الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / صمود جنود الهيجاء للقضاء على جهالات: عبد المحسن العباد في الإرجاء
صمود جنود الهيجاء للقضاء على جهالات: عبد المحسن العباد في الإرجاء
سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية
|
ب
74 |
صمود جنود الهيجاء
للقضاء
على جهالات: عبد المحسن بن حمد العباد في الإرجاء
دراسة أثرية منهجية علمية، في كشف مخالفات: «عبد المحسن بن حمد العباد»، لأئمة الدعوة النجدية على التفصيل، في كيفية إقامة الحجة، ومسألة: العذر بالجهل فيمن وقع في الشرك بالله، وتكفير: عباد القبور، وممارستهم: للشرك الأكبر، وغير ذلك من مخالفته في أصول الدين.
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن الذي لا يصدق في رجوعه؛ فإنه لا يوفق في توبته؛ لأنه غير صادق، ولو صدق لوفق في رجوعه، فهو يتحول من بدعة إلى أكبر منها!
* وهذا الذي وقع فيه: عبد المحسن العباد؛ فإنه لم يصدق في رجوعه، فلم يوفق، بل يتميع في رجوعه في الإرجاء، وإلى جانب آخر في انحرافه في المنهج لم يرجع عنه أيضا، فهو إلى الآن في ضلاله القديم والجديد، فوقع في بدع، ثم تحول إلى أشد منها، تتجارى به الأهواء في الدين، وهو لا يشعر، والله المستعان
1) عن معاوية t عن النبي r قال: (تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه).([1])
2) وعن الإمام أيوب رحمه الله قال: (كان رجل يرى رأيا فرجع عنه فأتيت محمدا فرحا بذلك أخبره، فقلت: أشعرت أن فلانا ترك رأيه الذي كان يرى؟ فقال: انظروا إلى ما يتحول!).([2])
قلت: فيتحول من بدعة إلى أخرى!.
3) وعن الإمام الأوزاعي رحمه الله قال عن أهل البدع: (إنكم لا ترجعون عن بدعة إلا تعلقتم بأخرى، هي أضر عليكم منها).([3])
4) وعن الإمام يحيى ابن أبي عمرو الشيباني رحمه الله قال: (كان يقال: يأبى الله لصاحب بدعة توبة، وما ينتقل صاحب بدعة إلا إلى شر منها).([4])
5) وعن الإمام عبد الله بن القاسم رحمه الله قال: (ما كان عبد على هوى فتركه إلا إلى ما هو شر منه).([5])
قلت: لأن الهوى([6]) يصد عن الحق، اللهم سلم سلم.
6) وعن الإمام عطاء الخراساني رحمه الله قال: (ما يكاد الله أن يأذن لصاحب بدعة بتوبة).([7])
7) وعن الإمام الحسن بن أبي الحسن رحمه الله قال: (أبى الله تبارك وتعالى أن يأذن لصاحب هوى بتوبة).([8])
قلت: فإذا غلب الهوى على القلب استحسن الرجل ما كان يستقبحه، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج11 ص684): (ولهذا قال بعض السلف: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها، وهذا معنى ما روي عن طائفة أنهم قالوا: إن الله حجز التوبة على كل صاحب بدعة، بمعنى أنه لا يتوب منها؛ لأنه يحسب أنه على هدى).اهـ.
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج1 ص124): (وسبب بعده عن التوبة أن الدخول تحت تكاليف الشريعة صعب على النفس؛ لأنه أمر مخالف للهوى، وصاد عن سبيل الشهوات، فيثقل عليها جدا؛ لأن الحق ثقيل، والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها، لا بما يخالفه.
* وكل بدعة فللهوى فيها مدخل؛ لأنها راجعة إلى نظر مخترعها لا نظر الشارع، فإن أدخل فيها نظر الشارع فعلى حكم التبع لا بحكم الأصل مع ضميمة أخرى، وهي أن المبتدع لا بد له من تعلق بشبهة دليل ينسبها إلى الشارع، ويدعي أن ما ذكره هو مقصود الشارع، فصار هواه مقصودا بدليل شرعي في زعمه.
* فكيف يمكنه الخروج عن ذلك([9])، وداعي الهوى مستمسك بجنس ما يستمسك به؟ وهو الدليل الشرعي في الجملة). اهـ
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج1 ص123): (وحاصلها أنه لا توبة لصاحب البدعة عن بدعته، فإن خرج عنها فإنه يخرج إلى ما هو شيء منها، أو يكون ممن يظهر الخروج عنها، وهو مصر عليها بعد!). اهـ
وعن الإمام سفيان الثوري رحمه الله قال: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية) زاد أبو سعيد الأشج: (لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها).
أثر صحيح
أخرجه البغوي في ((زوائده على مسند ابن الجعد)) (1809)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (238)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (ج7 ص26)، والهروي في ((ذم الكلام)) (ج5 ص121)، وابن الجوزي في ((تلبيس إبليس)) (ص39) من طرق عن أبي سعيد الأشج قال: سمعت يحيى بن اليمان يقول: قال سفيان الثوري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وتابعه بشر بن الحارث قال: سمعت يحيى بن اليمان به.
أخرجه الهروي في ((ذم الكلام)) (ج5 ص121).
وأورده أبو القاسم الأصبهاني في ((الحجة)) (ج2 ص381) و البغوي في ((شرح السنة)) (ج1 ص216).
قلت: ومراد الإمام سفيان الثوري رحمه الله بهذا أن المبتدع قلما يوفق للتوبة من بدعته، إذ كيف يتوب من عمل يعتقد جازما أنه يقربه إلى الله تعالى زلفى، ويؤمل عليه الثواب الجزيل والأجر العظيم، فيتفانى تفانيا عظيما في هذه البدعة، أو البدع، ويبذل في سبيلها النفس والنفيس، ويجهد جسده، وماله، وولده في سبيل تلك البدع، ولو كان ذلك على حساب فرائض شرعية، وأمور واجبة حتمية.
* فرجل بهذه المثابة قل أن يقلع عن تلك البدع، ويتوب منها، ويعقد العزم على عدم العودة إليها، إلا أن يشرح الله تعالى صدره للسنة، وما ذلك على الله بعزيز، فهو تعالى مقلب القلوب.
قلت: وليس مراد الإمام سفيان رحمه الله أن المبتدع لا تقبل توبته، كما قد يفهم ذلك، أو يستشكل.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ، وإنما الأمور في التسليم، والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله، أو سنة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ؛ لترد عليهم، فإنهم يلبسون عليك، ولا هم يرجعون).([10])
وقال أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في ((الحجة)) (ج1 ص100): (قال علماء السلف: ما وجدنا أحدا من المتكلمين في ماضي الأزمان إلى يومنا هذا رجع إلى قول خصمه، ولا انتقل عن مذهبه إلى مذهب مناظره؛ فدل على أنهم اشتغلوا بما تركه خير من الاشتغال به). اهـ
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في ((أدب الطلب)) (ص66): (وأنه لا يرجع المبطل إلى الحق إلا في أندر الأحوال). اهـ
وقال الإمام أيوب السختياني رحمه الله: (إن المبتدع لا يرجع).([11])
وقال الحافظ البيهقي رحمه الله في ((مناقب الشافعي)) (ج1 ص175): (وهذا لأن المقيم على البدعة قلما يرجع بالمناظرة، وإنما يناظر من يرجو رجوعه إلى الحق إذا بينه له). اهـ
قلت: والله تعالى احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ويرجع عنها حقيقة؛ لأنه قلما يوفق صاحب البدعة إلى توبة؛ وذلك لأن صاحب البدعة التي انتحلها اعتقادا، واتخذها سنة يحسب أنه يحسن صنعا، فكيف ينزع عن بدعته.
* ولذلك فالبدعة أخطر من المعصية، وأضر على الدين وأشد فتكا بالمجتمع المسلم.
قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها).([12])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص9): (ومعنى قولهم: (إن البدعة لا يتاب منها): أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، قد زين له سوء عمله؛ فرآه حسنا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا؛ لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه، أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب، أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنا، وهو سيئ في نفس الأمر؛ فإنه لا يتوب.
* ولكن التوبة ممكنة وواقعة([13])، بأن يهديه الله ويرشده؛ حتى يتبين له الحق، كما هدى من الكفار والمنافقين وطوائف من أهل البدع والضلال، وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /
في
كفر عباد القبور، لأنهم وقعوا في: «الشرك الأكبر»، في دار الإسلام، وهو معلوم من الدين بالضرورة، فلا عذر لهم بهذا الجهل المشين، ولا وجه لامتحان هذا الصنف من الناس يوم القيامة عند الشيخ ابن باز /،
لأن الحجة قامت عليهم بالرسالة، فلا يفيدهم هذا التقليد الأعمى لعلماء السوء في بلدانهم
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «إقامة البراهين» (ص38): (فإن قال قائل من هؤلاء المشركين المتأخرين: إنا لا نقصد أن أولئك يفيدون بأنفسهم، ويشفون مرضانا بأنفسهم، أو ينفعونا بأنفسهم، أو يضرونا بأنفسهم، وإنما نقصد شفاعتهم إلى الله في ذلك؟.
* فالجواب أن يقال له:
إن هذا هو مقصد الكفار الأولين ومرادهم، وليس مرادهم أن آلهتهم تخلق، أو ترزق، أو تنفع، أو تضر بنفسها، فإن ذلك يبطله ما ذكره الله تعالى عنهم في القرآن، وأنهم أرادوا شفاعتهم، وجاههم، وتقريبهم إلى الله تعالى زلفى، كما قال سبحانه وتعالى؛ في سورة يونس عليه الصلاة والسلام: ]ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله[ [يونس:18]، فرد الله تعالى عليهم ذلك بقوله سبحانه: ]قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس:18]؛ فأبان سبحانه: أنه لا يعلم في السماوات، ولا في الأرض شفيعا عنده على الوجه الذي يقصده المشركون، وما لا يعلم الله تعالى وجوده: لا وجود له، لأنه سبحانه لا يخفى عليه شيء، وقال تعالى، في سورة الزمر: ]تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص[ [الزمر: 1 - 3]؛ فأبان سبحانه: أن العبادة له وحده، وأنه يجب على العباد إخلاصها له جل وعلا؛ لأن أمره للنبي r بإخلاص العبادة له؛ أمر: للجميع، ومعنى الدين هنا: هو العبادة، والعبادة: هي طاعته، وطاعة رسوله r كما سلف، ويدخل فيها الدعاء، والاستغاثة، والخوف، والرجاء، والذبح، والنذر، كما يدخل فيها: الصلاة، والصوم، وغير ذلك؛ مما أمر الله تعالى به ورسوله r، ثم قال عز وجل بعد ذلك: ]والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى[ [الزمر: 3]؛ أي: يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فرد الله تعالى عليهم بقوله سبحانه: ]إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار[ [الزمر: 3]؛ فأوضح سبحانه في هذه الآية الكريمة: أن الكفار ما عبدوا الأولياء من دونه إلا ليقربوهم إلى الله زلفى، وهذا هو مقصد الكفار قديما وحديثا، وقد أبطل الله تعالى ذلك بقوله: ]إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار[ [الزمر: 3]؛ فأوضح سبحانه: كذبهم في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى، وكفرهم بما صرفوا لها من العبادة، وبذلك يعلم كل من له أدنى تمييز أن الكفار الأولين، إنما كان كفرهم باتخاذهم الأنبياء، والأولياء، والأشجار، والأحجار، وغير ذلك من المخلوقات: شفعاء بينهم، وبين الله تعالى، واعتقدوا أنهم يقضون حوائجهم من دون إذنه سبحانه، ولا رضاه). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
لا عذر للجاهل المهمل في التفقه في الدين، وقد وقع في الشرك الأكبر، تقليدا لعلماء السوء، في دار الإسلام
قال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين» (ص19): (وهذا من أعظم ما يبين الجواب عن قوله([14]) في الجاهل العابد لقبة الكواز؛ لأنه لم يستثن في ذلك لا جاهلا، ولا غيره، وهذه طريقة القرآن، تكفير من أشرك مطلقا). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم؛ إنما هو مجرد اتباعهم، وتقليدهم في أمور مكفرة([15])، فالمقلد يكفر إذا تمكن من العلم، وتمكن من معرفة الحق([16])؛ فأعرض عنه، وعاند وأصر على باطله، كمن يكون في دار الإسلام. ([17])
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى في العذر بالجهل» (ص15): (فالواجب على الرجال والنساء: من المسلمين، هو: التفقه في الدين، والتبصر، والسؤال عما أشكل عليهم، وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم الغفلة؛ لأنهم: خلقوا ليعبدوا الله تعالى، ويطيعوه سبحانه، ولا سبيل إلى ذلك، إلا بالعلم، لا يحصل هكذا من دون طلب، ولا سؤال، لا بد من طلب العلم، ولا بد من السؤال: لأهل العلم، حتى يتعلم الجاهل). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى في العذر بالجهل» (ص26): (بل يجب عليهم أن يطلبوا العلم، وأن يتبصروا، وأن يتفقهوا في الدين، ويسألوا عما أشكل عليهم.
* هذا الواجب عليهم، إذا سكتوا، واستمروا على عبادة الأموات، أو الأشجار، أو الأحجار، أو الأنبياء، أو الملائكة، أو الجن؛ صاروا كفارا بذلك، في دعائهم إياهم، وطلبهم منهم: الشفاعة، أو شفاء المريض، أو رد الغائب، أو ما أشبه ذلك). اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين» (ص18): (مع أن العلامة ابن القيم / جزم بكفر المقلدين لمشايخهم في: «المسائل المكفرة»: إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته، وتأهلوا لذلك، وأعرضوا ولم يلتفتوا). اهـ
وقال الإمام ابن رجب / في «القواعد» (ص343): (إذا زنى من نشأ في دار الإسلام بين المسلمين، وادعى الجهل بتحريم الزنا، لم يقبل قوله، لأن الظاهر يكذبه، وإن كان الأصل عدم علمه بذلك). اهـ
قلت: والمقصود من كلام الإمام ابن رجب /، أن حكم الزنا مشتهر، وذائع في دار الإسلام.
* فحتى؛ وإن كان الزاني الذي ادعى الجهل صادقا في دعواه، فإنه لا يقبل منه ذلك؛ لتقصيره في تعلم أحكام الإسلام، التي هي من قبيل المعلوم من الدين.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
لا عذر للجاهل المقلد في: «الشرك الأكبر»،
إذا وقع فيه، وهو لا يشعر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول» (ص178): (وبالجملة؛ فمن قال، أو فعل ما هو كفر: كفر بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لا يقصد الكفر أحد؛ إلا ما شاء الله). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص315)؛ عن حديث: الخوارج: (وفيه أن من المسلمين، من يخرج من الدين من غير، أن يقصد الخروج منه، ومن غير أن يختار دينا، على دين الإسلام). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص248)؛ عن أمور الشرك: (هذه أمور معلومة من الدين بالضرورة، ومشهورة بين المسلمين، فلا يعذر من قال: «أني أجهل» وهو بين المسلمين). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين،
والعاقبة للمتقين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
* لقد أنزل الله تعالى الكتاب تبيانا لكل شيء.
قال تعالى: ]ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء[ [النحل:89].
* كما أن هذا الكتاب: واضح في نفسه وبين.
قال تعالى: ]آلر تلك آيات الكتاب المبين [ [يوسف:1].
*وهو ميسر لمن أراد تعلمه، والاستفادة من هديه.
قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر:17].
* فكلام الله تعالى يفهمه من سمعه، لأنه ميسر، وكذلك كلام الرسول r، لأنه مفسر.
* غير أن هذه المسألة: تتفاوت من عبد إلى آخر، إذا كانت على التفصيل، أما على الإجمال، فهذه الشريعة يفهمها كل أحد ابتداء، فإن الفهم لا يفوت جميعهم، لأن قدرات المكلفين تتفاوت في التفصيل في الأحكام في الفروع، والأصول.
* فمن منطلق: وضوح: «الرسالة» في نفسها، ثم توضيح الرسول r: لها أحسن توضيح، اعتبر أهل العلم، أن بلوغ الحجة كاف في قيامها على العباد.
* فلم يشترطوا: فهم الخطاب التفصيلي، بل يكفي: فهم الخطاب الإجمالي في إقامة الحجة على العباد.
ولذلك: قالوا؛ إن كل من بلغه القرآن، وخبر الرسول r، قد قامت عليه الحجة، ولا داعي لبحث، هل فهم مراد الخطاب، أم لم يفهمه، لأن الشريعة بينة لكل أحد، إذا بلغته؛ بأي: وسيلة كانت. ([18])
* ولهذا: كان التكليف؛ بما يطاق من أهم مميزات ديننا الحنيف، فلو كان خطاب الله تعالى، غير مفهوم، لدى الناس، وهم أمروا بالعمل بمقتضاه، لكان ذلك تكليفا بما لا يطاق، وهذا ممتنع في دين الله تعالى.
* فجاء الرسول r: بالبينات، وجوامع الكلم.
قال تعالى: ]ولقد أنزلنا إليك آيات بينات[ [البقرة:99].
وقال تعالى: ]شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان[ [البقرة:185].
* والبيان: ما بين به الشيء من الدلالة، وبان الشيء، بيانا: اتضح، فهو بين، واستبان الشيء: ظهر.
والتبين: الإيضاح، والتبيين: الوضوح، والبيان: إظهار المقصود، بأبلغ لفظ. ([19])
قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج17 ص128)، و(ج18 ص134)؛ عن تفسير الآيات: (البينات؛ أي: دلالات واضحات... ومبينات؛ أي: صارت مبينة، بنفسها الحق). اهـ
* والله تعالى أرسل رسوله r؛ ليعلم الناس: الكتاب والسنة.
قال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النحل:44].
وقال تعالى: ]ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين[ [النور:34].
* وأدى الرسول r هذه الأمانة، فبين الذكر، الذي أنزل عليه، وبلغه بلاغا مبينا، فعرف أصحابه y: الحق، والعلم، والهدى. ([20])
* فكان r أعلم الخلق بالحق، وكان أفصحهم لسانا، وأقواهم بيانا، وأحرصهم على هداية العباد، وهذا يوجب أن يكون بيانه أكمل من بيان كل الخلق. ([21])
* وهذه المسألة: تحتاج إلى تفصيل عن طريق أهل السنة والجماعة، حتى تتبين على وجهها الصحيح، ولا ينسب لأحد من أهل العلم: ما لم يقله، أو لم يرده، أو أخطأ فيه.
* وأشهر من تكلم في مسألة بلوغ الحجة على المعين، وغيره في هذا الزمان، وأنه كاف في إصدار الحكم على المخالف بحسبه، سواء: فهم ([22])، أم لم يفهم. ([23])
فأشهر من تكلم في ذلك: هو العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأحفاده، وتلاميذه رحمهم الله؛ وهم: أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله؛ في بلد الحرمين.
* وإليك الدليل:
قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الرسائل الشخصية» (ج7 ص244): (وأما أصول الدين: التي أوضحها الله تعالى، وأحكمها في كتابه؛ فإن حجة الله تعالى: هي القرآن، فمن بلغه القرآن، فقد بلغته الحجة.
* ولكن أصل الإشكال؛ أنكم لم تفرقوا: بين قيام الحجة، وفهم الحجة، فإن أكثر الكفار، والمنافقين من المسلمين، لم يفهموا: حجة الله تعالى عليهم، مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44].
* وقيام الحجة: نوع، وبلوغها نوع، فإن أشكل عليكم ذلك، فانظروا؛ قوله r: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم»([24])، وقوله r: «شر قتلى تحت أديم السماء»([25])، مع كونهم في عصر الصحابة y، ويحقر الإنسان، عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس، أن الذي: أخرجهم من الدين، هو: التشديد، والغلو، والاجتهاد، وهم: يظنون أنهم يطيعون الله تعالى، وقد بلغتهم: الحجة، ولكن لم يفهموها -يعني: على التفصيل-.
* وكذلك: قتل علي t، الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم: تلاميذ الصحابة y، مع مبادئهم، وصلاتهم، وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.
* وكذلك: إجماع السلف على تكفير غلاة القدرية، وغيرهم، مع علمهم، وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون: أنهم يحسنون صنعا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم؛ لأجل كونهم، لم يفهموا).اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» (ص9): (قامت على الناس الحجة بالرسول r، وبالقرآن... فكل من سمع الرسول r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة). اهـ
* وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: هل يعذر الإنسان بجهله؟ مثلا: رجل زار قبور الأولياء بنية التبرك بهم، مع أنه لا يعلم أن ذلك الفعل من الشرك الأكبر، مع بيان وتوضيح الأدلة من الكتاب والسنة، جزاكم الله خيرا.
فأجاب فضيلته: (أمور العقيدة التي تتعلق بالتوحيد والشرك لا يعذر فيها بالجهل: وهو بين المسلمين، ويسمع القرآن والأحاديث، ويستطيع أن يسأل، ما يعذر بدعوة القبور، والاستغاثة بالأموات وأشباه ذلك، بل يجب عليه أن يتعلم، وأن يتفقه، وليس له أن يتساهل في هذا الأمر. وقد سأل النبي r ربه أن يستغفر لأمه، وهي ماتت في الجاهلية، فلم يؤذن له، وقال: «إن أبي وأباك في النار»([26]) لما سأله رجل عن أبيه، قال: «إن أبي وأباك في النار»([27])، وقد مات في الجاهلية. قال جمع من أهل العلم: إنما ذلك لأنهما ماتا على علم بشريعة إبراهيم عليه السلام، وشريعة إبراهيم النهي عن الشرك!، فلعل أمه بلغها ذلك، فلهذا نهي عن الاستغفار لها، ولعل أباه بلغه ذلك، فلهذا قال: «إن أبي وأباك في النار»([28])، فإذا كان أبوه r، وأمه لم يعذرا وهما في حال الجاهلية، فكيف بالذي بين المسلمين، وعنده العلماء، ويسمع القرآن، ويسمع الأحاديث.
فالحاصل: أن هؤلاء الذين يعكفون على القبور، ويستغيثون بالأموات غير معذورين، بل يجب عليهم أن يتفقهوا في الدين، وأن يسألوا أهل العلم، وألا يبقوا على حالهم السيئة. والآيات تعمهم والأحاديث) ([29]).اهـ
* وفي حكم العذر بالجهل في اقتراف المعاصي: سئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: هل يعذر الشخص بالجهل إذا فعل فعلا مكفرا، وهو كبيرة من الكبائر بل من أكبرها؟ وجهونا حول هذا الموضوع، وكيف نقارن بين هذا، وبين قوله تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48].
فأجاب فضيلته: (لا يعذر في اقتراف المعاصي وهو بين المسلمين، في إمكانه أن يسأل أهل العلم ويتبصر، لا يعذر بالتساهل، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، ويبادر بالتوبة من المعصية، والمعصية تختلف إن كانت كفرا؛ كدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، أو سب الدين، أو ترك الصلاة، هذا عليه التوبة إلى الله جل وعلا منها، والمبادرة بالتوبة، والله تعالى يتوب على التائبين. أما إن كانت معصية ليست كفرا، مثل التدخين، وشرب المسكر، وأكل الربا، هذه معاص، فالواجب عليه البدار بالتوبة، والاستغفار، والندم، والإقلاع، والعزم ألا يعود في ذلك، وإن مات عليها فهو تحت المشيئة، مثلما قال سبحانه وتعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48]؛ إذا مات على المعصية، مات وهو يأكل الربا، أو مات وهو يشرب الخمر، لكنه مسلم يصلي، مسلم، هذا تحت مشيئة الله تعالى، أو مات وهو عاق لوالديه، أو مات وهو قد زنا، أو ما أشبه ذلك، تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء الله سبحانه غفر له، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها، إذا كان غير تائب، ما تاب، أما إذا كان تائبا، فالتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - التائب لا ذنب له، أما لو مات على الزنى ما تاب، أو على العقوق وما تاب، أو على شرب مسكر ما تاب، أو نحو ذلك، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له، فضلا منه، وإحسانا منه، جل وعلا، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها؛ وبعد التعذيب والتطهير يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات مسلما موحدا، لا يخلد في النار إلا الكفار، لكن هذا الذي دخل النار بمعصيته إذا عذب التعذيب الذي أراده الله، يخرجه الله من النار إلى الجنة بتوحيده، وإيمانه الذي مات عليه، لا يخلد في النار إلا الكفرة؛ هذا والله أعلم) ([30]).اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» (ص23): (الحجة بالقرآن على من بلغه، وسمعه، ولو لم يفهمه). اهـ؛ يعني: على التفصيل. ([31])
وقال العلامة الشيخ حمد بن معمر التميمي / في «النبذة الشريفة» (ص115): (إن الله تعالى: أرسل الرسل عليهم السلام، مبشرين، ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله تعالى حجة، بعد الرسل عليهم السلام.
* فكل من بلغه القرآن، ودعوة الرسول r، فقد قامت عليه الحجة.
فقال تعالى: ]لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19].
وقال تعالى: ]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا[ [الإسراء:15].
* وقد أجمع العلماء: على أن من بلغته دعوة الرسول r، أن حجة الله تعالى قائمة عليه.
* فكل من بلغه القرآن، فليس بمعذور، فإن الأصول الكبار، التي هي: أصل دين الإسلام، قد بينها الله تعالى في كتابه، ووضحها، وأقام بها الحجة على عباده.
* وليس المراد: بقيام الحجة، أن يفهمها الإنسان فهما جليا؛ كما يفهمها من هداه الله تعالى ووفقه، وانقاد لأمره.
* فإن الكفار: قد قامت عليهم حجة الله تعالى مع إخباره، بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه.
* فهذا: بينته لك أن بلوغالحجة: نوع، وفهمها: نوع آخر).اهـ
قلت: وهذا يدل أن الفهم التفصيلي لا يشترط مطلقا، لقيام الحجة، بل يشترط فقط، الفهم الإجمالي، وذلك لوضوح القرآن؛ لأنه كلام الله تعالى، وبخاصة: في أمر توحيد الله تعالى في المعرفة والإثبات، وأصول الاعتقاد، والطاعة والاتباع، والنهي عن الشرك بالله تعالى، والإيمان بالرسول r، وطاعته، وكذا الإيمان بحياة البرزخ، والإيمان باليوم الآخر.
وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: نود من فضيلتكم توجيه أبناءكم الطلاب حول الجدل الحاصل بين طلبة العلم؛ حول مسألة العذر بالجهل؟.
فأجاب فضيلته: (اليوم ما فيه جهل ولله الحمد، تعلم الناس، أنتم تقولون الناس مثقفون وتعلموا، والناس، والناس... فما فيه جهل الآن، الكتاب يتلى على مسامع الناس في المشارق والمغارب، وتبثه وسائل الإعلام، القرآن تقوم به الحجة: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19]؛ هل ما بلغ القرآن؟!!، والله إنه بلغ المشارق والمغارب، ودخل البيوت، ودخل في الكهوف، وفي كل مكان، فقامت الحجة ولله الحمد، لكن من أعرض عنها فهذا لا حيلة له، أما من أقبل عليها، ولما سمع القرآن تمسك به، وطلب تفسيره الصحيح، وأدلته، وتمسك بها، فهذا ما يبقى على الجهل والحمد لله، مسألة العذر بالجهل هذه إنما جاءت من المرجئة؛ الذين يقولون: إن العمل ليس من الإيمان، لو الإنسان ما عمل، هو مؤمن، هذا مذهب باطل؛ الحجة قائمة ببعثة الرسول r: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء:165]؛ القرآن: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ فالرسول: جاء الرسول، والقرآن: موجود، وباقي، ونسمعه، ونقرأه، فما للجهل مكان إلا الإنسان ما يريد العلم، معرض، فالمعرض لا حيلة فيه، أما من أحب العلم، وأقبل عليه فسيجد إن شاء الله العلم الصحيح، نعم) ([32]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: لو قال لا بد أن تتوفر شروط فيمن أريد تكفيره بعينه، وتنتفي الموانع؟
فأجاب فضيلته: (مثل هذه الأمور الظاهرة، ما يحتاج فيها شيء، يكفر بمجرد وجودها، لأن وجودها لا يخفى على المسلمين، معلوم بالضرورة من الدين، بخلاف الذي قد يخفى؛ مثل: شرط من شروط الصلاة، بعض الأموال التي تجب فيها الزكاة، تجب أو لا تجب، بعض شؤون الحج، بعض شؤون الصيام، بعض شؤون المعاملات، بعض مسائل الربا) ([33]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: بعض الناس يقول: المعين لا يكفر؟
فأجاب فضيلته: (هذا من الجهل، إذا أتى بمكفر: يكفر) ([34]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: يا شيخ جملة من المعاصرين ذكروا أن الكافر: من قال الكفر، أو عمل بالكفر، فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة، وأدرجوا: عباد القبور في هذا؟
فأجاب فضيلته: (هذا من جهلهم، عباد القبور كفار، واليهود كفار، والنصارى كفار، ولكن عند القتل يستتابون، فإن تابوا؛ وإلا قتلوا) ([35]).اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله البابطين / في «الرسائل النجدية» (ج5 ص519): (التكفير، والقتل: ليسا موقوفين على فهم([36]) الحجة مطلقا، بل على بلوغها، ففهمها شيء، وبلوغها شيء آخر.
* فلو كان هذا الحكم موقوفا، على فهم: الحجة، فلم نكفر، ونقتل، إلا من علمنا أنه: معاند خاصة، وهذا بين البطلان). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله البابطين / في «الرسائل النجدية» (ج5 ص10): (فمن بلغته رسالة محمد r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة، فلا يعذر في عدم: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فلا عذر له بعد ذلك بالجهل.
* وقد أخبر الله تعالى، بجهل كثير من الكفار، مع تصريحه بكفرهم... لا عذر لمن كان حاله هكذا، بكونه: لم يفهم حجج الله تعالى وبيناته؛ لأنه لا عذر له بعد بلوغها له، وإن لم يفهمها.
* وقد أخبر الله تعالى، عن الكفار: أنهم لم يفهموا، فقال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا[ [الأنعام: 25]؛ فبين تعالى؛ أنهم: لم يفهموا، فلم يعذرهم، لكونهم: لم يفهموا).اهـ
قلت: فإذا ثبت ذلك في العبد، فليس أن يبحث، هل فهم المخاطب، أو لم يفهم، فمن كان صادقا، فإنه يوفق لفهم خطاب الله تعالى، ومن كان غير ذلك، فإنه يعمى عليه، ولا تكون له حجة في ذلك.
* فأهل العلم: لم يتنازعوا في كون فهم الخطاب في الجملة؛ من المكلف شرطا، في قيام الحجة عليه، يعني: المكلف العاقل الذي يدرك الخطاب ابتداء.
سئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: عن مسألة قيام الحجة؟
فأجاب فضيلته: (بلغهم القرآن، هذا بلاغ للناس، القرآن بلغهم، وبين المسلمين: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]، ]هذا بلاغ للناس[ [إبراهيم:52]، ]ياأيها الرسول بلغ[ [المائدة:67].
* قد بلغ الرسول، وجاء القرآن، وهم بين أيدينا يسمعونه في الإذاعات، ويسمعون في غيرها، ولا يبالون، ولا يلتفتون، وإذا جاء أحد ينذرهم ينهاهم آذوه، نسأل الله العافية) ([37]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: الاختلاف في مسألة العذر بالجهل من المسائل الخلافية؟
فأجاب فضيلته: (مسألة عظيمة، والأصل فيها أنه لا يعذر من كان بين المسلمين، من بلغه القرآن والسنة، ما يعذر.
* الله جل وعلا قال: ]هذا بلاغ للناس[ [إبراهيم:52]، ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]، من بلغه القرآن والسنة غير معذور، إنما أوتي من تساهله، وعدم مبالاته) ([38]).اهـ
قلت: فمن جهل الأحكام في مباني الإسلام، وهي: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فتركها هذا الجاهل، يكفر بمجرد ذلك.
ولا يعذر بجهله، خاصة في زماننا هذا([39])، الذي استفاض فيه علم الشرع، وانتشر بين العامة والخاصة، وعرف هذا العلم، الخاص، والعام، واشترك فيه: العالم، والجاهل، فلا عذر لأحد، بتأويل: يتأوله بالباطل في الأصول والفروع في الدين.
* إن المعلوم من الدين بالضرورة قد اشترك فيه أفراد الأمة، علماء، وطلبة، وعامة([40])، فلا عذر لأحد في المعلوم من الدين بالضرورة.
وعليه؛ فإن إطلاق القول بأن المعلوم من الدين بالضرورة، أمر قد قامت به الحجة على جميع الناس، فلا يسعهم جهله، ومن ثمة مخالفته.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ص70): (فلا ريب أنه يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول r، إيمانا عاما مجملا، ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول r على التفصيل، فرض على الكفاية، فإن ذلك داخل في تبليغ ما بعث الله تعالى به رسوله r، وداخل في تدبر القرآن، وعقله، وفهمه). اهـ
* والمشركون: الذين عاصروا؛ نزول الوحي على رسول الله r؛ فهموا([41]): مدلول آيات القرآن على الإجمال، في التوحيد، والبعث، والرسالة، لأنهم أهل اللغة العربية، وكذا الأعاجم.
* وقد قامت عليهم الحجة، وكفروا بالله تعالى، ونفى الله عنهم الفهم، والفقه على التفصيل، وهذا النوع من الفهم: هو فهم التفقه في الدين.
قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44].
وقال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا[ [الأنعام:25].
قلت: إذا، فلا بد من وجود نوع آخر من الفهم، لقيام الحجة على الخلق، وهو الفهم المجمل، الذي يعقل من الإنسان العاقل.
قلت: وهذا النوع من الفهم: هو الفهم اللغوي، فإنه لا يحتاج إليه، لقيام الحجة، فإذا وصل القرآن إلى الأعجمي، فقد قامت عليه الحجة، لأنه يفهم القرآن، الفهم المجمل.
فالأعاجم: لما بلغهم القرآن، فهموا مدلول آياته على الإجمال، من التوحيد، والبعث، والرسالة، لأنهم: عقلاء.
قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الرسائل الشخصية» (ج7 ص220): (إذا كان المعين: يكفر، إذا قامت عليه الحجة، فمن المعلوم، أن قيامها ليس معناه، أن يفهم كلام الله تعالى، ورسوله r، مثل: فهم أبي بكر t.
* بل إذا بلغه كلام الله تعالى، ورسوله r، وخلا من شيء يعذر به، فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن، مع قول الله تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه[ [الأنعام: 25 ]). اهـ
وقال العلامة الشيخ حمد بن معمر التميمي / في «النبذة الشريفة» (ص116): (وليس المراد بقيام الحجة، أن يفهمها الإنسان، فهما، جليا، كما يفهمها من هداه الله تعالى ووفقه، وانقاد لأمره). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص251): (وينبغي أن يعلم الفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة، فإن من بلغته دعوة الرسل عليهم السلام، فقد قامت عليه الحجة، إذا كان على وجه يمكن معه العلم). اهـ
قلت: والعلم هنا؛ المراد منه، ليس علم التفقه، بل المراد منه العلم في الجملة، الذي يعرفه كل عاقل مكلف، لأن بعقله، وبفهمه على الإجمال، يعلم أنه مكلف بالدين الإسلامي ابتداء. ([42])
* فإذا تمكن من هذا العلم في الجملة، بعد ذلك يأتي من هذا الإنسان العاقل علم التفقه، وفهم التفقه، حتى يعرف الإسلام جملة وتفصيلا، على حسب اجتهاده في تعلم علم الفقه.
والحاصل: أن مقصود أهل العلم، من عدم اشتراط الفهم، لقيام الحجة على الناس.
هو النوع الأول: من الفهم، وهو الفهم المجمل، وليس مقصودهم، النوع الثاني: وهو فهم التفقه، الذي يؤدي على الامتثال، والانقياد على التفصيل.
قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص252): (ولا يشترط في قيام الحجة، أن يفهم عن الله تعالى، ورسوله r ما يفهمه أهل الإيمان، والقبول، والانقياد، لما جاء به الرسول r). اهـ
قلت: فالبيان يتحقق بما يفهمه الإنسان بحسب لغته، للجاهل العربي، والجاهل الأعجمي، ويعد بيانا لهما. ([43])
فبلوغ الحجة يكون بالعربية لمن يحسنها، أو بالترجمة، إن حصلت: لمن كان أعجميا، لا يعرف العربية، وإلا في الأصل إذا بلغ هذا الأعجمي القرآن، فقد قامت عليه الحجة، لأنه مكلف عاقل، ويعلم ماذا يريد منه القرآن، وإلا كيف أسلم الأعاجم على مر العصور، وكر الدهور، لأنهم: يعلمون ماذا يريد الله تعالى بالقرآن، والإسلام، وبعثة النبي r. ([44])
قال الإمام ابن القيم / في «طريق الهجرتين» (ص413): (الواجب على العبد، أن يعتقد أن كل من دان بدين، غير الإسلام، فهو كافر، وأن الله تعالى، لا يعذب أحدا؛ إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول r، هذا في الجملة، والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه). اهـ
هذا من جهة؛ إذ بعد أن بعث الله تعالى، محمدا r: رسولا، إلى الناس، وأكمل له الدين، ثم بيانه r: لما أرسل به، أحسن بيان وأبلغه.
* ومن جهة أخرى؛ فإن تخلية الله تعالى، للناس: بينهم، وبين الهدى، وبيان الرسول r له.
* وإراءتهم الصراط المستقيم، حتى كأنهم يشاهدونه، عيانا، وأقام لهم أسباب الهداية، ظاهرا، وباطنا.
* ولم يحل بينهم، وبين تلك الأسباب، بل ومن حال بينه، وبينها منهم؛ بزوال عقل، أو صغر، لا تمييز معه، أو كونه بناحية من الأرض، لم تبلغه دعوة رسله، فإنه لا يعذبه، حتى يقيم عليه حجته، فهذا كله مما يجعل حجة الله تعالى، قائمة على العباد.([45])
وفق الله الجميع للعلم النافع، والعمل الصالح، والإخلاص في القول والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن: «عبد المحسن بن حمد العباد»، يجوز التقليد في: «الشرك بالله»، وأن المقلد يعذر إذا قلد علماء السوء الذين في بلده، في: «الشرك الأكبر»، وذلك بسبب جهله وتقليده لهؤلاء!.
* وهذا كله من أبطل الباطل، لأنه لا يدري ما يخرج من رأسه، لأن الله تعالى، ما عذر الأمم السالفة، ولا أهل الجاهلية، الذين قلدوا ساداتهم، وعلماءهم، وآباءهم في: «الشرك الأكبر»، بل كفروا بذلك، ولهم الخلود في النار، ولا يمتحنون يوم القيامة.
قال عبد المحسن بن حمد العباد في «الإيضاح والتبيين» (ص27): (أما من لم تقم عليه([46]) -يعني: الحجة- وعاش في بلاد لا يعرف الإسلام إلا أنه الغلو في الصالحين، والاستغاثة بهم، ودعاؤهم، مغترا بأشباه العلماء الذين يزينون للناس هذا الباطل، ويسكتون على شركهم([47])، وعبادتهم غير الله!). اهـ.
وقال عبد المحسن بن حمد العباد في «الإيضاح والتبيين» (ص29): (ويتضح مما تقدم أن هناك فرقا بين كفر من قامت عليه الحجة، ومآل أصحابه إلى النار، والخلود فيها، وبين كفر من لم تقم على أصحابه الحجة؛ ككفر أهل الفترات، ومن في حكمهم ممن نشأوا على الغلو في الصالحين والاستغاثة بهم، لا يعرفون الإسلام إلا أنه هذا العمل، مقتدين بأشباه العلماء الذين أضلوهم، فإن هؤلاء أمرهم إلى الله: يمتحنون يوم القيامة([48])، ويكون مآل بعضهم بعد الامتحان إلى الجنة، ومآل بعضهم إلى النار!). اهـ.
وقال عبد المحسن بن حمد العباد في «الإيضاح والتبيين» (ص29): (ومما يوضح أن مصيبة العوام([49]) سببها اغترارهم واقتداؤهم بأشباه العلماء!). اهـ.
* كلامه هذا كله يتصبب: جهلا، باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل كشف جهله للناس في أصول الدين.([50])
قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «العباد»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برايه ومرامه. ([51])
وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به.
* فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وهذا يدل على أن: «العباد» بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، ولا يجوز الخلط والخبط في الدين.
قلت: ومادام هؤلاء الجهلة: يعبدون شيئـا من المخلوقات، فهم: لا بد أن يعلموا بوجود الخالق، الذي أمرهم بعبادته وحده لا شريك له.
* فهم كيف عرفوا عبادة المخلوق، ولم يعرفوا عبادة الخالق: ]إن هذا لشيء عجاب[ [سورة «ص»: 5].
قلت: وهذا بسبب جهلهم الذي لا يعذرون فيه لا في الدنيا، ولا في الآخرة.
قال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء:48].
وقال تعالى: ]إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية[ [البينة:6].
وقال تعالى: ]إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين[ [آل عمران:91].
وقال تعالى: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم([52]) حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار[ [البقرة:166 و167].
وقال تعالى: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون[ [الأعراف:172 و173].
وقال تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون [[البقرة: 170].
وقال تعالى: ]وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون (23) قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[ [الزخرف: 23 و24].
وقال تعالى: ]إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا [[الأحزاب: 67].
قلت: فبين الله تعالى عن الكفرة في معرض الذم.
وقال تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله [[التوبة: 31].
قلت: فأخبر الله تعالى عن أهل الكتاب على وجه الذم.
وقال تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون [[الأعراف: 3].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة؛ ([53]) قال الله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون [[البقرة: 170]. وفي المائدة،([54]) وفي لقمان: ]أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير[([55]) وفي الزخرف: ]قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[([56]) وفي الصافات: ]إنهم ألفوا آباءهم ضالين (69) فهم على آثارهم يهرعون[([57]) وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا (66) وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[([58]) وقال تعالى: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166] وقال تعالى: ]فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار[ [غافر: 47] وفي الآية الأخرى: ]من عذاب الله من شيء[ [إبراهيم: 21] وقال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25].
* فهذا الاتباع والتقليد الذي ذمه الله هو اتباع الهوى: إما للعادة والنسب كاتباع الآباء، وإما للرئاسة كاتباع الأكابر، والسادة، والمتكبرين، فهذا مثل تقليد الرجل لأبيه، أو سيده، أو ذي سلطانه... وقد بين الله أن الواجب الإعراض عن هذا التقليد إلى اتباع ما أنزل الله على رسله؛ فإنهم حجة الله التي أعذر بها إلى خلقه). اهـ
وقال تعالى: ]أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات[ [فاطر:8].
وقال تعالى: ]وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين[ [فصلت:25].
وقال تعالى: ]وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين[ [فصلت:29].
وقال تعالى: ]وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد[ [غافر:47و48].
وقال تعالى: ]هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار * قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار * وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار * إن ذلك لحق تخاصم أهل النار[ [ص:59-64].
* فالله تعالى: أخبر عن الأتباع، أنهم: في النار، وأن تقليدهم، لكبارهم، وآبائهم، ليس بحجة، لهم عند الله تعالى، ومن المعلوم: أن الأتباع إنما قلدوا من قلدوه، بسبب جهلهم، وغفلتهم.
وقال تعالى: ]ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم[ [التوبة:113].
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: (هو أولى بأن يقال في حقه: إنه كافر، وله حكم الكفار، وكثير منهم لو سمع من يدعوه إلى توحيد الله، وينذره من الشرك؛ لأنف واستكبر وخاصم، أو ضارب على دينه الباطل، وعلى تقليده: لأسلافه وآبائه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
* فالواجب على كل إنسان مكلف، أن يسأل، ويتحرى الحق، ويتفقه في دينه، ولا يرضى بمشاركة العامة، والتأسي بكفرهم وضلالهم، وأعمالهم القبيحة، وعليه أن يسأل العلماء، ويعتني بأهل العلم، عما أشكل عليه، من أمر التوحيد وغيره، يقول سبحانه: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43]) ([59]).اهـ
وقال العلامة الشيخ أبو بطين /؛ وهو يرد على من قال إن المقلد في الشرك معذور: (قد افترى، وكذب على الله تعالى، وقد قال الله تعالى؛ عن المقلدين من أهل النار: ]إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب:67]، وقال تعالى؛ حاكيا، عن الكفار: قولهم: ]إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون[ [الزخرف:22]، واستدل العلماء: بهذه الآية ونحوها، على أنه لا يجوز التقليد في التوحيد، والرسالة، وأصول الدين، وأن فرضا على كل مكلف، أن يعرف التوحيد بدليله، وكذلك الرسالة، وسائر أصول الدين، لأن أدلة هذه النصوص ظاهرة) ([60]). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص226): (ولا ريب: أن الله تعالى، لم يعذر أهل الجاهلية، الذين لا كتاب لهم، بهذا: «الشرك الأكبر»، فكيف يعذر أمة، كتاب الله تعالى: بين أيديهم، يقرؤونه، وهو حجة الله تعالى على عباده). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص231): (إن الشرك الأكبر: من عبادة غير الله تعالى، صرفها، لمن أشركوا به، مع الله تعالى، من الأنبياء، والأولياء، والصالحين، فإن هذا: لا يعذر أحد في الجهل به، بل معرفته، والإيمان به من ضروريات الإسلام). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى في العذر بالجهل» (ص26): (بل يجب عليهم أن يطلبوا العلم، وأن يتبصروا، وأن يتفقهوا في الدين، ويسألوا عما أشكل عليهم.
* هذا الواجب عليهم، إذا سكتوا، واستمروا على عبادة الأموات، أو الأشجار، أو الأحجار، أو الأنبياء، أو الملائكة، أو الجن؛ صاروا كفارا بذلك، في دعائهم إياهم، وطلبهم منهم: الشفاعة، أو شفاء المريض، أو رد الغائب، أو ما أشبه ذلك). اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين» (ص18): (مع أن العلامة ابن القيم / جزم بكفر المقلدين لمشايخهم في: «المسائل المكفرة»: إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته، وتأهلوا لذلك، وأعرضوا ولم يلتفتوا). اهـ
* وقد قرر العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب /: أن مجرد الإتيان بلفظ الشهادة مع مخالفة ما دلت عليه من الأصول المقررة، ومع: «الشرك الأكبر» في العبادة لا يدخل المكلف في الإسلام. ([61])
* إذ المقصود من الشهادتين حقيقة الأعمال التي لا يقوم الإيمان بدونها، كمحبة الله تعالى لوحده، والخضوع له، والإنابة إليه، والتوكل عليه، وإفراده بالاستعانة، والاستغاثة فيما لا يقدر عليه سواه، وعدم الإشراك به فيما يستحقه من العبادات، كالذبح، والنذر، والتقوى، والخشية، ونحو ذلك من الطاعات. ([62])
قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس والتقديس» (ص170): (فتشبيه عباد القبور؛ بأنهم يصلون، ويصومون، ويؤمنون بالبعث، مجرد تعمية على العوام، وتلبيس لينفق شركهم، ويقال بإسلامهم، وإيمانهم، ويأبى الله تعالى ذلك، ورسوله r، والمؤمنون). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس والتقديس» (ص190): (وعباد القبور: ما رأيت أحدا من أهل العلم الذين يرجع إليهم، توقف في كفرهم). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد على كتاب التوحيد» (ص97): (يوجد في بعض البلدان الإسلامية من يصلي، ويزكي، ويصوم، ويحج، ومع ذلك يذهبون إلى القبور يسجدون لها ويركعون؛ فهم كفار غير موحدين، ولا يقبل منهم أي عمل.
* وهذا من أخطر ما يكون على الشعوب الإسلامية؛ لأن الكفر بما سوى الله عندهم ليس بشيء، وهذا جهل منهم، وتفريط من علمائهم). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج2 ص126): (وإذا كان الجهل بالشرك لا يعذر به الإنسان، فلماذا أرسلت الرسل: تدعو قومها إلى توحيد الله تعالى؟، فهم إن كانوا لا يعذرون بالجهل: فمعناه: أنهم عالمون به). اهـ
õõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على تفنيد شبهات: «عبد المحسن بن حمد العباد»، فيما نشره من: «الإرجاء»، ونصرة: «المرجئة العصرية»، وأنه لم يتب، ولم يرجع عن: «بدعة الإرجاء»، وقد شبه له في رجوعه المزيف، بسبب جهله المركب في علم غير نافع، وبسبب تقليده في الدين، وقبوله: بـ«التلقين» في الأحكام الباطلة من غيره.
* وهو متمسك، بمذهب: «المرجئة العصرية»، قديما وحديثـا، بل هو ما زال يخالف نصوص القرآن، وأدلة السنة، وآثار الصحابة، ومذهب السلف، وأئمة الحديث الكبار([63])، وأنه قامت الحجة على العبد إذا وقع في: «الشرك الأكبر»، وعبد غير الله تعالى في حياته، ومات على الشرك، وأنه لا يوجد ما يسمى بأهل الفترة، أو أنهم يمتحنون يوم الآخرة([64])، وهي أحاديث ضعيفة، لا تصح، والحجة وصلت إلى كل عبد مكلف على وجه الأرض.
* وأنه في يوم القيامة يقام الحساب على الخلق كلهم، لا يستثنى منهم: أي: أناس فيمتحنون في الآخرة، وبعد الحساب، فإما إلى الجنة، وإما إلى النار.
قال عبد المحسن بن حمد العباد في رسالته: «الإيضاح والتبيين في حكم الاستغاثة بالأموات والغائبين» (ص27): (ويتضح مما تقدم أن البناء على القبور، والافتتان بها، وتعظيمها من أعظم الوسائل المؤدية إلى الشرك.
* وأما دعاء أصحابها والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، وكشف الكربات، وكذا دعاء الغائبين من الجن والإنس والملائكة؛ فهو: شرك، مخرج من الملة، ومن كانت هذه حاله، فإنه لا يجوز أن يصلى وراءه، ومن مات وهو كذلك، فإنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ومآله إلى دخول النار والخلود فيها([65])؛ كما قال الله عز وجل: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[ [المائدة: 72]، وهذا حكم من قامت عليه الحجة([66])، أما من لم تقم عليه، وعاش في بلاد لا يعرف الإسلام([67])؛ إلا أنه الغلو في الصالحين، والاستغاثة بهم، ودعاؤهم، مغترا بأشباه العلماء الذين يزينون للناس هذا الباطل([68])، ويسكتون على شركهم، وعبادتهم غير الله؛ فهذا ظاهره الكفر، ويعامل في الدنيا معاملة من قامت عليه الحجة، فلا يصلى وراءه، ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدعى له، ولا يحج عنه، وأمره في الآخرة إلى الله([69])، لكونه من جنس أهل الفترات الذين لم تبلغهم الرسالات ([70])، وهم يمتحنون يوم القيامة، وبعد الامتحان ينتهون إلى الجنة أو إلى النار، وقد أورد ابن كثير في «تفسيره»، لقول الله عز وجل: ]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا[ [الإسراء: 15]، جملة من الأحاديث في ذلك، وقال: «إن أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف يقوى بالصحيح والحسن ([71])، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط أفادت الحجة عند الناظر فيها».
* وأما من كان من الإنس حاضرا، أو في حكم الحاضر -كمن يكلم بالهاتف- فإن سؤاله الإغاثة فيما يقدر عليه من الأمور الحسية، كإعانته بالمال قرضا، أو إحسانا، أو مساعدته في حاجات أخرى يقدر عليها، فلا محذور في ذلك؛ كما قال الله عز وجل عن موسى: ]فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه[ [القصص: 15].
* ويتضح مما تقدم أن هناك فرقا بين كفر من قامت عليه الحجة، ومآل أصحابه إلى النار، والخلود فيها، وبين كفر من لم تقم على أصحابه الحجة ([72])؛ ككفر أهل الفترات، ومن في حكمهم ممن نشأوا على الغلو في الصالحين، والاستغاثة بهم، لا يعرفون الإسلام، إلا أنه هذا العمل، مقتدين بأشباه العلماء الذين أضلوهم، فإن هؤلاء أمرهم إلى الله، يمتحنون يوم القيامة، ويكون مآل بعضهم بعد الامتحان إلى الجنة، ومآل بعضهم إلى النار.
* ومما يوضح أن مصيبة العوام سببها اغترارهم واقتداؤهم بأشباه العلماء، أن شيخا كبيرا في بلده، له مكانة مرموقة، ألف رسالة عن: «السيد البدوي»، وذكر في مقدمتها أنه كتب الأسطر الأولى منها وهو في المقصورة المباركة، يعني بذلك: «ضريح البدوي!»، وآخر كان عميدا لكلية شرعية في إحدى الدول العربية سمعته يقول: أنه عندما زار قبر النبي r لا يذكر شيئـا قاله، إلا قوله: «جئتك يا رسول الله!»، يشير بذلك إلى قول الله عز وجل: ]ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما[ [النساء: 64].
* وما جاء في هذه الرسالة من التفصيل([73]) بين من قامت عليه الحجة، ومن لم تقم عليه: هو المعتمد، وأي كلام مسموع، أو مقروء جاء عني يفهم منه خلاف ذلك: لا يعول عليه([74])، وإنما التعويل على ما جاء في هذه الرسالة من التفصيل). اهـ كلام العباد.
* وكلامه هذا كله يتصبب: جهلا، باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل كشف جهله للناس في أصول الدين.([75])
قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «العباد»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برايه ومرامه. ([76])
وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به.
* فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وهذا يدل على أن: «العباد» بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، ولا يجوز الخلط والخبط في الدين.
* هذا كله باطل، لا أصل له في كتاب الله تعالى، ولا سنة رسوله r، ولا قال: أحد به من الصحابة y، ومن سلف الأمة، ولا قال به أئمة الحديث من المتقدمين، ومن المتأخرين الذين يصلحون للاقتداء بهم في الشريعة المطهرة. ([77])
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا، ونعم الوكيل.
وقول عبد المحسن العباد هذا: (ويتضح مما تقدم أن البناء على القبور، والافتتان بها، وتعظيمها من أعظم الوسائل المؤدية إلى الشرك.
* وأما دعاء أصحابها والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، وكشف الكربات، وكذا دعاء الغائبين من الجن والإنس والملائكة؛ فهو: شرك، مخرج من الملة، ومن كانت هذه حاله، فإنه لا يجوز أن يصلى وراءه، ومن مات وهو كذلك، فإنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ومآله إلى دخول النار والخلود فيها). اهـ كلام العباد.
* هذا قول: «عبد المحسن العباد»، موافق: لأهل السنة والجماعة، فيمن أشرك بالله تعالى، ومات عليه، فهو مشرك شركا مخرجا من الملة، وأن مآله إلى دخول النار، والخلود فيها.
* وبعد قليل سوف يتناقض كعادته، وينقض قوله هذا، ويذهب إلى قول: «المرجئة العصرية»، ويعذر بالجهل، ويقرر: بـ«الإرجاء»، مرة ثانية، كما وقع فيه من قبل!.
* فكيف يدعي: «عبد المحسن العباد»، أنه رجع عن: «الإرجاء»، وهو واقع فيه إلى الآن: ]إن هذا لشيء يراد [ [سورة «ص»: 6].
* وهذا يدل على أن: «العباد» هذا، غير متمكن في أصول الدين، وإلا كيف وقع في: «الإرجاء»، وفي هذه البدعة الشنيعة!.
* فما وقع في هذه البدعة، ولم يستطع أن يتخلص منها إلى الآن، إلا لنقص فيه من السنة، ولا بد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (ولا تجد أحدا وقع في بدعة إلا لنقص اتباعه للسنة، علما وعملا). ([78]) اهـ.
فقول عبد المحسن العباد هذا: (ويتضح مما تقدم أن البناء على القبور، والافتتان بها، وتعظيمها من أعظم الوسائل المؤدية إلى الشرك.
* وأما دعاء أصحابها والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، وكشف الكربات، وكذا دعاء الغائبين من الجن والإنس والملائكة؛ فهو: شرك، مخرج من الملة، ومن كانت هذه حاله، فإنه لا يجوز أن يصلى وراءه، ومن مات وهو كذلك، فإنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ومآله إلى دخول النار والخلود فيها؛ كما قال الله عز وجل: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[ [المائدة: 72]، وهذا حكم من قامت عليه الحجة، أما من لم تقم عليه، وعاش في بلاد لا يعرف الإسلام؛ إلا أنه الغلو في الصالحين، والاستغاثة بهم، ودعاؤهم، مغترا بأشباه العلماء الذين يزينون للناس هذا الباطل، ويسكتون على شركهم، وعبادتهم غير الله؛ فهذا ظاهره الكفر، ويعامل في الدنيا معاملة من قامت عليه الحجة، فلا يصلى وراءه، ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدعى له، ولا يحج عنه، وأمره في الآخرة إلى الله، لكونه من جنس أهل الفترات الذين لم تبلغهم الرسالات، وهم يمتحنون يوم القيامة، وبعد الامتحان ينتهون إلى الجنة أو إلى النار). اهـ كلام العباد.
قلت: فانظر إلى هذا التلاعب البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «العباد»: يتلاعب بعقول قرائه، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه!.
* فكيف يقول: «عبد المحسن العباد»، عن الذي وقع في: «الشرك الأكبر»، أنه كافر، ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدعى له، ولا يحج عنه.
* ثم يقول: وأمره في الآخرة إلى الله!، لأنه من أهل الفترة، وهو لم تبلغه الرسالة!، فيمتحن، ثم ينتهي إلى الجنة، أو إلى النار!. ([79])
* فتأمل.
قلت: فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وكيف راج عليه ما حذر منه، ويرجع عنه بزعمه. ([80])
* فهذا هو التلاعب بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، بل هو تلاعب بالدين.
قال الإمام مالك بن أنس /: (ما كنت لاعبا فلا تلعبن بدينك). ([81])
* فكيف يقول بكفره في الدنيا، وفي الآخرة ليس بكافر، بل أمره إلى الله تعالى.
* فإذا ثبت كفر عبد في الدنيا، فهو كافر في الآخرة ولا بد، كما نطق القرآن الكريم، ونطقت السنة النبوية، فيمن كفر في الدنيا، فقد كفر في الآخرة.
* فهذا هو: «الجهل المركب» الذي حذر منه أئمة الحديث قديما وحديثـا.
قال تعالى: ]ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا[ [الإسراء: 72].
قلت: فالعبد يموت على ما عاش عليه من الكفر، أو غيره، ويبعث على ما مات عليه. ([82])
قال تعالى: ]فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل[ [المائدة: 12].
وقال تعالى: ]ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى[ [طه: 124].
قال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص94): (قوله تعالى: ]ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا[ [الإسراء: 72]؛ فأخبر أن من كان في هذه الدار: ضالا، فهو في الآخرة: أضل). اهـ.
قلت: فإذا حكمنا على عبد: بالكفر في الدنيا ومات عليه، فلا يفارقه في الآخرة، وهو مستمر فيه، لا يزول عنه يوم القيامة. ([83])
قال الإمام ابن القيم / في «حادي الأرواح» (ج2 ص758): (قوله تعالى: ]ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا[ [الإسراء: 72]؛ فأخبر تعالى: أن ضلالهم، وعماهم عن الهدى: دائم لا يزول.
* حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل عليهم السلام، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم، فإن موجبه، وأثره، ومقتضاه لا يفارقهم). اهـ.
* إذا فكيف هذا: «العباد» يشدد الحكم على العبد، ويرميه بـ«الكفر» في الدنيا، ثم يخفف عنه: الحكم في الآخرة، والله تعالى يقول: ]فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا[ [الإسراء: 72].
* فوقع: «العباد» في الفخ، ولا بد!.
قلت: فهذه التنبيهات وحدها كافية، لنقض رسالته هذه من أسها. ([84])
قال تعالى: ]قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار[ [البقرة: 126].
وقال تعالى: ]ولئن كفرتم إن عذابي لشديد[ [إبراهيم: 7].
وقال تعالى: ]إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله[ [البقرة: 161].
وقال تعالى: ]إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم[ [النساء: 168].
وقال تعالى: ]والذين كفروا إلى جهنم يحشرون[ [الأنفال: 36].
وقال تعالى: ]ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم[ [البقرة: 217].
وقال تعالى: ]ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 88].
* إذا فهذا فيه من التناقض ما فيه، بل هو أجلى صور التناقض وأوضحها.
* فكيف يقول العباد: عن الذي وقع في: «الشرك الأكبر»، على أنه كافر، ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدعى له، ولا يحج عنه.
* ثم يقول: وأمره في الآخرة إلى الله تعالى، لأنه من أهل الفترة، وأنه لم تبلغه الرسالة!، فيمتحن في ذلك اليوم، ثم ينتهي إلى الجنة، أو إلى النار: ]إن هذا لشيء يراد[ [سورة «ص»: 6].
وهذا هو: «الإرجاء» الذي حذر منه الأئمة النجدية في كل زمان، وردوا على من قال بهذا: «الإرجاء».
ويقال: في كلامه تناقض؛ أي: بعضه يقتضي إبطال بعض. ([85])
وقد استدل: عبد المحسن العباد أيضا في كتابه: «الإيضاح والتبيين» (ص27)؛ بقوله تعالى: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[ [المائدة: 72]؛ على كفر من قامت عليه الحجة، أما من لم تقم عليه، فإنه لا يكفر عنده([86])، ويمتحن يوم القيامة!.
* فقد بين الله تعالى في هذه الآية: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[ [المائدة: 72]؛ أن المشرك إذا مات، فقد قامت عليه الحجة مطلقـا، بدون التفصيل الذي ذكره: «عبد المحسن العباد».
* وذلك ببعثة رسول الله r إلى دعوة التوحيد الخالص، وقد أنذر أمته من «الشرك».
* وبلغ القرآن والسنة، ووصل هذا البلاغ إلى جميع الخلق إلى قيام الساعة.
قال تعالى: ]هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد[ [إبراهيم: 52]، ولم يقل: ليقولوا: إنما هو إله واحد. ([87])
وقال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19]؛ أي: ومن بلغه القرآن. ([88])
* إذا فالآية تبين من وقع في: «الشرك الأكبر»، أنه خرج من الإسلام؛ لأن الحجة بلغته من الله تعالى.
وقال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].
* اعبدوا الله؛ يعني: وحدوا الله تعالى، ولا تشركوا به شيئـا، وأنه من وقع في الشرك، فيموت على الشرك: فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، وما للظالمين؛ يعني: وما للمشركين من أنصار؛ يعني: من مانع يمنعهم من النار. ([89])
* فهذه الآية: حجة على: «عبد المحسن العباد»، لأنها تبين إقامة الحجة على الخلق ممن أشرك منهم، فإنه مشرك وقامت عليه الحجة، فلا حاجة أن يقول «عبد المحسن العباد»: «هذه لمن قامت عليه الحجة، وأما من لم تقم عليه الحجة، فلا يدخل في الآية!»، بل يدخل فيها كل من أشرك بالله، سواء كان يعلم، أو يجهل، ولا عذر لأحد من الخلق بجهله.
وقال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56].
قلت: وبذلك أرسل الله تعالى: جميع الرسل عليهم السلام.
قال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25].
وقال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين[ [النحل: 36].
* فالعباد: يدعي أن هذه الآية: في حكم من قامت عليه الحجة؛ كأن عنده أن الحجة لم تقم بعد على عدد من الخلق، والله المستعان.
* والحجة قد قامت عليهم جميعـا، فلا عذر لأحد من الخلق في الشرك الذي وقع فيه في هذه الحياة، ومات عليه.
* فوقع: «عبد المحسن العباد»، في: «الإرجاء» مرة ثانية ([90])، كما وقع فيه في المرة الأولى، ولا بد. ([91])
* فالعباد هذا: ملام على تسهيله في شرك المشركين، وما ارتكبوه من الكفر، وجادل عنهم بالباطل.
* وهذا منتهى الجهل المركب، والظلم للنفس، فعليه أن يتجرد من: «الجهل المركب»، و«التعصب المهلك» لآرائه الباطلة.
* ويكون مرجعه إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وآثار الصحابة y: حقيقة، دون استحسان لأقوال مخالفة للشريعة المطهرة. ([92])
قال العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين / في «الانتصار لحزب الله الموحدين» (ص41): (والجواب عن ذلك كله: أن الله تعالى، أرسل رسله: مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
* وأعظم ما أرسلوا به، ودعوا إليه: عبادة الله وحده لا شريك له، والنهي عن الشرك: الذي هو عبادة غيره). اهـ.
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين / في «الانتصار لحزب الله الموحدين» (ص44): (وحجة الله تعالى: قائمة على الناس؛ بإرسال الرسل عليهم السلام: إليهم، وإن لم يفهموا حجج الله تعالى وبيناته). اهـ.
* وقد عرف الفقهاء المرتد: فقالوا: (المرتد: من أشرك بالله تعالى، أو كان مبغضا للرسول r، ولما جاء به، أو تعبد الله تعالى بالبدع، أو ترك إنكار المنكرات بقلبه، حتى ألفها، ودافع عنها، خاصة الشرك، أو استهزء بالدين، أو بالسنة، أو توهم أن أحدا من الصحابة، أو التابعين، لهم: قاتل مع الكفار، أو أجاز ذلك، أو أنكر مجمعا عليه إجماعا قطعيا، أو جعل بينه، وبين الله تعالى وسائط يتوكل عليها، ويدعوهم، ويسألهم، أو ألحد في صفات الله تعالى، ومن شك في صفة من صفات الله تعالى، ومثله لا يجهلها: فمرتد). ([93])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج1 ص124): (فمن جعل الملائكة، والأنبياء وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع، ودفع المضار؛ مثل: أن يسألهم غفران الذنب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن محمد / في «الدرر السنية» (ج10 ص247): (والإجماع منعقد: على أن من بلغته دعوة الرسول r، فلم يؤمن بها، فهو كافر، ولا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد، لظهور أدلة الرسالة، وأعلام النبوة).اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الدرر السنية» (ج10 ص20): (واعلم: أن المشركين في زماننا، قد زادوا على الكفار في زمن النبي r، بأنهم يدعون الأولياء والصالحين، في الرخاء والشدة، ويطلبون منهم: تفريج الكربات، وقضاء الحاجات، مع كونهم يدعون الملائكة والصالحين، ويريدون شفاعتهم، والتقرب بهم، وإلا فهم مقرون بأن الأمر لله تعالى، فهم لا يدعونهم؛ إلا في الرخاء، فإذا جاءتهم الشدائد أخلصوا لله تعالى، قال الله تعالى: ]وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم[ [الإسراء:67]).اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين / في «الدرر السنية» (ج10 ص401): (نقول في تكفير المعين: ظاهر الآيات، والأحاديث، وكلام جمهور العلماء: تدل على كفر من أشرك بالله تعالى؛ فعبد معه غيره.
* ولم تفرق الأدلة بين المعين، وغيره، قال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به[ [النساء: 48]؛ وقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم[ [التوبة:5]؛ وهذا عام في كل واحد من المشركين).اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ / في «الدرر السنية» (ج10 ص441): (الدعاء عبادة، فمن صرف شيئا من هذه العبادة لغير الله تعالى، سواء كان ملكا، أو نبيا، أو وليا، أو جنيا، أو إنسيا، أو حجرا، أو شجرا: فهو مشرك كافر).اهـ
* سئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /؛ هل يوجد عذر بالجهل في أمور التوحيد؟، وهل ينطبق هذا على من يدعون، وينذرون للأولياء، ويعتبرون معذورين بجهلهم؟.
فأجاب فضيلته: (لا يعذر بذلك من أقام في بلد التوحيد، لا يعذر فيه بالجهل، وما دام بين المسلمين، ليس في فترة من الزمان، ولا في محل بعيد عن أهل الإسلام، بل بين المسلمين، لا يعذر في التوحيد، بل متى وقع الشرك منه أخذ به، كما يقع الآن في مصر، والشام، ونحو ذلك، في بعض البلدان عند قبر البدوي وغيره.
* فالواجب على علماء الإسلام أن ينبهوا الناس، وأن يحذروهم من هذا الشرك، وأن يعظوهم، ويذكروهم في المساجد وغيرها، وعلى الإنسان أن يطلب العلم، ويسأل، ولا يرضى بأن يكون إمعة لغيره، بل يسأل، والله يقول سبحانه: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].
فلا يجوز للإنسان أن يبقى على الكفر والشرك!؛ لأنه رأى الناس على ذلك، ولا يسأل، ولا يتبصر، وقد ثبت عن النبي r، أنه قال لمن سأله عن أبيه: «إن أباك في النار، فلما رأى تغير وجهه قال r: إن أبي وأباك في النار»([94])، وأبوه r مات في الجاهلية، رواه مسلم في الصحيح؛ لأنهم كانوا على شريعة تلقوها عن خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهي التوحيد، وأمه عليه الصلاة والسلام ماتت في الجاهلية، واستأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يؤذن له، واستأذن أن يزورها فأذن له، فدل ذلك على: أن من مات على كفر لا يستغفر له، ولا يدعى له، وإن كان في الجاهلية، فكيف إذا كان بين المسلمين، وبين أهل التوحيد، وبين من يقرأ القرآن، ويسمع أحاديث الرسول r، هو أولى بأن يقال في حقه: إنه كافر، وله حكم الكفار، وكثير منهم لو سمع من يدعوه إلى توحيد الله، وينذره من الشرك؛ لأنف واستكبر وخاصم، أو ضارب على دينه الباطل، وعلى تقليده: لأسلافه وآبائه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
* فالواجب على كل إنسان مكلف، أن يسأل، ويتحرى الحق، ويتفقه في دينه، ولا يرضى بمشاركة العامة، والتأسي بكفرهم وضلالهم، وأعمالهم القبيحة، وعليه أن يسأل العلماء، ويعتني بأهل العلم، عما أشكل عليه، من أمر التوحيد وغيره، يقول سبحانه: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43]) ([95]).اهـ
* فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين، والتبصر، والسؤال عما أشكل عليهم، وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم الغفلة؛ لأنهم خلقوا ليعبدوا الله تعالى، ويطيعوه سبحانه وتعالى، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم، لا يحصل هكذا من دون طلب، ولا سؤال، لا بد من طلب العلم، ولا بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل ([96]). ([97])
وقال تعالى: ]وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا [ [الفرقان:21].
قلت: فوصفهم بالكبر، والعتو الكبير. ([98])
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «مصباح الظلام» (ص235): (فوصفهم بالكبر والعتو الكبير؛ لما اقترحوا هذه الاقتراحات، ولم يسلموا لما جاء به من الوحي والآيات، وهكذا كل مستكبر وعات([99])، عما جاءت به الرسل، وما قرره أهل العلم، يرده ولا يقبله قدحا فيهم وزعما منه أنهم يدعون إلى أنفسهم، وأنه لا يصلح أن يكون تابعا، فما أقرب المشابهة بين هؤلاء الضلال، وإخوانهم الأولين، أتواصوا به؟ بل هم قوم طاغون).اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «مصباح الظلام» (ص233): (وما المانع من تكفير من فعل([100]): ما فعلت اليهود من تكفيرهم بالصد عن سبيل الله، والكفر به، مع معرفته؟). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب /؛ في معرض حديثه عمن فهم كلام شيخ الإسلام؛ خاطئا في مسألة قيام الحجة: (فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال، أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار، والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44])([101]). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين / في «الدرر السنية» (ج10 ص404): (كل من فعل اليوم ذلك عند هذه المشاهد، فهو مشرك كافر بلا شك، بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، ونحن نعلم: أن من فعل ذلك ممن ينتسب إلى الإسلام، أنه لم يوقعهم في ذلك إلا الجهل، فلو علموا: أن ذلك يبعد عن الله غاية الإبعاد، وأنه من الشرك الذي حرمه الله، لم يقدموا عليه، فكفرهم جميع العلماء، ولم يعذروهم بالجهل، كما يقول بعض الضالين: إن هؤلاء معذورون لأنهم جهال.
* وهذا قول على الله بغير علم، معارض؛ بمثل قوله تعالى: ]فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله[ [الأعراف:30]، ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف:103-104].
* وكذلك الخوارج، ورد فيهم الذم العظيم، مع أنهم ما ارتكبوا ما ارتكبوا إلا عن جهل، ولم يعذروا بذلك؛ وهذا جواب لمن يعترف بأن ما يفعلون شرك.
* وأما كثير من الناس، فيقولون: ما يقوله هؤلاء الضالون عند المشاهد، ليس بشرك، بل يقول إنه جائز، أو إنه مستحب، كما يزعمه بعض أئمة الضالين). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين / في «الدرر السنية» (ج10 ص491): (فمن جعل شيئا من العبادة لغير الله، فهذا هو الشرك الأكبر، الذي لا يغفره الله، قال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48]؛ فمن زعم: أن الله يغفره، فقد رد خبر الله سبحانه.
* وحد العبادة وحقيقتها: طاعة الله؛ فكل قول، وعمل ظاهر وباطن، يحبه الله: فهو عبادة، فكل ما أمر به شرعا، أمر إيجاب، أو استحباب، فهو عبادة، فهذا حقيقة العبادة عند جميع العلماء، التي من جعل منها شيئا لغير الله، فهو كافر مشرك.
ومما يبين: أن الجهل ليس بعذر في الجملة، قوله r في الخوارج ما قال، مع عبادتهم العظيمة؛ ومن المعلوم: أنه لم يوقعهم ما وقعوا فيه إلا الجهل، وهل صار الجهل عذرا لهم؟، يوضح ما ذكرنا: أن العلماء من كل مذهب يذكرون في كتب الفقه: باب حكم «المرتد»، وهو المسلم الذي يكفر بعد إسلامه.
* وأول شيء يبدؤون به، من أنواع الكفر: الشرك، يقولون: من أشرك بالله كفر، لأن الشرك عندهم أعظم أنواع الكفر، ولم يقولوا إن كان مثله لا يجهله، كما قالوا فيما دونه، وقد قال النبي r لما سئل: أي الذنب أعظم إثما عند الله؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك»، فلو كان الجاهل أو المقلد، غير محكوم بردته إذا فعل الشرك، لم يغفلوه، وهذا ظاهر.
وقد وصف الله سبحانه، أهل النار بالجهل، كقوله تعالى: ]وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير[ [الملك:10]، وقال تعالى: ]ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والأنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون[ [الأعراف:179]، وقال تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف:103-104].
وقال تعالى: ]فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون[ [الأعراف:30]؛ قال ابن جرير عند تفسير هذه الآية: «وهذا يدل على أن الجاهل غير معذور».اهـ، ومن المعلوم: أن أهل البدع الذين كفرهم السلف والعلماء بعدهم، أهل علم، وعبادة، وفهم، وزهد، ولم يوقعهم فيما ارتكبوه إلا الجهل.
* والذين حرقهم علي بن أبي طالب بالنار، هل آفتهم إلا الجهل؟ ولو قال إنسان: أنا أشك في البعث بعد الموت، لم يتوقف من له أدنى معرفة في كفره، والشاك جاهل، قال تعالى: ]وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين[ [الجاثية:30]؛ وقد قال الله تعالى عن النصارى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم[ [التوبة:31]؛ قال عدي بن حاتم للنبي r: «ما عبدناهم، قال: أليس يحلون ما حرم الله فتحلونه؟ ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ قال: بلى; قال: فتلك عبادتهم»، فذمهم الله سبحانه، وسماهم مشركين، مع كونهم لم يعلموا أن فعلهم معهم هذا عبادة لهم، فلم يعذروا بالجهل.
* ولو قال إنسان عن الرافضة في هذا الزمان: إنهم معذورون في سبهم الشيخين، وعائشة، لأنهم جهال مقلدون، لأنكر عليهم الخاص والعام، وما تقدم من حكاية شيخ الإسلام /، إجماع المسلمين على: أن من جعل بينه، وبين الله وسائط، يتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع، ودفع المضار، أنه كافر مشرك، يتناول الجاهل وغيره.
لأنه من المعلوم: أنه إذا كان إنسان يقر برسالة محمد r، ويؤمن بالقرآن، ويسمع ما ذكر الله سبحانه في كتابه، من تعظيم أمر الشرك، بأنه لا يغفره، وأن صاحبه مخلد في النار، ثم يقدم عليه وهو يعرف أنه شرك، هذا مما لا يفعله عاقل، وإنما يقع فيه من جهل أنه شرك؛ وقد قدمنا كلام ابن عقيل، في جزمه بكفر الذين وصفهم بالجهل فيما ارتكبوه من الغلو في القبور، نقله عنه ابن القيم مستحسنا له.
* والقرآن يرد على من قال: إن المقلد في الشرك معذور؛ فقد افترى، وكذب على الله، وقد قال الله تعالى عن المقلدين من أهل النار: ]إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب:67]، وقال سبحانه حاكيا عن الكفار، قولهم: ]إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون[ [الزخرف:22].
وفي الآية الأخرى: ]إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون[ [الزخرف:23]، واستدل العلماء بهذه الآية ونحوها، على أنه لا يجوز التقليد في التوحيد، والرسالة، وأصول الدين، وأن فرضا على كل مكلف: أن يعرف التوحيد بدليله، وكذلك الرسالة، وسائر أصول الدين، لأن أدلة هذه الأصول ظاهرة، ولله الحمد، لا يختص بمعرفتها العلماء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج1 ص88) عن الشرك: (فمن جعل لله تعالى ندا من خلقه فيما يستحقه عز وجل من الإلهية، والربوبية فقد كفر إجماعا). اهـ
وقال العلامة الشيخ السعدي / في «القول السديد» (ص24): (فأما الشرك الأكبر: فهو أن يجعل لله تعالى ندا يدعوه كما يدعو الله تعالى، أو يخافه، أو يرجوه، أو يحبه كحب الله تعالى، أو يصرف له نوعا من أنواع العبادة). اهـ
قلت: فهذا حقيقة الشرك.
وقال العلامة الشيخ السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص289): (حقيقة الشرك بالله: أن يعبد المخلوق كما يعبد الله تعالى، أو يعظم؛ كما يعظم الله تعالى، أو يصرف له نوع من خصائص الربوبية، والإلهية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستغاثة» (ج1 ص290): (أعظم ما نهي عنه: الشرك). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص152): (فصل: فيما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة: ... ولا يحبط الإيمان غير الشرك بالله تعالى، كما قال تعالى: ]لئن أشركت ليحبطن عملك[ [الزمر:65]). اهـ
وقال العلامة علي بن سلطان في «أدلة معتقد أبي حنيفة» (ص93): (فالمشرك مستحق للعذاب في النار؛ لمخالفته دعوى الرسل عليهم السلام، وهو مخلد فيها دائما). اهـ
وقال تعالى: ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا[ [الفرقان:23].
وقال تعالى: ]ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ [الزمر:65].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستغاثة» (ج2 ص463): (والأنبياء معصومون من الشرك، ولكن المقصود: بيان أن الشرك، لو صدر من أفضل الخلق لأحبط عمله؛ فكيف بغيره). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص463): (وأما المشركون، والكفار؛ فإن شركهم، وكفرهم محبط لحسناتهم، ولا يلقون ربهم بحسنة يرجون بها النجاة). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج9 ص165): (أجمع العلماء: على أن الكافر الذي مات على كفره لا ثواب له في الآخرة، ولا يجازى فيها بشيء من عمله في الدنيا متقربا إلى الله تعالى). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الدرر السنية» (ج10 ص93): (وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم -يعني: على الكفار-، وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها، وإن أشكل عليكم ذلك؛ فانظروا: قوله r في الخوارج: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم»([102])، وقوله r: «شر قتلى تحت أديم السماء»([103])، مع كونهم في عصر الصحابة y.
* ويحقر الإنسان عمل الصحابة y معهم، وقد بلغتهم الحجة، ولم يفهموها.
* وكذلك إجماع السلف على تكفير غلاة القدرية، وغيرهم، مع علمهم، وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم؛ لأجل كونهم لم يفهموا، فإذا علمتم ذلك؛ فإن هذا الذي أنتم فيه كفر).اهـ
قلت: وهذا يدل على عدم اشتراط فهم الحجة للتكفير، بل إذا بلغه كلام الله تعالى، وكلام رسوله r، وخلا عما يعذر به، فهو كافر، كما كان الكفار تقوم عليهم الحجة بالقرآن. ([104])
قال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ [الأنعام: 25].
وقال العلامة الشيخ حمد بن ناصر بن معمر / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص240): (كل من بلغه القرآن، ودعوة الرسول r، فقد قامت عليه الحجة، كما قال تعالى: ]لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19]؛ وقد أجمع العلماء: أن من بلغته دعوة الرسول r أن حجة الله تعالى قائمة عليه). اهـ
وقال العلامة الشيخ حمد بن ناصر بن معمر / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص241): (وكل من بلغه القرآن فليس بمعذور، فإن الأصول الكبار التي هي أصل دين الإسلام قد بينها الله تعالى في كتابه، وأوضحها، وأقام بها حجته على عباده.
* وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها الإنسان فهما جليا، كما يفهمها من هداه الله تعالى، ووفقه، وانقاد لأمره.
* فإن الكفار قد قامت عليهم الحجة من الله تعالى مع إخباره، بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه، قال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ [الأنعام: 25]؛... يخبر سبحانه أنهم لم يفهموا القرآن، ولم يفقهوه، وأنه عاقبهم بالأكنة، والوقر في آذانهم، وأنه ختم على قلوبهم، وأسماعهم، وأبصارهم.
* فلم يعذرهم مع هذا كله، بل حكم بكفرهم، وأمر بقتالهم، وقاتلهم رسول الله r، وحكم بكفرهم، فهذا يبين لك أن بلوغ الحجة نوع، وفهمها نوع آخر) ([105]). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الحجة تقوم في: «المسائل الظاهرة» ببلوغ القرآن، وأنه لا يشترط فهمها.
قال تعالى: ]ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة[ [البقرة: 7].
قلت: فينبغي أن يعلم الفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة.
* فإن من بلغته دعوة الرسل، فقد قامت عليه الحجة، إذا كان على وجه يمكن معه العلم في الجملة ([106])، ولا يشترط في قيام الحجة أن يفهم عن الله تعالى، ورسوله r ما يفهمه أهل الإيمان، والقبول، والانقياد لما جاء به الرسول r، فافهم هذا يكشف عنك شبهات كثيرة في مسألة قيام الحجة. ([107])
قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44].
وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص245): (ولا عذر لمن كان حاله هكذا؛ لكونه لم يفهم حجج الله تعالى وبيناته؛ لأنه لا عذر له بعد بلوغها، وإن لم يفهمها
* قد أخبر الله تعالى عن الكفار، أنهم لم يفهموا، قال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ [الأنعام: 25]؛ فبين سبحانه أنهم لم يفقهوا، فلم يعذرهم لكونهم لم يفهموا.
* بل صرح القرآن بكفر هذا الجنس من الكفار). اهـ
قلت: فبين /: بتكفير المعين، وإن لم يفهم الحجة.
* فلا يشترط في قيام الحجة الفهم؛ بل تقوم الحجة بمجرد بلوغها.
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص311): (ممن بلغته رسالة محمد r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة، فلا يعذر في عدم الإيمان بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فلا عذر له بعد ذلك بالجهل). اهـ
قلت: ففهم الحجة شيء، وبلوغها شيء آخر.
* فلو كان هذا الحكم: موقوفا؛ على فهم الحجة لم نكفر؛ إلا من علمنا أنه معاند خاصة، وهذا بين البطلان. ([108])
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن النجدي / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص124): (والمقصود: أن الحجة قامت بالرسول r، والقرآن، فكل من سمع بالرسول r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة). اهـ
قلت: وفي صفة قيام الحجة، وأنها تكون بالبلوغ فقط.
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج2 ص282 و284): (أما من بلغه القرآن، أو بعثة الرسول r، فلم يستجب فقد قامت عليه الحجة، كما قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19]؛ وقال تعالى: ]ولينذروا به[ [إبراهيم: 52].
* فمن بلغه القرآن، وبلغه الإسلام ثم لم يدخل فيه له حكم الكفرة، وقد صح عن النبي r أنه قال: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أهل النار»([109]). أخرجه مسلم في «صحيحه»، فجعل سماعه ببعثة الرسول r حجة عليه). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ / في «شرح كشف الشبهات» (ص101): (ولا فرق بين من يكون كفره عنادا، أو جهلا.
الكفر: منه عناد، ومنه جهل، وليس من شرط قيام الحجة على الكافر أن يفهمها، بل من أقيمت عليه الحجة مثل ما يفهمها مثله، فهو كافر، سواء فهمها، أم لم يفهمها، ولو كان فهمها شرطا لما كان الكفر؛ إلا قسما واحدا، وهو الجحود، بل الكفر أنواع منه الجهل، وغيره). اهـ
قلت: فبين / عدم اشتراط فهم الحجة، وأنه يكفي بلوغ الحجة، فهمها، أم لم يفهمها.
قلت: واشتراط قيام الحجة للتكفير المعين، أو للتكفير العام؛ ببلوغ حجة القرآن عليه، ووصوله إليه.
* فمن بلغه القرآن، فقد بلغته الحجة، وقامت الحجة عليه، ووصلت إليه حجية الرسالة.
فلا يعذر؛ أي: جاهل بجهله على وجه الأرض، لأن جميع الخلق، وصل لهم الإسلام عن طريق طباعة القرآن الكريم، وطباعة السنة النبوية، والأجهزة الحديثة بواسطة الإعلام، والإذاعات، والتلفاز، والهاتف، والأخبار، والأنباء، وغير ذلك.
قلت: وقيام الحجة لا يشترط فيه فهم الحجة، بل تقوم بمجرد بلوغ الدليل من الكتاب والسنة.
* وقد ذكر أهل العلم في معرض حديثهم عن قيام الحجة؛ أنه ليس من شروط قيام الحجة فهمها.
فقد تقوم الحجة على قوم دون فهمهم لوجه الصواب منها.
* وإلا لو اشترطنا فهم الحجة للزم من ذلك أن لا يكفر إلا المعاند، وهو باطل قطعا.
فمن سمع الحجة وهو عاقل، فقد قامت عليه الحجة.
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين» (ص13): (والمقصود: أن الحجة قامت بالرسول r، والقرآن الكريم؛ فكل من سمع بالرسول r، وبلغه القرآن: فقد قامت عليه الحجة. ([110])
* وهذا ظاهر في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية /؛ عند قوله: فمن المعلوم أن قيامها ليس أن يفهم كلام الله تعالى، ورسوله r؛ مثل: أبي بكر الصديق t، بل إذا بلغه كلام الله تعالى، ورسوله r، وخلى عن شيء يعذر به([111]): فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قوله تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ [الأنعام: 25]؛ فتأمل كلامه، واحضر فكرك، واسأل الله الهداية). اهـ.
وقال الإمام ابن القيم /: (إن الله سبحانه قد أقام الحجة على خلقه بكتابه، ورسوله r، قال تعالى: ]تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا[ [الفرقان:1]، وقال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ فكل من بلغه القرآن، فقد أنذر به، وقامت عليه الحجة) ([112]). اهـ
قلت: وعلى هذا يكفي فيه مجرد بلوغ الحجة، والجزم بتكفير المعين، أو غيره.
قلت: إذا فلا يشترط في قيام الحجة فهمها، وإنما يشترط بلوغها على وجه يمكن معه العلم؛ أي: إذا كان الذي تبلغه عاقلا، مميزا يعي ما يسمع، وهذا العلم في جميع الخلق في هذا الزمان.
* وعدم اعتبار العذر بالشبهة، أو التأويل، أو الخطأ، أو الجهل في: «مسائل الشرك الأكبر» لظهور أدلتها، ووضوح برهانها، لأنها من: «مسائل الاعتقاد» التي تعلم من الدين بالضرورة. ([113])
قلت: لذلك عدم اعتبار الشبهة، أو التأويل، أو الجهل، أو الخطأ في: «مسائل الكفر الأكبر»، أو في: «مسائل الشرك الأكبر».
قال العلامة الشيخ أبو بطين النجدي / في «الانتصار لحزب الله تعالى» (ص46): (قد ذكر أهل العلم من أهل كل مذهب أشياء كثيرة لا يمكن حصرها من الأقوال، والأفعال، والاعتقادات، أنه يكفر صاحبها، ولم يقيدوا ذلك بالمعاند، فالدعي أن مرتكب الكفر: «متأولا»، أو «مجتهدا»، أو «مخطئا»، أو «مقلدا»، أو «جاهلا» معذور؛ مخالف: للكتاب، والسنة، والإجماع بلا شك). اهـ
قلت: فبين / بالإجماع، بأنه لا يعذر العبد بالخطأ، أو الشبهة، أو التأويل، أو الجهل، أو التقليد، أو الاجتهاد الفاسد بدون ضوابط شرعية.
وقال العلامة الشيخ أبو بطين / في «الدرر السنية» (ج10 ص40)؛ موضحا أن شيخ الإسلام لا يعذر بالجهل، أو التأويل في مسائل الشرك: (فقد جزم / في مواضع كثيرة بكفر من فعل ما ذكره من: «أنواع الشرك».
* وحكى إجماع المسلمين على ذلك، ولم يستثن الجاهل، ونحوه، قال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء:116]، وقال تعالى عن المسيح: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار[ [المائدة:72].
* فمن خص ذلك الوعيد بالمعاند فقط، فأخرج: «الجاهل»، و«المتأول»، و«المقلد»، فقد شاق الله تعالى، ورسوله r، وخرج عن سبيل المؤمنين، والفقهاء يصدرون باب: «حكم المرتد» بمن أشرك، ولم يقيدوا ذلك بالمعاند).اهـ
قلت: فالشرك خطره عظيم، بل هو أخطر الذنوب على الإطلاق، ومن تدبر القرآن، والسنة، وجدهما مصرحين ببطلان دين المشركين، وكفر أهله، وبيان أنهم أعداء الرسل عليهم السلام، وأنهم أصحاب النار؛ لأن ذنبهم لا يساويه ذنب.
* وقد قرر العلماء أن الواقع الذي نحن فيه من عبادة لكثير من الناس للقبور: هو بعينه فعل الجاهلية الوثنيين، وهو الذي جاءت الرسل عليهم السلام بمحوه، وإبطاله، وتكفير فاعله.
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص168): (وكل كافر: قد أخطأ، والمشركون لا بد لهم من تأويلات، ويعتقدون أن شركهم بالصالحين تعظيم لهم ينفعهم، ويدفع عنهم، فلم يعذروا بذلك الخطأ، ولا بتلك التأويل). اهـ
قلت: فبين / في عدم العذر بالخطأ، والشبهة، والتأويل، والجهل في: «مسائل الشرك»، و«مسائل الكفر».
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص192)؛ في رده على: «داود بن جرجيس» في العذر بالشبهة في مسائل الشرك، ونسبة ذلك إلى شيخ الإسلام ابن تيمية /: (وليس في كلام الشيخ العذر بكل شبهة، ولا العذر بجنس الشبهة، فإن هذا لا يفيده كلام الشيخ، ولا يفهمه منه، إلا من لم يمارس من العلوم شيئا، بل عبارته صريحة في إبطال هذا المفهوم). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «الفتاوى النجدية» (ج3 ص194): (وأما مسألة عبادة القبور، ودعائهم مع الله تعالى؛ فهي مسألة وفاقية التحريم، وإجماعية التأثيم، فلم تدخل في كلام الشيخ لظهور برهانها، ووضوح أدلتها، وعدم اعتبار الشبهة فيها). اهـ
قلت: وبهذا يتضح أن لا عذر بالشبهة، أو التأويل، أو الخطأ، أو الجهل في: «مسائل الشرك الأكبر»، و«الكفر الأكبر»، فتنبه.
قلت: وحقيقة ما جاء به الرسل عليهم السلام، ودعوا إليه، وجوب عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وإخلاص العمل له، وأن لا يشرك في واجب حقه أحد من خلقه، وأن يوصف بما وصف به نفسه من صفات الكمال.
* فمن خالف ما جاؤوا به، ونفاه وأبطله، فهو كافر ضال، وإن قال: «لا إله إلا الله»، وزعم أنه مسلم، لأن ما قام به من الشرك، يناقض ما تكلم به من كلمة التوحيد، فلا ينفعه التلفظ بقول: «لا إله إلا الله»؛ لأنه يتكلم بما لم يعمل به، ولم يعتقد ما دل عليه. ([114])
قال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين» (ص19): (وإنما يكفر الشيخ محمد بن عبد الوهاب من نطق الكتاب، والسنة، بتكفيره، وأجمعت الأمة عليه، كمن بدل دينه، وفعل: فعل الجاهلية الذين يعبدون الملائكة، والأنبياء، والصالحين، ويدعونهم، فإن الله تعالى كفرهم، وأباح دمائهم، وأموالهم، وذراريهم بعبادة غيره: «نبيا»، أو «وليا»، أو «صنما»، لا فرق في الكفر بينهم، كما دل عليه الكتاب العزيز). اهـ
* ومن كان هذا حاله، فهو في النار، وعمله الباطل يقابل بالعذاب، والعياذ بالله.([115])
وعن أبي هريرة t عن رسول الله r أنه قال: (والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي، ولا نصراني، ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به؛ إلا كان من أصحاب النار). ([116])
قلت: وهذا الحديث يدل على أن من سمع برسول الله r، من يهودي، أو نصراني، أو غيرهما، ثم لا يدخل في الإسلام، ومات، إلا دخل النار، لأنه كفر بالله تعالى، وبرسوله r.
عن أبي هريرة t قال: (زار النبي r قبر: أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال r: استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها، فأذن لي).([117])
قلت: ومن المعلوم أن أمه r، ماتت في الجاهلية، وهو صغير، قبل البعثة، ولم تعذر بذلك.
وعن أنس بن مالك t: (أن رجلا قال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال r: في النار، فلما: قفى دعاه، فقال r: إن أبي، وأباك في النار). ([118])
قال الحافظ البيهقي / في «دلائل النبوة» (ج1 ص192): (وكيف لا يكون: أبواه، وجده، بهذه الصفة في الآخرة؛ يعني: في النار -وقد كانوا يعبدون الوثن، حتى ماتوا، ولم يدينوا دين: «عيسى بن مريم» عليه السلام). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج1 ص349): (فيه: أن من مات على الكفر، فهو في النار، ولا تنفعه: قرابة المقربين.
* وفيه: أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب، من عبادة الأوثان، فهو من أهل النار.
* وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم: دعوة إبراهيم عليه السلام، وغيره: من الأنبياء عليهم السلام). اهـ
وعن عائشة ﭭ: (قلت: يا رسول الله، ابن جدعان، كان في الجاهلية، يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك: نافعه؟ قال r: لا ينفعه، إنه لم يقل يوما، رب: اغفر لي خطيئتي يوم الدين). ([119])
قلت: وهذا يدل على أن: «ابن جدعان» كان على الشرك، ومات عليه في الجاهلية، فلم يعذر بجهله، ولم ينفعه عمله الذي يقوم به من: صلة الرحم، وإطعام المسكين.
وبوب عليه الحافظ النووي / في «المنهاج» (ص115)؛ باب الدليل على أن من مات على الكفر، لا ينفعه عمل.
وعن أبي هريرة t قال: قال النبي r: (رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي، يجر قصبه في النار، وكان أول من سيب السوائب). ([120])
وعن عائشة ﭭ قالت: قال رسول الله r: (رأيت جهنم: يحطم بعضها بعضا، ورأيت عمرا، يجر قصبه، وهو أول من سيب السوائب).([121])
فإن العرب: بقوا، قرونا على دين إبراهيم عليه السلام، حتى غير دينهم: «عمرو بن لحي الخزاعي».
قلت: وعمرو بن لحي، هو أول من غير دين إبراهيم عليه السلام، وقد استحسن هذا بجهله، فدخل النار، ولم يعذر بجهله، بل وكل من قلدوه في الجاهلية في ذلك، فهو مثله في نار جهنم، ولم يعذر بجهله.
قلت: وهذه الأحاديث تدل أن النبي r أخبر عنهم، أنهم في النار، وهم: من كبارهم، وأفاضلهم، فلم ينفعهم ذلك، بل منهم: من كان يتصدق، ويفعل الأعمال الطيبة، ومع ذلك لم ينفعه ذلك، لأنه مات على الكفر.
قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «كشف الشبهات» (ص1): (وآخر الرسل: محمد r، وهو الذي كسر صور هؤلاء الصالحين، أرسله الله تعالى، إلى أناس يتعبدون، ويحجون، ويتصدقون، ويذكرون الله تعالى كثيرا، ولكنهم: يجعلون بعض المخلوقات وسائط: بينهم، وبين الله تعالى). اهـ
قلت: فكانت الحجة ثابتة لله تعالى، عليهم؛ بإنذار من تقدم من الرسل عليهم السلام، وإن لم يروا رسولا. ([122])
* وهذا إذا كان في زمن: «الجاهلية الكبرى»، في وقت، قلة العلم، وانطماس آثار الرسالة، فكيف بعد بعثة الرسول r، في وقت انتشار النور، وظهور العلم، فمن باب أولى، أن الجهل لا يكون عذرا، للعبد في يوم القيامة.
قلت: ولا يشترط في قيام الحجة، إقناع الجاهل، فهذا لا سلطان، للعبد عليه، إلا ما شاء الله تعالى.
* فالله تعالى بيده الهدى، والضلال، يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، والله يحكم لا معقب لحكمه.
قال تعالى: ]ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون[ [الأنفال: 23].
قلت: ولم يثبت في الكتاب، والسنة، ولا عن الصحابة y، ولا السلف، أن المشركين في الجاهلية، من مات؛ منهم: أنه يختبر يوم القيامة.
* وهذا الجهل بسبب الغفلة، والإعراض عن الدين الصحيح. ([123])
قال تعالى: ]لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون[ [يس:6]، يعني: لتنذرهم؛ مثل: ما أنذر آباؤهم. ([124])
قلت: وهذه الفتاوى، تدل على عدم اعتبار: «الشبهة»، و«التأويل»، و«الخطأ» في «مسائل الكفر الأكبر»، وفي «مسائل الشرك الأكبر»، لظهور أدلتها، ووضوح برهانها.([125])
* فالفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة، وأنه لا يشترط في قيام الحجة فهمها، إذا كان من بلغته، لو أراد، وإنما يشترط بلوغها على وجه يمكن معه العلم؛ أي: إذا كان الذي تبلغه، عاقلا، مميزا، يعي ما يسمع.
قلت: وكل إنسان مكلف، له عقل يدرك به الحقائق، فمن سمع كلام الله تعالى، وكلام رسوله r، بقلب واع، فقد فهمه ابتداء في الجملة، ثم بعد تعلمه، سوف يفهمه على التفصيل، وهذا هو المراد من البلاغ.
قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19].
قلت: فالإنذار يحصل، لمن بلغه القرآن: بلفظه، أو معناه، فهذا قامت عليه الحجة، وانقطع عذره في هذه الحياة. ([126])
قال العلامة الشيخ حمد بن معمر / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص240): (كل من بلغه القرآن، ودعوة الرسول r، فقد قامت عليه الحجة، كما قال تعالى: ]لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]، وقد أجمع العلماء: أن من بلغته دعوة الرسول r، أن حجة الله تعالى، قائمة عليه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص35): (قال تعالى: ]لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ فالإنذار يحصل: لمن بلغه القرآن؛ بلفظه، أو معناه، فإذا بلغته الرسالة: بواسطة، أو بغير واسطة، قامت عليه الحجة، وانقطع عذره). اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص105)؛ لما تكلم في كفر تارك الصلاة: (وفي الحقيقة، فكل رد لخبر الله تعالى، أو أمره، فهو كفر: «دق»، أو «جل» ([127])، لكن قد يعفى عما خفيت فيه طرق العلم، وكان أمرا يسيرا، في الفروع؛ بخلاف ما ظهر أمره، وكان من دعائم الدين، من الأخبار، والأوامر). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص246 و248): (أما من بين المسلمين، يسمع السنة، ويسمع القرآن، هذا غير معذور، لا في العقيدة، ولا في غيرها.
* قال الله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ فالله تعالى جعل القرآن نذيرا، ومحمدا جعله، نذيرا.
* فالقرآن نذير، ومحمد نذير، فالذي يبلغه القرآن، والسنة، ويعيش بين المسلمين، فهذا غير معذور، عليه أن يسأل، وعليه أن يتفقه في الدين، وعليه أن يتعلم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج1 ص124)؛ في معرض حديثه، عن الأدعية الشركية: (أن يدعو غير الله تعالى، وهو: ميت، أو غائب، سواء كان من الأنبياء، والصالحين، أو غيرهم، فيقول: يا سيدي: فلان «أغثني»، أو «أنا أستجير بك»، أو «أستغيث بك»، أو «انصرني على عدوي»، ونحو ذلك، فهذا هو: «الشرك بالله»، وأعظم من ذلك، أن يقول: «اغفر لي»، و«تب علي»، كما يفعله: طائفة من الجهال المشركين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (من استغاث بميت، أو غائب من البشر، بحيث يدعوه في الشدائد، والكربات، ويطلب منه قضاء الحوائج، فيقول: «يا سيدي فلان» أنا في حسبك وجوارك، أو يقول: عند هجوم العدو عليه: «ياسيدي فلان» يستوحيه، ويستغيث به، أو يقول ذلك، عند مرضه، وفقره، وغير ذلك من حاجاته، فإن هذا ضال، جاهل، مشرك، عاص لله تعالى، باتفاق المسلمين) ([128]). اهـ
وعن ابن عمر ﭭ، أن رسول الله r قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص75)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص53)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص92 و367)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص219)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص200)، وأبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج2 ص515)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص67)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص410)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص165)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص819)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص232)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص89) من طريق شعبة عن واقد بن محمد عن أبيه عن ابن عمر ﭭ به.
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «إقامة البراهين» (ص22): (وكان المشركون الأولون يؤمنون بأن الله تعالى: ربهم، وخالقهم، ورازقهم، وإنما تعلقوا على الأنبياء، والأولياء، والملائكة، والأشجار، والأحجار، وأشباه ذلك، يرجون شفاعتهم عند الله تعالى، وتقريبهم لديه، كما سبق في الآيات، فلم يعذرهم الله تعالى بذلك، ولم يعذرهم رسول الله r، بل أنكر الله تعالى عليهم في كتابه العظيم، وسماهم: كفارا ومشركين، وأكذبهم في زعمهم أن هذه الألهة تشفع لهم، وتقربهم إلى الله تعالى زلفى، وقاتلهم الرسول r على هذا الشرك حتى يخلصوا العبادة لله تعالى وحده، عملا بقوله سبحانه: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله[ [الأنفال: 39]؛ وقال الرسول r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى»([129])؛ ومعنى: قوله r «حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله»؛ أي: حتى يخصوا الله بالعبادة، دون كل ما سواه). اهـ
وهناك فتوى: للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين النجدي /؛ بعنوان: «حكم تكفير المعين» قال /: وما سألت عنه من أنه هل يجوز تعيين إنسان بعينه؛ بالكفر إذا ارتكب شيئا من المكفرات؟.
فأجاب /: (فالأمر الذي دل عليه الكتاب، والسنة، وإجماع العلماء على أنه كفر، مثل: «الشرك بعبادة غير الله» سبحانه وتعالى، فمن ارتكب شيئا من هذا النوع أو جنسه، فهذا لا شك في كفره.
* ولا بأس بمن تحقق منه شيء من ذلك أن نقول: كفر فلان بهذا الفعل، يبين هذا، أن الفقهاء: يذكرون في باب: «حكم المرتد» أشياء كثيرة، يصير بها المسلم كافرا، ويفتتحون هذا الباب بقولهم: من «أشرك بالله كفر»، وحكمه: «أنه يستتاب»، فإن تاب وإلا قتل، والاستتابة تكون مع معين، ولما قال بعض أهل البدع عند الشافعي: «إن القرآن مخلوق»، قال: «كفرت بالله العظيم»، وكلام العلماء في: تكفير المعين كثير، وأعظم أنواع الكفر، «الشرك بعبادة الله»، وهو: كفر بإجماع المسلمين، ولا مانع من تكفير من اتصف بذلك، كما أنه من زنى؛ قيل: فلان زان، ومن رابى؛ قيل: فلان مراب)([130]). اهـ
* وسئل العلامة الشيخ أبو بطين النجدي /، عن تكفير المعين؛ فأجاب: (نقول في تكفير المعين: ظاهر الآيات، والأحاديث، وكلام جمهور العلماء، تدل على كفر من أشرك بالله، فعبد معه غيره، ولم تفرق الأدلة بين المعين وغيره، قال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به[ [النساء:48]، وقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم[ [التوبة:5]، وجميع العلماء: في كتب الفقه يذكرون «حكم المرتد»، وأول ما يذكرون من أنواع الكفر والردة: «الشرك»، فقالوا: من «أشرك بالله كفر»، ومن زعم لله صاحبة، أو ولدا: كفر، ولم يستثنوا الجاهل، ويذكرون: أنواعا، مجمعا على كفر صاحبها، ولم يفرقوا بين المعين وغيره) ([131]). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «إقامة البراهين» (ص38): (فإن قال قائل من هؤلاء المشركين المتأخرين: إنا لا نقصد أن أولئك يفيدون بأنفسهم، ويشفون مرضانا بأنفسهم، أو ينفعونا بأنفسهم، أو يضرونا بأنفسهم، وإنما نقصد شفاعتهم إلى الله في ذلك؟.
* فالجواب أن يقال له:
إن هذا هو مقصد الكفار الأولين ومرادهم، وليس مرادهم أن آلهتهم تخلق، أو ترزق، أو تنفع، أو تضر بنفسها، فإن ذلك يبطله ما ذكره الله تعالى عنهم في القرآن، وأنهم أرادوا شفاعتهم، وجاههم، وتقريبهم إلى الله تعالى زلفى، كما قال سبحانه وتعالى؛ في سورة يونس عليه الصلاة والسلام: ]ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله[ [يونس:18]، فرد الله تعالى عليهم ذلك بقوله سبحانه: ]قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس:18]؛ فأبان سبحانه: أنه لا يعلم في السماوات، ولا في الأرض شفيعا عنده على الوجه الذي يقصده المشركون، وما لا يعلم الله تعالى وجوده: لا وجود له، لأنه سبحانه لا يخفى عليه شيء، وقال تعالى، في سورة الزمر: ]تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص[ [الزمر: 1 - 3]؛ فأبان سبحانه: أن العبادة له وحده، وأنه يجب على العباد إخلاصها له جل وعلا؛ لأن أمره للنبي r بإخلاص العبادة له؛ أمر: للجميع، ومعنى الدين هنا: هو العبادة، والعبادة: هي طاعته، وطاعة رسوله r كما سلف، ويدخل فيها الدعاء، والاستغاثة، والخوف، والرجاء، والذبح، والنذر، كما يدخل فيها: الصلاة، والصوم، وغير ذلك؛ مما أمر الله تعالى به ورسوله r، ثم قال عز وجل بعد ذلك: ]والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى[ [الزمر: 3]؛ أي: يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فرد الله تعالى عليهم بقوله سبحانه: ]إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار[ [الزمر: 3]؛ فأوضح سبحانه في هذه الآية الكريمة: أن الكفار ما عبدوا الأولياء من دونه إلا ليقربوهم إلى الله زلفى، وهذا هو مقصد الكفار قديما وحديثا، وقد أبطل الله تعالى ذلك بقوله: ]إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار[ [الزمر: 3]؛ فأوضح سبحانه: كذبهم في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى، وكفرهم بما صرفوا لها من العبادة، وبذلك يعلم كل من له أدنى تمييز أن الكفار الأولين، إنما كان كفرهم باتخاذهم الأنبياء، والأولياء، والأشجار، والأحجار، وغير ذلك من المخلوقات: شفعاء بينهم، وبين الله تعالى، واعتقدوا أنهم يقضون حوائجهم من دون إذنه سبحانه، ولا رضاه). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ص79)؛ مشبها عباد القبور الذين يقولون: «لا إله إلا الله»، مع جهلهم معناها، باليهود: (وعباد القبور: نطقوا بها، وجهلوا معناها، وأبوا عن الإتيان به، فصاروا، كاليهود الذين يقولونها، ولا يعرفون معناها، ولا يعملون بها). اهـ
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك ـ إن شاء الله ـ سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عــنـي به وزرا،
وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسـلـم
وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
ذكر الدليل على أن الذي لا يصدق في رجوعه؛ فإنه لا يوفق في توبته؛ لأنه غير صادق، ولو صدق لوفق في رجوعه، فهو يتحول من بدعة إلى أكبر منها! ................................................................................ |
5 |
2) |
فتوى العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز في كفر عباد القبور، لأنهم وقعوا في: «الشرك الأكبر»، في دار الإسلام، وهو معلوم من الدين بالضرورة، فلا عذر لهم بهذا الجهل المشين، ولا وجه لامتحان هذا الصنف من الناس يوم القيامة عند الشيخ ابن باز، لأن الحجة قامت عليهم بالرسالة، فلا يفيدهم هذا التقليد الأعمى لعلماء السوء في بلدانهم..................................................................................................... |
15 |
3) |
لا عذر للجاهل المهمل في التفقه في الدين، وقد وقع في الشرك الأكبر، تقليدا لعلماء السوء، في دار الإسلام........................................ |
18 |
4) |
المقدمة..................................................................................................... |
19 |
5) |
ذكر الدليل على أن: «عبد المحسن بن حمد العباد»، يجوز التقليد في: «الشرك بالله»، وأن المقلد يعذر إذا قلد علماء السوء الذين في بلده، في: «الشرك الأكبر»، وذلك بسبب جهله وتقليده لهؤلاء!.................................................................................................... |
39 |
6) |
ذكر الدليل على تفنيد شبهات: «عبد المحسن بن حمد العباد»، فيما نشره من: «الإرجاء»، ونــصــرة: «المرجئة الـعـصـرية»، وأنه لم يتب، ولم يرجع عن: «بدعة الإرجاء»، وقد شبه له في رجوعه المزيف، بسبب جهله المركب في علم غير نافع، وبسبب تقليده في الدين، وقبوله: بـ«التلقين» في الأحكام الباطلة من غيره................ |
48 |
[1]) حديث صحيح.
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (4597)، وأحمد في ((المسند)) (ج4 ص102)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (150)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص128)، والمروزي في ((السنة)) (ص14)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (ص7و8) بإسناد صحيح.
والحديث صححه الشيخ الألباني في ((ظلال الجنة)) (ص7).
[2]) أثر جيد.
أخرجه ابن وضاح في ((البدع)) (ص118) بإسناد لا بأس به.
وذكره الشاطبي في ((الاعتصام)) (ح1ص123).
قلت: والانحراف الناشئ عن زيغ العقيدة أشد من انحراف عن طغيان المعصية، وأصعب علاجا، فتنبه.
[3]) أثر حسن.
أخرجه الدارمي في ((الرد على بشر المريسي)) (ص77)، والهروي في ((ذم الكلام)) (ج5 ص119) بإسناد حسن.
[4]) أثر صحيح.
أخرجه ابن وضاح في ((البدع)) (ص117) بإسناد صحيح.
وذكره الشاطبي في ((الاعتصام)) (ج1 ص85).
[5]) أثر حسن.
أخرجه ابن وضاح في ((البدع)) (ص118) بإسناد حسن.
وذكره الشاطبي في ((الاعتصام)) (ج1 ص85).
[6]) قلت: بل الهوى عند من خالف السنة حق، وإن ضربت فيه عنقه!!!.
[7]) أثر صحيح.
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص141)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص198)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج2 ص112)، والهروي في ((ذم الكلام)) (780)، و(942)؛ بإسناد صحيح.
[8]) أثر حسن.
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص141) بإسناد حسن.
ومعناه: ما دام مبتدعا يراها حسنة لا يتوب منها.
انظر: ((الفتاوى)) لابن تيمية (ج11 ص684).
[9]) قلت: فكيف يمكنه الخروج من الإرجاء، وداعي الهوى مستمسك بجنس ما يتمسك به، والله المستعان.
[10]) انظر: ((الآداب الشرعية)) لابنمفلح (ج3 ص557).
[11]) انظر: ((غذاء الألباب شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (ج2 ص457).
[12]) أثر صحيح.
أخرجه البغوي في ((الجعديات)) (1885)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (1885)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (ج7 ص26) بإسناد صحيح.
[13]) وهذا بالنسبة لحديث العهد بالبدعة، والمقيم عليها والداعية إليها، فهذا يطمع في توبته، وبخاصة إن كان فيه إنصاف، وخشية لله تعالى.
* وأما الآخر، فلا طمع في توبته، ولا رجاء في عودته، ولا أمل في رجوعه.
* فعدم رجوع المقيم على البدعة عن بدعته هو الغالب، ولكن ربما رجع، ولكنه شاذ، والشاذ لا حكم له.
قلت: وهذا الفرق بين المبتدع الأول والمبتدع الثاني، فتنبه.
([16]) أما المقلد الذي لم يتمكن من معرفة العلم، ووقع في شيء من الخطأ في الفروع، فهذا لا يكفر، للعذر بجهله.
([17]) وانظر: «حكم تكفير المعين» للشيخ إسحاق آل الشيخ (ص21)، و«فتاوى في العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص14 و15 و20 و24 و27).
([18]) انظر: «الدرر السنية» (ج10 ص93 و95)، و«مجموع الفتاوى النجدية» (ج3 ص238)، و«حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ (ص11 و12)، و«مسألة في العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص15 و26 و27 و36 و43)، و«مسألة العذر بالجهل» للشيخ الفوزان (ص57)، و«شرح كشف الشبهات» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص101)، و«الضياء الشارق في الرد على المازق المارق» لابن سحمان النجدي (ص290 و291)، و«فتاوى اللجنة الدائمة» (ج2 ص96 و99).
([20]) وهذه الصفات، التي تميز بها كلام الله تعالى، وكلام رسوله r، القصد منها أساسا، إفهام الناس، خطاب الله تعالى الموجه إليهم، والمتضمن بعبادة الله تعالى وحده وطاعته، والنهي عن عبادة غير الله تعالى معه، أو من دونه، والنهي عن عصيانه تعالى.
([23]) الفهم: يعني، الفهم على التفصيل، فلا حاجة منه، بالنسبة إلى قيام الحجة، فمن بلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة.
وانظر: «الدرر السنية» (ج10 ص93 و95).
([24]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص295)؛ في كتاب: «استتابة المرتدين»، في باب: «قتل الخوارج» (6930)، ومسلم في «صحيحه» (1066) من حديث علي بن أبي طالب t.
أخرجه الترمذي في «سننه» (3000)، وابن ماجه في «سننه» (176)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص250) من حديث أبي أمامة t.
([31]) قلت: وأما على الإجمال، فإنه يفهم حجة القرآن، ويفهم: السنة، ويعلم: أنه رسول الله r إذا سمع به، ويدري بالرسالة إذا وصلت إليه، وسمع بها.
([39]) فأما اليوم، وقد شاع الدين في الأرض، واستفاض في دار الإسلام، علم الأصول، وعلم الفروع في العالم كله.
* حتى في دار الكفر شاع دين الإسلام، بين الكفار؛ لوجود المسلمين بينهم، فلا عذر لأحد من الخلق بسبب الجهل، لأن الحجة قامت عليهم، ببلوغ القرآن إليهم، وترجمة القرآن بغالب اللغات في العالم، وبلغت رسالة الرسول r لذلك.
([40]) ومنه ما هو مختص بالعلماء فقط، وهذا في الأمور الدقيقة، بحيث يكون معلوما لهم بالضرورة، ولا يكون كذلك لمن هم دونهم في العلم، كالعامة مثلا.
انظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ص70).
([42]) لذلك ترى الكفار من اليهود والنصارى، والمجوس وغيرهم، يعادون الدين الإسلامي، لعلمهم، بأنه دين الحق، الذي أنزله الله تعالى للخلق كافة.
* فعلموا هذا الدين على الإجمال، وفهموه في الجملة، فقامت عليهم الحجة، فكفروا بالله تعالى، وبرسوله r.
([43]) والفهم المنفي: عن الخلق، هو فهم التفقه فقط ابتداء، ولم ينف الله تعالى عنهم: ابتداء، الفهم المجمل، الذي تقوم عليهم الحجة، ببلوغ القرآن إليهم.
قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19].
وقال تعالى: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء:165].
وعن عبد الله بن عمرو t قال: قال رسول الله r: (بلغوا عني ولو آية).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (3461).
([45]) انظر: «شفاء العليل» لابن القيم (ص168 و169)، و«طريق الهجرتين» له (ص413 و414).
قلت: والناس أقسام؛ حيال حجة الله تعالى:
* فمنهم: القابل لها، والمذعن لأحكامها.
* ومنهم: المعرض عن حجة الله تعالى.
* ومنهم: العالم بها، المعاند لها.
* ومنهم: الجاهل بها، مع عدم التمكين من معرفتها، إلا ابتداء.
* ومنهم: الجاهل بها، مع عدم التمكين من معرفتها على وجه التفصيل في الأحكام إلى أن مات.
قلت: ولكل قسم، من هذه الأقسام: حكمه عند الله تعالى.
([46]) قلت: قد قامت الحجة على كل أحد بالغ على وجه الأرض، فلا عذر لأحد في جهله.
* وأهل العلم أحيانا، يذكرون إقامة الحجة، هذا في الجملة، وإلا عند تفصيلهم يقولون: الحجة قامت على جميع الخلق ببعثة الرسول r إلى قيام الساعة.
([47]) قلت: مادام هؤلاء الجهال، يعبدون القبور، فقد وقعوا في: «الشرك الأكبر»، ولا عذر لهم في هذا الشرك، ولا يمتحنون يوم القيامة، بل هؤلاء سوف يكفرون بشركهم في الآخرة، كما قال تعالى: ]إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير[ [فاطر: 14].
([48]) قلت: وأحاديث امتحان أهل الفترة، لم تثبت، فهي لا حجة فيها، لمخالفتها لأصول القرآن، وأصول السنة، مع ضعف أسانيدها، واضطراب متونها.
([49]) قلت: وهذا فيه فتح باب للعوام، لإقامة الشرك بالله، في البلدان، بحجة أن علماء السوء في بلدهم: أضلوهم في عبادة غير الله، وأشركوا، فهم: مسلمون وأمرهم إلى الله!، ويمتحنون يوم القيامة!.
([51]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].
* فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.
* وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.
* وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول r: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.
([52]) وهذه الآية تدل على إقامة الحجة على التابع، والمتبوع في الحياة الدنيا، فلا أحد له عذر بسبب جهله في الدين.
([53]) أي: بلا حجة توجب هذا القبول، وعلى هذا فكل ما أوجبت الحجة قبوله ليس تقليدا.
انظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص297)، و«إجابة السائل شرح بغية الآمل» للصنعاني (ص403)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص265)، و«المسودة» لآل تيمية (ص553).
([54]) آية المائدة المشار إليها في قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون [[المائدة: 104].
([55]) آية لقمان هي قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير[ [لقمان: 21].
([61]) وانظر: «منهاج التأسيس والتقديس في الرد على المبطل داود بن سليمان بن جرجيس» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص83).
([62]) وانظر: «منهاج التأسيس والتقديس في الرد على المبطل داود بن سليمان بن جرجيس» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص83 و84).
([64]) قلت: فامتحان الخلق في الحياة الدنيوية فقط، لا في الآخرة.
وانظر: «الاستذكار» لابن عبد البر (ج8 ص404)، و«التمهيد» له (ج18 ص180).
([66]) الحجة قامت على الخلق، جملة وتفصيلا، ببعثة الرسول r، ووصلت الرسالة إلى جميع الخلق إلى يوم القيامة.
([68]) قلت: لماذا هذا الجاهل، سكت على جهله، ولم يتعلم، ولم يسأل عن دينه؟!.
* لو أراد أن يعرف الشرك، لسخر الله تعالى له من يعلمه: التوحيد الخالص، وخطر الشرك، لكن هو الذي أهمل العلم النافع في حياته، وفرط إلى أن مات؛ لذلك لا يعذر بجهله في الدين.
([70]) التعريف الصحيح: لأهل الفترة، بالإجماع؛ هم: الذين كانوا بين رسولين: من رسل الله تعالى، من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة، وهي المدة التي لا وحي فيها، وهو الصواب: الذي عليه السلف الصالح.
* فلا يوجد ما يسمى بـ«أهل الفترة»، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، وهم: الذين لم تبلغهم الرسالة، بل الرسالة وصلت لكل فرد من أفراد الناس، وقامت عليهم حجة الله تعالى على الخلق على وجه الأرض.
* وأحاديث: امتحان أهل الفترة كلها ضعيفة، لا تصح، لأنها مخالفة لأصول القرآن، وأصول السنة، فلا يحتج بها في الدين.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج8 ص404)؛ عنأحاديث أهل الفترة: (هي كلها أسانيد ليست بالقوية، ولا تقوم بها حجة). اهـ.
([71]) بل كلها ضعيفة، بل منكرة، لمخالفتها لأصول القرآن، وأصول السنة، مع ضعف أسانيدها، واضطراب متونها.
([72]) كل الخلق أقام الله عليهم الحجة، كما بين ذلك سبحانه في كتابه، وبين ذلك رسوله r في سنته، وقد أجمع الصحابة y على ذلك.
([74]) كأنك يا أبا زيد ما غزيت!، فلا ينفعك رجوعك هذا، لأنك لم تقمه على وفق أصول الدين.
* فأنت في رجوعك هذا مثل الذين من قبلك، مثل رجوع: «عبد الرحمن عبد الخالق»، ورجوع: «ربيع المدخلي»، ورجوع: «عبيد الجابري»، وغيرهم، كله خديعة للشباب السذج.
([76]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].
* فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.
* وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.
* وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول r: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.
([77]) لكن لغلبة الجهل بهؤلاء، وقلة العلم النافع فيهم، يظنون بمثل: هذا الأمر يجوز القول به في الدين.
* فكان هذا: «العباد»، وأمثاله في ناحية أخرى من الدين.
* فهذا: «العباد» لبس الحق بالباطل، وافترى على الله تعالى، ورسوله r، والصحابة y، ونسب إليهم ما ليس من دينهم.
([80]) فهذه الغفلة البالغة التي فيه
* فكيف يجزم أنه رجع عن: «الإرجاء»، وهو لم يرجع، فهو ظن أنه رجع، ثم الذي يجزم برجوعه عن خطئه، لا بد أن يكون من المتمكنين في العلم النافع، فيعرف أين الخطأ ثم يرجع عنه، أما غير ذلك، فلا.
أخرجه الدشتي في «إثبات الحد لله تعالى» (ص196).
وإسناده صحيح.
وذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج2 ص65)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج11 ص25).
([83]) فهذا من عجيب أمر هذا المدعي؛ أنه كثير المناقضة لنفسه، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه!.
([84]) فالعباد: قد خالف القرآن في هذا الحكم الجائر، فعليه بالتوبة الصادقة منه، والرجوع، والله المستعان.
قلت: فتناقضات العباد وضلالاته العلمية، هي أكثر من أن تحصر، وقد بدأت بتجميعها في كتاب.
([85]) وانظر: «التعريفات» للجرجاني (ص250 و251)، و«المفردات في غريب القرآن» للراغب الأصفهاني (ص504)، و«القاموس الفقهي» لسعدي (ص359).
([87]) وانظر: «الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين» للشيخ عبد الله أبا بطين (ص28).
([91]) قلت: وهذا بسبب تقليده الأعمى للمتشابه من أقوال العلماء في: «مسائل الإيمان»، ولم يرجع إلى فهم الصحابة y في الأصول والفروع، ولكن: «فاقد الشيء لا يعطيه».
([92]) قلت: وإذا ما يعرف كيف يرجع إلى آثار الصحابة y، فيجب عليه أن يسأل عنها أهل الحديث.
قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [الأنبياء: 7].
(
([97]) الرسالة: قد بلغت الخلق على وجه الأرض إلى قيام الساعة، من: «أهل الفترة»، ومن غيرهم، فلا عذر لأحد جهل الأحكام، ووقع في الشرك.
([98]) انظر: «مصباح الظلام» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص235)، و«الرد على البكري» لابن تيمية (ج2 ص731).
([99]) قلت: وأي مانع يمنع من تكفير هذا النوع.
وانظر: «مصباح الظلام» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص236).
([100]) قلت: والمرجئ لا يبدي قوله في اعتراضه، وتلبيسه؛ إلا هي أكبر من اختها في الجهالة، والضلالة.
وانظر: «مصباح الظلام» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص234).
([101]) وانظر: «مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب» (ج3 ص159 -160)، و«فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص238).
أخرجه ابن أبي أسامة في «المسند» (ص221-الزوائد)، والآجري في «الشريعة» (ج1 ص156)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص307)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص34)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص102) من حديث أبي أمامة t.
وإسناده حسن.
([104]) وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص122)، و«حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة» للشيخ إسحاق آل الشيخ (ص11 و12)، و«ضوابط تكفير المعين» للراشد (ص53)، «تقديم الشيخ الفوزان»، و«مسألة العذر بالجهل» للشيخ الفوزان (ص55)، و«فتاوى العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص43 و47 و48)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص126).
([106]) ألا يكون عديم العقل، والتمييز؛ كالصغير، والمجنون، وغيرهما.
وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص243 و244)، و«كشف الشبهتين» لابن سحمان (ص91 و92).
([107]) وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص243 244)، و«الدرر السنية» (ج10 ص360 و375)، و«فتاوى نور على الدرب» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص659)، و«الفتاوى» له (ج2 ص126)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» له أيضا (ص297)، و«فتاوى في العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص 12 و13)، و«حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة» للشيخ إسحاق آل الشيخ (ص 17).
([108]) وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص311)، و«الدرر السنية» (ج10 ص360 و375)، و«الضياء الشارق في الرد على المازق المارق» للشيخ ابن سحمان (ص290 و291)، و«حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة» للشيخ إسحاق آل الشيخ (ص 19 و20)، )، و«فتاوى في العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص 12 و13).
([110]) والحجة تقوم بالدليل: من القرآن، أو السنة، فمن بلغه الدليل، فقد قامت عليه الحجة.
* وليس من شرط قيام الحجة: فهم الحجة، ففهمها: نوع، وبلوغها: نوع آخر.
قلت: والمعين إذا قامت عليه الحجة، ببلوغها، وكان عاقلا، مميزا، يسمع الحجة، فإنه يكفر.
([113]) وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص194)، و«الدرر السنية» (ج11 ص446)، و«مسألة العذر بالجهل» للشيخ الفوزان (ص57)، و«الفتاوى في العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص29 و43)، و«حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة» للشيخ إسحاق آل الشيخ (ص10 و11)، و«الانتصار لحزب الله تعالى» للشيخ أبو بطين (ص46)، و«القول المفيد على التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ص97 و264)، و«فتاوى نور على الدرب» له (ج1 ص431).
([114]) وانظر: «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج10 ص432)، و«فتاوى العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص13 و14)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص126)، و«فتاوى نور على الدرب» له أيضا (ج1 ص659)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ص79 و619).
([124]) وانظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (ج7 ص234)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج12 ص321)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج3 ص773)، و«تفسير القرآن» ليحيى بن سلام (ج2 ص799).
([125]) وانظر: «الدرر السنية» (ج9 ص246)، و(ج11 ص446)، و«الانتصار» للشيخ أبا بطين (ص46)، و«منهاج التأسيس والتقديس» للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص102 و105)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص153)، و«إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله» للشيخ ابن باز (ص8 و9 و17 و22 و25).