القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / كشف الأوابد من تلبيسات وتدليسات وتحريفات عبد المحسن بن حمد العباد العابد

2024-10-26

صورة 1
كشف الأوابد من تلبيسات وتدليسات وتحريفات عبد المحسن بن حمد العباد العابد

                                                                                                                 

 

 

 

                                                                                 

 

كشف الأوابد

من

تلبيسات وتدليسات وتحريفات

عبد المحسن بن حمد العباد العابد

 

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وهذا الكتاب؛ هو بيان:

* لما كان عليه: «عبد المحسن العباد»، من منهج باطل في حياته، مع المتحزبة، وغفلته الشديدة لخوارج القعدة، والرضى بهم، وبزياراتهم له في المدينة، ومجالستهم، وإفتائهم، وتناقضه من القديم في الفتاوى في الأصول والفروع، في الجملة والتفصيل.

* رغم تحذير الله تعالى، من الخوارج، ورسوله r، والصحابة y، فمازال هذا الرجل يتساهل في حياته لخطرهم، ومجالستهم، ومخالفتهم، حتى استعملوه، الاستعمال السيء، لمصالح أحزابهم الفاشلة، حتى وقع في فكرهم، وهو فكر: «الخوارج القعدة»: «فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه».

* فأصابته الفتنة، ولا بد: ]يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].

* وأضف أن: «عبد المحسن العباد»، لم يكن يلتفت لنصح العلماء، للمتحزبة: خوارج القعدة، وبيانهم لخطرهم في البلدان.

* وكذلك: محاربته لجرح أهل البدع والأهواء، وتأليفه الكتب في ذلك، فحادعن منهج أئمة الحديث جملة وتفصيلا.

* فوقع في الفتنة على التفصيل، ولم يستطع التخلص منها إلى الآن، وقد عرف ذلك عنه المميعة، فحاصروه من أجل مصالحهم، ومآربهم الدنيوية، وهو لا يشعر.

* فليتق الله تعالى: هؤلاء المرجفون، ولينتهوا عن صد الشباب عن سبيل الله تعالى، خدمة لأنفسهم، أو خدمة لأحزابهم، أو ترويجا لأفكارهم، أو لمذاهبهم، بمثل هذه الشبه الواهية.

    

فإن سألت عن الطريقة الشرعية

في كيفية النصيحة لولاة الأمر، فيجيبك العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /، وعلى: «عبد المحسن العباد»، أن يسمع لهذه الإجابة، ويعمل بها في الدين

 

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «حقوق الراعي والرعية» (ص27): (ليس من منهج السلف: التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الفوضى، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع.

* ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.

* وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل، فينكر الزنى، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي، والتحذير منها من غير ذكر أن فلانا يفعلها، لا حاكم، ولا غير حاكم.

* ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان t قال بعض الناس؛ لأسامة بن زيد t: ألا تنكر على عثمان؟.

قال t: أنكر عليه عند الناس؟!، لكن أنكر عليه بيني وبينه، ولا أفتح باب شر على الناس). اهـ

قلت: وهذا دأب أهل السنة والجماعة، وسبيلهم، ومنهجهم: جمع قلوب الناس على ولاتهم، والعمل على نشر المحبة بين الراعي والرعية، والأمر بالصبر على ما يصدر عن الولاة من أخطاء في البلد.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

فتوى

العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

في

أن من نقد الأمراء، والوزراء، وغيرهم في التواصل الاجتماعي، فهو من الخوارج، وعلى مذهب: «خوارج القعدة»، وهذا الذي وقع فيه: «عبد المحسن العباد»، من الإنكار العلني على ولاة الأمر، فوافق خوارج القعدة قديما وحديثا

 

سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ما حكم نقد الأمراء، والوزراء في التواصل الاجتماعي؟.([1])

فأجاب فضيلته: (هذا مذهب الخوارج، نقد الأمراء، هذا مذهب الخوارج([2])، لا يجوز نقد الأمراء.

* لكن يجب مناصحتهم، إذا رأيت هناك خللا، أو شيئا، يجب عليك أن تناصحهم، إما أن تتصل بهم، أو أن تكتب لهم النصيحة، أو بأن توصي من يتصل بهم ويبلغهم، اعمل([3]) هذا). ([4]) اهـ

وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ما حكم من يظهر الفتن في هذه البلاد، وعيوب الأمراء، والوزراء، ويعلن الإنكار عليهم، ويدعو إلى الإنكار عليهم الجماعي، هل هذا مذهب أهل السنة، أو مذهب الخوارج؟.

فأجاب فضيلته: (هذا خطأ، وطريقة الخوارج([5])، الذين يريدون شق عصا الطاعة، وتفريق الجماعة، وإثارة الفتن في المجتمع. ([6])

* فهؤلاء: آثمون، والواجب أن المسلم يكون سامعا، مطيعا([7])، لولي أمره، في غير معصية الله تعالى، وألا يثير الفتن). ([8]) اهـ

ﭑ ﭑ ﭑ

                                                                                                                                                   

فتوى

العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين /

في

أن الأمراء، والوزراء، وغيرهم، في حكم ولي الأمر الحاكم، يحرم نقدهم في العلن أمام الناس، وأنه يجب السمع والطاعة لهم بالمعروف، وهذا الحكم، لم يطبقه: «عبد المحسن العباد»، في بلد الحرمين، فخرج على طاعة ولي الأمر، وصار من الخوارج القعدة، فهلك ولا بد

 

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /: (السمع والطاعة: للإمام، والإمام عند أهل العلم: هو الرئيس الأعلى في الدولة، ومن ناب عنه: فهو في حكمه.

* فنواب ولي الأمر: من الوزراء، والأمراء، والمدراء، ورؤساء الدوائر، وما أشبه ذلك، كلهم يدخلون في طاعتهم، في طاعة الإمام([9])، لأن هؤلاء يأخذون بتوجهاته، وأوامره، فما أمروا به فله: حكم ما أمر به، لا يجوز التمرد عليهم، ولا معصيتهم، إلا في معصية الله تعالى.

* فإن أخطؤوا، أو ضلوا، فلنا أن نرفع الأمر إلى من فوقهم، فإن استقام وأقامهم فذاك، وإلا من فوقه، حتى تنتهي إلى الإمام، فإذا انتهت إلى الإمام حينئذ وقفت). ([10]) اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

فتوى

العلامة الشيخ صالح العثيمين /

في

أنه ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وإهانتهم عند العامة،

وقد توعد الله تعالى بفاعل ذلك، بإهانته في الدنيا والآخرة

 

قال العلامة الشيخ صالح بن عثيمين / في كتابه «مقاصد الإسلام» (ص393)؛ عندما قرر أن النصيحة تكون للولاة سرا، لا علانية، وساق بعض الأدلة على ذلك، ومنها هذا الحديث([11])؛ قال: (فإذا كان الكلام في الملك بغيبة، أو نصحه جهرا، والتشهير به من إهانته التي توعد الله فاعلها بإهانته؛ فلا شك أنه يجب مراعاة ما ذكرناه -يريد الإسرار بالنصح ونحوه- لمن استطاع نصيحتهم من العلماء الذين يغشونهم ويخالطونهم، وينتفعون بنصيحتهم دون غيرهم.

* إلى أن قال /: فإن مخالفة السلطان فيما ليس من ضروريات الدين علنا، وإنكار ذلك عليه في المحافل، والمساجد، والصحف، ومواضع الوعظ، وغير ذلك؛ ليس من باب النصيحة في شيء، فلا تغتر بمن يفعل ذلك، وإن كان عن حسن نية؛ فإنه خلاف ما عليه السلف الصالح المقتدى بهم، والله يتولى هداك). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

رب زدني علما وحفظا وفهما

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران: 102].

]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} [النساء: 1].

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} [الأحزاب:70 - 71].

أما بعد ...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

* كان الناس قبل مبعث النبي r في جاهلية جهلاء، وحالة شنعاء، وتناحر وتطاحن شديدين، واختلاف؛ حتى بعث الله تبارك وتعالى ذكره: نبيه محمدا r، فهدى به بعد الضلال، وجمع به بعد الخصام، وأعز به بعد الهوان.

قال تعالى: ]واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك[ [آل عمران: 103].

  وقال تعالى: ]واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون[ [الأنفال: 26].

* فلم يفتأ الصحابة الكرام y أجمعين: في محبة، ومودة، ووئام، وتعاطف، وتراحم، وسلام؛ كما وصفهم الله تبارك وتعالى: ]محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم[ [الفتح: 29]، حتى خلافة: «عثمان بن عفان t»، حيث نشط الخوارج برئاسة: «عبد الله بن سبإ»([12])، واجتهدوا في الكيد للمسلمين، والمكيدة.

* فلم يرق لهم هذا الاتفاق والالتحام، ولم يهدأ لهم به بال، ورأوا أن لا فائدة لهم في المقاومة العلنية، وأن لا طاقة لهم بذاك، ففكروا في تلك السنة الخبيثة وهي: «الخروج»، فكريا وحسيا، اللهم غفرا.

* وكان هذا المنافق الخارجي مغرما بمعاداة المسلمين، وفتنتهم عن دينهم.

* وكان يكره المسلمين كرها شديدا، وكان سرمدا حريصا على إهلاك أتباع النبي r، وتمزيقهم كل ممزق.

* فرأى هذا الخبيث أن أنجح وسيلة، وأسرع طريقة للقضاء على المسلمين هي: «الخروج»؛ فكريا وحسيا؛ بإفساد عقيدة المسلمين الصحيحة تجاه ولاة أمور المسلمين، وبث الأفكار السياسية المنحرفة بين صفوفهم. ([13])

* فعزم: «ابن سبإ» على دخول الإسلام نفاقا، وأظهر هاتيك الدعاوى الباطلة، من التأليب على: «عثمان بن عفان t»، ومن ادعاء الوصية: لـ«علي بن أبي طالب  t»، إلى أن انتهى بألوهيته.

* فخطط للخروج على: «عثمان بن عفان t»، هو وأشياعه لنشر الفتن في الأرض طولها وعرضها، وبالغوا في التخطيط حتى عم شرهم، فكان فتنة للقلوب، وتلفا للنفوس، وفتحا لأبواب الفتن ما ظهر منها وما بطن، إلا من رحمه الله منها ممن هدي إلى التفقه في الدين على منهج السلف الصالح.

* وبدأت فتنة: «الخروج الفكري»، و«الخروج الحسي» معا، الذي كان منبعه من: «ابن سبإ»، وكان ينتقل في بلدان المسلمين، وهو جاد في السعي في تضليلهم حتى استقر به المقام في: «مصر» ([14])، فقاد الفتنة، وأشعل نارها، محادة لله تعالى ورسوله r، واقتنعت بخروجه الفكري عصابات سوء وشر؛ من أن: «عثمان t»، ارتكب أفعالا منكرة، ومظالم ظاهرة... ثم في شهر شوال في أيام الحج دخلوا على «عثمان بن عفان t»، فوصل إليه: «كنانة بن بشر التجيبي» فقتله... فكانت المصيبة الكبرى التي أعقبتها مصائب تترى إلى يومنا هذا... وأن السبب الأول فيها: «الخروج الفكري»، الذي تجلى في نشر الكذب، وتزوير القول الذي زوره: «الخوارج»؛ ليكسبوا أوباش الناس، ورعاعهم إلى صفوفهم، ومن ثم المشاركة في الفتنة: «بالخروج الحسي»؛ كما علمت، وعند الله تجتمع الخصوم. ([15])

* ثم ما لبث أن ظهرت: «فرقة الخوارج»، بتلك الصورة البارزة.

* ومن اعتقادهم: الخروج على ولاة أمر المسلمين، والله المستعان.

* ورأس الخوارج هو: «ذو الخويصرة»، المذكور في حديث أبي سعيد الخدري t قال: (بينما نحن عند رسول الله r وهو يقسم قسما: أتاه ذو الخويصرة -وهو رجل من بني تميم- فقال: يا رسول الله، اعدل، فقال r: ويحك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟).([16])

* وكان أول خارجي: هو «ذا الخويصرة»، وهو إمام الخوارج قديما وحديثا، وهو الذي يحمل وزر هذه الفرقة؛ لأنه أول من سن جريمة الخروج على الإمام: بـ«الكلمة»، نعوذ بالله من الخذلان.

* فيحمل وزره، ومثل أوزار أتباعه من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئا.

قال الحافظ الذهبي / في «التمسك بالسنن» (ص24): (فأول ذلك: بدعة الخوارج، حتى قال أولهم للنبي r: اعدل). اهـ

وقال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص90): (وأول الخوارج، وأقبحهم حالة: «ذو الخويصرة»...، فهذا أول خارجي خرج في الإسلام، وآفته أنه رضي برأي نفسه، ولو وقف لعلم أنه: لا رأي فوق حكم رسول الله r). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص283): (أما الخوارج، فهم جمع: خارجة، أي: طائفة، وهم: قوم مبتدعون، سموا بذلك: لخروجهم عن الدين، وخروجهم على خيار المسلمين). اهـ

* وهذه الفرقة من الفرق التي ما برح أثرها يظهر في العالم بين حين وحين، بصورة جماعات تدعي الإصلاح والتدين، وتعادي من لم يعتنق أفكارها، وربما يتطرق الحال معهم إلى استعمال القوة في المجتمع، اللهم غفرا.

* وتمتد فتنة: «الخروج الفكري»، و«الخروج الحسي» جنبا إلى جنب، ويرثها اللاحقون عن السابقين؛ فما أن انتهى: «الخوارج السبئيون» من الجريمة الكبرى، وذلك بقتل الخليفة الراشد: «عثمان بن عفان t»، إلا وأعقبتها فتنة: «الحرورية»، التي جمعت بين: «الخروج الفكري»، و«الخروج الحسي».

* ويا لله كم من إفساد عاثه: «الخوارج» في الأرض من تضليل للناس، وخداع لهم، وهو: «الخروج الفكري»، الذي انتقلوا من بثه ونشره إلى إحداث: «الخروج الحسي»، الذي كان من كبرى مصائبه، وأليم أحداثه بعد مقتل الخليفة: «عثمان بن عفان t» - هو مقتل: «علي بن أبي طالب t»، حيث قتله عدو الله: «ابن ملجم» رجل من شرار الخوارج، قتله وهو خارج لصلاة الصبح في رمضان: «سنة ثمان وثلاثين»، للهجرة النبوية.

* وحيث إن: «الخروج الفكري»، يأتي بأساليب قددا، وأشكال مختلفة، وصور متباينة؛ كصورة: «الخروج الحسي»، في كل زمان ومكان، وكثيرا ما يجتمع الشقيقان؛ كما هو معروف في تاريخ أصحاب الأهواء والبدع.

* فإنه قد ظهرت: فرقة خارجية بعد أولـٰئك الخوارج، بفكرها المنحرف اللئيم، هي: «فرقة القدرية» -نفاة القدر-، ظهرت هذه الفرقة في آخر عهد الصحابة بزعامة الضال المضل: «معبد الجهني»؛ الذي مات مقتولا سنة: «ثمانين» من الهجرة، بسبب فكره الخبيث.

* وهذا، وقد جاءت بعد هذه الفرقة ذات التاريخ المظلم المؤلم: فرقة خارجية؛ ألا وهي: «فرقة المعتزلة»، أتباع زعيمها الضال: «واصل بن عطاء»، الذي كان في زمن الإمام: «الحسن البصري» /، ومن جلسائه، ثم إنه زاغ قلبه، والعياذ بالله.([17])

* وكان اعتقاد: «المعتزلة»، الخروج على ولاة أمر المسلمين؛ على أنه من باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!.

* ثم ظهرت: فرقة خارجية تدعي حب آل البيت، هي من أخبث الفرق على الإطلاق، ومن أشدها خروجا بعقائدها الفاسدة، وأفكارها المنحرفة التي لا تمت إلى الإسلام بصلة؛ لا في أصوله، ولا في حقوقه، ولا في فروعه، بل إنها تخالف المسلمين في كل شيء، ألا وهم: «فرقة الروافض»؛ الذين يجمعون لمن سواهم بين الخروجين: «الفكري والحسي»، نعوذ بالله من الخذلان.

* وتمتد فتنة: «الخروج الفكري»، و«الخروج الحسي»، فقد ظهرت فرقة خارجية بعد أولـٰئك؛ ألا وهي: «فرقة الصوفية»، تدعي حب النبي r، وهي من أخبث الفرق بعد: «فرقة الروافض».

* ثم هكذا انتشر: «الخروج الفكري»، مؤيدا: بـ«الخروج الحسي»، فظهرت فرقة خارجية؛ ألا وهي: «فرقة الأشاعرة»، ولها عقائد فاسدة، وأفكارها سياسية منحرفة، ودعواهم العريضة؛ أنهم هم: «أهل السنة والجماعة»، ومن عداهم هالكون.

* وتمتد فتنة: «الخروج الفكري»، و«الخروج الحسي»، جنبا إلى جنب، ويرثهما اللاحقون عن السابقين؛ فما أن تنتهي فرقة إلا خرجت فرقة أخرى.

* فظهرت: «الجماعات الحزبية»، وهي امتداد للفرق القديمة، وفروع لها([18])، وكل جماعة من هذه الجماعات لها فكر، وخطوط، ومنهج ابتكره، ونظمه: مؤسسوها ودعاتها، وكل جماعة من تلك الجماعات لها كذلك أفكار متعددة، ومناهج مختلفة، وأساليب خاصة؛ على أن تلك الأفكار، وتلك المناهج، والأساليب: لم تستمد من نصوص الوحيين، وإنما مصدرها: الهوى الذي يعقبه الردى، والتقليد الأعمى الذي يزحزح صاحبه عن الطريق الأسمى، مع العلم أن كل حزب من تلك الأحزاب: يدعي أنه صاحب الحق، ورجاله رجال الجهاد في سبيل رفع راية الإسلام.

* فكان لأفكارهم، ومناهجهم؛ على اختلاف اتجاهاتهم: تأثير على قلوب، وعقول كثير من: «الرعاع والهمج» ذكورا وإناثا، وذلك لكثرة الدعايات الصادرة منهم في وسائل النشر، من تأليف الكتب، وإصدار النشرات، وإلقاء المحاضرات والندوات، وكلها تلهب المشاعر، فيثور أهلها، فيركبون متن عمياء، ويخبطون خبط عشواء، استجابة لنداءات دعاة الضلالة، ولو ترتب على ذلك شيء من: «سفك الدماء»، و«انتهاك الأعراض»، و«انتشار الفوضى»، و«الفساد في الأرض»، وهم: مع ذلك يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وكفى بذلك: خروجا حسا وفكرا.

* ويا ليت هؤلاء بذلوا جهودهم في نشر تعاليم الإسلام بين محتاجيه: عقيدة، وعبادة، ومعاملة، وخلقا، وسلوكا، وأدبا، بقدر ما يستطيعون، متخذين من القرآن الكريم منهجا، ومن السنة الصحيحة مدخلا ومخرجا، قبل أن يشهروا على الناس أفكارهم الحزبية... وهم بهذا الصنيع يشوهون سمعة: «الدعوة السلفية»، ويفتحون نوافذ الذم، بل أبوابها على مصاريعها لأعداء: «الدعوة السلفية».

* إن هذا النوع من الناس: قد تنكبوا جادة الحق في معاملتهم للناس على اختلاف طبقاتهم، ولم يسلم من شرهم أحد من الناس في أوطانهم في الجملة؛ إلا من كان متقيدا بخطط التنظيم: «الحزبي الحركي»، الذي يهدم، ولا يبني، ويفسد، ولا يصلح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

* فالموضوع، وهو تحريم الخروج على الحكام، من الأمور الخطيرة على الناس في بلدانهم.

* ولا ترجع أهمية هذا الكتاب: إلى مجرد كونه دراسة لفرقة الخوارج القديمة، بل ترجع أهميته كذلك إلى كونه دراسة لفرق تمثل: «حركة ثورية»، سياسية: «فكريا أو حسيا»، في العصر الحاضر، شغلت الدول العالمية فترة طويلة من الزمن، بل ولا يزال وجودهم القوي إلى اليوم، كما سبق ذكرهم.

* أضف إلى ذلك: أنهم بسطوا نفوذهم السياسي على بقاع واسعة من الدول الإسلامية؛ باسم: «الأعمال الخيرية»، و«الأعمال السياسية»([19])، تحت: «جمعيات إسلامية»، متسترة في المشرق والمغرب، ولا يزال لهم وجودهم، ولا تزال لهم ثقافتهم البدعية المتمثلة في كتبهم، وأشرطتهم، ومجلاتهم، وجرائدهم المنتشرة في العالم.

* ولا يخفى علينا كذلك: أن بعض أفكار الخوارج -ولا سيما الأزارقة- المتعلقة بتكفير المجتمعات والعصاة، ولا يخفى أن هذه الأفكار يعتنقها بعض الناس في العصر الحاضر، فيتساهلون في تكفير الناس لأدنى سبب، الأمر الذي يحتاج إلى كشف هذه الفرق الخارجية العصرية، وبيان حكم الإسلام فيها.

* لأنه لا زال مرجل الخوارج يغلي، وخوارج اليوم هم خوارج الأمس، حذو القذة بالقذة: ]ولكن أكثر الناس لا يعلمون[ [الأعراف: 187].

قال الإمام ابن هبيرة الوزير / في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (ج1 ص280): (وإنما ذكر هذه: لئلا يرى أحد في وقت ظهور مثلهم أن قتال المشركين أولى من قتالهم، بل قتالهم على هذا الكلام أولى من قتال المشركين؛ لأن في ذلك: حفظ رأس مال الإسلام، وقتال المشركين: هو طلب ربح في الإسلام). اهـ

قلت: فما إن استقام المائل، وأمن السائل، وزالت الغوائل، وسكن النقع، وهدأ الروع، واستفاض الأمن، وذهب الحزن، وانحسم الداء، وانكشف البلاء، واعتدل الميل، وذهب الوجل، وثقف القاسط، وأرضي الساخط، وهدأت الفتنة، وزالت المحنة، وسكنت الدهماء، وخبت نار الهيجاء، ووضعت الحرب أوزارها، وأخمدت البأساء أوارها... إلا ووظيفة الخوارج: تمزيق ما استقام، وإفساد ما صلح... اللهم غفرا. ([20])

* لأن الخوارج قديما وحديثا قوم سوء، ودعاة فتنة، وراية تفرق. ([21])

* ومنذ أن ظهروا لم ينقطعوا، فلا يخلو منهم الزمان، حتى يكون آخرهم من يخرج مع: «الدجال».

* وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله r، وآثار السلف الصالح: بالتحذير منهم، وذمهم ([22])، ومحاربتهم، وإيقاع العقوبة عليهم.

* ولذلك قاتلهم صحابة رسول الله r، ومن جاء بعدهم من الولاة على مر العصور وكر الدهور. ([23])

* وقد أجمع العلماء: على وجوب قتال الخوارج متى خرجوا على الحاكم، وخالفوا رأي الجماعة، وشقوا عصا الطاعة بعد إنذارهم. ([24])

* والخوارج: في كل زمان ومكان، بينهم رحم تنزع بالشبه، فقلوبهم متشابهة، وألسنتهم متشابهة، وأفعالهم متشابهة. ([25])

* وإذا تأملت ما كان يطرحه الخوارج آنذاك، ورأيت ما يطرحه خوارج هذا العصر: حضر في ذهنك قول الله تعالى: ]تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون[ [البقرة: 118].

* لذا هجموا على المسلمين بوسائل كثيرة، وأساليب([26]) متنوعة، وقوة فكرية سياسية في كل اتجاهاتهم، فقد حاولوا أن ينقضوا عرى السنة عروة عروة، فأدخلوا التلبيسات على المسلمين في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وطعنوا في الحكام، والعلماء، وطلبة العلم.

* وكانت أعظم طعنة طعنوا بها أهل الإسلام؛ هي: طعنة نشر: «الإرهاب الفكري»، و«الإرهاب الحسي» في بلاد المسلمين.

* والقرآن الكريم، والسنة النبوية: كفيلان بكشف وفضح هذا الإجرام.

قال تعالى: ]وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين[ [الأنعام: 55].

* فهو تفصيل ربنا الذي يعلم السر وأخفى، والذي يعلم خائنة الأعين.

وجاءت هذه الآية: تبين أن التحذير من أصحاب الأهواء ضرورة حتمية. ([27])

* ولذلك حذر منهم النبي r، وأمر بقتالهم، ولذلك قاتلهم الصحابة ومن معهم من السلف الصالح تحذيرا من فتنتهم، وإليك الدليل:

عن جابر بن عبد الله t قال: أتى رجل -وهو: ذو الخويصرة الخارجي- رسول الله r بالجعرانة، منصرفه من حنين، وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله r يقبض منها يعطي الناس، فقال: يا محمد، اعدل([28])، قال: «ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل»، فقال عمر بن الخطاب t: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق، فقال r: «معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرءون القرآن، لا يجاوز حناجرهم([29])، يمرقون([30]) منه كما يمرق السهم من الرمية».([31])

وعن أبي سعيد الخدري t قال: -وذكره مطولا- وفيه: (فقام رجل غائر([32]) العينين، مشرف الوجنتين([33])، ناشز الجبهة([34])، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال: يا رسول الله، اتق الله، فقال r: «ويلك، أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله»، قال: ولى الرجل... ثم نظر إليه وهو مقف([35])، فقال: «إنه يخرج من ضئضئ([36]) هذا قوم يتلون كتاب الله([37]) رطبا([38]) لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية... لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود([39])».([40])

وفي رواية: «سيخرج أناس يقولون مثل قوله».

قلت: فهو عليه الصلاة والسلام، يريد قتل ذرية ذلك الرجل الخارجي، وفروعه قديما وحديثا، أفلا ترى عليه الصلاة والسلام: لو تمكن، وقدر على قتلهم؛ لفعل عليه الصلاة والسلام.

* وفي الحديث: الحث على قتالهم، وأن يكون قتلا عاما متأصلا.

قال الإمام ابن هبيرة الوزير /: (وفي الحديث: أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة فيه: أن قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح، وحفظ رأس المال: أولى) ([41]).اهـ

* وفي رواية: عند مسلم في «صحيحه»([42]) (ج2 ص744): «دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية... آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة -أو مثل البضعة- تتدردر([43])، يخرجون على حين فرقة».([44])

قال أبو سعيد الخدري t: (فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله r، وأشهد أن علي بن أبي طالب t قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد، فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله r الذي نعت).

وعن أبي سعيد الخدري t عن النبي r: «إن من ضئضئ هذا، قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد».([45])

قال أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ص109): (قوله: «يمرقون» يخرجون، كما قد فسره في الحديث الآخر.

وبهذا اللفظ سموا: المارقة، والخوارج؛ لأنهم مرقوا من الدين، وخرجوا على خيار المسلمين... ومقصود هذا التمثيل: أن هذه الطائفة خرجت من دين الإسلام، ولم يتعلق بها منه شيء، كما خرج هذا السهم من هذه الرمية، الذي لشدة النزع، وسرعة السهم، سبق خروجه: خروج الدم، بحيث لا يتعلق به شيء ظاهر، كما قال: «سبق الفرث والدم»، وبظاهر هذا التشبيه تمسك: من حكم بتكفيرهم من أئمتنا، وقد توقف في تكفيرهم كثير من العلماء، لقوله r: «فيتمارى في الفوق»، وهذا يقضي بأنه يشك في أمرهم فيتوقف فيهم، وكأن القول الأول أظهر من الحديث -يعني: بتكفيرهم-، فعلى القول بتكفيرهم: يقاتلون، ويقتلون، وتسبى أموالهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج، وعلى قول من لا يكفرهم: لا يجهز على جريحهم، ولا يتبع منهزمهم، ولا يقتل أسراهم، ولا تستباح أموالهم، وكل هذا إذا خالفوا المسلمين، وشقوا عصاهم، ونصبوا راية الحرب...).اهـ

قلت: في الحديث الحث على قتالهم... إذا هم أظهروا رأيهم، وتركوا الجماعة، وخالفوا الأئمة مع القدرة على قتالهم. ([46])

* والتألف إنما كان في أول الإسلام، إذ كانت الحاجة ماسة لذلك؛ لدفع مضرتهم، فأما إذا أعلى الله الإسلام؛ فلا يجب التألف، إلا أن تنزل بالناس حاجة لذلك، فللإمام أن يوقت لذلك، كما فعل النبي r، مع: «ذي الخويصرة»، تركه ولم يقتله تألفا.

قال الإمام النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج7 ص159): (قوله r: «يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم»، قال القاضي: فيه تأويلان:

أحدهما: معناه: لا تفقهه قلوبهم، ولا ينتفعون بما تلوا منه: ولا لهم حظ سوى تلاوة: الفم، والحنجرة، والحلق؛ إذ بهما تقطيع الحروف.

والثاني: معناه: لا يصعد لهم عمل، ولا تلاوة، ولا يتقبل). اهـ

فالمعنى: أن قراءتهم لا يرفعها الله، ولا يقبلها، فكأنها لم تتجاوز حلوقهم... وأنهم لا يعملون بالقرآن، ولا يثابون على قراءته، فلا يحصل لهم غير القراءة.

وقال الإمام القرطبي / في «المفهم» (ج3 ص114): (وقوله: «يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان»؛ هذا منه r: إخبار عن أمر غيب، وقع على نحو ما أخبر عنه، فكان دليلا من أدلة نبوته r، وذلك: أنهم لما حكموا بكفر من خرجوا عليه من المسلمين، استباحوا دماءهم، وتركوا أهل الذمة، وقالوا: نفي لهم بذمتهم، وعدلوا عن قتال المشركين، واشتغلوا بقتال المسلمين عن قتال المشركين.

* وهذا كله من آثار عبادات الجهال، الذين لم يشرح الله صدورهم بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق، ولا صحبهم في حالهم ذلك توفيق). اهـ

وعن أبي سعيد الخدري t، عن النبي r قال: «يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه»، قيل: ما سيماهم؟، قال: «سيماهم التحليق([47])، -أو قال: التسبيد([48])».([49])

وقوله r: «ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه»، فهذا الحديث أخرجهم من الإسلام؛ لأن السهم لا يعود إلى فوقه بنفسه أبدا. ([50])

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج3 ص611): (وقد يتعلق بظاهر هذا الحديث، من يرى تكفيرهم). اهـ

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج7 ص152): (الضئضئ: الأصل، يريد: أنه يخرج من نسله الذي هو أصلهم، أو يخرج من أصحابه وأتباعه الذين يقتدون به، ويبنون رأيهم ومذهبهم على أصل قوله.

والمروق: الخروج من الشيء، والنفوذ إلى الطرف الأقصى منه.

والرمية: هي الطريدة التي يرميها الرامي). اهـ

وعن أبي سعيد الخدري t قال: أن النبي r ذكر قوما، يكونون في أمته: يخرجون في فرقة من الناس، سيماهم التحالق([51])، قال: «هم شر الخلق -أو من أشر الخلق- يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق».([52])

وعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين([53])، يقتلها أولى الطائفتين بالحق([54])».([55])

قال الإمام المازري / في «المعلم بفوائد مسلم» (ج2 ص25): (قال أبو سعيد الخدري: سمعت رسول الله r يقول: «يخرج في هذه الأمة -ولم يقل: منها- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم...» الحديث، هذا من أدل الشواهد على سعة فقه الصحابة y، وتحريرهم الألفاظ، وفي تنبيه الخدري t  على التفريق بين: «في»، و «من»؛ إشارة حسنة إلى القول: «بتكفير الخوارج»؛ لأنه أفهم بأنه لما لم يقل: «منها»، دل على أنهم ليسوا من أمته r.

* وهذا وإن لم يكن مما يعتمد عليه؛ فإنه قد أحسن ما شاء في تنبيهه على هذا اللفظ، وإن كان قد روى أبو ذر t، بعد هذا، فقال: قال r: «إن بعدي من أمتي، أو سيكون بعدي من أمتي...» الحديث). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص289): (وفيه إشارة من أبي سعيد الخدري إلى: «تكفير الخوارج»، وأنهم: من غير هذه الأمة). اهـ

قلت: وذلك، من قوله: «يخرج في هذه الأمة»، ولم يقل: منها.

قال الإمام النووي /: (وفيه دلالة على فقه الصحابة، وتحريرهم الألفاظ)([56]). اهـ

وعن علي بن أبي طالب t قال: سمعت رسول الله r يقول: «سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان([57])، سفهاء الأحلام([58])، يقولون من خير قول البرية([59])، يقرؤون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم([60])، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم، عند الله يوم القيامة».([61])

* وفي رواية؛ البخاري: «لا يجاوز إيمانهم حناجرهم([62])، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».

* وفي رواية؛ لمسلم: «لا تجاوز صلاتهم تراقيهم»، فكأنه أطلق الإيمان على الصلاة.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص288): (فكأنه أطلق الإيمان على الصلاة... والمراد: أنهم يؤمنون بالنطق لا بالقلب). اهـ

وقال الإمام النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج7 ص169): (قوله r: «فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا»، هذا تصريح بوجوب قتال الخوارج، والبغاة، وهو إجماع العلماء.

قال القاضي: أجمع العلماء على أن الخوارج، وأشباههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام، وخالفوا رأي الجماعة، وشقوا العصا وجب قتالهم بعد إنذارهم والاعتذار إليهم.

قال تعالى: ]فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله[ [الحجرات: 9]؛ لكن لا يجهز على جريحهم، ولا يتبع منهزمهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا تباح أموالهم، وما لم يخرجوا عن الطاعة، وينتصبوا للحرب لا يقاتلون بل يوعظون، ويستتابون من بدعتهم وباطلهم، وهذا كله ما لم يكفروا ببدعتهم، فإن كانت بدعة مما يكفرون به جرت عليهم أحكام المرتدين). اهـ

وقال الإمام ابن هبيرة، الوزير / في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (ج1 ص149): (فيه -يعني: حديث علي t- من الفقه: توفر الثواب في قتل الخوارج، وأنه بلغ إلى أن خاف علي t أن يبطر أصحابه إذا أخبرهم بثوابهم في قتلهم، وإنما ذكر هذه لئلا يرى أحد في وقت ظهور مثلهم، أن قتال المشركين أولى من قتالهم، بل قتالهم على هذا الكلام أولى من قتال المشركين؛ لأن في ذلك حفظ رأس مال الإسلام، وقتال المشركين، هو طلب ربح في الإسلام) ([63]). اهـ

وقال الإمام ابن هبيرة، الوزير / في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (ج1 ص262): (وفيه أن قراءة القرآن مع اختلال العقيدة: غير زاكية، ولا حامية صاحبها من سخط الله عز وجل، وأن ذلك قمن جدير أن يكون في حدثاء الأسنان، وعند سفهاء الأحلام، وأنه يكثر في آخر الزمان، وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية). اهـ

وقال الإمام ابن هبيرة، الوزير / في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (ج1 ص262): (وفي هذا الحديث أيضا: دليل على جواز قتل من خرج ببدعة على الإمام، وصار له حزب وشوكة، وفيه أيضا: دليل على أن قتلهم فيه أجر لمن قتلهم).اهـ

قلت: وأخبر النبي r عن خاصية أخرى من خصائص هذه الطائفة، وهذه الخاصية هي: حداثة السن، فقال r: «أحداث الأسنان»، والأحداث: جمع حدث، أو حديث، أي: جديد، والمراد: حداثة السن، أي: أن هؤلاء القوم صغار الأسنان؛ يعني: أنهم شباب، وليس الشباب حديثو السن مثل كبار السن في رجاحة العقول، ومعرفة الأمور، فإن حداثة السن أقرب إلى أن يصاحبها بشيء من الطيش، والتسرع، وعدم الروية في الأمور، كما أنها تكون محلا للفساد عادة، فهي محل للتسرع وراء رغبة النفس، وميلان الهوى، وجنوح الفكر، دون نظر إلى عواقب الأمور، وفعلا تميز هؤلاء القوم بأنهم كانوا شبابا.

* ثم زاد الصفة المتقدمة، وهي حداثة السن، بما يؤكد مدلولها في قصر النظر، وضعف الفهم، فقال r: «سفهاء الأحلام»، فالسفيه ضد الرشيد، والأحلام: جمع حلم بكسر الحاء، يعني: العقول، فالمعنى: أن عقولهم رديئة، وقد جانبوا الرشد، وضلوا عن الصواب، وتاهوا عن الطريق.

قلت: ثم أشار هذا الحديث الشريف إلى نكتة، بليغة، دقيقة، في غاية الدقة، فهي مع ما فيها من الإيجاز، والاختصار: تبين مذهب الخوارج، وتفضح معتقدهم، فقال r: «يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم»، ففي هذا إشارة إلى مذهبهم الباطل؛ فقد كان كلامهم يدعو إلى التمسك بالإسلام، وإلى إخلاص العمل لوجه الله....

* ثم بين r ضعف إيمانهم، وعدم تمسكهم بالدين بقوله: «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»([64])، فشبه دخولهم في الدين، ثم خروجهم منه: بمروق السهم من الرمية.

قلت: وبعد أن ذكر رسول الله r في هذا الحديث -وغيره- صفات الخوارج ومذهبهم، بين موقف المسلمين الواجب عليهم تجاه هؤلاء الخوارج، ومن سلك طريقهم، فقال في آخره: «فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة»، فهذا بيان لشدة خطر الخوارج وضلالهم، حيث أمر الرسول r: بقتلهم أينما وجدوا. ([65])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص301): (وفيه -يعني: الحديث- أن من المسلمين من يخرج من الدين، من غير أن يقصد الخروج منه، ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام، وأن الخوارج شر الفرق المبتدعة من الأمة المحمدية، ومن اليهود والنصارى). اهـ

وعن عبيدة السلماني عن علي بن أبي طالب t قال: (ذكر الخوارج، فقال: «فيهم رجل مخدج اليد([66])، أو مودن اليد([67])، أو مثدون اليد([68])، لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم... »، على لسان محمد r، قال: قلت: أنت سمعته من محمد r، قال: إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة).([69])

وعن زيد بن وهب الجهني؛ أنه كان في الجيش الذين كانوا: مع علي بن أبي طالب t، الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي بن أبي طالب t: أيها الناس إني سمعت رسول الله r يقول: «يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية... فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام، وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم...). ([70])

وعن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله r، أن الحرورية([71]): لما خرجت، وهو مع علي بن أبي طالب t، قالوا: لا حكم إلا لله، قال علي بن أبي طالب t: كلمة حق أريد بها باطل([72]): إن رسول الله r، وصف ناسا، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء: (يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم -وأشار إلى حلقه- من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود إحدى يديه طبي شاة([73]) أو حلمة ثدي، فلما قتلهم علي بن أبي طالب t، قال: انظروا، فنظروا فلم يجدوا شيئا، فقال: ارجعوا فوالله ما كذبت، ولا كذبت، مرتين، أو ثلاثا، ثم وجدوه في خربة([74])، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه). ([75])

قال الإمام ابن هبيرة، الوزير / في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (ج1 ص280): (فيه -يعني: حديث علي t- من الفقه: توفر الثواب في قتل الخوارج، وأنه بلغ إلى أن خاف علي t أن يبطر([76]) أصحابه إذا أخبرهم بثوابهم في قتلهم، وإنما ذكر هذه لئلا يرى أحد في وقت ظهور مثلهم، أن قتال المشركين أولى من قتالهم، بل قتالهم على هذا الكلام أولى من قتال المشركين؛ لأن في ذلك حفظ رأس مال الإسلام، وقتال المشركين هو طلب ربح في الإسلام). اهـ

وقال الإمام ابن هبيرة، الوزير / في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (ج1 ص279): (في هذا الحديث: أن القائل قد يقول كلمة الحق، ويكون مقصوده بها الباطل.

* وفيه: دليل على صدق نبوة نبينا r، من جهة أنه أخبر: بما يكون بعده، فكان كما قال). اهـ

وعن أبي ذر t قال: قال رسول الله r: «إن بعدي من أمتي قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه([77])، هم شر الخلق والخليقة».([78])

قال الإمام ابن هبيرة، الوزير / في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (ج2 ص189): (قوله r: «لا يعودون فيه»؛ قد جاء هذا المعنى صريحا، في أحاديث علي t، وذكر أنهم الخوارج، فإن كان معناها في غيرهم فإنه يلحق بهم.

وقوله r: «لا يعودون فيه»؛ فإن هذا مما نخاف منه كثيرا على أهل البدع، فإن كل مبتدع بدعة لا يرى أنه فيها على ضلال، فيعود إلى الحق، وليس في الذنوب ذنب لا يستغفر منه صاحبه إلا البدعة؛ لأنه يراها دينا، وقربة: فهو لا يستغفر منها، ولا أرى هذا ينصرف -إلا- إلى أهل البدع، فإنهم يخرجون من الدين بالبدعة، ثم لا يعودون إليه؛ لأنهم لا يرون قبح ما هم عليه من الضلالة). اهـ

وعن يسير بن عمرو قال: سألت سهل بن حنيف t، هل سمعت النبي r يذكر الخوارج، فقال: سمعته -وأشار بيده نحو المشرق-: «قوم يقرءون القرآن بألسنتهم، لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».([79])

وعن سهل بن حنيف عن النبي r قال: «يتيه([80]) قوم قبل المشرق محلقة رؤوسهم».([81])

وعن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: «يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم، فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم».([82])

وعن أنس بن مالك t أن رسول الله r قال: «إن فيكم قوما يتعبدون حتى يعجبوا الناس، وتعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».([83])

قلت: فالقوم يحسنون القول، ويسيئون الفعل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وعن أبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك ، عن رسول الله r قال: «سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القول، ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتد على فوقه([84])، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم، قالوا: يا رسول الله، ما سيماهم؟ قال: التحليق».([85])

قلت: وقوله r: «هم شر الخلق والخليقة»، في هذا اللفظ دلالة لمن قال بتكفيرهم، لأنه r نسبهم إلى شر الخلق، وهذا الأمر لا يكون إلا من الكافر. ([86])

قال الإمام ابن العربي / في «عارضة الأحوذي» (ج9 ص38): (قوله r: «يمرقون من الدين»؛ أي: يخرجون عنه بسرعة بعد أن كانوا فيه، فإنهم شهدوا شهادة الحق، ثم خالفوها بالاعتقاد والعمل). اهـ

وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج3 ص609): (قوله r: «يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية»؛ أي: يخرجون منه خروج السهم، إذا نفذ الصيد من جهة أخرى، ولم يتعلق به شيء منه). اهـ

وقال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج10 ص226): (قوله r: «لا يجاوز تراقيهم»؛ أي: لا يقبل، ولا يرفع في الأعمال الصالحة). اهـ

قلت: فإذا لم يرفع لهم أي عمل، فهم كفار، والله المستعان.

وقال صدر الدين السلمي / في «كشف المناهج» (ج5 ص204): (ويمرقون، أي: يخرجون، والدين: الإسلام). اهـ

وقال الإمام حرب الكرماني / في «المسائل» (ص364): (وأما الخوارج فمرقوا من الدين، وفارقوا الملة، وشردوا من الإسلام، وشذوا عن الجماعة، وضلوا عن سبيل الهدى، وخرجوا على السلطان والأئمة، وسلوا السيف على الأمة، واستحلوا دماءهم وأموالهم، وكفروا من خالفهم؛ إلا من قال بقولهم، وكان على مثل رأيهم، وثبت معهم في دار ضلالتهم). اهـ

قلت: ومن هنا يعلم خطأ، وانحراف كثير من أشياع الأحزاب من الشباب المتحمس؛ لإنكار المنكر، فسرعان: ما نجده يتبع الشعارات الحزبية، واللافتات البدعية، بمجرد سماعه لها، أو لأصحابها الحزبية من ذوي العاطفة الجياشة، ممن يزعم أنه يريد الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، أو يظهر منه بعض علامات الصلاح، فالله الله يا شباب الإسلام لا يغرنكم البرقة فإنها فجر كاذب، فهو يبرز ويضمحل، وعليكم بطريق السلف الصالح ومن اتبعهم بإحسان من أهل العلم، فاقتدوا بهم في أقوالهم وأفعالهم، ولا يستهوينكم الشيطان وجنوده، من الإنس والجن، وامتثلوا بقوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59]، وقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43]، والزيغ عن طريق السلف الصالح، وأهل العلم، والطعن فيهم: هو من أكبر أسباب الضلال، والضعف، والانحراف في هذه الأمة، والنكبات التي تعيشها اليوم، وما أكثرها: ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وعن أبي سعيد الخدري t قال: سمعت رسول الله r يقول: «إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله»، قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: «لا»، قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: «لا، ولكن خاصف النعل»)([87]). وكان أعطى عليا نعله يخصفه.

وفي رواية: «والله ليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للإيمان، فيضربكم على الدين، أو يضرب بعضكم». يعني: الخوارج.

قلت: وفي هذا الحديث قرن النبي r: قتال المؤولة، وغيرهم من أهل البدع؛ بقتال الكفار، فهل نحن متشددون في الرد عليهم باللسان والبيان؟، اللهم غفرا.

* فرسول الله r قد أمرنا بقتال الخوارج، كما جاء في الأحاديث الآنفة الذكر، بل قد ساوى قتالهم بقتال الكفار. ([88])

* وهذا قول رسول الله r في الخوارج؛ فما بالك بمن حمل مع بدعة الخوارج بدعا أخرى؟!.

* علما بأن الخوارج كانوا أهل عبادة وتخشع، كما وصفهم رسول الله r في الأحاديث الآنفة الذكر، ولكن ما ينفعهم ذلك والأصل فاسد، فيأتي أحدهم يوم القيامة بحسنات كالجبال، فتذهب هباء منثورا.

قال تعالى: ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا[ [الفرقان: 23].

ولذلك أقول: يجب على من أتى ببدعة الخوارج، أن يستتاب، أو يقتل، فإن كان الأمر دون قتله، فيكون الأولى حبسه، أو نفيه إلى أن يموت.

* وهكذا عمل معهم علي بن أبي طالب t، ومن معه من الصحابة y في عصره.

