الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / الحماية لمن كشف خطر تقليد العالم برواية ودراية
الحماية لمن كشف خطر تقليد العالم برواية ودراية
سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية
|
ب
82 |
الحماية
لمن كشف خطر تقليد العالم برواية ودراية
تأليف
للعلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
الإمام ابن القيم /
في
أن الذي يتتبع لمعرفة خلافيات المتأخرين المقلدين، ويتتبع شواذهم في المسائل الفقهية
* فهذا لن ينتفع بعلمه في هذه الحياة، وليس له إلا تضييع أوقات حياته في القيل والقال، فلا فائدة تذكر له في هذه الحياة
قال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص89): (أعلى الهمم في طلب العلم:
* طلب علم الكتاب والسنة، والفهم عن الله تعالى، ورسوله r: نفس المراد، وعلم: حدود المنزل.
* وأخس: همم طلاب العلم:
قصر همته على تتبع شواذ المسائل، وما لم ينزل، ولا هو واقع، أو كانت همته معرفة: الاختلاف، وتتبع أقوال الناس، وليس له همة إلى معرفة الصحيح من تلك الأقوال.
* وقل أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه). اهـ.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على خطر تقليد العالم في خطئه، وفيما وقع فيه من الوهم، وخطر متابعة المقلد في اجتهاد هذا العالم وهو مخطئ؛ فالمقلد وقع في الإثم، والمقلد وقع له الأجر الواحد على اجتهاده، وهذا الذي قلد فيه: عبد السلام الشويعر؛ فوهم فيما قلد في الفقه دون دراية، ولا رواية
اعلم رحمك الله، أن التقليد في الفقه الإسلامي، بدون دراية، ولا رواية: من أخطر المخاطر على المقلد، وذلك لأنه تجري عليه آثام كثيرة في خطأ تأديته في العبادات، وهو لا يدري، ولا يشعر، وهذا لا يكفي في العذر؛ لأن هذا المقلد يعرض عن الاتباع، ويصر، ويعاند على مخالفته، حتى لو تبين له الحكم الصحيح في الفقه الإسلامي.
وإليك الدليل: على كيفية وقوع المقلد في خطأ المقلد، وكيف يهم في ذلك:
* الوهم يأتي بسبب التقليد في الخطأ، كما وقع في هذا التقليد: عبد السلام الشويعر، فوقع في الوهم والخطأ، ولا بد.
* وهذا التقليد: هو أن يقلد الراوي أحد الثقات، فيتابعه في روايته، أو يدلس عنه، فيتابعه في الوهم، ولا بد.
* وقد أخطأ أبو عوانة، في اسم: «خالد بن علقمة»، فقال: «مالك بن عرفطة»، بسبب أنه قلد: شعبة بن الحجاج، في هذا الخطأ. ([1])
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ج3 ص715)؛ في رواية: ابن العبد: (قال أبو عوانة، يوما: حدثنا مالك بن عرفطة، عن عبد خير، فقال له عمرو الأعصف: رحمك الله: يا أبا عوانة، هذا: «خالد بن علقمة» ([2])، ولكن شعبة: مخطئ فيه، فقال أبو عوانة: هو في كتابي: «خالد بن علقمة»، ولكن قال لي شعبة: هو: «مالك بن عرفطة»).([3]) اهـ.
وهذا الحديث: أخرجه أبو داود في «سننه» (ق/21/ط)، و(ج1 ص82) من طريق شعبة قال: سمعت مالك بن عرفطة، سمعت عبد خير قال: (رأيت عليا t، أتي بكرسي، فقعد عليه، ثم أتي بكوز من ماء، فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد، وذكر هذا الحديث).
فقد أخطأ: شعبة بن الحجاج في تسمية شيخه، فقال: «مالك بن عرفطة»، والصواب: «خالد بن علقمة».
وقد خطأ: شعبة، فيه غير واحد من النقاد الحفاظ، المرجوع إليهم في هذا الفن.
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ق/21/ط): (أخطأ فيه شعبة، وإنما هو: «خالد بن علقمة»).
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (83)، و(99)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص68 و69) من طريق شعبة عن مالك بن عرفطة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب في «الفصل للوصل المدرج في النقل» (ج1 ص567 و568 و569)، بهذا الإسناد.
فوهم: شعبة بن الحجاج، فقال: «مالك بن عرفطة»، وإنما هو: «خالد بن علقمة».([4])
قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج3 ص715): (وعاب بعضهم: على أبي عوانة، كونه كان يقول: «خالد بن علقمة»، مثل: الجماعة، ثم رجع عن ذلك حين قيل له: إن شعبة يقول: «مالك بن عرفطة»، فاتبعه، وقال: شعبة أعلم مني. ([5])
* وحكاية: أبي داود، تدل على أنه رجع عن ذلك([6]): ثانيا، إلى ما كان يقول أولا: وهو: الصواب). اهـ.
وقال الإمام أحمد / في «العلل» (1210): (أخطأ: شعبة، في اسم: خالد بن علقمة، فقال: مالك بن عرفطة).
وقال الإمام البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج3 ص163): (خالد بن علقمة الهمداني: وقال شعبة: «مالك بن عرفطة»، وهو: وهم، وقال أبو عوانة مرة: «خالد بن علقمة»، ثم قال: «مالك بن عرفطة»).
قلت: يشير الإمام البخاري إلى أن أبا عوانة: قلد شعبة، فأخطأ في تقليده.
وقال الإمام الترمذي في «السنن» (ج1 ص69): (روى شعبة: هذا الحديث، عن خالد بن علقمة، فأخطأ في اسمه، واسم: أبيه، فقال: «مالك بن عرفطة»، عن عبد خير، عن علي t).
* وابن جريج، قلد سفيان بن عيينة، في حديث: (أن النبي r، كان يمشي أمام الجنازة)، فأخطأ في إسناده.
أخرجه الترمذي في «السنن» (ج2 ص493 و494).
وقال الترمذي: «وأهل الحديث، كأنهم يرون، أن الحديث: المرسل في ذلك: أصح».
يعني: مرسل الزهري عن النبي r.
وأخرجه الترمذي في «سننه» (ج2 ص493)؛ موصولا، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه به.
* والمرسل: أصح. ([7])
قال الإمام عبد الله بن المبارك /: (حديث الزهري في هذا: مرسل، أصح من حديث سفيان بن عيينة، قال ابن المبارك: وأرى ابن جريج: أخذه عن: ابن عيينة).([8])
يعني: يشير أن ابن جريج قلد في هذا الخطأ: سفيان بن عيينة.
قلت: وقلد حماد بن سلمة، سفيان الثوري في حديث، فتابعه في الوهم، فوقع في الخطأ والوهم؛ لأنه تابعه في المخالفة.
فأخرج أحمد في «المسند» (ج1 ص232) من طريق وكيع، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ قال: (أمرنا رسول الله r بإسباغ الوضوء).
وقد خالف: سفيان الثوري في روايته هذه، عن أبي جهضم، كل من:
1) حماد بن زيد.
2) ومرجى بن رجاء.
3) وابن علية.
4) وعبد الوارث بن سعيد.
5) ووهيب بن خالد.
6) وسعيد بن زيد.
هؤلاء: قد رووه: عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ به.
أخرجه أبو داود في «سننه» (808)، والترمذي في «سننه» (1701)، والنسائي في «السنن» (ج1 ص89)، وابن ماجة في «سننه» (426)، وابن خزيمة في «صحيحه» (175)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص248)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص4)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23).
فحديث سفيان الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه. ([9])
قال الحافظ الترمذي في «السنن» (ج1 ص79)؛ قال البخاري: (حديث الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه الثوري.
والصحيح: ما روى إسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد، عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس).
* فوهم الحافظ البخاري، سفيان الثوري، ومن تابعه، وهو حماد بن سلمة، في هذا الإسناد. ([10])
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23): (كذا قاله: سفيان الثوري في هذا الإسناد: «عبيد الله».
* وكذلك: قاله حماد بن سلمة، فيما روى عنه الطيالسي... وحديث سفيان الثوري: وهم، قاله البخاري، وغيره).
* وأظن أن حماد بن سلمة، قد قلد: سفيان الثوري؛ فتابعه: في الوهم، فأخطأ، ولا بد.
ورواية: حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه: ابن عباس ﭭ به.
أخرجها ابن أبي حاتم في «العلل» (44).
* فوهم: حماد بن سلمة، في ذكره: عبيد الله بن عبد الله بن عباس، في الإسناد، إنما هو: «عبد الله بن عبيد الله بن عباس».
قال الحافظ أبو حاتم في «العلل» (ج1 ص464): (إنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، أخطأ فيه: حماد بن سلمة).
قلت: فخالف حماد بن سلمة، الجماعة، فأخطأ.
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص144)؛ سمعت أبي يقول: (روى الثوري، وحماد بن سلمة، عن موسى بن سالم، فقالا: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، ووهما.
* والصحيح: ما رواه حماد بن زيد، وعبد الوارث، ومرجى بن رجاء، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس).
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
ذكر الدليل على أن الخطأ والوهم في الأحاديث، لا يسلم منهما أحد من الرواة، حتى من الثقات، الأثبات، الحفاظ؛ من الأئمة الكبار في الحديث، لأن الله تعالى كتب الخطأ والوهم على بني آدم في هذه الحياة، ولا بد
عن عبد الله بن بحينة t أنه قال: (صلى لنا رسول الله r، ركعتين، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته، ونظرنا تسليمه، كبر سجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1224)، ومسلم في «صحيحه» (570)، وأبو داود في «سننه» (1034)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص345)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص96)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص99)، والنسائي في «السنن» (ج3 ص19)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج2 ص193)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص352 و353)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص333 و334) من طريق مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن عبد الله بن بحينة t به.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج4 ص370)، في تعليقه على هذا الحديث: (وفي هذا الحديث: بيان أن أحدا لا يسلم من الوهم والنسيان؛ لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء، فغيرهم بذلك أحرى). اهـ.
قلت: ولا شك أن الوهم: لا يسلم منه أحد؛ إلا أن الرواة، متفاوتون في ذلك.([11])
* والوهم: هو ما يخطئ فيه الراوي، وهو يظنه: على الصواب.
* وتجد هذه اللفظة في كتب الرجال، والعلل، فيقولون: «في حديثه: وهم»، أي: غلط، أو: «في حديثه: أوهام»، أو: «صدوق: يهم»، أو: «له أوهام».
* والطريق لمعرفة العلة في الحديث، لا بد من جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، لأن جمع الروايات من حيث اتفاقها، واختلافها، هو مفتاح بيان: الوهم واكتشافه.
قال الإمام مالك بن أنس /: (من ذا الذي لا يخطئ). ([12])
وفي رواية: مهنا قال: للإمام أحمد: كان غندر يغلط؟، قال: (أليس هو من الناس). ([13])
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج4 ص370)؛ في تعليقه كما سبق: على حديث سهو النبي r في الصلاة: (وفي هذا الحديث، بيان أن أحدا لا يسلم من الوهم، والنسيان؛ لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء؛ فغيرهم: بذلك أحرى). اهـ.
قال الحافظ الخطيب في «الجامع» (ج2 ص295): (السبيل إلى معرفة علة الحديث، أن يجمع طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان، والضبط). اهـ.
* والعلة: تقع في الإسناد، وهو الأكثر، وقد تقع في المتن.
* ولا شك: أن الوهم لا يسلم منه أحد، إلا أنهم متفاوتون في ذلك. ([14])
وقال الحافظ الترمذي / في «العلل الصغير» (ج1 ص431): (وإنما يتفاضل أهل العلم، بالحفظ، والإتقان، والتثبت: عند السماع، مع أنه لم يسلم من الخطأ، والغلط: كثير من الأئمة، مع حفظهم). اهـ.
قلت: فالراوي الثقة: معرض للخطأ، والوهم في الحديث، لأنه بشر، إلا أنه متفاوت بين الرواة الثقات.
قال الإمام ابن المبارك /: (ومن يسلم من الوهم). ([15])
وقال الحافظ يحيى بن معين / في «التاريخ» (ج3 ص549): (من لا يخطئ في الحديث، فهو: كذاب).
وقال الإمام العسكري / في «تصحيفات المحدثين» (ص5): (وما يسلم أحد من زلة، ولا خطأ؛ إلا من عصم الله تعالى). اهـ.
وعن الإمام علي بن المديني / قال: (كان شعبة بن الحجاج، يخطئ في أسماء الرجال). ([16])
لذلك: أطلق جماعة من أئمة الحديث، النكارة على مجرد تفرد الراوي الثقة، الثبت، لأنه: وهم في الحديث.
فيقال: «منكر الحديث». ([17])
فهذا: الإمام أحمد /، أنكر على جماعة من الرواة المحتج بهم في «الصحيحين»، ما تفردوا به، ووهموا في الحديث.
فقال الإمام أحمد / في «العلل» (ج1 ص205)؛ عن محمد بن إبراهيم التيمي: (يروي أحاديث مناكير، أو منكرة).
* فعلق على ذلك: الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص437)؛ في ترجمة: محمد التيمي بقوله: (المنكر: أطلقه: أحمد بن حنبل، وجماعة، على الحديث الفرد، الذي لا متابع له، فيحمل هذا على ذلك، وقد احتج به: الجماعة). اهـ.
وقال الإمام أحمد / في «العلل» (ج1 ص210)؛ في بريد بن عبد الله بن أبي بردة: (يروي أحاديث مناكير).
فقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص392)؛ معلقا: (احتج به الأئمة: كلهم، وأحمد، وغيره، يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة). اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج1 ص352): (وأما أكثر الحفاظ المتقدمين؛ فإنهم يقولون: في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه: «إنه لا يتابع عليه»، فيجعلون ذلك علة فيه). اهـ.
وقال الحافظ ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص53): (ويستعان على إدراك العلة: بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك). اهـ.
قلت: فيستدلون على العلة؛ بأمور منها: التفرد، أو التفرد مع المخالفة.
وقال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص359): (حديث المجروح: ساقط، واه.
* وعلة الحديث: يكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له علة، فيخفى عليهم: علمه، فيصير الحديث معلولا). اهـ.
قلت: وهذا يدل على أهمية: التفرد في الدلالة على العلة، وأن أحاديث الثقات؛ منها: الصحيح، ومنها: المعلول.
* إذا: فالشأن فيما تفرد به الثقة؛ فإنه قد يقبل، وهو معلول، بناء على صحة ظاهره، وثقة راويه.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص202): (والثقة إذا حدث بالخطأ، فحمل عنه، وهو لا يشعر أنه خطأ، يعمل به على الدوام للوثوق بنقله، فيكون سببا للعمل بما لم يقله الشارع). اهـ.
قلت: فهذا يدل على أن التفرد، هو أحد القرائن الدالة على العلة، وأن ميدان العلل، هو أحاديث الثقات.
قال الحافظ أبو داود / في «رسالته إلى أهل مكة» (ص46): (فإنه لا يحتج: بحديث غريب، ولو كان من رواية: مالك، ويحيى بن سعيد، والثقات من أئمة العلم، ولو احتج بحديث غريب، لوجدت من يطعن فيه). اهـ.
قلت: الوهم أيضا يأتي بسبب التقليد في الخطأ، كما وقع في هذا التقليد: عبد السلام الشويعر، فوقع في الوهم والخطأ، ولا بد.
* وهذا التقليد: هو أن يقلد الراوي أحد الثقات، فيتابعه في روايته، أو يدلس عنه، فيتابعه في الوهم، ولا بد.
* وقد أخطأ أبو عوانة، في اسم: «خالد بن علقمة»، فقال: «مالك بن عرفطة»، بسبب أنه قلد: شعبة بن الحجاج، في هذا الخطأ. ([18])
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ج3 ص715)؛ في رواية: ابن العبد: (قال أبو عوانة، يوما: حدثنا مالك بن عرفطة، عن عبد خير، فقال له عمرو الأعصف: رحمك الله: يا أبا عوانة، هذا: «خالد بن علقمة» ([19])، ولكن شعبة: مخطئ فيه، فقال أبو عوانة: هو في كتابي: «خالد بن علقمة»، ولكن قال لي شعبة: هو: «مالك بن عرفطة»).([20]) اهـ.
وهذا الحديث: أخرجه أبو داود في «سننه» (ق/21/ط)، و(ج1 ص82) من طريق شعبة قال: سمعت مالك بن عرفطة، سمعت عبد خير قال: (رأيت عليا t، أتي بكرسي، فقعد عليه، ثم أتي بكوز من ماء، فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد، وذكر هذا الحديث).
فقد أخطأ: شعبة بن الحجاج في تسمية شيخه، فقال: «مالك بن عرفطة»، والصواب: «خالد بن علقمة».
وقد خطأ: شعبة، فيه غير واحد من النقاد الحفاظ، المرجوع إليهم في هذا الفن.
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ق/21/ط): (أخطأ فيه شعبة، وإنما هو: «خالد بن علقمة»).
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (83)، و(99)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص68 و69) من طريق شعبة عن مالك بن عرفطة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب في «الفصل للوصل المدرج في النقل» (ج1 ص567 و568 و569)، بهذا الإسناد.
فوهم: شعبة بن الحجاج، فقال: «مالك بن عرفطة»، وإنما هو: «خالد بن علقمة».([21])
قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج3 ص715): (وعاب بعضهم: على أبي عوانة، كونه كان يقول: «خالد بن علقمة»، مثل: الجماعة، ثم رجع عن ذلك حين قيل له: إن شعبة يقول: «مالك بن عرفطة»، فاتبعه، وقال: شعبة أعلم مني. ([22])
* وحكاية: أبي داود، تدل على أنه رجع عن ذلك([23]): ثانيا، إلى ما كان يقول أولا: وهو: الصواب). اهـ.
وقال الإمام أحمد / في «العلل» (1210): (أخطأ: شعبة، في اسم: خالد بن علقمة، فقال: مالك بن عرفطة).
وقال الإمام البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج3 ص163): (خالد بن علقمة الهمداني: وقال شعبة: «مالك بن عرفطة»، وهو: وهم، وقال أبو عوانة مرة: «خالد بن علقمة»، ثم قال: «مالك بن عرفطة»).
قلت: يشير الإمام البخاري أن أبا عوانة: قلد شعبة، فأخطأ في تقليده.
وقال الإمام الترمذي في «السنن» (ج1 ص69): (روى شعبة هذا الحديث، عن خالد بن علقمة، فأخطأ في اسمه، واسم أبيه، فقال: «مالك بن عرفطة»، عن عبد خير، عن علي t).
* وابن جريج، قلد سفيان بن عيينة، في حديث: (أن النبي r، كان يمشي أمام الجنازة)، فأخطأ في إسناده.
أخرجه الترمذي في «السنن» (ج2 ص493 و494).
وقال الترمذي: «وأهل الحديث، كأنهم يرون، أن الحديث المرسل في ذلك أصح».
يعني: مرسل الزهري عن النبي r.
وأخرجه الترمذي في «سننه» (ج2 ص493)؛ موصولا، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه به.
* والمرسل: أصح. ([24])
قال الإمام عبد الله بن المبارك /: (حديث الزهري في هذا: مرسل، أصح من حديث سفيان بن عيينة، قال ابن المبارك: وأرى ابن جريج أخذه عن ابن عيينة).([25])
يعني: يشير أن ابن جريج قلد في هذا الخطأ: سفيان بن عيينة، فوقع في الخطأ، ولا بد.
قلت: وقلد حماد بن سلمة، سفيان الثوري في حديث، فتابعه في الوهم، فوقع في الخطأ والوهم؛ لأنه تابعه في المخالفة.
فأخرج أحمد في «المسند» (ج1 ص232) من طريق وكيع، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ قال: (أمرنا رسول الله r بإسباغ الوضوء).
وقد خالف: سفيان الثوري في روايته هذه، عن أبي جهضم، كل من:
1) حماد بن زيد.
2) ومرجى بن رجاء.
3) وابن علية.
4) وعبد الوارث بن سعيد.
5) ووهيب بن خالد.
6) وسعيد بن زيد.
هؤلاء: قد رووه: عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس ﭭ به.
أخرجه أبو داود في «سننه» (808)، والترمذي في «سننه» (1701)، والنسائي في «السنن» (ج1 ص89)، وابن ماجة في «سننه» (426)، وابن خزيمة في «صحيحه» (175)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص248)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص4)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23).
فحديث سفيان الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه. ([26])
قال الحافظ الترمذي في «السنن» (ج1 ص79)؛ قال البخاري: (حديث الثوري، غير محفوظ، ووهم فيه الثوري.
والصحيح: ما روى إسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد، عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس).
* فوهم الحافظ البخاري، سفيان الثوري، ومن تابعه، وهو حماد بن سلمة، في هذا الإسناد. ([27])
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص23): (كذا قاله: سفيان الثوري في هذا الإسناد: «عبيد الله».
* وكذلك: قاله حماد بن سلمة، فيما روى عنه الطيالسي... وحديث سفيان الثوري: وهم، قاله البخاري، وغيره).
* وأظن أن حماد بن سلمة، قد قلد: سفيان الثوري؛ فتابعه: في الوهم، فأخطأ، ولا بد.
ورواية: حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه: ابن عباس ﭭ به.
أخرجها ابن أبي حاتم في «العلل» (44).
* فوهم: حماد بن سلمة، في ذكره: عبيد الله بن عبد الله بن عباس، في الإسناد، إنما هو: «عبد الله بن عبيد الله بن عباس».
قال الحافظ أبو حاتم في «العلل» (ج1 ص464): (إنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، أخطأ فيه: حماد بن سلمة).
قلت: فخالف حماد بن سلمة، الجماعة، فأخطأ.
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص144)؛ سمعت أبي يقول: (روى الثوري، وحماد بن سلمة، عن موسى بن سالم، فقالا: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، ووهما.
* والصحيح: ما رواه حماد بن زيد، وعبد الوارث، ومرجى بن رجاء، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس).
* بل إن بعض المحدثين، ربما حدث بالحديث، ثم نسيه، وأنكر أن يكون حدث به، وهذا يدخل في «من حدث حديثـا، ثم نسي».([28])
روى أبو هريرة t، وقد حدث عن النبي r أنه قال: (لا عدوى ولا طيرة، ولا صفر ولا هامة). ([29])
ثم أنكر أبو هريرة، أنه حدث به.
قال أبو سلمة بن عبد الرحمن، الراوي عن أبي هريرة، هذا الحديث: (قد حدث به، وما سمعت: أبا هريرة نسي حديثـا غيره قط).
* وروى عمرو بن دينار، عن أبي معبد مولى ابن عباس، عن ابن عباس ﭭ قال: (ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله r؛ إلا بالتكبير).([30])
قال عمرو بن دينار: «فذكرت ذلك، لأبي معبد، فأنكره، وقال: لم أحدثك به، قال عمرو: وقد أخبرنيه قبل ذلك».
قال الإمام الشافعي في «الأم» (ج1 ص126): (كان قد نسيه، بعدما حدثه إياه).
* وقد حصل بمثل هذا النسيان، لكثير من أئمة الحديث.
قلت: فالنسيان من الأسباب الرئيسية في وقوع الرواة الثقات في الوهم، ولا يكاد يسلم منه أحد. ([31])
* وقد نسي عمر بن الخطاب t، حديث: «التيمم»، حتى ذكره فيه: عمار بن ياسر t.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص129 و130 و132 و133)، ومسلم في «صحيحه» (368).
وقال الإمام ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص118): (وقد روى كثير من الأكابر، أحاديث نسوها، بعدما حدثوا بها، عمن سمعها منهم). اهـ.
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
فتوى الإمام ابن القيم في أن الذي يتتبع لمعرفة خلافيات المتأخرين المقلدين، ويتتبع شواذهم في المسائل الفقهية................ |
5 |
2) |
ذكر الدليل على خطر تقليد العالم في خطئه، وفيما وقع فيه من الوهم، وخطر متابعة المقلد في اجتهاد هذا العالم وهو مخطئ؛ فالمقلد وقع في الإثم، والمقلد وقع له الأجر الواحد على اجتهاده، وهذا الذي قلد فيه: عبد السلام الشويعر؛ فوهم فيما قلد في الفقه دون دراية، ولا رواية............................................................................... |
6 |
3) |
ذكر الدليل على أن الخطأ والوهم في الأحاديث، لا يسلم منهما أحد من الرواة، حتى من الثقات، الأثبات، الحفاظ؛ من الأئمة الكبار في الحديث، لأن الله تعالى كتب الخطأ والوهم على بني آدم في هذه الحياة، ولا بد............................................................................ |
14 |
([1]) وهذا التقليد وقع فيه: عبد السلام الشويعر، فقلد الإمام أحمد، في مسألة: «وضع اليدين في الصلاة»، فوقع في الخطأ، ولا بد.
([2]) وهو خالد بن علقمة الهمداني، وهو صدوق.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 289)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص163).
([3]) وانظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص163)، و«الموضح» للخطيب (ج2 ص807)، و«الفصل للوصل المدرج في النقل» له (ج1 ص571)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص715)، و«تحفة الأشراف» للمزي (ج7 ص417).
([4]) وانظر: «تحفة الأشراف» للمزي (ج7 ص417)، و«العلل» للدارقطني (ج4 ص49)، و«الخلافيات» للبيهقي (ج1 ص134)، و«الفصل للوصل المدرج في النقل» للخطيب (ج1 ص571)، و«العلل» لابن أبي حاتم (ج1 ص56)، و«السنن» للنسائي (ج1 ص69).
([5]) هكذا: أهل التقليد يقعون في الأخطاء، بسبب تقليد العالم، لأنه أعلم منهم، دون أن يشعروا أنه يخطئ، ويصيب في الدين!
([6]) هل يرجع: عبد السلام الشويعر عن خطئه هذا، في هذا التقليد الأعمى إلى الصواب، بالقول في ثبوت السنة الصحيحة: «في وضع اليدين على الصدر في الصلاة».
([9]) وانظر: «السنن» للترمذي (ج1 ص179)، و«العلل الكبير» له (ج1 ص38)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص23)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص144).
([11]) وانظر: «الاستذكار» لابن عبد البر (ج4 ص370)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج2 ص142)، و«التاريخ» لابن معين (ج3 ص549)، و«الجامع لأخلاق الراوي» للخطيب (ج2 ص295)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج1 ص159)، و«هدي الساري» لابن حجر (ص455)، و«تصحيفات المحدثين» للعسكري (ص5)، و«فتح المغيث» للسخاوي (ج3 ص68).
([14]) وانظر: «تحفة الأشراف» للمزي (ج3 ص343)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص359)، و«تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج1 ص82)، و«تصحيفات المحدثين» للعسكري (ص5)، و«معرفة أنواع علم الحديث» لابن الصلاح (ص53)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج2 ص142)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص521)، و«صفة الصلاة» للشيخ الألباني (ج3 ص901)، و«المعرفة والتاريخ» لابن سفيان (ج2 ص197).
([17]) وانظر: «معرفة أنواع علم الحديث» لابن الصلاح (ص180)، و«هدي الساري» لابن حجر (ص455)، و«الرفع والتكميل» للكنوي (ص150 و151)، و«التاريخ» لابن معين (ج3 ص13).
([18]) وهذا التقليد وقع فيه: عبد السلام الشويعر، فقلد لرواية للإمام أحمد، في مسألة: «وضع اليدين تحت السرة في الصلاة»، فوقع في الخطأ، ولا بد.
([19]) وهو خالد بن علقمة الهمداني، وهو صدوق.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص 289)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص163).
([20]) وانظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص163)، و«الموضح» للخطيب (ج2 ص807)، و«الفصل للوصل المدرج في النقل» له (ج1 ص571)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص715)، و«تحفة الأشراف» للمزي (ج7 ص417).
([21]) وانظر: «تحفة الأشراف» للمزي (ج7 ص417)، و«العلل» للدارقطني (ج4 ص49)، و«الخلافيات» للبيهقي (ج1 ص134)، و«الفصل للوصل المدرج في النقل» للخطيب (ج1 ص571)، و«العلل» لابن أبي حاتم (ج1 ص56)، و«السنن» للنسائي (ج1 ص69).
([22]) هكذا: أهل التقليد يقعون في الأخطاء، بسبب تقليد العالم، لأنه أعلم منهم، دون أن يشعروا أنه يخطئ، ويصيب في الدين.
([23]) هل يرجع: عبد السلام الشويعر عن خطئه هذا، في هذا التقليد الأعمى إلى الصواب، بالقول في ثبوت السنة الصحيحة: «في وضع اليدين على الصدر في الصلاة».
([26]) وانظر: «السنن» للترمذي (ج1 ص179)، و«العلل الكبير» له (ج1 ص38)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص23)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص144).