القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه؛ ضعف حديث: كريب بن أبي مسلم المدني عن ابن عباس في: رؤية الهلال لصوم رمضان باختلاف المطالع، وقد أعله الإمام مسلم في المسند الصحيح، لمخالفته أصول السنة النبوية

2024-10-30

صورة 1
جزء فيه؛ ضعف حديث: كريب بن أبي مسلم المدني عن ابن عباس في: رؤية الهلال لصوم رمضان باختلاف المطالع، وقد أعله الإمام مسلم في المسند الصحيح، لمخالفته أصول السنة النبوية

      

                سلسلة

      ينابيع الآبار في تخريج الآثار

 

                                                                                                         

 

 

                                                                                               

                                                                                                                 

                                                                                                                 

 

جزء فيه؛

ضعف حديث: كريب بن أبي مسلم المدني عن ابن عباس

في: «رؤية الهلال لصوم رمضان باختلاف المطالع»،

وقد أعله الإمام مسلم في «المسند الصحيح»،

لمخالفته أصول السنة النبوية

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

     

رب يسر ولا تعسر

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران:102].

]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء: 1].

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 - 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

* لا تخفى أهمية علم الرجال والعلل في الحفاظ على السنة النبوية، وحمايتها من أن يدخل فيها ما ليس منها، فهو الميزان الذي تعرض عليه أحوال الناقلين لأحاديث رسول الله r، وبه يميز الصادق من الكاذب، والثقة من الضعيف، والضابط من غير الضابط.([1])

قال الإمام علي بن المديني /: (التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم).([2])

قلت: فيعد علم علل الحديث من أهم أنواع علوم الحديث، وأشرفها على الإطلاق؛ ذلك لما له من وظيفة غاية في الدقة والأهمية، وهي الكشف عما يعتري الثقات من أوهام.

قال الحافظ الخطيب / في «الجامع» (ج2 ص294): (معرفة العلل أجل أنواع علم الحديث).اهـ.

وقال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص112): (هذا النوع منه معرفة علل الحديث، وهو علم بـرأســه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل). اهـ.

قلت: وهذا العلم يعد من أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة الثقات، ومعرفة ثاقبة في علل الحديث.([3])([4])

قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج4 ص662): (اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقيمه يحصل من وجهين:

أحدهما: معرفة رجاله، وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين: لأن الثقات والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التآليف.

الوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع، ونحو ذلك.

* وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه، وكثرة مـمـارسـتـه الوقوف على دقائق علل الحديث). اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب / أيضا في «شرح العلل الصغير» (ج4 ص662): (ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به، فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين به؛ كيحيى بن سعـيـد القطان، ومن تلقى عنه؛ كأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهما.

* فمن رزق مطالعة ذلك وفهمه وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة، صلح له أن يتكلم فيه). اهـ.

قلت: لأن علم العلل هو أدق علوم الحديث، وأغمض أنواع الحديث، ولا يقوم به إلا من فهمه الله تعالى هذا العلم الثاقب.

قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد من أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك).اهـ.

قلت: ولأن هذا العلم بحاجة إلى إحاطة تامة بالرواة والأسـانـيـد، فقد قل المتكلمون فيه في كل عصر.

قال الإمام ابن منده /: (إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرا يسيرا من كثير ممن يدعي علم الحديث).([5]) اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم). اهـ.

قلت: وقد اشتكى العلماء قديما من ندرة المؤهلين للنظر في هذا العلم، بل في وجودهم أصلا في بعض العصور.

قال الإمام أبو حاتم الرازي /؛ لما مات أبو زرعة الرازي /: (ذهب الذي كان يحسن هذا المعنى أي: التعليل يعني: أبا زرعة، ما بقي بمصر، ولا بالعراق أحد يحسن هذا).([6])

وقال الإمام أبو حاتم الرازي /: (جرى بيني، وبين أبي زرعة يوما تمييز الحديث ومعرفته؛ فجعل يذكر أحاديث، ويذكر عللها.

وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها، وخطأ الشيوخ.

فقال أبو زرعة، لي: يا أبا حاتم، قل من يفهم هذا، ما أعز هذا، إذا رفعت هذا من واحد واثنين؛ فما أقل من تجد من يحسن هذا، وربما أشك في شيء، أو يتخالجني شيء في حديث، فإلى أن ألتقي معك، لا أجد من يشفيني منه!). ([7])

وقال الحافظ ابن الجوزي / في «الموضوعات» (ج1 ص31): وهو يتكلم عن نقاد الحديث: (غير أن هذا النسل قد قل في هذا الزمان فصار أعز من عنقاء مغرب). اهـ.

وقال الحافظ ابن الجوزي / في «الموضوعات» (ج1 ص31): (فكان الأمر متحاملا إلى أن آلت الحال إلى خلف لا يفرقون بين صحيح وسـقـيـم، ولا يعرفون نسرا من ظليم). اهـ.

قلت: يرحم الله أئمة الحديث، كيف لو أدركوا زماننا؛ ماذا عسى هؤلاء أن يقولوا؛ اللهم غفرا.

* ونظرا لوظيفته في الكشف عن الأوهام نجد ناقد العلل يفرح لظفره بعلة حديث عنده أكثر من فرحه بأحاديث جديدة يضيفها إلى رصيده.

قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي /: (لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليست عندي).([8])

* وتقديرا لأهمية هذا العلم لكشف الأوهام في الأحاديث؛ فإن كبار المحدثين إذا شك أحدهم في رواية جمع طرقها، ونظر في اختلافها؛ ليعرف علتها.

قلت: لأن هذا هو السبيل لكشفها.

قال الحافظ الخطيب / في «الجامع» (ج2 ص295): (والسبيل إلى معرفة علة الحديث([9]) أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، وتعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان، والضبط). اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (مدار التعليل في الحقيقة على بيان الاختلاف). اهـ.

قلت: ونص نقاد الحديث على مبادئ هذا العلم، ووسائل معرفته.

فقال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص113): (والحجة فيه عندنا: الحفظ، والفهم، والمعرفة لا غير). اهـ.

قلت: فهذا الأمر إذن يأتي بالمذاكرة والحفظ، والبحث والتخريج، وملازمة أصحاب الحديث، والاطلاع الواسع على الأسانيد، والمداومة على قراءة مصنفات أهل الحديث.

قال العلامة المعلمي / في «مقدمته للفوائد المجموعة» (ص9): (القواعد المقررة في مصطلح الحديث، منها: ما يذكر فيه خلاف، ولا يحقق الحق فيه تحقيقا واضحا، وكثيرا ما يختلف الترجيح باختلاف العوارض التي تختلف في الجزئيات كثيرا، وإدراك الحق في ذلك يحتاج إلى مـمـارسـة طويلة لكتب الحديث، والرجال والعلل، مع حسن الفهم وصلاح النية). اهـ.

وقال الحافظ العلائي /: (إن التعليل أمر خفي لا يقوم به إلا نقاد أئمـة الحديث، دون من لا اطلاع له على طرقه وخفاياها).([10]) اهـ.

قلت: ومنهج جمع الروايات ومقارنتها؛ لتمييز الصواب من الخطأ فيها، هو منهج أهل الحديث القويم. ([11])

* فيستنكر النقاد أحيانا بعض ما ينفرد فيه الثقات من الحديث، ويردون غرائب رواياتهم، بالرغم من ثقتهم، واشتهارهم بالعلم.

قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص582): (وأما أكثر الحفاظ المتقدمين؛ فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم، إلا أن يكون ممن كثر حفظه، واشتهرت عدالته وحديثه؛ كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه).اهـ.

قلت: فيعد وهم الراوي وما يتابعه من مسائل، من أكثر قضايا علوم الحديث، التي شغلت بال النقاد، ونجد إعلالهم لكثير من الروايات بهذه العلة واضحا متوافرا في كتب الرجال والعلل، كما أنهم عنوا بمعرفة وحصر كل راو ثبت أنه عانى من الوهم، والخطأ، والخلط، وصنفت في ذلك كتب من قبل الحفاظ ولا يستغني مشتغل بالحديث وعلله عن معرفة هؤلاء؛ المختلطين والمخطئين، وما لكل واحد منهم من روايات دخلها الوهم والغلط.

* ولهذا كان النقاد يجدون مشقة بالغة، وهم يفتشون في أسانيد مختلفي الأمصار ويتفحصونها.

