الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / جزء في تفسير البيت المعمور
جزء في تفسير البيت المعمور
جزء
في تفسير: «البيت المعمور»
في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور:4].
بقلم
أبي يوسف إبراهيم بن علي الحمري الأثري
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد: أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد: أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
فقد سألتني كبرى بناتي وفقها الله، ذات يوم عن تفسير الآية؛ في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ فاستعنت بالله للبحث في صحة الوارد من آثار في تفسير هذه الآية، واجتمع لنا في ذلك جزء لطيف، خلاصته: أن تفسير قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ قد ثبت عن النبي r مرفوعا، واعتمده الشيخان في «صحيحيهما»: بأنه بيت في «السماء السابعة»، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون الله عز وجل فيه، ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة، وثبت كذلك من تفسير الصحابة y، وبأنه: «في السماء السابعة، حيال الكعبة من فوقها»، وله حكم المرفوع، لأنه من الغيبيات التي لا مجال للاجتهاد فيها، ولذلك سمي: بـ«الضراح»، وتابعهم على هذا التفسير تلاميذهم من أجلاء التابعين، فهذا هو تفسير النبي r، وتفسير الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان، والسلف لهذه الآية.
* وقد يسر الله عز وجل إتمامه، وعرضناه على شيخنا العلامة المحدث الفقيه فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري ليراجعه، ويفيدنا بما تفضل الله عز وجل عليه من العلم النافع، وبما حباه الله جل وعلا من تمييز الأخبار الصحيحة من الضعيفة، حتى صار في وقتنا هذا: صيرفي هذا الفن، وحامل لواء أهل الحديث، ومضيء أنوار أهل الأثر، فلله دره، وأطال الله جل وعلا في الصالحات عمره، ونفعنا الله عز وجل بعلمه، ونسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناته، وأن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء، إنه سميع مجيب.
كما نسأل المولى عز وجل: أن يتقبل منا هذا العمل بقبول حسن، وأن يدخر لنا ثوابه إلى يوم لقائه، وأن يجعله خالصا لوجه الكريم، لا رياء، ولا سمعة، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو يوسف الأثري
õõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب أعن ويسر يا كريم
ذكر الدليل على وجود البيت المعمور، في السماء السابعة، وقد ثبت ذلك في الكتاب والسنة والآثار، وأنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة
1) عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة ﭭ، قال: قال النبي r في حديث الإسراء الطويل: (فأتينا السماء السابعة، فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (3207)، و(3887)، ومسلم في «صحيحه» (164)، وابن مردويه في «التفسير المسند» (ج1 ص92) من عدة طرق عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة ﭭ به.
2) وعن أنس بن مالك t، عن النبي r قال: (البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (162)، والطبري في «جامع البيان» (ج21 ص565 و566)، وأحمد في «المسند» (12505)، و(12558)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص468)، وأبو عوانة في «المستخرج» (413)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص622)، والنسائي في «السنن الكبرى» (11642)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (37725)، وأبو يعلى في «المسند» (3447)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3705)، وابن مردويه في «التفسير المسند» (ج1 ص93) من طريقين عن حماد، وسليمان بن المغيرة؛ كلاهما: عن ثابت، عن أنس t به.
قلت: وللحديث شواهد نذكرها([1]):
الشاهد الأول: عن علي بن أبي طالب t.
فعن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: سأل ابن الكواء علي بن أبي طالب t: ما البيت المعمور؟، قال: (هو الضراح ([2])، وهو حذاء هذا البيت، وهو في السماء السابعة([3])، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا إلى يوم القيامة).
أخرجه الأزرقي في «أخبار مكة» (ج1 ص49)، والضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (557)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1133) من طريق أحمد بن محمد الأزرقي ([4])، وابن أبي عمر العدني([5])، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي([6])؛ جميعهم: عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي حسين: وهو عبد الله بن عبد الرحمن النوفلي([7])، عن أبي الطفيل([8]) به.
قلت: وهذا إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وهذا الخبر في حكم المرفوع، فإنه من الأمور الغيبية التي لا مدخل للاجتهاد فيها، وقد جاء أيضا عن الصحابة والتابعين؛ مثل: هذا التفسير للآية، مما يدل على أن المصدر في تلقيهم لهذا التفسير: منبعه واحد، وهو الوحي من جهة النبي r.
قال العلامة الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (ج1 ص860): (هذه الزيادة: «حيال الكعبة»؛ ثابتة بمجموع طرقها).
وقال الحافظ ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث» (ج3 ص81): (الضراح: بيت في السماء، حيال الكعبة، وهو البيت المعمور، من المضارحة، وهي: المقابلة والمضارعة([9])، ومن رواه بـ«الصاد»: فقد صحف). اهـ.
وقال اللغوي ابن منظور في «لسان العرب» (ج2 ص527): (الضراح: بيت في السماء حيال الكعبة؛ وهو البيت المعمور، من المضارحة، وهي: المقابلة والمضارعة، وقد جاء ذكره في حديث علي بن أبي طالب t، ومجاهد؛ قال ابن الأثير: ومن رواه بـ«الصاد» فقد صحف). اهـ.
وقال المفسر الزمخشري في «الفائق في غريب الحديث» (ج2 ص336): (ضرح: أي مطل عليها، وفيه لغتان: الضراح، والضريح، وهو من المضارحة؛ بمعنى: المضارعة والمقابلة، لكونه مقابلا للكعبة، ومن رواه بـ«الصاد» غير المعجمة فقد صحف). اهـ.
* وقد توبع: ابن أبي حسين النوفلي عليه؛ تابعه: وهب بن عبد الله، وعبيد المكتب.
* أما: طريق وهب بن عبد الله([10]):
فأخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (2970)، وفي «المصنف» (8875)، والأزرقي في «أخبار مكة» (ج1 ص50)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (ج1 ص114)، وابن الأنباري في «المصاحف» (ج17 ص832-الجامع الكبير)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج7 ص628-الدر المنثور) من طريق معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل، عن علي بن أبي طالب t: أنه سأله ابن الكواء([11]): (البيت المعمور ما هو؟، قال: ذلك الضراح فوق سبع سماوات تحت العرش، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة). وفي لفظ: (ذلك الصرح)([12]).
قلت: وهذا إسناده صحيح، وهو موافق لما ثبت، عن علي بن أبي طالب t.
وذكره الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص628).
* وأما: طريق عبيد بن مهران المكتب([13]):
فأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص563)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1127) من طريق عنبسة، وعبد الواحد بن زياد؛ كلاهما: عن عبيد بن مهران المكتب، عن أبي الطفيل قال: سأل ابن الكواء: علي بن أبي طالب t عن البيت المعمور؟، قال: (بيت بحيال البيت العتيق، في السماء، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك على رسم راياتهم، يقال له الضراح، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، ثم لا يرجعون فيه أبدا).
قلت: وإسناده صحيح، وقد وافق المحفوظ، عن علي بن أبي طالب t. ([14])
* وقد توبع أبو الطفيل عليه أيضا؛ تابعه: علي بن ربيعة، وخالد بن عرعرة
* فأما: طريق علي بن ربيعة:
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص563)، ومكرم البزاز في «جزء فوائده» (106)، والخطابي في «غريب الحديث» (ج2 ص180) من طريق زائدة بن قدامة، وأبي بكر بن عياش، وحماد بن شعيب؛ جميعهم: عن عاصم وهو ابن أبي النجود، عن علي بن ربيعة قال: سأل ابن الكواء: علي بن أبي طالب t عن البيت المعمور؟، قال: (بيت في السماء يقال له الضراح، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، لا يرجعون فيه أبدا). وفي لفظ: (مسجد في السماء).
قلت: وهذا إسناده صحيح، موافق لما ثبت، عن علي بن أبي طالب t؛ باللفظ المحفوظ.
وذكره الحافظ ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج7 ص428)، وفي «البداية والنهاية» (ج1 ص93).
* وأما: طريق خالد بن عرعرة:
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص563)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (18674)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3704)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (310)، والضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (438)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (ج15 ص279-المطالب العالية)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج7 ص628-الدر المنثور)، وابن قتيبة في «غريب الحديث» (ج2 ص150)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1126) من طريق أبي الأحوص، وسفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وإسرائيل؛ جميعهم: عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، أن رجلا قال لعلي بن أبي طالب t: ما البيت المعمور؟، قال: (بيت في السماء يقال له الضراح، وهو بحيال الكعبة من فوقها، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، ولا يعودون فيه أبدا). وفي لفظ: (الضريح: قصد البيت). وفي لفظ: (البيت المعمور: نتاق الكعبة من فوقها). ([15])
قلت: وهذا إسناده حسن، من أجل خالد بن عرعرة فإنه مستور، ذكره ابن حبان والعجلي في «الثقات»([16]) على قاعدتهما في توثيق المجاهيل، وذكره البخاري وابن أبي حاتم دون جرح أو تعديل([17])، وكذلك فيه سماك بن حرب وهو صدوق([18])، وقد تغير في آخر عمره([19])، وقد توبعا على هذا اللفظ، فهو حسن في المتابعات.
قال العلامة الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (ج1 ص859): (ورجاله ثقات غير خالد بن عرعرة وهو مستور، قال ابن أبي حاتم: «روى عن علي، وعنه: سماك، والقاسم بن عوف الشيباني»، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك: أورده ابن حبان في «الثقات»).
وذكره الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص628)، والحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج1 ص93)، وفي «تفسير القرآن» (ج7 ص428)، والحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج15 ص279)، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ج4 ص189).
* وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص563 و564)، وابن وهب في «الجامع» (152)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1125) من طريق شعبة، والحسن بن عمارة([20])؛ كلاهما: عن سماك بن حرب قال: سمعت خالد بن عرعرة، قال: سمعت عليا t، وخرج إلى الرحبة، فقال له ابن الكواء أو غيره: ما البيت المعمور؟، قال: (بيت في السماء السادسة يقال له الضراح، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبدا).
قلت: وهذا إسناده منكر، قد أخطأ فيه سماك بن حرب وهو صدوق([21])، قد تغير في آخر عمره([22])، وإن كان شعبة وسفيان الثوري ممن روى عنه قبل اختلاطه، إلا أن سماكا قد اضطرب فيه، فمرة رواه عنه جماعة من الثقات باللفظ المحفوظ، وهم: أبو الأحوص، وسفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وإسرائيل، ولم يذكروا: «السماء السادسة»، وذكرها خطأ، حيث ثبت عن علي بن أبي طالب t أنه قال: «في السماء السابعة»، كما اعتمده كذلك الشيخان في «الصحيحين» مرفوعا للنبي r، وما خالف ذلك فخطأ لا يقبل، فحديث سماك بن حرب هذا قد أخطأ فيه([23])، فهو منكر.
الشاهد الثاني: عن أبي هريرة t موقوفا.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص309): (وقد روى ابن المنذر نحوه -أي:نحو حديث علي t -، بدون ذكر: «النهر» ([24])؛ من طريق صحيحة عن أبي هريرة t، لكن موقوفا).
قلت: ولم أجد من ذكره غير الحافظ ابن حجر /، ولم أهتد له مسندا أيضا.
الشاهد الثالث: عن ابن عباس ﭭ.
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (3709)، ويحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج4 ص293)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1128) من طريق عكرمة، وأبي رجاء؛ كلاهما: عن ابن عباس ﭭ: (إن في السماء بيتا يقال له الضراح، وهو فوق البيت العتيق من حياله، حرمته في السماء كحرمة هذا في الأرض، يلجه كل ليلة سبعون ألف ملك يصلون فيه، لا يعودون إليه أبدا غير تلك الليلة). وفي لفظ: (بيت في السماء بحيال الكعبة، يقال له: الضراح).
قلت: وهذا إسناده صحيح، وقد وافق اللفظ المحفوظ عن بقية الصحابة والتابعين، وخاصة أن تلاميذ عبد الله بن عباس ﭭ قد ورد عنهم بمثل هذا التفسير لهذه الآية، فهو تفسير محفوظ عن الصحابة، مما يدل على أن المصدر في تلقيهم لهذا التفسير منبعه واحد، وهو الوحي من جهة النبي r.
وذكره الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص628).
* وقد توبع عكرمة وأبو رجاء عليه؛ تابعهما: عطية العوفي، وكريب، ولكنها متابعات واهية جدا، نذكرها للفائدة:
* أما: طريق عطية العوفي:
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص564) من طريق محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﭭ، في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ قال: (هو بيت حذاء العرش، تعمره الملائكة، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، ثم لا يعودون إليه).
قلت: وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء، فمحمد بن سعد العوفي ومن فوقه كلهم ضعفاء([25])، وعطية بن سعد العوفي، ضعيف جدا([26])، فهو إسناد واه.
وذكره الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص628).
* وأما: طريق كريب:
أخرجه الأزرقي في «أخبار مكة» (ج1 ص49)، ومن طريقه الواحدي في «التفسير الوسيط» (ج4 ص184)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12185)، وأبو إسحاق الهاشمي في «الجزء الأول من أماليه» (76)، والديلمي في «مسند الفردوس» (2049)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج8 ص192)، وابن الجوزي في «مثير العزم الساكن» (ص270)، وابن مردويه في «التفسير المسند» (ج1 ص91) من طريق سعيد بن سالم، وإسحاق بن بشر أبي حذيفة؛ كلاهما: عن ابن جريج([27])، عن صفوان بن سليم، عن كريب، عن ابن عباس ﭭ قال: قال رسول الله r: (البيت الذي في السماء، يقال له: الضراح، وهو بحذاء البيت الحرام، ولو سقط سقط عليه، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون فيه أبدا).
قلت: وهذا إسناده منكر ومضطرب، فيه سعيد بن سالم القداح: يهم في الحديث([28])، وإسحاق بن بشر أبو حذيفة: كذاب متروك([29])، فليس له أصل عن ابن جريج، ولا عن ابن عباس ﭭ مرفوعا، وقد اضطرب فيه أيضا، فمرة يروى موصولا، ومرة مرسلا، وقد استنكره أهل العلم، فلا يحتج به البتة.
* وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (8874) من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن صفوان بن سليم، عن كريب به مرسلا.
قلت: وهذا كسابقه منكر، فيه إبراهيم بن محمد الأسلمي: متروك كذاب([30])، فلا يلتفت له.
وقد ضعفه السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص627)؛ فقال: (وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف... وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» عن كريب مولى ابن عباس ﭭ: مرسلا).
وقال الحافظ العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج1 ص100): (ليس له أصل عن ابن جريج).
وضعفه العلامة الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (ج1 ص858)؛ فقال: (وهذا سند ضعيف، من أجل: عنعنة ابن جريج، وضعف سعيد بن سالم، وأما إسحاق بن بشر: فكذاب، فلا يستشهد به ولا كرامة).
الشاهد الرابع: عن عكرمة /.
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص564)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1128) من طريق الحسين بن واقد([31])، ويزيد النحوي([32])؛ كلاهما: عن عكرمة أنه سئل عن «البيت المعمور»؟، قال: (بيت في السماء بحيال الكعبة).
قلت: وهذا إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد وافق عكرمة فيه اللفظ المحفوظ عن شيخه ابن عباس ﭭ، وكذلك وافق عكرمة فيه بقية تلاميذ عبد الله بن عباس ﭭ، فهو تفسير محفوظ عن الصحابة والتابعين.
وذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (ج8 ص144).
الشاهد الخامس: عن مجاهد /.
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص565)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1123) من طريق ابن أبي نجيح، وابن جريج؛ كلاهما: عن مجاهد /، في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ قال: (بيت في السماء يقال له الضراح).
قلت: وهذا إسناده صحيح، وقوله «الضراح» من المضارحة، وهي: المقابلة والمضارعة([33])، فالضراح: لأنه يقابل البيت الحرام في السماء من فوقه. ([34])
الشاهد السادس: عن قتادة / مرسلا.
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص565)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (3000) من طريق سعيد بن أبي عروبة، ومعمر؛ كلاهما: عن قتادة، في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ ذكر لنا أن نبي الله r قال يوما لأصحابه: (هل تدرون ما البيت المعمور، قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإنه مسجد في السماء تحته الكعبة لو خر لخر عليها، أو عليه، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم). وفي لفظ: (بيت في السماء بحيال الكعبة لو سقط سقط عليه).
قلت: وهذا إسناده مرسل، والمرسل من قسم: الضعيف، فلا يحتج به.
وذكره الحافظ ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج7 ص429)، والحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص629).
الشاهد السابع: عن الحسن البصري /.
أخرجه الأزرقي في «أخبار مكة» (ج2 ص125)، ويحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج4 ص293)، وإسحاق البستي في «تفسير القرآن» (1124) من طريق معتمر بن سليمان التيمي([35])، وأبي أيوب البصري([36])؛ كلاهما: عن هشام، عن الحسن البصري / قال: (البيت بحذاء البيت المعمور). وفي لفظ: «البيت المعمور بحيال الكعبة).
قلت: وهذا إسناده صحيح، فيه هشام وهو ابن حسان ثقة، إلا أن في روايته عن الحسن البصري مقال([37])، ولكن لفظه موافق للمحفوظ عن ابن عباس ﭭ وتلاميذه، والحسن البصري ممن يروي التفاسير عن ابن عباس ﭭ ولكن بواسطة، مما يدل على أن هذا التفسير محفوظ عن الحسن البصري /.
* وقد روي عن الحسن البصري تفسير البيت المعمور بـ«الكعبة»، ولا يصح:
أخرجه الثعلبي في «الكشف والبيان» (ج25 ص13) من طريق الحسين بن محمد، قال: حدثنا هارون بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا كثير ابن يحيى بن كثير، قال: حدثنا أبي، عن عمرو، عن الحسن البصري / في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ قال: (هو الكعبة، البيت الحرام الذي هو معمور من الناس، يعمره الله تعالى كل سنة بستمائة ألف، فإن عجز الناس عن ذلك أتمه الله سبحانه بالملائكة).
قلت: وهذا إسناده باطل، فيه أبو النضر يحيى بن كثير، يروي عن الثقات البواطيل، وما ليس من حديثهم، وهو متروك([38])، وكذلك فيه عمرو بن عبيد المعتزلي وهو متروك([39])، فلا يلتفت لهذا التفسير المزعوم عن الحسن البصري /.
قال الإمام الشافعي /، عن سفيان بن عيينة قال: (إن عمرو بن عبيد سئل عن مسألة، فأجاب فيها وقال: «هذا من رأي الحسن»، فقال له رجل: إنهم يروون عن الحسن خلاف هذا!، قال: «إنما قلت: هذا من رأي الحسن»؛ يريد: نفسه!). ([40])
وأعله الحافظ تاج القراء الكرماني في «غرائب التفسير» (ج2 ص1146): (قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ وهو: بيت في السماء حيال الكعبة.
* الغريب: قول الحسن: «هو الكعبة»!). اهـ.
وذكره الحافظ ابن الجوزي في «زاد المسير» (ج4 ص176)، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (ج5 ص186).
الشاهد الثامن: عن عبد الرحمن بن زيد /.
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص565) من طريق يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ قال: (بيت الله الذي في السماء).
قلت: وهذا إسناده صحيح، إلى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو من تفسير عبد الرحمن بن زيد للآية. ([41])
الشاهد التاسع: عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﭭ.
أخرجه آدم بن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص 622)، ومن طريقه البيهقي في «شعب الإيمان» (3706)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج46 ص462) من طريق آدم بن أبي إياس، و حسن بن موسى الأشيب؛ كلاهما: عن شيبان، قال: نا قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﭭ قال: (البيت المعمور بيت في السماء بحيال الكعبة لو سقط سقط عليها، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، والحرم حرم بحياله إلى العرش، وما من السماء موضع إهاب إلا وعليه ملك ساجد أو قائم).
قلت: وهذا إسناده منكر ومضطرب، وقد عنعنه قتادة وهو مدلس([42])، ولم يصرح بالتحديث، وقد اضطرب في إسناده أيضا، فمرة يرويه موقوفا، ومرة مرفوعا، فمرة يروى: «عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو»، ومرة يروى: «عن قتادة، عن نوف بن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو»، ومرة يروى: «عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن طلحة، عن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو؛ مرفوعا»، ومرة يروى: «عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن طلحة، عن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو؛ موقوفا»، فهو مضطرب، لا يصح من ذلك شيء .
* ورواه البيهقي في «شعب الإيمان» (3726)، والفاكهي في «أخبار مكة» (1520) من طريق يحيى بن جعفر بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن نوف بن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو ﭭ قال: (إن الحرم محرم إلى السماء السابعة، والبيت المعمور بحيال الكعبة، يدخل كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم).
قلت: وهذا إسناده كسابقه منكر ومضطرب، وقد عنعنه قتادة وهو مدلس([43])، ولم يصرح بالتحديث.
* وأخرجه ابن مردويه في «التفسير المسند» (ج1 ص93) من طريق قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان، عن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو ﭭ مرفوعا به.
قلت: وهذا إسناده كسوابقه منكر ومضطرب، وقد عنعنه قتادة وهو مدلس([44])، ولم يصرح بالتحديث، وقد رفعه أيضا، فهو حديث منكر ومضطرب.
قال الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص628): (وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو؛ رفعه، قال: «إن البيت المعمور بحيال الكعبة، لو سقط شيء منه لسقط عليها، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، والحرم حرم بحياله إلى العرش، وما من السماء موضع إهاب؛ إلا وعليه ملك ساجد أو قائم»).
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص308): (حديث عبد الله بن عمرو، نحوه، بإسناد: ضعيف، وهو عند الفاكهي في كتاب «مكة»؛ بإسناد: صحيح عنه، لكن موقوفا عليه)؛ وفيه نظر، وقد تقدم ذكر الموقوف؛ وهو: منكر ومضطرب أيضا.
* وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (8506) من طريق علي بن حمشاذ العدل، ثنا معاذ بن المثنى العنبري، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا عمران القطان، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن طلحة، عن عمرو البكالي، عن عبد الله بن عمرو ﭭ قال: (إن الله عز وجل جزأ الخلق عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء الملائكة، وجزءا سائر الخلق، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء يسبحون الليل والنهار لا يفترون وجزءا لرسالته، وجزأ الخلق عشرة أجزاء فجعل تسعة أجزاء الجن، وجزءا بني آدم، وجزأ بني آدم عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء يأجوج ومأجوج، وجزءا سائر الناس والسماء ذات الحبك، قال: السماء السابعة والحرم بحياله العرش).
قلت: وهذا كسوابقه منكر ومضطرب، وقد عنعنه قتادة وهو مدلس([45])، ولم يصرح بالتحديث، ولم يرفعه هنا، فلا يصح من ذلك شيء كما تقدم بيان الاضطراب في أسانيده.
قال الحافظ الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، وفيه نظر.
قال الإمام ابن قتيبة / في «غريب القرآن» (ص 424): (قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ بيت في السماء، حيال الكعبة). اهـ.
وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج21 ص562): (قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ يقول: والبيت الذي يعمر بكثرة غاشيته، وهو بيت فيما ذكر في السماء، بحيال الكعبة من الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، ثم لا يعودون فيه أبدا، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل... فذكر الأدلة على ذلك). اهـ.
وقال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج7 ص385): (قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ بكثرة الغاشية والأهل، وهو بيت في «السماء السابعة»، حذاء العرش، بحيال الكعبة، يقال له: الضراح، حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، يطوفون به ويصلون فيه، ثم لا يعودون إليه أبدا). اهـ.
وقال الإمام ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج7 ص428): (هو كعبة أهل السماء السابعة؛ ولهذا وجد إبراهيم الخليل عليه السلام، مسندا ظهره إلى البيت المعمور؛ لأنه باني الكعبة الأرضية، والجزاء من جنس العمل، وهو بحيال الكعبة، وفي كل سماء بيت([46]) يتعبد فيه أهلها، ويصلون إليه). اهـ.
وقال الإمام ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج8 ص270): (ثبت في حديث الإسراء، المروي في «الصحيحين»، وغيرهما: عن رسول الله r؛ أنه قال: عن صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة: «فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم»). اهـ.
وقال الإمام ابن القيم / في «التبيان في أقسام القرآن» (ص 266): (وأما البيت المعمور: فالمشهور أنه «الضراح»، الذي في السماء، الذي رفع للنبي r ليلة الإسراء، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم، وهو بحيال البيت المعمور في الأرض، وقيل: هو «البيت الحرام»([47])، ولا ريب أن كلا منهما معمور، فهذا معمور بالملائكة وعبادتهم، وهذا معمور بالطائفين والقائمين، والركع والسجود). اهـ.
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب / في «أصول الإيمان» (ص 89): (وثبت في بعض أحاديث المعراج: أنه r رفع له «البيت المعمور»، الذي هو في «السماء السابعة»، وقيل: في «السادسة» ([48])، بمنزلة الكعبة في الأرض، وهو بحيال الكعبة، حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم). اهـ.
وقال العلامة الشيخ الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج7 ص451): (قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ هو البيت المعروف في السماء المسمى بـ«الضراح»، بضم «الضاد»، وقيل فيه معمور: لكثرة ما يغشاه من الملائكة المتعبدين، فقد جاء الحديث: أنه يزوره كل يوم سبعون ألف ملك، ولا يعودون إليه بعدها). اهـ.
وسئل شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج24 ص88): هل صحيح أن البيت المعمور يقع فوق الكعبة في السماء السابعة؟.
فأجاب فضيلته: (نعم، البيت المعمور في: «السماء السابعة»، وهو كما جاء في الحديث: بحيال الكعبة، و«حيال الكعبة»: هل معناه أنه فوقها؛ وهذا: ليس بغريب، والله على كل شيء قدير، أو المعنى: بحيال الكعبة أنه كما تعمر الكعبة من أهل الأرض؛ يعمر البيت المعمور من أهل السماء([49])، الذي يهمنا: أن البيت المعمور في «السماء السابعة»، وأنه: يدخله في اليوم سبعون ألف ملك). اهـ.
وقال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن الكريم، للسور: من الحجرات إلى الحديد» (ص 174): (قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ هذا هو الثالث مما أقسم الله تعالى به في هذه الآيات، وهو: «بيت في السماء السابعة»، يقال له: «الضراح»، هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، يتعبدون فيه، ثم لا يعودون إليه، فبناء على هذا: كم عدد الملائكة؟، لا يحصيهم إلا الله، من يحصي الأيام؟، ثم من يحصي سبعين ألفا كل يوم يدخلون هذا البيت المعمور، ولا يعودون إليه، وقيل: إن المراد بالبيت المعمور: بيت الله في الأرض، وهو: الكعبة([50])؛ لأنه معمور بالطائفين والعاكفين، والقائمين، والركع السجود، فهل يمكن أن تحمل الآية على المعنيين جميعا؟، القاعدة في التفسير: أن الآية إذا احتملت معنيين على السواء، وليس بينهما منافاة، وجب أن تحمل على كل منهما، لأن المتكلم بها وهو الله تعالى، عالم بما تحتمله من المعاني، وإذا لم يبين أن المراد أحد المعاني: فإنه يجب أن تحمل على كل ما تحتمله من المعاني الصحيحة، لا المعاني الباطلة، وليس هناك منافاة بين أن يكون المقسم به الكعبة، أو البيت المعمور في السماء، لأن كلا البيتين معظم، ذاك معظم في أهل السماء، وهذا معظم في أهل الأرض، ولا مانع، فالصواب: أن الآية شاملة لهذا وهذا، إلا إذا وجد قرينة([51]) ترجح، أن المراد به «البيت المعمور في السماء»). اهـ.
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج28 ص26): (يقول النبي r في شأن الملائكة، في «البيت المعمور»، الذي فوق: «السماء السابعة»، على وزان الكعبة: «يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه مرة أخرى»، كل يوم سبعون ألف ملك للتعبد، ثم لا يعودون إليه، فمن يحصيهم إلا الله جل وعلا). اهـ.
وقال العلامة الشيخ الألباني / في «السلسلة الصحيحة» (ج1 ص857): (حديث: «البيت المعمور في السماء السابعة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة»؛ من طريق حماد بن سلمة، حدثنا ثابت البناني، عن أنس t مرفوعا، قلت: وهذا إسناد صحيح، على شرط مسلم... والزيادة: «حيال الكعبة»؛ ثابتة بمجموع طرقها). اهـ.
الخلاصة: أن تفسير قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ قد ثبت عن النبي r مرفوعا، واعتمده الشيخان في «صحيحيهما»: بأنه بيت في «السماء السابعة»، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يصلون فيه، ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة، وثبت من تفسير الصحابة y بأنه: «في السماء السابعة، حيال الكعبة من فوقها»، وله حكم المرفوع، لأنه من الغيبيات التي لا مجال للاجتهاد فيها، ولذلك سمي: بـ«الضراح»، فهذا هو تفسير النبي r، وتفسير الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان، والسلف لهذه الآية، والحمد لله ابتداء وفي النهاية.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه، سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على وجود البيت المعمور، في السماء السابعة، وقد ثبت ذلك في الكتاب والسنة والآثار، وأنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة.................................... |
7 |
([2]) قوله «الضراح»: من المضارحة، وهي: المقابلة والمضارعة، لكونه يقابل البيت الحرام في السماء.
انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص81)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص527)، و«الفائق في غريب الحديث» للزمخشري (ج2 ص336).
([3]) وجاء في لفظ: «في السماء السادسة»؛ كما في «أخبار مكة» للأزرقي (ج1 ص49).
قلت: وهي لفظة شاذة، فقد رواه الثقات الحفاظ فقالوا: «في السماء السابعة»؛ وهم: أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، وأبو محمد إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي، فالأول: أبو جعفر الديبلي مسند الحرم ومحدثها، كان صدوقا مقبولا، والثاني: أبو محمد الخزاعي ثقة متقن، كما قاله الذهبي عنهما، يرويانه عن: سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وهو ثقة في ابن عيينة كما سيأتي؛ فقالوا: «في السماء السابعة»، وكذلك تابعه: ابن أبي عمر العدني عن ابن عيينة، وهو صدوق كان لازم ابن عيينة، فيقدم قولهم على من خالفهم؛ وهو: أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي، وهو مجهول الحال، وإنما تذكر ترجمته -دون جرح أو تعديل- فيمن يروي عن جده: أحمد بن محمد الأزرقي، وجده: ثقة كما سيأتي، وهما يرويانه عن: ابن عيينة؛ فقالا: «في السماء السادسة»، فلا يقبل منهما ذلك، لمخالفتهما من هو أوثق منهما، ناهيك عن مخالفته للثابت عن النبي r بأنه في «السماء السابعة»، والذي اعتمده الشيخان في صحيحيهما، فافطن لهذا ترشد.
وانظر: «السير» للذهبي (ج14 ص289)، و(ج15 ص9)، و«تاريخ الإسلام» له (ج7 ص464)
([4]) أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق، جد أبي الوليد الأزرقي صاحب «تاريخ مكة»: ثقة.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص68)، و«تقريب التهذيب» له (ص 99).
([5]) محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني: صدوق، صنف «المسند»، وكان لازم ابن عيينة، لكن قال أبو حاتم: كانت فيه غفلة.
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 907).
([6]) سعيد بن عبد الرحمن، أبو عبيد الله المخزومي: ثقة، وقال مسلمة عنه: «ثقة في ابن عيينة».
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص49)، و«تقريب التهذيب» له (ص 382).
([7]) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، المكي النوفلي: ثقة.
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 521).
([8]) عامر بن واثلة بن عبد الله الليثي، أبو الطفيل: ولد عام أحد، ورأى النبي r، وروى عن: أبي بكر فمن بعده، وهو آخر من مات من الصحابة، قاله: مسلم وغيره، وقال أحمد: «أبو الطفيل: مكي ثقة».
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 478)، و«تهذيب التهذيب» له (ج5 ص71).
([12]) ولفظ: «الصراح»، و«الصرح»: تصحيف.
وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص81)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص527).
([14]) قلت: وله متابعات أخرى ولكنها واهية، نذكرها للفائدة:
* الأولى: متابعة القاسم بن أبي بزة
أخرجها الخلعي في «الخلعيات» (750) من طريق أبي محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد المالكي قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، أنه سمع علي بن أبي طالب t يسأل: (عن البيت المعمور؟، قال: هو بيت الله، في السماء السادسة، تحت السماء السابعة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لم يدخلوه قبل ولا يدخلونه بعد ذلك).
قلت: وهذا إسناده منكر، ورجاله كلهم ثقات ما عدا: عمرو بن الحارث بن يعقوب، وهو ثقة ولكن له مناكير وغرائب؛ كما قاله: أحمد وتابعه الذهبي، وقد أخطأ بذكره: «في السماء السادسة»، فخالف المحفوظ برواية الثقات الأثبات ممن رووه عن علي بن أبي طالب t: «في السماء السابعة»، وكذلك الذي اعتمده الشيخان في «الصحيحين» مرفوعا للنبي r أنه: «في السماء السابعة».
وانظر: «الكاشف» للذهبي (ج2 ص74)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص 13).
* الثانية: متابعة سيف بن وهب
أخرجها ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج17 ص334) من طريق أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو سهل بن زياد القطان، نا أبو الحسين علي بن إبراهيم الواسطي، نا محمد بن أبي نعيم، نا ربعي بن عبد الله بن الجارود، نا سيف بن وهب مولى لبني تيم، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: قام رجل يسأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t: (أخبرني عن قول الله عز وجل: ]والبيت المعمور[ [الطور:4]؛ قال: بيت في ست سمـٰوات، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، وهو الضراح، وهو حذاء الكعبة من السماء).
قلت: وهذا إسناده واه جدا، فيه سيف بن وهب، وهو لين الحديث؛ كما في «التقريب» للحافظ ابن حجر (ص 428)، وفيه أيضا محمد بن موسى ابن أبي نعيم: وهو متهم بالكذب، فهذا الإسناد هالك.
وانظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج6 ص348)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج9 ص 424).
([15]) قال الإمام ابن قتيبة في «غريب الحديث» (ج2 ص150): (قوله: «نتاق الكعبة»؛ أي: مطل عليها من فوقها).
وقال الحافظ الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ج4 ص189): (ومنه: قول علي t؛ حيث سئل عن البيت المعمور، فقال: «هو بيت في السماء السابعة، نتاق هذا البيت»؛ أي: بحذائه).
([20]) الحسن بن عمارة البجلي: متروك، كذبوه.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص240)، و«تهذيب التهذيب» له (ج2 ص263).
([23]) قال عنه أحمد: «مضطرب الحديث»، وقال الدارقطني: «سيئ الحفظ»، وقال ابن عمار: «يقولون أنه كان يغلط ويختلفون في حديثه»، وقال ابن حبان: «يخطئ كثيرا»، وقال النسائي: «كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يلقن، فيتلقن».
انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص438)، و«المجتبى» للنسائي (ج8 ص471)، و«الجرح والتعديل»لابن أبي حاتم (ج4 ص279)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج4 ص440)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص44)، و«العلل» للدارقطني (ج13 ص184).
([24]) قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص309): (وروى ابن مردويه أيضا، وابن أبي حاتم: من حديث أبي هريرة t مرفوعا، نحو حديث علي t، وزاد: «وفي السماء نهر يقال له نهر الحيوان يدخله جبريل كل يوم فينغمس ثم يخرج فينتفض فيخر عنه سبعون ألف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا فهم الذين يصلون فيه ثم لا يعودون إليه»؛ وإسناده: ضعيف، وقد روى ابن المنذر نحوه، بدون ذكر: «النهر»، من طريق صحيحة عن أبي هريرة t لكن موقوفا). اهـ.
وقال الحافظ ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج7 ص428)؛ عن حديث أبي هريرة t المرفوع الذي فيه زيادة «النهر»: (هذا حديث غريب جدا، تفرد به: روح بن جناح، وهو القرشي الأموي مولاهم، أبو سعيد الدمشقي، وقد أنكر عليه هذا الحديث جماعة من الحفاظ؛ منهم: الجوزجاني، والعقيلي، والحاكم، وغيرهم، وقال الحاكم: «لا أصل له من حديث: أبي هريرة، ولا سعيد، ولا الزهري»). اهـ.
وحديث: أبي هريرة t هذا: أخرجه ابن مردويه في «التفسير المسند» (ج1 ص90)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج4 ص548).
وهو حديث منكر، لا يصح.
قال الحافظ ابن عدي: «روح بن جناح: ذكر عن الزهري حديثـا، معضلا: في البيت المعمور».
([25]) انظر: تراجمهم في «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص503 و532 و533)، و(ج3 ص513 و560)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج2 ص278)، و(ج5 ص174).
([26]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص224)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص301)، و«الكاشف» للذهبي (ج2 ص269)، و«ميزان الاعتدال» له (ج3 ص79)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج20 ص147)، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد (ج1 ص548 و549).
([27]) وقد توبع ابن جريج عليه، تابعه: أبو غسان، بإسناد واه جدا.
أخرجه ابن مردويه في «التفسير المسند» (ج1 ص91) من طريق إبراهيم بن عبد الله المصيصي، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا أبو غسان يعني: محمد بن مطرف، عن صفوان بن سليم، عن كريب، عن ابن عباس ﭭ قال: قال رسول الله r: «البيت المعمور الذي في السماء يقال له: الضراح... فذكره».
قلت: وإسناده واه جدا، فيه إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي متروك كذاب، فلا يلتفت له.
انظر: «لسان الميزان» لابن حجر (ج1 ص302)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص160).
([31]) الحسين بن واقد المروزي، أبو عبد الله القاضي: ثقة له أوهام، وهو يروي عن عكرمة مباشرة، ويروي عن يزيد النحوي عن عكرمة أيضا.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 251)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج6 ص492).
([32]) يزيد بن أبي سعيد النحوي، أبو الحسن القرشي، مولاهم المروزي: ثقة.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 1075).
([34]) انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص81)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص527)، و«الفائق في غريب الحديث» للزمخشري (ج2 ص336).
* وتوبع ابن أبي نجيح عليه، تابعه: حميد الأعرج، ولكنها متابعة واهية نذكرها للفائدة:
أخرجها ابن وهب في «الجامع» (153)، والأزرقي في «أخبار مكة» (ج2 ص124) من طريق جرير بن حازم، عن حميد بن قيس الأعرج، عن مجاهد قال: (هذا البيت الكعبة رافع أربعة عشر بيتا، في كل سماء بيت، وفي كل أرض بيت، ولو وقعن: وقع بعضهن على بعض).
قلت: وهذا إسناده منكر، فيه جرير بن حازم بن زيد أبو النضر البصري: له أوهام إذا حدث من حفظه، بل يأتي أحيانا بالعجائب، وهذه الرواية: تدل على ذلك، حيث ذكر: «أن في كل سماء وأرض: بيتا»، والصواب أنه فقط في: «السماء السابعة» كما جاء مرفوعا للنبي r واعتمده الشيخان في صحيحيهما، فما خالف ذلك فلا يقبل، إلا ما وافق الصحيح المحفوظ عن النبي r، من أنه بيت في «السماء السابعة»، وأنه بحيال الكعبة كما صرح به مجاهد: «بيت في السماء يقال له الضراح»، ولم يقل: «بيت في كل سماء»، وإنما هو بيت واحد، وليست بيوتا متعددة، لكل سماء منها بيت، مما يدل على نكارة هذا الأثر عن مجاهد، فتنبه.
قال أحمد: «جرير: كثير الغلط»، وقال الساجي: «صدوق: حدث بأحاديث، وهم فيها، وهي مقلوبة»، وقال يحيى بن سعيد القطان: «كان جرير: يهم في الشيء»، وقال الأزدي: «أحاديثه مقلوبة، ولم يكن بالحافظ»، وقال ابن حبان: «كان يخطئ؛ لأن أكثر ما كان يحدث من حفظه»، وقال البخاري: «صحيح الكتاب؛ إلا أنه ربما وهم في الشيء».
وانظر: «الثقات» لابن حبان (ج6 ص144)، و«العلل الكبير» للترمذي (ج1 ص131)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص572)، و«فتح الباري» له (ج5 ص210)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج3 ص180)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج1 ص264).
وذكره الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص298).
([36]) يحيى بن أبي الحجاج، أبو أيوب البصري الأهتمي المنقري.
قال عنه ابن معين: «ليس بشيء»، وقال أبو حاتم: «ليس بالقوي»، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: «ربما أخطأ»، وقال ابن عدي: «لا أرى بأحاديثه بأسا»، وقال ابن حجر: «لين الحديث».
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 1051)، و«تهذيب التهذيب» له (ج11 ص172)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج31 ص263)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج9 ص139)، و«الثقات» لابن حبان (ج9 ص255)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج7 ص167)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي (ج9 ص64).
أخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج6 ص174) من طريق إسماعيل بن داود، ويحيى بن زكريا، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول... فذكره.
وذكره الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج5 ص329).
([41]) وقد أخرجه الطبري «جامع البيان» (ج21 ص565) من طريق يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله تعالى: ]والبيت المعمور[ [الطور: 4]؛ قال رسول الله r: (إن بيت الله في السماء، ليدخله كل يوم طلعت شمسه سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون فيه أبدا بعد ذلك).
قلت: وهذا إسناده واه جدا ومنقطع، فقد أرسله عبد الرحمن بن زيد عن النبي r، فهو منقطع لا يحتج به البتة.
([46]) قلت: ولم تصح الأخبار في أن: «لكل سماء بيت»، وإنما صح أن «البيت المعمور»: هو الذي في «السماء السابعة» فقط، كما ثبت مرفوعا من قول النبي r، واعتمده الشيخان في «صحيحيهما»، وصح كذلك من تفسير الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان، وهو المعتمد.
([47]) قلت: ولم تصح الأخبار في تفسير: «البيت المعمور»، بأنه: «البيت الحرام» في الأرض، كما تقدم بيان ضعف الأثر الوارد عن الحسن البصري / في ذلك، وإنما صح أن: «البيت المعمور»: هو الذي في «السماء السابعة» فقط، كما ثبت مرفوعا للنبي r، واعتمده الشيخان في «صحيحيهما»، وصح كذلك من تفسير الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان، وهو المعتمد.
([48]) قلت: ولم تصح الأخبار في أنه في: «السماء السادسة»، ولذلك صدره بـ«قيل»؛ وهي صيغة تمريض لضعف ذلك، وإنما صح أن «البيت المعمور»: هو الذي في «السماء السابعة»، كما ثبت مرفوعا من قول النبي r، واعتمده الشيخان في «صحيحيهما»، وصح كذلك من تفسير الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان، وهو المعتمد.
([49]) قلت: ثبت كما تقدم أنه بـ«حيال الكعبة»، وفي لفظ بـ«الضراح، وهو حذاء هذا البيت»، وفي لفظ: «وهو بحيال الكعبة من فوقها»، وفي لفظ: «قصد البيت»، وفي لفظ: «البيت المعمور: نتاق الكعبة من فوقها»، وكلها تدل على أنه من فوقها، وهو المعنى الصحيح الثابت في الآثار عن الصحابة y والتابعين لهم بإحسان، كما تقدم بيان ذلك.
([50]) قلت: ولم تصح الأخبار في تفسير: «البيت المعمور»، بأنه: «الكعبة»، كما تقدم بيان ضعف الأثر الوارد عن الحسن البصري / في ذلك، وإنما صح أن: «البيت المعمور»: هو الذي في «السماء السابعة» فقط، كما ثبت مرفوعا للنبي r، واعتمده الشيخان في «صحيحيهما»، وصح كذلك من تفسير الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان للآية، وهو المعتمد.
([51]) قلت: والقرينة ثبتت في أن: «البيت المعمور»: هو الذي في «السماء السابعة»، كما ثبت مرفوعا للنبي r، بتسميته: بـ«البيت المعمور»، واعتمده الشيخان في «صحيحيهما»، وصح كذلك من تفسير الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان للآية، ولم يصح أي خبر عن النبي r بتسمية: «الكعبة» بـ«البيت المعمور»، ولا عن صحابته y، ولا عن التابعين لهم بإحسان، فيبقى الاسم خاصا بما ثبت فيه الدليل، والله الموفق.