الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / وقوع القرعة على وجوب هجر المبتدعة
وقوع القرعة على وجوب هجر المبتدعة
سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية
|
على
وجوب هجر المبتدعة
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الله تعالى
يبغض أهل البدع بجميع أنواعهم، وإن خطبوا، ودرسوا، وصلوا، وصاموا، وحجوا، وتصدقوا، لأنهم: يتعبدون الله تعالى بفعل البدع بالأحاديث الضعيفة، والمعلولة، وبرهبانية: ابتدعوها في الدين!
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (إن أبغض الأمور إلى الله تعالى البدع).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن نصر المروزي في «السنة» (ص95)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص316).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الاتباع» (ص77)، وأبو شامة في «الباعث على إنكار البدع والحوادث» (ص25).
قلت: فالله تعالى: يبغض المبتدعة؛ لأنهم: وضعوا لهم عبادات في الدين، مخالفة للكتاب والسنة، فلا تقبل منهم في الإسلام.
* فعنادهم هذا، بعد نصحهم، لا يفيدهم شيئا في قبورهم.
فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة).
أثر صحيح
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (ص24)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (ص91)، ومعمر الأزدي في «الجامع» (ج11 ص116)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص96).
وإسناده صحيح.
وأورده ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص226)؛ ثم قال: (وظاهر سياق هذا الحديث أنه: موقوف). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
من القرآن الكريم على مخالفة المميع المتحزب لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم زعم
* فقد حذر الله تعالى من مجالسة أهل البدع والأهواء، ومخالطتهم، والدخول عليهم.
وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68].
عن ابن عون قال: (كان محمد بن سيرين يرى أن هذه الآية نزلت في أهل الأهواء: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68]. وقرأ ابن عون حتى ختم الآية).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص216)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (353)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص289) من طريق عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا ابن عون به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي زمنين في «أصول السنة» (234)، والداني في «الرسالة الوافية» (ص150)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1314)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص 431 و496)، والفريابي في «القدر» (ص216) من طريق ابن مهدي، وأحمد بن سنان، وعبد الرحمن بن عمر الزهري، وابن أبي شيبة، وسعدان بن نصر؛ جميعهم: عن معاذ، عن ابن عون به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص292) وعزاه لابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وأبي الشيخ.
قلت: ويدخل في هذه الآية كل محدث([1]) في الدين، وكل مبتدع.
وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (ليس للمؤمن أن يقعد مع كل من شاء؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام: 68].
وقال تعالى: ﴿فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم
إذا مثلهم﴾([2]) [النساء: 140].
وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج9 ص108): (﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا﴾، وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإن صحبتهم كفر، أو معصية؛ إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة). اهـ
قلت: فعليك بأهل السنة والجماعة، فإذا شذ الشاذ عنهم، اختطفه الشيطان من الإنس والجن، كما يختطف الذئب الشاة من الغنم والله المستعان.
2) وقال تعالى: ﴿فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم﴾ [النساء: 140].
قلت: وقد نبهت الآية على التحذير من مجالسة أهل الكفر، وأهل البدع، وأهل المعاصي؛ لخطرهم على المسلمين، فنهى الله تعالى المسلمين عن مجالستهم، وإلا كان من أهل هذه الآية؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.([3])
قلت: فنهى الله تعالى المؤمنين أن يجلسوا مع من يخالف الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.
قال المراغي المفسر / في «تفسير القرآن» (ج5 ص184): (وفي الآية دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يدل على التنقص والاستهزاء بالأدلة الشرعية، والأحكام الدينية؛ كما يقع من إسراء التقليد([4]) الذين استبدلوا آراء العلماء بالكتاب والسنة، ولم يبق في أيديهم إلا: قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه كذا... وجعلوا رأي إمامهم مقدما على ما نطق به الكتاب، وأرشدت إليه السنة). اهـ
قلت: والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
* فهذه القاعدة توضح الألفاظ العامة في الحكم، وأن معاني الآيات تتناول أشياء كثيرة لدخول ما هو مثلها ونظيرها في الحكم عموما؛ لأنها ذكرت على سبيل المثال لتوضيح الألفاظ العامة، وليست معاني الألفاظ والآيات مقصورة عليها بحكم مخصوص على أناس معينين؛ لأن القرآن الكريم إنما نزل لهداية أول الأمة وآخرها.
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «القواعد الحسان» (ص7) عن هذه القاعدة: (وهذه القاعدة نافعة جدا، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع في الغلط والارتباك الخطير). اهـ
3) وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون﴾ [آل عمران: 118].
* فالله تبارك وتعالى نهى أهل الإسلام عن اتخاذ المنافقين، أو المشركين، أو المبتدعين بطانة وصحبة؛ لأنهم يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن، وإدخال الفساد عليهم، وبما يستطيعون من المكر والخديعة؛ لما يحملونه من البغض الشديد لهم، وما تخفي صدورهم أكبر: «أي: وما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم».
* وقد بين الله تبارك وتعالى الآيات للعقول السليمة، وأظهر لهم الدلالات الواضحة التي يميز بها بين الولي والعدو، ومن يصح أن يتخذ بطانة وصحبة، ومن لا يصح أن يتخذ بطانة وصحبة لخيانته وفساده، وسوء عاقبة مباطنته.
* وهذا فيه التحذير من مخالطة أهل الشر واتخاذهم بطانة من دون أهل السنة والجماعة.([5])
قال تعالى: ﴿مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء﴾ [النساء: 143].
قلت: فهؤلاء بطانة سوء، والله المستعان.
عن يحيى بن سعيد القطان قال: (لما قدم سفيان الثوري البصرة: جعل ينظر إلى أمر الربيع بن صبيح وقدره عند الناس، سأل: أي شيء مذهبه؟ قالوا: ما مذهبه إلا السنة!، قال: من بطانته؟! قالوا: أهل القدر، قال: هو قدري!).([6])
قلت: فلا تجالس صاحب إرجاء مميع، وإن ذب عن السنة، فإنه لا يؤول أمره إلى خير.
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص453): (رحمة الله على سفيان الثوري، لقد نطق بالحكمة، فصدق، وقال بعلم فوافق الكتاب والسنة، وما توجبه الحكمة، ويدركه العيان، ويعرفه أهل البصيرة والبيان، قال الله عز وجل: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم﴾ [آل عمران: 118].
قلت: فإذا تلاحمت الأبدان تواصلت القلوب والصحبة، والله المستعان.
* وبهذا جاءت السنة.
فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «الأرواح جنود مجندة،
فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف».([7])
قلت: فإذا تلاقت الأجساد واختلطت وتصاحبت في الدنيا، ائتلفت، واختلفت بحسب ما خلقت عليه، فيميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار، فيميل أهل السنة إلى أهل السنة، وأهل البدع إلى أهل البدع، وهذا وجه من الحديث.([8])
عن الإمام مصعب بن سعد / قال: (لا تجالس مفتونا؛ فإنه لن يخطئك منه إحدى اثنتين، إما أن يفتنك فتتابعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه).([9])
قلت: فلا تجالس أهل البدع فيتمكنوا من سمعك، فيصبوا فيه ما لا تقدر أن تخرجه من قلبك، اللهم سلم سلم.
4) وقال تعالى: ﴿واهجرهم هجرا جميلا﴾ [المزمل:10]، أي: اعتزلهم.
قلت: وإن كانت الآية في هجر أهل الكفر، فيدخل فيها هجران أهل البدع؛ لأن ذلك وقع من جهة المشابهة، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كم سبق بيانه.
قال الإمام ابن وضاح / في «البدع» (ص31): (وإياك أن يكون لك من أهل البدع أخ، أو جليس، أو صاحب). اهـ
قلت: ولقد حذر الله تعالى أيضا من صحبة الأشرار، والقعود معهم، ومنهم: أهل البدع الظلمة.
5) فقال تعالى: ﴿فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾ [الأنعام: 68].
وقال تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا﴾ [هود: 113].
قلت: والعبد يتأثر من صحبة أهل البدع؛ وذلك لأن الإنسان مجبول في أصل خلقه على الضعف، كما قال تعالى: ﴿وخلق الإنسان ضعيفا﴾ [النساء: 28].
* ولذلك أرشد الله تعالى عباده إلى ما يعينهم على حفظ دينهم من صحبة الأخيار، والصالحين، ومجالستهم.([10])
فقال تعالى: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا﴾ [الكهف: 28].
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص111): (وعليك بالآثار، وأهل الآثار، وإياهم فاسأل، ومعهم فاجلس، ومنهم فاقتبس). اهـ.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
من السنة النبوية على مخالفة المميع المتحزب لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم!
* فقد حذر النبي r من مجالسة أهل البدع والأهواء، ومخالطتهم، والدخول عليهم.
وإليك الدليل:
1) عن عائشة ڤ قالت: تلا رسول الله r هذه الآية: ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات﴾ فقال رسول الله r: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه([11]) منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) وفي رواية: (فلا تجالسوهم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص209)، وفي «خلق أفعال العباد» (167)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2053)، وأبو داود في «سننه» (4598)، والترمذي في «سننه» (2994)، و(2993)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص185)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص50)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن»(ج2 ص64)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص179)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص208)، والبيهقي في «الاعتقاد» (ص124)، وفي «الأسماء والصفات» (958)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص545)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص256)، والدارمي في «المسند» (147)، وابن حبان في «صحيحه» (73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (777)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (223)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص174)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص9)، وفي «معالم التنزيل» (ج2 ص9)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (ج2 ص389)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص9) من عدة طرق عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة ڤ به.
قلت: وبوب على حديث عائشة هذا: البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص220) بقوله: باب: مجانبة أهل الأهواء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجواب الباهر» (ص54) عن أهل البدع: (فهم يتبعون المتشابه من الكتاب، ويدعون المحكم، وكذلك يتمسكون بالمتشابه من الحجج العقلية والحسية... ويدعون البين الحق الذي لا إجمال فيه).اهـ
2) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم).
حديث حسن
أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ص23)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص302)، والخطيب في «الكفاية» (ص429)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج12 ص412)، وابو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص97)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج7 ص397)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص43)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214)، وابن بشران في «الفوائد» (680) من طريق أبي شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يقول: أخبرني مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة t يقول: قال رسول الله r... فذكره.
قلت: وهذا سنده حسن من أجل مسلم بن يسار الطنبذي([12]) ذكره ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص390)، ومسلم في «الكنى والأسماء» (ق/72/ط)، والجياني في «تقييد المهمل في تمييز المشكل» (ج2 ص337)، وقال عنه الذهبي في «الميزان» (ج4 ص107): «ولا يبلغ حديثه درجة الصحة، وهو في نفسه صدوق»، وقال الذهبي في «الكاشف» (ج3 ص126): «ثقة، وروى عنه ستة»، وقال ابن حجر في «التقريب» (ص941): «مقبول»، أي حيث يتابع وإلا فلين الحديث، وقد توبع بأبي عثمان شفي بن ماتع الأصبحي وهو ثقة؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص439).
والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج3 ص217)، والجورقاني([13]) في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214)، وحسنه البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223).
وبوب على حديث أبي هريرة: البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223) بقوله: باب: مجانبة أهل الأهواء.
قال الحافظ الجورقاني / في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214): (أخبر رسول الله r بكذابين يكونون في آخر الزمان، يكذبون عليه). اهـ
قلت: فهذا تحذير صريح منه r من أهل الأهواء، والذين في قلوبهم زيغ، وأهل التحريف، وأهل التقليد، وأهل التعصب، وأهل التحزب.
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص140)؛ عن الذي يتكلم بلا علم: (فالواجب على العاملين ألا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله). اهـ
3) وعن أبي موسى t قال: قال رسول الله r: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، واما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص227)، و(ج12 ص82)، ومسلم في «صحيحه» (ج16 ص178)، والحميدي في «المسند» (ج3 ص339)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص408)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (ص876)، والطيالسي في «المسند» (517)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص26)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص36)، وفي «الآداب» (ص186)، وفي «شعب الإيمان» (ج16 ص463)، وأبو الشيخ في «الأمثال في الحديث» (ص377)، وأبو داود في «سننه» (4830)، وأبو يعلى في «المسند» (7270)، و(7307) من طرق عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه به.
قلت: وفي الحديث الحث على مجالسة أهل السنة الصلحاء، ومجانبة أهل البدع البطلاء.
والحديث بوب عليه الحافظ البيهقي في «شعب الإيمان» (ج16 ص463) بقوله: ومن هذا الباب مجانبة الفسقة والمبتدعة، ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل.
قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج16 ص178): (فيه - يعني الحديث - تمثيله r الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير، وفيه فضيلة مجالسة الصالحين، وأهل الخير، والمروءة، ومكارم الأخلاق، والورع والعلم والأدب، والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع، ومن يغتاب الناس، أو لكثير فجره، وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج8 ص425): (فالبدع تكون أولها شبرا، ثم تكبر في الأتباع، حتى تصير أذرعا، وأميالا، وفراسخ).اهـ
4) وعن عبد الله بن مسعود t قال: «خط لنا رسول الله r خطا ثم قال: هذا سبيل الله. ثم خط خطوطا عن يمينه، وعن شماله، ثم قال: هذه سبل متفرقة، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: ﴿إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل([14]) فتفرق بكم عن سبيله﴾.
حديث حسن
أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص435)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص67)، والطيالسي في «المسند» (ص33)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص343) ومحمد بن نصر في «السنة» (ص5)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص13)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص80)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص10)، والآجري في «الشريعة» (ص10)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص318)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص196)، وفي «معالم التنزيل» (ج2 ص440) وفي «الأنوار» (ج2 ص768) من طريقين عن ابن مسعود t به.
قلت: وإسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، وهو صدوق؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص471).
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص76): (فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السنة، والسبل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين عن الصراط المستقيم، وهم أهل البدع، ليس المراد سبل المعاصي؛ لأن المعاصي من حيث هي معاص لم يضعها أحد طريقا تسلك دائما على مضاهاة التشريع، وإنما هذا الوصف خاص بالبدع المحدثات). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص80): (فهذا التفسير يدل على شمول الآية لجميع طرق البدع، لا تختص ببدعة دون أخرى). اهـ
عن العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله r موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: (أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص200 و201)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص126)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص104)، وفي «المجروحين» (ج1 ص109)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص45)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص17)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص19 و30)، و(ج2 ص483)، والآجري في «الأربعين» (ص33 و34)، وفي «الشريعة» (ص46)، والبيهقي في «المدخل» (ص115)، وفي «الاعتقاد» (ص130)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص10)، وفي «السنن الكبرى» (ج10 ص114)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص541)، والمروزي في «السنة» (ص26)، والبزار في «المسند» (ج10 ص137)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص182)، وفي «التمهيد» (ج21 ص279)، والهروي في «ذم الكلام» (ص34) من عدة طرق، عن العرباض t به.
قلت: وإسناده صحيح.
قال الحافظ ابن حجر / في «الموافقة» (ج1 ص137): هذا حديث صحيح رجاله ثقات.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
من آثار السلف الصالح على مخالفة المميع المتحزب؛ لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم!
* فقد زجر السلف الصالح أهل البدع بعدم مجالستهم ومناصحتهم، وجدالهم، والدخول عليهم، ومناظرتهم مطلقا.
وذلك لأسباب عدة، منها:
1) أنه لا يرجى رجوعهم إلى الحق، وتوبتهم من الباطل.
2) عدم انتفاعهم من الذكرى والنصيحة.
3) أنه شغل لا فائدة فيه، ويؤول إلى المراء والجدال، وضياع الوقت.
4) أنه لا يطمع في رجوع أهل البدع عن بدعهم بالنصيحة، فمناصحتهم شغل لا فائدة فيه.
5) الخوف من وقوع التشكيك والشبهة في قلب الناصح، فيلحق بأهل البدع.([15])
6) أن المبتدع يرى بدعته عبادة، فلا يتوب منها؛ لأن فعلها عن اعتقاد، بل لعله ربي عليها صغيرا، وهرم عليها كبيرا فكيف يتوب؟!.
7) صيانة للقلوب والعقول أن يدخلها الشبهات والشهوات كما هو معروف.
8) تغرير العامة بالدخول على أهل البدع، ونصحهم، فيغروهم؛ لأن العامي إذا دخل على أهل البدع – بسبب دخول الناصح – فهو كالشاة إذا خلا بها السبع!.
9) أنه قد زين للمبتدع سوء عمله فرآه حسنا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا، فماذا يفيد النصح يا مميع؟!.
10) الاحتراز من فتنة أهل البدع؛ لأن القلوب ضعيفة والشبه خطافة، فلا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه، ويستهين بشبه أهل البدع، فقد تخطف شبهة قلبه فتفسده، أو تشككه، أو يلين قلبه إليهم ويألفهم، وما ذاك إلا أن الشبهة تتزين للناصح، اللهم سلم سلم.
* ولذلك يتبين بطلان شبهة: «المميع» في أن السلفي القوي يدخل مع أهل البدع وينصحهم، والسلفي الضعيف، لا يدخل معهم، والله المستعان.([16])
قلت: فهذا التفريق من: «المميع» من البدع المحدثة؛ لأنه لم يكن من منهج السلف، بل السلف لم يفرقوا بين هذا، وذاك فتنبه.
وإليك الدليل:
1) عن ابن عباس ﭭ قال: (لا تجالس أهل الأهواء، فإن مجالستهم ممرضة للقلوب).
أثر حسن
أخرجه الآجري في «الشريعة» (133)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (598) من طريق هشام بن عبد الملك الحمصي قال: حدثنا محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سليم، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن ابن عباس به.
قلت: وهذا سنده حسن.
2) وعن الزبرقان السراج قال: (نهاني أبو وائل أن أجالس أصحاب أرأيت).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص282)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص203)، والبيهقي في «المدخل» (229)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (415)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1076) من طرق، عن الزبرقان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
3) وعن الإمام أبي قلابة / قال: «لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم([17])، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا([18]) عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم». وفي رواية: (أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص212 و213)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (233)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص36)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (99)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (17)، وفي «الرد على المبتدعة» (ص47)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص60)، وفي «القضاء والقدر» (ج2 ص725 و726)، وفي «الاعتقاد» (ص48)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (328)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص552)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص287 و437)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص184)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص284)، والذهبي في «السير» (ج4 ص472)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص389)، والآجري في «الشريعة» (61)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص134)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص120)، وابن وضاح في «البدع» (55)، والخلال في «السنة» (1968)، والأصبهاني في «الترغيب» (462) من طرق عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (65)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص227).
4) وعن الإمام يحيى بن أبي كثير / قال: (إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في غيره). يعني: هجره.
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص214)، والآجري في «الشريعة» (67)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص137)، وابن وضاح في «البدع» (55)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص69)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص315)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (490)، وأبو إسحاق الفزاري في «السير» (ج6 ص29)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص60)، وابن البناء في «المختار من أصول السنة» (ص49)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص49) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده الذهبي في «السير» (ج6 ص29).
قال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص458): (ومن كان على طريقة هؤلاء من العلماء، وينبذ من سواهم، ولا يناظر، ولا يجادل، ولا يخاصم، وإذا لقي صاحب بدعة في طريق أخذ في غيره، وإن حضر مجلسا هو فيه قام عنه، هكذا أدبنا من مضى من سلفنا). اهـ
وقال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص487): (فاتقوا اللهيا أهل القرآن، ويا أهل الحديث، ويا أهل الفقه، ودعوا المراء والجدال والخصومة في الدين، واسلكوا طريق من سلف من أئمتكم، يستقم لكم الأمر الرشيد، وتكونوا على المحجة الواضحة إن شاء الله). اهـ
5) وعن سعيد بن عامر قال: سمعت جدي أسماء بن عبيد الضبعي يحدث، قال: (دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث، قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله، قال: لا، لتقومان عني، أو لأقومن، فقام الرجلان، فخرجا، فقال بعض القوم: ما كان عليك أن يقرأا آية؟ قال: إني كرهت أن يقرأا آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص215)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص120)، واللالكائي في «الاعتقاد» (242)، والآجري في «الشريعة» (ص62)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (398)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (100) من طريق سعيد بن عامر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
6) وعن سلام بن أبي مطيع قال: (سأل رجل من أصحاب البدع أيوب السختياني، فقال: يا أبا بكر؟ أسألك عن كلمة قال: فولى أيوب، وهو يقول:
ولا نصف كلمة، ولا نصف كلمة، وهو يشير بإصبعه).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص121)، واللالكائي في «الاعتقاد» (291)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص394)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص447)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص183)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص21)، والفريابي في «القدر» (ص215)، والآجري في «الشريعة» (ص62)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص9)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (101)، وأبو القاسم البغوي في «زياداته على مسند ابن الجعد» (1237) من طريق سعيد بن عامر حدثنا سلام بن أبي مطيع به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص227)، والذهبي في «السير» (ج6 ص21).
قلت: والدخول على أهل البدع ونصحهم يعتبر ذلك من المراء والخصومة والجدل المنهي عنه؛ وذلك لأنهم يجادلون عند نصحهم ومناقشتهم، وهي ساعات الجهل، وبها يبتغي الشيطان الزلات، اللهم غفرا.
7) وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (من جلس مع صاحب بدعة فاحذره، ومن جلس مع صاحب البدعة لم يعط الحكمة، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب البدعة حصن من حديد).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص638)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (249)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص106)، وأبو عبد الرحمن السلمي في «طبقات الصوفية» (ص9 و10) من طرق عن مردويه الصائغ سمعت الفضيل بن عياض فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
8) وعن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله – يعني: الإمام أحمد – يقول: (أهل البدع ماينبغي لأحد أن يجالسهم، ولا يخالطهم، ولا يأنس بهم).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص475)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ق/7/ط)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص228) من طرق عن حنبل بن إسحاق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده السفاريني في «لوامع الأنوار البهية» (ج1 ص109).
قلت: فلا تجالس أحدا من أهل البدع، عسى أن تسلم، اللهم غفرا.
9) وعن أيوب السختياني قال: قال لي أبو قلابة: (لا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاءوا).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص134)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج28 ص30)، والهروي في «ذم الكلام» (808)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص445) من طريقين عن أحمد بن عصمة الخزاز قال: حدثنا محمد بن عمرو الأنصاري، عن أيوب السختياني به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فينبذوا فيه من الشبهات ما شاءوا، والعياذ بالله.
10) وعن عثمان بن زائدة قال: (أوصاني سفيان الثوري قال: لا تخالطوا صاحب بدعة).
أثر لا بأس به
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص463) من طريق هارون بن إسحاق قال: حدثني بعض أصحابنا عن عبد العزيز بن أبي عثمان قال: سمعت عثمان بن زائدة به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به في الشواهد.
11) وعن إسماعيل الطوسي قال: قال لي ابن المبارك /: (إياك أن تجلس مع صاحب بدعة).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص463)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص168)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (9036)، واللالكائي في «الاعتقاد» (260) من طريقين عن عبد الصمد بن يزيد الصايغ قال: سمعت إسماعيل الطوسي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فإياك أن تجلس مع أهل البدع([19])، فإنهم يفتون فيما يعجز عنه أهل الكفر.([20])
قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج13 ص106): (هجران أهل البدع والفسوق، ومنابذي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائما). اهـ
12) وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: (احذروا الدخول على أصحاب البدع، فإنهم يصدون عن الحق).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص137) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد الصايغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
13) وعن الحسن البصري، وابن سيرين أنهما قالا: (لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص121)، والجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص36)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص754)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص172)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1803)، واللالكائي في «الاعتقاد» (240)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص444) من طرق عن زائدة بن قدامة، عن هشام بن حسان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
14) وعن الإمام الحسن البصري / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب).
أثر صحيح
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (138)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص438) من طريقين عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن وضاح في «البدع» (126) من وجه آخر، ولا يصح.
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص83).
قلت: فلا تجالس أهل الأهواء؛ فتسمع منهم كلمة فترديك فتضلك، اللهم غفرا.
15) وعن الإمام إبراهيم النخعي / قال: (لا تجالسوا أصحاب الأهواء، فإني أخاف أن ترتد قلوبكم).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص439)، وابن وضاح في «البدع» (134)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص222) من طريق زيد عن محمد بن طلحة قال: قال إبراهيم النخعي به.
* هكذا بدون واسطة: بين محمد وابراهيم، وذكرت الواسطة في إسناد ابن بطة، وأبو نعيم: بين محمد، وإبراهيم، وهذه الواسطة: «الهجنع بن قيس الكوفي» قال عنه الدارقطني: «لا شيء» ([21])، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص589)([22]).
قلت: فالأثر لا بأس به في الشواهد.
وانظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج4 ص293)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج6 ص196).
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص84).
قلت: فلا تجالس أهل الأهواء؛ فإنهم يحدثون في قلبك ما لم يكن فيه...
فإن فعلت، فهذا جهل محض، والله المستعان.
قال علي بن أبي طالب t؛ لرجل رآه يصحب رجلا كرهه له:
ولا تصحب أخا الجهل |
|
|
وإيــــــــــــــــك وإيـــــــــــــــاه |
فــكــم مــن جــاهـــــل أردى |
|
|
حــلــيــــمــا حـــيــــن آخــــاه |
يــقــــــاس الـــمــــرء بـالمرء |
|
|
إذا مـــــــا هــــــــو مـــــــاشــاه |
وللــــشــــيء عـــلـــى الشيء |
|
|
مــقــايــيـــــس وأشــــــبـــــــاه |
وللـــــروح عــــلــــى الــروح |
|
|
دلــيــــــل حــيــــن يــــلـــــقـاه |
وذو الـــحــــــزم إذا أبـــصـــر |
|
|
مـــــــــــا يــــخـــشــــــى توقاه |
وذو الـــغــــفــــلــــــة مـغرور |
|
|
وريــــــــب الـــدهــــر يــدهاه |
ومـــن يعرف صروف الدهر |
|
|
لا يــبـــطــــره نــعــمـــــــاه([23]) |
قلت: وإذا كانت هناك مصلحة في نصحهم ودعوتهم لتبيين الحق لهم، وتحذيرهم من بدعهم، وإقامة الحجة عليهم، فلا بأس أن يكون النصح عن طريق المراسلة والمكاتبة، وكذلك عن طريق الكتب والأشرطة وكفى.([24])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح حلية طالب العلم» (ص104): (وإياك وجليس السوء، فإن المرء على دين خليله، وكم من إنسان مستقيم قيض الله له شيطانا من بني آدم، فصده عن الاستقامة!). اهـ.
قلت: ولا تخالطهم إلا حالة الضرورة القصوى، وبالتوقي لحظة، ثم انفر عنهم، وأقبل على دينك بإخلاص وصدق؛ لأن ذلك يأتي بالخير – بإذن الله –، والله يصرف السوء عنك.
19) وعن سلمة بن علقمة قال: (كان محمد بن سيرين ينهى عن الكلام، ومجالسة أهل الأهواء).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص522) من طريق بشر بن المفضل، عن سلمة بن علقمة به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: لأن الناس يسارعون إلى البدع، اللهم سلم سلم.
20) وعن عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول: (أصول السنة عندنا:... وذكر منها:- وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء).([25])
21) وعن معمر الأزدي قال: (كان ابن طاوس جالسا، فجاء رجل من المعتزلة، فجعل يتكلم.
قال: فأدخل ابن طاوس أصبعيه في أذنيه، وقال لابنه: (أي بني، أدخل أصبعيك في أذنيك واشدد، ولا تسمع من كلامه شيئا).([26])
قال معمر: يعني؛ أن القلب ضعيف.
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص446)، وعبد الرزاق في «المصنف» (2099)، واللالكائي في «الاعتقاد» (248)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (489)، والهروي في «ذم الكلام» (757)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص45) من طريق معمر الأزدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال تعالى: ﴿قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث﴾ [المائدة: 100].
قال تعالى: ﴿ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض﴾ [الأنفال: 37].
قلت: ومما لا شك فيه أن الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، وعلماء السنة مجمعون ومتفقون على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم.
وقد بوب أهل العلم من المحدثين والفقهاء تبويبات عدة في معاداة أهل البدع ومهاجرتهم.([27])
قال الحافظ أبو داود في «السنن» (ج4 ص198): باب: مجانبة أهل الأهواء وبغضهم.
وقال الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج3 ص14): الترهيب من حب الأشرار وأهل البدع؛ لأن المرء مع من أحب.
وقال الحافظ النووي في «الأذكار» (ص323): باب: التبري من أهل البدع والمعاصي.
وقال الحافظ البيهقي في «الاعتقاد» (ص313): باب: النهي عن مجالسة أهل البدع ومكالمتهم.
وقال الحافظ أبو الفتح المقدسي في «الحجة على تارك المحجة» (ج1 ص319): باب: الأمر بهجران أهل البدع.
وقال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص219): باب: مجانبة أهل الأهواء.
وقال الحافظ ابن وضاح / في «البدع» (ص88): باب: النهي عن الجلوس مع أهل البدع وخلطتهم، والمشي معهم.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك
على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
الله تعالى يبغض أهل البدع بجميع أنواعهم، وإن خطبوا، ودرسوا، وصلوا، وصاموا، وحجوا، وتصدقوا، لأنهم: يتعبدون الله تعالى بفعل البدع بالأحاديث الضعيفة، والمعلولة، وبرهبانية: ابتدعوها في الدين!................................................................................................. |
5 |
2) |
ذكر الدليل من القرآن الكريم على مخالفة المميع المتحزب لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم زعم............................................................................................ |
7 |
3) |
ذكر الدليل من السنة النبوية على مخالفة المميع المتحزب لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم!.................................................................................................. |
15 |
4) |
ذكر الدليل من آثار السلف الصالح على مخالفة المميع المتحزب؛ لأمره بمخالطة أهل البدع، ومناصحتهم، والدخول عليهم من أجل دعوتهم! ................................................................................................. |
23 |
[1]) الحدوث: كون شيء لم يكن.
* ومحدثات الأمور: ما ابتدعه أهل الأهواء من البدع في الدين، التي كان السلف الصالح على غيرها.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص796).
[2]) أثر حسن.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص481)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص398) بإسناد حسن.
[3]) وانظر: «السنن» لسعيد بن منصور (ج4 ص1406)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج2 ص228)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص418)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج11 ص111).
[4]) فأدخل الشيخ المراغي: أهل التقليد من المتعصبة لمذاهبهم الفقهية في هذه الآية أيضا، اللهم غفرا.
[5]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج4 ص45)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص406)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج4 ص203)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ص497 و498)، و«جامع البيان» الطبري (7693 و7694).
[6]) أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص453)؛ بإسناد صحيح.
[7]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2638)، وابو داود في «سننه» (3336)، واحمد في «المسند» (ج2 ص295)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص454).
[8]) وانظر: «المنهاج» للنووي (ج16 ص185)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج11 ص111).
[9]) أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص458)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص16)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (235)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص91)، وفي «الاعتقاد» (ص118)؛ بإسناد صحيح.
وأورده ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (141)، والأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص486).
[10]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص80).
قلت: وقد فطرت النفس على التأثر سلبا، أو إيجابا بالمجتمع الذي تعيش فيه، اللهم سلم سلم.
[11]) ومن ذلك أنهم يتخذون الخلاف بين العلماء ذريعة، للحصول على الفتاوى المخالفة للكتاب والسنة، التي تخدمهم، والله المستعان.
[12]) الطنبذي: بطاء مهملة مضمومة بعدها نون ساكنة ثم باء معجمة بنقطة واحدة، وذال معجمة.
* وهو منسوب إلى: «طنبذ»، قرية من قرى مصر؛ كما قال الجياني في «تقييد المهمل وتمييز المشكل» (ج2 ص337)، وكذا قال السمعاني في «الأنساب» (ج4 ص75)، وزاد: من «البهنسا»، وهي من الطبارحيات.
* لكن ضبطها ياقوت في «معجم البلدان» (ج4 ص42) بخلاف ذلك فقال: (طنبذة: ثانية ساكن، والباء مفتوحة موحدة، واخره ذال معجمة...).
[13]) انظر: «الأنساب» للسمعاني (ج2 ص114).
[14]) وهي: الأهواء والآراء المختلفة في الضلالات.
انظر: «تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج5 ص1422).
[15]) فعن مغيرة قال: قال محمد بن السائب: (قوموا بنا إلى المرجئة نسمع كلامهم، قال: فما رجع حتى علقه).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص471).
وإسناده صحيح.
قلت: فهل من مدكر!.
[16]) قلت: وكذلك لعدم الضابط في هذه المسالة؛ لأنه ممكن أن يأتي شخص ويقول: أنا سلفي قوي، وهو في ذاته ضعيف، ثم من الذي يأمن على نفسه من الدخول على أهل البدع.
قلت: إذا من منهج السلف عدم مخالطة أهل البدع مطلقا.
[17]) قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج7 ص261): (أكثر السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة!). اهـ
[18]) يلبسوا: التلبيس جعل الأمور مختلطة مشتبهة مشكلة.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص204).
[19]) قلت: فلا تأنس بخلطاء أهل البدع، فقد بحثت التجارب، فإذا أكثرهم حساد وحقاد، لا يسترون مسلما، ولا يواسون صديقا، ولا يعرفون لجليس حقا.
قلت: فلا تواطن من لا يصلح من الناس.
[20]) فلا تجالس عدوك المبتدع؛ فإنه يمكر بك في الخطأ، ثم يبديه عند إظهار خيانته لك، ويماريك ويجادل في الصواب والسنة، اللهم سلم سلم.
وانظر: «بهجة المجالس» لابن عبد البر (ج1 ص50).
[21]) انظر: «لسان الميزان» لابن حجر (ج7 ص257).
[22]) وانظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج8 ص256)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج9 ص122).
[23]) أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص465).
[24]) قلت: وذلك خوفا من الفتنة بالمجالسة، وترويجها بين الناس، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب في الشرع.
وانظر: «شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص159).
[25]) «أصول السنة» (ص35).
[26]) قلت: لأن القلب ضعيف، ولعله أن يسمع من المبتدع كلمة ضالة فتدخل قلبه، فلا يرجع قلبه بعد ذلك عن هذه الضلالة، والله المستعان.
[27]) فواجه الصحابة والتابعون الكرام هذه الفرق المبتدعة، مواجهة حاسمة بالسيف واللسان، فحذروا الناس منهم، وتبرؤوا من البدع وأهلها، وهجروهم ونابذوهم، وما ذلك إلا اتباعا للطريقة الشرعية في معاملة أهل البدع والأهواء.