الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / تحذير المتبع في عدم الجلوس مع المبتدع
تحذير المتبع في عدم الجلوس مع المبتدع
في
عدم الجلوس مع المبتدع
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
إلماعة في صلابة الأئمة في السنة، وقمع أهل البدع
قال الإمام السمعاني / في «الأنساب» (ج3 ص232)؛ عن الإمام أيوب السختياني: (وكان ممن اشتهر بالفضل، والعلم، والفقه، والنسك، والحفظ، والإتقان، والصلابة في السنة، والقمع لأهل البدع). اهـ
قلت: فالإمام أيوب / صاحب سنة... قد حكم بالحق والعدل والصدق... وعدل في القضية وقسم بالسوية... وأنصف في الدين والقضاء وحكم بالسواء... أقسط الحكومة وحسم مادة الخصومة... أحكامه حق وكلامه صدق... يستشعر الإقساط ويهجر الإشطاط... يقضي بالحق وينفي وجوه الجدل... يؤثر الإنصاف وينزع الخلاف.
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1028)؛ عن الإمام عبد الله بن عون /: (وكان من سادات أهل زمانه عبادة، وفضلا، وورعا، ونسكا، وصلابة في السنة، وغلظة على أهل البدع). اهـ.
قلت: الإمام ابن عون / كثرت لديه الفوائد، واتصلت عنده العوائد، وله نشب ووفر، وخير دثر، ونعمة عظيمة، ومنحة جسيمة، وحال جميلة، وذخيرة جليلة.
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1118)؛ عن الإمام أبي داود السجستاني / صاحب كتاب السنن: (كان حافظا عالما فقيها، ذب عن السنة، وقمع المخالفين). اهـ.
قلت: فالإمام أبو داود / أرجحهم عقلا، وأتمهم حلما، وأتقنهم علما، وأثقبهم فهما، وأفصحهم لسانا، وأحسنهم بيانا، له في كل فضيلة القسط الأوفى، وألسهم الأعلى.
والله ولي التوفيق
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
عونك يا رب يسر
المقدمة
الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، وصلواته على النبي محمد خير خلقه، وعلى الطاهرين الأخيار من آله.
أما بعد:
أطال الله بقاء منهج السلف، وأدام أيامهم لأهل الأثر يحرسون بثاقب رأيهم من نظامه، وعلم يحيي ما درس من مراسمه، وأدب ينشر ما طمس من معالمه، وجماعة يفيض العدل فيهم، ويميطون الجور عن رباعهم([1]) ومغانيهم([2])، وزادوه قدرة وقوة وعلوا وبسطة([3]) وسموا، ليجذبوا بضبع([4]) من يواليه، ويكبتوا كل من يعانده، ويناوئه، ويبروا المسلمين بكرم مساعيهم ومعاليهم.
* فتتبعوا ما جمعه أهل البدع، فوجدوا كثيرا منه يمجه السمع، وينفر عنه الطبع، فإنهم استغرقوا كل ما عقد عليه منهجهم، فجمعوا فيه الغث والسمين، والمستعمل والغريب، والفصيح والركيك، والسنة والبدعة، والحق والباطل.
* فردوا عليهم بالأدلة القطعية، ولم يكن الرد خارجا عن استعمال الفصحاء، والعلماء الأذكياء، والكتاب البلغاء، فبينوا المستشنع والضعيف، وأثبتوا العذب الصحيح حتى خلص المنهج من الغثاثة، وصفا من الشناعة، وأبرزوه دررا مسجعا مرصعا.
* فأصلحوا الفاسد، وحصدوا المعاند، ولموا الشعث، ورموا ما شذ، وضموا النشر، وجانبوا الشر، ووصلوا ما قطع، وجمعوا الشتات، وهجروا الظلم والإعنات([5])، ورموا الثلمة([6])، وكشفوا الغمة، وسدوا الفرج([7])، وسكنوا الوهج([8])، وأقاموا الأود([9])، وأزالوا العند.
* فاستقام المائل، وأمن السائل، وزالت الغوائل، وسكن النقع، وهدأ الروع، واستفاض الأمن، وذهب الحزن، وانحسم([10]) الداء، وانكشف البلاء، واعتدل الميل، وذهب الوجل، وثقف القاسط([11])، وأرضي الساخط، وهدأت الفتنة، وزالت المحنة، وسكنت الدهماء([12])، وخبت نار الهيجاء، ووضعت الحرب أوزارها، واخمدت البأساء أوارها([13])، وركدت ريح البلاء، والفتنة الظلماء؛ وذلك لأن أهل البدع أكثروا الفساد، وأظهروا العناد، فليس لهم إلا الأوتاد؛ لأن في انتصابهم عوجا، وفي دينهم عوجا([14])، وفي أرجلهم عرجا، وفي عنقهم وقصا([15])، وفي قوتهم عقصا([16]).
* فأهل البدع جاروا في حكمهم، وحافوا([17]) في قضائهم، وجنفوا([18]) في وصيتهم، وزاغوا([19]) في دينهم... فصافوا([20]) السهم عن الرمية، وضافوا وطاشوا.
* فليس بيننا وبينهم نسبة، ولا تجمعنا قربة، ولا تشتمل علينا قبيلة، ولا تؤوينا فصيلة، وليس بيننا وبينهم مجاورة، ولا جمعتنا معاشرة، ولا اتفقنا في مكان، ولا جمعنا زمان، ولا ضمتنا دار، ولا قرب منا مزار.
* فبعدت الدار، وتقاذف المزار، وشحطت النية، وغربت الطية([21]) إلى مكان سحيق، وفج عميق، ومحل شاطب([22])، وكلإ عازب([23])، وبلد نائي المنزع،
نازح([24]) المنتجع([25]).
* لأن أهل الأثر: حجتهم واضحة، وبراهينهم لائحة، وشواهدهم ساطعة، وعلاماتهم ناصعة، وأماراتهم صحيحة، ودلائلهم مشروحة، ومقالتهم صادقة، ودعاويهم موافقة، بهم ظهر الأمر واشتهر، وبدا السر وباح، ووضح الصبح ولاح؛ لأنهم لزموا واضح الطريق ومستقيمه، وأخذوا شديد المذهب وقويمه... فسلكوا طريقهم، وذهبوا مذهبهم، وركبوا مركبهم، وقفوا آثارهم، فشيدوا ما أسسوا، وثمروا ما غرسوا...
* فأشرق السراج وزهر، وصدع الفجر وأسفر، ووضحت الطرق ولحبت.([26])
وكان ذلك جهارا، وصراحا، ونهارا، وجاهرين غير مساترين، ومظهرين غير مضمرين، وحاسرين غير مقنعين، وسافرين غير مبرقعين في دين رب العالمين.
قلت: وأما أهل البدع فإنهم من المتسترين المضمرين المقنعين المبرقعين في دين رب العالمين.
* فأهل الأثر كشفوا غطاءهم، ونحوا خفاءهم، وحسروا لثامهم، وحطوا نقابهم، واخترقوا حجابهم، وسفروا قناعهم، وحدروا لفاعهم([27])... فظهر الأمر وباح، ووضح الصبح ولاح.
* فبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وانهتك الستار، وسفر الخمار.
فلما سقطوا صرحوا بما في صدورهم، وباحوا بمكتوم سرهم، ودلوا على ضمائرهم، وكشفوا عن سرائرهم، وأخبروا عن نيتهم، ونشروا عن طويتهم، وأظهروا عقيدتهم، وأبرزوا سريرتهم، وأذاعوا وأشاعوا.
* هذا جزاء من كتم سره، وأخفى أمره، وقنع وجهه، ولغم([28]) أنفه، ولثم فاه، وقنع رأسه.
فالذنب يظهر مهما أخفيته، وعميته، وأسررته، وسترته، وغطيته، وغشيته.
* إذا فعليك بالمذهب الأثري، وقل: هو لي إمام وقدوة، ومنار وأسوة، وهو العروة الوثقى، والعصمة الكبرى، والقبلة الوسطى للأمة العظمى.
* فمن فعل رشد واهتدى، وأمن واتقى، وتاب من ذنبه، وأناب من حربه، وفاء واعترف، وأقلع عما اقترف، واستوى بعد ما التوى، وأمر بالحسنى، وأسرع إلى الاستجابة، ورجع إلى التوبة والإنابة، وندم على ما جنى واجترح([29])، ونزع عما بغى واكتدح([30])، وأقصر عن الاجترام([31])، وكف عن ارتكاب الآثام، وانتهى عن الجرم، وارعوى عن تعاطي الظلم.
* فرحضت([32]) توبته مساوئ العيوب، ومحت إنابته معرة([33]) الذنوب، وعفت منيئته([34]) حبار([35]) إجرامه، ودملت([36]) تقيته آثار آثامه، وأذهبت حسناته سيئاته، وتغمدت صلواته هفواته، وكفر صلاحه جناحه، وطمس متابه كبائره، ونفى مثابه جرائره.
* وأما المبتدع، فقد أقام على ضلالته، وثبت على جهالته، وانهمك في غوايته، وتهور في عمايته، وتمسك بشقاوته، وتعته([37]) في باطله، ولج في طغيانه، وتبجح بعدوانه، ودام على إصراره، وتمادى في اغتراره وغيه.
* واستحوذ عليه شيطانه، وأرداه طغيانه، ومرن([38]) على عتوه، وأخلد إلى غلوه.
فأراه على غيه مصرا، وفي ضلالته مستمرا.
* فأشرك وتاه وتهوك([39])، وقد مرن على عدوانه وفسقه، وعصيانه وعنوده، وشقاقه وكنوده، ونفاقه وتمرده، وإلحاده وصدوده.
* فصد عن السبيل، وغفل عن فعل الجميل، وزاغ عن الطريقة المثلى، وفارق العروة الوثقى، وجاز عن سواء الصراط، وذهب في الغلو والإفراط، وترك سبيل الهدى والرشاد، وسلك طريق الردى والعناد، وتنكب مناهج الهدى، وركب سنن الضلالة والردى، وتعلق بحبائل الشيطان، وترك الحق والقرآن، وتولى الشيطان، والله المستعان.
* فالمبتدع جنى وبغى، وجر واجتر([40])، وجرم واجترم([41])، وجرح واجترح([42])، وقارف واقترف، وأذنب وهفا، وعثر وكبا، وزل وسها.
* ونعشته([43]) من السقطة، وانتشته([44]) من الورطة، وانهضته من الكبوة، وانقذته من الهفوة، وأخرجته من الفتنة، وخلصته من المحنة.
* وللأسف غض بصره على أمر من الصبر، وطوى قلبه على أحر من الجمر، وأطبق عليه أجفانه، وأسبل عليه أرادانه.
فالمبتدع ولى على أدباره، وارتكس على آثاره.([45])
* ولو تاب المبتدع من ذنبه، وأقلع عن ظلمه... فلا اقتراف مع الاعتراف، ولا إصرار مع الاستعطاف، ولا اجترار مع الإقرار، ولا جناح مع الانتصاح، ولا تثريب مع العود إلى الصلاح، ولا جناية مع الإنابة، ولا تأنيب مع الاستجابة، ولا عتاب مع التنصل([46])، ولا عقاب بعد التفضل.
* فالعفو أقرب للتقوى، والصفح أكرم للعقبى، وترك المؤاخذة أحسن من الذكرى، والمن أفضل في الآخرة والأولى.
* والتغابي مع إمكان السطوة أجمل، والتغافل مع تهيؤ القدرة أفضل، والتغاضي مع علو القدر أنبل.
* والحلم مع القدرة أكمل، والمسامحة مع نفاد الأمر أكرم، والصفح مع انبساط التمكن أعظم.
* ومع هذا كله من السني، اقتص المبتدع من السني وانتصر، وانتقم منه وأثأر، فهو شديد الانتقام، قوي السطوة والاصطلام([47])، هائل التدبير، والسني في الأخير هو القاضي على التدبير؛ لأنه هو الخبير بالمبتدع المرير؛ لأن السني عذابه زاجر، وعذابه ناجر([48])، وترهيبه وازع، وتخويفه رادع، وبطشه شديد، وسطوه مبيد.
* والسني كريم الأخلاق، ماجد الأعراف، بارع السؤدد، فاضل المحتد، كثير الصواب، حميد الجواب، فصيح اللسان، فسيح اللباب، ماضي الجنان، يأبى الدنية، ويولي السنية، ويجزل العطية، لا يخيب آمله، ولا يعدم نائله، ولا يحرم سائله، كريم الخليقة، مستقيم الطريقة، وأثوابه نقية، ونفسه أبية، وعطيته هنية.
* فجعله مثلا مضروبا، ونكالا([49]) مرهوبا، وأحدوثة سائرة، وعبرة ظاهرة، وعظة زاجرة، وحديثا للغابرين، ومثلا للسائرين... فهتك ستره، وكشف أمره، ومزق منهجه، ورماه بما هو أشد من وقع الجندل، وأمر من نقيع الحنظل.
* فالمبتدع هو خسيس لئيم، ومهين زنيم([50])، خامل([51]) نذل، وساقط رذل([52])، وفعل ذلك لشؤمه، وشدة لؤمه، وضعة([53]) قدره، وسقوط جاهه وذكره، وقلة عقله وحماقته، وفرط طيشه وسفاهته، وهو لئيم إذا حقر، سيئ الملكة إذا قدر، دنيء التمكن والاقتدار، نذل الظفر والانتصار.
* هو عدو مشاحن، وذو إحن مضاغن([54])، وقد أثرت حقده الكامن، وحركت غله الساكن.
* فأهل السنة، وأهل البدعة تشاحنوا، وتضاغنوا([55])، وتدابروا، وتشاجروا... بينهم بغضاء وإحنة([56])، وشحناء ودمنة([57])، وسخيمة([58]) ووحر([59])، وضغينة([60]) ووغر.([61])
* فالموافق لأهل السنة أحسن مدحهم، واكثر حمدهم، ووصف مجدهم، وشكر فعلهم، ونشر فضلهم، وأثنى عليهم، واهدى المدح إليهم، وجللهم حبر المديح، وأثنى عليهم بقول فصيح، وقال فيهم أحسن مقال، ونسبهم إلى أجمل فعال، كأنهم وشي منشور، وروض([62]) ممطور، ودر منثور... ودر منظوم... ودر منضود([63])، وروض معهود.
* فأهل السنة رسا طودهم([64])، وهطل([65]) جودهم، وزخر بحرهم، وفاض نهرهم، وطلع سعدهم، وارتفع حدهم، وصلح أمرهم، وعلا ذكرهم، وكبرت دولتهم، واشتدت صولتهم.([66])
* فهؤلاء هم مصابيح الدجى، ومنارات الحق في الظلمات والمحن، والفتن العظمى.
* وأما أهل البدع فقد فاض ضرهم، وفشا شرهم، واضطرمت([67]) البلاد بظلمهم، واستعر الصقع([68]) بفسادهم، وتلظى شباب الأمة بجورهم، والتهبت الآفاق بمجحف([69]) غائلتهم([70]) وشدة بائقتهم.([71])
* وقد دامت فتنتهم، وعظمت محنتهم، وفسد سعيهم، وانتشر بغيهم، وقد غشي الناس أمواج جهالتهم، وأظلتهم سحابة ضلالتهم، وغلت عليهم مراجل غوايتهم، فيومهم منهم عصيب، وأمرهم معهم عجيب، والله على كل شيء رقيب.
* فاستنفدوا ما عندهم من البضاعة، واستفرغوا الجهد والاستطاعة، وركبوا فيه الصعب والذلول، وخاضوا له الغمر([72]) والضحول([73])، وقاموا له وقعدوا، وهبطوا وصعدوا، وجاءوا فيه وذهبوا، وسعوا له واضطربوا.
قلت: فتسايل الهمج والرعاع إليهم، وانثالوا([74]) عليهم، وجاءوهم أرسالا([75])، وأقبلوا إليهم إقبالا.
* فتابعت بدعتهم بين سهمين، وواترت بين رسولين، وواكبت بين كتابين، وواصلت بين أمرين.
* فهم في عمتهم ولبسهم، وظلمتهم والتباسهم، وضلالتهم وحيرتهم وجهالتهم، وهم في ضلال مبين، وشك مريب، وأمر مريج([76])، ولبس شديد، لا تعرف موارده، ولا تبين مصادره، ولا يهتدى لمسالكه، ولا يتخلص من مهالكه، طريقه مظلم، وبابه مبهم.
* قد اعتاص([77]) بهم الأمر، وتوعر، والتوى، وتعسر، وامتنع، وتعذر، فأشكل عليهم الأمر واستعجم، وغم عليهم واستبهم؛ فجاروا وحاروا.
* رغم أن منهج أهل السنة... سهل المرام، ممكن الاغتنام، هين المطلب، سلس المجنب، قريب المتناول، سهل المناهل، حسن الانقياد، ممكن الارتياد.
* فكتبنا تواظب عليهم، وتواكب إليهم، وتتصل إليهم مواظبة، وترد عليهم مواكبة، وغادية، ورائحة، وغابقة([78])، وصابحة([79])، وباكرة، وطارقة([80])، وسائرة سابقة، وواردة ناسقة([81])... فذلك من الجهاد الأكبر، والله أكبر.
* فكتبنا يتصل ورودها، ويقترن وفودها، وتتصل ولا تنفصل.
* فهي كغرة الأحباب والشباب، وكزهرة الرياض ونضرة الغياض([82])، وكنور وزهر الحدائق، وكنضرة الرياض المحدقة([83])، وزهرة الغياض المونقة.
* فهي مديح عطر أرج([84])، أذكى من العنبر، والمسك الأذفر([85])، كمسكة معنبرة، وحلة محبرة.
* أطيب من أري([86]) منشور، وأذكى من نفح العبير، وألذ من العسل المصفى، وأحسن من نفيس الجواهر، وأحسن من زجل المزاهر.([87])
* فهذه كتب أهل السنة في ردودهم على أهل البدع، كثرت محاسنهم، وحلت فضائلهم، وعلت مناقبهم، وحسنت مكارمهم، وحمدت مآثرهم، وعظمت مفاخرهم، وعلت مبانيهم، وسمت معانيهم، وطابت ممادحهم، وزكت مساعهم.
* فتقصوا لأهل البدع الغاية، وبلغوا النهاية، ووفروا العناية، وركبوا الرعاية.
* فأهل السنة اقتصروا فيما أعطاهم الله عز وجل، وظلفوا([88]) عما لا يرضي الله تعالى، وقد جعلوا القناعة مركبا، والقصد مذهبا، والاقتصاد سبيلا، والعفاف دليلا، والورع شعارا، والنزاهة دثارا([89])، والزهد قرينا، والستر حزينا، والحق جنة، والصدق سنة، والتقوى زادا، والبر عتادا، والعلم سراجا، والحلم منهاجا، والرفق ظهيرا، والصبر وزيرا، والتواضع قائدا، والاستكانة رائدا.
* فقد أحسنوا وأجملوا، وأكرموا وفضلوا وأفضلوا، وبذلوا وأنهلوا.
فقمعوا البدع، وأظهروا السنة، وجاهدوا التأويل، ورفعوا التنزيل.
* فهذه علامات النصر، وأمارات الخير، ومخايل([90]) الإصلاح، وأوائل النجاح، ودلائل الفلاح.
* آياتهم واضحة، وتباشيرهم لائحة، وآثارهم لامعة، ومناهجهم ساطعة، وشواهدهم ناصعة، وبروقهم تلوح وتلمع، وطريقتهم تبوح وتسطع.
* فنصبوا للخير علما لا ينكتم، وبنوا له منارا لا تنهدم، ونهجوا له طريقا لا يلتبس، وفتحوا له بابا لا يندرس، وأقاموا له إماما لا يضل، وقيضوا له دليلا لا يزل، وأوضحوا له سبيلا لا يخفى، وبينوا له منهجا لا يبلى.
* وبعد ذلك لم يستطع أهل البدع بعد محاولات كثيرة أن يدرسوا آثار الدين، ويطمسوا أعلام المهتدين، ويعفوا سنة الصالحين، ويعموا مناهج المتقين، ويهدموا منار الراشدين، ويردموا شرائع العابدين، ويهدموا أركان الديانة، ويصكوا آذان الأمانة، ويمسخوا شرائع الإسلام، وينسوا مواعظ الذكرى، وينسلوا لباس التقوى، ويخبوا مصابيح القرآن، ويطفئوا سراج الإيمان، قال تعالى: ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون﴾ [التوبة: 32].
* لله در أهل الحديث والأثر والسنة: صححوا مفاهيم الناس بالحجج الواضحة، والبراهين اللائحة، والشواهد الصادقة، والدلائل الناطقة، والأعلام الخافقة، والآثار الموافقة.
* فإني أحمد الله تعالى الذي أعاذ أهل السنة من مقالات: «ربيع المدخلي» الفاسدة، والاعتقادات الواهية، ووهب لهم الاعتصام بحبله المتين وكتابه المبين، وسنن رسوله r النيرة الواضحة، وجنبهم الأقوال الفظيعة الفاضحة، فأقوالهم في: «المرجئة الخامسة» مسموعة، وأقوال «المرجئة الخامسة» فيهم؛ فبالحق مدفوعة ومدموغة.
* فنحن لآثارهم مقتفون، ولمنهجهم متبعون، وبفضلهم معترفون.
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر ولا تعسر
درة نادرة
التمهيد
إضاءة
على فتوى ربيع المدخلي في جوازه مخالطة أهل البدع
* قد بين السلف كل ما يحتاجه الناس، وماذا يجب عليهم تجاه هذا الدين، وقد أوصوا بنصائح وتوجيهات وإرشادات مفيدة عظيمة: كلها ترجع إلى تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ومن أعظم الوصايا السلفية هجر أهل البدع([91])، والحث على هذا بكل طريق موصل إليه من الأعمال والأقوال، والتعاون على ذلك قولا وفعلا، والنهي عن مخالطتهم ومجالستهم؛ لأن في ذلك تشتيت شمل المسلمين، وتفريق كلمتهم، وقد دل على هذا الأصل الكتاب والسنة، وإجماع السلف الصالح، وأتباعهم إلى يوم الدين.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص3): (فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها.
* فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور([92])، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه، وعلى صدق رسوله r: أتم دلالة وأصدقها). اهـ
قلت: إذا فأي مصلحة شرعية ترجع للمسلمين في وصية: «ربيع المدخلي» بمخالطة أهل البدع لمصلحة الدعوة زعم([93])؟!
* فهو بذلك يوصي إلى التفرق المفضي إلى فساد العباد في البلاد([94])!.
قلت: ومن أعظم الأوامر التشريعية الأمر بالسعي في تأليف قلوب المسلمين، ونهيهم عن التفرق.
قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ÇÊÊËÈ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا﴾ [آل عمران: 102-103].
* بل هذا الأمر من أعظم البر للمسلمين.
قال تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ [المائدة: 2].
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «الحث على اجتماع كلمة المسلمين» (ص10): (ومن أعظم البر السعي في جمع كلمة المسلمين، واتفاقهم بكل طريق، كما أن السعي في تفريق كلمة المسلمين من أعظم التعاون على الإثم والعدوان). اهـ
* وهذا الأصل من أعظم معروف يؤمر به، وإضاعته من أعظم منكر ينهى عنه، وإن هذا من فروض الأعيان اللازمة لكل الأمة علمائها وولاتها وعوامها؛ بل هي قاعدة لا يتم الإيمان إلا بها فتجب مراعاتها علما وعملا([95]).
* إذا تتضمن فتوى: «ربيع المدخلي» في مخالطة أهل البدع المفاسد العامة والخاصة، وهي كما يلي:
1) وقوع مضار التشاحن والتباغض والتقاطع بين المسلمين.
2) وقوع مضار الاختلاف والتفرق بين المسلمين.
3) إضاعة الوقت فيما لا فائدة فيه.
4) إضاعة الأصول والفروع من أحكام الدين.
5) معصية الله تعالى ورسوله r.
6) ما يترتب على ذلك من الاقتتال والاختصام، والموالاة والمعاداة التي تجعل المسلمين فرقا وأحزابا كل فريق وحزب يريد نصرة قوله بحق وباطل.
7) ارتكاب الضلال والهوى فيقع الناس في المفاسد العامة والخاصة ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
8) يترتب على ذلك ترك الحق لنصرة الأهواء.
9) حصول الغيبة والنميمة بين المسلمين؛ كما هو مشاهد من أهل البدع.
10) العزوف عن مجالسة أهل السنة من العلماء، وطلبة العلم، وغيرهم من المسلمين.
11) ما يجد سيئ القصد المتبع لهواه من مجال يحول به بين المسلمين للإفساد فيما بينهم.
12) التعاون على الإثم والعدوان.
13) انتشار الشرك بين المسلمين.
14) انتشار الشر بين المسلمين.
15) انتشار البدع بين المسلمين.
16) تعظيم رؤوس البدع، واحترامهم وتوقيرهم.
17) انتشار الظلم بين المسلمين.
18) ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
19) ترك النصيحة لله ورسوله وللمؤمنين.
20) العزوف عن العلم الشرعي المنهجي.
21) العزوف عن قراءة كتب أهل السنة.
22) التباس الحق بالباطل عند المسلمين.
23) عدم التمييز بين السنة والبدعة، وبين أهل السنة وأهل البدع، وبين الحق والباطل.
24) يستدرج هذا الأمر بالمقترفين من المسلمين إلى المباعدة والمهاجرة حتى لا يتعلم بعضهم من بعض، ولا ينصح بعضهم بعضا.
25) طمع أعداء المسلمين بهم لتفرق كلمتهم، وتشتت أمرهم.
26) تشكيك المسلمين في دينهم.
27) انتشار الإلحاد بين المسلمين.
28) فساد الاعتقاد في الأسماء والصفات.
29) فساد التوحيد بين المسلمين.
30) ذهاب قوة المسلمين.
31) فساد المنهج والدعوة.
32) ترك منهج السلف الصالح.
* فهذه المفاسد العامة والخاصة المترتبة على مخالطة أهل البدع.
قال الإمام ابن القيم /؛ مبينا تاريخ نشأة الفرق في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1068): (لما أظلمت الأرض وبعد عهد أهلها بنور الوحي، وتفرقوا في الباطل فرقا وأحزابا، لا يجمعهم جامع، ولا يحصيهم إلا الذي خلقهم، فإنهم فقدوا نور النبوة، ورجعوا إلى مجرد العقول...، فأطلع الله شمس الرسالة في تلك الظلم سراجا منيرا، وأنعم بها على أهل الأرض في عقولهم وقلوبهم ومعاشهم ومعادهم نعمة لا يستطيعون لها شكورا فأبصروا بنور الوحي ما لم يكونوا بعقولهم يبصرونه، ورأوا في ضوء الرسالة ما لم يكونوا بآرائهم يرونه...، فمضى الرعيل الأول في ضوء ذلك النور، لم تطفئه عواصف الأهواء، ولم تلتبس به ظلم الآراء، وأوصوا من بعدهم ألا يفارقوا النور الذي اقتبسوه منهم، وألا يخرجوا عن طريقهم، فلما كان في أواخر عصرهم حدثت: «الشيعة»، و«الخوارج»، و«القدرية»، و«المرجئة»، فبعدوا عن النور الذي كان عليه أوائل الأئمة، ومع هذا فلم يفارقوه بالكلية، بل كانوا للنصوص معظمين، وبها مستدلين، ولها على العقول والآراء مقدمين، ولم يدع أحد منهم أن عنده عقليات تعارض النصوص، وإنما أتوا من سوء الفهم فيها، والاستبداد بما ظهر لهم منها، دون من قبلهم، ورأوا أنهم إن اقتفوا أثرهم كانوا مقلدين لهم، فصاح بهم من أدركهم من الصحابة وكبار التابعين من كل قطر، ورموهم بالعظائم، وتبرؤوا منهم، وحذروا من سبيلهم أشد التحذير، ولا يرون السلام عليهم، ولا مجالستهم، وكلامهم فيهم معروف في كتب السنة، وهو أكثر من أن يذكر ها هنا). اهـ
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على
فتوى ربيع المدخلي في جوازه مخالطة أهل البدع؛ لمصلحة الدعوة زعم
* لقد وجه سؤال إلى ربيع المدخلي بخصوص مجالسة أهل البدع وهو: هل يجوز هجر من يسلم على أهل البدع من الإخوان المسلمين، والحركيين، والتكفيريين، ويجالسهم مع إقراره بأنهم مبتدعة، ويزهد الناس في علم الجرح والتعديل؟
فأجاب: ربيع المدخلي بقوله: (كيف يجالسهم؟، هل السلف يجالسون أهل البدع([96])؟، فإذا وجد سلفي قوي، يستطيع أن يبلغ دعوة الله في أهل البدع، وفي الأحزاب – بالحجة والبرهان – ويؤثر فيهم، ولا يؤثرون فيه، فهذا واجبه أن يختلط بهؤلاء ويدعوهم([97])؛ لا لأجل أكل، ولا لأجل شرب، ولا مداهنة، ولا شيء من أمور الدين، ولا إقرار على باطل، إنما يحصلهم في المساجد فيدعوهم، ويحصلهم في الأسواق فيدعوهم، ويركب معه في سيارة يدعوه، يركب معه في طائرة يدعوه، يركب في قطار يدعوه.([98])
* يدعو لأنه لا بد من الاختلاط بهؤلاء – ما له فكاك منهم – لأن أهل البدع والأهواء أغلبية ساحقة، والسلفيون كالشعرة([99]) البيضاء في الثور الأسـود – بارك الله فيكم -، فرغم أنفه يختلط بهؤلاء، لكن ما واجبه؟
واجبه: تبليغ دعوة الله بالحكمة والموعظة الحسنة.([100])
فهذا: إذا جلس في بيته بحجة هجران أهل البدع! فهذا موت الدعوة!!([101])
فمثلا: إنسان جاهل ضعيف([102]) الشخصية إذا سمع أدنى شبهة أخذته: فهذا ينبغي أن ينجو من أهل الشبه والبدع، ويبتعد عنهم، ولا يجالسهم، ولكن إذا امتحنك إنسان وسلم عليك، فقل: وعليك السلام.
* لكن أن تجالسهم وتؤاكلهم، وتضاحكهم([103])، وتجلس إليهم: فأنت في هذا مخطئ؛ لأن ما فعلته مخالف للمنهج السلفي، ومخالف للسنة.([104])
الآن: أنا – ربيع – مثلا – لا أرى مبتدعا إلا وأفر منه، وما أدري كيف؟!
* فلان وفلان وفلان من طلاب العلم لا يرى مبتدعا إلا وفر! ما إن رآه أو نظر في وجهه من أمام البيت إلا دس نفسه، إن رآه في شارع هرب إلى شارع ثان، هذا ليس طريقا سلفيا([105])، فالصحابة كانوا ينتشرون بين الكفار في أقطار الأرض، وينشرون دين الله فيهم([106]) – بارك الله فيكم -.
* والسلفيون – الذين قبلنا – قد انتشروا كذلك بين أهل البدع([107])، وأثروا فيهم، وأدخلوا الألوف في حظيرة المنهج السلفي.
* فمن كان مناظرا قويا، وقوي الشخصية([108])، أو عالما أقام الحجة ودعا هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة.
* وسترون آثار هذا.
والضعيف: لا والله لا يخالط – في الجملة -، لكن إذا امتحن بالسلام عليه فليسلم؛ ولا شيء عليه، وإلا فماذا يصنع؟
لكن لا يخالط ولا يجالس)([109]). اهـ كلام ربيع المدخلي.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
من القرآن الكريم على مخالفة ربيع المدخلي لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم زعم
* فقد حذر الله تعالى من مجالسة أهل البدع والأهواء، ومخالطتهم، والدخول عليهم.
وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68].
عن ابن عون قال: (كان محمد بن سيرين يرى أن هذه الآية نزلت في أهل الأهواء: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68]. وقرأ ابن عون حتى ختم الآية).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص216)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (353)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص289) من طريق عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا ابن عون به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
1) وتابعه ابن مهدي حدثنا معاذ بن معاذ، عن عبد الله بن عون به.
أخرجه ابن أبي زمنين في «أصول السنة» (234)، والداني في «الرسالة الوافية» (ص150).
وإسناده صحيح.
2) وتابعه أحمد بن سنان حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا عبد الله بن عون به.
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1314).
وإسناده صحيح.
3) وتابعه عبد الرحمن بن عمر الزهري حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا ابن عون به.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص496).
وإسناده صحيح.
4) وتابعه ابن أبي شيبة حدثنا معاذ بن معاذ أبنأنا ابن عون به.
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص216).
وإسناده صحيح.
5) وتابعه سعدان بن نصر البزار حدثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون به.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص431).
وإسناده صحيح.
6) وتابعه قريش بن أنس حدثنا ابن عون به.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص496).
وإسناده حسن.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص292) وعزاه لابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وأبي الشيخ.
قلت: ويدخل في هذه الآية كل محدث([110]) في الدين، وكل مبتدع.
وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (ليس للمؤمن أن يقعد مع كل من شاء؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68].
وقال تعالى: ﴿فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم
إذا مثلهم﴾([111]) [النساء: 140].
قال الإمام ابن خويز منداد المالكي / – في تفسير هذه الآية -: (من خاض في آيات الله تعالى تركت مجالسته وهجرت، مؤمنا كان أو كافرا).([112]) اهـ.
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج2 ص381): (وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتمسح بمجالسة المبتدعة، الذين يحرفون كلام الله تعالى، ويتلاعبون بكتابه، وسنة رسوله r، ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة، وبدعهم الفاسدة، فإنه إذا لم ينكر عليهم ويبين ما هم فيه، فأقل الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسير عليه غير عسير، وقد يجعلون حضوره معهم مع سكوته عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة، فيكون في حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر). اهـ.
وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج9 ص108): (﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا﴾، وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإن صحبتهم كفر، أو معصية؛ إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة). اهـ
قلت: فعليك بأهل السنة والجماعة، فإذا شذ الشاذ عنهم، اختطفه الشيطان من الإنس والجن، كما يختطف الذئب الشاة من الغنم والله المستعان.
قال الإمام علي بن منصور الفقيه /:
يا طــــالـــب الـعلم صارم كل بطال |
|
|
وكـــل غــــاو إلــــى الأهــــواء ميال |
واعـــمـــل بـــعــلمك سرا أو علانية |
|
|
ينفــعـك يـوما عـلى حــال مـن حال |
خــذ مـــا أتــاك بــه مــا جــاء مـن أثر |
|
|
شــبــها بــشــبـــه وامــثـــالا بـأمـثـال |
ولا تـمــيـلــن يـا هـــــذا إلــى بـــدع |
|
|
تـضــل أصـحـابـهـا بالـقـيـل والـقـال |
ألا فـكــن أثـريا مــا خـالـصــا فـهـمـا |
|
|
تـعــش حـمــيـدا ودع آراء ضــلال([113])
|
قلت: فاقصر عن مجالسة أهل البدع، ولا تسمع بدعهم وكلامهم، حتى يتوبوا ويتكلموا بمذهب أهل السنة والجماعة.([114])
2) وقال تعالى: ﴿فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم﴾ [النساء: 140].
قلت: وقد نبهت الآية على التحذير من مجالسة أهل الكفر، وأهل البدع، وأهل المعاصي؛ لخطرهم على المسلمين، فنهى الله تعالى المسلمين عن مجالستهم، وإلا كان من أهل هذه الآية؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.([115])
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تفسير القرآن» (ج2 ص198): (وقد بين الله لكم - فيما أنزل عليكم - حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي... ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم؛ وكذلك المبتدعون على اختلاف أنواعهم، فإن احتجاجهم على باطلهم يتضمن الاستهانة بآيات الله؛ لأنها لا تدل إلا على حق، ولا تستلزم إلا صدقا، بل وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق([116]) التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده، ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم ﴿حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها).اهـ
قلت: فنهى الله تعالى المؤمنين أن يجلسوا مع من يخالف الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
قال المراغي المفسر / في «تفسير القرآن» (ج5 ص184): (وفي الآية دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يدل على التنقص والاستهزاء بالأدلة الشرعية، والأحكام الدينية؛ كما يقع من إسراء التقليد([117]) الذين استبدلوا آراء العلماء بالكتاب والسنة، ولم يبق في أيديهم إلا: قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه كذا... وجعلوا رأي إمامهم مقدما على ما نطق به الكتاب، وأرشدت إليه السنة). اهـ
قلت: ومن قعد معهم فهو شريك معهم في الإثم، والله المستعان.
قلت: والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
* فهذه القاعدة توضح الألفاظ العامة في الحكم، وأن معاني الآيات تتناول أشياء كثيرة لدخول ما هو مثلها ونظيرها في الحكم عموما؛ لأنها ذكرت على سبيل المثال لتوضيح الألفاظ العامة، وليست معاني الألفاظ والآيات مقصورة عليها بحكم مخصوص على أناس معينين؛ لأن القرآن الكريم إنما نزل لهداية أول الأمة وآخرها.
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «القواعد الحسان» (ص7) عن هذه القاعدة: (وهذه القاعدة نافعة جدا، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع في الغلط والارتباك الخطير). اهـ
قلت: وربيع المدخلي خالف هذه القاعدة، فزعم أننا ننزل بمثل هذه الآيات في غير محلها، فلا تنصرف له ولأشكاله!.
* وهذا فهم خاطئ؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فمن الخطأ أن يفهم من هذا الكلام ما يفصل بين المسلمين والقرآن الكريم، فيحتج بالقرآن على المسلمين، كما يحتج به على الكفار إذا كانت هناك مشابهة في أصل المخالفة، فافهم هذا ترشد.([118])
* وقد احتج العلماء بآيات في إبطال التقليد، وإن كانت في الكفار؛ لأن ذلك وقع من جهة المشابهة فقط فافطن لهذا([119])، مثل قوله تعالى: ﴿وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون﴾ [البقرة:170].
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص134) بعد أن ساق بعض الآيات في إبطال التقليد: (وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أولئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليديين بغير حجة للمقلد، كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ
3) وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون﴾ [آل عمران: 118].
* فالله تبارك وتعالى نهى أهل الإسلام عن اتخاذ المنافقين، أو المشركين، أو المبتدعين بطانة وصحبة؛ لأنهم يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن، وإدخال الفساد عليهم، وبما يستطيعون من المكر والخديعة؛ لما يحملونه من البغض الشديد لهم، وما تخفي صدورهم أكبر: «أي: وما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم».
* وقد بين الله تبارك وتعالى الآيات للعقول السليمة، وأظهر لهم الدلالات الواضحة التي يميز بها بين الولي والعدو، ومن يصح أن يتخذ بطانة وصحبة، ومن لا يصح أن يتخذ بطانة وصحبة لخيانته وفساده، وسوء عاقبة مباطنته.
* وهذا فيه التحذير من مخالطة أهل الشر واتخاذهم بطانة من دون أهل السنة والجماعة.([120])
عن الإمام أبي الجوزاء / قال: (لأن يجاورني في داري هذه قردة وخنازير([121])! أحب إلي من أن يجاورني رجل من أهل الأهواء، ولقد دخلوا في هذه: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم﴾([122]) [آل عمران: 118].
قلت: فالمميع يصير إلى هؤلاء مرة، وإلى هؤلاء مرة لا يدري أيهم يتبع، والله المستعان.
عن مبشر بن إسماعيل الحبلي قال: قيل للأوزاعي: إن رجلا يقول: أنا أجالس أهل السنة، وأجالس أهل البدع، فقال الأوزاعي: (هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل!).([123])
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص456): (صدق الأوزاعي، أقول: إن هذا رجل لا يعرف الحق من الباطل، ولا الكفر من الإيمان، وفي مثل هذا نزل القرآن، ووردت السنة عن المصطفى r). اهـ
قلت: فنكص المميعون، وصاروا حائرين في الدين بين أهل السنة، وبين أهل البدعة، اللهم غفرا.
قال تعالى: ﴿مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء﴾ [النساء: 143].
قلت: فهؤلاء بطانة سوء، والله المستعان.
عن يحيى بن سعيد القطان قال: (لما قدم سفيان الثوري البصرة: جعل ينظر إلى أمر الربيع بن صبيح وقدره عند الناس، سأل: أي شيء مذهبه؟ قالوا: ما مذهبه إلا السنة!، قال: من بطانته؟! قالوا: أهل القدر، قال: هو قدري!).([124])
قلت: فلا تجالس صاحب إرجاء مميع، وإن ذب عن السنة، فإنه لا يؤول أمره إلى خير.
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص453): (رحمة الله على سفيان الثوري، لقد نطق بالحكمة، فصدق، وقال بعلم فوافق الكتاب والسنة، وما توجبه الحكمة، ويدركه العيان، ويعرفه أهل البصيرة والبيان، قال الله عز وجل: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم﴾ [آل عمران: 118].
قلت: فإذا تلاحمت الأبدان تواصلت القلوب والصحبة، والله المستعان.
* وبهذا جاءت السنة.
فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «الأرواح جنود مجندة،
فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف».([125])
وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا من النفاق).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (234)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص53)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (429) من طريق أحمد بن حمدان، قال: حدثنا أحمد بن الحسين، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص304): (صدق الفضيل رحمة الله عليه، فإنا نرى ذلك عيانا). اهـ
قلت: فإذا تلاقت الأجساد واختلطت وتصاحبت في الدنيا، ائتلفت، واختلفت بحسب ما خلقت عليه، فيميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار، فيميل أهل السنة إلى أهل السنة، وأهل البدع إلى أهل البدع، وهذا وجه من الحديث.([126])
عن الإمام مصعب بن سعد / قال: (لا تجالس مفتونا؛ فإنه لن يخطئك منه إحدى اثنتين، إما أن يفتنك فتتابعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه).([127])
قلت: فلا تجالس أهل البدع فيتمكنوا من سمعك، فيصبوا فيه ما لا تقدر أن تخرجه من قلبك، اللهم سلم سلم.
قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص345): (كل امرئ يصبو إلى ما يناسبه، ويميل إلى ما يشاكله، والجنسية علة الضم قدرا وشرعا، والمشاكلة سبب الميل عقلا وطبعا، فمن أين هذا الإخاء والنسب؟ لولا التعلق من الشيطان بأقوى سبب، ومن أين هذه المصلحة التي أوقعت في عقد الإيمان وعهد الرحمن خللا ﴿أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا﴾ [الكهف:50].
قلت: وهذا من مكايد عدو الله ومصايده، التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين، والمتعالمين والضالين، والعياذ بالله.
4) وقال تعالى: ﴿واهجرهم هجرا جميلا﴾ [المزمل:10]، أي: اعتزلهم.
قلت: وإن كانت الآية في هجر أهل الكفر، فيدخل فيها هجران أهل البدع؛ لأن ذلك وقع من جهة المشابهة، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كم سبق بيانه.
قال الإمام ابن وضاح / في «البدع» (ص31): (وإياك أن يكون لك من أهل البدع أخ، أو جليس، أو صاحب). اهـ
قلت: ولقد حذر الله تعالى أيضا من صحبة الأشرار، والقعود معهم، ومنهم: أهل البدع الظلمة.
5) فقال تعالى: ﴿فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾ [الأنعام: 68].
وقال تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا﴾ [هود: 113].
قلت: والعبد يتأثر من صحبة أهل البدع؛ وذلك لأن الإنسان مجبول في أصل خلقه على الضعف، كما قال تعالى: ﴿وخلق الإنسان ضعيفا﴾ [النساء: 28].
* ولذلك أرشد الله تعالى عباده إلى ما يعينهم على حفظ دينهم من صحبة الأخيار، والصالحين، ومجالستهم.([128])
فقال تعالى: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا﴾ [الكهف: 28].
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص111): (وعليك بالآثار، وأهل الآثار، وإياهم فاسأل، ومعهم فاجلس، ومنهم فاقتبس). اهـ.
* وللعلم بأن أهل السنة قد نصحوا أهل البدع، وأكثروا من ذلك بوسائل شتى، وقامت عليهم الحجة، فلا داعي إلى الدخول معهم، ونصحهم؛ كما يزعم: «ربيع المدخلي»!.
قال الإمام الآجري / في «أخلاق العلماء» (ص36): (يحذر من المسائل المحدثات في البدع، لا يصغي إلى أهلها بسمعه، ولا يرضى بمجالسة أهل البدع، ولا يماريهم، أصله الكتاب والسنة، وما كان عليه الصحابة، ومن بعدهم من التابعين، ومن بعدهم من أئمة المسلمين). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «أخلاق العلماء» (ص36): (من صفة العالم العاقل ألا يجالس أهل الأهواء ولا يجادلهم). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص140): (إن الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ولا قدحت فيه شكا؛ لأنه قد رسخ في العلم، فلا تستفزه الشبهات، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة). اهـ
ولذلك قال الإمام الحسن البصري /: (إن هذه الفتنة([129]) إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل).([130])
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
من السنة النبوية على مخالفة ربيع المدخلي لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم!
* فقد حذر النبي r من مجالسة أهل البدع والأهواء، ومخالطتهم، والدخول عليهم.
وإليك الدليل:
1) عن عائشة ڤ قالت: تلا رسول الله r هذه الآية: ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات﴾ فقال رسول الله r: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه([131]) منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) وفي رواية: (فلا تجالسوهم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص209)، وفي «خلق أفعال العباد» (167)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2053)، وأبو داود في «سننه» (4598)، والترمذي في «سننه» (2994)، و(2993)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص185)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص50)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن»(ج2 ص64)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص179)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص208)، والبيهقي في «الاعتقاد» (ص124)، وفي «الأسماء والصفات» (958)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص545)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص256)، والدارمي في «المسند» (147)، وابن حبان في «صحيحه» (73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (777)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (223)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص174)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص9)، وفي «معالم التنزيل» (ج2 ص9)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (ج2 ص389)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص9) من عدة طرق عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة ڤ به.
وأخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص116)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص48)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص18)، والآجري في «الشريعة» (ص26)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص277)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص602)، وابن منده في «التوحيد» (ج1 ص275)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص546)، وابن وهب في «تفسير القرآن» (ج1 ص79)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص175)، والترمذي في «سننه» (2993)، والطيالسي في «المسند» (1433) وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (492)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص178)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص208)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص123)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص48)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (ج3 ص648)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص9)، والثعلبي في «الكشف والبيان» معلقا (ج3 ص12)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص341) من طرق عن أبي مليكة، عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج8 ص210): (قد سمع ابن أبي مليكة من عائشة كثيرا، وكثيرا أيضا ما يدخل بينها وبينه: واسطة). اهـ
وقال الحافظ الترمذي في «السنن» (ج5 ص222): (وروي عن أيوب([132]) عن ابن أبي مليكة عن عائشة، هكذا روى غير واحد هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن عائشة، ولم يذكروا فيه عن القاسم بن محمد، وإنما ذكر يزيد بن إبراهيم التستري عن القاسم في هذا الحديث، وابن أبي مليكة، هو عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة سمع من عائشة أيضا). اهـ
قلت: فيحمل على أن ابن أبي مليكة سمعه من القاسم، ومن عائشة ڤ، فحدث به على الوجهين.([133])
والحديث أورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص148) وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد.
قلت: وبوب على حديث عائشة هذا: البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص220) بقوله: باب: مجانبة أهل الأهواء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجواب الباهر» (ص54) عن أهل البدع: (فهم يتبعون المتشابه من الكتاب، ويدعون المحكم، وكذلك يتمسكون بالمتشابه من الحجج العقلية والحسية... ويدعون البين الحق الذي لا إجمال فيه)([134]).اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص143): (فإياك ثم إياك والألفاظ المجملة المشتبهة... فإنها أصل البلاء، وهي مورد الصديق والزنديق). اهـ
وقال الفقيه السبكي / في «معيد النعم» (ص82)؛ عن المفتين: (ومنهم من يتسرع إلى الفتيا معتمدا على ظواهر الألفاظ غير متأمل فيها، فيوقع الخلق في جهل عظيم، ويقع هو في ألم كبير، ربما أداه ذلك إلى إراقة الدماء بغير حق).اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص254): (وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه؛ فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك، ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه). اهـ
قلت: فهؤلاء المرجئة قاموا في أيامنا هذه بصرف الشباب عن الحق، وصدهم عن سبيل الله المستقيم.([135])
2) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم).
حديث حسن
أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ص23)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص302)، والخطيب في «الكفاية» (ص429)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج12 ص412)، وابو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص97)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج7 ص397)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص43)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214)، وابن بشران في «الفوائد» (680) من طريق أبي شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يقول: أخبرني مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة t يقول: قال رسول الله r... فذكره.
قلت: وهذا سنده حسن من أجل مسلم بن يسار الطنبذي([136]) ذكره ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص390)، ومسلم في «الكنى والأسماء» (ق/72/ط)، والجياني في «تقييد المهمل في تمييز المشكل» (ج2 ص337)، وقال عنه الذهبي في «الميزان» (ج4 ص107): «ولا يبلغ حديثه درجة الصحة، وهو في نفسه صدوق»، وقال الذهبي في «الكاشف» (ج3 ص126): «ثقة، وروى عنه ستة»، وقال ابن حجر في «التقريب» (ص941): «مقبول»، أي حيث يتابع وإلا فلين الحديث، وقد توبع بأبي عثمان شفي بن ماتع الأصبحي وهو ثقة؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص439).
وأخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص12) وأحمد في «المسند» (ج2 ص321)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (ج1 ص340)، وابن حبان في «صحيحه» (ج15 ص168)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص96)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223)، وابن وضاح في «البدع» (ص173)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص275)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص103) وفي «معرفة علوم الحديث» (ص12)، والخطيب في «الموضح» (ج2 ص395)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص550)، وأبو يعلى في «المسند» (ج11 ص270)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص213)، والذهبي في «المعجم المختص» (ص40)، وأبو الحسين الثقفي في «الفوائد» (ص276)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص65)، وأبو العباس الأصم في «حديثه» (ص236)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص59)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص14) من طريقين عن سعيد بن أبي أيوب حدثني أبو هانئ عن أبي عثمان مسلم بن يسار، عن أبي هريرة t به.
قلت: وهذا سنده كسابقه، وفيه متابعة أبي هانئ، لشراحيل بن يزيد.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص349) وابن وضاح في «البدع» (ص34)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص60) من طرق عن ابن لهيعة، عن سلامان بن عامر، عن أبي عثمان الأصبحي قال: سمعت أبا هريرة t يقول أن رسول الله r قال: (سيكون في أمتي رجال دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم، ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم، ولا يفتنونكم).
وإسناده حسن في المتابعات، فيه ابن لهيعة: اختلط بعد احتراق كتبه، كما في «تهذيب الكمال» للمزي (ج15 ص487)، وسلامان بن عامر الشعباني روى عنه ثلاثة، ونقل ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (ص157) عن ابن يونس أنه قال فيه: «كان رجلا صالحا»، وترجم له ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (ج5 ص113)، وابن ماكولا في «الإكمال» (ج4 ص547)، والسمعاني في «الأنساب» (ج7 ص341)، ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا، وهما لم يتفردا، كما تقدم في السند السابق.
والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج3 ص217)، والجورقاني([137]) في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214)، وحسنه البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223).
وذكره السيوطي في «تحذير الخواص من أكاذيب القصاص» (ص145).
وبوب على حديث أبي هريرة: البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223) بقوله: باب: مجانبة أهل الأهواء.
قال الحافظ الجورقاني / في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214): (أخبر رسول الله r بكذابين يكونون في آخر الزمان، يكذبون عليه). اهـ
قلت: فهذا تحذير صريح منه r من أهل الأهواء، والذين في قلوبهم زيغ، وأهل التحريف، وأهل التقليد، وأهل التعصب، وأهل التحزب.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص221): (وكذلك ذكر في أهل الزيغ أنهم يتبعون المتشابه؛ ابتغاء الفتنة، فهم يطلبون به أهواءهم لحصول الفتنة، فليس نظرهم إذا في الدليل نظر المستبصر حتى يكون هواه تحت حكمه، بل نظر من حكم بالهوى، ثم أتى بالدليل كالشاهد له). اهـ
قلت: فاحتجاج أهل الإرجاء على إرجائهم من اتباع المتشابه فاحذروهم.
* فهؤلاء اعتمدوا على آرائهم وعقولهم، فجعلوها هي المحكمة في النصوص دون مراعاة أصول الاستدلال والفهم السليم، وهذا فيه فتنة لهم، والله المستعان.
عن الإمام سفيان بن عيينة / قال: (ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر، إنما العاقل إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه).([138])
قال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص5): (وهذا أصل كبير في الكف عن بث الأشياء الواهية والمنكرة من الأحاديث في الفضائل والعقائد والرقائق، ولا سبيل إلى معرفة هذا من هذا إلا بالإمعان في معرفة الرجال). اهـ
قلت: ولهذا كان المؤمن يثاب على العلم الشرعي الصحيح إذا قصد به وجه الله تعالى، ولا يثاب على العلم المخلط حتى لو قصد به وجه الله تعالى؛ لأنه يصد عن سبيل الله تعالى، فافهم هذا ترشد.
قال تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا﴾ [الإسراء:36].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد – يعني: من تقليد – فإنه آثم وإن كان قد صادف الحق!).اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص69): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب). اهـ
وقال المفسر أبو حيان / في «البحر المحيط» (ج4 ص367): (التقليد باطل إذ ليس طريقا للعلم). اهـ
قلت: فالمتشابه من الإرجاء، وغيره لا يجوز أن يذكر عند العامة.([139])
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص140)؛ عن الذي يتكلم بلا علم: (فالواجب على العاملين ألا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله). اهـ
* فيجب التدبر والنظر في فقه الكتاب والسنة؛ لأن هذا هو طريق العلم وكماله.
قال تعالى: ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾ [محمد: 24].
وقال تعالى: ﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾ [الحشر: 2].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص59): (وهذا كثير في القرآن: يأمر ويمدح التفكر، والتدبر والتذكر، والنظر، والاعتبار، والفقه، والعلم، والعقل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص159): (فإذا تبين أن جنس عدم العقل والفقه لا يحمد بحال في الشرع، بل يحمد العلم والعقل، ويؤمر به أمر إيجاب، أو أمر استحباب، ولكن من العلم ما لا يؤمر به الشخص نوعا أو عينا؛ إما لأنه لا منفعة فيه له، أو لأنه يمنعه عما ينفعه، وقد ينهى عنه إذا كان فيه مضرة له؛ وذلك أن من العلم ما لا يحمله عقل الإنسان فيضره، كما قال علي بن أبي طالب t: (حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!)([140])، وقال عبد الله بن مسعود t: (ما من رجل يحدث قوما بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم).([141])
* ومن الكلام ما يسمى علما وهو جهل، مثل كثير من علوم الفلاسفة، وأهل الكلام، والأحاديث الموضوعة، والتقليد الفاسد، وأحكام النجوم؛ ولهذا روي: إن من العلم جهلا، ومن القول عياء، ومن البيان سحرا.
* ومن العلم ما يضر بعض النفوس؛ لاستعانتها به على أغراضها الفاسدة، فيكون بمنزلة السلاح للمحارب، والمال للفاجر، ومنه ما لا منفعة فيه لعموم الخلق مثل معرفة دقائق الفلك، وثوابته وتوابعه، وحركة كل كوكب، فإنه بمنزلة حركات التغير عندنا، ومنه ما يصد عما يحتاج إليه، فإن الإنسان محتاج إلى بعض العلوم، وإلى أعمال واجبة، فإذا اشتغل بما لا يحتاج إليه عما يحتاج إليه كان مذموما.
* فمثل هذه الوجوه يذم العلم بكونه ليس علما في الحقيقة، وإن سماه أصحابه وغيرهم علما، وهذا كثير جدا، أو يكون الإنسان يعجز عن حملة، أو يدعوه ويعينه على ما يضره، أو يمنعه عما ينفعه.
* وقد يكون في حق الإنسان لا محمودا ولا مذموما، هذا كله في جنس العلم.
وكذلك القوة التي بها يعلم الإنسان ويعقل وتسمى عقلا.
* فهذه لا يحمد عدمها أيضا، إلا إذا كان بوجودها يحصل حذر، فإن من الناس من لو جن لكان خيرا له، فإنه يرتفع عنه التكليف، وبالعقل يقع في الكفر والفسوق والعصيان). اهـ
قلت: ولا بد من حمل الناس على المعهود الوسط([142]) فيما يليق بهم وينفعهم، فلا يذهب بهم طرف الشدة، ويميل بهم إلى طرف التساهل واللين؛ لأن هذا هو مقصد الشارع من المكلف الحمل على التوسط من غير إفراط([143]) ولا تفريط.([144])
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص496): (ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان:
إما إلى تفريط واضاعة.
وإما إلى إفراط وغلو.
* ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص204): (والخلاصة أن الشريعة الكاملة جاءت باللين في محله، والشدة في محلها، فلا يجوز للمسلم أن يتجاهل ذلك، ولا يجوز أيضا أن يوضع اللين في محل الشدة، ولا الشدة في محل اللين، ولا ينبغي أيضا أن ينسب إلى الشريعة أنها جاءت باللين فقط، ولا أنها جاءت بالشدة فقط، بل هي شريعة حكيمة كاملة صالحة لكل زمان ومكان ولإصلاح جميع الأمة؛ ولذلك جاءت بالأمرين معا، واتسمت بالعدل والحكمة والسماحة، فهي شريعة سمحة في أحكامها، وعدم تكليفها ما لا يطاق، ولأنها تبدأ في دعوتها باللين والحكمة والرفق، فإذا لم يؤثر ذلك وتجاوز الإنسان حده وطغى وبغى، أخذته بالقوة والشدة، وعاملته بما يردعه ويعرفه سوء عمله.
* ومن تأمل سيرة النبي r، وسيرة خلفائه الراشدين، وصحابته المرضيين، وائمة الهدى بعدهم، عرف صحة ما ذكرناه). اهـ
قلت: فالشريعة إنما جاءت باللين في محله حين يرجى نفعه، وأما إذا لم ينفع واستمر صاحب الظلم في ظلمه، فيعامل بالشدة؛ لأن الشريعة لم تهمل جانب الشدة في محلها حيث لا ينفع اللين.
قال تعالى: ﴿يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾ [التوبة:73].
وقال تعالى: ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم﴾ [العنكبوت: 46].
قلت: والآيات وإن كانت في معاملة الكفار والمنافقين، فهي دالة على أن الشريعة جاءت باللين في محله، والشدة في محلها، والله ولي التوفيق.([145])
* ومن هنا لا بد من تيسير العلم الشرعي للناس، ومن ثم تبين السنن لهم وفق الكتاب والسنة.([146])
3) وعن أبي موسى t قال: قال رسول الله r: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، واما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص227)، و(ج12 ص82)، ومسلم في «صحيحه» (ج16 ص178)، والحميدي في «المسند» (ج3 ص339)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص408)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (ص876)، والطيالسي في «المسند» (517)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص26)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص36)، وفي «الآداب» (ص186)، وفي «شعب الإيمان» (ج16 ص463)، وأبو الشيخ في «الأمثال في الحديث» (ص377)، وأبو داود في «سننه» (4830)، وأبو يعلى في «المسند» (7270)، و(7307)، وابن حبان في «صحيحه» (561)، و(579)، وهناد في «الزهد» (1237)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج1 ص160)، والبزار في «المسند» (ج8 ص166)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص440)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص11)، ويحيى بن معين في «التاريخ» (ج3 ص38)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1377)، وابن ماجة في «سننه» (88)، وأبو عوانة في «المسند» (ج10 ص99 - إتحاف المهرة)، والدارقطني في «الأربعين» (ص85 و86 و87)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص68)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص378)، والسمعاني في «معجم الشيوخ» (ج1 ص272)، وأبو بكر المروزي في «الفوائد» (ص285)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج5 ص75)، والروياني في «المسند» (474) من طرق عن أبي موسى الأشعري ڤ به.
قلت: وفي الحديث الحث على مجالسة أهل السنة الصلحاء، ومجانبة أهل البدع البطلاء.
والحديث بوب عليه الحافظ البيهقي في «شعب الإيمان» (ج16 ص463) بقوله: ومن هذا الباب مجانبة الفسقة والمبتدعة، ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل.
قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج16 ص178): (فيه - يعني الحديث - تمثيله r الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير، وفيه فضيلة مجالسة الصالحين، وأهل الخير، والمروءة، ومكارم الأخلاق، والورع والعلم والأدب، والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع، ومن يغتاب الناس، أو لكثير فجره، وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة). اهـ
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج5 ص76): (وفيه – يعني الحديث – النهي عن مجالسة من يتأذى بمجالسته في الدين والدنيا). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح حلية طالب العلم» (ص104): (قول الرسول r: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك، ومثل الجليس السوء، كنافخ الكير)، فعليك باختيار الصديق الصالح الذي يدلك على الخير، ويبينه لك، ويحثك عليه، ويبين لك الشر، ويحذرك منه، وإياك وجليس السوء، فإن المرء على دين خليله، وكم من إنسان مستقيم قيض الله له شيطانا من بني آدم، فصده عن الاستقامة، وكم من إنسان جائر قاصد، يسر الله له من يدله على الخير بسبب الصحبة). اهـ
قلت: فقد بين النبي r في هذا التشبيه البليغ: أن مجالسة أهل السنة في الانتفاع بها كمجالسة بائع المسك... ومجالسة أهل البدع في التضرر بها كمجالسة نافخ الكير، والله المستعان.
* فالمقصود بهذا أن يهجر المسلم السيئات، ويهجر قرناء السوء من أهل البدع، وغيرهم الذين تضر صحبتهم.([147])
قال الحافظ الذهبي / في «جزء حق الجار» (ص47): (فإن كان جارك رافضيا، أو صاحب بدعة كبيرة، فإن قدرت على تعليمه وهدايته، فاجتهد، وإن عجزت، فانجمع عنه، ولا تواده، ولا تصاحبه، ولا تكن له مصادقا، ولا معاشرا، والتحول أولى بك). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج2 ص137): (وأصل كل خير العلم والعدل، واصل كل شر الجهل والظلم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على البكري» (ج2 ص255): (طريقة أهل البدع يجمعون بين الجهل والظلم). اهـ
وقال العلامة الشيخ السعدي / في «وجوب التعاون بين المسلمين» (ص13): (فما ارتفع أحد إلا بالعدل والوفاء، ولا سقط أحد إلا بالظلم والجور والغدر).اهـ
قلت: إذا فيحرم الاعتراض على السنن النبوية بالفهم السقيم سواء: بنصوص أو آثار.([148])
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج3 ص72): (فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص242): (فصلاح بني آدم الإيمان والعمل الصالح، ولا يخرجهم عن ذلك إلا شيئان:
أحدهما: الجهل المضاد للعلم؛ فيكونون ضلالا.
والثاني: اتباع الهوى والشهوة اللذين في النفس؛ فيكونون غواة مغضوبا عليهم). اهـ
* ومن أجل ذلك كان التنبيه إلى خطر أهل الإرجاء وباطلهم - أمرا ذا بال يعود بالفائدة العظيمة على الإسلام والمسلمين في هذا العصر؛ لأن دعاة الضلالة والفساد يعتمدون على وجود بعض الأباطيل؛ ليروجوا لضلالتهم، وهذه الأباطيل ليست من الإسلام في شيء، فمحاربتها، وكشف زيفها إبطال لحجة خصوم الإسلام والمسلمين، وتفويت للفرصة عليهم، فافطن لهذا ترشد.
وهذا مما يؤكد أمرين اثنين:
أولهما: أن الله تعالى حفظ هذه الشريعة من التزيد والنقصان، وأنه أقام لها حراسا وحفظة من علماء الحديث يذبون عن الدين ما ليس منه.
وثانيهما: أن الإسلام دين الفطرة.([149])
* فالطرق كلها مسدودة إلا على المقتفين آثار رسول الله r، والمتبعين سنته، وطريقته، فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه، كما قال تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ [الأحزاب:21].
* ولا شك أن الأصل إذا كان فاسدا فإن كل ما ينبني عليه فاسد، فالباطل لا يهدي إلى الحق بل يضاده، وما بني على باطل فهو باطل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص120): (من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله إلا بعدا). اهـ
* فالطريق إلى الله تعالى، والهادي إلى الحق طريق واحد، والصوارف عن الحق سبل كثيرة جدا، والعياذ بالله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج8 ص425): (فالبدع تكون أولها شبرا، ثم تكبر في الأتباع، حتى تصير أذرعا، وأميالا، وفراسخ).اهـ
4) وعن عبد الله بن مسعود t قال: «خط لنا رسول الله r خطا ثم قال: هذا سبيل الله. ثم خط خطوطا عن يمينه، وعن شماله، ثم قال: هذه سبل متفرقة، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: ﴿إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل([150]) فتفرق بكم عن سبيله﴾.
حديث حسن
أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص435)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص67)، والطيالسي في «المسند» (ص33)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص343) ومحمد بن نصر في «السنة» (ص5)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص13)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص80)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص10)، والآجري في «الشريعة» (ص10)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص318)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص196)، وفي «معالم التنزيل» (ج2 ص440) وفي «الأنوار» (ج2 ص768)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص88)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص66)، وفي «الحلية» (ج6 ص63) وابن وضاح في «البدع» (ص13)، والبزار في «المسند» (ج5 ص131)، وابن أبي زمنين في «السنة» (ص36)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص6)، وفي «الحدائق» (ج1 ص539)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص293)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص112)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص48)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج5 ص1422)، والسمرقندي في «تفسير القرآن» تعليقا (ج1 ص512) من طريقين عن ابن مسعود t به.
قلت: وإسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، وهو صدوق؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص471).
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص361): (ولعل هذا الحديث عند عاصم بن أبي النجود، عن زر، وعن أبي وائل شقيق بن سلمة، كلاهما: عن ابن مسعود به، والله أعلم).
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص76): (فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السنة، والسبل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين عن الصراط المستقيم، وهم أهل البدع، ليس المراد سبل المعاصي؛ لأن المعاصي من حيث هي معاص لم يضعها أحد طريقا تسلك دائما على مضاهاة التشريع، وإنما هذا الوصف خاص بالبدع المحدثات). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص80): (فهذا التفسير يدل على شمول الآية لجميع طرق البدع، لا تختص ببدعة دون أخرى). اهـ
* ومن الآيات: قول الله تعالى: ﴿وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين﴾ [النحل: 9].
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص80): (فالسبيل القصد: هو طريق الحق، وما سواه من الطرق جائر عن الحق، أي: عادل عنه، وهي طرق البدع والضلالات، وكفى بالجائر أن يحذر منه، فالمساق يدل على التحذير والنهي).اهـ
قلت: فالمتعصب والمقلد لآراء الرجال ليس من زمرة أهل العلم، وإن ادعى ذلك.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص10): ﴿ثم خلف من بعدهم خلوف فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون﴾
والفريقان: بمعزل عما ينبغي اتباعه من الصواب، ولسان الحق يتلو عليهم: ﴿ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب﴾ [النساء: 123].
قال الشافعي - قدس الله تعالى روحه -: (أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله r، لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس).([151])
وقال أبو عمر، وغيره من العلماء: أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله.([152])
* وهذا كما قال أبو عمر / تعالى فإن الناس لا يختلفون أن العلم: هو المعرفة الحاصلة عن الدليل، وأما بدون الدليل فإنما هو تقليد.
* فقد تضمن هذان الإجماعان: إخراج المتعصب بالهوى والمقلد الأعمى عن زمرة العلماء، وسقوطهما باستكمال من فوقهما الفروض من ورثة الأنبياء).اهـ
* وحذر النبي r أمته من الاختلاف والبدع التي تقع بعده وتكون.([153])
عن العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله r موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: (أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص200 و201)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص126)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص104)، وفي «المجروحين» (ج1 ص109)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص45)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص17)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص19 و30)، و(ج2 ص483)، والآجري في «الأربعين» (ص33 و34)، وفي «الشريعة» (ص46)، والبيهقي في «المدخل» (ص115)، وفي «الاعتقاد» (ص130)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص10)، وفي «السنن الكبرى» (ج10 ص114)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص541)، والمروزي في «السنة» (ص26)، والبزار في «المسند» (ج10 ص137)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص182)، وفي «التمهيد» (ج21 ص279)، والهروي في «ذم الكلام» (ص34)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص97)، وفي «المدخل إلى الصحيح» (ص81)، والمزي في «تهذيب الكمال» (1/ق/236/ط)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص10 و11)، وحرب الكرماني في «مسائله» (ص394) وأبو عبيد في «الخطب والمواعظ» (ص90)، وابن حجر في «الموافقة» (ج1 ص136)، وأبو العباس الأصم في «حديثه» (ص148)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج1 ص554)، وفي «جامع المسانيد» (ج6 ص68)، وفي «القصاص والمذكرين» (ص164)، وأبو إسحاق الحربي في «غريب الحديث» (ج3 ص1174)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج10 ص114)، وفي «معرفة الصحابة» (ج4 ص2235)، وفي «الضعفاء» (ص46)، وابن جماعة في «مشيخته» (ج2 ص557)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص205)، وفي «الأنوار» (ج2 ص769)، وفي «تفسير القرآن» (ج3 ص209)، والجورقاني في «الأباطيل» (ج1 ص308)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص245)، وفي «المعجم الأوسط» (66)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص254)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين» (ص261)، والعطار الهمذاني في «ذكر الاعتقاد» (ص82)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (ص42)، والأبرقوهي في «معجم شيوخه» (ق/85/ط)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج2 ص69)، والطبري في «جامع البيان» (ج10 ص212)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص75)، والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص176)، وفي «الموضح» (ج2 ص423)، وابن عساكر في «الأربعين البلدانية» (ص18)، وفي «تاريخ دمشق» (ج40 ص178 و179)، وتمام في «الفوائد» (ج1 ص119)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (ج1 ص374)، وفي «الرسالة الوافية» (ص149)، والمخلص في «سبعة مجالس من أماليه» (ص147)، وابن وضاح في «البدع» (ص23)، وابن منيع في «المسند» (ج3 ص89- المطالب)، والمقدسي في «الحجة» (ج1 ص129)، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص235) من عدة طرق، عن العرباض t به.
قلت: وإسناده صحيح.
قال الحافظ ابن حجر / في «الموافقة» (ج1 ص137): هذا حديث صحيح رجاله ثقات.
قال الحافظ العراقي / في «الباعث على الخلاص من حوادث القصاص» (ص991)؛ عن القصاص: (فلو أمسكوا عن الكلام وآفاته لكان خيرا لهم، ولو علم الناس عندهم علما شرعيا لقصدوهم له، ولكنهم يدعون علما بلا تعلم، وإنما العلم بالتعلم). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد المعصومي / في «تمييز المحظوظين عن المحرومين» (ص37): (فيا أيها الناس اتقوا الله حق تقواه، ولا تغتروا بما أنتم عليه من زخارف الدنيا، فإن ربكم لبالمرصاد، فافهموا كلام ربكم، وخطاب مولاكم، واعملوا بموجبه في كل الأمور دنيوية ودينية وأخروية، فإن الدنيا مزرعة الآخرة، وكم من الناس في طرفي الإفراط والتفريط، وإنما السعادة في التوسط والاقتصاد فتنبه). اهـ
* وهؤلاء قد خرجوا من بيننا ناكثين العهود، متعدين الحدود التي حدها الله تعالى.
* فركزوا في نشر الباطل ونصرة البدع، وطعنوا في أهل السنة والجماعة، ولقد بلغت الجرأة ببعضهم إلى تكذيب أهل السنة والجماعة، والله المستعان.
قلت: وجعلوا الإرجاء من الدين، وهذا يعتبر من الكذب في الدين، والله المستعان.
عن الإمام طلحة بن عبيد الله / قال: (لا تجد إنسانا فيه خير يكذب على رسول الله r).([154])
* ولذلك غلظ رسول الله r عقوبة الكذب عليه.
فعن علي بن أبي طالب t قال: قال رسول الله r: «لا تكذبوا علي، فإنه من كذب علي يلج النار».
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص93)، ومسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص65)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص35)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص457)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص13)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص83)، وابن المستوفي في «تاريخ إربل» (ج1 ص418)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (841)، والطيالسي في «المسند» (ص17)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص204)، والمخلص في «الفوائد» (ق/9/ط)، وأبو يعلى في «المسند» (513)، الطبراني في «طرق حديث من كذب علي متعمدا» (ص69)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص93)، وفي «الحلية» (ج4 ص369)، والبغوي في «شرح السنة» (114)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص355)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (ص465)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص423)، وفي «تاريخ الإسلام» (ج16 ص455)، وفي «ميزان الاعتدال» (ج4 ص392)، وفي «السير» (ج5 ص410)، و(ج10 ص538) والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص354)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص115)، وفي «المدخل إلى الصحيح» (105)، والبزار في «المسند» (ج3 ص115)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج5 ص390) و(ج18 ص37)، وفي «معجم الشيوخ» (ج1 ص444)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج4 ص212)، وفي «حديث الجويباري» تعليقا (ص231)، وابن الجوزي في «الموضوعات» (ج1 ص32)، وفي «جامع المسانيد» (ج6 ص140)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/48/ط)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد فضائل الصحابة» (ج2 ص649)، والجورقاني في «الأباطيل» (ج1 ص3)، ويحيى بن الجراح في «أماليه» (ق/27/ط)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص115)، والكنجي في «كفاية الطالب» (ق/96/ط)، والطيوري في «الطيوريات» (ج3 ص915) والسمعاني في «المنتخب من معجم شيوخه» (ج1 ص619) من طريق منصور عن ربعي بن حراش عن علي بن أبي طالب t به.
قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج4 ص187): (فإنما أراد بقوله r: «وحدثوا عني، ولا تكذبوا علي»؛ أي: تحرزوا من الكذب علي بألا تحدثوا عني إلا بما يصح عندكم من جهة الإسناد الذي به يقع التحرز عن الكذب علي).اهـ
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج1 ص354): (قوله r: «لا تكذبوا علي» بصيغة الجمع، وهو عام في كل كذب مطلق، في كل نوع منه في الأحكام وغيرها، كالترغيب والترهيب، ولا مفهوم لقوله «علي»؛ لأنه لا يتصور أن يكذب له؛ لأنه عليه الصلاة والسلام: نهى عن مطلق الكذب). اهـ
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «كفى بالمرء كذبا أن
يحدث بكل ما سمع».
حديث صحيح
أخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» (ج1 ص65)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص266)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص595)، وابن أبي عاصم في «الزهد» (74)، والنسائي في «الإغراب» (ص237)، والبيهقي في «حديث الجويباري»؛ تعليقا (ج2 ص221)، وفي «معرفة السنن»؛ تعليقا (ج1 ص45)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص112)، وفي «المدخل إلى الصحيح» (ص108) وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص40)، والبغوي في «شرح السنة» (ج14 ص319)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص108)، وابن المبارك في «المسند» (ص10)، والجياني في «تقييد المهمل» (ج3 ص765)، والدارقطني في «العلل» (ج10 ص276)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص95)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص214)، وفي «المجروحين» (ج1 ص8)، والحنائي في «الفوائد» (ق/63/5/ط)، وابن نقطة في «التقييد» (ج2 ص256) من طريق شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة t به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه النووي في «المنهاج» (ج1 ص74)، والشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص38).
وقال الحافظ ابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص1011): وهو حديث ثابت.
قلت: وقد وقع في الحديث اختلاف في وصله وإرساله.([155])
قلت: ومن أجل افتراء هؤلاء الكذب في دين الله تعالى راجت فيما بينهم البدع والأهواء، واشتمل عندهم الباطل على شيء من الحق، فضلوا وأضلوا.
* ولذلك ترى هؤلاء المبطلين يظهرون هذا الحق، ويكتمون الباطل المتلبس به: إما جهلا، وإما هوى، والعياذ بالله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص170): (الباطل لا يظهر لكثير من الناس أنه باطل؛ لما فيه من الشبهة، فإن الباطل المحض الذي يظهر بطلانه لكل أحد، لا يكون قولا ومذهبا لطائفة تذب عنه، وإنما يكون باطلا مشوبا بحق؛ كما قال تعالى: ﴿لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون﴾ [آل عمران: 71]). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص178): (الطرائق المبتدعة كلها يجتمع فيها الحق والباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص190): (ولا ينفق الباطل في الوجود إلا بشوب من الحق، كما أن أهل الكتاب لبسوا الحق بالباطل، بسبب الحق اليسير الذي معهم، يضلون خلقا كثيرا عن الحق الذي يجب الإيمان به، ويدعونه إلى الباطل الكثير الذي هم عليه). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص136): (يبعد في مجاري العادات أن يبتدع أحد بدعة من غير شبهة دليل يقدح له، بل عامة البدع، لا بد لصاحبها من متعلق دليل شرعي). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص140): (والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «مجموع الفوائد» (ص229): (الشبه الباطلة، والمقالات الفاسدة تختلف نتائجها وثمراتها باختلاف الناس، فتحدث لأناس الجهل والضلال، ولأناس الشك والارتياب، ولأناس زيادة العلم واليقين:
* فأما الذين تلتبس عليهم ويعتقدونها على علاتها، أو يقلدون فيها غيرهم من غير معرفة بها، بل يأخذونها مسلمة، فهؤلاء يضلون ويبقون في جهلهم يعمهون، وهم يظنون أنهم يعلمون ويتبعون الحق... وما أكثر هذا الصنف! فدهماء أهل الباطل كلهم من هذا الباب ضلال مقلدون.
* وأما الذين تحدث لهم الشك، فهم الحذاق، ممن عرف الشبه وميز ما هي عليه من التناقض والفساد، ولم يكن عنده من البصيرة في الحق ما يرجع إليه، فإنهم يبقون في شك واضطراب، يرون فسادها وتناقضها، ولا يدرون أين يوجهون؟!.
* وأما الذين عندهم بصيرة وعلم بالحق، فهؤلاء يزدادون علما ويقينا وبصيرة إذا رأوا ما عارض الحق من الشبه، واتضح لهم فسادها، ورأوا الحق محكما منتظما، فإن الضد يظهر منه بضده.
* ولهذا كانت معارضات أعداء الرسل، وأتباعهم من أهل العلم والبصيرة لا تزيد الحق إلا يقينا وبصيرة). اهـ.
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص6): «فأخبر r أنه سيكون هناك اختلاف وتفرق، وأوصى عند ذلك بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والتمسك بسنة الرسول r، وترك ما خالفها من الأقوال، والأفكار، والمذاهب المضلة، فإن هذا طريق النجاة، وقد أمر الله تعالى بالاجتماع والاعتصام بكتابه، ونهى عن التفرق، قال تعالى:﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ [آل عمران: 103] الآية إلى أن قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ÇÊÉÎÈ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه﴾ [آل عمران: 105]، وقال تعالى: ﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون﴾ [الأنعام: 159] فالدين واحد، وهو ما جاء به رسول الله r، لا يقبل الانقسام إلى ديانات، وإلى مذاهب مختلفة([156])، بل دين واحد هو دين الله تعالى، وهو ما جاء به رسول الله r([157])، وترك أمته حيث ترك r أمته على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).اهـ
* فالأمر يحتاج إلى اهتمام شديد؛ لأنه كلما تأخر الزمان كثرت الفرق، وكثرت الشبهات، وكثرت النحل والمذاهب الباطلة، وكثرت الجماعات المتفرقة.
* لكن الواجب على المسلم أن ينظر، فما وافق كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r أخذ به ممن جاء به، كائنا من كان؛ لأن الحق ضالة المؤمن.([158])
قلت: وليست العبرة بالكثرة في معرفة الحق، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من المسلمين؛ ولذلك فلا تغتر بكثرة بعض الجماعات الإسلامية الضالة.([159])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص22): «وأهل السنة والجماعة، لا يضرهم من خالفهم، والمخالف لا يضر إلا نفسه، وليست العبرة بالكثرة، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من الناس، حتى ولو لم يكن في بعض الأزمان إلا واحد من الناس فهو على الحق، وهو الجماعة.
* فلا يلزم من الجماعة الكثرة، بل الجماعة من وافق الحق، ووافق الكتاب والسنة، ولو كان الذي عليه قليل.
* أما إذا اجتمع كثرة وحق، فالحمد لله هذا قوة. أما إذا خالفته الكثرة، فنحن ننحاز مع الحق، ولو لم يكن معه إلا قليل».اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «حكاية المناظرة في القرآن» (ص57): (ومن العجب أن أهل البدع يستدلون على كونهم أهل الحق بكثرتهم، وكثرة أموالهم وجاههم، وظهورهم، ويستدلون على بطلان السنة بقلة أهلها وغربتهم وضعفهم، فيجعلون ما جعله النبي r دليل الحق، علامة السنة، دليلا على الباطل، فإن النبي r أخبرنا بقلة أهل الحق في آخر الزمان وغربتهم، وظهور أهل البدع وكثرتهم، ولكنهم سلكوا سبيل الأمم في استدلالهم على أنبيائهم، واصحاب أنبيائهم، بكثرة أموالهم واولادهم، وضعف أهل الحق، فقال قوم نوح له: ﴿ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين﴾ [هود: 27]، وقال قوم صالح فيما أخبر الله عنهم بقوله: ﴿ قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون﴾ [الأعراف: 75 - 76] وقال قوم نبينا r: ﴿وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين﴾ [سبأ: 35].
* وقد كان قيصر ملك الروم – وهو كافر – أهدى منهم؛ فإنه حين بلغه كتاب النبي r، سأل عنه أبا سفيان، فقال: يتبعه ضعفاء الناس، أم أقوياؤهم؟ فقال: بل ضعفاؤهم، فكان هذا مما استدل به على أنه رسول الله r، فقال: إنهم أتباع الرسل في كل عصر وزمان ([160]». اهـ
* بناء على هذا، فإنه لا عبرة بكثرة دعاة الشر، وفي مقدمتهم دعاة تلك البدع والمحدثات التي طغت، وانتشرت وتهافت عليها الناس تهافت الفراش على النار في الوقت الذي ضيعوا فيه الفرائض، وأهملوا الواجبات، وغرقوا في المنكرات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قلت: إن الأكثرية ليس لها اعتبار في نظر الشرع الحنيف.([161])
وقال الحافظ الذهبي / في «التمسك بالسنن» (ص32): (واتباع الشرع والدين متعين، واتباع غير سبيل المؤمنين بالهوى وبالظن وبالعادات المردودة مقت وبدعة).اهـ
فهما طريقان: اتباع الرسول r والسنة، أو اتباع الهوى والبدعة، وليس من سبيل إلى ثالث، فمن لم يتبع الرسول r فلا بد أن يتبع الهوى
قال تعالى: ﴿فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ [يونس: 32].
وقال تعالى: ﴿فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون﴾ [القصص:50].
قال الإمام القرطبي / في «جامع أحكام القرآن» (ج8 ص335): («ذا»، صلة: أي ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال... قال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق، والباطل منزلة ثالثة... والضلال حقيقته الذهاب عن الحق). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
من آثار السلف الصالح على مخالفة ربيع المدخلي؛ لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم!
* فقد زجر السلف الصالح أهل البدع بعدم مجالستهم ومناصحتهم، وجدالهم، والدخول عليهم، ومناظرتهم مطلقا.
وذلك لأسباب عدة، منها:
1) أنه لا يرجى رجوعهم إلى الحق، وتوبتهم من الباطل.
2) عدم انتفاعهم من الذكرى والنصيحة.
3) أنه شغل لا فائدة فيه، ويؤول إلى المراء والجدال، وضياع الوقت.
4) أنه لا يطمع في رجوع أهل البدع عن بدعهم بالنصيحة، فمناصحتهم شغل لا فائدة فيه.
5) الخوف من وقوع التشكيك والشبهة في قلب الناصح، فيلحق بأهل البدع.([162])
6) أن المبتدع يرى بدعته عبادة، فلا يتوب منها؛ لأن فعلها عن اعتقاد، بل لعله ربي عليها صغيرا، وهرم عليها كبيرا فكيف يتوب؟!.
7) صيانة للقلوب والعقول أن يدخلها الشبهات والشهوات كما هو معروف.
8) تغرير العامة بالدخول على أهل البدع، ونصحهم، فيغروهم؛ لأن العامي إذا دخل على أهل البدع – بسبب دخول الناصح – فهو كالشاة إذا خلا بها السبع!.
9) أنه قد زين للمبتدع سوء عمله فرآه حسنا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا، فماذا يفيد النصح يا ربيع؟!.
10) الاحتراز من فتنة أهل البدع؛ لأن القلوب ضعيفة والشبه خطافة، فلا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه، ويستهين بشبه أهل البدع، فقد تخطف شبهة قلبه فتفسده، أو تشككه، أو يلين قلبه إليهم ويألفهم، وما ذاك إلا أن الشبهة تتزين للناصح، اللهم سلم سلم.
* ولذلك يتبين بطلان شبهة: «ربيع المدخلي» في أن السلفي القوي يدخل مع أهل البدع وينصحهم، والسلفي الضعيف، لا يدخل معهم، والله المستعان.([163])
قلت: فهذا التفريق من: «ربيع المدخلي» من البدع المحدثة؛ لأنه لم يكن من منهج السلف، بل السلف لم يفرقوا بين هذا، وذاك فتنبه.
وإليك الدليل:
1) عن ابن عباس ﭭ قال: (لا تجالس أهل الأهواء، فإن مجالستهم ممرضة للقلوب).
أثر حسن
أخرجه الآجري في «الشريعة» (133)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (598) من طريق هشام بن عبد الملك الحمصي قال: حدثنا محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سليم، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن ابن عباس به.
قلت: وهذا سنده حسن.
2) وعن الزبرقان السراج قال: (نهاني أبو وائل أن أجالس أصحاب أرأيت).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص282)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص203)، والبيهقي في «المدخل» (229)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (415)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1076) من طرق، عن الزبرقان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
3) وعن الإمام أبي قلابة / قال: «لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم([164])، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا([165]) عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم». وفي رواية: (أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص212 و213)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (233)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص36)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (99)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (17)، وفي «الرد على المبتدعة» (ص47)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص60)، وفي «القضاء والقدر» (ج2 ص725 و726)، وفي «الاعتقاد» (ص48)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (328)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص552)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص287 و437)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص184)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص284)، والذهبي في «السير» (ج4 ص472)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص389)، والآجري في «الشريعة» (61)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص134)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص120)، وابن وضاح في «البدع» (55)، والخلال في «السنة» (1968)، والأصبهاني في «الترغيب» (462) من طرق عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (65)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص227).
4) وعن الإمام يحيى بن أبي كثير / قال: (إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في غيره). يعني: هجره.
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص214)، والآجري في «الشريعة» (67)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص137)، وابن وضاح في «البدع» (55)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص69)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص315)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (490)، وأبو إسحاق الفزاري في «السير» (ج6 ص29)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص60)، وابن البناء في «المختار من أصول السنة» (ص49)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص49) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده الذهبي في «السير» (ج6 ص29).
قال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص458): (ومن كان على طريقة هؤلاء من العلماء، وينبذ من سواهم، ولا يناظر، ولا يجادل، ولا يخاصم، وإذا لقي صاحب بدعة في طريق أخذ في غيره، وإن حضر مجلسا هو فيه قام عنه، هكذا أدبنا من مضى من سلفنا). اهـ
وقال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص487): (فاتقوا الله يا أهل القرآن، ويا أهل الحديث، ويا أهل الفقه، ودعوا المراء والجدال والخصومة في الدين، واسلكوا طريق من سلف من أئمتكم، يستقم لكم الأمر الرشيد، وتكونوا على المحجة الواضحة إن شاء الله). اهـ
5) وعن سعيد بن عامر قال: سمعت جدي أسماء بن عبيد الضبعي يحدث، قال: (دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث، قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله، قال: لا، لتقومان عني، أو لأقومن، فقام الرجلان، فخرجا، فقال بعض القوم: ما كان عليك أن يقرأا آية؟ قال: إني كرهت أن يقرأا آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص215)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص120)، واللالكائي في «الاعتقاد» (242)، والآجري في «الشريعة» (ص62)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (398)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (100) من طريق سعيد بن عامر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
6) وعن سلام بن أبي مطيع قال: (سأل رجل من أصحاب البدع أيوب السختياني، فقال: يا أبا بكر؟ أسألك عن كلمة قال: فولى أيوب، وهو يقول:
ولا نصف كلمة، ولا نصف كلمة، وهو يشير بإصبعه).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص121)، واللالكائي في «الاعتقاد» (291)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص394)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص447)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص183)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص21)، والفريابي في «القدر» (ص215)، والآجري في «الشريعة» (ص62)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص9)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (101)، وأبو القاسم البغوي في «زياداته على مسند ابن الجعد» (1237) من طريق سعيد بن عامر حدثنا سلام بن أبي مطيع به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص227)، والذهبي في «السير» (ج6 ص21).
قلت: والدخول على أهل البدع ونصحهم يعتبر ذلك من المراء والخصومة والجدل المنهي عنه؛ وذلك لأنهم يجادلون عند نصحهم ومناقشتهم، وهي ساعات الجهل، وبها يبتغي الشيطان الزلات، اللهم غفرا.
7) وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (من جلس مع صاحب بدعة فاحذره، ومن جلس مع صاحب البدعة لم يعط الحكمة، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب البدعة حصن من حديد).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص638)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (249)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص106)، وأبو عبد الرحمن السلمي في «طبقات الصوفية» (ص9 و10) من طرق عن مردويه الصائغ سمعت الفضيل بن عياض فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
8) وعن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله – يعني: الإمام أحمد – يقول: (أهل البدع ما ينبغي لأحد أن يجالسهم، ولا يخالطهم، ولا يأنس بهم).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص475)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ق/7/ط)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص228) من طرق عن حنبل بن إسحاق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده السفاريني في «لوامع الأنوار البهية» (ج1 ص109).
قلت: فلا تجالس أحدا من أهل البدع، عسى أن تسلم، اللهم غفرا.
9) وعن أيوب السختياني قال: قال لي أبو قلابة: (لا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاءوا).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص134)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج28 ص30)، والهروي في «ذم الكلام» (808)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص445) من طريقين عن أحمد بن عصمة الخزاز قال: حدثنا محمد بن عمرو الأنصاري، عن أيوب السختياني به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فينبذوا فيه من الشبهات ما شاءوا، والعياذ بالله.
10) وعن عثمان بن زائدة قال: (أوصاني سفيان الثوري قال: لا تخالطوا صاحب بدعة).
أثر لا بأس به
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص463) من طريق هارون بن إسحاق قال: حدثني بعض أصحابنا عن عبد العزيز بن أبي عثمان قال: سمعت عثمان بن زائدة به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به في الشواهد.
11) وعن إسماعيل الطوسي قال: قال لي ابن المبارك /: (إياك أن تجلس مع صاحب بدعة).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص463)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص168)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (9036)، واللالكائي في «الاعتقاد» (260) من طريقين عن عبد الصمد بن يزيد الصايغ قال: سمعت إسماعيل الطوسي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فإياك أن تجلس مع أهل البدع([166])، فإنهم يفتون فيما يعجز عنه أهل الكفر.([167])
قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج13 ص106): (هجران أهل البدع والفسوق، ومنابذي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائما). اهـ
12) وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (احذروا الدخول على أصحاب البدع، فإنهم يصدون عن الحق).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص137) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد الصايغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
13) وعن الحسن البصري، وابن سيرين أنهما قالا: (لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص121)، والجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص36)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص754)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص172)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1803)، واللالكائي في «الاعتقاد» (240)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص444) من طرق عن زائدة بن قدامة، عن هشام بن حسان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
14) وعن الإمام الحسن البصري / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب).
أثر صحيح
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (138)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص438) من طريقين عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن وضاح في «البدع» (126) من وجه آخر، ولا يصح.
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص83).
قلت: فلا تجالس أهل الأهواء؛ فتسمع منهم كلمة فترديك فتضلك، اللهم غفرا.
15) وعن الإمام إبراهيم النخعي / قال: (لا تجالسوا أصحاب الأهواء، فإني أخاف أن ترتد قلوبكم).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص439)، وابن وضاح في «البدع» (134)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص222) من طريق زيد عن محمد بن طلحة قال: قال إبراهيم النخعي به.
* هكذا بدون واسطة: بين محمد وابراهيم، وذكرت الواسطة في إسناد ابن بطة، وأبو نعيم: بين محمد، وإبراهيم، وهذه الواسطة: «الهجنع بن قيس الكوفي» قال عنه الدارقطني: «لا شيء» ([168])، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص589)([169]).
قلت: فالأثر لا بأس به في الشواهد.
وانظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج4 ص293)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج6 ص196).
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص84).
قلت: فلا تجالس أهل الأهواء؛ فإنهم يحدثون في قلبك ما لم يكن فيه...
فإن فعلت، فهذا جهل محض، والله المستعان.
16) وعن الإمام مجاهد / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء، فإن لهم عرة كعرة الجرب([170]».
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص441 و443) من طريقين مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فداء أهل البدع ينتشر في الناس إذا جالسوهم، وخالطوهم، والعياذ بالله.
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص245): (فلله در أقوام دقت فطنهم، وصفت أذهانهم، وتعالت بهم الهمم في اتباع نبيهم، وتناهت بهم المحبة حتى اتبعوه هذا الاتباع، فبمثل هدي هؤلاء العقلاء إخواني فاهتدوا، ولآثارهم فاقتفوا، ترشدوا، وتنصروا، وتجبروا). اهـ
وقال الإمام الأوزاعي /: (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك بالقول، فإن الأمر ينجلي، وأنت على طريق مستقيم).([171])
17) وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (صاحب البدعة لا تأمنه على دينك، ولا تشاوره في أمرك، ولا تجلس إليه، فمن جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى). يعني: في قلبه.
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص138)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (437)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص50) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد الصايغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (113) من طريق إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، نا الحميدي؛ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
18) وعن الإمام إبراهيم النخعي / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء، فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب، وتسلب محاسن الوجوه، وتورث البغضة في قلوب المؤمنين).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص439)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص51) من طريق عباس الدوري قال: حدثنا محاضر عن الأعمش قال: قال إبراهيم النخعي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فالجلوس مع أهل البدع يغرر بالآخرين([172]) الجاهلين، فيقعون معهم، والله المستعان.
فمن جالس صاحب بدعة، لم يسلم من إحدى ثلاث:
الأولى: إما أن يكون فتنة لغيره.
والثانية: وإما أن يقع في قلبه شيء فيزل به، فيدخل مع أهل البدع، ويكون منهم.
والثالثة: وإما أن يقول: والله ما أبالي ما تكلموا به من البدع، واعلم بأخطائهم، وأميز بين الحق والباطل، وأعرفهم على حقيقتهم في التحزب، وإنا سلفي قوي!، وإني واثق بنفسي، فمن أمن الله تعالى على دينه طرفة عين سلبه إياه أو بعضه، اللهم سلم سلم.
قلت: هكذا يهدم المرء دينه بالتهاون في الجلوس مع أهل البدع؛ لأن المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.([173])
قال تعالى: ﴿قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون﴾ [الأنعام: 65].
وقوله تعالى: ﴿أو يلبسكم شيعا﴾ أي: يخلطكم فرقا، ويبث فيكم الأهواء المضلة المختلفة والقتال، ﴿ويذيق بعضكم بأس بعض﴾([174]) بالخلاف والقتال.
بمعنى: يخلط أمركم خلط اضطراب، لا خلط اتفاق، أي: يبث فيكم الأهواء المختلفة، فتصيرون فرقا يخالف بعضكم بعضا، ويقاتل بعضكم بعضا.([175])
قلت: فمن جالس وخالط أهل البدع عاقبه الله تعالى باللبس والهوى، والاختلاف والضلال؛ المهلك لدنياه وآخرته، اللهم سلم سلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص177): (دين الإسلام إنما يتم بأمرين:
أحدهما: معرفة فضل الأئمة، وحقوقهم، ومقاديرهم، وترك كل ما يجر إلى ثلمهم.
والثاني: النصيحة لله سبحانه، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، وإبانة ما أنزل الله سبحانه من البينات والهدى.
* ولا منافاة أن الله سبحانه بين القسمين لمن شرح الله صدره، وإنما يضيق عن ذلك أحد رجلين:
* رجل جاهل بمقاديرهم، ومعاذيرهم، أو رجل جاهل بالشريعة وأصول الأحكام). اهـ
قال علي بن أبي طالب t؛ لرجل رآه يصحب رجلا كرهه له:
ولا تصحب أخا الجهل |
|
|
وإيــــــــــــــــك وإيـــــــــــــــاه |
فــكــم مــن جــاهـــــل أردى |
|
|
حــلــيــــمــا حـــيــــن آخــــاه |
يــقــــــاس الـــمــــرء بـالمرء |
|
|
إذا مـــــــا هــــــــو مـــــــاشــاه |
وللــــشــــيء عـــلـــى الشيء |
|
|
مــقــايــيـــــس وأشــــــبـــــــاه |
وللـــــروح عــــلــــى الــروح |
|
|
دلــيــــــل حــيــــن يــــلـــــقـاه |
وذو الـــحــــــزم إذا أبـــصـــر |
|
|
مـــــــــــا يــــخـــشــــــى توقاه |
وذو الـــغــــفــــلــــــة مـغرور |
|
|
وريــــــــب الـــدهــــر يــدهاه |
ومـــن يعرف صروف الدهر |
|
|
لا يــبـــطــــره نــعــمـــــــاه([176]) |
وقال أبو العتاهية:
من ذا الذي يخفى عليك |
|
|
إذا نـــظــــرت إلـــــى قــريــنه |
وعــلــــى الــفـتــى بـطــبــاعه |
|
|
ســمـــة تــلــوح على جبينه([177]) |
قلت: وإذا كانت هناك مصلحة في نصحهم ودعوتهم لتبيين الحق لهم، وتحذيرهم من بدعهم، وإقامة الحجة عليهم، فلا بأس أن يكون النصح عن طريق المراسلة والمكاتبة، وكذلك عن طريق الكتب والأشرطة وكفى.([178])
* ولذلك عليك باختيار الجليس السني الصالح الذي يدلك على الخير، ويبينه لك، ويحثك عليه، ويبين لك الشر، ويحذرك منه، وإياك والجليس البدعي الطالح، فإن المرء على دين خليله، فيدلك على الشر، ويبينه لك، ويحثك عليه، ويبين لك الشر، ويحثك عليه.([179])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح حلية طالب العلم» (ص104): (وإياك وجليس السوء، فإن المرء على دين خليله، وكم من إنسان مستقيم قيض الله له شيطانا من بني آدم، فصده عن الاستقامة!). اهـ.
قلت: ولا تخالطهم إلا حالة الضرورة القصوى، وبالتوقي لحظة، ثم انفر عنهم، وأقبل على دينك بإخلاص وصدق؛ لأن ذلك يأتي بالخير – بإذن الله –، والله يصرف السوء عنك.
19) وعن سلمة بن علقمة قال: (كان محمد بن سيرين ينهى عن الكلام، ومجالسة أهل الأهواء).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص522) من طريق بشر بن المفضل، عن سلمة بن علقمة به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: لأن الناس يسارعون إلى البدع، اللهم سلم سلم.
20) وعن عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول: (أصول السنة عندنا:... وذكر منها:- وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء).([180])
21) وعن معمر الأزدي قال: (كان ابن طاوس جالسا، فجاء رجل من المعتزلة، فجعل يتكلم.
قال: فأدخل ابن طاوس أصبعيه في أذنيه، وقال لابنه: (أي بني، أدخل أصبعيك في أذنيك واشدد، ولا تسمع من كلامه شيئا).([181])
قال معمر: يعني؛ أن القلب ضعيف.
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص446)، وعبد الرزاق في «المصنف» (2099)، واللالكائي في «الاعتقاد» (248)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (489)، والهروي في «ذم الكلام» (757)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص45) من طريق معمر الأزدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
22) وعن الإمام مفضل بن مهلهل / قال: (لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدء مجلسه ثم يدخل عليك بدعته؛ فلعلها تلزم قلبك فمتى تخرج من قلبك؟!)
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص444) من طريق أبي حاتم قال: حدثنا الحسن بن الربيع قال: حدثنا نوفل بن مطهر، عن مفضل بن مهلهل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
23) وعن إسحاق بن إبراهيم بن هانئ قال: سألت أبا عبد الله عن رجل مبتدع داعية يدعو إلى بدعته يجالس، قال أبو عبد الله: «لا يجالس، ولا يكلم لعله يتوب).([182])
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص475) من طريق جعفر بن محمد القافلائي قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
24) وعن الفريابي قال: (كان سفيان الثوري ينهاني عن مجالسة فلان يعني: من أهل البدع).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص463) من طريق أبي حاتم قال: حدثنا يحيى بن عثمان الحمصي قال: حدثنا الفريابي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فالمبتدع إذا جالسته، أحدث لك بدعة محدثة، اللهم سلم سلم.
قال ابن مسعود t: (أيها الناس إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة، فعليكم بالأمر الأول).([183])
25) وعن أبي عبد الله الملائي / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإنهم يمرضون القلوب).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص438) من طريق جعفر القافلائي قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاتي قال: أخبرنا عصمة بن أبي عصمة قال: حدثنا أبو عبد الله الملائي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
26) وعن الإمام الفضيل بن عياض قال: (إياك أن تجلس مع من يفسد عليك قلبك، ولا تجلس مع صاحب هوى، فإني أخاف عليك مقت الله).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص462) من طريق عبد الصمد خادم الفضيل قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح .
قلت: ولعل كلام المبتدع يقر في قلبك فتهلك، والله المستعان.([184])
* والواجب اتباع الدليل وتعظيمه، وإن يستشعر سامعه أن قائله قد خاطبه به، فتكون الهيبة في قلبه للشرع وأدلته، لا للرجال!.
27) وقال الإمام البربهاري /: (وإذا رأيت الرجل مجتهدا في العبادة، متقشعا، محترقا بالعبادة، صاحب هوى فلا تجالسه، ولا تقعد معه، ولا تسمع كلامه، ولا تمش معه في طريق، فإني لا آمن أن تستحلي طريقته فتهلك معه).([185])
قلت: لأن أهل البدع يفسدون القلوب، اللهم سلم سلم.([186])
* لذلك يجب بيان حالهم؛ لكي لا يتغرر بهم الناس، فيقعوا معهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص231): (ودفع بغي هؤلاء – يعني: أهل الأهواء – وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب، وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء). اهـ
قلت: وهناك النتائج الوخيمة المترتبة على مخالطة أهل البدع، فإن لهم في ذلك حيلا باطنة فتنبه.([187])
28) وقال الإمام أحمد /: (الذي كنا نسمع، وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم؛ أنهم كانوا يكرهون الكلام، والجلوس مع أهل الزيغ، وإنما الأمور في التسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله، أو سنة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم، فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون، فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم، والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص472)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص320) من طريق أبي صالح محمد بن أحمد حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى العكبري حدثني أبو علي حنبل بن إسحاق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
* واعلم أن الأهواء كلها رديه تدعو إلى الإعراض عن الحق.
فعن الإمام بندار بن الحسين / قال: (صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق).([188])
قلت: لأن الشخص إذا ابتدع بدعة خلاه الشيطان وعبادة البدع، وألقى عليه الخشوع البدعي في العبادة في ظاهره؛ لكي يصطاد به الشخص العامي، ومن ثم يصحبه في بدعته.([189])
29) وعن شعبة بن الحجاج قال: (كان سفيان الثوري يبغض أهل الأهواء، وينهى عن مجالستهم أشد النهي، وكان يقول: عليكم بالأثر).
أثر صحيح
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص142)، وأبو الفضل المقرئ في «أحاديث في ذم الكلام» (ص88) من طريق أبي حاتم السجستاني سمعت عبد الملك الأصمعي قال: سمعت شعبة بنالحجاج به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
30) وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (أدركت خيار الناس، كلهم أصحاب سنة، وينهون عن أصحاب البدع).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص138) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسين: قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد الصايغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص104) من طريق أحمد بن علي بن المثنى، عن عبد الصمد بن يزيد، عن الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده حسن.
31) وعن أيوب السختياني قال: رآني سعيد بن جبير جلست إلى طلق بن حبيب، فقال لي: (ألم أرك جلست إلى طلق بن حبيب؟ لا تجالسنه). يعني: لأنه مرجئ.
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص388)، وابن وضاح في «البدع» (145) من طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
32) وعن الإمام عمرو بن قيس الملائي / قال: (لا تجالس صاحب زيغ فيزيغ قلبك).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص443) من طريق أبي حاتم
قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد، عن عمرو بن قيس الملائي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
33) وعن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (لا تجالسوا أصحاب الكلام، وإن ذبوا عن السنة). وفي رواية: (لا تجالس صاحب كلام وإن ذب عن السنة؛ فإنه لا يؤول أمره إلى خير).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص540)، والهروي في «ذم الكلام» (1272)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص49)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص156) من طريقين عن أحمد بن حنبل به.
قلت: وإسناده صحيح.
وذكره ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص334).
قلت: لأن صحبة المبتدع عار يوم القيامة.
فعن الإمام الشافعي / قال: (صحبة من لا يخشى العار، عار في القيامة).([190])
قلت: فالذين يذهبون إلى الجماعات الحزبية وجمعياتهم المخالفة لأهل السنة والجماعة بحجة دعوتهم، ويعيشون معهم، ويكتبون تزكيات عن نشاطهم وجمعياتهم ومدارسهم ومراكزهم بحجة التوفيق، والدعوة والتعليم وعدم التفرقة، فهؤلاء يضرون أكثر مما ينفعون؛ حيث يأخذ الحزبيون ذلك حجة لهم، ويقولون: هؤلاء أهل التوحيد يحضرون إلينا، ويجتمعون بنا، ويكتبون لنا التزكيات والتوصيات.
قلت: فتحذير المسلمين من هؤلاء، ومناصبتهم العداء وفضح مخططاتهم، وأفكارهم الممقوتة؛ لأن تمييز مناهج المنحرفين، والمخالفين مطلب شرعي، كما قال تعالى: ﴿ولتستبين سبيل المجرمين﴾ [الأنعام: 55].
قلت: لأن هؤلاء جعلوا الدنيا الهدف الوحيد واستحبابها على الآخرة... حيث صارت الدنيا والعمل لها غاية هؤلاء الناس ومقصودهم، يحبون ويبغضون ويسعون ويكدحون لها وحدها، والعياذ بالله.
قال تعالى: ﴿الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولـئك في ضلال بعيد﴾ [إبراهيم: 3].
قلت: فليحذر أهل الدنيا من تحكيم العقول والآراء بدعوى التطوير للخطاب الإسلامي المناسب للعصر؛ لأن ذلك منشأ الفرقة والاختلاف بين المسلمين، اللهم غفرا.
قال تعالى: ﴿ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله﴾ [القصص: 50].
وعن الإمام ابن عيينة / قال: (إن العبد إذا هوى شيئا نسي الله عز وجل، وتلا: ﴿ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله﴾([191]) [ص: 26].
وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (وليس له أن يقول ما لا يعلم، أو يستمع إلى ما شاء، أو يهوى ما شاء؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولـئك كان عنه مسؤولا﴾([192]) [الإسراء: 36].
وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (علامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة).([193])
قلت: وهذا الذي وقع فيه بعض الناس بحجة جمع كلمة المسلمين، وبحجة تأليف القلوب، والتوفيق بين الناس، والتوفيق بين الآراء وأصحابها، أو بغير ذلك من الحجج التي يلبس، ويوسوس بها الشيطان على هؤلاء.
* وهذه صفات المنحرفين الذين ينشرن آراءهم المنحرفة، ويقول: ﴿إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا﴾ [النساء: 62].
34) وعن الإمام أحمد بن أبي الحواري / قال: (لا تجالسوا أهل البدع، ولا تبايعوهم، ولا تشاوروهم، ولا تناكحوهم، وإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوا جنائزهم، وكان يبكي: وهو يحدث حتى يسيل دموعه).
أثر حسن
أخرجه الطيوري في «الطيوريات» (ج3 ص1032) من طريق أبي طاهر محمد بن الحسين بن علي الأنطاكي، حدثني أبو الحسين علي بن عبد الله الكلبي قال: سمعت أحمد بن أبي الحواري به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص110): (وإياك والنظر في الكلام، والجلوس إلى أصحاب الكلام، وعليك بالآثار، وأهل الآثار، وإياهم فاسأل، ومعهم فاجلس، ومنهم فاقتبس). اهـ
قلت: فدلت هذه الآثار المنقولة عن أئمة السلف على حرمة مجالسة أهل البدع والأهواء مطلقا.
قلت: ومن جلس إلى صاحب بدعة، فلا بد أن يكون هناك احترام وتوقير: للمبتدع كما هو معروف.
* وتوقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان على الإسلام بالهدم:
إحداهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس، وإن ما هو عليه خير مما عليه غيره، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته، دون اتباع أهل السنة على سنتهم.
والثانية: أنه إذا وقر من أجل بدعته؛ صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء، وعلى كل حال، فتحيا البدع، وتموت السنن، وهو هدم الإسلام بعينه.([194])
فعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (من وقر صاحب بدعة أورثه الله تبارك وتعالى العمى قبل موته).([195])
قلت: وهذا الأثر يدل على خطر المبتدع على الفرد والمجتمع، وما له من آثار سيئة مدمرة للأمة، وخطر توقير المبتدع وتلميعه للمسلمين، فإن ذلك يورث العمى للموقر، ويطبع على قلبه، ويشين المجتمع المسلم بذلك التوقير للمبتدع؛ لأنه يحاد الله تعالى ورسوله r لما جاءت النصوص من الكتاب والسنة تتضمن التحذير من البدع و المبتدعة، وعدم توقيرهم، والتخويف من عواقبهم السيئة في الدنيا والآخرة.
* فكان عقاب الموقر أن أورثه الله تعالى العمى في بصيرته، فلا يدرك ماذا يقول... فتتجارى به الأهواء المهلكة له ولمجتمعه شيئا فشيئا، ويقع في الأوزار المضلة شيئا فشيئا، فيحمل وزره وأوزار من تبعه واقتدى به في ثنائه وتوقيره للمبتدع، حتى وإن كان قصد التابع، أو المبتدع – على زعمه – سليما وحسنا لتأليف القلوب، واجتماع الكلمة، وتصفية القلوب، ورص الصفوف، فالغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة وتحلها، والدين لا يبنى على الأهواء، والآراء والعصبية من أجل الحصول على الدنيا وزينتها.
* بل إن العمل مهما كان فلا بد له من شرطين يجب توفرهما؛ ليكون عملا صالحا، يرجى الثواب عليه، والاجتماع والتآلف عليه في البلد لمصلحة المسلمين عامة، وهما:
الأول: أن يكون العمل خالصا لله تعالى، وحده لا شريك له.
الثاني: أن يكون العمل صوابا على السنة، موافقا لهدي النبي r، ومنهج السلف.
قال تعالى: ﴿فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ [الكهف: 110].
وعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله r: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد).([196]) وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).([197])
قلت: وعليه فإن العمل المبتدع، وإن كثر قد شغل فيه المبتدع عامة الساعات، والأيام بل الشهور والأعوام، فهو جهد ضائع قد ذهب سعيه ووقته، وماله هباء منثورا، بل صار وبالا عليه، بالذل في الدنيا، والعقاب في الآخرة.([198])
فالمعنى إذا: أن من كان عمله خارجا عن الشرع ليس متقيدا بالشرع، فهو مردود عليه.([199])
قال الإمام الفضيل بن عياض /: (علامة البلاء أن يكون خدن([200]) الرجل صاحب بدعة).([201])
وعن الإمام الأوزاعي / قال: (من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام).([202]) وفي رواية: (من وقر صاحب بدعة فقد أعان على مفارقة الإسلام، ومن وقر صاحب بدعة؛ فقد عارض الإسلام برد).
وعن الإمام أبي إسحاق الهمداني / قال: (من وقر صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام).([203])
وعن الإمام إبراهيم بن ميسرة / قال: (من وقر صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام).([204])
وعن الإمام سفيان الثوري / قال: (من وقر صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام).([205])
قلت: فهناك نتائج وخيمة مترتبة على الثناء على أهل البدع، وتوقيرهم وتعظيمهم.
وإليك هذه الحادثة:
قال أبو الوليد الباجي في كتابه: «اختصار فرق الفقهاء» عند ذكر أبي بكر الباقلاني الأشعري: (لقد أخبرني أبو ذر الهروي - وكان يميل إلى مذهبه الأشعري - فسألته: من أين لك هذا – يعني المذهب الأشعري -، قال: كنت ماشيا مع أبي الحسن الدارقطني، فلقينا: أبو بكر بن الطيب، فالتزمه الدارقطني وقبل وجهه وعينيه، فلما افترقا قلت: من هذا؟ قال: هذا أمام المسلمين، والذاب عن الدين، القاضي أبو بكر بن الطيب، قال أبو ذر الهروي: فمن ذلك الوقت تكررت إليه مع أبي، فاقتديت بمذهبه).([206])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «ظاهرة التبديع» (ص45): (لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم، ولو كان عندهم شيء من الحق؛ لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة.
* والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة، ومن الثناء عليهم، ومن مجالستهم...
والمبتدعة يجب التحذير منهم، ويجب الابتعاد عنهم، ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضلال لا يخلو من شيء من الحق.
* ولكن ما دام عندهم ابتداع، وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة فلا يجوز الثناء عليهم، ولا يجوز مدحهم، ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم؛ لأن في هذا ترويجا للبدعة، وتهوينا من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ، ويكونون قادة للأمة – لا قدر الله – فالواجب التحذير منهم.
* وفي أئمة السنة الذين ليس عندهم ابتداع في كل عصر – ولله الحمد –الكفاية للأمة وهم القدوة). اهـ
قلت: ويتبين من ذلك أن توقير أهل البدع يغرر بالآخرين الجاهلين فيقعون معهم، خاصة إذا جاء التوقير والثناء على أهل البدع ممن يتسم فيه الصلاح، والله المستعان. ([207])
* فتوقير المبتدعة له مخاطر جسيمة، وأضرار بالغة مهلكة للفرد والمجتمع؛ لما في ذلك من التأثر بأقوالهم الضالة، وآرائهم المنحرفة، وانتشار دائهم الخطير في المجتمع، وانتقال أمراضهم المعدية من المبادئ الضالة، والمناهج المعوجة، والآراء المذمومة، والمفاهيم الخاطئة فتمرض الروح والبدن معا، فيقع بين المسلمين القتال والحرب، والعداوة والجدل، والتخاصم والتنازع، والاختلاف والبغضاء، والشحناء والغل، والحسد والشر في المجتمع المسلم؛ كما هو مشاهد في بلدان المسلمين، كل ذلك بسبب السكوت عن المبتدعة ومجالستهم، وتوقيرهم والثناء عليهم، ومعاونتهم على نشر أفكارهم الباطلة.
قلت: فيتهافت الناس على مناهجهم الضالة، وهم لا يشعرون، ثم يفتنون بهم، ويصبحون من أتباعهم فيكثر سوادهم، وتروج أفكارهم، وتتم مخططاتهم، وتحصل مآربهم ومصالحهم الدنيوية، فلا تسأل بعد ذلك عن الفتن التي تقع في ديار المسلمين بسبب سيطرة أهل البدع عليها.
* فهذا الأمر السيئ من أعظم أسباب تفرق المسلمين واختلافهم، وإيجاد العداوة والبغضاء فيما بينهم.
قلت: ومن تلك المخاطر أيضا: انخداع العامة والجهلاء بأهل البدع إذا رأوا أهل الصلاح يجالسونهم، ويثنون عليهم، ويستمعون لهم، ويسكتون عنهم، ويغدون ويروحون إليهم.
قلت: ومن وقر المبتدع وأثنى عليه وجالسه ولم يرجع، فقد سقط في بدعته وهواه ولا بد.
قال الإمام ابن بطة العكبري / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص470): (لقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ويسبونهم – يعني: أهل البدع والأهواء - فجالسوهم على سبيل الإنكار والرد عليهم، فما زالت بهم المباسطة، وخفي المكر، ودقيق الكفر، حتى صبوا إليهم!). اهـ
قلت: فيجب الترهيب العظيم، والزجر الشديد عن توقير واحترام المبتدعة، بل الترهيب عن مجرد المجاورة والمجالسة، والاستماع إليهم، وتكثير سوادهم، وترويج أسواقهم.
وقال العلامة ابن بدران / في «العقود الياقوتية» (ص48): (فالأهواء متى حلت بصاحبها أخذته عن الحق، وجعلت الباطل ساريا في لحمه ودمه، فإذا خالطه أحد حصلت له العدوى منه). اهـ
وعن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين).([208])
قلت: لا شك أن التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r والاقتداء بهم هو من أصول أهل السنة المهمة.
قال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص298): (يبغضون – يعني: أهل الحديث - أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان، وقرت في القلوب ضرت، وجرت إليها من الوساوس، والخطرات الفاسدة ما جرت، وفيه أنزل الله عز وجل قوله: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68]. اهـ
وقال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص219): (باب: مجانبة أهل الأهواء. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام:68]، وقال تعالى: ﴿ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه﴾ [الكهف:28]. اهـ([209])
وقال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص30): (ومن السنة: هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال، والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم، وكل محدثة في الدين بدعة). اهـ
قلت: فهجران أهل البدع من أصول([210]) الدين المجمع عليها عند السلف الصالح، فافطن لهذا ترشد.
* فانظر من تجالس، وممن تسمع، ومن تصحب، فإن الأمر دين.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص124): (وإذا أردت الاستقامة على الحق وطريق أهل السنة قبلك فاحذر الكلام وأصحاب الكلام، والجدال، والمراء، والقياس، والمناظرة في الدين؛ فإن استماعك منهم – وإن لم تقبل منهم- يقدح الشك في القلب، وكفى به قبولا فتهلك، وما كانت قط زندقة، ولا بدعة، ولا هوى، ولا ضلالة إلا من الكلام، والمراء، والجدال، والقياس، وهي أبواب البدع والشكوك والزندقة). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص121): (وإذا رأيت الرجل يجلس مع رجل من أهل الأهواء فحذره وعرفه فإن جلس معه بعدما علم فاتقه، فإنه صاحب هوى). اهـ
* فالله الله في نفسك، وعليك بالآثار، وأصحاب الآثار؛ فإن الدين بالآثار.([211])
قلت: فمن أسباب الفرقة السكوت عن البدعة، وعدم محاربتها عند ظهورها، فإنها تظهر أول الأمر بشكل دقيق لا يتفطن له، ثم تنمو وتكبر وتتفاقم ويعتادها الكبير، وينشأ عليها الصغير فيصعب حينئذ تركها والتخلي عنها.
* ومحاربة البدعة أول ظهورها والتغليظ على فاعلها أكبر سبب لإزالة كل ما من شأنه أن يفرق المسلمين.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص37): (واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها فعظمت وصارت دينا يدان بها، فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام). اهـ
وقال الإمام ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص302): (ووجه التحذير أن الذي يحدث البدعة قد يتهاون بها لخفة أمرها في أول الأمر، ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة، وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده، ولو لم يكن هو عمل بها، بل لكونه كان الأصل في إحداثها). اهـ
قال تعالى: ﴿ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون﴾ [النحل: 25].
أوزارهم: جزاء ذنوبهم، وعقاب ضلالهم، يزرون: يحملون أنفسهم من الأثقال.
قال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج13 ص302): باب: إثم من دعا إلى ضلالة، أو سن سنة سيئة.
وقال الإمام مجاهد / في «تفسير القرآن» (ص421)؛ عن قوله تعالى: (﴿ومن أوزار الذين يضلونهم﴾ قال: (حملهم ذنوب أنفسهم، وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم شيئا).
قلت: وهذا فيه التحذير من الضلال، واجتناب البدع، ومحدثات الأمور في الدين، والنهي عن مخالفة سبيل المؤمنين.([212])
قلت: فمن أحدث في الدين ما ليس منه يحمل وزره، ووزر من تبعه على باطله؛ لأنه ضال مضل، ضال في نفسه بما أحدثه من باطل جعله من الدين، ومضل لغيره من ضعاف العلم.
فعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها).([213])
وعن جرير بن عبد الله t عن النبي r قال: (من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها).([214])
* فهذه النصوص تدل بمنطوقها على عظم وزر كل من سن ما لا يرضاه الله تعالى، أو أدخل في دين الله ما ليس منه بأي وجه من الوجوه.
قلت: فيجب التحذير من الذي يحدث البدعة، ومحدثات الأمور في الدين.
قلت: لأن الباطل إذا عمل به لزم ترك العمل بالحق كما هو العكس.
* ومن السنة الثابتة ترك البدع، فمن عمل ببدعة واحدة فقد ترك تلك السنة.
قال تعالى: ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ [البقرة: 159].
قلت: فتأملوا المعنى الذي اشترك المبتدع فيه... وذلك مضادة الشارع فيما شرع؛ لأن الله تعالى أنزل الكتاب، وشرع الشرائع، وبين ذلك النبي r للمسلمين على غاية ما يمكن من الوضوح والبيان، فضاد ذلك الكافر... وضاد ذلك أيضا المبتدع فكتم وأخفى البيان والهدى... ووضع الوسيلة البدعية لترك ما بين، وإخفاء ما أظهر من البينات؛ لأن من شأن المبتدع أن يدخل الإشكال في البينات والواضحات من أجل اتباع المتشابهات؛ لأن البينات والواضحات تهدم له ما بنى عليه في المتشابهات، فهو أخذ في إدخال الإشكال على البين الواضح، حتى يترك فيحق باطله لكن: ﴿إن ربك لبالمرصاد﴾ [الفجر: 14].([215])
قلت: وما ازداد صاحب بدعة اجتهادا إلا ازداد من الله بعدا، والله المستعان.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص204): (ويزيد على تارك العمل بالعناد الذي تضمنه ابتداعه، والفساد الداخل على الناس به في أصل الشريعة، وفي فروع الأعمال والاعتقادات، وهو يظن مع ذلك أن بدعته تقربه من الله، وتوصله إلى الجنة.
* وقد ثبت النقل الصحيح الصريح بأنه لا يقرب إلى الله إلا العمل بما شرع، وعلى الوجه الذي شرع). اهـ
* فليتق امرؤ ربه، ولينظر قبل الإحداث في أي مزلة يضع قدمه؛ فإنه في محصول أمره يثق بعقله في التشريع، ويتهم ربه فيما شرع، ولا يدري المسكين ما الذي يوضع له في ميزان سيئاته، مما ليس في حسابه، ولا يشعر أنه من عمله.
* فما من بدعة يبتدعها أحد فيعمل بها من بعده؛ إلا كتب عليه إثم ذلك العامل، زيادة إلى إثم ابتداعه أولا، ثم عمله ثانيا.
* وإذا ثبت أن كل بدعة تبتدع، فلا تزداد على طول الزمان إلا مضيا، واشتهارا، وانتشارا؛ فعلى وزان ذلك يكون إثم المبتدع لها.([216])
قلت: فهو إثم زائد على إثم الابتداع، وذلك الإثم يتضاعف تضاعف إثم البدعة بالعمل بها، والله المستعان.([217])
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص218): (فإذا؛ كل من ابتدع في دين الله؛ فهو ذليل حقير بسبب بدعته). اهـ
قال تعالى: ﴿وكذلك نجزي المفترين﴾ [الأعراف: 152]، فهي لكل مفتر، ومبتدع إلى يوم القيامة.([218])
قلت: فالمفترون أي: المبتدعون، وهذا حق ظاهر، فكل من ابتدع بدعة – أيا كانت – فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r الكذب.
قال الإمام الفضيل بن عياض /: (وكذلك يجزي المبتدعين).([219])
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص218): (فهو عموم فيهم، وفيمن أشبههم؛ من حيث كانت البدع كلها افتراء على الله). اهـ
قلت: فهو واقع على أهل البدع.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص230): (فصاحب البدعة؛ لما غلب عليه الهوى مع الجهل بطريق السنة؛ توهم أن ما ظهر له بعقله هو الطريق القويم دون غيره فمضى عليه، فحاد بسببه عن الطريق المستقيم، فهو ضال من حيث ظن أنه راكب للجادة، كالمار بالليل على الجادة، وليس له دليل يهديه؛ يوشك أن يضل عنها، فيقع في متاعب، وإن كان بزعمه يتحرى قصدها.
* فالمبتدع من هذه الأمة – كربيع المدخلي – إنما ضل في أدلتها، حيث أخذها مأخذ الهوى والشهوة لا مأخذ الانقياد تحت أحكام الله). اهـ
قلت: وهذا منفذ الابتداع.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص231): (وكل ظاهر يمكن فيه أن يصرف عن مقتضاه في الظاهر المقصود، ويتأول على غير ما قصد فيه، فإذا انضم إلى ذلك الجهل بأصول الشريعة، وعدم الاضطلاع بمقاصدها؛ كان الأمر أشد وأقرب إلى التحريف والخروج عن مقاصد الشرع، فكان المدرك أغرق في الخروج عن السنة، وأمكن في ضلال البدعة، فإذا غلب الهوى أمكن انقياد ألفاظ الأدلة إلى ما أراد منها.
* والدليل على ذلك أنك لا تجد مبتدعا ممن ينسب إلى الملة، إلا وهو يستشهد على بدعته بدليل شرعي، فينزله على ما وافق عقله وشهوته ([220])!). اهـ
قلت: والمبتدع من أهل الزيغ، فلما زاغ أزاغ الله قلبه، فهو في تيه من حيث يظن أنه على الطريق المستقيم، والله المستعان.
قال تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5].
قال تعالى: ﴿كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء﴾ [المدثر: 31].
وقال تعالى: ﴿قد ضلوا وما كانوا مهتدين﴾ [الأنعام: 140].
قلت: فالشرع قد دل على أن الهوى هو التبع الأول في البدع.
فعن الإمام الشافعي / قال: (ما رأيت أحدا ارتدى شيئا من الكلام فأفلح).([221])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414): (فإذا كان الرجل مخالطا في السير لأهل الشر يحذر منه). اهـ
قلت: فإذا رأيت العبد يجالس أهل البدع، فايأس منه.([222])
قال أبو داود السجستاني: قلت: لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلا من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أترك كلامه؟ قال: (لا، أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه، فكلمه، وإلا فألحقه به).([223])
قلت: فألحق أتباع: «ربيع المدخلي» بأهل البدع ولا كرامة.
وقال الإمام الأوزاعي /: (من ستر عنا بدعته لم تخف علينا ألفته).([224])
قلت: لذلك لا ينظر إلى تلفظ الشخص بالسنة، بل ينظر إلى بطانته وصحبته وممشاه ومدخله وألفته، ثم يلحق بهم، والله المستعان.([225])
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص123): (إذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع، فاحذره فإن الذي أخفى عنك أكثر مما أظهر). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص114): (مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب، ويخرجون أذنابهم، فإذا تمكنوا لدغوا، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس، فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون).([226])اهـ
قلت: وربيع وشيعته ابتدعوا بدعا، وأدخلوا في الدين ما ليس منه، وقد أخفوا أمورا، وسوف تتجارى بهم الأهواء والبدع في التنقل، وينزع من سنتهم مثلها، وهذا مشاهد من هذه الفرقة، اللهم سلم سلم.
قلت: ينبغي للمرجئة أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا حذر منهم، وهجروا من قبل أهل الإسلام.
فعن الإمام حسان بن عطية / قال: (ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة).([227])
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإن كنتم لا بد مقتدين فبالميت، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة).([228])
وعن معاذ بن جبل t قال: (فإياكم وما ابتدع، فإنما ابتدع ضلالة).([229])
وعن الإمام عنبسة بن سعيد الكلاعي / قال: (ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره على المسلمين، واختلجت منه الأمانة).([230])
وعن الإمام الأوزاعي / قال: (ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب ورعه).([231])
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص122): (واعلم أن الأهواء كلها ردية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص133): (ومن كان محسنا للظن بهم – وادعى أنه لم يعرف حالهم – عرف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم، وجعل منهم). اهـ
قال الإمام محمد بن عبيد الله الغلابي /: (يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا التآلف والصحبة).([232])([233])
قلت: فالسلف يحكمون على المرء بقرينه؛ لأن المبتدع يتبع المبتدع، فافهم هذا ترشد.([234])
قال الإمام الأوزاعي /: (إذا رأيته يمشي مع صاحب بدعة، وحلف أنه على غير رأيه، فلا تصدقه).([235])
قلت: هذه نكتة سلفية عض عليها بالنواجذ، فلا يجمعك والمبتدع دار واحدة، اللهم سلم سلم.
قال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج2 ص381): (وقد شاهدنا من هذه المجالس الملعونة – يعني: مجالس أهل البدع والأهواء - ما لا يأتي عليه الحصر، وقمنا في نصرة الحق، ودفع الباطل بما قدرنا عليه، وبلغت إليه طاقتنا، ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها، علم أن مجالسة أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالسة من يعصي الله بفعل شيء من المحرمات، ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة، فإنه ربما ينفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان، فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه، فيعمل بذلك مدة عمره، ويلقى الله به معتقدا أنه من الحق، وهو من أبطل الباطل، وأنكر المنكر). اهـ
قلت: وعلى هذا فقد عارض: «ربيع المدخلي» نصوص الكتاب والسنة، وإجماع السلف، وأقوال أهل السنة والجماعة في هجران أهل البدع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص248): (وأهل السنة الذين هم أهلها يردون ما عارض النص والإجماع من هذه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج3 ص98): (والحق: أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج7 ص116): (السنة ما سنه النبي r، والخلفاء الراشدون من بعده، والإجماع هو ما أجمعت عليه علماء الأمة قديما وحديثا). اهـ.
قلت: فانظر يا ربيع يا مسكين كيف أنت عنهم بمعزل؟
قال الإمام أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص764): (ولو قد رزقت أيها المعارض شيئا من العقل علمت أن ما تدعي زور وباطل، ولكن قال رسول الله r: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فأصنع ما شئت»([236]». اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الحسبة في الإسلام» (ص26): (فأما الغش في الديانات فمثل البدع المخالفة للكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة من الأقوال والأفعال). اهـ
وقال الحافظ الذهبي في «الموقظة» (ص60): (فمنهم من يفتضح في حياته، ومنهم من يفتضح بعد وفاته، فنسأل الله الستر والعفو). اهـ
قلت: ولابد من الاعتراف بتغلغل البدع إلى حياة الحزبيين بجميع أنواعهم، وأن الحزبيين في هذا العصر بين مقر لها، أو ساكت عن التحذير منها، ومن بين هؤلاء الوعاظ والقصاص ومن يسمون بالمفكرين الإسلاميين!، وهم بين جاهل بحقيقة الأمر، وخائف على سمعته، ومكانة حزبه بين المبتدعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص22): (ثم استمر تزايد الإسلام، واستقام طريقه على مدة حياة النبي r، ومن بعد موته، وأكثر قرن الصحابة y، إلى أن نبغت فيهم نوابغ الخروج عن السنة، وأصغوا إلى البدع الضللة). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص634): (وبذلك كله يعلم من قصد الشارع أنه لم يكن شيء من التعبدات إلى آراء العباد، فلم يبق إلا الوقوف عند حده). اهـ
وعن ابن مسعود t – أنه كان يوصي الرجال والنساء – فيقول: (من أدرك منكم من امرأة، أو رجل: فالسمت الأول: السمت الأول).([237])
وقال الإمام الأوزاعي /: (اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم).([238])
قلت: والرابط لطلبة العلم بمنهج الأوائل من الأئمة الراسخين في العلم والعمل، وسلامة المعتقد والمنهج - لهو صمام الأمان، لوقايتهم من الوقوع في المنزلقات، والمخالفات العقدية، التي وقع فيها أهل البدع ومن تبعهم عندما هجروا الكتاب والسنة وآثار السلف، واتبعوا الآراء والأهواء.
* وهذا الأمر من أكبر الوسائل، بل هو الأساس لتوحيد كلمة المسلمين، ومنهجهم العلمي والعقدي، وتوحيدهم في جميع منهجهم، حتى يلحق آخر الأمة بأولها.
* وبهذا يعود للأمة مجدهم التليد، وماضيهم المشرق، وتقود الأمة مسيرة الدعوة... بعدما حررت نفسها من البدع بجميع أنواعها... فتكون أمة قوية موحدة، متحدة في العقيدة والدين.
قال الإمام ابن حزم / في «الفصل» (ج2 ص271): (أهل السنة والجماعة الذين نذكرهم، ومن عداهم فأهل بدعة، فإنهم الصحابة y، وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين رحمهم الله تعالى، ثم أصحاب الحديث، ومن تبعهم من الفقهاء جيلا فجيلا إلى يومنا هذا، ومن اقتدى بهم من العوام في شرق البلاد وغربها رحمة الله عليهم). اهـ
* وبهذا يكون طالب العلم وثيق الصلة بكتب ومصنفات الأئمة الأعلام من أهل السنة والجماعة، ويقف بنفسه على حقيقة أقوالهم ونقولاتهم، ويقرأ بنفسه تقريراتهم لمسائل هجر أهل البدع وغيرها حتى يذوق طعم العلم النافع، ويتبين له الحق الساطع.
قلت: لأنه لا يتصور قيام هذا الدين وعلى منهاج النبوة، إلا أن يربى الناس على اعتقاد السلف، وما كانوا عليه من أخلاق عالية، ودعوة عظيمة.
فعن الإمام مالك / قال: (كان وهب بن كيسان يقعد إلينا، ثم لا يقوم أبدا حتى يقول لنا: إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها).([239])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص155): (شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص85): (ويلحق الذم من تبين له الحق فتركه، أو من قصر في طلبه حتى لم يتبين له، أو أعرض عن طلب معرفته لهوى، أو لكسل، أو نحو ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج2 ص482): (ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف... فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة). اهـ
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه |
|
|
فــكــــل قــريــــن بــالــمقارن يقتدي |
قلت: فاحذروا أبا التميع المبتدع هذا، نعوذ بالله من التمييع وأهله!.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص158): (وقد حذر العلماء من مصاحبتهم ومجالستهم، وذلك مظنة إلقاء العداوة والبغضاء). اهـ
قال الإمام إبراهيم النخعي / في قوله تعالى: ﴿وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة﴾ [المائدة: 64] قال: هم أصحاب الأهواء). وفي رواية: (الجدال والخصومات في الدين).([240])
وقال الإمام أبو العالية /: (إياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء).([241])
قلت: فيجب مجانبة البدع، واتباع ما اجتمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام، والتباعد عن مجالس أهل البدع، ولزوم اتباع النبي r.
قال تعالى: ﴿ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا﴾ [النحل: 123].
قال الإمام محمد بن النضر الحارثي /: (من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة؛ نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه).([242])
قلت: فهذا هو منهج السلف، هجر أهل البدع على السواء من غير تفريق، وعلى هذا أجمعوا، اللهم غفرا.
* وقد امتاز السلف بمعاملتهم لأهل البدع بالهجر، وكانوا يعدون ذلك من المناقب والممادح التي يمدح بها العبد عند ذكره.
* وما كان باعثهم على هذا الهجر إلا الغيرة لهذا الدين، والنصيحة لله تعالى، ولرسوله r، ولأئمة المسلمين، وعامتهم.
* فهل بعد هذا يجوز لشخص أن يذم أحدا من أهل السنة بهذه الخصلة السلفية، اللهم غفرا.([243])
قلت: وكل مخالطة، ومحبة، وخلة في غير طاعة الله تعالى، ومحبته، تنقلب يوم القيامة إلى عداوة ومشاقة، قال تعالى: ﴿الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾ [الزخرف: 67].
قلت: فمن اتخذ البدع دينا من دون الله تعالى في الحياة الدنيا، فإنه يوم القيامة يكفر بها، بل أتباعها يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا، ويذم بعضهم بعضا، ولهم الذل، وما لهم من ناصرين، اللهم سلم سلم.([244])
قال تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ [المائدة:2].
قال تعالى: ﴿بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر﴾ [القمر:46].
* فأعوذ بالله تعالى من وبيل([245]) الطرد والإبعاد، ومن أهل الزيغ والعناد، وأن يبلغني الأمل والمراد.
* فالحذر الحذر من مخالطة أهل البدع؛ لأنها تؤدي بالعبد بنتائج وخيمة، ولو كانت المخالطة للرد عليهم ونصحهم؛ فإن المرء لا يأمن على نفسه الفتنة بأهل البدع.([246])
قلت: فمخالطتهم هلاك بين، وسم قاتل، والله المستعان.
وقال علي بن أبي طالب t:
إذا أنت لم تسقم، وصاحبت مسقما |
|
|
وكــنــت لــه خـــدنا فأنت سقيم([247]) |
قلت: فأضر الأشياء على قلوب المؤمنين مخالطة أهل البدع؛ فإنها توجب تشتت القلب، وهمه، وغمه، وضعفه.
* وهل كان أضر على عم النبي r أبي طالب عند وفاته من قرناء السوء؟!، لم يزالوا به حتى حالوا بينه، وبين كلمة: «لا إله إلا الله»، لو قالها لأوجبت له السعادة الأبدية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الشيخ بكر أبو زيد / في «الانتماء» (ص54): (مواجهة التصدع الداخلي في الأمة بفشو فرق، ونحل طاف طائفها في أفئدة شباب الأمة... إذ التصدع الداخلي تحت لباس الدين يمثل انكسارا في رأس مال المسلمين، وقد كان للسالكين في ضوء الكتاب والسنة لحظ وافر، والمقام العظيم في جبر كسر المسلمين، بردهم إلى الكتاب والسنة، وذلك بتحطيم ما قامت عليه تلك الفرق من مآخذ باطلة في ميزان الشرع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص253): (والأمر بالسنة، والنهي عن البدعة، هو أمر بمعروف، ونهي عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص233): (فلا بد من التحذير من تلك البدع، وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم). اهـ
* لذلك الله I لا بد من أن يميز بين أهل السنة، وبين أهل البدعة
قال تعالى: ﴿ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب﴾ [آل عمران: 179].
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص461): (أي: ما كان في حكمة الله أن يترك المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط، وعدم التمييز، حتى يميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب، فاقتضت حكمته الباهرة، أن يبتلي عباده، ويفتنهم بما به يتميز الخبيث من الطيب، من أنواع الابتلاء والامتحان.
* فأرسل الله رسله، وأمر بطاعتهم، والانقياد لهم، والإيمان بهم، ووعدهم - على الإيمان والتقوى – الأجر العظيم.
* فانقسم الناس - بحسب اتباعهم للرسل - قسمين: مطيعين وعاصين، ومؤمنين ومنافقين، ومسلمين وكافرين؛ ليرتب على ذلك الثواب والعقاب، وليظهر عدله وفضله، وحكمته لخلقه). اهـ
قال تعالى: ﴿قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث﴾ [المائدة: 100].
قال تعالى: ﴿ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض﴾ [الأنفال: 37].
قلت: ومما لا شك فيه أن الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، وعلماء السنة مجمعون ومتفقون على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم.
وقد بوب أهل العلم من المحدثين والفقهاء تبويبات عدة في معاداة أهل البدع ومهاجرتهم.([248])
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ج4 ص198): باب: مجانبة أهل الأهواء وبغضهم.
وقال الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج3 ص14): الترهيب من حب الأشرار وأهل البدع؛ لأن المرء مع من أحب.
وقال الحافظ النووي في «الأذكار» (ص323): باب: التبري من أهل البدع والمعاصي.
وقال الحافظ البيهقي في «الاعتقاد» (ص313): باب: النهي عن مجالسة أهل البدع ومكالمتهم.
وقال الحافظ أبو الفتح المقدسي في «الحجة على تارك المحجة» (ج1 ص319): باب: الأمر بهجران أهل البدع.
وقال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص219): باب: مجانبة أهل الأهواء.
وقال الحافظ ابن وضاح / في «البدع» (ص88): باب: النهي عن الجلوس مع أهل البدع وخلطتهم، والمشي معهم.
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص140): (ومن أنواع مكايده ومكره – أي الشيطان -: أن يدعو العبد بحسن خلقه وطلاقته وبشره إلى أنواع من الآثام والفجور، فيلقاه من لا يخلصه من شره إلا تجهمه والتعبيس في وجهه والإعراض عنه، فيحسن له العدو أن يلقاه ببشره، وطلاقة وجهه، وحسن كلامه، فيتعلق به فيروم التخلص منه فيعجز، فلا يزال العدو يسعى بينهما حتى يصيب حاجته، فيدخل على العبد بكيده من باب حسن الخلق، وطلاقة الوجه، ومن هنا وصى أطباء القلوب بالإعراض عن أهل البدع، وألا يسلم عليهم، ولا يريهم طلاقة وجهه، ولا يلقاهم إلا بالعبوس والإعراض).اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن /: (فيجب عليكم هجر أهل البدع، والإنكار عليهم).([249]) اهـ
وقال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص298): (ويتحابون – يعني: أهل الحديث – في الدين ويتباغضون فيه، ويتقون الجدال في الله والخصومات فيه، ويجانبون أهل البدع والضلالات، ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات، ويقتدون بالنبي r، وبأصحابه الذين هم كالنجوم بأيهم اقتدوا اهتدوا، ويقتدون بالسلف الصالحين، من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين، من الدين المتين والحق المبين). اهـ
قلت: فيجب بغض أهل البدع، وترك مجالستهم.
* وأجمع علماء السلف من أهل السنة على هجران أهل البدع وعدم مصاحبتهم.([250])
وممن نقل الإجماع: الصابوني، وأبو يعلى، والبغوي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن بطة، والشاطبي، وابن مفلح، واللالكائي، وأبو عبيد، وابن عبد البر، وغيرهم.([251])
وقال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص112): (واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد عنهم، ومن مصاحبتهم). اهـ
وقال القاضي أبو يعلى / تعالى: (أجمع الصحابة، والتابعون على مقاطعة المبتدعة).([252]) اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «تنوير الحوالك» (ج2 ص213): (وما زال الصحابة والتابعون فمن بعدهم يهجرون من خالف السنة، أو من دخل عليهم من كلامه مفسدة). اهـ
وقال العلامة الشيخ حمود التويجري / في «القول البليغ» (ص31): (وقد كان السلف الصالح يحذرون من أهل البدع، ويبالغون في التحذير منهم، وينهون عن مجالستهم، ومصاحبتهم، وسماع كلامهم، ويأمرون بمجانبتهم، ومعاداتهم، وبغضهم، وهجرهم). اهـ
وقال العلامة الشيخ حمود التويجري / في «القول البليغ» (ص33): (وكلام السلف، ومن بعدهم من أئمة الخلف في التحذير من أهل البدع، والأمر بمجانبتهم، ومجانبة من يميل إليهم كثير جدا). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن سمحان / في «كشف الشبهتين» (ص37): (ولو ذهبنا نذكر أقوال العلماء لطال الكلام، والمقصود التنبيه على أن هذا هدي رسول الله r، وهدي أصحابه، والتابعين لهم بإحسان، هجر أهل المعاصي والبدع، ودرج على ذلك أفاضل العلماء من أئمة الأعلام، فمن أخذ بهديهم وسار بسيرهم، فقد سار على الصراط المستقيم). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ /؛ عن أهل البدع: (ومن السنن المأثورة عن سلف الأمة وأئمتها، وعن إمام السنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل التشديد في هجرهم وإهمالهم، وترك جدالهم، واطراح كلامهم، والتباعد عنهم حسب الإمكان، والتقرب إلى الله بمقتهم وذمهم وعيبهم). اهـ.
وقال أبو العباس القرطبي في «المفهم» (ج6 ص534): (فأما الهجران لأجل المعاصي والبدعة فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك، ولا يختلف في هذا).اهـ
وقال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص224): (وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم، وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم). اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زمنين / في «أصول السنة» (ص293): (ولم يزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم، ويخبرون بخلاقهم، ولا يرون ذلك غيبة لهم، ولا طعنا عليهم). اهـ
قلت: والإجماع حجة شرعية قاطعة تحرم مخالفته، فمن خالف الإجماع هلك، والعياذ بالله.
قال تعالى: ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾ [النساء:115].
فـكــل خـيــر فــي اتـبـاع من سلف |
|
|
وكــل شــر فــي ابـتــداع مــن خلف |
وخــيــر أمــور الدين ما كان سنة |
|
|
وشـــر الأمـــور الـمحدثات البدائع |
قلت: والمقصود من الهجر زجر المهجور، وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله، وإظهار السنة، وإماتة البدعة، والحفاظ على دين المرء.
* فالحذار فالحذار من كتب: «ربيع المدخلي» التي أخرجها في الآونة الأخيرة، اهربوا بدينكم منها، وإلا وقعتم في الحيرة والبدعة والمعصية، اللهم سلم سلم.
* فاتقوا الله تعالى، وخافوا على أنفسكم، فإن الأمر صعب، وما بعد الجنة إلا النار، وما بعد الحق إلا الضلال، ولا بعد السنة إلا البدعة.([253])
قال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص224): (قد أخبر النبي r عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته، وسنة أصحابه y، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدا، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره، ويتبرأ منه، ويتركه حيا وميتا، فلا يسلم عليه إذا لقيه ولا يجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته، ويراجع الحق.
* والنهي عن الهجران فوق الثلاث فيما وقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة والعشرة دون ما كان ذلك في حق الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا). اهـ
وقال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص226)؛ في قصة كعب بن مالك t في قصة تخلفه وتخلف صاحبيه y وهجرانهم: (وفيه دليل على أن هجران أهل البدع على التأبيد،.. وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم، وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين ([254]) على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم).اهـ
قلت: فأمر النبي r بهجرانهم إلى أن أنزل الله تعالى توبتهم، وعرف النبي r براءتهم.([255])([256])
وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «حاشيته على رياض الصالحين» (ص105) معلقا على حديث عبد الله بن مغفل t في النهي عن الخذف: (في الحديث: جواز هجر أهل البدع والفسوق، ومنابذي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرهم أبدا). اهـ
* ولذلك فأمر البدعة خطير جدا، لا يزال أكثر الناس في غفلة عنه، ولا يعرف ذلك إلا طائفة من أهل العلم ومن تابعهم.([257])
قلت: وهذا الهجران والتبري والمعاداة في أهل البدع والمخالفين في الأصول.([258])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج24 ص174): (فبهذا، أو نحوه رأى المسلمون أن يهجروا من ظهرت عليه علامات الزيغ من المظهرين للبدع الداعين إليها والمظهرين للكبائر...). اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «تنوير الحوالك» (ج2 ص213): (وما زالت الصحابة والتابعون فمن بعدهم يهجرون من خالف السنة، أو من دخل عليهم من كلامه مفسدة). اهـ
وقال العلامة ابن سمحان / في «كشف الشبهتين» (ص37): (ولو ذهبنا نذكر أقوال العلماء لطال الكلام، والمقصود التنبيه على أن هذا هدي رسول الله r، وهدي أصحابه، والتابعين لهم بإحسان، هجر أهل المعاصي والبدع، ودرج على ذلك أفاضل العلماء من الأئمة الأعلام، فمن أخذ بهديهم وسار بسيرهم، فقد سـار على الصراط المستقيم). اهـ.
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب /: (وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأوكل سرائرهم إلى الله، وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة).([259]) اهـ
وقال أبو عبد الرحمن العـظـيم آبـادي / في «عون المعبود» (ج13 ص174): (فإن هجرة أهل الأهواء والبدع واجبة على مر الأوقات ما لم يظهر منه التوبة والرجوع). اهـ.
وقال أبو المظفر السمعاني / في «الانتصار لأهل الحديث» (ص16): (واعلم أنك متى تدبرت سيرة الصحابة، ومن بعدهم من السلف الصالح،([260]) وجدتهم ينهون عن جدال أهل البدع بأبلغ النهي، ولا يرون رد كلامهم بدلائل العقل، وإنما كانوا إذا سمعوا بواحد من أهل البدعة أظهروا التبري منه، ونهوا الناس عن مجالسته، ومحاورته، والكلام معه، وربما نهوا عن النظر إليه). اهـ
وقال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص224): (فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا). اهـ
وقال أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج6 ص534): (فأما الهجران لأجل المعاصي والبدعة، فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك، ولا يختلف في هذا). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج3 ص574): (ينبغي لكل من تمسك... أن يهجر جميع أهل الأهواء من: «الخوارج»، و«القدرية»، و«المرجئة»، و«الجهمية»، وكل من ينسب إلى: «المعتزلة»، وجميع: «الروافض»، وجميع: «النواصب»، وكل من نسبه أئمة المسلمين: أنه مبتدع بدعة ضلالة، وصح عنه ذلك، فلا ينبغي أن يكلم ولا يسلم عليه، ولا يجالس، ولا يصلى خلفه، ولا يزوج، ولا يتزوج إليه من عرفه، ولا يشاركه ولا يعامله، ولا يناظره ولا يجادله، بل يذله بالهوان له، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك). اهـ
وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة» (ص282): (ولا تشاور أحدا من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك ألا تقربه في جوارك، ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئا مما ذكرناه – أي: من البدع – وهجرانه والمقت له، وهجران من والاه ونصره، وذب عنه وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنة!).اهـ
قلت: فدل ذلك أن هجر أهل البدع والأهواء من أصول السنة، ومن ناصرهم ووالاهم وذب عنهم وصاحبهم – وإن كان يظهر السلفية – فإنه يلحق بهم، ويأخذ حكمهم، ويعامل معاملة أهل البدع([261])، اللهم غفرا.
قال العلامة الشيخ حمود التويجري / في «القول البليغ» (ص230) عن هذه الرواية وتطبيقها على أهل البدع: (وهذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها على الذين يمدحون التبليغيين، ويجادلون عنهم بالباطل، فمن كان منهم عالما بأن التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات، وهو مع هذا يمدحهم، ويجادل عنهم، فإنه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به، من البغض والهجر والتجنب، ومن كان جاهلا بهم، فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات، فإن لم يترك مدحهم والمجادلة عنهم بعد العلم بهم، فإنه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به). اهـ
وقال ابن الحاج / في «حز الغلاصم في إفحام المخاصم» (ص110): (فبين سبحانه بقوله: ﴿وقد نزل عليكم في الكتاب﴾ [النساء:140] ما كان أمرهم به من قوله في السورة المكية: ﴿فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾ [الأنعام: 68] ثم بين في هذه السورة المدنية أن مجالسة من هذه صفته لحوق به في اعتقاده، وقد ذهب قوم من أئمة هذه الأمة إلى هذا المذهب، وحكم بموجب هذه الآيات في مجالس أهل البدع على المعاشرة والمخالطة منهم: أحمد بن حنبل، والأوزاعي، وابن المبارك، فإنهم قالوا في رجل شأنه مجالسة أهل البدع قالوا: ينهى عن مجالستهم، فإن انتهى وإلا الحق بهم - يعنون في الحكم-، قيل لهم: فإنه يقول: إني أجالسهم لأباينهم وأرد عليهم، قالوا: ينهى عن مجالستهم، فإن لم ينته ألحق بهم).اهـ
قلت: لقد مضى أهل السنة والجماعة من الأولين، ومن بعدهم من المتأخرين على طريقة واحدة في التعامل مع أهل البدع، وذلك بعيبهم والتحذير منهم، وهجرهم والنهي عن مجالستهم؛ خوفا على من خالطهم، أو جالسهم من فتنتهم([262])،والله المستعان.
قلت: فاجتمع السلف كلهم على هجران أهل البدع.
وفي ذلك يقول أبو الفضل السكسكي / في مقدمة كتابه: «البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان» (ص13): (الحمد لله الذي أوضح لأوليائه الدليل، وهداهم إلى الحجة والسبيل، وجنبهم تخاليط أهل الأهواء، وأقامهم على السنة البيضاء، وصلاته على نبيه محمد r خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه النجباء الأتقياء، وبعد: فإني لما رأيت أهل العلم والسنة يأخذون في النقصان، وأهل الأهواء والمذاهب يكثرون في الأقطار والبلدان، ويستميلون كثيرا من الجهال والعوام، ويهدمون بتلبيسهم قواعد الإسلام، أحببت أن أجمع مختصرا أذكر فيه قواعد عقائد الثلاث وسبعين فرقة، التي ذكرها رسول الله r). اهـ
* فخير الطريقة: طريقة النبي r وسيرته، التي سار عليها خلفاؤه الراشدون وصحابته المتقون، وتمسك بها أئمة الدين، وساروا على نهجها إلى يوم الدين، وتبعهم أتباعهم إلى يومهم هذا، فتبعهم الأئمة الأربعة، الذين هم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وحفظوا ما جاءهم وما بلغهم من السنة، وحذروا من البدعة، وبينوا ضرر هذه البدع، سواء كانت في العقائد، أو في الأعمال، بينوا أن اقتراف البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية؛ وذلك أن المبتدع يعتقد أنه على حق، وأن الحق في جانبه؛ ولذلك لا يرجع عما هو عليه، ولو أتيته بكل آية ما اقتنع بما تدعو إليه؛ لذا كانت البدعة أحب إلى الشيطان من المعاصي، ومن كبائر الذنوب؛ لأن المعاصي يمكن التوبة منها، فيمكن أن يعرف صاحبها بأنه مذنب، ويأمل التوبة، ويبدؤها، وقد يوفق، وقد لا يوفق، أما المبتدع: فإن الشيطان يحسن له بدعته، ويبين له أن من خالفه فهو ضال، وإن من كان على غير طريقته فهو باطل!، وإن الحق بجانبه هو!.([263])
قال الإمام سفيان الثوري /: (ليس من ضلالة إلا وعليها زينة، فلا تعرض دينك إلى من يبغضه).([264])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج5 ص90): (لأهل البدع علامات منها:
1) أنهم يتصفون بغير الإسلام والسنة بما يحدثونه من البدع القولية، والفعلية، والعقدية.
2) أنهم يتعصبون لآرائهم، فلا يرجعون إلى الحق وإن تبين لهم.
3) أنهم يكرهون أئمة الإسلام والدين). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج2 ص291): (فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي r، وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع، سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «ظاهرة التبديع» (ص51): (فالبدعة هي إحداث شيء جديد في الدين، لا دليل عليه من كتاب الله، ولا سنة رسول الله r، هذه هي البدعة، وإذا ثبت أن شخصا ابتدع بدعة في الدين([265])، وأبى أن يرجع، فإن منهج السلف أنهم يهجرونه ويبتعدون عنه، ولم يكونوا يجالسونه.
* هذا منهجهم، لكن كما ذكرت، بعد أن يثبت أنه مبتدع، وبعد أن ينصح ولا يرجع عن بدعته؛ فحينئذ يهجر؛ لئلا يتعدى ضرره إلى من جالسه، والى من اتصل به، ومن أجل أن يحذر الناس من المبتدعة ومن البدع). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «ظاهرة التبديع» (ص20): (إذا المبتدع هو الذي أحدث في دين الله ما ليس منه بحيث يأتي بدين لم يدل عليه دليل من القرآن، أو من السنة). اهـ.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج5 ص259): (واعلم أنك لن تحدث بدعة في دين الله إلا انتزع الله من قلبك من السنة ما يقابل هذه البدعة؛ لأن القلب وعاء إن ملأته بالخير لم يبق فيه مكان للشر، وإن ملأته بالشر لم يبق فيه مكان للخير، وإذا ملأته بالسنة لم يبق فيه مكان للبدعة، وإذا ملأته بالبدعة لم يبق فيه مكان للسنة.
وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تجد هؤلاء الحريصين على البدع عندهم قصور وفتور في اتباع السنن، ولا يكادون يأتون بها على الوجه المطلوب). اهـ
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج4 ص372): (فالبدع كلها ضلالة). اهـ
قلت: ولأن المبتدع يعتقد أن الإسلام ناقص، وأن بدعته مكملة لهذا الدين!؛ لذلك يضيف([266]) بدعته إضافة إلى الشريعة الإسلامية.
ولذلك: حذر السلف الكرام من المبتدع وبدعته، واتهامه في الإسلام.
* وقد بين السلف الكرام أن الله تعالى قد امتن على المسلمين بأن أكمل لهم دينهم... فلم يحتج إلى تكميل، ولله الحمد والمنة.([267])
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «ظاهرة التبديع» (ص20): (البدعة عرفها أهل السنة والجماعة بأنها: ما أحدث في الدين مما ليس منه، فمن جاء بعبادة يتقرب بها إلى الله، وهي لم تكن في دين الله، وليس لها دليل من الكتاب أو السنة، فهذه هي البدعة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج3 ص155): (وعباد الله الصالحون هم الذين صلحت سرائرهم وظواهرهم.
فصلاح السرائر: بإخلاص العبادة لله.
والظواهر: بمتابعة رسول الله r.
هؤلاء هم الصالحون: وضد ذلك عباد الله الفاسدون:
إما بالسرائر.
وإما بالظواهر.
فالمشرك: فاسد السريرة.
والمبتدع: فاسد الظاهر؛ لأن بعض المبتدعة يريد الخير، لكنه فاسد الظاهر لم يمش على الطريق الذي رسمه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والمشرك: فاسد الباطن، ولو عمل عملا ظاهره الصحة، والصلاح مثل المرائي). اهـ
قلت: فهؤلاء غيروا وتحزبوا على البدع والأخطاء، فإنهم غير سلفيين، ولا من المتبعين للسلف بإحسان؛ لأن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
* فهذه أحزاب بدع وضلالات وافتراءات وانحرافات وتحزبات، فالخلط بينها وبين السلفيين خطأ كبير ينال صاحبه الإثم؛ لأنه تقول في ذلك بلا علم وبرهان.
قال تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ [النور: 63].
قلت: فهؤلاء أرادوا التميع مع المنحرفين بحجة جمع الصفوف، وتوحيد الكلمة.
* وهذا التميع للأسف وجد ممن يدعي العلم، فهذا بسبب عدم البيان الذي أمرنا الله به.([268])
فقال تعالى: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون﴾ [آل عمران: 187].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح حلية طالب العلم» (ص140): (المؤلف – / – حذر هذا التحذير البليغ من أهل البدع، وهم جديرون بذلك، ولا سيما إذا كان المبتدع سليط اللسان، فصيح البيان، فإن شره يكون أشد وأعظم، خاصة إذا كانت بدعته مكفرة، أو مفسقة تفسيقا بالغا، فإن خطره أعظم، ولا سيما إذا كان يتظاهر أمام الناس بأنه من أهل السنة؛ لأن بعض أهل البدع عندهم نفاق؛ فتجده عند من يخاف منه يتمسكن، ويقول: أنا من أهل السنة، وأنا لا أكره فلانا، ولا فلانا من الصحابة، وأنا معكم، وهو كاذب فمثل هؤلاء يجب الحذر منهم، وإن كان المبتدع عنده علوم لا توجد عند أهل السنة، ولا تتعلق بالعقيدة كمسائل النحو، والبلاغة، وما أشبهها، فلا تؤخذ منه؛ لأنه يتولد من ذلك مفسدتان:
الأولى: اغتراره بنفسه.
والثانية: اغترار الناس به، فالناس لا يعلمون؛ فلذلك يجب الحذر منه).([269])اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح حلية طالب العلم» (ص137): (يستفاد أنك لا ينبغي أن تجلس لمبتدع، وإن كانت بدعته: خفيفة كبدعة الأشعرية). اهـ.
قلت: فلا تطأ مكان من يغشون جماعتهم البدع، فإن فعلت ذلك، فإن جنايتك على السنة وأهلها عظيمة، اللهم غفرا.
قال الشيخ بكر أبو زيد / في «حلية طالب العلم» (ص133): (احذر: «أبا الجهل» – يعني: الجاهل – المبتدع، الذي مسه زيغ العقيدة، وغشيته سحب الخرافة، يحكم الهوى ويسميه العقل، ويعدل عن النص، وهل العقل إلا في النص، ويستمسك بالضعيف، ويبعد عن الصحيح، ويقال لهم أيضا: «أهل الشبهات»، و«أهل الأهواء»، ولذا كان ابن المبارك / تعالى؛ يسمي المبتدعة: «الأصاغر»). اهـ
وقال الشيخ بكر أبو زيد / في «حلية طالب العلم» (ص139): (فقد كان السلف رحمهم الله تعالى: يحتسبون الاستخفاف بهم، وتحقيرهم، ورفض المبتدع وبدعته، ويحذرون من مخالطتهم، ومشاورتهم، ومؤاكلتهم، فلا تتوارى نار سني ومبتدع). اهـ
وقال الشيخ بكر أبو زيد / في «حلية طالب العلم» (ص139): (وأخبار السلف متكاثرة في النفرة من المبتدعة وهجرهم؛ حذرا من شرهم، وتحجيما لانتشار بدعهم، وكسرا لنفوسهم؛ حتى تضعف عن نشر البدع؛ ولأن في معاشرة السني: للمبتدع تزكية له لدي المبتدئ والعامي، والعامي: مشتق من العمى، فهو بيد من يقوده غالبا...
فيا أيها الطالب: كن سلفيا على الجادة، واحذر المبتدعة أن يفتنوك، فإنهم يوظفون للاقتناص، والمخاتلة سبلا، يفتعلون تعبيدها بالكلام المعسول: - وهو: عسل مقلوب – وهطول الدمعة، وحسن البزة، والإغراء بالخيالات، والإدهاش بالكرامات، ولحس الأيدي، وتقبيل الأكتاف، وما وراء ذلك إلا وحم البدعة، ورهج الفتنة، يغرسها في فؤادك، ويعتملك في شراكه، فوالله لا يصلح الأعمى لقيادة العميان، وإرشادهم). اهـ
قلت: وقد ناقش علماء السنة: أهل البدع، وحذروا منهم، ونهوا عن الإصغاء إليهم، وسماع كلامهم، وعن مجالستهم ومجادلتهم، ونصحوا بالبعد عنهم.([270])
* فأهل الأهواء مبتدعة، يموهون على من جالسهم، وهم على باطل، فيوهمون الجاهل بأنهم على الحق، وأنهم على الصواب، فكم انخدع بزخرف قولهم من العوام الجهال.
فلذلك: ورد النهي عن مجالستهم حال خوضهم وجدلهم.
قال تعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68].
* وكل ذلك من أجل هجران أهل البدع وأهل المعاصي، واحتقارهم، والابتعاد عنهم؛ حتى لا تتمكن بدعتهم من المسلمين، وحتى يشعروا بالهوان والصغار والذل.
قلت: فأهل السنة ظاهرون، والمبتدعة صاغرون.
قال الإمام ابن القيم / في «التبيان في أقسام القرآن» (ص132) في بيان أنواع الأقلام: (القلم الثاني عشر: القلم الجامع، وهو قلم الرد على المبطلين، ورفع سنة المحقين، وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها، وبيان تناقضهم وتهافتهم، وخروجهم عن الحق، ودخولهم في الباطل.
* وهذا القلم في الأقلام نظير الملوك في الأنام، وأصحابه أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل، المحاربون لأعدائهم، وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، المجادلون لمن خرج عن سبيله بأنواع الجدال.
* وأصحاب هذا القلم حرب لكل مبطل، وعدو لكل مخالف للرسل، فهم في شأن، وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص103): (فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، ومن ضال جاهل لا يعلم طريق رشده قد هدوه، ومن مبتدع في دين الله بشهب الحق قد رموه جهادا في الله تعالى، وابتغاء مرضاته). اهـ.
وقال الإمام ابن القيم / في «النونية» (ص408):
هــذا ونــصر الدين فرض لازم |
|
|
لا للكفــايــة بــل عــلى الأعيان |
بيد وإما باللسان فــإن عـجـزت |
|
|
فـبــالــتــوجـــــــه والدعا بجنان |
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «محاضرات في العقيدة والدعوة» (ج1 ص107): (ولا زال العلماء ينكرون على المبتدعة في كل عصر والحمد لله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص158)؛ عن أهل السنة: (نقاوة المسلمين، وهم خير الناس للناس).اهـ
قلت: ونحن – ولله الحمد– في قوتنا من ديننا من إظهار السنة والعلم، وهجر أهل البدع؛ كما هو ظاهر، إلا ما اضطررنا إليه، فهنا لا يؤاخذ المرء مع التحرز منهم ما أمكن، وإنما يؤاخذ من أظهر دعوته: قولا وعملا، مع أهل البدع، وتميع معهم باختياره، اللهم غفرا.
قال تعالى: ﴿فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه﴾ [البقرة: 173].
وقال تعالى: ﴿فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم﴾ [الأنعام: 145].
وقال تعالى: ﴿فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم﴾ [النحل: 115].
وقال تعالى: ﴿وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه﴾ [الأنعام: 119].
* والنبي r كان يتألف قوما لم يتمكنوا من البدع، ويهجر آخرين؛ لأن البدع تمكنت منهم، وإذا اضطر إليهم داراهم لمصلحة الدين.
قلت: فلا بد من أسس، وضوابط يجب مراعاتها في دعوة أهل البدع على ما بينا في الاتباع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج24 ص175): (فأما من كان مستترا بمعصية، أو مسرا لبدعة غير مكفرة، فإن هذا لا يهجر، وإنما يهجر الداعي إلى البدعة، إذ الهجر نوع من العقوبة، وإنما يعاقب من أظهر المعصية قولا أو عملا، وأما من أظهر لنا خيرا فإنا نقبل علانيته، ونكل سريرته إلى الله تعالى، فإن غايته أن يكون بمنزلة المنافقين الذين كان النبي r يقبل علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، لما جاءوا إليه عام تبوك يحلفون ويعتذرون).اهـ
قلت: فإذا دعت الضرورة، أو الحاجة لمناظرتهم ومجادلتهم، كأن يخشى فتنة العامة، أو يطمع برد الشبهة فتشرع المناظرة في هذه الحالة، أما مخالطتهم ومناظرتهم بدون اضطرار من الشرع، فلم يقل به أحد من أئمة السلف.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص95): (إلا أن يضطر أحد إلى الكلام، فلا يسعه السكوت إذا طمع برد الباطل، وصرف صاحبه عن مذهبه، أو خشي ضلال عامة، أو نحو هذا). اهـ
* والضابط النافع في أمر المخالطة أن يخالط الناس في الطاعات، وأن يخالفهم في البدع والمعاصي، وإن دعت الحاجة إلى المخالطة الاضطرارية، فليستعن بالله تعالى، ويؤثر فيهم من الخير ما أمكنه بالطرق الشرعية، فإن عجز عن ذلك؛ فليسل نفسه وقلبه من بينهم كسل الشعرة من العجين، وليكن فيهم غائبا بعيدا، وحاجزا قريبا عند الاضطرار، يسمع كلامهم ولا يعيه؛ لما فيه من الباطل، وما أصعب هذا وأشقه على النفس، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، والله ولي التوفيق.
قلت: لكن في الأصل لا تختلط بأهل البدع إلا أحيانا للضرورة مثلا في الجامعات، أو المدارس، أو الوظائف وغير ذلك من الأمور الاضطرارية.([271])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «ظاهرة التبديع» (ص41): عن وجود أهل البدع في العمل: (وأما العمل إذا كان أنك لا تخضع لهذا المبتدع، وليس له عليك سلطان، وإنما أنت تحت إدارة، أو رياسة مستقيمة، وهو إنما هو يعمل مثلك، فلا شك أن كونك مع أهل السنة، ومع أهل الخير أفضل، أما إذا كنتم في عمل، أو في دائرة، أو مكتب، وهو ليس له عليك سلطة، ولا رياسة، ولا إدارة فلا حرج في ذلك... بشرط أن تتمسك بالسنة، وتحافظ على الصلوات، وتتركه جانبا، لا تباسطه، ولا تأنس معه، تتركه على جانب تعده كأنه غير موجود)([272]). اهـ
قلت: وما أصاب المسلمين من ضرر فبسبب تفرقهم عن الحق، وعدم اجتماعهم عليه، والحق الذي تركنا عليه رسول الله r أبلج واضح... والدعوة للاجتماع بدون أساس من العقيدة الصحيحة دعوة باطلة يروج لها من لا فقه ولا علم عنده في الدين الإسلامي.
* فليس معنى الدعوة للائتلاف أن نقول لأهل العقيدة الصحيحة: اجتمعوا مع أهل البدع، والمناهج المنحرفة بحجة عدم التفرق؛ كما يزعمه الإرائيون، وإنما نطلب من أهل الانحراف أن يتركوا انحرافاتهم وأحزابهم الضالة، ويعودوا إلى طريق أهل السنة والجماعة، والعقيدة الصحيحة، فيحصل الاجتماع على كلمة سواء بيننا وبينهم، وهي كلمة التوحيد الصحيح، والعقيدة الصحيحة: وفق الكتاب والسنة، بفهم سلف الأمة؛ لأن من علامات أهل البدع والتفرق: الإعراض عن الدليل من الكتاب والسنة، ومعارضته بالهوى والرأي والعقل، والعزوف عن العلم الصحيح، وإثارة الفتن والخلافات والاعتصامات والمظاهرات، والخروج على الجماعة، والحزبية الضيقة، واتباع المتشابه من القول، وعدم الاهتمام بعقيدة التوحيد ونشرها.
قلت: فالبعض يعيش ساعاتهم الحاضرة، لا ينظرون في التاريخ ليأخذوا منه العظة والعبرة، ولا ينظرون كذلك إلى المستقبل، فيقرأ الواحد في تاريخ أهل البدع، ويعتبر ماضيهم، وكيف سادوا وحكموا العباد والبلاد، وألزموا الناس بمذاهبهم الفاسدة، وكان لهم وجود حكومي قوي، قتلوا علماء السنة، ونشروا مذهبهم بالقوة، ولكن الله تعالى يسر زوال مذاهبهم على يد أهل السنة والجماعة، فظهر مذهب أهل السنة والجماعة، ولله الحمد والمنة.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «لقاء الباب المفتوح» (ج37 ص19)؛ عن الذين يدعون تأليف قلوب الناس على البدع: (لا نسلم بذلك؛ فإن هؤلاء الذين يجتمعون يتفرقون على غير شيء، ولا يمكن أن تتآلف القلوب على بدعة إطلاقا!). اهـ.
قلت: فإذا أيست من صلاح المبتدع، ففارقه واتركه.
* وإن اضطررت إلى سماع كلامه، وكان في ذلك فائدة، بحيث تسمع كلامه لترد ما عنده من باطل حتى ترد عليه، فإن السماع هنا، والاستماع لا بأس به، لكي ترد عليه، وتبطل كلامه البدعي.
* لكن إن خشيت على نفسك من سماع البدع، أن يقع في قلبك شيء منها، فالواجب عليك البعد وعدم سماع كلام أهل البدع.
* وأما إذا كان عندك من اليقين والقوة والثبات ما لا يؤثر عليك سماعها، فإنه إن كان في ذلك مصلحة للرد على المبتدعة، فلا بأس أن تسمعها، وإن لم يكن في ذلك مصلحة قلنا: الواجب ألا تسمعها لما في ذلك من إضاعة الوقت واللغو، وفيها أنزل الله تعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68].
* لكن إذا كنت تريد أن تعرف ما هم عليه من الباطل فترده، فإنه لا يدخل في الآية الكريمة.([273])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج5 ص89): (المراد بهجران أهل البدع: الابتعاد عنهم، وترك محبتهم، وموالاتهم، والسلام عليهم، وزيارتهم، وعيادتهم، ونحو ذلك.
* وهجران أهل البدع واجب؛ لقوله تعالى: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله﴾ [المجادلة: 22]، ولأن النبي r هجر كعب بن مالك، وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك.
* لكن إن كان في مجالستهم([274]) مصلحة لتبيين الحق لهم، وتحذيرهم من البدعة، فلا بأس بذلك، وربما يكون ذلك مطلوبا؛ لقوله تعالى: ﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن﴾ [النحل: 125].
* وهذا قد يكون بالمجالسة، والمشافهة، وقد يكون بالمراسلة والمكاتبة([275])، ومن هجر أهل البدع: ترك النظر في كتبهم؛ خوفا من الفتنة بها، أو ترويجها بين الناس، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب، لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها، فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به، وكان قادرا على الرد عليهم، بل ربما كان واجبا؛ لأن رد البدعة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «جزء حق الجار» (ص47): (فإن كان جارك رافضيا، أو صاحب بدعة كبيرة، فإن قدرت على تعليمه، وهدايته، فاجتهد، وإن عجزت، فانجمع عنه، ولا تواده، ولا تصافه، ولا تكن له مصادقا، ولا معاشرا، والتحول أولى بك). اهـ
قلت: وكذلك الجلوس مع أهل البدع والتحزب، وتوقيرهم، والثناء عليهم، ومداهنتهم من خوارم([276]) المروءة، بل تسقط المروءة من المرء بذلك، فيقع في المحرمات الشرعية، فتنتفي منه العدالة([277])،والله المستعان.
مـــن فـــــارق الــصــبـــر والــمـروءة |
|
|
أمــكـــن مـــــن نــفــســـه عـــدوه |
* ولذلك ترى من فقد المروءة، فقد فقد الحياء، ومن فقد الحياء، فقد اتخذ البدع والمعاصي دعوة ودينا، وأحب الظهور لنيل الرياسة، والشهرة الدنيوية.([278])
وإذا المرء جمع المروءة والتقى |
|
|
وحوى مع الأدب الحياء فقد كمل |
فعن عمر بن الخطاب t قال: (كرم المرء دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه).([279])
قلت: والمروءة هي جماع مكارم الأخلاق، وحسن الاستماع إلى الحق، والسمت الحسن، ومحاسن الآداب، والورع السامي، والأخلاق الحميدة، فمن تفوته صفة المروءة فاتته الصفات الحميدة، ووقع في النقص المذموم الذي يهلكه ولا يشعر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.([280])
قلت: فالمروءة مرتبة عظيمة في الشريعة، وعند علماء السنة، والعقلاء.
* فهي تحمل المسلم على ملازمة التقوى والورع، والمنهج([281]) والسياسة الشرعية([282])، وترك ما يشينه من الأقوال والأفعال.
قلت: فيجب على المسلم أن يتجنب ما يشينه من الأقوال كـ «توقير أهل البدع...»، والأفعال كـ «الجلوس مع أهل البدع...».([283])
قال الإمام ابن القيم / في «روضـة الـمـحبين» (ص428): (إن أغزر الناس مروءة أشدهم مخالفة لهواه). اهـ
قلت: فمن أراد أن يحرص على المروءة، فعليه أن يترك الهوى([284])، ويقبل على المنهج([285])، وعلى لزوم الحق الواضح والتمسك بالشرع الحنيف؛ فمجالسة أهل الديانة تجلو عن القلب صدأ الذنوب، ومجالسة ذوي المروءات تدل على مكارم الأخلاق، ومجالسة علماء السنة تذكي القلوب([286]).
* إذا فالحزبية والمميعة جهلوا مقاصد الشريعة، ومنهج السلف الماضين، وأقوال علماء السنة في التعامل مع أهل البدع والأهواء.([287])
قال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج1 ص410): (والمروءة شرط – أي: في العدالة – وهي ما يتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء، وهي حسن الهيئة، والسيرة، والعشرة، والصناعة، فإن كان الرجل يظهر من نفسه شيئا مما يستحيي أمثاله من إظهاره في الأغلب يعلم به قلة مروءته، وترد شهادته). اهـ
وقال الإمام محمد بن الحسن /: (المروءة: الدين والصلاح).([288])
وقال الجرجاني اللغوي / في «التعريفات» (ص111): (المروءة: قوة للنفس مبدأ لصدور الأفعال الجميلة عنها، المستتبعة للمدح شرعا وعقلا وعرفا).اهـ.
قلت: فعلى المرء المسلم أن يصون نفسه([289])، ويحفظها ويحميها عما يشينها، ويعيبها، ويزري بها عند الله تعالى وملائكته، وعباده المؤمنين، وسائر خلقه، والله المستعان.
قلت: فهؤلاء الحزبية والمميعة يظهرون لك الود والصفاء بلسانهم، ويضمرون لك العداوة والبغضاء، فأصمهم الله تعالى، وأعمى قلوبهم([290]): ﴿إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين﴾ [الأنبياء: 106].
* فدعوى جمع الكلمة على غير التوحيد الخالص، وعلى غير كلمة سواء، وعلى غير العروة الوثقى التي لا انفصام لها، وعلى غير حبل الله المتين، فهذا من أخطر الأمور على عقيدة المسلم([291])، بل ينافي التوحيد، ويخل بشرط من شروط: (لا إله إلا الله)، فالبراءة من البدع من واجبات الدين.
قال تعالى: ﴿وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم﴾ [الأنعام: 119].
قلت: فإذا لم يكن الداعي إلى الله تعالى متسلحا بسلاح العلم يدحض به شبهات المبطلين، ويخرج به الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم - فسيلتبس عليه الأمر، ويقف في أول الطريق، وينهزم أمام أعداء الله في الخارج والداخل.([292])
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص67): (ومن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم، وأزمنتهم وأمكنتهم، وأحوالهم وقرائن أحوالهم؛ فقد ضل وأضل، وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية من طبب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم، وأزمنتهم وطبائعهم، بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل، وهذا المفتي الجاهل أضر على أديان الناس وأبدانهم، والله المستعان). اهـ
قلت: ومن تمسك بمنهاج السلف الصالح لا يمكن أن يتركه إلى غيره؛ لهذا نجد الكثير ممن كانوا مع جماعات أخرى بدعية تخلوا عنها إلى أهل السنة والجماعة، ولا تجد سلفيا حقيقيا ترك الجماعة السلفية إلى فرقة، أو جماعة، أو طائفة أخرى؛ لأن الإيمان حينما يخالط بشاشة القلوب بصدق وإخلاص - لا يبغي به صاحبه بديلا.
قلت: لأنه لا يتصور قيام هذا الدين وعلى منهاج النبوة، إلا أن يربى الناس على اعتقاد السلف، وما كانوا عليه من أخلاق عالية.
فائدة: والهجر يكون بحسب البدعة وصاحبها، فافهم لهذا ترشد.
قال العلامة الشاطبي / في«الاعتصام» (ج1 ص175): (إن القيام عليهم بالتثريب، أو التنكيل، أو الطرد والإبعاد، أو الإنكار - هو بحسب حال البدعة في نفسها من كونها عظيمة المفسدة في الدين، أم لا؟، وكون صاحبها مشتهرا بها أو لا؟، وداعيا إليها أو لا؟، ومستظهرا الاتباع، وخارجا عن الناس أو لا؟، وكونه عاملا بها على جهة الجهل أو لا؟، وكل من هذه الأقسام له حكم اجتهادي يخصه، إذ لم يأت في الشرع في البدعة حد لا يزاد عليه، ولا ينقص منه). اهـ
* ثم بين العلامة الشاطبي /: اختلاف اجتهاد الأئمة في مواقفهم من المبتدعة، بحسب ذلك من الطرد والإبعاد، أو السجن والقتل، أو التجريح والتشهير، أو المناظرة والمداراة.([293])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج24 ص172): (من خالف الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه، فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع). اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص42): (والبدعة عبارة عن فعل لم يكن فابتدع). اهـ
وعن عمرو بن قيس: قلت للحكم الكوفي: (ما اضطر([294]) المرجئة إلى رأيهم؟ قال: الخصومات).([295])
قلت: فمرجئة العصر: كذلك يجادلون ويخاصمون الآن بالباطل، وما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، اللهم غفرا.
قال تعالى: ﴿ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون﴾ [الزخرف: 58].
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص235): (فإن من رد الحق مرج عليه أمره، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصواب، فلم يدر أين يذهب، كما قال تعالى: ﴿بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج﴾ [ق: 5]. اهـ يعني: في أمر مختلط.
وقال الإمام سفيان الثوري /: (ليس أحد أبعد من كتاب الله من المرجئة).([296])
وقال الإمام الشافعي /: (من تكلم بكلام في الدين، أو في شيء من هذه الأهواء ليس له فيه إمام متقدم من النبي r وأصحابه، فقد أحدث في الإسلام حدثا).([297])
قلت: فمن إمام المدخلي في الإرجاء الذي أحدثه؟! بل من إمامه في الأصول المحدثة التي أحدثها، والمخالفات الشرعية الأخرى التي أحدثها؟ اللهم غفرا!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414): (والبدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء: ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة، كبدعة: «الخوارج»، و«الروافض»، و«القدرية»، و«المرجئة»، فإن عبد الله بن المبارك، ويوسف بن أسباط، وغيرهما قالوا: أصول اثنتين وسبعين فرقة هي أربع: الخوارج([298])، والروافض([299])، والقدرية([300])، والمرجئة)([301]).اهـ
* فيا أيها المرجئون المفتونون، انظروا كيف تفتنون؟!.
فعن الإمام مصعب بن سعد / قال: (لا تجالس مفتونا؛ فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين، إما يمرض قلبك فتتابعه، وإما يؤذيك قبل أن تفارقه).([302])
وعن الإمام معاوية بن قرة / قال: (الخصومات في الدين تحبط الأعمال).([303])
وعن الإمام عمران القصير / قال: (إياكم والمنازعة والخصومة، وإياكم، وهؤلاء الذين يقولون: أرأيت أرأيت).([304])
وعن الإمام عبد الكريم الجزري / قال: (ما خاصم ورع قط في الدين).([305])
وعن الإمام عمر بن عبد العزيز / قال: (من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل).([306])
قلت: والمرجئة أظهروا بدعة الإرجاء، وجعلوا منهم غرضا للخصومات، وتنقلوا في الأهواء المضلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الإمام الشافعي /: (لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك، خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء).([307])
وعن ابن عباس ﭭ قال: (كل هوى ضلالة).([308])
ويؤيده: فعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله r: (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص35)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2054)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص63)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص214)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج2 ص340)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص137)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (520)، والنسائي في «السنن» (ج8 ص247)، وابن معين في «حديثه» (ص181)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص126)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص235)، والحميدي في «المسند» (273)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص97) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة به.
والألد: الشديد الخصومة، واللدد: الجدال، والخصومة، يقال: رجل ألد.([309])
قال الإمام قتادة / في قوله تعالى: ﴿وهو ألد الخصام﴾ [البقرة:204] قال: (جدل بالباطل).
أثر صحيح
أخرجه الحامض في «حديثه» (ص220)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص50)، والطبري في «جامع البيان» (3975) من طريق عبد الرزاق أنبأ معمر، عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص263).
وهذا معنى قوله r: (أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص279)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص78)، وأبو نعيم في «صفة النفاق ونعت المنافقين» (ص80) من طريق عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو به.
قلت: وإذا رأيت فجور: «ربيع المدخلي» في خصومته مع أهل السنة في ردوده عليهم، وما فيها من حقد، وغل، وفجور: تعلم صدق ما قلنا فيما سبق.
قال الإمام الأوزاعي /: (إذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم الجدل، ومنعهم العمل).([310])
قلت: فلا تخالطوا أصحاب الخصومات والمراء، فإنهم يتجادلون في دين الله تعالى، اللهم سلم سلم.
قال الإمام مسلم بن يسار /: (إياكم والمراء؛ فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته).([311])
قلت: فما ثار قوم بفتنة إلا أوتوا الجدل والمراء في الدين، اللهم غفرا.
قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص434): (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذروا المسلمين المراء والجدال، وأمروهم بالأخذ بالسنن، وبما كان عليه الصحابة y، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى). اهـ.
وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص470): (فالله الله معشر المسلمين، لا يحملن أحدا منكم حسن ظنه بنفسه، وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول: أداخله؛ لأناظره، أو لأستخرج منه مذهبه؛ فإنهم أشد فتنة من الدجال، وكلامهم ألصق من الجرب، وأحرق للقلوب من اللهب). اهـ
وقال أحمد بن أبي الحواري: قال لي عبد الله بن السري - وكان من الخاشعين -: (ليس السنة عندنا أن ترد([312]) على أهل الأهواء، ولكن السنة عندنا ألا تكلم أحدا منهم).([313])
قلت: والمراد هجرهم.([314])
* فحذر السلف من مجالسة أهل البدع، ومن أشخاص بعينهم، وذكروا أسماءهم، ولم يروا ذلك غيبة، اللهم سدد سدد.
وقد سئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز /: هل يجوز ذكر أسماء الأشخاص والتعرض لهم حينما يريد الإنسان أن ينقدهم، وينقد فكرهم؟
فأجاب سماحته: (إذا كان الشخص قد كتب([315]) شيئا يخالف الشرع المطهر، ونشره بين الناس، أو أعلن في وسائل الإعلام، وجب الرد عليه، وبيان بطلان ما قال، ولا مانع من ذكر اسمه؛ ليحذره الناس، كدعاة البدع، والشرك، وكالدعاة إلى ما حرم الله من المعاصي، ولم يزل أهل العلم والإيمان من دعاة الحق، وحملة الشريعة يقومون بهذا الواجب نصحا لله، ولعباده، وإنكارا للمنكر، ودعوة إلى الحق، وتحذيرا للناس من أن يغتروا بدعاة الباطل، والأفكار الهدامة).([316]) اهـ
وسئل سماحة الشيخ ابن باز /: الذي يثني على أهل البدع، ويمدحهم، هل يلحق بهم؟
فأجاب سماحته: (نعم، ما فيه شك من أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافية، نعم).([317]) اهـ
وهذا الحافظ الذهبي / ينقل في «السير» (ج16 ص457)، مقولة الحافظ الدارقطني: «ما شيء أبغض إلي من علم الكلام». ثم يقول: (لم يدخل الرجل أبدا في علم الكلام، ولا الجدال، ولا خاض في ذلك، بل كان سلفيا!([318]». اهـ
قلت: ومن الناس من يدعي التوسط والاعتدال بين أهل البدع وأهل السنة، فتراه يجالس الجميع، فإذا سئل هو ومن على شاكلته قالوا: نحن نجمع ولا نفرق!، ونقرب ولا نبعد!، ونؤلف ولا نختلف!، فهؤلاء لم يعرفوا هدى الله تعالى، ومراده من الإسلام كما يجب في الأرض.
* وقولهم هذا هو أصل التفريق، وعين البعد والاختلاف، وهدم للتأليف، وتشتيت للاجتماع، ونقض لنصوص الكتاب والسنة، وبعد عن هدي السلف الصالح، فتنبه.
* وقد وصفهم الشارع الحكيم بوصف دقيق يكشف تلاعبهم في الدين للمسلمين، اللهم غفرا.
فقال تعالى: ﴿مذبذبين بين ذلك لا إلى هـؤلاء ولا إلى هـؤلاء﴾ [النساء: 143].
وعن ابن عمر ﭭ قال: قال رسول الله r: (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة!).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2784)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص47)، وأبو نعيم في «صفة النفاق ونعت المنافقين» (ص59) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به.
قلت: فوقع المميع في النفاق العملي، فلا يدري من يتبع من الناس في دين الله تعالى.
فعن ابن عمر ﭭ قال: قال رسول الله r: (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، في هذه مرة، وهذه مرة، لا تدري في أيهما تتبع!).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2784)، وأبو نعيم في «صفة النفاق ونعت المنافقين» (ص59) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / عن هذا الصنف من الناس في «الفتاوى» (ج12 ص467): (وبإزاء هؤلاء المكفرين بالباطل أقوام لا يعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب، أو يعرفون بعضه، ويجهلون بعضه، وما عرفوه منه قد لا يبينونه للناس، بل يكتمونه، ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة، ولا يذمون أهل البدع ويعاقبونهم، بل لعلهم يذمون الكلام في السنة، وأصول الدين ذما مطلقا([319])، لا يفرقون بين ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وما يقوله أهل البدع والفرقة، أو يقرون الجميع على مذاهبهم المختلفة كما يقر العلماء في مواطن الاجتهاد التي يسوغ فيها النزاع، وهذه الطريقة تغلب على كثير من المرجئة، وبعض المتفقهة، والمتصوفة، والمتفلسفة، كما تغلب الأولى على كثير من أهل الأهواء، والكلام، وكلا هاتين الطريقتين منحرفة عن الكتاب والسنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج ص): (وليحذر العبد مسالك أهل الظلم والجهل الذين يرون أنهم يسلكون مسالك العلماء، تسمع من أحدهم جعجعة ولا ترى له طحنا، فترى أحدهم أنه في أعلى درجات العلم ، وهو إنما يعلم ظاهرا من الحياة الدنيا، ولم يحم حول العلم الموروث عن سيد ولد آدم r، وقد تعدى على الأعراض والأموال بكثرة القيل والقال، فأحدهم ظالم لم يسلك في كلامه مسلك أصاغر العلماء، بل يتكلم بما هو من جنس كلام العامة الضلال والقصاص والجهال، ليس في كلام أحدهم تصويب ولا تحرير للجواب كأهل العلم أولي الألباب، ولا عند خوض العلماء أهل الاستدلال والاجتهاد، بل ولا يحسن التقريب الذي يعرفه متوسطة الفقهاء؛ لعدم معرفته بأقوال الأئمة ومآخذهم.
* والكلام في الأحكام الشرعية لا يقبل من الباطل والتدليس ما ينفق على أهل الضلال والبدع الذين لم يأخذوا علومه من أنوار النبوة، وإنما يتكلمون بحسب آرائهم وأهوائهم، فيتكلمون بالكذب والتحريف، فيدخلون في دين الإسلام ما ليس منه، وإن كانوا لضلالهم يظنون أنه منه، وهيهات هيهات فإن هذا الدين محفوظ بحفظ الله، وقد وقع في هذا الباب كثير من الفقهاء والعامة ونحوهم ممن فيه زهد، ودين وصلاح، ولكن كل من لم يكن علمه وعمله يرجع إلى العلم الموروث عن الرسول r مقيدا بالشريعة النبوية لم يخلص من الأهواء والبدع، بل كله أهواء وبدع... ولكن أهل السنة يموتون، ويبقى ذكرهم؛ لأنهم أحيوا ما جاء به الرسول r، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم؛ لأنهم شانوا بعض ما جاء به الرسول r، فبترهم الله، فكان لهم نصيب من قوله تعالى: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ [الكوثر: 3].اهـ
* فهؤلاء المميعة([320]) تنكبوا المنهج السلفي الصحيح، بسبب جلوسهم مع أهل البدع والأهواء، فهم في جانب، ومنهج السلف في جانب آخر، لا عملوا به حقيقة، ولا دعوا الناس إليه صدقا، بل زادوا([321]) الطين بلة بأن تعاونوا في الدعوة مع أهل البدع والأهواء، فنشروا البدع معهم باسم السنن، والله المستعان.
* فانقلبت موازين المميعة، فأصبح اللين والمداهنة والموادعة لأهل البدع هي المطلوبة عندهم في الدعوة، بل هي الواجبة والنصيحة، والله المستعان.
* فليتق الله هؤلاء القوم، وليرجعوا إلى منهج أهل السنة والجماعة الذي ليله كنهاره، لا يزيغ عنه إلا هالك.
* إن هؤلاء المميعة لم يضعوا في اعتبارهم حال المخالط لأهل البدع والتحزب، والقارئ لكتبهم، هل يلحقه ضرر في دينه؟ وإذا كان ذلك واردا، فهل يجب عليه الابتعاد عن أهل البدع حفاظا على دينه وعقيدته، أو يجوز له مخالطتهم، وتكثير سوادهم، والتعاون معهم في نشر باطلهم، وإن أدى الأمر إلى كل هذه المفاسد.([322])
* إن المسلم العاقل الناصح ليجزم بتحريم مخالطة أهل البدع، وتحتم على المتعرض للفتنة في دينه الابتعاد عنهم([323]) كما بينا ذلك سابقا.
قلت: فهجران أهل البدع والتحزب وسيلة من الوسائل لإعلاء كلمة الله تعالى، فافطن لهذا ترشد.
* وقد أساء كثير من أنصار أهل البدع والمحامين عنهم في فهم كلام بعض أهل العلم في موضوع التأليف والنصح وتطبيقه؛ مما أدى بهم إلى محاربة أهل السنة، وتولي أهل البدع، فمع وضوح رجحان المفاسد على المصالح بما لا يقاس، لا يقتصرون على التلاحم مع أهل البدع، الأمر الذي أدى إلى ضياع كثير من الشباب معهم، وارتمائهم في أحضان أهل البدع، فترتب على ذلك المفاسد المدمرة التي لا يستطيع أهل البدع تحقيقها مهما كادوا، ومهما مكروا، فهل ضعف الشر بالدخول مع أهل البدع ونصحهم، أو خف، أم أنه استفحل واتسع، وقويت شوكة أهل البدع في بلدان المسلمين؟
* ثم هل هؤلاء يسلكون في التأليف والنصح لأهل البدع والتحزب مسلك رسول الله r، وصحابته الكرام، والسلف والأئمة؟ أفهرع أتباع أهل البدع إلى السنة والحق([324])، وتخلوا عن بدعهم وتحزبهم، كما تخلى أتباع من تألفهم رسول الله r عن كفرهم وشركهم، أم أن الأمر بالعكس فنرى أهل السنة يتسربون أفواجا أفواجا إلى أهل البدع والتحزب بسبب غش من يتصيد الشباب من المميعة، وعدم مبالاتهم بانحرافهم مع الحزبيين، اللهم غفرا.
قال الإمام ابن القيم / في «بدائع الفوائد» (ج2 ص275)؛ في بيان أقسام الناس من حيث المخالطة: (القسم الرابع: من مخالطته الهلاك كله، ومخالطة بمنزلة أكل السم، فإن اتفق لآكله ترياق، والا فأحسن الله فيه العزاء، وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله، وهم أهل البدع والضلالة الصادون عن سنة رسول الله r، الداعون إلى خلافها الذين يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجا، فيجعلون السنة بدعة، والبدعة سنة، والمعروف منكرا، والمنكر معروفا). اهـ.
قلت: فعلى المسلم أن يفكر بعقله، ولا يجعله بيد الحزبيين والمميعين، يروحون به، ويغدون حيث شاءوا، فيهلك ولا كرامة، اللهم غفرا.
قال الإمام عبد الله بن داود سنديلة /: (من علامات الحق البغض لمن يدين بالهوى، ومن أحب الحق، فقد وجب عليه البغض لأصحاب الهوى، يعني بأصحاب الهوى الذين عدلوا عن الآثار وتبعوا الآراء).([325])
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «ظاهرة التبديع» (ص45): (فالواجب اتباع المستقيم على السنة الذي ليس عنده بدعة، وأما المبتدع فالواجب التحذير منه، والتشنيع عليه؛ حتى يحذره الناس، وحتى ينقمع هو وأتباعه، وأما كونه عنده شيء من الحق، فهذا لا يبرر الثناء عليه أكثر من المصلحة، ومعلوم أن قاعدة الدين: (إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح).
* وفي معاداة المبتدع درء مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إن كانت، ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يضلل أحد، ولم يبدع أحد؛ لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق، وعنده شيء من الالتزام.
* المبتدع ليس كافرا محضا، ولا مخالفا للشريعة كلها، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور، أو غالب الأمور، وخصوصا إذا كان الابتداع في العقيدة، وفي المنهج فإن الأمر خطير؛ لأن هذا يصبح قدوة، ومن حينئذ تنتشر البدع في الأمة، وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم.
فهذا الذي يمدح المبتدعة، ويشبه على الناس بما عندهم من الحق هذا أحد أمرين: إما جاهل بمنهج السلف، ومواقفهم من المبتدعة، وهذا الجاهل لا يجوز أن يتكلم، ولا يجوز للمسلمين أن يستمعوا له، وإما أنه مغرض؛ لأنه يعرف خطر البدعة، ويعرف خطر المبتدعة، ولكنه مغرض يريد أن يروج للبدعة، فعلى كل هذا أمر خطير، وأمر لا يجوز التساهل في البدعة وأهلها مهما كانت). اهـ
قال الإمام أحمد / في «الرد على الجهمية» (ص170)؛ في وصف أهل البدع: (هم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقون على مفارقة الكتاب يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يلبسون عليهم).([326])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ
* والمنهج الحق قائم على قمع البدع خوفا من انتشار الداء الخطير منها ، وانتقال الأمراض المعدية، فمرض البدع أشد فتكا، وأعظم ضررا في الأمة.
قال الإمام ابن القيم / في «الفروسية» (ص228): (لسنا ممن يقعقع له بالشنان، ولا ممن يضر إذا أشرع إليه طرف السنان، وإنا – بحمد الله – للحق ناصرون، وبه منتصرون، وفيه متبصرون، وبه مخاصمون، وإليه محاكمون، وهو أخبيتنا التي نفزع إليها، وقاعدتنا التي نعتمد عليها، ونحن نبرأ إلى الله مما سواه، ونعوذ بالله أن ننصر إلا إياه، ولسنا ممن يعرف الحق بالرجال، وإنما ممن يعرف الرجال بالحق، ولسنا ممن يعرف الحق على آراء الخلق، فما وافقه منها قبله، وما خالفه رده، وإنما نحن ممن يعرض آراء الرجال، وأقوالها على الدليل فما وافقه منها اعتد به وقبله، وما خالفه خالفه). اهـ
قلت: ومعناه أنهم يأتون بما تستنكره قلوب المؤمنين، ولا تعرفه.
* وهذا يدل على أن الحق والباطل لا يلتبس أمرهما على المؤمن البصير، بل يعرف الحق بالنور الذي عليه، فيقبله قلبه، وينفر عن الباطل فينكره ولا يعرفه.
* والسلف على هذا قاموا بالتنبيه على عظم شر أهل البدع، وحذروا من مجالستهم، ووقفوا بالمرصاد لكل من يحاول بث الشبه المشككة في هذا الدين.
* وما جاءت النصوص العظيمة من الكتاب والسنة وآثار السلف([327]) تحذر من أهل البدع تحذيرا شديدا، وتنهى عن مجالستهم والاستماع إليهم، إلا لما في هذا من مخاطر جسيمة، وأضرار بالغةعلى الأمة، فمن هذه المخاطر:
1) أن من استمع إلى أهل البدع فقد يتأثر بأقوالهم الضالة، وآرائهم المنحرفة، فيدين بعقائدهم، ويسير في ركابهم، وتلك والله الخسارة الحقيقية التي لا تعوض، والمصيبة الداهية التي لا تقدر، وإذا لم يتأثر بأقوال أهل البدع، فإنه على أقل تقدير، وأقرب احتمال يبقى متشككا في أمر دينه، وعقيدته الصحيحة، والمنهج السلفي الصحيح.
2) انخداع العامة والجهلاء بأهل البدع إذا رأوا أهل الفضل والصلاح يجالسونهم، ويستمعون لهم، ويغدون ويروحون إليهم.
3) تكثير سواد أهل الأهواء والبدع، وترويج مذاهبهم الباطلة.
4) العزوف عن العلم الثابت من الكتاب والسنة.
5) العزوف عن نشر السنة وإحيائها.
6) الخوف العظيم من الوقوع في المجادلات والخصومات؛ لما لها من آثار سيئة على الفرد والجماعة؛ فهي من أعظم أسباب تفرق المسلمين واختلافهم، وإيجاد العداوة والبغضاء فيما بينهم.
7) توقير واحترام أهل البدع والأهواء؛ لأنه بمجرد المجاورة والمجالسة والاستماع([328]) إليهم يقع ذلك في صدور الناس، والعياذ بالله.
8) العزوف عن منهج القرون الفاضلة.
9) الوقوع في كيد الكائدين، وعبث العابثين.
قلت: وقد بذل السلف الصالح لصون هذا الدين، والمحافظة عليه، وحماية التوحيد، وحذروا من مجالسة أهل البدع والأهواء لحماية المسلمين من كيد الكائدين، وعبث العابثين، وحثوا على الاستمساك بالسنة وتعظيمها([329])، والعض عليها، وترك التفرق والاختلاف ومسبباتهما كالمراء والمجادلة وقاموا ببيان وتوضيح الخطر الشديد من البدع([330])، وقاموا أيضا بالتنبيه على عظم شر أهل البدع، وأن السلامة من البدع تعدل الهداية للإسلام، فافطن لهذا ترشد.
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص63): (الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها وإن كثر الخلاف، كما أنها في أصولها كذلك، ولا يصلح فيها غير ذلك). اهـ
قلت: وللعلم بأن أهل السنة قد نصحوا أهل البدع، وأكثروا من ذلك بوسائل شتى، وقامت عليهم الحجة، فليتمتعوا إلى حين، إذا فلا داعي إلى منهج: «ربيع المدخلي» هذا الذي سلكه في الآونة الأخيرة في الدخول مع أهل البدع ودعوتهم؛ فإنه منهج إخواني، فاحذروه يا قوم.
ثم نقول لربيع: ما فائدة مخالطة أهل البدع ودعوتهم، وهم تتجارى بهم الأهواء، ولا يوفقون للتوبة؛ لإصرارهم على البدع وتكبرهم على الحق وتحريفهم للنصوص!.
* وقد وصفهم النبي r بذلك.
فعن معاوية t
قلت: فنبغت نابغة المرجئة، معلنة انتقاص هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، ورفعت راية الكلام والإرجاء في بلد الحرمين، واتهام العلماء وأتباعهم، ورميهم بالألقاب المشينة والأالفاظ المقذعة مثل:
* حدادية، نعرة، أهل دنيا ومناصب، وغير ذلك([332]) تتجارى بهم الأهواء شيئا فشيئا؛ لذلك هؤلاء لا يوفقون للتوبة، اللهم غفرا.
فعن الإمام أيوب / قال: (كان رجل يرى رأيا فرجع عنه فأتيت محمدا فرحا بذلك أخبره، فقلت: أشعرت أن فلانا ترك رأيه الذي كان يرى؟ فقال: انظروا إلى ما يتحول!).([333])
قلت: فيتحول من بدعة إلى أخرى!([334]).
وعن الإمام الأوزاعي / قال عن أهل البدع: (إنكم لا ترجعون عن بدعة إلا تعلقتم بأخرى، هي أضر عليكم منها).([335])
قلت: والكلب داء عضال، لا يرجى شفاؤه، وكذلك البدع، وهو خبيث معد، وكذلك البدع.
* فالبدع تتجارى بأهلها؛ فتحول بينهم، وبين التوبة على الغالب، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
* لذلك ينبغي التفريق بين من أخطأ بعد تحري الحق، وبذل الجهد، ولم يعاند ويخالف، ومن تتجارى به الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه فلا يدع عنادا، ولا خلافا إلا دخله.
* فهذا هو المبتدع، فإذا خالف دليل الشرع هواه تأوله، وإن استعصى عليه رده، بل تراه يتبع شبهة وافقت هواه ويبتغي فتنة وافقت غرضه.([336])
قال تعالى: ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾ [آل عمران: 7].
* فالمبتدع يزيغ قلبه أولا، ثم يتبع المتشابه من القرآن والسنة.([337])
قلت: ثم بعد هذا يجعل ذلك عمدته في دين الله تعالى، وهذا يقع ممن لم يتمكن من العلم، فهو الحري بالاستنباط ما خالف الشرع دائما وأبدا؛ فيجري منه مجرى الكلب من صاحبه، فهذا هو المبتدع المذموم الآثم.([338])
قلت: ومن الحماقة أن ينظر في مقالات وكتب «ربيع المدخلي» في الإرجاء وغيره، التي ضل فيها عن الصراط المستقيم، والتي تتضمن إشارة قدح، ودلالة تنقص لهذا الدين العظيم، واتهاما له بعدم الكمال، وأنه بحاجة إلى مزيد، والله المستعان.
* فهي تحمل انحرافات متعددة، وفلسفات متباينة على طريقة أهل الزيغ والضلال، بل اتفقت كتبه فيما تضمنته من ضلال وانحراف في الأصول، وإفساد للفطر السليمة، وتدمير الشباب.
قلت: أما يكفي ويشفي يا ربيع: كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r وآثار السلف، وأقوال أهل السنة؟!
* فعلينا النظر في مقالاته المحرقة نظر تأمل وتفكر، اللهم غفرا.([339])
قلت: فلماذا يستبدل الداء القاتل والسم الزعاف، بالدواء الشافي والعسل المصفى؟!.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص679): (أن يعتقد الإنسان في نفسه أنه من أهل العلم والاجتهاد في الدين – ولم يبلغ تلك الدرجة – فيعمل على ذلك، ويعد رأيه رأيا، وخلافه خلافا.
* ولكن يكون ذلك في جزئي، وفرع من الفروع، يكون فيه كلي، وأصل من أصول الدين، فتراه آخذا ببعض جزيئات الشريعة في هدم كلياتها، حتى يصير منها إلى ما ظهر له بادئ رأيه من غير إحاطة بمعانيها، ولا رسوخ في فهم مقاصدها، وهذا هو المبتدع...). اهـ
فعن الإمام يحيى ابن أبي عمرو الشيباني / قال: (كان يقال: يأبى الله لصاحب بدعة توبة، وما ينتقل صاحب بدعة إلا إلى شر منها).([340])
وعن الإمام عبد الله بن القاسم / قال: (ما كان عبد على هوى فتركه إلا إلى ما هو شر منه).([341])
قلت: لأن الهوى([342]) يصد عن الحق، اللهم سلم سلم.
وعن الإمام عطاء الخراساني / قال: (ما يكاد الله أن يأذن لصاحب بدعة بتوبة).([343])
وعن الإمام الحسن بن أبي الحسن البصري / قال: (أبى الله تبارك وتعالى أن يأذن لصاحب هوى بتوبة).([344])
قلت: فإذا غلب الهوى على القلب استحسن الرجل ما كان يستقبحه، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص684): (ولهذا قال بعض السلف: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها، وهذا معنى ما روي عن طائفة أنهم قالوا: إن الله حجز التوبة على كل صاحب بدعة، بمعنى أنه لا يتوب منها؛ لأنه يحسب أنه على هدى).اهـ.
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص124): (وسبب بعده عن التوبة أن الدخول تحت تكاليف الشريعة صعب على النفس؛ لأنه أمر مخالف للهوى، وصاد عن سبيل الشهوات، فيثقل عليها جدا؛ لأن الحق ثقيل، والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها، لا بما يخالفه.
* وكل بدعة فللهوى فيها مدخل؛ لأنها راجعة إلى نظر مخترعها لا نظر الشارع، فإن أدخل فيها نظر الشارع فعلى حكم التبع لا بحكم الأصل مع ضميمة أخرى، وهي أن المبتدع لا بد له من تعلق بشبهة دليل ينسبها إلى الشارع، ويدعي أن ما ذكره هو مقصود الشارع، فصار هواه مقصودا بدليل شرعي في زعمه.
* فكيف يمكنه الخروج عن ذلك([345])، وداعي الهوى مستمسك بجنس ما يستمسك به؟ وهو الدليل الشرعي في الجملة). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص123): (وحاصلها أنه لا توبة لصاحب البدعة عن بدعته، فإن خرج عنها فإنه يخرج إلى ما هو شيء منها، أو يكون ممن يظهر الخروج عنها، وهو مصر عليها بعد!). اهـ
وعن الإمام سفيان الثوري / قال: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية) زاد أبو سعيد الأشج: (لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها).
أثر صحيح
أخرجه البغوي في «زوائده على مسند ابن الجعد» (1809)، واللالكائي في «الاعتقاد» (238)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص26)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص121)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص39) من طرق عن أبي سعيد الأشج قال: سمعت يحيى بن اليمان يقول: قال سفيان الثوري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وتابعه بشر بن الحارث قال: سمعت يحيى بن اليمان به.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص121).
وأورده أبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص381) والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص216).
قلت: ومراد الإمام سفيان الثوري / بهذا أن المبتدع قلما يوفق للتوبة من بدعته، إذ كيف يتوب من عمل يعتقد جازما أنه يقربه إلى الله تعالى زلفى، ويؤمل عليه الثواب الجزيل والأجر العظيم، فيتفانى تفانيا عظيما في هذه البدعة، أو البدع، ويبذل في سبيلها النفس والنفيس، ويجهد جسده، وماله، وولده في سبيل تلك البدع، ولو كان ذلك على حساب فرائض شرعية، وأمور واجبة حتمية.
* فرجل بهذه المثابة قل أن يقلع عن تلك البدع، ويتوب منها، ويعقد العزم على عدم العودة إليها، إلا أن يشرح الله تعالى صدره للسنة، وما ذلك على الله بعزيز، فهو تعالى مقلب القلوب.
قلت: وليس مراد الإمام سفيان / أن المبتدع لا تقبل توبته، كما قد يفهم ذلك، أو يستشكل.
وقال الإمام أحمد /: (الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ، وإنما الأمور في التسليم، والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله، أو سنة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ؛ لترد عليهم، فإنهم يلبسون عليك، ولا هم يرجعون).([346])
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص100): (قال علماء السلف: ما وجدنا أحدا من المتكلمين في ماضي الأزمان إلى يومنا هذا رجع إلى قول خصمه، ولا انتقل عن مذهبه إلى مذهب مناظره؛ فدل على أنهم اشتغلوا بما تركه خير من الاشتغال به). اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «أدب الطلب» (ص66): (وأنه لا يرجع المبطل إلى الحق إلا في أندر الأحوال). اهـ
وقال الإمام أيوب السختياني /: (إن المبتدع لا يرجع).([347])
وقال الحافظ البيهقي / في «مناقب الشافعي» (ج1 ص175): (وهذا لأن المقيم على البدعة قلما يرجع بالمناظرة، وإنما يناظر من يرجو رجوعه إلى الحق إذا بينه له). اهـ
قلت: والله تعالى احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ويرجع عنها حقيقة؛ لأنه قلما يوفق صاحب البدعة إلى توبة؛ وذلك لأن صاحب البدعة التي انتحلها اعتقادا، واتخذها سنة يحسب أنه يحسن صنعا، فكيف ينزع عن بدعته.
* ولذلك: فالبدعة أخطر من المعصية، وأضر على الدين وأشد فتكا بالمجتمع المسلم.
قال الإمام سفيان الثوري /: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها).([348])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص9): (ومعنى قولهم: «إن البدعة لا يتاب منها»: أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله r، قد زين له سوء عمله؛ فرآه حسنا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا؛ لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه، أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب، أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنا، وهو سيئ في نفس الأمر؛ فإنه لا يتوب.
* ولكن التوبة ممكنة وواقعة([349])، بأن يهديه الله ويرشده؛ حتى يتبين له الحق، كما هدى من الكفار والمنافقين وطوائف من أهل البدع والضلال، وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص103): (إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع... ثم إن أهل المعاصي ذنوبهم: فعل بعض ما نهوا عنه، من سرقة، أو زنى، أو شرب خمر، أو أكل مال بالباطل، وأهل البدع ذنوبهم: ترك ما أمروا به من اتباع السنة وجماعة المؤمنين).اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص123): (وحاصلها أنه لا توبة لصاحب البدعة عن بدعته، فإن خرج عنها فإنه يخرج إلى ما هو شيء منها، أو يكون ممن يظهر الخروج عنها، وهو مصر عليها بعد!). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج3 ص72): (فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل). اهـ
وقال العلامة
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص860): (فعلى كل تقدير لا يتبع أحد من العلماء إلا من حيث هو متوجه نحو الشريعة قائم بحجتها، حاكم بأحكامها جملة وتفصيلا.
* وأنه متى وجد متوجه غير تلك الوجهة في جزئية من الجزئيات، أو فرع من الفروع لم يكن حاكما، ولا استقام أن يكون مقتدى به فيما حاد فيه عن صواب الشريعة البتة). اهـ
* فحاد ربيع المدخلي عن صواب الشريعة، وهذا يعتبر إعراضا عن منهج السلف الصالح، وهذا بسبب وقوعه في الغلو والتعصب: لآرائه المنحرفة.([350])
* وهذا الذي أوقعه في التأويل الفاسد، وهو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى احتمال المرجوح؛ لدليل يقترن به.
* وهذا الاستعمال استعمله «ربيع المدخلي» في تأويل النصوص إلى القول بالتنازل عن الأصول، وموافقته للمرجئة في مسائل الإيمان، وانحرافه في الصفات، وغير ذلك مما تبين عنه.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص225): (فالتأويل الصحيح هو الذي يوافق ما جاءت به السنة، والفاسد المخالف له).اهـ
* وقد استخدم أعداء السنة التأويل لهدم الدين من داخله فهم: «قوم أرادوا إبطال الشريعة جملة وتفصيلا».([351])
* ولذلك لو طبق منهج: «ربيع المدخلي» الحالي في الأصول والفروع لهدم الدين!.
* ولذلك أخذ «ربيع المدخلي» بالمتشابهات لعلها تكون حجة له!، ومن هنا أخذ بالمطلقات من الأدلة دون النظر فيها، وقيدها بالعمومات من غير تأمل، فقرر الآراء المذمومة من غير دليل.
* وهذا المسلك رمي في عماية، واتباع للهوى في الشريعة.([352])
* فاشتبه عليه الأمر في دين الله تعالى، فاتبع المتشابه من آرائه المخالفة للكتاب والسنة، حتى أنه استشكلت - والعياذ بالله - عليه بعض المسائل في الصفات فزاغ عن الطريق المستقيم، وهذا بسبب تقصيره عن سؤال أهل العلم الذين هم أعلم منه بالعقيدة السلفية!.
قال تعالى: ﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه﴾ [آل عمران: 7].
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج3 ص92): (إنه لم يصر متشابها من حيث وضع في الشريعة، من جهة أنه قد حصل بيانه في نفس الأمر، ولكن الناظر قصر في الاجتهاد، أو زاغ عن طريق البيان اتباعا للهوى).اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص312): (من اتباع المتشابهات الأخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها، أو في العمومات من غير تأمل، هل لها مخصصات أم لا؟.
* وكذلك العكس، بأن يكون النص مقيدا فيطلق، أو خاصا فيعم بالرأي من غير دليل سواه([353])، فإن هذا المسلك رمي في عماية، واتباع للهوى في الدليل([354])، وذلك أن المطلق المنصوص على تقييده مشتبه إذا لم يقيد، فإذا قيد صار واضحا). اهـ
* وهذا الذي جر المدخلي إلى التعصب لآرائه المخالفة للكتاب والسنة، كما هو مشاهد منه.
* إن هذا التعصب([355]) جره إلى بلايا عظيمة في المعتقد، وغلبت الأهواء على نفسه؛ حتى امتنع عن قبول الحق من علماء أهل السنة والجماعة الذين ردوا عليه.
قال العلامة الشوكاني / في «أدب الطلب» (ص92): (واعلم أنه كما يتسبب عن التعصب محق بركة العلم، وذهاب رونقه، وزوال ما يترتب عليه من الثواب، كذلك يترتب عليه من الفتن...). اهـ
وقال العلامة المعلمي / في «التنكيل» (ج1 ص183): (ومن عجيب شأن التعصب أنه يبلغ بصاحبه من العمى أن يسعى جاهدا في الإضرار بمن يتعصب له متوهما أنه يسعى في نفعه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص224): (ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنسوبين إلى العلماء والعباد يجعل من أهل الأهواء، كما كان السلف يسمونهم أهل الأهواء.
* وذلك أن كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه، والعلم بالدين لا يكون إلا بهدى الله الذي بعث به رسوله r). اهـ
قلت: فكل من لم يتبع العلم والحق، فهو صاحب هوى.
قال تعالى: ﴿وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم﴾ [الأنعام: 119].
وقال تعالى: ﴿ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله﴾ [القصص: 50].
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص51): (إنه اتباع الهوى؛ لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع لم يبق له إلا الهوى والشهوة، وأنت تعلم ما في اتباع الهوى، وأنه ضلال مبين... وهذا شأن المبتدع، فإنه اتبع هواه بغير هدى من الله وهدى الله هو القرآن). اهـ
قلت: والتكلف والتبدع في أي باب من أبواب الدين، لهو الخطوة القوية لولادة البدع ونشأتها، وهو الأرض الخصبة، والميدان الفسيح لترعرعها، وشيوعها، وانتشارها، ورواج سوقها، وبالتالي هو السهم الصائب لقتل السنن ووأدها، وقد أحدث المبتدعون أمورا كثيرة في دين الله، وهم مع كل ذلك يحسبون أنهم يحسنون صنعا.([356])
* وهذا من أشد أنواع المجادلة بالباطل، وأعظمها فتكا بالسنة... فيتخذ منها ستارا لنشر الضلال، وزخرفة الباطل، وتزيين الشر([357])، وذلك إما بصرف النص عن معناه: الصحيح إلى معنى: باطل لا يؤيده إلا الهوى، وإما باتباع المتشابه، والله المستعان.
* ثم إذا اضطر السني إلى مجادلة البدعي، فلا بد للسني من قدرة علمية على مجادلة البدعي، فتنبه.
قال الشيخ بكر أبو زيد / في «حلية طالب العلم» (ص152): (فإذا اشتد ساعدك في العلم ، فاقمع المبتدع وبدعته؛ بلسان الحجة والبيان). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح حلية طالب العلم» (ص103): (صحيح: إذا اشتد ساعدك في العلم فرد على أهل البدع، أما إذا لم يكن عندك العلم الوافي في رد البدعة، فإياك أن تجادل؛ لأنك إذا هزمت وأنت سني؛ لعدم قدرتك على مدافعة هذا المبتدع، فهي هزيمة للسنة.
ولذلك: لا نرى الجواز للإنسان أن يجادل مبتدعا؛ إلا وعنده قدرة على مجادلته.
* وهكذا أيضا مجادلة غير المبتدعة - أعني الكفار - لا نجادلهم إلا ونحن نعلم أننا على يقين من أمرنا، وإلا لكان الأمر عكسيا، بدل أن يكون انتصارا لما نحن عليه من دين وسنة... يكون الأمر بالعكس). اهـ
* ولذلك هناك: من الجهود المباركة لأهل السنة – وما أعظمها – لإظهار عوار تلك الطوائف الضالة، المخالفة لمنهج الكتاب والسنة، ولبيان زيغ تلك المذاهب المذمومة الشاذة عن مذهب السلف الصالح أهل السنة والجماعة، والتي انحرفت بسبب تسلل هذا الجرثوم الخطير إلى جسدها، ألا وهو علم الكلام، فأعمل فيه فتكا وتدميرا، فحاد بها عن فطرتها السليمة، وطمس على بصيرتها، وشل تفكيرها، فكان من نتائج هذا أن ردت، أو أولت([358]) بكل صراحة نصوصا كثيرة من الكتاب والسنة؛ لأنها لا تتناسب مع فكرها السقيم، وعقليتها المريضة([359]).
* وإن من المعلوم أن هذا الدين قد كمل من كل وجه، سواء من حيث الاعتقاد، أو من حيث العبادات، أو من حيث المعاملات، أو من حيث الأخلاق، أو غير ذلك.
فقال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ [المائدة: 3].
* وقد تكفل الله تعالى بحفظ هذا الدين، فحفظ هذا القرآن العظيم من أي: تحريف، أو تصحيف، ومن أي زيادة، أو نقص.
فقال تعالى: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحج: 9].
* وإن من حفظ القرآن حفظ ما يبينه ويوضحه وهو السنة، ذلك الوحي الثاني، إذ بدونها لا يمكن لأحد أن يعرف جملة كبيرة من مسائل الاعتقاد، وبدونها لا يمكن معرفة أمور كثيرة من الحلال والحرام، بل بدونها لا يمكن لأحد أن يعرف كيف يتعبد ربه بالصلاة والزكاة، والصيام، والحج، وغير ذلك.
قلت: وإذا أراد الله تعالى أمرا هيأ له أسبابه، فهيأ الله لحفظ القرآن الكريم، والسنة النبوية أسبابا، فاختار تعالى هذا الجيل المبارك، جيل السلف الصالح لنشر دينه: ﴿وربك يخلق ما يشاء ويختار﴾ [القصص: 68].
* فقام أولئك بحمل هذه الأمانة العظيمة على أكمل وجه، وأدوا هذه المهمة خير أداء، وبذلوا في سبيل ذلك جهودا عظيمة مشكورة، وقدموا أعمالا جبارة مذكورة، يدفعهم الطمع في مرضاة الله تعالى، وجنته، والخوف من سخطه وناره.
* ولما انقرض عصر السلف الصالح، وإذا بالأمانة الجهادية ينتظر حملها جيل آخر، قد اصطفاه الله تعالى، وهيأه لحملها، وهم أتباع هؤلاء، فقاموا بذلك خير قيام، وهكذا لا ينقرض جيل حتى يظهر جيل آخر، قد رزق إيمانا قويا، وعلما نافعا، وعملا صالحا، فيحمل هذه الأمانة العظيمة الجهادية بكل إخلاص وجد، ويدفعها لمن بعده.
* وهكذا كلما ظهرت الأهواء، والمذاهب المذمومة، والفرق الضالة([360])، مع الكذب والافتراء في دين الله تعالى، ازداد حمل الأمانة ثقلا، واشتدت المسؤولية صعوبة.
* ولكن الله تعالى قد هيأ برحمته وحكمته عند ظهور تلك المصائب والفتن من وقف لها بالمرصاد، فإذا بأهل السنة والجماعة قد استعدوا لحمل هذه الأمانة بكل قوة، وبكل إخلاص وجد واجتهاد، فاهتموا بهذا الدين اهتماما عظيما، وقعدوا له القواعد العلمية المبرأة من كل هوى لنشر هذا الدين وحفظه والذب عنه، وحمايته من كل شائبة ودخيل، وهذا داخل في عموم الآية السابقة: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحج: 9].
قلت: بل إن هذا الأمر مستمر إلى قبيل قيام الساعة، وهذا من عظيم فضل الله تعالى على هذه الأمة، ومن حكمته البالغة؛ لأن نبينا محمدا r آخر الأنبياء، فلا نبي بعده، ولا كتاب منزلا بعد هذا القرآن المجيد، فأمته r باقية إلى يوم القيامة؛ لأنها آخر الأمم، فاقتضت رحمة الله تعالى الواسعة، أن هيأ في كل عصر من يحمل هذا الدين كتابا وسنة، ويبلغه للناس: ﴿لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾ [النساء:165]، إذ هو الدين الصالح: لكل زمان ومكان.([361])
ولذلك: قال ابن مسعود t: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم).([362])
وقال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص223): (قد أخبر النبي r عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته، وسنة أصحابه y، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدا، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره، ويتبرأ منه، ويتركه حيا وميتا).اهـ
وقال الإمام القحطاني / في «نونيته» (ص45):
لا يصحب البدعي إلا مثله |
|
|
تحت الدخان تأجج النيران |
قلت: فمجالسة أهل البدع فيها الخطر العظيم على المجالس لهم، بأن يرد عليه من شبههم ما لا يستطيع دفعه، وبالتالي ينغمس في ضلالتهم وبدعهم كما هو مشاهد ممن جالسهم بدعوى أنه واثق من عقيدته، ولا يخشى التأثر بهم.([363])
* بل في مجالسة أهل البدع مخالفة لأمر الله تعالى بترك مجالستهم، ومشاقه للرسول r الذي نهى عن مجالستهم، واتباعا لغير سبيل المؤمنين الذين اتفقوا على ترك مجالسة أهل البدع والتحذير منها، وبالتالي فإن المجالس لهم معرض للوعيد الشديد المترتب على ذلك.
فقد قال تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ [النور: 63].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص307) في تفسير الفتنة: (أي: في قلوبهم من كفر، أو نفاق، أو بدعة). اهـ
وقال الإمام سفيان الثوري /، في قوله تعالى: ﴿أن تصيبهم فتنة﴾؛ قال: (يطبع على قلوبهم).([364])
وقال تعالى: ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾ [النساء: 115].
قال الإمام ابن أبي زمنين / في «أصول السنة» (ص293): (ولم يزل أهل السنة يعيبون: أهل الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم).اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان في «عقيدة أهل الأثر» (ص157): (ومن السنة هجران أهل البدع، ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين والسنة، وكل محدثة في الدين بدعة، وترك النظر في كتب المبتدعة، والإصغاء إلى كلامهم في أصول الدين وفروعه). اهـ
قلت: فترك مجالسة أهل البدع ومخالطتهم في مجالسهم، وكل ما يفضي إلى الاتصال بهم ومحادثتهم، فإن ذلك من أسباب الأنس بهم، ومحبتهم، وترك ما أمر الله به من بغضهم.
قال العلامة الشيخ حمود التويجري / في «تحفة الإخوان» (ص16): (إذا علم تحريم موالاة أعداء الله تعالى وموادتهم، فليعلم أيضا أن الأسباب الجالبة لموالاتهم وموادتهم كثيرة جدا، ومن أقربها وسيلة مساكنتهم في الديار، ولا سيما في ديارهم الخاصة بهم، ومخالطتهم في الأعمال ومجالستهم في المجالس، ومصاحبتهم، وزيارتهم، واستزارتهم، وتولي أعمالهم، وتوليتهم في أعمال المسلمين، والتزيي بزيهم، والتأدب بآدابهم، وتعظيمهم بالقول أو الفعل). اهـ
قلت: ومن هنا لا بد من قطع أسباب حب ومودة أهل البدع؛ لكي لا يهلك العبد بذلك، ومن ذلك ترك السلام عليهم، فإن السلام عليهم من الأسباب الجالبة لمحبتهم ومودتهم.([365])
قال الإمام أحمد /: (إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه، قال النبي r: (ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم).([366])([367])
* وترك مجالستهم ومخالطتهم، وعدم قبول إحسانهم، وعدم التعاون معهم فإن ذلك مما يجلب محبتهم؛ لأن النفس مجبولة دائما على حب من أحسن إليها، فلا يخدعن إنسان بعد ذلك نفسه بأن يقبل إحسان أهل البدع، ويدعي بغضهم وهجرهم، فإن ذلك مستحيل شرعا وعقلا.([368])
* وقد أدرك السلف ببعد نظرهم، وعظيم فقههم في دين الله تعالى ذلك الأمر.
فعن الإمام ابن المبارك / قال: (اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يدا فيحبه قلبي).([369])
* فللعاقل البصير في دينه أسوة في هؤلاء الرجال في حرصهم على دينهم، وتقديرهم للأمور قبل وقوعها، ومعرفتهم بما جبلت عليه النفس من ضعف، كيف يمتنع أحدهم من أن يقبل ممن حادوا الله إحسانا، ولو كان شيئا يسيرا؛ خشية أن تقع لهم في قلبه مودة فيهلك.
قال تعالى: ﴿وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده﴾ [الممتحنة: 4].
قلت: وهذا وإن كان في البراءة من الكفار وعداوتهم وبغضهم، إلا أن الحكم عام في كل المحادين لله تعالى من أهل البدع، وأهل المعاصي، فتنبه.
قال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص298): (واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم وإخذائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم، ومهاجرتهم). اهـ
قال تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ [المائدة: 2].
قلت: ولذلك وجب التحذير من أهل البدع وعقابهم؛ لأن ذلك من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال تعالى: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولـئك هم المفلحون﴾ [آل عمران: 104].
وقال تعالى: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ﴾ [آل عمران: 110].
وعن أبي سعيد الخدري t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).([370])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414)، مبينا أن التحذير من أهل البدع من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين، وعقوبته تكون تارة بالقتل، وتارة بما دونه؛ كما قتل السلف: «جهم بن صفوان»، و«الجعد بن درهم»، و«غيلان القدري»، وغيرهم، ولو قدر أنه لا يستحق العقوبة، أو لا يمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها، فإن هذا من جملة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله تعالى به ورسوله r). اهـ
* فيتقرر بهذا مشروعية التحذير من أهل البدع، وكشف حالهم والتشهير بهم؛ ليعلمهم الناس ويحذروهم؛ وذلك لعموم الأدلة الدالة: على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الإمام القرافي / في «الفروق» (ج3 ص207): (أرباب البدع والتصانيف المضلة ينبغي أن يشهر في الناس فسادها وعيبها، وأنهم على غير الصواب؛ ليحذرها الناس الضعفاء، فلا يقعوا فيها، وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن..). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص231): (ومثل أئمة البدع، من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم: واجب باتفاق المسلمين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص221): (وإذا كان مبتدعا يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة، أو يسلك طريقا يخالف الكتاب والسنة، ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك بين أمره للناس ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله، وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص176)؛ عن أهل البدع: (ذكرهم بما هم عليه، وإشاعة بدعتهم؛ كي يحذروا، ولئلا يغتر بكلامهم، كما جاء عن كثير من السلف ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص217): (وأما إذا أظهر الرجل المنكرات، وجب الإنكار عليه علانية، ولم يبق له غيبة، ووجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك من هجر وغيره). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج4 ص472): (وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد، وهات العقل فاعلم أنه «أبو جهل»، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل ومن العقل، وهات الذوق والوجد، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حل فيه، فإن جبنت منه فاهرب، وإلا فاصرعه وابرك على صدره، واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه). اهـ
وصدق: الحافظ الذهبي /؛ حيث قال في «السير» (ج6 ص369): (فالعجب منا ومن جهلنا كيف ندع الدواء، ونقتحم الداء). اهـ
* فعليه أن يبرئ نفسه من هذا الداء، والعياذ بالله قبل الممات؛ لأن ذلك من علامات الإخلاص لله تعالى، فإن لم يفعل؛ فالويل له، نسأل الله السلامة.
قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج7 ص393): (علامة المخلص الذي قد يحب شهرة، ولا يشعر بها، أنه إذا عوتب في ذلك لا يجرد ولا يبرئ نفسه، بل يعترف ويقول: رحم الله من أهدى إلي عيوبي، ولا يكون معجبا بنفسه لا يشعر بعيوبها، بل لا يشعر أنه لا يشعر، فإن هذا داء مزمن). اهـ
قلت: والذي تكلم به العلماء من الأصول قد أجمعت عليه الأمة، وشذ عنهم «ربيع المدخلي» بأقواله السقيمة، واتبعه المميعة على ذلك، فشذوا عن العلماء، والله المستعان.
قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج7 ص116): (السنة ما سنه النبي r، والخلفاء الراشدون من بعده، والإجماع هو ما أجمعت عليه علماء الأمة قديما وحديثا...). اهـ
وقال أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص764): (ولو قد رزقت أيها المعارض شيئا من العقل، علمت أن ما تدعي زور وباطل، ولكن قال رسول الله r: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح، فاصنع ما شئت»).([371])اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج4 ص494): (ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج11 ص234): (الصدع بالحق عظيم يحتاج إلى قوة وإخلاص، فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي بلا إخلاص يخذل، فمن قام بهما كاملا فهو صديق، ومن ضعف فلا أقل من التألم والإنكار بالقلب، ليس وراء ذلك إيمان، فلا قوة إلا بالله).([372]) اهـ
قلت: ولذلك يجب الحذر من مقالات: «ربيع المدخلي» ففيها انحرافات عقدية في مسائل الإيمان وغيرها، وقد حوت تعليقات إرجائية؛ وذلك لعبث أفكاره على طريقة «المرجئة»، بسبب جنوحه عن الطريق القويم، وسلوكه الطرق الملتوية التي تؤدي إلى ما يريده من الأهواء؛ لإبعاد الشباب عن اعتقاد أهل السنة في مسائل الإيمان وغيرها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
* لذلك جعل علماء السنة يولون هذا الجانب اهتمامهم، حفاظا على عقيدة أهل السنة، وصيانة لها، ودفعا لصولة: «ربيع([373]) وشيعته».([374])
قلت: فانبروا لربيع وشيعته؛ لبيان العقيدة الصحيحة في مسائل الإيمان وغيرها، التي يجب على المسلمين اعتناقها مدعومة بأدلتها الصريحة الواضحة من الكتاب والسنة وآثار السلف، ففضحوا عواره، وكشفوا أستاره حتى ظهر الحق، ولله الحمد والمنة.
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص123): (ومن تأمل أحوال الرسل مع أممهم وحدهم كانوا قائمين بالإنكار عليهم أشد قيام حتى لقوا الله تعالى، وأوصوا من آمن بهم بالإنكار على من خالف). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص231): (وإذا كان النصح واجبا في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون... ومثل: أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: (الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك، أو يتكلم في أهل البدع؟، فقال: إذا صام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، واذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل)، فتبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وإما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص12)؛ معلقا على أثر علي بن أبي طالب t، لكميل بن زياد النخعي، وهو مشهور عند أهل العلم: (ففيه تنبيهات على صفات العالم المتقن، والعالم الذي دونه، والهمج المخلط في دينه أو علمه). اهـ
* فالحذر الحذر مما عليه المتعصبة من التقليد.
* واعلم أن أصل التقليد هو العصبية التي هي كالطبع لهذا النوع؛ لأنه غلب عليه حب الخيال والوهم، وقل فيه طاعة العقل السليم والفهم.([375])
* والجماعة المميعة المخلطة ثبت عنها أنها لم تعمل لرفعة الدين؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولأن الواقع يشهد أن هذه الجماعة تعمل لرفعة نفسها ومبادئها بدليل أنها تخالف علماء السنة والتوحيد في بلد الحرمين في مسائل الإيمان وغيرها([376])، بل وتحارب أهل السنة والأثر بالتعاون مع أنواع من الحزبيين في بلدان المسلمين، والله المستعان.
* ولذلك تصدى علماء السنة في بلد الحرمين لها لكشفها والرد عليها من أمثال «الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، والشيخ عبد الله الغديان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء»، وغيرهم.([377])
* فالردود المنهجية لعلماء الدعوة السلفية التي تكلمت على منهج: «ربيع المدخلي» في مسائل الإيمان وغيرها معلومة في أبوابها في السنة الغراء التي يعرفها من نذروا أنفسهم للعناية بها من أولي العلم ، ألا وإن من هذه الأبواب: ردودهم على: «ربيع المدخلي» بقوله: التنازل عن الأصول، وموافقته لمذهب المرجئة في الإيمان، وغمزه لصحابة النبي r، وعدم تأدبه مع الله تعالى ورسوله r، والرسل عليهم السلام، وجبريل عليه السلام، وغلطه في صفات الله تعالى، وغمزه في الشيخ ابن باز /، وفي الشيخ الألباني /، وفي الشيخ ابن عثيمين /، وغير ذلك من المخالفات.
* فهذه الردود كم فيها يا أخي الكريم من خير عميم، وأجر عظيم، وكم فيها من فوائد جمة تعود على الأمة الإسلامية؛ وما ذلك إلا لأن في الردود لنصرة الحق الذي يحبه الله تعالى ورسوله r، قمع الباطل الذي يبغضه الله تعالى ورسوله r للناس الذين قل نصيبهم من العلوم الشرعية، بحيث لا يميزون بين الغث والسمين، أو الذين ديدنهم التعصب للأشخاص، أو التقليد المذموم، والتبعية الحزبية لمن ذاع صيتهم، واشتهر نشاطهم المميع في دعوة الخلق إليه، والعياذ بالله.
* وللعلم فقد انتشرت ردود علماء التوحيد على مقالات:([378]) «ربيع المدخلي» بحمد الله تعالى داخل بلاد الحرمين وخارجها، واستفاد منها: كثير من طلاب العلم الكبار منهم والصغار، وشهدوا لها بأصالة الهدف وصحة النقد وموضوعيته، وإنها جارية على غرار من سبقهم من أئمة الدين والهدى ممن هيأهم الله في غابر الأزمان للرد على أهل الأخطاء والتلبيس والبدع، وليست بردود غريبة ولا غائبة عن الأذكياء، بل هي منشورة... قد استفاد منها كل محب للحق وناصر للسنة والتوحيد، ومبغض للباطل، وساع بجهوده الخيرة في قمع الهوى والبدعة؛ لأن إظهار الأمور على حقيقتها واجب لنقيم الحجة لله: ﴿ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم﴾ [الأنفال: 42].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «نقض المنطق» (ص42): (إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالا من قول إلى قول، وجزما في موضع، وجزما بنقيضه وتكفير قائله في موضع آخر، وهذا دليل عدم اليقين). اهـ
وقال الإمام السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص33): (فليتق امرؤ ربه عز وجل، ولا يدخلن في دينه ما ليس منه، وليتمسك بآثار السلف، والأئمة المرضية، وليكونن على هديهم وطريقهم، وليعض عليها بنواجذه، ولا يوقعن نفسه في مهلكة يضل فيها الدين، ويشتبه عليه الحق، والله حسيب أئمة الضلال الداعين إلى النار، ويوم القيامة لا ينصرون). اهـ
قلت: وهل زاغ من زاغ، وهلك من هلك، وألحد من ألحد إلا بالرجوع إلى الآراء والعقول في قديم الدهر وحديثه؟!.
* وهل نجا من نجا إلا باتباع سنن المرسلين، والأئمة الهادية من أئمة الإسلام المتقدمين؟!.
قال الإمام سفيان الثوري /: (إنما الدين بالآثار، ليس بالرأي).([379])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (فإن أهل الحق والسنة لا يكون متبوعهم؛ إلا رسول الله r). اهـ
قلت: فهؤلاء هم المرجوع إليهم في أمر الدين وبيان الشرع.([380])
قال أبو بكر بن أبي داود /:
تـمـسك بـحـبــــــل الله واتبع الهدى |
|
|
ولا تـــــك بـــدعــيـــا لــعــلك تفلح |
ودن بــكـتــاب الله والســنــــن التي |
|
|
أتــت عـــن رســول الله تنجو وتربح |
ودع عــنــــــك آراء الرجال وقولهم |
|
|
فقــــــول رسول الله أزكى واشرح ([381]) |
وقال أبو مزاحم الخاقاني /:
أهـــل الكلام وأهل الرأي قد عدموا |
|
|
عــلــــم الـحـــديث الذي ينجو به الرجل |
لـــــو أنــهـــم عـــرفوا الآثار مــــا انحرفوا |
|
|
عــنــهـــا إلـــى غــيـــرهـا، لكنهم جهلوا([382]) |
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
إلماعة
في صلابة الأئمة في السنة، وقمع أهل البدع
قال أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص166): (ومن الواجب على السلاطين، وعلى العلماء إنكار البدع والضلالات، وإظهار الحجج، وبيان الدلائل من الكتاب والسنة، وحجة العقل، حتى يقطع عذرهم، وتبطل شبههم، وتمويهاتهم ثم يؤخذون بالرجوع إلى الحق، وترك ما هم عليه من الباطل، فإن رجعوا وتركوا ذلك، وأظهروا التوبة منه، وإلا أذلهم السلطان، وعاقبهم بما يؤدي الاجتهاد إليه على قدر بدعهم، وضلالاتهم، ومن استحق منهم الاستتابة استتابه، ومن وجب عليه القتل بعد الاستتابة قتله، فإن اجتمعوا وقاتلوا على ذلك، ونصبوا حرفا، وحملوا دارا حاربهم السلطان بالسيف، فما دونه إلى أن يرجعوا عن ذلك، ويتمكن منهم، ويجتهد في عقوبتهم عن الامتناع عن الحق، وكذا سبيل الباغي على الإمام بالحرابة وسوء التأويل، وإخافة السبيل، وكذا سبيل كل طائفة بغت على أخرى، وبالله التوفيق). اهـ
وأخيرا:
قال أبو محمد عبد الغني المقدسي / في «الاقتصاد في الاعتقاد» (ص206 و207): (ما ذكرت لك من كتاب ربك العزيز، وكلام نبيك الكريم، فلا تحد عنه، ولا تبتغ الهدى في غيره، ولا تغتر بزخارف المبطلين، وآراء المتكلفين، فإن الرشد والهدى والفوز والرضا فيما جاء من عند الله تعالى ورسولهr، لا فيما أحدثه المحدثون، وأتى به المتنطعون من آرائهم المضمحلة، ونتائج عقولهم الفاسدة، وارض بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، عوضا من قول كل قائل، وزخرف وباطل). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الفصل في الملل والنحل» (ج4 ص227): (فالله الله أيها المسلمون، تحفظوا بدينكم، الزموا القرآن، وسنن رسول الله r، وما مضى عليه الصحابة y، والتابعون، وأصحاب الحديث عصرا عصرا، الذين طلبوا الأثر، فلزموا الأثر، ودعوا كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار). اهـ
فــــمـا العز للإسلام إلا بظلهم |
|
|
ومــا المجد إلا ما بنوه فشيدوا |
قال أبو صالح الفراء: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئا من أمر الفتن، فقال: ذاك يشبه أستاذه – يعني: الحسن بن حي -، فقلت ليوسف: ما تخاف أن تكون هذه غيبة؟! فقال: (لم يا أحمق أنا خير لهؤلاء – يعني: أهل الأهواء – من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضر عليهم).([383])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص158) عن أهل السنة: (نقاوة المسلمين، وهم خير الناس للناس). اهـ
قلت: فأهل السنة والجماعة: أعدل من المبتدعة، من المبتدعة: بعضهم من بعض.
قلت: فسلوك سبيل السلف الصالح أهل السنة والجماعة في التعامل مع المبتدعة، هو الطريق إلى النجاة – بإذن الله – من هذه الفتن، بل هو الطريق إلى الاجتماع الممدوح والتآلف الصحيح، ونبذ الاختلاف والتنازع الذي يقع في بلدان المسلمين، فافطن لهذا ترشد.([384])
قال تعالى: ﴿وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ÇÏËÈ وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولـكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم﴾ [الأنفال:62 و63].
قلت: فمن أراد أن يؤلف قلوب الناس، ويجمعهم على الهدى، فعليه بالتمسك في الدعوة إلى الله تعالى بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح.([385])
قلت: وقد تنكب هذا الأصل الإسلامي أهل التحزب بجميع أنواعهم، فهم في شق، ومنهج التأليف في الشق الآخر، لا عملوا به حقيقة، ولا دعوا الناس إليه صدقا، ﴿فرقوا دينهم وكانوا شيعا﴾ [الأنعام: 159]، وقال تعالى: ﴿فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون﴾ [المؤمنون: 53].
* إذا فمن تلبيس إبليس على الجماعات الإسلامية الرضا بما الأمة الإسلامية متلبسة به من الاختلاف والتفرق.([386])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على البكري» (ج2 ص255): (طريقة أهل البدع يجمعون بين الجهل والظلم). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج2 ص137): (وأصل كل خير العلم والعدل، وأصل كل شر الجهل والظلم). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «وجوب التعاون بين المسلمين» (ص13): (فما ارتفع أحد إلا بالعدل والوفاء، ولا سقط أحد إلا بالظلم والجور والغدر). اهـ
* ولذلك هؤلاء لا يقيمون للحق وزنا إذا جاء من طريق غير طريق حزبهم، أو من سبيل غير سبيل دعوتهم؛ لأنهم على هذه الأحزاب يوالون، وبها يعادون، والمعيار عندهم هو: الولاء الحزبي ليس شيئا سواه.
* ولذلك مزقت الشمل، وفرقت الأمة، وأضعفت العلم الشرعي فيها، وقوت الآراء البدعية فيها، وسترت أهل البدع والأهواء تحت مظلة وحدة الصف والتجمع: ﴿تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون﴾ [الحشر: 14].([387])
قلت: وإخفاء الخلاف والتستر عليه، والظهور بمظهر الوحدة ظاهرا مع الاختلاف والانشقاق باطنا سبيل اليهود والنصارى الذين يظهرون الائتلاف، ويبطنون الخلاف؛ ولذلك لا ينكر بعضهم على بعض في الظاهر.([388])
قال تعالى: ﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ÇÐÑÈ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون﴾ [المائدة: 78 و79].
* والحزبية في الباطن يتعادون لتباين فيما بينهم في العقيدة والمنهج بأسهم بينهم شديد، ومع هذا يظهرون الوحدة المزعومة فيما بينهم أمام أعين الناس، والله تعالى كشفهم، وأشكالهم في القرآن الكريم.
قال تعالى: ﴿تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون﴾ [الحشر: 14].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج2 ص364): (قال تعالى: ﴿بأسهم بينهم شديد﴾ [الحشر: 14]؛ أي: عداوتهم فيما بينهم شديدة، كما قال تعالى: ﴿ويذيق بعضكم بأس بعض﴾ [الأنعام: 65]، ولهذا قال تعالى: ﴿تحسبهم جميعا وقلوبهم﴾ [الحشر: 14]؛ أي: تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين([389])، وهم مختلفون غاية الاختلاف). اهـ
وقال الحافظ البغوي / في «معالم التنزيل» (ج4 ص322): (﴿تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى﴾؛ متفرقة مختلفة، قال قتادة: أهل الباطل مختلفة أهواؤهم، مختلفة شهاداتهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق). اهـ
* فرؤوس الجماعات الإسلامية في هذا العصر قاموا بتحزيب المسلمين و﴿فرقوا دينهم وكانوا شيعا﴾، وعقدوا ألوية الولاء والبراء عليها، ومن ثم حملهم وظلمهم لبعض معرضين عن نصوص الشريعة... ولسان مقالهم وحالهم يقول: الحب والولاء في الحزب والتنظيم، والبغض والبراء في الحزب والتنظيم، فمن كان حزبيا فهو القريب ولو كان مخلا بكثير من شعائر الإسلام، ومن لم يكن حزبيا فهو البعيد ولو كان أتقى أهل زمانه ([390]).
قلت: فتشعبت الأفكار، وتعددت المناهج، وانقلبت المفاهيم، وكثر المتعالمون، وتزايد الجاهلون... وكل له أتباع ومؤيدون... وهم يصدون... ولا هم ينصرون ([391])... فبعذابهم يستعجلون.([392])
قال الإمام الجنيد بن محمد /: (أكثر الناس علما بالآفات أكثرهم آفات).([393])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى الكبرى» (ج2 ص239): (من نصب شخصا كائنا من كان، فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل، فهو من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعا). اهـ.
قلت: وهذا هو المنهج السائد في الجماعات الحزبية اليوم.([394])
* إذا الاختلاف على أي أساس كان... لا بد من أن يجلب على المسلمين المضرة، والشر أكثر مما يجلب النفع، والخير ﴿وإثمهما أكبر من نفعهما﴾، ومفسدته أكثر من مصلحته.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص127): (فالجاهل لا يصلح للدعوة، وليس محمودا، وليست طريقته طريقة الرسول r؛ لأن الجاهل يفسد أكثر مما يصلح). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «منهاج السالكين» (ج1 ص496): (إذا أشكل على الناظر، أو السالك حكم شيء: هل هو الإباحة، أو التحريم؟ فلينظر إلى مفسدته، وثمرته، وغايته، فإن كان يشتمل على مفسدة راجحة ظاهرة، فإنه يستحيل على الشارع الأمر به، أو إباحته، بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي، ولا سيما إذا كان طريقا مفضيا إلى ما يغضب الله تعالى، ورسوله r، موصلا إليه عن قرب، وهو رقية له، ورائدة، وبريد، فهذا لا يشك في تحريمه أولو البصائر).اهـ
قلت: فأهل الأهواء والانحراف أعظم الناس تحزبا واختلافا، اللهم غفرا.
* والشارع الحكيم أمر بالجماعة والائتلاف، ونهى عن الفرقة والاختلاف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص285): (إن الله أمر بالجماعة، والائتلاف، ونهى عن البدعة، والاختلاف). اهـ
وقال بشر بن الحارث الزاهد:
ذهب الرجال المرتجى لفعالهم |
|
|
والمنــــكـــــرون لـــكل أمر منكر |
وبقيت في خلف يزين بعضهم |
|
|
بــعـــضا ليدفع معور عن معور ([395]) |
وقال الإمام بشر بن الحارث /: (بحسبك أن قوما موتى تحيا القلوب بذكرهم، وإن قوما أحياء تقسو القلوب برؤيتهم).([396])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص366): (ثم المتقدمون الذين وضعوا طرق الرأي والكلام والتصوف، وغير ذلك: كانوا يخلطون ذلك بأصول من الكتاب والسنة والآثار؛ إذ العهد قريب، وأنوار الآثار النبوية بعد فيها ظهور، ولها برهان عظيم، وإن كان عند بعض الناس قد اختلط نورها بظلمة غيرها.
* فأما المتأخرون فكثير منهم جرد ما وضعه المتقدمون، مثل من صنف في الكلام من المتأخرين، فلم يذكر إلا الأصول المبتدعة، وأعرض عن الكتاب والسنة، وجعلها إما فرعين، أو آمن بها مجملا، أو خرج به الأمر إلى نوع من الزندقة، ومتقدموا المتكلمين خير من متأخريهم.
* وكذلك من صنف في الرأي فلم يذكر إلا رأي متبوعه وأصحابه، وأعرض عن الكتاب والسنة، ووزن ما جاء به الكتاب والسنة على رأي متبوعه، ككثير من أتباع أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد.
* وكذلك: من صنف في التصوف والزهد، جعل الأصل ما روي عن متأخري الزهاد - وأعرض عن طريق الصحابة والتابعين كما فعل صاحب: «الرسالة» أبو القاسم القشيري، وأبو بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي وابن خميس الموصلي في «مناقب الأبرار»، وأبو عبد الرحمن السلمي في «تاريخ الصوفية»...). اهـ.
وقال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص51): (فأما أصحاب الحديث؛ فإنهم التمسوا الحق من وجهته، وتتبعوه من مظانه، وتقربوا من الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله r، وطلبهم لآثاره، وأخباره برا وبحرا، وشرقا وغربا). اهـ
وقال الحافظ الخطيب / في «شرف أصحاب الحديث» (ص10): (فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة، حراس الدين، وصرف عنهم كيد المعاندين؛ لتمسكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين، فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار، في اقتباس ما شرع المصطفى، لا يعرضون عنه إلى رأي ولا هوى، قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظا ونقلا، حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص92): (من المستقر في أذهان المسلمين: أن ورثة الرسل وخلفاء الأنبياء، هم الذين قاموا بالدين علما وعملا، ودعوة إلى الله والرسول، فهؤلاء أتباع الرسل حقا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص91): (من المعلوم أن كل من كان بكلام المتبوع وأحواله، وبواطن أموره وظواهرها أعلم وهو بذلك أقوم، كان أحق بالاختصاص به، ولا ريب أن أهل الحديث أعلم الأمة وأخصها بعلم الرسول r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص284): (وأهل السنة في الإسلام، كأهل الإسلام في الملل؛ وذلك أن كل أمة غير المسلمين فهم ضالون، وإنما يضلهم علماؤهم، فعلماؤهم شرارهم.
* والمسلمون على هدى، وإنما يتبين الهدى بعلمائهم، فعلماؤهم خيارهم.
* وكذلك أهل السنة، أئمتهم خيار الأمة، وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي r بقتل: «الخوارج»، ونهى عن قتال الولاة الظلمة!).اهـ
* لكن: «الفرقة الربيعية» نصبوا العداوة لأهل السنة والجماعة من علماء وطلبة علم، وأساءوا بهم الظن، فوجهوا عليهم الظنون من عقولهم المخالفة، ورموهم بالغلو، أو الجهل، ونسبوهم إلى ضعف العلم، والفهم لأخبار رسول الله r، وسننه المأثورة عنه، وبآثار السلف الصالح، بل ونسبوهم إلى ضعف وسوء المعرفة بمعاني الكتاب والسنة، فهلكوا.
* ولو أنهم أحسنوا الظن بأهل السنة والجماعة، وآثروا متابعتهم، وسلموا حيث سلموا، وطلبوا المعاني حيث طلبوا، واجتهدوا في رد الآراء المضلة، والهوى المهلك، وخداع الشيطان، لانشرحت صدورهم، وظهر لهم برد اليقين، وروح المعرفة، وضياء التسليم، ما ظهر لسلفهم، وبرز لهم من أعلام الحق ما كان مكشوفا لهم، غير أن الحق عزيز، والدين غريب، والزمان مفتن ﴿ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور﴾ [النور: 40].
قلت: فهؤلاء المميعة ما أهلكوا؛ إلا أنفسهم.
قال الإمام السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص2): (وفي الحقيقة: - هؤلاء – ما ثلموا إلا دينهم، ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم... لكن الحق عزيز، وكل مع عزته يدعيه، ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق.
* نعم، إن على الباطل ظلمة، وإن على الحق نورا، ولا يبصر نور الحق إلا من حشي قلبه بالنور: ﴿ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور﴾ [النور:40].
* فالمختلط في ظلمات الهوى([397])، والمتردي في مهاوي الهلكة، والمتعسف في المقال - لا يوفق للعود إلى الحق، ولا يرشد إلى طريق الهدى، ليظهر وعورة مسلكه، وعز جانبه: ﴿كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون﴾ [الأنعام: 108]. اهـ
قلت: فلو سلكوا سبيل القصد، ووقفوا عندما انتهى بهم التوقيف، لوجدوا برد اليقين، وروح القلوب، ولكثرت البركة، وتضاعف النماء، وانشرحت الصدور، وأضاءت فيها مصابيح النور.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك - إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
إلماعة في صلابة الأئمة في السنة، وقمع أهل البدع........................... |
5 |
2) |
المقدمة..................................................................................................... |
7 |
3) |
التمهيد...................................................................................................... |
23 |
4) |
ذكر الدليل على فتوى ربيع المدخلي في جوازه مخالطة أهل البدع؛ لمصلحة الدعوة زعم................................................................. |
29 |
5) |
ذكر الدليل من القرآن الكريم على مخالفة ربيع المدخلي لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم زعم............................................................................................ |
33 |
6) |
ذكر الدليل من السنة النبوية على مخالفة ربيع المدخلي لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم! ................................................................................................. |
47 |
7) |
ذكر الدليل من آثار السلف الصالح على مخالفة ربيع المدخلي؛ لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم! ................................................................................................. |
81 |
8) |
إلماعة في صلابة الأئمة في السنة، وقمع أهل البدع.......................... |
223 |
[1]) الرباع: جمع ربع، وهي الدور.
[2]) مغانيهم: والمغاني واحد المغنى، وهي المواضع التي كان بها أهلوها. يقال: غني بالمكان: أي: أقام.
[3]) البسطة: الاتساع.
[4]) الضبع: العضد.
انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص2 و97 و202) و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص257) و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص2089) و«لسان العرب» لابن منظور (ج4 ص2550).
[5]) الإعنات: جمع: العنت، وهو الضيق، والوقوع في أمر شاق.
[6]) الثلمة: الخلل.
[7]) الفرج: موضع المخافة والثغر.
[8]) الوهج: يقال: وهجت النار وهجا، ووهجانا إذا اتقدت.
[9]) الأود: الاعوجاج، يقال: أقام أوده: قوم اعوجاجه.
[10]) انحسم: أي انقطع وزال.
[11]) القاسط: الجائر.
[12]) دهماء الناس: جماعتهم.
[13]) الأوار: حرارة النار والشمس.
انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص74 و223 و241 و260)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص297)، و«المعجم الوسيط» (ص32)، و«الرائد» لجبران (ص361)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص2959)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص3370)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص1121).
[14]) فالمبتدع شديد الانحراف في دينه: إذا قومته انثنى، واذا ثقفته التوى، واذا عدلته انحنى، واذا نشرته انطوى، واذا بسطته انزوى، واذا أقمته على نهج الطريق، ضل عن سواء السبيل، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
[15]) وقص: أي: كسر.
[16]) عقص: العقص: الالتواء والاعوجاج.
قلت: وهذا حال المبتدع الضال.
[17]) حاف: لف ودار.
[18]) الجنف: الميل.
[19]) الزيغ: الميل والانحراف.
[20]) صاف السهم عن الهدف، ويصيف أي عدل عنه ومثله ضاف أي عدل.
انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص62 و136 و344)، و«الرائد» لجبران (ص309)، و«المعجم الوسيط» (ص185)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص3040)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص814).
[21]) الطية: الجهة البعيدة.
[22]) شاطب: محل بعيد.
[23]) العازب: البعيد.
[24]) النازح: البعيد.
[25]) المنتجع: الموضع.
[26]) لحبت: وضحت.
[27]) اللفاع: ما يتلفع به، ويتغطى به.
انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص286)، و«الرائد» لجبران (ص472 و528 و548 و801) و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص128)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3549)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص160).
[28]) أي: غطاه.
[29]) واجترح: من الإثم، أي: يندم على إثمه.
[30]) أي: بما سعى في الإثم.
[31]) أي: عن الذنب.
[32]) رحضت: غسلت.
[33]) المعرة: الأذى والإثم والجناية.
[34]) المنيئة: الجلد أول ما يدبغ.
[35]) الحبار: الأثر.
[36]) الدمل: الشيء أصلحه.
انظر: «المعجم الوسيط» (ص830)، و«الرائد» لجبران (ص21 و112 و365 و751)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3420)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج5 ص174).
[37]) تعته في باطله: بالغ فيه.
[38]) مرن على الشيء: تعود عليه.
[39]) التهوك: التحير.
[40]) اجتر: أقدم.
[41]) اجترم: أذنب.
[42]) اجترح: ارتكب الإثم.
انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص51 و260 و292)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص117) و«الرائد» لجبران (ص21 و221)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص4187).
[43]) نعشه: تداركه من هلكة وسقوط.
[44]) النتش: الاستخراج، أي: استخرجته من الورطة.
[45]) فأهل البدع ولوا على أدبارهم، وارتكسوا على آثارهم.
[46]) التنصل: التبرؤ من المعصية، أو البدعة، والخروج منها.
انظر: «الرائد» لجبران (246 و794 و812)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص4473)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3611)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج1 ص125).
[47]) الاصطلام: قلع الشيء من أصله.
[48]) والناجر من النجر وهو عطش يصيب الإبل والغنم.
انظر: «الرائد» لجبران (ص82 و795).
[49]) النكال: العذاب.
[50]) الزنيم: اللئيم.
[51]) الخامل: السافل الساقط.
[52]) الرذل: الرديء.
[53]) أي: انحطاط في قدره.
[54]) الضغن: ذو الحقد.
[55]) أي: تحاقدوا.
[56]) الإحنة: الحقد، والجمع: إحن.
[57]) الدمنة: الحقد أيضا، والجمع: دمن، وقد دمنت قلوبهم أي: ضغنت.
[58]) السخمة: الغضب والحقد.
[59]) الوحر في الصدر مثل الغل، وقد وحر صدره على: أي وغر، وهو الحقد والغيظ والعداوة.
[60]) الضغن: الحقد.
[61]) الوغر: العداوة.
انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص106 و321)، و«المعجم الوسيط» (ص8 و1017)، و«الرائد» لجبران (ص821)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص1776)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص586).
[62]) الروض: المكان الذي جعل روضة، أرض مخضرة بأنواع النبات.
[63]) المنضود: الشيء الذي ضم بعضه إلى بعض متسقا.
[64]) الطود: الجبل العظيم.
[65]) الهطل: التتابع.
[66]) الصول: القهر والغلبة والقدرة.
[67]) الاضطرام: الاشتعال.
[68]) الصقع: أذى الصوت، ذهب يتفنن.
[69]) الجحف: الضرر يشتد.
[70]) الغائلة: الداهية والمصيبة المهلكة والشر.
[71]) البائقة: المصيبة والشر.
انظر: «مختار الصحاح»» للرازي (ص168 و290)، و«الرائد» لجبران (ص85 و407 و774 و503 و570)، و«المعجم الوسيط» (ص518 و608).
[72]) الغمر: الماء الكثير، والمراد هنا: الجهال.
[73]) الضحول: ضده، وهو الماء القليل.
[74]) انثالوا: انصبوا.
[75]) أي: قطيعا قطيعا.
[76]) المريج: المضطرب.
انظر: «الرائد» لجبران (ص508 و584)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص4168)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3370)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص476).
[77]) اعتاص: اشتد.
[78]) غابقة من الغبوق: وهو الشرب بالعشي، أي: ترد إليك عشية.
[79]) صابحة: تأتيك صباحا.
[80]) طارقة: تجيء ليلامبكرة وباكرة.
[81]) ناسقة: منتظمة.
[82]) الغياض: جمع الغيضة، وهي مغيض الماء؛ يجتمع فينبت فيه الشجر.
انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص203 و196)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص173 و193)، و«المعجم الوسيط» (ص918)، و«الرائد» لجبران (ص90 و29)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص43 و938).
[83]) المحيط به.
[84]) الأرج: ذو الرائحة الطيبة.
[85]) الأذفر: ما ظهرت رائحته واشتدت.
[86]) أي: الريح.
[87]) والمراد به: أحسن من الصوت الجميل.
[88]) أي: كفوا عما لا يرضي الله تعالى.
[89]) أي: لباسا.
[90]) أي: أمارات الإصلاح.
انظر: «الرائد» لجبران (ص530 و354 و720)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص1327)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص1147)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص415).
[91]) قلت: لأن في هجر أهل البدع إبقاء لتأليف قلوب المسلمين، فافطن لهذا ترشد.
[92]) قلت: ففتوى «ربيع المدخلي»، في مخالطة أهل البدع بلا شك خرجت من العدل إلى الجور، والعياذ بالله.
[93]) قلت: لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا الذي وصى به: «ربيع المدخلي»، اللهم غفرا.
[94]) قلت: فمن تأمل هذا عرف أن «ربيعا المدخلي» يدعو إلى تفريق المسلمين؛ لأن مجرد مخالطة أهل البدع يفضي إلى التآلف معهم، ومن ثم تختلط المناهج فيما بينهم التي تفضي إلى التقاطع والتباغض، والتشاحن والتفرق، والذين تساهلوا في هذا الأمر، ووقعوا مع أهل البدع لا يمكن حصرهم، بل لا يمكن عدهم فتنبه.
* ولذلك كان النبي r أحرص شيء على تأليف الناس، وأترك شيء لما ينفرهم عن الدخول في طاعته.
وانظر: «البداية والنهاية» لابن كثير (ج4 ص696)، و«زاد المعاد» لابن القيم (ج3 ص497).
[95]) انظر: «الحث على اجتماع كلمة المسلمين وذم التفرق والاختلاف» للشيخ السعدي (ص21).
[96]/2) انظر التناقض بين هذه العبارة، وبين العبارة الأخرى، والله المستعان.
ففي الأولى يقول: السلفيون لا يجالسون أهل البدع، وفي العبارة الثانية يقول: يجب مجالسة أهل البدع. اللهم غفرا .
وقوله:(ولا يؤثرون فيه): هل هذا ممكن؟!.
قلت: فالواجب على السلفي عدم مخالطة أهل البدع؛ لأنهم يؤثرون عليه؛ كما سوف يأتي من أقوال السلف.
[98]) قلت: يدعوهم من الخارج، فلا حاجة في مخالطتهم ودعوتهم في الداخل؛ كما هو شأن السلف الصالح وطريقتهم مع أهل البدع في الدعوة.
[99]) سنة الله تعالى في خلقه أن تكون الطائفة المنصورة قلة، وطوائف المبتدعة كثرة؛ كما جاء ذلك في حديث الافتراق، فلا داعي لمثل هذا الكلام.
[100]) تبليغهم دعوة الله تعالى بدون مخالطتهم.
[101]) لم يقل أحد بهذا.
[102]) لم يفرق السلف بين السلفي القوي، وبين السلفي الضعيف في هجران أهل البدع؛ كما سوف يأتي.
[103]) من خالط أهل البدع، فلا بد أن يفعل هذه الأمور لزاما، ويا سبحان الله! هذا الآن فعل أتباع المميعة من اليمنية وغيرهم، فهم الآن يعملون في جمعيات ومراكز: «التراثية»، و«القطبية»، و«السرورية»، وغيرهم من أجل الحصول على راتب شهري وجوائز وهدايا، بل ويشتركون معهم في إلقاء الدروس والخطب وغير ذلك، ويغدون ويروحون في مساجدهم تحت موافقتهم، ومع هذا إلى الآن تتبجح إنك ضد الحزبيين، ولكن ماذا تفعل مع أتباعك عندما فتحت لهم بابا لدخولهم مع الحزبيين، فهل أنت غافل أو تتغافل عن مصير أتباعك وتشتتهم في الجماعات الحزبية؟!.
[104]) فربيع المدخلي؛ بقوله هذا مخالف للسنة، وللمنهج السلفي!.
[105]) بل هذه من الطرق السلفية؛ كما سوف يأتي.
[106]) لأن دعوة الكفار أسهل بكثير من دعوة المبتدعة؛ كما سوف يأتي ذكر ذلك، وكذلك طريقة الصحابة الكرام في دعوة الكفار ليست على: طريقة: «ربيع المدخلي»، فتنبه.
وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج11 ص111).
[107]) أين الدليل على ذلك، بل السلف على خلاف هذا الذي ذكره «ربيع المدخلي»؛ كما سوف يأتي في الرد عليه.
[108]) وهذا «ربيع المدخلي» الذي يدعي بأنه سلفي قوي اختلط معه بعض أهل البدع، بل صغارهم فخلطوا عليه دينه ومنهجه، فما بالك لو اختلط معه كبار أهل البدع، فماذا عسى أن يخرج من رأس: «ربيع المدخلي»؟!، اللهم غفرا.
[109]) انظر: «الحث على المودة والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف» لربيع المدخلي (ص43 و44 و45).
[110]) الحدوث: كون شيء لم يكن.
* ومحدثات الأمور: ما ابتدعه أهل الأهواء من البدع في الدين، التي كان السلف الصالح على غيرها.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص796).
[111]) أثر حسن.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص481)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص398) بإسناد حسن.
[112]) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج7 ص16).
[113]) أخرجه ابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ج16 ص318)، وابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» (ج1 ص99).
[114]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج4 ص1315).
[115]) وانظر: «السنن» لسعيد بن منصور (ج4 ص1406)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج2 ص228)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص418)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج11 ص111).
[116]) فأدخل الشيخ السعدي في هذه الآية: أهل البدع واهل المعاصي، رغم أنها نزلت في أهل الكفر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فافهم لهذا ترشد.
قلت: وهذا يدل على سقوط قول «ربيع المدخلي» في أننا ننزل النصوص في غير محلها، اللهم غفرا.
[117]) فأدخل الشيخ المراغي: أهل التقليد من المتعصبة لمذاهبهم الفقهية في هذه الآية أيضا، اللهم غفرا.
[118]) وانظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص83)، و«القواعد الحسان بتفسير القرآن» للشيخ السعدي (ص7) القاعدة الثانية: العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
[119]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج2 ص15)، و«رسالة التقليد» لابن القيم (ص22).
[120]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج4 ص45)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص406)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج4 ص203)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ص497 و498)، و«جامع البيان» الطبري (7693 و7694).
[121]) قلت: ومراده / التنفير والتحذير من مخالطة أهل الأهواء واتخاذهم بطانة ومجاورة من دون أهل السنة؛ لأنه إذا جاوره الحيوان لا يقتدى به في ذلك، واذا جاوره المبتدع وصاحبه اقتدى به الناس، فهلك واهلك، فافهم هذا ترشد.
[122]) أثر حسن.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (231)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص224)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص78)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (245)، والداني في «الرسالة الوافية» (ص153)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص467 و468)، والهروي في «ذم الكلام» (776) بإسناد حسن.
[123]) أثر حسن.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص456)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص55)؛ بإسناد حسن.
[124]) أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص453)؛ بإسناد صحيح.
[125]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2638)، وابو داود في «سننه» (3336)، واحمد في «المسند» (ج2 ص295)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص454).
[126]) وانظر: «المنهاج» للنووي (ج16 ص185)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج11 ص111).
[127]) أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص458)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص16)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (235)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص91)، وفي «الاعتقاد» (ص118)؛ بإسناد صحيح.
وأورده ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (141)، والأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص486).
[128]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص80).
قلت: وقد فطرت النفس على التأثر سلبا، أو إيجابا بالمجتمع الذي تعيش فيه، اللهم سلم سلم.
[129]) كـ «فتنة ربيع» في الإرجاء، وغيره.
[130]) أثر صحيح.
أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص166)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج9 ص24) بإسناد صحيح.
[131]) ومن ذلك أنهم يتخذون الخلاف بين العلماء ذريعة، للحصول على الفتاوى المخالفة للكتاب والسنة، التي تخدمهم، والله المستعان.
[132]) قال الإمام أيوب السختياني /: (ولا أعلم أحدا من أهل الأهواء يجادل إلا بالمتشابه).
أثر صحيح
أخرجه ابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص124)؛ بإسناد صحيح.
[133]) وانظر: «النكت الظراف على تحفة الأشراف» لابن حجر (ج1 ص261).
[134]) وانظر: «شرح حلية طالب العلم» لشيخنا الشيخ محمد العثيمين (ص100 و101).
[135]) فيحسنون الكلام... ويسحرون عقول الشباب ببيانهم: و(إن من البيان لسحرا)، والله المستعان.
[136]) الطنبذي: بطاء مهملة مضمومة بعدها نون ساكنة ثم باء معجمة بنقطة واحدة، وذال معجمة.
* وهو منسوب إلى: «طنبذ»، قرية من قرى مصر؛ كما قال الجياني في «تقييد المهمل وتمييز المشكل» (ج2 ص337)، وكذا قال السمعاني في «الأنساب» (ج4 ص75)، وزاد: من «البهنسا»، وهي من الطبارحيات.
* لكن ضبطها ياقوت في «معجم البلدان» (ج4 ص42) بخلاف ذلك فقال: (طنبذة: ثانية ساكن، والباء مفتوحة موحدة، واخره ذال معجمة...).
[137]) انظر: «الأنساب» للسمعاني (ج2 ص114).
[138]) أثر صحيح.
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج8 ص536)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» (ص167)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص274)، وابن أبي الدنيا في «العقل» (ص22) بإسناد صحيح.
[139]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص597).
[140]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص33).
[141]) أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص9).
[142]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص22) و«جامع البيان» للطبري (ج2 ص7).
[143]) والإفراط: مجاوزة الحد.
[144]) والتفريط: إضاعة الشيء.
انظر: «مدارج السالكين» لابن القيم (ج2 ص466)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص460) و«الصحاح»» للجوهري (ج3 ص6148).
[145]) وانظر: «الردود البازية في بعض المسائل العقدية» (ص266).
[146]) فالأمر يكون شيئا فشيئا، إلى أن يتعلموا ويصلوا إلى معرفة الحق بالمحاورة والمناقشة العلمية.
* واعلم أنه إذا أراد المحاور بحواره وجه الله تعالى، والوصول إلى الحق، فإنه لا بد أن يكون موضوعيا في محاورته بعيدا عن المغالطات والمكابرة.
* فيقبل الحق أيا كان مصدره ويسلم للأدلة والشواهد، وإلا كان مكابرا مجادلا بالحق والباطل، والعياذ بالله.
[147]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج28 ص216)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص330)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج13 ص106)، و«شرح حلية طالب العلم» لشيخنا ابن عثيمين (ص157 و158).
[148]) ولا يلام ولا يؤاخذ من أظهر السنن بالبيان والإيضاح، وأعطاها ما تستحقه من العناية.
* والعبد إذا لم يعلم أسند العلم إلى أهله، أو يقول: لا أدري... وهذا الأمر يغالط به أصحاب المراء فيقولوا فيه بلا علم؛ فيهيج بذلك الشر والفتنة؛ لأنهم يقولون في دين الله بدون دراسة متأنية.
[149]) انظر: «مقدمة الباعث على الخلاص من حوادث القصاص» للصباغ (ص17).
[150]) وهي: الأهواء والآراء المختلفة في الضلالات.
انظر: «تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج5 ص1422).
[151]) انظر: «الرسالة» للشافعي (ص425).
[152]) انظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص787 و993).
[153]) انظر: «الباعث على الخلاص من حوادث القصاص» للعراقي (ص67).
[154]) أثر صحيح.
أخرجه الطبراني في «طرق حديث من كذب علي متعمدا» (ص99)، وابن الجوزي في «الموضوعات» (ج1 ص61)؛ بإسناد صحيح.
[155]) انظر: «المفهم» لأبي العباس القرطبي (ج1 ص54)، و«إتحاف المهرة» لابن حجر (ج14 ص446)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج1 ص8)، و«المعلم» للمارزي (ج1 ص184)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج1 ص72)، و«تفسير القرآن» لابن كثير» (ج1 ص542)، و«غرر الفوائد المجموعة» لابن العطار (ص309)، و«تقييد المهمل» للجياني (ج3 ص765)، و«الإكمال» للقاضي عياض (ج1 ص114)، و«التتبع» للدارقطني «ص1762).
[156]) وما جاء التفرق والاختلاف في القرآن الكريم إلا مذموما ومتوعدا عليه بالعقاب.
[157]) وما جاء الاجتماع على الدين الواحد إلا محمودا وموعودا عليه بالأجر العظيم؛ لما فيه من المصالح العاجلة والآجلة.
[158]) انظر: «لمحة عن الفرق الضالة» للشيخ صالح الفوزان (ص20).
[159]) وهذه الجماعات الحزبية هدفها التجميع والتكتيل فقط، ولو اختلفت عقائدهم، والله المستعان.
[160]) هذا جزء من حديث هرقل الطويل من حديث أبي سفيان.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص7)، ومسلم في «صحيحه» (1773).
[161]) ومن المعلوم أن أهل الحق بإزاء أهل الباطل قلة، وهذه سنة الله في خلقه في الحياة الدنيا؛ فالكثرة ليس لها وزن في هذا المضمار فتنبه.
[162]) فعن مغيرة قال: قال محمد بن السائب: (قوموا بنا إلى المرجئة نسمع كلامهم، قال: فما رجع حتى علقه).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص471).
وإسناده صحيح.
قلت: فهل من مدكر!.
[163]) قلت: وكذلك لعدم الضابط في هذه المسالة؛ لأنه ممكن أن يأتي شخص ويقول: أنا سلفي قوي، وهو في ذاته ضعيف، ثم من الذي يأمن على نفسه من الدخول على أهل البدع.
قلت: إذا من منهج السلف عدم مخالطة أهل البدع مطلقا.
[164]) قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج7 ص261): (أكثر السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة!). اهـ
[165]) يلبسوا: التلبيس جعل الأمور مختلطة مشتبهة مشكلة.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص204).
[166]) قلت: فلا تأنس بخلطاء أهل البدع، فقد بحثت التجارب، فإذا أكثرهم حساد وحقاد، لا يسترون مسلما، ولا يواسون صديقا، ولا يعرفون لجليس حقا.
قلت: فلا تواطن من لا يصلح من الناس.
[167]) فلا تجالس عدوك المبتدع؛ فإنه يمكر بك في الخطأ، ثم يبديه عند إظهار خيانته لك، ويماريك ويجادل في الصواب والسنة، اللهم سلم سلم.
وانظر: «بهجة المجالس» لابن عبد البر (ج1 ص50).
[168]) انظر: «لسان الميزان» لابن حجر (ج7 ص257).
[169]) وانظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج8 ص256)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج9 ص122).
[170]) الجرب: داء جلدي يعلو أبدان الناس.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص259).
قلت: فإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء.
[171]) أثر صحيح.
أخرجه الآجري في «الشريعة» (63)، والبيهقي في «المدخل» (233)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (6)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص259)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1071)؛ بإسناد صحيح.
[172]) وعلى العوام البعد عنهم ما أمكنوا، بل الأمر المتعين عليهم؛ لأنهم يلبسون عليهم دينهم، والله المستعان.
[173]) قلت: فعليكم بالسنة، فمن اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى.
وانظر: «الرسالة الوافية» للداني (ص149).
[174]) قلت: وهذا ظاهر من أهل البدع في بعضهم بعضا.
[175]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص104)، و«الوسيط في تفسير القرآن» للواحدي (ج2 ص284)، و«جامع البيان» للطبري (ج7 ص142)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص143).
[176]) أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص465).
[177]) أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص465).
[178]) قلت: وذلك خوفا من الفتنة بالمجالسة، وترويجها بين الناس، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب في الشرع.
وانظر: «شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص159).
[179]) انظر: «شرح حلية طالب العلم» لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص104).
[180]) «أصول السنة» (ص35).
[181]) قلت: لأن القلب ضعيف، ولعله أن يسمع من المبتدع كلمة ضالة فتدخل قلبه، فلا يرجع قلبه بعد ذلك عن هذه الضلالة، والله المستعان.
[182]) قلت: فلا نجالس المبتدع لعله يتوب، فكيف أن نجالسه، ونريد منه أن يتوب، فلا يتوب؛ لأن الجلوس معه يغرر به، والله المستعان.
[183]) أثر صحيح.
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص270)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص182)، والمروزي في «السنة» (80)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص329) من طرق عن ابن مسعود به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
* فإذا رأيتم محدثة كـ :«الإرجاء»، فعليكم بمنهج السلف الصالح في مسائل الإيمان.
[184]) قلت: فمن أراد الله وفقه وسدده، ومن اتقى الله أعانه ونصره.
[185]) «شرح السنة» (ص624).
[186]) قلت: والأشد والأمر يأتي الأمر من: «ربيع المدخلي» في مجالسة أهل البدع، لمصلحة الدعوة زعم، اللهم غفرا.
[187]) قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص541): (ليكن ما ترشد به، وتوقف عليه من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة من علماء الأمة من الصحابة والتابعين). اهـ.
[188]) أثر حسن.
أخرجه السلمي في «طبقات الصوفية» (ص469)، والقشيري في «الرسالة» (ص29).
وإسناده حسن.
وذكره الذهبي في «السير» (ج16 ص109)، والشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص164).
[189]) قلت: وأشد الناس عبادة مبتدع مفتون، فالمبتدع يزيد في الاجتهاد في العبادة؛ لينال في الدنيا التعظيم والجاه والمال، وغير ذلك من أصناف الشهوات، والله المستعان.
[190]) أثر حسن.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص466)؛ بإسناد حسن.
[191]) أثر حسن.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص202)؛ بإسناد حسن.
[192]) أثر حسن.
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص398)؛ بإسناد حسن.
[193]) أثر صحيح.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص138)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص397)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص104)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (438)، والطيوري في «الطيوريات» (ج2 ص318)؛ بإسناد صحيح.
[194]) انظر:«الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص200).
[195]) أثر صحيح.
أخرجه الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (ج1 ص414)؛ بإسناد صحيح.
وأخرجه السلمي في «طبقات الصوفية» (ص9 و10)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص638)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص215)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص40)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص103)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص398) من طرق عن مردويه الصائغ قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: (من جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة). يعني: السنة.
وإسناده صحيح.
وذكره البربهاري في «شرح السنة» (ص138).
[196]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص959)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343).
[197]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص955)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343).
[198]) قلت: وهنا يحسن التنبيه إلى أن من أعظم الأسباب الداعية إلى الإفراط والغلو، أو إلى التفريط والتقصير، لا سيما في باب الاعتقاد؛ إدخال ذلك العقل الضعيف في نصوص الوحي، والله المستعان.
[199]) وانظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص52).
[200]) الخدن والخدين: الصديق.
انظر: «مختار الصحاح»» للرازي (ص72).
[201]) أثر حسن.
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص498)؛ بإسناد حسن.
[202]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص156 و157)، والطيوري في «الطيوريات» (ص150)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص103) بإسناد صحيح.
وذكره البربهاري في «شرح السنة» (ص139).
[203]) أثر حسن.
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص217)، والآجري في «الشريعة» (2043)؛ بإسناد حسن.
[204]) أثر حسن.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص139)، والهروي في «ذم الكلام» (928)؛ بإسناد حسن.
[205]) أثر حسن.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص26 و33) بإسناد حسن.
[206]) انظر: «تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج3 ص1104)، و«السير» له (ج17 ص558).
[207]) قلت: ففساد التوقير لأهل البدع ينقض الإسلام ويهدمه، ويتهمه بعدم الكمال، وأنه بحاجة إلى مزيد، وذلك اتخاذ البدعة دينا بدلا من السنة، فيدين الناس بعقائدهم المنحرفة عن الكتاب والسنة، فبذلك يهدم الإسلام، اللهم سلم سلم.
[208]) «أصول السنة» (ص35).
[209]) قلت: فالمتبع للبدعة مبتغ للفتنة؛ لأنه لا ينتهي منه إلى حد تسكن إليه نفسه، والفتنة: الغلو في التأويل المظلم.
انظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص222).
قال سليمان بن الأشعث: سمعت أحمد بن صالح، ذكر اللفظية، فقال: (هؤلاء أصحاب بدعة، ويدخل عليهم أكثر من البدعة).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «السنة» (2169)، وأبو داود في «المسائل» (ص371)؛ بإسناد صحيح.
* لعله يريد باللفظية، الذين يقولون: «ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة»؛ فهؤلاء مبتدعة.
* وأما اللفظية الذين يقولون: «ألفاظنا بالقرآن مخلوقة»؛ فهؤلاء جهمية.
وانظر: «السنة» للخلال (ج2 ص207)، و«شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص277 و278).
[210]) قلت: و«ربيع المدخلي» خالف هذا الإجماع في أصل من أصول الدين، والله المستعان.
[211]) وانظر: «شرح السنة» للبربهاري (ص128).
[212]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص302).
[213]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2060).
[214]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص704).
[215]) وانظر: «الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص202).
قلت: ولم يضيع أحد الدين، إلا ابتلاه الله بتضييع السنن، ولم يبتل أحد بتضييع السنن إلا يوشك أن يبتلى بالبدع، والله المستعان.
قلت: فهاهم دعاة الإرجاء ينهقون بالبدع، واتباعهم وراءهم يلهثون بالتبع!.
[216]) قلت: وسببه الابتداع في دين الله تعالى.
وانظر: «الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص211).
[217]) قلت: واعتبروا ذلك ببدعة الخوارج وغيرهم...؛ لأنهم لم يبق لهم من الدين إلا ما إذا نظر الشخص فيهم في الظاهر، أما إذا عرف الباطن شك فيهم وتمارى، وعرف أنهم من أهل الابتداع لا من أهل الاتباع، اللهم غفرا.
[218]) انظر: «الدر المنثور» للسيوطي (ج6 ص596)، و«جامع البيان» للطبري (ج10 ص465).
[219]) أثر لا بأس به.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص35).
[220]) قلت: وهذا الذي فعله: «ربيع المدخلي»، فاستشهد على بدعة الإرجاء بأدلة شرعية، فينزلها على ما وافق عقله وهواه، اللهم غفرا.
* لذلك تجده يتأول كل دليل خالف هواه، ويتبع كل شبهة وافقت غرضه ومذهبه في الإرجاء.
[221]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص186)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص146)، وابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» (ص335)، والأصبهاني في «الحجة في بيان المحجة» (ج1 ص224)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص464)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص536)، وابو نعيم في «الحلية» (ج9 ص111)، والهروي في «ذم الكلام» (ص418)، وأبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص103)؛ بإسناد صحيح.
وذكره ابن قدامة في «تحريم النظر في الكلام» (ص41)، والذهبي في «السير» (ج1 ص18).
[222]) قلت: فيأس من أتباع ربيع؛ لمخالطتهم أهل البدع.
قال الإمام ابن عون /: (من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص473)؛ بإسناد حسن.
[223]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص473)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص48)، وفي «الأصول المجردة» (71)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص250)؛ بإسناد صحيح.
[224]) أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص476)، واللالكائي في «الاعتقاد» (257)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص54)؛ بإسناد صحيح.
[225]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص453 و476).
[226]) وانظر: «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج3 ص77).
[227]) أثر صحيح.
أخرجه الدارمي في «المسند» (98)، ويحيى بن معين في «فوائده» (111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (228)، والهروي في «ذم الكلام» (913)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج12 ص440)، اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص93)، وابو نعيم في «الحلية» (ج4 ص73)، وابن وضاح في «البدع» (90)؛ بإسناد صحيح.
[228]) أثر صحيح.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص93)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص132)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص116)، الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص166)، وابو نعيم في «الحلية» (ج1 ص136)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص147) بإسناد صحيح.
قال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص433): «رجاله رجال الصحيح».
[229]) أثر صحيح.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص89)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص303)، وابن وضاح في «البدع» (33)، وأبو داود في «سننه» (4611)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (27)، و(284)، والطبراني في «المعجم الكبير» (227)، والحاكم في «المستدرك» (8506)، والآجري في «الشريعة» (ص47)؛ بإسناد صحيح.
[230]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص126 و127)، وابن بطة في «الإبانة الصغرى»، تعليقا (98)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة»، تعليقا (ج1 ص304).
وإسناده صحيح.
[231]) أثر لا بأس به.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (ص135).
[232]) يعني: صحبة أشكالهم من أهل الأهواء في البلدان.
[233]) أثر لا بأس به.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص205).
[234]) إنما يماشي المرء، ويصاحب من يحبه، ومن هو مثله؛ لذلك بمثل هذا يفسد الناس وهم لا يشعرون، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص132): (فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله). اهـ.
قلت: فهذا الكلام في غاية الدقة، وهو وان كان في فرقة الاتحادية، لكنه ينتظم جميع المبتدعة، فكل من ظاهر مبتدعا... وخالطه، وجالسه فهو مفسد للمسلمين، والله المستعان.
[235]) أثر صحيح.
أخرجه ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص432)، والأصبهاني في «سير السلف الصالحين» تعليقا (ج3 ص1148)؛ بإسناد صحيح.
قلت: فإذا رأيت المميع يمشي مع المبتدع، ويحلف لك أنه ليس على رأيه فلا تصدقه، نعوذ بالله من الخذلان.
[236]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3483) من حديث أبي مسعود البدري t.
[237]) أثر حسن.
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص63) بإسناد حسن.
[238]) أثر صحيح.
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص102)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص154)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص143)؛ بإسناد صحيح.
وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص34)، والمقدسي في «الاقتصاد» (ص217).
[239]) أثر صحيح.
أخرجه الجوهري في «مسند الموطأ» (ص584)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص10) بإسناد صحيح.
وذكره ابن خلفون في «أسماء شيوخ مالك» (ص33).
[240]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (820)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» تعليقا (ج2 ص485)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1772)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص222)، وسعيد بن منصور في «السنن» (722)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج6 ص102)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (558)، وابو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص267) بإسناد صحيح.
وذكره ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (ص141)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص114)، وعزاه لابن المنذر، وابى عبيد، وعبد بن حميد.
[241]) أثر صحيح.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص367)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص17)، وابن وضاح في «البدع» (ص32)، والمروزي في «السنة» (ص8)، والآجري في «الشريعة» (ص13)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (136)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص218)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص18) بإسناد صحيح.
[242]) أثر حسن.
أخرجه الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (ج2 ص209) بإسناد حسن.
[243]) قلت: ألا فليتق الله تعالى أقوام يدعون السلفية، ويخذلون أهلها والذابين عنها بحق وعلم، ويحامون عن أهل البدع، ويوالون ويعادون من أجلهم، فأفسدوا بذلك شبابا كثرا، وصدوهم عن سبيل السلف الصالح بهذه الأساليب الماكرة، فجنوا على الشباب جناية عظيمة، فحملوا وزرهم، وأوزارهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[244]) قلت: ومن أراد لنفسه النجاة، فعليه بالحرص على الأخذ بأسباب النجاة، ويفر من أهل البدع والتحزب، ويطلب العلم عند أهل السنة والجماعة؛ ليتبصر في دينه، ويميز بين السني والبدعي، ويخلص في دينه ويتبع الرسول r حقيقة بصدق وإخلاص، قولا وعملا، وهذا بلا شك يشق على النفس، لكنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، والله ولي التوفيق.
[245]) الوبيل: الشديد.
انظر: «الرائد» لجبران (ص854).
[246]) فأين دعاة التمييع، ومن انخدع بهم من شباب الأمة، من منهج السلف هذا في هجر أهل البدع؟
[247]) «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص466).
[248]) فواجه الصحابة والتابعون الكرام هذه الفرق المبتدعة، مواجهة حاسمة بالسيف واللسان، فحذروا الناس منهم، وتبرؤوا من البدع وأهلها، وهجروهم ونابذوهم، وما ذلك إلا اتباعا للطريقة الشرعية في معاملة أهل البدع والأهواء.
[249]) انظر: «الدرر السنية» (ج3 ص211).
[250]) انظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص227)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص298).
[251]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج24 ص674)، و(ج28 ص231) و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص1068)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص142)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج5 ص532)، و«الإبانة الصغرى» له (ص282)، و«الإيمان» لأبي عبيد (ص34)، و«الاعتقاد» للالكائي (ج1 ص197)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج1 ص232)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج5 ص127).
[252]) وانظر: «هجر المبتدع» للشيخ بكر أبي زيد (ص32).
[253]) وانظر: «تحريم النظر في كتب الكلام» لابن قدامة (ص70).
[254]) قلت: وقد شذ: «ربيع المدخلي» عن السلف، وخالف إجماعهم في هجر أهل البدع على الدوام، ومن شذ عن السلف، شذ إلى الضلالة، وويل له يوم القيامة.
* فاتبع يا ربيع الإجماع، ودع الانفراد، واتبع الجماعة، ودع الشذوذ، واتبع السنة ودع البدعة، واتبع الحق ودع الباطل، اللهم سلم سلم.
[255]) قلت: فهجران أهل البدع إلى أن يتوبوا ويتبرؤوا من المخالفات، فإذا لم يتوبوا، ولم يتبرؤوا فهجرانهم على التأبيد.
قلت: فربيع إذا لم يتب من هذا المنهج الباطل، ولم يتبرأ منه يهجر، ويحذر منه، ويرد عليه على التأبيد؛ لأنه يتبع ذلك على زيغ في قلبه، والله المستعان.
[256]) انظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص227).
[257]) انظر: «حجة النبي r» للشيخ الألباني (ص103).
[258]) انظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص229).
[259]) «مجموعة مؤلفات الشيخ، القسم الخامس، الرسائل الشخصية» (ص11).
[260]) قلت: فالسلف لم يشتغلوا بمخالطة أهل البدع ونصحهم، وقد شاهدوا الوحي والتنزيل، وعدلهم الله في القرآن، وشهد لهم بالصدق، وشهد لهم النبي r بالخيرية في الدين، وكانت طاعتهم أجل، وقلوبهم أسلم، وصدورهم أطهر وعلمهم أوفر، ومع ذلك كانوا من البدع وأهلها أبعد، اللهم غفرا.
[261]) وانظر: «القول البليغ» للشيخ التويجري (ص230).
[262]) وانظر: «الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج1 ص231)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج1 ص232)، و«الانتصار لأصحاب الحديث» للسمعاني (ص33).
[263]) قلت: فهذه البدع ليست من الدين في شيء، ولو كانت من الدين ما قبض رسول الله r إلا بعد أن يبلغها، وهذا ما شهد به الصحابة الكرام للرسول r، إذ شهدوا له بالبلاغ والبيان.
[264]) أثر حسن.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص29) بإسناد حسن.
[265]) كـ «ربيع المدخلي» فقد ابتدع بدعة «الإرجاء» في الدين، وأبى أن يرجع، فإنه يعامل بما يعامل به أهل البدع، اللهم سلم سلم.
[266]) فأضاف المبتدع إلى الإسلام شيئا من العقائد الباطلة، والأعمال المخترعة، وينسب ذلك إلى الإسلام، والله المستعان.
[267]) قلت: ثم يأتي أهل البدع فيتهمون الإسلام بالتقصير وهم لا يشعرون، وانه بحاجة إلى أن يضاف إليه الخطاب العصري، فأضافوا إليه شيئا من العقائد، والأعمال الباطلة، ونسبوا ذلك إلى الدعوة إلى الله تعالى، والله المستعان.
قلت: ولا شك أن ذلك أيضا تهمة للرسول r في دعوته، فتنبه.
[268]) قلت: ومن يدعي اتباع السلفية، فلا بد أن يمتحن بالفتن حتى يعلم صدقه من كذبه، والمتمسك بمنهج السلف لا بد أن يمتحن في الدين؛ حتى يعلم هل عبد الله تعالى بقوة وثبات، أو عبده على حرف وضعف.
قال تعالى: ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ÇËÈ ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾ [العنكبوت: 2-3].
وقال تعالى: ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين﴾ [الحج: 11].
وقال تعالى: ﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله﴾ [العنكبوت: 10].
قلت: فالفتن التي وقعت على القوم هل ثبتوا على السلفية أو الحزبية؟!، بل تبين كذبهم، وأنهم ليسوا على الدعوة السلفية، وليسوا من السلفيين، والله المستعان.
[269]) قلت: فلا تتوارى نار سني ومبتدع.
وانظر: «حلية طالب العلم» للشيخ بكر أبي زيد (ص29).
[270]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص480 و481 و482)، و«الاعتقاد» للالكائي (ج1 ص137)، و«الرسالة الوافية» للداني (ص153)، و«البدع» لابن وضاح (ص40).
قلت: فلا يلحق: «ربيع» بالسنة شيئا ليس منها، ويجعله من السنة، ويقول: أنه منصوص عليه. والله المستعان.
قلت: ويجب على العبد أن يقتصر على السنة، ويكتفي بها ففيها الكفاية، وترك الاعتراض عليها بمجرد الظن والعقل ومن زاد عليها، أو أضاف إليها شيئا، فهو مبتدع.
[271]) وانظر: «شرح حلية طالب العلم» لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص97).
[272]) قلت: وتعامله بعمل الوظيفة، فهذا لا حرج عليك.
[273]) وانظر: «شرح حلية طالب العلم» (ص100).
[274]) وهنا المجالسة اضطرارية فتنبه، فإذا اضطر المتبع لمجالسة المبتدع، وهناك مصلحة دينية تعود على الإسلام والمسلمين، فلا بأس بمجالسته؛ لدحض شبهاته، والسلام.
قلت: أما جلوس المميعة مع أهل البدع وإلقاء المحاضرات والدروس لهم وغير ذلك، فهذا مرفوض شرعا وعقلا.
[275]) فالمراسلة والمكاتبة؛ لأهل البدع الآن تكفي لإقامة الحجة عليهم، والحمد لله رب العالمين.
[276]) والمراد بالخوارم: ما يخرج من التزام المروءة تركا لها وإفسادا.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج12 ص173).
[277]) قلت: فآفة المروءة الجلوس مع أصحاب السوء من أهل البدع والمعاصي.
وانظر: «روضة العقلاء» لابن حبان (ص134).
[278]) قلت: فإذا أردت أن توفق في الحصول على صفة المروءة، فتجنب الجلوس مع أهل البدع والمعاصي.
[279]) أثر صحيح.
أخرجه مالك في «الموطأ» (463)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص520)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص195)؛ بإسناد صحيح.
[280]) قلت: فمن يصون نفسه من البدع واهلها، فقد اتصف بالمروءة المطلوبة شرعا.
* ونحن اليوم بحاجة ضرورة بحفظ مروءتنا الشرعية.
[281]) قلت: فمن جهل المنهج فلا مروءة له، ومن علم المنهج اتصف بصفة المروءة.
[282]) قلت: والسياسة العصرية في هذه الأيام تخرم المروءة؛ لأنها هوجاء وفوضاء، اللهم غفرا.
* فالمروءة الصلاح في الدين، والإصلاح في الدنيا.
[283]) فعلى المسلم أن يترك ما يعاب عليه من الأقوال والأفعال، فإن فعل تجرأ عليه السفيه، واستخف به العامي، وهو على باطل؛ لأنه لا مروءة لمن يكون معلنا ببدعة أو معصية، والله المستعان.
[284]) قلت: ومن لا مروءة له يؤثر ما يهواه، فتراه يقدم على الأقوال والأفعال المحرمة وهو لا يشعر، والله المستعان.
[285]) قلت: ومن لا منهج له يؤثر ما يهواه، وان أداه إلى هلاكه في الدنيا والآخرة، لضعف منهجه في الدين، والله المستعان.
[286]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص154)، و«مختار الصحاح»» للرازي (ص620)، و«تحرير ألفاظ التنبيه» للنووي (ص341)، و«المنهاج» له (ج15 ص135)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص569)، و«روضة العقلاء» لابن حبان (ص230 و132)، و«بهجة المجالس» لابن عبد البر (ج2 ص645 و646)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج2 ص232)، و«البناية» للعيني (ج7 ص135)، و«روضـة الـمـحبين» لابن القيم (ص422)، و«اليواقيت والدرر» للمناوي (ج1 ص210).
[287]) قلت: ففقدوا الورع، وضعفت فيهم السنة، وقويت البدعة، فنتج عن ذلك الهلاك المبين، والله المستعان.
[288]) انظر: «العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية» (ج1 ص329).
[289]) ولا يعرضها للقوادح التي تعيب المروءة وتفسدها.
وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج11 ص515).
[290]) قلت: ومن عرف حقيقة الحزبية والمميعة استراح ولا طاح، واذا أراد الله تعالى بالعبد خيرا وفق له رجلا صالحا سلفيا أثريا.
[291]) وما أضر المسلمين مثل السكوت عن أهل البدع والأهواء حتى التبس الحق بالباطل، وفقدت المحبة لأجل التوحيد الخالص، إلا ممن عصمه الله تعالى.
* وهذا هو التمييع المشين الذي يدعو إليه من لا فقه له في الدين، ويحاول أن ينشره بزخرف القول مردود ومرفوض، والآيات والأحاديث في ذلك تنبذه وترد عليه.
قلت: وقد وصل هذا التمييع عند الحزبيين إلى أن يزكي بعضهم بعضا من أجل المصالح الدنيوية المشتركة بينهم، والله المستعان.
[292]) قلت: فجاء هؤلاء المغرورون، ففتحوا لأهل البدع إلى البدعة طريقا، وصاروا لهم إلى هلاك السنة دليلا، حتى كثرت بينهم البدع، وظهرت دعوتهم بهؤلاء المغرورين، ووقع الهمج والرعاع في شباكهم، فصاروا أقرانا وأخدانا، وعلى المداهنة خلانا: ﴿فرقوا دينهم وكانوا شيعا﴾، ﴿كل حزب بما لديهم فرحون﴾، وهم هالكون.
[293]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج24 ص175)، و(ج28 ص206)، و«هجر المبتدع» للشيخ بكر أبي زيد (ص41 و45)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص177).
[294]) يعني: التعصب إلى رأيهم.
[295]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص62)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (97)، والآجري في «الشريعة» (ص58)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (557)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابو نعيم في «الحلية» (218)، وابو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص285) بإسناد صحيح.
[296]) أثر حسن.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص29)؛ بإسناد حسن.
[297]) أثر حسن.
أخرجه الأصبهاني في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1171)؛ بإسناد حسن.
[298]) ثم تفرعت فرق: الخوارج، إلى عدة فرق.
[299]) ثم تفرعت فرق: الروافض، إلى عدة فرق.
[300]) ثم تفرعت فرق: القدرية، إلى عدة فرق.
[301]) ثم تفرعت فرق: المرجئة، إلى عدة فرق إلى يومنا هذا، ومنها: «فرقة ربيع المرجئ»، وهو زائغ مجاهر صاحب «الفرقة الخامسة»، في الإرجاء، والعياذ بالله.
قلت: فالبدع متنوعة، فتنبه.
وانظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (ج1 ص66-68)، و«الفتاوى» له (ج3 ص348)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج2 ص543 و712).
[302]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص16)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (385)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص61)، وفي «الاعتقاد» (ص118) بإسناد صحيح.
واورده ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (141)، والأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص486).
[303]) أثر صحيح.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (221)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1773)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص340)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (541)، والآجري في «الشريعة» (115)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (98) بإسناد صحيح.
[304]) أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (616)، والآجري في «الشريعة» (119) بإسناد صحيح.
[305]) أثر حسن.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (123)، والآجري في «الشريعة» (123) بإسناد حسن.
[306]) أثر صحيح.
أخرجه الترمذي في «السنن» (ج1 ص102)، واللالكائي في «الاعتقاد» (216)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (161)، وفي «الغيبة والنميمة» (22)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (612)، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (98)، والآجري في «الشريعة» (ص62)، والفريابي في «القدر» (ص218)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (565)، والدارمي في «المسند» (310)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1770)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (103)، والأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص55) بإسناد صحيح.
[307]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص187)، والصابوني في «اعتقاد السلف» (87)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص146)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص104)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص534)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج9 ص111)، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص452)، وفي «السنن الكبرى» (ج10 ص206)، وفي «الاعتقاد» (239)، وابو الفضل المقري في «ذم الكلام» (ص78)، والهروي في «ذم الكلام» (1164)، وابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» (ص337)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص95)، وفي «الانتقاء» (ص78)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص269) بإسناد صحيح.
[308]) أثر صحيح.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص126)، والآجري في «الشريعة» (ص58)، واللالكائي في «الاعتقاد» (225)، والهروي في «ذم الكلام» (484)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (238)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص271) بإسناد صحيح.
[309]) انظر: «شرح السنة» للبغوي (ج10 ص97).
[310]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص123)، واللالكائي في «الاعتقاد» (296)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (4707)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1777)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج35 ص202)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج3 ص924)، وفي «السير» (ج16 ص104) من عدة طرق عن الأوزاعي به.
وإسناده صحيح.
وأورده الذهبي في «السير» (ج7 ص121)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ص412).
[311]) أثر صحيح.
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص109)، وابن سعد في (الطبقات الكبرى» (ج7 ص187)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص273)، وعبد الله بن أحمد في «زوائده على الزهد» (ص251)، والآجري في «الشريعة» (ص56)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص33)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص294)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (547)، وأبو الفتح في «الحجة» (ج1 ص308) بإسناد صحيح.
وأورده ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (124)، والآجري في «أخلاق العلماء» (ص77).
[312]) والمراد بالرد هنا عدم مناظرتهم، والدخول معهم في مناقشات.
* وأما الرد بالسنن على أهل الأهواء، فمن الشرع، ولله الحمد والمنة.
[313]) أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص471) بإسناد صحيح.
[314]) فإذا اضطررت إلى مجالستهم أحيانا من ضرورة، فلحظة يسيرة بالهيبة والحذر، والمداراة هنا لازمة.
قلت: و«ربيع المدخلي» الآن لم يدرك مدى خطورة مجالسة أهل البدع، فيرشد بمجالستهم، وهذا منه مخاطرة، وهذا جهل محض، اللهم غفرا.
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص541): (ليكن ما ترشد به وتوقف عليه من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة من علماء الأمة من الصحابة والتابعين). اهـ
قلت: فالاعتصام بالسنة نجاة.
[315]) كما كتب «ربيع المدخلي» في الإرجاء الخبيث وغيره فيما خالف الشرع المطهر، ونشره بين الناس، وأعلن ذلكبلا حياء من الله تعالى، ولا من العلماء، ولا من طلبة العلم، ولا من خلقه، لذلك وجب الرد عليه، وبيان بطلان ما قال، ولا مانع من ذكر اسمه ليحذره الناس، ولم يزل علماء السنة على هذا الأصل السلفي، والله المستعان.
[316]) «المجلة العربية» العدد (187) (ص 19) سنة (1413هـ).
[317]) «شريط مسجل» يتضمن تعليقه / على كتاب: «فضل الإسلام» للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تسجيلات: «البردين»، بمدينة الرياض، في سنة: «1413هـ».
[318]) قلت: ومعناه من خاض في علم الكلام والجدال فليس بسلفي، فافطن لهذا ترشد.
* وأما «ربيع المدخلي» فقد خاض في علم الكلام، ودخل في الجدال والخصام بغير علم مع أهل السنة في مسائل الإيمان فخرج عن منهج السلف في ذلك، فهو ليس بسلفي، بل هو مرجئ؛ لأن أهل العلم الأولين يصفون كل متبع لفهم السلف في العقيدة والمنهج بأنه سلفي، فتنبه.
قال الحافظ اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج1 ص23): (ثم كل من اعتقد مذهبا فإلى صاحب مقالته التي أحدثها ينتسب، والى رأيه يستند). اهـ
قلت: «فربيع المدخلي» ينسب إلى مذهب الإرجاء، والله المستعان.
[319]) إي والله، وشعارهم أن الدعوة إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف تفرق الأمة، بل هم الذين يفرقون الأمة تحت ستار الدين، ومن هذا تعرف خطر العدو الداخلي من العدو الخارجي.
* واعلم وفقك الله إذا حل الافتراق في الأمة أقيمت الحزبية؛ لأن العلاقة بين الافتراق والحزبية علاقة حميمة، فتنبه.
[320]) قلت: فبدأت تظهر بوادر الفتن بسبب مخالطة المميعة لأهل البدع، فالتبست البدع المضلة على شباب الأمة، فوقعوا في البدع المضلة المخترعة في الدعوة إلى الله تعالى، ولا حول ولا قوة إلا بالله
قلت: لذلك فهجر أهل البدع، ومنابذتهم من أعظم أصول الدين التي تحفظ – بإذن الله – على المسلم دينه، وتقيه شر مهالك البدع، اللهم سلم سلم.
[321]) قلت: فهذه البدع لا تسير وحدها، بل لا بد لها من مسير ومروج، فتنبه.
[322]) هل يعرف هؤلاء مقصود الشريعة، ويسعون في تحقيقه بصدق ونصح واخلاص، فظهرت نتائج نصحهم وفقههم وإخلاصهم؟!.
[323]) فهل يفرق دعاة التمييع هذا التفريق؟! كلا ثم كلا، بل هم ينادون بعدم هجران أهل البدع والتحزب في مواضع عز السنة وقوتها، وهل يفرقون بين دعاة إلى البدع وغير الدعاة منهم؟!.
[324]) وهل حصل عز السنة وأهلها في موالاة المميعة لأهل التحزب، أم حصلت محاربة السنة وأهلها من أجل الحزبيين.
[325]) أثر صحيح.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج10 ص392)، والأصبهاني في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1154) بإسناد صحيح.
[326]) وانظر: «درء التعارض» لابن تيمية (ج1 ص44).
[327]) وقد امتاز منهج السلف بالعمل بالكتاب، وبما صح من السنة، على فهم السلف الصالح، فعلى كل مسلم أن يلتزم هذا المنهج، وأن يدين الله تعالى بما كان عليه سلفه الصالح، ولله الحمد والمنة.
[328]) قلت: وقد ثبت عن جمع من السلف أنه كان يضع أصبعيه في أذنيه عندما يتكلم أهل البدع، أو ينقل إليه كلامهم، والله المستعان.
[329]) وتعظيم شأن السنة حسا ومعنى، تعظيما حقيقيا.
* فمن التعظيم الحسي للسنة: الحرص الشديد على تأدية ألفاظها كما جاءت بأمانة علمية منهجية.
* وأما التعظيم المعنوي للسنة: التصديق بها على أنها وحي من الله تعالى، يجب قبولها، والعمل بأوامرها، والانتهاء عن نواهيها، والرجوع إليها عند الاختلاف، والاحتكام إليها عند التنازع.
[330]) قلت: لأن البدع تصيب العبد، وهو لا يشعر.
* فعلى العبد تعظيم نعمة الله تعالى أن سلمه من الأهواء والبدع، كما أنعم الله تعالى عليه بأن هداه للإسلام، فالنعمتان في غاية العظمة.
[331]) حديث صحيح.
أخرجه أبو داود في «سننه» (4597)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص102)، واللالكائي في «الاعتقاد» (150)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص128)، والمروزي في «السنة» (ص14)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ص7و8) بإسناد صحيح.
والحديث صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ص7).
[332]) فقد تطورت «المرجئة الخامسة» إلى أن زادت على أصولها الباطلة، حتى قالت بأقوال أهل البدع تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه.
[333]) أثر جيد.
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (ص118) بإسناد لا بأس به.
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ح1ص123).
[334]) قلت: ومن أضرار «ربيع المدخلي» الرائحة النتنة التي تفوح من فيه وعقله، والتي يشمها كل ذي قلب سليم، وهذا الرجل يفسد على المرء عقيدته السلفية، فتنبه.
قلت: والانحراف الناشئ عن زيغ العقيدة أشد من انحراف عن طغيان المعصية، وأصعب علاجا، فتنبه.
[335]) أثر حسن.
أخرجه الدارمي في «الرد على بشر المريسي» (ص77)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص119) بإسناد حسن.
[336]) قلت: والمبتدع هو المتبع في البدع.
[337]) قلت: وهذا لا يعطي مفهوما صحيحا للاستدلال بالكتاب والسنة، إلا إذا رده إلى المحكم.
[338]) قلت: أما العالم الراسخ الذي يتحرى مواقع الحق، ولكنه يزول عنها أحيانا لعارض فهو مغفور له؛ لأنه لم يقصد اتباع المتشابه، ولم يتبع هواه، ولا جعله عمدة في دين الله تعالى، بل إن ظهر له الحق أذعن له، وترك فهمه ورأيه.
[339]) قلت: وما في كتبه ما يضل ويشقي، وان كان فيها شيء من الصواب – وهو قليل – بجانب فسادها العظيم، وشرها المستطير.
[340]) أثر صحيح.
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (ص117) بإسناد صحيح.
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص85).
[341]) أثر حسن.
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (ص118) بإسناد حسن.
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص85).
[342]) قلت: بل الهوى عند من خالف السنة حق، وإن ضربت فيه عنقه!.
[343]) أثر صحيح.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص141)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص198)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج2 ص112)، والهروي في «ذم الكلام» (780)، و(942)؛ بإسناد صحيح.
[344]) أثر حسن.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص141) بإسناد حسن.
ومعناه: ما دام مبتدعا يراها حسنة لا يتوب منها.
انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج11 ص684).
[345]) قلت: فكيف يمكنه الخروج من الإرجاء، وداعي الهوى مستمسك بجنس ما يتمسك به، والله المستعان.
[346]) انظر: «الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج3 ص557).
[347]) انظر: «غذاء الألباب شرح منظومة الآداب» للسفاريني (ج2 ص457).
[348]) أثر صحيح.
أخرجه البغوي في «الجعديات» (1885)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1885)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص26) بإسناد صحيح.
[349]) وهذا بالنسبة لحديث العهد بالبدعة، والمقيم عليها والداعية إليها، فهذا يطمع في توبته، وبخاصة إن كان فيه إنصاف، وخشية لله تعالى.
* وأما الآخر، فلا طمع في توبته، ولا رجاء في عودته، ولا أمل في رجوعه.
* فعدم رجوع المقيم على البدعة عن بدعته هو الغالب، ولكن ربما رجع، ولكنه شاذ، والشاذ لا حكم له.
قلت: وهذا الفرق بين المبتدع الأول والمبتدع الثاني، فتنبه.
[350]) ولقد كان سبب انحراف الخوارج غلوهم في الدين، واعتدادهم بأهوائهم في مقابل منهج السلف الصالح y. وبهذا أخرجهم إلى التأويل الفاسد كما هو مشاهد من الخوارج.
[351]) انظر: «الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص321)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص358)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص35)، و(ج13 ص288)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص177).
[352]) كما فعل في الأدلة التياستدل بها على التنازل عن الأصول وغيرها.
[353]) كما فعل «ربيع المدخلي».
[354]) كما يفعل ربيع في الأدلة في الآونة الأخيرة بسبب فهمه السقيم لنصوص الكتاب والسنة واثار السلف وأقوال العلماء، حتى أنه قام يكذب على شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من المشايخ!.
[355]) والتعصب: «لربيع المدخلي» كانت النتيجة لشيعته التخبط في مسائل الإيمان وغيرها من أصول الدين، والحيرة والشك نعوذ بالله من ذلك، والمقصود من التعصب أيضا الذي يكون معه رد ما عند الشخص ولو كان حقا، بل يكون معه طرح الأدلة، وعدم الاعتداد بها، والاعتداد بما يصدر عن شخص من الآراء المخالفة للكتاب والسنة. ولقد كان التعصب للأشخاص، والإعراض عن الحجة والدليل سببا لضلال كثير من الناس، والله المستعان.
[356]) وجاءت الآثار الكثيرة بالتحذير من البدع لخطرها على الفرد والمجتمع، والتخويف من عواقبها السيئة في الدنيا والآخرة.
* بل تبين أن العمل المبتدع مردود على صاحبه، بل ومعاقب عليه، في الوقت الذي كان يؤمل أن ينال عليه أجرا عظيما، ليس هذا فحسب، بل إن على المبتدع مثل أوزار من تبعه، واقتدى به في بدعته، حتى وان كان قصد التابع، أو المتبوع – على زعمه – سليما والنية حسنة، فالغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة وتحلها، والدين لا يبنى على البدع والأهواء.
قلت: وعمل المبتدع وإن كثر، قد شغل فيه المبتدع عامة الساعات والأيام، بل الشهور والأعوام، فهو جهد ضائع، قد ذهب سعيه ووقته، وماله: هباء منثورا، بل صار وبالا عليه.
[357]) قلت: وفي المقابل تشويه الحق وأهله، كما يفعل: «ربيع وشيعته»، اللهم سدد سدد.
* والخصم إذا جادل سيورد ما يقدر عليه من شبه وإشكالات قد تحير السامع، وتؤثر عليه، اللهم سلم سلم.
قلت: فلا بد أن يحمل أهل الحق على أيديهم أقلام النصرة؛ لإبطال شبهات دعاة الباطل.
[358]) فيسعون بكل طاقة، وجهد لإثارة الشبه، والتشكيك في الاعتقاد، والله المستعان.
[359]) قلت: والانحراف عن منهج السلف، برد النصوص، وتحكيم ذلك العقل في تلك النصوص... فإن ذلك سبب للضلالة والشقاوة في الدنيا والآخرة.
[360]) قلت: والأفكار المنحرفة لا تقتصر غالبا على فترة زمنية محددة، تندرس بانقضائها، بل تظل الأجيال تتناقلها جيل بعد جيل، إذ إن لكل قوم وارثا، وهذا مما يجعل خطرهم عظيما، وشرهم مستطيرا، ألا ترى إلى الديانات الضالة، والملل المنحرفة، والفرق البدعية التي اخترعت منذ آلاف السنين كـ«اليهودية»، و«النصرانية»، و«البوذية»، وغيرها... وكذلك: «الجهمية»، و«المعتزلة»، و«الرافضية»، و«المرجئة»، وغيرها... ألا ترى كيف هي باقية إلى الآن، فلا بد من حمل هذه الأمانة؛ لإظهار عوار تلك الفرق الضالة المخالفة لمنهج الكتاب والسنة.
قلت: والمرجئة ورثها في هذا العصر: «ربيع وشيعته» باسم السلفية!... إذا فضرر هؤلاء بالغ الخطورة؛ لأنهم يريدون أن ينشطوا في ميدان الاعتقاد بنشر: «الإرجاء» المذموم، فيسعون بكل طاقة وجهد لإثارة الشبه، والتشكيك في اعتقاد السلف الصالح، في مسائل الإيمان؛ فتنبه.
[361]) قلت: وكان النبي r يخاف على أمته خوفا عظيما من أصحاب الأهواء، والسلوك الشاذ، وهذا من عظيم حرصه عليها، ورأفته ورحمته بالمؤمنين؛ لأن ضرر هؤلاء بالغ الخطورة، فتنبه.
* وسبحان الله!، كم من البون الشاسع والفرق العظيم، بين موقف أصحاب الأهواء من السنة، وموقف السلف الصالح ومن بعدهم منها، فإن أولئك نبذوها وراءهم ظهريا، ولم يقيموا لها وزنا، أما هؤلاء فقد حفظوها وحافظوا عليها قولا وعملا ودعوة، وعظموا شأنها.
[362]) أثر صحيح.
أخرجه وكيع في «الزهد» (315)، وأحمد في «الزهد» (ج2 ص110)، الطبراني في «المعجم الكبير» (8770)، واللالكائي في «الاعتقاد» (104)، وابن وضاح في «البدع» (14)، والدارمي في «المسند» (211)، والبيهقي في «المدخل» (203)، وفي «شعب الإيمان» (202)، والمروزي في «السنة» (79)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (175)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (11)، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (383)، وأبو خيثمة في «العلم» (54) بإسناد صحيح.
[363]) قلت: والواجب على هذا أن يفقه منهج السلف، وما عندهم من قوة في العلم والإيمان، ومع ذلك خافوا أن يفتتنوا بأهل البدع، فأين منهم من أمن الافتتان بمجالسة أهل البدع من أمثال هذا الرجل، على ما به من جهل عظيم في الدين، بدعوى أنه واثق من دينه، ولا يخشى التأثر بهم، اللهم غفرا.
[364]) أثر صحيح.
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص176) بإسناد صحيح.
[365]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج11 ص40)، و«الأذكار» للنووي (ص228)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج28 ص217)، و«شرح السنة» للبغوي (ج1 ص224)، و«زاد المعاد» لابن القيم (ج3 ص18).
[366]) ذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (ج1 ص233).
[367]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (54).
[368]) وانظر: «معالم السنن» للخطابي (ج4 ص296)، و«جامع البيان» للطبري (ج5 ص330)، و«شرح السنة» للبغوي (ج1 ص226)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص298)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص330).
[369]) أثر حسن.
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص140) بإسناد حسن.
قلت: ولا بد من إظهار البغض والعداوة لأهل البدع على الجوارح، والتصريح لهم بالبغض والعداوة، وهذا من أعظم ما يعبر به عن ما في القلب من البغض لهم.
قال الإمام القحطاني / في «النونية» (ص53):
إني لأبغضكم وأبغض حزبكم |
|
|
بغضا أقل قليله أضغاني |
[370]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص69).
[371]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص515) من حديث أبي مسعود t.
[372]) قلت: ونحن بحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق، واتضح من الطرفين، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، وتبصرنا في معرفة أخطاء: «ربيع المدخلي»، وغيره.
[373]) قلت: فربيع هو حامل لواء: «الانحراف الإرجائي»، فحمل لواء: «الإرجاء العصري»، وتولى كبر العناد والإنكار، وحارب تعاليم مذهب أهل السنة والجماعة في مسائل الإيمان، وجرى وراء آرائه: «الإرجائية»، ففسدت عقيدته وفطرته، وعظم جهله، وغلبت عليه شقوته، ولكن الحق يعلو، ولا يعلى عليه فهو أبلج ناصع.
[374]) قلت: فنرى: «الربيعيين» كلهم قلدوا، وتعصبوا «لربيع المدخلي» على كثرة ردود العلماء عليه، وتبين ضلالاته بالأدلة من الكتاب والسنة وآثار السلف، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص8): (فلا يجوز لأحد أن يجعل الأصل في الدين لشخص، إلا لرسول الله r، ولا لقول إلا لكتاب الله عز وجل). اهـ
[375]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص86).
[376]) راجع أشرطة مسجلة بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الأول، والثاني، والثالث، والرابع، في سنة: «1417هـ».
[377]) راجع أشرطة مسجلة بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الأول، والثاني، والثالث، والرابع، في سنة: «1417هـ».
[378]) قال الإمام السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص71): (وإياك – رحمك الله – أن تشتغل بكلامهم، ولا تغتر بكثرة مقالاتهم؛ فإنها سريعة التهافت، كثيرة التناقض.
* وما من كلام تسمعه لفرقة منهم إلا لخصومهم عليه كلام يوازيه، أو يقاربه، فكل بكل معارض، وبعض ببعض مقابل.
* وإنما يكون تقدم الواحد منهم وفلجه – يعني: الظفر – على خصمه بقدر حظه من البيان، وحذقه في صناعة الجدل والكلام). اهـ
[379]) أثر صحيح.
أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (5)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص57)، والبيهقي في «المدخل» (ص200)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص1049) بإسناد صحيح.
[380]) وانظر: «الانتصار لأصحاب الحديث» للسمعاني (ص10).
[381]) وانظر: «الانتصار لأصحاب الحديث» للسمعاني (ص14).
[382]) انظر: «شرف أصحاب الحديث» للخطيب (ص79)، و«الانتصار لأصحاب الحديث» للسمعاني (ص13).
[383]) انظر: «السير» للذهبي (ج7 ص364)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج6 ص182).
[384]) قلت: لأن اتباع منهج السلف الصالح جملة وتفصيلا تأمن فيه – بإذن الله – الهلاك من البدع والأهواء المفرقة للمسلمين في البلدان.
* لذلك علينا بهجر المبتدعة، وعيبهم أشد العيب، والنهي عن مجالستهم، ولقائهم، والتحذير من مقاربتهم، وتوقيرهم.
وانظر: «الإيمان» لأبي عبيد (ص34 و35).
[385]) وهذا الأصل الإسلامي لا يعمل به إلا أهل السنة والجماعة حقيقة.
[386]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج20 ص164)، و«اقتضاء الصراط المستقيم» له (ج1 ص99).
[387]) فلو كانوا يعقلون لعملوا على اجتثاث الخلاف من أصوله فتوحدوا، ولم يقروا الخلاف، ويظهروا أمام خصومهم بمظهر الوحدة المزيفة، والعياذ بالله.
[388]) على ما فيهم من شرك، أو بدع، أو عصيان.
[389]) ولا يجتمعون إلا لعداوة أهل الأثر؛ كما هو مشاهد من الأحزاب بجميع أنواعها، لكن ﴿إن ربك لبالمرصاد﴾ [الفجر: 14]، ﴿ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله﴾ [فاطر: 43].
[390]) انظر: «الطليعة في براءة أهل السنة» للدكتور عبد العزيز العتيبي (ص18).
[391]) فكم أثم الحزبية من أجل أذيتهم للمسلمين، ولكن: ﴿ومكر أولئك هو يبور﴾ [فاطر:10].
[392]) كم أثم الحزبية من أجل أذيتهم لطلبة العلم... فيؤذونهم بالتشويش تارة، وبالضرب تارة، وبالتهديد تارة أخرى، ولكن: ﴿ومكر أولئك هو يبور﴾ [فاطر: 10]، ﴿ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله﴾ [فاطر: 43].
[393]) أثر حسن.
أخرجه السلمي في «طبقات الصوفية» (ص161)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج10 ص267)، والأصبهاني في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1098) بإسناد حسن.
[394]) واعلم وفقك الله: إذا حل الافتراق في الأمة أقيمت الحزبية؛ لأن العلاقة بين الافتراق، والحزبية علاقة حميمة؛ فتنبه.
[395]) انظر: «سير السلف الصالحين» للأصبهاني (ج3 ص1086).
[396]) أثر حسن.
أخرجه السلمي في «طبقات الصوفية» (ص46)، والأصبهاني في «سير السلف الصالحين» (ج3 ص1088) بإسناد حسن.
[397]) قلت: واذا لم يرجع إلى الأحاديث والآثار، فلا بد أن يرجع إلى الآراء والأفكار المهلكة، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