القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة التحف في تأصيل منهج السلف / حوار شديد مع أهل البدع

2024-10-30

صورة 1
حوار شديد مع أهل البدع

سلسلة

التحف في تأصيل منهج السلف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حوار شديد مع أهل البدع

 

 

 

تأليف:

العلامة المحدث الفقيه

فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه

 

 

 

 

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ

الله تعالى

يبغض أهل البدع بجميع أنواعهم، وإن خطبوا، ودرسوا، وصلوا، وصاموا، وحجوا، وتصدقوا، لأنهم: يتعبدون الله تعالى بفعل البدع بالأحاديث الضعيفة، والمعلولة، وبرهبانية: ابتدعوها في الدين!

 

 

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (إن أبغض الأمور إلى الله تعالى البدع).

أثر صحيح

أخرجه محمد بن نصر المروزي في «السنة» (ص95)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص316).

وإسناده صحيح.

وذكره السيوطي في «الاتباع» (ص77)، وأبو شامة في «الباعث على إنكار البدع والحوادث» (ص25).

قلت: فالله تعالى: يبغض المبتدعة؛ لأنهم: وضعوا لهم عبادات في الدين، مخالفة للكتاب والسنة، فلا تقبل منهم في الإسلام.

* فعنادهم هذا، بعد نصحهم، لا يفيدهم شيئا في قبورهم.

فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة).

أثر صحيح

أخرجه ابن وضاح في «البدع» (ص24)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (ص91)، ومعمر الأزدي في «الجامع» (ج11 ص116)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص96).

وإسناده صحيح.

وأورده ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص226)؛ ثم قال: (وظاهر سياق هذا الحديث أنه: موقوف). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ

ذكر الدليل

على أن من منهج السلف الصالح، أنه لابد من النفرة من المبتدعة وهجرهم على التأبيد([1])

 

 

قال فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبي زيد / في «حلية طالب العلم» (ص139)؛ عن أهل البدع: (فقد كان السلف رحمهم الله تعالى: يحتسبون الاستخفاف بهم، وتحقيرهم، ورفض المبتدع وبدعته، ويحذرون من مخالطتهم، ومشاورتهم، ومؤاكلتهم، فلا تتوارى نار سني ومبتدع ... وكان من السلف من لا يصلي على جنازة مبتدع، فينصرف ... وكان من السلف من ينهى عن الصلاة خلفهم ... وكانوا يطردونهم من مجالسهم.

* وأخبار السلف متكاثرة في النفرة من المبتدعة وهجرهم؛ حذرا من شرهم، وتحجيما لانتشار بدعهم، وكسرا لنفوسهم؛ حتى تضعف عن نشر البدع؛ ولأن في معاشرة السني: للمبتدع تزكية له لدي المبتدئ والعامي). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ

فتوى

العلامة الشيخ الألباني رحمه الله

في

أن دين الصحابة رضي الله عنهم، هو الدين المقبول، وليس بدين الجماعات الحزبية المبتدعة

 

 

قال العلامة الشيخ الألباني رحمه الله: (دين الصحابة رضي الله عنهم: هو الدين الصحيح، الذي يجب الرجوع إليه، -عند الاختلاف- وليس دين الأحزاب، والجماعات المتناحرة).([2])اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ

رب يسر وأعن فإنك نعم المعين

‌إلماعة في صلابة الأئمة في السنة، وقمع أهل البدع

 

 

قال الإمام السمعاني / في «الأنساب» (ج3 ص232)؛ عن الإمام أيوب السختياني: (وكان ممن اشتهر بالفضل، والعلم، والفقه، والنسك، والحفظ، والإتقان، والصلابة في السنة، والقمع لأهل البدع). اهـ

قلت: فالإمام أيوب / صاحب سنة... قد حكم بالحق والعدل والصدق... وعدل في القضية وقسم بالسوية... وأنصف في الدين والقضاء وحكم بالسواء... أقسط الحكومة وحسم مادة الخصومة... أحكامه حق وكلامه صدق... يستشعر الإقساط ويهجر الإشطاط... يقضي بالحق وينفي وجوه الجدل... يؤثر الإنصاف وينزع الخلاف.

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1028)؛ عن الإمام عبد الله بن عون /: (وكان من سادات أهل زمانه عبادة، وفضلا، وورعا، ونسكا، وصلابة في السنة، وغلظة على أهل البدع). اهـ.

قلت: الإمام ابن عون / كثرت لديه الفوائد، واتصلت عنده العوائد، وله نشب ووفر، وخير دثر، ونعمة عظيمة، ومنحة جسيمة، وحال جميلة، وذخيرة جليلة.

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1118)؛ عن الإمام أبي داود السجستاني / صاحب كتاب السنن: (كان حافظا عالما فقيها، ذب عن السنة، وقمع المخالفين). اهـ.

قلت: فالإمام أبو داود / أرجحهم عقلا، وأتمهم حلما، وأتقنهم علما، وأثقبهم فهما، وأفصحهم لسانا، وأحسنهم بيانا، له في كل فضيلة القسط الأوفى، وألسهم الأعلى.

والله ولي التوفيق

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ

عونك يا رب يسر

قال تعالى: (ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) [التوبة: 73].

 

الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، وصلواته على النبي محمد خير خلقه، وعلى الطاهرين الأخيار من آله.

أما بعد:

أطال الله بقاء منهج السلف، وأدام أيامهم لأهل الأثر يحرسون بثاقب رأيهم من نظامه، وعلم يحيي ما درس من مراسمه، وأدب ينشر ما طمس من معالمه، وجماعة يفيض العدل فيهم، ويميطون الجور عن رباعهم([3]) ومغانيهم([4])، وزادوه قدرة وقوة وعلوا وبسطة([5]) وسموا، ليجذبوا بضبع([6]) من يواليه، ويكبتوا كل من يعانده، ويناوئه، ويبروا المسلمين بكرم مساعيهم ومعاليهم.

* فتتبعوا ما جمعه أهل البدع، فوجدوا كثيرا منه يمجه السمع، وينفر عنه الطبع، فإنهم استغرقوا كل ما عقد عليه منهجهم، فجمعوا فيه الغث والسمين، والمستعمل والغريب، والفصيح والركيك، والسنة والبدعة، والحق والباطل.

* فردوا عليهم بالأدلة القطعية، ولم يكن الرد خارجا عن استعمال الفصحاء، والعلماء الأذكياء، والكتاب البلغاء، فبينوا المستشنع والضعيف، وأثبتوا العذب الصحيح حتى خلص المنهج من الغثاثة، وصفا من الشناعة، وأبرزوه دررا مسجعا مرصعا.

* فأصلحوا الفاسد، وحصدوا المعاند، ولموا الشعث، ورموا ما شذ، وضموا النشر، وجانبوا الشر، ووصلوا ما قطع، وجمعوا الشتات، وهجروا الظلم والإعنات([7])، ورموا الثلمة([8])، وكشفوا الغمة، وسدوا الفرج([9])، وسكنوا الوهج([10])، وأقاموا الأود([11])، وأزالوا العند.

* فاستقام المائل، وأمن السائل، وزالت الغوائل، وسكن النقع، وهدأ الروع، واستفاض الأمن، وذهب الحزن، وانحسم([12]) الداء، وانكشف البلاء، واعتدل الميل، وذهب الوجل، وثقف القاسط([13])، وأرضي الساخط، وهدأت الفتنة، وزالت المحنة، وسكنت الدهماء([14])، وخبت نار الهيجاء، ووضعت الحرب أوزارها، واخمدت البأساء أوارها([15])، وركدت ريح البلاء، والفتنة الظلماء؛ وذلك لأن أهل البدع أكثروا الفساد، وأظهروا العناد، فليس لهم إلا الأوتاد؛ لأن في انتصابهم عوجا، وفي دينهم عوجا([16])، وفي أرجلهم عرجا، وفي عنقهم وقصا([17])، وفي قوتهم عقصا([18]).

* فأهل البدع جاروا في حكمهم، وحافوا([19]) في قضائهم، وجنفوا([20]) في وصيتهم، وزاغوا([21]) في دينهم... فصافوا([22]) السهم عن الرمية، وضافوا وطاشوا.

* فليس بيننا وبينهم نسبة، ولا تجمعنا قربة، ولا تشتمل علينا قبيلة، ولا تؤوينا فصيلة، وليس بيننا وبينهم مجاورة، ولا جمعتنا معاشرة، ولا اتفقنا في مكان، ولا جمعنا زمان، ولا ضمتنا دار، ولا قرب منا مزار.

* فبعدت الدار، وتقاذف المزار، وشحطت النية، وغربت الطية([23]) إلى مكان سحيق، وفج عميق، ومحل شاطب([24])، وكلإ عازب([25])، وبلد نائي المنزع،
نازح
([26]) المنتجع([27]).

* لأن أهل الأثر: حجتهم واضحة، وبراهينهم لائحة، وشواهدهم ساطعة، وعلاماتهم ناصعة، وأماراتهم صحيحة، ودلائلهم مشروحة، ومقالتهم صادقة، ودعاويهم موافقة، بهم ظهر الأمر واشتهر، وبدا السر وباح، ووضح الصبح ولاح؛ لأنهم لزموا واضح الطريق ومستقيمه، وأخذوا شديد المذهب وقويمه... فسلكوا طريقهم، وذهبوا مذهبهم، وركبوا مركبهم، وقفوا آثارهم، فشيدوا ما أسسوا، وثمروا ما غرسوا...

* فأشرق السراج وزهر، وصدع الفجر وأسفر، ووضحت الطرق ولحبت.([28])

وكان ذلك جهارا، وصراحا، ونهارا، وجاهرين غير مساترين، ومظهرين غير مضمرين، وحاسرين غير مقنعين، وسافرين غير مبرقعين في دين رب العالمين.

قلت: وأما أهل البدع فإنهم من المتسترين المضمرين المقنعين المبرقعين في دين رب العالمين.

* فأهل الأثر كشفوا غطاءهم، ونحوا خفاءهم، وحسروا لثامهم، وحطوا نقابهم، واخترقوا حجابهم، وسفروا قناعهم، وحدروا لفاعهم([29])... فظهر الأمر وباح، ووضح الصبح ولاح.

* فبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وانهتك الستار، وسفر الخمار.

فلما سقطوا صرحوا بما في صدورهم، وباحوا بمكتوم سرهم، ودلوا على ضمائرهم، وكشفوا عن سرائرهم، وأخبروا عن نيتهم، ونشروا عن طويتهم، وأظهروا عقيدتهم، وأبرزوا سريرتهم، وأذاعوا وأشاعوا.

* هذا جزاء من كتم سره، وأخفى أمره، وقنع وجهه، ولغم([30]) أنفه، ولثم فاه، وقنع رأسه.

فالذنب يظهر مهما أخفيته، وعميته، وأسررته، وسترته، وغطيته، وغشيته.

* إذا فعليك بالمذهب الأثري، وقل: هو لي إمام وقدوة، ومنار وأسوة، وهو العروة الوثقى، والعصمة الكبرى، والقبلة الوسطى للأمة العظمى.

* فمن فعل رشد واهتدى، وأمن واتقى، وتاب من ذنبه، وأناب من حربه، وفاء واعترف، وأقلع عما اقترف، واستوى بعد ما التوى، وأمر بالحسنى، وأسرع إلى الاستجابة، ورجع إلى التوبة والإنابة، وندم على ما جنى واجترح([31])، ونزع عما بغى واكتدح([32])، وأقصر عن الاجترام([33])، وكف عن ارتكاب الآثام، وانتهى عن الجرم، وارعوى عن تعاطي الظلم.

* فرحضت([34]) توبته مساوئ العيوب، ومحت إنابته معرة([35]) الذنوب، وعفت منيئته([36]) حبار([37]) إجرامه، ودملت([38]) تقيته آثار آثامه، وأذهبت حسناته سيئاته، وتغمدت صلواته هفواته، وكفر صلاحه جناحه، وطمس متابه كبائره، ونفى مثابه جرائره.

* وأما المبتدع، فقد أقام على ضلالته، وثبت على جهالته، وانهمك في غوايته، وتهور في عمايته، وتمسك بشقاوته، وتعته([39]) في باطله، ولج في طغيانه، وتبجح بعدوانه، ودام على إصراره، وتمادى في اغتراره وغيه.

* واستحوذ عليه شيطانه، وأرداه طغيانه، ومرن([40]) على عتوه، وأخلد إلى غلوه.

فأراه على غيه مصرا، وفي ضلالته مستمرا.

* فأشرك وتاه وتهوك([41])، وقد مرن على عدوانه وفسقه، وعصيانه وعنوده، وشقاقه وكنوده، ونفاقه وتمرده، وإلحاده وصدوده.

* فصد عن السبيل، وغفل عن فعل الجميل، وزاغ عن الطريقة المثلى، وفارق العروة الوثقى، وجاز عن سواء الصراط، وذهب في الغلو والإفراط، وترك سبيل الهدى والرشاد، وسلك طريق الردى والعناد، وتنكب مناهج الهدى، وركب سنن الضلالة والردى، وتعلق بحبائل الشيطان، وترك الحق والقرآن، وتولى الشيطان، والله المستعان.

* فالمبتدع جنى وبغى، وجر واجتر([42])، وجرم واجترم([43])، وجرح واجترح([44])، وقارف واقترف، وأذنب وهفا، وعثر وكبا، وزل وسها.

 * ونعشته([45]) من السقطة، وانتشته([46]) من الورطة، وانهضته من الكبوة، وانقذته من الهفوة، وأخرجته من الفتنة، وخلصته من المحنة.

* وللأسف غض بصره على أمر من الصبر، وطوى قلبه على أحر من الجمر، وأطبق عليه أجفانه، وأسبل عليه أرادانه.

 فالمبتدع ولى على أدباره، وارتكس على آثاره.([47])

* ولو تاب المبتدع من ذنبه، وأقلع عن ظلمه... فلا اقتراف مع الاعتراف، ولا إصرار مع الاستعطاف، ولا اجترار مع الإقرار، ولا جناح مع الانتصاح، ولا تثريب مع العود إلى الصلاح، ولا جناية مع الإنابة، ولا تأنيب مع الاستجابة، ولا عتاب مع التنصل([48])، ولا عقاب بعد التفضل.

* فالعفو أقرب للتقوى، والصفح أكرم للعقبى، وترك المؤاخذة أحسن من الذكرى، والمن أفضل في الآخرة والأولى.

* والتغابي مع إمكان السطوة أجمل، والتغافل مع تهيؤ القدرة أفضل، والتغاضي مع علو القدر أنبل.

* والحلم مع القدرة أكمل، والمسامحة مع نفاد الأمر أكرم، والصفح مع انبساط التمكن أعظم.

* ومع هذا كله من السني، اقتص المبتدع من السني وانتصر، وانتقم منه وأثأر، فهو شديد الانتقام، قوي السطوة والاصطلام([49])، هائل التدبير، والسني في الأخير هو القاضي على التدبير؛ لأنه هو الخبير بالمبتدع المرير؛ لأن السني عذابه زاجر، وعذابه ناجر([50])، وترهيبه وازع، وتخويفه رادع، وبطشه شديد، وسطوه مبيد.

* والسني كريم الأخلاق، ماجد الأعراف، بارع السؤدد، فاضل المحتد، كثير الصواب، حميد الجواب، فصيح اللسان، فسيح اللباب، ماضي الجنان، يأبى الدنية، ويولي السنية، ويجزل العطية، لا يخيب آمله، ولا يعدم نائله، ولا يحرم سائله، كريم الخليقة، مستقيم الطريقة، وأثوابه نقية، ونفسه أبية، وعطيته هنية.

* فجعله مثلا مضروبا، ونكالا([51]) مرهوبا، وأحدوثة سائرة، وعبرة ظاهرة، وعظة زاجرة، وحديثا للغابرين، ومثلا للسائرين... فهتك ستره، وكشف أمره، ومزق منهجه، ورماه بما هو أشد من وقع الجندل، وأمر من نقيع الحنظل.

* فالمبتدع هو خسيس لئيم، ومهين زنيم([52])، خامل([53]) نذل، وساقط رذل([54])، وفعل ذلك لشؤمه، وشدة لؤمه، وضعة([55]) قدره، وسقوط جاهه وذكره، وقلة عقله وحماقته، وفرط طيشه وسفاهته، وهو لئيم إذا حقر، سيئ الملكة إذا قدر، دنيء التمكن والاقتدار، نذل الظفر والانتصار.

* هو عدو مشاحن، وذو إحن مضاغن([56])، وقد أثرت حقده الكامن، وحركت غله الساكن.

* فأهل السنة، وأهل البدعة تشاحنوا، وتضاغنوا([57])، وتدابروا، وتشاجروا... بينهم بغضاء وإحنة([58])، وشحناء ودمنة([59])، وسخيمة([60]) ووحر([61])، وضغينة([62]) ووغر.([63])

* فالموافق لأهل السنة أحسن مدحهم، واكثر حمدهم، ووصف مجدهم، وشكر فعلهم، ونشر فضلهم، وأثنى عليهم، واهدى المدح إليهم، وجللهم حبر المديح، وأثنى عليهم بقول فصيح، وقال فيهم أحسن مقال، ونسبهم إلى أجمل فعال، كأنهم وشي منشور، وروض([64]) ممطور، ودر منثور... ودر منظوم... ودر منضود([65])، وروض معهود.

* فأهل السنة رسا طودهم([66])، وهطل([67]) جودهم، وزخر بحرهم، وفاض نهرهم، وطلع سعدهم، وارتفع حدهم، وصلح أمرهم، وعلا ذكرهم، وكبرت دولتهم، واشتدت صولتهم.([68])

* فهؤلاء هم مصابيح الدجى، ومنارات الحق في الظلمات والمحن، والفتن العظمى.

* وأما أهل البدع فقد فاض ضرهم، وفشا شرهم، واضطرمت([69]) البلاد بظلمهم، واستعر الصقع([70]) بفسادهم، وتلظى شباب الأمة بجورهم، والتهبت الآفاق بمجحف([71]) غائلتهم([72]) وشدة بائقتهم.([73])

* وقد دامت فتنتهم، وعظمت محنتهم، وفسد سعيهم، وانتشر بغيهم، وقد غشي الناس أمواج جهالتهم، وأظلتهم سحابة ضلالتهم، وغلت عليهم مراجل غوايتهم، فيومهم منهم عصيب، وأمرهم معهم عجيب، والله على كل شيء رقيب.

 * فاستنفدوا ما عندهم من البضاعة، واستفرغوا الجهد والاستطاعة، وركبوا فيه الصعب والذلول، وخاضوا له الغمر([74]) والضحول([75])، وقاموا له وقعدوا، وهبطوا وصعدوا، وجاءوا فيه وذهبوا، وسعوا له واضطربوا.

قلت: فتسايل الهمج والرعاع إليهم، وانثالوا([76]) عليهم، وجاءوهم أرسالا([77])، وأقبلوا إليهم إقبالا.

* فتابعت بدعتهم بين سهمين، وواترت بين رسولين، وواكبت بين كتابين، وواصلت بين أمرين.

* فهم في عمتهم ولبسهم، وظلمتهم والتباسهم، وضلالتهم وحيرتهم وجهالتهم، وهم في ضلال مبين، وشك مريب، وأمر مريج([78])، ولبس شديد، لا تعرف موارده، ولا تبين مصادره، ولا يهتدى لمسالكه، ولا يتخلص من مهالكه، طريقه مظلم، وبابه مبهم.

* قد اعتاص([79]) بهم الأمر، وتوعر، والتوى، وتعسر، وامتنع، وتعذر، فأشكل عليهم الأمر واستعجم، وغم عليهم واستبهم؛ فجاروا وحاروا.

* رغم أن منهج أهل السنة... سهل المرام، ممكن الاغتنام، هين المطلب، سلس المجنب، قريب المتناول، سهل المناهل، حسن الانقياد، ممكن الارتياد.

* فكتبنا تواظب عليهم، وتواكب إليهم، وتتصل إليهم مواظبة، وترد عليهم مواكبة، وغادية، ورائحة، وغابقة([80])، وصابحة([81])، وباكرة، وطارقة([82])، وسائرة سابقة، وواردة ناسقة([83])... فذلك من الجهاد الأكبر، والله أكبر.

* فكتبنا يتصل ورودها، ويقترن وفودها، وتتصل ولا تنفصل.

* فهي كغرة الأحباب والشباب، وكزهرة الرياض ونضرة الغياض([84])، وكنور وزهر الحدائق، وكنضرة الرياض المحدقة([85])، وزهرة الغياض المونقة.

* فهي مديح عطر أرج([86])، أذكى من العنبر، والمسك الأذفر([87])، كمسكة معنبرة، وحلة محبرة.

* أطيب من أري([88]) منشور، وأذكى من نفح العبير، وألذ من العسل المصفى، وأحسن من نفيس الجواهر، وأحسن من زجل المزاهر.([89])

* فهذه كتب أهل السنة في ردودهم على أهل البدع، كثرت محاسنهم، وحلت فضائلهم، وعلت مناقبهم، وحسنت مكارمهم، وحمدت مآثرهم، وعظمت مفاخرهم، وعلت مبانيهم، وسمت معانيهم، وطابت ممادحهم، وزكت مساعهم.

* فتقصوا لأهل البدع الغاية، وبلغوا النهاية، ووفروا العناية، وركبوا الرعاية.

* فأهل السنة اقتصروا فيما أعطاهم الله عز وجل، وظلفوا([90]) عما لا يرضي الله تعالى، وقد جعلوا القناعة مركبا، والقصد مذهبا، والاقتصاد سبيلا، والعفاف دليلا، والورع شعارا، والنزاهة دثارا([91])، والزهد قرينا، والستر حزينا، والحق جنة، والصدق سنة، والتقوى زادا، والبر عتادا، والعلم سراجا، والحلم منهاجا، والرفق ظهيرا، والصبر وزيرا، والتواضع قائدا، والاستكانة رائدا.

* فقد أحسنوا وأجملوا، وأكرموا وفضلوا وأفضلوا، وبذلوا وأنهلوا.

فقمعوا البدع، وأظهروا السنة، وجاهدوا التأويل، ورفعوا التنزيل.

* فهذه علامات النصر، وأمارات الخير، ومخايل([92]) الإصلاح، وأوائل النجاح، ودلائل الفلاح.

* آياتهم واضحة، وتباشيرهم لائحة، وآثارهم لامعة، ومناهجهم ساطعة، وشواهدهم ناصعة، وبروقهم تلوح وتلمع، وطريقتهم تبوح وتسطع.

* فنصبوا للخير علما لا ينكتم، وبنوا له منارا لا تنهدم، ونهجوا له طريقا لا يلتبس، وفتحوا له بابا لا يندرس، وأقاموا له إماما لا يضل، وقيضوا له دليلا لا يزل، وأوضحوا له سبيلا لا يخفى، وبينوا له منهجا لا يبلى.

* وبعد ذلك لم يستطع أهل البدع بعد محاولات كثيرة أن يدرسوا آثار الدين، ويطمسوا أعلام المهتدين، ويعفوا سنة الصالحين، ويعموا مناهج المتقين، ويهدموا منار الراشدين، ويردموا شرائع العابدين، ويهدموا أركان الديانة، ويصكوا آذان الأمانة، ويمسخوا شرائع الإسلام، وينسوا مواعظ الذكرى، وينسلوا لباس التقوى، ويخبوا مصابيح القرآن، ويطفئوا سراج الإيمان، قال تعالى: ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون[التوبة: 32].

* لله در أهل الحديث والأثر والسنة: صححوا مفاهيم الناس بالحجج الواضحة، والبراهين اللائحة، والشواهد الصادقة، والدلائل الناطقة، والأعلام الخافقة، والآثار الموافقة.

* فإني أحمد الله تعالى الذي أعاذ أهل السنة من مقالات: «أهل البدع» الفاسدة، والاعتقادات الواهية، ووهب لهم الاعتصام بحبله المتين وكتابه المبين، وسنن رسوله r النيرة الواضحة، وجنبهم الأقوال الفظيعة الفاضحة، فأقوالهم في: «المرجئة الخامسة» مسموعة، وأقوال «المرجئة الخامسة» فيهم؛ فبالحق مدفوعة ومدموغة.

* فنحن لآثارهم مقتفون، ولمنهجهم متبعون، وبفضلهم معترفون.

اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

الله تعالى يبغض أهل البدع بجميع أنواعهم، وإن خطبوا، ودرسوا، وصلوا، وصاموا، وحجوا، وتصدقوا، لأنهم: يتعبدون الله تعالى بفعل البدع بالأحاديث الضعيفة، والمعلولة، وبرهبانية: ابتدعوها في الدين!.................................................................................................

5

2)

لا ذكر الدليل على أن من منهج السلف الصالح، أنه لابد من النفرة من المبتدعة وهجرهم على التأبيد.......................................................

7

3)

فتوى العلامة الشيخ الألباني رحمه الله في أن دين الصحابة رضي الله عنهم، هو الدين المقبول، وليس بدين الجماعات الحزبية المبتدعة...................................................................................................

8

4)

إلماعة في صلابة الأئمة في السنة، وقمع أهل البدع...........................

9

 

 

       

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1]) وانظر: «شرح حلية طالب العلم» لشيخنا ابن عثيمين (ص138 و139 و140).

[2]) «سلسلة: الهدى والنور»، رقم: (543).

[3]) الرباع: جمع ربع، وهي الدور.

[4]) مغانيهم: والمغاني واحد المغنى، وهي المواضع التي كان بها أهلوها. يقال: غني بالمكان: أي: أقام.

[5]) البسطة: الاتساع.

[6]) الضبع: العضد.

 انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص2 و97 و202) و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص257) و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص2089) و«لسان العرب» لابن منظور (ج4 ص2550).

[7]) الإعنات: جمع: العنت، وهو الضيق، والوقوع في أمر شاق.

[8]) الثلمة: الخلل.

[9]) الفرج: موضع المخافة والثغر.

[10]) الوهج: يقال: وهجت النار وهجا، ووهجانا إذا اتقدت.

[11]) الأود: الاعوجاج، يقال: أقام أوده: قوم اعوجاجه.

[12]) انحسم: أي انقطع وزال.

[13]) القاسط: الجائر.

[14]) دهماء الناس: جماعتهم.

[15]) الأوار: حرارة النار والشمس.

 انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص74 و223 و241 و260)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص297)، و«المعجم الوسيط» (ص32)، و«الرائد» لجبران (ص361)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص2959)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص3370)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص1121).

[16]) فالمبتدع شديد الانحراف في دينه: إذا قومته انثنى، واذا ثقفته التوى، واذا عدلته انحنى، واذا نشرته انطوى، واذا بسطته انزوى، واذا أقمته على نهج الطريق، ضل عن سواء السبيل، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

[17]) وقص: أي: كسر.

[18]) عقص: العقص: الالتواء والاعوجاج.

 قلت: وهذا حال المبتدع الضال.

[19]) حاف: لف ودار.

[20]) الجنف: الميل.

[21]) الزيغ: الميل والانحراف.

[22]) صاف السهم عن الهدف، ويصيف أي عدل عنه ومثله ضاف أي عدل.

 انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص62 و136 و344)، و«الرائد» لجبران (ص309)، و«المعجم الوسيط» (ص185)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص3040)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص814).

[23]) الطية: الجهة البعيدة.

[24]) شاطب: محل بعيد.

[25]) العازب: البعيد.

[26]) النازح: البعيد.

[27]) المنتجع: الموضع.

[28]) لحبت: وضحت.

[29]) اللفاع: ما يتلفع به، ويتغطى به.

 انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص286)، و«الرائد» لجبران (ص472 و528 و548 و801) و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص128)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3549)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص160).

[30]) أي: غطاه.

[31]) واجترح: من الإثم، أي: يندم على إثمه.

[32]) أي: بما سعى في الإثم.

[33]) أي: عن الذنب.

[34]) رحضت: غسلت.

[35]) المعرة: الأذى والإثم والجناية.

[36]) المنيئة: الجلد أول ما يدبغ.

[37]) الحبار: الأثر.

[38]) الدمل: الشيء أصلحه.

 انظر: «المعجم الوسيط» (ص830)، و«الرائد» لجبران (ص21 و112 و365 و751)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3420)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج5 ص174).

[39]) تعته في باطله: بالغ فيه.

[40]) مرن على الشيء: تعود عليه.

[41]) التهوك: التحير.

[42]) اجتر: أقدم.

[43]) اجترم: أذنب.

[44]) اجترح: ارتكب الإثم.

 انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص51 و260 و292)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص117) و«الرائد» لجبران (ص21 و221)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص4187).

[45]) نعشه: تداركه من هلكة وسقوط.

[46]) النتش: الاستخراج، أي: استخرجته من الورطة.

[47]) فأهل البدع ولوا على أدبارهم، وارتكسوا على آثارهم.

[48]) التنصل: التبرؤ من المعصية، أو البدعة، والخروج منها.

 انظر: «الرائد» لجبران (246 و794 و812)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص4473)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3611)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج1 ص125).

[49]) الاصطلام: قلع الشيء من أصله.

[50]) والناجر من النجر وهو عطش يصيب الإبل والغنم.

 انظر: «الرائد» لجبران (ص82 و795).

[51]) النكال: العذاب.

[52]) الزنيم: اللئيم.

[53]) الخامل: السافل الساقط.

[54]) الرذل: الرديء.

[55]) أي: انحطاط في قدره.

[56]) الضغن: ذو الحقد.

[57]) أي: تحاقدوا.

[58]) الإحنة: الحقد، والجمع: إحن.

[59]) الدمنة: الحقد أيضا، والجمع: دمن، وقد دمنت قلوبهم أي: ضغنت.

[60]) السخمة: الغضب والحقد.

[61]) الوحر في الصدر مثل الغل، وقد وحر صدره على: أي وغر، وهو الحقد والغيظ والعداوة.

[62]) الضغن: الحقد.

[63]) الوغر: العداوة.

 انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص106 و321)، و«المعجم الوسيط» (ص8 و1017)، و«الرائد» لجبران (ص821)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص1776)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص586).

[64]) الروض: المكان الذي جعل روضة، أرض مخضرة بأنواع النبات.

[65]) المنضود: الشيء الذي ضم بعضه إلى بعض متسقا.

[66]) الطود: الجبل العظيم.

[67]) الهطل: التتابع.

[68]) الصول: القهر والغلبة والقدرة.

[69]) الاضطرام: الاشتعال.

[70]) الصقع: أذى الصوت، ذهب يتفنن.

[71]) الجحف: الضرر يشتد.

[72]) الغائلة: الداهية والمصيبة المهلكة والشر.

[73]) البائقة: المصيبة والشر.

 انظر: «مختار الصحاح»» للرازي (ص168 و290)، و«الرائد» لجبران (ص85 و407 و774 و503 و570)، و«المعجم الوسيط» (ص518 و608).

[74]) الغمر: الماء الكثير، والمراد هنا: الجهال.

[75]) الضحول: ضده، وهو الماء القليل.

[76]) انثالوا: انصبوا.

[77]) أي: قطيعا قطيعا.

[78]) المريج: المضطرب.

 انظر: «الرائد» لجبران (ص508 و584)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص4168)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3370)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص476).

[79]) اعتاص: اشتد.

[80]) غابقة من الغبوق: وهو الشرب بالعشي، أي: ترد إليك عشية.

[81]) صابحة: تأتيك صباحا.

[82]) طارقة: تجيء ليلامبكرة وباكرة.

[83]) ناسقة: منتظمة.

[84]) الغياض: جمع الغيضة، وهي مغيض الماء؛ يجتمع فينبت فيه الشجر.

 انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص203 و196)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص173 و193)، و«المعجم الوسيط» (ص918)، و«الرائد» لجبران (ص90 و29)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص43 و938).

[85]) المحيط به.

[86]) الأرج: ذو الرائحة الطيبة.

[87]) الأذفر: ما ظهرت رائحته واشتدت.

[88]) أي: الريح.

[89]) والمراد به: أحسن من الصوت الجميل.

[90]) أي: كفوا عما لا يرضي الله تعالى.

[91]) أي: لباسا.

[92]) أي: أمارات الإصلاح.

 انظر: «الرائد» لجبران (ص530 و354 و720)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص1327)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص1147)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص415).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan