الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / مقص التقريض لقطع لسان عبد الله الجربوع، ولسان عمر اليمني لموافقتهما للعتيبي في تعطيل بعض الصفات والتفويض
مقص التقريض لقطع لسان عبد الله الجربوع، ولسان عمر اليمني لموافقتهما للعتيبي في تعطيل بعض الصفات والتفويض
سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية
|
63 |
مقص التقريض
لقطع
لسان عبد الله الجربوع، ولسان عمر اليمني
لموافقتهما للعتيبي في تعطيل بعض الصفات والتفويض
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن أهل السنة والجماعة؛ يمرون نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت،
ويثبتون حقيقة معناها، التي على لغة القرآن، ولغة السنة، ولغة الأثر.
* وهذا فيه قمع للمدعو: «عبد الله الجربوع»، وصاحبه: المدعو: «عمر اليماني»، في موافقتهما للمدعو: «بدر العتيبي»، على تعطيل بعض الصفات، وتفويضها، واستشكالها.
* وهذا يدل على أن هذه الفرقة، تدعو إلى التعطيل والتفويض، فاحذروها
قال عمر اليماني الجاهل: (هذا مقطعان للشيخ بدر العتيبي، وفي الحقيقة: أن كلامه جميل!، وهو تفصيل جميل! ([1])، ويقولون: أن الشيخ يعطل صفات، ويفوض بعض الصفات، مع أنه وضح، أن أهل العلم، قد يقفون في بعض النصوص([2])، هل هي صفة، أو ليست صفة([3])، ووضح كلامه!.
* ثم أحال: اليمني، الإجابة إلى: «عبد الله الجربوع»، وقال له: هل في كلام: «العتيبي»، أي إشكال، وهل تنصحون بما قرره؟!).
فأجاب عبد الله الجربوع: (كلامه هذا جيد!، ومتوافق مع أصول أهل السنة والجماعة([4])، ولم ألحظ عليه أي: خلاف، لأنه قال: توقفهم في أمور مشكلة. ([5])
* وقد أشار الإمام أحمد أن هناك بعض الصفات تشكل على البعض([6]) في مقدمة: «شرح السنة»، وقال: أن المذهب في ذلك، هو التسليم([7]) لله تعالى، ورسوله r.
* وعلى كل حال من أثبت الصفات القطعية، التي دلت عليها النصوص القطعية، وتوقف في هذه الأمور المشكلة، وإن كان مخطئا([8])، لكنه له وجهة، كما بين هو، وأدلته: ابن قدامة.
* وشرح هذه القاعدة: الشيخ: «بدر العتيبي»، وكلامه رصين وجميل، وتفصيل بديع!([9])، لم أجد عليه ملحظا) ([10]). اهـ كلام الجربوع.
قلت: وهذا لون آخر من الجهل المركب، مما هو متلبس به، ويتهم به غيره!.
* ولذلك: وقع في متناقضات عجيبة، وخلط غريب في حكم: «الأسماء والصفات».
* وكلامه كله يتصبب: جهلا، باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل كشف جهله للناس في أصول الدين.
قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «الجربوع»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه.
وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به.
* فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وهذا يدل على أن: «الجربوع» بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، ولا يجوز الخلط والخبط في الدين. ([11])
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
* فلنشرع الآن في المقصود، بحول الله، وقوته، فنقول:
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن أهل السنة والجماعة؛ يمرون نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت، ويثبتون حقيقة معناها، التي على لغة القرآن، ولغة السنة، ولغة الأثر،
وهذا فيه قمع للمدعو: بدر بن علي العتيبي الغاوي، في تفويضه للمعنى،
وفي سكوته عن إثبات حقيقة؛ معنى: صفات الله تعالى التي خاطبنا الله تعالى بها، فتلطخ بأفكار المعطلة والمفوضة، بسبب أنه يقلد بعض المتأخرين في الاعتقاد، فاحذروه، فإنه يدعو إلى مذهب المفوضة، والمعطلة في بلد الحرمين، وهو يشكك الناس في صفات الله تعالى.
قال بدر العتيبي المبتدع المفوض: (لا نخوض في معناه! -يعني: الصفات-، بل نكل العلم إلى قائله([12])؛ يعني: قوله r: «أتيته هرولة»([13])؛ لا أتعرض لمعناه، وقوله تعالى: ]أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله[ [الزمر: 56]؛ يقول: لا أتعرض لمعناه([14])، وقوله r: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله»([15])؛ لا أتعرض لمعناه، لأنني لا أدري([16])، هل هو: «ظل الله تعالى»، أم «ظل العرش»، لا أدري، هل هو: «جنب»، صفة من صفات الله الذاتية، أم أنه جناب، صفة معنوية، بمعنى: «الشأن والمكانة»، وهذا قاعدة مسلمة ومقبولة) ([17]). اهـ كلام بدر العتيبي.
وقال بدر العتيبي: (فما جاء من الصفات، من وجه واضح بين، مباشرة أقبله، ولا أتعرض: لمعناه، لا بتأويل، ولا بتشبيه، ولا بتمثيل.
* وهناك آفات، تعتري الصفات، أو الإيمان بالصفات... هناك آفات تقابل بها الصفات، إما التأويل، وإما التعطيل، وإما التمثيل) ([18]). اهـ كلام بدر العتيبي.
قلت: وهذا كلام، ينطوي على: تلبيس وجهل، وخبث وتدليس.
فانظروا: إلى هذا التلاعب البين، والضلال الجلي، وكأن هذا: «العتيبي»، يتلاعب بعقول السامعين، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه.
* وهذه كبرى معايب هذا: «العتيبي»، بشهادة نفسه على نفسه، بالجهل المركب، ويكأنه بدأ يخلط، وتختلط عليه الاعتقادات، فهو يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.
* فأهل السنة والجماعة: كما أمروا؛ بإمرار: نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت، فإنهم:
1) يثبتون ما دلت عليها من المعاني، التي خاطبنا الله تعالى بها.
2) ويثبتون حقيقة صفات الله تعالى، على ما يليق به، مع نفي العلم، بكيفية الصفة. ([19])
قال تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا[ [التغابن: 8].
وقال تعالى: ]وأنزلنا إليكم نورا مبينا[ [النساء: 174].
وقال تعالى: ]قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين[ [يونس: 57].
وقال تعالى: ]وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون[ [النحل: 64].
قلت: وهذه الآيات تبين، أن القرآن لا يمكن أن يوصف بكونه هدى وشفاء، وبيانا، ونورا، إلا إذا كان مفهوم المراد، ويكون في غاية من الوضوح والبيان.
وقال تعالى: ]هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين[ [آل عمران: 138].
وقال تعالى: ]نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين[ [النحل: 89].
وقال تعالى: ]وهذا لسان عربي مبين[ [النحل: 103].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص331): (كثير من الناس يظنون أن مذهب السلف هو: التفويض، والتفويض هو أن يفوض المعنى، فإذا قيل له: ما معنى كذا؟، قال: الله أعلم، وإذا قيل له: ما معنى ]وجاء ربك والملك[ [الفجر:22]؛ قال: الله أعلم، أنا لا أقول: هو جاء بنفسه، ولا أقول: جاء أمره، وهكذا بقية الصفات، ويدعون أن هذا مذهب السلف، وكذبوا فيما نسبوه إلى السلف، وضلوا فيما اعتقدوه في صفات خالقهم عز وجل، لأن الله لا يخاطبنا بشيء لا نعرف معناه). اهـ
* فليس أمرهم؛ بإمرار: الصفات مجردا، عن إثبات ما دلت عليه من المعاني، كما يظنه أهل التجهيل من المفوضة، والمعطلة.
فانظروا: كيف وافق: «العتيبي»، في بدعة المفوضة، فسبحان من يسر هذا التوافق بقدرته؛ فمثل هذا الرجل، جدير؛ بمثل: هذا التعليق على: «لمعة الاعتقاد»، الذي هو ساقط بموازين الرجال، قبل سقوطه بموازين العلم، لأنه لا يستحي أن يتكلم بغير علم في الأصول، ففقد صفة الحياء في العلم.
* ولذلك؛ كثر كذبه في العلم، وتدليسه، وتلونه، وغوايته، وضلاله، وتهجمه على أهل السنة والجماعة، وقد أطال، وأكثر من الزخرفة، والتمويه.
* فانظروا؛ إلى: أي: هوة سقط هذا الرجل، أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه، أم: بعظيم غفلته، وشدة حمقه، أم: بضحالة عقله، واستفحال جهله.
فعن أبي مسعود الأنصاري t قال: قال رسول الله r: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح، فاصنع ما شئت). ([20])
قلت: فالذي يكفي العبد عن مواقعة الشر: هو الحياء، فإذا تركه، ولا يبالي به، صار كالمأمور طبعا، بارتكاب كل الشر. ([21])
* والتفويض: مصدر من باب: التفعيل، يقال: فوض إليه الأمر؛ أي: رده إليه، ويقال: فوض إليه الأمر: سيره إليه، وجعله الحاكم فيه. ([22])
* ومنه: قوله تعالى، عن مؤمن آل فرعون: ]وأفوض أمري إلى الله[ [غافر: 44].
* فمعنى التفويض في الشيء، لغة: التوقف فيه، وعدم الحكم عليه، لا نفيا، ولا إثباتا، ورد الحكم عليه، إلى الغير ليحكم فيه. ([23])
* فالمفوض في الشيء: يكون غير مثبت له، ولا ناف له، ويكون جاهلا بالحكم عليه، فمعناه: أنه جاهل بالحكم عليه.
* والتفويض في باب: «صفات الله تعالى»، عند السلف، هو: التفويض في الكيف فقط، دون المعنى.
* فالسلف: كانوا يعرفون معاني الصفات، ويفوضون علم كيفيتها إلى الله تعالى.
* فيكون الكيف: هو المجهول عندهم، لا المعنى، فكانوا: مثبتين للصفات، لا مفوضين لها. ([24])
قلت: والتفويض في معنى الصفات، قالت به: «الماتريدية»، وقد وافقها المدعو: «بدر العتيبي» في تفويض الصفات. ([25])
* فالتفويض في صفات الله تعالى، عند: «الماتريدية»، هو التفويض في معانيها، وكيفيتها.
قال أبو منصور الماتريدي في «التوحيد» (ص74): (مع ما كان الله تعالى: يمتحن بالوقوف في أشياء، كما جاء من نعوت الوعد والوعيد، وما جاء من الحروف المقطعة، وغير ذلك، مما يؤمن المرء، أن يكون ذا مما المحنة فيه: الوقف، لا القطع). اهـ
وقال أبو منصور الماتريدي في «التوحيد» (ص74): (يجب نفي التشبيه عنه، والإيمان بما أراده، من غير تحقيق على شيء). اهـ
وقال التفتازاني الماتريدي في «شرح المقاصد» (ج2 ص50)؛ بعدما ذكر عدة من آيات الصفات: (والجواب: أنها ظنيات سمعية، في معارضة قطعيات عقلية، فيقطع بأنها ليست على ظاهرها، ويفوض العلم بمعانيها إلى الله تعالى، مع اعتقاد حقيقتها جريا على الطريق الأسلم). اهـ
وقال الكوثري الماتريدي في «تبديد الظلام» (ص53): (ولا كيف، ولا معنى).اهـ
والحاصل: أن معنى التفويض عند: «الماتريدية»، تفويض معاني الصفات، ونصوصها، وتفويض كيفيتها جميعا إلى الله تعالى. ([26])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص413 و414): (فإن معرفة مراد الرسول r، ومراد الصحابة y: هو أصل العلم، وينبوع الهدى.
* وإلا فكثير ممن يذكر مذهب السلف، ويحكيه لا يكون له خبرة بشيء من هذا الباب، كما يظنون أن مذهب السلف في آيات الصفات، وأحاديثها؛ أنه لا يفهم أحد معانيها، لا الرسول r، ولا غيره.
* فيجعلون مضمون مذهب السلف، أن الرسول r، بلغ قرآنا، لا يفهم معناه، بل تكلم بأحاديث الصفات، وهو لا يفهم معناها، وأن جبريل عليه السلام كذلك، وأن الصحابة والتابعين كذلك.
* وهذا ضلال عظيم، وهو أحد أنواع الضلال، في كلام الله تعالى، والرسول r، ظن أهل التخييل، وظن أهل التحريف، والتبديل، وظن أهل التجهيل) ([27]). اهـ
* والمقصود: هنا التنبيه على أصول المفوضة الفاسدة، التي أوجبت الضلالة منهم، في باب: الصفات.
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص422): (والصنف الثالث: أصحاب التجهيل: الذين قالوا: نصوص الصفات ألفاظ، لا تعقل معانيها، ولا ندري ما أراد الله تعالى، ورسوله r منها؛ ولكن نقرؤها ألفاظا، لا معاني لها، ونعلم أن لها تأويلا، لا يعلمه إلا الله تعالى، وهي عندنا: بمنزلة: ]كهيعص[ [مريم: 1]، و: ]حم عسق[ [الشورى: 1و2]، وظن هؤلاء: أن هذه طريقة السلف، وأنهم: لم يكونوا يعرفون حقائق الأسماء والصفات). اهـ
* فظن المفوضة: أن طريقة السلف، هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن، والحديث، من غير فقه في ذلك. ([28])
* وصرح المقبلي في «الأرواح النوافخ» (ص395)؛ أن السلف: لم يكونوا مفوضة، والتفويض جهل بالمعنى، وهو أخو: «التأويل»، فالمفوض: متأول، لا مسلم.
والحاصل: أن الذي يدعي، التفويض: في المعنى، وبتقوله على السلف، فهو في الحقيقة، مع جهله، وتجهيله: للسلف، لم يجعل القرآن بيانا، ولا هدى، ولا فرقانا.([29])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص285): (ويبين ذلك: أن الصحابة، والتابعين، لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات، لا يعلم معناها رسول الله r، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41)؛ عن السلف: (فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا علم حقيقة الصفة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص308): (وكذلك: الأئمة، كانوا إذا سئلوا عن شيء من ذلك، لم ينفوا معناه، بل يثبتون المعنى، وينفون الكيف). اهـ
* فنصوص أئمة السنة؛ أنهم: كانوا يعرفون معاني الصفات، ويفهمون المراد من نصوصها، غير أنهم: كانوا يفوضون في الكيف فقط، دون المعنى.
* فنسبة التفويض الباطل: إليهم، هو: تقول قبيح، وكذب صريح، وبهت شنيع، وهو افتراء فظيع، وضلال، وإضلال.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1133): (ومن جعل طريقة السلف: عدم العلم، بمعاني الكتاب والسنة، وعدم إثبات ما تضمناه من الصفات: فقد أخطأ خطأ، فاحشا، على السلف). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص133): (حتى إن كثيرا من المنتسبين إلى السنة: يعتقدون أن طريقة السلف، هي الإيمان بألفاظ النصوص، والإعراض عن تدبر معانيها، وتفقهها، وتعقلها). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص89): (وكذلك: من سأل عن «العلم»، و«الحياة»، و«القدرة»، و«الإرادة»، و«النزول»، و«الغضب»، و«الرضا»، و«الرحمة»، و«الضحك»، وغير ذلك؛ فمعانيها كلها مفهومة؛ وأما كيفيتها: فغير معقولة). اهـ
قلت: فمن لم يستفد من العلم، واليقين في باب الأسماء والصفات، من متواتر الأخبار، وآحادها: فهو بمعزل عن تحكيم الرسول r، والتسليم له في الدين. ([30])
قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص24): (وهذا لا شك أنه محال؛ يعني: على رأي من يقولون: إن نصوص الصفات غير مفهومة المعنى.
* لأنه يترتب على ذلك، أن يكون ما قصه الله تعالى علينا من أنباء فرعون، وهامان، وقارون، وغيرهم، من الكفرة: معلوم المعنى.
* وما قصه أيضا عن الرسل الكرام من الفضائل، والمناقب: معلوم المعنى.
* وما قصه عن نفسه، من صفات الكمال، غير معلوم المعنى، وهل هذا معقول.
* مع أن أشد ما يكون في الشريعة الإسلامية، وأولى، وأوجب ما يكون، هو معرفة الله تعالى، بأسمائه وصفاته، فكيف يكون القرآن غير معلوم المعنى في هذه الأمور العظيمة الجليلة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص248): (والعجب أن كثيرا من المتأخرين: يظنون أن هذا مذهب السلف، فيظنون، أن مذهب السلف، هو التفويض؛ يعني: أنهم لا يتكلمون بالمعنى إطلاقا.
* تسأله: عن قول الله تعالى: ]ويبقى وجه ربك[ [الرحمن: 27]؛ قال: والله لا أدري، ويرون أن هذا مذهب السلف!). اهـ
قلت: وهذا رأي: «العتيبي»، إذا سألته عن صفة لله تعالى، قال: «لا أدري ما معناها»، فهذا هو التفويض الذي ذمه أئمة الحديث، قديما، وحديثا. ([31])
* والقرآن نزل باللغة العربية، مما يدل على أن معناه معلوم.
قال تعالى: ]إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون[ [الزخرف: 3].
وقال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون[ [النحل: 44].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص246): (وقوله تعالى: ]ولعلهم يتفكرون[؛ يتفكرون في المعنى، وهذا يدل على أن القرآن الكريم؛ له معان، هي محل التفكير). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص247): (من المحال، أن ينزل الله تعالى كتابا، أو يتكلم رسوله r؛ بكلام يقصد بهذا الكتاب.
* وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق، ويبقى في أعظم الأمور، وأشدها ضرورة، مجهول المعنى: بمنزلة الحروف الهجائية، التي لا يفهم منها شيء: لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى؛ عن كتابه: ]كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير[ [هود: 1]). اهـ
قلت: وبيان الشارع، للقرآن، هو شامل، لبيان لفظه، وبيان معناه. ([32])
* وهذا دليل قاطع على إبطال التفويض المنقول عن السلف الصالح، وأنهم لم يكونوا مفوضة.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص332): (فكل السلف يقولون: أمروها كما جاءت بلا كيف، وهذه العبارة -كما نعلم- تدل على أن السلف يثبتون لها معنى من وجهين:
الوجه الأول: قولهم: «أمروها كما جاءت»؛ لأنها ألفاظ جاءت لمعاني، ولا يمكن إمرارها كما جاءت؛ إلا بإثبات معناها كما نثبت لفظها، فإن لم نثبت المعنى: لم نكن أمررناها كما جاءت؛ لأن الله تعالى أنزلها كلمات لها معان.
الوجه الثاني: قولهم: «بلا كيف»؛ لأن نفي الكيفية يدل على وجود أصل المعنى، لأن نفي الكيفية عما ليس بثابت: لغو، فإذا قالوا: «بلا كيف»، علمنا أنهم يريدون: إثبات المعنى، لكن بلا كيف). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص332): (يقولون: إن مذهب السلف: هو التفويض، وهذا لا شك، أنه كذب على السلف... فمذهب السلف: إثبات المعنى، ونفي التكييف). اهـ
* وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون: علم معاني نصوص الصفات، ويدعون أن هذا مذهب أهل السنة والجماعة.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص252): (والسلف: بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال: عنهم، بإثبات المعاني، لهذه النصوص، إجمالا أحيانا، وتفصيلا أحيانا، وتفويضهم الكيفية إلى علم الله تعالى). اهـ
قلت: وبعد هذا؛ فما هي أحرى الأوصاف، بهذا: «العتيبي» التضليل، والتلبيس، والخيانة، أم الجهل، والغفلة، والغرور، إن من كان هذا حاله حقيق، بأن يرثى مآله، ويطرح قوله، ومقاله، لعل المغرورين به من الجهلة، يكتشفون حقيقته، وجهله في الأصول والفروع، وهذا ظاهر فيه هذا المغرور. ([33])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص307): (فالسلف من الصحابة، والتابعين، وسائر الأمة، قد تكلموا، في جميع نصوص القرآن -في آيات الصفات وغيرها-، وفسروها بما يوافق دلالتها وبيانها، ورووا عن النبي r، أحاديث كثيرة توافق القرآن، وأئمة الصحابة في هذا أعظم من غيرهم... ولو كان معاني هذه الآيات منفيا، أو مسكوتا عنه، لم يكن ربانيو الصحابة أهل العلم، بالكتاب والسنة، أكثر كلاما فيه.
* ثم إن الصحابة t، نقلوا عن النبي r، أنهم كانوا يتعلمون منه التفسير مع التلاوة، ولم يذكر أحد منهم عنه قط أنه امتنع من تفسير آية... وكذلك الأئمة كانوا إذا سئلوا عن شيء من ذلك لم ينفوا معناه؛ بل يثبتون المعنى، وينفون الكيفية). اهـ
قلت: وأقوال السلف كثيرة، في تفسير نصوص الصفات، وبيان أوجه معانيها، وهي دامغة، لكل مفتر عليهم، من مفوض، ومعطل.
والحاصل: أن السلف كانوا يعرفون معاني صفات الله تعالى، والمراد من نصوصها.
* ولذلك فسروها؛ كتفسيرهم: لبقية النصوص، غير أنهم: كانوا يفوضون على كيفيتها إلى الله تعالى.
* فهل يقال بعد هذا كله، أن مذهب التفويض، هو مذهب السلف: ]إن هذا لشيء عجاب[ [سورة ص: 5].
* فانظروا: إلى هذا التباين والتضاد، وكيف راج على «العتيبي» ([34]) ما حذر منه؟!.
* فلا نريد التطويل بنقده فيه، والكشف عن خوافيه، وإنما ذكرت الذي ذكرته؛ لأبين «للعتيبي» ما يقطع تغريره واغتراره، ويدفع تبجحه وافتخاره، ويدرأ عناده واستكباره!.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص333): (قوله: «وأما التفويض فمن المعلوم أن الله تعالى أمرنا بتدبر القرآن، وحضنا على عقله وفهمه»: مذهب أهل التفويض يقولون: اترك هذا، ولا تبحث في معناه، ولا تحاول أن تفهمه؛ لأن فهمه على زعمهم متعذر، فالواجب أن تقرأه لفظا، وألا تتكلم به معنى، عند هؤلاء حتى الرسول r لا يعلم معاني آيات الصفات، ولا يدري ماذا أراد الله تعالى بقوله: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]، ولا يدري ماذا أراد الله تعالى بقوله: ]بل يداه مبسوطتان[ [المائدة: 64]، ولا يدري ما معنى قوله: ]ويبقى وجه ربك[ [الرحمن: 27]، كل هذه الصفات، بل كل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه، فإن الرسول r لا يعلم معناه، بل لو تكلم الرسول r بشيء من صفات الله تعالى؛ فإنه لا يعلم معناه، أي يقولون: إن الرسول r قال: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا»([35])، ولو سألت الرسول r: ماذا أراد؟ لقال: لا أدري.
* ولا شك أن هذا من أعظم القدح في الله تعالى، وفي رسوله r، وفي كتابه، وفي أمة الإسلام، أن تكون غير فاهمة معنى ما وصف الله تعالى به نفسه، وأن ينزل الله تعالى علينا كتابا بمنزلة الحروف الهجائية لا يدرى ما المراد بها، وأن الرسول r يتكلم بالكلام ولا يدري ما معناه، هذا من أعظم القدح). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص335): (وهذا المذهب -في الحقيقة- لو تدبره الإنسان لعلم أنه لا يمكن أن يكون هذا مذهب السلف إطلاقا، وأن من ادعى أنه مذهب السلف فهو إما جاهل بمذهبهم، أو كاذب عليهم، والحمد لله فالسلف كلامهم مشهور، وحججهم السمعية والعقلية معلومة، بأن المعنى فيما أخبر الله تعالى به عن نفسه، وعن صفاته معلوم.
إذن: مذهب السلف: إثبات المعاني، وفهمها، ونشرها بين الأمة، ولكنهم يقفون عن الخوض في الكيفية، لأن الكيفية غير معلومة لا عن طريق السمع، ولا عن طريق العقل، بل إن السمع والعقل كلاهما يدل على أن العلم بالكيفية مستحيل، وبهذا يكون مشينا على الصراط المستقيم، ونقول: من قال إن السلف يؤمنون باللفظ، ولا يفهمون المعنى: فهو كاذب عليهم، وقادح فيهم بنفس الوقت؛ لأنه جعلهم أميين بمنزلة الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية الكبرى» (ص310): (فقولهم: «أمروها كما جاءت»؛ يقتضي: إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان.
* فلو كانت دلالتها منتفية، لكان الواجب أن يقال: أمروا ألفاظها، مع اعتقاد، أن المفهوم منها: غير مراد، أو أمروا ألفاظها، مع اعتقاد أن الله تعالى لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال: حينئذ: «بلا كيف»، إذ نفي الكيفية عما ليس بثابت لغو من القول). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج6 ص265): (فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة،. ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد، من غير فهم لمعناه - على ما يليق بالله - لما قالوا: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول»، ولما قالوا: «أمروها كما جاءت بلا كيف»، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما، بل مجهولا، بمنزلة حروف المعجم). اهـ
قلت: وهذا بيان معاني نصوص الصفات، وأنها تحمل على الكلام المعهود، والمعروف من لغة العرب، الذي خاطبنا الله تعالى به.
قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة في بيان المحجة» (ج1 ص128): (الكلام في صفات الله تعالى: ما جاء منها في كتاب الله تعالى، أو روي بالأسانيد الصحيحة، عن رسول الله r؛ فمذهب السلف: إثباتها، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارضالعقل والنقل» (ج1 ص204): (فعلى قول هؤلاء: يكون الأنبياء، والمرسلون: لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص، ولا الملائكة، ولا السابقون الأولون.
* وحينئذ فيكون ما وصف الله تعالى به نفسه في القرآن، أو كثير مما وصف الله تعالى به نفسه، لا يعلم الأنبياء معناه، بل يقولون كلاما، لا يعقلون معناه.
* ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء، إذ كان الله تعالى أنزل القرآن، وأخبر أنه جعله هدى، وبيانا للناس، وأمر الرسول r أن يبلغ البلاغ المبين... لا يعلم أحد معناه.
* فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون، أنهم متبعون للسنة، والسلف، من شر أقوال أهل البدع والإلحاد). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص253): (أهل التفويض يقولون: إن الذي في القرآن، لا يعلم معناه: حتى الرسول محمد r، لو سألته: ما معنى: ]بل يداه مبسوطتان[ [المائدة: 64]؛ يقول: ما أدري!، ما معنى: ]استوى على العرش[ [السجدة: 4]؛ قال: ما أدري!، وأنت يا محمد تقول: «أن الله ينزل إلى السماء الدنيا»([36])، ما معنى: ينزل؟، يقول: ما أدري!، أنت تقول: «إن الله يضحك إلى رجلين؛ يقتل أحدهما: الآخر، كلاهما يدخل الجنة»([37])، ما معنى: يضحك؟، قال: ما أدري!، هل هذا معقول؟!). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص252): (ومن أراد الزيادة من النقول؛ فليرجع إلى كتب السنة المؤلفة في هذا الباب، فهم: قد اتفقوا على هذه الجملة في نصوص الصفات: «أمروها كما جاءت بلا كيف»، وهذه مشهورة عن أئمة التابعين، وهي تدل على أنهم يثبتون المعنى من وجهين:
الوجه الأول: قولهم: «أمروها كما جاءت»؛ لأننا نعلم أنها ألفاظ جاءت لمعان، فما جاءت من أجل أن تتلى فقط!.
والوجه الثاني: قولهم: «بلا كيف»، لأن نفي الكيفية دليل على ثبوت أصل المعنى، ولو لم يكن المعنى: ثابتا ما احتجنا إلى نفي الكيفية). اهـ
* فهذه أقوال أهل العلم، وهي من البراهين الواضحة، على أنهم: لم يكونوا مفوضة بالمعنى الذي يعنيه: «بدر العتيبي» الجاهل.
وقال الإمام أبو المظفر السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص45 و49): (ومما يدل على أن أهل الحديث؛ هم: على الحق، أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة... قديمهم وحديثهم، مع اختلاف بلدانهم... وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة... يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها... لا ترى بينهم اختلافا، ولا تفرقا في شيء ما، وإن قل.
* بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم، ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأنه جاء من قلب واحد... وهل على الحق دليل أبين من هذا، قال الله تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء:82]).اهـ
وقال الإمام ابن البناء الحنبلي / في «المختار من الأصول» (ص66)؛ وهو يتكلم عن اعتقاد أهل السنة: (لا يختلفون في شيء من هذه الأصول، ومن فارقهم في شيء؛ منها: نابذوه، وباغضوه، وبدعوه، وهجروه). اهـ
قلت: فهذا «العتيبي»، قائم على الاجتهاد الفاسد، الذي فيه لا يعذر، لأنه معاند، وقد وقع في الزندقة، وليس هو من أهل الاجتهاد الصحيح، فهو مفوض.
فعن الإمام أبي عبد الله الشافعي / قال: (والله لأن يفتي العالم، فيقال: أخطأ العالم([38])، خير له من أن يتكلم، فيقال: زنديق!، وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله). ([39])
قال الحافظ الذهبي / في «سير أعلام النبلاء» (ج10 ص19)؛ ومعلقا على قول الشافعي: (هذا دال على أن مذهب: أبي عبد الله، أن الخطأ في الأصول، ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع). اهـ
وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على بشر المريسي» (ص54): (وأما ما ذكرت من اجتهاد الرأي في تكييف صفات الله تعالى؛ فإنا لا نجيز اجتهاد الرأي في كثير من الفرائض، والأحكام، التي نراها بأعيننا، ونسمع في آذاننا، فكيف في صفات الله تعالى، التي لم ترها العيون، وقصرت عنها الظنون). اهـ
وقال الإمام ابن جرير / في «التبصير في معالم الدين» (ص113)؛ عن المجتهد الجاهل: (والآخر منهما غير معذور بالخطأ فيه، مكلف قد بلغ حد الأمر والنهي). اهـ
وقال الإمام ابن منده / في «التوحيد» (ج1 ص314): (ذكر الدليل على أن المجتهد([40]) المخطئ في معرفة الله تعالى ووحدانيته؛ كالمعاند). اهـ
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني / في «الجامع» (ص121): (ومن قول أهل السنة: أنه لا يعذر من أداه اجتهاده إلى بدعة، لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل، فلم يعذروا، إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة y، فسماهم النبي r: مارقين من الدين) ([41]). اهـ
* وقد بين العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص18)؛ بأن الاجتهاد في الصفات، وغيرها، لا يقبل بالجهل في ذلك، حتى قال: (سبحان الله: ما أقبح الجهل، وما أبشعه). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص131)؛ بدعوى الاجتهاد في الأصول: (ثم يقال: لهذا الرجل وأمثاله؛ قد أجمع علماء المسلمين من عهد الصحابة y، إلى يومنا هذا على أن الاجتهاد محلة المسائل الفرعية، التي لا نص فيها.
* أما العقيدة، والأحكام: التي فيها نص صريح من الكتاب، أو السنة الصحيحة، فليست محلا للاجتهاد، بل الواجب على الجميع الأخذ بالنص، وترك ما خالفه، وقد نص العلماء، على ذلك في كل مذهب من المذاهب المتبعة). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن سحمان / في «إجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة الجهمية» (ص148): (فليسكل اجتهاد، وخطأ، وجهل؛ مغفورا، لا يكفر، ولا يؤثم فاعله، هذا على سبيل التنبيه، وإلا فالمقام يحتمل بسطا أكثر من هذا). اهـ
* وقد وافق: «بدر العتيبي»، من خاض في مذهب التفويض، من المتكلمين، وزعم أن التفويض، وهو مذهب السلف.
قال أبو المعالي الجويني في «العقيدة النظامية» (ص23): (وذهب أئمة السلف إلى الإنكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مرادها، وتفويض معانيها، إلى الرب سبحانه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص41)؛ وهو يتكلم، عن موقف: أبي المعالي من الصفات: (والثاني: تفويض معانيها إلى الرب سبحانه، وهو آخر: قولي أبي المعالي، كما ذكره في «الرسالة النظامية»). اهـ
وقال ابن خلدون في «مقدمته» (ص353): (وإنما مذهب السلف: ما قررناه، أولا: من تفويض المراد بها إلى الله تعالى، والسكوت عن فهمها). اهـ
وقال السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص6)؛ وهو يتكلم عن آيات الصفات: (وجمهور أهل السنة([42])؛ منهم السلف: على الإيمان بها، وتفويض معناها المراد: منها إلى الله تعالى). اهـ
وقال محمد رشيد رضا في «تعليقه على لمعة الاعتقاد» (ص31): (لا نقول كيف هي، ولا نقول: معناها كذا، وكذا، بل نقول: صفة أثبتها الله تعالى لنفسه، فنحن نثبتها له، ونكل كيفيتها، ومعناها إليه تعالى.
* واعلم أن هذا ما كان عليه السلف الصالح كلهم!، والأئمة المقتدى بهم، وذهب إليه المحققون من الخلف، ومن كبار: علماء الأشاعرة!). اهـ
* وذهب أيضا حسن البنا في كتابه «العقائد» (ص66)؛ إلى مذهب المفوضة.
قلت: فـ«بدر العتيبي»، وافق في التفويض، هؤلاء الأشاعرة، وغيرهم، فخاب وخسر.
قلت: وما وقع: «بدر العتيبي» في التفويض، إلا بسبب جهله، باعتقاد السلف جملة وتفصيلا، فالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.
* فإن الجهل المركب، الذي وقع فيه: «بدر العتيبي»، وتفويضه في الصفات، كان هو من أعظم الأسباب، في تقصيره، في إثبات ما جاء به الرسول r، عن الله تعالى، وفي معرفة معاني أسمائه وصفاته.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح رب البرية بتلخيص الحموية» (ص48): (فصل: وأما أهل التجهيل؛ فهم: كثير من المنتسبين إلى السنة، واتباع السلف.
* وحقيقة مذهبهم: أن ما جاء به الرسول r من نصوص الصفات، ألفاظ مجهولة، لا يعرف معناها، حتى الرسول r يتكلم بأحاديث الصفات، ولا يعرف معناها.
* فطريقتهم في نصوص الصفات: إمرار لفظها، مع تفويض معناها، ومنهم: من يتناقض، فيقول: تجرى على ظاهرها، من أن لها تأويلا، يخالفه لا يعلمه إلا الله تعالى.
* وهذا ظاهر التناقض، إذ كيف يمكن إجراؤها على ظاهرها، مع أن المراد: بها خلافه). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص331): (بهذا التقرير الذي تبين به أنه لا يمكن أن يكون في القرآن شيء لا يعلم معناه إلا الله تعالى؛ يتبين بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم معاني آيات الصفات، ويدعون أن هذا هو مذهب السلف، وقد ضلوا فيما ذهبوا إليه، وكذبوا فيما نسبوه إلى السلف، فإن السلف إنما يفوضون علم الكيفية دون علم المعنى، وقد تواترت النقول عنهم بإثبات معاني هذه النصوص، إجمالا أحيانا، وتفصيلا أحيانا، فمن الإجمال قوله: «أمروها كما جاءت بلا كيف»، ومن التفصيل: ما سبق عن مالك في الاستواء). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
ذكر الدليل على أن أهل السنة والجماعة؛ يمرون نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت، ويثبتون حقيقة معناها، التي على لغة القرآن، ولغة السنة، ولغة الأثر |
2 |
2) |
ذكر الدليل على أن أهل السنة والجماعة؛ يمرون نصوص صفات الله تعالى، كما جاءت، ويثبتون حقيقة معناها، التي على لغة القرآن، ولغة السنة، ولغة الأثر، وهذا فيه قمع للمدعو: بدر بن علي العتيبي الغاوي، في تفويضه للمعنى، وفي سكوته عن إثبات حقيقة؛ معنى: صفات الله تعالى التي خاطبنا الله تعالى بها، فتلطخ بأفكار المعطلة والمفوضة، بسبب أنه يقلد بعض المتأخرين في الاعتقاد، فاحذروه، فإنه يدعو إلى مذهب المفوضة، والمعطلة في بلد الحرمين، وهو يشكك الناس في صفات الله تعالى. |
7 |
([1]) وهذا كلامه ينطوي على تدليس، وجهل، وتلبيس.
* وهذا جهل من هذا: «اليماني»، يدل على مدى انحرافه في علم الأصول، وقد خلط بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب أهل التفويض، حيث ظن أن «العتيبي» بقوله هذا، وافق مذهب أهل السنة في تقريره: «لتوحيد الأسماء والصفات»، وهو مخطئ في ذلك، بسبب جهله المركب في الدين.
ولذلك: لم يستطع أن يكشف التفويض الذي وقع فيه: «العتيبي»، بسبب تعالمه في علم الأصول.
([2]) وهذا من الكذب على العلماء، لم يتوقف أحد منهم بالأخذ بظاهر النصوص في الصفات، لكن منهم من يخطئ في اجتهاده؛ فيؤول.
([3]) وهنا هذا: «اليماني»، كشف نفسه، أنه جاهل بمذهب أهل السنة والجماعة، وهذا من خذلان العلم.
* وهذا القول لم يقل به أحد من أهل العلم، ويأتي الرد عليه في ذلك.
* وهذا آخر ما في جعبة هذا: «اليماني»، حول الاعتقاد، فقد وقع بسبب جهله في: «مذهب التفويض»، لموافقته: «للعتيبي» في هذا المذهب المشين.
([4]) وهذا غش وجهل، وتدليس وتلبيس على من قل نصيبه في العلم.
* وإلا كيف يجزم: «الجربوع» بذلك، وهو مخالف لأصول أهل السنة والجماعة، كما أثبتنا ذلك من أقوال أهل العلم، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، وشيخنا ابن عثيمين، وغيرهم، وأن: «العتيبي»، وقع في: «تعطيل الصفات»، وفي: «التفويض»، وغير ذلك.
* فالجربوع: يذكر ويجازف في مذهب أهل السنة والجماعة، بعبارات، بتراء، وبكلمات شوهاء!، وهذا يدل على جهله بمذهبهم على التفصيل، وأنه لا يفرق بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب أهل الباطل في الاعتقاد.
([5]) المشكلة في رأسك التالف، ليست المشكلة في أدلة: «توحيد الأسماء والصفات».
* وهذا: «الجربوع»، لم يتقن مذهب السلف في الاعتقاد، فهو يقع، بما لا يخفى على صغار طلبة هذا العلم.
* وإلا كيف وافق: «العتيبي»، على: «تعطيل الصفات، والتفويض»، وغير ذلك، مما يؤكد على جهله، ومع ذلك: يفتخر ويتعالم في دروسه!.
([6]) وهذا من الكذب على الإمام أحمد /، فلم يقل أن بعض الصفات تشكل في الدين، ولم يتوقف فيها.
انظر: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).
([7]) هذا الذي قاله الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص12)، إمرار الصفات كما جاءت في النصوص، والتسليم فيها إلى قول الله تعالى، وقول الرسول r، وهذا لا إشكال فيه.
* فلا تكذب على الأئمة.
([8]) هنا يقول: أن من قال بالإشكال في الصفات، فهو: مخطئ، وقبل قليل قال: لم أجد على: «العتيبي» أي خطأ، وهو موافق لأهل السنة!، بزعمه.
* فمرة: يقول: ليس عليه خطأ، ومرة يقول: مخطئ.
* فهذه أجلى صور التناقض وأوضحها.
([9]) هذا بطوله: كلام: «الجربوع»، وقد تضمن، حقا، لا ادعاء: التدليس والتلبيس، والخيانة، لأنه خلط بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب أهل التفويض، ولم يستطع أن يفرق بينهما، كما في عادته في كلامه لشرح الاعتقاد، الخلط والخبط!.
([10]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «الثناء على تقرير بدر العتيبي في تقريره على صفات الله»، بصوت: «عبد الله الجربوع»، في سنة: «1444هـ».
([11]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].
* فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.
* وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.
* وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول r: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.
([19]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص251 و252 و253)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج1 ص116 و118)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له (ص310)، و«الفتاوى» له أيضا (ج13 ص307 و308)، و«اجتماع الجيوش» لابن القيم (ص199)، و«الصواعق المرسلة» له (ج2 ص422 و423)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج3 ص244)، و«التوحيد» لابن منده (ج3 ص7)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج1 ص128).
([20]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص515)، وفي «الأدب المفرد» (ص206)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص252).
([22]) انظر: «الصحاح» للجوهري (ج3 ص1099)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج5 ص71)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص210)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص215)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص839).
([25]) والمدعو: «بدر العتيبي»، فإنه صرح بالتفويض، بمثابة انسحاب من المشكلة أساسا، ووقع في مشكلة أخرى ولا بد، وأن التفويض عنده أن تقول: أفوض علم المعاني إلى الله تعالى، وكيفيتها.
([26]) وهذا التفويض الذي وقع فيه المدعو: «بدر العتيبي»، تماما، فإنه فوض الكيفية، وفوض المعنى جميعا، وقال: لا أدري!؟.
([27]) وأهل التجهيل: هم المفوضة، وهؤلاء يزعمون أنهم على السنة، وظنوا أنه لا يعرف معاني نصوص الصفات؛ إلا الله تعالى، وهؤلاء: منحرفون عن طريقة السلف الصالح.
وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص31 و35)، و«شرح حديث النزول» له (ص65).
([29]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص8 و12)، و«الرسائل الكبرى» له (ج1 ص427 و429)، و«دقائق التفسير» له أيضا (ج1 ص129 و134 و135)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج5 ص378 و379)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص161 و170).
([32]) وانظر: «شرح القواعد المثلى في صفات الله تعالى، وأسمائه الحسنى» لشيخنا ابن عثيمين (ص249)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ص 279).
([33]) لقد بنى شرحه بزعمه لمذهب أهل السنة، على زخم هائل، من التدليس، والتلبيس، في تحريف مذهب أهل السنة والجماعة، وهذه جادة مطروقة لدى من تشربت نفوسهم بالجهل والهوى.
([34]) وهذا قدح صريح بعدالة هذا: «العتيبي» الذي يحرف، وهو فوق هذا كله، يفتخر، ويتعالم... بما يوهم الجهلة والسذج، أنه فريد عصره، ووحيد دهره.
([38]) مراد الإمام الشافعي، من اجتهاد أهل الرأي، الذين يخوضون في الرأي في الأصول، بدون اجتهاد صحيح، فتنبه.
وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ص54)، و«التبصير في معالم الدين» لابن جرير (ص113).
أخرجه عنه: الذهبي في «السير» (ج10 ص19)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج14 ص405)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص453).
وإسناده صحيح.
([40]) يعني: المجتهد الجاهل، فهذا غير معذور، وهو آثم، بلا شك، وهذا؛ مثل: المفوض: «بدر العتيبي»، تماما.