قلت: ولأجل هذه الصعوبة التي ذكرت، ينبغي للناقد الذي يريد اكتشاف الوهم في روايات مختلفي الأمصار، أن يكون ذا دراية تامة، وإحاطة شاملة بالمختلطين والمخطئين وأخبارهم، وأساليبهم في ذلك، وعمن أخطأوا، وعدد رواياتهم الشاذة إلى غير ذلك من قضايا تساعد في تجلية هذه المشكلة حتى يتسنى له اكتشاف الوهم في الروايات. ([12])

قلت: ولقد تحصل لي من هذا البحث العلمي بعد أن جمعت فيه طرق: حديث: كريب بن أبي مسلم المدني عن ابن عباس في: «رؤية الهلال لصوم رمضان باختلاف المطالع»، وقد أعله الإمام مسلم في «المسند الصحيح»، لمخالفته أصول السنة النبوية، والكلام على أسانـيـدها جرحا وتعديلا، وبيان عللها، والحكم عليها بالشذوذ والضعف.

* ولذلك على المسلم الحق أن يطلب العلم، ويسلك سبيله، ويعمل بحقه؛ لكي يضبط أصول الكتاب الكريم، والسنة النبوية.

قلت: فيعمل جادا في البحث([13]) عما يستنبط منهما من معان، وأحكام فقهية؛ لكي يتعبد الله تعالى بما شرعه في دينه، وبما ثبت وصح عن النبي r، لأنه لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتعبد الله تعالى؛ إلا بما شرعه في دينه، ولذلك يحرم على المسلم أن يتعبد الله تعالى بالأحاديث الضعيفة، أو الألفاظ الشاذة، أو المنكرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة» (ص162): (لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة، التي ليست صحيحة ولا حسنة). اهـ.

وقـال الــعــلامـة الــشــوكــانـي / فـي «إرشـــاد الـــفــــحــــول» (ص48): (الضعيف الذي يبلغ ضعفه إلى حد لا يحصل معه الظن لا يثبت به الحكم، ولا يجوز الاحتجاج به في إثبات شرع عام، وإنما يثبت الحكم بالصحيح والحسن لذاته، أو لغيره، لحصول الظن بصدق ذلك، وثبوته عن الشارع). اهـ.

قلت: والتعبد لله تعالى بغير ما شرعه من أخطر الأمور على العبد؛ لما يجعله يحاد الله تعالى، ورسوله r.([14])

* لأن التشريع من الله تعالى لهذه الأمة الإسلامية ينزل على الرسول r عـن طريق الوحيين: «الكتاب والسنة»، ]وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى[ [النجم: 3-4]، ولم يقبض الله تعالى رسول الله r إليه إلا بعد أن أكمل له ولأمته هذا الدين؛ فأنزل عليه قبل وفاته بأشهر في حجة الوداع، قوله تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3].

قلت: فكان كمال الدين من نعم الله تعالى العظيمة على هذه الأمة الإسلامية، ولذا كانت اليهود تغبط المسلمين على هذه الآية؛ لما أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص105)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2362): (أن رجلا من اليهود جاء إلى عمر t فقال: آية في كتابكم تقرؤونها لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال أي آية قال: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]).

قلت: فإذا تقرر ذلك؛ فإنه لا يجوز لمسلم أن يزيد في دين الله تعالى ما ليس منه، ولا أن يعبد الله تعالى إلا بما شرع الله تعالى، ورسوله r، بل يجب على المسلمين جميعا أن يخضعوا لأمر الله تعالى، ورسوله r، وأن لا يتبعوا في الدين ما لم يأذن به الله تعالى، ولم يشرعه رسوله r مهما رأوه حسنا؛ لأن الدين قد كمل.

قلت: وبعد استعراض هذه الفوائد العلمية؛ لعلم أصول الحديث، فإنه يظهر من خلالها ما يعود به من الخير على طلبة العلم، وعليه فإنهم مطالبون بإتقان أدوات هذا العلم([15])، والتمرس عليه، وإلا وقعوا في أوهام فاحشة هي عكس هذه الفوائد الحديثية.

هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة الإسلامية، وأن يتقبل مني هذا الجهد، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه ورعايته، إنه نعم المولى، ونعم النصير، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

                                     أبو عبد الرحمن فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

 

 

    

ذكر الدليل على ضعف حديث: كريب بن أبي مسلم المدني

عن ابن عباس في: «رؤية الهلال لصوم رمضان باختلاف المطالع»، وأنه معلول عند أئمة الحديث، وقد أعله الإمام مسلم أيضا في «المسند الصحيح»، بمخالفته لأصول السنة الصحيحة، التي تنص على عدم اعتبار اختلاف المطالع في دخول رمضان وخروجه، بل على جميع الأمة على وجه الأرض أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته، وتعمل بهذه الرؤية الشرعية لصوم رمضان

 

عن كريب؛ أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: (فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان([16]) وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس ، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟، فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟، فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟، فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله r).

وشك يحيى بن يحيى في: «نكتفي»، أو «تكتفي».

حديث منكر: وهو غير محفوظ

أخرجه مسلم في «المسند الصحيح المختصر من السنن» (ج2 ص765) من طريق يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيوب، وقتيبة، وابن حجر؛ جميعهم: عن إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة، عن كريب بن أبي مسلم المدني؛ أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، فذكره.

وأخرجه أبو داود في «سننه» (2332)، والترمذي في «الجامع المختصر من السنن» (693)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2421)، وفي «المجتبى» (ج4 ص131)، وأحمد في «المسند» (2789)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص251)، وابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي r» (1916)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص171)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج7 ص362 و363)، وابن حجر في «الحجريات» (ص373 و374) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة، عن كريب به.

وأورده ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج7 ص683 و684).

قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:

الأولى: إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني، ثقة ثبت([17])، ومع ذلك فقد يقع منه الخطأ، فهو يهم ويخالف الثقات الأثبات أحيانا، وهذا الحديث من خطئه، ووهمه. ([18])

قال عنه الإمام ابن معين: «ثقة، مأمون، قليل الخطأ». ([19])

قلت: وما من ثقة، إلا يهم ويغلط، حتى شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، وغيرهما، وليس من شرط الثقة أن لا يهم.

الثانية: محمد بن أبي حرملة المدني، وهو لين الحديث، وليس بمشهور في الرواية، فلا يحتج به، وكان يلقن مما ليس من حديث رسول الله r.([20]) 

* ولم يوثقه، إلا النسائي ([21])، وابن حبان في «الثقات» (ج5 ص36).

قلت: والنسائي، وابن حبان: يوثقان من ليس بحجة في الحديث أحيانا، لأنه ليس بمشهور في الرواية، بمثل: محمد بن أبي حرملة المدني هذا، وهو ليس بمشهور في الحديث. ([22])

قال الحافظ الزيلعي / في «نصب الراية» (ج1 ص333): (والنسائي وابن حبان، وغيرهما: يحتجون بمثل هؤلاء، مع أنهم ليسوا مشهورين بالرواية). اهـ.

قلت: فمثل: محمد بن أبي حرملة هذا، لا يوثق في الحديث، لأن حاله غير مستقيمة، وليس بثبت في الحديث.

* ثم هو تفرد بهذا الحديث، من دون الثقات الأثبات، فلا يحتج بمثله إذا انفرد.

* وقد أورده الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير»(ج1 ص59)، والحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج7 ص241)؛ ولم يذكرا فيه جرحا، ولا تعديلا!.

* وقد أعرض الإمام أحمد /، عن ابن أبي حرملة، ولم يحتج به، وأفتى بخلاف حديثه هذا في رؤية الهلال لصوم رمضان.

قال الإمام أبو داود / في «مسائله» (ص 128): (سمعت أحمد، سئل عن حديث كريب، تذهب إليه؟ يعني: حديث محمد بن أبي حرملة، عن كريب: «قدمت، يعني: من الشام، فسألني ابن عباس».

قال -الإمام أحمد-: لا، يعني لا أذهب إليه، قال أحمد: «إذا استبان لهم أنهم رأوه في بلدة، يعني: قبل اليوم الذي صاموا قضى، يعني ذلك اليوم»، يعني: هذا الحديث ... فذكر الحديث بسنده). اهـ.

* ثم إن ابن أبي حرملة: يلقن، ويقبل التلقين، وهذا جرح عند أئمة الجرح والتعديل، فلا تقبل روايته.

قال أبو القاسم البلخي في «قبول الأخبار ومعرفة الرجال» (ج2 ص355): (قال ابن المديني: قلت ليحيى: ما رأيت ابن أبي حرملة، لو شئت أن ألقنه أشياء، فقلت: كان يلقن، قال: نعم).

* والتلقين: قبول المحدث ما يلقى إليه من غير حديثه.

