الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / ذم التنطع والتشدق والتبدع في التجويد عند قراءة القرآن
ذم التنطع والتشدق والتبدع في التجويد عند قراءة القرآن
ذم
التنطع والتشدق والتبدع
في التجويد عند قراءة القرآن
وهو
بيان من تلبيس إبليس على القراء في هذا الزمان، حتى أفنوا أعمارهم على ما لا فائدة فيه إلا الضرر عليهم في الدنيا والآخرة، وأن هذه القراءة ليست بالقراءة الصحيحة للقرآن، وليست بقراءة النبي r، ولا الصحابة الكرام، وأن هذا الفعل من أسباب عذاب القبر، ودخول نار جهنم، والعياذ بالله
بقلم:
أبي الحسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله له، ولشيخه، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
يدخل إبليس
على
القراء عن طريق جهلهم
قال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص159): (اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس –ومنهم: القراء- هو الجهل؛ فهو يدخل منه على الجهال بأمان، وأما العالم؛ فلا يدخل عليه إلا مسارقة، وقد لبس إبليس على كثير من المتعبدين بقلة علمهم؛ لأن جمهورهم يشتغل بالتعبد، ولم يحكم العلم). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «أخلاق حملة القرآن» (ص76)؛ عن أخلاق من قرأ القرآن لا يريد به الله عز وجل: (قليل النظر في العلم الذي هو واجب عليه فيما بينه وبين الله عز وجل، كثير النظر في العلم الذي يتزين به عند أهل الدنيا ليكرموه بذلك، قليل المعرفة بالحلال والحرام الذي ندبه الله تعالى إليه ثم رسوله r؛ ليأخذ الحلال بعلم، ويترك الحرام بعلم). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «أخلاق حملة القرآن» (ص81)؛ عن أخلاق من قرأ القرآن لا يريد به الله عز وجل: (إن أكل فبغير علم، وإن شرب فبغير علم، وإن نام فبغير علم، وإن لبس فبغير علم، وإن جامع أهله فبغير علم، وإن صحب أقواما، أو زارهم، أو سلم عليهم، أو استأذن عليهم؛ فجميع ذلك يجري بغير علم من كتاب أو سنة). اهـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
للإمام ابن الجوزي /
في
أن حافظ القرآن يعيش في الخيال بزعمه أنه يدخل الجنة بمجرد حفظه للقرآن، وهو لم يفقه أحكام القرآن في الأصول والفروع
قال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص102)؛ عن القراء الجهلة: (واعتقدوا أن حفظ القرآن([1]) يرفع عنهم العذاب ... وذلك من تلبيس إبليس عليهم([2])؛ لأن عذاب من يعلم أكثر من عذاب من لم يعلم، إذ زيادة العلم تقوي الحجة، وكون القارئ لم يحترم ما يحفظ ذنب آخر([3])). اهـ
قال تعالى: ]أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب[ [الرعد: 19].
وقال تعالى: ]ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون[ [المجادلة: 18].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
جوهرة نادرة
في
ذم القراء في المظهرية الجوفاء
وهم الذين لا يعملون بالقرآن
عن شقيق بن سلمة قال: (مثل قراء أهل هذا الزمان كغنم ضوائن([4])، ذات صوف، عجاف، أكلت من الحمض، وشربت من الماء، حتى انتفخت خواصرها، فمرت برجل فأعجبته، فقام إليها فغبط([5]) شاة منها، فإذا هي لا تنقي([6])، ثم غبط أخرى فهي كذلك، فقال: أف لك سائر اليوم). وفي رواية: (مثل قراء أهل هذا الزمن؛ كمثل غنم ... أف لكم سائر اليوم). وفي رواية: (كل لا خير فيه).
أثر صحيح
أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (198)، وفي «الرقائق» (ج2 ص86)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص104)، وأبو الشيخ الأصبهاني في «أمثال الحديث» (ص414 ح369)، والبيهقي في «الزهد الكبير» (ص198 ح216) من طريق معمر، عن سليمان الأعمش، عن شقيق بن سلمة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
فيحذر شقيق بن سلمة / من طغيان الظواهر، والمظاهر على حساب المقاصد، اللهم سلم سلم.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (ليس حفظ القرآن بحفظ الحروف، ولكن بإقامة حدوده). يعني: العمل به.
أثر حسن
أخرجه ابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص463) من طريق عبد المؤمن بن خالد الحنفي، عن أبي نهيك القارئ قال: قال عبد الله بن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقال الإمام الآجري / في «أخلاق حملة القرآن» (ص76)؛ عن أخلاق من قرأ القرآن لا يريد به الله عز وجل: (همته: حفظ الحروف، إن أخطأ في حرف ساءه ذلك؛ لئلا ينقص جاهه عند المخلوقين، فتنقص رتبته عندهم، فتراه محزونا مغموما بذلك، وما قد ضيعه فيما بينه وبين الله تعالى مما أمر به في القرآن أو نهي عنه غير مكترث به). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «أخلاق حملة القرآن» (ص80)؛ عن أخلاق من قرأ القرآن لا يريد به الله عز وجل: (يحفظ القرآن ويتلوه بلسانه، وقد ضيع الكثير من أحكامه). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
لؤلؤة نادرة
في حال قراء الزمان وإعراضهم عن الجلوس بين أيدي علماء الحديث
قال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص101)؛ عن القراء: (فربما رأيت إمام مسجد يتصدى للإقراء، ولا يعرف ما يفسد الصلاة، وربما حمله حب التصدر حتى لا يرى بعين الجهل على أن يجلس بين يدي العلماء، ويأخذ عنهم العلم). اهـ
قلت: وهذا حال قراء هذا الزمان تراهم معرضين عن حلقات علماء أهل الحديث، وأخذ العلم عنهم، اللهم سلم سلم.
يعني: أنهم اقتصروا على التلاوة، وتركوا العمل بالقرآن، والعياذ بالله.
قال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص101): (ولو تفكروا؛ لعلموا أن المراد حفظ القرآن، وتقويم ألفاظه، ثم فهمه، ثم العمل به، ثم الإقبال على ما يصلح النفس، ويطهر أخلاقها، ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع). اهـ
قلت: ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان في غير العمل بالقرآن، وهذا تلبيس عظيم من إبليس على القراء في هذا الزمان، والله المستعان.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
في أن الـمبالغة في التجويد لا تنبغي، وأن التجويد كالملح إذا أكثرت منه خرب الطعام
سئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: بالنسبة للتجويد هل القراءة بهذا الأمر واجبة؟.
فأجاب فضيلته: (المبالغة بالتجويد لا، ما ينبغي، لكن التجويد المعتدل لا بأس به، وأهم شيء تجويد القرآن من اللحن، تجويده بالإعراب بحيث لا يرفع المنصوب، وينصب المجرور هذا التجويد الواجب من ناحية النحو هذا واجب، أما تجويده من حيث الأداء فهذا باعتدال يأخذ من قواعد التجويد باعتدال ولا يبالغ، والتجويد في هذا كالملح إذا أكثرت منه خرب الطعام، لكن إذا أخذت منه باعتدال صار طيبا).([7]) اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الـمقدمة
إن الحمد للـه نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده اللـه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
فإن علم التجويد: علم يتعلق بمخارج الحروف وصفاتها، وهو من باب تحسين القراءة، وباب التحسين، غير باب الإلزام، خلافا لمن قال: فرض عين، ولا أعلم دليلا شرعيا يدل على وجوب الإلتزام بأحكام التجويد من إقلاب، وإدغام، وغيرهما، فهذه من التحسينيات.([8])
قلت: فالأصل هو السلامة من اللحن، وعدم تغير الحركات؛ كما بين أهل العلم.
