الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / الورع في تحريم القزع
الورع في تحريم القزع
سلسلة ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار
|
24 |
24 |
الورع
في
تحريم القزع
إعداد:
أبي حسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله له، ولشيخه، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب سلم
ذكر الدليل على تحريم القزع في الشريعة المطهرة
أولا: ذكر الدليل من السنة على تحريم القزع:
1) عن ابن عمر ﭭ؛ (أن رسول الله r نهى عن القزع في الرأس).([1])
2) وعن ابن عمر ﭭ قال: (سمعت رسول الله r ينهى عن القزع).([2])
3) وعن ابن عمر ﭭ؛ أن النبي r رأى صبيا حلق بعض شعره، وترك بعضه، فنهى عن ذلك، وقال r: (احلقوه كله، أو اتركوه كله).([3])
ثانيا: ذكر الدليل من الآثار على تحريم القزع:
1) قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد الله -يعني: الإمام أحمد- يسأل عن القزع، قال: (نهى رسول الله r عن القزع).([4])
2) وعن بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله، وسأله عن القزع؛ فقال: (هو أن يحلق بعض الشعر، ويترك بعضه).([5])
قلت: والقزع هذا فيه تشبه بالكفار، والعصاة في الهيئة، ومن تشبه بقوم فهو منهم، والله المستعان.
وإليك الدليل: فعن ابن عمر ﭭ، قال: قال رسول الله r: (جعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).([6])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط» (ج1 ص237): (هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بأهل الكتاب، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم). اهـ
ثالثا: ذكر الدليل من أقوال العلماء على تحريم القزع:
قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص583): (وقد نهى النبي r عن القزع، والنهي يشمل الذكر والأنثى). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج6 ص382): (القزع؛ أن يحلق بعض الرأس، ويترك بعضه، سواء كان من جانب واحد، أو من كل الجوانب، أو من فوق، ومن يمين، ومن شمال، ومن وراء، ومن أمام، فمتى حلق بعض الرأس، وترك بعضه؛ فهذا قزع ،وقد نهى عنه النبي r). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج1 ص168): (التشبه بالكفار محرم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم»، وعلى هذا فإذا رأينا شخصا قزع رأسه فإننا نأمره بحلق رأسه كله، ثم يؤمر بعد ذلك إما بحلقه كله، أو تركه كله). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «تسهيل الإلمام» (ج6 ص211): (فقوله r: (من تشبه بقوم)؛ قوم هذا عام، هذا الحديث خرج مخرج النهي، أي: لا تشبهوا: «من تشبه بقوم»؛ يعم الكفار، والفساق، والعصاة، ففيه النهي عن التشبه بهؤلاء، نهي المسلم أن يتشبه بأحد هذه الأصناف، بل عليه أن يترفع بدينه، وخلقه، وإسلامه على أن: يتشبه بكافر، أو يتشبه بالعصاة، لأنه إذا فعل ذلك فقد تنازل عن كرامته.
* والتشبه في الظاهر يدل على المحبة في الباطن؛ لأنه لو لم يكن يحب المتشبه به، لما تشبه به، وقد جاء في الحديث الآخر النهي عن التشبه باليهود والنصارى، وجاء الحديث بالنهي عن التشبه بالمشركين، والنهي عن التشبه بالمجوس، وبأي طائفة من طوائف الكفر كلها، المسلم لا يتشبه بهذه الطوائف الخاسرة: ]ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون[ [المنافقون:8]). اهـ
وقال شيخنا فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري حفظه الله في «تخويف الفزع» (ص10): (ومما يشاهد في زماننا أن طوائف من شباب الكفرة الغربيين؛ كالخنافس، والهيبز دأبت على أنماط من التلاعب بشعر الرأس، ومنها: حلق مؤخرته، وإبقاء أعلاه، أو حلق جوانبه، وإبقاء خصلات في أعلاه ومؤخرته إلى غير ذلك مما لا تجده في بلاد المسلمين؛ إلا عند نفر من الشباب الضائعين المتأثرين بالغرب، فأصبح حلق الشعر بهذه الطريقة من التشبه بهم في هذا الزمان.
* والتشبه بعمومه من أخطر القضايا في حياة المسلمين، وخصوصا في هذه العصور المتأخرة، وذلك لاتساع دائرة علاقات المسلمين بغيرهم، واختلاط الشعوب، والبلدان ببعضها بصورة لم تعهد من قبل؛ فالحذر الحذر؛ لأنه قد يفضي إليه أمر التشبه من محبة الكفار، أو العصاة، وما يسببه من ضياع للمسلم في هذه الحياة، اللهم سلم سلم). اهـ
وقال الحافظ ابن الأثير / في «النهاية» (ج4 ص511)؛ في معنى: «القزع»: (وقوله: (وما في السماء قزعة)؛ أي: قطعة من الغيم، وجمعها: قزع؛... ومنه الحديث: (أنه نهى عن القزع)؛ هو أن يحلق رأس الصبي، ويترك منه مواضع متفرقة محلوقة، تشبيها بقزع السحاب المتفرق). اهـ
وقال الجوهري اللغوي / في «الصحاح» (ج3 ص1265): (القزع: قطع من السحاب رقيقة، الواحدة قزعة...والقزع: أيضا أن يحلق رأس الصبي، ويترك في مواضع منه الشعر متفرقا، وقد نهي عنه، وقزع رأسه تقزيعا، إذا حلق شعره، وبقيت منه بقايا في نواحي رأسه، ورجل مقزع: رقيق شعر الرأس متفرقه). اهـ
قلت: فكل شيء يكون قطعا متفرقة؛ فهو قزع، ومنه قيل لقطع السحاب في السماء: قزع، ومنه أن يحلق بعض رأس الصبي، ويترك بعضه.([7])
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك - إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك
على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد لله
رب العالمين
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج12 ص351)، وأحمد في «المسند» (ج7 ص121).
وإسناده حسن.