71).
ولم يصب الشيخ الألباني، بقوله في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص295): «إسناده صحيح»، لضعف الإسناد.
3) وعن عبد الله بن الزبير ﭭ قال: (وضع الأيدي على الأيدي، وصف القدمين من السنة). وفي رواية: (صف القدمين، ووضع اليد على اليد: من السنة).
أثر ضعيف جدا
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص68)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج14 ص248)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج9 ص301)، وفي «عوالي حديثه» (ص42)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص30)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج9 ص350)، والدارقطني في «الأفراد» (ج1 ص606)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص73) من طريق العلاء بن صالح، عن زرعة بن عبد الرحمن قال: سمعت ابن الزبير t به.
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: زرعة بن عبد الرحمن، أو زرعة أبو عبد الرحمن، وهو مجهول([16])، لا يحتج به.
وبه أعله: الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج1 ص290)؛ بقوله: (إسناده ضعيف؛ زرعة بن عبد الرحمن، في عداد مجهولي الحال).
الثاني: العلاء بن صالح الكوفي، منكر الحديث، له أوهام في الحديث.
قال عنه ابن المديني: «روى أحاديث مناكير»، وهذه منها، وقال البخاري: «لا يتابع»، وقال الذهبي: «يغرب».([17])
قال الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ج9 ص291): (إسناده ضعيف: رجاله ثقات معروفون، غير زرعة بن عبد الرحمن -وهو أبو عبد الرحمن الكوفي- لم يوثقه أحد غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير مالك بن مغول، والعلاء هذا؛ فهو في عداد مجهولي الحال، وقال الحافظ في «التقريب»: مقبول؛ يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، قلت: ولم أجد من تابعه). اهـ.
وأعله الحافظ الدارقطني في «الأفراد» (ج1 ص606)؛ بقوله: (غريب من حديث عبد الله بن الزبير، تفرد به: العلاء بن صالح، عن زرعة، عنه: وتفرد به: أبو أحمد الزبيري، عن العلاء بن صالح).
والأثر: أورده الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج4 ص470).
لذلك: لم يصب الإمام النووي في «المجموع» (ج3 ص258)؛ بقوله: «رواه أبو داود، بإسناد حسن».
وجود إسناده الحافظ ابن الملقن في «البدر المنير» (ج3 ص512)، وفيه نظر، لضعف الإسناد.
4) وعن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله بن مسعود t: (أنه كان يصلي، فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي r، فوضع يده اليمنى على اليسرى). وفي رواية: (رآني النبي r، وقد وضعت شمالي على يميني في الصلاة، فأخذ بيميني فوضعها على شمالي).
حديث منكر
واختلف في هذا الحديث:
فأخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص69)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص462)، وفي «المجتبى» (ج2 ص126)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص28)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص286 و287)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص455)، وابن ماجة في «سننه» (811)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (154)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج4 ص113)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج1 ص283 و284)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص230)، وبحشل في «تاريخ واسط» (ص94)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج10 ص311)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص72) من طريق هشيم بن بشير، عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه الحجاج بن أبي زينب الواسطي، وهو يخطئ ويهم في الحديث. ([18])
قال عنه أحمد: «أخشى أن يكون: ضعيف الحديث»، وقال ابن المديني: «ضعيف»، وقال النسائي: «ليس بالقوي»، وقال الدارقطني: «ليس بقوي، ولا حافظ»، وقال العقيلي: «لا يتابع عليه».([19])
قال الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص462): «غير هشيم: أرسل هذا الحديث».
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص343)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص230) من طريق يزيد بن هارون قال: أخبرنا الحجاج بن أبي زينب قال: حدثني أبو عثمان: (أن النبي r، مر برجل يصلي، وقد وضع شماله على يمينه، فأخذ النبي r بيمينه فوضعها على شماله).
حديث منكر
هكذا: روي: مرسلا، ولا يصح.
وهو: من رواية: يزيد بن هارون، وهو: ثقة، حافظ، ثبت، إمام.
قلت: وهذا سنده منكر كسابقه، فيه الحجاج بن أبي زينب الواسطي، وهو ضعيف الحديث. ([20])
قال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص72): (أرسله: يزيد بن هارون، عن الحجاج، عن أبي عثمان.
* وهشيم: أحفظ من الذي: أرسله).
وقال الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص462): (غير هشيم: أرسل هذا الحديث).
وقال الحافظ عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص192): (أرسله: غير هشيم، والحجاج بن أبي زينب: ليس بالقوي).
فهو: حديث مضطرب.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص381)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص287)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج8 ص27)، وبحشل في «تاريخ واسط» (ص94)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص230) من طريق محمد بن الحسن الواسطي، عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله t قال: (مر رسول الله r، برجل وهو يصلي، وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فانتزعها، ووضع اليمنى على اليسرى).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، فيه الحجاج بن أبي زينب الواسطي، وهو ضعيف الحديث. ([21])
وهذا التخليط في الإسناد، وفي المتن، من الحجاج بن أبي زينب.
فمرة: يرويه من مسند ابن مسعود.
ومرة: يرويه من مسند جابر بن عبد الله.
ومرة: يرويه، مرسلا عن أبي عثمان النهدي.
فهو: حديث مضطرب في سنده، وفي متنه.
وأخرجه بحشل في «تاريخ واسط» (ص94) من طريق محمد بن يزيد الواسطي، عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله t: (أن رسول الله r مر برجل، وهو يصلي، وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فانتزعها ووضع اليمنى على اليسرى).
حديث منكر
هكذا: من مسند جابر بن عبد الله، من رواية: محمد بن يزيد الواسطي، وهي: وهم.
وذكر هنا: «مر برجل».
وهناك: «رأى ابن مسعود».
وإسناده منكر، كسابقه.
وأخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص287)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص230)، والبزار في «المسند» (ج5 ص270)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج10 ص105)، و(ج12 ص397) من طريق محمد بن يزيد الواسطي، عن الحجاج بن أبي زينب الواسطي، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله بن مسعود t قال: (مر به النبي r، وهو يصلي، واضعا شماله على يمينه، فأخذ بيمينه فوضعها على شماله).
حديث منكر
هكذا: من مسند عبد الله بن مسعود، من رواية: محمد بن يزيد الواسطي، وهي الأصح.
* وذكر: قصة: ابن مسعود هنا.
وهذا من الاختلاف، والاضطراب في الحديث.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه الحجاج بن أبي زينب الواسطي، وهو ضعيف الحديث.
وقال الحافظ البزار في «المسند» (ج5 ص270): (وهذا الحديث، لا نعلم رواه عن أبي عثمان، عن عبد الله: إلا الحجاج بن أبي زينب، وهو رجل واسطي: روى عنه: هشيم، ويزيد بن هارون، ومحمد بن يزيد).
وقال الحافظ عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الوسطى» (ج1 ص369): (الحجاج بن أبي زينب: ليس بقوي، ولا يتابع على هذا.
* وقد روي عنه، عن أبي سفيان، عن جابر: «مر رسول الله r، برجل قد وضع شماله على يمينه»، مثله.
* ورواه محمد بن الحسن الواسطي، عن الحجاج، ذكر ذلك: أبو أحمد بن عدي).
وقال الحافظ عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص192): (أرسله: غير هشيم، والحجاج بن أبي زينب: ليس بالقوي).
* وسئل الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج5 ص338)؛ عن هذا الحديث، فقال: (يرويه: حجاج بن أبي زينب، ويكنى: أبا يوسف، واسطي، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، مرفوعا، قاله: هشيم، ومحمد بن يزيد الواسطي عنه.
* وخالفهما: محمد بن الحسن الواسطي، فرواه: عن حجاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان، عن جابر، ووهم فيه.
* وقول: هشيم عنه: أصح).
وأخرجه الرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج3 ص250) من طريق محمد بن إدريس، ثنا ضرار بن صرد، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن الحجاج بن أبي زينب الواسطي، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله t، عن عبد الله بن مسعود t قال: (مر رسول الله r، برجل يصلي واضعا شماله على يمينه، فانتزعها ووضع يمينه على شماله).
حديث منكر
هكذا: وقع عن جابر عن عبد الله.
وهذا التخليط من الحجاج بن أبي زينب، وهذا يدل على سوء حفظه، وعدم ضبطه لهذا الحديث.
* وسنده أيضا فيه: ضرار بن صرد الكوفي، وهو متروك الحديث.
قال عنه البخاري: «متروك الحديث»، وقال النسائي: «متروك الحديث»، وقال الساجي: «عنده مناكير»، وقال ابن الجوزي: «متروك الحديث، وكان يكذب»، وقال ابن معين: «حديثه ليس بشيء»، وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقوي عندهم»، وقال الدارقطني: «ضعيف». ([22])
* وبهذا يتبين أن الاختلاف الذي وقع في إسناد هذا الحديث، إنما هو من اضطراب: الحجاج بن أبي زينب الواسطي، وهو سيئ الحفظ، ولم يضبطه، ولم يتابع عليه.
وقد أعله: الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص462)، والحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج1 ص283)، والحافظ الدارقطني في «العلل» (ج5 ص338)، والحافظ البزار في «المسند» (ج5 ص270)، والحافظ عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الوسطى» (ج1 ص319)، والحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص72).
لذلك: أخطأ من صحح هذا الحديث، مثل: الحافظ النووي في «المجموع» (ج3 ص258).
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص224): «إسناده حسن»، وفيه نظر، لضعف الإسناد.
وحسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج3 ص342)، ولم يصب، لضعف الحديث.
وقال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج2 ص104): «رواه أحمد، والطبراني في «الأوسط»، ورجاله: رجال الصحيح».
* وفيه نظر، لأنه ليس على شرط الصحيح.
* وروي عن ابن مسعود t، من وجه آخر.
أخرجه البزار في «المسند» (ج5 ص371)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص283)، وفي «الأفراد» (ج2 ص15)، وابن أبي شيبة في «المسند» (313) من طريق مندل بن علي، عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود t قال: (رآني رسول الله r، واضع شمالي على يميني في الصلاة، فقال: ضع يمينك على شمالك).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر جدا، فيه مندل بن علي العنزي، وهو ضعيف، وله غرائب ومناكير([23])، وهذه منها.
* ومحمد بن أبي ليلى، سيئ الحفظ جدا. ([24])
قال الإمام أحمد: «سيئ الحفظ».
قال الحافظ الدارقطني في «الأفراد» (ج2 ص15): (غريب من حديث القاسم عن أبيه، عن جده، تفرد به: مندل، عن ابن أبي ليلى: عنه).
وقد أعله: الحافظ البزار في «المسند» (ج5 ص371)؛ بقوله: (وهذا الحديث، لا نعلم رواه عن القاسم، عن أبيه، عن عبد الله؛ إلا ابن أبي ليلى).
فهو: حديث منكر جدا.
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على ضعف الآثار في وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى تحت السرة في الصلاة............................................................. |
15 |
([2]) ومن هنا يظهر للمسلم الحق مدى الفرق الشاسع بين أهل العلم، وبين أهل الجهل؛ لأنهم أبعد ما يكونون عن تفقه هذا العلم الثاقب، وعن معرفة أصوله. اللهم غفرا.
انظر: «الجامع لأخلاق الراوي» للخطيب (ج2 ص257).
([3]) ولا ينظر إلى شهرة الأحاديث والأحكام بين المسلمين بدون نظر في هذه الأحاديث، هل هي صحيحة، أو غير صحيحة، وإن صدرت من العلماء رحمهم الله تعالى؛ لأنهم بشر، ومن طبيعة البشر أنهم يخطئون ويصيبون، فافهم هذا ترشد.
قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص15): (ما وقع التصريح ـ يعني: الحديث- بصحته أو حسنه جاز العمل به، وما وقع التصريح بضعفه، لم يجز العمل به، وما أطلقوه، ولم يتكلموا عليه، ولا تكلم عليه غيرهم؛ لم يجز العمل به، إلا بعد البحث عن حاله، إن كان الباحث أهلا لذلك). اهـ
([4]) وهؤلاء المقلدة المتعصبة أكثرهم مقلدون لا يعرفون من الحديث إلا أقله، ولا يكادون يميزون بين صحيحه وسقيمه، ولا يعرفون جيده من رديئه، ولا يعبئون بما يبلغهم منه أن يحتجوا به، والله المستعان.
قلت: وعلى هذا عادة أهل التقليد في كل زمان ومكان، ليس لهم إلا أراء الرجال أصابوا أم أخطأوا، إلا أن عذر العالم ليس عذرا لغيره إن تبين، أو بين له الحق، وقد وردت أقوال العلماء تؤكد هذا الشيء، وتبين موقفهم من تقليدهم، وأنهم تبرءوا من ذلك جملة، وهذا من كمال علمهم، وتقواهم حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنة كلها.
انظر: «هداية السلطان» للمعصومي (ص19)، وكتابي: «الجوهر الفريد في نهي الأئمة الأربعة عن التقليد»، والله ولي التوفيق.
([10]) وانظر: «البرهان في أصول الفقه» للجويني (ج1 ص287)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص29)، و«نهاية السول في شرح منهاج الأصول» للإسنوي (ج1 ص123)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج1 ص281)، و«الحاشية على أسنى المطالب» للرملي الكبير (ج4 ص282).
([12]) انظر: «تاريخ بغداد» للخطيب (ج14 ص220)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج6 ص61)، و«المغني في الضعفاء» له (ج2 ص738).
([13]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص1119)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج9 ص210)، و«ميزان الاعتدال» له (ج2 ص652).
([16]) انظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص440)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج3 ص605)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص542)، و«ضعيف سنن أبي داود» للشيخ الألباني (ج1 ص290).
([17]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص398)، و«تقريب التهذيب» له (ج3 ص1411)، و«نتائج الأفكار» له أيضا (ج2 ص143)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص101)، و«الكاشف» له (ج2 ص360).
([19]) انظر: «الضعفاء» للعقيلي (ج1 ص283)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص13)، و«العلل ومعرفة الرجال» للإمام أحمد (ج1 ص553)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج3 ص395)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص462).
([22]) انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص327)، و«تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين» لابن شاهين (ص113)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص170)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج2 ص60)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج2 ص610)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص135)، و«الضعفاء والمتروكين» للدارقطني (ص329)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج7 ص32)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص486)، و«السؤالات» لابن الجنيد (ص111).