قال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «العلم» (ص127): (لا أرى وجوب الإلتزام بأحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد، وإنما أرى أنها من باب تحسين القراءة، وباب التحسين غير الإلزام). اهـ
قلت: وقد خلف خلف أضاعوا الغاية من القرآن الكريم ألا وهي العمل به، وشغلوا أنفسهم بتعلم التجويد بتنطع وتشدق وتبدع([9]) ليلهم ونهارهم فيه([10]) غافلون عن العلوم الشرعية الأخرى.([11])
قال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص101)؛ عن القراء: (ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن وتقويم ألفاظه، ثم فهمه، ثم العمل به، ثم الإقبال على ما يصلح النفس، ويطهر أخلاقها، ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع، ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان فيما غيره الأهم). اهـ
قلت: فأنزل القرآن ليعمل به، فاتخذ القراء تلاوته عملا، وتركوا العمل الحقيقي!.
وعن أبي رزين / في قوله تعالى: ]يتلونه حق تلاوته[ [البقرة:121]، قال: (يتبعونه حق اتباعه، يعملون به حق عمله).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (ص76) والطبري في «جامع البيان» (ج1 ص567)، وسفيان الثوري في «تفسيره» (ص48) من طريق منصور بن المعتمر، عن أبي رزين مسعود بن مالك الأسدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
لذلك أحببت أن أكتب بحثا مختصرا محذرا من كان له قلب لهؤلاء القراء.
وفي الختام: لا أنسى الشكر والتقدير إلى أستاذي الجليل وشيخي العلامة المحدث فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري حفظه الله الذي تفضل مشكورا بمراجعة هذا البحث.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو الحسن علي بن حسن العريفي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على ذم التغني بالقرآن على النغمات والمقامات البدعية؛ بمثل: تلحين الغناء المحرم؛ لأن هذا من الإلحاد في الدين، وذم التمطيط، والتنطع، والتشدق، والتبدع في قراءة القرآن، وذم الوسوسة في مخارج الحروف، والتعسف فيها، والتكلف في إخراجها، والإسراف في إشباع الحركات لها، وما جاء في الوعيد لمن يستأكل بقراءة القرآن، والوعيد لمن لا يعمل به، وما بينه النبي r أن أكثر منافقي الأمة من القراء لجهلهم بأحكام القرآن في الأصول والفروع، وبسبب ذلك انتشرت بدع القراء في هذا الزمان، والويل يوم القيامة
اعلم رحمك الله تعالى أن المراد من قراءة القرآن الكريم وترتيله: هو تدبره، وفهم معانيه، والتفقه فيه، والعمل به.([12])
قلت: والمراد من تحسين الصوت بالقرآن هو: تطريبه، وتحزينه، والتخشع به.([13])
فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (ما أذن الله لشيء، ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن، يجهر به).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج9 ص68)، ومسلم في «صحيحه» (792)، وأبو داود في «سننه» (1473)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص484)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص54)، والحميدي في «المسند» (ج1 ص422) من طريقين عن أبي سلمة، عن أبي هريرة t به.
قلت: قوله: «يتغنى بالقرآن»؛ يعني: يحسن صوته بالقرآن؛ كما قال الشافعي وأصحابه، وأكثر العلماء من الطوائف.([14])
وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (7527)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج2 ص470 ح3865)، والسراج في «حديثه» (ج2 ص276 ح1152) من طريق ابن شهاب، ومحمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة t به.
وبوب الإمام أبو عوانة / في «المستخرج» (ج2 ص470): (باب ذكر الخبر المبيح للقارئ أن يتغنى بالقرآن إذا كان حسن الصوت، ويجهر به ويحبر ويرجع، والدليل على أن السنة في رفع الصوت بالقراءة وتحزينه إذا كان القاريء حسن الصوت وعلى أنه له فعل هذه لغيره، وبيان نفي اتباع النبي عمن لم يتغن بالقرآن). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «فضائل القرآن» (ص125): (والغرض أن المطلوب شرعا، إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن، وتفهمه، والخشوع، والخضوع، والانقياد للطاعة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج1 ص76): (فالسماع الشرعي الديني سماع كتاب الله، وتزيين الصوت به، وتحبيره). اهـ
قلت: وقد غفل عن هذا كثير من المجودين فاشتغلوا([15]) عن ذلك بالمبالغة، والتكلف، والتشدق بمخارج الحروف والصفات، والتفخيم والترقيق، وغير ذلك.
قال الإمام ابن الجزري / في «النشر في القراءات العشر» (ج1 ص213): (فليس التجويد بتمضيغ اللسان، ولا بتقعير الفم، ولا بتعويج الفك، ولا بترعيد الصوت([16])، ولا بتمطيط الشد، ولا بتقطيع المد، ولا بتطنين الغنات، ولا بحصرمة الراءات، قراءة تنفر عنها الطباع، وتمجها القلوب والأسماع([17])، بل القراءة السهلة العذبة الحلوة اللطيفة([18])، التي لا مضغ فيها ولا لوك، ولا تعسف ولا تكلف، ولا تصنع ولا تنطع، لا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء بوجه من وجوه القراءات والأداء). اهـ
وقال الإمام الطرطوشي / في «الحوادث والبدع» (ص62): (ومعنى هذا أن يمطط الحروف، ويفرط في المد، ويشبع الحركات حتى تصير حروفا؛ فإنه متى أشبع حركة الفتح؛ صارت ألفا، وإن أشبع حركة الضم صارت واوا، وإن أشبع حركة الكسر؛ صارت ياء، وأعظم من هذا أن الحرف الذي فيه واو واحدة تصير واوات كثيرة، ويكون في الحرف ألف واحد فيجعلونه ألفات كثيرة، وكذلك كل حرف من الآية يزيد فيه من الحروف بحسب ما تحتاج إليه نغمته ولحنه؛ فيزيل الحرف عن معناه، فتلحق الزيادة والنقصان على حسب النغمات والألحان، فلا تخلو من زيادة أو نقصان، وهذا أمر ليس في كلام العرب، ولا تعرفه الفصحاء). اهـ
وقال الإمام الطرطوشي / في «الحوادث والبدع» (ص68): (ومما ابتدعه الناس في القرآن؛ الاقتصار على حفظ حروفه؛ دون التفقه فيه!). اهـ
وقال الإمام الطرطوشي / في «الحوادث والبدع» (ص57): (فمن ذلك البدع المحدثة في الكتاب العزيز: من الألحان والتطريب([19])!). اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص126): (وقد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف، فتراه يقول: الحمد، الحمد، فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة، وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد، وتارة في إخراج ضاد «المغضوب»، ولقد رأيت من يقول: «المغضوب» فيخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده، وإنما المراد تحقيق الحرف فحسب، وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق([20])، ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة، وكل هذه الوساوس من إبليس).([21]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص50): (ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك؛ فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان» (ج1 ص160): (ومن ذلك الوسوسة في مخارج الحروف والتنطع فيها). اهـ
وقال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج4 ص250): (بل إن شيخ الإسلام / ذم أولئك القوم الذين يعتنون باللفظ([22])، وربما يكررون الكلمة مرتين أو ثلاثا من أجل أن ينطقوا بها على قواعد التجويد، ويغفلون عن المعنى، وتدبر القرآن). اهـ
وقال الإمام أبو عمرو الداني / في «التحديد في الإتقان والتجويد» (ص89): (اعلموا أن التحقيق الوارد عن أئمة القراءة([23]) حده؛ أن توفى الحروف حقوقها، من المد إن كانت ممدودة، ومن التمكين إن كانت ممكنة، ومن الهمز إن كانت مهموزة، ومن التشديد إن كانت مشددة، ومن الإدغام إن كانت مدغمة، ومن الفتح إن كانت مفتوحة، ومن الإمالة إن كانت ممالة، ومن الحركة إن كانت متحركة، ومن السكون إن كانت مسكنة، من غير تجاوز، ولا تعسف، ولا إفراط، ولا تكلف، على ما نبينه في ما بعد، إن شاء الله تعالى.
فأما ما يذهب إليه بعض أهل الغباوة([24]) من أهل الأداء؛ من الإفراط في التمطيط، والتعسف في التفكيك، والإسراف في إشباع الحركات، وتلخيص السواكن، إلى غير ذلك من الألفاظ المستبشعة، والمذاهب المكروهة، فخارج عن مذاهب الأئمة، وجمهور سلف الأمة، وقد وردت الآثار عنهم بكراهة ذلك، وبكيفية حقيقته). اهـ
وقال الإمام الطرطوشي / في «الحوادث والبدع» (ص68): (ومما ابتدعه([25]) الناس في القرآن؛ الاقتصار على حفظ حروفه؛ دون التفقه فيه ... وهذا هو حال المقرئين في هذا العصر؛ فإنك تجد أحدهم يروي القرآن بمائة رواية، ويثقف حروفه تثقيف القدح، وهو أجهل الجاهلين بأحكامه، فلو سألته عن حقيقة النية في الوضوء، ومحلها، وعزوبها، ورفضها، وتفريقها على أعضاء الوضوء؛ لم يخرج جوابا، وهو يتلو عمره: ]ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق[ [المائدة: 6]؛ بل لو سألته عن أول درجة، فقلت له: أمر الله تعالى على الوجوب هو؟ أم على الندب والاستحباب؟ أم على الوقف؟ أم على الإباحة؟ فطلبته بفهم هذه الدقائق ووجوهها وترتيبها؛ لم يجد جوابا!). اهـ
قلت: ومن العجب العجاب أن ترى المجود ينكر على من لم يقرأ بمثل تنطعه، وتكلفه، وتعمقه.
قلت: بل وصل الأمر بهم إلى قراءة القرآن بألحان أهل الغناء والفسق!!!.
قال الإمام السخاوي / في «جمال القراء وكمال الإقراء» (ص641): (ومما ابتدع الناس في قراءة القرآن؛ أصوات الغناء). اهـ
وقال الإمام السخاوي / في «جمال القراء وكمال الإقراء» (ص642): (وأما قراءتنا التي نأخذ بها فهي: القراءة السهلة المرتلة العذبة([26]) من الألفاظ التي لا تخرج عن طباع العرب، وكلام الفصحاء على وجه من وجوه القراءات السبعة). اهـ
قلت: فمن بدع القراء؛ «التنطع بالقراءة»، و«الوسوسة في مخارج الحروف»؛ بمعنى: التعسف، والتكلف في قراءة القرآن، والقراءة على: «لحون العجم»، والقراءة بلحون: «الفسق»، و«الفجور»، و«التمطيط»، و«تلحين الغناء»، وغير ذلك.([27])
قال الحافظ الذهبي / في «بيان زغل العلم» (ص4)؛ وهو يخاطب فيه من له شعور وإحساس: (فالقراء المجودة: فيهم تنطع، وتحرير، يؤدي إلى أن المجود القارئ تبقى همته مصروفة إلى مرعاة الحروف، والمبالغة في تجويدها؛ حتى يشغله ذلك عن تدبر معاني كتاب الله تعالى، ويصرفه عن الخشوع في التلاوة، ويخليه قوي النفس، مزدريا لمن يحفظ القرآن، فينظر إليهم بعين المقت، وبأن المسلمين يلحنون([28])، وبأن القراء لا يحفظون إلا شواذ القراءات.([29])
فليت شعري: أنت ماذا عرفت؟!، وماذا علمت؟!.
أما عملك فغير صالح، وأما قراءتك فثقيلة عرية من الخشوع، والحزن، والخوف، فالله تعالى يوفقك، ويبصرك رشدك، ويوقظك من رقدة الجهل والرياء). اهـ
قلت: فهذه القراءات البدعية لا يصح فيها شيء عن النبي r، ولا عن صحابته y.
وهذا يدل على أن هذه القراءة البدعية بالألحان في القرآن من المحاذير الكبيرة.
قال الشيخ بكر أبو زيد / في «بدع القراء» (ص9):
1) التنطع بالقراءة، والوسوسة في مخارج الحروف، بمعنى: التعسف، والإسراف خروجا عن القراءة بسهولة، واستقامة، كما قال تعالى: ]ورتل القرآن ترتيلا[ [المزمل: 4]، وقوله سبحانه: ]ورتلناه ترتيلا[ [الفرقان: 32].
2) وعن إعطاء الحروف حقها من الصفات والأحكام، إلى تجويد متكلف. وفي الحديث: (من أراد أن يقرأ القرآن رطبا). أي: لينا لا شدة في صوت قارئه.([30])
3) الخروج بالقراءة عن لحن العرب إلى لحون العجم .
قال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مشكل القرآن» (ص42): (وقد كان الناس قديما يقرؤون بلغاتهم كما أعلمتك، ثم خلف قوم بعد قوم من أهل الأمصار، وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة، ولا علم التكلف، فهفوا في كثير من الحروف، وزلوا، وقرؤوا بالشاذ، وأخلوا). اهـ
4) النهي عن القراءة بلحون أهل الفسق، والفجور.
5) قراءة الأنغام، والتمطيط، وربما داخلها ركض وركل؛ أي ضرب بالقدمين، ولهذا سميت: «قراءة الترقيص».
6) التلحين في القراءة، تلحين الغناء والشعر، وهو مسقط للعدالة، ومن أسباب رد الشهادة، قضاء، وكان أول حدوث هذه البدعة في القرن الرابع على أيدي الموالي.
7) قراءة التطريب بترديد الأصوات، وكثرة الترجيعات.
8) هذه كهذ الشعر.
9) الجمع بين قراءتين فأكثر، في آية واحدة). اهـ بتصرف.
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص101)؛ عن القراء: (ومنهم: من يجمع القراءات فيقول: ملك، مالك، ملاك، وهذا لا يجوز؛ لأنه إخراج للقرآن عن نظمه، ومنهم: من يجمع السجدات، والتهليلات، والتكبيرات، وذلك مكروه). اهـ
وقال الحافظ السخاوي / في «جمال القراء» (ص528)؛ عن القراءات البدعية: (ومما ابتدع الناس في قراءة القرآن أصوات الغناء:
(1) قراءة الترقيص: وهي أن يطلب القارئ السكت على الساكن، ثم ينفر مع الحركة؛ كأنه في عدو، وهرولة.
(2) قراءة الترعيد: وهي أن يرعد صوته –يعني: ينتفض ويهتز- كالذي يرعد من برد وألم، وقد يخلطه بشيء من ألحان الغناء.
(3) قراءة التطريب: وهي أن يترنم القارئ بالقرآن، ويتنغم به، فيمد في غير مواضع المد، ويزيد فيه على ما ينبغي لأجل التطريب، فيأتي بما لا تجيزه العربية.([31])
(4) قراءة التحزين: وهي أن يترك القارئ طباعه وعادته في التلاوة، ويأتي بالتلاوة على وجه آخر؛ كأنه حزين يكاد يبكي، وهذه القراءة مدخل للرياء.
(5) قراءة التحريف: وهي أن يجتمع أكثر من قارئ كلهم يقرؤون بصوت واحد، فيقولون في نحو؛ قوله عز وجل: (أفلا تعقلون)، (أولا يعلمون): «أفل تعقلون»، «أول يعلمون»، فيحذفون «الألف» فيهما ....
وكذلك يحذفون «الواو»، فيقولون: (قال آمنا) ، و«الياء» فيقولون: «يوم الدن» في (يوم الدين)، ويمدون ما لا يمد لتستقيم لهم الطريق التي سلكوها([32]». اهـ بتصرف.
وقال الإمام الطرطوشي / في «الحوادث والبدع» (ص59): (فهذه أسماء ابتدعوها([33]) في كتاب الله تعالى: ]ما أنزل الله بها من سلطان[ [النجم: 23]؛ فالتالي: منهم والسامع لا يقصدون فهم معانيه؛ من أمر، أو نهي، أو وعد، أو وعيد، أو وعظ، أو تخويف، أو ضرب مثل، أو اقتضاء حكم، أو غير ذلك مما أنزل به القرآن). اهـ
وقال الإمام ابن رجب / في «نزهة الأسماع في مسألة السماع» (ص84): (قراءة القرآن بالألحان بأصوات الغناء، وأوزانه، وإيقاعاته على طريقة أصحاب الموسيقى([34]) ... أنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعا، ولم يثبت فيه نزاعا؛ منهم: أبو عبيد، وغيره من الأئمة.
وفي الحقيقة هذه الألحان المبتدعة المطربة تهيج الطباع، وتلهي عن تدبر ما يحصل له من الاستماع حتى يصير الالتذاذ بمجرد سماع النغمات الموزونة، والأصوات المطربة، وذلك يمنع المقصود من تدبر معاني القرآن). اهـ
وقال الشيخ بكر أبو زيد / في «بدع القراء» (ص6): (ومن المعلوم أن نشوء البدع إنما يكون من الإفراط، والغلو في الدين، وضعف البصيرة، والفقه فيه.([35])
ومن أسباب فشوها وانتشارها: السكوت عنها، وترك التحذير منها، وهذا من فترات القصور، والتقصير لدى بعض أهل السنة). اهـ
قلت: ومن أغلظ البدع في هذا الزمان؛ قراءة القرآن بالمقامات على إيقاعات الأغاني.([36])
قال تعالى: ]إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت: 40].
وعن ابن عون / قال: (كان محمد بن سيرين يقول؛ في أصوات القرآن: محدث). وفي رواية: (سئل عن هذه الأصوات التي يقرأ بها؟ فقال: هو محدث).
أثر صحيح
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (45)، والخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص78) من طريق ابن وهب وأبي عبد الله إسماعيل، عن ابن عون به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: والمراد القراءة بالأصوات الموسيقية بما يسمى: «بالمقامات».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج1 ص246): (ومع هذا فلا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء، ولا أن يقرن به من الألحان ما يقرن بالغناء من الآلات، وغيرها). اهـ
وقال الإمام العطار الهمذاني / في «التمهيد في معرفة التجويد» (ص32): (وتزيين القراءة: هو إعطاء الحروف حقوقها على ما بينا قبل، لا ما أحدثه العمي المقبريون، والغثر الأعجميون؛ لأن ذلك يفضي إلى تغيير المقاصد والمعاني، ويقرب قراءة الوحي المنزل من ألحان الأغاني). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «أخلاق حملة القرآن» (ص144): (وأكره القراءة بالألحان والأصوات المعمولة المطربة؛ فإنها مكروهة عند كثير من العلماء). اهـ
وقال الإمام ابن الجوزي / في «القصاص والمذكرين» (ص331)؛ وهو يعدد بدع القصاص وما أحدثوه: (ومن ذلك: القراءة بالألحان الخارجة عن الحد المألوف، وقد جعلوها كالغناء الذي يوقع عليه وبه، وقد كان السلف ينكرون رفع الصوت الزائد على العادة. فكيف لو سمعوا الألحان؟). اهـ
وقال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج1 ص29): (ومن حرمته ألا يقعر في قراءته كفعل هؤلاء الهمزيين المبتدعين المتنطعين في إبراز الكلام من تلك الأفواه المنتنة تكلفا([37])، فإن ذلك محدث ألقاه إليهم الشيطان فقبلوه عنه.
ومن حرمته ألا يقرأه بألحان الغناء لحون أهل الفسق، ولا بترجيع النصارى ولا نوح الرهبانية، فإن ذلك كله زيغ). اهـ
وقال الإمام سعد التستري / في «تفسيره» (ص21): (وإني أخاف بعد ثلاثمائة إلى ما فوقها أن يندرس القرآن بالتشاغل بالألحان، والقصائد، والأغاني.
قيل له: وكيف ذلك يا أبا محمد؟.
فقال: لأنهم ما أحدثوا هذه الألحان، والقصائد، والأغاني؛ إلا للتكسب بها، حتى ملك إبليس قلوبهم، كما ملك قلوب شعراء الجاهلية، وحرموا فهم القرآن، والعمل لله تعالى به). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص290): (لا يجوز للمؤمن أن يقرأ القرآن بألحان الغناء، وطريقة المغنيين، بل يجب أن يقرأه كما قرأه سلفنا الصالح؛ من أصحاب الرسول r وأتباعهم بإحسان، فيقرأه مرتلا متحزنا متخشعا حتى يؤثر في القلوب التي تسمعه، وحتى يتأثر هو بذلك.
أما أن يقرأه على صفة المغنيين، وعلى طريقتهم؛ فهذا لا يجوز). اهـ
وقال عبد الله بن أحمد: وسألت أبي عن القراءة بالألحان. فكرهها، وقال: (لا إلا أن يكون طبع قراءة أبي موسى حدرا). وفي رواية: (محدث إلا أن يكون من طباع ذلك الرجل - يعني طبع الرجل - كما كان أبو موسى).
أثر صحيح
أخرجه ابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (ص334)، والخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص72)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص183)، وعبد الله بن أحمد في «المسائل» (ص442).
وإسناده صحيح.
وذكره الطرطوشي في «الحوادث والبدع» (ص85).
وقال حنبل قال: (كان أبو عبد الله يكره هذه القراءة المحدثة التي يقال لها الألحان).
أثر حسن
أخرجه ابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (ص334) من طريق إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله البقال قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا حنبل فذكره.
قلت: وإسناده حسن.
وعن أبي بكر المروذي، قال: سئل أبو عبد الله عن القراءة، بالألحان؟ فقال: (بدعة لا يسمع).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص74).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج5 ص1024)، وفي «سير أعلام النبلاء» (ج11 ص217) من رواية: المروذي.
وعن أبي بكر الأثرم قال: سألت أبا عبد الله عن القراءة، بالألحان؟ فقال: (كل شيء محدث فإنه لا يعجبني، إلا أن يكون صوت الرجل لا يتكلفه).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص67)، والخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص74).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج12 ص624).
وعن الفضل قال: سمعت أبا عبد الله، سئل عن القراءة، بالألحان؟ فكرهه، وقال: (يحسنه بصوته من غير تكلف).
أثر حسن
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص73) من طريق محمد بن الحسن عنه به.
وإسناده حسن.
وعن علي بن سعيد، قال: سألت أبا عبد الله عن القراءة، بالألحان؟ فقال: (ما يعجبني، هو محدث).
أثر حسن لغيره
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص73) من طريق منصور بن الوليد عنه به.
وإسناده حسن لغيره.
وعن عبد الرحمن المتطبب، يقول: قلت لأبي عبد الله في قراءة الألحان؟ فقال: (يا أبا الفضل، اتخذوه أغاني، اتخذوه أغاني، لا تسمع من هؤلاء).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص79) من طريق أبي بكر المروذي عنه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فلا تسمعوا لهؤلاء الذين اتخذوا القرآن غناء، ألا فانتبهوا.
وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص128): (فصل: كره أبو عبد الله القراءة بالألحان، وقال: هي بدعة). اهـ
وسئل مالك عن الألحان في الصلاة؟ فقال: (لا يعجبني) وأعظم القول فيه، وقال: (إنما هذا غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم).([38])
وقال الإمام أبو بكر الخلال / في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص80): (وكنت أرى أبا بكر المروذي إذا جاء من يقرأ القراءة السهلة الحزينة يأمره فيقرأ، وكان أكثر ما أراه يقول له: اقرأ: ]إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم[ [الواقعة: 50]). اهـ
قلت: فعليكم بالقراءة السهلة العذبة الحلوة اللطيفة.
وعن الفيض بن إسحاق قال: سألت الفضيل بن عياض عن القراءة بالألحان حتى كأنه حاد أو غناء. فقال: (إنما أخذوا هذا من الغناء).
أثر حسن
أخرجه ابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (ص333) من طريق محمد بن زكريا العسكري قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال: حدثنا الفيض بن إسحاق به.
وإسناده حسن.
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «القصاص والمذكرين» (ص335): (واعلم أن قراءة الألحان تكره لوجوه، منها أنهم يدغمون ما لا ينبغي أن يدغم، ويمدون في غير موضع المد، ويسقطون الهمز والتشديد ليصح اللحن. ثم إنها تطرب وتهيج الطباع، وتلهي عن التدبر للقرآن). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «فضائل القرآن» (ص198): (محذور كبير: وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة رحمهم الله على النهي عنه). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «التبيان في آداب حملة القرآن» (ص92): (وهذا القسم الأول من القراءة بالألحان المحرمة مصيبة ابتلي بها بعض الجهلة الطغام([39]) الغشمة([40]) الذين يقرؤون على الجنائز، وبعض المحافل، وهذه بدعة محرمة ظاهرة يأثم كل مستمع لها). اهـ
قلت: كحال الغشمة من القراء المصريين!!!.
وقال الحافظ القسطلاني / في«إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (ج7 ص481): (ما أحدثه المتكلفون بمعرفة الأوزان والموسيقى في كلام الله من الألحان والتطريب والتغني المستعمل في الغناء بالغزل على إيقاعات مخصوصة، وأوزان مخترعة أن ذلك من أشنع البدع وأسوأ). اهـ
قلت: لذلك بين النبي r، وصحابته الكرام حال القراء المتنطعين في الدنيا والآخرة.([41])
فعن أبي موسى t، عن النبي r قال: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة، طعمها طيب وريحها طيب، ومثل الذي لا يقرأ كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر ولا ريح لها).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5020)، و(5059)، و(5427)، و(7560)، ومسلم في «صحيحه» (797)، وأبو داود في «سننه» (4830)، والترمذي في «سننه» (2865)، والنسائي في «السنن الكبرى» (8027)، و(8028)، وفي «المجتبى» (ج8 ص124)، وابن ماجه في «سننه» (214)، وأحمد في «مسنده» (ج4 ص397 و403 و408)، والدارمي في «المسند» (3363)، والطيالسي في «المسند» (496)، وأبو يعلى في «المسند» (7237)، والروياني في «المسند» (438)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص256)، وعبد الرزاق في «المصنف» (20933)، والبزار في «المسند» (ج8 ص13 و14)، وابن أبي عاصم في «الأحاد والمثاني» (2500)، و(2501) وأبو حامد المحمودي في «الأحاديث المنتقاة» (ص503)، والفريابي في «صفة النفاق» (38) من عدة طرق عن قتادة، حدثنا أنس، عن أبي موسى t به.
وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج9 ص162): باب قراءة الفاجر والمنافق، وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم.
وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج6 ص197): باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به.
والمراد: أن القراءة لا تصل إلى قلوبهم!، ولا يتأثرون بها.
وعن أبي سعيد الخدري t، عن النبي r قال: (يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (7123) من طريق محمد بن سيرين، يحدث عن معبد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدري t به.
وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج6 ص2748): باب قراءة الفاجر والمنافق، وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم.
قلت: فأعد الله تعالى العذاب الأليم للأشقياء من حملة القرآن الكريم الذين يعصون الله تعالى بسبب جهلهم بأحكامه، ولحبهم للمال، والرئاسة، والشهرة بين الناس في البلدان الإسلامية.
فعن أبي هريرة t قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة ... ورجل تعلم العلم، وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم، وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1905)، والترمذي في «سننه» (2383)، والنسائي في «السنن الكبرى» (4330)، وفي «المجتبى» (3137)، وأحمد في «المسند» (ج14 ص29) من طريق سليمان بن يسار عن أبي هريرة t به.
وعن عامر بن واثلة، أن نافع بن عبد الحارث، لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي، فقال: ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم r قد قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (817) من طريق ابن شهاب عن عامر بن واثلة به.
وبوب الإمام المستغفري في «فضائل القرآن» (ج1 ص135): باب ما جاء في الوعيد لمن يستأكل بالقرآن!.
وقال الإمام الآجري / في «أخلاق حملة القرآن» (ص142): (ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم، فليعرف قدر ما خصه الله به، وليقرأه لله، لا للمخلوقين، وليحذر من الميل إلى أن يستمع منه ليحظى به عند السامعين؛ رغبة في الدنيا، والميل إلى الثناء، والجاه عند أبناء الدنيا، والصلاة عند الملوك دون الصلاة بعوام الناس.
فمن مالت نفسه إلى ما نهيته عنه خفت أن يكون حسن صوته فتنة عليه، وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله عز وجل في السر والعلانية، وكان مراده أن يستمع منه القرآن لينتبه أهل الغفلة عن غفلتهم، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل، وينتهوا عما نهاهم عنه.
فمن كانت هذه صفته انتفع بحسن صوته، وانتفع به الناس). اهـ
قلت: فاقرؤوا القرآن الكريم، وأخلصوا فيه لله تعالى، ولا تأكلوا به([42]) من أجل الدنيا وزينتها.
قال الإمام الآجري / في «أخلاق حملة القرآن» (ص75): (فأما من قرأ القرآن للدنيا ولأبناء الدنيا؛ فإن من أخلاقه: أن يكون حافظا لحروف القرآن، مضيعا لحدوده، متعظما في نفسه، متكبرا على غيره.
قد اتخذ القرآن بضاعة يتأكل به الأغنياء، ويستقضي به الحوائج). اهـ
وعن الفضيل بن عياض / قال: (إنما نزل القرآن ليعمل به؛ فاتخذ الناس قراءته عملا، قال: قيل كيف العمل به؛ قال: أي: ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (ص76)، والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (ص89) من عدة طرق عن عبد الصمد بن يزيد قال: سمعت الفضيل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وبوب الإمام المستغفري في «فضائل القرآن» (ج1 ص149): باب ما جاء في ذكر النبي r نشأ يتخذون القرآن مزامير، والنهي عن قراءة القرآن بهذه الألحان المبتدعة.
قلت: إنما يقرأ المسلم بلحون العرب، وطرائقها في القراءة والترتيل، مثل قراءة النبي r، والصحابة y، والسلف.([43])
وبوب الحافظ ابن الجوزي في «الحدائق» (ج1 ص508) باب: ذم من يقرأ القرآن، ولا يعمل به.
وقال خالد بن الوليد t: (إنه رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه).([44])
وعن مالك بن دينار / قال: (يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن؛ كما أن الغيث ربيع الأرض).([45])
وعن عقبة بن عامر t قال: قال رسول الله r: (أكثر منافقي أمتي قراؤها). وفي رواية: (أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها).([46])
حديث حسن
أخرجه الفريابي في «صفة النفاق» (ص55 ح32)، و(ص55 ح33)، و(ص55 ح34)، و(ص56 ح35)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (614)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص217 ح6561)، وأبو طاهر السلفي في «الأربعين» (ص85 ح37)، والروياني في «المسند» (ج1 ص171 و172)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج1 ص357)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج2 ص6)، والذهبي في «المعجم اللطيف» (ق/2/ط)، وفي «السير» (ج8 ص27)، وفي «تاريخ الإسلام» (ج5 ص911)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص103)، وعبد الله بن المبارك في «الرقائق» (503)، وابن قتيبة في «غريب الحديث» (ج1 ص453)، وتمام الرازي في «الفوائد» (ج1 ص375 ح963)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج35 ص76) وابن عدي في «الكامل» (ج5 ص243)، وأحمد في «المسند» (ج28 ص597 ح17367)، و(ج28 ص628 ح17410)، و(ج28 ص628 ح17411)، وأبو نعيم في «صفة المنافقين والنفاق» (ص165 ح154)، والشحامي في «الأحاديث السباعيات الألف» (ص117)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ج1 ص161)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص425)، وابن وضاح في «البدع» (260)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (944) من طرق عن ابن لهيعة، والوليد بن المغيرة عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر t به.
قلت: وهذا سنده حسن، لحال مشرح بن هاعان، فإنه صدوق. ([47])
وقد حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج2 ص276).
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (ج8 ص27)؛ فيما رواه من طريق قتيبة بن سعيد: (هذا حديث محفوظ، قد تابع فيه الوليد بن المغيرة: ابن لهيعة، عن مشرح).اهـ
وذكر الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج11 ص238) متابعة الوليد بن المغيرة؛ لابن لهيعة.
وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج6 ص229)؛ ثم قال: رواه أحمد، والطبراني، وأحد أسانيد أحمد ثقات أثبات.
وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج11 ص238)، والهندي في «كنز العمال» (ج10 ص186).
قال الحافظ البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص77): (وقوله: (أكثر منافقي أمتي قراؤها)؛ فهو أن يعتاد ترك الإخلاص في العمل). اهـ
وله شاهد: من حديث عبد الله بن عمرو ﭭ قال: سمعت رسول الله r يقول: (أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها).([48])
حديث حسن
أخرجه أحمد في «المسند» (ج11 ص209 ح6633)، و(ج11 ص211 ح6634)، و(ج11 ص212 ح6637)، وابن وضاح في «البدع» (161)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص258)، )، وأبو نعيم في «صفة المنافقين والنفاق» (ص166 ح155)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص702)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص75)، والفريابي في «صفة النفاق» (ص56 ح36)، و(ص56 ح37)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص217 ح6560)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص3575 ح14611)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج12 ص412)، ابن عساكر في «المعجم» (ج1 ص497 ح608)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص257)، وفي «خلق أفعال العباد» (613)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج12 ص161 ح3538) من طريق محمد بن هدية، وعبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو ﭭ به.
قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج2 ص276).
وقال العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج2 ص90): (وقد روي هذا عن عبد الله بن عمرو، عن النبي عليه السلام بإسناد صالح). اهـ
وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج6 ص229)؛ ثم قال: رواه أحمد، والطبراني، وأحد أسانيد أحمد ثقات أثبات.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، وتتخذ سنة يجرى عليها، إذا ترك([49]) منها شيء قيل: تركت السنة، وفي رواية: [غيرت السنة]. قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: ذلك إذا ذهب علماؤكم، وكثرت جهالكم، وكثرت قراؤكم، وقلت فقهاؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين).([50])
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (186)، واللالكائي في «الاعتقاد» (123)، وابن وضاح في «البدع» (285)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص514)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1937)، وفي «شعب الإيمان» (ج9 ص212 ح2552)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1135)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (19003)، والشاشي في «المسند» (ص217 ح562)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص377)، ونعيم بن حماد في «الفتن» (52)، ومعمر بن راشد في «الجامع» (ج11 ص359)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (281)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (758)، وابن حزم في «الإحكام» (ج7 ص881)، والخطابي في «العزلة» (ص11) من طرق عن عبد الله بن مسعود t به.
وإسناده صحيح.
وصححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص155).
قلت: في هذا الأثر التبيين الدقيق لواقع المتعالمة، والمقلدة، والقراء([51]) في زماننا هذا الذين بدلوا، وحرفوا في أحكام الدين في الأصول والفروع.
وعن ابن مسعود t قال: (عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه أن يذهب بأصحابه، عليكم بالعلم، فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إليه أو يفتقر إلى ما عنده، إنكم ستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدع، وإياكم والتنطع، وإياكم والتعمق، وعليكم بالعتيق).
أثر صحيح
أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص252)، وابن وضاح في «البدع» (60)، والأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص492)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص251)، واللالكائي في «الاعتقاد» (108)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (86)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8845)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (388)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (156)، وابن حبان في «روضة العقلاء» (ص37)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (168)، و(169)، و(192)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص152)، وابن عبد الهادي في «جمع الجيوش والدساكر» (ص24) من عدة طرق عن عبد الله بن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود t أن رسول الله r قال: (أن قوما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية).
حديث صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (39045)، والدارمي في «المسند» (222)، وابن وضاح في «البدع» (278) من طريق عمرو بن يحيى عن أبيه عن جده عن ابن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فهؤلاء القراء في هذا الزمان يضلون ويفتنون بقراءتهم للقرآن، حيث أنهم يتحزبون ثم يتعاونون في المساجد مع أهل التحزب في البلدان الإسلامية لنيل مآربهم ومصالحهم الدنيوية([52])، والعياذ بالله.
وعن الحسن البصري / قال: (ألا إن من شرار الناس أقواما قرءوا هذا القرآن لا يعملون بسنته).
أثر صحيح
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (283) من طريق أسد قال: أخبرنا أبو عبيدة عبد المؤمن بن عبيد الله عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فهؤلاء القوم يرجعون القرآن ترجيع الغناء، مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم من الهمج والرعاع.([53])
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الجزء النافع المبارك -إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
يدخل إبليس على القراء عن طريق جهلهم..................................... |
5 |
2) |
درة نادرة للإمام ابن الجوزي في أن حافظ القرآن يعيش في الخيال بزعمه أنه يدخل الجنة بمجرد حفظه للقرآن، وهو لم يفقه أحكام القرآن في الأصول والفروع............................................ |
7 |
3) |
جوهرة نادرة في ذم القراء في المظهرية الجوفاء وهم الذين لا يعملون بالقرآن...................................................................................... |
8 |
4) |
لؤلؤة نادرة في حال قراء الزمان وإعراضهم عن الجلوس بين أيدي علماء الحديث.............................................................................. |
11 |
5) |
فتوى العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في أن الـمبالغة في التجويد لا تنبغي، وأن التجويد كالملح إذا أكثرت منه خرب الطعام.................................................................................... |
12 |
6) |
المقدمة...................................................................................................... |
13 |
7) |
ذكر الدليل على ذم التغني بالقرآن على النغمات والمقامات البدعية؛ بمثل: تلحين الغناء المحرم؛ لأن هذا من الإلحاد في الدين، وذم التمطيط، والتنطع، والتشدق، والتبدع في قراءة القرآن، وذم الوسوسة في مخارج الحروف، والتعسف فيها، والتكلف في إخراجها، والإسراف في إشباع الحركات لها، وما جاء في الوعيد لمن يستأكل بقراءة القرآن، والوعيد لمن لا يعمل به، وما بينه النبي أن أكثر منافقي الأمة من القراء لجهلهم بأحكام القرآن في الأصول والفروع، وبسبب ذلك انتشرت بدع القراء في هذا الزمان، والويل يوم القيامة..................................................................................................... |
16 |
([4]) الضوائن: جمع ضائنة، وهي الشاة من الغنم خلاف المعز.
وانظر: «الصحاح» للجوهري (ج6 ص2153)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج13 ص251)، و«النهاية في غريب الحديث والأثر» لابن الأثير (ج3 ص69)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص182)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج35 ص322).
([5]) فغبط، يروى: (فعبط)؛ يعني: بالعين، أي: ذبح.
وانظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص373)، و«غريب الحديث» لابن الجوزي (ج2 ص145)، و«النهاية في غريب الحديث والأثر» لابن الأثير (ج3 ص341)، و«الفائق في غريب الحديث» للزمخشري (ج2 ص326).
([6]) لا تنقي: أي هي التي لا مخ لها؛ فهي مهزولة.
وانظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (ج8 ص83)، و«الفائق في غريب الحديث» للزمخشري (ج2 ص326).
([8]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج11 ص272 و480)، و«الفتاوى» للشيخ ابن عثيمين (ج26 ص206)، و«الفتاوى» للشيخ الفوزان (ج1 ص241).
([13]) قلت: فأما الأصوات بالنغمات البدعية المركبة على الأوزان والمقامات، فالقرآن ينزه عن هذا الجرم، ويجل، ويعظم أن يسلك في أدائه هذا الإلحاد في الدين.
وقد جاء النهي من الشرع، والزجر عن هذه البدعة الشنيعة.
وانظر: «فضائل القرآن» لابن كثير (ص125)، و«جمال القراء وكمال الإقراء» للسخاوي الشافعي (ج2 ص528)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج16 ص50)، و«فيض القدير» للمناوي (ج1 ص229)، و«المنتقى في شرح الموطأ» للباجي (ج7 ص322)، و«المعارف» لابن قتيبة (ص533)، و«قيام الليل» للمروزي (ص120).
([14]) وانظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج6 ص78)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج9 ص68)، و«فضائل القرآن وتلاوته» للرازي (ص64)، و«فضائل القرآن» للنسائي (ص94)، و«فضائل القرآن العظيم» لضياء الدين المقدسي (ص78).
([15]) إلى الدراسة في علم التجويد بدراسة نظامية تمتد إلى (أربع سنوات)!!!، وأغفلوا دراسة علم التوحيد، والفقه في الدين: ]وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف: 104].
([17]) والعجيب من أهل التجويد أنهم يحتجون بالإمام ابن الجزري / في أحكام التجويد، مع أنه يذم طريقتهم في قراءة القرآن، وتجويده، ويذم طريقة تدريسهم للتجويد، وهي طريقة أهل العجم، وأهل مصر، وما عندهم من التنطع، والتقعير، والتمطيط، والتكلف، وهذه القراءة بدعية لا شك، وهم آثمون على هذه القراءة، لا يؤجرون عليها.
قال تعالى: ]وما أنا من المتكلفين[ [ص: 86].
قال الراعي الأندلسي / في «انتصار الفقير السالك» (ص250): (كذلك وافق أهل مصر اليهود في الإهتزاز عند الدرس والاشتغال، وهو من أفعال يهود). اهـ
([18]) والقراءة السهلة العذبة: هي قراءة النبي r، وصحابته الكرام للقرآن، وهي القراءة الصحيحة التي أمر الله تعالى بها، وهي المقبولة في الصلاة، وفي غيرها للأجر.
([19]) وهذا الأمر من غرائب البدع عند القراء، حيث جعلوا لكل لحن اسما مخترعا، والعياذ بالله.
ثم ابتدعوا في مخارج الحروف، فقالوا: مخرج هذا الحرف من الأنف، وهذا من الحلق، وهذا من كذا.
رغم أن نطق الإنسان للحروف النطق الطبيعي؛ لأن الله تعالى خلقه، ويسر له النطق بدون إشكال.
وانظر: «الحوادث والبدع» للطرطوشي (ص59).
([20]) بل لبس إبليس على القراء في هذا الزمان بقراءة القرآن على الألحان عن طريق ما يسمى بالمقامات، وهي قراءة بدعية؛ لأنها ليست بقراءة النبي r، وصحابته y.
([22]) لذلك يحرم دراسة التجويد عند المتنطعين؛ لأن قراءتهم للقرآن ليست بصحيحة في الدين، وهي غير مقبولة في الصلاة، ولا غيرها.
([25]) ومن أعظم البدع وأقبحها: تأكل القراء بالقرآن، وتكسبهم به، واتخاذ تلاوته في المساجد والمسابقات وغيرها مهنة يتأكلون به، ويصلون بذلك إلى المناصب في البلدان.
وبئست المهنة أن يتأكل القارئ بالقرآن؛ فإن القرآن لم ينزل لهذا.
وانظر: «البحث والاستقراء في بدع القراء» للنصر (ص11).
([27]) وانظر: «التبيان في آداب القرآن» للنووي (ص91 و92)، و«فضائل القرآن» لابن كثير (ص114)، و«الموافقات» للشاطبي (ج3 ص213)، و«السنن والمبتدعات» للشقيري (ص215)، و«تلبيس إبليس» لابن الجوزي (ص237)، و«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ج1 ص160)، و«بيان زغل العلم» للذهبي (ص4 و5)، و«المدخل» لابن الحاج (ج1 ص54 و78 و214).
([28]) قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة.
فقد خرج علينا المجودون وقالوا: أن المشايخ وطلبتهم لا يعرفون يقرؤون القرآن، ويقصدون الذي على قراءتهم البدعية.
([29]) وهذا الذي عليه الجهلة المجودون في زماننا كذلك ينكرون القراءات الصحيحة الثابتة بحجة أنها شاذة!!، ويقرؤون بالقراءات الضعيفة: ]إن هذا لشيء عجيب[ [هود: 72].
([32]) فيمدون ما لا يمد، ويحركون السواكن التي لا يجوز تحريكها، ليستقيم لهم طريقهم في الغناء المذموم بالقرآن.
([33]) للذة، والطرب، والنغمات، والألحان.
وللأسف ترى جهلة العامة يتتبعون المساجد في شهر رمضان لكي يسمعوا صوت القراء، وهم يقرؤون القرآن بالألحان، وهم أبعد الناس عن التفقه بأحكام القرآن الكريم.
وانظر: «الحوادث والبدع» للطرطوشي (ص57 و60 و68).
([34]) قلت: ومن البدع؛ قراءة القرآن بالآلات، والمزامير، ووضع الأيدي على الأذنين عند القراءة، والهز عند قراءة القرآن، ورفع الصوت عند سماع التلاوة، وتقليد أصوات القراء، ومحاكاتهم بنغماتهم وألحانهم، والانشغال بذلك.
([35]) ومن المنكر أن يكون قارئ القرآن ملتبسا ببدعة، والله المستعان.
قلت: من ذلك الافتتان بتقليد أصوات القراء الذي يخرجه ذلك إلى العجب بنفسه، والاشتغال بتقليدهم، فهذا هو المذموم في الشرع.
أما التقليد أحيانا بصوت قارئ حسن الصوت، فهذا لا بأس به.
([36]) وانظر: «تلبيس إبليس» لابن الجوزي (ص113)، و«زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص482)، و«بدع القراء) لبكر أبو زيد (ص12).
([37]) فالأمر المفظع، والحمل المضلع، والشر الذي لا ينقطع: إظهار البدع.
وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (27)، و«الحجة» للأصفهاني (ج1 ص294).
([38]) وانظر: «المدونة» لمالك (ج1 ص288)، و«البيان والتحصيل» لأبي الوليد القرطبي المالكي (ج1 ص275)، و(ج17 ص203)، و(ج18 ص325)، و«المدخل» لابن الحاج المالكي (ج1 ص51)، و«التاج والإكليل لمختصر خليل» للمواق المالكي (ج2 ص363)، و(ج7 ص539).
([42]) ولا تغلوا فيه، ولا تستكبروا به.
فتعلموا القرآن من أجل الآخرة، ولا تتعلموا القرآن من أجل أن تسئلوا به الدنيا، فمن تعلم القرآن ليأكل به جاء يوم القيامة، وليس له إلا النار، والعياذ بالله.
وانظر: «الأرجوزة» للداني (ص93).
([43]) قلت: وإياكم ولحون أهل التجويد المبتدعة فإنها لحون الغناء في هذا الزمان مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم من العامة.
وإياكم ولحون العجم؛ فإنها لحون التنطع.
([44]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4351)، و(4667)، و(7432)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص741 و742)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص4).
أخرجه أحمد في «الزهد» (ج2 ص299)، وابن أبي الدنيا في «العقوبات» (ص66)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص358)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج1 ص510)، وفي «التبصرة» (ج2 ص268).
وإسناده صحيح.
([46]) قلت: والمراد بالقراء هنا؛ هم: الذين يقرؤون القرآن رياءا، وتكسبا لمصلحة دنيوية، ولا يعملون بما يقرؤون؛ مثل: «قراء الإخوانية»، و«قراء الصوفية»، و«قراء السرورية»، و«قراء التراثية»، و«قراء القطبية»، و«قراء الداعشية»، و«قراء المرجئية»، وغيرهم في المساجد في البلدان الإسلامية، والله المستعان.
([47]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج28 ص8)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص155)، و«تقريب التهذيب» له (ص153)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص492)، و«الثقات» لابن حبان (ج5 ص452)، و«الثقات» للعجلي (ج2 ص279).
([48]) قراؤها: أي أنهم يحفظون القرآن نقيا لنفي التهمة عن أنفسهم، وهم معتقدون تضييعه، وكان المنافقون في عصر النبي r بهذه الصفة!، وهذه الصفة موجودة في «قراء الإخوانية»، و«قراء الصوفية»، و«قراء السرورية»، و«قراء التراثية»، و«قراء القطبية»، و«قراء الداعشية»، و«قراء المرجئية»، وغيرهم في المساجد في البلدان الإسلامية، والله المستعان.
وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص30).
([50]) قلت: وهذا الأثر فيه تشخيص لحال القراء الذين اتخذوا هذا الأمر مهنة، فالتمسوا الدنيا بعمل الآخرة، فصارت النيات زائفة عند القراء، فهم يريدون أن يكونوا من القراء لكي يدر عليهم من المال الوفير وينالوا المناصب، والله المستعان.
([51]) إن العبرة ليست بكثرة العباد والقراء، بل العبرة بفقه هذه العبادة، وبفقه القراءة، والعمل بها.
وأدل دليل على هذا: حال الخوارج المبتدعة؛ حيث وصفهم النبي r بكثرة العبادة، والقراءة.
لكن هذه العبادة، والقراءة لم تنفعهم؛ إذا هم: يمرقون من الدين، وهذا حال واقعنا من القراء في هذا الزمان، فالعبرة إذا بموافقة السنة الصحيحة، اللهم غفرا.