* ومما يدل على كفر الخوارج: تكفيرهم للمسلمين قديما وحديثا، ومن كفر المسلمين، فهو كافر بالنص.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص481)؛ عن الخوارج: (وهم أول من كفر أهل القبلة بالذنوب، بل بما يرونه هم من الذنوب، واستحلوا دماء أهل القبلة بذلك). اهـ

قلت: فلما حصل منهم ذلك، اتفق الصحابة الكرام: على أنهم كفار، وأنهم المعنيون في الأحاديث عن النبي r، واتفقوا على وجوب قتالهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص481): (ولذلك اتفق على قتالهم الصحابة والأئمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص483): (فلما شاع في الأمة أمر الخوارج، تكلمت الصحابة فيهم، ورووا عن النبي r الأحاديث فيهم، وبينوا ما في القرآن من الرد عليهم، وظهرت بدعتهم في العامة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص279): (والخوارج هم أول من كفر المسلمين، يكفرون بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله). اهـ

قلت: وهذه الصفات السيئة هي صفات الكفار والعياذ بالله، فقد أحدث الخوارج بدعة مكفرة لهم، بوصفهم أهل الإسلام بالكفر، يريدون بذلك إخراجهم من الإسلام، وعيبهم، والطعن عليهم، والوقيعة فيهم، والازدراء بهم عند أتباعهم الخوارج.

* فالخوارج تكلموا في تكفير أهل الذنوب من الأمة عموما، فقالوا: بأنهم كفار مخلدون في النار، وأحكامهم في الدنيا أحكام الكفار، ودارهم دار كفر، واستحلوا بذلك دماء المسلمين، وأموالهم، وقتالهم([89])، اللهم غفرا.

قلت: فالخوارج تشبهوا بالمشركين، والمبتدعين في رميهم أهل الإسلام بهذه المعائب، التي لم يوجد لها مكان فيهم فردت عليهم بحكم قول رسول الله r: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك».([90])

وقول رسول الله r: «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما».([91])

وقول رسول الله r: «أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما».([92])

وقول رسول الله r: «ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله».([93])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص466): (قوله: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه... »، أي: رجع، وهذا يقتضي أن من قال لآخر: أنت فاسق، أو قال له: أنت كافر، فإن كان ليس كما قال، كان هو المستحق للوصف...). اهـ

قلت: وأصل البوء اللزوم، أي: لزمته الكلمة، وهذا خروج من الاعتدال، والله المستعان.

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص128): (وقد حمل مالك حديث: «من قال لأخيه: يا كافر»، على الحرورية، المعتقدين لكفر المسلمين بالذنوب، نقله عنه أشهب). اهـ

قلت: ولقد توعد النبي r في الذي يتكلم بالباطل، ويرمي المؤمن بما ليس فيه.

فقال النبي r: «من خاصم في باطل، وهو يعلمه([94])، لم يزل في سخط الله حتى ينزع([95]) عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال([96])، حتى يخرج مما قال».([97])

قلت: ولذلك يجب الحذر من التعاون مع الخوارج المبتدعة، ومن مساعدتهم، والوقوف معهم في شيء، ومن توقيرهم.

قال الإمام الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص84): (إن الإيواء يجامع التوقير، ووجه ذلك ظاهر؛ لأن المشي إليه، والتوقير له: تعظيم له لأجل بدعته، وقد علمنا أن الشرع يأمر: بزجره، وإهانته، وإذلاله؛ بما هو أشد من هذا، كالضرب، والقتل، فصار توقيره صدودا عن العمل بشرع الإسلام، وإقبالا على ما يضاده وينافيه، والإسلام لا ينهدم؛ إلا بترك العمل به، والعمل بما ينافيه.

وأيضا فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين: تعودان على الإسلام بالهدم:

إحداهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير، فيعتقدون في المبتدع: أنه أفضل الناس، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته، دون اتباع أهل السنة على سنتهم.

والثانية: أنه إذا وقر من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء.

* وعلى كل حال، فتحيا البدع، وتموت السنن، وهو هدم الإسلام بعينه). اهـ

قلت: أما زماننا فقد اختلط فيه الأمر، وضاع الحق في الباطل؛ فلا تمييز بين سني، وبدعي: عند أكثر الناس.

* وترى الخارجي في زماننا يتصدر المنابر، وطاولات المحاضرات في الجوامع، ويتصدر رياسة الأعمال الخيرية، والكراسي الاجتماعية، ويركب السيارة الفاخرة، ويسكن البيت الواسع الفاخر، ويملك الأموال الكثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولو قلت لأحدهم: اتق الله واترك منهج الخوارج، ولا تجالس المبتدعة، لقال لك: اتق الله أنت، ولا تقع في أعراض الدعاة!، ألا تعلم بكثرة حسناتهم!.

قلت: وما أتاهم هذا إلا من جهلهم بمنهج، وعقيدة السلف، وانحراف مسلكهم عن جادة السلف.

* وحقيقة ما أعجب له: هو ما يفعله بعض المسلمين الذين ليس عندهم بصيرة في العلم الشرعي من: المدح والإطراء، في هؤلاء بحجة كثرتهم، ودعوتهم، ونفعهم للأمة الإسلامية -زعموا- وحقيقة أمرهم أنهم أعداء السنة.

قلت: علما؛ إذا كان الأصل فاسدا، فما ينفعه الفرع.

وعن ابن عمر ، أن رسول الله r قال: «ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع حتى يخرج في عراضهم الدجال»، وفي بعض النسخ: «أعراضهم».([98])

قوله r: «كلما خرج قرن»، أي: ظهرت طائفة منهم.

قوله r: «قطع»، أي: استحق أن يقطع، أي: كلما خرجت منهم خارجة أبيدت وأهلكت، ثم تخرج فتباد، وهكذا لا يزالون يخرجون فيبادون.

قوله r: «في عراضهم الدجال»؛ في خداعهم. ([99])

وقوله r: «في أعراضهم»؛ جمع: عرض بفتح وسكون، بمعنى الجيش العظيم، وهو مستعار من العرض، بمعنى: ناحية الجبل، أو بمعنى: السحاب الذي يسد الأفق.([100])

قلت: فهذا الحديث يدل على أن الخوارج يتناسلون، ويتوارثون عقائديا، فهم يأخذون مذهبهم الباطل خلفا عن سلف، لا ينتهون، ولا يفترون إلى أن يخرج فيهم الدجال، وهم من الفرق الضالة التي ذكرها النبي r في حديث الافتراق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص496): (فإنه r قد أخبر في غير هذا الحديث أنهم لا يزالون يخرجون إلى زمن الدجال، وقد اتفق المسلمون على أن الخوارج ليسوا مختصين بذلك العسكر). اهـ

وبوب عليه: الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص582): استمرار خروج الخوارج. ([101])

* فمن سنة الله تعالى التي لا تتخلف البتة في الخوارج، ومن يسير على منهجهم في التغيير، أن هؤلاء يظهرون بين الفينة والفينة، ثم يقطعون، وورد القطع: بصيغة المبني للمجهول، فيقطعون بالحجة والبرهان؛ من قبل علماء السنة والأثر والحديث، والتخويف والتهديد من قبل السلطان، أو بهما جميعا، أو بما يقضيه الله تعالى في سنته الكونية.

وعن شريك بن شهاب قال: كنت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب النبي r  أسأله عن الخوارج، فلقيت أبا برزة  في يوم عيد في نفر من أصحابه، فقلت له: هل سمعت رسول الله r يذكر الخوارج؟، قال: نعم، سمعت رسول الله r بأذني، ورأيته بعيني، أتي رسول الله r بمال، فقسمه، فأعطى من عن يمينه، ومن عن شماله، ولم يعط من وراءه شيئا، فقام رجل من ورائه، فقال: يا محمد، ما عدلت في القسمة -رجل أسود مطموم الشعر؛ أي: جزه واستأصله، عليه ثوبان أبيضان-، فغضب رسول الله r غضبا شديدا، وقال r: (والله لا تجدون بعدي رجلا هو أعدل مني، ثم قال r: يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم، يقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون، حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، هم شر الخلق والخليقة). ([102])

قلت: والحديث يدل على استمرار خروج الخوارج، إلى أن يخرج الدجال... فأولهم: «ذو الخويصرة» الخارجي... وآخرهم: «الدجال»... نعوذ بالله من الخذلان.

* فلينظر المرء في العواقب التي تنتج من الخوارج، قبل الولوج في جماعاتهم، ولا سيما وأن أهل العلم: بينوا أمرهم للناس.

قلت: وفي هذه الأحاديث دليل، لمن يكفر الخوارج. ([103])

قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «الأحكام السلطانية» (ص54): (فإن تظاهروا باعتقادهم -يعني: الخوارج- وهم على اختلاطهم بأهل العدل، أوضح لهم الإمام فساد ما اعتقدوه، وبطلان ما ابتدعوه، ليرجعوا عنه إلى اعتقاد الحق، وموافقة الجماعة). اهـ

وقال الإمام وهب بن منبه /: (إني قد أدركت صدر الإسلام، فوالله ما كانت للخوارج جماعة قط؛ إلا فرقها الله على شر حالاتهم، وما أظهر أحد منهم رأيه قط؛ إلا ضرب الله عنقه، وما اجتمعت الأمة على رجل قط من الخوارج، ولو أمكن الله الخوارج من رأيهم لفسدت الأرض، وقطعت السبل، وقطع الحج من بيت الله الحرام، وإذا لعاد أمر الإسلام جاهلية، حتى يعود الناس يستغيثون برؤوس الجبال كما كانوا في الجاهلية، وإذا لقام أكثر من عشرة -أو عشرين- رجلا، ليس منهم رجل؛ إلا وهو يدعو إلى نفسه بالخلافة، ومع كل رجل منهم: أكثر من عشرة الآف يقاتل بعضهم بعضا، ويشهد بعضهم على بعض بالكفر، حتى يصبح الرجل المؤمن خائفا على نفسه، ودينه، ودمه، وأهله، وماله، لا يدري أين يسلك، أو مع من يكون، غير أن الله بحكمه وعلمه ورحمته نظر لهذه الأمة فأحسن النظر لهم، فجمعهم، وألف بين قلوبهم على رجل واحد ليس من الخوارج، فحقن الله به دماءهم، وستر به عوراتهم، وعورات ذراريهم، وجمع به فرقتهم، وأمن به سبلهم، وقاتل به عن بيضة المسلمين  عدوهم، وأقام به حدودهم، وأنصف به مظلومهم، وجاهد به ظالمهم، رحمة من الله رحمهم بها).([104])

وعن عمرو بن سلمة الهمداني قال: (كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود t قبل صلاة الغداة، فإذا خرج، مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري t، فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟، قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج، قمنا إليه جميعا، فقال له أبو موسى t: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا، قال: فما هو؟، فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل([105])، وفي أيديهم حصا، فيقول: كبروا مائة!، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة!، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة!، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟، قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟، ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصا نعد به التكبير، والتهليل، والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد!، ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم r متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد r، أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه!، إن رسول الله r حدثنا: «أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية»، وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم!، ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: فرأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج). ([106])

والحديث: يدل على حرص الصحابة y على مصاحبة العلماء وتوقيرهم.

* فينبغي للمسلم إذا نزلت به نازلة، أو رأى أمرا غريبا، أو غير معهود لديه أن يتوقف في الكلام فيه حتى يسأل من هو أعلم منه، كما فعل أبو موسى الأشعري t.

* إذا العبرة بموافقة الشرع في الأعمال، لا بكثرتها، كما قال تعالى: ]ليبلوكم أيكم أحسن عملا[ [الملك: 2]، ولم يقل: أيكم أكثر عملا.

وقال تعالى: ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا[ [الفرقان: 23].

وقال تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف: 103 و104].

* فأثبت الله تعالى: لهؤلاء العمل في الآيتين التاليتين، لكنه بين أن هذا العمل لا عبرة به، وليس له وزن.

* وكذلك من عمل عملا -وإن كان في الأصل فيه خير فيما يرى المرء- لكنه لم يسبقه إليه رسول الله r، ولا أصحابة y؛ فلا عبرة بعمله هذا، ولا وزن له، إذ من شروط قبول العمل:

أولا: الإخلاص لله عز وجل في هذا العمل.

ثانيا: متابعة النبي r، وموافقة هديه فيه. ([107])

* فاعقل هذا جيدا، وإياك والحيدة عنه.

قلت: وعلى هذا فيجب الإنكار على المبتدعة من الخوارج وغيرهم، وزجرهم، ووعظهم بما يليق بحال المنكر، والمنكر عليه، ضمن الضوابط الشرعية المرعية في هذا الجانب. ([108])

* فرضي الله عن ابن مسعود، لو كان في هذه الأيام بيننا، ورأى أهل البدع، وما عندهم من أفكار الخوارج: فماذا عساه أن يقول، وماذا عسى أن يقال: فيه من أهل التحزب.

قال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج5 ص14): (إن البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة، ألا ترى أن أصحاب الحلقات صاروا بعد: من الخوارج، الذين قتلهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب t، فهل من معتبر؟!). اهـ

قلت: هذه عاقبة الابتداع في الدين، فهل من مدكر.

* فلا ترى هذا الداعية إلى الله تعالى في يوم من الأيام؛ إلا على منهج الخوارج، بسبب أنه يبتدع في دين الله البدع القليلة ابتداء، ويحسبه هينا([109]) وهو عند الله عظيم، ثم لا يلبث أنه يبتدع في دين الله البدع الكثيرة، على أنها من دين الله تعالى!، وهذه البدع كما هو معروف تجر إلى منهج الخوارج، من استحلال الخروج الفكري، أو الخروج الحسي، وغير ذلك، نعوذ بالله من الخذلان.

قلت: وعبد الله بن مسعود t أنكر على القوم حتى شبههم بالخوارج، لمجرد تسبيحهم بالحصا!.

* إذا كيف لو رأى أهل التحزب بجميع أنواعهم، وهم قد تركوا السنة، وجاؤوا بالبدعة، وما زالوا يقولون: «نعمل فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه».

* ولذلك أقول: يجب على من أتى ببدعة، ودعا إليها: أن يستتاب من قبل ولي الأمر، فإن تاب ترك، وإن لم يتب قتل، فإن كان الأمر دون قتله فيكون الأولى حبسه ونفيه...

فهكذا عمل السلف الصالح مع أهل البدع، ولذلك حفظ الله الدين بهم.

* أما في زماننا فقد اختلط فيه الأمر، وضاع الحق في الباطل، فلا تمييز بين سني وبدعي، كل ذلك باسم مصلحة الدعوة، حسبنا الله ونعم الوكيل.

وعن عمير بن إسحاق قال: ذكروا الخوارج، عند أبي هريرة t فقال: «أولئك شرار الخلق». ([110])

قلت: وقوله t: «شرار الخلق»؛ في هذا اللفظ دلالة: على أن أبا هريرة t يكفر الخوارج، لأنه t نسبهم إلى شرار الخلق، وهذا الأمر لا يكون إلا من الكافر.

وعن عاصم بن شميخ قال: سمعت أبا سعيد الخدري t، يقول ويداه هكذا -يعني: ترتعشان من الكبر-: «لقتال الخوارج أحب إلي من قتال عدتهم من أهل الشرك».([111])

وعن طاوس، عن ابن عباس ، أنه ذكر ما: يلقى الخوارج عند القرآن؛ فقال: «يؤمنون عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه».([112])

وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: سئل أبي عن الخوارج، فقال t: «هم قوم زاغوا، فأزاغ الله قلوبهم».([113])

وعن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: سألت أبي: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا[ [الكهف: 103]؛ هم الحرورية؟، قال: (لا، هم اليهود والنصارى، أما اليهود فكذبوا محمدا r، وأما النصارى فكفروا بالجنة، وقالوا: لا طعام فيها ولا شراب، والحرورية: ]الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه[ [البقرة: 27]، ([114]) وكان سعد يسميهم الفاسقين.

قال الإمام الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص90): (ففي هذه الروايات عن سعد بن أبي وقاص t أن قوله تعالى: ]الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه[ [البقرة: 27]، يشمل أهل البدعة؛ لأن أهل حروراء اجتمعت فيهم هذه الأوصاف التي هي: نقض عهد الله، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، والإفساد في الأرض.

فالأول: لأنهم خرجوا عن طريق الحق بشهادة رسول الله r، لأنهم تأولوا التأويلات الفاسدة، وكذا فعل المبتدعة، وهو بابهم الذي دخلوا فيه.

والثاني: لأنهم تصرفوا في أحكام القرآن والسنة هذا التصرف.

* فأهل حروراء وغيرهم من الخوارج: قطعوا قوله تعالى: ]إن الحكم إلا لله[ [الأنعام: 57]، عن قوله: ]ذوا عدل منكم[ [المائدة: 95]، وغيرهما، وكذا فعل سائر المبتدعة...

ثم قال: والثالث: لأن الحرورية جردوا السيوف على عباد الله، وهو غاية الفساد في الأرض، وذلك كثير من أهل البدع شائع، وسائرهم يفسدون بوجوه من إيقاع العداوة والبغضاء بين أهل الإسلام.

* وهذه الأوصاف الثلاثة تقتضيها الفرقة التي نبه عليها الكتاب والسنة). اهـ

16) وعن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما يحل لي من قتال الحرورية، قال: (إذا قطعوا السبيل، وأخافوا الأمن). ([115])

قلت: والحرورية المراد بهم أهل البغي، والخوارج.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص489): (الخوارج الحرورية: كانوا أول أهل الأهواء؛ خروجا عن السنة والجماعة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص491): (الخوارج الحرورية: كانوا ينتحلون اتباع القرآن بآرائهم، ويدعون اتباع السنن...). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص483): (فالخوارج كانوا يتبعون القرآن بمقتضى فهمهم...). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج7 ص138): (الخوارج كانوا يقاتلون المسلمين، ويدعون قتال الكفار). اهـ

17) وكان ابن عمر : (يراهم -الخوارج- شرار خلق الله، وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين). ([116])

قال الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج7 ص1241): (واليوم والتاريخ يعيد نفسه كما يقولون، فقد نبتت نابتة من الشباب المسلم، لم يتفقهوا في الدين إلا قليلا، ورأوا أن الحكام لا يحكمون بما أنزل الله إلا قليلا، فرأوا الخروج عليهم، دون أن يستشيروا أهل العلم والفقه والحكمة منهم، بل ركبوا رؤوسهم، وأثاروا فتنا عمياء، وسفكوا الدماء، في مصر وسوريا والجزائر، وقبل ذلك فتنة الحرم المكي، فخالفوا بذلك هذا الحديث الصحيح([117]) الذي جرى عليه عمل المسلمين سلفا وخلفا؛ إلا الخوارج...). اهـ

وقال الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج7 ص1240): (... أن فيه -يعني: حديث عبادة- ردا صريحا على الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t، فإنهم يعلمون دون أي شك، أو ريب، أنه لم يروا منه: «كفرا بواحا»، ومع ذلك استحلوا قتاله، وسفك دمه، هو ومن معه من الصحابة والتابعين، فاضطر t لقتالهم، واستئصال شأفتهم، فلم ينج منهم إلا القليل، ثم غدروا به t، كما هو معروف في التاريخ.

* والمقصود: أنهم سنوا في الإسلام سنة سيئة، وجعلوا الخروج على حكام المسلمين دينا على مر الزمان والأيام، رغم تحذير النبي r منهم في أحاديث كثيرة). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «الكبائر» (ص371): (فالخوارج: مبتدعة، مستحلون الدماء والتكفير، يكفرون عثمان وعليا وجماعة من سادة الصحابة y). اهـ

* وهؤلاء عندهم نوع من الدين، مع جهل عظيم، فهم ظالمون آثمون.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على الأخنائي» (ص9): (فإن من الناس من يكون عنده نوع من الدين، مع جهل عظيم، فهؤلاء يتكلم أحدهم بلا علم، فيخطئ، ويخبر عن الأمور بخلاف ما هي عليه خبرا غير مطابق، ومن تكلم في الدين بغير الاجتهاد المسوغ له الكلام؛ وأخطأ: فإنه كاذب آثم). اهـ

* إذا يجب حقن دماء الناس، بمنع الخوارج بأي طريقة من قبل ولاة أمر المسلمين.

قال أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص27): (والدماء أحق ما احتيط لها، إذ الأصل صيانتها في أهبها، فلا نستبيحها إلا بأمر بين، لا إشكال فيه). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص371): (قد ذكرت من التحذير من مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله تعالى، عن مذهب الخوارج، ولم ير رأيهم، فصبر على جور الأئمة، وحيف الأمراء، ولم يخرج عليهم بسيفه، وسأل الله تعالى كشف الظلم عنه، وعن المسلمين، ودعا للولاة بالصلاح، وحج معهم، وجاهد معهم كل عدو للمسلمين، وصلى خلفهم الجمعة والعيدين، وإن أمروه بطاعة فأمكنه أطاعهم، وإن لم يمكنه اعتذر إليهم،وإن أمروه بمعصية لم يطعهم، وإذا دارت الفتن بينهم لزم بيته، وكف لسانه ويده، ولم يهو ما هم فيه، ولم يعن على فتنة، فمن كان هذا وصفه كان على الصراط المستقيم، إن شاء الله). اهـ

* ورأينا سابقا كيف أن الخوارج منذ أن فارقوا علي بن أبي طالب t، أخذوا في تضخيم السخط -كعادتهم- على مخالفيهم، والحث الشديد على محاربتهم، وتضخيم خطاياهم، في كل مسألة ينادون بأعلى أصواتهم: «لا حكم إلا لله»، لا لعلي، ولا لبني أمية، ولا لبني العباس، ولا لأحد... الحرب... الحرب... الجهاد... الجهاد... لهذا؛ فقلما يجتمع منهم جماعة؛ إلا وسارعوا وأعلنوا حربا شعواء -فكريا وحسيا- لا يمكن أن تنتهي إلا بمنتصر ومهزوم. ([118])

* فقد خاضوا مع بني أمية حربا لا هوادة فيها، كلفوا أنفسهم خسائر ضخمة، وكلفوا الخلافة من الأنفس والأموال؛ ما لو أنفق في جهاد الكفار: لكان مفخرة للإسلام والمسلمين.

* فاستمر الخوارج طوال عهد الدولة الأموية وهم في صراع حاد معها، فأوهنوا قوتها، وأوهنت قوتهم، وكانوا كالشجا في حلق كل خليفة، لا يجف ألمه؛ إلا ليبدأ من جديد، وهكذا إلى أن غير الله الحال، وانتهت الدولة الأموية برأسها، وخلفتها الدولة العباسية، ولا زال مرجل الخوارج يغلي، ولكنه يغلي على بقية جمر كاد أن يصير رمادا، واختلف خوارج اليوم عن خوارج الأمس، فالخوارج على بني أمية كانوا أكثر جمعا، وأشد بأسا، أما الخوارج على بني العباس فكانوا في حالة تشبه الاحتضار، وحركاتهم التي أتوا بها في العهد العباسي تشبه حركة المذبوح.

* ومن هنا توالت عليهم الهزائم، فلا يخرجون على خليفة إلا ورماهم بكل ما لديه من ثقل، إلى أن أصبحوا في وضع لا يمكنهم فيه أن يلفتوا إليهم نظرا، فلا يخشى بأسهم، ولا يحسب لقوتهم مثل ما كان لأسلافهم.

* وكانت هذه الهزائم المتوالية للخوارج: سببا في ضعف أمرهم، وقلة شأنهم، فلم يعد لهم من القوة والقتال أثر في التاريخ الكبير. ([119])

* ولذلك يجب نصيحة ولاة أمر المسلمين سرا لا جهارا.

عن عياض بن غنم t قال: قال رسول الله r: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، وليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك، وإلا كان أدى الذي عليه). ([120])

فدل الحديث: على أن النصيحة تكون للولاة سرا، لا علانية، ولا جهرا، ولا تشهيرا، فوق المنابر، والمحافل، والمساجد، والصحف، والمجلات، وغير ذلك؛ فهذا ليس من باب النصيحة في شيء، فلا تغتر بمن يفعل ذلك، وإن كان عن حسن نية، فإنه خلاف السنة.

وهو أصل: في إخفاء نصيحة السلطان، وأن الناصح إذا قام بالنصح على هذا الوجه، فقد برئ.

* وبناء على هذا الحديث العظيم: جاءت أقوال السلف وأفعالهم على وفقه، كما سترى النقل عن بعضهم في هذا المسطور.

عن سعيد بن جمهان قال: (أتيت عبد الله بن أبي أوفى، وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟، فقلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: فما فعل والدك؟، قال: قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله r أنهم كلاب النار، قال: قلت: الأزارقة وحدهم، أم الخوارج كلها؟، قال: بلى، الخوارج كلها، قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم؟، قال: فتناول يدي، فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال: ويحك يا ابن جمهان، عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك، فأته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك، وإلا فدعه، فإنك لست بأعلم منه). ([121])

ويستفاد من هذا التوجيه: أن ظلم الحاكم لا يسوغ الخروج عليه، ولا يكون نصح الحاكم وتوجيهه عن طريق إعلان ذلك، وإذاعته في المجالس، وعلى صفحات الصحف، وفي وسائل الإعلام، ولكن فيما بين الناصح والحاكم، وبهذا يؤدي ما يجب عليه، وأما ما شاع من منكرات، فيحذر منها، من دون تسمية لفاعلها، ولا لراعيها. ([122])

وعن أسامة بن زيد أنه قيل له: ألا تدخل على عثمان لتكلمه؟ فقال: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟، والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه). ([123])

قال القاضي عياض /: (مراد أسامة: أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام؛ لما يخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطف به، وينصحه سرا فذلك أجدر بالقبول). ([124]) اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني /: (يعني: المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملإ، لأن في الإنكار جهارا ما يخشى عاقبته كما اتفق في الإنكار على عثمان جهارا إذ نشأ عنه قتله). ([125]) اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» (ج4 ص556): (ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل: أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به، ويبذل له النصيحة، ولا يذل سلطان الله، وقد قدمنا في أول كتاب «السير» أنه لا يجوز الخروج على الأئمة، وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ...). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم» (ص22): (ليس من منهج السلف: التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به، حتى يوجه إلى الخير). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /: (فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان، وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيل لإثارة الناس، وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور، فهذا عين المفسدة، وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس.

* كما أن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى، وكذا ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها.

* فإذا حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء، وهيبة ولاة الأمر، ضاع الشرع والأمن، لأن الناس إن تكلم العلماء لم يثقوا بكلامهم، وإن تكلم الأمراء تمردوا على كلامهم، وحصل الشر والفساد.

فالواجب: أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه ذوي السلطان، وأن يضبط الإنسان نفسه، وأن يعرف العواقب.

* وليعلم أن من يثور؛ إنما يخدم أعداء الإسلام، فليست العبرة بالثورة، ولا بالانفعال، بل العبرة بالحكمة، ولست أريد بالحكمة: السكوت عن الخطإ، بل معالجة الخطإ لنصلح الأوضاع، لا لنغير الأوضاع، فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها). ([126]) اهـ

* فنصيحة الأمير بالسر، وبنية خالصة، تعرف فيها النتيجة النافعة للإسلام والمسلمين.

* ومع وجوب نصيحة الحكام والولاة؛ فإن هناك شروطا ذكرها العلماء، ومنها؛ أن يقوم بنصيحتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر: العلماء والفقهاء، وليس الأمر متروكا للعامة والآحاد؛ لأنه قد يؤدي إلى مفسدة وفتنة، ومنها؛ وجوب اتباع سبيل الرفق واللطف واللين لدى نصح الولاة والحكام، والبعد عن مواجهتهم ومخاطبتهم بالعنف والغلظة والشدة، ومنها؛ اتباع سبيل الإسرار في نصيحتهم، وهذا ما بينه الرسول r في حديث إسناده صحيح: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه).([127])

* وهذا الذي قرره هؤلاء الأئمة من كون مناصحة ولي الأمر إنما تكون سرا... ولا يكون ذلك على رؤوس المنابر، وفي مجامع الناس؛ لما ينجم عن ذلك غالبا من تأليب العامة، وإثارة الرعاع، وإشعال الفتن.

* وهذا ليس دأب أهل السنة والجماعة، بل سبيلهم ومنهجهم: جمع قلوب الناس على ولاتهم، والعمل على نشر المحبة بين الراعي والرعية، والأمر بالصبر على ما يصدر عن الولاة من أخطاء، مع قيامهم بمناصحة الولاة سرا... والتحذير من المنكرات عموما دون تخصيص فاعل، كالتحذير من الربا عموما، ومن الزنى عموما... ونحو ذلك.

قال الحافظ ابن الجوزي /: (من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين: التعريف والوعظ، فأما تخشين القول نحو: يا ظالم، يا من لا تخاف الله، فإن كان ذلك يحرك فتنة يتعدى شرها إلى الغير: لم يجز...). ([128]) اهـ

قلت: فمنهج خوارج العصر إجرامي، يجب على المسلمين فصله، وتمييزه عن منهج الحق.

* فلا بد: من أن نعلم أن أعظم ما يعيننا على مكافحة هذا الخطر الداهم بجميع وسائله؛ هو: العمل بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، على فهم السلف الصالح y: تجاه ولاة أمر المسلمين.

قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].

ففي هذه الآية: وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر، وهذا مطلق يقيد بما ثبت في السنة من أن الطاعة إنما تكون في غير المعصية.

والمراد بأولي الأمر: من أوجب الله طاعته من الحكام، والأمراء، والعلماء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

                                                                                                        كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

خوارج القعدة:

حركة من الحركات الثورية؛ قديما، وحديثا

 

* وهم الذين يقعدون، ويحرضون الناس على الخروج على حكامهم من فوق المنابر وغيرها؛ دون أن يحملوا السلاح!.

* أخبث جماعات الخوارج؛ هم: «الخوارج القعدة»؛ لأنهم يشعلون الفتن بين المسلمين في خفاء، وسرية ماكرة.

 

قال الإمام عبد الله بن محمد الضعيف /: (قعد الخوارج: هم أخبث الخوارج). ([129])

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص483): (القعدية: الذين يريدون الخروج على الأئمة ولا يباشرون ذلك). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

     

توطئة

القعدة الخوارج

 

* تعريف القعدة في اللغة: القعود، بالضم، والمقعد، بالفتح: الجلوس.

ويقال: قعد يقعد قعودا ومقعدا.

ويقال: قعد به، أقعده، والمقعد، والمقعدة: مكانه، أي: القعود.

والقعدة: بالكسر: نوع من...، أي: القعود.

وقعدة الرجل: مقدار ما أخذه القاعد من المكان قعوده.

والقعد: محركة، جمع قاعد... والقعدة. ([130])

قال اللغوي الزبيدي / في «تاج العروس» (ج5 ص195):القعدة»: قوم من الخوارج، قعدوا عن نصرة علي بن أبي طالب t، وعن مقاتلته، ومن يرى رأيهم، أي: «الخوارج»، وقعدي: محركة وهم يرون التحكيم حقا، غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس... «والقعد»: الذين لا يمضون إلى القتال، وهو اسم للجمع، وبه سمي قعد الحرورية -فرقة من فرق الخوارج-، و«القعد»: الشراة -أيضا: فرقة من فرق الخوارج- الذين يحكمون، ولا يحاربون، وهو جمع قاعد). اهـ

وقال اللغوي الأزهري / في «معجم تهذيب اللغة» (ج3 ص3006): (القعد: جمع قاعد، والقعدي من الخوارج: الذي يرى رأي القعدة الذين يرون التحكيم حقا، غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس). اهـ

وقال الإمام ابن الأعرابي /: (القعد: الشراة ـ فرقة: من فرق الخوارج ـ الذين يحكمون، ولا يحاربون) ([131]). اهـ

* تعريف القعدة في الإصطلاح: فهم الذين يحرضون، ويهيجون الناس على الخروج على حكامهم، وآثروا القعود، وانصرفوا عن قتال الحكام، وحمل السلاح لكنهم يعتبرون حركة من حركات الخوارج الثورية.

وقائد القعدة قديما هو: «عمران بن حطان» الخارجي، فقد آمن بمقالة الخوارج إيمانا عميقا، فوقف شعره([132]) عليها يدعو إليها، ويدافع عنها، ومع حبه للخروج، والقتال، إلا أنه آثر القعود.

* فنراه يقف شعره على الدعوة للخروج؛ دون أن ينخرط مقاتلا، فمن أجل الدنيا فيؤثر القعود([133])، بل إنه يهرب ويلجئ طلبا للحماية([134])، وخوفا على نفسه من الموت على عكس رؤوس الخوارج الذين يثورون ويقاتلون، كـ «قطري بن الفجاءة الخارجي»، وغيره، وهو من شعرائهم.

* قال قطري الخارجي للقعدة كـ «أبي خالد القنائي»:

أبا خالــــــــد يا انفر فلســــــت بخالــــــــد

 

 

ومــــا جعـــــل الــــرحمن عـــذرا لقاعــد

أتزعــــم أن الخـــــــارجي على الهـــــدى

 

 

وأنت مقيـــــــم بين لــــــص وجاحــــــد([135])

وخوارج القعدة: لا تزال باقية في العصر الحديث، بل هم في العصر الحديث أكثر.

* فلا تزال القعدة موجودة بين ظهراني المسلمين، وتلبس على طائفة من شبابهم، وتدعو إلى بدعها، وتنتصر لها بكل الوسائل، وتسعى جادة إلى ما هو أعظم من ذلك من الصد عن السنة، وفتنة المسلمين في دينهم، والطمع في الحكم، وهي توجد تحت أسماء خفية([136])، وشعارات براقة أخرى، ولاتزال أصولها باقية، ولها دعاتها([137])، واتجاهاتها، وتراثها. ([138])

وقال الشابي في «المباحث» (ص147): (إن هذا المنطلق العقدي الأزرقي، ذا الطابع الفارسي كان العامل الأساسي؛ لافتراق الخوارج مرة أخرى، فالقعدة بالبصرة من زعماء الخوارج، «عبد الله بن إباض»، و«عبد الله بن صفار»، و«أبو بيهس»، قد كانوا فرقا مستقلة بعد حكم نافع ـ الخارجي ـ عليهم، كما أن نجدة ـ الخارجي ـ هجن مقالة نافع، وانفرد بمعسكر، ومنذ إذ أصبح الإنشقاق طريقة خارجية أسلمت الخوارج إلى صراع محتدم، عقدي وحربي). اهـ

فخوارج القعدية: هم الذي يخرجون عن طاعة السلطان بالكلمة، ويضمرون الخروج بالسيف، ولا يبدون ذلك علانية، وإنما يؤلبون جمهور الناس على السلطان.

قال الحافظ ابن حجر / في «التهذيب» (ج8 ص114): (القعد الخوارج، كانوا لا يرون بالحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه). اهـ

* فالذين يهيجون الناس، ويزرعون الأحقاد في قلوبهم على ولاة الأمر، ويصدرون الفتاوى باستحلال ما حرم الله؛ باسم تغيير المنكر، وهم أخبث فرق الخوارج. ([139])

قال الإمام عبد الله بن محمد الضعيف /: (قعد الخوارج: هم أخبث الخوارج). ([140])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / ـ معلقا على حديث: ذي الخويصرة من خوارج القعدة، ومبينا خطر الخوارج القعدةـ: (بل العجب ـ يعني: من ذي الخويصرة ـ وجه الطعن إلى الرسول r، وقيل له: اعدل، وقال له: ذو الخويصرة ـ هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. ([141])

* وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ما أخذ السيف على الرسول r؛ لكنه أنكر عليه.

* ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال، أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول. ([142])

* الناس لايمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لا بد أن يكون هناك شيء يثيرهم وهو الكلام.

فيكون الخروج على الأئمة بالكلام: خروجا حقيقة، ودلت عليه السنة، ودل عليه الواقع) ([143]). اهـ

قلت: إن الدارس لحال الخوارج القعدة: قديما وحديثا، ويخلص في تقرير أصولهم وعلامتهم ما يلي:

1) الخروج على حكام المسلمين: فكريا وحسيا، أو أحدهما أحيانا.

* وذلك عن طريق التهييج السياسي، والتحريض الذي يسمونه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!.

2) الخروج على جماعة المسلمين: فكريا وحسيا، أو أحدهما أحيانا ... والبراءة من المسلمين إذا خالفوهم ... .

* وامتحانهم في بعض الأسئلة إلى أن يتبين هل هم من جماعتهم، أم من غيرهم!.

3) صرف نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى منازعة الحكومات، كما هو ظاهر في: «الجرائد»، و«الصحف»، و«الكتب»، و«الأشرطة».

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ص21): (لم يختلف العلماء قديما وحديثا؛ أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل، ولرسول الله r، وإن صاموا وصلوا واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس بنافع لهم؛ لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذرنا الله عز وجل منهم، وحذرنا رسول الله r، وحذرنا الخلفاء الراشدون بعده، وحذرنا الصحابة y ومن تبعهم بإحسان رحمة الله عليهم). اهـ

4) كثرة الوعاظ المتعالمين فيهم، وأغلبهم: كما وصفهم النبي r: «حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام».([144])

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ص28): (فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي، قد خرج على إمام عدلا كان، أو جائرا فخرج، وجمع جماعة، وسل سيفه، واستحل قتال المسلمين؛ فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه، وبحسن ألفاظه في العلم، إذا كان مذهبه مذهب الخوارج).اهـ

5) ظهور سيما الصالحين عليهم في الظاهر والعبادة، كما وصفهم النبي r: « يقرءون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء».([145])

وقال النبي r: «إن فيكم قوما يتعبدون حتى يعجبوا الناس، ويعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية».([146])

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ص28): (فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي، قد خرج على إمام عدلا كان، أو جائرا فخرج، وجمع جماعة، وسل سيفه، واستحل قتال المسلمين؛ فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه، وبحسن ألفاظه في العلم، إذا كان مذهبه مذهب الخوارج).اهـ

6) قلة الحصيلة العلمية الشرعية، وإن قرءوا القرآن: فيقرؤونه بألسنتهم، لايصل إلى قلوبهم؛ فهم: كما وصفهم النبي r: «يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم»([147]). وفي رواية: «قوم يقرءون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».([148])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج3ص464)؛ عن الخوارج: (فهم جهال فارقوا السنة والجماعة، عن جهل). اهـ

7) ليس فيهم علماء، متمسكون بالكتاب والسنة.

وأما عن رؤوسهم([149]): فكما قال عنهم الحافظ ابن رجب / في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص33): (فأما أهل البدع والضلال، ومن تشبه بالعلماء وليس منهم: فيجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم، تحذيرا من الإقتداء بهم).اهـ

8) الغرور والتعالي على العلماء الربانيين، حتى زعموا أنهم أعلم من العلماء؛ بفقه الواقع، كما قالوا، والتفوا بذلك على الأحداث الصغار قليلي العلم. ([150])

* ومن هنا فارقوا جماعة المسلمين، وجعلوا ما ليس بسيئة سيئة، أوما ليس بحسنة حسنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19ص72)؛ عن الخوارج: (ولهم خاصتان مشهورتان: فارقوا بهما جماعة المسلمين وأئمتهم؛ أحدهما: خروجهم عن السنة، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة، أو ما ليس بحسنة حسنة).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: (ومما يكثر فيه الكلام من مظاهر الجهل بالواقع: اتهام بعض أهل العلم والفضل بالجهل؛ بأحوال المنافقين والعلمانيين، وهذا غير قادح، إذ يوجد في الأمة منافق، أو زنديق، لا يعلمه العلماء، ولا يعرفون حاله، ولا يعد هذا الخفاء: عيبا في حقهم) ([151]). اهـ

9) الجهل بعلم الكتاب والسنة، واقتصارهم على علم السياسة على أنها، هي التربية، والتأصيل في الدين!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13ص30): (وكانت البدع الأولى، مثل: بدعة الخوارج، إنما هي من سوء فهمهم للقرآن، لم يقصدوا معارضته، لكن فهموا منه ما لم يدل عليه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص48): (والخوارج: لا يتمسكون من السنة، إلا بما فسر مجملها). اهـ

10) سرعة التقلب، والتناقض في الأحكام الدينية، واختلاف الرأي، وتغييره لأحداث العصر، ومناسبته زعموا. ([152])

* لذلك يكثر طعنهم في الأحاديث، وإن كانت صحيحة الأسانيد ... تارة في الإسناد... وتارة في المتن... ويكثر تنازعهم وافتراقهم فيما بينهم، وإذا اختلفوا تفاصلوا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19ص73)؛ عن الخوارج إذا لم يعقلوا الأحاديث: (فيطعنون تارة في الإسناد، وتارة في المتن، وإلا فهم ليسوا متبعين، ولا مؤتمين بحقيقة السنة، التي جاء بها الرسول r، بل ولا بحقيقة القرآن).اهـ

11) التعجل في إطلاق الأحكام من اختلاف أهل العلم([153])؛ بدون الرجوع إلى الكتاب والسنة، ومناقشة الأقوال، وتبيين الراجح من المرجوح في ذلك، وسرعة إطلاق الأحكام على المخالف بلا تثبت، وإصدار الأحكام، والمواقف: بمجرد الشائعات.

قلت: لذلك يكثر استعجالهم للنتائج.

12) الحكم على القلوب واتهامها، ومنه الحكم باللوازم والظنون.

13) أخذ العلم عن غير العلماء، وتلقيه عن المتعالمين، والمثقفين الذين هم في العلم الشرعي من فصيلة العوام.

14) الغلظة في جدالهم، ومناقشتهم، واختلاف قلوبهم حتى في: «المسائل الفقهية».([154])

15) سرعة الاستجابة للفتن، والتصرفات الغوغائية كـ«المظاهرات، والمسيرات»، والجمهرة، والتداعي: عند كل صيحة دون الرجوع إلى أهل العلم؛ إلا من يوافق هواهم.

16) لا يعملون بالسنة إذا خالفت أهوائهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13ص48)؛ عن الخوارج: (والخوارج لا يتمسكون من السنة؛ إلا بما فسر مجملها، دون ما خالف ظاهر القرآن عندهم).اهـ

17) يقتلون أهل الإسلام ويخاصمونهم، ويدعون أهل الأوثان؛ كما قال النبي r: «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان».([155])

قال أبو الحسن الأشعري / في «مقالات الإسلاميين» (ج1ص204): (وأما السيف، فإن الخوارج جميعا؛ تقول به وتراه، إلا أن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف، ولكنهم يرون إزالة أئمة الجور).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7ص217): (والخوارج: كانوا من أظهر الناس بدعة، وقتالا للأمة، وتكفيرا لها).اهـ

وهذه الأصول، والعلامات؛ للخوارج بدأت تظهر في «الجماعات الإسلامية»، و«الجمعيات الحزبية» المتفرقة القائمة اليوم. ([156])

* وغالبا نراهم في شبابهم الذين لم يكتمل علمهم، ولم يتلقوا العلم عن العلماء الربانيين، وإنما يتتلمذ بعضهم على بعض، أو على الكتب دون الرجوع إلى العلماء؛ كما هو نشاهدها من كثير من المثقفين، وأصحاب الشعارات الذين لم يتفقهوا في الدين، على نهج سليم، إنما رصيدهم: هي العواطف، والسياسة المنحرفة الخارجية.

فتنبه أخي القارئ الكريم: من دعاوى «خوارج القعدة»، ومن شعاراتهم، واستمسك بما عليه أهل الحديث؛ فإنه الصراط المستقيم، وسبيل السلف الصالح، وسبيل المؤمنين، جعلنا الله وإياك منهم.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

     

لمحة عن

مخططات الخوارج القعدية السرية

 

* اعلم رحمك الله؛ بأن الخوارج قديما وحديثا؛ ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: جناح يحمل السلاح حسيا. ([157])

القسم الثاني: جناح يحمل السلاح فكريا. ([158])

فالجناح الأول: متى سنحت له الفرصة مع وجود القوة، ولو جزئية أظهر الخروج، وحمل السلاح، والتفجيرات، وأقام العمليات البدعية الانتحارية التخريبية.

والجناح الثاني: يتفاوض في السياسة، ويتداخل مع الحكومة، ويظهر اللين، والتسامح، والاستنكار للتفجيرات أحيانا، ويتناسى أحيانا!، وهو في الحقيقة ظاهر، ومحرض للجناح الأول، وهذا ظاهر من الخوارج في: «الجرائد»، و«الصحف»، و«التلفاز»، وغير ذلك.

قلت: إذا فلا تستغرب لكثير منهم استنكار: «العمليات التفجيرية» و«التخريبية».

* فالعارف بحال الخوارج، والثوريين، وخباياهم، ومخططاتهم لا يغتر بما يقومون به من: «أعمال دينية»، و«أقوال استنكارية»!.

ويوضح ما قلت لك: صلاح الصاوي القطبي الثوري:

قال صلاح الصاوي الثوري -وهو منظر من منظري الخوارج في هذا العصر- في كتابه « الثوابت والمتغيرات» (ص265): (ولا يبعد القول، بأن مصلحة العمل الإسلامي، قد تقتضي أن يقوم فريق من رجاله ببعض هذه الأعمال الجهادية([159])، ويظهر النكير عليها آخرون([160])، ولا يبعد تحقيق ذلك عمليا([161]) إذا بلغ العمل الإسلامي مرحلة من الرشد، أمكنه معه أن يتفق على الترخص في شيء من ذلك، ترجيحا لمصلحة استمرار رسالة الإسلاميين في هذه المجالس، بغير تشويش، ولا إثارة).اهـ

قلت: ففريق من الخوارج الإسلاميين: يقوم بالخروج بالسلاح حسيا؛ بإقامة: «التفجيرات»، و«التخريبات».

* وفريق من الخوارج الإسلاميين: يظهر النكير على الآخرين، من أجل استمرارهم في مصلحتهم، وبقائهم قريبين من الحكومات بسبب إظهارهم الإنكار!.

* فانظروا إلى التنظيم السري، للخوارج في البلدان، اللهم سلم سلم.

* ولذلك تجدهم يمارسون المخالفات الدينية للوصول إلى مآربهم من الكراسي وغيرها، والدخول في جميع المجالات الحكومية، والحصول على أعلى المراكز حتى يحققوا بعد ذلك: «الخروج الأكبر»، وهو السيطرة على الحكم؛ كما فعلوا في: «السودان»، و«مصر»، و«تونس»، وغيرها.

ولذلك عقد صلاح الصاوي الثوري: بابا في كتابه: «الثوابت والمتغيرات» (ص270): (مشروعية قتال من امتنع عن الالتزام بشرائع الإسلام). اهـ

* ويقصد بذلك الحكام؛ لأنهم بزعمه، امتنعوا عن الالتزام بالشريعة!.

ويقول زعيم منهم؛ وهو: محمد بن قطب الثوري: (سنستولي على الكراسي، ونترك للحكام العروش) ([162]). اهـ

قلت: فهم يسعون بتكتم، وهدوء إلى قلب الحكم، والثورة على البلدان، متى سنحت لهم الفرصة.

وهذه النقطة الفارقة: بين الخوارج القعدية، وبين الخوارج الثورية.

* وليس معنى كونهم يفترقون معهم هنا؛ أنهم: لا يؤيدونهم، ويشدون من أزرهم.

* فهم يحبونهم، ويحنون عليهم، ويناصرونهم([163]) بما أمكن، ولو بصرف النظر عن تبيين أمرهم في البلد.

* ولذلك أخيرا، صرح حزب: عبد الرحمن بن عبد الخالق في «المؤتمر السياسي» في الكويت، بوجوب تداول الحكم في الكويت -هذامرادهم- عن طريق الانتخابات السياسية؛ كما حصلت في العراق، كما ذكرت جريدة: «الشرق الأوسط»، في يوم الجمعة؛ بتاريخ «3 محرم 1426هـ»، الموافق: «11 فبراير 2005».

وغاية الخوارج هذه بينها أهل السنة والجماعة:

قال الشيخ سليمان بن عثمان المنيعي حفظه الله -مدير الشؤون الدينية بالمسجد الحرام سابقا- في كتابه «الخوارج قديما وحديثا»([164]) (ص24): (المتأمل في تاريخ: «الخوارج»، و«الصوفية» ومنهجهم، يجد أن كلا: الفريقين يلتقيان في نقاط منذ القدم، ونذكر منها أمرين:

أحدهما: وهو غاية عندهم، ألا وهو الوصول إلى الحكم، والتخطيط، والترتيب، والتنظيم لإقامة دولتهم الكبرى، التي يسعون إليها، كما يسعون إلى تكثير أتباعهم، ولو كانوا ممن يختلفون معهم في أصول الدين!.

* ولذلك يدعون إلى بيعة قائدهم: بإمرة المؤمنين، ويأخذون البيعة، والمواثيق، والعهود على الأتباع؛ بالإخلاص، والوفاء لها. ([165])

* حتى إن أحدهم قال: إن الغاية من إنزال الكتب، وإرسال الرسل؛ هو إقامة الحاكمية في الأرض، وأما العبادات فليست غاية، وإنما هي وسيلة، وتهذيب للنفوس، وهذا تكذيب، ورد: لقول الله تبارك وتعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات:56].

الأمر الآخر: تعدد مذاهبهم، وتنوع مسالكهم، فكلا الفريقين جماعات([166])، وفرق شتى، كل جماعة لها منهجها، ومسلكها في طريقتها ودعوتها...). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن غاية: «الخوارج» الوصول إلى الحكم في أي بلد، اللهم غفرا.

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على نشأة: «فرقة الخوارج»، وهم الذين؛ أولهم: ذو الخويصرة الخارجي، وخروجه كان بالكلمة

 

* نشأ منهج الخوارج في عهد النبي r؛ كخروج انفرادي؛ بالكلمة على يد: «ذي الخويصرة التميمي» الخارجي ابتداء.

قال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص90): (أول الخوارج، وأقبحهم حالة: ذو الخويصرة). اهـ

وقال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص90): (فهذا أول خارجي خرج في الإسلام، وآفته أنه رضي برأي نفسه، ولو وقف لعلم أنه: لا رأي فوق حكم رسول الله r، وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا: علي بن أبي طالب t). اهـ

وقال المؤرخ الشهرستاني / في «الملل والنحل» (ج1 ص116): (وهم الذين أولهم: ذو الخويصرة، وآخرهم: ذو الثدية). اهـ

قلت: فاعتبر الشهرستاني اعتراض؛ «ذي الخويصرة» خروجا صريحا، إذ أن من تكلم على الإمام الحق، يسمى: خروجا؛ فكيف بالاعتراض على رسول الله r؟!.

قال المؤرخ الشهرستاني / في «الملل والنحل» (ج1 ص21)؛ بعد أن ذكر حديث: «ذي الخويصرة»: (وذلك خروج صريح على النبي r، ولو صار من اعترض على الإمام الحق خارجيا؛ فمن اعترض على الرسول r أحق بأن يكون خارجيا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص72): (ولهم -يعني: الخوارج- خاصتان مشهورتان، فارقوا بهما جماعة المسلمين وأئمتهم:

أحدهما: خروجهم عن السنة، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة، أو ما ليس بحسنة حسنة، وهذا هو الذي أظهروه في وجه النبي r، حيث قال له ذو الخويصرة التميمي: «اعدل فإنك لم تعدل»، حتى قال له النبي r: «ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أعدل...».

الفرق الثاني: في الخوارج، وأهل البدع: أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب: استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام: دار حرب، ودارهم: هي دار الإيمان). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص326): (فأول: قرن طلع، منهم: على عهد رسول الله r، وهو رجل طعن على رسول الله r، وهو يقسم الغنائم). اهـ

قلت: كل هذا يجعل من هذه الحادثة التي ارتكبها: «ذو الخويصرة» حادثة فردية خارجية في وقتها، لكنه لم يشتهر بالخروج الحقيقي، ولم نعرف له آراء خاصة يتميز بها، ولم يكن له جماعة.

* وبدأت مبادئ هذا الخروج، عندما أخذ بعض الناس في الكوفة يتكلمون، ويطعنون في ولاة الأمصار، كولاة العراق وغيرهم، ويضعون هذا الطعن في قالب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وإليك الدليل على أمر النبي r، بقتل: «ذي الخويصرة» الخارجي:

1) عن أبي بكرة t: أن نبي الله r مر برجل ساجد -وهو ينطلق إلى الصلاة- فقضى الصلاة، ورجع عليه وهو ساجد، فقام النبي r فقال: «من يقتل هذا؟!»، فقام رجل فحسر عن يديه، فاخترط سيفه وهزه، ثم قال: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، كيف أقتل رجلا ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله؟، ثم قال r: «من يقتل هذا؟!»، فقام رجل فقال: أنا، فحسر عن ذراعيه، واخترط سيفه، وهزه حتى أرعدت يده، فقال: يا نبي الله، كيف أقتل رجلا ساجدا، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله؟، فقال النبي r: «والذي نفس محمد بيده، لو قتلتموه، لكان أول فتنة وآخرها».

حديث صحيح

أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص42)، وابن منيع في «المسند» (ج5 ص204-إتحاف الخيرة)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج3 ص174 و175)، وابن أبي عاصم في «السنة» (938) من طريق روح بن عبادة، ثنا عثمان الشحام، ثنا مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ج2 ص443).

وقال الحافظ الهيثمي في «الزوائد» (ج6 ص225): (رواه أحمد، والطبراني من غير بيان شاف، ورجال أحمد رجال الصحيح).

* وذكره ابن حجر في «الإصابة» (ج2 ص174)، والهيثمي في «بغية الباحث» (ص220).

2) وعن أبي سعيد الخدري t، أن أبا بكر t جاء إلى رسول الله r فقال: يا رسول الله، إني مررت بوادي كذا وكذا، فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي، فقال له النبي r: «اذهب إليه فاقتله»، قال: فذهب إليه أبو بكر، فلما رآه على تلك الحال، كره أن يقتله، فرجع إلى رسول الله r، قال: فقال النبي r لعمرt: «اذهب فاقتله»، فذهب عمر، فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر، قال: فكره أن يقتله، قال: فرجع، فقال: يا رسول الله، إني رأيته يصلي متخشعا فكرهت أن أقتله، قال: «يا علي، اذهب فاقتله»، قال: فذهب علي t فلم يره، فرجع علي، فقال: يا رسول الله، إنه لم يره، قال: فقال النبي r: «إن هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه، فاقتلوهم، هم شر البرية».

حديث حسن لغيره

أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص15)، والبخاري في «الكنى» (ج9 ص30) من طريق جامع بن مطر الحبطي، ثنا أبو رؤبة شداد بن عمران القيسي، عن أبي سعيد الخدري به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد، من أجل أبي رؤبة شداد القيسي، ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص226)، وفي «الكنى» (ج9 ص30)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص329)؛ ولم يذكرا فيه جرحا، ولا تعديلا.

وقال العلامة الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص659): (وإسناده حسن، رجاله ثقات معروفون، غير أبي رؤبة هذا، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه يزيد بن عبد الله الشيباني).

* وترجم له: ابن حبان في «الثقات» (ج4 ص358)، وابن حجر في «تعجيل المنفعة» (ص174)، وابن قطلوبغا الحنفي في «الثقات» (ج5 ص225 و226).

* ولذا جود ابن حجر في «فتح الباري» (ج12 ص298)؛ هذا الإسناد.

وقال الحافظ الهيثمي في «الزوائد» (ج6 ص225): (رواه أحمد، ورجاله ثقات).

3) وعن جابر t، قال: مر على رسول الله r رجل، فقالوا فيه وأثنوا عليه. فقال r: «من يقتله؟»، قال أبو بكر: أنا، فانطلق فوجده قد خط على نفسه خطة فهو قائم يصلي فيها، فلما رآه على ذلك الحال، رجع ولم يقتله، فقال رسول الله r: «من يقتله؟»، فقال عمر: أنا، فذهب فرآه يصلي في خطة قائما يصلي، فرجع ولم يقتله، فقال رسول الله r: «من له -أو من يقتله-؟»، فقال علي: أنا، فقال رسول الله r: «أنت ولا أراك تدركه». فأنطلق فوجده قد ذهب.

حديث حسن

أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج4 ص150)، وابن منيع في «المسند» (ج12 ص536-المطالب العالية)، وابن أبي شيبة في «المسند» (ج12 ص536-المطالب العالية) من طريق يزيد بن هارون، حدثنا العوام بن حوشب، حدثني طلحة بن نافع أبو سفيان، عن جابر به.

قلت: وهذا سنده حسن، من أجل طلحة بن نافع الواسطي، وهو في نفسه صدوق، وروايته عن جابر؛ قال بعضهم: إنما هي صحيفة، ولكن ثبت أنه كان جاره: بمكة بستة أشهر.

والحديث له شواهد أيضا.

وذكره الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج6 ص227)؛ ثم قال: رواه أبو يعلى، ورجاله، رجال الصحيح.

وأورده الحافظ الهيثمي في «المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي » (ج3 ص7).

وذكره الحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج5 ص198)؛ وعزاه إلى أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن منيع.

4) وعن أنس بن مالك t قال: ذكر رجل عند رسول الله r فذكروا من قوته في الجهاد والاجتهاد في العبادة، فأقبل الرجل، فقال رسول الله r: «والذي نفسي بيده إني لأرى في وجهه سفعة من الشيطان»([167])، ثم أقبل فسلم عليهم، فقال رسول الله r: «هل حدثت نفسك حين أشرفت علينا أنه ليس في القوم أحد خيرا منك؟»، قال: نعم. وذهب فاختط مسجدا، وصف قدميه يصلي، فقال رسول الله r: «أيكم يقوم إليه فيقتله؟»، فذهب أبو بكر فوجده يصلي، قال: فهاب أن يقتله، فقال رسول الله r: «أيكم يقوم إليه فيقتله؟»، فقال عمر: أنا أذهب إليه، فوجده يصلي، فصنع مثل ما صنع أبو بكر، ثم رجع. فقال علي: أنا، فقال r: «أنت إن أدركته»، فذهب فوجده قد انصرف، فقال رسول الله r: «إن هذا الأول قرن يخرج من أمتي، لو قتله، ما اختلف اثنان بعده من أمتي».

حديث حسن لغيره

أخرجه ضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج7 ص88 و90) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه قتادة بن دعامة السدوسي وهو مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث. ([168])

وتابعه: يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك به.

أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص154)، والمروزي في «السنة» (ص71)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص287)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص419)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص723)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج7 ص74)، واللالكائي في «الاعتقاد» (148)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص119)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص52)، وفيه: «ذكر عند رسول الله r رجل، فذكروا: قوته في العمل، واجتهاده في العبادة، فقال رسول الله r: إن هذا أول قرن خرج في أمتي، لو قتلته، ما اختلف: اثنان بعده من أمتي». وفي رواية: «والذي نفسي بيده إن بين عينيه: سفعة شيطان...، فقال النبي r: أيكم يقوم إلى هذا الرجل فيقتله؟».

قلت: وإسناده ضعيف، فيه يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص1071).

وتابعه: هود بن عطاء عن أنس بن مالك به.

أخرجه أبو يعلى في «المسند» (90)، و(4143)، والآجري في «الشريعة» (ج1 ص349)، وفيه: «إني لأرى على وجهه، سفعة من الشيطان... أجعلت في نفسك أن ليس في القوم أحد خير منك؟، قال: نعم، .... فقال رسول الله r: من يقتل الرجل؟... فقال علي t: أنا، فقال r: أنت تقتله إن وجدته، فذهب علي t، فجاء فقال له النبي r: مه يا علي، قال: وجدته قد خرج، فقال r: أما إنك لو قتلته، لكان أولهم وآخرهم، وما اختلف في أمتي اثنان».

قلت: وإسناده ضعيف، فيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، وهود بن عطاء منكر الحديث. ([169])

وتابعه: أبو سفيان عن أنس بن مالك به.

أخرجه البزار في «المسند» (ج14 ص60 و61)، وفيه: «إني لأرى على وجهه سفعة من النار... قلت في نفسك: إنك أفضل القوم؟، قال: نعم... فقال علي t: أفلا أقتله أنا يا رسول الله؟، قال r: بلى، أنت تقتله إن وجدته، فانطلق علي t، فلم يجده».

قلت: وإسناده ضعيف فيه: عبد الرحمن بن شريك النخعي، وهو صدوق يخطئ، وشريك بن عبد الله النخعي، صدوق يخطئ كثيرا، تغير حفظه. ([170])

وقال الحافظ الهيثمي في «الزوائد» (ج6 ص227): رواه البزار باختصار، ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم.

وأورده الحافظ ابن حجر في «مختصر زوائد مسند البزار» (ج2 ص53 و54)، والحافظ الهيثمي في «المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي» (ج3 ص5).

وتابعه: زيد بن مسلم عن أنس بن مالك به.

أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج6 ص340)، والآجري في «الشريعة» (ج1 ص309 و346)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص226) وفيه: «فقال رسول الله r، لأبي بكر t: قم فاقتله... لو قتل اليوم ما اختلف رجلان من أمتي حتى يخرج الدجال».

قلت: وإسناده ضعيف، فيه أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي، وهو ضعيف؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص998).

وقال الحافظ الهيثمي في «الزوائد» (ج7 ص257): (رواه أبو يعلى، وفيه أبو معشر نجيح، وفيه ضعف).

وقال الحافظ ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج2 ص607): (هذا حديث غريب جدا من هذا الوجه، وبهذا السياق).

وقال الحافظ حجر في «المطالب العالية» (ج12 ص538)؛ على أثره: (هذا حديث غريب، وأبو معشر فيه ضعف).

وقال الحافظ أبو نعيم في «الحلية»(ج3 ص226): (هذا حديث غريب من حديث زيد، عن أنس، لم نكتبه إلا من حديث أبي معشر، عن يعقوب، وقد رواه عن أنس عدة، وقد ذكرناهم في غير هذا الموضع).

قلت: والحديث لا ينزل عن درجة الحسن لغيره؛ بمجموع طرقه.

* وقد سبق الحديث شواهد؛ بمعناه.

قلت: وهذه الأحاديث تبين خطر فتنة: «ذي الخويصرة» الخارجي على الأمة الإسلامية، بل تبين فتنة: «الخوارج المارقة»؛ لأن الفتن سلسلة آخذة كل حلقة بأختها، حتى تصل إلى الدجال ([171])، والذي خشيه علينا نبينا r فتنة بعضنا من البغي، والظلم، والقتل، وهذا الذي بدأ زمن الخوارج، الذين خرجوا من ضئضئ هذا الرجل، الذي لو قتل، لكان أول فتنة وآخرها، كما قال النبي r.

قلت: فهذا يفيد البداية، والمنشأ؛ لفتنة: «الخوارج» الضلال.

وبوب الحافظ ابن حجر في «مختصر زوائد مسند البزار» (ج2 ص53)؛ باب: قتال أهل البغي، والخوارج.

وبوب الحافظ الهيثمي في «بغية الباحث» (ص220)؛ باب: في الخوارج؛ أهل البغي، وقتالهم.

وبوب الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج12 ص533)؛ باب: الزجر عن مقعد، الخوارج والمارقين.

قال الحافظ ابن كثير / في «البداية والنهاية» (ج7 ص228) عن الخوارج: (وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نوع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم،  وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج: إنهم المذكورون في قوله تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا[ [الكهف: 103-105].

*أن هؤلاء الجهلة الضلال، والأشقياء في الأقوال والأفعال، اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين، وتواطئوا على المسير إلى المدائن ليملكوها ويتحصنوا بها، ويبعثوا إلى إخوانهم وأضرابهم - ممن هو على رأيهم ومذهبهم، من أهل البصرة وغيرها - فيوافوهم إليها، ويكون اجتماعهم عليها... فخرجوا من بين: الآباء والأمهات، والأخوال والخالات، وفارقوا سائر القرابات، يعتقدون بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم، أن هذا الأمر يرضي رب الأرض والسماوات، ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر، والذنوب الموبقات، والعظائم والخطيئات، وأنه مما زينه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السماوات الذي نصب العداوة لأبينا آدم، ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسامهم مترددات، والله المسؤول أن يعصمنا منه بحوله وقوته، إنه مجيب الدعوات). اهـ

قلت: فهذا يمثل أول اشتداد الفتن والموج الذي يشبه موج البحر، إذ وصلت فتنتهم إلى كل مكان، وبقي أثرهم إلى الآن، والواقع المعايش بارز للعيان، في كثير من البلدان، وسيشتد مع مرور الزمان، وحسبنا الله وعليه التكلان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص496): (فإنه r: قد أخبر في غير هذا الحديث؛ أنهم: لا يزالون يخرجون إلى زمن الدجال، وقد اتفق المسلمون على أن الخوارج ليسوا مختصين بذلك العسكر).اهـ

يشير شيخ الإسلام ابن تيمية / إلى ما: أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ج1 ص177)؛ وغيره: بإسناد صحيح، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله r يقول: «ينشأ نشء يقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج فرق قطع، حتى يخرج في أعراضهم الدجال».

وبوب عليه: الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص582): استمرار خروج الخوارج.

* فمن سنة الله تعالى التي لا تتخلف البتة في الخوارج، ومن يسير على منهجهم في التغيير، أن هؤلاء يظهرون بين الفينة والفينة، ثم يقطعون، وورد القطع: بصيغة المبني للمجهول، فيقطعون بالحجة والبرهان؛ من قبل علماء السنة والأثر والحديث، والتخويف والتهديد من قبل السلطان، أو بهما جميعا، أو بما يقضيه الله تعالى في سنته الكونية.

وقد تفطن لهذا: الإمام وهب بن منبه؛ لما قال في نصيحته إلى أبي شمر ذي خولان -وهي طويلة جدا- وفيها قال /: (ألا ترى يا ذا خولان، أني قد أدركت صدر الإسلام، فوالله ما كانت للخوارج جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم، وما أظهر أحد منهم قوله قط؛ إلا ضرب الله عنقه، وما اجتمعت الأمة على رجل قط من الخوارج، ولو أمكن الله الخوارج من رأيهم لفسدت الأرض، وقطعت السبل، وقطع الحج من بيت الله الحرام([172])، وإذن لعاد أمر الإسلام جاهلية حتى يعود الناس يسثغيثون برؤوس الجبال([173])، كما كانوا في الجاهلية، وإذن لقام أكثر من عشرة -أو عشرين- رجلا ليس منهم رجل؛ إلا وهو يدعو إلى نفسه بالخلافة، ومع كل رجل منهم أكثر من عشرة الآف يقاتل بعضهم بعضا...) ([174]).

قلت: وهذا الذي حصل مع: «الخوارج» من أول تاريخ نشأتهم إلى يومنا هذا، والله المستعان. ([175])

قال الإمام ابن حزم / في «الأخلاق والسير» (ص84): (نوار الفتنة لا يعقد). اهـ

والمعنى: أن للفتنة مظهرا خادعا في مبدئه، قد يستحسن الناس صورتها، ويعقدون الآمال عليها، ولكن سرعان ما تموت وتتلاشى، مثل: الزهرة التي تموت قبل أن تتفتح وتعطي ثمرتها.

قلت: وعلى هذا لا نعطي أي ثائر خارجي سياسي آمالا كبيرة في الإصلاح والتغيير([176])، لأن سرعان ما تتحول الآمال إلى مآس وأحزان، وضحايا وتدمير([177]) كما هو مشاهد في البلدان الإسلامية.

* فتقوم خلافيات، وتهتك الأستار، ويشتد التنافس والضجيج، وتذهب الأوقات، وتضيع الأموال والجهود، ولكن من يتابع الأمور لا يجد حرصا من هؤلاء السياسيين من أي جماعة على وضع الحق في نصابه، وتقويم الاعوجاج، وإقامة الإصلاح في البلد.

* وذلك لأن التنافس هذا: على الزعامة، والرئاسة، وحطام الدنيا.

قلت: وهذا هو السبب الرئيسي في الخلافيات التي تقوم بين رؤوس الأحزاب، والله المستعان.

* وهذا مخالف لأحكام الشريعة في التحذير من التنافس على أمور الدنيا، والتنافس يكون على أمور الآخرة.

قال تعالى: ]وفي ذلك فليتنافس المتنافسون[ [المطففين: 26].

وعن أبي سعيد الخدري t، عن النبي r قال: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».([178])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «السياسة الشرعية» (ص454): (وإنما يفسد فيها -يعني: الإمارة- حال أكثر الناس لابتغاء الرئاسة، أو المال بها، وقد روى كعب بن مالك t عن النبي r أنه قال: «ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم؛ بأفسد لها من حرص المرء على المال، والشرف: لدينه».

* فأخبر r: أن حرص المرء على المال والرياسة، يفسد دينه، مثل، أو أكثر من إفساد الذئبين الجائعين لزريبة الغنم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على السياسة الشرعية» (ص455): (فهذان الذئبان الجائعان، أرسلا في غنم لا يبقى شيء، وتفسد كلها، كذلك الإنسان الذي يحرص على المال، أو على الشرف فإن ذلك يفسد الدين، ولهذا يجب أن تكون نيتك بعيدة عن هذا، بعيدة عن المال، بعيدة عن الشرف، نسأل الله أن يعيننا على ذلك.

* كثير من الناس ليس همه إلا أن يحصل المال، أو يحصل الشرف، ويكون ممن يشار إليه بالأصابع، وهذا يفسد الدين، لأن النفس تميل إلى المال، وتميل إلى الشرف، وتنسى ما هو أهم: مسألة الدين). اهـ

وعن عمرو بن عوف الأنصاري t أن رسول الله r قال عن المال الذي أتى من البحرين؛ قال: «فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها: كما تنافسوها، وتهلككم: كما أهلكتهم([179])».([180])

وعن أنس بن مالك t، عن النبي r قال: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة».([181])

قلت: وغاية هؤلاء الحزبية وأتباعهم: إما أن يغلبوا، وإما أن يغلبوا، ثم يزول أجرهم، ويفنى ذكرهم، ولا تكون لهم عاقبة، فلا أقاموا دينا، ولا أبقوا دينا، بخلاف العلماء الربانيين وأتباعهم، فإن لهم ثمرة، وحملوا الأمانة نقية، وسلموها لمن بعدهم ناصعة جلية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج4 ص528)؛ عن الخوارج: (وغاية هؤلاء: إما أن يغلبوا، وإما أن يغلبوا، ثم يزول ملكهم؛ فلا يكون لهم عاقبة...). اهـ

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الوثائق:

التي تدل على أن: «عبد المحسن العباد»، من خوارج القعدة، وأنه يرى الخروج بالكلمة على ولاة أمر المسلمين، بالإنكار عليهم في العلن أمام العامة في البلدان!، وهذا الفكر، هو الذي أنكره أهل السنة والجماعة على الخوارج قديما وحديثا، وهو مذهب: «الخوارج السرورية»

 

 

 

 

الوثيقة الأولى:

تبين أن: «عبد المحسن العباد» على فكر الخوارج، وأنه يرى الخروج على ولاة أمر المسلمين بالكلمة، والإنكار عليهم، ونصحهم في العلن أمام العامة، مادام أنهم أعلنوا المنكر، فهو من خوارج القعدة، وقد خالف في ذلك مذهب: أهل السنة والجماعة في النصيحة لولاة الأمر في السر، دون أن يحدثوا فتنة في البلدان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

* وهذا الفكر الخبيث، هو: «الفكر السروري»، قديما الذي نشره: «سلمان العودة»، و«سفر الحوالي»، و«ناصر العمر»، وغيرهم.

* وهذا: «الفكر السروري»، هو الذي أنكره كبار العلماء، برآسة الشيخ عبد العزيز بن باز /.

 

 

 

الوثيقة الثانية:

تبين احتجاج: «الفرقة الفركوسية»، وهم من الخوارج في هذا العصر، بفتاوى: «عبد المحسن العباد»، مما يدل على أنه على فكر الخوارج في الإنكار العلني، وإلا كيف احتج هؤلاء الخوارج بفتاوى: «عبد المحسن العباد» في ذلك؟!، فهو من خوارج القعدة.

 

 

 

 

الوثيقة الثالثة:

تبين احتجاج الخوارج بفتاوى: «عبد المحسن العباد»، في جواز الإنكار العلني على ولاة أمر المسلمين، مما يدل أن فتاويه تخدم فكر الخوارج في هذا العصر!، لأنه يرى الخروج عليهم بالكلمة في العلن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هذا مقطع مرئي للمدعو: فيصل بن قزاز الجاسم الحزبي، يحتج بفتاوى: «عبد المحسن العباد»، في جواز الخروج بالكلمة على ولاة أمر المسلمين.

 

الوثيقة الرابعة:

تكشف حساب: «عبد المحسن العباد»،  وأنه عمل بعلمه، والقائم عليه أحد أبنائه، وأن ذلك نشر حتى في موقعه الرسمي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الوثيقة الخامسة:

تبين أن: «عبد المحسن العباد»،  على مذهب: «خوارج القعدة»، في إنكاره العلني على ولاة الأمر، والتحريض عليهم في بلاد الحرمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الوثيقة السادسة:

تبين: «الفكر الخارجي»، : لـ«عبد المحسن العباد»،  وأنه على مذهب: «خوارج القعدة»، في التحريض على ولاة أمر المسلمين في بلاد الحرمين.

 


    

ذكر الدليل

على كشف خبث: «سليمان الرحيلي»، في ادعائه، أنه لا بأس بالإنكار على ولاة أمر المسلمين، إذا كان المنكر صاحب هيبة!، وأمنت الفتنة

 

* وهذا القول ليس بقول: أهل السنة والجماعة، بل هذا القول: هو قول الخوارج قديما وحديثا، وأنهم: قالوا لا يجوز الإنكار على الولاة مطلقا، لأن ذلك لا بد أن يهيج فتنة في البلدان، لذلك النبي r والصحابة ومن تابعهم بإحسان أنكروا على ذي الخويصرة الخارجي، وبينوا أمره، مع أن إنكاره كان بالكلمة، ولم يهيج فتنة في ذلك الوقت، لكنهم: رأوا العاقبة الوخيمة في مثل هذا الإنكار

* والعجيب: أن «سليمان الرحيلي» المميع: يدافع عن: «عبد المحسن العباد»، في الإنكار العلني، رغم أنه يعلم أن ذلك من: «الفكر السروري»، بل يعلم بخطئه، مع ذلك يدافع عنه، بلف ودوران، ولم يصرح بالرد عليه.

 

* سئل: سليمان الرحيلي؛ هناك من يروج عن: «الشيخ عبد المحسن العباد»، أنه يرى الإنكار العلني على الولاة؟.

فأجاب الرحيلي: (لا!، الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله، يرى أن ولي الأمر هو: الحاكم للبلاد ([182])، وأن من دونه ليسوا حكاما، وإنما هم: عمال؛ يرى أنه يجوز: نقدهم، ويجوز كذا.

* أما الحاكم فلا يرى أنه ينكر عليه ([183])؛ إلا إذا كان الحاكم موجودا، حال فعل المنكر، وكان المنكر ذا هيبة، وأمنت الفتنة، هذا الذي سمعته من الشيخ عبد المحسن العباد، بالنسبة للحاكم.

* فهذا خلط، يعني: «الشيخ عبد المحسن العباد»، لا يرى أن الوزراء، ومن دونهم في منصب: ولي الأمر. ([184])

السائل: هل يسوغ الخلاف في مثل هذه المسائل؟.

فأجاب الرحيلي: أما الإنكار على الحاكم، وإنكار بفتنة: هذا إجعله ضابطا([185])، هكذا؛ الإنكار بفتنة، الإنكار الذي يترتب عليه فتنة، وذهاب الهيبة، وتهييج العامة، هذا ما يختلف فيه السلف، أنه: ممنوع.

* لكن قد يجتهد في هذه المسألة، ولا نقول أنه: مجتهد، لكنه: نقول أنه مخطئ، إن عرفنا من أصوله أنه رجل يتبع السنة، ويريد السنة([186])، قلنا: عالم سنة أخطأ.

* وإذا عرفنا من أصوله أنه على طريقة: «السرورية»، وطريقة: «المهيجة»، فقلنا: هو سار مسارهم([187])، وهو منهم، ولا تختلط الأمور) ([188]). اهـ  كلام الرحيلي.

 * وكلامه كله يتصبب: جهلا، باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل كشف جهله للناس في أصول الدين.

قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «الرحيلي»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برايه ومرامه.

وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به.

* فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وهذا يدل على أن: «الرحيلي» بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، ولا يجوز الخلط والخبط في الدين.([189])

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على كشف تلبيسات، وتدليسات، وشبهات، وتخرصات، ومفتريات؛ المدعو: «فيصل بن قزاز الجاسم» الحزبي في الدين([190])، وبيان احتجاجه الباطل بفتوى: «عبد المحسن العباد» في الإنكار العلني على ولاة الأمر في الخليج والبلدان الأخرى، وأنه وافق الخوارج قديما وحديثا، وهذا يدل على جهله بمنهج السلف الصالح في السياسة الشرعية، وأن: «عبد المحسن العباد» ليس بحجة في العلم، ولا يؤخذ عنه الدين ولا كرامة، بل ما يأخذ عنه من الفتاوى، إلا ما بين سفيه، ووضيع، من أمثال: فيصل الجاسم هذا.

 

اعلم رحمك الله، أن الذي قاله: المدعو «فيصل الجاسم» الحزبي، ونقله، عن موقف: «عبد المحسن العباد»، في فتاويه في الإنكار العلني في البلدان على ولاة الأمر، وبزعمه: التصريح بأسماء المسؤولين، والإنكار على الجهات الرسمية في العلن، وأن ذلك من المصلحة، وليس هو من الإنكار العلني، فهذا قوله ونقله: من أبطل الباطل في الدين.

* وهذا يدل على سفاهة عقله، وأنه جاهل بمنهج السلف الصالح في «السياسة الشرعية»، جملة وتفصيلا.

* والجاسم: هذا وجد فرصة في ذلك، واحتج بفكر([191]): «عبد المحسن العباد»، في الخروج على ولاة الأمر، بالكلمة، فأعلن مذهب الخوارج، نعوذ بالله من الخذلان. ([192])

     * وكلامه كله يتصبب: جهلا، باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل كشف جهله للناس في أصول الدين.

قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «الجاسم»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برايه ومرامه.

وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به.

* فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وهذا يدل على أن: «الجاسم» بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، ولا يجوز الخلط والخبط في الدين.([193])

    

ذكر الدليل

 على كشف تلبيسات، وتدليسات، وخارجيات، المدعو: «عبد المحسن العباد»، والتي حاول قديما؛ أن يخفيها، ويكنها في قلبه على ولاة أمر المسلمين، وهذا ليس بغريب عليه مادام يخالط الحزبية من القديم، ويفتي لهم، ويدافع عنهم

 

* فلا بد أن يدخل في نفسه من أفكارهم المشبوهة، وأنه لا بد أن يران على قلبه من أفكار الخوارج، شاء أم أبى.

* ولذلك: لا يحتج بفتاوى المدعو: «عبد المحسن العباد» قديما، وحديثا، إلا الخوارج السفهاء في هذا العصر الحاضر، من: «التراثية»، و«القطبية»، و«الربيعية»، و«المرجئية»، و«الفركوسية»، وغيرهم، من المتحزبة.

* فيأخذون فتاوى هذا الرجل الباطلة؛ لأنها تخدم أفكارهم الحزبية، التي يستطيعون بها أن يضلوا الشباب المسكين الذين يأتون من جهتهم في المدينة وغيرها، مما يدل على أن العباد، هذا منهم، وعلى أفكارهم الحزبية.

 

نقل؛ فيصل بن قزاز الجاسم([194]): مقالات، لـ«عبد المحسن العباد»، توحي بمذهب: «الخوارج» قديما، وحديثا.

* وأن من مذهبه: الإنكار العلني على ولاة أمر المسلمين، في دول «الخليج» وفي غيرها، والإنكار العلني على الوزراء، والمسؤولين في الدول، وهذا كله: مخالف لاعتقاد أهل السنة والجماعة.

* وهذا المذهب الباطل، لم يأت من: «عبد المحسن العباد»، عبثا، وفي لحظة، لا: بل هذا: «الفكر الخارجي»، أتى بعلم منه، وقد وقع فيه قديما وحديثا.

* وأنه على صلة بالمتحزبة، والمميعة في البلدان، يفتي لهم، ويحتجون بما يفتي من الباطل، علمه من علم، وجهله من جهل.

قال فيصل بن قزاز الجاسم: قال عبد المحسن العباد: (إذا ظهرت أمور منكرة؛ من المسؤولين في الدولة، أو غير المسؤولين؛ سواء في «الصحف»، أو في غيرها، فالواجب: إنكار المنكر علانية، كما كان ظهوره: علانية) ([195]). اهـ

ثم نقل: فيصل الجاسم، عن: «عبد المحسن العباد»، مقالات في الإنكار على «الملك عبد الله آل سعود» /، وبعض الحاشية، أنه ينكر عليهم في العلن!. ([196])

ثم نقل: فيصل الجاسم، عن: «عبد المحسن العباد»، مقالات في الإنكار على: «الملك سلمان آل سعود» حفظه الله، أنه ينكر عليه علانية.

ثم زعم: فيصل الجاسم، أن: «عبد المحسن العباد»، من العلماء، وأنه أفتى بالإنكار العلني على ولاة أمر المسلمين في دول الخليج وغيرها، وسمى في الإنكار أسماء ولاة الأمر، وأن ذلك من النصيحة!.

ثم ذكر: فيصل الجاسم التلبيس على الناس، وأن: «عبد المحسن العباد»، قرر في كتبه، أن النصيحة تكون سرا، وفرق بين النصيحة، والإنكار!. ([197])

المراجع لمقالات عبد المحسن العباد:

1) مقال جديد: بعنوان: «وزير التعليم والتغريبيون يسعون بضراوة، لتدمير بلاد الحرمين» ([198])، لعبد المحسن العباد، في سنة: «1443هـ».

2) مقال: بعنوان: «رد اعتراضات على كارثة القرار الجائر من وزير التعليم»، لعبد المحسن العباد، في سنة: «2017».

3) مقال: بعنوان: «اتباع بلاد الحرمين ملة الغربيين ([199]) يرضيهم، وما سواه: يعجبهم، ولا يكفيهم»، لعبد المحسن العباد، في سنة: «1439هـ».

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على أن النصيحة؛ لولاة أمر المسلمين، تكون سرا، لا جهارا مطلقا،

وفي ذلك قمع للمدعو: «عبد المحسن العباد»، الذي يدعي، أن الولاة إذا أعلنوا المنكر، فلا بد أن يعلن عليهم النصح أمام العامة، وهذا الأمر، لم يقل به أهل السنة والجماعة([200])، لا قديما، ولا حديثا، وقالوا: أن ذلك يعتبر خروجا بالكلمة، وبينوا للناس، أن نصح ولاة الأمر يكون في السر، أنفع وأفضل بإذن الله تعالى، وحذروا من هذا الفكر، وقالوا: أن الإنكار العلني عليهم من منهج الخوارج المبتدعة

 

سئل: عبد المحسن العباد، الذي تكرر الاستدلال؛ بهذه الحادثة -يعني: حديث أبي سعيد الخدري t ([201])، في الإنكار- على جواز الإنكار على الأئمة: أمام العامة، أو العلانية؟.

فأجاب العباد: (إذا ما ترتب على ذلك -يعني: الإنكار العلني- مضرة، فلا بأس.

* يعني: إذا وجد المنكر، ورآه: فإنه يبين هذا المنكر، لأن المنكر الذي ظهر، فإنكاره أيضا كذلك، وظهر تبعا لظهور المنكر!.

السائل: من يقول بالتفريق بين النصيحة للولاة، وبين إنكار المنكر، النصيحة تكون بالسر، أما الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فإذا كان المنكر علانية، فينكر عليهم علانية، استدلالا، بفعل أبي سعيد الخدري t؟.([202]) 

فأجاب العباد: لا شك أن النصيحة بالسر([203])، والكتابة لهم، أو الاتصال بهم، فهذا لا شك أنه طيب، والفائدة تكون فيه حاصلة بإذن الله تعالى.

* لكن إذا وجد المنكر، والناس رأوه، فالسكوت على المنكر؛ يعني: معناه كأنه يكون فيه إقرار له، وعدم الإنكار له، فإنكاره، وبيانه أن ذلك غير سائغ([204])، أن هذا مثل: ما حصل لأبي سعيد الخدري t).([205]) اهـ كلام العباد.

     * وكلامه كله يتصبب: جهلا، باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل كشف جهله للناس في أصول الدين.

قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «العباد»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برايه ومرامه.

وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به.

* فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وهذا يدل على أن: « العباد» بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، ولا يجوز الخلط والخبط في الدين.([206])

اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

* فلنشرع الآن في المقصود، بحول الله، وقوته، فنقول:

 

 

 

    

ذكر الدليل

 على أن النصيحة؛ لولاة أمر المسلمين، تكون سرا، لا جهارا

 

1) عن عياض بن غنم t قال: قال رسول الله r: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، وليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك، وإلا كان أدى الذي عليه). ([207])

فدل الحديث: على أن النصيحة تكون للولاة سرا، لا علانية، ولا جهرا، ولا تشهيرا، فوق المنابر، والمحافل، والمساجد، والصحف، والمجلات، وغير ذلك من باب النصيحة في شيء، فلا تغتر بمن يفعل ذلك، وإن كان عن حسن نية، فإنه خلاف السنة.

وهو أصل: في إخفاء نصيحة السلطان، وأن الناصح إذا قام بالنصح على هذا الوجه، فقد برئ.

والحجة إنما هي في حديث رسول الله r، لا في قول، أو فعل أحد من الناس، مهما كان.

قال تعالى: ]إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون[ [النور: 51 و52].

وقال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا[ [الأحزاب: 36].

وقال تعالى: ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا[ [النساء: 61].

إلى قوله تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

وأحذر إخواني المسلمين: من مخالفة النبي r، وأن في مخالفته فتنة كبيرة، وعذابا وضلالا، قال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63]، وقال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].

وبناء على هذا الحديث العظيم: جاءت أقوال السلف، وأفعالهم، على وفقه كما سترى النقل عن بعضهم في هذا المسطور.

2) وعن سعيد بن جمهان قال: (أتيت عبد الله بن أبي أوفى، وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟، فقلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: فما فعل والدك؟، قال: قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله r أنهم كلاب النار، قال: قلت: الأزارقة وحدهم، أم الخوارج كلها؟، قال: بلى، الخوارج كلها، قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم؟، قال: فتناول يدي، فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال: ويحك يا ابن جمهان، عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك، فأته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك، وإلا فدعه، فإنك لست بأعلم منه). ([208])

3) وعن أسامة بن زيد أنه قيل له: ألا تدخل على عثمان لتكلمه؟ فقال: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟، والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه). ([209])

قال القاضي عياض /: (مراد أسامة: أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام، لما يخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطف به، وينصحه سرا فذلك أجدر بالقبول).([210]) اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني /: (يعني: المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملإ، لأن في الإنكار جهارا ما يخشى عاقبته كما اتفق في الإنكار على عثمان جهارا إذ نشأ عنه قتله). ([211]) اهـ

وقال الإمام ابن النحاس / في «تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أفعال الهالكين» (ص64): (ويختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد، بل يود لو كلمه سرا، ونصحه خفية من غير ثالث لهما). اهـ

وقال الإمام ابن مفلح / في «الآداب الشرعية» (ج1 ص175): (ولا ينكر أحد على السلطان إلا وعظا له، وتخويفا، أو تحذيرا من العاقبة في الدنيا والآخرة، فإنه يجب، ويحرم: بغير ذلك، ذكره القاضي وغيره). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» (ج4 ص556): (ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل: أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به، ويبذل له النصيحة، ولا يذل سلطان الله، وقد قدمنا في أول كتاب «السير» أنه لا يجوز الخروج على الأئمة، وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ...). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم» (ص22): (ليس من منهج السلف: التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به، حتى يوجه إلى الخير). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /: (فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان، وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلا لإثارة الناس، وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور، فهذا عين المفسدة، وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس.

* كما أن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى، وكذا ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها.

* فإذا حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء، وهيبة ولاة الأمر، ضاع الشرع والأمن، لأن الناس إن تكلم العلماء لم يثقوا بكلامهم، وإن تكلم الأمراء تمردوا على كلامهم، وحصل الشر والفساد.

فالواجب: أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه ذوي السلطان، وأن يضبط الإنسان نفسه، وأن يعرف العواقب.

* وليعلم أن من يثور؛ إنما يخدم أعداء الإسلام، فليست العبرة بالثورة، ولا بالانفعال، بل العبرة بالحكمة، ولست أريد بالحكمة: السكوت عن الخطأ، بل معالجة الخطأ لنصلح الأوضاع، لا لنغير الأوضاع، فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها). ([212]) اهـ

* فنصيحة الأمير بالسر، وبنية خالصة، تعرف فيها النتيجة النافعة للإسلام والمسلمين.

* ومع وجوب نصيحة الحكام والولاة؛ فإن هناك شروطا ذكرها العلماء، ومنها؛ أن يقوم بنصيحتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر: العلماء والفقهاء، وليس الأمر متروكا للعامة والآحاد؛ لأنه قد يؤدي إلى مفسدة وفتنة، ومنها؛ وجوب اتباع سبيل الرفق واللطف واللين لدى نصح الولاة والحكام، والبعد عن مواجهتهم ومخاطبتهم بالعنف والغلظة والشدة، ومنها؛ اتباع سبيل الإسرار في نصيحتهم، وهذا ما بينه الرسول r في حديث إسناده صحيح: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه).([213])

قال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج2 ص38): (وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وأمرهم به، وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه، ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتألف قلوب الناس لطاعتهم). اهـ 

وقال الإمام ابن أبي زمنين / في «أصول السنة» (ص276): (فالسمع والطاعة لولاة الأمر: أمر واجب، ومهما قصروا في ذاتهم فلم يبلغوا الواجب عليهم، غير أنهم يدعون إلى الحق، ويؤمرون به، ويدلون عليه، فعليهم ما حملوا، وعلى رعاياهم ما حملوا من السمع والطاعة لهم). اهـ

وقال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح / في «صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط» (ص224): (والنصيحة لأئمة المسلمين، أي لخلفائهم وقادتهم: معاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وتنبيههم، وتذكيرهم في رفق ولطف، ومجانبة الخروج عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق، وحث الأغيار على ذلك). اهـ

وقال الحافظ الخطابي /: (ومن النصيحة لهم: الصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج بالسيف عليهم، إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة، وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى لهم بالصلاح). ([214]) اهـ

* وهذا الذي قرره هؤلاء الأئمة من كون مناصحة ولي الأمر إنما تكون سرا... ولا يكون ذلك على رؤوس المنابر، وفي مجامع الناس، لما ينجم عن ذلك غالبا من تأليب العامة، وإثارة الرعاع، وإشعال الفتن.

* وهذا ليس دأب أهل السنة والجماعة، بل سبيلهم ومنهجهم: جمع قلوب الناس على ولاتهم، والعمل على نشر المحبة بين الراعي والرعية، والأمر بالصبر على ما يصدر عن الولاة من أخطاء، مع قيامهم بمناصحة الولاة سرا... والتحذير من المنكرات عموما دون تخصيص فاعل، كالتحذير من الربا عموما، ومن الزنى عموما... ونحو ذلك.

قال الحافظ ابن الجوزي /: (الجائز من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين: التعريف والوعظ، فأما تخشين القول نحو: يا ظالم، يا من لا تخاف الله، فإن كان ذلك يحرك فتنة يتعدى شرها إلى الغير: لم يجز...). ([215]) اهـ

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والمسانيد» (ج21 ص285): (أن من الدين: النصح لأئمة المسلمين، وهذا أوجب ما يكون، فكل من واكلهم وجالسهم، وكل من أمكنه نصح السلطان، لزمه ذلك، إذا رجا أن يسمع منه). اهـ

تبين: أن الخروج عن طاعة ولي الأمر والافتيات عليه، بغزو أو غيره: معصية، ومشاقة لله تعالى، ورسوله r، ومخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة.

* وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي، والمخالفات التي لا توجب الكفر، والخروج من الإسلام، فالواجب فيها:

* مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس، ومجامع الناس، واعتقاد أن ذلك: من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد، وهذا غلط فاحش، وجهل ظاهر، لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا، كما يعرف ذلك من نور الله تعالى قلبه، وعرف طريقة السلف الصالح، وأئمة الدين. ([216])

4) وعن سعيد بن جبير / قال: (قلت لابن عباس : آمر إمامي بالمعروف؟، قال : إن خشيت أن يقتلك: فلا، فإن كنت فاعلا: ففيما بينك وبينه)، زاد أبو عوانة: (ولا تغتب إمامك). ([217])

5) وعن طاووس /: (أن رجلا أتى ابن عباس ، فقال: ألا أقوم إلى هذا السلطان فآمره وأنهاه ؟، قال: يكن لك فتنة، قال: أفرأيت إن أمرني بمعصية؟، قال: " فذاك الذي تريد؟، فكن حينئذ رجلا). ([218])

* فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن، ولكن ليس من السنة أن تشهر بإمامك.

عن المعلى بن زياد قال: (قيل للحسن البصري: يا أبا سعيد خرج خارجي بالخربية -موضع بالبصرة- فقال: المسكين رأى منكرا فأنكره، فوقع فيما هو أنكر منه). ([219])

* فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ إذا لم يكن منضبطا بالضوابط الشرعية المنصوصة في كتاب الله، وسنة رسوله r، وما جاء عن السلف الصالح: فإنه وبال على الأمة، وباب فتنة على القائم به، وعلى جماعة المسلمين.

قلت: فإن عجز المنكر، والناصح للسلطان، فليس عليه إلا الإنكار بقلبه، ليس عليه أكثر من ذلك، وإليك الدليل:

قال تعالى: ]لا نكلف نفسا إلا وسعها[ [الأنعام: 152].

وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها[ [الطلاق: 7].

وقال تعالى: ]لا تكلف نفس إلا وسعها[ [البقرة: 233].

وعن أبي سعيد الخدري t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). ([220])

* فهذا الحديث خطاب لجميع الأمة، وهو دال على وجوب إنكار المنكر بحسب القدرة، وأن إنكاره بالقلب لا بد منه، فمن لم ينكر قلبه المنكر فقد هلك. ([221])

عن طارق بن شهاب قال: (جاء عتريس بن عرقوب الشيباني إلى عبد الله بن مسعود t، فقال: هلك من لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال ابن مسعود t: بل هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر). ([222])

قال الحافظ ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج2 ص245): (يشير إلى أن معرفة المعروف والمنكر بالقلب: فرض، لا يسقط عن أحد، فمن لم يعرفه هلك). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (ج2 ص6): (ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار: رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على المنكر، فطلب إزالته، فتولد منه ما هو أكبر، فقد كان رسول الله r يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها...). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر /: (... فإن لم يقدر فبلسانه، فإن لم يقدر فبقلبه، ليس عليه أكثر من ذلك، وإذا أنكر بقلبه، فقد أدى ما عليه إذا لم يستطع سوى ذلك).([223]) اهـ

وسئل الإمام مالك بن أنس /: أيأتي الرجل السلطان فيعظه، وينصح له، ويهديه إلى الخير؟، فقال: (إذا رجا أن يسمع منه، وإلا فليس ذلك عليه). ([224])

قلت: فمتى التزم الناصح النصح الشرعي للولاة، أثمر نصحه ثمرته، وبرئت عهدة الناصح، ووافق شرع الله في أمره ونهيه.

إذا: علم من الكتاب والسنة والآثار أن الإنكار على الولاة يراعي فيه ما يلي:

أولا: لا ينكر باليد، ولا يشهر عليه السلاح.

ثانيا: أن تكون مناصحته سرا.

ثالثا: أن يتلطف معه في الكلام.

رابعا: أن العاجز ليس عليه الإنكار إلا بقلبه.

قال عبد الله بن مسعود t: (إنها ستكون هنات وهنات، فبحسب امرئ إذا رأى منكرا لا يستطيع له غيرا أن يعلم الله أنه له كاره). ([225])

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 



([1]) وهذا الذي فعله: «عبد المحسن العباد»، في نقده للأمراء، والوزراء في: «التواصل المرئي»، و«التواصل الاجتماعي»، وهذا: «مذهب الخوارج».

([2]) فوقع: «عبد المحسن العباد»، في: «مذهب الخوارج»، ولا بد، ولا يفلح إلى أن يموت، إذا لم يتب ويعلن توبته أمام الملإ.

([3]) لم يعمل هذا الأمر: «عبد المحسن العباد»، لأنه يرى رأي الخوارج في الإنكار العلني.

([4]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «حكم من نقد الأمراء والوزراء في مواقع التواصل الاجتماعي»، في سنة: «1443هـ».

([5]) وهذا مذهب: «عبد المحسن العباد» تماما، في أن طريقته، هي طريقة: «الخوارج» في الإنكار العلني على الأمراء، والوزراء، في «التواصل المرئي»، و«التواصل الاجتماعي».

([6]) فعبد المحسن العباد: هذا يثير الفتن على ولاة أمر المسلمين.

([7]) فلم يسمع ويطع: «عبد المحسن العباد»، لولي أمره، فخرج على طاعته؛ فهلك مع الهالكين.

([8]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «حكم الإنكار على الأمراء والوزراء في العلن»، بصوت: «الشيخ صالح الفوزان»، في سنة: «1443هـ».

([9]) وفي هذا رد على: «عبد المحسن العباد»، الذي يجوز الإنكار العلني على: «الأمراء»، و«الوزراء»، وغيرهم، فوقع في مذهب: «خوارج القعدة»، ولا بد.

([10]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «نواب ولي الأمر: من الأمراء والوزراء والمدراء طاعتهم من طاعة ولي الأمر»، بصوت: «الشيخ ابن عثيمين»، في سنة: «1434هـ».

([11]) وهو حديث: (من أهان سلطان الله في الأرض، أهانه الله). وفي رواية: (أهانه الله يوم القيامة).

     وهو حديث حسن. أخرجه الترمذي في «سننه» (2225)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص42) عن أبي بكرة t.

([12]) وليس: «ابن سبإ» شخصية، وهمية، وأسطورة خيالية؛ كما يدعيه أهل البدع اليوم، بل هو معروف تماما.

([13]) كما يفعل دعاة التهييج السياسي تماما في هذا العصر الحاضر!.

([14]) وإلى الآن فكر الخروج يخرج من مصر، وهل فكر: «ابن لادن»؛ إلا فكرة مصرية خارجية، اللهم غفرا.

([15]) انظر: «الإرهاب وآثاره على الأفراد والأمم» للمدخلي (ص30).

([16]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص617)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص744).

([17]) انظر: «الإرهاب وآثاره على الأفراد والأمم» للمدخلي (ص34).

([18]) قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص51): (ليس هذا من باب الحصر -يعني: في ذكر حديث الفرق- لأن الفرق كثيرة جدا، إذا طالعتهم في كتب الفرق، وجدتهم أنهم فرق كثيرة لكن -والله أعلم- أن هذه الثلاث والسبعين هي أصول الفرق، ثم تشعبت منها فرق كثيرة، وما الجماعات المعاصرة الآن، المخالفة لجماعة أهل السنة والجماعة؛ إلا امتداد لهذه الفرق، وفروع عنها). اهـ

([19]) ومهد لهم: «النظام الديمقراطي»، في نشر أفكارهم الخارجية بين المسلمين، اللهم سلم سلم.

     وفي ذلك قال صلاح الصاوي -وهو من رؤوس القطبية- في كتاب «الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر» (ص63): (ومعيار التطرف والاعتدال؛ هو: القبول بلعبة الديمقراطية، والاشتراك في العمل السياسي، والتعبير عن الرأي...). اهـ

([20]) ولذلك عندما اطمأن أهل الإسلام في البلاد، وسنحت للخوارج الجدد الفرصة في الآونة الأخيرة؛ هجموا من فوق المنابر على أهل الإسلام من الحكام، والعلماء، والناس، بوسائل كثيرة، وأساليب متنوعة ماكرة ليمزقوا وحدة المسلمين مع حكوماتهم في البلاد، اللهم سلم سلم.

([21]) ولم يسلم من طعنهم، وكيدهم أحد، لا الحكام، ولا العلماء، ولا طلبة العلم.

([22]) انظر: «السنة» للخلال (ج1 ص145).

([23]) انظر: «الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص107)، و«الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص75).

([24]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص170)، و«مجموع الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص282).

([25]) انظر: «مناصحة الإمام وهب بن منبه لرجل تأثر بمذهب الخوارج» (ص4).

([26]) فتأثر بهذه الأساليب الماكرة من تأثر ممن قل نصيبه من العلم والدين، فخدعه زهد الخوارج القدماء والجدد، وعبادتهم المزيفة، وشدتهم في الدين المزعومة.

([27]) فمن أراد الله تعالى به خيرا ساق له طلبة السنة، فناصحوه، ورجع عن السياسة، ومنهج الخوارج، كل ذلك بأسلوب واضح مدعم بالأدلة التي يفهمها أولو الألباب.

([28]) انظر: حتى النبي r؛ لم يسلم من مكر الخوارج، اللهم غفرا.

([29]) الحناجر: جمع حنجرة، وهي رأس الغلصمة، حيث تراه ناتئا من خارج الحلق.

([30]) يمرقون، أي: يجوزونه، ويخرقونه، ويتعدونه؛ كما يخرق السهم الشيء المرمي به ويخرج منه.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص174)، و(ج4 ص30).

([31]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص70).

([32]) غائر العينين، أي: أن عينيه داخلتان في محادجهما.

([33]) مشرف الوجنتين، أي: مرتفعها.

([34]) ناشز الجبهة، أي: بارز الجبهة.

([35]) مقف، أي: مولي، قد أعطانا قفاه وولى.

([36]) ضئضئ: هو أصل الشيء، والمراد: يخرج من أصل -يعني: من صلبه ونسله- هذا الرجل قوم، وهم: الخوارج.

([37]) وكان يقال للخوارج: القراء، لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج12 ص283)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص161 و162)، و«جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير (ج10 ص88).

([38]) يتلون كتاب الله رطبا: المراد الحذق في التلاوة، أي: يأتون به على أحسن أحواله، وقيل: المراد أنهم يواظبون على تلاوته فلا تزال ألسنتهم رطبة به، وقيل: هو كناية عن حسن الصوت له؛ كأحسن ما يقرؤه الناس.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج12 ص294)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص114)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج1 ص769).

([39]) أي: لو أدركهم، وتمكن، وقدر، على قتلهم لفعل عليه الصلاة والسلام.

([40]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص283)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص742)، ومالك في «الموطإ» (ج1 ص204).

([41]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج12 ص301).

([42]) وأخرجه مالك بن أنس في «الموطإ» (ق /120 و121/ط).

([43]) مثل البضعة تدردر: البضعة؛ القطعة من اللحم، وتدردر أصله: تتدردر، ومعناه: تضطرب، وتتحرك، وتذهب، وتجيء.

([44]) على حين فرقة، أي: وقت افتراق الناس، أي: افتراق يقع بين المسلمين، وهو الافتراق الذي كان بين علي، ومعاوية ﭭ.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص166)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص133)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص117).

([45]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص742).

([46]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص162)، و«فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج12 ص291)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص113)، و«إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» للقسطلاني (ج14 ص406).

([47]) التحليق: إزالة الشعر.

([48]) التسبيد: استئصال الشعر.

([49]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص2748).

([50]) انظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج10 ص556). 

([51]) سيماهم التحالق: السيما: العلامة، والمراد بالتحالق: حلق الرؤوس.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص167). 

([52]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص744). 

([53]) أي: افتراق يقع بين المسلمين، وهو الافتراق الذي كان بين: علي، ومعاوية ﭭ.

([54]) هذه الرواية صريحة: في أن عليا t، كان هو المصيب المحق، والطائفة الأخرى: أصحاب معاوية t كانوا متأولين، وفيه التصريح: بأن الطائفتين، مؤمنون، لا يخرجون بالقتال عن الإيمان، ولا يفسقون.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص167)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص117).

([55]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص744). 

([56]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج12 ص289). 

([57]) أحداث الأسنان، معناه: صغار الأسنان، وأحداث: جمع حدث، والحدث هو الصغير في السن، والأسنان: جمع سن، والمراد: به العمر، والمراد: أنهم شباب لم يكبروا حتى يعرفوا الحق.

([58]) سفهاء الأحلام، معناه: صغار العقول، والأحلام: جمع حلم، والمراد: به العقل، والمعنى: أن عقولهم رديئة، والعقول، والسفه: الخفة في العقل والجهل.

([59]) يقولون من خير قول البرية: معناه في ظاهر الأمر كقولهم: «لا حكم إلا لله»، ونظائره من دعائهم إلى كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص169)، و«فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج12 ص287)، و«جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير (ج10 ص82)، و«إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري» للقسطلاني (ج14 ص406)، و«تحفة الأحوذي: شرح جامع الترمذي» للمباركفوري (ج6 ص425).

([60]) والحناجر: جمع حنجرة، وهي الحلقوم والبلعوم، وكله يطلق على مجرى النفس، وهو طرف المريء مما يلي الفم.

([61]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص283)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص746)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص127).

([62]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج12 ص288).

([63]) وهذا رد على خوارج العصر الذين يهتمون بعداوة أهل الشرك في الخارج، ويتركون عداوة أهل البدع في الداخل، اللهم غفرا.

([64]) قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص294): (أي: يخرجون من الإسلام، بغتة: كخروج السهم إذا رماه). اهـ

([65]) انظر: «الخوارج» للسعوي (ص31).

([66]) مخدج اليد: ناقص اليد، أو ناقص الخلق.

([67]) مودن اليد: ناقص اليد، وصغير اليد.

([68]) مثدون اليد: صغير اليد.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص171)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص108)، و«جامع الأصول في أحاديث الرسول» له (ج10 ص80 و81)، و«إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (ج3 ص618)، و«المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج2 ص27)، و«عون المعبود: بشرح سنن أبي داود» للآبادي (ج13 ص108).

([69]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص747)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص121)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص59).

([70]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص748)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص124)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج10 ص47).

([71]) الحرورية: هم الخوارج، سموا حرورية، لأنهم نزلوا حروراء، وتعاقدوا عندها على قتال أهل العدل، حروراء: قرية بالعراق قريبة من الكوفة.

([72]) كلمة حق أريد بها باطل: معناه أن الكلمة أصلها صدق، قال تعالى: ]إن الحكم إلا لله [ [يوسف:40]؛ لكنهم أرادوا بها الإنكار على علي بن أبي طالب t، في تحكيمه.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص173)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص117).

([73]) طبي شاة: المراد به ضرع الشاة.

([74]) في خربة، أي: في خرق من خروق الأرض، والخربة أيضا، مواضع الخراب، وهو ضد العمران.

     انظر «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص174)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص115).

([75]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص749)، والآجري في «الشريعة» (ج1 ص353)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج2 ص952).

([76]) البطر: الطغيان عند النعم، وطول الغنى.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص135).

([77]) ثم لا يعودون فيه، أي: في الدين.

     قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص286): (وهذا مما يؤيد قول من قال: بكفرهم).هـ

([78]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص750)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص60)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص31)، والطيالسي في «المسند» (ص60).

([79]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص290)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص750)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص486).

([80]) يتيه قوم قبل المشرق، أي: يذهبون عن الصواب، وعن طريق الحق، يقال: تاه إذا ذهب، ولم يهتد لطريق الحق، أي: يتحيرون، ويذهبون في غير وجه صحيح.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص175)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص121).

([81]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص750).

([82]) حديث حسن.

     أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص481)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص59)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص404) من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله t به.

     قلت: وهذا سنده حسن.

     وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

([83]) حديث صحيح.

     أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج3 ص107) من طريق وهب بن بقية، أنا خالد عن سليمان التيمي عن أنس به.

     قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج4 ص519).

     وأخرجه الشحامي في «السباعيات» (ق/20/ط)، وابن أبي شيبة في «المسند» (937) من طريق أبي العباس أحمد السقطي، نا يزيد بن هارون، نا سليمان التيمي عن أنس بن مالك عن رجل من أصحاب رسول الله ﷺ عن النبي ﷺ به.

     قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات.

     وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (ج2 ص447) من طريق عبيد الله بن معاذ، ثنا معتمر، ثنا أبي، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ذكر لي أن رسول الله ﷺ قال: «يخرج فيكم -أو يكون فيكم- قوم يتعبدون ويتدينون، حتى يعجبوكم وتعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».

     قلت: وهذا سنده صحيح.

     وأخرجه أحمد في «المسند» (ج20 ص243 و244 و289)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (ج2 ص595) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، ويحيى بن سعيد القطان، كلاهما: عن سليمان التيمي حدثنا أنس بن مالك t قال: ذكر لي، أن النبي ﷺ قال: (إن فيكم قوما، يعبدون، ويدينون، حتى يعجبوا الناس، وتعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية).

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([84]) الفوق: موضع وقوع الوتر من السهم، أي: لا يرجعون حتى يرتد السهم إلى مكانه، وهذا من باب التعليق بالمحال.

     انظر: «جامع الأصول في أحاديث الرسول» لابن الأثير (ج10 ص87).

([85]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص123)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص148)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص224)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص171)، والآجري في «الشريعة» (ج1 ص142) من طرق عن الأوزاعي حدثني قتادة عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك به.

     قلت: وهذا سنده لا بأس به، وقد صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ج2 ص444).

     وقال الحافظ المنذري في «المختصر» (ج7 ص154): (قتادة لم يسمع من أبي سعيد الخدري، وسمع من أنس بن مالك). اهـ

     وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج12 ص287).

     وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج5 ص337)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص430)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص147) من طرق عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس بن مالك وحده به.

     قال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين.

     وأخرجه الحاكم  في «المستدرك» (ج2 ص148) من طريق أبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي، ثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن علي الناجي عن أبي سعيد الخدري وحده به.

     قال الحاكم: لم يسمع هذا الحديث قتادة من أبي سعيد الخدري، إنما سمعه من أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري.

     قلت: وسعيد بن بشير الأزدي وهو ضعيف، كما في «التقريب» لابن حجر (ص374).

([86]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص197)، و«إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (ج3 ص611)، و«المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج2 ص24).

([87]) حديث صحيح.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص31)، وابن عدي في «الكامل» (ج7 ص2666)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص133)، وأبو يعلى في «المسند» (ج2 ص341)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص233)، والقطيعي في «زوائد فضائل الصحابة» (ج2 ص627)، وابن حبان في «صحيحه» (ج15 ص385)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص67)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد فضائل الصحابة» (ج2 ص637)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (ج1 ص239)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج12 ص64)، والنسائي في «الخصائص» (ص134) من طرق عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري به.

     قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات.

     وذكره الحافظ الهيثمي في «المجمع» (ج9 ص133)؛ ثم قال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير فطر بن خليفة وهو ثقة.

([88]) فرضي الله عن علي بن أبي طالب، وأين لنا مثل عراجينه ليقطع بها ظهور خوارج العصر، قاتلهم الله.

([89]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص279)، و(ج7 ص481 و483 و484)، و«الاستقامة» له (ج1 ص431).

([90]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص464)، ومسلم في «صحيحه» (61) من حديث أبي ذر t.

([91]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص514) من حديث أبي هريرة t.

([92]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص514)، ومسلم في «صحيحه» (60)، من حديث ابن عمر ﭭ.

([93]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص514)، من حديث ثابت بن الضحاك t.

([94]) أي: يعلم أنه باطل، أو يعلم نفسه أنه على باطل، أو يعلم أن خصمه على الحق، أو يعلم الباطل، أي: ضده الذي هو الحق، ويصر عليه.

([95]) أي: يترك وينتهي عن مخاصمته.

([96]) ردغة الخبال: هي طين، ووحل كثير... عصارة أهل النار.

     انظر: «عون المعبود» لأبي عبد الرحمن الآبادي (ج3 ص334).

([97]) حديث صحيح.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص23)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص70)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص27)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص82)، وفي «شعب الإيمان» (ج6 ص121) من طريق زهير، ثنا عمارة بن غزية، عن يحيى بن راشد، عن ابن عمر t به.

     قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني / في «الصحيحة» (ج1 ص798).

     وقال الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج3 ص152): (رواه أبو داود، والطبراني: بإسناد جيد).

([98]) حديث صحيح.

     أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ج1 ص62) من طريق هشام بن عمار، ثنا يحيى بن حمزة، ثنا الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر به.

     قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات.

     قال الحافظ البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ج1 ص84): (هذا إسناد صحيح، احتج البخاري بجميع رواته).

     والحديث حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص583)، وفي «صحيح سنن ابن ماجه» (ج1 ص35).

     قلت: والحديث يدل على استمرار خروج الخوارج، إلى أن يخرج الدجال، أي: لا يزالون يخرجون حتى يخرج في آخرهم الدجال.

([99]) انظر: «حاشية سنن ابن ماجه» (ج1 ص62).

([100]) انظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص583).

([101]) وقال الشيخ عبد العزيز بن باز /: (الخوارج من الاثنتين وسبعين فرقة).

     «شريط مسجل» بعنوان: «أسئلة الطائف»، في سنة «1419هـ».

([102]) حديث حسن لغيره.

     أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص457)، وفي «السنن الصغرى» (ج7 ص119)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص424)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج17 ص379)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج12 ص461)، والبزار في «المسند» (ج9 ص294 و305)، والروياني في «المسند» (ص766) من طريق حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس عن شريك بن شهاب به.

     قلت: وهذا سنده فيه شريك بن شهاب الحارثي وهو مقبول، كما في «التقريب» لابن حجر (ص435)، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج4 ص360)، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص365)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص238)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.

     وقال الحافظ الذهبي في «الميزان» (ج2 ص269): (لا يعرف إلا برواية الأزرق بن قيس عنه).

     وقال الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص458): (شريك بن شهاب ليس بذاك المشهور).

     قلت: فحديثه هذا يصلح للشواهد، ويشهد له حديث ابن عمر السابق.

([103]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص160)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص110)، و«الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج10 ص273)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق ابن مفلح (ج9 ص160)، و«كشاف القناع عن متن الإقناع» للبهوتي (ج5 ص638).

([104]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج63 ص383) من طريق أبي الفضل الرازي، أخبرنا جعفر بن عبد الله، حدثنا محمد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري، حدثنا علي بن عبد الله المديني، حدثنا هشام بن يوسف الصنعاني أبو عبد الرحمن -قاضي صنعاء-، أخبرني داود بن قيس به.

     قلت: وهذا سنده حسن.

     وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج31 ص150)، والذهبي في «السير» (ج4 ص553).

([105]) فكل رجل يبتدع بدعة؛ يتبعونه: الهمج والرعاع على بدعته، نعوذ بالله من دعاة البدع.

([106]) حديث حسن.

     أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص68)، وبحشل في «تاريخ واسط» (ص198)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص306) من طريقين عن عمرو بن يحيى بن سلمة الهمداني قال: حدثني أبي، قال: فذكره.

     قلت: وهذا سنده حسن.

     والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص11).

     * والحديث: له طرق، عند الطبراني في «المعجم الكبير» (9 رقم:8633 و8636)، وعبد الرزاق في «المصنف» (5408)، وأبي نعيم في «الحلية» (ج4 ص381)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» (3089).

     وهو حديث حسن.

([107]) فالبدعة مآلها إلى الخطر، والانسلاخ من الدين، وربما الخروج على المسلمين، وهذا مبين في قوله تعالى: ]لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].

([108]) انظر: «سلسلة الآثار الصحيحة» لأبي عبد الله الداني (ج1 ص98).

([109]) ولا يسمع نصائح أهل العلم في ذلك، وما أتاه هذا إلا من جهله، وانحراف مسلكه، والله المستعان.

([110]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص305) من طريق أبي أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([111]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص305) من طريق وكيع عن عكرمة بن عمار عن عاصم بن شميخ به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([112]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص313) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن عيينة عن معمر عن ربعي عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([113]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص325)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (ج2 ص579) من طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت مصعب بن سعد به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

     وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2392)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج9 ص33) من وجه آخر.

([114]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص425)، والنسائي في «تفسير القرآن» (ج2 ص26)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2392)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص33) من طريق شعبة عن عمرو بن مرة به.

([115]) حديث صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج10 ص117) من طريق ابن جريج به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([116]) أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج12 ص252)، وابن عبد البر في «الاستذكار» تعليقا (ج8 ص90)، والبغوي في «شرح السنة» تعليقا (ج10 ص233).

     ووصله الطبري في «تهذيب الآثار» (ج5 ص259)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص335) من طرق عن ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكيرا -هو ابن عبد الله بن الأشج- حدثه أنه سأل نافعا: كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية؟.

     وإسناده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «فتح الباري» (ج12 ص286) قال: (يراهم شرار خلق الله، انطلقوا إلى آيات في الكفار فجعلوها في المؤمنين).

([117]) يشير إلى حديث عبادة بن الصامت t: (بايعنا رسول الله r على السمع والطاعة... وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا...).

     أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص192)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1470).

([118]) انظر: «الخوارج: تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها» للعواجي (ص155).

([119]) انظر: «الخوارج» للعواجي (ص155).

([120]) حديث صحيح، يأتي تخريجه.

([121]) حديث حسن.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص382) من طريق أبي النضر، ثنا الحشرج بن نباته به.

     قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ص522).

     وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص230)؛ ثم قال: (رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات).

     وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج3 ص571) من طريق عبد الله بن المبارك عن الحشرج به.

     وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (ج2 ص483)، والحنائي في «الفوائد» (ق/14 /ط) من طريق أبي الوليد الطيالسي عن الحشرج به.

     وأخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج7 ص1231) من طريقين عن سعيد بن جهمان به.

([122]) انظر: «حقيقة الخوارج» للجاسم (ص18).

([123]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص331)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2290) من طريق الأعمش عن أبي وائل به.

([124]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج13 ص52).

([125]) انظر: «مختصر صحيح مسلم» (335).

([126]) نقلا عن رسالة: «حقوق الراعي والرعية» (ص29).

([127]) انظر: «فقه التعامل مع الحاكم» للدكتور محمد هنادي (ص89).

([128]) انظر: «الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج1 ص176).

([129]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو داود في «المسائل» (ص271).

     وإسناده صحيح.

([130]) انظر: «تاج العروس من جواهر القاموس» للزبيدي (ج5 ص195)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص3003)، و«العين» للخليل (ج3 ص1501).

([131]) انظر: «معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص3006).

([132]) انظر: «شعر الخوارج» للدكتور عبد الرزاق حسين (ص218).

([133]) فخوارج القعدة: لا يقاتلون تقية من أجل دنياهم؛ فتنبه: لذلك.

     انظر: «الخوارج» للعواجي، تحت عنوان: «آراء الخوارج في التقية» (ص448)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص12 و115)، و«الخوارج» للمنيعي (ص24).

([134]) كما يلجأ خوارج القعدة في هذا العصر للحماية إلى: «لندن»، و«أمريكا»، وغيرها، كـ«محمد بن سرور»، و«عمر بن عبد الرحمن»، و«أبي قتادة الفلسطيني»، و«أبي حمزة المصري»، و«المسعري»، وغيرهم.

([135]) انظر: «شعر الخوارج» للدكتور عبد الرزاق حسين (ص218).

     * والقعدة: في هذا العصر يقيمون بين الفساق في دور الكفر، وهم يدعون أنهم على الهدى!.

([136]) باسم: «الإسلام»، وباسم: «الأعمال الخيرية»، وهذه الأمور لا يدركها، إلا أهل العلم، واتخاذهم المساجد مقرا لهم، والتآمر فيما بينهم في جمع التبرعات فيها، والاستفادة من المصلين ومن أموالهم.

     * ولا يزال هؤلاء سبب ريبة، وشك في الدين؛ لكثير من الناس؛ لأنهم يظهرون شيئا، ويبطنون شيئا آخر، اللهم سلم سلم.

     قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ـ عضو هيئة كبار العلماء ـ في «إعانة المستفيد» (ج1ص243): (التنبيه على خداع المخادعين، وأن يكون المؤمنين على حذر دائما من المشبوهين، ومن تضليلهم، وأنهم قد يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالمشاريع الخيرية ـ كبناء المساجد! ـ ولكن ما دامت سوابقهم، وما دامت تصرفاتهم تشهد بكذبهم؛ فإنه لا يقبل منهم، ولا ننخدع بالمظاهر دون النظر إلى المقاصد وإلى ما يترتب ـ ولو على المدى البعيد ـ على هذه المظاهر ... فتنبيه المسلمين إلى الحذر في كل زمان ومكان من تضليل المشبوهين وأن كل من تظاهر بالخير، والصلاح، والمشاريع الخيرية، لا يكون صالحا ... فإننا نأخذ الحذر منه ولا ننخدع).اهـ

([137]) كـ «عبد الرحمن بن عبد الخالق» رئيس الجماعة التراثية، و«سلمان العودة»، و«عائض القرني»، و«سفر الحوالي»، وغيرهم.

([138]) انظر: «الخوارج» للعقل (ص53)، و«شعر الخوارج» للدكتور عبد الرزاق حسين (ص128)، و«الخوارج» للعبيكان (ص32).

([139]) انظر: «شر قتلى تحت أديم السماء» «كلاب أهل النار» للحارثي تقديم الشيخ صالح الفوزان (ص20)، و«الخوارج» للعبيكان (ص32).

([140]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو داود في «المسائل» (ص271).

     وإسناده صحيح.

([141]) ولذلك الخوارج يظهرون الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لكن بدون إخلاص لله تعالى.

([142]) كـ«خروج الجماعة التراثية».

([143]) انظر: «فتاوى العلماء الأكابر» (ص96).

([144]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص283)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص746)، من حديث علي بن أبي طالب t.

     حدثاء الأسنان: جمع حديث، وجمع سن، والمراد: صغار السن، أي: أنهم شباب لم يكبروا، ولم يتعلموا حتى يعرفوا الحق.

     وسفهاء الأحلام: معناه صغار العقول مع الجهل، والمراد بالحلم: العقل، والسفه: الخفة في العقل والجهل.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص169)، و«فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج12 ص78).

([145]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص748)، من حديث علي بن أبي طالب t.

([146]) حديث صحيح.

     أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص117)، من حديث أنس بن مالك t.

     والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج4 ص519).

([147]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص283)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص746)، من حديث علي بن أبي طالب t.

([148]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص290)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص770)، من حديث سهل بن حنيف t.

([149]) فهؤلاء تشبهوا بالعلماء وليسوا منهم.

([150]) فهذه دعواهم العريضة: بأن العلماء لا يفقهون الواقع... بخلاف هؤلاء الخوارج القعدة السياسيين؛ فإنهم علماء بفقه الواقع!، وعلماء بالفتوى في آن واحد!، فكانوا عند أشياعهم هم الأولى بالإتباع والتقديم، اللهم غفرا.

([151]) انظر: «إرشاد البرية إلى شرعية الانتساب للسلفية ودحض الشبه البدعية» للحسيني (ص166).

([152]) عواطف بلا علم، ولا فقه!.

([153]) وقاعدتهم: «اختلف العلماء على قولين...»!.

([154]) بل ويحاربونك حتى على: «المسائل الفقهية»!.

([155]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص742)، من حديث أبي سعيد الخدري t.

([156]) ويرجع سبب تفرقهم إلى فرق متباينة: إلى كثرة الاختلاف فيما بينهم، وتحيز كل فرقة لما ارتأت وتجمعها حوله حتى صاروا جماعات متباينة، وجمعيات حزبية متفرقة.

([157]) وهذا الجناح: سلاحه سيفه.

([158]) وهذا الجناح: سلاحه تحريضه.

([159]) لا أراه يقصد بذلك إلا التفجيرات؛ لأنهم يعتبرون ذلك من الجهاد، كما هو معلوم عند أهل العلم، والذي يقوم بذلك، هو «الجناح الأول» المسلح.

([160]) ويقوم: «الجناح الثاني» بالنكير على: «الجناح الأول» للمصلحة العامة للجماعة القعدية في: «الصحف»، و«الجرائد»، و«التلفاز»، وغير ذلك.

([161]) يعني: الخروج على الحكام إذا بلغوا القوة.

([162]) «القطبيون، ومخططاتهم» (ص10-مذكرة).

([163]) فتجدهم إذا سجن منهم أناسا، من الثوريين نصبوا: أنفسهم للدفاع عنهم، في جميع وسائل الإعلام، والله المستعان.

([164]) قدم لهذا الكتاب: العلامة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل /؛ عضو: «هيئة كبار العلماء»، و«إمام وخطيب المسجد الحرم المكي».

([165]) هذا المنهج في الفرقة التراثية تماما، وفي غيرها من الفرق.

([166]) كـ«الجماعة السرورية»، و«الجماعة القطبية»، و«الجماعة الإخوانية»، و«الجماعة التراثية»، و«الجماعة الصوفية»، و«الجماعة الأشعرية»، و«الجماعة اللادنية»، و«الجماعة الداعشية»، و«الجماعة الربيعية»، وغيرها، كلها جماعات من الخوارج، اللهم سلم سلم.

([167]) السفعة، والسفع: السواد، وبه سفعة من الشيطان، أي: مس من الجنون، والشيطان.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص374)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج8 ص156 و158).

([168]) انظر: «تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص146).

([169]) انظر: «التقريب» لابن حجر (ص983)، و«لسان الميزان» له (ج6 ص201).

([170]) انظر: «التقريب» لابن حجر (ص436 و582).

([171]) قلت: وهذا يدل على استمرار خروج الخوارج، ووصول فتنتهم إلى كل مكان.

([172]) إي والله! والتاريخ الحديث شاهد على ذلك.

     * فقد قام: «أحمد الأزايدة» الخارجي -وهو رأس من رؤوس الإخوان المسلمين- في الأردن أمام حشد هائل في مهرجان خطابي، دعا فيه المسلمين إلى مقاطعة الحج إلى بيت الله الحرام، حتى يخرج الأمريكان من الخليج!.

     قلت: ولا أدري من أين أخذ هذه الفكرة الخبيثة، والعياذ بالله.

([173]) وهكذا حصل مع أهل الجزائر في فتنة عمياء، وأهل الأفغان وغيرها نعوذ بالله من الخذلان.

([174]) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج63 ص383)؛ بإسناد جيد.

([175]) وانظر: «التاريخ» للطبري (ج5 ص313)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج10 ص306)، و«الفصل في الملل والأهواء والنحل» لابن حزم (ج4 ص190).

([176]) ولا بد أن نفهم الأمور على حقيقتها؛ لأننا نعيش في زمن قل فيه العلم، وعم فيه الجهل، ورفع الغوغاء والهمج رؤوسهم، وغلبت على النفوس الشبهات والشهوات، اللهم غفرا.

([177]) تحت مسمى: «الجهاد!»، و«القتال!»، و«الاعتصام!»، و«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، و«العمليات الاستشهادية!»، و«الإصلاح!»، و«العدل!»، و«الخطاب العصري!»، و«تجديد الخطاب!»، و«الفقه العصري!»، و«المقاطعة!»، وغير ذلك.

([178]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص1096).

     * فاتقوا الدنيا، أي: احذروا الفتنة بالدنيا، اللهم سلم سلم.

([179]) أي: هلك طالبها، والمتنافس عليها، الحريص على جمعها، القائم على حفظها، المحب لأموالها ورئاستها، نسأل الله السلامة والعافية.

     قلت: فهذا حال المشتغلين بالسياسة اليوم، من ركوب الموجات، والدخول في الدهاليز المظلمة، والتخطيط للوصول إلى المصالح الشخصية، وغير ذلك مما، هو مشاهد ملموس في البلدان الإسلامية.

([180]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج11 ص208)، ومسلم في «صحيحه» (1805).

([181]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج7 ص302)، ومسلم في «صحيحه» (1805).

([182]) وهذا من الكذب: «عبد المحسن العباد»، صرح بأنه ينكر على ولي الأمر، الذي هو: حاكم البلاد، مع نوابه الوزراء، وغيرهم، إذا أعلنوا؛ بزعمه: المنكرات في البلدان، والرحيلي: يقول: يرى كذا، هذا تستر على صاحب المنكر.

([183]) وهذا باطل أيضا، ولا يجوز الإنكار على الوزراء، لأنهم نواب ولي الأمر، وهذا الإنكار يهيج الفتن على العباد في البلاد، وهو مخالف، لمنهج: «الشيخ ابن باز»، و«الشيخ ابن عثيمين»، و«الشيخ الألباني»، و«الشيخ الفوزان»، و«الشيخ عبد العزيز آل الشيخ»، وغيرهم.

([184]) بل يرى: «عبد المحسن العباد» الإنكار على حاكم البلاد، وقد صرح بذلك، وقال بزعمه: مادام حاكم البلاد صرح وأعلن بالمنكر علانية، فإنه يقول: ينكر علانية.

     * وهذا من تلبيس: «سليمان الرحيلي»، على الشباب المسكين الذين يأتون من جهته في المدينة.

     * وأئمة الحديث، نهوا عن الإنكار العلني مطلقا، لأنه لا بد أن يهيج فتنة في البلدان، حتى لو كانت في القلوب، وهذا مشاهد من إنكار الخوارج في هذا العصر، على ولاة الأمر قديما وحديثا.

     * وقد أفتى: «الشيخ ابن باز»، و«شيخنا ابن عثيمين»، و«الشيخ الألباني»، و«الشيخ الفوزان»، و«الشيخ عبد العزيز آل الشيخ»، و غيرهم، بتحريم الإنكار على ولاة الأمر مطلقا، ولم يقولوا: بهيبة المنكر، ولا بأمن الفتنة، فهذا قولك من: «الفكر السروري»، الذي تزعم أنك تحذر منه، نعوذ بالله من الخذلان.

([185]) هذا الضابط من كيسك، فلم يثبت في الشرع، وقد أنكر الشارع على: «الخوارج» مطلقا، لأن إنكارهم خراب الديار في البلدان.

([186]) لو كان كما زعمت أنه صاحب سنة، لكف لسانه عن: «فكر الخوارج»، فلما وقع في: «مذهب الخوارج»، عرفنا أنه: على مذهبهم.

([187]) أنت تساير المميعة في المدينة، فأنت منهم.

([188]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «الرد على شبهة أن الشيخ عبد المحسن العباد، يجيز الإنكار العلني على الولاة»، بصوت: «سليمان الرحيلي»، في سنة: «1444هـ».

([189]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].

     * فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.

     * وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.

     * وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول r: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.

([190]) لم يحتج بأفكار: «العباد»، إلا هذا التراثي الخارجي، وأمثاله.

([191]) وهذا يدل أن «المميعة»، المبتدعة، قديما وحديثا، يحتجون بفتاوى: «عبد المحسن العباد»، لأنها تخدم أفكارهم المشبوهة في البلدان، مما يدل على انحرافه في المنهج.

([192]) راجع: «التواصل المرئي»، بعنوان: «ضلالات عبد المحسن العباد في طعنه في ولاة الأمر»، بصوت: «فيصل بن قزاز الجاسم» الحزبي في سنة: «1444هـ».

([193]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].

     * فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.

     * وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.

     * وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول r: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.

([194]) وهذا الجاسم الحزبي، يحتج به في جواز الخروج على ولاة الأمر بالكلمة، وينقل عنه أمام الناس.

([195]) وهذا فكر الخوارج، قديما، وحديثا، وهو مخالف لمنهج: «الشيخ ابن باز»، و«لشيخنا ابن عثيمين»، و«الشيخ الألباني»، و«الشيخ الفوزان»، و«الشيخ عبد العزيز آل الشيخ»، وغيرهم.

([196]) وهذا هو: «الفكر السروري»، الذي قام به من أمثال: «سلمان العودة»، و«سفر الحوالي»، و«ناصر العمر»، وغيرهم، لما أعلنوا النكير على ولاة الأمر، فوقعت الفتن المهلكة في دول الخليج، وفي غيرها.

([197]) وهذا من التلبيس على الناس، فكيف تقول أن: «عبد المحسن العباد»، يقول بالإنكار علانية على ولاة الأمور، ثم تقول: أنه قرر بالنصيحة أن تكون سرا، فهذا تناقض، مما يدل أن: «العباد» غير ضابط لمنهج السلف الصالح في: «السياسة الشرعية»، وهذا من الخبط والخلط في الدين.

([198]) نقول: لـ«العباد» ومن تابعه، أنتم نسيتم تدميركم للشباب المسكين في المدينة وغيرها، الذين يأتونكم من الخارج والداخل، حيث علمتموهم: التمييع مع أهل البدع، والإرجاء، وتعطيل الصفات، والانحراف في مسائل الإيمان، وغير ذلك من الضلالات؛ فهذه أولى أن تنكرونها، ليست المعاصي كما تزعمون: ]أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون[ [البقرة: 44].

([199]) وهذا المقال: من: «عبد المحسن العباد»، يوجب إلى تكفير: «بلاد الحرمين» مطلقا، وأنهم بزعمه، تركوا: «ملة الإسلام»، واتبعوا: «ملة النصارى»، وهذا واضح.

     * وهذه المقالات التي تكلم فيها: «عبد المحسن العباد»، لم يحتج بها إلا الخوارج في هذا العصر.

([200]) منهم: «الشيخ ابن باز»، و«الشيخ ابن عثيمين»، و«الشيخ الألباني»، و«الشيخ الفوزان»، و«الشيخ عبد العزيز آل الشيخ»، وغيرهم.

([201]) وهذا النصح الذي جرى، كان أمام السلطان، لم يكن في العلن في «التواصل المرئي»، وفي«التواصل الاجتماعي»، في العالم كله.

     * فلا حجة فيه: لـ«عبد المحسن العباد»، ومن تابعه من الخوارج.

     * ثم إن نصوص الشرع في نصيحة ولي الأمر تكون سرا، أكثر وأوضح، والعلم في ذلك، يحمل هذا، على هذا، وكفى.

([202]) هذا الحديث، استدلت به: «الفرقة السرورية»، في الإنكار العلني على ولاة أمر المسلمين، والآن يستدل به: «عبد المحسن العباد»، ومن تابعه، على الإنكار العلني على الولاة: ]تشابهت قلوبهم[ [البقرة: 118].

([203]) سبحان الله: هنا يقر «عبد المحسن العباد» أن النصيحة لولاة الأمر في السر، أفضل وأنفع، ثم يتناقض كعادته في قراراته، ونقض قوله هذا، وقال بقول: «الجماعة السرورية» الذين من قبله، في الإنكار العلني على ولاة أمر المسلمين، مما يسبب الفتن على العباد في البلاد.

([204]) هذا: قول «الخوارج السرورية» قديما، وهو مخالف لمنهج: «الشيخ ابن باز»، و«الشيخ ابن عثيمين»، و«الشيخ الألباني»، وغيرهم، في الإنكار في السر، وهذه هي النصيحة الصادقة.

([205]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «هل يجوز الاستدلال، بقصة أبي سعيد الخدري، مع مروان، على جواز الإنكار على ولاة الأمور أمام العامة»، بصوت: «عبد المحسن العباد»، في سنة: «1443هـ».

([206]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].

     * فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.

     * وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.

     * وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول r: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.

([207]) حديث صحيح.

     أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (ج2 ص507) من طريق بقية، حدثنا صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد قال: قال عياض بن غنم، لهشام: ألم تسمع بقول رسول الله r... فذكره.

     قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ص507).

     وتابعه: أبو المغيرة عن صفوان به.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص403 و404)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص228)؛ وفيه قصة جرت بين عياض بن غنم، وهشام بن حكيم، وكلاهما: صحابي، تأتي.

     وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص229): (رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلا أني لم أجد لشريح من عياض، وهشام: سماعا، وإن كان تابعيا).

     وقد توبع: فأخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج2 ص154)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص290)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص164)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص367) من طريقين عن عبد الله بن سالم الزبيدي، حدثني الفضيل بن فضالة، يرده إلى عبد الرحمن بن عائذ، يرده إلى جبير بن نفير: ( أن عياض بن غنم وقع على صاحب داريا حين فتحت، فأتاه هشام بن حكيم، فأغلظ له القول، ومكث عياض ليالي، فأتاه هشام يعتذر إليه، فقال: يا عياض، ألم تسمع رسول الله r يقول: «أشد الناس عذابا يوم القيامة أشدهم عذابا للناس في الدنيا»، فقال عياض: يا هشام!، إنا قد علمنا الذي علمت، ورأينا الذي رأيت، وصحبنا الذي صحبت، أو لم تسمع يا هشام رسول الله r يقول: «من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فليأخذ بيده، فينصحه، فإن قبلها، وإلا كان قد أدى الذي عليه»، وإنك يا هشام لأنت الجريء، أذ تجترئ على سلطان الله، فما خشيت أن يقتلك سلطان الله عز وجل، فتكون قتيل سلطان الله تعالى).

     وإسناده حسن.

     وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص230): (رجاله ثقات، وإسناده متصل).

     * فهذا إنكار عياض بن غنم، على هشام بن حكيم: الإنكار العلني على الولاة، وسياقه الدليل القاطع على وجوب الإسرار في الإنكار، وما كان لهشام بن حكيم، إلا التسليم، والقبول لهذا الحديث، وفيه حجة على كل من خالف النص، كائنا من كان.

([208]) حديث حسن.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص382) من طريق أبي النضر، ثنا الحشرج بن نباته به.

     قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ص522).

     وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص230)؛ ثم قال: (رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات).

([209]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص331)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2290) من طريق الأعمش عن أبي وائل به.

([210]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج13 ص52).

([211]) انظر: «مختصر صحيح مسلم» (335).

([212]) نقلا عن رسالة: «حقوق الراعي والرعية» (ص29).

([213]) انظر: «فقه التعامل مع الحاكم» للدكتور محمد هنادي (ص89).

([214]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج2 ص38).

([215]) انظر: «الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج1 ص176).

([216]) انظر: «نصيحة مهمة في ثلاث قضايا» لعلماء نجد الأعلام، جمع ابن برجس (ص47).

([217]) أثر صحيح.

     أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج13 ص273) من طريق سعيد بن منصور حدثنا أبو عوانة، وجرير، عن معاوية بن إسحاق، عن سعيد به.

     قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات.

     وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج13 ص273) من طريق شعبة، عن معاوية بن إسحاق قال: سمعت سعيد به.

     قلت: وهذا سنده صحيح أيضا.

     وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص74) من طريق مغيرة، عن ابن إسحاق، عن سعيد بن جبير به.

     وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص113) من طريق حفص بن عمر عن معاوية بن إسحاق عن سعيد به.

([218]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص348)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج13 ص274)، والمروذي في «أخبار الشيوخ» (ص56) من طريق معمر عن ابن طاووس عن أبيه به.

     قلت: وهذا سنده صحيح رجاله كلهم ثقات.

([219]) أثر حسن.

     أخرجه الآجري في «الشريعة» (ج1 ص245) من طريق الصلت بن مسعود قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنا المعلى به.

     قلت: وهذا سنده حسن.

([220]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص69) من عدة طرق عنه به.

([221]) انظر: «معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة» لابن برجس (ص121).

([222]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص112) من طريقين عن قيس بن مسلم عن طارق به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([223]) انظر: «الكنز الأكبر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للصالحي (ص119).

([224]) انظر: «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» لابن عبد البر (ج21 ص285).

([225]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي الدنيا في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص126)، والحميري في «جزئه» (ص112) من طريق عبد الملك بن عمير قال، سمعت الربيع بن عميلة، قال: سمعت عبد الله بن مسعود به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan