الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / الحزم في كفر من تدخل في علم الغيب بالجزم
الحزم في كفر من تدخل في علم الغيب بالجزم
62 |
سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية
|
الحزم
في
كفر من تدخل في علم الغيب بالجزم
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ومعه:
معرفة منازل القمر في كل ليلة، وهي: «ثمانية وعشرون» منزلة، وهي: النجوم المعروفة، التي تسمى: بـ«البروج».
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلماء في خطورة الجزم
بحصول الشيء في هذا الكون عن طريق علم الغيب
قال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج7 ص2): (قال علماؤنا: أضاف سبحانه، «علم الغيب» إلى نفسه في غير ما آية من كتابه، إلا من اصطفى من عباده، فمن قال: إنه ينزل الغيث غدا، وجزم به، فهو كافر، أخبر عنه بأمارة ادعاها، أم لا.
* فإن لم يجزم، وقال: إن النوء، ينزل الله به الماء عادة، وأنه سبب الماء عادة، وأنه سبب الماء على ما قدره الله تعالى، وسبق في علمه لم يكفر، إلا أنه يستحب له ألا يتكلم به؛ فإن فيه تشبيها بكلمة الكفر، وجهلا بلطف حكمته؛ لأنه ينزل متى شاء مرة: بنوء كذا، ومرة دون النوء). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز /
في
حكم إتيان الكهان، ونحوهم، وسؤالهم، وتصديقهم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
* فقد شاع بين الناس أن هناك من يتعلق بالكهان، والمنجمين، والسحرة، والعرافين، وأشباههم؛ لمعرفة المستقبل، والحظ، وطلب الزوج، والنجاح في الامتحان، وغير ذلك من الأمور التي اختص الله سبحانه وتعالى بعلمها؛ كما قال تعالى: ]عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا[ [الجن: 26 و27]، وقال سبحانه: ]قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون[ [النمل: 65].
* فالكهان، والعرافون، والسحرة، وأمثالهم قد بين الله سبحانه وتعالى، ورسوله r ضلالهم، وسوء عاقبتهم في الآخرة، وأنهم لا يعلمون الغيب، وإنما يكذبون على الناس، ويقولون على الله تعالى غير الحق وهم يعلمون، قال تعالى: ]وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون[ [البقرة: 102]، وقال سبحانه: ]إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى[ [طه: 69]، وقال تعالى: ]وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون * فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 117 و118]، فهذه الآيات وأمثالها تبين خسارته ومآله في الدنيا والآخرة، وأنه لا يأتي بخير، وأن ما يتعلمه، أو يعلمه يضر صاحبه، ولا ينفعه، كما نبه سبحانه أن عملهم باطل، وصح عن رسول الله r أنه قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).([1])
* وهذا يدل على عظم جريمة السحر؛ لأن الله قرنه بالشرك، وأخبر أنه من الموبقات، وهي المهلكات، والسحر كفر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بالكفر، كما قال تعالى: ]وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر[ [البقرة: 102].
* وهذا يدل على أن السحر شرك بالله تعالى؛ كما تقدم؛ وذلك لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن، وعبادتهم شرك بالله عز وجل.
فالكاهن: من يزعم أنه يعلم بعض الغيبيات، وأكثر ما يكون ذلك ممن ينظرون في النجوم لمعرفة الحوادث، أو يستخدمون من يسترقون السمع من شياطين الجن، كما ورد بالحديث الذي مر ذكره، ومثل هؤلاء من يخط في الرمل، أو ينظر في الفنجان، أو في الكف، ونحو ذلك، وكذا من يفتح الكتاب زعما منهم أنهم يعرفون بذلك علم الغيب، وهم كفار بهذا الاعتقاد؛ لأنهم بهذا الزعم يدعون مشاركة الله تعالى في صفة من صفاته الخاصة به، وهي علم الغيب، ولتكذيبهم بقوله تعالى: ]قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله[ [النمل: 65]، وقوله تعالى: ]وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو[ [الأنعام: 59]، وقوله تعالى لنبيه r: ]قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي[ [الأنعام: 50]، الآية، ومن أتاهم وصدقهم بما يقولون من علم الغيب؛ فهو كافر.
* وبما ذكرنا من الأحاديث يتبين لطالب الحق: أن علم النجوم، وما يسمى بالطالع، وقراءة الكف، وقراءة الفنجان، ومعرفة الحظ، وما أشبه ذلك مما يدعيه الكهنة، والعرافون، والسحرة كلها من علوم الجاهلية التي حرمها الله تعالى، ورسوله r، و من أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها، والتحذير من فعلها، أو إتيان من يتعاطاها، وسؤاله عن شيء منها، أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك؛ لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به.
* ونصيحتي: لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله تعالى، ويستغفره، وأن يعتمد على الله تعالى وحده، ويتوكل عليه في كل الأمور، مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة، وأن يدع هذه الأمور الجاهلية، ويبتعد عنها، ويحذر سؤال أهلها، أو تصديقهم، طاعة لله تعالى، ولرسوله r، وحفاظا على دينه، وعقيدته، وحذرا من غضب الله تعالى عليه، وابتعادا عن أسباب الشرك والكفر، التي من مات عليها خسر الدنيا والآخرة.
نسألالله العافية من ذلك، ونعوذ به سبحانه من كل ما يخالف شرعه، أو يوقع في غضبه؛ كما نسأله سبحانه أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه، والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعـا من مضلات الفتن، ومن شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، إنه ولي ذلك، والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. ([2])
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر ولا تعسر
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران:102].
]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء: 1].
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اعلم رحمك الله، أن أعداء الإسلام، في الخارج، وفي الداخل، أخذوا يدسون في الإسلام ما ليس منه، ووجدوا من يأخذ بأفكارهم.
* وركزوا في ذلك على إخراج الناس من الإسلام الصحيح، إلى الشبهات فيه، من ذلك: التدخل في علم الغيب، عن طريق الدراسات الفلكية والتنجيمية، حتى بلغ الحد بهم أنهم يدعون علم الغيب، أو بعضه، وأنهم يتصرفون في معرفة أسرار الكون، مطلقـا، ومنهم من كان دون ذلك في الادعاء، فنسب إلى نفسه علم بعض الغيب دون بعض، وهو لا يشعر.([3])
* وهؤلاء هم المنجمون، والكهان، والفلكيون، ومن سار على نهجهم، ممن انتشرت آراؤهم، وشاع ذكرهم في هذا العصر الحاضر؛ فنسبوا إلى أنفسهم علم المغيبات، أو بعضها في الكون.
* ومعلوم من الدين بالضرورة أن علم الغيب من خصائص الله تعالى وحده.
قال تعالى: ]قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله[ [النمل: 65].
وقال تعالى: ]وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين[ [الأنعام: 59].
قال الفقيه ابن رشد / في «المقدمات والممهدات» (ج3 ص417): (وأما شيء من المغيبات، فلا يمكن أن يدركها أحد من ناحية النظر في النجوم، وإن ادعى المنجم أنه يعلم بتنجيمه متى يقدم فلان، أو متى ينزل المطر، أو ما في الأرحام، أو ما يستتر الناس به من الأخبار، وما يحدث من الفتن والأهوال، وما أشبه ذلك من المغيبات، فهذا كفر، يجب به القتل). اهـ
وقال الفقيه ابن رشد / في «المقدمات والممهدات» (ج3 ص418): (إذا كان المنجم: يزعم أن النجوم، واختلافها في الطلوع، والغروب هي الفاعلة لذلك كله، وكان مستترا([4]) بذلك؛ فحضرته البينة قتل بلا استتابة؛ لأنه كافر، زنديق.
* وإن كان معلنا، غير مستتر به، يظهره، ويحاج عليه، استتيب، فإن تاب، وإلا قتل، كالمرتد سواء). اهـ
وقال تعالى: ]إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير[ [لقمان: 34].
وقال تعالى: ]عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا[ [الجن: 26 و27].
وقال تعالى: ]يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون[ [الأعراف: 187].
قلت: فدل الكتاب الكريم، في غير موضع منه، على تفرد الله تعالى بعلم الغيب، مطلقـا.
وقال تعالى: ]ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم * الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين * ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون[ [السجدة: 6 و7 و8 و9].
وقال تعالى: ]ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب[ [النحل: 77].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج4 ص508): (يخبر تعالى عن كماله، وقدرته على الأشياء في علمه غيب السمـٰوات والأرض، واختصاصه بذلك، فلا اطلاع لأحد على ذلك، إلا أن يطلعه الله تعالى على ما يشاء). اهـ
قلت: فالغيب هو من اختصاص الله تعالى وحده، دون من سواه، فلا يمكن لأحد كائنا من كان أن يطلع على الغيب، أو على شيء منه، إلا إذا أطلعه الله تعالى على شيء من ذلك، ولا يكون ذلك إلا للرسل عليهم السلام، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، وقد أطبقت عليه نصوص الكتاب والسنة.
قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج11 ص402): (إن عند الله تعالى علم ما غاب عن خلقه، فلم يطلعوا عليه، ولم يدركوه، ولن يعلموه، ولن يدركوه). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج6 ص216): (لا يعلم أحد من أهل السمـٰوات، والأرض الغيب إلا الله تعالى؛ فإنه المتفرد بذلك وحده، لا شريك له). اهـ
قلت: فدل ذلك على أن أمور الغيب، لا يحصيها إلا الله تعالى، فهو تعالى مختص بعلم الغيب، وأنه لا يمكن لأحد كائنا من كان أن يطلع، أو يعرف شيئـا من علم الغيب؛ لأن الله تعالى اختص بذلك دون من سواه، حتى الرسل عليهم السلام تبرؤوا من معرفة علم الغيب.
قال تعالى: ]يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب[ [المائدة: 109].
* ففي هذه الآية: نرى كيف أن الرسل عليهم السلام، يتبرؤون من معرفة الغيب، وذلك حين يسألهم الله تعالى، عن أقوامهم ماذا عملوا بعدهم.
* فيأتي الجواب: بأنهم لا يعلمون شيئـا مما عملوا إلا ما أعلمهم الله تعالى به؛ لأن هذا من علم الله تعالى الذي اختص به دون من سواه.
* فقد تبرأ الرسل عليهم السلام من معرفة الغيب، فما من رسول إلا وقد نفى عن نفسه العلم بالغيب، ووكله إلى علام الغيوب. ([5])
قال تعالى: ]ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين[ [هود: 31].
وقال تعالى: ]قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب[ [الأنعام: 50].
وقال تعالى: ]فقل إنما الغيب لله[ [يونس: 20].
وقال تعالى: ]وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء[ [آل عمران: 179].
وقال تعالى: ]ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء[ [البقرة: 255].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص450): (أي: لا يطلع أحد من علم الغيب على شيء إلا بما أعلمه الله تعالى، وأطلعه عليه). اهـ
وقال الفقيه ابن عابدين / في «رد المحتار» (ج3 ص243): (دعوى علم الغيب معارضة لنص القرآن، فيكفر بها). اهـ
وقال تعالى: ]ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون[ [هود: 123].
وقال تعالى: ]فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين[ [سبأ: 4].
* إذا من تدخل في علم الغيب، وزعم أنه يعرف ما سيقع في مستقبل الحوادث، وهبوب الرياح، ومجيء المطر، وتغير الأسعار.
* وما سيحل بالبلدان، أو الشعوب، أو العوائل، أو الأفراد من النعم، أو النقم، وغير ذلك، وادعى أنه يعرف ذلك، عن طريق النظر في النجوم، والاستدلال بها، فهو كافر؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى.
* فمن نازع الله تعالى في صفة من صفاته، وزعم أنه يعرف الغيب، فهو كافر. ([6])
قال تعالى: ]ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا[ [الفرقان: 50].
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة الإسلامية، وأن يتقبل مني هذا الجهد، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه ورعايته، إنه نعم المولى، ونعم النصير، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو عبد الرحمن فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على كشف تخرصات، وتخبطات، ومفتريات «الفلكي»، في «علم الغيب»، وبطلان تقسيمه للغيب إلى: «الغيب المطلق»، و«الغيب النسبي»([7])، وبيان ما وقع فيه من «علم التنجيم»، وهو لا يشعر الذي عمت به البلوى في هذا العصر الحديث باسم: «علم الفلك»!، فسموه بغير اسمه للتمويه على العامة الجهلة
* وقد تنوعت طرق التنبؤ به، بالغيب في العصر الحديث، حتى أنها لا تكاد تحصى من كثرتها، بل وصل بالفلكيين الأمر إلى استخدام آلات من صنع الإنسان، يدعون معرفة الغيب بواسطتها، وكل هذه الأمور مبنية على: «علم التنجيم»، والرجم بالغيب.
* وهذا يدل على أن: «الفلكي» هذا، خاض في علم لم يتقنه؛ فلذلك لم يستطع أن يفصله بتفصيلات الراسخين في العلم؛ فاحذروه.
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
* فلنشرع الآن في المقصود، بحول الله، وقوته، فنقول:
قد ذكر أهل التعالم أن هناك من الغيب ما هو غيب نسبي، يخفى على أناس، دون آخرين، وهذا القسم الثاني من الغيب، الذي ذكر وهو: «الغيب النسبي»، فهذا باطل؛ لأنه لم يثبت في الكتاب، ولا في السنة، ولا عن السلف، ولا عن الأئمة؛ فإنهم لم يقولوا به.
* فهذا: «الغيب النسبي»، وهو ما غاب عن بعض المخلوقين، دون بعض، أو غاب عنهم، في حال دون حال، فهو من الباطل في الشرع.
* فالمتعالم هذا جعله من علم «الغيب النسبي»، أو من علم «الغيب الجزئي»، فهذا لم يرد في الشرع، وهو مدخل لأهل البدع والأهواء، من «الصوفية»، وغيرهم.
* الذين يدعون، علم: «الغيب الجزئي»، ثم بعد ذلك درجوا في باطل هذا، إلى أن وصل بهم الأمر إلى «الزندقة»، بسبب ادعائهم، علم «الغيب» الذي هو من خصائص الله تعالى في هذا الكون.
* بقولهم: بـ«علم المكاشفة»، وهو: «علم الباطن» كما زعموا، فيقال: «كشفه»؛ «فانكشف»، و«تكشف»، أي: ظهر لهم الغيب. ([8])
قال أبو حامد الغزالي الصوفي في «إحياء علوم الدين» (ج1 ص26)؛ عن علم المكاشفة في الغيب: (هو علم الباطن... وهو عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره، وتزكيته، من صفاته المذمومة، وينكشف من ذلك النور أمور كثيرة). اهـ
قلت: فالذين أشربت قلوبهم الضلالة أبوا إلا أن ينسبوا إلى أوليائهم «علم الغيب»، حتى لو كان «جزئيا».
* فقول «المتعالم» هذا، بتسمية ذلك من «الغيب النسبي»، فهذا مذهب الصوفية المبتدعة. ([9])
* الذين يدعون «الغيب الجزئي»، وهو الذي صار لهم وسيلة إلى التدخل في «علم الغيب»، وهو «الغيب»، الذي اختص الله تعالى بعلمه، دون سواه، فلا يمكن لغيره أن يعلمه. ([10])
قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم[ [النور: 21].
* فهذا التقسيم فتح لباب «الزندقة»؛ لأنه ممكن لأي شخص أن يدعي «الغيب النسبي»([11])، وهو غارق في «علم الغيب»، ويتحايل على الخلق بهذه «الزندقة»، فالشارع سد مثل هذه الأبواب مطلقا. ([12])
* فهذا ليس من «الغيب» البتة، بل هذا من الأمر الحسي، عرف بالمشاهدة، لمن حضرها، وعرف لحصول العلم ببعضه، لبعض الخلق، ممن توفرت له أسباب معرفته، التي خلقها الله تعالى في هذا الكون.
قال تعالى: ]وفوق كل ذي علم عليم[ [يوسف: 76].
وقال تعالى: ] اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم[ [العلق: 3 و4 و5].
* فمن تعلم، وعمل بعلمه؛ رزقه الله تعالى علم ما لم يكن يعلم.
* فالله تعالى جعل الأسباب؛ ليتمكن الخلق من معرفة ما يحتاجون له في حياتهم، وليس هذا من «الغيب»، ولا يسمى من «الغيب النسبي».
* فهذا العلم، يعرف بتوفر أسبابه، ولا يسمى «غيبا نسبيا»، ولا يسمى «غيبا جزئيا»؛ لأن ذلك لم يثبت في الشرع.
* فالأصل: أن علم الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو قسم واحد.([13])
* فلا نتجرأ؛ فنجعل «المطلق» لله تعالى، و«الجزئي»، لخلقه، فإن ذلك يترتب عليه من الفرية على الله تعالى، كما فعل «الصوفية»، و«الرافضة»، وغيرهم.
* فالإحاطة، بالمعلومات: كلياتها، وجزئياتها، ما كان منها، وما لم يكن، فهذا كله لله تعالى وحده لا شريك له، فلا تضاف إلى غيره من الخلق، فمن ادعى شيئا من ذلك، لغير الله تعالى، فقد أعظم على الله تعالى الفرية.
والغيب: ما غاب عنك، مما لا يعلمه إلا الله تعالى. ([14])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج14 ص51): (إن اسم الغيب من الأمور الإضافية، يراد به ما غاب عنا؛ فلم ندركه). اهـ
وقال ابن منظور اللغوي / في «لسان العرب» (ج1 ص654): (فالغيب كل ما غاب عن العيون). اهـ
* ومعلوم من الدين بالضرورة، أن «علم الغيب» من خصائص الله وحده، كما قال تعالى: ]قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله[ [النمل: 65].
قلت: فهذا الغيب الذي اختص الله تعالى بعلمه، دون من سواه؛ فلا يمكن، لغيره أن يعلمه.
قال تعالى: ]وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء[([15]) [آل عمران: 179].
* فقد ورد إثبات علمه لله تعالى، ونفيه عمن سواه مطلقا.
وقال تعالى: ]وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين[ [الأنعام: 59].
* فعند الله تعالى، مفاتح الغيب الخمسة، التي اختص تعالى بعلمها.
قال تعالى: ]إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير[ [لقمان: 34].
قلت: فهذا الغيب، الذي لا يمكن لأحد سوى الله تعالى معرفته.
* وكذلك: ذات الله تعالى وصفاته، على التفصيل، فهي غيب، لا تدرك، إلا بطريق الوحي، كما قال تعالى: ]ولا يحيطون به علما[ [طه: 110].
قال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج1 ص163): (إن الله تعالى غائب عن الأبصار، غير مرئي في هذه الدار، غير غائب بالنظر والاستدلال.
* فهم يؤمنون أن لهم ربا، قادرا، يجازي على الأعمال، فهم يخشونه في سرائرهم، وخلواتهم التي يغيبون فيها عن الناس؛ لعلمهم باطلاعه عليهم). اهـ
* وكذلك: ما في البحر والبر، وغير ذلك، لا يعلمه جميعه على جهة التفصيل إلا الله تعالى.
* ولكن قد يحصل العلم ببعضه، لعدد من الخلق، ممن توفرت لهم أسباب علم معرفة بعض ما في البر والبحر، وهذا لا يسمى «غيبا» أصلا، بل هذا يعرف بالعلم الدنيوي، الذي علم الله تعالى خلقه؛ لحاجتهم له في هذه الحياة.
* فهذا يمكن للمخلوق معرفته؛ ويكون ذلك بمعرفة أسبابه، وعلاماته، وقد يعرفه البعض، ويجهله البعض الآخر، وهذا لا يسمى «غيبا» في الشرع؛ لأنه يدرك بصحيح النظر؛ فلا يكون «غيبا» حقيقة. ([16])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج17 ص118): (المتوسم: المستدل بالسمة، والسيما: وهي العلامة). اهـ
وقال تعالى: ]تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا[ [هود: 49].
قلت: وهذه الآية، تدل على أن: «الغيب»، لا يعلمه، حتى الرسول r، إلا ما علمه الله تعالى. ([17])
وقال تعالى: ]عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا[ [الجن: 26 و27].
قال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج19 ص28): (أن الله تعالى لا يظهر على غيبه إلا من ارتضى، أي: اصطفى للنبوة، فإنه يطلعه على ما يشاء من غيبه، بطريق الوحي إليهم؛ ليكون ذلك دالا على نبوته). اهـ
* إذا فالمتعالم هذا يقرر في هذا العلم العظيم، وهو «الغيب»، بأمور «عقلية»، دون «النقلية»، والخوض فيه، بجهل بالغ، دون تتبع مذهب السلف الصالح في ذلك، بل تتبع الشبه، والتلبيس في الاعتقاد.
قال تعالى: ]قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله[ [النمل: 65].
* فهذه الآية: تدل على أن الغيب كله لله تعالى، لا يمكن لأحد سوى الله تعالى معرفته، حتى بجزء منه، لا يعرفه أحد من الخلق.
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج4 ص508): (يخبر تعالى عن كماله، وقدرته على الأشياء في علمه غيب السماوات والأرض، واختصاصه بذلك، فلا اطلاع لأحد على ذلك إلا أن يطلعه الله تعالى على ما يشاء). اهـ
قلت: وقد تبرأ الرسل عليهم السلام من علم الغيب، ولم يقولوا: نحن نعلم «الغيب النسبي»، مع أن الله تعالى أعلمهم بشيء من الغيب؛ لأنهم يعلمون أن الغيب كله من اختصاص الله تعالى، ولا يعلمون الغيب، إلا ما أطلعهم الله تعالى عليه. ([18])
قال تعالى: ]يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب[ [المائدة: 109].
وقال تعالى: ]قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب[ [هود: 31].
* والعلم بالغيث، والغيث: هو المطر، ويقال: غاثهم الله تعالى، وغاث الله تعالى البلاد، يغيثها غيثا، إذا نزل بها الغيث، والله تعالى هو الذي ينزل الغيث على البلاد.
قال تعالى: ]وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته [ [الشورى: 28].
* فإنزال المطر، من فعل الله تعالى.
قال تعالى: ]وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء[ [الحجر: 22].
وقال تعالى: ]أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء[ [النمل: 60].
وقال تعالى: ]أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون[ [الواقعة: 68]، يعني: من السحاب. ([19])
وقال تعالى: ]إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث[ [لقمان: 34].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج7 ص354)، في تأويل هذه الآية: (هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها، فلا يعلمها أحد، إلا بعد إعلامه تعالى بها، فعلم وقت الساعة لا يعلمه: لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب: ]لا يجليها لوقتها إلا هو[ [الأعراف: 187].
* وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكن إذا أمر به علمه ملائكتة الموكلون بذلك، ومن شاء الله من خلقه). اهـ
* فيتبين من هذه الآيات أن الله تعالى هو المتفرد بإنزال المطر، وهو القادر عليه وحده، دون من سواه.
* وهذا يوجب على العبد أن يطلب المطر من الله تعالى وحده، ولا يطلبه من المنجمين، وألايسأل عن المطر عندهم، هل سوف ينزل المطر؟ أو لا، أو متى ينزل المطر؟ فإن ذلك لا يعلمه إلا الله تعالى، فإذا نزل المطر، فهذا الإنزال ينسب إلى الله تعالى وحده، لا من النوء، ولا من غيرها.
فعن زيد بن خالد الجهني t قال: (صلى لنا رسول الله r صلاة الصبح بالحديبية، في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي، وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله، ورحمته، فذلك مؤمن بي، وكافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء([20]) كذا، وكذا، فذلك كافر بي، ومؤمن بالكوكب). ([21])
قال الإمام ابن العربي / في «القبس في شرح الموطأ» (ج1 ص45): (من انتظر المطر من الأنواء -يعني: النجوم- على أنها فاعلة له دون الله تعالى، فهو كافر، ومن اعتقد أنها فاعلة بما جعل الله تعالى فيها، فهو أيضا كافر؛ لأنه لا يصح أن يكون الخلق والأمر إلا لله، كما قال تعالى: ]ألا له الخلق والأمر[ [الأعراف: 54].
* ومن انتظرها، وتوقع المطر منها، على أنها عادة أجراها الله تعالى، فلا شيء عليه؛ فإن الله قد أجرى العوائد في السحاب، والرياح، والأمطار، بمعان، ترتبت في الخلقة، وجاءت على نسق العادة). اهـ
* لذلك لا يعلم وقت نزول المطر إلا الله تعالى. ([22])
عن قتادة / قال: (في قوله تعالى: ]وينزل الغيث[ [لقمان: 34] فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث، ليلا، أو نهارا).
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج4 ص247): (قوله تعالى: ]وينزل الغيث[ [لقمان: 34] قال: الأوقات التي جعلها معينة؛ لإنزاله، ولا يعلم ذلك غيره). اهـ
وعن ابن عمر ﭭ قال: قال رسول الله r: (مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم أحد ما يكون في غد، ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام، ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت، وما يدري أحد متى يجيء المطر). وفي رواية: (ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله). ([23])
* فدلت هذه النصوص على أن علم وقت نزول المطر، مختص بالله تعالى وحده، دون من سواه، فلا يستطيع أحد أن يعرف وقت نزول المطر، ويجزم به؛ لأنه بذلك يكون مدعيا «لعلم الغيب»، الذي اختص الله تعالى به، فمن ادعى ذلك وجزم بنزول المطر، في يوم كذا، وفي ساعة كذا، فهو كافر.
* أما إذا لم يجزم بذلك، وجعل المطر بمشيئة الله تعالى، واتخذ الأسباب، وبحسب علم العادة، والتجربة، فهذا لا يكفر، ولا يفسق؛ لأن ذلك جائز عن طريق العلم.
قال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج7 ص2): (قال علماؤنا: أضاف سبحانه، «علم الغيب» إلى نفسه في غير ما آية، من كتابه إلا من اصطفى من عباده، فمن قال: إنه ينزل الغيث غدا، وجزم به، فهو كافر، أخبر عنه بأمارة ادعاها، أم لا.
* فإن لم يجزم، وقال: إن النوء، ينزل الله به الماء عادة، وأنه سبب الماء عادة، وأنه سبب الماء على ما قدره الله تعالى، وسبق في علمه لم يكفر إلا أنه يستحب له ألا يتكلم به؛ فإن فيه تشبيها بكلمة الكفر، وجهلا بلطف حكمته؛ لأنه ينزل متى شاء مرة: بنوء كذا، ومرة دون النوء). اهـ
* فالله وضع العلامات التي تدل على نزول المطر، فالاستدلال بها على نزول المطر، لا شيء فيه، إذا جعلها كأسباب له([24])، لكن نزول المطر بمشيئته تعالى؛ لأن الله تعالى جعل السحب مبشرات بالخير.
قال تعالى: ]ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته[ [الروم: 46].
وقال تعالى: ]وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت[ [الأعراف: 57].
وقال تعالى: ]أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون[ [النمل: 63].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص436): (يذكر تعالى نعمه على خلقه، بإرسال الرياح مبشرات بين يدي رحمته، بمجيء الغيث عقبها). اهـ
وقال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج7 ص229): (أي: الرياح تبشر بالمطر). اهـ
قلت: فجعل الله تعالى هذه الرياح علامات لنزول المطر، وهي أسباب لذلك.
* ومثل هذا: التوقعات، والأرصاد الجوية الموجودة في العصر الحاضر، ما هي إلا توقعات مبنية على مقدمات، مستفادة من الأحوال الجوية القائمة على دراسة جوية في المنطقة، لا يقال عن هذه الدراسة من علم «الغيب النسبي»، أو علم «الغيب الجزئي»؛ فإن مثل هذه الدراسات، الجوية، إنما هي معلومات، في توقعات نزول المطر فقط، لا غير.([25])
* وكثيرا ما يكون الأمر على خلاف ما قالوه، وتوقعوه؛ لأن نزول المطر، من اختصاص الله تعالى، يعلم وقت نزول المطر وحده، دون من سواه، ولا يعلم مقداره، إلا الله تعالى، ولا يعلم أحد المكان الذي سينزل فيه المطر. ([26])
قال تعالى: ]أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها[ [الرعد: 17].
وقال تعالى: ]وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض[ [المؤمنون: 18].
وقال تعالى: ]والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا[ [الزخرف: 11].
وقال تعالى: ]وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم[ [الحجر: 21].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج5 ص470): (قوله تعالى: ]بقدر[ [الحجر: 21]؛ أي: بحسب الحاجة، لا كثيرا؛ فيفسد الأرض، والعمران، ولا قليلا؛ فلا يكفي الزرع والثمار، بل بقدر الحاجة إليه، من السقي والشرب، والانتفاع به). اهـ
* فالخلق لا يمكن أن يعرفوا متى ينزل المطر، ومقداره الذي أنزله الله تعالى على وجه الدقة، والتحديد.
* وإن بلغوا من العلم ما بلغوا، وإن تطورت آلاتهم، ووسائلهم.
* فأصحاب الأرصاد الجوية، يستدلون على الأمطار، بعلامات، يعرفونها عن طريق أجهزتهم، وبحسب ما اعتادوه وجربوه في علمهم؛ بتوقع نزول المطر؛ بالاستدلال بالرياح، وغيرها، وهذا أمر جائز، ولا يقال: أن هؤلاء يعلمون بـ«الغيب الجزئي»، أو بـ«الغيب النسبي»؛ فإن هذا من الباطل. ([27])
* وكم من خبر جاء بسقوط المطر، في يوم كذا، وفي الساعة كذا، ثم يؤدي إلى انعدام جميع أشكال التساقط من قوة، أو ضعف في المطر، فتأتي السحب، وتنتشر في البلاد، ولا يسقط المطر؛ لأن الله تعالى لم يشأ إنزال المطر.
* كذلك؛ فإن نتائج المنجمين، والأبحاث، كسبب في معرفة نزول المطر، لا زالت غير دقيقة؛ لأن الله منزل المطر وحده.
* وفي الحقيقة، إن إنزال المطر يمر بمراحل دقيقة، وعظيمة، لا يقدر عليها، إلا الله تعالى.
* فتهيؤ السحاب للنزول، هو عملية تجري في السماء، بتقدير الله تعالى، ومشيئته، فكم نرى السحاب في السماء، ثم لا ينزل المطر، وذلك؛ لأن الله تعالى لم يرد إنزاله.
قال تعالى: ]إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام[ [لقمان: 34].
وعن أبي هريرة t؛ إن رسول الله r قال: (لا عدوى([28])، ولا صفر، ولا هامة). وفي رواية: (لا عدوى، ولا هامة([29])، ولا نوء([30])، ولا صفر). وفي رواية: (لا طيرة).
أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (5754)، و(5755)، وفي «الأدب المفرد» (ص511 و512)، وفي «التاريخ الكبير» (ج1 ص139)، وفي «المختصر من تاريخ هجرة النبي r» (ج3 ص466 و468)، ومسلم في «المسند الصحيح» (2220)، و(2223)، وأبو داود في «سننه» (3911)، و(3912)، و(3913)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7591)، وابن ماجه في «السنن» (3541)، وعبد الرزاق في «المصنف» (9507)، والبغوي في «شرح السنة» (3248)، و(3249)، و(3255)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص250 و251)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص266 و267 و406 و434 و453 و487 و524)، ومالك في «الموطإ» (1894)، وابن حبان في «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع» (6115) و(6116)، و(6123)، و(6124)، و(6125)، و(6133)، والطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (1660)، وفي «شرح معاني الآثار المختلفة المأثورة» (ج4 ص303 و308 و309 و312 و314)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص216 و217)، و(ج8 ص139)، وفي «الخلافيات» (ج6 ص131)، وفي «شعب الإيمان» (1168)، وفي «الآداب» (ص267 و271)، والحدثاني في «الموطإ» (ص542)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج24 ص189 و190)، وفي «الاستذكار» (ج27 ص53)، وأبو مصعب في «الموطإ» (ج2 ص124)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص15-مسند علي)، وابن أبي عاصم في «السنة» (272)، و(273)، و(274)، والحميدي في «المسند» (1117)، والميانجي في «الأمالي والغرائب في الحديث النبوي» (ص94)، والطيالسي في «المسند» (2512)، والآجري في «ثمانين حديثا، عن ثمانين شيخا» (ص390)، وابن الطيوري في «الطيوريات» (ج1 ص7)، وابن بشران في «البشرانيات» (ج1 ص358)، و(ج2 ص125)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص219)، والفاكهي في «الفوائد» (ص285 و286)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص306 و307)، وفي «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص566)، وابن عدي في «الكامل» (ج6 ص217)، وابن خلاد النصيبي في «الفوائد» (ص139)، ومجاعة بن الزبير العتكي في «حديثه» (ص46)، والمراغي في «مشيخته» (ص305 و306)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (ج2 ص542)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص157)، وعلي بن حجر السعدي في «الحجريات» (ص340 و341)، والجرجاني في «الأمالي» (51)، وأبو شجاع الديلمي في «الفردوس بمأثور الخطاب» (ج5 ص200)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج2 ص718 و726)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج9 ص40)، وفي «الآداب» (ص166 و221)، وابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (3129)، وأبو يعلى في «المسند» (6112)، و(6508)، و(6632)، وفي «معجم الشيوخ» (ص131)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (6766)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص67)، و(ج4 ص211)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج58 ص277 و278 و279)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج3 ص57 و58 و59)، وابن الجوزي في «الحدائق في علم الحديث» (ج3 ص425)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج1 ص284 و285)، والبزار في «المسند» (ج16 ص268)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج3 ص290 و302)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج12 ص503 و513 و551 و553) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن سيرين، وعبد الرحمن الحرقي، وأبي زرعة ابن عمرو بن جرير، وحميد بن عبد الرحمن، وعتبة بن حميد، وعبد الرحمن الأعرج، ومضارب بن حزن([31]) التميمي، وأبي إسحاق مولى بني هاشم، وعبد الله بن عطية الأشجعي، وأبي صالح، وسنان بن أبي سنان الدؤلي، وسعيد بن ميناء، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة الهذلي، جميعهم: عن أبي هريرة t به.
وقوله r: «ولا طيرة»، الطيرة: الشؤم؛ أي: لا معنى للطيرة، والأشياء كلها: تجري بقدر الله تعالى.
قلت: ونفي التطير، هو نفي لاتباع الأوهام.
وقوله r: «ولا صفر»، الصفر: هو داء في البطن، يصيب الإنسان، وكانت العرب: يتشاءمون منه، فأبطل الإسلام ذلك، لأنه من: «الشرك» بالله تعالى.
وقوله r: «ولا هامة»، الهامة: مشددة الميم، واحدة الهوام، وهي كل دابة تؤذي.
والهامة: أيضا بتخفيف الميم، وهي الأشهر، وهي رأس كل شيء من ذوات الأرواح.
* وفي الحقيقة ليست طيرا، وإنما أطلقته العرب على ما كانت تعتقده في التشاؤم ببعض الطيور، كـ«البومة»، وهي: من طيور الليل، فإذا وقعت على بيت أحدهم اعتقد فيها، أنها: تنعى له نفسه، أو أحدا من أهله.
فعلى هذا: فهي نوع من أنواع التطير، وهو من: «الشرك الأكبر»، وهذا من الخرافات الشركية. ([32])
وقيل: الهامة؛ فإن العرب كانت تقول: إن عظام الموتى تطير هامة فتطير، فأبطل النبي r ذلك من قولهم.
وقيل: أن الهامة، هي الطائر الذي كانت العرب تتشاءم به، وهو من طيور الليل.
وقيل: هي البومة إذا سقطت على دار أحدهم، فيراها ناعية له نفسه، أو أحدا من أهله، وهذا أشهر. ([33])
* حيث أبطل الحديث: التطير؛ لأنه تعليق للقلب بغير الله تعالى، وهذا من: «الشرك الأكبر»؛ لأنه شرك بالله تعالى.
* ونفى تأثير الطيرة بالكلية.
وفي الحديث: إبطال التشاؤم في شهر صفر أيضا.
* وفي الحديث: إبطال زعم الجاهلية، في طير الهامة.
قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج14 ص466): (ويجوز أن يكون المراد النوعين؛ فإنهما جميعا باطلان، فبين النبي r إبطال ذلك، وضلالة الجاهلية، فيما تعتقده من ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص241): (فعلى هذا، فالمعنى: في الحديث: لا حياة لهامة الميت، وعلى الأول: لا شؤم بالبومة، ونحوها). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص599): (قوله r: «لا صفر»، لا: نافية للجنس، و«صفر»، اسمها، وخبرها: محذوف، تقديره: لا صفر، موجود). اهـ
وقوله r: «ولا نوء»، النوء: بفتح، فسكون؛ أي: طلوع النجم، وغروب ما يقابله، وهو من قول العرب: مطرنا بنوء كذا.
* فالنوء: مفرد أنواء: منازل القمر، وهي ثمان وعشرون منزلة، ينزل القمر كل ليلة منزلة منها.
* وكان للعرب اعتقاد في أن هذه المنازل لها دخل في سقوط المطر، وعدمه، فأبطل الإسلام ذلك. ([34])
عن أبي مالك الأشعري t، أن النبي r قال: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة). وقال: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب). ([35])
وبوب عليه الإمام محمد بن عبد الوهاب / في «التوحيد» (ص350)؛ باب: ما جاء في الأنواء.
هذا: «باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء»، والاستسقاء بالأنواء هو: نسبة السقيا إلى الأنواء، والأنواء هي: النجوم، يقال للنجم: نوء.
* والعرب والجاهليون كانوا يعتقدون أن النجوم والأنواء سبب في نزول المطر، فيجعلون النوء والنجم هو الذي يأتي بالمطر، وهذا حال: «الطائفة الفلكية» في هذا العصر، حيث يجعلون المفعولات منفعلة عن النجوم، وعن حركتها، بزعمهم.
فقوله /: «باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء»؛ يعني: باب ما جاء في نسبة السقيا إلى النوء، وعبر بلفظ الاستسقاء؛ لأنه جاء في الحديث: «والاستسقاء بالنجوم».
ومناسبة هذا الباب لما قبله من الأبواب: أن الاستسقاء بالأنواء نوع من التنجيم؛ لأنه نسبة السقيا إلى النجم، وذلك أيضا من السحر؛ لأن التنجيم من السحر؛ بمعناه العام.
ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن الذي ينسب السقيا، والنعمة، والفضل الذي يؤتاه حين نزول المطر إلى النوء أو النجم، يكون قلبه ملتفتا عن الله تعالى إلى غيره، ومتعلقا بغيره، وناسبا النعم إلى غير الله تعالى، ومعتقدا أن النجوم أسباب لهذه المسببات من نزول المطر ونحوه، وهذا مناف للتوحيد، فإن التوحيد الواجب: يوجب على العبد أن ينسب النعم جميعا إلى الله وحده، وأن لا ينسب شيئا منها إلى غير الله تعالى، ولو كان ذلك الغير سببا، فينسب النعمة إلى مسديها، ولو كان من أجرى الله على يديه تلك النعم سببا من الأسباب، فإنه لا ينسبها إلى غير الله تعالى، كيف وأن النجوم ليست بسبب أصلا. ([36])
والاستسقاء بالنجوم: وهو نسبة السقيا إلى النجوم، ويشمل ما هو أعظم من ذلك وهو أن تطلب السقيا من النجم، كحال الذين([37]) يعتقدون أن الحوادث الأرضية تحصل بالنجوم نفسها، وأن النجوم هي التي تحدث المقدرات الأرضية، والمنفعلات الأرضية.
* ففي ذلك نوعان من التعدي:
1) أن النجوم ليست بأسباب أصلا.
2) أن تجعل أسبابا، لم يجعلها الله تعالى أسبابا، وتنسب النعم، والفضل، والسقيا إليها، وهذا مناف للتوحيد، وهو: «كفر أكبر» بالله تعالى.
وعن زيد بن خالد الجهني t قال: (صلى لنا رسول الله r صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب). ([38])
قال الإمام القرطبي / في «المفهم» (ج1 ص260)؛ في شرح حديث زيد بن خالد t: (وكانت العرب إذا طلع نجم من المشرق، وسقط آخر من المغرب، فحدث عند ذلك مطر أو ريح: فمنهم من ينسبه إلى الطالع، ومنهم من ينسبه إلى الغارب الساقط نسبة إيجاد واختراع، ويطلقون ذلك القول المذكور في الحديث، فنهى الشرع عن إطلاق ذلك؛ لئلا يعتقد أحد اعتقادهم، ولا يتشبه بهم في نطقهم). اهـ
وبوب عليه الإمام النووي في «المنهاج» (ج1 ص84)؛ باب: بيان كفر من قال مطرنا بالنوء.
وعن ابن عباس ﭭ قال: مطر الناس على عهد النبي r، فقال النبي r: (أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا). قال: فنزلت هذه الآية: ]فلا أقسم بمواقع النجوم[، حتى بلغ: ]وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون[ [الواقعة: 75-82]. ([39])
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (ألم تروا إلى ما قال ربكم؟، قال: ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين. يقولون: الكواكب وبالكواكب). ([40])
وعن أبي هريرة t، عن رسول الله r قال: (ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين، ينزل الله الغيث فيقولون: الكوكب كذا وكذا). ([41])
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص158): (باب: ما جاء في الاستسقاء بالأنواء: وقول الله تعالى: ]وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون[ [الواقعة: 82]؛ أي: طلب السقيا وهو المطر، وقد شرع الله الاستسقاء به سبحانه، والاستسقاء: الضراعة إلى الله تعالى عند وجود الجدب، بدلا مما عليه أهل الشرك من الطلب من النجوم، والتعلق، والاستغاثة بها، وكانوا يستسقون بالنجوم، وهي الأنواء: وهي «ثمان وعشرون» نوءا ينزلها الشمس، والقمر في مدارها، ينزلها القمر في الشهر، والشمس في السنة، وكانوا في الجاهلية يتعلقون بها، ويستغيثون بها، وهذا من شركهم وضلالهم.
* كما قال سبحانه: ]وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون[ [الواقعة: 82]؛ تكذبون إنزال الله تعالى للمطر، وإغاثته لكم، وتسألون النجوم، وتستغيثون بها؛ فكذبهم لذلك؛ لأن هذه النجوم لا تنفع ولا تضر، ولا تملك شيئا من الأمر.
* فوجب على المؤمنين الأخذ بما جاء عن النبي r، والعمل به، والحذر مما عليه أهل الجاهلية). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص159): (قوله r: «الاستسقاء بالنجوم»؛ فيقول: سقينا بنوء كذا، وكذا، ويسألونها مباشرة). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «المخلص في شرح كتاب التوحيد» (ص241): (باب: ما جاء في الاستسقاء بالأنواء؛ في الاستسقاء: أي: طلب السقيا ومجيء المطر.
بالأنواء: جمع نوء، وهي: منازل القمر، وهي: «ثمانية وعشرون» منزلة ينزل القمر كل ليلة منزلة منها، ومنه قوله تعالى: ]والقمر قدرناه منازل[ [يس: 39]؛ وهي: عبارة عن: «ثمانية وعشرين» نجما معروفة المطالع، في كل ثلاثة عشر يوما يغيب واحد منها مع طلوع الفجر، ويطلع رقيبه من المشرق، وتنقضي كلها مع انقضاء السنة القمرية، وتزعم العرب في الجاهلية أنه إذا غاب واحد منها وطلع رقيبه يكون: مطر، وينسبونه إلى طلوع النجم، أو غروبه، ويقولون: مطرنا بنوء كذا). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ في «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» (ج2 ص915): (باب: ما جاء في الاستسقاء بالأنواء؛ أي: من الوعيد، والمراد: نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء؛ جمع نوء، وهي منازل القمر). اهـ
وقال الإمام ابن الأثير / في «النهاية في غريب الحديث» (ج5 ص122): (والأنواء: هي: «ثمان وعشرون» منزلة، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى: ]والقمر قدرناه منازل[ [يس: 39]، ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة.
* وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة، وطلوع رقيبها يكون: مطر، وينسبونه إليها؛ فيقولون: مطرنا بنوء كذا، وإنما سمي نوءا؛ لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق، ينوء نوءا، أي: نهض وطلع). اهـ
وقال اللغوي ابن منظور / في «لسان العرب» (ج1 ص426): (والرقيب: النجم الذي في المشرق، يراقب الغارب، ومنازل القمر، كل واحد منها رقيب لصاحبه، كلما طلع منها واحد سقط آخر، مثل الثريا، رقيبها: الإكليل، إذا طلعت الثريا عشاء؛ غاب الإكليل، وإذا طلع الإكليل عشاء؛ غابت الثريا، ورقيب النجم: الذي يغيب بطلوعه، مثل الثريا رقيبها: الإكليل... والرقيب: نجم من نجوم المطر، يراقب نجما آخر). اهـ
وقوله: «مؤمن به وكافر»، إذا اعتقد في النوء في إنزال المطر، أو لكونه أنه سبب، ونسب نعمة المطر إلى النوء، وليس لله تعالى، فهذا: كفر، لأنه شرك في الربوبية، والمشرك: كافر، لأن الله تعالى هو الذي ينزل المطر، ولم يجعل النوء سببا لإنزال المطر فيه، وإنما هو فضل من الله تعالى ورحمة، يحبسه إذا شاء، وينزله إذا شاء.
* فالمطر قد يجيء في وقت، وقد لا يجيء فيه، وإنما يجيء المطر في الوقت الذي أراد الله تعالى مجيئه فيه، برحمته، وحكمته، وفضله.
قال تعالى: ]ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله[ [العنكبوت: 63].
* فدلت الآية: على أن أهل الجاهلية يعرفون ويقرون: بأن الله تعالى، هو الذي ينزل المطر من السماء، ومع هذا يعتقدون أن النوء، هو الذي ينزل المطر!. ([42])
وقال تعالى: ]يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها[ [النحل: 83].
فدلت هذه الآية: أن نسبة النعمة إلى غير الله تعالى كفر به.
وقال الإمام أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج1 ص320): (في حديث: النبي r أنه قال: «ثلاث من أمر الجاهلية: الطعن في الأنساب، والنياحة والأنواء».
سمعت عدة من أهل العلم يقولون: أما الطعن في الأنساب والنياحة فمعروفان.
وأما الأنواء: فإنها «ثمانية وعشرون» نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، في الصيف، والشتاء، والربيع، والخريف، يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكلاهما معلوم مسمى، وانقضاء هذه الثمانية والعشرين كلها مع انقضاء السنة، ثم يرجع الأمر إلى النجم الأول مع استئناف السنة المقبلة، فكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر، قالوا: لا بد من أن يكون عند ذلك مطر ورياح، فينسبون كل غيث يكون عند ذاك إلى ذلك النجم الذي يسقط حينئذ، فيقولون: مطرنا بنوء الثريا، والدبران والسماك، وما كان من هذه النجوم، فعلى هذا؛ فهذه هي الأنواء، وواحدها نوء.
* وإنما سمي نوءا؛ لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق للطلوع، فهو ينوء نوءا، وذلك النهوض هو النوء، فسمي النجم به، وكذلك كل ناهض بثقل وإبطاء، فإنه ينوء عند نهوضه، وقد يكون النوء السقوط.
قال أبو عبيد: ولم أسمع أن النوء السقوط؛ إلا في هذا الموضع). اهـ
وقال الإمام البيضاوي / في «تحفة الأبرار» (ج3 ص122): (النوء: سقوط نجم من منازل القمر، مع طلوع الصبح، وهي: «ثمانية وعشرون» نجما، يسقط في كل ثلاثة عشرة ليلة نجم منها في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المغرب من ساعته، وكانوا يزعمون: أنه لا بد وأن يحدث عند كل نوء منها مطر، أو ريح، أو غير ذلك، ويضيفون الحوادث إليه، فأنكر عليهم ذلك ونفاه). اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود» (ج4 ص260): (قوله r: «ولا نوء»، قال أبو عبيد: إنما غلظ النبي r في أمر الأنواء لأن العرب كانت تنسب المطر إليها، وكانوا يقولون إن مع سقوط المنزلة، وطلوع رقيبها، يكون مطر، وينسبونه إليها، والأنواء: «ثمان وعشرون» منزلة، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، ويطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة). اهـ
قلت: وما دام قال: «مطرنا بنوء، كذا، وكذا»، فهذا تعلقت نفسه بذلك، ولم ينسب نزول المطر إلى الله تعالى، فهذا: كافر؛ لأنا نلزمه بأنه مؤمن بالكوكب، الذي هو النجم، لأنه أنكر نعمة الله تعالى، ونسبها إلى سبب لم يجعله الله تعالى سببا، فتعلقت نفسه بهذا السبب، من دون الله تعالى، ونسي نعمة الله تعالى، وهذا: الكفر، مخرج من الملة، لأنه ينسب نزول المطر إلى النوء، من دون الله تعالى، فيجب عليه أن ينسب نزول المطر إلى الله تعالى وحده، ولا ينسبه إلى الكوكب.
* والنبي r نسب هذا القول إلى أنه من: شرك وكفر أهل الجاهلية مطلقا، فهو من شأن الجاهلية.
* وقد أضافه النبي r إلى الجاهلية، وكانوا ينسبون المطر إلى النجم، ويقولون:
* إذا سقط النجم الفلاني جاء المطر، وإذا طلع النجم الفلاني جاء المطر، فينسبون نزول المطر إلى النجم مطلقا، وهذا: كفر أكبر.
لذلك: لا نفرق بين نسبة إيجاد، أو نسبة سبب، فكلتاهما شرك بالله تعالى، وهو من: «الشرك الأكبر»؛ لأن ذلك يقع من العبد من اعتقاد ولا بد. ([43])
يعني: لا نقول: إذا اعتقد من إيجاد، فهذا: «شرك أكبر»، وإذا اعتقد أنه سبب، فهذا: «شرك أصغر»، فإن هذا لم يثبت عن النبي r، ولا السلف y، هذا التفريق.
* وهذا يدل أن هذا العبد له تعلق بهذه النجوم، وتعظيمها، وأنه لم يعظم الله تعالى، وهو يعلم بأنه ربه سبحانه.
* فكيف أسند نزول المطر إلى النجم، وترك أن يسند نزول المطر إلى الله تعالى مطلقا، إلا بسبب اعتقاده الباطل. ([44])
قال تعالى: ]وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون * وعلامات وبالنجم هم يهتدون[ [النحل: 15 و16].
* الله تعالى جعل للخلق من العلامات التي يهتدون بها في مسالكهم، وطرقهم التي يسيرونها.
* فهي معالم الطرق، وأماراتها التي يهتدى بها إلى المستقيم منها نهارا، وأن يكون النجم الذي يهتدى به ليلا هو الجدي، والفرقدين، لأن بها اهتداء السفر دون غيرها من النجوم.([45])
عن إبراهيم النخعي / قال: في قوله تعالى: ]وعلامات[ [النحل: 16]؛ قال: (هي الأعلام التي في السماء). وفي رواية: (منها ما يكون علامات، ومنها ما يهتدون به). ([46])
يعني: يهتدون بها في البر والبحر في أسفارهم.
وعن مجاهد بن جبر / في قوله تعالى: ]وعلامات[ [النحل: 16]؛ قال: (منها ما يكون علامة). وفي رواية: (أراد بالكل النجوم؛ منها: ما يكون علامات، ومنها: ما يهتدون به). ([47])
وعن قتادة بن دعامة / قال في قوله تعالى: ]وعلامات[ [النحل: 16]، قال: (طرقا، وعلامات، هي: النجوم). ([48])
وعن محمد بن كعب القرظي / قال: (أراد بالعلامات: الجبال، فالجبال تكون علامات النهار، والنجوم علامات الليل). ([49])
وقال يحيى بن سلام / في «تفسير القرآن» (ج1 ص55): (قوله تعالى: ]وعلامات[ [النحل: 16]؛ جعلها في طرقهم يعرفون بها الطريق).
وعن إسماعيل السدي / قال: (أراد بالنجم: «الثريا»، و«بنات نعش»، و«الفرقدين»، و«الجدي»؛ يهتدى بها إلى الطرق، والقبلة). ([50])
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص461): (في قوله تعالى: ]وبالنجم هم يهتدون[ [النحل: 16]؛ هي بنات نعش، والجدي، والفرقدان، والقطب، قال: بعينها؛ لأنهن لا يزلهن عن أماكنهن شتاء، ولا صيفا، يعني: بالجبال، والكواكب يهتدون، وبها يعرفون الطرق في البر والبحر، كقوله تعالى: ]ولا يهتدون سبيلا[ [النساء: 98]؛ يعني: لا يعرفون).
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «النبوات» (ج2 ص757)؛ أن النجوم، والجبال، والطرق، وأعلام الطرق: هي كلها آيات، وأعلام، وعلامات على ما هو لازم لها في العادة.
قال تعالى: ]ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام[ [الشورى: 32]؛ والأعلام: جمع: علم، والعلم: ما يعلم به، كالعلامة، والعلامات كلها يهتدى بها. ([51])
وقوله: «وعلامات»؛ أي: دلالات على الجهات، يهتدى بها؛ أي: يهتدي بها الناس في ذلك.
قال تعالى: ]وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر[ [الأنعام: 97]؛ أي: ليعرفوا بها جهة قصدهم، وليس المراد أنه يهتدى بها في علم الغيب، كما يعتقده المنجمون، الفلكيون. ([52])
قلت: وهذا في ذم التنجيم، والتحذير منه في الدين.
قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج4 ص249): (أما علم النجوم الذي يدرك بطريق المشاهدة، والخبر الذي يعرف به الزوال، وتعلم به جهة القبلة؛ فإنه غير داخل فيما نهي عنه، وهذا علم يصح إدراكه بالمشاهدة). اهـ
قلت: فبين الإمام الخطابي / أن علم الفلك، يقتصر فيه على المشاهدة فقط، مما يعرف عن طريق العلامات التي وضعها الشارع في الكون، دون التدخل في علم الغيب.
عن زيد بن ثابت t أنه: (لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا، فيتبين الأصفر من الأحمر). ([53])
قلت: فطلوع نجم: «الثريا»، علامة نضج الثمار، فيتبين الأصفر، من الأحمر.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص395): (قوله: «حتى تطلع الثريا»؛ أي: مع الفجر، ثم ذكر الحديث السابق، وقال: وطلوعها؛ أي: «الثريا» صباحا، يقع في أول فصل: «الصيف»، وذلك عند اشتداد: الحر، في بلاد الحجاز، وابتداء نضج الثمار.
* فالمعتبر في الحقيقة: النضج، وطلوع النجم: علامة له، وقد بينه في الحديث بقوله: «ويتبين الأصفر، من الأحمر»). اهـ
وعن محمد بن أبي سليم أبي هلال الراسبي قال: ذكر عند الحسن البصري حر سهيل، وبرده، فقال: (إن سهيلا، لا يحر، ولا يبرد، ولكنه قضاء الله وأمره). ([54])
وقال قتادة /: في قوله تعالى: ]ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح[ [الملك: 5]؛ (خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به).
أخرجه البخاري في «صحيحه»، تعليقا، في كتاب: «بدء الخلق»، في باب: «في النجوم» (ج3 ص1168)، ووصله ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (16536)، والطبري في «جامع البيان» (ج23 ص123)، وأبو الشيخ في «العظمة» (ج4 ص1226)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص489)، والخطيب في كتاب «القول في النجوم» (ص185 و186) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وشيبان، كلاهما: عن قتادة بن دعامة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الخطيب في كتاب: «القول في النجوم» (ص185)، عن قتادة /، بلفظ: (إن الله تعالى إنما جعل هذه النجوم لثلاث خصال: جعلها زينة للسماء، وجعلها يهتدى بها، وجعلها رجوما للشياطين، فمن تعاطى فيها غير ذلك، فقد قال برأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به).
وأخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (ج4 ص1226) من طريق أبي يعلى، حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة / قال: (إن الله تبارك وتعالى خلق هذه النجوم لثلاث خصال: جعلها زينة السماء، وجعلها يهتدى بها، وجعلها رجوما للشياطين، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قلل رأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به، وإن ناسا جهلة بأمر الله تعالى قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة، من غرس بنجم كذا وكذا، كان كذا، ومن ولد بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا).
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص295).
قوله: «أخطأ وأضاع نفسه»؛ قال الإمام الداودي: (قائل ذلك: كافر). ([55]) اهـ
قلت: فمن نسب الاختراع إلى النجوم، فهو: كافر، ومن جعلها علامة على حدوث أمر في الأرض، فهو: كافر أيضا، لأن ذلك من: «علم الغيب».
* فأناس من الجهلة، بأمر الله تعالى، قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة، يزعمون: أن من غرس بنجم كذا، كان كذا، ومن سافر بنجم كذا، كان كذا، وما شابه ذلك، وما علم هذا النجم بشيء من: «علم الغيب»، وهذا: كفر بالله تعالى. ([56])
* وما لأحد من أهل الأرض في السماء من نجم، ولكن يتبعون الكهنة، ويتخذون النجوم وسيلة، لباطلهم.
* فإياك والنظر في النجوم، فإنه يدعو إلى الكهانة.
* ومما يدخل في «علم الفلك» المباح، أن يتعلم منازل النجوم، لأجل أن يعلم القبلة، والوقت في الشتاء، وما يصلح من الوقت للزرع، وما لا يصلح.
* والاستدلال بذلك: على وقت هبوب الرياح، وعلى الوقت الذي جرت سنة الله تعالى أن ينزل فيه من المطر، مثل: «فصل الشتاء».
* فيجعل الفلكي لذلك: وقتا، وزمنا، ولا يجعله سببا، بل يجعله علامة فقط، لأن الله تعالى جعل النجم علامة، فقال تعالى: ]وعلامات وبالنجم هم يهتدون[ [النحل: 16].
* وكأن يعلم مثلا: أنه بطلوع النجم الفلاني، يدخل وقت الشتاء، فدخول الوقت ليس بسبب طلوع النجم، ولكن حين طلع وشاهدناه، استدللنا بطلوعه على دخول الوقت، وإلا فهو ليس بسبب لحصول البرد، وليس بسبب لحصول الحر، وليس بسبب لنزول المطر، وليس بسبب لمناسبة غرس النخل، أو زرع، ولكنه وقت لذلك.
* فإذا كان على هذا الحد من: «علم الفلك»، فهو لا بأس به، قولا، أو تعلما، وهذا ليس من: «علم التنجيم» المذموم، لأنه جعل النجوم علامات فقط، وهذا مأذون به في الشرع.
قال تعالى: ]أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر[ [النمل: 63].
وقال تعالى: ]وعلامات وبالنجم هم يهتدون[ [النحل: 16].
وقال تعالى: ]وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا[ [فصلت: 12].
فهي: علامات يهتدى بها إلى معرفة الجهات، من جهة القبلة، وجهة الشمال، وجهة الغرب، وجهة الشرق.
* ويهتدى بها أيضا: إلى معرفة أماكن المناطق، حيث يعرف أن المنطقة الفلانية باتجاه النجم الفلاني.
* فإذا أراد السائر ليلا في البر أو البحر، أن يتجه إلى بلد معين، استدل واهتدى بالنجوم إليه، ونحو ذلك مما أجرى الله تعالى سننه به.
إذا فالنجوم: خلق من خلق الله تعالى، ولا نفهم سرها؛ إلا بما أخبر الله تعالى به، فما أخبرنا به أخذناه، وما لم نخبر به، فلا يجوز أن نتكلف فيه. ([57])
عن أبي صخر، عن محمد بن كعب القرظي /؛ ذكر عنده «علم النجوم»، فقال: (والله ما في النجم: موت أحد، ولا حياته، إنما جعل الله عز وجل النجوم زينة، ورجوما للشياطين). ([58])
وقال تعالى: ]وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون * والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون([59]) القديم * لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون[ [يس: 37 و38 و39 و40].
عن قتادة بن دعامة / قال: في قوله تعالى: ]والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم[ [يس: 39]؛ قال: (قدره الله تعالى منازل، فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة، فشبهه بذلك). ([60])
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص579)؛ في قوله تعالى: ]والقمر قدرناه منازل[ [يس: 39]: (في السماء يزيد، ثم يستوي، ثم ينقص في آخر الشهر).
وعن ابن عباس ﭭ: في قوله تعالى: ]والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم[ [يس: 39]؛ قال: (في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في كل شهر؛ أربعة عشر منها شامية، وأربعة عشر منها يمانية؛ فأولها: الشرطين، والبطين، والثريا، والدبران، والهقعة، والهنعة، والذراع، والنثرة، والطرف، والجبهة، والدبرة، والصرفة، والعواء، والسماك وهو آخر الشامية، والغفر، والزبانا، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعائم، والبلدة، وسعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، ومقدم الدلو، ومؤخر الدلو، والحوت، وهو آخر اليمانية، فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا، عاد كالعرجون القديم، كما كان في أول الشهر). ([61])
وعن حسان بن بلال العنزي / قال: (من قال في هذه النجوم سوى هذه الثلاث، فهو: كاذب، آثم، مفتر، مبتدع؛ قال الله تعالى: ]ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح[ [الملك:5]، وقال تعالى: ]وجعلناها رجوما للشياطين[ [الملك: 5]، وقال تعالى: ]وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر[ [الأنعام: 97]؛ فهي: مصابيح، ورجوم، وتهتدون بها). ([62])
* فقد وردت الآثار عن السلف في النهي عن الاشتغال بـ«علم النجوم»، لأنه يوقع العبد في «الشرك»، ولأنه يدخل في: «علم الغيب» الذي هو من خصائص الله تعالى.
* ومن المعلوم أن الاشتغال بـ«علم النجوم» على أنواع، فالتي مضمونها في الأحكام، والتأثر، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية، بالأحوال الفلكية، والغوايل الأرضية([63])، فهي: محرمة بالكتاب والسنة، والأثر، وهي من: «الشرك الأكبر».
* وأما ما يدرك من طريق المشاهدة، من: «علم النجوم»، الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة، وما شابه ذلك، فإنه غير داخل فيما نهي عنه، قال تعالى: ]وبالنجم هم يهتدون[ [النحل: 16].
* فأخبر تعالى، أن النجوم طرق لمعرفة الأوقات، والمسالك، ولولاها، لم يهتد الناس إلى استقبال الكعبة.
* فتعلموا من: «علم النجوم»، ما تهتدون به في ظلمات: البحر، والبر، وما شابه ذلك، ثم أمسك عن: «علم النجوم» الذي تعلمه: الفلكيون المنجمون في هذا العصر الحاضر؛ فإنه جهل في الدنيا، وعذاب في الآخرة، نعوذ بالله من الخذلان. ([64])
* وقد رخص في هذا القدر من: «علم النجوم»، الإمام إبراهيم النخعي، والإمام مجاهد، والإمام أحمد، والإمام إسحاق بن راهويه، وغيرهم. ([65])
قلت: فلا بأس أن يتعلم المسلم من: «علم النجوم»، ما يهتدى به، وأن يتعلم منازل القمر في حدود الشريعة المطهرة.
عن إبراهيم النخعي /: (أنه كان لا يرى بأسا، أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به). ([66])
وعن مجاهد بن جبر /: (أنه كان لا يرى بأسا، أن يتعلم الرجل منازل القمر). ([67])
قال الحافظ ابن رجب / في «فضل علم السلف على علم الخلف» (ص34): (والمأذون في تعلمه: علم التسيير، لا علم التأثير؛ فإنه باطل، محرم: قليله وكثيره.
* وأما علم التسيير، فيتعلم منه ما يحتاج إليه؛ للاهتداء، ومعرفة القبلة، والطرق؛ جائز عند الجمهور.
* وما زاد عليه لا حاجة إليه لشغله عما هو أهم منه، وربما أدى تدقيق النظر فيه إلى إساءة الظن بمحاريب المسلمين، كما وقع من أهل هذا العلم: قديما وحديثا، وذلك يفضي إلى اعتقاد خطإ السلف في صلاتهم، وهو باطل). اهـ
* فعلم النجوم: هذا يرخص فيه بقدر الحاجة، وهو ما يكون الذي يدرك بطريق المشاهدة، والخبر الذي يعرف به؛ مثلا: معرفة القبلة، ومعرفة الأوقات، وما شابه ذلك، فإن ذلك غير داخل فيما نهي عنه، لأنه علم يصح إدراكه بالمشاهدة، دون التدخل في «علم الغيب». ([68])
* إلا أن أهل الفلك في هذا العصر، توسعوا بما اتخذوه من الآلات الحديثة، حتى بسببها تدخلوا في «علم الغيب» بالجزم، وهم لا يشعرون، على أنه سوف يكون في اليوم الفلاني، دخول شهر رمضان بالجزم، قبل أن يروا الهلال، أو في اليوم الفلاني سوف يدخل: «عيد الفطر» بالجزم قبل أن يروا الهلال، أو سوف يحدث كذا، وكذا في الشهر الفلاني، وما شابه ذلك، فإن ذلك من: «علم الغيب»، الذي لا يجوز لأحد أن يتدخل فيه، حتى لو وافقوا الشرع أحيانا في ذلك.
وقال تعالى: ]هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون[ [يونس: 5].
قوله تعالى: ]جعل الشمس ضياء[؛ أي: جعلها تضيء على الأرض، والضوء أقوى من النور استعمالا.
وقوله تعالى: ]والقمر نورا[؛ أي: جعل القمر ينور الأرض، ولم يجعل الشمس كهيئة القمر، لكي يعرف الليل من النهار.
والله تعالى: هو الذي خلق ضوء الشمس، ونور القمر، والضوء والنور؛ بمعنى واحد لغة.
وقوله تعالى: ]وقدره منازل[؛ أي: قدر القمر: منازل([69])، والشمس كذلك.
وقوله تعالى: ]لتعلموا عدد السنين والحساب[؛ أي: قدرهما منازل، ليعلم الخلق عدد السنين، والحساب، والقمر خص بما ذكر، لكون منازله: معلومة، محسوسة، وتعلق أحكام الشريعة به. ([70])
* الله تعالى الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وقدر القمر منازل، وهي: «ثمانية وعشرون» منزلة، ينتقل فيها القمر، ليعلم الناس عدد السنين والحساب، من السنوات، والشهور، والأيام([71])، لأن حياة الخلق تحتاج إلى ذلك.
* والله تعالى هو القادر على هذا الخلق، والتدبير، وهو المعبود بحق؛ الذي يجب أن تعبدوه، ولا تعبدوا سواه، فهذا تقرير لتوحيد الخالق، وتأكيد له، فما خلق الله تعالى ذلك إلا بالحق، فلم يخلق هذه الحياة الدنيا وهذه العوالم فيها عبثا، وهذا التفصيل المشاهد في هذا السياق، لقوم يعلمون، فهم الذين ينتفعون به، أما الجهلة، فلا ينتفعون بهذا التفصيل، والبيان. ([72])
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج4 ص383): (قوله تعالى: ]هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون * إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون[ [يونس: 5و6]؛ يخبر تعالى عما خلق من الآيات الدالة على كمال قدرته، وعظيم سلطانه، وأنه جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس: ضياء، وجعل شعاع القمر: نورا، هذا فن وهذا فن آخر، ففاوت بينهما؛ لئلا يشتبها، وجعل سلطان الشمس بالنهار، وسلطان القمر بالليل، وقدر القمر منازل، فأول ما يبدو صغيرا، ثم يتزايد نوره وجرمه، حتى يستوسق ويكمل إبداره، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حالته الأولى في تمام شهر، كقوله تعالى: ]والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون[ [يس: 39 و40]؛ وقوله تعالى: ]والشمس والقمر حسبانا[ الآية [الأنعام: 96]؛ قال في هذه الآية الكريمة: ]وقدره[؛ أي: القمر، ]وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب[؛ فبالشمس تعرف الأيام، وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام.
وقوله تعالى: ]ما خلق الله ذلك إلا بالحق[؛ أي: لم يخلقه عبثا بل له حكمة عظيمة في ذلك، وحجة بالغة، كقوله تعالى: ]وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار[ [ص: 27]، وقال تعالى: ]أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم[ [المؤمنون: 115، 116] .
وقوله تعالى: ]نفصل الآيات[؛ أي: نبين الحجج والأدلة: ]لقوم يعلمون[.
وقوله تعالى: ]إن في اختلاف الليل والنهار[؛ أي: تعاقبهما إذا جاء هذا ذهب هذا، وإذا ذهب هذا جاء هذا، لا يتأخر عنه شيئا، كقوله تعالى: ]يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا[ [الأعراف: 54]، وقال تعالى: ]لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار[ [يس: 40]، وقال تعالى: ]فالق الإصباح وجعل الليل سكنا[ الآية [الأنعام: 96] .
وقوله تعالى: ]وما خلق الله في السماوات والأرض[؛ أي: من الآيات الدالة على عظمته تعالى، كما قال تعالى: ]وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون[ [يوسف: 105]، وقال تعالى: ]قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون[ [يونس: 101]، وقال تعالى: ]أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض[ [سبأ: 9]، وقال تعالى: ]إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب[ [آل عمران: 190]؛ أي: العقول، وقال هاهنا: ]لآيات لقوم يتقون[؛ أي: عقاب الله، وسخطه، وعذابه). اهـ
وعن إسماعيل السدي / قال: في قوله تعالى: ]جعل الشمس ضياء والقمر نورا[ [يونس: 5]؛ فلم يجعل الشمس؛ كهيئة القمر، لكي يعرف الليل من النهار، وهو قوله تعالى: ]فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب[ [الإسراء: 12]؛ في اختلافهما). ([73])
وعن إسماعيل السدي / قال: في قوله تعالى: ]يفصل الآيات[ [يونس: 5]؛ أما نفصل: نبين). ([74])
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص226): (قوله تعالى: ]هو الذي جعل الشمس ضياء[ [يونس: 5]؛ بالنهار، لأهل الأرض: يستضيئون بها: ]والقمر نورا[؛ بالليل: ]وقدره منازل[؛ يزيد، وينقص؛ يعني: الشمس سراجا، والقمر نورا: ]لتعلموا[؛ بالليل، والنهار: ]عدد السنين والحساب[، وقدره منازل؛ لتعلموا بذلك عدد السنين، والحساب، ورمضان، والحج، والطلاق، وما يريدون بين العباد: ]ما خلق الله ذلك[؛ يعني: الشمس والقمر: ]إلا بالحق[؛ لم يخلقهما عبثا، خلقهما، لأمر هو كائن).
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص226): (قوله تعالى: ]يفصل[؛ يبين: ]الآيات[؛ يعني: العلامات: ]لقوم يعلمون[؛ بتوحيد الله تعالى، أن الله واحد، لما يرون من صنعه).
وقال تعالى: ]والشمس والقمر حسبانا[ [الأنعام: 96].
عن السدي / قال: في قوله تعالى: ]والشمس والقمر حسبانا[ [الأنعام: 96]؛ قال: (بحساب). ([75])
وقال تعالى: ]الشمس والقمر بحسبان[ [الرحمن: 5].
عن أبي مالك / قال: في قوله تعالى: ]الشمس والقمر بحسبان[ [الرحمن: 5]؛ قال: (بحساب، ومنازل). ([76])
* فأهل العلم: تعرضوا لذكر عظمة الله تعالى، وحكمته، من خلال: «الشمس»، و«القمر».
* وما كان لهم أن يغفلوا عن ذكر: «النجوم»، وما يوجد فيها من دلائل واضحة على عظمة الله تعالى، وقدرته.
* فإنه تعالى عندما يتحدث عن: «الشمس»، و«القمر»، يقرن معهما: «النجوم»، في بعض الآيات.
* وهو يلفت بذلك انتباه المخاطبين إلى آيات النعمة الدالة على وحدانية المنعم، ليعتبر بها أصحاب العقول منهم على وحدانية خالقها، ومدبر أمرها، لمصالح عباده، فيوحدوه بالعبادة، ولا يشركوا به شيئا، ومن هذه الآيات.
قوله تعالى: ]وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون[ [النحل: 12].
وقوله تعالى: ]والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين[ [الأعراف: 54].
* والآيتان تدلان: على أن كل واحدة من «الشمس»، و«القمر»، و«النجوم»، مسخرات بأمره تعالى لمصالح الخلق ومنافعهم.
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج4 ص673)؛ عند الآية الأولى: (قوله تعالى: ]وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون[ [النحل: 12 و13]؛ ينبه تعالى عباده على آياته العظام، ومننه الجسام، في تسخيره الليل والنهار يتعاقبان، والشمس والقمر يدوران، والنجوم الثوابت والسيارات في أرجاء السموات، نورا وضياء ليهتدى بها في الظلمات، وكل منها يسير في فلكه الذي جعله الله تعالى فيه، يسير بحركة مقدرة، لا يزيد عليها ولا ينقص عنها، والجميع تحت قهره، وسلطانه، وتسخيره، وتقديره، وتسهيله، كما قال تعالى: ]إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين[ [الأعراف: 54]؛ ولهذا قال تعالى: ]إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون[؛ أي: لدلالات على قدرته تعالى الباهرة، وسلطانه العظيم، لقوم يعقلون عن الله ويفهمون حججه.
وقوله تعالى: ]وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه[، لما نبه سبحانه على معالم السماوات، نبه على ما خلق في الأرض من الأمور العجيبة، والأشياء المختلفة من الحيوانات والمعادن، والنباتات والجمادات على اختلاف ألوانها وأشكالها، وما فيها من المنافع والخواص: ]إن في ذلك لآية لقوم يذكرون[؛ أي: آلاء الله ونعمه فيشكرونها). اهـ
* وقد تكلم الله تعالى في بعض الآيات، عن الوظيفة التي خلقت لها: «النجوم»، فقال تعالى: ]إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد[ [الصافات: 6 و7].
وقال تعالى: ]ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير[ [الملك: 5].
* فذكر تعالى لها في هذه الآيات؛ وظيفتين:
إحداهما: أنها زينة للسماء الدنيا.
والثانية: لرجم الشياطين، المتمردين: الذين يحاولون استراق السمع من: الملإ الأعلى.
* وقد بين النبي r: كيفية استراق الشياطين، للسمع، ورمي الملائكة: لهم بالشهب.
قال الحافظ البخاري / في «الجامع المسند الصحيح» (ج4 ص1804): (باب: ]حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير[ [سبأ: 23]؛ حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو، قال: سمعت عكرمة، يقول: سمعت أبا هريرة t يقول: إن نبي الله r قال: إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض - ووصف سفيان بكفه فحرفها، وبدد بين أصابعه - فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا، فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء). ([77])
* وللنجوم وظيفة ثالثة، ورد ذكرها؛ في قوله تعالى: ]وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر[ [الأنعام: 97].
* فالنجوم تهدي السالكين في البر والبحر، ولا سيما الذين يسلكون في الفيافي، والصحاري، فتساعدهم في تحديدهم لجهة مسارهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص168)؛ عند ذكره لمنافع النجوم: (وقد أخبر سبحانه في كتابه من منافع النجوم، فإنه يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وأنها زينة للسماء الدنيا، وأن الشياطين ترجم بالنجوم، وإن كانت النجوم التي ترجم بها الشياطين، من نوع آخر، غير النجوم الثابتة في السماء التي يهتدى بها، فإن هذه لا تزول عن مكانها، بخلاف تلك، ولهذه حقيقة مخالفة لتلك، وإن كان اسم النجوم يجمعها). اهـ
* وقد استطاع الشيطان أن يغوي الناس بهذا المخلوق المطيع لله تعالى من مختلف الطرق، كما استطاع أن يغويهم بغيره من المظاهر الكونية، مثل الشمس والقمر.
* فصرف بعضهم؛ بعبادة النجوم، عن عبادة الله تعالى، وأضل آخرين؛ فيعتقدون فيها اختراق الحوادث، وتدبيرها، وأن لكل واحد منهم: نجما في السماء، وهو المتولي لسعده، ونحسه، والمدبر له.
* كما هيأ للدجاجلة، والمشعوذين؛ طرقا: خاصة بها؛ لابتزاز أموال الناس، وأكلها بالباطل، وهي كلها مخالفة لما خلقت له هذه النجوم.
* ومما يدخل في التنجيم في هذا العصر؛ بوضوح -مع غفلة الناس عنه- ما يكثر في المجلات: مما يسمونه «البروج»، فيخصصون صفحة، أو أقل منها في الجرائد، ويجعلون عليها رسم: «بروج» السنة، «برج الأسد»، و«العقرب»، و«الثور»، إلى آخره، ويجعلون أمام كل برج ما سيحصل فيه، فإذا كان الرجل، أو المرأة مولودا، في ذلك البرج؛ يقول: «سيحصل لك في هذا الشهر كذا وكذا وكذا»، وهذا هو: «التنجيم» الذي هو التأثير، والاستدلال: بـ«النجوم»، و«البروج»، على التأثير في الأرض، وعلى ما سيحصل في الأرض، وهو نوع من: «الكهانة»، ووجوده في المجلات والجرائد على ذلك النحو، وجود للكهان فيها، فهذا يجب إنكاره إنكارا للشركيات ولادعاء معرفة: «الغيب»، و«للسحر»، و«للتنجيم»، لأن: «التنجيم»، من: «السحر»، ويجب إنكاره على كل صعيد، ويجب أيضا على كل مسلم أن لا يدخله بيته، وأن لا يقرأه، ولا يطلع عليه؛ لأن الاطلاع على تلك: «البروج» وما فيها -ولو لمجرد المعرفة- يدخل في النهي من جهة أنه أتى الكاهن غير منكر عليه.
* وإذا قرأ هذه الصفحة وهو يعلم: «برجه» الذي ولد فيه، أو يعلم: «البرج» الذي يناسبه، وقرأ ما فيه، فكأنه سأل كاهنا، فإن صدق بما في تلك: «البروج»، فقد كفر بما أنزل على محمد، وهذا يدلك على غربة التوحيد بين أهله، وغربة فهم حقيقة الإسلام الصحيح، فإنه يجب إنكار ذلك على كل صعيد، وأن لا يؤثم المرء نفسه، ولا من في بيته بإدخال شيء من الجرائد التي فيها ذلك في البيوت؛ لأن هذا معناه إدخال للكهنة إلى البيوت، فواجب إنكار ذلك، والسعي فيه بكل سبيل حتى يدحر أولـٰئك؛ لأن أهل التنجيم، وأهل البروج هم من الكهنة، والتنجيم له معاهد معمورة في الغرب، وفي غيره، يتعلم فيها الناس حركة النجوم، وما سيحصل بحسابات معروفة، وجداول معينة، ويخبرون بأنه من كان من أهل البرج الفلاني؛ فإنه سيحصل له كذا وكذا، عن طريق تعلم: وهمي يغرهم به رؤوسهم وكهانهم، فالواجب على طلبة العلم أن يسعوا في تبصير الناس بحقيقة: «علم الفلك» و«علم التنجيم»، والله المستعان.
وقال تعالى: ]وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم[ [فصلت: 12].
* الله تعالى: خلق في كل سماء خلقها، من الملائكة، وخلق فيها شمسها، وقمرها، ونجومها، وصلاحها. ([78])
عن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]وأوحى في كل سماء أمرها[ [فصلت: 12]؛ قال: (خلق في كل سماء خلقها من الملائكة). ([79])
وعن مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]وأوحى في كل سماء أمرها[ [فصلت: 12]؛ قال: (مما أمر به، وأورده من خلق النيرات والرجوم، وغير ذلك). ([80])
وعن قتادة بن دعامة /: في قوله تعالى: ]وأوحى في كل سماء أمرها[ [فصلت: 12]؛ قال: (خلق فيها شمسها وقمرها، ونجومها، وصلاحها). ([81])
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص737): (وقوله تعالى: ]وأوحى[؛ يقول: وأمر: ]في كل سماء أمرها[ [فصلت: 12]؛ الذي أراده).
وعن ابن عباس ﭭ قال في قوله تعالى: ]وزينا السماء الدنيا بمصابيح[ [فصلت: 12]؛ (ثم زين السماء الدنيا بالكواكب، فجعلها زينة، وحفظا: تحفظ من الشياطين). ([82])
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص737): (قوله تعالى: ]وزينا السماء الدنيا[ [فصلت: 12]؛ يقول: لأنها أدنى السماوات من الأرض: ]بمصابيح[؛ يعني: الكواكب، ]وحفظا[؛ بالكواكب، يعني: ما يرمى الشياطين بالشهاب؛ لئلا يستمعوا إلى السماء، يقول: ]ذلك[؛ الذي ذكر من صنعه في هذه الآية: ]تقدير العزيز[؛ في ملكه، ]العليم[؛ بخلقه).
وقال تعالى: ]فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم[ [الواقعة: 75 و76].
* فأقسم الله تعالى، بمساقط النجوم، ومغايبها في السماء.
وهذا الذي رجحه الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج22 ص361)؛ بقوله: (وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل، من وقع يقع موقعا، فالأغلب من معانيه، والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به). اهـ
* فاستند الإمام الطبري إلى الأغلب في اللغة. ([83])
عن مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]فلا أقسم بمواقع النجوم[ [الواقعة: 75]؛ قال: (نجوم السماء). ([84])
وعن مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]بمواقع النجوم[ [الواقعة: 75]؛ قال: (في السماء، ويقال: مطالعها، ومساقطها). ([85])
وعن الحسن البصري / قال: في قوله تعالى: ]فلا أقسم بمواقع النجوم[ [الواقعة: 75]؛ قال: (بمغايبها). ([86])
وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فلا أقسم بمواقع النجوم[ [الواقعة: 75]؛ (أراد: منازلها). ([87])
وعن قتادة بن دعامة / قال: في قوله تعالى: ]فلا أقسم بمواقع النجوم[ [الواقعة: 75]؛ قال: (بمساقطها). ([88])
وعن قتادة بن دعامة / قال: في قوله تعالى: ]فلا أقسم بمواقع النجوم[ [الواقعة: 75]؛ قال: (بمنازل النجوم). ([89])
* والمنازل هي البروج، وهي النجوم، وكانت العرب تنسب إليها: «الأنواء»، وهي: «ثمانية وعشرون» منزلة، وأسماؤها عندهم:
1) الشرطان.
2) والبطين.
3) والثريا.
4) والدبران.
5) والهقعة.
6) والهنعة.
7) والذراع.
8) والنشرة.
9) والطرف.
10) والجهعة.
11) والزبرة.
12) والصرفة.
13) والعواء.
14) والسماك.
15) والغفر.
16) والزبانى.
17) والإكليل.
18) والقلب.
19) والشولة.
20) والنعائم.
21) والبلدة.
22) وسعد الذابح.
23) وسعد بلع.
24) وسعد السعود.
25) وسعد الأخبية.
26) وفرع الدلو المقدم.
27) وفرع الدلو المؤخر.
28) والرشاء، وهو: الحوت. ([90])
وعن ابن عباس ﭭ: في قوله تعالى: ]والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم[ [يس: 39]؛ قال: (في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في كل شهر؛ أربعة عشر منها شامية، وأربعة عشر منها يمانية؛ فأولها: الشرطين، والبطين، والثريا، والدبران، والهقعة، والهنعة، والذراع، والنثرة، والطرف، والجبهة، والزبرة، والصرفة، والعواء، والسماك وهو آخر الشامية، والغفر، والزبانيين، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعائم، والبلدة، وسعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، ومقدم الدلو، ومؤخر الدلو، والحوت، وهو آخر اليمانية، فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا، عاد كالعرجون القديم، كما كان في أول الشهر). ([91])
وقال تعالى: ]والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا[ [الذاريات: 1و2].
وقوله تعالى: ]فالحاملات وقرا[؛ يعني: السحاب تحمل المطر، ثم تمطر؛ بإذن الله تعالى. ([92])
* وهذا يدل على أن النجوم، لا تحمل المطر، ولا تمطر، وليس لها علاقة بالمطر، وعلاقة المطر بالسحب فقط.
فعن علي بن أبي طالب t قال في قوله تعالى: ]والذاريات ذروا[ [الذاريات:1]؛ قال: (الريح)، وقوله تعالى: ]فالحاملات وقرا[ [الذاريات:2]؛ قال: (السحاب). ([93])
وعن مجاهد بن جبر / قال في قوله تعالى: ]فالحاملات وقرا[ [الذاريات:2]؛ قال: (السحاب تحمل المطر). ([94])
قلت: وهذا يدل على أن المطر ينزل من السحاب؛ بإذن الله، ولم ينزل من: «النوء»، الذي هو: «النجم».
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج4 ص127): في قوله تعالى: ]فالحاملات وقرا[ [الذاريات:2]؛ يعني: (السحاب موقرة ([95])، من الماء).
قلت: فأفادت آثار السلف، أن: ]فالحاملات وقرا[؛ هي: السحاب تحمل المطر، ثم تمطر بإذن الله تعالى، وبمشيئته.
وقال تعالى: ]هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال[ [الرعد: 12].
وقوله تعالى: ]وينشئ السحاب الثقال[؛ أي: الذي فيه ماء المطر.
فعن مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]وينشئ السحاب الثقال[ [الرعد: 12]؛ قال: (الذي فيه الماء). ([96])
وعن سفيان الثوري / قال: في قوله تعالى: ]وينشئ السحاب الثقال[ [الرعد: 12]؛ قال: (الذي فيه المطر). ([97])
وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص370): (قوله تعالى: ]وينشئ[ [الرعد: 12]؛ يعني: ويخلق، مثل قوله تعالى: ]وله الجوار المنشآت[ [الرحمن: 24]؛ يعني: المخلوقات: ]السحاب الثقال[، من الماء).
* فالله تعالى يبين في الآيات، التي تدل على عظمته، وقدرته، وتصرفه، وتدبيره للعالم كله.
* ومن هذه الآيات: السحاب؛ فإن الله تعالى يرحم عباده بهذه السحاب، فيسوقه: حمالا، وثقالا إلى الأرض الميتة، فينزل منه الماء، ويحيي به الأرض بعد موتها، وهذا يدل على وحدانية الرب سبحانه، وألوهيته.
قال تعالى: ]وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم * إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون[ [البقرة: 163 و164].
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
فتوى العلماء في خطورة الجزم بحصول الشيء في هذا الكون عن طريق علم الغيب................................................................................ |
5 |
2) |
فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حكم إتيان الكهان، ونحوهم، وسؤالهم، وتصديقهم........................................................... |
6 |
3) |
المقدمة..................................................................................................... |
10 |
4) |
ذكر الدليل على كشف تخرصات، وتخبطات، ومفتريات «الفلكي»، في «علم الغيب»، وبطلان تقسيمه للغيب إلى: «الغيب المطلق»، و«الغيب النسبي»، وبيان ما وقع فيه من «علم التنجيم»، وهو لا يشعر الذي عمت به البلوى في هذا العصر الحديث باسم: «علم الفلك»!، فسموه بغير اسمه للتمويه على العامة الجهلة........... |
17 |
([3]) من نزول المطر في يوم كذا، بالجزم.
* ومنهم: من غلا في ذلك، فادعى أنه يعلم كل شيء في الكون عن طريق التنجيم، وغيره.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص430)، و(ج8 ص135)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج11 ص236)، و«الفتاوى» للشيخ محمد بن إبراهيم (ج1 ص169)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج19 ص28)، و«المقدمات والممهدات» لابن رشد (ج3 ص418)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ص387).
([4]) لأن المستتر يكون، غالبا يعلم أن عمله باطل مخالف للشرع، وإلا لأظهره للناس، وأعلنه إن كان لا يرى به بأسا.
([5]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص253)، و(ج4 ص251)، و«جامع البيان» للطبري (ج14 ص203)، و(ج19 ص90)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج9 ص26)، و(ج11 ص205)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج3 ص33)، و(ج15 ص120).
([7]) وحتى الرسل عليهم السلام، تبرؤوا من «علم الغيب»، ولم يقولوا حتى بـ«الغيب الجزئي»، مع أن الله تعالى علمهم بشيء من «الغيب»؛ لأنهم يعلمون أن «الغيب» من اختصاص الله تعالى، وأنه لا يمكن لأحد أن يطلع عليه كائنا من كان.
قال تعالى: ]يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب[ [المائدة: 109].
([12]) فلا تفتح أيها المتعالم «على الناس الأبواب المغلقة».
قلت: والذي ذكره «المتعالم» هذا لم يكن من «الغيب النسبي» أصلا، بل هذه الأمور تعرف في الدنيا، بعد توفر الأسباب المؤدية إلى معرفتها.
([13]) كل الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، ولا يمكن لأحد أن يطلع عليه، ولا يعرفه إلا إذا أطلعه الله تعالى عليه، ولا يكون ذلك إلا لرسل الله تعالى.
قال تعالى: ]عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول[ [الجن: 27 و28].
وقال تعالى: ]قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله[ [النمل: 65].
وقال تعالى: ]وما كان الله ليطلعكم على الغيب[ [آل عمران: 179].
وقال تعالى: ]وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو[ [الأنعام: 59].
* فعلم الغيب كله لله تعالى، وهو الغيب الذي اختص الله تعالى بعلمه، دون من سواه؛ فلا يمكن لغيره أن يعلمه.
قال تعالى: ]عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا[ [الجن: 27].
* والذي ذكره «هذا المتعالم»، ليس بقسم ثان للغيب، ولا يجوز أن يسمى بذلك، بل هو من علم الشهادة، بمعنى: أنه يعرف بالمشاهدة، بتوفر أسبابه، وعلاماته، عن طريق التعليم، والممارسة في هذه الحياة.
* وهذا العلم الدنيوي، لا يختص علمه لأحد معين، بل قد يحصل للعالم، والجاهل، أو لأحدهما عن طريق الاجتهاد؛ بالدراسة، والكتابة، والقراءة، كما أنه يحصل للمسلم، والكافر، بعد توفر الأسباب المؤدية إلى معرفته في الحياة الدنيا.
قال تعالى: ]اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم[ [العلق: 3 و4 و5].
وقال تعالى: ]وفوق كل ذي علم عليم[ [يوسف: 76].
قلت: فهذا العلم ليس من: «الغيب» البتة.
فقوله: بـ«الغيب النسبي»، أو الجزئي، فهذا باطل؛ لأن الإحاطة بالمعلومات: كلياتها، وجزئياتها، ما كان منها، وما لم يكن، فهذا لله وحده لا شريك له.
* فلا يضاف إلى غيره من الخلق، فمن ادعى شيئا من ذلك، لغير الله تعالى، فقد أعظم على الله الفرية.
فعن عائشة ڤ قالت: (من زعم، أن رسول الله r يخبر بما يكون في غد، فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: ]لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله [ [النمل: 65]).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (177).
* فهذا يدل على أن الله تعالى: مختص بعلم الغيب، وأنه لا يمكن لأحد كائنا من كان أن يطلع، أو يعرف شيئا من علم الغيب المطلق، أو غيره؛ لأن الله اختص بذلك دون من سواه.
([14]) وانظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص403)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص654)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج1 ص163)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص236)، و«الصحاح» للجوهري (ج1 ص196)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج3 ص497)، و«المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» لابن عطية (ج1 ص100)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص403)، و«المعرب في ترتيب المعرب» للمطريزي (ج2 ص119).
([15]) وهذه الآية تدل على أن الرسل، لا يعلمون من الغيب، إلا ما أطلعهم الله تعالى عليه؛ لأنهم مؤيدون بالوحي.
وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج19 ص27)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1086)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص314)، و(ج5 ص146)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج5 ص73)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج2 ص195)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص124)، و(ج13 ص364).
([16]) وانظر: «أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص8 و9)، و«تفسير القرآن» لأبي السعود (ج1 ص30)، و«أنوار التنزيل» للبيضاوي (ج1 ص16).
([18]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج11 ص209 و212)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص361)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص217).
([22]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج11 ص402)، و(ج21 ص88)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص357 و358).
([25]) فهذا يعرف بـ«علم النجوم»، بمعرفته بالتوقع في العام، عن طريق: «علم الفلك».
مثلا، من معرفة نزول المطر، أو هبوب الرياح، أو الكسوف، أو الخسوف، أو غير ذلك، بناء على دراسات الأجرام السماوية، من الكواكب، والنجوم التي جعلها الله تعالى من الأسباب الكونية، التي يعرف بها الحساب، وغيره، فيعرف بالمشاهدة، والحس.
* وقد توسع الفلكيون المنجمون في هذا العصر الحاضر، حتى تدخلوا في الغيب، وهم لا يشعرون.
* وهم منتشرون في البلدان، ولهم مكانة عند الجهلة، يلجؤون إليهم، للتعرف على الأمور المعضلة، التي تعتريهم، ويسألونهم بجهل منهم عن أمور غيبية، والأحداث التي تقع في مستقبل الزمان، ويتحاكمون إليهم في ذلك، وهي من «علم الغيب» الذي اختص به الله تعالى وحده.
* فيستندون في ذلك، إلى الظن، والتخمين، والحدس، والتجربة!: ]إنهم عن السمع لمعزولون[ [الشعراء: 212].
* وفي هذا العصر كثر الفلكيون المنجمون، وتعددت وسائلهم وطرقهم، وتفننوا في نشر: «علم التنجيم»، باسم: «علم الفلك»، يسمون الشيء بغير اسمه؛ للتمويه على العامة الجهلة.
* حتى عمت بلواهم بين كثير من المجتمعات، إلى درجة أننا نراهم يأتون لنا مع بداية كل عام: بتنبؤات، وتوقعات، وتخرصات بما سيحدث خلال عام قادم؛ فاحذروهم.
([26]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج24 ص18)، و«الجامع لأحكام القرآن» للطبري (ج10 ص14)، و(ج14 ص110)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص426)، و(ج7 ص49).
([28]) العدوى: اسم من الإعداء، يقال: أعداه الداء، يعديه، إعداء، وهو أن يصيبه مثل: ما بصاحب الداء.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص39)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص192).
([29]) الهامة: الرأس، واسم طائر، وهو المراد في الحديث، وذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها، وهي من طير الليل، وقيل: هي البومة.
وانظر: «أعلام الحديث» للخطابي (ج3 ص2119)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج5 ص83)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج12 ص624).
([30]) نوء: أي: لا تقولوا، مطرنا بنوء كذا، لأن العرب كانت تقول ذلك، فأبطل الشارع ذلك، بأن المطر إنما يقع بإذن الله، لا بفعل الكواكب.
انظر: «المنهاج» للنووي (ج14 ص466)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص159)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج5 ص122).
قال العلامة العظيم آبادي / في «عون المعبود» (ج10 ص292): (والنوء، بفتح: «النون»، وسكون: «الواو»، أي: طلوع نجم، وغروب ما يقابله، أحدهما: بالمشرق، والآخر: بالمغرب، وكانوا يعتقدون: أنه لا بد عنده، من مطر، أو ريح، ينسبونه إلى الطالع، أو الغارب، فنفى r: صحة ذلك). اهـ
([31]) حزن: أوله: «حاء»، مهملة، مفتوحة، ثم «زاي»: ساكنة، ونون.
انظر: «تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج58 ص280)، و«الإكمال» لابن ماكولا (ج2 ص453 و454).
([32]) وانظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص27)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج6 ص27)، و«الصحاح» للجوهري (ج5 ص2063)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص162)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج1 ص151 و152)، و«معالم السنن» للخطابي (ج4 ص233 و234)، و«شرح السنة» للبغوي (ج12 ص170)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج5 ص283)، و«لطائف المعارف» لابن رجب (ص142 و147)، و«التحرير في شرح صحيح مسلم» لأبي القاسم الأصبهاني (ص532)، و«الكواكب الدراري بشرح صحيح البخاري» للكرماني (ج21 ص44)، و«عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي» لابن العربي (ج7 ص116 و117)، و«فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد» للهندي (ج2 ص356 و357 363).
([33]) وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج12 ص503)، و«الكواكب الدراري بشرح صحيح البخاري» للكرماني (ج21 ص44 و45)، و«تحفة الأبرار بشرح مصابيح السنة» للبيضاوي (ج3 ص122 و123)، و«شرح صحيح الأدب المفرد» للعوايشة (ج3 ص45 و55)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص577 و600 و654)، و«تحفة الباري بشرح صحيح البخاري» للأنصاري (ج5 ص529 و530)، و«فيض الباري على صحيح البخاري» للكشميري (ج7 ص265)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج9 ص417)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج5 ص622)، و«إبطال التنديد باختصار كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص177)، و« الجديد في شرح كتاب التوحيد» للقرعاوي (ص174)، و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج8 ص343).
([34]) وانظر: «تفسير غريب الحديث» لابن حجر (ص253)، و«التحرير في شرح صحيح مسلم» لأبي القاسم الأصبهاني (ص532)، و«شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص158)، و«تفسير القرآن» لعبد الرزاق (ج2 ص273)، و«فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد» للهندي (ج2 ص354)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج8 ص22)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص241)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج1 ص320 و321)، و«مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود» للسيوطي (ج4 ص260)، و«الدر المنثور» له (ج14 ص218)، و«تحفة الأبرار بشرح مصابيح السنة» للبيضاوي (ج3 ص122)، و«جامع البيان» للطبري (ج22 ص360 و361)، و«تفسير القرآن» لمجاهد (ص645).
([36]) انظر: «التمهيد لشرح كتاب التوحيد» لآل الشيخ (ص 352 و353)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج2 ص543).
([42]) وقد يعتقد الفلكيون المنجمون في هذا العصر، أن للنوء فيه شيئا من التأثير في إنزال المطر، وهذا: كفر أيضا، إذا اعتقد للنوء تأثيرا في إنزال المطر؛ لأنه شرك في الربوبية، والمشرك: كافر، وإن اعتقد ذلك في الإجمال، وإن لم يعتقد ذلك على التفصيل، وليس هذا من: «الشرك الأصغر»، كما يقال!.
([43]) فلا نأتي للناس بأمور فرضية، ونقول: إذا كان كذا، فهو من: «الشرك الأكبر»، وإن كان كذا فهو من: «الشرك الأصغر».
* فإن النبي r بعث بين أهل الجاهلية، ورأى عليهم: «الشرك»، فكان r ينهاهم عنه مطلقا، ولم يسألهم هل يعتقدون أن ذلك من إيجاد، أو يعتقدون أنه سبب.
* فأكيد كان يقع منهم هذا الاعتقاد، وهذا الاعتقاد على حسب الناس، وكان النبي r ينهاهم مطلقا، ولم يستفصل في ذلك، لأن النبي r كان يعلم ذلك أنه من: «الشرك» مطلقا.
([44]) لأنه يعظم هذه النجوم، ويعظم دراسة أحكامها عن طريق ما يسمى: بـ«علم الفلك»، فلم يكن فعله هذا عبثا، بل لا بد من اعتقاد باطل، واجتهاد فاسد، وهذا الأمر وقع فيه: «الفرقة الفلكية»، في هذا العصر، وأضلوا الناس بـ«علم الفلك»، وهو في الأصل، أن ذلك هو نوع من أنواع: «التنجيم»، وسموه بغير اسمه، كالعادة يسمون الأشياء بغير اسمها للتمويه على الناس، وهو: علم «الفلك»، بتسمية: «الغرب» له، وتغلغل بين المسلمين، وانتشر عن طريق الفلكيين العرب، حتى وقع في فتنتهم من وقع من الغافلين، ممن ينتسبون إلى العلم، وغيرهم، فأين دراسة التوحيد؟!.
([45]) انظر: «جامع البيان» للطبري (ج14 ص194)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج9 ص26)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص13)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص12)، و«النجوم» للخطيب (ص185)، و«العظمة» لأبي الشيخ (ج3 ص708).
أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (ج3 ص708)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص191).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص26).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج14 ص192 و193)، والثعلبي في «الكشف والبيان» تعليقا (ج6 ص12).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص26)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج4 ص13).
أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص354)، والخطيب في كتاب «النجوم» (ص185)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج10 ص167)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص191 و193).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص25).
أخرجه الثعلبي في «الكشف والبيان» تعليقا (ج6 ص12)، والبغوي في «معالم التنزيل» تعليقا (ج4 ص13)
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص25).
أخرجه الثعلبي في «الكشف والبيان» تعليقا (ج6 ص12)، والبغوي في «معالم التنزيل» تعليقا (ج4 ص13)
وإسناده حسن.
أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (ج4 ص1229).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الهيئة السنية» (ق/8/ط).
([59]) كالعرجون القديم: كعود عذق النخلة العتيق، وهو أصل العنقود من الرطب، والتمر، إذا عتق، ويبس، وانحنى، فإنه ينحني، ويصفر إذا قدم، ويجيء أشبه شيء بالهلال، والوجود يشهد له.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج11 ص363)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج7 ص250)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج12 ص350)، و«جامع البيان» للطبري (ج19 ص437)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص239).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج19 ص438)، وأبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» (ج4 ص1205)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ق/ 118/ط).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج12 ص349).
أخرجه الخطيب في «القول في النجوم» (ص133).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج12 ص349).
([65]) وانظر: «الدر النضيد على أبواب التوحيد» للشيخ الحمدان (ص248)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج9 ص26)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج2 ص531)، و«فضل علم السلف على علم الخلف» لابن رجب (ص31 و32).
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (5699)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص225).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص26).
أخرجه الخطيب في «القول في النجوم» (ص133)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج9 ص26-الدر المنثور)
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص26).
([69]) وقدر الله تعالى سير القمر في فلكه: منازل، في كل ليلة في واحد منها، لا يجاوزها، ولا يقصر دونها، وهي: «ثمانية وعشرون»، يرى القمر فيها بالأبصار، وليلة، أو ليلتان، يحتجب فيها، فلا يرى، والمنازل هذه معروفة لدى العرب بأسمائها.
([70]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج6 ص192)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج7 ص631)، و«محاسن التأويل» للقاسمي(ج9 ص9)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج3 ص105)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج4 ص9)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج5 ص167 و168)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج8 ص281)، و«جامع البيان» للطبري (ج6 ص532)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج2 ص226 و227)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص383)، و«تفسير القرآن» للمراغي (ج11 ص66 و67 و68).
([71]) لتعلموا بما ذكر من صفة التيسير، وتقدير المنازل حساب الأوقات، لضبط عباداتكم، ومعاملاتكم المالية والمدنية.
* ولولا هذا النظام المشاهد، لتعذر العلم، بذلك على الأميين، من أهل الحضر، والبدو، إذ حساب السنين والشهور «الشمسية» لا يعلم إلا بالدراسة.
* ومن ثم جعل الشارع الحكيم: «الصوم»، و«الحج»، و«عدة الطلاق»، وغير ذلك بـ«الحساب القمري»، الذي يعرفه كل أحد بالمشاهدة.
([72]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج11 ص67 و68)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج2 ص226 و227)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص383)، و«جامع البيان» للطبري (ج6 ص532 و533)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج8 ص280 و281)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج3 ص104 و105)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج5 ص169)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج4 ص9).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص462)، وأبو الشيخ في «العظمة» (ج4 ص1143).
وإسناده حسن.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص631)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص426).
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» (ج4 ص1185)، والطبري في «جامع البيان» (ج7 ص284).
وإسناده صحيح.
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» (ج4 ص1188)، والطبري في «جامع البيان» (ج27 ص115).
وإسناده صحيح.
([78]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج20 ص393)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج13 ص96)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص559)، و«تغليق التعليق» له (ج4 ص302)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج7 ص166)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج4 ص147)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج3 ص737).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص461)، والبغوي في «معالم التنزيل» تعليقا (ج7 ص166).
وإسناده صحيح.
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1814)، وابن أبي زمنين في «تفسير القرآن» (ج4 ص147)، والطبري في «جامع البيان» (ج20 ص393)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص302).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج8 ص559)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج13 ص96).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج20 ص393).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج13 ص96).
أخرجه ابن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص645)، والطبري في «جامع البيان» (ج22 ص360).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج14 ص218).
أخرجه ابن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص645)، والطبري في «جامع البيان» (ج22 ص360).
وإسناده صحيح.
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج22 ص361).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج14 ص218).
أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص273)، والطبري في «جامع البيان» (ج22 ص261).
وإسناده صحيح.
([90]) وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج5 ص168)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج4 ص9)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج12 ص349)، و«القول في النجوم» للخطيب (ص133 و134).
أخرجه الخطيب في «القول في النجوم» (ص133).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج12 ص349).
أخرجه ابن وهب في «تفسير القرآن» (ج2 ص66 و67)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص241)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص466 و467)، والطبري في «جامع البيان» (ج21 ص479 و480)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3991)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج7 ص410)، والبستي في «تفسير القرآن» (ق/210/ط)، والشاشي في «المسند» (620)، وسفيان بن عيينة في «تفسير القرآن» (ج4 ص318)، وابن أبي الدنيا في «المطر والرعد والبرق» (25)، و(152)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج17 ص334 و335)، و(ج27 ص99)، وابن راهويه في «المسند» (ج4 ص163-المطالب)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (334)، وابن منيع في «المسند» (ج8 ص164 و165-إتحاف المهرة)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص318)، وابن أبي أسامة في «المسند» (388)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج9 ص110)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج14 ص451) من طريق محمد بن كعب القرظي، وزاذان الكندي، والنزال بن سبرة الهلالي، ورفيع بن أبي كثير، ومحمد بن جبير، وعامر بن واثلة أبي الطفيل، وعلي بن ربيعة، وظالم بن عمرو الديلي، وخالد بن عرعرة، وأبي الغريف، وعمر بن عبد الله، وحماد بن هلال، وصهيب البكري، والحارث الأعور، جميعهم: عن علي بن أبي طالب t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعلقه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص598)؛ بصيغة الجزم، عن علي بن أبي طالب t قال: «الذاريات: الرياح».
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (ج8 ص599): «وهذا التفسير: مشهور، عن علي بن أبي طالب t».
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج13 ص663).
أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (ج4 ص1237)، والطبري في «جامع البيان» (ج26 ص188)، وابن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص614).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج13 ص665).
([95]) موقرة: محملة مثقلة من الماء، والوقر: الثقل يحمل على الظهر، أو الرأس.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور: (ج5 ص289)
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج13 ص476).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص398).