قال الحافظ السخاوي / في «فتح المغيث» (ج1 ص355)؛ في سياق ذكر من ترد روايته: (أو قبل: التلقين الباطل، ممن يلقنه إياه في حديث: إسنادا، أو متنا.

* وبادر إلى التحديث، ولو مرة لدلالته على مجازفته وعدم تثبته، وسقوط الوثوق بالمتصف به). اهـ.

وقال الحافظ السيوطي / في «تدريب الراوي» (ص227)؛ في سياق من ترد روايته: (بأن يلقن الشيخ، فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه). اهـ.

قلت: وقد حذر أئمة الحديث من التلقين في الحديث.

* وسبب قبول التلقين، يعتبر من سوء الحفظ، وقلة الضبط، والغفلة من الراوي، وهذا هو السبب الأساسي في قبول التلقين. ([23])

* إن قبول التلقين صفة جرح في الجملة، لأنه يدل على سوء حفظ الراوي، وغفلته ومجازفته، ومن ثم يقل الوثوق به. ([24])

قال الحافظ العراقي / في «شرح ألفية العراقي» (ج1 ص343): (وكذا ردوا -بصيغة الجمع- من عرف بقبول التلقين في الحديث). اهـ.

 وقال الإمام ابن الصلاح / في «معرفة علوم الحديث» (ص107): (لا تقبل رواية: من عرف بالتساهل في سماع الحديث... ومن عرف بقبول التلقين في الحديث). اهـ.

* إذا محمد بن أبي حرملة، ليس بالقوي، لأنه يقبل التلقين.

* فحديثه هذا: لا يصح، وهو غير محفوظ.

ومنه؛ قال الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج2 ص176): (سماك بن حرب: ليس بالقوي، يقبل التلقين).

وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص187): (الحجاج بن نصير البصري: ضعيف: كان يقبل التلقين).

وبوب الحافظ الخطيب في «الكفاية» (ص180)؛ باب: من رد حديث من عرف بقبول التلقين.

ولذلك: لم يخرج البخاري في «صحيحه» لـ «ابن أبي حرملة» إلا حديثا واحدا في «المتابعات» (1669)، وأعرض عن هذا الحديث لنكارته، وأخرج له مسلم هذا الحديث (1087) في «رؤية الهلال» «ليعله» بما قبله من أحاديث «الصوم لرؤية الهلال» العامة.

* وللعلم، فقد ساقه الإمام مسلم: لبيان علته في كتاب: «الصيام» (ج2 ص765)، ولم يذكره ليحتج به في رؤية الهلال، أو في مسألة اختلاف المطالع، كما زعم المقلدة في عدد من البلدان!.

* بل أورده الإمام مسلم / في أثناء شرحه لكتاب: «الصيام»، وذكر قبله الأحاديث الصحيحة، بالأسانيد المشهورة، وهي المعتمدة عند الإمام مسلم /؛ دون حديث كريب بن أبي مسلم المدني عن ابن عباس t، لأنه معلول عنده في كتابه.

فقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص759): حدثنايحيى ابن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن نافع، عن ابن عمر ، عن النبي r؛ أنه ذكر رمضان فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن أغمي([25]) عليكم فاقدروا له»([26]).

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص759): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ، أن رسول الله r ذكر رمضان، فضرب بيديه فقال: «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا - ثم عقد إبهامه في الثالثة - فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين».

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص759): وحدثنا ابن نمير، حدثنا أبي، حدثنا عبيد الله، بهذا الإسناد، وقال: «فإن غم عليكم([27]) فاقدروا ثلاثين» نحو حديث أبي أسامة.

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص759): وحدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله r: «إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له».

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص760): وحدثني حميد ابن مسعدة الباهلي، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا سلمة وهو ابن علقمة، عن نافع، عن عبد الله بن عمر ، قال: قال رسول الله r: «الشهر تسع وعشرون، فإذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له».

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص760): حدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني سالم ابن عبد الله، أن عبد الله بن عمر ، قال: سمعت رسول الله r، يقول: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له».

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص760): وحدثنا يحيى ابن يحيى، ويحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد، وابن حجر - قال يحيى بن يحيى: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر، عن عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر ، قال: قال رسول الله: «الشهر تسع وعشرون ليلة، لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، إلا أن يغم عليكم، فإن غم عليكم فاقدروا له»

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص762): حدثنا يحيى ابن يحيى، أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما».

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص762): حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي، حدثنا الربيع يعني ابن مسلم، عن محمد وهو ابن زياد، عن أبي هريرة t، أن النبي r، قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم فأكملوا العدد».

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص762): وحدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة t، يقول: قال رسول الله r: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين».

وقال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص762): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر العبدي، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة t، قال: ذكر رسول الله r الهلال فقال: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين».

* فهذه الأحاديث هي المعتمدة عند الإمام مسلم في هذا الباب، وهي متفق عليها بين الرواة في «رؤية الهلال» لشهر رمضان.

* فإذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد وجب على بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر، بهذه الرؤية، ولا عبرة باختلاف المطالع.

* فلا ريب أن النبي r أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته، وقد ثبتت أحاديث صحيحة في هذا الحكم، فإذا ثبتت رؤية الهلال؛ برؤية شرعية في بلد ما، وجب على بقية البلدان العمل بهذه الرؤية صوما وإفطارا.

وإليك الدليل:

فعن عبد الله بن عمر : أن رسول الله r ذكر رمضان فقال: (لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له). وفي رواية: (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (1906)، و(1907)، ومسلم في «المسند الصحيح» (1080)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2443)، وفي «المجتبى» (ج4 ص134)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص63)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (2936)، و(2937)، وابن حبان في «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع» (3445)، ومالك في «الموطأ» (781)، والبغوي في «شرح السنة» (1713)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (2413)، وفي «حلية الأولياء» (ج6 ص347)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (762)، و(763)، والدارقطني في «السنن» (2167)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص134 و204 و205)، وفي «بيان خطأ من أخطأ على الشافعي» (205)، و(206)، وفي «السنن الصغرى» (1326)، وفي «معرفة السنن» (2445)، والحدثاني في «الموطأ» (453)، والطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (3760)، و(3762)، والخطيب البغدادي في «جزء جمع فيه طرق حديث: ابن عمر في ترائي الهلال» (5)، و(6)، و(13)، و(22)، وفي «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج1 ص422)، والجوهري في «مسند الموطأ» (658)، و(469)، والخلعي في «الخلعيات» (649)، و(651)، وأبو نعيم الحداد في «جامع الصحيحين» (1123)، والشافعي في «السنن المأثورة» (344)، و(345)، وفي «المسند» (ص103)، وفي «الأم» (ج2 ص103)، وفي «الموطأ» (ص495 و496)، وابن القاسم في «الموطأ» (208)، و(282)، والدارمي في «المسند» (1807)، والحسن بن علي الجوهري في «الأمالي» (ق/124/ط)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج14 ص52)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص797)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (346)، والأنصاري في «المشيخة الكبرى» (8)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص564 و565)، وأبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» (194)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج2 ص100)، والقعنبي في «الموطأ» (470)، و(471)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج10 ص448)، وابن وهب في «الموطأ» (299) من طرق عن مالك بن أنس، عن نافع وعبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر به.

* إذا فحديث: كريب المدني، هو معلول بالأحاديث الصحيحة، التي ثبتت عن الثقات الأثبات.

فهو حديث منكر.

* ويستحيل من الإمام مسلم أن يترك الأحاديث الصحيحة من الثقات الأثبات، ثم يحتج بحديث شاذ.

قلت: وهذا يدل على أن الإمام مسلما، يذكر في أبواب كتابه، أحاديث معلولة، ليميز في الأبواب، بين الأحاديث الثابتة، والأحاديث المعلولة؛ حرصا منه على تنقية السنة النبوية، مما أدخل فيها من الأحاديث الضعيفة.

* وهذا التعليل من الإمام مسلم /، لا يعرفه؛ إلا أهل الشأن.

قلت: وهذا يبين الفرق بين ما ساقه الإمام مسلم / في الأصول والاحتجاج به، وما ذكره للإعلال!. ([28])

قال العلامة الشيخ أحمد شاكر /: (أهم شيء في تعليل الرواية عند المحدثين: هو البحث في علل المتون، وأخطاء الرواة فيها، وهو الأساس الذي بنى عليه الأئمة الحفاظ نقدهم للأحاديث، يعرف ذلك كل من مارس هذه الفنون الجليلة: علوم الحديث) ([29]). اهـ

* والإمام مسلم /: كان يعرف تلك القواعد، بل كان من جملة المقعدين لها.

قلت: فالنظر ينبغي أن يتجه إلى مدى احترامه، لتلك المعايير العلمية، لا إلى وجود الحديث في كتابه فحسب. ([30])

* وهناك أحاديث سكت عنها، وربما ضعفها في مواضع أخرى، وما ذاك إلا لاشتهار عللها عند أهل الصنعة، فلا يصح والحالة هذه أن ينسب إليه تقوية الحديث، بمجرد ذكره في كتابه، لأنه سكت عنه بحسب شهرته، ونكارته، وعلته([31])، عند أهل الشأن.

قلت: فالإمام مسلم /، كما التزم بالصحة في «صحيحه»، أيضا التزامه بذكره العلل في موضعها ([32])، وقد وعد بذلك في: «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ حيث قال: (وسنزيد، إن شاء الله تعالى، شرحا، وإيضاحا في مواضع من الكتاب، عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح، والإيضاح). اهـ

وقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا، فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة، والروايات المنكرة، وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة، مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة، بعد معرفتهم، وإقرارهم بألسنتهم، أن كثيرا مما يقذفون به إلى الأغبياء من الناس هو مستنكر، ومنقول عن قوم غير مرضيين، ممن ذم الرواية عنهم أئمة أهل الحديث). اهـ

قلت: وقد ذكر القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج1 ص105)؛ أن الإمام مسلما، ذكر العلل في الأبواب([33]) من: «صحيحه»، مما يدل أن ليس كل حديث في كتابه: يحتج به في السنة، لأنه ذكر أحاديث ضعيفة، فلا بد من التمييز بين ما احتج بها على شرطه، وبين ما لم يحتج به([34])، بل ذكرها للتعليل ليعرفها الناس، فيتركوها، ولا يحتج بها.

* وقد بين الإمام مسلم لهم ذلك.

فقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا، فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة، والروايات المنكرة، وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة، مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة). اهـ

* والقوم ينشرون الأحاديث المعللة بين العوام، ثم يقولون إن هذه الأحاديث أخرجها الإمام مسلم في «صحيحه»!، وهي ليست كذلك، بل هي خرجت من أكياسهم.

* ولقد بين الإمام مسلم حال هذا الصنف من الناس.

فقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الأخبار المنكرة؛ بالأسانيد الضعاف المجهولة، وقذفهم بها إلى العوام الذين لا يعرفون عيوبها). اهـ

وقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (وكذلك: من الغالب على حديثه المنكر، أو الغلط، أمسكنا أيضا عن حديثهم، وعلامة المنكر في حديث المحدث، إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره، من أهل الحفظ والرضا، خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك، كان مهجور الحديث، غير مقبوله، ولا مستعمله).اهـ

وقد نص الإمام الحميدي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص103)، أن الحفاظ انتقدوا: «الصحيحين»، فقال: (وربما أضفنا إلى ذلك نبذا، مما تنبهنا عليه من كتب: أبي الحسن الدارقطني، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر البرقاني، وأبي مسعود الدمشقي، وغيرهم من الحفاظ الذين عنوا بالصحيح مما يتعلق بالكتابين؛ من تنبيه على غرض، أو تتميم لمحذوف، أو زيادة في شرح، أو بيان لاسم، أو نسب، أو كلام على إسناد، أو تتبع لوهم بعض أصحاب التعاليق في الحكاية عنهما، ونحو ذلك من الغوامض التي يقف عليها من ينفعه الله تعالى بمعرفتها إن شاء الله تعالى).اهـ

وقال الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي / في «مقدمة الإلزامات والتتبع» (ص13): (وأما مسلم /، فقد صرح في أول: «صحيحه»، أنه سيذكر بعض الأحاديث؛ ليبين علتها). اهـ

قلت: وهذا يظهر أن الإمام مسلما، أورده لبيان الاختلاف في الحديث؛ متنا، وسندا، وبيان العلل التي في الحديث، كما هي عادته في «صحيحه»، في عدد من الأبواب، وهو الصواب. ([35])

وقد نبه الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ على مثل هذه العلل، وقد وفى بذلك، كما هو واضح في هذا الحديث، وغيره من الأحاديث.

قال الحافظ الرشيد العطار / في «غرر الفوائد» (ص512): (وإنما أورده مسلم: من الوجهين المذكورين عن أيوب، لينبه على الاختلاف عليه في إسناده). اهـ

وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج5 ص369): (وقد أدخل هذه الآثار كلها مسلم: وأرى مسلما، أدخل هذه الروايات، ليبين الخلاف فيها.

وهي وشبهها: عندي من العلل التي وعد بذكرها في مواضعها.

وظن ظانون: أنه يأتي بها مفردة، فقالوا: توفي قبل تأليفها).اهـ

وقال العلامة الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج5 ص607): (وإنما ذكر مسلم: هذه الرواية المختلفة، في وصله، وإرساله، ليبين اختلاف الرواة في ذلك.

* وهذا وشبهه من العلل التي وعد مسلم في خطبة كتابه، أن يذكرها في مواضعها.

* وظن ظانون أنه يأتي بها مفردة، وأنه توفي قبل ذكرها، والصواب: أنه ذكرها في تضاعيف كتابه، كما أوضحناه في أول هذا الشرح). اهـ

وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج5 ص607): (وإنما ذكر مسلم هذه الرواية المختلفة، في وصله، وإرساله؛ ليبين اختلاف الرواة في ذلك.

* وهذا وشبهه من العلل التي وعد مسلم في خطبة كتابه، أن يذكرها في مواضعها.

وظن ظانون: أنه يأتي بها مفردة، وأنه توفي قبل ذكرها، والصواب: أنه ذكرها في تضاعيف كتابه). اهـ

* فكتاب الإمام مسلم /، جمع فيه الأحاديث الصحيحة، وذكر أحاديث ذات علل خفية؛ بقصد إعلالها، لا يدركها؛ إلا المتأمل لها من أهل الحديث، العارف بطريقته في كتابه.

وقد أشار الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص47)؛ إلى أنه يورد أخبارا معللة في «صحيحه» ليبين أنها منتقدة.

وقد بين ذلك شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج1 ص22)؛ فقال: (صار -يعني: الإمام مسلما /- يرتب الأحاديث، فيذكر أولا الأسانيد الغاية في الصحة، ثم بعد ذلك ما دونها، ثم بعد ذلك ما دونها.([36])

وهذه فائدة نستفيد منها: أنه إذا جاءت أحاديث في باب معين، وعرفت أن المقدم منها: من كان رجاله أتقن وأضبط، ثم يأتي من بعدهم في الضبط والإتقان، ثم يأتي من بعدهم، كالمتابع، أو الشاهد ([37])، أو ما أشبه ذلك.

وهذه فائدة، أيضا: اجعلوها على بالكم فيما يمر علينا إن شاء الله من الأحاديث في المستقبل) ([38]). اهـ

وقال الشيخ إبراهيم اللاحم في «مقارنة المرويات» (ج2 ص481): (فإن بعض ما انتقد عليهما -يعني: الإمام البخاري، والإمام مسلما- لا عتب عليهما في إخراجه.

* إذ غرضهما تعليله فيما يظهر([39])... ويظهر جدا من سوق مسلم لأسانيدها، ومتونها؛ أن غرضه كان بيان ما فيها من علل). اهـ

* والإمام مسلم / له طرق في ذكر الروايات في «صحيحه» على حسب الباب، فمثلا: أحيانا، يروي أول الأمر أصح حديث لديه في الباب، وهو المروي من طريق الحفاظ الثقات الأثبات.

* فلا ريب أن النبي r أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته، وقد ثبتت أحاديث صحيحة في هذا الحكم، فإذا ثبتت رؤية الهلال؛ برؤية شرعية في بلد ما، وجب على بقية البلدان العمل بهذه الرؤية صوما وإفطارا.

وإليك الدليل:

(1) فعن عبد الله بن عمر : أن رسول الله r ذكر رمضان فقال: (لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له). ([40])

(2) وعن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله r، قال: (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).([41])

(3) وعن عبد الله بن عمر ، قال: (تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله r، أني رأيته فصامه، وأمر الناس بصيامه).([42])

 (4) وعن أبي هريرة t، قال: قال النبي r: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين). وفي رواية: (إذا رأيتم الهلال فصوموا ...).([43])

قلت: وهذه الأحاديث تدل على أنه إذا رئي الهلال ببلد كبلد الحرمين- لزم الصوم جميع بلدان المسلمين، سواء اختلفت المطالع فيها، أو اتفقت([44])، وهو قول  جمهور علماء الأمة الإسلامية، وهو الراجح، بل هو الأنسب لتوحيد الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة!.

