الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه تخريج المرأة لآخر أزواجها
جزء فيه تخريج المرأة لآخر أزواجها
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
مقدمة الكتاب
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﮊ [آل عمران: ١٠٢].
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﮊ [النساء: ١ ].
ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﮊ [الأحزاب: ٧٠].
أما بعد،،
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي مـحـمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
فهذا جزء حديثي لطيف في بيان صحة حديث: أن المرأة لآخر أزواجها، جمعت فيه أسانيده مع الكلام عليها جرحا وتعديلا.
لذلك فعلى الزوجين الحرص على الحياة السعيدة، لأن طيب الحياة في الدنيا والآخرة، ومتعتها يتحققا في زوجية سعيدة، وسعادة الزوجية أن يكون الزوجان على دين صحيح، وخلق سجيح، وأن يجمعا إلى ذلك صفاء القلوب، والقيام بالحقوق الدنيوية والأخروية، ونصح كل واحد منهما لصاحبه في دين الله تعالى.
لذلك على الزوجين إن أرادا أن يجتمعا في الجنة أن يتمسكا بالكتاب، والسنة، والأثر على فهم أهل الأثر والحديث([1])، و أن يتركا الشرك، والبدع، والمعاصي، لأن مما يفقد أحد الزوجين الآخر في الآخرة، هو وقوع أحدهما، أو كلاهما في الشرك، أو البدع، أو المعاصي، وهذا بسبب التفريط في الحرص على العلم، والسنة، والأثر، والله المستعان.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (ج9 ص391): (الفاسق مرذول مردود الشهادة، والرواية، غير مأمون على النفس والمال، مسلوب الولايات، ناقص عند الله تعالى، وعند خلقه، قليل الحظ في الدنيا والآخرة، فلا يجوز أن يكون كفؤا لعفيفة، ولا مساويا لها، لكن يكون كفؤا لمثله!).اهـ
قلت: والمقصود من هذا البحث، إنما هو الدعوة إلى التحلي بفضائل الكتاب، والسنة، والأثر، والتخلي من رذائل الشـرك، والبدع، والمعاصي، والتحزب.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (السعيد من وعظ بغيره) ([2]).
قال أبو عبد الرحمن الحميدي: كلمة جيدة، وهي قاعدة سلفية للدعاة.
|
قلت: فالرغبة في الخير خير، والسعي في طلب الكمال كمال، والله المستعان، وعليه التكلان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن المرأة إذا كانت صالحة
فهي لآخر زوج مات عنها في الدنيا إذا
كان زوجها صالحا، فهما في الجنة
عن ميمون بن مهران قال: خطب معاوية، أم الدرداء([3])، فأبت أن تزوجه، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله ه: «المرأة في آخر أزواجها، أو قال: لآخر أزواجها، - أو كما قالت – ولست أريد بأبي الدرداء بدلا».
حديث صحيح
أخرجه الحراني في «تاريخ الرقة» (ص159) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج70 ص155) من طريق العباس بن صالح بن مساور الحراني ثنا أبو علي السكري إسماعيل ابن عبدالله بن خالد القرشي ثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران به.
قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات، من أجل العباس بن صالح الحراني هذا، فقد ترجم له ابن حبان فقط في «الثقات» (ج8 ص514)، وباقي رجاله ثقات.
وتابعه أبو يعلى الموصلي –وهو في «المسند» (ج16 ص461 -المطالب العالية) نا إسماعيل بن عبدالله بن خالد القرشي نا أبوالمليح عن ميمون بن مهران قال: خطب معاوية أم الدرداء، فأبت أن تتزوجه، قالت: سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه، يقول : قال رسول الله ه: «المرأة لآخر أزواجها » ، ولست أريد بأبي الدرداء بدلا.
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج70ص155) من طريق أبي بكر بن المقرئ نا أبو يعلى الموصلي به.
وإسناده صحيح.
وأورده البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج5ص39)، ثم قال: هذا الإسناد رجاله ثقات.
قال ابن عساكر رحمه الله في «تاريخ دمشق» (ج70 ص154): (وقد رواه عن إسماعيل السكري على الصواب: أبو يعلى الموصلي، والعباس بن صالح ابن مساور الحراني). اهـ
و بوب عليه الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج16 ص461)، باب المرأة لآخر أزواجها في الآخرة.
و بوب عليه أيضا الحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج5ص39)، باب ما جاء في أن المرأة للآخر أزواجها.
وأخرجه أبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص136) من طريق أحمد بن إسحاق الجوهري قال: ثنا إسماعيل بن زرارة([4])، قال: ثنا أبو المليح الرقي عن ميمون بن مهران عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أن النبي ه قال: (إن المرأة لآخر أزواجها».
وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج3 ص275).
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص275)، وفي «مسند الشاميين» (ج3ص359)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص340) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج70 ص153) من طريق أبي بكر بن عبدالله ابن أبي مريم عن عطية بن قيس الكلابي قال: خطب معاوية بن أبي سفيان أم الدرداء بعد وفاة أبي الدرداء، فقالت أم الدرداء: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله ه يقول: «أيما امرأة توفي عنها زوجها، فتزوجت بعده فهي لآخر أزواجها». (وما كنت لأختارك على أبي الدرداء). وفي لفظ: (فلست بمتزوجة بعد أبي الدرداء زوجا حتى أتزوجه في الجنة).
وإسناده فيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو مختلط ضعيف، لكنه توبع، فهو حسن في المتابعات.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص1116).
وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج4ص270)، ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير» و «الأوسط» و فيه أبو بكر ابن أبي مريم، وقد اختلط.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج70 ص154) و البغوي في «حديث عيسى بن سالم» (ق/103/ط) من طريق أبي بكر بن أبي مريم نا عطية بن قيس: (أن معاوية بن أبي سفيان خطب أم الدرداء بعد موت أبي الدرداء، فأبت أن تنكحه، وقالت: إني سمعت أبا الدرداء يقول: (المرأة تكون لزوجها الآخر).
وهذا موقوف على أبي الدرداء.
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج70 ص153) من طريق هشام بن عمار نا محمد بن سليمان ابن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه قال: خطب معاوية أم الدرداء، فقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله ه يقول: «المرأة لآخر أزواجها». وإسناده مرسل.
قلت: فالمرأة الصالحة إذا كان لها زوج صالح، ثم مات عنها، فلم تتزوج بعده جمع بينهما في الجنة، لأن المرأة تكون يوم القيامة في الجنة لآخر زوج في الدنيا، فلذلك حرم الله على أزواج النبي ه أن ينكحن بعده، لأنهن أزواجه في الجنة([5]).
فعن زياد بن أبي مريم ، قال : قالت أم سلمة لأبي سلمة : «بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة وهي من أهل الجنة ثم لم تزوج بعده إلا جمع الله بينهما في الجنة...الحديث ».
حديث حسن لغيره
أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (8: 288) من طريق أحمد بن إسحاق الحضرمي ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا عاصم الأحول ، عن زياد بن أبي مريم به.
قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد، والله ولي التوفيق.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
***
[1]) قلت: والإعراض عن ذلك ينتج منه فوضى في دين المرء، فيرى القبيح حسنا، والخبيث طيبا!، بل يعيش ممزقا مشتتا في الجماعات الحزبية، محروما من العلم النافع، والعمل الصالح.
قلت: لأن الإعراض، والإصرار على العناد ينتهي بصاحبه إلى الموبقات التي تهلكه في الدنيا والآخرة، اللهم سلم سلم.
لذلك لا تأتي لك المنية، و تدركك، وأنت على غير هدى من الله تعالى.
قلت: ومن هنا يتضح لنا مدى حاجة الزوجين إلى التعاون فيما بينهما في دين الله تعالى على المنهج الصحيح، وقيام كل واحد منهما بواجبه.
[2]) أخرجه مسلم في صحيحه (2645).
قلت: و المتعدي لحدود الله تعالى، و المعاند، و المصر على مخالفة الشرع في هذا الزمان لم يتعظ حتى بنفسه!، و الله المستعان.
[3]) وأم الدرداء في هذا الحديث، هي الصغرى الفقيهة التابعية، واسمها هجيمة بنت حيي الوصابية.
وأم الدرداء الكبرى رضي الله عنها لها صحبة، واسمها خيرة بنت أبي حدرد، وماتت قبل أبي الدرداء رضي الله عنه، ولا رواية لها في الكتب الستة، وهما جميعا كانتا تحت أبي الدرداء رضي الله عنه.
انظر: «تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج70 ص150 و151)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ص1380)، و«الإصابة في تمييز الصحابة» له (ج12 ص241).
[4]) قيل أن في إسناد أبي الشيخ وهما، وهو قوله: إسماعيل بن زرارة، و أن الصواب إسماعيل بن عبد الله القرشي، كما سبق.
وانظر: «المعجم» لأبي يعلى (155)، و«تهذيب الكمال» للمزي(ج3ص116)، و«المعجم المشتمل»لابن عساكر (ص80).
[5]) وانظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (ج7 ص69)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج3 ص276) و«معاني الأخبار» للكلاباذي (ص340).