الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / ذم الفتن
ذم الفتن
سلسلة ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار 57
|
4 |
ذم الفتن
دراسة، أثرية، منهجية، علمية، في التحذير من فتن: أهل التحزب، وأهل الأهواء، في عدم الانخراط معهم في فتنهم الخبيثة في البلدان، خاصة: فتن المظاهرات، والفوضويات، والتخريبات، والمقاطعات البدعية، والحروب السياسية، وسفك الدماء؛ لأنهم: من أهل الاختلاف والتفرق في الدنيا والآخرة.
* وأطلقوا الفتن؛ فهم: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم.
قال تعالى: ]إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[ [الأنعام: 159].
وقال تعالى: ]من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم: 32]
تأليف
الشيخة الفقيهة أم عبدالرحمن الجودر الأثرية
حفظها الله
دراسة، أثرية، منهجية، علمية، في التحذير من فتن: أهل التحزب، وأهل الأهواء، في عدم الانخراط معهم في فتنهم الخبيثة في البلدان، خاصة: فتن المظاهرات، والفوضويات، والتخريبات، والمقاطعات البدعية، والحروب السياسية، وسفك الدماء؛ لأنهم: من أهل الاختلاف والتفرق في الدنيا والآخرة. * وأطلقوا الفتن؛ فهم: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم. قال تعالى: ]إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[ [الأنعام: 159]. وقال تعالى: ]من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم: 32].
|
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
عونك يا رب يسر
المقدمة
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.
* ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([1])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([2])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([3])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([4])
أما بعد:
فإن الفتنة: ما يقع بين الناس من الاختلاف، والافتراق في البلدان.
* وهذا الاختلاف المذموم، يقع من أهل التحزب، أهل الفتن: الذين يبغونها عوجا في هذه الحياة.
* والفتن: هي البلية التي تظهر الأمور الباطنة، من مرضى القلوب. ([5])
* فاحذر أخي من دعاة الفتن، أن يفتنوك عن دين الله تعالى.
قال تعالى: ]وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك[ [الإسراء: 73]؛ أي: يميلونك عن الحق، إلى باطلهم.
وقال تعالى: ]واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون[[المائدة: 49].
وقال تعالى: ]وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا[ [المائدة: 71].
وقال تعالى: ]ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد[ [الحج: 53].
قلت: وأهل التحزب، يزعمون أنهم: يحذرون الفتن، ويحذرون منها، ومع ذلك: وقعوا في الفتن المهلكة.
* لأنهم: من أهل الاختلاف.
والفتنة: اختلاف الناس بالآراء الباطلة، والأفكار الضالة.
قال تعالى: ]ألا في الفتنة سقطوا[ [التوبة: 49].
وقال تعالى: ]إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس[ [النجم: 123].
ويقال: افتتن الرجل، وفتن، فهو: مفتون، إذا أصابته فتنة، فذهب عقله، وهلك.
والفتنة: بمعنى: الضلالة.
والفاتن: المضل عن الحق. ([6])
والفتان: الشيطان.
* والمراد بالفتان: شياطين، الإنس والجن، الذين يظلمون الناس، ويفتنونهم، ويضلونهم عن الحق.
قلت: فيجب ترك اتباعهم، وعدم الافتتان بخدعهم الشيطانية.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص34): (الفتنة: ما ينشأ عن الاختلاف، في طلب الملك: حيث لا يعلم المحق، من المبطل). اهـ.
قلت: وأهل الأهواء، بسبب تساهلهم في الدخول في الفتن الكبرى، وفي الفتن الصغرى، وقعوا في فتن الشبهات، وفتن الشهوات.
* ففتنة الشبهات: هي أعظم الفتن، لأنها تأتي من ضعف البصيرة، وقلة العلم النافع، ولا سيما إذا اقترن بذلك: فساد القصد، وحصول الهوى.
فهنالك: الفتنة العظمى، والفتنة الكبرى على الإنسان الضال، فقل ما شئت في ضلال سيئ القصد.
* وفتنة الشهوات: وهي الرغبة في شهوات الدنيا، والزهد في الآخرة.
* فيحصل بهذه الفتنة: فساد القلوب، وفساد الدين، والخوض في الباطل والتمتع بالمال، بلا فائدة. ([7])
قال تعالى: ]كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم[ [التوبة: 69]؛ أي: تمتعوا بنصيبهم من الدنيا وشهواتها.
* والخلاق: هو النصيب المقدر.
ثم قال تعالى: ]وخضتم كالذي خاضوا[ [التوبة: 69]؛ فهذا: الخوض بالباطل.
قلت: فهذا هو الفساد العريض في الحياة الدنيا.
فهو فساد: من جهة الشبهات، وفساد: من جهة الشهوات.
ولهذا يقال: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى: قد فتنه هواه، وصاحب دنيا: أعمته دنياه!.
قلت: فهذه الفتن، مآلها إلى الضلال، والنفاق ([8])، وهي فتنة: أهل التحزب، أهل البدع.
* وأهل التحزب: ابتدعوا من فتن الشبهات، التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل، والهدى بالضلال، وأقبلوا على فتن الشهوات؛ فهلكوا في الدنيا والآخرة، ولا بد.
قال تعالى: ]ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم[ [المائدة: 41].
وقال تعالى: ]وكذلك فتنا بعضهم ببعض[ [الأنعام: 53].
وقال تعالى: ]وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا[ [الفرقان: 20].
وقال تعالى: ]أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين[ [العنكبوت: 7].
وقال تعالى: ]بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون[ [الزمر: 49].
وقال تعالى: ]ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى[ [طه: 131].
وقال تعالى: ]إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق[ [البروج: 10].
وقال تعالى: ]والفتنة أشد من القتل[ [البقرة: 191].
وقال تعالى: ]والفتنة أكبر من القتل[ [البقرة: 217].
وقال تعالى: ]لقد ابتغوا الفتنة[ [التوبة: 48].
قلت: وهذه الفتن: تنشأ تارة: من فهم فاسد، وتارة: من نقل كاذب، وتارة: من حق ثابت خفي على العبد فلم يظفر به، وتارة: من غرض فاسد، وهوى متبع، فهي: من عمى في البصيرة، وفساد في الإرادة.
قال تعالى: ]لقد ابتغوا الفتنة[ [التوبة: 48].
وقال تعالى: ]ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون[ [الذاريات: 14].
وقال تعالى: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[ [آل عمران: 7].
وقال تعالى: ]ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون[ [الأنبياء: 35].
وقال تعالى: ]واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب[ [الأنفال: 25].
وقال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].
وعن أسامة بن زيد t، عن النبي r قال: (إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم، كمواقع القطر). ([9])
والمراد: ما يقع من القتل، والحروب، والاختلاف والتفرق، الذي يكون بين الجماعات الحزبية، إذا تحزبوا، ويكون ما تبلون من زينة الدنيا، وشهواتها، فيفتتنون بذلك، عن الآخرة، والعمل لها.
ولذلك: قال ابن مسعود t: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم).([10])
وقال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص223): (قد أخبر النبي r عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته، وسنة أصحابه y، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئـا من الأهواء والبدع معتقدا، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره، ويتبرأ منه، ويتركه حيا وميتا). اهـ
وقال الإمام القحطاني / في «نونيته» (ص45):
لا يصحب البدعي إلا مثله |
|
|
تحت الدخان تأجج النيران |
قلت: فمجالسة أهل البدع فيها الخطر العظيم على المجالس لهم، بأن يرد عليه من شبههم ما لا يستطيع دفعه، وبالتالي ينغمس في ضلالتهم وبدعهم كما هو مشاهد ممن جالسهم بدعوى أنه واثق من عقيدته ولا يخشى التأثر بهم.([11])
* بل في مجالسة أهل البدع مخالفة لأمر الله تعالى بترك مجالستهم، ومشاقة للرسول r الذي نهى عن مجالستهم، واتباعا لغير سبيل المؤمنين الذين اتفقوا على ترك مجالسة أهل البدع والتحذير منها، وبالتالي فإن المجالس لهم معرض للوعيد الشديد المترتب على ذلك.
فقد قال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور:63].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص307)؛ في تفسير الفتنة: (أي: في قلوبهم من كفر، أو نفاق، أو بدعة). اهـ
وقال الإمام سفيان الثوري / في قوله تعالى: ]أن تصيبهم فتنة[؛ قال: (يطبع على قلوبهم).([12])
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
قال الإمام ابن أبي زمنين / في «أصول السنة» (ص293): (ولم يزل أهل السنة يعيبون: أهل الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم). اهـ
وقال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين؛ لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم؛ قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ
هذا وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم؛ نافعا لعباده، وأن يضاعف لي المثوبة والأجر، ويعلي درجتي في المهديين، إنه سميع قريب مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، خاتم النبيين، وإمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أم عبد الرحمن الأثرية
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر، وأعن فإنك نعم المعين
ذكر الدليل على خطر الفتن ما ظهر منها، وما بطن، وخطر أهل التحزب، أهل الفتن على الناس، وهي مهلكة في الدنيا والآخرة: لمن تساهل في الدخول فيها، وصحب لأهلها، وأنه يجب التعوذ منها ومن أهلها في كل يوم في هذه الحياة الدنيا
عن عبد الله بن مسعود t، قال: كان نبي الله r إذا أمسى، قال: «أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة، وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر، وإذا أصبح، قال: ذلك أيضا أصبحنا وأصبح الملك لله».
وفي رواية: «اللهم إني أعوذ بك من الكسل، والهرم، وسوء الكبر، وفتنة الدنيا، وعذاب القبر».
وفي رواية أخرى: «ومن سوء الكبر، أو الكفر».
أخرجه مسلم في «صحيحه» (4/2088 و2089).
الشرح الأثري:
قوله r: «وفتنة الدنيا»؛ وهو تعوذ من فتنة الدنيا، وفتنتها التي من شأنها أن تلهي عن عبادة الله تعالى.([13])
قال تعالى: ﴿زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب﴾ [آل عمران:14].
* والفتنة لغة: مصدر؛ كالفتن والفتون.
* وكل ذلك مأخوذ من مادة: «ف، ت، ن»، التي تدل على: الابتلاء والاختبار.
يقال: فتنت الذهب بالنار؛ إذا امتحنته.
والفتن: إحراق الشيء بالنار، كالورق الفتين، أي: المحترق.
قال تعالى: ﴿يوم هم على النار يفتنون﴾ [الذاريات:13]؛ أي: يحرقون.
وقال تعالى: ﴿إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات﴾ [البروج:10]؛ الفتنة: يعني؛ الحرق بالنار.
* ويفتنون بدينهم؛ أي: يعذبون ليردوا عن دينهم.
ومنه: قوله تعالى: ﴿والفتنة أشد من القتل﴾ [البقرة:191]؛ الفتنة هنا: العذاب.
وقال تعالى: ﴿ذوقوا فتنتكم﴾ [الذاريات:14]؛ يعني: عذابكم.
وقال تعالى: ﴿فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله﴾ [العنكبوت:10].
والفتنة: أن يفتن الله تعالى قوما؛ أي: يبتليهم.
الفتنة: بمعنى؛ المفتون: وهو المجنون.
قال تعالى: ﴿بأيكم المفتون﴾ [القلم:6].
المفتون هنا: المجنون.
والفتنة: المعذرة.
قال تعالى: ﴿ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين﴾ [الأنعام:23]؛ يعني: ثم لم تكن معذرتهم.
والفتنة: الفضيحة.
قال تعالى: ﴿من يرد الله فتنته﴾ [المائدة:46]؛ يعني: فضيحته.
والفتنة: الضلال.
قال تعالى: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ [الأنفال:25].
والفتنة: الغفلة.
قال تعالى: ﴿بأيكم المفتون﴾ [القلم:6].
والفتن: ما يقع بين الناس من الحروب.
والفتان: الشيطان الذي يفتن الناس بخداعه، وغروره، وتزيينه للباطل.
والفتنة: الاختبار.
قال تعالى: ﴿وفتناك فتونا﴾ [طه:40].
وقال تعالى: ﴿ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا﴾ [التوبة:49].
والمعنى: لا تبلني، ولا تعذبني، وهم يقولون هذا، وقعوا في البلية والعذاب.
والفتنة: إعجابك بالشيء، والجمع: فتن.
والفتنة: الابتلاء، والامتحان، والاختبار.
قال تعالى: ﴿الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ [العنكبوت:1-2].
والفتنة: المحنة.
قال تعالى: ﴿أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين﴾ [التوبة:126].
وقال تعالى: ﴿تكن فتنة في الأرض وفساد كبير﴾ [الأنفال:73].
والفتنة: المال.
والفتنة: الأولاد.
قال تعالى: ﴿أنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ [التغابن:15].
والفتنة: الكفر.
قال تعالى: ﴿ابتغاء الفتنة﴾ [آل عمران:7]؛ يعني: الكفر.
والفتنة: القتال.
قال تعالى: ﴿إن خفتم أن يفتنكم﴾ [النساء:101]؛ الفتنة هنا: القتل.
والفتنة: اختلاف الناس بالآراء.
والفتنة: الإحراق بالنار.
والفتنة: العذاب.
والفتنة: الظلم.
والفتنة: الدنيا وزينتها؛ يقال: فلان مفتون في طلب الدنيا؛ أي: غلا في طلبها.
والفتنة: تأتي بمعنى: الإثم.
قال تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة﴾ [النور:63]؛ يعني: إثما.
والفتنة: تأتي بمعنى: الشرك. ([14])
قال تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله﴾ [البقرة:193]؛ يعني: الشرك.
والفتنة: الصدود.
قال تعالى: ﴿واحذرهم أن يفتنوك﴾ [المائدة:49]؛ يعني: أن يصدوك.
* الفتنة اصطلاحا:
قال الجرجاني اللغوي / في «التعريفات» (ص171): (الفتنة: هي ما يبين به حال الإنسان من الخير، والشر). اهـ
وقال المناوي الفقيه / في «التوقيف» (ص57): (الفتنة: البلية، وهي معاملة تظهر الأمور الباطنة). اهـ
* أنواع الفتن، وعلاج كل نوع:
قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان» (2/900): (والفتنة نوعان: فتنة الشبهات، وهي أعظم الفتنتين، وفتنة الشهوات.
وقد يجتمعان للعبد. وقد ينفرد بإحداهما:
ففتنة الشبهات: من ضعف البصيرة، وقلة العلم، ولا ســيــما إذا اقترن بذلك فساد القصد، وحصول الهوى، فهنالك الفتنة العظمى، والمصيبة الكبرى، فقل ما شئت في ضلال سيئ القصد، الحاكم عليه الهوى لا الهدى، مع ضعف بصيرته، وقلة علمه بما بعث الله تعالى به رسوله r، فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس﴾ [النجم: 23].
* وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله، فقال تعالى: ﴿يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سـبـيـل الله إن الذين يضلون عن سبـيـل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب﴾ [ص: 26].
وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق، وهي فتنة المنافقين، وفتنة أهل البدع، على حسب مراتب بدعهم. فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل، والهدى بالضلال.
* ولا ينجي من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول r، وتحكيمه في دق الدين وجله، ظاهره وباطنه، عقائده وأعماله، حقائقه وشرائعه، فيتلقى عنه حقائق الإيمان، وشرائع الإسلام، وما يثبته الله من الصفات والأفعال، والأســمــاء، وما ينفيه عنه، كما يتلقى عنه وجوب الصلوات، وأوقاتها، وأعدادها، ومقادير نصب الزكاة، ومستحقيها، ووجوب الوضوء، والغسل من الجنابة، وصوم رمضان، فلا يجعله رسولا في شيء دون شيء من أمور الدين، بل هو رســول في كل شيء تحتاج إليه الأمة؛ في العلم والعمل، لا يتلقى إلا عنه، ولا يؤخذ إلا منه، فالهدى كله دائر على أقواله وأفعاله، وكل ما خرج عنها فهو ضلال.
* فإذا عقد قلبه على ذلك، وأعرض عما سواه، ووزنه بما جاء به الرسول r، فإن وافقه قبله، لا لكون ذلك القائل قاله، بل لموافقته للــرســالــة، وإن خالفه رده، ولو قاله من قاله، فهذا الذي ينجيه من فتنة الشبهات، وإن فاته ذلك أصابه من فتنتها بحسب ما فاته منه.
* وهذه الفتنة تنشأ تارة من فهم فاسد، وتارة من نقل كاذب، وتارة من حق ثابت خفي على الرجل فلم يظفر به، وتارة من غرض فــاســد، وهوى متبع، فهي من عمى في البصيرة، وفساد في الإرادة.
* وأما النوع الثاني من الفتنة؛ ففتنة الشهوات:
وقد جمع سبحانه بين ذكر الفتنتين: في قوله تعالى: ﴿كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون﴾ [التوبة: 69]؛ أي: تمتعوا بنصيبهم من الدنيا وشهواتها، والخلاق: هو النصيب المقدر، ثم قال تعالى: ﴿وخضتم كالذي خاضوا﴾؛ فهذا الخوض بالباطل، وهو الشبهات.
* فأشار سبحانه في هذه الآية: إلى ما يحصل به فساد القلوب، والأديان، من الاسـتـمـتـاع بالخلاق، والخوض بالباطل، لأن فساد الدين؛ إما أن يكون باعتقاد الباطل، والتكلم به، أو بالعمل بخلاف العلم الصحيح.
فالأول: هو البدع وما والاها، والثاني: فسق الأعمال.
فالأول: فساد من جهة الشبهات، والثاني: من جهة الشهوات.
ولهذا كان السلف يقولون: «احذروا من الناس؛ صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه».
وكانوا يقولون: «احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون».
وأصل كل فتنة: إنما هو من تقديم الرأي على الشرع، والهوى على العقل.
فالأول: أصل فتنة الشبهة، والثاني: أصل فتنة الشهوة.
ففتنة الشبهات: تدفع باليقين، وفتنة الشهوات: تدفع بالصبر.
* ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين، فقال تعالى: ﴿وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾ [السجدة: 24]؛ فدل على: أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
* وجمع بينهما أيضا؛ في قوله تعالى: ﴿وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾ [العصر: 3]؛ فتواصوا بالحق الذي يدفع الشبهات، وبالصبر الذي يكف عن الشهوات.
* وجمع بينهما؛ في قوله تعالى: ﴿واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار﴾ [ص: 45]؛ فالأيدي: القوى والعزائم في ذات الله، والأبصار: البصائر في أمر الله. وعبارات السلف تدور على ذلك.
* فبكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة، وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة، والله المستعان.
* إذا سلم العبد من فتنة الشبهات، والشهوات؛ حصل له أعظم غايتين مطلوبتين، بهما سعادته وفلاحه وكماله؛ وهما: الهدى، والرحمة.
قال تعالى؛ عن موسى وفتاه: ﴿فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما﴾ [الكهف: 65]؛ فجمع له بين الرحمة والعلم، وذلك نظير قول أصحاب الكهف: ﴿ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا﴾ [الكهف: 10]؛ فإن الرشد: هو العلم بما ينفع، والعمل به.
والرشد والهدى: إذا أفرد كل منها تضمن الآخر، وإذا قرن أحدهما بالآخر، فالهدى هو العلم بالحق، والرشد هو العمل به، وضدهما الغي واتباع الهوى.
وقد يقابل الرشد؛ بالضر والشر، قال تعالى: ﴿قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا﴾ [الجن: 21].
وقال مؤمنو الجن: ﴿وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا﴾ [الجن: 10].
فـالـرشـد: يقابل الغي تارة، كما في قوله تعالى: ﴿وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا﴾ [الأعراف: 146].
ويقابل الضر والشر: كما تقدم، وذلك لأن الغي سبب حصول الشر والضر ووقوعهما بصاحبه.
فالضر والشر غاية الغي وثمرته، كما أن الرحمة والفلاح غاية الهدى وثمرته.
فلهذا يقابل كل منهما بنقيضه وسبب نقيضه.
فيقابل الهدى بالضلال، كقوله تعالى: ﴿يضل من يشاء ويهدي من يشاء﴾ [النحل: 93]، وقوله تعالى: ﴿إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل﴾ [النحل: 37]؛ وهو كثير.
ويقابل بالغضب والعذاب، كقوله تعالى: ﴿فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى﴾ [طه: 123]؛ فقابل الهدى بالضلال والشقاء.
* وجمع سبحانه بين الهدى والفلاح، والهدى والرحمة، كما يجمع بين الضلال والشقاء، والضلال والعذاب: كقوله تعالى: ﴿إن المجرمين في ضلال وسعر﴾ [القمر: 47]؛ فالضلال ضد الهدى، والسعر: العذاب، وهو ضد الرحمة.
وقال تعالى: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ [طه: 124].
والمقصود: أن من سلم من فتنة الشبهات والشهوات؛ جمع له بين الهدى والرحمة، والهدى والفلاح.
قال تعالى عن أوليائه: ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾ [آل عمران: 8]، وقال تعالى: ﴿ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون﴾ [الأعراف: 154]، وقال تعالى: ﴿هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون﴾ [الأعراف: 203]، وقال تعالى: ﴿لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ [يوسف: 111]، وقال تعالى: ﴿يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين﴾ [يونس: 57].
فقوله: ﴿هذا بصائر للناس﴾؛ عام مطلق، وقوله: ﴿وهدى ورحمة لقوم يوقنون﴾؛ خاص بأهل اليقين.
ونظير ذلك؛ قوله تعالى: ﴿يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين﴾ [يونس: 57].
ونظيره في الخصوص؛ قوله تعالى: ﴿هدى للمتقين﴾ [البقرة: 2]، وقوله تعالى: ﴿يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام﴾ [المائدة: 16].
ونظيره أيضا؛ قوله تعالى: ﴿هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين﴾ [آل عمران: 138].
* وقد أخبر أنه هدى عام لجميع المكلفين، فقال تعالى: ﴿إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها مـن سـلـطـان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى﴾ [النجم: 23].
* فأخبر سبحانه أن القرآن بصائر لجميع الناس، والبصائر جمع بصيرة، وهي فعيلة بمعنى مفعلة؛ أي: مبصرة لمن يبصر، ومنه قوله تعالى: ﴿وآتينا ثمود الناقة مبصرة﴾ [الإسراء: 59]؛ أي: مبينة، موجبة للتبصر.
* وفعل الإبصار يستعمل لازما ومتعديا، يقال: أبصرته، بمعنى: رأيته، وأبصرته، بمعنى: أريته.
فـ﴿مبصرة﴾؛ في الآية، بمعنى: مرئية، لا بمعنى: رائية، والذين ظنوها بمعنى: رائية غلطوا في الآية، وتحيروا في معناها.
فإنه يقال: بصر به، وأبصره، فيعدى بالباء تارة، والهمزة تارة، ثم يقال: أبصرته كذا، أي: أريته إياه، كما يقال: بصرته به، وبصر هو به.
* فهنا بصيرة، وتبصرة، ومبصرة.
فالبصيرة: المبينة التي تبصر، والتبصرة مصدر، مثل: التذكرة، وسمي بها ما يوجب التبصرة، فيقال: هذه الآية تبصرة، لكونها آلة التبصر، وموجبه.
فالقرآن بصيرة وتبصرة، وهدى، وشفاء، ورحمة، بمعنى عام، وبمعنى خاص، ولهذا يذكر الله سبحانه هذا وهذا، فهو هدى للعالمين، وهدى للمتقين، وشفاء للعالمين، وشفاء للمؤمنين، وموعظة للعالمين، وموعظة للمتقين، فهو في نفسه هدى ورحمة، وشفاء وموعظة.
* فمن اهتدى به، واتعظ، واشتفى كان بمنزلة من اسـتـعــمــل الدواء الذي يحصل به الشفاء، فهو دواء بالفعل، وإن لم يستعمله، فهو دواء له بالقوة، وكذلك الهدى، فالقرآن هدى بالفعل لمن اهتدى به، وبالقوة لمن لم يهتد به، فإنما يهتدى به ويرحم، ويتعظ المتقون الموقنون.
والهدى في الأصل: مصدر هدى يهدي هدى، فمن لم يعمل بعلمه لم يكن مهتديا).اهـ
قلت: لذلك يجب التعوذ من الفتن: فتنة الدنيا، وفتنة القبر، وفتنة العذاب، وفتنة الآخرة، لأن الفتن لها مضار كثيرة؛ فمنها:
1- ضررها أشد من ضرر القتل.
2- هي من أكبر أسباب كثرة إراقة الدماء.
3- خسران في الدنيا، والآخرة.
4- أنها تعمي عن الحق، وعن الصراط المستقيم.
5- الفتنة والشيطان قرينان، ومن ثم فليس لأهل الفتنة سوى النار.
6- تلقي بالشبهات في دين المؤمن.
7- فتنة العبد في أهله؛ قد تصرفه عن الدين.
8- الفتن من أهم عوامل تخلف المجتمعات الإسلامية، وتجعل مقاديرهم في غير أيديهم.
9- من أشد ما يقلب قلب المؤمن.
10- الفتنة تفقد المجتمع عزته، وكرامته في العالم.
11- الفتنة من أهم عوامل خراب المجتمعات؛ وتنهك المسلمين اقتصاديا، واجتماعيا، وصحيا.
12- الفتن تحقق غرض أعداء الدين. ([15])
وعن أبي هريرة t: أن رسول الله r قال: (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم: يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا). ([16])
وعن أبي هريرة t: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به).([17])
وعن أبي هريرة t: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقبض العلم، ويظهر الجهل والفتن، ويكثر الهرج)، قيل يا رسول الله، وما الهرج؟ فقال: (هكذا بيده فحرفها، كأنه يريد القتل).([18])
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال: كنا جلوسا عند عمر رضي الله عنه، فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة، قلت أنا كما قاله: قال: إنك عليه أو عليها لجريء، قلت: «فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكفرها الصلاة والصوم والصدقة، والأمر والنهي»، قال: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال: أيكسر أم يفتح؟ قال: يكسر، قال: إذا لا يغلق أبدا، قلنا: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما أن دون الغد الليلة، إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأل حذيفة، فأمرنا مسروقا فسأله، فقال: الباب عمر رضي الله عنه).([19])
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك ـ إن شاء الله ـ سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عــنـي به وزرا،
وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسـلـم
وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على خطر الفتن ما ظهر منها، وما بطن، وخطر أهل التحزب، أهل الفتن على الناس، وهي مهلكة في الدنيا والآخرة: لمن تساهل في الدخول فيها، وصحب لأهلها، وأنه يجب التعوذ منها ومن أهلها في كل يوم في هذه الحياة الدنيا................................. |
15 |
([1]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه «الرد على الزنادقة والجهمية»: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ.
([2]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم «متفقون على مخالفة الكتاب»؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ
([3]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ
([5]) انظر: «الصحاح» للجوهري (ج6 ص2176)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص472)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص372)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص411).
([6]) انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص411)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص472)، و«الصحاح» للجوهري (ج6 ص2176)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص372).
([8]) ولا ينجي: من هذه الفتن؛ إلا تجريد اتباع الرسول r، وتحكيمه في دق الدين، وجله، ظاهره وباطنه.
* ويتلقى الدين عن الرسول r، بالعلم النافع، والعمل الصالح.
قلت: والتعبد في الدين، بعلم غير نافع، وبعمل غير صالح، وهذا يكون بخلاف العلم النافع، وبخلاف العمل الصالح، وينجم منه: البدع والضلال في الدين.
[10]) أثر صحيح.
أخرجه وكيع في «الزهد» (315)، وأحمد في «الزهد» (ج2 ص110)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8770)، واللالكائي في «الاعتقاد» (104)، وابن وضاح في «البدع» (14)، والدارمي في «المسند» (211)، والبيهقي في «المدخل» (203)، وأبو خيثمة في «العلم» (54)، بإسناد صحيح.
[11]) قلت: والواجب على هذا أن يفقه منهج السلف، وما عندهم من قوة في العلم والإيمان، ومع ذلك خافوا أن يفتتنوا بأهل البدع، فأين منهم من أمن الافتتان بمجالسة أهل البدع من أمثال هذا الرجل، على ما به من جهل عظيم في الدين، بدعوى أنه واثق من دينه، ولا يخشى التأثر بهم، اللهم غفرا.
[12]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص176)، بإسناد صحيح.
([13]) وانظر: «تحفة الذاكرين» للشوكاني (ص348)، و«فقه الأدعية والأذكار» للبدر (ص507 و508)، و«شرح مشكاة المصابيح» للطيبي (5/147)، و«مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للقاري (5/222).
([14]) وانظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (4/472)، و«العين» للخليل (8/128)، و«المفردات في غريب القرآن» للراغب (ص372)، و«لسان العرب» لابن منظور (6/3346)، «والنهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (3/461)، و«التعريفات» للجرجاني (ص171)، و«فتح الباري» لابن حجر (13/34)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (8/236)، و«الصحاح» للجوهري (6/2176)، و«الفروق في اللغة» للعسكري (ص210 و211).
([15]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (14/267)، و«الزواجر عن اقتراف الكبائر» للهيتمي (2/7)، و«أدب الدنيا والدين» للماوردي (ص115)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (6/365)، و«جامع الأصول» لابن الأثير (10/93)، و«الفوائد» لابن القيم (ص199)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (6/118)، و(17/24)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (1/410)، و(9/65 و239)، و«فتح الباري» لابن حجر (13/34 و35)، و«السنن الواردة في الفتن» للداني (1/235).