* وهذا هو الأقرب إلى اتحاد المسلمين، واجتماع كلمتهم في العبادات، وعدم التفرق بينهم، بحيث لا يكون هؤلاء مفطرين، وهؤلاء صائمين([45])، فإذا اجتمعوا وكان يوم صومهم، ويوم فطرهم واحدا كان ذلك أفضل، وأقوى للمسلمين في اتحادهم، واجتماع كلمتهم، وهذا مراد الشريعة المطهرة.([46])([47])

قلت: وللعلم أن ما شهد هذا الزمان من تطورات في وسائل الاتصالات يمكن أن يوصل الخبر إلى جميع أقطار الدنيا في أقل من ليلة.

قلت: حتى الأقليات الإسلامية في الدول الكافرة يصل إليها الخبر بكل يسر، فيجب عليها أن تعمل بهذا القول، وتتبع البلد الذي أعلن عن دخول شهر رمضان وخروجه، وهذا ميسر لهم.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص74): (لا شك أن اجتماع المسلمين في الصوم، والفطر أمر طيب، ومحبوب للنفوس، ومطلوب شرعا، حيث أمكن، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا بأمرين:

أحدهما: أن يلغي جميع علماء المسلمين الاعتماد على الحساب، كما ألغاه رسول الله r ([48])، وألغاه سلف الأمة، وأن يعملوا بالرؤية، أو بإكمال العدة.

الأمر الثاني: أن يلتزموا بالاعتماد على إثبات الرؤية في أي دولة إسلامية تعمل بشرع الله([49])، وتلتزم بأحكامه، فمتى ثبت عندها رؤية الهلال بالبينة الشرعية دخولا، أو خروجا تبعوها في ذلك؛ عملا بقول النبي r: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة).([50])

* ومعلوم أن خطاب النبي r ليس خاصا بأهل المدينة، بل هو خطاب للأمة جمعاء في جميع أعصارها، وأمصارها إلى يوم القيامة.

* فمتى توافر هذان الأمران أمكن أن تجتمع الدول الإسلامية على الصوم جميعا والفطر جميعا، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة الإسلامية، ورفض ما خالفها.

* ولا ريب أن ذلك واجب عليهم؛ لقوله سبحانه: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65]، وما جاء في معناها من الآيات.

* ولا ريب أيضا أن تحكيمها في جميع شئونهم فيه صلاحهم، ونجاتهم واجتماع شملهم، ونصرهم على عدوهم، وفوزهم بالسعادة العاجلة والآجلة، فنسأل الله أن يشرح صدورهم لذلك ويعينهم عليه إنه سميع قريب). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الله بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص78): (لا ريب أن الرسول r أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته ... فإذا ثبتت رؤية الهلال؛ برؤية شرعية في بلد ما، وجب على بقية البلاد العمل بها؛ لأن النبي r حين قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)([51])، لم يقصد أهل المدينة فقط، وإنما قصد عموم المسلمين، وبناء على ذلك، فإذا ثبتت رؤيته في الحجاز وجب على من بلغهم الخبر في سائر الأقطار أن يعتمدها؛ لأنها دولة إسلامية محكمة للشريعة فيعمل بإثباتها عملا بعموم الأحاديث وإطلاقها، وهكذا الحكم في بقية الدول التي تحكم الشريعة ...

* أما المطالع فلا شك في اختلافها في نفسها، أما اعتبارها من حيث الحكم فهو محل اختلاف بين العلماء، والذي يظهر لي أن اختلافها لا يؤثر وأن الواجب هو العمل برؤية الهلال صوما، وإفطارا، وتضحية؛ متى ثبتت رؤيته ثبوتا شرعيا في أي بلد ما ...

* وهو قول جمع كثير من أهل العلم، حيث قيل باعتبار اختلاف المطالع؛ فالظاهر أنه لا يقع بأكثر من يوم). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الألباني / في «تمام المنة» (ص398): (يبقى حديث أبي هريرة t وغيره على عمومه؛ يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد، أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا([52]) ... وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هـو معلوم، ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول الإسلامية حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «حقيقة الصيام» (ص124): (وإن ثبتت رؤيته بمكان قريب أو بعيد، لزم جميع البلاد الصوم، وحكم من لم يره كمن رآه، ولو اختلفت المطالع، نص عليه، وذكره جماعة؛ للعموم، واحتج القاضي، والأصحاب، وصاحب «المغني»، و«المحرر» بثبوت جميع الأحكام، فكذا الصوم).اهـ

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق» (ص125): (إذا ثبتت رؤية الهلال ثبوتا شرعيا، في أي مكان من الأرض، شرقا، أو غربا، شمالا أو جنوبا، لزم الصوم جميع الناس، وهذا هو المذهب، وهو الذي نص عليه الإمام أحمد). اهـ

قلت: وهذه الفتوى عليها فقهاء الأمة الإسلامية، فيجب العمل بها لتأليف قلوب المسلمين في عبادتهم، والله ولي التوفيق.

قال الحنفية رحمهم الله: (يلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب، إذا ثبت عندهم رؤية أولئك، بطريق موجب، وعليه أكثر المشايخ، وعليه الفتوى).([53])

وقال المالكية رحمهم الله: (إذا رئي الهلال، عم الصوم سائر البلاد، قريبا، أو بعيدا، ولا يراعى في ذلك مسافة قطر، ولا اتفاق المطالع، ولا عدمها، فيجب الصوم على كل منقولإليه).([54])

وقال الحنابلة رحمهم الله: (إذا ثبتت رؤية الهلال بمكان، قريبا كان أو بعيدا، لزم الناس كلهم الصوم، وحكم من لم يره حكم من رآه).([55])

  قلت: فهذه فتاوى المذاهب الفقهية المعتمدة في جميع بلدان المسلمين في هذه الدنيا!.

* وقد وافقت السنة النبوية، فعلى أتباع المذاهب الفقهية في البلدان الإسلامية في هذا الزمان أن يتبعوا هذه المذاهب، ويتوحدوا في صوم شهر رمضان وفطره، ولأنهم يدعون اتباعهم في الفقه الإسلامي!، وأنهم على مذاهبهم!، فلماذا يخالفون ذلك، فيصوم كل بلد على ما يشاء، وكيف شاء!، ويفطر على ما يشاء، وكيف شاء!([56])، فبذلك خالفوا السنة النبوية!، وخالفوا المذاهب الفقهية المعتمدة عندهم، والتي ينتسبون إليها ظاهرا!، والله المستعان.

قلت: وهذا الحكم الشرعي الذي يدعو الدول الإسلامية إلى الوحدة الصحيحة في الصوم والفطر في عصرنا الآن لا يكاد يعرف إلا عند بعض الدول الإسلامية التي تحب الاتفاق، وتكره الاختلاف.

* لكن أكثر الناس اليوم يظنون أن المسألة مبنية على اختلاف المطالع، أو على اختلاف الدول الإسلامية، فالكل يقرر على ما يفتى في دولتهم من قبل ما يسمى بـ«الشؤون الإسلامية»، وذلك بسبب تغلغل الأفكار الاعتقادية المخالفة للكتاب والسنة عند المفتين في دولهم.

* لذلك يحبون أن يخالفوا الدول الإسلامية، خاصة الدولة التي يخالفونها في اعتقادهم مثل: «دولة بلد الحرمين» حفظها الله تعالى.

قلت: بل وتسربت عندنا هذه الأفكار على بعض الذين ينتسبون إلى العلم، فتراهم يدندنون في الصحف وغيرها على تقرير: «الحساب الفلكي»، وغيره، بل ويغمزون فتاوى علماء الحرمين في صومهم على رؤية الهلال وفطرهم، ليقرروا ما شاءوا في البلد في أمر الصيام والفطر([57])، والله المستعان.

قال الإمام ابن حزم / في «الفصل» (ج4 ص171): (واعلموا -رحمكم الله - أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين!). اهـ

قلت: وخالف الجمهور؛ الشافعية رحمهم الله فقالوا: إذا رئي الهلال ببلد لزم حكمه البلد القريب لا البعيد، بحسب اختلاف المطالع في الأصح في مذهبهم.

* واستدلوا على اعتبار اختلاف المطالع بحديث ابن عباس ([58])، وهو أقوى ما استدل به الشافعية رحمهم الله:

فعن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث، بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان([59]) وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس ، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: (لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله r).([60])

قلت: ولا يعارض حديث ابن عباس -على فرض صحته- عموم الأحاديث التي ذكرناها.

وبيان ذلك من وجوه:

أولا: أن هناك خلافا مشهورا بين أهل العلم في هذه المسألة على مذاهب عدة؛ كما تراه مبسوطا، في «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص125)، والمرجع في ذلك إلى الكتاب والسنة؛ لقوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء:59].

فعن الإمام ميمون بن مهران / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله[ [النساء:59] (إلى كتاب الله، والرد إلى رسول الله r إذا قبض إلى سنته). ([61])

قلت: والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة، وذلك لا يعدم، والله ولي التوفيق.([62])

ثانيا: أن حديث ابن عباس ، ورد فيمن صام على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين أو يروا هلالهم.

ثالثا: أن ابن عباس لم يصرح بأن النبي r أمرهم بأن لا يعملوا برؤية غيرهم من البلدان الإسلامية، فتنبه.

رابعا: أن ابن عباس أراد أن يبين قول النبي r أنه أمرهم بإكمال الثلاثين أن يروه، ليبقى: «كريب»، على الصيام مع أهل بلده، ويفطر معهم، فلا يتقدمهم في الفطر، فقال ابن عباس : (لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه)، لأن الصوم بصوم يوم الناس، والفطر بفطر يوم الناس.

خامسا: أن ابن عباس لم يعلم بخبر صوم معاوية بن أبي سفيان t في الشام ابتداء حتى يصوم معه، بل لم يعلم بذلك إلا آخر الشهر وذلك لقول كريب /: (فسألني عبد الله بن عباس فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة).

فقال ابن عباس : (فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه). 

قلت: وهذا موافق لعموم أحاديث رؤية الهلال؛ أي أن النبي r أمرنا بقوله: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، ولذلك قال : (هكذا أمرنا رسول الله r)؛ أي: أمرنا أن نصوم مع الناس، وأن نفطر مع الناس؛ أي: الصوم مع الأمة، والفطر مع الأمة.

قلت: إذا فعدم عمل ابن عباس برؤية أهل الشام في هذا الشهر فقط، وذلك لأنه لا يدري بخبر صوم معاوية t للبعد الذي بينهما، ولتعذر سرعة الاتصالات، والمواصلات في ذلك الوقت.([63])

سادسا: أن حديث ابن عباس من أحاديث المتشابه، واالعلم في ذلك أن المتشابه يحمل على المحكم، فهو يعتبر من باب الاجتهاد، وليس بحجة، فيجب أن يقتصر على النصوص المحكمة.([64])

قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «أسباب الخلاف بين العلماء» (ص18): (وطريق العلم أن يحمل المتشابه على المحكم). اهـ

قلت: فالاستدلال بهذا الحديث على صوم شهر رمضان باختلاف المطالع خطأ في الفهم والاستدلال ،أوقع الناس في خبط وخلط ،حتى تفرقوا في البلدان الإسلامية قديما وحديثا.

قلت: فهذا هو التوفيق بين حديث ابن عباس ، والاستدلال به.([65])

قال الشيخ الألباني / في «تمام المنة» (ص398)؛ معلقا على صاحب كتاب «فقه السنة»: (وهذا كلام عجيب غريب؛ لأنه إن صح أنه مشاهد موافق للواقع، فليس فيه أنه موافق للشرع أولا، ولأن الجهات - كالمطالع - أمور نسبية ليس لها حدود مادية يمكن للناس أن يتبينوها ويقفوا عندها؛ ثانيا: وأنا - والله - لا أدري ما الذي حمل المؤلف على اختيار هذا الرأي الشاذ، وأن يعرض عن الأخذ بعموم الحديث الصحيح، وبخاصة أنه مذهب الجمهور، كما ذكره هو نفسه، وقد اختاره كثير من العلماء المحققين؛ مثل: شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (المجلد 25)، والشوكاني في «نيل الأوطار»، وصديق حسن خان في «الروضة الندية» (1/224-225)، وغيرهم، فهو الحق الذي لا يصح سواه، ولا يعارضه حديث ابن عباس لأمور ذكرها الشوكاني /، ولعل الأقوى أن يقال: إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين، أو يروا هلالهم. وبذلك يزول الإشكال، ويبقى حديث أبي هريرة وغيره على عمومه؛ يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد، أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا؛ كما قال ابن تيمية في «الفتاوى» (25/ 157)، وهذا أمر متيسر اليوم للغاية؛ كما هو معلوم، ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول الإسلامية حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى.

* وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم على نفسه، فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها ممن تقدمت في صيامها أو تأخرت؛ لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد؛ كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين، والله المستعان).اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص369): (أجمعوا على الأخذ بظاهر النصوص، وأنه حق على حقيقته، وأنه هو اللائق بالله عز وجل). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([66]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346) من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص40): (والإجماع حجة قاطعة فإن الله لا يجمع أمة محمد عليه السلام على ضلالة). اهـ

قلت: وهذه أحاديث صحيحة في أنه إذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد وجب على بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

قلت: فإجماع المسلمين قديما ثابت على خلاف ما كان عليه أهل التمذهب؛ فإن السلف الصالح من صدر هذه الأمة؛ وهم: الصحابة الذين هم خير القرون، والتابعون لهم بإحسان، وأئمة الهدى من بعدهم كانوا مجمعين.

قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص39): (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد ... والإجماع هو: الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ

قلت: فمصادر المعرفة في أحكام الدين في الأصول والفروع موقوفة على هذه الأصول الثلاثة عند السلف الصالح، فعنها يصدرون، ومنها ينهلون، إذ لا حاجة لهم إلى غيرها في تلك المطالب، فقد ضمن الله لعباده فيها الهدى والنور، والعصمة من الغي والضلال، وفيها الكفاية والرحمة والذكرى لمن طلب الحق وصح قصده: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[لعنكبوت: 51].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص136): (وأما الأمور الإلهية، والمعارف الدينية؛ فهذه العلم فيها مأخذه عن الرسول؛ فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود). اهـ

* وهذا المنهج المتين الذي قام عليه مذهب السلف في الاستدلال قد دلت عليه أدلة كثيرة من النقل والعقل السليم([67])، فمنها:

قوله تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون[لأعراف: 158].

وقوله تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا [ [النساء: 80].

وقوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].

قلت: والرد إلى النبي r يكون إليه في حياته، وإلى سنته بعد مماته.([68])

* وإن تمسك السلف بالكتاب والسنة في أبواب الأصول والفروع؛ لهو أعظم معالم منهجهم الذي خالفوا به عامة الطوائف المنحرفة، كما أنه من أعظم نعم الله عليهم، وذلك أن من فتح الباب لعقله في هذه المطالب الغيبية ضل، وانحرف عن السبيل، وتاه في ظلمات الغي والضلال.([69])

قلت: فأهل السنة يسلمون تسليما مطلقا؛ لكل ما صح في نصوص الوحي؛ فما أثبته النقل أثبتوه، وما نفاه نفوه، وما سكت عنه توقفوا فيه دون إثبات أو نفي.([70])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص41): (إن ما أخبر به الرسول r عن ربه؛ فإنه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه، أو لم نعرف؛ لأنه الصادق المصدوق؛ فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به، وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها). اهـ

قلت: فالنبي r بين لأصحابه الكرام: القرآن لفظه ومعناه، فبلغهم معانيه؛ كما بلغهم ألفاظه، ولا يحصل البيان، والبلاغ المقصود إلا بذلك.([71])

وقال تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4].

وقال الإمام الطحاوي / في «عقيدته» (ص149): (ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام). اهـ

قلت: فقدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.([72])

قال تعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7].

* فيجب التسليم بجميع ما ورد عن الرسول r، وقبوله، واتباع سنته([73])؛ كما قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

قلت: فيجب التسليم، والقبول لآيات، وأحاديث الأحكام في الأصول والفروع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (وهذا الدين هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا غيره). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته). اهـ

وقال الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص168): (يجب الاستسلام والتسليم لنصوص الكتاب والسنة). اهـ

قلت: فلا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، وقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.

 

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك  ـ إن شاء الله ـ سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عــنـي به وزرا،

وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسـلـم

وبارك على نبينا محمد وعلى آله

وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة.....................................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على ضعف حديث: كريب بن أبي مسلم المدني عن ابن عباس ﭭ في: «رؤية الهلال لــصــوم رمضان باختلاف المطالع»، وأنه معلول عند أئمة الحديث، وقد أعله الإمام مسلم أيضا في «المسند الصحيح»، بمخالفته لأصول السنة الـصـحـيـحة، التي تنص على عدم اعتبار اختلاف المطالع في دخول رمضان وخروجه، بل على جميع الأمة على وجه الأرض أن تــصــوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته، وتعمل بهذه الرؤية الشرعية لصوم رمضان...

17

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1]) انظر: «الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم» للرفاعي (ص18).

[2]) أثر صحيح.

أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص310)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1634) بإسناد صحيح.

[3]) انظر: «النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص711)، و«الوهم في روايات مختلفي الأمصار» للوريكات (ص83).

[4]) ومعرفة مناهج النقاد، وفهم عباراتهم في علم علل الحديث.

[5]) انظر: «شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج1 ص339).

[6]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (ص356). بإسناد صحيح.

[7]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (ص356)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص417 و418)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص11). بإسناد صحيح.

[8]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «العلل» (ج1 ص9)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص112)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص295)، بإسناد صحيح.

[9]) قلت: أو يعرضه على المؤهلين لهذه المهمة من أهل الحديث.

      * وهذا الأمر الذي أشرت إليه من حيث اعتماد العلماء على أهل العلل؛ كمرجعية علمية... لأن هؤلاء كانوا أعلم بهذا العلم من غيرهم.

[10]) انظر: «النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص782).

[11]) قلت: فوضعوا لصيانة الحديث من القواعد والضوابط، التي بها يكون التحاكم إليها عند اختلاف الناس، للحكم على الحديث بالصحة أو الضعف.

[12]) قلت: والكلام في وهم الرواة، ودخول الوهم في الرواية طويل متشعب، وضروري أن ينبه النقاد على مثل هذه الأوهام.

[13]) قلت: ولا ينظر إلى شهرة الأحاديث، والأحكام بين المسلمين؛ بدون نظر في هذه الأحاديث، هل هي صحيحة أو غير صحيحة، وإن صدرت من العلماء رحمهم الله تعالى، لأنهم بشر، ومن طبيعة البشر أنهم يخطئون ويصيبون، فافهم هذا ترشد.

      قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص15): (ما وقع التصريح - يعني: الحديث- بصحته أو حسنه جاز العمل به، وما وقع التصريح بضعفه لم يجز العمل به، وما أطلقوه ولم يتكلموا عليه، ولا تكلم عليه غيرهم، لم يجز العمل به؛ إلا بعد البحث عن حاله إن كان الباحث أهلا لذلك). اهـ.

[14]) قلت: وهؤلاء المقلدة المتعصبة أكثرهم مقلدون لا يعرفون من الحديث إلا أقله، ولا يكادون يميزون بين «صحيحه» و«سقيمه»، ولا يعرفون جيده من رديئه، ولا يعبأون بما يبلغهم منه أن يحتجوا به، والله المستعان.

* وعلى هذا عادة أهل التقليد في كل زمان ومكان، ليس لهم إلا آراء الرجال أصابوا أم أخطأوا، إلا أن عذر العالم ليس عذرا لغيره إن تبين: الحق، أو بين له» وقد وردت أقوال العلماء تؤكد هذا الشيء، وتبين موقفهم من تقليدهم، وأنهم تبرأوا من ذلك جملة، وهذا من كمال علمهم، وتقواهم حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنة كلها.

انظر: «هداية السلطان» للمعصومي (ص19)، وكتابي «الجوهر الفريد في نهي الأئمة الأربعة عن التقليد».

والله ولي التوفيق.

[15]) وكيف كان أهله ينقدون الروايات.

([16]) «واستهل علي رمضان»؛ أي: ظهر هلاله، وهو على مالم يسم فاعله.

     انظر: «المنهاج» للنووي (ج7 ص186).

([17]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص251)، و«تقريب التهذيب» له (ص 138)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج8 ص228)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج3 ص56)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص163)، و«العلل ومعرفة الرجال» لعبد الله بن أحمد (ج2 ص485)، و«الثقات» لابن حبان (ج6 ص44)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج7 ص182).

([18]) وانظر: جزءا لي فيه بيان شذوذ زيادة: «أفلح وأبيه إن صدق» (ص 5)، و«السلسلة الضعيفة» للشيخ الألباني (ج10 ص762)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج14 ص367).

([19]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص163)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج7 ص182).

     وإسناده صحيح.

([20]) انظر: «المسائل» لأبي داود (ص128)، و«قبول الأخبار ومعرفة الرجال» للبلخي (ج2 ص355)، و«نصب الراية» للزيلعي (ج1 ص333).

([21]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص421).

([22]) وانظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج5 ص297)، و«الموقظة في علم مصطلح الحديث» له (ص79)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص421)، و«المسائل» لأبي داود (ص128)، و«التنكيل» للمعلمي (ج1 ص255).

([23]) انظر: «التمييز» لمسلم (ص170)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج7 ص229)، و«فتح الباري» له (ج3 ص92)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ص124 و136)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج5 ص223)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص450).

([24]) انظر: «فتح المغيث» للسخاوي (ج1 ص355)، و«توضيح الأفكار» للصنعاني (ج2 ص257)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ص394)، و«تدريب الراوي» للسيوطي (ص227)، و«الشذا الفياح» للأنباسي (ج1 ص264)، و«معرفة علوم الحديث» لابن الصلاح (ص107).

([25]) «أغمي»؛ أي: حال دون رؤيته غيم، أو قترة، يقال: غممت الشيء: إذا غطيته.

([26]) «فاقدروا له»؛ معناه: قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما.

([27]) «فإن غم عليكم»؛ معناه: حال بينكم وبينه غيم.

     انظر: «المنهاج» للنووي (ج7 ص186)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص124).

([28]) فإذا كنت أيها المقلد المتعالم لا تستطيع التفريق، ولا معرفة هذا العلم، فبأي حق تتطاول على أهل الحديث في هذا الزمان، إذا بينوا علة حديث في «الصحيحين»، ومراعاة لأصول الحديث، وحفظا للسنة الصحيحة.

     * فإذا عرضوا لك حديثا معلولا في «الصحيحين»، أو في غيرهما، ولم يستسغه عقلك الشارد، وفهمك السقيم، فلم تبادر بجهلك الفاضح في اتهام أهل الحديث بتضعيف الأحاديث؟.

([29]) «مقالات الشيخ أحمد شاكر» (ج1 ص149).

([30]) فاكتفى لكون ذلك معروفا، عند أئمة الحديث.

([31]) وهذا مما أدى اجتهاده في «صحيحه».

([32]) فإذا جاءت في ثنايا الأبواب بين عللها، على طريقة أئمة الجرح والتعديل، فعلمها من علم، وجهلها من جهل.

     يقول تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [الأنبياء: 7].

     ويقول تعالى: ]وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا [ [النساء:83].

([33]) وانظر: «المنهاج» للنووي (ج1 ص49 و50).

([34]) قال الإمام مسلم في «صحيحه» (ج1 ص4): (ولا سيما عند من لا تمييز عنده من العوام، إلا بأن يوقفه على التمييز غيره). اهـ

([35]) وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص105)، و(ج5 ص369)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج5 ص607)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج5 ص607)، و«مقدمة الإلزامات والتتبع» للشيخ الوادعي (ص13)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص19)، و«مقارنة المرويات» للشيخ اللاحم (ج2 ص481).

([36]) وأحيانا بالعكس، فيذكر الحديث؛ مثلا: ثم يذكر الاختلاف عليه، أو العلة، ثم يذكر الحديث، أو الأحاديث الصحيحة، التي تعل هذا الحديث المختلف فيه.

([37]) وهذا الذي ساد عند الجميع، أن الإمام مسلما /، يورد بعض الأحاديث؛ للاستشهاد بها والمتابعة، وليس كذلك.

     * بل الإمام مسلم /، يورد بعض الأحاديث من: «الطبقة الثانية»، للاحتجاج بها في الأصول، وليست هي: كالمتابع والشاهد، لذلك عاب عليه الأئمة في ذلك، وفي احتجاجه بالضعفاء في «المسند الصحيح».

([38]) وهذا يدل أن شيخنا ابن عثيمين /، يعلم أن هناك أحاديث معلة في «الجامع الصحيح» للإمام مسلم /.

([39]) قلت: وكذلك ما انتقد عليهما من الأحاديث في الأصول، فتنبه.

([40]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1906)، ومسلم في «صحيحه» (1080)، والخطيب في «جزء ترائي الهلال» (ص17 و20).

([41]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1907)، ومسلم في «صحيحه» (1080)، والخطيب في «جزء ترائي الهلال» (ص19 و21 و23).

([42]) حديث صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (2342)، والدارقطني في «سننه» (ج2 ص152)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص337)، وابن حبان في «صحيحه» (3447)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص423)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص212).

وإسناده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج2 ص187).

* وهذا يدل على أن النبي r أمر جميع الناس بالصوم على هذه الرؤية، مع أن الرؤية كانت في بلدهr ؛ فافهم لهذا.

   * وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

   انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج25 ص103 و105 و107).

([43]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1909)، ومسلم في «صحيحه» (1081).

([44]) قلت: فإذا رآه أهل المشرق، وجب على أهل المغرب، وغيرهم أن يصوموا، سواء اختلفت المطالع عندهم، أو اتفقت، بل حتى لو تأخر الهلال عن الشمس في المشرق، وجب على أهل المغرب الصوم، وعليهم أن يتهيؤوا لصيام يومهم عند غروب الشمس، ثم عند طلوع الفجر، ولا بأس بتأخير غروب الشمس، أو طلوع الفجر بأربع ساعات، أو أكثر، أو أقل بحسب المطالع في البلدان الإسلامية، لأن ذلك لا يضر في اجتماعهم على صوم رمضان، وقد كان هذا الأمر في عهد النبي r فتنبه.

([45]) قلت: والفارق في الساعات بالنسبة لاختلاف المطالع في البلدان الإسلامية لا يضر في الصوم والفطر، فافطن لهذا ترشد.

([46]) قلت: ولا شك أن اجتماع المسلمين في الصوم، والفطر أمر طيب، ومحبوب للنفوس، ومطلوب شرعا حيث أمكن.

([47]) وقد عمل الناس في عهد النبي r، وأبي بكر t، وعمر بن الخطاب t، وعثمان بن عفان t، وعلي بن أبي طالب t وغيرهم على هذا، وأنه إذا ثبتت رؤية الهلال لزم جميع البلدان أن يلتزموا بصوم، أو فطر، وهذا من الناحية الاجتماعية: قول قوي.

([48]) يشير إلى حديث ابن عمر ، عن النبي r أنه قال: (إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا). يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين.

      أخرجه البخاري في «صحيحه» (1814)، ومسلم في «صحيحه» (1080).

     قلت: والمراد من الحديث: لا نعرف حساب النجوم وسيرها، فلم نكلف في مواقيت عباداتنا ما يحتاج فيه إلى معرفة حساب، ولا كتابة.

([49]) ولو بجزء من شرع الله تعالى.

([50]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1810)، ومسلم في «صحيحه» (1081) من حديث أبي هريرة t.

([51]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1909)، ومسلم في «صحيحه» (1081) من حديث أبي هريرة t.

([52]) وأما كبر الأهلة، وصغرها، وارتفاعها، وانخفاضها، فليس عليه اعتبار، ولا يتعلق به حكم؛ لأن الشرع المطهر لم يعتبر ذلك.

     وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج15 ص8).

([53]) انظر: «تنوير الأبصار وجامع البحار» للتمرتاشي الحنفي (ج3 ص418)، و«مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح» للشرنبلالي الحنفي (ص656)، و«رد المحتار على الدر المختار» لابن عابدين الحنفي (ج3 ص418)، و«الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي الحنفي (ص656)، و«الدر المختار شرح تنوير الأبصار» للحصكفي الحنفي (ج3 ص418).

([54]) انظر: «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» لابن رشد المالكي (ج1 ص378)، و«القوانين الفقهية» لابن جزي المالكي (ص116).

([55]) انظر: «كشاف القناع عن متن الإقناع» للبهوتي الحنبلي (ج2 ص353).

([56]) فترى بلدا أهله يدعون أنهم على: «المذهب المالكي!»، لكنهم يخالفونه، ثم يصومون، ويفطرون على: «التقويم الفلكي!»، أو: «الحساب الفلكي!»، كـ:«ليبيا!، والجزائر!، والمغرب!، وتونس!» وغيرها، وإن بعضهم يصومون، ويفطرون على رؤية هلال بلدهم، فكذلك هؤلاء مخالفون للسنة، ومرادهم بتلك المخالفة  في صومهم لبلدان المسلمين، لأنهم على: «الفكر الصوفي»، أو: «الفكر الإباضي»، أو: «الفكر الإخواني»، أو: «الفكر الأشعري»، أو غير ذلك، فلماذا لا تتركون أفكاركم هذه وتتوحدون مع المسلمين في دول الخليج وغيرها في صومهم، وفطرهم، وغير ذلك من العبادات!.

     * وترى بلدا أهله يدعون أنهم على: «المذهب الحنفي!»، لكنهم يخالفونه، ثم يصومون، ويفطرون قبل المسلمين بيوم أو يومين على فتاوى المفتين عندهم من: «الصوفية» المخالفين دائما، كـ: «باكستان، والهند، وأفغانستان»، وغيرها، للخصومات التي بينهم، وبين البلدان الإسلامية، فلماذا لا تتركون أفكاركم هذه، وتتوحدون مع المسلمين في أصولهم وفروعهم؟!.

     * وترى: «الفرقة الإباضية» الذين يدعون التقريب بين المذاهب الإسلامية، يخالفون المسلمين نهارا جهارا في صوم شهر رمضان وفطره، كـ:«عمان» وغيرها، على فتاوى المفتين من «الإباضية» فيها!، وذلك للخصومات التي بينهم وبين المسلمين، فلماذا لا تتركون أفكاركم هذه، وتتوحدون مع المسلمين في أصولهم وفروعهم؟!.

     * وغير ذلك من البلدان التي تخالف المسلمين في صومهم وفطرهم، ألا يعلم هؤلاء أن الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس!.

([57]) فهم لا يريدون أن يصوموا ويفطروا على رؤية: «المملكة العربية السعودية»، وهذا أمر ينذر بخطر كبير، وشر مستطير، يفرق أهل السنة في البلد، وهذه محنة في بداية عهدها فلابد من أخذ الحيطة، والحذر من تطبيق آرائهم التي تفرق ولا تؤلف، حتى لا يحل بنا ما حل بغيرنا من الفرقة واللفتنة، نسأل الله السلامة والعافية.

([58]) قلت: والعجيب من أمر الذين يدعون التقريب بين الأمة الإسلامية وتوحيدها أنهم يفتون بلدانهم بالصوم والفطر على اختلاف المطالع في البلدان، فوقعوا في تفريق الأمة في عبادتها!، وهم لا يشعرون، والله المستعان.

([59]) أي: ظهر هلاله.

([60]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1087).

([61]) أثر صحيح.

      أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص67)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص190).

     وإسناده صحيح.

([62]) وانظر: «أسباب اختلاف العلماء» لشيخنا ابن عثيمين (ص5).

([63]) قلت: وأما الشهور الأخرى التي هي من رمضان، كان ابن عباس يصوم مع الناس كلهم على وجه الأرض، ويستحيل منه أنه لا يصوم رمضان مع الأمة في عهده، بل كان يصوم مع النبي r، ويفطر معه r.

([64]) قلت: وكذلك لا يصلح حديث ابن عباس للتخصيص، لأن ابن عباس ، لم يأت بلفظ النبي r، ولا بمعنى لفظه حتى ننظر في عمومه، وخصوصه، إنما جاءنا بصيغة مجملة: (هكذا أمرنا رسول الله r)، فيحمل هذا المرفوع المجمل على الأحاديث المرفوعة المحكمة، والله ولي التوفيق.

([65]) وانظر: «الدراري المضية في شرح الدرر البهية» للشوكاني (ج1 ص224)، و«نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار» له (ج4 ص195)، و«الروضة الندية في شرح الدرر البهية» للقنوجي (ج1 ص737)، و«تمام المنة» للشيخ الألباني (ص398).

([66]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبارة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن جني (ج2 ص419).

([67]) وانظر: «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (ج2 ص117).

([68]) وانظر: «القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص73).

([69]) وانظر: «قلب الأدلة على الطوائف المضلة» للقاضي (ج1 ص40 و41).

([70]) وانظر: «القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص71 و72)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص504).

([71]) انظر: «مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج4 ص1411)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج13 ص28 و29)، و«الرسالة الصفدية» له (ص133 و258 و259)، و«مقدمة في أصول التفسير» له أيضا (ص21)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص246).    

([72]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص171)، و«شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا ابن عثيمين (ص32 و33)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للهكاري (ص284)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص149)، و«عقيدة المسلمين» للبليهي (ج2 ص168)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص92 و93)، و«الفقه الأكبر» لأبي حنيفة (ص57)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص250).

([73]) كما يجب الإنكار الشديد على من يعترض على أخباره الصحيحة، أو بعضها على سبيل الإنكار، أو الاستبعاد لها، لأن التساهل في ذلك، وعدم الحزم فيه يساعد على فشو البدع، وانتشارها بين الأمة.

     وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص321).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan