القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / القصف المظفر على بدر بن علي العتيبي لإفتائه بالتبرك الممنوع وهو من الشرك الأكبر

2024-10-25

صورة 1
القصف المظفر على بدر بن علي العتيبي لإفتائه بالتبرك الممنوع وهو من الشرك الأكبر

       
 

سلسلة

النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية

 

 
 
    شكل بيضاوي: 76

 

 

 

 

 

القصف المظفر

على

 بدر بن علي العتيبي لإفتائه بالتبرك الممنوع وهو من الشرك الأكبر

 

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

 

 

     

المقدمة

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام، على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن أفضل العلوم نفعا، وأعلاها مرتبة ومنزلة: هو العلم النافع، بما يجب على العبد لربه سبحانه، وإلهه عز وجل، من توحيد الله في: «ربوبيته»، و«ألوهيته»، و«أسمائه وصفاته»، ومن أجل ذلك خلق الله الخلق، وبعث الرسل، وأنزل الكتب.

* فعلم التوحيد أشرف العلوم، وأفضلها على الإطلاق، وهو حق الله تعالى على عباده أجمعين، ولهذا خلق عباده: مفطورين على الإقرار به.

قال تعالى: ]واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون[ [الزخرف: 45].

وقال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إلهإلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25].

وقال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56].

* فتكون دلالة هذه الآية: إذا أن كل فرد من أفراد العبادة، يجب أن يكون لله وحده، دون ما سواه؛ لأن الذي خلقهم إنما خلقهم، لأجل أن يعبدوه.

* فكونهم يعبدون غيره، وهو الذي خلقهم، يعد من الاعتداء، والظلم العظيم، لأنه ليس من يخلق، كمن لا يخلق. ([1])

قال تعالى: ]أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون[ [النحل: 17].

وقال تعالى: ]واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا[ [مريم: 41 و42].

وقال تعالى: ]ياأبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * ياأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا[ [مريم: 44 و45].

وقال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[ [النحل: 36].

وقال تعالى: ]اعبدوا الله ما لكم من إله غيره[ [الأعراف: 59].

وقال تعالى: ]ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون[ [البقرة: 21].

وقال تعالى: ]وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله[ [الزخرف: 84].

أي: مألوه، معبود فيها، يعني: يعبد في السماء والأرض. ([2])

* والله الواحد الأحد: المتفرد بالذات، والصفات: في عدم المثل والنظير، وأحد الله، ووحده؛ أي: نسبه إلى الوحدة والانفراد، فهو سبحانه منفرد في ذاته، وصفاته، وأفعاله. ([3])

* فإن مقام العبد ورفعته، إنما هو بقدر توحيده: لخالقه تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى الكبرى» (ج2 ص341): (ولهذا: كان الصحابة y: أعظم: إيمانا، وجهادا؛ ممن بعدهم، لكمال معرفتهم بالخير والشر، وكمال محبتهم للخير، وبغضهم للشر، لما علموه من حسن حال: الإيمان، والعمل الصالح، وقبح حال: الكفر، والمعاصي). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص460): (الإله: هو الذي تألهه، القلوب: محبة وإجلالا، وإنابة، وإكراما، وتعظيما وذلا، وخضوعا وخوفا، ورجاء وتوكلا). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج4 ص567): (لفظ: «إله»، إنما هو لبيان استحقاق الله؛ للألوهية: التي هي حقيقة العبودية). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص249): (فإن: «الإله»: هو المألوه، والمألوه: هو الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق أن يعبد، هو بما اتصف به من الصفات، التي تستلزم أن يكون: هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له، غاية الخضوع). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «كلمة الإخلاص» (ص23): (الإله: هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له، وإجلالا، ومحبة، وخوفا، ورجاء، وتوكلا عليه، وسؤالا منه، ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله؛ إلا لله عز وجل، فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهيه؛ كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول: «لا إله إلا الله»، ونقصا في توحيده، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك، وهذا كله من فروع الشرك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص14): (الإله: هو المعبود، المطاع). اهـ

وعن معاذ بن جبل t قال: (كنت رديف النبي r على حمار، فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟، قلت: الله ورسوله أعلم، قال r: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا، قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس، قال r: لا تبشرهم فيتكلوا). ([4])

وقوله r: «ولا يشركوا به شيئا»، أي: في عبادته، وما يختص به، و«شيئا»، نكرة في سياق النفي؛ فتعم: كل شيء، لا رسولا، ولا ملكا، ولا وليا، ولا غيرهم. ([5])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص191): (قوله r: «قال حق الله على العباد، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»؛ أي: يوحدوه بالعبادة وحده، ولا يشركوا به شيئا، وفائدة هذه الجملة: بيان أن التجرد من الشرك لا بد منه في العبادة؛ وإلا فلا يكون العبد آتيا بعبادة الله، بل مشرك، وهذا هو معنى قول المصنف /: «إن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه»([6]).

* وفيه: معرفة حق الله تعالى على العباد؛ وهو: عبادته وحده لا شريك له). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص189): (وحق الله تعالى على عباده هو: ما يستحقه عليهم، ويجعله متحتما، وحق العباد على الله؛ معناه: أنه متحقق لا محالة، لأنه قد وعدهم ذلك، جزاء لهم على توحيده، ووعده حق: ]إن الله لا يخلف الميعاد[ [الرعد:31]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص14): (قوله تعالى: ]وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا[ [الإسراء: 23]؛ أي: أمر، وأوصى أن لا تعبدوا إلا الله؛ لأنه هو المستحق للعبادة، فلا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله، فاعبدوه وحده، ولا تشركوا معه في عبادته أحدا من نبي، أو ملك، أو ولي، أو غير ذلك، فعلى الإنسان أن يحذر من الشرك كله.

قال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا[ [الأنعام: 151]... الآيات). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص109): (قوله: «ولا يشركوا به شيئا»، أي: يوحدوه بالعبادة، فلا بد من التجرد من الشرك في العبادة، ومن لم يتجرد من الشرك، لم يكن آتيا، بعبادة الله وحده، بل هو: مشرك، قد جعل لله ندا). اهـ

* فالنبي r: أراد أن يبين وجوب التوحيد على العباد وفضله.

* فألقى ذلك بصيغة الاستفهام، ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في فهم المتعلم.

* وفي الحديث: تفسير التوحيد، بأنه عبادة الله وحده، لا شريك له. ([7])

فالشاهد من هذا الحديث: هو التأكيد على حق الله تعالى، وهذا الحق، هو عبادة الله، وعدم الإشراك به.

* فتوحيد الألوهية: هو أن يوحد العبد ربه، بأفعال العبد نفسه، فلا يعبد؛ إلا الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا ينحر إلا لله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يرجو إلا الله... فيفرده عز وجل: بجميع أنواع العبادة، الظاهرة والباطنة، قولا وفعلا.

* يؤمن بأنه سبحانه: المستحق، لهذه العبادة. ([8])

قال تعالى: ]فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا[ [مريم: 65].

وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

وقال تعالى: ]ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير[ [الحج: 62].

وقال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون[ [الزخرف: 87].

وقال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا[ [الأنعام: 151].

فدلت الآية: على النهي عن جميع أنواع الشرك، و«شيئا»؛ نكرة تدل على عموم الأشياء، فالنكرة جاءت في سياق النهي. ([9])

* فلا يجوز أن يشرك مع الله تعالى أحد في عبادته، لا ملك، ولا نبي، ولا صالح من الأولياء، ولا صنم، ولا قمر، ولا شمس، ولا شجرة، ولا غير ذلك من المخلوقات، لأن كلمة: «شيئا»، عامة. ([10])

* فهذا توحيد الألوهية: وهو أن يوحد العبد ربه سبحانه، بأفعال العبد نفسه، فلا يعبد؛ إلا الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا ينحر إلا لله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يرجو إلا الله، ولا يتبرك إلا بما شرعه الله، ولا يتوسل إلا بما شرعه الله، ولا يخاف إلا من الله، ولا يطوف إلا بالكعبة لله تعالى. ([11])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص172): (ابتدأ تعالى هذه الآيات المحكمات بتحريم الشرك، والنهي عنه، فحرم علينا أن نشرك به شيئا، فشمل ذلك كل مشرك به، وكل مشرك فيه من أنواع العبادة، فإن: «شيئا» أنكر النكرات، فيعم جميع الأشياء، وما أباح تعالى لعباده أن يشركوا به شيئا، فإن ذلك أظلم الظلم، وأقبح القبيح.

ولفظ: «الشرك»، و«الشريك» يدل على أن المشركين كانوا يعبدون الله، ولكن يشركون به غيره من الأوثان، والصالحين، والأصنام، فكانت الدعوة واقعة على ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة، وكانت: «لا إلـٰه إلا الله» متضمنة لهذا المعنى، فدعاهم النبي r إلى الإقرار بها نطقا، وعملا، واعتقادا). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص154): (فمن أشرك بين الله تعالى، وبين مخلوق، فيما يختص بالخالق تعالى، من هذه العبادات، أو غيرها؛ فهو: شرك). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص35): (وقوله تعالى: ]شيئا[ [النساء: 36]؛ نكرة في سياق النهي، فتعم كل شيء: لا نبيا، ولا ملكا، ولا وليا، بل ولا أمرا من أمور الدنيا.

* فلا تجعل الدنيا شريكا، مع الله تعالى، والإنسان إذا كان همه الدنيا، كان عابدا لها؛ كما قال r: «تعس عبد الدنيا، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة»([12])). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص» (ص15): (يأمر الله تعالى: عباده، بعبادته وحده، لا شريك له، وينهاهم عن الشرك، ولم يخص نوعا، من أنواع العبادة، لا دعاء، ولا صلاة، ولا غيرها، ليعم الأمر: جميع أنواع العبادة، ولم يخص نوعا، من أنواع الشرك: ليعم النهي: جميع أنواع الشرك). اهـ

* فكل من عبد غير الله تعالى؛ بأي: نوع من أنواع العبادة، فقد أشرك بالله تعالى، سواء كان المعبود: «إنسيا»، أم «ملكا»، أم «جنيا»، أم «صنما»، أم «شجرا»، أم «حجرا»، فغير الله تعالى: يشمل كل ما سوى الله، من المخلوقين. ([13])

* فيجب على العبد، أن يوحد الله، بأفعاله، فيقر: بأن الله، هو: «الخالق»، «الرازق»، «المحيي»، «المميت»، «المدبر»، وأنه لا يشركه في ملكه: أحد.

* فهذه النصوص: تفيد أن أول واجب على العبد المكلف: هو توحيد الله تعالى، فيجب على المكلف: أن يؤمن بهذا التوحيد، إيمانا، عميقا، فهو أول، وأهم الواجبات، التي تبنى عليها سائر أمور الحياة.

* وإذا اعتقد المسلم هذا الاعتقاد، وسار عليه؛ فلا شك أن لهذا الاعتقاد: آثارا عليه في الدنيا والآخرة، فمن آثاره في الدنيا: الحياة المطمئنة، وفي الآخرة: الوصول إلى الجنة، وإلى رضوان الله تعالى. ([14])

والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال: الباطنة والظاهرة. ([15])

* وقد اتضح لنا من الكلام السابق، أن التوحيد ينقسم، إلى ثلاثة أقسام هي:

1) توحيد الربوبية.

2) توحيد الألوهية.

3) توحيد الأسماء والصفات.

* ولقد ثبت بالتتبع والاستقراء: أن التوحيد الذي نزلت به الكتب، ودعت إليه الرسل عليهم السلام، ينحصر في هذه الأقسام للتوحيد.

* لا يكمل توحيد العبد، وإيمانه؛ إلا باستكمالها جميعا... والقرآن كله في بيان هذه الأنواع: للتوحيد. ([16])

* فعلى المرء: أن يوحد الله تعالى، في أسمائه وصفاته، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله r، من الأسماء والصفات، اللائقة: بجلاله، وعظمته، من دون تعطيل ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تكييف.

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص449): (كل سورة في القرآن، فهي: متضمنة، للتوحيد، بل نقول: قولا، كليا: إن كل آية في القرآن، فهي: متضمنة، للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه). اهـ

* فما آمن بالتوحيد: من لم يؤمن، بهذه الأنواع المستمدة من نصوص الشرع؛ إذ التوحيد المطلوب شرعا:

هو الإيمان بوحدانية الله، في: «ربوبيته»، و«ألوهيته»، و«أسمائه وصفاته».

* ومن لم يأت بهذا جميعه، فليس موحدا، وهذا ثابت بالاستقراء.

والاستقراء: دليل يفيد القطع، إذا كان تاما.

* فهاهنا: نحن استقرينا النصوص الشرعية: كلها فلم نجد إلا هذه الأقسام الثلاثة، وما يتعلق بها، مما يدل على أن هذه الأقسام قطعية.

* وهذه الأقسام تشكل بمجموعها جانب الإيمان بالله تعالى، الذي هو: التوحيد. ([17])

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج3 ص410): (وقد دل استقراء القرآن العظيم: على أن توحيد الله، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: توحيده في ربوبيته.

الثاني: توحيده تعالى في عبادته.

الثالث: توحيده تعالى في أسمائه وصفاته). اهـ باختصار.

إذا: فلا يصح لأحد توحيده؛ إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة، فهي متلازمة: يلزم بعضها بعضا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر.

* فلا ينفع توحيد الربوبية، بدون: توحيد الألوهية.

وكذلك: لا يصح، ولا يقوم توحيد الألوهية، بدون: توحيد الربوبية.

وأيضا: توحيد الله: في ربوبيته، وألوهيته، لا يستقيم: بدون؛ توحيد الله في أسمائه وصفاته.

* فالخلل، والانحراف: في أي: نوع منها؛ خلل في التوحيد كله، فمعرفة الله تعالى، لا تكون بدون عبادته، والعبادة: لا تكون بدون: معرفته تعالى، فهما: متلازمان. ([18])

قال تعالى: ]فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110].

* فالشرك: هو صرف العبادة، لغير الله تعالى، من دعاء، وحلف، وتبرك، وذبح، ورجاء، وتوكل، وإنابة.

* يعني: تسوية، غير الله تعالى، بالله تعالى: فيما هو من خصائص الله تعالى، فيدخل في ذلك: الشرك، في: «الربوبية»، و«الألوهية»، و«الأسماء والصفات». ([19])

قال القرطبي المفسر / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج5 ص181): (أصل الشرك المحرم: اعتقاد شريك لله تعالى في الإلهية، وهو: «الشرك الأعظم»، وهو شرك الجاهلية). اهـ

قلت: ولقد تتبعنا في كتاب الله تعالى؛ وفي سنة رسوله r، وفي آثار الصحابة y، فلم نجد: «الشرك القديم»؛ إلا وهو: في «الشرك الحديث»، حذو القذة بالقذة، سواء في: «شرك الربوبية»، أو في: «شرك الألوهية»، أو في: «شرك الأسماء والصفات».

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج1 ص342): (فإن الشرك الجديد: بعينه، هو الشرك القديم، ولكن أكثر الناس لا يشعرون، بدخول الواقع تحته، وتضمنه له، ويظنونه في نوح، وفي قوم قد خلوا من قبل، ولم يعقبوا وارثا). اهـ

* فهذا شرك القوم في هذا الزمان، واتخاذهم الآلهة، بجميع أنواعها، الذي كان سببا، أن سجل عليهم ربهم القاهر: فوق عباده، بالشرك، والكفر، والضلال، والظلم.

قال تعالى: ]واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا[ [الفرقان: 3].

وقال تعالى: ]وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون[ [يوسف: 106].

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص121): (فبالله: صف لي شرك: المشركين، هل هو بعينه؛ إلا هذا، كما نطق به القرآن). اهـ

وقال تعالى: ]أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا[ [الفرقان: 43].

وقال تعالى: ]وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13].

قلت: فالشرك، أعظم الظلم، ولهذا أوعد الله تعالى، بأنه لا يغفر لصاحبه، ومن لا يعرف الشرك: يقع فيه، لا محالة، ثم عدل غير الله، بالله تعالى، كما قال([20]) تعالى: ]ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما[ [النساء: 48].

* وهذه الآية تدل على أن الشرك، هو الذنب العظيم، الذي ليس تحت المشيئة.

وبوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «التوحيد» (ج1 ص173)؛ باب: الخوف.

قلت: فدل على أن كل الذنوب، وهي المعاصي؛ داخلة: تحت مشيئته، إن شاء غفرها، وإن شاء عذب عليها، إلا الشرك، فإنه لا يغفره الله تعالى ألبتة.

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص49): (قوله: «وقول الله تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48]؛ أخبر تعالى: أنه لا يغفر لعبد: لقيه، وهو مشرك به.

* وهذا هو الشاهد من الآية: للترجمة.

* ويغفر ما دون ذلك؛ أي: ما دون الشرك، من الذنوب، لمن يشاء من عباده).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص173): (فتبين بهذه الآية: أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى: أخبر أنه لا يغفره، لمن لم يتب منه، وما دونه من الذنوب، فهو داخل تحت المشيئة، إن شاء غفره لمن لقيه به، وإن شاء عذبه.

* وذلك يوجب للعبد شدة الخوف، من الشرك الذي هذا شأنه عند الله تعالى؛ لأنه أقبح القبح، وأظلم الظلم.

* وتنقص لرب العالمين، وصرف خالص حقه لغيره، وعدل غيره به، كما قال تعالى: ]والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1]). اهـ

* وتضمنت وصية الله تعالى: للأولين، والآخرين، عدم الشرك بالله. ([21])

فقال تعالى: ]ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ [الزمر: 65].

وقال تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف: 33].

* وقد كان الأنبياء يخافون من الوقوع في الشرك. ([22])

قال تعالى، عن إبراهيم عليه السلام: ]رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام[ [إبراهيم: 35].

* ومع ذلك، وقع من وقع من الخلق في الشرك، واجتالتهم الشياطين، من الإنس والجن، عن الصراط السوي، وذلك برميهم فيما يضاده ويناقضه، فكان واجبا، أن يعرف ما يضاد هذا التوحيد، ويناقضه، لأن الأشياء: تتبين بأضدادها، ألا وهو الشرك بالله تعالى.

ولهذا نرى الله تعالى؛ غالبا: يذكر التوحيد، ويذكر معه ما يقابله، واشترط لصحة التوحيد، اجتناب الشرك.

* كما أن الله تعالى: اشترط لقبول الأعمال، ولدخول الجنة، ولغفران الذنوب: اجتناب الشرك، واشترط: لمن يرجو لقاءه، أن لا يشرك به شيئا.

* فمن اجتنب الشرك: في أعماله، وأقواله، وعصم نفسه، عن أدرانه: فقد هدي إلى صراط مستقيم.

لذلك: أحببت أن أبين حقيقة الشرك، الذي وقعت فيه الأمم السابقة، وأن أبين شرك العرب في الجاهلية، وأن أبين الشرك في هذه الأمة في القديم، وأن أبين الشرك فيها في العصر الحديث، للدفاع عن التوحيد الخالص.

* فالدفاع عن التوحيد الخالص، برد أنواع الشرك، هذا مسلك الأنبياء والرسل عليهم السلام، من خلال ما بينه الله تعالى عنهم في كتابه، والرسول r في سنته.

* فرأيت أن أذكر أنواع الشرك، وما وقعت فيه هذه الأمة، حتى يتضح الحق من خلال هذا البحث العلمي، ويكون رادعا، لأولـٰئك القبوريين، وغيرهم، الذين انتشروا في الديار، شرقا، وغربا.

* فالشرك: أحد نواقض الإسلام. ([23])

 قلت: فكل ما نهى عنه الشارع، مما هو: «شرك» بالله تعالى، فقد جاءت فيه النصوص: بتسميته: «شركا» مطلقا، وهذا يراد به: «الشرك الأكبر».

* ومن المعلوم، أن هذا: «الشرك» أعظم ما نهى الله تعالى عنه في الدين، وقد أطلق عليه؛ بأنه: «شرك» مطلقا، دون تفصيل: فيما يسمى: بـ«الشرك الأصغر»، فإن هذا: القسم، لم يثبت في الشريعة المطهرة.

وإليك الدليل:

قال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور: 40].

وقال تعالى: ]لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ [الزمر: 65].

وقال تعالى: ]أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم[ [الأعراف: 173].

وقال تعالى: ]وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا[ [الأنعام: 81].

وقال تعالى: ]لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء[ [الأنعام: 148].

وقال تعالى: ]سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله[ [آل عمران: 151].

وقال تعالى: ]ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا[ [آل عمران: 186].

وقال تعالى: ]ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم[ [الأنعام: 22].

وقال تعالى: ]ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 88].

وقال تعالى: ]قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به[ [الرعد: 36].

وقال تعالى: ]ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا[ [الكهف: 42].

وقال تعالى: ]قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا[ [الجن: 20].

وقال تعالى: ]وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13].

وقال تعالى: ]قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون[ [الأنعام: 19].

وقال تعالى: ]قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون[ [هود: 54].

وقال تعالى: ]ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة[ [المائدة: 72].

وقال تعالى: ]فتعالى الله عما يشركون[ [الأعراف: 190].

وقال تعالى: ]سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس: 18].

وقال تعالى: ]يعبدونني لا يشركون بي شيئا[ [النور: 55].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]ولا تكونن من المشركين[ [الأنعام: 14].

وقال تعالى: ]أن الله بريء من المشركين ورسوله[ [التوبة: 3].

وقال تعالى: ]الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون[ [الأنعام: 82].

* والظلم: هو الشرك، وهو ضد التوحيد. ([24])

* وقد صح عن النبي r، أنه لما: تلا هذه الآية، قال الصحابة: (وأينا لم يظلم نفسه، فقال r: ألم تقرؤوا، قول لقمان، لابنه: ]إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13]). ([25])

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل: عملا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه). ([26])

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «عقيدة التوحيد» (ص92)؛ عن من أشرك مع الله تعالى غيره: (وهذا أعظم: الظلم، قال تعالى: ]إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13]؛ والظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه، فمن عبد غير الله؛ فقد وضع العبادة، في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، وذلك: أعظم، الظلم).اهـ

* يدل عليه، أن النبي r: بعث في أناس، متفرقين؛ في عباداتهم:

منهم: من كان يعبد الشمس والقمر، فقال تعالى: ]لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون[ [فصلت: 37].

ومنهم: من كان يعبد الصالحين، فقال تعالى: ]قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا * أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا[ [الإسراء: 56 و57].

ومنهم: من كان يعبد الملائكة، فقال تعالى: ]ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون[ [سبأ: 40 و41].

ومنهم: من كان يعبد الأنبياء، فقال تعالى: ]وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله[ [النساء: 171].

وقال تعالى: ]وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم[ [الصف: 6].

ومنهم: من كان يعبد الأحجار والأشجار، فقال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

وبوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في «التوحيد» (ج1 ص53)؛ باب: من تبرك بشجر، أو حجر، ونحوهما.

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص90): (والشاهد: من الآيات للترجمة، أن أهل الجاهلية إنما عبدوا هذه الأوثان، وعظموها، لما يعتقدونه، ويرجونه، ويؤملونه من بركتها، وشفاعتها.

* وهذا هو الذي يقصده: مشركو أزماننا، ممن عبدوه: سواء بسواء، فالتبرك بالمشايخ، وقبور الصالحين، كالتبرك بـ«اللات»، والتبرك بالأشجار بـ«العزى»([27])، والتبرك بالأحجار، كالتبرك بـ«مناة»، وهذه الأوثان الثلاثة من أعظم أوثان أهل الجاهلية، من أهل الحجاز). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص258): (ومطابقة الآيات للترجمة: من جهة أن عباد الأوثان، إنما كانوا يعتقدون حصول البركة منها: بتعظيمها، ودعائها، والاستعانة بها، والاعتماد عليها في حصول ما يرجونه منها، ويؤملونه ببركتها وشفاعتها، وغير ذلك.

فالتبرك بقبور الصالحين: كـ«اللات»، وبالأشجار والأحجار: كـ«العزى، ومناة»، من فعل جملة أولـٰئك المشركين مع تلك الأوثان، فمن فعل مثل ذلك، أو اعتقد في قبر، أو حجر، أو شجر، فقد ضاهى عباد هذه الأوثان فيما يفعلونه معها من هذا الشرك، على أن الواقع من هؤلاء المشركين مع معبوديهم، أعظم مما وقع من أولـٰئك). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» (ج1 ص284): (فتبين بهذا: أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره، أي: إلا بالتوبة منه، وما عداه، فهو داخل تحت مشيئة الله؛ إن شاء غفره بلا توبة، وإن شاء عذب به، وهذا يوجب للعبد شدة الخوف من هذا الذنب الذي هذا شأنه عند الله، وإنما كان كذلك، لأنه أقبح القبيح، وأظلم الظلم، إذ مضمونه تنقيص رب العالمين، وصرف خالص حقه لغيره، وعدل غيره به، كما قال تعالى: ]ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1]). اهـ

قال تعالى: ]ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون * فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين[ [يونس: 28 و29].

وقال تعالى: ]ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس: 18]، فجعلهم الله تعالى: مشركين؛ باتخاذهم: الشفعاء، فلا واسطة، بين الله تعالى، وبين خلقه في العبادة.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص37): (والمشركون كانوا أقساما:

منهم: من يعبد الأصنام.

ومنهم: من يعبد غير الأصنام، كـ«الشجر»، و«الحجر»، و«الشمس»، و«القمر».

* كلهم: يجمعهم صرف العبادة لغير الله تعالى). اهـ 

* وقد قاتل رسول الله r: جميع هؤلاء الأصناف، من المشركين، ولم يفرق بينهم.

قال تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير[ [الأنفال: 39].

وقال تعالى: ]والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير[ [فاطر: 13 و14].

وقال تعالى: ]ومن أضل ممن يدعو من دون([28]) الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين[ [الأحقاف: 5 و6].

* فالتوحيد الذي يجب على العبد: هو أن يوحد الله؛ بأفعاله، فلا يصرف شيئا، من العبادة لغير الله تعالى، لا من: «نذر»، ولا «خوف»، ولا «رجاء»، ولا «رغبة»، ولا «رهبة»، ولا شيء من أمور العبادة، لغير الله تعالى. ([29])

قال تعالى: ]قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين[ [الأنعام: 162 و163].

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «أقسام التوحيد» (ص5): (الشرك: هو أعظم الذنوب، وقد وقع فيه أكثر الناس قديما وحديثا.

* فالواجب بيانه للناس، والتحذير منه في كل وقت، وذلك بالدعوة إلى توحيد الله سبحانه، والنهي عن الشرك). اهـ

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «أقسام التوحيد» (ص4): (والله بين على أيدي الرسل أن الواجب عبادته وحده سبحانه وأنه الإله الحق وأنه لا يجوز اتخاذ الوسائط بينه وبين عباده، بل يجب أن يعبد وحده مباشرة من دون واسطة وأرسل الرسل، وأنزل الكتب بذلك، وخلق الثقلين؛ لذلك قال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56]). اهـ

هذا، وأسأل الله العظيم؛ بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى: أن يتقبله، وأن يجعله: من الأعمال الصالحة، وأن ينفع به من قرأه، ويهدي به من ضل، والحمد لله رب العالمين.

                                                                                              كتبه:

                                                                                         أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على كشف جهل: «بدر العتيبي» في كلامه عن التبرك، وقد وقع في التبرك الممنوع بالمخلوقات، بمثل: التبرك بمنبر الرسول r، والتبرك بذوات الصالحين وآثارهم، والتبرك بالحجر الأسود، والتبرك بماء زمزم، وغير ذلك، والتمسح بها، وتقصد تبركا بها، وهذا النوع من التبرك غير مشروع، بل هو نوع من أنواع الشرك بالله تعالى، فلا يجوز التبرك بهذه الأشياء، بأي وجه من الوجوه.

 

 قال بدر العتيبي، وهو يتحدث عن التبرك بالنبي r في حياته: (وكان الصحابة y يتبركون برمانة([30]) منبر النبي r، لأنه r يباشرها بيده!. ([31])

* ثم ذكر الأشياء التي يتبرك بها فقال العتيبي؛ مثل التبرك بماء زمزم!، وماء المطر!، وأحيانا تكون البركة في الفعل، مثل: المصافحة!.

* ومنه التبرك بالحجر الأسود!.

* وأحيانا بركات الصالحين، وذكر الصالحين قد تنزل البركات، وتكون إن شاء الله؛ محل البركة، لكن لا تطلب منه البركة، أو تتمسح به، هذا لا يجوز، وأحيانا: بركة الذات، قد يكون الشخص مبارك). ([32]) اهـ. كلام العتيبي

فذكر الأشياء التي يتبرك بها؛ فقال العتيبي: (مثل التبرك بماء زمزم ([33])، وماء المطر([34])، وأحيانا تكون البركة في الفعل، مثل: المصافحة!، ومنه التبرك بالحجر الأسود!).

فقوله: وأحيانا تكون البركة في الفعل، مثل: المصافحة ([35])، ومنه التبرك: بالحجر الأسود. ([36])  

* ثم قال العتيبي: (وأحيانا بركات الصالحين([37])، وذكر الصالحين قد تنزل البركات([38])، وتكون إن شاء الله: محل البركة([39])، لكن لا نطلب منه البركة، أو نتمسح به، هذا لا يجوز، وأحيانا بركة الذات([40])، قد يكون الشخص مبارك). اهـ. كلام العتيبي.

قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «العتيبي»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه.

وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به. ([41])

قلت: وهذا كلام ينطوي على جهل، وتلبيس، وتدليس على من يجهل العلم، وقد وقع في خلط وخبط في تأصيل الاعتقاد.

قلت: فهو قاصر عن بلوغ مرتبة العلماء في شرح: «أصول الدين»، فهو غير متأهل لشرح مسائل: «الاعتقاد» و«التوحيد»، وغيرها.

قلت: وكلامه كله؛ يتصبب: جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل التبيين للجهلة الذين يدرسون عنده، ليتبين لهم: جهله في الأصول.

اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

* فلنشرع الآن في المقصود، بحول الله، وقوته، فنقول:

قلت: فتأمل هذا الكلام، فإنه يتبين به ضلال: «العتيبي» هذا، وأنه لم يفهم علم الاعتقاد، وأصوله. ([42])

قال الإمام ابن القيم / في «طريق الهجرتين» (ص409): (والإسلام، هو توحيد الله تعالى، وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان برسوله r، واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم). اهـ.

* فانظر إلى هذا التبديل في الدين، الذي لم يسبقه إلى مثله: سابق من أهل السنة.

* وأكثر كلامة: كله شبه، وإسهاب يوهم الجهال به، أنه قد قرر الصواب، وأوضح الخطاب، ولا يروج هذا الباطل إلا على الشباب المسكين الذين يدرسون عنده، ومن لا بصيرة له بحقيقة دين الإسلام.

فعن أبي هريرة t: أن رسول الله r قال: (من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا). ([43])

* فكلامه هذا كله باطل، لا أصل له: في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسوله r، ولا قال أحد به من سلف الأمة.

ومنه: قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص624): (فيقال: هذا جرأة على الله تعالى، وعلى رسوله r، وتقدم إليه بما لم يشرعه، ولم يأذن فيه.

* وأعلم الخلق به أصحابه، وأهل بيته، وأئمة الدين من أمته r، لم يفعل أحد منهم من ذلك البتة، ولا نقله من يعتد به، وهم أعلم الخلق به، وبدينه وشرعه، وما يجوز وما يمتنع). ([44]) اهـ.

قلت: ومن البدع المحدثة، ما زينه الشيطان للجهلة من تعظيم مكان، لم يأذن الشارع بتعظيمه، من مكان حجر، أو شجرة، أو خشب، أو غير ذلك.

* وينذرون لذلك: النذور، ويطيبونه بماء الورد، ويطلبون عنده الشفاء لهم، وكل ذلك من الإشراك بالله تعالى. ([45])

فقول العتيبي المتهور: (وكان الصحابة y يتبركون برمانة منبر النبي r، لأنه r: يباشرها بيده!).

* فهذا كلام غبي ومتهور،لا يدري ما صناعة الآثار، وأصولها، ولا يعرف ما في تلك البضاعة، فإن هذا اللفظ، ليس صحيحا عن الصحابة y.([46])

* فكلامه: كلام جاهل بصناعة الحديث، وروايته، وأصوله. ([47])

قلت: ومثل هذا الكلام، هو من العوامل المعينة على وجود التبرك الممنوع، أي: أن التمسك بالآثار الضعيفة، من آثار النبي r، وآثار الصحابة y، وآثار السلف، يفضي إلى التبرك المحرم، بل يفضي إلى شرور خطيرة كبيرة في الاعتقادات الباطلة في الدين.

* وهذا يدل على عدم شرعية التبرك بمنبر الرسول r، لا في عهد الصحابة y، ولا في عهد غيرهم.

* والآثار التي أشار إليها «بدر العتيبي»، كلها ضعيفة، لا تصح عن الصحابة y، ولا عن غيرهم.

وإليك نقضها:

1) عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: (رأيت نفرا من أصحاب النبي r، إذا خلا لهم المسجد قاموا إلى رمانة المنبر القرعاء فمسحوها، ودعوا).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص685) من طريق زيد بن الحباب قال: حدثني أبو مودود قال: حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو مودود، وهو عبد العزيز بن أبي سليمان، وهو يهم ويخالف الثقات. ([48])

قال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص323): (أبو مودود المدني، اسمه: عبد العزيز بن أبي سليمان، وكان ممن يخطئ).

* فأخطأ: أبو مودود في هذه الرواية.

لذلك: قال الحافظ البرقي؛ عن أبي مودود الهذلي: «وممن يضعف في روايته».([49])

* وهذه منها.

فقوله في روايته هذه: «قاموا إلى رمانة المنبر فمسحوها ودعوا»، فهي رواية منكرة، يستحيل من الصحابة y، أن يتمسحوا بخشبة، ويدعون أمامها، ويتبركون بها، وهم يعلمون أن هذا الفعل يقدح في التوحيد، وهو من الشرك.

* فهذا يستحيل أن يقع من صحابة رسول الله r. ([50])

فهو: أثر منكر، لا يصح.

وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص195) من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي، وخالد بن مخلد البجلي قال: أخبرنا أبو مودود عبد العزيز مولى لهذيل، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: (رأيت ناسا من أصحاب النبي r، إذا خلا المسجد أخذوا برمانة المنبر الصلعاء التي تلي القبر بميامنهم، ثم استقبلوا القبلة يدعون).

أثر منكر

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو مودود  المدني، وهو يهم ويخطئ في الحديث.([51])

* وذكر عبد الله بن مسلمة: «الصلعاء»، ولم يذكرها خالد بن مخلد.

وهذا من الاختلاف في الأثر.

2) وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارئ: (أنه نظر إلى ابن عمر وضع يده على مقعد النبي r من المنبر، ثم وضعها على وجهه).

أثر منكر

أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص195 و196) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن حمزة بن أبي جعفر، عن إبراهيم بن عبد الرحمن به.

قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:

الأولى: حمزة بن أبي جعفر، وهو مجهول.

ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص51)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص209)، ولم يذكرا فيه جرحا، ولا تعديلا، فهو: مجهول.

الثانية: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارئ، وهو مجهول.

ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص297)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص111)، ولم يذكرا فيه جرحا، ولا تعديلا، فهو: مجهول أيضا.

وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج4 ص9)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل.

3) وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال: (رأيت سعد بن أبي وقاص، وابن عمر: يأخذان برمانة المنبر، ثم ينصرفان).

أثر منكر

أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج1 ص192) من طريق محمد بن عمر، ثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده واه، فيه محمد بن عمر بن واقد الواقدي، وهو متروك، قال الساجي: «الواقدي: في حديثه نظر، واختلاف».

قال عنه البخاري: «متروك الحديث»، وقال أحمد: «كذاب»، وقال الشافعي: «كتب الواقدي كلها كذب»، وقال يحيى بن معين: «ضعيف، ليس بشيء»، وقال مسلم بن الحجاج: «متروك الحديث»، وقال النسائي: «ليس بثقة»، وقال أبو أحمد الحاكم «ذاهب الحديث»، وقال أبو زرعة: «(متروك الحديث».([52])

وقال الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج4 ص321): (استقر الاجماع على وهن: «الواقدي»).

وقال الحافظ النووي في «المجموع» (ج5 ص129): (الواقدي: ضعيف باتفاقهم).

وقال الحافظ النووي في «المجموع» (ج1 ص114): (الواقدي: ضعيف عند أهل الحديث وغيرهم، لا يحتج برواياته المتصلة، فكيف بما يرسله، أو يقوله عن نفسه).

وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج7 ص484)، عن الواقدي: (متون أخبار الواقدي، غير محفوظة، وهو بين الضعف).

4) وعن محمد بن زيد بن عبد الله المدني قال: (كان أبو هريرة t يقوم يوم الجمعة إلى جانب المنبر، فيطرح أعقاب نعليه في ذراعيه، ثم يقبض على رمانة المنبر، يقول: قال أبو القاسم r، قال محمد r، قال رسول الله r، قال الصادق المصدوق r، ثم يقول في بعض ذلك: ويل للعرب من شر قد اقترب، فإذا سمع حركة باب المقصورة بخروج الإمام، جلس).

أثر منكر

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج1 ص108) من طريق أحمد بن يونس، ثنا عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده منكر، لانقطاعه بين محمد بن زيد بن عبد الله المدني، وبين أبي هريرة، فإنه لم يسمع منه، ولم يدركه، فهو: مرسل. ([53])

وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه».

وتعقبه الذهبي بقوله: «فيه انقطاع».

* والحديث المرفوع منه: أيضا، منكر رفعه، وهو: مرسل.

5) وعن مالك بن أنس / قال: (رأيت عطاء بن أبي رباح دخل المسجد، وأخذ برمانة المنبر، ثم استقبل القبلة).

أثر منكر

ذكره الذهبي في «السير»، معضلا: (ج8 ص54) من طريق مصعب الزبيري قال: سمعت ابن أبي الزبير، حدثنا مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده معضل.

وابن أبي الزبير، لم أعرفه، وأشار إليه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص208)، ولا يصح.

* وهذا مخالف لما صح عن الإمام مالك / بخلافه.

* فكره الإمام مالك بن أنس / التمسح بـ«المنبر»([54])، وهو: الصحيح عنه.

قلت: وقول الإمام مالك /، أصح، لأن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم من الصحابة، لم يكونوا يتمسحون بـ«المنبر»، ولا غيره.

* والتمسح بـ«المنبر»، فيه نوع من عمل أهل الجاهلية في تبركها بآثار المخلوقات، واتخاذها: أوثانا، تعبد من دون الله تعالى.

* وكان السلف لا يتبركون بمنبر رسول الله r، لأنهم يعلمون أن ذلك من الشرك، لأنه مخلوق، ولا يجوز التبرك بالمخلوق. ([55])

وقد أنكر العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص109)؛ على من يستلم المنبر، أو يتبرك به.

وعن سعيد بن المسيب /: (أنه كره أن يضع يده على المنبر).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص685) من طريق الفضل بن دكين، عن سفيان، عن عبد الله بن يزيد الليثي، عن سعيد بن المسيب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام الطرطوشي المالكي / في «الحوادث والبدع» (ص156): (لا يتمسح بقبر النبي r، ولا يمسح كذلك: المنبر). اهـ.

قلت: فالتبرك بمسح منبر النبي r، وجدران الحجرة، وغير ذلك، فهذا من البدع المحدثة، بل هو شرك جلي، لا شك فيه، لأنه عبادة لغير الله تعالى. ([56])

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص108)؛ تعليقا على حديث: «استلام الحجر الأسود»: (وبذلك يعلم أن استلام بقية أركان الكعبة، وبقية الجدران، والأعمدة غير مشروع؛ لأن النبي r: لم يفعله، ولم يرشد إليه؛ ولأن ذلك من وسائل الشرك.

* وهكذا الجدران، والأعمدة، والشبابيك، وجدران الحجرة النبوية ([57]): من باب أولى؛ لأن النبي r: لم يشرع ذلك، ولم يرشد إليه، ولم يفعله أصحابه y). اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص107): (والجواب: أن يقال: ما ذكرتم فيه تفصيل:

* فأما التبرك بما مس جسده r من وضوء، أو عرق، أو شعر، ونحو ذلك، فهذا أمر معروف، وجائز عند الصحابة y، وأتباعهم بإحسان، لما في ذلك من الخير والبركة، وهذا أقرهم النبي r عليه.

* فأما التمسح بالأبواب، والجدران، والشبابيك، ونحوها في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، فبدعة لا أصل لها، والواجب تركها لأن العبادات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما أقره الشرع، لقول النبي r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»([58])؛ متفق على صحته). اهـ.

قلت: فلا وجه للتبرك بما يسمى بـ«الرمانة» في منبر النبي r، وبما مسه r في هذا المنبر، لأن ذلك لا أصل له في الشرع.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص107): (فأما التمسح بالأبواب، والجدران، والشبابيك، ونحوها في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، فبدعة لا أصل لها.

* والواجب تركها لأن العبادات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما أقره الشرع، لقول النبي r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»([59])؛ متفق على صحته). اهـ.

قلت: فالتبرك بـ«المنبر»، فهذا لا شك أنه حرام، وهو نوع من الشرك، لأن التبرك بالمنبر، ليس سببا للبركة، والشفاء، وغير ذلك، بل هذا حرام، وهو نوع من الشرك.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص108)؛ بمثل: هذا التبرك المحرم: (فإنه حرام، ونوع من الشرك، وذلك لأن كل ما أثبت لشيء سببا، غير شرعي، ولا حسي، فإنه قد أتى نوعا من الشرك). اهـ.

 * فإن ذلك بدعة؛ فقد كان المهاجرون، والأنصار، على عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي y، يجيئون إلى مسجد رسول الله r، كل يوم خمس مرات يصلون، ولم يكونوا يأتون مع ذلك إلى: «المنبر»، ويتمسحون به، ويدعون عند: «الرمانة» المزعومة، لعلمهم y بما كان رسول الله r: يكرهه من ذلك، وما نهاهم عنه في الدين.

* وقد أجمع الصحابة والتابعون على تحريم التبرك بقبر النبي r، وتحريم التبرك بمنبره r، لأن ذلك من الشرك بالله تعالى.

قلت: فالزيادة على ما كان عليه الرسول r من الهدي، في مثل هذه الأمور، والتبرك بها، يدخل في باب: «كل بدعة ضلالة».

* فكيف يدعي: «بدر العتيبي»، أن هناك زيادات  في منبر النبي r، مثل: «الرمانة» يتبرك بها، وأن الصحابة y كانوا يتبركون بها، وهذا باطل، بل هذا من الافتراء على السلف.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص107): (لا أحد يتبرك بآثاره؛ إلا محمد r، أما غيره فلا يتبرك بآثاره: فالنبي r، يتبرك بآثاره في حياته، وكذلك بعد مماته؛ إذا بقيت تلك الآثار). اهـ.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص108): (وثبوت الأسباب لمسبباتها إنما يتلقى من قبل الشرع؛ فلذلك كل من تمسك بسبب لم يجعله الله تعالى سببا؛ لا حسا، ولا شرعا، فإنه قد أتى نوعا من الشرك). اهـ.

قلت: فالتبرك بآثار النبي r، بما مس جسده r، من ثياب، وشعر، ونحوهما. ([60])

قلت: وكان حجم منبر النبي r، ثلاث درجات، فهذا الحجم للمنبر الطبيعي الذي اعتاد r أن يعتليه.

فعن سهل بن سعد t قال: (أرسل رسول الله r إلى امرأة من الأنصار، انظري غلامك النجار، يعمل لي أعوادا، أكلم الناس عليها، فعمل هذه الثلاث درجات). ([61]) وهو مصنوع من الخشب.

قلت: فصنع له منبرا له ثلاث درجات، ويقعد على الدرجة الثالثة. ([62])

* فالمنبر على عهد النبي r، يتكون من درجتين، ومقعد فقط، دون حافتين عن يمين المنبر، وعن يساره، ولا وجود للرمانة المزعومة.

وعن ابن عباس قال: (كان منبر النبي r قصيرا، إنما هو ثلاث درجات). ([63])

وعن جرير بن عبد الله t قال: (فصلى الظهر -يعني: النبي r- ثم صعد منبرا صغيرا). ([64])

قلت: وهذه الآثار تبين صفة منبر النبي r، ولم يذكر فيها بما تسمى بـ«الرمانة»، ولا غيرها في حافتيه.

قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج5 ص33): (قال العلماء: كان المنبر الكريم ثلاث درجات، كما صرح به مسلم في روايته). اهـ.

* فعلم بما تقدم من الأحاديث الصحيحة أن منبر النبي r كان صغيرا، قصيرا، متواضعا، مصنوعا من الخشب، يتكون من ثلاث درجات، وكان يخطب r على الدرجة الثانية، ويجلس على الدرجة الثالثة، ولا زخارف، ولا نقوش، ولا رمانة، ولا شيء زائد على الحد في حافتيه.

* فالعتيبي هذا: وقع في أبرز أسباب وجود التبرك الممنوع: وهو الجهل في الدين. ([65])

* والقول بهذا النوع من التبرك، يترتب عليه من الأمور الخطيرة على الناس، وذلك ما يلي:

1) أن التبرك بـ«المنبر»، و«الرمانة»، و«ذوات الصالحين»، و«الحجر الأسود»([66])، هذا يجر العامة إلى تعظيمها، وهذا نوع من الشرك.

2) أن التبرك بهذه الأشياء، يقع العامة، في التقبيل، والتمسح، والتوسل بها، وهذا من الشرك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص79): (ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها، إلا الحجر الأسود). اهـ.

3) ومن المظاهر التي يقع العامة فيها، بسبب التبرك الممنوع، العكوف عند هذه الأشياء، والقصد إليها، وتعليق الخرق عليها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص818): (فأما العكوف، والمجاورة عند شجرة، أو حجر، أو تمثال، أو غير تمثال، أو العكوف، والمجاورة عند قبر: نبي، أو غير نبي، أو مقام نبي، أو غير نبي، فليس هذا من دين المسلمين، بل هو من جنس دين المشركين). اهـ.

قلت: ولا شك أن هذه المظاهر ونحوها، من البدع المحدثة المحرمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص802)؛ عن مثل هذا التبرك الممنوع: (تبين لنا أن هذا كله من البدع المحدثة، التي لا أصل لها في الشريعة، وأن السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، لم يفعلوا شيئـا من ذلك، وأن أئمة العلم والهدى ينهون عن ذلك). اهـ.

6) وعن أبي بكر الأثرم عن الإمام أحمد / قال: (أما المنبر، فنعم قد جاء فيه، قال أبو عبد الله: شيء يروونه([67]) عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن عمر : «أنه مسح على المنبر»، قال: ويروونه عن سعيد بن المسيب في: الرمانة).

أثر منكر

أورده ابن تيمية في «الاقتضاء» (ج2 ص726)؛ برواية: أبي بكر الأثرم.

* وهو مرسل، فإنابن أبي ذئب، لم يدرك ابن عمر، ولم يسمع منه. ([68])

* وعن سعيد بن المسيب، معلقا، وروي عنه خلافه.

* فحاشى الإمام أحمد / أن يقول بمثل هذا الاعتقاد في التبرك بقبر الرسول r، وبمنبره، والله المستعان.

تنبيه:

وأما ما نقله عبد الله بن أحمد / في «العلل ومعرفة الرجال» (ج2 ص492)؛ عن الإمام أحمد /، بقوله: (سألته عن الرجل يمس: «منبر» النبي r، ويتبرك بمسه، ويقبله، ويفعل بـ«القبر»، مثل ذلك، أو نحو هذا، يريد بذلك التقرب إلى الله تعالى، فقال: لا بأس بذلك). ([69])

* فهذا القول: غريب جدا، من الإمام أحمد /؛ في مس منبر النبي r، والتبرك به، وكذا في جواز مس قبره r، والتبرك به!.

* لم أجد أحدا نقله عن الإمام أحمد /، وقد استنكره أصحابه، وأنه لا يصح عنه. ([70])

قلت: وهذا لم يثبت عن الإمام أحمد /، وقد أخطأ الراوي في هذه الرواية، وقد روي عن الإمام أحمد / خلافه.

* ففي رواية: أبي بكر الأثرم (ج2 ص726): (قلت لأبي عبد الله -يعني: أحمد- قبر النبي r يمس ويتمسح به؟، فقال: ما أعرف هذا).

* فلم يعرف الإمام أحمد / في الشرع، أن قبر النبي r، يتبرك به، ولم يثبت ذلك عنده في الدين، وهذا يدل على شذوذ الرواية السابقة.

* فذكر التبرك بقبر النبي r، والتبرك بـ«المنبر»([71])، في هذه الرواية، من المشكل: لأسباب وهي:

1) أن قبر النبي r ليس باديا للزائرين، وإنما دونه حائط، فكيف يمسح، أو يقبل.

2) أن أثر ابن عمر : «أنه مسح على المنبر»، لم يثبت عنه، وهو: مرسل.

3) أن لفظ سؤال عبد الله بن أحمد /، فيه غرابة، فذكر مس، وتقبيل قبر النبي r، ومنبره r، بالتقرب إلى الله تعالى، فهذا مستغرب منه، لأنه يعرف أن هذا التبرك: من المحرمات في الشرع، فلا حاجة إلى السؤال عن مثل هذا التبرك.

* إذا: هذه العبادات ليست معهودة في أسئلة عبد الله بن أحمد /، لأبيه، أو نحو هذا. 

فالراوي عنه أخطأ عليه في ذلك.

4) قد استبعد الحنابلة صحة ذلك عن الإمام أحمد /، في تجويزه بالتبرك بقبر النبي r، وبمنبره r.

* إذا هذا النقل عن الإمام أحمد /، ليس بصحيح. ([72])

وجاء في رواية: أبي بكر الأثرم (ج2 ص726)؛ عن الإمام أحمد /: (قيل لأبي عبد الله: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر، وقلت له: رأيت أهل العلم من أهل المدينة، لا يمسونه، ويقومون ناحية فيسلمون، فقال أبو عبد الله: نعم، وهكذا كان ابن عمر يفعل).

* فهذه الرواية: أصح عن الإمام أحمد.

ويؤيده: أن الروايات هذه متناقضة لا تجتمع، بل الصحيح منها: قول واحد فقط؛

ما قال الحافظ ابن حجر الهيتمي / في «حاشيته على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي» «ص501»؛ حيث قال: (فقول الإمام أحمد: «لا بأس به»... وما في: «مغني»، الحنابلة من أنه: «لا يستحب التمسح بحائط القبر، ولا تقبيله»، وقال أحمد: «ما أعرف هذا»؛ فتعارضت الروايتان عن أحمد، وظاهر كلام الأثرم، وهو من أجل أصحابه، أن ميل أحمد إلى المنع، فإنه قال: «رأيت أهل العلم بالمدينة لا يمسون القبر»، قال أحمد: «وهكذا كان يفعل ابن عمر» انتهى). اهـ.  

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني / في «فتح الباري» (ج3 ص475): (نقل عن الإمام أحمد: «أنه سئل عن تقبيل منبر النبي r، وتقبيل قبره، فلم ير به بأسا»؛ واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك). اهـ.

* وعبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني / بصيغة التمريض: «نقل»؛ تدل: على تضعيفه للنقل هذا، مع علمه بموضعه، فهو الخبير بالعلل، ولكان أثبته بصيغة الجزم لو كان ثابتـا عنده، ولقال بعبارة الجزم: «قد روى عبد الله عن أبيه»، أو «نقل ذلك عبد الله عن أبيه»، أو «قال عبد الله بن أحمد سألت أبي كذا وكذا»، كما هو منثور في مواضعه من «فتح الباري»، ولكن أعرض عن ذلك لمعرفته بأن الثابت عن الإمام أحمد بما يضاد هذا النقل.

كذلك يؤيده: ما جاء في رواية صالح ابنه، ما يبين مخالفة رواية ابنه عبد الله.

فقال صالح بن أحمد في «المسائل» (1340)؛ وقال الإمام أحمد في الذي يدخل المدينة النبوية: (ولا يمس الحائط -يعني:حائط قبر النبي r-، ويضع يده على الرمانة([73])، وموضع الذي جلس فيه النبي r، ولا يقبل الحائط، وكان ابن عمر يمسح([74]) النبي r، وكان يتبع آثار النبي r، ولا يمر بموضع صلى فيه النبي r إلا صلى، حتى مر بشجرة صب النبي r في أصلها ماء، فصب في أصلها الماء). اهـ.

ففي هذه الرواية: يصرح بعدم مس حائط القبر، وبعدم تقبيله، فكيف يروى عنه أنه يجوز مس القبر وتقبيله، فهذا مناف تمامـا لما جاء في هذه الرواية الشاذة.

ويؤيد ذلك: أن ما ورد عن الإمام أحمد / في مسح  المنبر، وتتبع آثار النبي r، إنما من باب تتبع آثار النبي r، وليس من باب: «التبرك» بهذه الآثار، حيث صرح أنه يجوز ذلك لأن ابن عمر كان حريصا أشد الحرص على تتبع آثار النبي r، فيفعل ما فعله النبي r تمامـا، وفي نفس المكان الذي فعل ذلك فيه  النبي r، حتى صب الماء في أصل الشجرة، ونعلم أن صب الماء للشجرة ليس هو من باب: «التبرك» بها، أو: «التبرك بالماء» المصبوب، وإنما يتبين منه تتبعه لفعل النبي r، وحرصه الشديد على فعل كل ما فعله النبي r وفي المواضع التي فعل فيها ذلك، ويصلي في الموضع الذي صلى فيه النبي r، كذلك اتباعا لفعل النبي r، وليس: «تبركا» بهذا الموضع، وكذلك هو بالنسبة لـ«المنبر»؛ فإنما يمسه لأن النبي r قد مسه، تتبعا للمواضع التي مسها النبي r، ومشى فيها، وسقى الزرع فيها، وصلى فيها، كل ذلك ليست: «تبركا» فيها، مع أن ابن عمر لم يصح عنه مسألة مس المنبر، ولكن الإمام أحمد استشهد بها، وبصب الماء على الشجرة، وبالصلاة، مما يتبين منه بوضوح مقصده، هو الحرص على تتبع فعل النبي r؛ ليس إلا ذلك، دون الإفراط في هذه الأمور، فكيف: بـ«التبرك» بها لا شك أنه ينكره.

ويؤيد ذلك أيضا:

ما قاله ابن الخواتيمي البغدادي([75]) / في «المسائل» (ج2 ص636-الاقتضاء): (سألنا أبا عبد الله: عن الرجل يأتي هذه المشاهد، ويذهب إليها: ترى ذلك؟، قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي r: أن يصلي في بيته حتى يتخذ ذلك مصلى، وعلى ما كان يفعله: ابن عمر ، يتتبع مواضع النبي r وأثره؛ فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جدا وأكثروا فيه).

وقال أحمد بن القاسم([76]) / في «المسائل» (ج2 ص636-الاقتضاء)؛ ولفظه: (سئل عن الرجل يأتي هذه المشاهد التي بالمدينة وغيرها: يذهب إليها؟، قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي r أن يأتيه، فيصلي في بيته حتى يتخذه مسجدا، وعلى ما كان يفعل: ابن عمر يتتبع مواضع سير النبي r، وفعله، حتى إنه رئي يصب في موضع الماء، فسئل عن ذلك؛ فقال: رأيت رسول الله r يصب هاهنا ماء، قال: أما على هذا فلا بأس، قال: ورخص فيه، ثم قال: ولكن قد أفرط الناس جدا وأكثروا في هذا المعنى).

قلت: ففي هذه الروايات: يصرح الإمام أحمد بأنه جوز الأمر اليسير من تتبع آثار النبي r، بفعل ما فعله r وفي الموضع الذي فعل ذلك، وصرح أن الناس قد أفرطوا وأكثروا، مما يدل أنه ينكر الإفراط في هذا التتبع، فكيف: بـ«التبرك» بها. ([77])

وكذلك: نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه: (قال حدثني أبي قال: سمعت أبا زيد حماد بن دليل قال لسفيان بن عيينة قال: «كان أحد يتمسح بالقبر؟، قال: لا، ولا يلتزم القبر، ولكن يدنو». قال أبي: يعني: الإعظام لرسول الله r) ([78]). اهـ.

* وروى عبد الله عن أبيه أيضا: (عن النوح بن يزيد قال: أخبرنا أبو إسحاق -يعني: إبراهيم بن سعد- قال: ما رأيت أبي قط يأتي قبر النبي r، وكان يكره إتيانه). اهـ.

نقلها شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإخنائية» (ص 416)، وفيها أن عبد الله بن أحمد يروي عن أبيه عن الأئمة: عدم إتيان قبر النبي r، وعدم التزامه، والتمسح به، بل كراهة الأئمة لذلك، فكيف يسأل أباه عن التبرك بها، والتمسح بها، وهو يعلم منهج السلف فيها!.

وقال الفقيه ابن أبي يعلى / في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص228): (علي بن عبد الله الطيالسي نقل: عن إمامنا أشياء؛ منها قال: مسحت يدي على أحمد بن حنبل، ثم مسحت يدي على بدني، وهو ينظر، فغضب غضبا شديدا، وجعل ينفض نفسه، ويقول: عمن أخذتم هذا، وأنكره إنكارا شديدا). اهـ.

* فالإمام أحمد / ينكر التبرك بالصالحين، وينكر أن يكون لهم سلف في ذلك.

قلت: فمثل هذه الروايات التي تنقل عن الإمام أحمد /؛ فاعلم أنها نقلت بالغلط من الرواة، ولا تصح عنه، وذلك لمعرفتنا بصحة اعتقاد الإمام أحمد / في هذه الأمور، وأن الروايات التي تخالف ذلك: أصح عن الإمام أحمد /.

* فالمقلد: حاطب ليل في نقل العلم، فينقل أي رواية عن الإمام أحمد /، ولا يدري بصحتها، لأنه ينقل بدون تحقيق، ولا تدقيق. ([79])

* بل ينقل عن أهل العلم، لأقوالهم، ولا يعلم بصحتها.

* فما نقل عن الإمام أحمد /، في مس رمانة المنبر، ومس قبر النبي r، ولا بأس بتقبيلهما، و: «التبرك» بهما([80])، فقد استبعد الحنابلة صحة ذلك عنه، كما نقل عنهم الزرقاني في «شرح الموطإ» (ج2 ص458)، والشوكاني في «نيل الأوطار» (ج5 ص51)، والسمهودي في «وفاء الوفا» (ج4 ص218)، وغيرهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص79)؛ عن وضع اليد على منبر رسول الله r: (فكرهه مالك، وغيره، لأنه بدعة). اهـ.

قلت: فأهل السنة، نهوا عن التمسح بمنبر النبي r، وتقبيله، والتبرك به، وذلك أنهم: علموا ما قصده النبي r من حسم مادة الشرك، وتحقيق التوحيد، وإخلاص الدين لله تعالى.

قال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء[ [البينة: 5].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص798)؛ مبينا بدعية، بمثل: هذا التبرك: (ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعا مستحبا يثيب الله تعالى عليه، لكان النبي r أعلم الناس بذلك.

* ولكان يعلم أصحابه ذلك، ولكان الصحابة أعلم بذلك، وأرغب فيه ممن بعدهم.

* فلما لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك علم أنه من البدع المحدثة، التي لم يكونوا يعدونها عبادة، وقربة وطاعة، فمن جعلها عبادة، وقربة، وطاعة: فقد اتبع غير سبيلهم، وشرع من الدين ما لم يأذن به الله تعالى). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص644): (من قصد بقعة: يرجو الخير بقصدها، ولم تستحب الشريعة ذلك، فهو من المنكرات، وبعضه أشد من بعض، سواء كانت البقعة شجرة، أو عين ماء، أو قناة جارية، أو جبلا، أو مغارة...). اهـ.

قلت: فهذا التبرك، بهذه الطريقة: فإنه مخالف لما كان عليه الرسول r، وصحابته y، ثم من بعدهم من السلف، فلم ينقل عنهم شيء من هذا: «التبرك» المزعوم.

* وإنما يفعله الجهلة من العامة، بدون دليل شرعي. ([81])

قال رسول الله r: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). ([82])

* فكل ما أحدث في دين الله تعالى، فهو من البدع، المردودة المذمومة، كهذا: «التبرك» المزعوم، الذي قال به: «العتيبي» هذا.

* فما تتضمنه أقوال العتيبي هذا، من مظاهر التبرك المبتدع، من المفاسد، والقبائح، منها ما يلي:

1) فتح باب الفتنة بالصالحين، والحجر، والخشب، والشرك مع الله تعالى، والمنكرات المترتبة على ذلك: التبرك، كما حصل من: «الصوفية»، المشركين.

2) السفر إلى مسجد النبي r، بقصد التبرك بقبره، وبالمنبر، والرمانة، والجدران، والأبواب، وغير ذلك، ومشابهة المشركين.

3) اتخاذ الحجر الأسود، والمنبر، والصالحين، مزارات، وما يتضمنه ذلك من المفاسد العظيمة، وقد حصل ذلك من العامة.

4) صرف الأموال الباهظة المحرمة من أجل هذه المزارات المنكرة.

قلت: وهذه المنكرات من أبرز مظاهر هذا: «التبرك» الممنوع.

* ثم إنه لم يثبت عن أحد من صحابة رسول الله r، فعله، ولو كان فضيلة، أو سنة، أو مباحا، لنصب المهاجرون، والأنصار قبره الشريف: علما لذلك، ودعوا عنده، وسنوا ذلك لمن بعدهم، وحاشاهم أن يفعلوا ذلك، لأن النبي r بين لهم خطورة الشرك بالله تعالى في الدين.

* وقد أجمع أهل العلم على ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجواب الباهر، لزوار المقابر» (ص31): (واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي r، ولا يقبله، وهذا كله محافظة على التوحيد، فإن من أصول الشرك بالله تعالى، اتخاذ القبور مساجد). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاقتضاء» (ج2 ص727): (ولم يرخصوا في التمسح بقبره). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص10): (وزاد بعض جهال العامة ما هو محرم، أو كفر؛ بإجماع المسلمين؛ بالسجود للحجرة النبوية، والطواف بها، وأمثال ذلك). اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص380): (وإخلاص الدين لله تعالى: هو أصل العبادة، ونبينا نهى عن الشرك: دقه وجله، وجليله وخفيه، وصغيره وكبيره). اهـ.

قلت: حتى إنه r قد تواتر عنه r النهي عن الشرك في أحاديث كثيرة.

قلت: فهذا: «العتيبي»، وقع في العناد، وهو معاند، ومتبع لأهل العناد، ولأهل التقليد.

قلت: إن الشرع الذي جاء به الرسول r، ينافي هذا القول الشنيع الذي افتراه هذا الجاهل في مسألة: «التبرك» الممنوع.

قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص623): (وأهل العلم يطلقونه على المتابعة، والأخذ بالسنة، فيتوسلون إلى الله تعالى بما شرعه لهم من العبادات، وبما جاء به عبده ورسوله محمد r، وهذا هو التوسل في عرف القرآن والسنة). اهـ.

قلت: النبي r، حسم مادة الشرك، وقطع وسائله.

ومنه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص193): (وأما من قصد التبرك بالصلاة عندها، فهذا عين المحادة لله تعالى، ولرسوله r). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص399): (عبادة الله وحده لا شريك له: هي أصل الدين، وهي التوحيد الذي بعث الله تعالى به الرسل عليهم السلام، وأنزل الكتب، قال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[ [النحل: 36]، وقال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25]). اهـ.

وقول هذا المتهور: (مثل التبرك بماء زمزم)؛ فهذا جهل مركب منه، فلا يقال: «التبرك بماء زمزم»، لأنه لا يجوز: «التبرك» بالمخلوق.

فقوله: (التبرك بماء زمزم)؛ هذا يوحي: بـ«التبرك» الممنوع بذات ماء زمزم؛ يعني: طلب البركة من ماء زمزم، وهذا يفضي: التمسح به للبركة، كما يفعل العامة([83]) في الحرم، وغيره، وهذا نوع من الشرك.

* ولم يقل أحد من علماء السنة، لا من الصحابة، ولا من التابعين، ولا من تبعهم بإحسان، بهذه العبارة: «يجوز التبرك بماء زمزم»، يعني: بذاته دون شربه ونحوه، مثل: «التبرك بالحجر»، و«الشجر»، و«الخشب»، وهذا حرام باتفاق العلماء.

* بل الصحيح أن يقال: «التبرك بشرب ماء زمزم»، لتحصل البركة من شرب ماء زمزم، من الشفاء بشربه، والانتفاع به.

* فلا يتمسح بماء زمزم، واعتقاد حصول البركة، بهذا الفعل([84])، لأن صفة: «التبرك» تكون بشرب ماء زمزم، يعني: حصول البركة، وحصول الخير بشربه.

* فالعبارة الصحيحة: أن يقال، مشروعية التبرك -أي: حصول البركة- بشرب ماء زمزم، مثلا، للحاج والمعتمر وغيرهما، الذي هو أفضل مياه الأرض شرعا وطبا، وفيه طعام، وشفاء، وانتفاع للجسم.

* فيسن للحاج، أو المعتمر، أن يشرب من ماء زمزم بعد فراغه من الطواف، وصلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام.

* ولا يقال: يسن للحاج، أو المعتمر، أن يتبرك بماء زمزم([85])، فإن ذلك من الشرك الذي نهى الله تعالى عنه في الشرع.

كذلك: الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص167)؛ قال: باب: ما جاء في زمزم. يعني: في شربه.

* ولم يقل: باب: ما جاء في التبرك بماء زمزم.

وبوب الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج3 ص160)؛ باب: في الشرب من زمزم قائما.

* فتأمل: دقة العبارة: «في الشرب من زمزم».

وقد ثبت الشرب من ماء زمزم، لا التبرك به.

فعن ابن عباس قال: (سقيت رسول الله r من زمزم، فشرب وهو قائم). ([86])

* ولم يذكر أن النبي r تبرك بماء زمزم، بل شرب منه فقط.

* لذلك أهل العلم: ذكروا في كتبهم، أن من سنن الشرب من ماء زمزم، كذا، وكذا. ([87])

* ولم يذكروا أن من السنن: «التبرك» من ماء زمزم.

* فهم يذكرون على الدوام في كتبهم مطلق الشرب بماء زمزم، ولم يذكروا مطلق: «التبرك» به.

وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج6 ص253)؛ باب: شرب البركة والماء المبارك، يعني: المبارك من الله تعالى.

* فتأمل: دقة التبويب، باب: شرب البركة.

قلت: فتوجد البركة في ماء زمزم، من حيث شرب الناس منه، وحصول المنافع بسبب ذلك. ([88])

ولا يتبرك به بذاته، بأي وجه من الوجوه، والتمسح به، وطلب البركة منه. ([89])

* فالتبرك: بماء زمزم، ليس مشروعا، لأنه نوع من أنواع الشرك، بمثل: التبرك: بـ«الحجر»، و«الشجر»، و«الخشب»، وغير ذلك. ([90])

* فلا يجوز تعظيم الشيء، والتبرك به، دون دليل من الشرع، لأن الصحابة y لم يفعلوا ذلك. ([91])

* فيجب سد ذريعة الشرك، لأن جواز: «التبرك» بماء زمزم، يفضي إلى الغلو فيه، وطلب البركة منه، من دون الله تعالى، كما يفعل العامة الجهلة، فوجب المنع من هذا: «التبرك».

* وقول العتيبي المتهور: (والتبرك بالحجر الأسود!)؛ فهذا من جنس ما قبله من: «الجهل المركب».

قال تعالى: ]يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب[ [آل عمران: 78].

وقال تعالى: ]وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون[ [الشعراء: 227].

ومنه: قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص103): (والجواب: أن يقال لهذا: كلامك كله باطل، وجهل مركب، وبهت). اهـ.

* فقف، وتأمل تبديل: هذا «العتيبي» للاعتقاد وسوء فهمه.

قلت: إن هذا النقل، قد اعتراه، ما اعترى أمثاله، وأجرى التحريف عليه قلم إفكه، وضلاله.

قلت: فالتبرك بـ«الحجر الأسود»، فهذا لا شك أنه حرام، وهو نوع من الشرك، لأن التبرك بـ«الحجر الأسود»، ليس سببا لحصول البركة، والشفاء، وغير ذلك، بل هذا حرام، ونوع من الشرك.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص108)، بمثل هذا التبرك المذموم: (فإنه حرام، ونوع من الشرك، وذلك لأن كل ما أثبت لشيء سببا، غير شرعي، ولا حسي، فإنه قد أتى نوعا من الشرك). اهـ.

* وهذا التبرك المزعوم بـ«الحجر الأسود»، هو معارض لما نقل عن عمر بن الخطاب t، عند استلامه للحجر، وتقبيله، لمشروعيته في الحج، والعمرة، دون التبرك به، لأن التبرك بـ«الحجر الأسود»، لا أصل له، ولأنه من البدع، بل هو من الشرك.

* فالواجب تركه، لأن العبادات توقيفية، لا يجوز منها؛ إلا ما أقره الشرع، لقوله r: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). ([92])

* وبذلك يعلم: أن التبرك بـ«الحجر الأسود»، غير مشروع، لأن النبي r لم يفعله، ولم يرشد إلى هذا التبرك المزعوم، ولأن ذلك من وسائل الشرك، ولأنه لم يفعله أصحاب رسول الله r. ([93])

عن عمر بن الخطاب t، أنه جاء إلى الحجر الأسود، فقبله، فقال: (إني أعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي r، يقبلك ما قبلتك). ([94])

* إذا فالذي نقل عن عمر بن الخطاب t، هو بيان للسنة في استلام: «الحجر الأسود»، وتقبيله فقط، وهذا محض الاتباع للنبي r.

* فإذا كان هذا في شأن: «الحجر الأسود»، وهو أفضل من: «رمانة المنبر المزعومة»، ولا شك، فكيف بـ«الرمانة»، وهي لم يشرع لها تقبيل، ولا استلام.

* وقول العتيبي المتهور: (وأحيانا بركات الصالحين، وذكر الصالحين قد تنزل البركات، وتكون إن شاء الله؛ محل البركة!).

* هذا منكر من القول، وهو من الغلو بالصالحين، والرجل هذا ما يدري ما يخرج من رأسه، لأنه يطلق، ولا يفصل، وينتج من ذلك، وقوعه في البدع المحدثة، والتبرك المذموم بالصالحين، لأن الذي يتكلم عن البركة بهذه الطريقة، لا بد أن يقع في الاعتقاد الفاسد.

* ويشتهر الصالحون؛ بأنهم: مستقيمون في جميع أحوالهم، فهم مطيعون لربهم تبارك وتعالى، ومطيعون لرسوله r، مع الإخلاص في العبادة لله تعالى.

ولا يقال: «وتكون إن شاء الله؛ محل البركة»، يعني: عند ذكرهم في مكان معين، وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم.

* وأتى بالطامة الكبرى، عندما قال العتيبي المتهور في الدين: (وأحيانا بركة الذات!)، وهذا من الغلو في الصالحين، وهو أصل الشرك، فوقع في الفخ، ولا بد.

* وقد تبين لنا: عدم مشروعية التبرك بذوات الصالحين، وأن هذا النوع خاص بالنبي r فقط.

قلت: والتبرك بذوات الصالحين، هذا ممنوع في الشرع، وهو نوع من أنواع الشرك. ([95])

عن عبد الله بن مسعود t، أن رسول الله r قال: (هلك المتنطعون)؛ قالها ثلاثا. ([96]) يعني: الهلاك في الدين.

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص161): (الغلو في الصالحين: سبب لعبادتهم من دون الله تعالى، وترك الدين بالكلية). اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص378): (أول شرك: حدث في الأرض، سببه محبة الصالحين، أي: المحبة التي فيها غلو). اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص103): (والمتنطع: هو الغالي المتشدد المتكلف الذي يزيد في الأمور، ولا يكتفي بالحد المحدود). اهـ.

قلت: ومن أجاز التبرك بذوات الصالحين، وبآثارهم: هم: «الصوفية»، المبتدعة.

* فالتبرك بذات الصالح، هذا بدعة باتفاق أئمة المسلمين. ([97])

* ولا يخفى أن ذلك من الشرك.

قال تعالى: ]أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله[ [الشورى: 21].

وعن عائشة ڤ قالت: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).([98])

وقد بين العلماء عن عدم جواز التبرك بذوات الصالحين، وآثارهم.

إذا: من أنواع التبرك الممنوع: التبرك بذوات الصالحين، وآثارهم.

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص161): (يدل على أن الغلو في الصالحين: سبب لعبادتهم، من دون الله تعالى). اهـ.

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص164): (الغلو في الصالحين: سبب للوقوع في الشرك). اهـ.

وقال العلامة الشيخ سليمان الحمدان / في «الدر النضيد» (ص160): (الغلو في الصالحين: يكون سببا للخروج من الدين.

* فإن الشيطان يخرج الغلو فيهم في قالب محبتهم، وأنه من الدين الذي يقربهم إلى الله تعالى، ويثابون عليه، وهو يجر إلى أعظم الذنوب، وهو الشرك بالله، وعبادة من غلوا فيه). اهـ.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص630): (الغلو مطلقـا، لا سيما في الصالحين، فإنه أصل الشرك قديما، وحديثـا، لقرب الشرك بالصالحين من النفوس، فإن الشيطان يظهره في قالب المحبة، والتعظيم لهم). اهـ.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسر العزيز الحميد» (ج1 ص638): (أول شرك حدث في الأرض، بشبهة محبة الصالحين). اهـ.

فالعبارة الصحيحة: أن يقال: مشروعية التبرك -أي: حصول البركة- بمجالسة الصالحين، وصحبتهم، للانتفاع بعلمهم، والاستماع إلى نصائحهم، والانتفاع بدعائهم، والتحصل على فضل مجالس الذكر، ونحو ذلك، مما فيه بركة على الناس في بلدانهم.

قلت: وهذا يدل على فضل الصالحين، وأن لهم منافع، وبركات على غيرهم دينية، ودنيوية.

قال الإمام ابن القيم / في «الطب النبوي» (ص124): (النافع هو المبارك، وأنفع الأشياء أبركها، والمبارك من الناس -أيما كان- هو الذي ينتفع به حيث حل). اهـ.

* فتأمل: دقة القول، في الكلام على: «المبارك».

* ولا شك أن من عمل بهذه الطاعة، تحصل على بركتها، وثمرتها، وذلك هو الخير الدنيوي، والأخروي.

* فالمنافع الحاصلة بسبب الصالحين، هي نيل البركة، يعني: بركة طاعتهم لله تعالى، ولرسوله r.

* فالطاعة: هي سبب البركة، وانتفاع الناس بأعمالهم، وعلمهم.

* فمنافع الصالحين لغيرهم عديدة، وهذا يدل على بركة طاعتهم لله تعالى، ولرسوله r.

فلا يقال: «بركات الصالحين!»، هكذا مطلقـا، لا بد من التفصيل، لكي لا تقع العامة في شركهم، وهم: لا يشعرون.

ولا يقال: «بذكر الصالحين قد تنزل البركات!» ([99])، فأي بركة تنزل بذكرهم، بدون الاقتداء بأعمالهم.

* كذلك؛ لا ينبغي تعليق الآيات، أو الأذكار على الجدران ونحوها: للتبرك بها.

لأنه من البدع؛ وكذا وضع المصحف في مكان ما للتبرك، فإنه بدعة في الشرع.

* ولفظ: «تبارك»، لا يوصف به، إلا الله تعالى.

* إذا التبرك مشروع في الإسلام، ولكن ليس مشروعا على الإطلاق، بل إن منه ما هو ممنوع، بل هو شرك.

 * فهذا: «العتيبي» يجعل التوسل بـ«المنبر»، و«الرمانة»، و«الحجر الأسود»، وغير ذلك، واسطة بين العبد، وبين الله تعالى.

* حيث يظن أنه يمكن حصول البركة بواسطة ذلك، وهذا من جهله المركب، باعتقاد السلف الصالح.

* والأصل، وباليقين أن العبد يصل إلى الله تعالى، وحصول البركة منه سبحانه مباشرة، دون هذه الوسائط، والله المستعان.

* ولا يزال أهل الجهل بين فينة، وأخرى يثيرون الشبهات في أحكام مسلمة من دين الله تعالى.

* كمسألة: التوسل، والتبرك، وغير ذلك.

* تارة: بإيرادهم لآثار ضعيفة، وتارة: بنقل أقوال عدد من أهل العلم: إما شاذة، أو فهمت على غير مرادها.

قال المؤرخ الشهرستاني / في «الملل والنحل» (ج3 ص648): (اعلم أن العرب أصناف شتى؛ فمنهم معطلة، ومنهم محصلة نوع تحصيل... وصنف منهم: أقروا بالخالق، وابتداء الخلق، ونوع من الإعادة، وأنكروا الرسل عليهم السلام، وعبدوا الأصنام، وزعموا أنهم شفعاؤهم عند الله تعالى في الآخرة، وحجوا إليها ونحروا لها الهدايا، وقربوا القرابين، وتقربوا إليها بالمناسك والمشاعر، وحللوا وحرموا، وهم الدهماء من العرب). اهـ.

* هكذا أوصلهم الشرك ابتداء، بالاعتقاد الفاسد في الأشياء، وتعظيمها.

قال تعالى: ]وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون[ [الجاثية: 24].

وقال تعالى: ]ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون[ [فصلت: 22].

وقال تعالى: ]وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون[ [يوسف: 106].

قال العلامة الآلوسي / في «بلوغ الأرب» (ج2 ص197): (وكانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام، عبادة الله تعالى، والتقرب إليه، ولكن بطرق مختلفة). اهـ.

قلت: ويبدوا لمن تصفح تاريخ العرب في الجاهلية، أن الشرك فيهم كان على أشكال عدة، ولو نظرنا إلى المشركين نجدهم على أنواع من الشرك بالله تعالى، ومن شركهم: التبرك بالمخلوقات، من حجر، وشجر، وخشب، وغير ذلك.

قال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص77): (أي: لا تشركوا بالله تعالى غيره من الأنداد، التي لا تنفع ولا تضر، وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم: غيره). اهـ.

والمقصود: بيان أن المشركين في الجاهلية، إنما أشركوا بالله تعالى: شرك التوسل إلى الله تعالى بالتبرك بالأشياء، من حجر، وخشب، وشجر، وغير ذلك، حيث ظنوا أنهم، لا يمكنهم الوصول إلى الله تعالى مباشرة، إلا بواسطة هذه الأشياء!.

وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، ما هن؟، قال: الشرك بالله...). ([100])

قلت: فمن مظاهر الشرك بالله تعالى، طلب: «التبرك» من غير الله تعالى، وذلك: أن «التبرك» هو طلب كثرة الخير، ودوامه، ولا أحد أحق بذلك، وصفا وفعلا منه تبارك وتعالى، وتفسير السلف الصالح يدور على هذين المعنيين، وهما: متلازمان.

قلت: فهذا «التبرك»، والتمسح الذي ذكره: «العتيبي» الجاهل، من الشرك بالله تعالى في ربوبيته، وألوهيته!.

* فهذا التبرك من الشرك بالله تعالى في ربوبيته خصوصا في صفة: «القدرة الكاملة»، إذا اعتقد حصول كثرة الخير ودوامه من غير الله تعالى؛ لأنه اعتقاد في غير الله تعالى ما لا يجوز أن يعتقد إلا في الله تعالى، ففيه إنزال غير الله تعالى، منزلة الربوبية.([101])

* وربما يكون هذا شركا بالله تعالى في ألوهيته، وعبادته، إذا صرفوا لغير الله تعالى بعض أنواع العبادات؛ وهذا بسبب المبالغة في تعظيم من يتبركون بهم، والافتتان بهم، والتعلق بهم.

* وكان عند مشركي العرب في الجاهلية، هذا النوع: من الشرك، كما تدل عليه الآثار المروية في هذا: «التبرك».

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص169): (وكان عكوف المشركين عند تلك السدرة: تبركا بها، وتعظيما لها). اهـ.

* فهذا يدل على أن المشركين كانوا في الجاهلية يطلبون الخير والبركة من هذه الأشجار.

* ومعلوم أن طلب الخير والبركة، وطلب دوامها من العبادة، وإيصال الخير والبركة وإدامتها إنما هي من خصائص الربوبية.

* فلهذا يكون عملهم هذا: شركا في الربوبية، في قدرة الله تعالى، وشركا في الألوهية، لأن ذلك من العبادة.

والمقصود: بيان كون هذا الأمر شركا بالله تعالى([102])، ولهذا جاء الوعيد من الله تعالى لمن يعتقد، بمثل هذا الاعتقاد الفاسد: ]ذوقوا مس سقر[ [القمر: 48].

* والعتيبي هذا: يروج الشرك، وهو لا يشعر، وذلك بقوله: يجوز التمسح، والتبرك بما انفصل من رسول الله r، وأنه لامسه بيده، مثل: خشب المنبر، والرمانة، ومقعده، وغير ذلك.

قال العلامة الشيخ الألباني / في «التوسل» (ص146): (ونحن نعلم أن آثاره r، من ثياب، أو شعر، أو فضلات، قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها: على وجه القطع واليقين). اهـ.

* وهناك أقوال لدى العلماء في بيان كيفية حدوث الشرك في العرب في الجاهلية، وأن حدوث الشرك فيهم: هو نتيجة تقديس آثار الأنبياء وتعظيمها، بدون دليل من الشرع، وتقديس آثار الحرم المكي من أحجار وغيرها، فتمسحوا بها، لالتماس البركة فيها، وكان الذي سلخهم إلى عبادة الأوثان!، فاستحسنوا من عبادة الأوثان، حتى خلفت الخلوف، ونسوا ما كانوا عليه في ملة إبراهيم عليه السلام، من التوحيد قديما: قبل إحداث الشرك فيهم. ([103])

* لذلك؛ نقول: «للعتيبي»، بقوله بهذا المنكر في: «التبرك الممنوع»، هل عندك دليل على ذلك: ]قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون[ [الأنعام: 148].

وقال العتيبي في موضع آخر، بعد أن ذكر، بأن التبرك على قسمين، منه المشروع، ومنه الممنوع: (أما ما كان من غير جسده r، إن ثبت بأنه مما مس جسد النبي r، فلا بأس، كما يصنع الصحابة y في بعض بقايا من آنية النبي r، أو بعض بقايا ما كان يباشره بيده، مثل: رمانة المنبر ([104])، لأن أمره قد مسه النبي r يقينا، ولم يبق شيء مس جسد النبي r إلى اليوم.

ثم ذكر العتيبي: «التبرك بماء زمزم، وماء المطر»!.

* وذكر حديث: «ماء زمزم لما شرب له»!.([105])

* وذكر: أن الصحابة y: كانوا يتبركون بماء المطر، منهم: ابن عباس، وجاءت آثار عن بعض الصحابة في ذلك!. ([106])

* ثم ذكر العتيبي: «التبرك بالمطر، وأن النبي r كان يحسر عن رأسه، لكي يصيبه المطر، ويقول r: «لأنه حديث عهد بربه تعالى»!. ([107])

* ثم قال العتيبي: (فما ثبت في عينه بركة لا بأس ([108])، أن يمس ابتغاء ما أنزله الله تعالى في هذا الشيء من بركة) ([109]). اهـ. كلام العتيبي.

قلت: وهذا كلام، ينطوي على: تلبيس وجهل، وخبث وتدليس.

فانظروا: إلى هذا التلاعب البين، والضلال الجلي، وكأن هذا: «العتيبي»، يتلاعب بعقول السامعين، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه.

* وهذه كبرى معايب هذا: «العتيبي»، بشهادة نفسه على نفسه، بالجهل المركب، ويكأنه بدأ يخلط، وتختلط عليه الاعتقادات، فهو يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.

فذكر حديث: أنس بن مالك t، قال: (أصابنا ونحن مع رسول الله r مطر، قال: فحسر رسول الله r ثوبه، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه تعالى). ([110])

وهو حديث منكر

أخرجه مسلم في «صحيحه» (898)، وأبو داود في «سننه» (5100)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص328)، وغيرهم، من عدة طرق عن جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني، عن أنس t به.

قلت: وهذا سنده منكر؛ فيه جعفر بن سليمان الضبعي، وقد تفرد به، ولم يتابع عليه عن ثابت البناني.

فهو: حديث منكر.

قال عنه علي ابن المديني: «أما جعفر بن سليمان فأكثر عن ثابت، وكتب مراسيل، وكان فيها أحاديث مناكير»، وقال الجوزجاني: «جعفر بن سليمان الضبعي روى أحاديث منكرة»، وقال الأزدي: «كان فيه تحامل على بعض السلف، وأما الحديث فعامة حديثه عن ثابت، وغيره فيها نظر ومنكر»، وقال ابن الجوزي: «في بعض حديثه منكر كان يبغض أبا بكر، وعمر، وكان يحيى بن سعيد يستضعفه»، وقال الذهبي: «وله ما ينكر»، وقال البخاري: «يخالف في بعض حديثه»، وقال محمد بن عمار: «جعفر ضعيف». ([111])

وقال الحافظ ابن عدي / في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص389)؛ عن هذا الحديث وغيره: (وهذه الأحاديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت، عن أنس كلها إفرادات لجعفر: لا يرويها عن ثابت غيره). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج1 ص375): (وينفرد بأحاديث عدت مما ينكر، واختلف في الاحتجاج بها منها: ... وحديث: حسر عن بدنه وقال: (إنه حديث عهد بربه) ... وغالب ذلك في صحيح مسلم). اهـ

* فالحافظ الذهبي / يعد هذا الحديث من إفراد جعفر بن سليمان.

وقد أعله الحافظ ابن الشهيد / في «علل أحاديث صحيح مسلم» (ص55)؛ بقوله: (وهذا حديث تفرد به جعفر بن سليمان، من بين أصحاب ثابت، لم يروه غيره). اهـ

قال الحافظ البزار / في «المسند» (ج13 ص293): (وهذا الحديث لا نعلم رواه، عن ثابت، عن أنس إلا جعفر بن سليمان). اهـ

قلت: ولم يخرج الحديث، البخاري في «صحيحه»؛ وهذا يدل على عدم صحته عنده؛ بدليل أنه لم يخرج لجعفر بن سليمان في «صحيحه»، بل قال عنه في «التاريخ الكبير» (ج2 ص192): (يخالف في بعض حديثه).

* ثم زعم العتيبي، بأن الصحابة تبركوا بالمطر، وآثارهم كلها ضعيفة؛ منها:

1) عن عبد الله بن نجي، قال: كان علي t إذا مطرت السماء خرج فإذا أصاب صلعته الماء مسح رأسه، ووجهه، وجسده، وقال: (بركة نزلت من السماء لم تمسها يد، ولا سقاء).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي الدنيا في «المطر»؛ كما في «فتح الباري» لابن رجب (ج6 ص315) من طريق جابر الجعفي، عن عبد الله بن نجي به.

قلت: وهذا سنده ساقط، وله ثلاث علل:

الأولى: جابر بن يزيد، أبو يزيد، الجعفي الكوفي، وهو متروك الحديث.

قال عنه ابن حجر: «ضعيف رافضي».([112])

الثانية: عبد الله بن نجي الحضرمي، وهو ضعيف.

قال البخاري: (عبد الله بن نجي فيه نظر)، وقال الدارقطني: (وليس بقوي في الحديث). ([113])

الثالثة: عبد الله بن نجي لم يسمع من علي t.

قال إسحاق بن منصور: قلت ليحيى بن معين: عبد الله بن نجي سمع من علي؟، قال: (لا، بينه وبين علي أبوه).([114])

2) وعن ابن أبي مليكة، قال: (كان ابن عباس يتمطر([115])، يقول: يا عكرمة، أخرج الرحل، أخرج كذا، أخرج كذا، حتى يصيبه المطر). وفي رواية: (أن ابن عباس، كان يتمطر، يخرج ثيابه حتى يخرج سرجه في أول مطرة).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص528 ح528)، وابن أبي الدنيا في «المطر»؛ كما في «فتح الباري» لابن رجب (ج6 ص315) من طريق عبد الله بن مؤمل، عن ابن أبي مليكة به.

قلت: وهذا سنده ضعيف؛ فيه عبد الله بن المؤمل القرشي، وهو ضعيف الحديث.

قال عنه ابن حجر: (ضعيف الحديث)، وضعفه النسائي، والدارقطني، وقال أحمد بن حنبل: (ليس بذاك)، وقال مرة: (أحاديث عبد الله بن المؤمل مناكير).([116])

3) وعن بنانة: (أن عثمان t كان يتمطر في أول مطرة).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص528 ح26578)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص43)، وابن أبي الدنيا في «المطر»؛ كما في «فتح الباري» لابن رجب (ج6 ص315) من طريق وكيع، ومحمد بن ربيعة؛ كلاهما: عن أم غراب، عن بنانة به.

قلت: وهذا سنده ضعيف، وله ثلاث علل:

الأولى: أم غراب طلحة([117])، وهي مجهولة.

قال الحافظ ابن حجر / في «تقريب التهذيب» (ص1040): (طلحة أم غراب لا يعرف حالها). اهـ

الثانية: بنانة، وهي مجهولة.([118])

الثالثة: بنانة لا يعرف لها سماع من عثمان بن عفان t.

4) وعن أبي هريرة t، يقول: كان رسول الله r وأصحابه يكشفون رؤوسهم في أول قطرة تكون من السماء في ذلك العام، ويقول رسول الله r: (هو أحدث عهد بربنا، وأعظمه بركة).

حديث ساقط

أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في «أخلاق النبي r» (ص611)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج10 ص119)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج3 ص138) من طريق أحمد بن عبد الله بن سابور، حدثنا يحيى بن أبي حفص، حدثنا رواد بن الجراح البغدادي، حدثنا أيوب بن مدرك، عن مكحول، عن معاوية بن قرة، قال: سمعت أبا هريرة t به.

قلت: وهذا سنده ساقط، وله أربع علل:

الأولى: يحيى بن أبي حفص، وهو مجهول لم أجد لهترجمة.

الثانية: رواد بن الجراح العسقلاني، وهو صدوق اختلط بأخرة فترك؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص254)، وعنده مناكير.([119])

الثالثة: أيوب بن مدرك متهم بالكذب.([120])

الرابعة: أيوب بن مدرك، عن مكحول مرسل.

قال الإمام البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج2 ص193): (أيوب بن مدرك، الدمشقي، عن مكحول، مرسل). اهـ

* وذكر العتيبي حديث: جابر t، قال: قال رسول الله r: (ماء زمزم لما شرب له). وفي رواية: (منه).

أخرجه أحمد في «المسند» (ج23 ص140)، و(ج23 ص244)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص469)، و(ج10 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص148)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص384) من عدة طرق عن عبد الله بن المؤمل، عن أبي الزبير، عن جابر t به.

قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:

الأولى: عبد الله بن المؤمل القرشي، وهو ضعيف الحديث.

قال عنه ابن حجر: «ضعيف الحديث»، وضعفه النسائي، والدارقطني، وقال العقيلي: «لا يتابع على كثير من حديثه»، وقال الذهبي: «ضعفوه»، وقال أحمد بن حنبل: «أحاديث عبد الله بن مؤمل مناكير». ([121])

الثانية: محمد بن مسلم بن تدرس المكي أبو الزبير، مشهور بالتدليس، وذكره ابن حجر في «المرتبة الثالثة»؛ من المدلسين، وقد وصفه النسائي، وغيره بالتدليس. ([122])

وأعله الحافظ البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ج3 ص209)؛ بقوله: (هذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الله بن المؤمل). اهـ.

وأعله الحافظ ابن حجر في «جزء في حديث ماء زمزم لما شرب له» (ص21).

وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص148): (تفرد به عبد الله بن المؤمل). اهـ.

وقال الحافظ العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج2 ص302): (لا يتابع عبد الله بن المؤمل عليه). اهـ.

وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل» (ج5 ص223)؛ عن هذا الحديث وغيره: (وهذه الأحاديث، عن أبي الزبير غير محفوظة). اهـ.

وللحديث شواهد، كلها غير محفوظة. ([123])

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

    

ذكر الدليل

على التحذير الشديد من كل ما فيه وسيلة؛ إلى التبرك: بحجر، أو شجر، أو غير ذلك، سدا لذريعة الشرك

 

عن عمر بن الخطاب t، حين قبل الحجر الأسود، قال: (إني أعلم أنك حجر، لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله r، يقبلك، ما قبلتك). ([124])

* فقد بين عمر بن الخطاب t، أن تقبيل الحجر، إنما هو عبادة، من عبادة الله تعالى، وشعيرة من شعائر: الحج، والعمرة.

* وليس لأجل التبرك، أو لأجل دفع مضرة، وجلب منفعة، وذلك لئلا يظن ذلك بعض العوام الطغام، فيقعون في الإشراك بالله تعالى.

قلت: فلو كان يجوز: التبرك بالأحجار، والأشجار، أو القبور، والمشاهد؛ لكان الحجر الأسود: أليق، وأولى بذلك، وأحرى.

* لما مسته أيدي الأنبياء والصحابة، وغيرهم، وقبلته أفواههم، وفي ذلك: عبرة، وتذكرة: ]فهل من مدكر[ [القمر: 40]. ([125])

وعن أبي واقد الليثي t؛ أن رسول الله r: (لما خرج إلى خيبر، مر بشجرة للمشركين، يقال لها: ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال النبي r: سبحان الله!، هذا كما قال قوم موسى عليه السلام: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم). ([126])

* فتأمل: كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم، طلبهم: بالتبرك بالشجر، من جنس قول أصحاب موسى عليه السلام، لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]، مما يبين: كون التبرك بالأشجار، والأحجار، وغير ذلك من «الشرك الأكبر» في الدين.

* فإذا كان هذا التغليظ، في شجرة، أو حجرة: فما بالك، بالتبرك بالقبر مباشرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص674): (فلأن يشرك: بقبر الرجل الذي يعتقد بنبوته، أو صلاحه، أعظم من أن يشرك بخشبة، أو حجر على تمثاله، ولهذا: نجد أقواما كثيرين، يتضرعون عندها، ويخشعون، ويعبدون بقلوبهم: عبادة، لا يفعلونها في المسجد). اهـ

 وعن طارق بن عبد الرحمن قال: (انطلقت حاجا، فمررت بقوم يصلون، قلت: ما هذا المسجد؟، قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله r بيعة الرضوان، فأتيت: سعيد بن المسيب، فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي، أنه كان فيمن بايع رسول الله r، تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل أنسيناها، فلم نقدر عليها، فقال سعيد: إن أصحاب محمد r، لم يعلموها، وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم!). وفي رواية: (لقد رأيت الشجرة، ثم أتيتها بعد، فلم أعرفها). وفي رواية: (فرجعنا إليها العام المقبل، فعميت علينا).

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (ج4 ص1528)، ومسلم في «المسند الصحيح» (ج3 ص1485 و1486) من طريق أبي عوانة، وإسرائيل، وسفيان، جميعهم: عن طارق بن عبد الرحمن به.

* وهكذا قال عبد الله بن عمر : (رجعنا من العام المقبل، فما اجتمع منا اثنان، على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله). ([127])

قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج13 ص5)؛ في بيان حكمة تعمية الله تعالى عليهم هذه الشجرة: (قال العلماء: سبب خفائها، أن لا يفتتن الناس بها، لما جرى تحتها من الخير، ونزول الرضوان، والسكينة، وغير ذلك.

* فلو بقيت ظاهرة، معلومة: لخيف تعظيم الأعراب، والجهال إياها، وعبادتهم لها؛ فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى). اهـ

قلت: وهذا يدلك على خطر التبرك بالشجر، والحجر، وغير ذلك، لأنه من: «الشرك الأكبر»، ويخاف من الجهال، أن يعبدوا الشجر بعد ذلك. ([128])

 تنبيه: فعن نافع / قال: (كان الناس يأتون الشجرة، التي يقال لها شجرة الرضوان، فيصلون عندها، قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب t، فأوعدهم فيها، وأمر بها فقطعت). ([129])

قلت: فأكثر الصحابة y، لم يعرفوا هذه الشجرة، لكن جابر بن عبد الله t يعرفها، لكن لم يعرفهم بها، ولم يحث عليها، وبقيت مجهولة، غير معروفة، وأنتهت المفسدة زمانا.

فقد قال جابر بن عبد الله t: (ولو كنت أبصر اليوم، لأريتكم مكان الشجرة).([130])

قلت: فلم يعرفها جابر بن عبد الله t، للناس، لخوفه: بافتتانهم في الشجرة نفسها.

الحاصل: أن «توحيد الله تعالى»، بالعبادة؛ أحب الأمور إلى الله تعالى، وأنه الغاية العظمى، والمقصد الأسمى، والطريق الأسنى، من بعث الرسل عليهم السلام، وإنزال الكتب، وخلق الجن والإنس، وأنه أعلى الأمور: منزلة، وقيمة.

* وضده: «الشرك» بالله تعالى، فهو: أكبر الكبائر، وأبغض الأمور إلى الله تعالى، فيجب القضاء على كل وسيلة: تجر إلى «الشرك»، مباشرة، أو بالواسطة، لئلا: تخسر الأمة أهم الغايات، وأعظم المقاصد، ولئلا نقع في أكبر المفاسد، ولئلا نرجع إلى شرك أهل الجاهلية. ([131])

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

ذكر الدليل

 على أن التبرك بالشجر من: «الشرك الأكبر»، وهو مخرج من الملة، ليس من: «الشرك الأصغر»، وفي هذا رد على من زعم أن: التبرك بالشجر من: «الشرك الأصغر».

 

اعلم: أن الله تعالى، بعث محمدا r، ليجدد للناس دين أبيهم إبراهيم عليه السلام، ويدلهم على أن العبادة: محض حق الله تعالى، لا يجوز صرف شيء منها: لغير الله تعالى.

* وقد زجر الله تعالى، المشركين على تعظيمهم، للأشجار، والأحجار، والأصنام.

فقال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

* واللات، والعزى، والمناة: من أشهر، وأعظم الأصنام في زمن الجاهلية، وقد كانوا يطلبون منها، أن تبارك لهم في أنفسهم، وأولادهم، وأموالهم.

* فكانوا: بهذا مشركين، بـ«الشرك الأكبر»؛ لأنهم: عبدوها، من دون الله تعالى، حين طلبوا بركتها، وما هي إلا أوهام تخيلوها، لا حقيقة لها، فهي: مجرد: «أشجار»، و«أحجار»، لا تنفع، ولا تضر.

قال تعالى: ]إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى[ [النجم: 23].

* وما يحصل، ممن ينتسب إلى الإسلام من: التبرك بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، و«القبور»، هو من جنس تبرك: المشركين هذا.

* فالواجب على المسلم، إلا يعلق قلبه؛ إلا بالله وحده، وألا يتعلق بغيره، فمن فعل ذلك، فقد شابههم في فعلهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

* ومن أنواع التبرك، يعني: التبرك الممنوع، وهو التماس البركة، فيما لم يأذن به الشرع، كمن اعتقد أن هذا الشيء، يمنح البركة بذاته.

* كمن: يتبرك: بـ«الأشجار»، أو «الأحجار»، أو «القبور»، لطلب نفع، أو دفع ضر؛ فذلك: «شرك أكبر».

* فالتبرك بالأشجار، كـ«العزى»، وهي: شجرة تعبد من دون الله تعالى، والتبرك بالأحجار، كـ«المناة»، والتبرك بالقبور، كـ«اللات»، يعني: ذلك من فعل أولـٰئك المشركين، مع تلك الأوثان.

* فمن فعل مثل ذلك، فقد ضاهى: عباد هذه الأوثان، فيما كانوا يفعلونه معها، من هذا الشرك([132]): ]تلك إذا قسمة ضيزى[ [النجم: 22].

فالله تعالى: قد أقام الحجة، بما أرسل من الرسل عليهم السلام، وأنزل من الكتب، التي تبين: الفرق بين «الشرك الأكبر»، وبين «الشرك الأصغر»، وقد فصل الله تعالى ذلك في القرآن، وفصل النبي r في السنة، فيما لا مجال في التباس، هذا، بهذا، إلا على الجهلة، بالجهل المركب.

* والتبرك بالشجر، هذا من: «الشرك الأكبر»، بين الله تعالى في القرآن، وبين النبي r في السنة، بيانا، شافيا، دون لبس.

وبوب العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص88)؛ باب: من تبرك، بشجرة، أو حجر، ونحوهما.

* واستدل /: بقوله تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

* والشجر: جمع شجرة.

* والتبرك: طلب البركة، ورجاؤها، واعتقادها، وهذا من: «الشرك الأكبر».([133])

قلت: فمن فعل ذلك، فهو: مشرك بالله تعالى، يعني: من تبرك بالشجر، أو الحجر. ([134])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص102): (قوله: «باب: من تبرك بشجرة، أو حجر، ونحوهما»؛ كـ«بقعة»، و«قبر»، و«مشهد»، وغير ذلك، و«من»: اسم شرط، والجواب: محذوف؛ تقديره: فقد أشرك بالله). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص262): (وفي هذه الجملة من الفوائد: أن ما يفعله من يعتقد في: «الأشجار»، و«القبور»، و«الأحجار»، من التبرك بها، والعكوف عندها، والذبح لها، هو الشرك([135])). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص89): (مناسبة الآيات للباب: أن فيها تحريم التبرك، بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، واعتباره: «شركا».

* فإن عباد هذه الأصنام المذكورة، إنما كانوا يعتقدون: حصول البركة منها: بتعظيمها، ودعائها.

* فالتبرك بالقبور كالتبرك: بـ«اللات»، وبالأشجار، والأحجار؛ كالتبرك: بـ«العزى»، و«مناة»). اهـ

قلت: وهذا التبرك، يعتبر: «شركا أكبر»؛ كما هو ظاهر من الآيات، والحديث([136])، فمن فعل ذلك، فقد وقع في: «الشرك الأكبر»، وخرج من الملة.

قال العلامة الشيخ سليمان الحمدان / في «الدر النضيد» (ص76): (والشاهد: من الآيات، للترجمة: أن أهل الجاهلية، إنما عبدوا هذه الأوثان، وعظموها؛ لما يعتقدونه، ويرجونه، ويؤملونه من بركتها، وشفاعتها.

* وهذا هو الذي يقصده: مشركو زماننا ممن عبدوه، سواء بسواء، فالتبرك: بالمشايخ، وقبور الصالحين؛ كالتبرك: «باللات»، والتبرك: بالأشجار، كالتبرك: «بالعزى»، والتبرك: بالأحجار، كالتبرك: «بمناة»، وهذه الأوثان الثلاثة: من أعظم: أوثان أهل الجاهلية). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص103): (ومناسبة هذه للترجمة: أن عبادة المشركين: «للعزى»، والصخرة: و«مناة»، إنما كان بالتفات القلوب رغبة إليها في حصول ما يرجونه: ببركتها، من نفع، أو دفع ضر.

* فصارت أوثانا تعبد، من دون الله تعالى، وذلك من شدة ضلال أهل الشرك، وفساد عقولهم، كما قال تعالى: ]ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله[ [يونس:18].

* فصارت عبادة القبور، وعبادة الشجر، والحجر، هو شرك المشركين، وحتى جرى ذلك -وما هو أعظم منه- في أواخر هذه الأمة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص90): (ما يستفاد من الآيات: أن التبرك بالأشجار، والأحجار: شرك).اهـ

* والعزى: في الأصل، هي كانت شجرة، يعبدها: المشركون، ثم جعلوها: «صنما» على مر الدهور. ([137])

قال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

* وهذه الآية: فيها الدليل القاطع، على أن التبرك: بـ«الشجر»، و«الحجر»، من: «الشرك الأكبر»، وليس من: «الشرك الأصغر»، لأن ذلك من فعل أهل الجاهلية، وشركهم، هو: «الشرك الأكبر»، وقد كفروا بفعلهم لهذا النوع من الشرك. ([138])

قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق / في «إبطال التنديد» (ص75): (وقد وقع في هذه الأزمان: من عبادة الأوثان من: «القبور»، و«الأشجار»، و«الأحجار»، و«البنايا»، والتبرك بها، والذبح عندها، ما هو أعظم، وأكثر، وأفحش مما فعله المشركون، وانتشار هذا، وظهوره، وكثرته تغني: عن تعداد بعضه، ولكن الناس، لا يشعرون).اهـ

قلت: وهذا يدلك على بطلان التبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، وأنه من: «الشرك الأكبر»، لأنه من فعل المشركين، عباد الأوثان في كل زمان. ([139])

* ومن تأمل أحوال المشركين، قديما، وحديثا، يراهم، أنهم: يعبدون «الأشجار»، و«الأحجار»، وغيرها، ويعظمونها في دينهم.

* فوجه مطابقة الآية، للترجمة: أن التبرك، بـ«الشجر»، و«الحجر»، و«القبور»، فإنه من: «الشرك الأكبر»، وهذا واضح. ([140])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص105): (فمن التفت قلبه: إلى غير الله تعالى؛ بطلب نفع، أو دفع: ضر، فقد أشرك، والقرآن كله في تقرير: هذا الأصل العظيم؛ الذي هو أصل دين الإسلام، وهو الإخلاص الذي لا يقبل الله تعالى، من أحد دينا: سواه). اهـ

قلت: وفي هذه الآية، إنكار الله تعالى على المشركين، عبادة الشجر، والتبرك بها، فكيف نجعل هذا التبرك من قسم: «الشرك الأصغر»: ]إن هذا لشيء عجاب[ [سورة ص: 5].

وقد دلت الآية: على أن عبادة المشركين، لهذه الأوثان، إنما كانت لطلب النفع، ودفع الضرر، فكل من تبرك: بـ«شجر»، أو «قبر»، أو «حجر»، أو عبد غير ذلك، فقد شابههم، ودخل في شركهم. ([141])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص136): (وأما الأشجار، والأحجار، والعيون، ونحوها، مما ينذر لها بعض العامة، أو يعلقون بها خرقا، أو غير ذلك، أو يأخذون ورقها: يتبركون به، أو يصلون عندها، أو نحو ذلك، فهذا كله من البدع المنكرة، وهو من عمل أهل الجاهلية، ومن أسباب الشرك بالله تعالى). اهـ

* ويعرف أن هذا  التبرك من: «الشرك الأكبر»، من قوله تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

وكانوا: يسألونها، ويتبركون بها، ويستغيثون بها، فأبطل الإسلام ذلك، لأنه من الشرك. ([142])

لذلك؛ قالت عائشة ، سمعت رسول الله r يقول: (لا يذهب الليل والنهار، حتى تعبد: اللات والعزى). ([143])

قلت: يعذر الجاهل بجهله، بمثل: هذه المواقف، في ساعته بعد نصحه، والإنكار عليه، ثم ارتدع، وترك في نفس الوقت، ولم يتماد في قوله، أو فعله، فهذا يعذر، لأنه رجع عن ذلك.

* أما من تمادى في شركه، وأصر على المضي فيه إلى أن مات على الشرك، فهذا لا يعذر بجهله، فافطن لهذا.

* وقد استدل على أن التبرك بالشجر، من: «الشرك الأصغر»، بحديث أبي واقد الليثي t قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر!، إنها السنن!، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف:138]، لتركبن سنن من كان قبلكم).

وفي رواية: (أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله r إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، فقال رسول الله r: قلتم: والذي نفسي بيده، كما قال قوم موسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف:138]، إنها لسنن، لتركبن سنن ([144]) من كان قبلكم: سنة، سنة).

وفي رواية: (أن رسول الله r، لما خرج إلى خيبر، مر بشجرة للمشركين، يقال لها: ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال النبي r: سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى عليه السلام: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]، والذي نفسي بيده لتركبن سنة، من كان قبلكم).

حديث صحيح

أخرجه ابن إسحاق في «السيرة» (ص552)، والترمذي في «سننه» (2180)، والنسائي في «السنن الكبرى» (11185)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص218)، ومعمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (ج11 ص369)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص479)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج3 ص274)، وأبو المظفر السمعاني في «تفسير القرآن» تعليقا (ج2 ص210)، والطيالسي في «المسند» (1346)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج5 ص3553)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص235)، والحميدي في «المسند» (848)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص37)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (37)، و(40)، وأبو يعلى في «المسند» (ج3 ص30)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج2 ص759)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص45)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج1 ص172)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص124)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج2 ص380)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص135)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة في بيان المحجة» (ج1 ص322)، وابن حبان في «صحيحه» (ج15 ص94)، والهروي في «ذم الكلام» (458)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص243، و244)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص568)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج4 ص273)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج5 ص124 و125)، والأزرقي في «أخبار مكة» (ج1 ص129 و130)، والواحدي في «الوسيط» (ج2 ص403) من طرق عن الزهري عن سنان بن أبي سنان الدؤلي عن أبي واقد الليثي t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، والحديث: صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ج1 ص37).

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقد صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (218).

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص536).

وأورده الهيثمي في «موارد الظمآن» (1835).

وبوب عليه الحافظ عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص35)؛ باب: اتباع المسلمين، سنن أهل الكتابين.

قلت: وليس فيه؛ أي: دليل على، أن التبرك بالشجر، من: «الشرك الأصغر»، بل يدل الحديث، على أن التبرك بالشجر، من: «الشرك الأكبر»، وذلك من وجوه:

1) عكوف أهل الشرك، عند تلك الشجرة، وقد علقوا عليها أسلحتهم، رجاء بركتها، وهذا من الشرك.

2) أن اتخاذ الشجر، والعكوف عندها، للتبرك بها من أعمال أهل الشرك، قديما وحديثا.

* فكل ما يتخذ، أو يعكف عنده، من: «شجر»، أو «حجر»، للتبرك، فإنه من: «الشرك الأكبر»، ومن البدع المنكرة في الإسلام. ([145])

* والتبرك بذات الأنواط، بتعظيمها، والعكوف عندها، والتوسل بها، فإن لازم هذا التبرك، يكون ذلك من: «الشرك الأكبر»، ليس من: «الشرك الأصغر»، فافهم لهذا.

قلت: وهذا الذي كان يصنعه: أهل الجاهلية تماما.

* إذن، فإن هذا الفعل يشمل ثلاثة أشياء:

1) التعظيم؛ أي: تعظيم العبادة للأشجار، وهذه عبادة شركية.

2) العكوف عندها، وملازمتها، وهذا نوع عبادة، لغير الله تعالى.

3) التبرك بها، رجاء، ورغبة، ومحبة، فهذا: «شرك أكبر».

* ومعنى: تبرك المشركين بهذه الشجرة؛ أنهم: كانوا يرجون كثرة الخير فيها، ودوام الخير لها.

* لأنهم: اعتبروا هذه الشجرة، إلهٰا لهم، وتبركهم بها، من التبركات الشركية، لأن المشركين: كانوا: يتبركون، بـ«الأشجار»([146])، و«الأحجار»، و«القبور»، وهذا اعتقاد باطل في الدين.

قلت: وهذا حال جميع المشركين في كل زمان إلى قيام الساعة.

وأورد الحديث: العلامة الشيخ عبد الله أبا بطين / في «الانتصار: لحزب الله الموحدين، والرد على المجادل عن المشركين» (ص35)؛ ثم قال: (فإن قيل: فالنبي r، لم يكفرهم بذلك!.

قلنا: هذا يدل على أن من تكلم بكلمة: كفر، جاهلا، بمعناها، ثم نبه: أنه لا يكفر، ولا شك أن هؤلاء: لو اتخذوا ذات أنواط بعد إنكار النبي r عليهم: لكفروا).اهـ

والمقصود هنا: بيان كون التبرك بالشجر، والحجر، وما في معناها، كلها تدخل في: «الشرك» في «الربوبية»، وخاصة: في صفة «القدرة» الكاملة لله تعالى الشاملة؛ لكل شيء.

* وأن العرب في جاهليتهم كانت عندهم هذه الأشياء، ولهذا جاء النهي عنها في الأحاديث النبوية، وهي تدل على أن التبرك: «بالأشجار»، و«الأحجار»، من «الشرك»، وإنما المقصود هنا: بيان كونه موجودا في العرب في الجاهلية. ([147])

* فالتبرك: هو طلب كثرة الخير ودوامه: ولا أحد أحق بذلك، وصفا، وفعلا: منه تبارك وتعالى.

وتفسير السلف: يدور على هذين المعنيين، وهما متلازمان. ([148])

قال الإمام ابن القيم / في «جلاء الأفهام» (ص179): (وهذا اللفظ: قد ذكره الله تعالى في المواضع، التي أثنى فيها على نفسه بالجلال، والعظمة، والأفعال الدالة على ربوبيته، وإلهيته، وحكمته، وسائر صفات كماله). اهـ

* فهذا التبرك من الشرك بالله في «ربوبيته»، خصوصا: في صفة «القدرة» الكاملة، لأنه اعتقد حصول كثرة: الخير ودوامه، من غير الله تعالى، فهو اعتقاد في غير الله تعالى، ما لا يجوز أن يعتقد، إلا في الله تعالى، ففيه إنزال غير الله تعالى، منزلة: «الربوبية». ([149])

* وهو أيضا: شرك بالله في «ألوهيته»([150])، و«عبادته»، لأنه صرف ذلك لغير الله تعالى، وهذا بسبب تعظيم من يتبرك به، والافتتان به، والتعلق به. ([151])

قلت: وكان عند مشركي العرب هذا النوع من الشرك.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص169): (وكان عكوف المشركين، عند تلك السدرة: تبركا بها، وتعظيما لها). اهـ

* فهذا يدل على أن المشركين كانوا في الجاهلية: يطلبون الخير والبركة من هذه الأشجار.

* ومعلوم أن الطلب للخير والبركة، وطلب دوامها: من العبادة.

* وإيصال: الخير والبركة، وإدامتها، إنما هي من خصائص الربوبية.

* فلهذا يكون عملهم: هذا شركا في الربوبية، في قدرة الله الكاملة؛ لأنهم: يعتقدون حصول: الخير والبركة، ودوامها، من غير الله تعالى. ([152])

قال تعالى: ]وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون[ [يوسف: 106].

وقال تعالى: ]والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى[ [الزمر: 3].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص818 و819): (فأما العكوف، والمجاورة: عند شجرة، أو حجر، تمثال، أو غير تمثال، أو العكوف، والمجاورة، عند قبر نبي، أو غير نبي، أو مقام نبي، أو غير نبي.

* فليس هذا من دين المسلمين، بل هو من جنس دين المشركين، الذين أخبر الله تعالى عنهم، بما ذكره في كتابه). اهـ

قلت: فمن مظاهر التبرك الممنوع: العكوف عند بعض: «الأشجار»، أو «الأحجار»، أو قصد أداء العبادة عندها، أو تعليق الخرق عليها، أو ما شابه ذلك، لأن ذلك من الشرك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص136): (وأما: «الأشجار»، و«الأحجار»، و«العيون»، ونحوها: مما ينذر لها بعض العامة، أو يعلقون بها خرقا، أو غير ذلك، أو يأخذون ورقها يتبركون به، أو يصلون عندها، أو نحو ذلك، فهذا كله: من البدع المنكرة، وهو من عمل: «أهل الجاهلية»، ومن أسباب الشرك بالله تعالى). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص152): (وفي هذه الجملة من الفوائد: أن ما يفعله من يعتقد في: «الأشجار»، و«القبور»، و«الأحجار» من التبرك بها، والعكوف عندها، والذبح لها هو الشرك، ولا يغتر بالعوام، والطغام، ولا يستبعد: كون هذا شركا، ويقع في هذه الأمة).اهـ

3) إنكار النبي r: عليهم في طلبهم ذلك، وشبه طلبهم هذا، بطلب بني إسرائيل، من موسى عليه السلام.

* وقد أسلموا حديثا في الإسلام، ومع ذلك: أنكر رسول الله r، عليهم، حين طلبوا منه r، أن يجعل لهم شجرة: يتبركون بها، كما يفعل المشركون.

* وكبر r: حين سمع ما لا يليق، بجلال الله، وعظمته، تنزيها لله تعالى، عن الشرك.

* وشبه مقالتهم: بمقولة؛ بني إسرائيل، لموسى عليه السلام: ([153]) ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138].

قال العلامة الشيخ عبد الله بن محمد الدويش / في «التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد» (ص71):

* معرفة صورة الأمر الذي طلبوا؛ أي: أنهم، طلبوا منه، أن يجعل لهم: شجرة يتبركون بها.

* كونهم لم يفعلوا؛ أي: لأنه لما نهاهم، أطاعوه، وتركوا قولهم.

* أن النبي r، لم يعذرهم، بل رد عليهم، بقوله: «الله أكبر»، «إنها السنن، لتتبعن سنن من كان قبلكم»، فغلظ الأمر بهذه الثلاث؛ أي: أنه أنكر r عليهم، ورد عليهم ما قالوه، فغلظ عليهم، بهذه الثلاث؛ أي: قوله «الله أكبر»، و«إنها السنن»، وقوله r: «لتتبعن سنن من كان قبلكم».

* الأمر الكبير، وهو المقصود، أنه r أخبر أن طلبهم، كطلب: بني إسرائيل، لما قالوا: لموسى: «اجعل لنا إلهٰا»، أي: لما كان المقصود أن كلا طلب، أن يجعل له شيء يألهه: جعل طلبتهم، كطلبة بني إسرائيل، وإن لم يسموه إلهٰا، لكن لما كانت الحقيقة واحدة، أنكر عليهم، ولم ينظر إلى كونهم: سموها ذات أنواط، فالمشرك: مشرك، ولو سمى: شركه ما سماه. اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص108): (أن النبي r، لم يعذرهم، بل رد عليهم، بقوله r: «الله أكبر، إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم»، فغلظ الأمر، بهذه الثلاث). اهـ

* والجامع: بين مقالتهم، ومقالة، بني إسرائيل: أن كلا، منهما: طلب أن يجعل له ما يألهه، ويعبده، من دون الله تعالى، فمن تبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، فقد اتخذها آلهة، من دون الله تعالى.

* فعبادتهم: لها، بالتعظيم، والعكوف، والتبرك، وبهذه الثلاثة: عبدت الأوثان، من دون الله تعالى، وتغير الاسم، لا يغير الحقيقة.

4) أن التبرك، بالأشجار، والأحجار، من: «الشرك الأكبر»، لتسويته r، بين مقالتهم، ومقالة: بني إسرائيل، وحلفه r على ذلك، وإن لم يستحلف، مزيد تحذير. ([154])

قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص108): (الأمر الكبير: وهو المقصود، أنه أخبر r، أن طلبتهم؛ كطلبة: بني إسرائيل، لما قالوا: لموسى: ]اجعل لنا إلها[ [الأعراف:138]). اهـ

5) أن التبرك: بالأشجار، والأحجار: يجعلها آلهة، وإن لم يسموها: آلهة، فما يفعله من يعتقد فيها، من التبرك بها، هو: «الشرك الأكبر»، وإن سمى عمله ما شاء من الأسماء.

6) أن النبي r أخبر في هذا الحديث، عن وقوع الشرك في هذه الأمة، مشابهة، للأمم السابقة، من: «اليهود»، و«النصارى»، حيث عبدوا آلهة، مع الله تعالى، حيث قال r: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»، وهو خبر؛ بمعنى: الذم، وإنما قاله لنا r، لنحذره، وقد وقع الشرك في هذه الأمة، كما أخبرنا r به.([155])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص154): (وفيه: -يعني: الحديث أن الشرك، لا بد أن يقع في هذه الأمة، كما وقع: فيمن قبلها، ففيه رد على من قال: إن الشرك لا يقع في هذه الأمة). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص110): (أن سنة أهل الكتاب مذمومة، كسنة: المشركين). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص154): (وفي الحديث من الفوائد: النهي عن التشبه: بـ«أهل الجاهلية»، من: «أهل الكتاب»، و«المشركين»). اهـ

* وأكبر دليل: أن التبرك من: «الشرك الأكبر»، إنكار النبي r على حديث عهد بكفر، وهم: الذين قالوا: «اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط»، فبعد تبيين النبي r حالهم: رجعوا عن ذلك مباشرة، فهذا يكفي في بقائهم على إسلامهم. ([156])

* وإذا تأملت ما يصنعه: عباد الأشجار في زماننا هذا ([157])، وجدت أنهم: يعبدونها من دون الله تعالى، ويتبركون بها، ويتوسلون بها؛ بمثل: ما يفعله عباد القبور في زماننا هذا من: «الشرك الأكبر».

* وظاهر هذا الحديث: أن: «الشرك الأكبر» الذي كان وقع فيه: المشركون، هو راجع إلى هذا التبرك، بذات أنواط، الذي يترتب عليه: من التعظيم، والتعبد، ولا بد.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص105): (قوله: «وللمشركين سدرة يعكفون عندها»: عبادة لها، وتعظيما، وتبركا؛ لما كانوا يعتقدونه فيها من البركة.

قوله: «يقال لها: ذات أنواط»: هو برفع «التاء» كما لا يخفى.

قوله: «ينوطون بها أسلحتهم»؛ أي: يعلقونها.

قوله: «فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم»؛ أي: للمشركين: «ذات أنواط»؛ ظنوا أن النبي صلي الله عليه وسلم لو جعل لهم ذلك لجاز اتخاذها؛ لحصول البركة لمن اعتقدها فيها.

* وأنواط: جمع «نوط»، وهو مصدر، سمي به المنوط.

قوله: «فقال النبي صلي الله عليه وسلم: الله أكبر»: تعظيما لله تعالى عن أن يجعل له شريك في عبادته، التي هي حقه على عباده؛ كالتبرك: بـ«الأحجار»، و«الأشجار»، ونحوها؛ كما قال تعالى: ]فأقم وجهك للدين حنيفا[ [الروم: 30]، وقال تعالى: ]ولا تكونن من المشركين[ [القصص: 43]، وقال تعالى: ]فأقم وجهك للدين القيم[ [الروم: 43]، وهو الإخلاص، والشرك ينافي ذلك، وتقدم معنى «الحنيف».

* وتضمنت هاتان الآيتان -وما في معناهما- التوحيد الذي دلت عليه «لا إلـٰه إلا الله» نفيا وإثباتا؛ كما تقدم بيانه.

* فمن التفت قلبه إلى غير الله تعالى لطلب نفع، أو دفع ضر، فقد: «أشرك»، والقرآن كله في تقرير هذا الأصل العظيم؛ الذي هو أصل دين الإسلام، وهو الإخلاص الذي لا يقبل الله تعالى من أحد دينا سواه.

قوله: «السنن»: بضم «السين»، أي: الطرق، يشير إلى الطرق التي تخالف دينه الذي شرعه تعالى لعباده.

قوله: «قلتم -والذي نفسي بيده-»: حلف النبي r على ذلك تأكيدا لهذا الخبر، وتعظيما له.

«كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]؛ أخبر أن التبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار» يجعلها آلهة، وإن لم يسموها آلهة، ولذلك شبه قولهم هذا بقول بني إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138].

فظهر بهذا الحديث: أن التعلق على الأشجار، والأحجار، وغيرها -لطلب البركة بها- شرك في العبادة كشرك عباد الأصنام.

قوله: «لتركبن سنن من كان قبلكم»؛ أي: اليهود والنصارى، وقد وقع كما أخبر به r في هذه الأمة، فركبوا طريق من كان قبلهم ممن ذكرنا، كما هو مذكور في الأحاديث الصحيحة؛ كحديث: «لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه». قالوا: يا رسول الله! اليهود، والنصارى؟، قال: «فمن».

وهو في «الصحيحين» عن أبي سعيد الخدري t. وفي رواية([158]): «ومن الناس إلا أولـٰئك»). اهـ

 * وهذا ظاهر في الحديث: أن المشركين، كانت لهم: سدرة يعتقدون فيها:

1) التعظيم.

2) يعكفون عندها.

3) ينوطون بها أسلحتهم، رجاء انتقال البركة من الشجرة، إلى أسلحتهم، حتى تكون قد حملت الخير. ([159])

* وظاهر هؤلاء المشركين، اتخذوا هذه الشجرة إلهٰا، مع الله تعالى، يعبدونها من دونه، ويعكفون عندها، ويرجون بركتها، وهذا من: «الشرك الأكبر».([160])

قال تعالى: ]ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى[ [الزمر: 3].

وأخيرا: أن كل ما ذكر من التبرك، يعد من البدع المحدثة المذمومة، وأنه من: «الشرك الأكبر»، لأنه  في العادة، يعتقد فيه فاعله؛ بخلاف: الكتاب والسنة، فافهم: لهذا، ترشد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص513): (هو من كلام، أهل الشرك، والبهتان، فإن عباد الأصنام أحسنوا ظنهم بها، وكانوا هم: وإياها من حصب جهنم، كما قال الله تعالى: ]إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون[ [الأنبياء:98]). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسائل الكبرى» (ج2 ص63): (من زار مكانا، من هذه الأمكنة، معتقدا، أن زيارته مستحبة، والعبادة فيه أفضل من العبادة في بيته، فهو: ضال، خارج عن شريعة الإسلام، يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل).اهـ

قلت: وعباد الأشجار على هذا الشرك، قديما وحديثا، سواء بسواء، لا يتغير، ولا يتبدل في أهل الشرك.

* وعلى هذا، فإن التبرك: بـ«الأشجار»، لا يجوز، بأي: وجه من الوجوه، وهو من: «الشرك الأكبر».

قلت: ومما سبق من تحرير: «التبرك بالشجر» من قبل أهل العلم، وأنه من: «الشرك الأكبر».

* تعلم أن: «المتعالم»، وما ذكره في: «التبرك بالشجر»، وأنه من: «الشرك الأصغر»، قد التبست عليه عبارات أهل العلم في مسألة: «التبرك بالأشجار»، وأنه زعم: أن «التبرك» بها من: «الشرك الأصغر».([161])

وقد أوضح: أهل العلم، أيضا: في مسألة: «التبرك بالشجر»، منهم: الشيخ محمد بن عبد الوهاب /، وأنه من: «الشرك الأكبر»، ليس من: «الشرك الأصغر».

قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «كشف الشبهات» (ص44): (ومن الدليل على ذلك أيضا: ما حكى الله تعالى عن بني إسرائيل مع إسلامهم، وصلاحهم، وعلمهم أنهم: قالوا لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138]، وقول أناس من الصحابة «اجعل لنا يا رسول الله ذات أنواط»، فحلف النبي r أن هذا مثل قول بني إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها[.

ولكن للمشركين شبهة يدلون بها عند هذه القصة: وهي أنهم يقولون: إن بني إسرائيل لم يكفروا بذلك، وكذلك الذين قالوا للنبي r: «اجعل لنا ذات أنواط»؛ لم يكفروا.

فالجواب: أن تقول: إن بني إسرائيل لم يفعلوا، وكذلك الذين سألوا النبي r لم يفعلوا، ولا خلاف أن بني إسرائيل لو فعلوا ذلك لكفروا، وكذلك لا خلاف أن الذين نهاهم النبي r، لو لم يطيعوه، واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه، لكفروا؛ وهذا هو المطلوب.

ولكن هذه القصة تفيد: أن المسلم، بل العالم، قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها، فتفيد التعلم، والتحرز، ومعرفة أن قول الجهال: «التوحيد فهمناه»: أن هذا من أكبر الجهل، ومكايد الشيطان، وتفيد أيضا: أن المسلم المجتهد إذا تكلم بكلام كفر، وهو لا يدري، فنبه على ذلك وتاب من ساعته، أنه لا يكفر، كما فعل بنوا إسرائيل، والذين سألوا النبي r، وتفيد أيضا: أنه لو لم يكفر، فإنه يغلظ عليه الكلام تغليظا شديدا، كما فعل رسول الله r). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «القواعد الأربع» (ص5): (القاعدة الثالثة: أن النبي r ظهر على أناس متفرقين في عباداتهم، منهم: من يعبد الملائكة، ومنهم: من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم: من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم: من يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله r ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله[ [الأنفال: 39]؛ ودليل الشمس والقمر؛ قوله تعالى: ]ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون[ [فصلت: 37]؛ ودليل الملائكة؛ قوله تعالى: ]ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا[ [آل عمران: 80]؛ ودليل الأنبياء؛ قوله تعالى: ]وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله[ [المائدة: 116]؛ ودليل الصالحين؛ قوله تعالى: ]أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه} [الإسراء: 57]؛ ودليل الأشجار والأحجار؛ قوله تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم:  19 و20]؛ وحديث أبي واقد الليثي t قال: «خرجنا مع النبي r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط» الحديث). اهـ

 وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج2 ص87): (فلا إله إلا الله، نفي وإثبات الإلهية كلها لله: فمن قصد شيئا من: «قبر»، أو «شجر»، أو «نجم»، أو «ملك مقرب»، أو «نبي مرسل»، لجلب نفع، وكشف ضر، فقد اتخذه إلهٰا من دون الله؛ مكذب بلا إله إلا الله، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

فإن قال: هذا المشرك، لم أقصد إلا التبرك؛ وإني لأعلم أن الله هو الذي ينفع ويضر، فقل له: إن بني إسرائيل ما أرادوا إلا ما أردت، كما أخبر الله تعالى عنهم، أنهم لما جاوزوا البحر: ]فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138]، فأجابهم بقوله: ]إنكم قوم تجهلون[؛ الآيتين [الأعراف: 138] .

وحديث أبي واقد الليثي قال: «خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة الدرر يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[؛ لتركبن سنن من كان قبلكم»، وقال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى[ [النجم: 19]، وفي الصحيح عن ابن عباس، وغيره: «كان يلت السويق للحاج، فمات، فعكفوا على قبره».

فيرجع هذا المشرك، يقول: هذا في: «الشجر»، و«الحجر»، وأنا أعتقد في أناس صالحين، أنبياء، وأولياء، أريد منهم الشفاعة، عند الله، كما يشفع ذو الحاجة عند الملوك، وأريد منهم القربة إلى الله تعالى؛ فقل له: هذا دين الكفار بعينه...). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج2 ص126): (فإن بني إسرائيل لما اعتقدوا في عيسى ابن مريم، وأمه سماهما الله تعالى: إلهين؛ قال تعالى: ]وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب[ [المائدة: 116]؛ ففي هذا دليل على أن من اعتقد في مخلوق لجلب منفعة، أو دفع مضرة، فقد اتخذه إلهٰا؛ فإذا كان الاعتقاد في الأنبياء هذا حاله، فما دونهم أولى.

وأيضا؛ فإن من تبرك: بـ«حجر»، أو «شجر»، أو «مسح على قبر»، أو «قبة» يتبرك بهم، فقد اتخذهم آلهة؛ والدليل: على ذلك، أن الصحابة لما قالوا للنبي r: (اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، يريدون بذلك التبرك، قال r: «الله أكبر: إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين[ [الأعراف: 136 و137].

* فمثل قول الصحابة في ذات أنواط، بقول بني إسرائيل، وسماه إلهٰا، ففي هذا دليل على أن من فعل شيئا مما ذكرنا، فقد اتخذه إلهٰا). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج2 ص111): (واعلم رحمك الله: أن أشياء من أنواع: «الشرك الأكبر»، وقع فيه بعض المصنفين على جهالة، لم يفطن له، من ذلك، قوله في البردة: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم، وفي الهمزية: جنس هذا وغيره أشياء كثيرة؛ وهذا من الدعاء، الذي هو من العبادة التي لا تصلح إلا لله وحده؛ وإن جادلك بعض المشركين بجلالة هذا القائل، وعلمه وصلاحه، وقال بجهله: كيف هذا؟ فقل له: أعلم منه وأجل، أصحاب موسى، الذين اختارهم الله وفضلهم على العالمين، حين قالوا: ]يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138] ، فإذا خفي هذا على بني إسرائيل، مع جلالتهم، وعلمهم، وفضلهم؛ فما ظنك بغيرهم؟

وقل لهذا الجاهل: أصلح من الجميع وأعلم، أصحاب محمد r لما مروا بشجرة، قالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فحلف رسول الله r أن هذا: كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138]؛ ففي هذا عبرتان عظيمتان:

الأولى: أن النبي r صرح أن من اعتقد في شجرة، أو تبرك بها، أنه قد اتخذها إلهٰا، وإلا فأصحاب رسول الله r يعرفون أنها لا تخلق، ولا ترزق، وإنما ظنوا أن النبي r إذا أمرهم بالتبرك بها، صار فيها بركة.

والعبرة الثانية: أن الشرك قد يقع فيمن هو أعلم الناس، وأصلحهم، وهو لا يدري، كما قيل: الشرك أخفى من دبيب النمل؛ بخلاف قول الجاهل: هذا بين نعرفه؛ فإذا أشكل عليك من هذا شيء، وأردت بيانه من كلام أهل العلم، وإنكارهم جنس الشرك، الذي حرمه الله، فهو موجود؛ وأعني كلام العلماء في هذا، إن أردت من الحنابلة، وإن أردت من غيرهم؛ والله أعلم). اهـ

ويؤيده: فهم علماء الدعوة النجدية، وأن التبرك بالأشجار من: «الشرك الأكبر».([162])

قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في «مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام، ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام» (ج2 ص309): (قول الشيخ: «إن أشياء من أنواع الشرك الأكبر قد يقع فيها بعض المصنفين الأولين»؛ قول صحيح، يدل عليه الكتاب والسنة، والواقع والاستقراء، وقد خفي على قوم موسى عليه السلام، وعلى أبي واقد الليثي، وأصحابه ما طلبوه من أنبياء الله، فكيف لا يخفى، أو لا يقع ممن لا نسبة بينه وبينهم؟، قال تعالى عن قوم موسى: ]وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف: 138]، وقال أبو واقد الليثي، وأصحابه للنبي r: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال r: قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهٰا كما لهم آلهة)؛ فإذا وقع ذلك من أولئك الأخيار، ورسلهم بين ظهرانيهم، فكيف يستبعد أو ينكر وقوعه ممن هو دونهم في كل فضيلة، وكل علم، وكل دين؛ بل يستحي العاقل من طلب المقابلة، فكيف بالمماثلة والمقاربة؟). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج5 ص120): (ما أخرجه الترمذي بسنده، عن أبي واقد الليثي t، قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال لهم النبي r: إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين[ [الأعراف:138]؛ لتركبن سنن من كان قبلكم).

* وفي هذا الحديث من الفوائد: أن التبرك بـ«الأشجار»، ونحوها: شرك، وتأله بغير الله، ولهذا شبه قولهم: اجعل لنا ذات أنواط، بقول بني إسرائيل: ]اجعل لنا إلها[؛ ومنها: أن حقيقة الشيء لا تتغير بتغير الاسم، ومنها: خطر الشرك والجهل، فكادوا أن يقعوا في الشرك لما جهلوه؛ فإذا كان هذا في عهد النبوة وإقبال الدين، فكيف لا يقع بعد تقادم العهد، وتغير الأحوال، واشتداد غربة الدين؟، ومنها: مشابهة هذه الأمة بأهل الكتاب فيما وقع منهم، كما في الحديث الآخر: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي / في «حاشية كتاب التوحيد» (ص 90): (باب بيان حكم من تبرك بالأشجار والأحجار ونحوها؛ وما يترتب عليه من الوعيد، وحكمه: أنه مشرك الشرك الأكبر؛ لكونه تعلق على غير الله في حصول البركة من غيره، وإن كان الله جعل فيه بركة، والتبرك: طلب البركة، ورجاؤها واعتقادها، أو عائدة، وأمل بركة تعود إليه من جهتها، من جلب نفع، أو دفع ضر). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد» (ص 100): (ثالثا: التبرك بالأشجار، والآثار، والبنايات: والتبرك معناه: طلب البركة، ورجاؤها، واعتقادها في تلك الأشياء.

وحكمه: أنه شرك أكبر؛ لأنه تعلق على غير الله سبحانه في حصول البركة، وعباد الأوثان: إنما كانوا يطلبون البركة منها؛ فالتبرك بقبور الصالحين كالتبرك: بـ«اللات»، والتبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، كالتبرك: بـ«العزى»، و«مناة».

وعن أبي واقد الليثي t؛ قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر؛ إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[، لتركبن سنن من كان قبلكم)، رواه الترمذي وصححه). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج13 ص294): (وهذا هو واجب العلماء، عليهم أن يعلموا الناس ما شرعه الله تعالى، والمؤمن يتعلم من العلماء، ويعلم من يأتي القبور يقول لهم: إن الزيارة الشرعية كذا وكذا، وإن البناء على القبور، أو سؤال الميت، أو التبرك بتراب القبر، أو تقبيل القبر، أو الصلاة عنده كل هذا من البدع؛ فلا يصلى عند القبور، ولا تتخذ محلا للدعاء، أو القراءة عندها، وكل هذا من البدع، أما طلب البركة منها، أو الشفاعة منها، أو الشفاء للمرضى فهذا: من أنواع الشرك الأكبر). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج30 ص135): (أهل البدع، وأهل القبور، وأهل الموالد؛ فالواجب أن يوجه، ويقال له: لا تحضرها، بل أنكر عليهم، وبلغهم، وابتعد عنهم؛ لأن الاجتماع إلى البدع أمر منكر، بدعة المولد، أو بدعة عند القبور، والتبرك بالقبور، وما أشبه ذلك، أو القراءة عند القبور، أو الصلاة عند القبور، كل هذا من البدع المنكرة، وقد يفضي إلى الشرك، وهو التبرك بأصحاب القبور، أو دعوتهم من دون الله، فهذا هو: الشرك الأكبر). اهـ

* وجاء في «فتاوى اللجنة الدائمة» (ج1 ص442): (...ومن الأدلة على ما ذكرنا من تحريم التبرك بأرض القبور وأهلها، وأن ذلك من: «الشرك الأكبر»: ما رواه الترمذي وغيره، بإسناد صحيح، عن أبي واقد الليثي t قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى).

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... عضو ...نائب الرئيس ... الرئيس

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة...................................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على كشف جهل: «بدر العتيبي» في كلامه عن التبرك، وقد وقع في التبرك الممنوع بالمخلوقات، بمثل: التبرك بمنبر الرسول، والتبرك بذوات الصالحين وآثارهم، والتبرك بالحجر الأسود، والتبرك بماء زمزم، وغير ذلك، والتمسح بها، وتقصد تبركا بها، وهذا النوع من التبرك غير مشروع، بل هو نوع من أنواع الشرك بالله تعالى، فلا يجوز التبرك بهذه الأشياء، بأي وجه من الوجوه.....................................................................................................

33

3)

ذكر الدليل على التحذير الشديد من كل ما فيه وسيلة؛ إلى التبرك: بحجر، أو شجر، أو غير ذلك، سدا لذريعة الشرك.............................

93

4)

ذكر الدليل  على أن التبرك بالشجر من: «الشرك الأكبر»، وهو مخرج من الملة، ليس من: «الشرك الأصغر»، وفي هذا رد على من زعم أن: التبرك بالشجر من: «الشرك الأصغر»....................................

98

 

 

 

 



([1]) انظر: «التمهيد بشرح كتاب التوحيد» آل الشيخ (ص13)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص9 و10)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص25 و26)، و«إبطال التنديد باختصار كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص17 و18)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص207).

([2]) انظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص567)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص131 و132 و211)، و«فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص82).

([3]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص230 و232)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج1 ص343)، و«الصحاح» للجوهري (ج2 ص547)، و«المفردات» للراغب (ص514)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص90)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص9 و10 و11).

([4]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (128)، ومسلم في «صحيحه» (32).

([5]) وانظر: «القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص46)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص67)، و«قاعدة التوسل» لابن تيمية (ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص352)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص15).

([6]) فيه مسائل: المسألة الأولى.

([7]) انظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص22)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص14 و15)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص18 و19)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص108 و109).

([8]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للصغير  (ص10 و11)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص14 و15)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص9 و10)، و«عقيدة التوحيد» له (ص92 و93).

([9]) انظر: «التمهيد بشرح كتاب التوحيد» آل الشيخ (ص16)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص15)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص35).

([10]) انظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص15)، و«عقيدة التوحيد» له (ص92 و93 و94)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص145 و146)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص67)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص73)، و«شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص14).

([11]) انظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص152 و153 و154).

([12]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص327)، من حديث أبي هريرة t.

     تعس: هلك.

     الخميلة: هي ثوب له خمل من أي شيء كان.

     الخميصة: هي ثوب خز، أو صوف معلم.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج11 ص254)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص190)، و(ج2 ص81)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج2 ص1070 و1071)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص11).

([13]) وانظر: «تجريد التوحيد، من درن الشرك وشبه التنديد» للجاسم (ص28 و29).

([14]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للصغير  (ص46 و47).

([15]) انظر: «العبودية» لابن تيمية (ص1).

([16]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر ابن زكريا (ج1 ص71)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص9 و14 و16 و17)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص14 و15 و16 و17)، و«القول السديد» للشيخ السعدي (ص10)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص140 و143 و144)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص449)، و«لوامع الأنوار البهية» للسفاريني (ج1 ص57)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص7).

([17]) وانظر: «أضواء البيان» للشيخ الشنقيطي (ج3 ص410 و414)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص140 و143 و144)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص7 و9).

([18]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر ابن زكريا (ص76)، و«تحذير أهل الإيمان في الحكم بغير ما أنزل الرحمن» للخطيب (ج1 ص140)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص449)، و«التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير» للشيخ بكر بن عبد الله (ص30)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج1 ص344)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص367).

([19]) وانظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص156 و157 و158)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص9).

([20]) وانظر: «عقيدة التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92 و94 و95)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص173)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص44 و45).

([21]) وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص14 و15)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص19 و20 و21 و22).

([22]) وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص37).

([23]) انظر: «رعاية العهود» للغامدي (ص246).

([24]) وانظر: «عقيدة التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92 و94)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص22)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص284).

([25]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (32)، ومسلم في «صحيحه» (124) من حديث ابن مسعود t.

([26]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2289).

([27]) العزى: كانت شجرة تعبد من دون الله تعالى.

     انظر: «الدر النضيد» لابن الحمدان (ص91)، و«جامع البيان» للطبري (ج27 ص34)، و«إبطال التنديد» للشيخ ابن عتيق (ص74).

([28]) من دون الله: يعني: من المعبودين، من دون الله: من بشر، أو جن، أو ملك، أو حجر، أو شجر، أو غير ذلك.

      وانظر: «أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص15).

([29]) وانظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص144 و145)، و«كلمة الإخلاص» لابن رجب (ص23)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج1 ص32)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص136)، و(ج10 ص249)، و(ج13 ص22).

([30]) سبحان الله: شر البلية ما يضحك!، أي: رمانة كانت لمنبر رسول الله r في عهده.

     * فهذا الأمر الحادث، هو ليس له مستند: صحيح، إلا ضعف العقل، والتوهم في الدين.

     قلت: وآثار «الرمانة» هذه، لم تثبت عن الصحابة y، ولم يتبركوا بها، ولا بالمنبر.

     فهذا التبرك: مخالف لما كان عليه الرسول r، وصحابته y، ثم من بعدهم من السلف الصالح، فلم ينقل عنهم لشيء من هذا: «التبرك» المزعوم الذي قال به: «العتيبي» هذا.

([31]) هكذا يظن: هذا الجاهل أن كل شيء مسه النبي r، فلا بأس بـ«التبرك» به، وهذا الظن باطل بلا شك، ولم يقل أحد بهذا: «التبرك» من أهل العلم.

     قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن[ [الحجرات: 12].

     وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث).

     أخرجه البخاري في «صحيحه» (5143)، ومسلم في «صحيحه» (2563).

     * وهذا النوع من: «التبرك»، هو أحد أسباب: «التبرك» الممنوع، وهو فتح لباب الشرك!.

     * فعدم شرعية التبرك بالمواقع التي جلس فيها r، أو صلى فيها، أو أثر موطئ قدمه، أو نام فيها، أو الأخشاب التي مسها، أو غير ذلك.

     * وأنه لو صح وجود شيء من ذلك افتراضا، فإنه لا يجوز: «التبرك» بها على أي وجه من الوجوه.

     * ولا شك أن تعظيم تلك الآثار التي مسها النبي r، ومن ثم التبرك بها، فهذا ممنوع في الشرع.

([32]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «التعليق على فتح المجيد على كتاب التوحيد» بصوت: «بدر العتيبي»، في سنة: «1443هـ».

([33]) فقوله: «التبرك بماء زمزم»، هذا يوحي أنه يجوز: «التبرك» بذات ماء زمزم، وبهذه العبارة لم يقل أحد بها.

     * لكن يقال: «التبرك بشرب ماء زمزم»، لما فيه من طعام، وشفاء، وانتفاع بشربه، وهذا المقصود: بالبركة؛ وهي من الله تعالى.

     * فالتبرك: بهذه الطريقة بماء زمزم، فهذا: «التبرك» مخالف لما كان عليه الرسول r، وصحابته y، فلم ينقل عنهم لشيء منه، وإنما فعله العوام الجهلة، بدون دليل شرعي.

     * حتى وصل الأمر بهؤلاء العوام، أنهم يغسلون كفنهم بماء زمزم للبركة زعموا، وغير ذلك، وهذا النوع من: «التبرك»، هو من: «التبرك» الممنوع، وهذا غير مشروع.

([34]) وزعم هنا هذا المتهور، أن ماء المطر يتبرك به، وهذا باطل، فإن: «التبرك» بالمخلوقات على طريقة: «العتيبي» هذا، لا يجوز مطلقـا.

     * بل يقال: «بركة المطر»، أو: «أن المطر فيه بركة»، يعني: فيه منافع في الأرض، منها: شرب الناس منه، وسقي الدواب، وإنبات الثمار، والأشجار، وغير ذلك.

     * وهذا لا يعني: التبرك بماء المطر، ففي فرق بين أن المطر فيه بركة، وبين التبرك بالمطر، لأنه يوحي أنه يتبرك به ويتمسح به، ويطلب البركة من المطر، بمثل: التبرك بالجدران، والتمسح بها، وطلب البركة فيها، فهذا لا يجوز، وهو نوع من: «التبرك» الممنوع.

     قال تعالى: ]ونزلنا من السماء ماء مباركا[ [سورة «ق»: 9]؛ يعني: كثير الخير، والبركة.

     * فتأمل التعبير القرآني قال تعالى: «ماء مباركا»، ولم يقل: «ماء تبركوا به».

     وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص221)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج17 ص6)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص234).

     قال المفسر الخازن / في «تفسير القرآن» (ج2 ص266): (سمي المطر: بركة السماء، لثبوت البركة فيه، وكذا ثبوت البركة في نبات الأرض، لأنه نشأ عن بركات السماء، وهي المطر). اهـ.

     قلت: فالمطر ينتفع منه الناس في أكثر شؤونهم، قال تعالى: ]هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون * ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون[ [النحل: 10 و11].

([35]) انظروا إلى هذا المتهور ماذا يقول، لا يدري ما يخرج من رأسه.

     * فهذا الفعل، هو: «تبرك» بذات المخلوق عن طريق المصافحة، لأن اليد من الجسم، ولا يجوز: «التبرك» بذات المخلوقات، بهذه الطريقة المخزية.

     * لذلك، لم يقل أحد من السلف، والأئمة، ببركة المصافحة، عن طريق مس يد الطرفين، فإن هذا من التبرك الممنوع.

([36]) وهذا من عجيب أمر هذا المدعي، أنه كثير الجهل في العلم، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.

     * فإن «التبرك» بالحجر الأسود، لم يثبت عن النبي r، ولا عن الصحابة y.

     * وهذا التبرك: المزعوم بـ«الحجر الأسود»، وهو مخالف لما نقل عن عمر t، «على استلامه، وتقبيله، ومشروعية ذلك في الحج، والعمرة»، دون: «التبرك» به، وهذا من البدع المحدثة، وسوف يأتي تفصيل ذلك.

([37]) هكذا أطلق هذا المتهور في بركة الصالحين، ولم يفصل على طريقة: العلماء الراسخين، لأن فاقد الشيء لا يعطيه!.

([38]) من أين لك: أنه إذا ذكر الناس للصالحين، نزلت البركات من السماء، لم يأت بدليل شرعي في ذلك، فقوله هذا بدعة، ووسيلة إلى: «التبرك» بهم، والتمسح بهم، ما دام زعم أن البركات تنزل عليهم، إذا ذكروا، كما وقع هذا: «التبرك» الممنوع من: «عوام الصوفية»، وغيرهم. 

([39]) ومن أين لك: أن مكان الصالحين، هو محل البركة، فإن هذا لا أصل له في الدين، وهذا يفضي إلى: «التبرك» بأمكنتهم، والتمسح بها تبركا، كما وقع من: «عوام الصوفية»، وغيرهم.

     وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص676 و677).

([40]) وهذه تالله كبرى معايب هذا: «العتيبي»، بشهادة نفسه على نفسه، ويكأنه بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، فهو يذكر أنه لا تطلب البركة من الصالح، ولا يتمسح به، ثم يقول بصحة بركة الذات، فأي تناقض أكبر من هذا؟!، فهذا الكلام ينطوي على جهل بالغ!.

     * فالسلف الصالح: من الصحابة والتابعين، وأتباعهم لم يفعلوا ذلك: «التبرك» المبتدع بذات الصالحين.

     * إذا: لا يجوز أن نقول: «بركة الذات»، فهذا من أشهر مظاهر: «التبرك» الممنوع في الشريعة المطهرة.

     وانظر: «الإبداع في مضار الابتداع» لابن محفوظ (ص79)، و«تعليق الشيخ ابن باز على فتح الباري» (ج3 ص115).

([41]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].

* فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.

* وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.

* وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول r: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.

([42]) وأنه معلوم أن التبرك بالخشب ليس من منهج الصحابة y، بل هو بدعة شركية.

     قلت: فهذا: «العتيبي» ليس عنده من علم آثار الرسالة، وعلم آثار الصحابة، وميراث النبوة الصافي، ما يعرف به الهدى، لذلك وقع في تخاليط كثيرة في تقريره للاعتقاد.

     * فإذا عرفت هذا؛ عرفت جهل هذا «العتيبي» بمعاني القرآن، ومعاني السنة، ومعاني الآثار، وأنه: أجنبي عن علم الدين، وفهم الحكم.

([43]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2060)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص201)، والترمذي في «ج5 ص43).

([44]) قلت: والذي أتى به هذا «العتيبي» في التبرك المزعوم، من أفظع الجهالات، وأضل الضلالات.

([45]) وانظر: «منهاج التأسيس» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص459).

([46]) وقد بينا جهله، وإفلاسه من العلوم، في مواضع كثيرة.

     * وإنما المراد هنا: كشف شبهه، وردها في وجهه.

([47]) والله يعلم به أنه تعدى وظلم، وهو معاند، مكابر، مجادل في الدين: ]وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين[ [الأنعام: 119].

     * فأقول: أما الإعلان بجهله، وإفلاسه، وعدم اطلاعه في العلم؛ فهو صريح في كلامه في دروسه.

([48]) انظر: «الثقات» لابن حبان (ج7 ص323)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص199).

([49]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص199).

([50]) وهذا يدل على جهل: «بدر العتيبي»، بمنهج الصحابة y في ذلك، وأنه حاطب ليل في تقرير التوحيد الخالص، وهو جاهل به: بـ«الجهل المركب».

([51]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص199).

([52]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص154 و155)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج4 ص1265 و1267)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج1 ص178)، و«الكنى والأسماء» لمسلم (ج1 ص499)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص217)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج4 ص5 و6)، و«مناقب الشافعي» للبيهقي (ج1 ص548)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج10 ص290)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص21)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج3 ص88)، و«الضعفاء والمتروكين» للدارقطني (ص347)، و«الشجرة في أحوال الرجال» للجوزجاني (ص230).

([53]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج25 ص227)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص539).

([54]) نقله عنه ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص727).

([55]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج9 ص106 و107 و108).

([56]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج9 ص106 و107 و108 و109).

([57]) وكذا: المنبر لا يجوز التبرك به، لأن النبي r: لم يشرع ذلك، ولم يرشد إليه، ولم يفعله أصحابه y.

([58]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (2242)، من حديث عائشة ڤ.

([59]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (2242)، من حديث عائشة ڤ.

([60]) ولم ينقل عن الصحابة y كانوا يتبركون بالمنبر، وغيره.

     * ولم تصح الآثار كلها في تبرك الصحابة y بالمنبر، وغيره، مما هو منفصل عن النبي r مطلقـا.

     * وقد كره الإمام مالك /، التمسح بالمنبر.

     نقله عنه ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص727).

([61]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (917)، ومسلم في «صحيحه» (544).

([62]) انظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص173)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج8 ص242)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص399)، و«المجموع» للنووي (ج4 ص527).

([63]) أثر حسن.

     أخرجه أحمد في «المسند» (2415) (ج4 ص242).

     وإسناده حسن.

     وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج2 ص386)؛ ثم قال: «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح».

([64]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1017).

([65]) ومن العوامل المعينة على وجود التبرك الممنوع: قياس الممنوع من التبرك على المشروع منه، بسبب الفهم السقيم، والتعصب للرأي، والهوى المهلك.

([66]) فلا يمسح غير الحجر الأسود، لكن لا يتبرك به كحجر، فافطن لهذا.

([67]) ولم يجزم هنا الإمام أحمد /، بالتبرك بالمنبر، لقوله: «شيء يروونه» عن ابن عمر، وكذا عن ابن المسيب في: «الرمانة»، ولا يصح، وروي عنه خلافه.

([68]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج25 ص630)، و«السير» للذهبي (ج7 ص139).

([69]) فمثل هذه الروايات التي تنقل عن الإمام أحمد، فاعلم أنها نقلت بالغلط من الرواة، ولا تصح عنه.

     * وهذه الرواية عن الإمام أحمد أنكرها الحنابلة، وأنها لا تصح.

([70]) انظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (ج5 ص51)، و«وفاء الوفا» للسمهودي (ج4 ص218)، و«شرح الموطإ» للزرقاني (ج2 ص458).

([71]) وعلى فرض صحته عن الإمام أحمد /، فإنه لم يفعل ذلك على سبيل التبرك الممنوع بـ«القبر»، أو: «التبرك بالرمانة»، أو: «التبرك بالمنبر»، فإن ذلك من باب التتبع فقط.

     * ثم اليوم ما بقي شيء من آثار منبر النبي r، لا خشبة صغيرة، ولا خشبة كبيرة، فلا حاجة للكلام بمثل هذه الأمور.

([72]) ولو صح عن الإمام أحمد / في جواز التبرك بقبر النبي r، وبمنبره، فهذا اجتهاد منه،  لم يوافقه عليه أهل العلم، لأنه في مقابلة النص في الدين.

     وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج9 ص109).

([73]) هذه حدثت في الأزمنة المتأخرة، ليست في زمن النبي r.

([74]) يمسح «منبر النبي r» كما في رواية الأثرم السالفة، وقد تقدم أنها لا تصح عن ابن عمر .

([75]) هو: سندي أبو بكر الخواتيمي البغدادي، سمع من الإمام أحمد: مسائل صالحة.

     انظر: «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج1 ص170 و171)، و«المقصد الأرشد» لابن مفلح (ج1 ص432)، و«المنهج الأحمد» للعليمي (ج2 ص108).

([76]) هو: أحمد بن القاسم، حدث عن الإمام أحمد، بمسائل كثيرة.

     انظر: «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج1 ص55 و56)، و«المقصد الأرشد» لابن مفلح (ج1 ص155)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج4 ص349).

([77]) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص636)، و«الفروع» لابن مفلح (ج2 ص168).

([78]) قال ابن القزويني: قرأت على عبيد الله الزهري، قلت له: حدثك أبوك، قال: حدثني عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا زيد حماد بن دليل قال لسفيان -يعني: ابن عيينة- قال: كان أحد يتمسح بالقبر؟، قال: لا، ولا يلتزم القبر، ولكن يدنو، قال أبي: يعني الإعظام لرسول الله r) .

     * ابن القزويني: هو علي بن عمر بن محمد البغدادي، أبو الحسن الحربي، قال عنه ابن سبعون: «ثقة ثبت»، توفي في سنة: «442هـ»، انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج17 ص609 613).

     * عبيد الله الزهري: هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن صاحب النبي r عبد الرحمن بن عوف القرشي، أبو الفضل الزهري، العوفي، البغدادي: «ثقة»، توفي في سنة:«381هـ»، انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج16 ص392 - 394).

     * وأبوه: هو عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزهري، العوفي، أبو محمد البغدادي، وثقه: الخطيب، توفي في سنة: «306هـ»، انظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (ج7 ص700).

     * عبد الله بن أحمد: هو ابن الإمام أحمد، ثقة، وأبوه: هو إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل /.

     * أبو زيد حماد بن دليل: هو المدائني، قاضي المدائن، «صدوق»، نقموا عليه الرأي، توفي بين سنة: «191هـ»، و«200هـ»، انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر(ص267)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج4 ص1099).

     * «أمالي القزويني»: وهو مفقود، إلا أجزاء منه لا تزال مخطوطة، وقد أورد شيخ الإسلام ابن تيمية / هذا الأثر بسنده في: «رده على الأخنائي» (ص415 - 416)، وإسناده صحيح.

     وانظر: «الآثار الواردة عن الإمام سفيان بن عيينة في العقيدة» لسندر بون  (ص273).

     قال الكاتب سندر بون في «الآثار الواردة عن الإمام سفيان بن عيينة في العقيدة» (ص273): (في الأثر نفى ابن عيينة أن أحدا ممن سلفه من التابعين والصحابة كان يتمسح بقبر رسول الله r طلبا للبركة، وهذا يفيد الإجماع على عدم جواز ذلك، وما يقال في التمسح بقبر النبي r يقال في التزامه، فإن ذلك لا يشرع؛ لأنه من وسائل الشرك، ومن البدع التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، ولم يفعله أحد من السلف قط، ولذا نهى عنه الإمام ابن عيينة، وقول ابن عيينة : «ولكن يدنو» فيه أنهم كانوا لا يتجاوزون السنة في زيارة القبور، فيزورونها ويدنون منها يقفون عندها فحسب، ولا يغالون في تعظيم قبر النبي r بشيء، ليس في السنة كالتمسح والالتزام به، وإنما هو الدنو والوقوف على القبر والسلام على صاحبه). اهـ.

([79]) لذلك: لا ينبغي نقل بمثل هذه الأقوال عن العالم، للعامة، إلا ما صح عن العالم.

([80]) ولم ينقل عنه ابنه صالح هذه الرواية في «المسائل» (ج3 ص61)، مما يدل على عدم صحتها.

     وانظر: «الرد على الأخنائي» لابن تيمية (ص416)، و«المغني» لابن قدامة (ج3 ص479).

([81]) والسلف الصالح، من الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، لم يفعلوا ذلك التبرك المبتدع، بالصالحين.

([82]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (2242)، من حديث عائشة ڤ.

([83]) فإن العامة، يغسلون ثيابهم، وكفنهم، وغير ذلك، لطلب البركة من ماء زمزم، ثم تجعل في البيوت للتمسح بها، وطلب البركة من ثيابهم، وهذا هو التبرك الممنوع، وهو نوع من أنواع الشرك.

     فلا بد على الذي يريد أن يشرح الاعتقاد، أن يكون دقيقا في عباراته.

([84]) والتبرك بالشيء: طلب حصول الخير بمقابلة ذلك، وملابسته، والتمسح به، وهو من: «التبرك» الممنوع في الشرع.

([85]) وهذا التبرك: هو طلب البركة من الشيء، وطلب البركة بواسطته، وهذا ممنوع شرعا، لأنه ليس مع الله تعالى، واسطة، بين خلقه.

([86]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص167)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1601).

([87]) فهناك: فرق، بين شرب ماء زمزم، للحصول بشربه الشفاء، والانتفاع، وبين: «التبرك» بماء زمزم، والتمسح به، دون شربه، لأن الله تعالى جعل البركة في شربه.

     * لا بد أن ندقق في العبارات في الدين.

([88]) فالحقيقة: أن ماء زمزم، بركته في شربه، لما جعل الله تعالى فيه خاصية البركة، فينتفع الناس بذلك.

([89]) فهناك فرق في التطبيق، فافهم لهذا ترشد.

([90]) فهذا: «العتيبي»، حاطب ليل في الدين، لا يعرف كيف يؤدي العلم في الدعوة إلى الله تعالى، والله المستعان.

([91]) فلا تجعل واسطة، بين العبد، وبين الله تعالى، لحصول الخير، والبركة من المخلوقات، فهذا يحرم، وهو شرك بالله تعالى.

([92]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (3242)، من حديث عائشة ڤ.

([93]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج9 ص107 و108 و109).

([94]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1530)، ومسلم في «صحيحه» (2303).

([95]) وانظر: «تعليق الشيخ ابن باز على فتح الباري» (ج3 ص115)، و«الإبداع في مضار الابتداع» لابن محفوظ (ص79)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص 159 و161 و166)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص378 و379)، و«الدر النضيد» للشيخ الحمدان (ص160)، و«تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص630)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص378 و379).

([96]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2670)، وأبو داود في «سننه» (4608)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص386).

([97]) وانظر: «الرد على البكري» لابن تيمية (ص56)، و«زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص526)، و«الفتاوى» للشيخ محمد بن إبراهيم (ج1 ص124).

([98]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (3242).

([99]) أي: بمجرد ذكر الصالحين في المجالس بهذه الطريقة، بدون الاقتداء بهم في الدين.

([100]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2766)، ومسلم في «صحيحه» (89).

([101]) انظر: «بدائع الفوائد» لابن القيم (ج2 ص186)، و«جلاء الأفهام» له (ص179 و180)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج1 ص227 و228)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص387).

([102]) يعني: الذي ذكره: «العتيبي»، من التمسح بالخشب، والتبرك به، وأنه من مظاهر الشرك بالله تعالى!.

([103]) وانظر: «البداية والنهاية» لابن كثير (ج1 ص188 و189)، و«تفسير القرآن» له (ج2 ص101)، و«السيرة النبوية» لابن هشام (ص77 و78)، و«الشرك في القديم والحديث» لابن زكريا (ج1 ص415)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص549)، و«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ج2 ص124)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج17 ص461)، و(ج27 ص90 و91)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج3 ص648)، و«الروض الأنف» للسهيلي (ج1 ص107).

([104]) وهذا من الافتراء على الصحابة y، ولم يثبت عنهم هذا: «التبرك»، وقد سبق تبيين هذا الكذب!؟؟

     * فهذا الرجل: يخبط ويخلط في الدين.

([105]) حديث ضعيف.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج23 ص140)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص384)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص222)، وغيرهم.

     وإسناده ضعيف، فيه عبد الله بن المؤمل القرشي وهو ضعيف، وأبو الزبير، مدلس.

     انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص187)، و«تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص108).

([106]) وهذا الكلام فيه افتراء على الصحابة y، فإنهم لم يتبركوا بماء المطر، بهذه الطريقة، ولم تثبت هذه الآثار في المطر.

([107]) حديث معلول.

     أخرجه مسلم في «صحيحه» (898)، وغيره، ويأتي تخريجه.

([108]) هذا الرجل يجازف في الدين، ويخبط، ولا يدري ما يخرج من رأسه.

     * لم يقل أحد من أهل العلم، في مسألة التبرك بهذه الطريقة التي ذكرها هذا الرجل.

([109]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «التعليق على فتح المجيد»، بصوت: «بدر العتيبي»، في سنة: «1443هـ».

([110]) وهناك أحاديث في هذا الباب كلها لا تصح، انظرها في «جزء فيه ضعف حديث حسر الثوب في المطر» لأبي الحسن علي الأثري (ص13، و14، و16).

([111]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص97)، و«أحوال الرجال» للجوزجاني (ص184)، و«العلل» لابن المديني (ص87)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص171)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج1 ص132)، و«ميزان الاعتدال» له (ج1 ص374)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج2 ص192)، و«علل الأحاديث في صحيح مسلم» لابن الشهيد (ص55).

([112]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج4 ص465)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص46)، و«تقريب التهذيب» له (ص134).

([113]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص219)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص55)، و«تقريب التهذيب» له (ص434)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج2 ص312).

([114]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص96)، و«العلل» للدارقطني (ج3 ص258)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص217)، و«تحفة التحصيل» لابن العراقي (ص189).

([115]) يتمطر: أي يقصد المستسقي أو غيره الوقوف في المطر أن يصيبه.

       وانظر: «فتح الباري» لابن رجب الحنبلي (ج9 ص233).

([116]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص187)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص46)، و«تقريب التهذيب» له (ص432).

([117]) انظر: «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» للمزي (ج35 ص225)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص432).

([118]) وانظر: «تعجيل المنفعة» لابن حجر (ج2 ص648).

([119]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج9 ص227)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص288)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص286).

([120]) وانظر: «الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص133)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص15).

([121]) انظر: «تهذيب التهذيب» للمزي (ج16 ص187)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص46)، و«تقريب التهذيب» له (ص432).

([122]) انظر: «تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص108)، و«أسماء المدلسين» للسيوطي (ص91).

([123]) انظر: «جزءا فيه ضعف حديث: ماء زمزم لما شرب له» لأبي الحسن الأثري (ص8 و13).

([124]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص579)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص925 و926).

([125]) انظر: «الماتريدية» للأفغاني (ج3 ص255 و256).

([126]) حديث صحيح.

     أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص475 و476)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص218)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص375)، والشافعي في «السنن المأثورة» (ص338)، والطيالسي في «المسند» (191).

     وإسناده صحيح.

     وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

     وأورده ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص141).

     والحديث صححه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج3 ص200).

([127]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص1080 و1081).

([128]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص118)، و(ج7 ص447 و448)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج12 ص198)، و(ج16 ص71)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج5 ص120)، و(ج6 ص349).

([129]) حديث منكر.

     أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص100)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص375)، وابن وضاح في «البدع» (ص42 و43).

     وإسناده ضعيف، لانقطاعه، بين نافع، وبين عمر بن الخطاب، فإنه لم يدركه.

     انظر: «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» لأبي زرعة العراقي (ص 325).

     قال الشيخ الألباني في «تحذير الساجد» (ص137): (رجاله ثقات كلهم: لكنه منقطع، بين نافع، وعمر).

     فقول الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج7 ص448)؛ «بإسناد صحيح»؛ لم يصب.

     * ثم يبطل هذا الحديث: الأحاديث الصحيحة، التي تبين، أن الشجرة، عميت على الصحابة y، ولم يعرفوها.

([130]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص1526)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1484).

([131]) انظر: «الماتريدية» للأفغاني (ج3 ص267).

([132]) وانظر: «الشرح الميسر لكتاب التوحيد» للقاسم (ص69 و70).

([133]) والتبرك: أيضا، هو طلب الخير فيه، ولزومه.

([134]) وانظر: «فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص262)، و«قرة عيون الموحدين» له (ص102 و103)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص88 و89 و90 و92)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ص230)، و«الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد» للجار الله (ص45 و46).

([135]) يعني: هو «الشرك الأكبر».

([136]) وهذا يدل أن مراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب /، من ذكر هذا التبرك، هو: «الشرك الأكبر»، وليس من: «الشرك الأصغر»، فانتبه.

([137]) وانظر: «السيرة النبوية» لابن هشام (ج4 ص1099)، و«فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ج1 ص255)، و«جامع البيان» للطبري (ج27 ص137)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج7 ص652)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج2 ص192)، و(ج4 ص375)، و«تفسير القرآن» له (ج7 ص432)، و«تحفة الأشراف» للمزي (ج4 ص235)، و«الجامع الصحيح» للبخاري (ج8 ص613)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص88)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص197).

([138]) وانظر: «قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص102 و103)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص90)، و«الدر النضيد على أبواب كتاب التوحيد» للشيخ ابن حمدان (ص76 و77)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد» للجار الله (ص45 و46).

([139]) وهذا التبرك، هو نوع، من تبرك اليهود، والنصارى، بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، قديما، وحديثا.

([140]) انظر: «إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد» للجار الله (ص46).

([141]) انظر: «الجديد في شرح كتاب التوحيد» للقرعاوي (ص64 و65)، و«اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص818 و819)، و«الفتاوى» له (ج27 ص136 و137)، و«معارج القبول» للحكمي (ج1 ص385)، و«الباعث على إنكار البدع والحوادث» لأبي شامة (ص25 و26)، و«التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد» للشيخ الدويش (ص71 و72)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص200).

([142]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص65).

([143]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2907).

([144]) سنن: بضم السين، ويجوز: فتح السين.

     انظر: «تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ (ص154).

     والمراد بالسنن: هي طرقهم، ومناهجهم، وأفعالهم.

([145]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص818 و819)، و«الفتاوى» له (ج27 ص136 و137)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص200 و201 و202)، و«معارج القبول» للحكمي (ج1 ص385)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص90)، و«قرة عيون الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص103)، و«فتح المجيد» له (ج1 ص262)، و«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ص230)، و«الدر النضيد» لابن حمدان (ص76).

([146]) وعبادة الأشجار، والتبرك بها، هي: سنة المشركين.

     وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص66 و67).

([147]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر بن زكريا (ج1 ص476 و477 و478).

([148]) انظر: «بدائع الفوائد» لابن القيم (ج2 ص186).

([149]) فإذا كان قصد المتبرك، بالتبرك أنه يحصل له من قبل المتبرك به نفسه، فهذا شرك بالله، في «الربوبية»، في صفة «القدرة» الكاملة الشاملة.

([150]) فإذا كان يعتقد، أن التبرك به يشفع عند الله تعالى، فهذا شرك بالله، في العبادة.

([151]) وانظر: «التبرك وأنواعه وأحكامه» للجديع (ص484).

([152]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر بن زكريا (ج1 ص478).

([153]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص644)، و«قرة عيون الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص105 و106)، و«تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ص149 و150)، و«الشرح الميسر لكتاب التوحيد» للقاسم (ص71 و72 و73)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص202)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص91 و92).

([154]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص818 و819)، و«الفتاوى» له (ج27 ص136 و137)، و«الباعث على إنكار البدع والحوادث» لأبي شامة (ص25 و26)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص202)، و«قرة عيون الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص105 و106)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ص152)، و«الشرح الميسر لكتاب التوحيد» للقاسم (ص72).

([155]) انظر: «القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص202)، و«فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ج1 ص262)، و«الدر النضيد» لابن حمدان (ص76 و77)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ص152).

([156]) وأما من قال: أن النبي r، لم يأمرهم: بتجديد إسلامهم، وأنهم: لم يكفروا، فهذا اجتهاد مع وجود النص، فهو: ليس بصحيح، لأنهم لم يستمروا في هذا القول، بل تراجعوا مباشرة عندما نصحهم النبي r.

([157]) فتتعلق قلوبهم، بهذه «الأشجار»، من دون الله تعالى.

     * لذلك؛ فلا نقول: أن التبرك بالأشجار، من «الشرك الأصغر»، بل هو من: «الشرك الأكبر»، وهذا صنيع الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في تبويبه في «التوحيد» (ص106).

([158]) أخرجها البخاري في «صحيحه» (7319)، من حديث أبي هريرة t.

([159]) وهذا يدل على أن فعلهم هذا من: «الشرك الأكبر».

([160]) ولم نجد: أن من يتبرك بالشجر، أنه أشرك: «الشرك الأصغر».

([161]) وقد بين أهل العلم: في مقصد الشيخ محمد بن عبد الوهاب /، في حديث أبي واقد الليثي t، وأنهم: لم يقعوا أصلا، في: «التبرك بالأشجار»، لأنهم: رجعوا من ساعتهم، ولم يصروا على طلبهم.

     * ولقد أوضح الشيخ محمد بن عبد الوهاب / ذلك في «التوحيد» (ص106)؛ بقوله: (لأنهم: لم يرتدوا بذلك). اهـ، فتأمل.

([162]) واستدلوا: بحديث أبي واقد الليثي t.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan