القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / جلاء الأفهام عن عدم إتيان قبر النبي صلى الله عليه وسلم خير الأنام

2024-10-25

صورة 1
جلاء الأفهام عن عدم إتيان قبر النبي صلى الله عليه وسلم خير الأنام

سلسلة

النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية

76

 

                                                                                                                 

واأسفاه على

غربة الإسلام وأهله

                                                                                                                 

 

جلاء الأفهام

عن

عدم إتيان قبر النبي r خير الأنام

 

دراسة أثرية، منهجية، علمية: في عدم استحباب زيارة قبر النبي r، وقبر أبي بكر الصديق t، وقبر عمر بن الخطاب t.

* لأن النبي r لم يذكر حديثـا في استحباب زيارة قبره r، بل نهى r عن زيارة قبره مطلقا.

* لذلك: لم يفعله الصحابة، ولم يفعله التابعون لهم بإحسان، على كثرة صلاتهم في مسجد النبي r في المدينة؛ منهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم، لا في سفرهم، ولا في حضرهم.

* وقد أجمع الصحابة، والتابعون لهم بإحسان على عدم زيارة قبر النبي r مطلقـا، لا في السفر، ولا في الحضر، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، بل يكفي أن تصلوا وتسلموا على النبي r، في أي بلد من البلدان، فإن ذلك يبلغه، وهذا أيسر للأمة، لأن الدين: يسر مطلقـا، لذلك ما يفعله العامة الرهبان عند قبر النبي r، من الازدحام، وغير ذلك، فكله من التشدد، والغلو في الدين!، وخير الهدي، هدي محمد r.

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

 

 

دراسة أثرية، منهجية، علمية: في عدم استحباب زيارة قبر النبي r، وقبر أبي بكر الصديق t، وقبر عمر بن الخطاب t.

* لأن النبي r لم يذكر حديثـا في استحباب زيارة قبره r، بل نهى r عن زيارة قبره مطلقا.

* لذلك: لم يفعله الصحابة، ولم يفعله التابعون لهم بإحسان، على كثرة صلاتهم في مسجد النبي r في المدينة؛ منهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم، لا في سفرهم، ولا في حضرهم.

* وقد أجمع الصحابة، والتابعون لهم بإحسان على عدم زيارة قبر النبي r مطلقـا، لا في السفر، ولا في الحضر، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، بل يكفي أن تصلوا وتسلموا على النبي r، في أي بلد من البلدان، فإن ذلك يبلغه، وهذا أيسر للأمة، لأن الدين: يسر مطلقـا، لذلك ما يفعله العامة الرهبان عند قبر النبي r، من الازدحام، وغير ذلك، فكله من التشدد، والغلو في الدين!، وخير الهدي، هدي محمد r.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

رب يسر ولا تعسر

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران:102].

]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء: 1].

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 - 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فهذا كتاب بديع في بابه، والأمة في أمس الحاجة إلى مثل هذا الكتاب النافع إن شاء الله، الذي يبين حكم الصلاة والسلام على النبي r، ويبين حكم إتيان قبره r في المدينة النبوية.

* بحوار، ونقاش: هادئ، وبأسلوب علمي رصين، وأدب إسلامي مبين، لمعرفة أن السلام والصلاة، إذا تلفظ بهما المسلم: بلغ ذلك للنبي r: في قبره، في أي بلد من البلدان كان هذا المسلم!.

* لذلك: فلا حاجة إلى أن المسلم يأتي قبر النبي r في المدينة، ويسلم ويصلي عليه r؛ لأن ذلك نهى عنه النبي r، ولم يثبت هذا الإتيان عن الصحابة رضي الله عنهم، ولا عن التابعين لهم بإحسان: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90].

وإليك الدليل:

عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وفي رواية: (لا تجعلن قبري وثنا).

حديث حسن

أخرجه أحمد في «المسند» (7358)، والحميدي في «المسند» (1025)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص241 و242)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص47)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج5 ص43 و44)، وأبو يعلى في «المسند» (ج12 ص33 و34)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص317) من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا حمزة بن المغيرة بن نشيط القرشي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة t.

قلت: وهذا سنده حسن، من أجل حمزة بن المغيرة القرشي، وهو: صدوق. ([1])

قال عثمان بن سعيد الدارمي في «التاريخ» (ص55)؛ عن يحيى بن معين: «ليس به بأس».

وأورده ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص229).

والحديث: أورده الهيثمي في «المقصد العلي» (ج2 ص269)، وابن حجر في «المطالب العالية» (ج1 ص371).

* فقد نهى النبي r: أن يجعل قبره مزارا، ويصلى عنده، أو يدعى بقربه، أو يزار على وجه التعظيم لقبره.

* فمن فعل ذلك، فقد اشتد غضب الله تعالى عليه، ولعنه، لأنه تشبه باليهود والنصارى؛ فإنهم: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يعبدونها، من دون الله تعالى، نعوذ بالله من الخذلان.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص45): (الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة، أو غير ذلك من التمثال، وكل ما يعبد من دون الله: فهو وثن، صنما كان أو غير صنم؛ وكانت العرب: تصلي إلى الأصنام وتعبدها، فخشي رسول الله r: على أمته أن تصنع؛ كما صنع بعض من مضى من الأمم: كانوا إذا مات لهم نبي، عكفوا حول قبره؛ كما يصنع بالصنم؛ فقال r: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه، ويسجد نحوه ويعبد، فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك»، وكان رسول الله r: يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجدا؛ كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها؛ وذلك: «الشرك الأكبر»؛ فكان النبي r يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم  من امتثال طرقهم.

* وكان r: يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار، وكان يخاف على أمته اتباعهم؛ ألا ترى إلى قوله r، على جهة التعيير والتوبيخ: «لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه»([2])). اهـ.

قلت: فلم يذكر النبي r للمسلمين أن يأتوا إلى قبره، ويصلوا ويسلموا عليه، بل أرشدهم إلى السنة في ذلك؛ بأن يصلوا ويسلموا حيثما كانوا، وذلك يبلغه، فعلى الناس الاتباع.

فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا تتخذوا قبري عيدا([3])، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وحيثما كنتم فصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني). وفي رواية: (وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم).

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (2042)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص367)، والبيهقي في «حياة الأنبياء» (ص37)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص491)، وأبو الشيخ في «الثواب» (ج6 ص488-الفتح)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (8030)، وابن فيل في «جزئه» (ص135) من طريق عبد الله بن نافع الصائغ، أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة t به.

قلت: وهذا سنده حسن؛ من أجل عبد الله بن نافع الصائغ، وهو: صدوق حسن الحديث. ([4])

وقد حسنه الشيخ الألباني في «أحكام الجنائز» (ص280)، والحافظ ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص308).

وقال الحافظ النووي في «الأذكار» (ص106): «إسناده صحيح».

وقال الحافظ النووي في «الخلاصة» (ج1 ص440): «إسناده صحيح».

وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص488): «سنده صحيح».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص654): (وهذا إسناد حسن، فإن رواته: كلهم ثقات مشاهير.

* لكن عبد الله بن نافع الصائغ، الفقيه المدني، صاحب مالك: فيه لين، لا يقدح في حديثه، قال ابن معين: هو «ثقة»، وحسبك بابن معين: «موثقا»، وقال أبو زرعة: «لا بأس به»، وقال أبو حاتم: «ليس بالحافظ». ([5])

* فإن هذه العبارات منهم: تنزل حديثه من مرتبة: الصحيح، إلى مرتبة: الحسن، إذ لا خلاف في عدالته، وفقهه، وأن الغالب عليه الضبط، لكن قد يغلط أحيانا.

* ثم هذا الحديث: مما يعرف من حفظه، ليس مما ينكر، لأنه سنة مدنية، وهو محتاج إليها في فقهه، ومثل هذا يضبطه الفقيه). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص195): «إسناده جيد: ورواته ثقات مشاهير».

وقال الحافظ ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص308): (رواه أبو داود: وهو حديث: حسن، جيد الإسناد».

وأورده ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص21)، والسخاوي في «القول البديع» (ص154).

وقوله r: (لا تتخذوا قبري عيدا)؛ فهذا نهي منه r  ([6])، أن يجتمع الناس عند قبره، في أي: اجتماع مطلقـا، لا للسلام عليه، ولا لغيره؛ بمعنى: أن يكون مكان قبره خاليا من الناس على مدار الساعة.

* وهذا الذي وصى به النبي r للأمة الإسلامية، لكي لا يبتدع الصوفية، وغيرهم البدع عند قبره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص323): (ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله r، أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدا، فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم في  «إغاثة اللهفان» (ج1 ص195): (فجرد السلف العبادة لله تعالى، ولم يفعلوا عند القبور منها، إلا ما أذن فيه رسول الله r، من الدعاء لأصحابها، والاستغفار لهم، والترحم عليهم). اهـ.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز» (ج2 ص1421): (ثم إن في تعظيم القبور، واتخاذها أعيادا، من المفاسد العظيمة التي لا يعلمها إلا الله تعالى). اهـ.  

والحديث: دليل على تحريم اتخاذ قبر النبي r عيدا، وتحريم الاجتماع عنده؛ بأي: طريقة، لا للسلام عليه، ولا لغيره.

وعن خالد بن الحارث قال: سئل هشام بن عروة: (أكان عروة بن الزبير([7]): يأتي قبر النبي r، فيسلم عليه؟، قال: لا!).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص559) من طريق خالد بن الحارث قال: سئل هشام بن عروة، فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن نوح بن يزيد قال: حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري: (ما رأيت أبي([8]) قط يأتي قبر النبي r، وكان يكره إتيانه!).

أثر صحيح

أخرجه علي بن عمر القزويني في «الأمالي» (ق/11/ط) من طريق عبد الله الزهري، عن أبيه، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن نوح بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «الرد على الأخنائي» (ص170)، وابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص268).

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص269): (سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، الذي ذكر عنه: ابنه إبراهيم أنه قال: «ما رأيت أبي قط يأتي قبر النبي r، وكان يكره إتيانه».

* من أفضل أهل المدينة في زمن التابعين، ومن أصلحهم وأعبدهم، وكان قاضي المدينة في زمن التابعين.

* فإن ما نقله عنه: ابنه يقتضي أنه لا يأتيه لا عند السفر ولا غيره، بل يكره إتيانه مطلقـا.

* كما كان جمهور الصحابة على ذلك لما فهموا من نهيه عن ذلك، وأنه أمر بالصلاة عليه والسلام في كل زمان ومكان). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص297): (وكان أصحابه r: خير القرون، وهم أعلم الناس بسنته، وأطوع الأمة لأمره r؛ وكانوا إذا دخلوا إلى المسجد لا يذهب أحد منهم إلى قبره r، لا من داخل الحجرة، ولا من خارجها). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص296): (الصحابة y لم يكونوا يفعلون ذلك، وكره لأهل المدينة: كلما دخل الإنسان المسجد أن يأتي قبر النبي r، لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك.

* قال الإمام مالك /: «ولا يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها»([9])، بل كانوا يأتون إلى مسجده فيصلون خلف أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي y؛ فإن هؤلاء الأربعة: صلوا أئمة في مسجده، والمسلمون يصلون خلفهم: كما كانوا يصلون خلفه، وهم يقولون في الصلاة: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته»، كما كانوا يقولون ذلك في حياته، ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا، أو خرجوا، ولم يكونوا يأتون القبر للسلام، لعلمهم بأن الصلاة والسلام عليه في الصلاة: أكمل، وأفضل، وهي المشروعة.

* وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك، أو الصلاة والدعاء؛ فإنه لم يشرعه لهم، بل نهاهم وقال: «لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني»([10])؛ فبين أن الصلاة تصل إليه من البعيد، وكذلك السلام، ومن صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا، ومن سلم عليه سلم الله عليه عشرا، وتخصيص الحجرة بالصلاة والسلام جعل لها عيدا، وهو قد نهاهم عن ذلك، ونهاهم أن يتخذوا قبره، أو قبر غيره مسجدا، ولعن من فعل ذلك ليحذروا أن يصيبهم مثل ما أصاب غيرهم من اللعنة). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص301): (والمقصود هنا: أن الصحابة y: تركوا البدع المتعلقة بالقبور: بقبره r،  وقبر غيره؛ لنهيه r عن ذلك.

* لئلا يتشبهوا بأهل الكتاب الذين اتخذوا قبور الأنبياء أوثانا). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص300): (لكن المقصود: أن يعرف أن الصحابة y: خير القرون، وأفضل الخلق بعد الأنبياء، فما ظهر فيمن بعدهم مما يظن أنها فضيلة للمتأخرين!). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص298): (والمقصود: أن الصحابة t، لم يطمع الشيطان أن يضلهم؛ كما أضل به غيرهم؛ من أهل البدع الذين تأولوا القرآن على غير تأويله، وجهلوا السنة.

* فهم: يتبعون المتشابه من الكتاب، ويدعون المحكم، ولذلك يتمسكون بالمتشابه من الحجج العقلية والحسية). اهـ.

قلت: فيدعون البين من النصوص، الذي لا إجمال فيه في العلم، ويأخذون بالفتاوى الضعيفة: ]إن هذا لشيء عجاب[ [سورة «ص»: 5] .

قلت: وهذا يدل على أن الصحابة الكرام لم يقصدوا قبر النبي r، لا في سفرهم، ولا في حضرهم: ]أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده[ [الأنعام: 90].

قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص41): (فالواجب على العالمين، ألا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه، لكان الإمساك أولى به، وأقرب له من السلامة له إن شاء الله). اهـ

* فالله العظيم، أسأل أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يكتبنا في زمرة الذابين عن سنة نبيه r؛ إنه سميع مجيب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

                                                                                                               كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

إلمــاعـــة

تضيء القلوب الحية، وتظلم بالقلوب الميتة

 

ذكر الدليل على أن زيارة قبر النبي r، لو كانت من الخير؛ لفعلها الصحابة y؛ لأنهم: لم يتركوا خصلة من خصال الخير؛ إلا وقد بادروا إليها، لحبهم تطبيق السنة النبوية

 

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج7 ص278): (وأما أهل السنة والجماعة: فيقولون في كل فعل، وقول: لم يثبت عن الصحابة y، هو بدعة؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم: لم يتركوا خصلة من خصال الخير؛ إلا وقد بادروا إليها). اهـ.

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

درة نادرة

في

 

قولهم: إنه يستحب: زيارة قبر النبي r، والسلام عليه، أو الصلاة عليه، أو الدعاء عند قبره، فلم يثبت ذلك في السنة النبوية.

* ومن قال: إنما يستحب ذلك عند قبره r، فهو مقلد، لقليل من العلماء المتأخرين في ذلك، وقد أخطأوا في هذا الحكم، وذلك لعدم ثبوت الدليل في الدين.

* بل وهو مخالف لإجماع الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، ولأئمة الحديث كافة، ولجمهور العلماء من المتأخرين، على أنه لا يستحب زيارة قبر النبي r، ولا السلام عليه، أو الصلاة عليه، أو الدعاء عند قبره([11])، وأين أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم، عن زيارة قبر النبي r، والسلام عليه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على الأخنائي» (ص16): (السفر المسمى: «زيارة له»، إنما هو سفر إلى مسجده، وقد ثبت بالنص، والإجماع، أن المسافر ينبغي له أن يقصد السفر إلى مسجده، والصلاة فيه). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص58): (فهذا السائل من عرفه: أن زيارة قبر النبي r: تتناول من أتى المسجد، وكان قصده القبر، ومن أتاه وقصده المسجد؛ وهذا عرف عامة الناس المتأخرين: يسمون هذا كله «زيارة واحدة»، ولم يكن هذا لغة السلف من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان.

* فالذي يقصد مجرد القبر، ولا يقصد المسجد: مخالف للحديث، فإنه قد ثبت عنه r في «الصحيح»: أن السفر إلى مسجده: مستحب، وأن الصلاة فيه؛ بألف صلاة([12])، واتفق المسلمون على ذلك... فمن ظن أن فضيلته لأجل القبر، وأنه إنما يستحب السفر إليه، لأجل القبر، فهو جاهل، مفرط في الجهل، مخالف لإجماع المسلمين.

* وليس في شيء من مصنفات المسلمين التي يعتمدون عليها في الحديث والفقه: أصل عن الرسول r، ولا عن أصحابه y في زيارة القبر.

* أما أكثر مصنفات: جمهور العلماء، فليس فيها استحباب شيء من ذلك، بل يذكرون المدينة وفضائلها، وأنها حرم، ويذكرون مسجده وفضله، وفضل الصلاة فيه، والسفر إليه، وإلى المسجد الحرام، ولا يذكرون استحباب زيارة قبره، لا بهذا اللفظ، ولا بغيره.

* فليس في «الصحيحين» وأمثالهما شيء من ذلك، ولا في عامة «السنن»؛ مثل: النسائي، والترمذي، وغيرهما، ولا في «مسند» الشافعي، وأحمد، وإسحاق، ونحوهم من الأئمة.

* ولهذا أكثر كتب الفقه المختصرة، التي تحفظ ليس فيها: استحباب زيارة قبره، مع ما يذكرون من أحكام المدينة، وإنما يذكر ذلك قليل منهم، والذين يذكرون ذلك يفسرونه؛ بإتيان المسجد.

* ومعلوم أنه لو كان هذا من سنته المعروفة، عند أمته المعمول بها من زمن الصحابة والتابعين، لكان ذكر ذلك مشهورا عند علماء الإسلام في كل زمان، كما اشتهر ذكر الصلاة عليه، والسلام عليه، وكما اشتهر عندهم ذكر مسجده، وفضل الصلاة فيه.

* وأما التصريح بالسفر لاستحباب زيارة قبره، دون مسجده، فهذا لم أره عن أحد من أئمة المسلمين، ولا رأيت أحدا من علمائهم صرح به.

* وإنما غاية الذي يدعي ذلك أنه يأخذه من لفظ مجمل قاله بعض المتأخرين، مع أن صاحب ذلك اللفظ قد يكون صرح بأنه لا يسافر إلا إلى المساجد الثلاثة، أو أن السفر إلى غيرها: منهي عنه، فإذا جمع كلامه؛ علم أن الذي استحبه ليس هو السفر لمجرد القبر، بل للمسجد). اهـ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على الأخنائي» (ص110): (ومما يوضح هذا أنه لم يعرف عن أحد من الصحابة y، أنه تكلم باسم: زيارة قبره، لا ترغيبا في ذلك، ولا غير ترغيب، فعلم أن مسمى هذا الاسم: لم يكن له حقيقة عندهم). اهـ.

عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وفي رواية: (لا تجعلن قبري وثنا).

حديث حسن

أخرجه أحمد في «المسند» (7358)، والحميدي في «المسند» (1025)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص241 و242)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص47)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج5 ص43 و44)، وأبو يعلى في «المسند» (ج12 ص33 و34)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص317) من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا حمزة بن المغيرة بن نشيط القرشي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة t.

قلت: وهذا سنده حسن، من أجل حمزة بن المغيرة القرشي، وهو: صدوق. ([13])

قال عثمان بن سعيد الدارمي في «التاريخ» (ص55)؛ عن يحيى بن معين: «ليس به بأس».

وأورده ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص229).

والحديث: أورده الهيثمي في «المقصد العلي» (ج2 ص269)، وابن حجر في «المطالب العالية» (ج1 ص371).

* فقد نهى النبي r: أن يجعل قبره مزارا، ويصلى عنده، أو يدعى بقربه، أو يزار على وجه التعظيم لقبره.

* فمن فعل ذلك، فقد اشتد غضب الله تعالى عليه، ولعنه، لأنه تشبه باليهود والنصارى؛ فإنهم: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يعبدونها، من دون الله تعالى، نعوذ بالله من الخذلان.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص45): (الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة، أو غير ذلك من التمثال، وكل ما يعبد من دون الله: فهو وثن، صنما كان أو غير صنم؛ وكانت العرب: تصلي إلى الأصنام وتعبدها، فخشي رسول الله r: على أمته أن تصنع؛ كما صنع بعض من مضى من الأمم: كانوا إذا مات لهم نبي، عكفوا حول قبره؛ كما يصنع بالصنم؛ فقال r: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه، ويسجد نحوه ويعبد، فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك»، وكان رسول الله r: يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجدا؛ كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها؛ وذلك: «الشرك الأكبر»؛ فكان النبي r يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم  من امتثال طرقهم.

* وكان r: يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار، وكان يخاف على أمته اتباعهم؛ ألا ترى إلى قوله r، على جهة التعيير والتوبيخ: «لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه»([14])). اهـ.

قلت: فلم يذكر النبي r للمسلمين أن يأتوا إلى قبره، ويصلوا ويسلموا عليه، بل أرشدهم إلى السنة في ذلك؛ بأن يصلوا ويسلموا حيثما كانوا، وذلك يبلغه، فعلى الناس الاتباع.

فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا تتخذوا قبري عيدا([15])، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وحيثما كنتم فصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني). وفي رواية: (وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم).

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (2042)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص367)، والبيهقي في «حياة الأنبياء» (ص37)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص491)، وأبو الشيخ في «الثواب» (ج6 ص488-الفتح)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (8030)، وابن فيل في «جزئه» (ص135) من طريق عبد الله بن نافع الصائغ، أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة t به.

قلت: وهذا سنده حسن؛ من أجل عبد الله بن نافع الصائغ، وهو: صدوق حسن الحديث. ([16])

وقد حسنه الشيخ الألباني في «أحكام الجنائز» (ص280)، والحافظ ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص308).

وقال الحافظ النووي في «الأذكار» (ص106): «إسناده صحيح».

وقال الحافظ النووي في «الخلاصة» (ج1 ص440): «إسناده صحيح».

وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص488): «سنده صحيح».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص654): (وهذا إسناد حسن، فإن رواته: كلهم ثقات مشاهير.

* لكن عبد الله بن نافع الصائغ، الفقيه المدني، صاحب مالك: فيه لين، لا يقدح في حديثه، قال ابن معين: هو «ثقة»، وحسبك بابن معين: «موثقا»، وقال أبو زرعة: «لا بأس به»، وقال أبو حاتم: «ليس بالحافظ». ([17])

* فإن هذه العبارات منهم: تنزل حديثه من مرتبة: الصحيح، إلى مرتبة: الحسن، إذ لا خلاف في عدالته، وفقهه، وأن الغالب عليه الضبط، لكن قد يغلط أحيانا.

* ثم هذا الحديث: مما يعرف من حفظه، ليس مما ينكر، لأنه سنة مدنية، وهو محتاج إليها في فقهه، ومثل هذا يضبطه الفقيه). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص195): «إسناده جيد: ورواته ثقات مشاهير».

وقال الحافظ ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص308): (رواه أبو داود: وهو حديث: حسن، جيد الإسناد».

وأورده ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص21)، والسخاوي في «القول البديع» (ص154).

وقوله r: (لا تتخذوا قبري عيدا)؛ فهذا نهي منه r  ([18])، أن يجتمع الناس عند قبره، في أي: اجتماع مطلقـا، لا للسلام عليه، ولا لغيره؛ بمعنى: أن يكون مكان قبره خاليا من الناس على مدار الساعة.

* وهذا الذي وصى به النبي r للأمة الإسلامية، لكي لا يبتدع الصوفية، وغيرهم البدع عند قبره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص323): (ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله r، أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدا، فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم في  «إغاثة اللهفان» (ج1 ص195): (فجرد السلف العبادة لله تعالى، ولم يفعلوا عند القبور منها، إلا ما أذن فيه رسول الله r، من الدعاء لأصحابها، والاستغفار لهم، والترحم عليهم). اهـ.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز» (ج2 ص1421): (ثم إن في تعظيم القبور، واتخاذها أعيادا، من المفاسد العظيمة التي لا يعلمها إلا الله تعالى). اهـ.   

والحديث: دليل على تحريم اتخاذ قبر النبي r عيدا، وتحريم الاجتماع عنده؛ بأي: طريقة، لا للسلام عليه، ولا لغيره.

* والعيد إذا جعل: اسما للمكان، فهو المكان الذي يقصد للزيارة، والاجتماع فيه، وإتيانه للعبادة عنده، أو لغير العبادة، كالسلام عليه، ونحوه.

قلت: وهذا غير مشروع، بل ممنوع.

* وقد كان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها، فلما جاء الإسلام محا الله تعالى ذلك: كله، مطلقـا: لسد باب: «الشرك»، و«البدع» على الناس. ([19])

قلت: ومسلك الصحابة y، والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الحديث، لا يسمون هذا زيارة لقبره r، وإنما هو زيارة لمسجده، والصلاة، والسلام عليه في المسجد لا عند القبر.

قلت: ومما يوضح هذا أنه لم يعرف عن أحد من الصحابة y، أنه تكلم باسم زيارة قبره، لا ترغيبا في ذلك، ولا بغير ترغيب، فعلم أن مسمى هذا الاسم، لم يكن له حقيقة عند السلف الصالح.

* ولهذا كره من كره من علماء الحديث: إطلاق هذا الاسم، والذين أطلقوا هذا الاسم من العلماء، إنما أرادوا به إتيان مسجده، والصلاة فيه، والسلام عليه فيه، لا عند قبره!.

* وقد نص الإمام مالك بن أنس، وغيره من الأئمة، على أنها مكروهة، لأهل المدينة، قصدا وفعلا.

* فيكره لهم كلما دخلوا المسجد، وخرجوا منه، أن يأتوا القبر، وقد ذكر الإمام مالك بن أنس /: أن هذا بدعة، لم تبلغه عن أحد من السلف الصالح، وكان ينهى عن هذه البدعة. ([20])

قلت: لذلك الذين قالوا، يستحب السفر إلى قبر النبي r، ليس معهم بذلك: نقل عن الصحابة y، ولا عن التابعين، ولا عن أئمة الحديث.

* فلا يقدر أحد أن ينقل عن إمام من أئمة المسلمين، أنه قال: يستحب السفر لمجرد زيارة قبر النبي r، بل قالوا: زيارة مسجد النبي r، والصلاة فيه. ([21])

قال تعالى: ]ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور: 40].

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص80): (لم يقل هذا أحد من الصحابة والتابعين؛ إنما غلط في هذا بعض المتأخرين). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص140): (وأما السلام عليه: عند القبر، فقد عرف أن الصحابة والتابعين المقيمين بالمدينة، لم يكونوا يفعلونه إذا دخلوا المسجد، وخرجوا منه). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص142): (فإن هذا لو دل على استحباب السلام عليه من المسجد، لما اتفق الصحابة على ترك ذلك، ولم يفرق في ذلك بين القادم من السفر وغيره.

* فلما اتفقوا على ترك ذلك مع تيسره؛ علم أنه غير مستحب، بل لو كان جائزا لفعله بعضهم، فدل على أنه كان عندهم من المنهي عنه، كما دلت عليه سائر الأحاديث). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص165): (فلهذا لم يكن بالمدينة؛ منهم: من يزور قبره r؛ باتفاق العلماء). اهـ.

    

رب يسر وأعن فإنك نعم المعين

ذكر الدليل على أنه لا تسن زيارة قبر النبي r مطلقـا، لا للسلام، ولا الصلاة عليه، ولا الدعاء عند قبره ([22])، ولا لغير ذلك، ولا السلام على أبي بكر الصديق t عند قبره، ولا السلام على عمر بن الخطاب t عند قبره، وذلك لعدم ثبوت الدليل في هذا الحكم الغريب على الإسلام، ولم يفعله الصحابة y، ولم يفعله التابعون لهم بإحسان، وهذا مما يدل على فقههم في الدين، وإجماعهم على عدم إتيان قبر النبي r مطلقـا، ولا قبر أبي بكر الصديق t، ولا قبر عمر بن الخطاب t

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلـٰه إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

* فقد اشتهر عند الناس([23]) كعادتهم: استحباب زيارة قبر النبي r، والسلام عليه، وقبر أبي بكر الصديق t، والسلام عليه، وقبر عمر بن الخطاب t، والسلام عليه.

* وهذا الفعل لم يثبت فيه أي دليل، لا من الكتاب، ولا من السنة([24])، ولا من منهج السلف([25]) في زيارة قبورهم والسلام عليهم، ولم يقل به إلا عدد([26]) من أهل العلم المتأخرين، وأهل التصوف، بل منهم من ادعى أن زيارة قبر النبي r قد أجمع عليها العلماء! ([27])، ولم يثبت هذا الإجماع، بل الصحابة الكرام لم: تثبت عنهم زيارة قبره r، وهم أحرص الناس على حب النبي r، ولم يفعلوا ذلك، وهم متوافرون في مسجده، وبعضهم يزورون المدينة، ولم يثبت عن أحد منهم أنه كان يقصد قبر النبي r، وقبر أبي بكر t، وقبر عمر بن الخطاب t، والسلام عليهم: ]أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده[ [الأنعام: 90].

وإليك الدليل:

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص300): (وإنما حدث هذا في بعض المتأخرين). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص300): (وإنما ظهرت هذه الضلالات ممن قل علمه، بالتوحيد والسنة، فأضله الشيطان، كما أضل النصارى في أمور: لقلة علمهم بما جاء به المسيح عليه السلام، ومن قبله من الأنبياء عليهم السلام). اهـ.

عن خالد بن الحارث قال: سئل هشام بن عروة: (أكان عروة بن الزبير([28]): يأتي قبر النبي r، فيسلم عليه؟، قال: لا!).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص559) من طريق خالد بن الحارث قال: سئل هشام بن عروة، فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن نوح بن يزيد قال: حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري: (ما رأيت أبي([29]) قط يأتي قبر النبي r، وكان يكره إتيانه!).

أثر صحيح

أخرجه علي بن عمر القزويني في «الأمالي» (ق/11/ط) من طريق عبد الله الزهري، عن أبيه، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن نوح بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «الرد على الأخنائي» (ص170)، وابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص268).

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص269): (سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، الذي ذكر عنه: ابنه إبراهيم أنه قال: «ما رأيت أبي قط يأتي قبر النبي r، وكان يكره إتيانه».

* من أفضل أهل المدينة في زمن التابعين، ومن أصلحهم وأعبدهم، وكان قاضي المدينة في زمن التابعين.

* فإن ما نقله عنه: ابنه يقتضي أنه لا يأتيه لا عند السفر ولا غيره، بل يكره إتيانه مطلقـا.

* كما كان جمهور الصحابة على ذلك لما فهموا من نهيه عن ذلك، وأنه أمر بالصلاة عليه والسلام في كل زمان ومكان). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص297): (وكان أصحابه r: خير القرون، وهم أعلم الناس بسنته، وأطوع الأمة لأمره r؛ وكانوا إذا دخلوا إلى المسجد لا يذهب أحد منهم إلى قبره r، لا من داخل الحجرة، ولا من خارجها). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص296): (الصحابة y لم يكونوا يفعلون ذلك، وكره لأهل المدينة: كلما دخل الإنسان المسجد أن يأتي قبر النبي r، لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك.

* قال الإمام مالك /: «ولا يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها»([30])، بل كانوا يأتون إلى مسجده فيصلون خلف أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي y؛ فإن هؤلاء الأربعة: صلوا أئمة في مسجده، والمسلمون يصلون خلفهم: كما كانوا يصلون خلفه، وهم يقولون في الصلاة: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته»، كما كانوا يقولون ذلك في حياته، ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا، أو خرجوا، ولم يكونوا يأتون القبر للسلام، لعلمهم بأن الصلاة والسلام عليه في الصلاة: أكمل، وأفضل، وهي المشروعة.

* وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك، أو الصلاة والدعاء؛ فإنه لم يشرعه لهم، بل نهاهم وقال: «لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني»([31])؛ فبين أن الصلاة تصل إليه من البعيد، وكذلك السلام، ومن صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا، ومن سلم عليه سلم الله عليه عشرا، وتخصيص الحجرة بالصلاة والسلام جعل لها عيدا، وهو قد نهاهم عن ذلك، ونهاهم أن يتخذوا قبره، أو قبر غيره مسجدا، ولعن من فعل ذلك ليحذروا أن يصيبهم مثل ما أصاب غيرهم من اللعنة). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص301): (والمقصود هنا: أن الصحابة y: تركوا البدع المتعلقة بالقبور: بقبره r،  وقبر غيره؛ لنهيه r عن ذلك.

* لئلا يتشبهوا بأهل الكتاب الذين اتخذوا قبور الأنبياء أوثانا). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص300): (لكن المقصود: أن يعرف أن الصحابة y: خير القرون، وأفضل الخلق بعد الأنبياء، فما ظهر فيمن بعدهم مما يظن أنها فضيلة للمتأخرين!). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص298): (والمقصود: أن الصحابة t، لم يطمع الشيطان أن يضلهم؛ كما أضل به غيرهم؛ من أهل البدع الذين تأولوا القرآن على غير تأويله، وجهلوا السنة.

* فهم: يتبعون المتشابه من الكتاب، ويدعون المحكم، ولذلك يتمسكون بالمتشابه من الحجج العقلية والحسية). اهـ.

قلت: فيدعون البين من النصوص، الذي لا إجمال فيه في العلم، ويأخذون بالفتاوى الضعيفة: ]إن هذا لشيء عجاب[ [سورة «ص»: 5] .

قلت: وهذا يدل على أن الصحابة الكرام لم يقصدوا قبر النبي r، لا في سفرهم، ولا في حضرهم: ]أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده[ [الأنعام: 90]، وقيل: وما كان يفعل ذلك إلا ابن عمر([32]) باجتهاد([33]) منه، والصحابة لم يوافقوه على اجتهاداته هذه، فلا يتخذ سنة؛ فافطن لهذا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «المنسك» (ص77): (ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه، فإن هذه بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة، ويدعون في المسجد؛ فإنه r قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد»([34])، وقال r: «لا تجعلوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني»([35])). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص305): (وكان الصحابة y يدعون في مسجده؛ كما كانوا يدعون في حياته، لم يتجدد لهم شريعة غير الشريعة التي علمهم إياها في حياته، وهو لم يأمرهم إذا كان لأحدهم حاجة أن يذهب إلى قبر نبي، أو صالح فيصلي عنده، ويدعوه، أو يدعو بلا صلاة، أو يسأله حوائجه، أو يسأله أن يسأل ربه.

* فقد علم الصحابة y: أن رسول الله r لم يأمرهم بشيء من ذلك، ولا أمرهم أن يخصوا قبره، أو حجرته، أو جوانب حجرته؛ لا بصلاة، ولا دعاء، لا له، ولا لأنفسهم، بل قد نهاهم أن يتخذوا بيته عيدا، فلم يقل لهم كما يقول بعض الشيوخ الجهال لأصحابه: إذا كان لكم حاجة فتعالوا إلى قبري، بل نهاهم عما هو أبلغ من ذلك أن يتخذوا قبره، أو قبر غيره مسجدا، يصلون فيه لله، ليسد ذريعة الشرك ). اهـ.

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وفي رواية: (لا تجعلن قبري وثنا).

حديث حسن

أخرجه أحمد في «المسند» (7358)، والحميدي في «المسند» (1025)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص241 و242)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص47)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج5 ص43 و44)، وأبو يعلى في «المسند» (ج12 ص33 و34)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص317) من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا حمزة بن المغيرة بن نشيط القرشي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة t.

قلت: وهذا سنده حسن، من أجل حمزة بن المغيرة القرشي، وهو: صدوق. ([36])

قال عثمان بن سعيد الدارمي في «التاريخ» (ص55)؛ عن يحيى بن معين: «ليس به بأس».

وأورده ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص229).

والحديث: أورده الهيثمي في «المقصد العلي» (ج2 ص269)، وابن حجر في «المطالب العالية» (ج1 ص371).

* فقد نهى النبي r: أن يجعل قبره مزارا، ويصلى عنده، أو يدعى بقربه، أو يزار على وجه التعظيم لقبره.

* فمن فعل ذلك، فقد اشتد غضب الله تعالى عليه، ولعنه، لأنه تشبه باليهود والنصارى؛ فإنهم: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يعبدونها، من دون الله تعالى، نعوذ بالله من الخذلان.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص45): (الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة، أو غير ذلك من التمثال، وكل ما يعبد من دون الله: فهو وثن، صنما كان أو غير صنم؛ وكانت العرب: تصلي إلى الأصنام وتعبدها، فخشي رسول الله r: على أمته، أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم: كانوا إذا مات لهم نبي، عكفوا حول قبره؛ كما يصنع بالصنم؛ فقال r: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه، ويسجد نحوه ويعبد، فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك»، وكان رسول الله r: يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجدا؛ كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها؛ وذلك: «الشرك الأكبر»؛ فكان النبي r يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم.

* وكان r: يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار، وكان يخاف على أمته اتباعهم؛ ألا ترى إلى قوله r، على جهة التعيير والتوبيخ: «لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه»([37])). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص300): (وإنما ظهرت هذه الضلالات ممن قل علمه، بالتوحيد والسنة، فأضله الشيطان، كما أضل النصارى في أمور: لقلة علمهم بما جاء به المسيح عليه السلام، ومن قبله من الأنبياء عليهم السلام). اهـ.

قلت: فلم يذكر النبي r؛ أن يأتوا إلى قبره، ويصلوا ويسلموا عليه، بل أرشدهم إلى السنة في ذلك؛ أن يصلوا ويسلموا حيثما كانوا، وذلك يبلغه، فعلى الناس الاتباع.

فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا تتخذوا قبري عيدا([38])، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وحيثما كنتم فصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني). وفي رواية: (وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم).

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (2042)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص367)، والبيهقي في «حياة الأنبياء» (ص37)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص491)، وأبو الشيخ في «الثواب» (ج6 ص488-الفتح)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (8030)، وابن فيل في «جزئه» (ص135) من طريق عبد الله بن نافع الصائغ، أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة t به.

قلت: وهذا سنده حسن؛ من أجل عبد الله بن نافع الصائغ، وهو: صدوق حسن الحديث. ([39])

وقد حسنه الشيخ الألباني في «أحكام الجنائز» (ص280)، والحافظ ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص308).

وقال الحافظ النووي في «الأذكار» (ص106): «إسناده صحيح».

وقال الحافظ النووي في «الخلاصة» (ج1 ص440): «إسناده صحيح».

وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص488): «سنده صحيح».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص654): (وهذا إسناد حسن، فإن رواته: كلهم ثقات مشاهير.

* لكن عبد الله بن نافع الصائغ، الفقيه المدني، صاحب مالك: فيه لين، لا يقدح في حديثه، قال ابن معين: هو «ثقة»، وحسبك بابن معين: «موثقا»، وقال أبو زرعة: «لا بأس به»، وقال أبو حاتم: «ليس بالحافظ». ([40])

* فإن هذه العبارات منهم: تنزل حديثه من مرتبة: الصحيح، إلى مرتبة: الحسن، إذ لا خلاف في عدالته، وفقهه، وأن الغالب عليه الضبط، لكن قد يغلط أحيانا.

* ثم هذا الحديث: مما يعرف من حفظه، ليس مما ينكر، لأنه سنة مدنية، وهو محتاج إليها في فقهه، ومثل هذا يضبطه الفقيه). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص195): «إسناده جيد: ورواته ثقات مشاهير».

وقال الحافظ ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص308): (رواه أبو داود: وهو حديث: حسن، جيد الإسناد».

وأورده ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص21)، والسخاوي في «القول البديع» (ص154).

وقوله r: (لا تتخذوا قبري عيدا)؛ نهي منه r ([41])، أن يجتمع الناس عند قبره، في أي: اجتماع مطلقـا، لا للسلام عليه، ولا  على غيره؛ بمعنى: أن يكون مكان قبره خاليا من الناس على مدار الساعة.

* وهذا الذي وصى به النبي r للأمة الإسلامية، لكي لا يبتدع الصوفية، وغيرهم البدع عند قبره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص323): (ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله r، أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدا، فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان). اهـ.

وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص195): (فجرد السلف العبادة لله تعالى، ولم يفعلوا عند القبور منها، إلا ما أذن فيه رسول الله r، من الدعاء لأصحابها، والاستغفار لهم، والترحم عليهم). اهـ.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز» (ج2 ص1421): (ثم إن في تعظيم القبور، واتخاذها أعيادا، من المفاسد العظيمة التي لا يعلمها إلا الله تعالى). اهـ.  

والحديث: دليل على تحريم اتخاذ قبر النبي r عيدا، وتحريم الاجتماع عنده؛ بأي: طريقة، لا للسلام عليه، ولا  على لغيره.

* والعيد إذا جعل: اسما للمكان، فهو المكان الذي يقصد للزيارة، والاجتماع فيه، وإتيانه للعبادة عنده، أو لغير العبادة، كالسلام عليه، ونحوه.

قلت: وهذا غير مشروع، بل ممنوع.

* وقد كان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها، فلما جاء الإسلام محا الله تعالى ذلك: كله، مطلقـا: لسد باب: «الشرك»، و«البدع» على الناس. ([42])

قلت: وهذا الذي حصل لكثير من المسلمين الزائرين، وذلك عندما أتوا إلى قبر النبي r، والسلام عليه، والسلام على أبي بكر الصديق t، وعمر بن الخطاب t، فوقع أكثر الجهلة من المسلمين الذين يأتون قبر النبي r، في البدع؛ كما هو مشاهد.

* ولذلك يجب النهي عن إتيان قبر النبي r وصاحبيه مطلقـا([43])، سدا لباب البدع، التي تحصل بسبب هذه الزيارات، والاجتماعات  التي تكون في مكان قبره r؛ من قبل العامة الرهبان، لأن هذا من اتخاذ قبره r عيدا، والله المستعان.

 فقوله r: (ولا تجعلوا قبري عيدا)؛ معناه: النهي عن الاجتماع لزيارته: اجتماعهم للعيد.

والعيد: ما يعاد إليه، أي: لا تجعلوا قبري عيدا، تعودون إليه متى أردتم، أن تصلوا علي.

* إما لدفع المشقة في الازدحام على قبره r، أو كراهة أن يتجاوزوا فيه حد التعظيم.

* فظاهره: منهي عن المعاودة، والمراد: المنع عما يوجبه، وهو ظنهم بأن سلام الغائب لا يصل إليه!.

ويؤيده: قوله r: (وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)؛ أي: لا تتكلفوا المعاودة إلي، فقد استغنيتم بالصلاة علي.

قال الإمام ابن القيم / في «تهذيب السنن» (ج2 ص447): (نهي لهم: أن يجعلوه مجمعا، كالأعياد التي يقصد الناس الاجتماع إليها للصلاة). اهـ.

قلت: ويؤخذ منه أن اجتماع العامة في هذا الزمان في كل مرة، هو منهي عنه في الشرع، وعلى أهل العلم أن يبينوا: للعامة ذلك، في اجتماعهم عند قبر النبي r، بعد كل صلاة.

قلت: فهذا الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة، والسلام: يحصل مع قربكم في المسجد، وبعدكم في بلدانكم، فلا حاجة أن تتخذوا قبري عيدا، للاجتماع عنده للسلام والصلاة في المسجد!.

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص301): (والمقصود هنا: أن الصحابة y: تركوا البدع المتعلقة بالقبور: بـ«قبره r»،  و«قبر غيره»؛ لنهيه r عن ذلك، ولئلا يتشبهون بأهل الكتاب الذين اتخذوا قبور الأنبياء أوثانا). اهـ.

واعلم رحمك الله: أن السنة الصحيحة في ذلك أن نصلي ونسلم على النبي r حيثما كنا في الأرض، فإن صلاتنا وسلامنا عليه يبلغه في قبره r ([44])؛ فلا حاجة لنا للسلام والصلاة عند قبره، أو تخصيص ذلك عند قبره.

وإليك الدليل:

عن ابن مسعود t، عن النبي r قال: (إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام).

حديث صحيح

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (1114)، و(9204)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص43)، وفي «عمل اليوم والليلة» (66)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص387)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (8755)، وفي «المسند» (ج1 ص184)، وعبد الرزاق في «المصنف» (4116)، والشاشي في «المسند» (825)، والخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص445)، وفي «الفوائد» (ص55)، والنعال في «مشيخته» (ص132)، والخطيب في «الفصل للوصل» (ج2 ص817)، وفي «تاريخ بغداد» (ج9 ص104)، والدارمي في «المسند» (2777)، وأبو يعلى في «المسند» (5213)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج3 ص542)، وفي «شرح السنة» (687)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص421)، والطبراني في «المعجم الكبير» (10529)، وابن حبان في «صحيحه» (2392)، وابن أبي عاصم في «فضل الصلاة على النبي r» (28)، والبيهقي في «الدعوات الكبير» (159)، وفي «حياة الأنبياء» (ص44)، وفي «شعب الإيمان» (1582)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج4 ص559)، والذهبي في «السير» (ج17 ص106)، والسبكي في «طبقات الشافعية» (ج3 ص406)، والبزار في «المسند» (ج5 ص307)، والدارقطني في «العلل» (ج3 ص206)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج4 ص373)، وفي «مثير الغرام» (ص488)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص205)، وفي «حلية الأولياء» (ج4 ص201)، وابن المبارك في «الزهد» (ص364)، وفي «المسند» (ص30)، وفي «الرقائق» (ج2 ص709)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج7 ص120)، وابن النجار في «تاريخ المدينة» (ص222)، وإسماعيل القاضي في «فضل الصلاة على النبي r» (ص118)، وأبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» (ج3 ص990)، وأبو يعلى في «ستة مجالس» (ص88)، وأبو يوسف في «الخراج» (ص17)، وابن السمعاني في «معجم الشيوخ» (ج1 ص314)، وأبو الفيض الفاداني في «الأربعين البلدانية» (ص13) من طريق سليمان الأعمش، وسفيان الثوري، وحسين الخلقاني؛ كلهم: عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص27)، والشيخ الألباني في «تخريج فضل الصلاة على النبي r» (ص34)، والسبكي في «شفاء السقام» (ص45).

قال الحافظ الخليلي / في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص445): «هذا الحديث: مشهور، بالثوري عن ابن السائب، ولم يروه عن الأعمش؛ إلا أبو إسحاق».

وبوب الحافظ ابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج4 ص272)؛ الباب: الثاني والأربعون: في تبليغ الملائكة إليه الصلاة والسلام.

* إذا فالله تعالى يكفيك في وصول صلاتك، وسلامك على النبي r: فلا حاجة لنا لتخصيص ذلك عند قبره r، أو إتيانه للسلام عليه r.

قلت: فلا تجعلوا قبر النبي r عيدا، فصلوا عليه، وسلموا حيثما كنتم، فسيبلغه سلامكم وصلاتكم؛ لأن الله سبحانه جعل ملائكة يبلغونه هذا السلام، وهذا الأمر، والله ولي التوفيق.

قلت: إذا فقد جاء هذا في السنة، ما من مسلم يسلم عليه r على وجه الأرض، إلا وصل سلامه إليه r، وهو في قبره، والله ولي التوفيق.

وعن نافع: (أن ابن عمر كان يكره مس قبر النبي r).

أثر صحيح

أخرجه محمد بن عاصم الثقفي في «جزئه» (ص106)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج12 ص378) من طريق أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وكره الإمام مالك بن أنس /: أن يقول القائل: زرت قبر النبي r، كره هذا اللفظ. ([45])

قال الحافظ ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص296): (ومالك  من أعلم الناس بهذا، لأنه قد رأى التابعين الذين رأوا الصحابة y بالمدينة.

* ولهذا كان يستحب اتباع السلف في ذلك، ويكره أن يبتدع هناك بدعة). اهـ.

وقال الحافظ ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص83): (ومعلوم أن مجرد زيارة قبره كالزيارة  المعروفة للقبور غير مشروعة ولا ممكنة، ولو كان في زيارة قبره عبادة زائدة للأمة لفتح باب الحجرة، ومكنوا من فعل تلك العبادة عند قبره، وهم لم يمكنوا إلا من الدخول إلى مسجده، والذي يشرع في مسجده يشرع في سائر المساجد، لكن مسجده أفضل من سائرها غير المسجد الحرام على نزاع في ذلك). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص300): (وكذلك لم يكن أحد من الصحابة y يأتيه: فيسأله عند القبر عن بعض ما تنازعوا فيه، وأشكل عليهم من العلم؛ لا خلفاؤه الأربعة، ولا غيرهم؛ مع أنهم أخص الناس به). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص297): (فإن الصحابة y: خير قرون هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس، وهم الذين تلقوا الدين عن النبي r، بلا واسطة؛ ففهموا من مقاصده، وعاينوا من أفعاله، وسمعوا منه شفاها مالم يحصل لمن بعدهم، ولذلك كان يستفيد بعضهم من بعض، ما لم يحصل لمن بعدهم). اهـ.

* إذا: فصلاتكم تبلغ النبي r حيثما كنتم، وهذا من تيسير الله تعالى على الناس طريق العبادة([46])، والله ولي التوفيق.

وفي الجملة: هذا الذي يفعل عند قبر النبي r، وصاحبيه ، هو بعينه الذي نهى عنه رسول الله r بقوله: (لا تتخذوا قبري عيدا) ([47])؛ فإن اعتبار قصد المكان المعين في وقت معين، عائد بعود السنة، أو الشهر، أو الأسبوع، أو اليوم هو بعينه معنى العيد، ثم ينهى عن دق ذلك وجله([48])، وهذا هو الذي أنكره السلف. ([49])

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص84): (وأما ما شرعه لهم من الصلاة والسلام عليه في كل مكان، وأن لا يتخذوا بيته عيدا، ولا مسجدا، ومنعهم من أن يدخلوا إليه ويزوروه، كما تزار القبور، فهذا يوجب كمال توحيدهم للرب تبارك وتعالى، وكمال إيمانهم بالرسول r، ومحبته وتعظيمه حيث كانوا، واهتمامهم بما أمروا به من طاعته، فإن طاعته هي مدار السعادة، وهي الفارقة بين أولياء الله وأعدائه، وأهل الجنة وأهل النار، فأهل طاعته هم أولياء الله المتقون، وجنده المفلحون، وحزبه الغالبون، وأهل مخالفته ومعصيته بخلاف ذلك). اهـ.

قلت: ومما يدخل في ذلك دخولا أوليا ما هو مشاهد اليوم في المدينة النبوية، من قصد الناس قبر النبي r للسلام عليه، والدعاء عنده من الداخل والخارج، ولا سيما في موسم الحج، بل قصد الناس دبر كل صلاة مكتوبة قبر النبي r للسلام عليه، والدعاء عنده، ويرفعون أصواتهم لديه، كأن ذلك من سنن الصلاة، بل إنهم ليحافظون عليه أكثر من محافظتهم على السنن التي تكون للمسجد.

  * ولذلك يجب النهي عن زيارة قبره r مطلقـا، ليكون مسجد النبي r أبعد المساجد عما يخالف شريعته r ([50]). ([51])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص662): (ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله r أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدا، فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان، ثم قرن ذلك بقوله r: «ولا تتخذوا بيوتكم قبورا»([52])؛ أي: لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم... ثم إنه r أعقب النهي عن اتخاذه عيدا بقوله: «صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم»، وفي الحديث الآخر: «فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم»، يشير بذلك r إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري، وبعدكم منه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدا، والأحاديث عنه بأن صلاتنا وسلامنا تعرض عليه: كثيرة -ثم ذكرها-، وقال: فهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين t، نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره r، واستدل بالحديث، وهو راوي الحديث الذي سمعه من أبيه الحسين، عن جده علي، وهو أعلم بمعناه من غيره، فبين أن قصده للدعاء ونحوه اتخاذ له عيدا ([53])، وكذلك ابن عمه حسن بن حسن، شيخ أهل بيته: كره أن يقصد الرجل القبر للسلام عليه ونحوه عند دخول المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا.

* فانظر هذه السنة كيف أن مخرجها من أهل المدينة، وأهل البيت الذين لهم من رسول الله r قرب النسب، وقرب الدار، لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم، فكانوا له أضبط.

* والعيد إذا جعل اسما للمكان؛ فهو: المكان الذي يقصد الاجتماع فيه، وإتيانه للعبادة عنده، أو لغير العبادة، كما أن المسجد الحرام، ومنى، ومزدلفة، وعرفة جعلها الله عيدا مثابة للناس، يجتمعون فيها، وينتابونها للدعاء والذكر والنسك، وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها، فلما جاء الإسلام محا الله ذلك كله، وهذا النوع من الأمكنة يدخل فيه قبور الأنبياء والصالحين). اهـ.

قلت: وأهل البدع ردوا على شيخ الإسلام ابن تيمية قوله بعدم زيارة قبر النبي r، وشد الرحال إليه، وعدوا ذلك من أبشع المسائل المنقولة عنه، وغلطوا عليه، ولم يصيبوا السنة. ([54])

قلت: وليس في ذلك بشاعة عند من عرف السنة الصحيحة في ذلك، بل قوله هو الحق لموافقة منهج الصحابة الكرام كما بينا.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «التعليق على فتح الباري» (ج3 ص66): (وليس في ذلك بشاعة بحمد الله عند من عرف السنة مواردها ومصادرها، والأحاديث المروية في فضل زيارة قبر النبي r كلها ضعيفة، بل موضوعة([55])، كما حقق ذلك أبو العباس في «منسكه»، وغيره، ولو صحت لم يكن فيها حجة على جواز شد الرحال إلى زيارة قبره r، من دون قصد المسجد، بل تكون عامة مطلقة، وأحاديث النهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة تخصصها وتـقيدها، والشيخ لم ينكر زيارة قبر النبي([56]) r من دون شد الرحال، وإنما أنكر شد الرحال من أجلها مجردا عن قصد المسجد). اهـ.

* إذا اعتياد قصد هذه القبور للسلام وغيره في وقت معين، والاجتماع عندها طوال السنة، والسفر إليها إما في المحرم، أو رجب، أو شعبان، أو ذي الحجة أو غيرها، وبعضهم يجتمع عندها في يوم عاشوراء، ويوم عرفة، والنصف من شعبان، وفي وقت آخر... فهذا لا أعلم بين المسلمين خلافا في النهي عنه([57])([58]).

وإليك الدليل:

عن أبي هريرة t، أن النبي r قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى). وفي رواية: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الأقصى ).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1189)، ومسلم في «صحيحه» (5397)، و(512)، وابن ماجة في «سننه» (1409)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص67)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص7)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص244)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (593)، وابن حبان في «صحيحه» (1631)، والحميدي في «المسند» (943)، وأبو داود في «سننه» (2033)، وأبو يعلى في «المسند»(5880)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص258)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص37)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج9 ص222)، وعبد الرزاق في «المصنف» (9158) من طرق عن أبي هريرة t به.

* وفي هذا الحديث: تحريم السفر إلى موضع من المواضع، مثل مقابر الأنبياء وغيرها، ومن ذلك قبر النبي r، وهو وإن كان بلفظ النفي: «لا تشد»، فالمراد: النهي.

قال الفقيه الطيبي /: (هو أبلغ من صريح النهي، كأنه قال: لا يستقيم أن يقصد بالزيارة؛ إلا هذه البقاع، لاختصاصها بما اختصت به) ([59]). اهـ.

قلت: فتشد الرحال إلى مسجد النبي r، لا إلى قبره r، فتنبه. ([60])

قال ولي الله الدهلوي / في «الحجة البالغة» (ج1 ص192): (كان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها، ويتبركون بها، وفيه من التحريف والفساد ما لا يخفى، فسد r الفساد، لئلا يلحق غير الشعائر بالشعائر، ولئلا يصير ذريعة لعبادة غير الله، والحق عندي أن القبر، ومحل عبادة ولي من الأولياء والطور، كل ذلك سواء في النهي). اهـ.

قلت: فالحديث حجة على من رخص لزيارة قبر النبي r: للسلام وغيره.

وعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله r في مرضه الذي لم يقم منه: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). قالت: فلولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا.

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص200 و255)، و(ج8 ص140)، ومسلم في «صحيحه» (529)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص80 و121 و255)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص399)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص376)، والبغوي في «شرح السنة» (508)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص52 و183)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (730) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة ڤ به.

وعن عائشة، وابن عباس معا قالا: (لما نزل برسول الله r، طفق يطرح خميصا له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال -وهو كذلك-: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر مثل ما صنعوا). 

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص40)، و(ج6 ص495)، و(ج10 ص277)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص376)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7089)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص40)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص218)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص326)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص258)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (4746)، والطبراني في «مسند الشاميين» (3131)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص80)، وفي «دلائل النبوة» (ج7 ص203)، والبغوي في «شرح السنة» (3825)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج2 ص399) من طرق عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة، وابن عباس به.

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وفي رواية: (لعن الله اليهود والنصارى...).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (437)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص377)، وأبو داود في «سننه» (3227)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص284 و366)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص80)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7092)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص96)، وابن حبان في «صحيحه» (2326)، ومالك في «الموطأ» (321-رواية محمد بن الحسن)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص166) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة t به.

قلت: كل هذه الآثار حق، فلا تحل زيارة قبور الأنبياء، واتخاذها عيدا ومسجدا، ومنها: قبر النبي r، لا للسلام ولا لغيره؛ لأن الأدلة جاءت في النهي مطلقة([61])؛ فافطن لهذا ترشد.

* إذا لا تجوز الزيارة مطلقـا لنهيه r عن اتخاذ قبره عيدا، كما سبق. ([62])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ص238): (إن هذا القول هو تحذير من الرسول r لأمته من هذا الصنيع الذي كانت تفعله اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم؛ فإنه من الغلو في الأنبياء، ومن أعظم الوسائل إلى: «الشرك»، ومن: «غربة الإسلام»، أن هذا الذي لعن رسول الله r فاعله قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة، واعتقدوه قربة من القربات، وهو من أعظم السيئات والمنكرات، وما شعروا أن ذلك محادة لله ورسوله). اهـ. 

قلت: وهذا الذي هو حاصل عند قبر النبي r من جهال المسلمين، من إقامة البدع، خاصة أيام الحج، وخاصة من النساء، والله المستعان.

* إذا فشد الرحال إلى قبر النبي r، أو مجرد زيارته للسلام، وغيره يفضي إلى: «الشرك بالله تعالى»، فمنع ذلك من سد وسائل: «الشرك والبدع». ([63])

 

* فعلى العاقل أن يجتهد في اتباع السنة الصحيحة في كل شيء من ذلك، ويعتاض عن كل ما يظن من البدع أنه خير بنوعه من السنن، فإنه من يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. ([64])

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص131): (فلو أذن الرسول r لهم في زيارة قبره، ومكنهم من ذلك لأعرضوا عن حق الله تعالى الذي يستحقه من عبادته وحقه، وعن حق الرسول r الذي يستحقه من الصلاة والسلام عليه والدعاء له، بل ومن جعله واسطة بينهم وبين الله في تبليغ أمره، ونهيه، وخبره، فكانوا يهضمون حق الله تعالى، وحق رسوله r؛ كما فعل النصارى، فإنهم بغلوهم في المسيح تركوا حق الله تعالى من عبادته وحده، وتركوا حق المسيح فهم لا يدعون له، بل هم عندهم رب يدعى، ولا يقومون بحق رسالته، فينظرون ما أمرهم به، وما أخبر به؛ بل اشتغلوا بالشرك به، وبغيره، وبطلب حوائجهم ممن يستشفعون به من الملائكة والأنبياء وصالحيهم: عما يجب من حقوقهم). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص132): (وإن أهل البدع الذين فعلوا ما لم يشرعه، بل ما نهى عنه، وخالفوا الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فاستحبوا ما كان أولـٰئك يكرهون ويمنعون منه، هم مضاهون للنصارى، وإنهم نقصوا من تحقيق الإيمان بالله تعالى ورسوله r، والقيام بحق الله وحق رسوله r، بقدر ما دخلوا فيه من البدعة التي ضاهوا بها النصارى). اهـ.

* ومن قال بإتيان قبر النبي r، والسلام عليه، والسلام على أبي بكر الصديق t، والسلام على عمر بن الخطاب t.

قد استدل أيضا: بأثر ابن عمر ، ولا يصح، ولا يحتج به في الإسلام.

فعن نافع قال: (كان ابن عمر إذا قدم من سفر، أتى قبر النبي r، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه.

وأخبرناه عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.

قال معمر: فذكرت ذلك لعبيد الله بن عمر، فقال: ما نعلم أحدا من أصحاب النبي r فعل ذلك إلا ابن عمر).

حديث منكر

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص576).

ومن هذا الوجه: ذكره ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص270).

وهذا الاختلاف من عبد الرزاق بن همام الصنعاني.

 وعبد الرزاق يخطئ، ويخالف أحيانا.

قال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص412): (كان ممن يخطئ إذا حدث من حفظه).

وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج6 ص130): (ما حدث من كتابه، فهو أصح).

وقال الحافظ الدارقطني في «السؤالات» (ص75): (ثقة: يخطئ، على معمر في أحاديث، لم تكن في الكتاب).

* وهذه منها.

* وعبد الله بن عمر العمري، ضعيف الحديث. ([65])

قال الحافظ ابن حبان / في «المجروحين من المحدثين» (ج2 ص6): (عبد الله بن عمر بن حفص العمري: كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة، حتى غفل عن حفظ الأخبار، وجودة الحفظ للآثار، فوقع في المناكير في روايته، فلما فحش خطؤه استحق الترك). اهـ.

* والأثر: ذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج6 ص263)، وفي «التمهيد» (ج17 ص204).

قلت: وعلى فرض صحته؛ فإتيان قبر النبي r، بعد السفر، أو الحضر، والسلام عليه، والسلام على أبي بكر الصديق t، والسلام على عمر بن الخطاب t، إنما يعرف ذلك عن ابن عمر وحده، لم يفعله الصحابة y، كما قاله: عبيد الله بن عمر([66])، وغيره، فهو لا حجة فيه في الدين. ([67])

قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص271): (فقد تبين أن عبيد الله بن عمر: كان من كبار علماء أهل المدينة، وقد أخذ العلم عن خلق من التابعين وأتباعهم.

* وقد أدرك جماعة من كبار التابعين، وأدرك ما كان عليه السلف، وهو من أقارب عبد الله بن عمر .

* وقد قال فيما فعله: ابن عمر ، «ما نعلم أحدا من أصحاب النبي r فعل ذلك إلا ابن عمر»، فلو كان ما فعله ابن عمر مأثورا عن غيره، أو منقولا عن أحد من الصحابة والتابعين: لم يخف على عبيد الله بن عمر، وغيره من علماء أهل المدينة، الذين هم أعلم الناس بهذا الشأن). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص281): (وابن عمر : لم يكن يسافر إلى المدينة لأجل القبر، بل المدينة وطنه، فكان يخرج منها لبعض الأمور، ثم يرجع إلى وطنه فيأتي المسجد، فيصلي فيه ويسلم، فأما السفر لأجل القبور فلا يعرف عن أحد من الصحابة، بل ابن عمر كان يقدم إلى بيت المقدس ولا يزور قبر الخليل r: وكذلك أبوه عمر t، ومن معه من المهاجرين والأنصار قدموا إلى بيت المقدس، ولم يذهبوا إلى قبر الخليل عليه السلام، وكذلك سائر الصحابة الذين كانوا ببيت المقدس، وسائر أهل الشام لم يعرف عن أحد منهم أنه سافر إلى قبر الخليل عليه السلام، ولا غيره، كما لم يكونوا يسافرون إلى المدينة لأجل القبر، وما كان قربة للغرباء فهو قربة لأهل المدينة، كإتيان قبور الشهداء، وأهل البقيع، وما لم يكن قربة لأهل المدينة لم يكن قربة لغيرهم، كاتخاذ بيته عيدا، واتخاذ قبره، وقبر غيره مسجدا، وكالصلاة إلى الحجرة، والتمسح بها، وإلصاق البطن بها، والطواف بها، وغير ذلك مما يفعله جهال القادمين، فإن هذا بإجماع المسلمين ينهى عنه الغرباء، كما ينهى عنه أهل المدينة، ينهون عنه صادرين وواردين باتفاق المسلمين). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص304): (وابن عمر : «كان يسلم»، ثم ينصرف ولا يقف، يقول: «السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت»، ثم ينصرف، ولم يكن جمهور الصحابة y يفعلون؛ كما فعل ابن عمر ، بل كان الخلفاء، وغيرهم: يسافرون للحج، وغيره، ويرجعون، ولا يفعلون ذلك؛ إذ لم يكن هذا سنة سنها لهم.

* وكذلك: أزواجه([68]) كن على عهد الخلفاء، وبعدهم، يسافرن للحج، ثم ترجع كل واحدة إلى بيتها، كما وصاهن بذلك.

* وكانت: أمداد اليمن الذين قال الله فيهم: ]فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه[ [المائدة: 45]؛ على عهد أبي بكر t، وعمر t: يأتون أفواجا من اليمن للجهاد في سبيل الله، ويصلون خلف أبي بكر، وعمر في مسجده، ولا يدخل أحد منهم إلى داخل الحجرة، ولا يقف في المسجد خارجا منها؛ لا لدعاء، ولا صلاة، ولا سلام، ولا غير ذلك، وكانوا عالمين بسنته r؛ كما علمهم الصحابة، والتابعون، أن حقوقه ملازمة لحقوق الله، وأن جميع ما أمر الله به وأحبه من حقوقه وحقوق رسوله؛ فإن صاحبها يؤمر بها في جميع المواضع والبقاع، فليست الصلاة والسلام عليه عند قبره بآكد من ذلك في غير ذلك المكان، بل صاحبها مأمور بها حيث كان، إما مطلقـا، وإما عند الأسباب المؤكدة لها؛ كالصلاة، والدعاء، والأذان، ولم يكن شيء من حقوقه ولا شيء من العبادات هو عند قبره أفضل منه في غير تلك البقعة، بل نفس مسجده له فضيلة لكونه مسجده). اهـ.

وقال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص301): (وكان ابن عمر : يسلم عليه، ثم ينصرف، ولا يقف لدعاء له، أو لنفسه.

* ولهذا كره مالك: ما زاد على فعل ابن عمر من وقوف، ودعاء، أو لنفسه؛ لأن ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة y؛ فكان بدعة محضة.

* مع أن فعل ابن عمر : إذا لم يفعل مثله؛ سائر الصحابة y؛ إنما يصلح للتسويغ؛ كأمثال ذلك فيما يفعله بعض الصحابة y.

* وأما القول: بأن هذا الفعل مستحب، أو منهي عنه، أو مباح؛ فلا يثبت إلا بدليل شرعي) ([69]).([70]) اهـ.

وقال الإمام محمد بن أحمد بن عبد الهادي / في «الصارم المنكي في الرد على السبكي» (ص304): (وابن عمر : «كان يسلم»، ثم ينصرف، ولا يقف، يقول: «السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت»، ثم ينصرف.

* ولم يكن جمهور الصحابة y يفعلون؛ كما فعل ابن عمر ). اهـ.

ومنه: قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص480): (هذا الذي فعله ابن عمر ، لم يوافقه عليه الصحابة y). اهـ.

قلت: وما ذهب إليه جميع الصحابة y هو الأصح، فلا ينبغي تقصد قبره r، والسلام عليه، وعلى أبي بكر الصديق t، وعلى عمر بن الخطاب t، فإن ذلك من فقه الصحابة الكرام، فافهم لهذا ترشد.

ومنه: قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص483): (لكن سبق أن هذا الأصل الذي بنى عليه عبد الله بن عمر : منهاجه، مخالف لما كان عليه أكثر الصحابة y). اهـ.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة ....................................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على أن زيارة قبر النبي، لو كانت من الخير؛ لفعلها الــصـحـابــة؛ لأنهم: لم يتركوا خـصـلـة من خـصـال الخير؛ إلا وقد بادروا إليها، لحبهم تطبيق السنة النبوية................................................

17

3)

درة نادرة...................................................................................................

18

4)

ذكر الدليل على أنه لا تسن زيارة قبر النبي مطلقـا، لا للسلام، ولا الصلاة عليه، ولا الدعاء عند قبره، ولا لغير ذلك، ولا السلام على أبي بكر الصديق عند قبره، ولا السلام على عمر بن الخطاب عند قبره، وذلك لعدم ثبوت الدليل في هذا الحكم الغريب على الإسلام، ولم يفعله الـصـحـابة، ولم يفعله التابعون لهم بإحسان، وهذا مما يدل على فقههم في الدين، وإجماعهم على عدم إتيان قبر النبي مطلقـا، ولا قبر أبي بكر الـصـديــق، ولا قبر عمر بن الخطاب ..................................................................................................

29

 

 

 



([1]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج7 ص340)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص572)، و«تقريب التهذيب» له (ص272)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج10 ص154).

([2]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص144)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص205) من حديث أبي سعيد الخدري t.

([3]) قلت: وهذا فيه النهي عن الاجتماع عند قبر النبي r، ولا يؤتى، لا للزيارة، ولا السلام عليه، والصلاة عنده، ولا الدعاء، والله المستعان.

([4]) وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص971)، و«تحرير تقريب التهذيب» للأرنؤوط (ج2 ص277)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص510).

([5]) وانظر: «شفاء السقام» للسبكي (ص79 و80).

([6]) وهذا يدل على أن الناس الذين يجتمعون بعد كل صلاة عند قبره، قد وقعوا في النهي، وخالفوا هدي النبي r فيما نهى عنه في الدين.

     وانظر: «مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص6)، و«تهذيب السنن» لابن القيم (ج2 ص447).

([7]) هو عروة بن الزبير بن العوام المدني: ثقة، فقيه، مشهور، وهو من أفضل أهل المدينة في زمن التابعين، ومن أصلحهم، وأعبدهم، ومولده كان في أوائل خلافة عثمان بن عفان t، فلم يكن يزور قبر النبي r.

     وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص674).

([8]) هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ولي قضاء المدينة، وكان: ثقة، فاضلا، عابدا من الطبقة الخامسة. 

     وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص367).

([9]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص10)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص584) عن وهب بن كيسان /، من قوله.

     وأورده ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (ج2 ص423)، وابن خلفون في «أسماء شيوخ مالك» (ص33).

([10]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (2042) عن أبي هريرة t.

     وإسناده حسن.

([11]) وانظر: «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص58 و59 و80).

([12]) هذا الحديث: أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص63)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص1012) من حديث أبي هريرة t.

([13]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج7 ص340)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص572)، و«تقريب التهذيب» له (ص272)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج10 ص154).

([14]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص144)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص205) من حديث أبي سعيد الخدري t.

([15]) قلت: وهذا فيه النهي عن الاجتماع عند قبر النبي r، ولا يؤتى، لا للزيارة، ولا السلام عليه، والصلاة عنده، ولا الدعاء، والله المستعان.

([16]) وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص971)، و«تحرير تقريب التهذيب» للأرنؤوط (ج2 ص277)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص510).

([17]) وانظر: «شفاء السقام» للسبكي (ص79 و80).

([18]) وهذا يدل على أن الناس الذين يجتمعون بعد كل صلاة عند قبره، قد وقعوا في النهي، وخالفوا هدي النبي r فيما نهى عنه في الدين.

     وانظر: «مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص6)، و«تهذيب السنن» لابن القيم (ج2 ص447).

([19]) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص665).

([20]) وانظر: «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص58 و59).

([21]) وانظر: «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص61).

([22]) فأين كان: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب y، من زيارة قبر الرسول r؟!.

([23]) وهذا الأمر من المصائب في هذا الزمان؛ فأي: أمر قد اشـتهر بين الناس فيحكمون أنه من الدين، حتى لو كان ليس من الدين!.

     قلت: ومن هنا لا بد من البحث والتنقيب في المشتهرات بين الناس خاصة في كتب الفقه، فإن ثبت أنها من الدين فبها ونعمت، وإن لم يثبت أنها من الدين ردت، وإن قال بها من قال، أو اشتهرت بين الناس؛ لأن الأمر دين، ولا يجوز محاباة أحد في دين رب العالمين.

([24]) ولو كانت في زيارة قبر النبي r سنة؛ لدل النبي r عليها أمته في حياته، وذلك لأن النبي r لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة، بل في ذلك ذريعة إلى البدع؛ كما هو مشاهد من أفعال العامة الرهبان، والإتيان بالأدعية والأذكار البدعية، وتعظيم قبره r، والازدحام عليه، وغير ذلك.

     قلت: ولذلك نهى النبي r عن زيارة قبره مطلقـا، لا للسلام، ولا لغيره، سدا لباب الفتن التي تقع على الأمة في ذلك؛ كما نطقت الأدلة النبوية.

([25]) فأين صحابة النبي r؛ ومنهم: الخلفاء الراشدون؛ وهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب؛ عن زيارة قبره r، ولو فعلوا ذلك لتواتر عنهم، وذلك لكثرتهم وهم يصلون في مسجد النبي r، وزيارتهم للمدينة، بل هم أحرص الناس على الخير، ولو كان خيرا لسبقونا إليه؛ اللهم غفرا.

([26]) باجتهاد منهم، ولم يأتوا بدليل على استحباب زيارة قبر النبي r، والسلام عليه، وعلى صاحبيه .

     قال الإمام ابن عبد الهادي المقدسي / في «الصارم المنكي» (ص304): (فهكذا رأي من رأى من العلماء هذا جائزا!). اهـ.

     قلت: وهذا الجواز لا بد له من دليل، ولا يوجد دليل على ذلك، لأن الاستحباب: هو حكم لا يثبت إلا بالأدلة الشرعية.

([27]) انظر: «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض (ص444)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص66)، و«وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى» للسمهودي (ج4 ص1360 و1362).

([28]) هو عروة بن الزبير بن العوام المدني: ثقة، فقيه، مشهور، وهو من أفضل أهل المدينة في زمن التابعين، ومن أصلحهم، وأعبدهم، ومولده كان في أوائل خلافة عثمان بن عفان t، فلم يكن يزور قبر النبي r.

     وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص674).

([29]) هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ولي قضاء المدينة، وكان: ثقة، فاضلا، عابدا من الطبقة الخامسة. 

     وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص367).

([30]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص10)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص584) عن وهب بن كيسان /، من قوله.

     وأورده ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (ج2 ص423)، وابن خلفون في «أسماء شيوخ مالك» (ص33).

([31]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (2042) عن أبي هريرة t.

     وإسناده حسن.

([32]) ولم يذكر ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص559)؛ تحت: باب من كان يأتي قبر النبي r فيسلم، إلا أثر ابن عمر ، مما يبين لنا بأن بقية الصحابة لم يفعلوا ذلك: ]أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده[ [الأنعام: 90].

     قلت: وإنا على آثارهم لمقتدون.

     * وهناك ألفاظ أخرى لأثر ابن عمر وقع فيها: وهم، ونبه عليه: ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص658).

     وانظر: «الاستذكار» لابن عبد البر (ج6 ص263)، و«التمهيد» له (ج17 ص304)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج5 ص245)، و«الموطأ» برواية يحيى الليثي (ج1 ص166)، ورواية أبي مصعب (506)، ورواية سويد الحدثاني (ص145)، ورواية محمد بن الحسن (ص334)، و«الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص112).

([33]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم» لابن تيمية (ج2 ص803).

([34]) حديث حسن.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص367) عن أبي هريرة t، بإسناد حسن.

([35]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (2043) عن أبي هريرة t، بإسناد حسن.

([36]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج7 ص340)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص572)، و«تقريب التهذيب» له (ص272)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج10 ص154).

([37]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص144)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص205) من حديث أبي سعيد الخدري t.

([38]) قلت: وهذا فيه النهي عن الاجتماع عند قبر النبي r، ولا يؤتى، لا للزيارة، ولا السلام عليه، والصلاة عنده، ولا الدعاء، والله المستعان.

([39]) وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص971)، و«تحرير تقريب التهذيب» للأرنؤوط (ج2 ص277)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص510).

([40]) وانظر: «شفاء السقام» للسبكي (ص79 و80).

([41]) وهذا يدل على أن الناس الذين يجتمعون بعد كل صلاة عند قبره، قد وقعوا في النهي، وخالفوا هدي النبي r فيما نهى عنه في الدين.

     وانظر: «مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص6)، و«تهذيب السنن» لابن القيم (ج2 ص447).

([42]) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص665).

([43]) وهذا الأمر يسد باب: «الشرك» على الناس.

([44]) فالله تعالى: قد تكفل بذلك فيغني عن التقصد إلى قبره r، وكذلك: هذا فيه مشقة على الناس، كما هو مشاهد.

     قلت: فليس في ذلك، أي: فائدة شرعية في التقصد لزيارتهم عند قبورهم، والسلام عليهم.

     * والسنة المتبعة: الترضي على أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، والدعاء لهما، والثناء عليهما حيثما كنا، والله ولي التوفيق.

([45]) نقله عنه ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص296).

([46]) ولو أمرنا الناس أن يذهبوا إلى قبر النبي r، ويسلموا ويصلوا عليه؛ عند قبره لشق ذلك على الناس.

([47]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (3042).

     وإسناده حسن.

([48]) ولا يغتر بكثرة الفتاوى لزيارة قبر النبي r للسلام والصلاة عليه؛ فإن ذلك خلاف السنة، ومنهج الصحابة الكرام.

     قلت: فكانت هذه الفتاوى -وإن كانت بعضها بحسن نية- فتنة للخلق، وفتحا لباب: البدع؛ كما هو مشاهد.

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص740)؛ بعد ما ذكر فتنة القبور مطلقـا، منها قبر النبي r، قال: (وكان ذلك فتنة للخلق، وفتحا لباب: «الشرك»، وإغلاقا لباب الإيمان). اهـ.

([49]) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص738).

([50]) ولا يحتج ببعض أقوال أهل العلم في ترخيص إتيان قبر النبي r، لأن ذلك ليس عليه أي دليل.

([51]) وانظر: «أحكام الجنائز» للشيخ الألباني (ص284).

([52]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (2042) عن أبي هريرة t.

     وإسناده حسن.

     وأخرجه مسلم في «صحيحه» (780) عن أبي هريرة t، مرفوعا بلفظ: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر».

([53]) انظر: «المصنف» لعبد الرزاق (ج3 ص577)، و«فضل الصلاة على النبي r» لإسماعيل القاضي (ص117)، و«أحكام الجنائز» للشيخ الألباني (ص280).

([54]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص66).

([55]) وهذه الأحاديث استدل بها أهل التصوف على زيارة قبر النبي r، بل والتوسل به، وهي ضعيفة منكرة لا يحتج بها، وليس هنا موضع بسطها، فتنبه.

     واستدلوا: كذلك ببعض الآثار الضعيفة عن أنس بن مالك t، وبلال بن رباح t، والله المستعان.

     وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص733)، و«الصارم المنكي في الرد على السبكي» لابن عبد الهادي (ص20)، و«السلسلة الضعيفة» للشيخ الألباني (ج1 ص239)، و«وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى» للسمهودي (ج4 ص1336)، و«تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة» لابن عراق (ج2 ص176)، و«اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» للسيوطي (ج2 ص72)، و«مجمع الزوائد» للهيثمي (ج4 ص2)، و«الوفا بأحوال المصطفى» لابن الجوزي (ص816)، و«الدرة الثمينة في تاريخ المدينة» لابن النجار (ص221).

([56]) قال ذلك: شيخ الإسلام ابن تيمية / في «المنسك» (ص76)، وأنكر زيارة قبر النبي r في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص665 و738)؛ جملة، خاصة في شد الرحال كما بينا، وقد انتصر له في ذلك: الحافظ ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي في الرد على السبكي» (ص17)، وهذا موافق لفعل صحابة رسول الله r، والله ولي التوفيق.

([57]) بل الصحابة الكرام ينكرون هذا الأمر، ولا يعرفون ذلك، وينهون عنه، ولا يأمرون به.

     وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص684).

([58]) فاتخاذ ذلك عند القبر كل ساعة نوع من اتخاذ القبر عيدا، وأيضا فإن ذلك بدعة، فقد كان المهاجرون، والأنصار على عهد: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي y، يجيئون إلى المسجد كل يوم، ولم يفعلوا هذا الأمر لعلمهم بما كان النبي r يكرهه من ذلك، وما نهاهم عنه، وإنهم كانوا يسلمون عليه على كل حين، وفي التشهد؛ كما كانوا يسلمون عليه كذلك في حياته.

     قلت: وكلما ضعف تمسك الناس بعهود أنبيائهم، ونقص إيمانهم، عوضوا ذلك بما أحدثوه من: الشرك، والبدع، وغير ذلك.

     وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص725).

([59]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص64).

([60]) هكذا فعل السلف y، وأما زيارة قبره r لا يعرفها السلف، فافطن لهذا.

([61]) وانظر: «الزواجر» للهيتمي (ج1 ص120)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص532).

([62]) وعلى هذا فلا يستدل بالأدلة العامة على زيارة القبور، ومنها قبر النبي r؛ لأن مكان قبره r ليس مقبرة عامة، كما هو ظاهر.

([63]) قلت: ومن هنا يتعين منع الزيارة عن قبر النبي r مطلقـا.

([64]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص749).

([65]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص528)، و«الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص26)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص6 و7)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج5 ص145).

([66]) عبيد الله بن عمر بن حفص المدني: ثقة ثبت، قدمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة؛ على الزهري عن عروة عنها.

     وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 643).

     قال الإمام ابن عبد الهادي / في «الصارم المنكي» (ص270): (وعبيد الله بن عمر، هو العمري الكبير، وكان من سادات: أهل المدينة، وأشراف قريش، فضلا، وعلما، وعبادة، وشرفا، وحفظا، وإتقانا، وكان في زمن التابعين). اهـ.

([67]) وانظر: «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص268).

([68]) حتى ابنته r فاطمة ڤ لم تذهب إلى قبره r وتسلم عليه في بيت عائشة ڤ.

     وانظر: «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي (ص300).

([69]) قلت: والدليل الشرعي مرجعه إلى الله تعالى، وإلى رسوله r.

([70]) قلت: ولا يوجد أي دليل على زيارة قبر النبي r، والسلام عليه.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan