الرئيسية / سلسلة أصول علم الحديث / جزء فيه: كيفية إعلال الأحاديث، بأحاديث الرواة الثقات الحفاظ الأثبات
جزء فيه: كيفية إعلال الأحاديث، بأحاديث الرواة الثقات الحفاظ الأثبات
الجزء الأول |
سلسلة أصول علم الحديث |
6 |
جزء فيه:
كيفية؛ إعلال الأحاديث،
بأحاديث الرواة الثقات الأثبات الحفاظ
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على إعلال حديث:
«أطعم رسول الله r، في زواجه من صفية ڤ، خبزا ولحما»، وإنما: أطعم r، الخبز، واللحم، في زواج: زينب بنت جحش ڤ
عن أنس بن مالك t قال: (أطعم النبي r، على صفية بنت حيي: خبزا، ولحما).
حديث منكر
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج4 ص29) من طريق أحمد بن حازم الغفاري، ثنا أبو نعيم، ثنا عيسى بن طهمان، قال: سمعت أنس بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عيسى بن طهمان الجشمي، وإن كان صدوقا، إلا أنه ينفرد بالمناكير عن أنس بن مالك t، ويحدث بها، وهذه منها. ([1])
* ولم يرو الحافظ البخاري، لعيسى بن طهمان، هذا الحديث في «صحيحه»، لمخالفته، للثقات الحفاظ([2])، فهو: ليس على شرطه في هذا الحديث؛ فافطن لهذا.
قال الحافظ ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص117): (ينفرد بالمناكير عن أنس بن مالك t... لا يجوز الاحتجاج بخبره).
وقال الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص500): (لا يتابع على حديثه).
قلت: فالآفة في هذا الحديث، هو عيسى بن طهمان الجشمي، فإنه يخالف الثقات، ولا يتابع على بعض حديثه، فلا يحتج به فيما خالف، وانفرد. ([3])
* وقد استنكرت عليه أحاديث.
لذلك؛ قال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي في «تذكرة الحفاظ» (ص54): (وعيسى بن طهمان: متروك الحديث). ([4])
* فهذا الحديث، ليس بمحفوظ، فهو: من غرائب، عيسى بن طهمان، وقد خولف في هذا الحديث.
* فهو: حديث غريب من هذا الوجه.
قلت: ومن خلال ما سبق ذكره، من ضعف الإسناد، يتضح أنه: معلول في سنده، وفي متنه، لمخالفة: عيسى بن طهمان الجشمي في متنه.
* وقد ذكر الحافظ الذهبي، أنه معلول في «تلخيص المستدرك» (ج4 ص29)؛ من أن التي أطعم عليها رسول الله r: الخبز، واللحم، ليست صفية ڤ، وإنما هي زينب ڤ.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، وتعقبه الذهبي بقوله: «بل غلط، إنما ذي زينب ڤ».
* ويعله؛ ما أخرجه مسلم في «المسند الصحيح المختصر من السنن» في كتاب: «النكاح»، (ج2 ص104 و106) من طريق عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك t قال في الحديث الطويل، في غزوة خيبر، وفيه: (وهي صفية بنت حيي، قال: وجعل رسول الله r، وليمتها: التمر، والأقط، والسمن، فحصت الأرض: أفاحيص([5])، وجيء بالأنطاع، فوضعت فيها، وجيء بالأقط، والسمن، فشبع الناس... قال أنس بن مالك t: وشهدت: وليمة زينب ڤ، فأشبع الناس: خبزا ولحما، وكان يبعثني، فأدعو الناس).
قال الحافظ ابن الأثير في «النهاية» (ج3 ص415): (في حديث: زواجه r، بزينب، ووليمتها، فحصت الأرض أفاحيص). اهـ
وأخرجه مسلم في «الجامع المسند الصحيح المختصر من السنن» (ج2 ص1047) من طريق شبابة، وبهز؛ كلاهما: عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، حدثنا أنس بن مالك t به.
وأخرجه مسلم في «المسند الصحيح المختصر من السنن» (ج2 ص1049) من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، قال: سمعت أنس بن مالك t يقول: (ما أولم رسول الله r، على امرأة من نسائه، أكثر، أو أفضل مما أولم على زينب، فقال ثابت البناني: بما أولم؟ قال أنس t: أطعمهم خبزا، ولحما).
وأخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح المختصر» (ج5 ص1983)، ومسلم في «المسند الصحيح المختصر من السنن» (ج2 ص1049) من طريق سليمان بن حرب، ومسدد، وأبي الربيع الزهراني، وأبي كامل: فضيل بن حسين، وقتيبة بن سعيد، قالوا: حدثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك t به.
وأخرجه مسلم في «المسند الصحيح المختصر من السنن» (ج2 ص1043 و1044) من طريق زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك t به.
وأخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح المختصر» من طريق محمد بن سلام، أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك t قال: (أقام النبي r: بين خيبر، والمدينة ثلاثا، يبنى عليه، بصفية بنت حيي، فدعوت المسلمين إلى وليمته، فما كان فيها، من خبز ولا لحم([6])، أمر بالأنطاع، فألقي فيها، من التمر، والأقط، والسمن، فكانت وليمته).
قلت: وهذا يدل على الصحيح، أن النبي r أطعم: الخبز واللحم في زواج زينب ڤ، ليس في زواج صفية ڤ.
فحديث الباب: متنه، معلول، بما أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص1980)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص1049).
وهو: معلول، لمخالفة: عيسى بن طهمان، للثقات الحفاظ الأثبات.
* وقد أعرض عنه: الحافظ مسلم، فلم يرو عنه في «صحيحه»، بسبب أنه يتفرد عن الثقات الأثبات([7])، فافهم لهذا.
فالمحفوظ: ما رواه أصحاب: حماد بن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك؛ وهم: سليمان بن حرب، ومسدد، وأبو الربيع الزهراني، وأبو كامل؛ فضيل بن حسين الجحدري، وقتيبة بن سعيد؛ جميعهم: عن حماد بن زيد به؛ وهو ثقة ثبت، وأثبت الناس في ثابت البناني. ([8])
* وكذا رواية: عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن ثابت به، وهو من أثبت أصحاب: ثابت البناني. ([9])
* ورواية: سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك.
* ورواية: شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك.
قلت: فالمحفوظ، رواية جماعة الثقات، لا سيما، فيهم: جماعة من الحفاظ المتقنين.
قلت: وأما عيسى بن طهمان، فإنه صدوق يخطئ في الحديث، فدل ذلك على أنه ليس بالثبت في حديث: أنس بن مالك، فروايته: شاذة، لا يعول عليها.
* فالراجح: رواية، جماعة الثقات، وبهذا التحقيق: يزول الإشكال في الحديث.
ﭑ ﭑ ﭑ
([1]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص470)، و«هدي الساري» له (ج1 ص434)، و«المجروحين» لابن حبان في «ج2 ص117»، و«الضعفاء» للعقيلي (ج4 ص500).
([3]) وانظر: «المجروحين» لابن حبان (ج2 ص117 و118)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج4 ص500)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج39 ص73)، و«هدي الساري» لابن حجر (ج1 ص434)، و«لسان الميزان» له (ج8 ص564).
([5]) فحصت الأرض أفاحيص؛ أي: حفرت، والفحص: البحث والكشف، أي: كشف التراب من أعلاه، وحفرت شيئا يسيرا؛ لتجعل الأنطاع في المحفور، ويصير فيها السمن، فيثبت، ولا يخرج من جوانبها.
انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص415)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج9 ص236).