القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / كشف المتواري من تلبيسات، وتدليسات وخيانات، وتحريفات منصور بن عبد العزيز السماري ويليه: نصب الراية في الرد على: منصور السماري، لجهله بحكم صوم يوم عرفة؛ رواية ودراية

2024-08-05

صورة 1
كشف المتواري من تلبيسات، وتدليسات وخيانات، وتحريفات منصور بن عبد العزيز السماري ويليه: نصب الراية في الرد على: منصور السماري، لجهله بحكم صوم يوم عرفة؛ رواية ودراية

سلسلة

النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية

 

 

ب

 

 

 
  شكل بيضاوي: 46

 

 

 

 

 

كشف المتواري

من

تلبيسات، وتدليسات وخيانات، وتحريفات

منصور بن عبد العزيز السماري

 

ويليه:

نصب الراية

في الرد على: ((منصور السماري))، لجهله بحكم صوم يوم عرفة؛ رواية ودراية

تأليف:

العلامة المحدث الفقيه

فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه

   
 
 
 
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إلماعة:

* دراسة أثرية منهجية علمية؛ في الرد على: «منصور بن عبد العزيز السماري» العنيد، فيما افترى على الله تعالى من إيمان العبيد، وغير ذلك من الضلال البعيد، مما ضل فيه في الأصول والتوحيد.

فلا ينبغي أن يؤخذ عنه العلم، ولا كرامة، لأنه أتقن علم الإرجاء، وهو من: «المرجئة السادسة» وعنده مداهنات من سنوات طويلة مع «الخوارج»، في «قنواتهم المرئية» فوقع في الضلال المبين.

ولما أظهر الضلال في: «الإرجاء» وغيره، فلابد من قمعه، وزجره.

* ولم يأل أهل السنة، جهدا قديما وحديثا في بذل النصائح: «للمرجئة» في هذا الزمان، لعلهم يرجعون عن ضلالهم، وينتهون إلى ما انتهى إليه سلف الأمة من قبلهم في أحكام الأصول والفروع؛ لغلبة جهلهم المركب في الدين.

* وهذا «السماري» مع سماعه، لهذه النصائح؛ إلا أن نفسه الأمارة بالسوء غلبت عليه فآثر هواه، وعناده على الانصياع إلى الحق، وخلا قلبه؛ إلا من حبائل الشيطان ونزعاته.

* فأمكنت الشبهة من نفسه، واستقرت في شغاف قلبه الخالي من قوة الإيمان، فلم يأبه لناصح، ولكن: ]فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء[ [الأنعام: 125].

* وقد دحضنا شبه ضلال: «منصور السماري» الجاهل، بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار الصحابية، وأقوال العلماء السلفية.

* فحري بطالب العلم أن يطلع على هذا الكتاب النافع، ليقف على مدى ما وصل إليه: «منصور السماري» المتعالم من الضلال المبين، فهو زائغ صاحب رأي، لا يقبل قوله، ولا كرامة.

* وبيان مخالفة: «منصور السماري» المرجئ الزائغ عن الحق، لأئمة الدعوة النجدية في بلد الحرمين في مسائل الإيمان، وفي غيرها، منهم: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبدالرحمن بن الحسن، والشيخ سليمان بن عبدالله، والشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر، والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبدالرحمن السعدي، والشيخ إسحاق بن عبدالرحمن بن حسن، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب، والشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن، والشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وغيرهم.

 

 

 

 

 

    

فتوى:

الإمام ابن رجب /، على أن قول جمهور العلماء:

على تكفير تارك الصلاة، بل هو بالإجماع، وهذا فيه زجر لـ«منصور السماري» الذي يقول بتقليد منه؛ بعدم تكفير تارك الصلاة، بل يعدم تكفيره من ترك الفرائض كلها، وأنه يعتبر من «المرجئة السادسة» ([1]) في هذا العصر

 

قال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص21): (وكثير من علماء أهل الحديث([2]): يرى تكفير تارك الصلاة، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا([3]) منهم، حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقوال المرجئة).اهـ

ﭑ ﭑ ﭑ

    

درة نادرة

في

فرقة المرجئة الضالة المبتدعة

 

1) عن جعفر الأحمر قال: قال منصور بن المعتمر: (في شيء لا أقول كما قالت المرجئة الضالة المبتدعة).

أثر حسن

أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص41)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص886)، والآجري في «الشريعة» (ج2 ص682)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص312)؛ بإسناد حسن.

* وهكذا وصفهم الإمام منصور بن المعتمر؛ لأن ما ابتدعت في الإسلام، بدعة أضر على أهله من الإرجاء، اللهم سلم سلم.

قلت: وهذا الوصف لجميع أصناف: «المرجئة» الضالة القديمة والحديثة.

2) وقال الإمام إبراهيم النخعي /: «لفتنة المرجئة على هذه الأمة أخوف عندي من فتنة الأزارقة».([4])

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص562)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص274)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص769)، والآجري في «الشريعة» (ج2 ص678)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص313)؛ بإسناد صحيح.

قلت: «فالمرجئة»، أخوف عند الإمام إبراهيم النخعي /، على أهل الإسلام، من عدتهم من: «الأزارقة الخارجية»، اللهم سلم سلم.

3) وقال الإمام عنبسة بن سعيد الكلاعي /: «ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره على المسلمين، واختلجت([5]) منه الأمانة ».

أثر صحيح

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص126)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1ص304)، وابن بطة في «الإبانة الصغرى»؛ تعليقا (ص55)؛ بإسناد صحيح.

* لأن إذا حدث الرجل بالبدعة بدعة الإرجاء وغيرها وتمكنت من قلبه ودعى إليها سلب ورعه وأمانته، وحمل غلا وحقدا على الإسلام والمسلمين؛ فافهم هذا ترشد.

قلت: وما حدث من: «أهل الإرجاء» في هذا العصر من عداوتهم، مع أهل السنة والجماعة، من العلماء وطلبتهم، لهو واضح، كل ذلك بسبب بدعة الإرجاء، والعياذ بالله.

4) وقال الإمام سفيان الثوري /: «دين محدث دين الإرجاء».

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص563)، والأجري في «الشريعة» (ج2 ص682)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص785)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص311)؛ بإسناد صحيح.

5) وقال الإمام أحمد /؛ بعدما سأله: ابنه صالح، عن من لا يرى: «الإيمان قول وعمل»، قال: «هؤلاء المرجئة».

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص566)؛ بإسناد صحيح.

6) وقال الإمام أحمد /: «الإيمان لا يكون إلا بعمل».

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص566)؛ بإسناد صحيح.

7) وقال سلمة بن كهيل /: «اجتمعنا في الجماجم: أبو البختري الطائي، وميسرة أبو صالح، وضحاك المشرفي، وبكير الطائي، فأجمعوا على أن الإرجاء بدعة، والولاية بدعة، والشهادة بدعة».

أثر صحيح

أخرجه أبو عبيد في «الإيمان» (22)، وأحمد في «الإيمان» (ق/119/ط)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص905)؛ بإسناد صحيح.

قلت: والجمع الذين أجمعوا على بدعة الإرجاء، من صفوة علماء التابعين رحمهم الله.

قال الحافظ ابن بطة / في «الإبانة الصغرى» (ص220): (الشهادة: إن يشهد لأحد ممن لم يأت فيه خبر أنه من أهل الجنة أو النار، والولاية: أن يتولى قوما، ويتبرأ من آخرين، والبراءة: أن يبرأ من قوم هم على دين الإسلام والسنة). اهـ

8) وعن الأوزاعي قال سمعت بلال بن سعد يقول: «إذا رأيت الرجل مماريا معجبا برأيه؛ فقد تمت خسارته».

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص524)؛ بإسناد صحيح.

قلت: فأي عبد أعجب برأيه المخالف؛ للكتاب والسنة، ومنهج السلف؛ فقد تمت خسارته، كائنا من كان، والله المستعان.

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

مقدمة:

* في ذكر الأدلة على أن الإيمان: قول وعمل، وأنه لابد أن يكون: بالنطق باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وهذا بالإجماع.

* وفي بيان ذلك، شذوذ: المدعو: «منصور السماري» عن أدلة القرآن، وأدلة السنة، وأدلة الصحابة، وأدلة التابعين، وأدلة الأئمة.

* ويظهر بذلك: ضلال الجاهل: «منصور السماري» في مسائل الإيمان وغيرها، وأنه يجازف في الدين.

* بل وفي ذلك قمع: للمتعالم: «منصور السماري»، وأنه من دعاة: «المرجئة السادسة»، وهو ضال، مضل في الدين.

* وأنه من دعاة على أبواب جنهم، وأنه لو طبق فكره الخبيث هذا: «الإرجاء»، لهدم الدين كله من أسه، فلا صلاة، ولا زكاة، ولا صيام، ولا حج، ولا غير ذلك من الأعمال.

 

 

 

 

    

رب يسر يا كريم

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران:102].

]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 -71].

أما بعد...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن من أصول عقيدة أهل الحديث والسنة: أن الإيمان قول وعمل... قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.([6])

* وإليك الدليل من الكتاب الكريم على قول اللسان:

قال تعالى: ]إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور[ [فاطر: 29].

وقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا[ [الأحزاب: 41].

وقال تعالى: ]قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا[ [البقرة: 136].

* وهذه الآيات القرآنية وغيرها تبين عمل اللسان الذي أمر الله تعالى به عباده، وهذه الأعمال تؤدى باللسان من النطق بالشهادتين، والإقرار بلوازمها، وتلاوة القرآن، وسائر الأذكار من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والدعاء، والاستغفار، والدعوة إلى الله تعالى وغير ذلك من الأعمال التي تؤدى باللسان؛ فهذا كله من الإيمان.([7])

* وإليك الدليل من الكتاب الكريم على اعتقاد القلب:

قال تعالى: ]والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون (33) لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين[ [الزمر: 33-34].

وقال تعالى: ]ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه[ [الأنعام: 52].

وقال تعالى: ]وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين[ [الأنعام: 75].

* وهذه الآيات القرآنية وغيرها تبين عمل القلب الذي أمر الله تعالى به عباده، وهذه الأعمال تؤدى بالقلب من نية، وإخلاص، وإذعان، وخضوع، وانقياد، وتوكل، وخشية، وتعظيم، ومحبة، وإرادة، وغير ذلك من الأعمال التي تؤدى بالقلب؛ فهذا كله من الإيمان.([8])

* وإليك الدليل من الكتاب الكريم على عمل الجوارح:

قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون (77) وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم[ [الحج: 77 -78].

وقال تعالى: ]قد أفلح المؤمنون (1) الذين هم في صلاتهم خاشعون (2) والذين هم عن اللغو معرضون (3) والذين هم للزكاة فاعلون[ [المؤمنون: 1-4].

وقال تعالى: ]إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا[ [الكهف: 107].

* وهذه الآيات القرآنية وغيرها تبين عمل الجوارح الذي أمر الله تعالى به عباده، وهذه الأعمال تؤدى بالجوارح من صلاة، وصيام، وحج، وصدقات، وجهاد، وغير ذلك من الأعمال التي تؤدى بالجوارح؛ فهذا كله من الإيمان.([9])

* وإليك الدليل من السنة النبوية على قول اللسان:

(1) عن ابن عمر أن رسول الله r قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ... الحديث).([10])

 (2) وعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ... الحديث).([11])

(3) وعن سفيان بن عبد الله t قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال (قل: آمنت بالله ثم استقم).([12])

* فهذه الأحاديث النبوية وغيرها تبين قول اللسان، الذي أمر رسول الله r به العباد، وهذا القول يؤدى باللسان، وهو من الإيمان.([13])

* وإليك الدليل من السنة النبوية على اعتقاد أو عمل القلب:

(1) عن أبي سعيد الخدري t عن النبي r قال: (يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، وفي رواية: (من خردل من خير).([14])

(2) وعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).([15])

(3) وعن عمر بن الخطاب t قال سمعت رسول الله r يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه). ([16])

(4) وعن أبي سعيد الخدري t قال سمعت رسول r يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).([17])

* فهذه الأحاديث النبوية وغيرها تبين اعتقاد القلب، الذي أمر رسول الله r به العباد، وهذا الاعتقاد يؤدى بالقلب، وهو من الإيمان.([18])

* وإليك الدليل من السنة النبوية على عمل الجوارح:

(1) عن ابن عمر قال سمعت رسول الله r يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).([19])

(2) وعن جابر بن عبدالله : أن رجلا سأل رسول الله r فقال: (أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئا، أدخل الجنة؟ قال نعم).([20])

(3) وعن أبي هريرة t أن رسول الله r سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: (إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور).([21])

* فهذه الأحاديث النبوية وغيرها تبين عمل الجوارح، الذي أمر رسول الله r به العباد، وهذا العمل يؤدى بالجوارح، وهو من الإيمان.([22])

* فهذه هي الأدلة من الكتاب الكريم والسنة النبوية التي تدل على أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح.([23])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص128): (بل القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق، وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى الصلاة والزكاة، فإن تلك إنما فسرتها السنة، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف). اهـ

* وقد أجمع السلف الصالح على أن الإيمان: قول وعمل... قول اللسان، واعتقاد القلب، وعمل الجوارح.

قال الإمام الشافعي / في كتاب «الأم»: (كان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم، يقولون: أن الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر).([24])

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص19): (فهذه الأصول الستة([25]): هي أصول الدين كله، هي أصول إسلامنا وديننا كله، فمن أتى بها مع الأعمال الظاهرة: صار مسلما مؤمنا، ومن لم يأت بها؛ فلا إسلام له، ولا إيمان له).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /  في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص49): (وعليه أيضا: مع هاتين الشهادتين؛ أن يؤدي الفرائض؛ فعليه أن يؤدي الصلوات الخمس، وعليه أن يؤدي الزكاة، وعليه أن يصوم رمضان، وعليه أن يحج البيت، وعليه أن يؤدي كل ما فرضه الله تعالى عليه، فلا بد من هذا.

* ولا بد من تجنبه ما حرم الله تعالى عليه، فإن أتى بناقض من نواقض الإسلام كفر، ولو أتى بالشهادتين، فإن المنافقين يقولون الشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لكنهم في الباطن يكذبون؛ يكذبون الرسول r، ويكذبون الله تعالى فيما قال،: فصاروا كفارا في الدرك الأسفل من النار). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «التلخيص» (ج2 ص554): (... أن الأعمال من الإيمان). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبدالوهاب / في «كشف الشبهات» (ص86): (لا خلاف: أن التوحيد، لا بد أن يكون: بالقلب، واللسان، والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلما). اهـ

قلت: وبعد أن اتضح لنا رأي أهل السنة والجماعة في حقيقة الإيمان القائل: بتركبه من أمور ثلاثة: تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، واتفاقهم جميعا على هذا الاعتقاد، ولم يخالفهم أحد من السلف والخلف؛ إلا الذين مالوا عن الحق في هذا الاعتقاد، وجانبوا الصواب، وهم المرجئة الضلال.

* والمرجئة واحدة([26]): من الفرق الضالة التي اشتهرت بقولها في الإيمان، ومخالفتها لما عليه أهل السنة والجماعة في هذا الاعتقاد.

وسبب تسمية هذه الفرقة بالمرجئة: لتأخيرهم الأعمال عن مسمى الإيمان.

والإرجاء معناه: التأخير، يقال أرجأ الأمر: أخره.([27])

* ومنه قوله تعالى: ]قالوا أرجه وأخاه[ [الأعراف:111]؛ أي: أمهله وأخره؛ وقوله تعالى: ]وآخرون مرجون لأمر الله[ [التوبة:106]؛ أي: مؤخرون حتى ينزل الله فيهم ما يريد، ومنه سميت المرجئة.([28])

* ويقال للرجل المنتسب إليها، هذا رجل مرجئ، وهم: المرجئة، وإن شئت قلت: مرج، وهم: المرجئة.

قال الأزهري اللغوي / في «معجم تهذيب اللغة» (ج2 ص1362): (... إنما قيل لهذه العصابة مرجئة، لأنهم قدموا القول، وأرجئوا العمل؛ أي: أخروه). اهـ

وقال الفيومي اللغوي / في «المصباح المنير» (ص12): (المرجئة: طائفة يرجئون الأعمال أي يؤخرونها فلا يرتبون عليها ثوابا، ولا عقابا، بل يقولون: (المؤمن يستحق الجنة بالإيمان، دون بقية الطاعات، والكافر يستحق النار بالكفر، دون بقية المعاصي). اهـ

وقال الرازي اللغوي / في «مختار الصحاح» (ص100): (أرجيت: الأمر أخرته، وقرئ ]وآخرون مرجون لأمر الله[ و]قالوا أرجه وأخاه[؛ فإذا وصفت به قلت رجل! «مرج»، وقوم: «مرجئة»، فإذا نسبت إليه، قلت: رجل: «مرجي»، بالتشديد). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص459): (فالإرجاء: بمعنى: التأخير...). اهـ

وقال المؤرخ الشهرستاني / في «الملل والنحل» (ج1 ص139): (الإرجاء على معنيين: أحدهما: التأخير، كما في قوله تعالى: ]قالوا أرجه وأخاه[؛ أي: أمهله وأخره.

والثاني: إعطاء الرجاء، أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح، لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد.

* وأما بالمعنى الثاني فظاهر، فإنهم: كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية؛ كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقيل: الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يقضى عليه بحكم: «ما»، في الدنيا، من كونه من أهل الجنة، أو من أهل النار، فعلى هذا المرجئة، والوعيدية: فرقتان متقابلتان). اهـ

قلت: هذا وقد درج أهل السنة والجماعة على تسمية كل من أخر العمل عن الركنية في الإيمان مرجئا.

وقد حصر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص163): -أصناف المرجئة: بقوله-: (والمرجئة ثلاثة أصناف: الذين يقولون الإيمان مجرد ما في القلب، ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب، وهم أكثر فرق المرجئة). اهـ

قلت: ولم تعد المرجئة فرقة مستقلة لها مدارس، لكنها تفرقت بين الفرق والمذاهب، وقال بها أناس متفرقون من أهل الكلام والفقهاء، وعليها الأشاعرة، والماتريدية إلى اليوم، والمرجئة عند الإطلاق أصبحت؛ تعنى: بمرجئة الفقهاء، والأشاعرة، والماتريدية، وصارت ضمن أصولهم الثابتة.

* وأهل الإرجاء في الأصل أربعة أصناف من الطوائف كما بين أهل العلم، الذين يؤخرون الأعمال عن مسمى الإيمان:

الطائفة الأولى: المرجئة الغالية؛ وهم «الجهمية»، الذين يقولون بأن الإيمان مجرد المعرفة بالقلب، ولو لم يحصل عمل ولا تصديق.

الطائفة الثانية: «الأشاعرة»؛ الذين يقولون بأن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط.

الطائفة الثالثة: «الكرامية»، الذين يقولون بأن، الإيمان قول باللسان دون التصديق بالقلب؛ أي: حصروا الإيمان بالقول فقط.

الطائفة الرابعة: هم، «مرجئة الفقهاء»؛ وهم: أخف([29]) الفرق في الإرجاء الذين يقولون بأن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب دون عمل الجوارح.

* ونذكر طائفة خامسة؛ وهم: «المرجئة العصرية»([30])، وهم: أخف([31]) من سابقتها في الإرجاء في الجملة خرجت في هذا العصر.

يقولون بقول غريب محدث: وهو بأن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، دون العمل في الحقيقة، أي أثبتوا إمكان وجود إيمان في القلب، ولو لم يظهر أي عمل على الجوارح([32]) لأنهم يقولون: العمل شرط كمال في الإيمان، وبعضهم يقول شرط صحة في الإيمان وغير ذلك([33])، وهذا هو قول «المرجئة» على الحقيقة الذين أرجئوا العمل عن الإيمان.([34])([35])

* وكذلك خرجت الآن: «المرجئة السادسة» وقالت: بقول: غريب أيضا، وهو بأن الإيمان هو التلفظ؛ بـ«لا إله إلا الله» فقط.

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (المرجئة أربع طوائف:

الطائفة الأولى: غلاة المرجئة، وهم هؤلاء الجهمية الذين يقولون: الإيمان مجرد المعرفة.

الطائفة الثانية: الأشاعرة وهم الذين يقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب فقط، ولو لم ينطق بلسانه لا مجرد المعرفة.

الطائفة الثالثة: الكرامية الذين يقولون: إن الإيمان هو النطق باللسان، ولو لم يعتقد بقلبه.

الطائفة الرابعة: مرجئة الفقهاء الذين يقولون: الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب، ولا تدخل الأعمال في حقيقة الإيمان.

وهناك خامسة([36]): ظهرت الآن وهم الذين يقولون: إن الأعمال شرط في كمال الإيمان الواجب، أو الكمال المستحب).([37]) اهـ

قلت: هذه خلاصة الأقوال في الإيمان، ومنها يتبين أن ضلال الفرق في مسألة الإيمان يتفاوت؛ فأبعدهم عن الحق: «الجهمية»، ثم ما آل إليه مذهب: «الأشاعرة» من مناصرة: «الجهم»، ثم: «الماتريدية»، «فالكلابية»، «فالمرجئة الفقهاء»، وبعدها: «المرجئة العصرية».

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «مسائل الإيمان» (ص20): (خلاف مرجئة الفقهاء: مع جمهور أهل السنة، هو: اختلاف في عمل الجوارح، العمل الظاهر؛ كالصلاة، والصيام، والحج، فهم يقولون: إنه ليس من الإيمان، وإنما شرط كمال، وهذا قول غير صحيح كما عرفنا). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عن «المرجئة الخامسة»: (لأنهم يقولون: العمل شرط صحة للإيمان([38])، وبعضهم يقول شرط كمال ... ).([39]) اهـ

* وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: هناك من يقول الإيمان قول، واعتقاد وعمل، لكن العمل شرط كمال فيه، ويقول أيضا لا كفر إلا باعتقاد. فهل هذا القول من أقوال أهل السنة والجماعة أم لا؟.

* فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا ما فهم الإيمان، ولا فهم العقيدة ... وقوله: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ثم يقول: إن العمل شرط في كمال الإيمان وفي صحته، هذا تناقض كيف يقول العمل من الإيمان ثم يقول العمل شرط؟!.

ومعلوم أن الشرط يكون خارج المشروط، والعمل داخل عند أهل السنة في الإيمان لا خارج عنه، فهذا تناقض منه.

* فهذا يريد أن يجمع بين قول السلف، وقول المتأخرين، وهو لا يفهم التناقض، لأنه لا يعرف قول السلف، ولا يعرف حقيقة قول المتأخرين، فأراد أن يدمج بعضها ببعض، فالإيمان قول، وعمل، واعتقاد، والعمل هو من الإيمان، وجزء منه، وليس هو شرطا من شروط صحة الإيمان، أو شرط كمال، أو غير ذلك من هذه الأقوال التي يروجونها الآن.

فالإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وهو يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.

هذا ما درج عليه أهل السنة والجماعة قديما وحديثا؛ خلافا للمرجئة). ([40]) اهـ

* وسئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي: خرج بعض المعاصرين بقول جديد في الإيمان، وقال: إن العمل شرط كمال في الإيمان، وليس شرط صحة، فهل هذا صحيح؟.

فأجاب: (قوله: إن الإيمان شرط كمال، أو شرط صحة لا أعلم له أصلا ... جمهور أهل السنة يقولون: الإيمان قول باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالقلب، وعمل بالجوارح، وقالوا: الإيمان عمل ونية يزيدبالطاعات، وينقص بالمعاصي، فالعمل جزء من الإيمان... والمرجئة يقولون: الأعمال ليست من الإيمان، ولكنها دليل على الإيمان، أو هي مقتضى الإيمان، أو هي ثمرة الإيمان.

* أما القول بأن العمل شرط كمال، أو شرط صحة لا أعلم له أصلا لا من قول المرجئة، ولا من قول جمهور أهل السنة، بل قد يقال: إنه يوافق مذهب المرجئة من جهة أنهم أخرجوا الأعمال من مسمى الإيمان.

فالذي يقول: إن العمل شرط كمال، أو شرط صحة، نقول له: هذا مذهب المرجئة لأنك أخرجت الأعمال عن مسمى الإيمان.

* فإما أن تقول: العمل داخل في مسمى الإيمان، أو جزء من الإيمان وتوافق أهل السنة، أو تقول: إن الأعمال ليست من الإيمان فتوافق المرجئة سواء قلت: هو شرط كمال، أو شرط صحة، أو دليل على الإيمان، أو مقتضى الإيمان، أو ثمرة الإيمان، فكل من أخرج العمل من الإيمان، فهو من المرجئة).([41]) اهـ

وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي: (المرجئة يقولون: لا يمكن إيمان إلا بعمل؛ لأن العمل ثمرة الإيمان، ومع ذلك صاروا مرجئة ... فمن أخرج العمل من مسمى الإيمان، فهو من المرجئة).([42]) اهـ

وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي: (الإيمان: قول باللسان، وقول بالقلب، وعمل القلب، وعمل بالجوارح، كما سبق، ولا يقال: إنها شرط كمال، أو أنها خارجة عن الإيمان، أو أنها لازم من لوازم الإيمان، أو من مقتضى الإيمان، أو هي دليل على الإيمان؛ إذ كل هذه من أقوال المرجئة).([43]) اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (الإرجاء معناه: أنه تأخير الأعمال عن حقيقة الإيمان؛ فلا مدخل لها في حقيقة الإيمان.

والكفر عندهم هو التكذيب، إذا كذب بربوبية الله، أو بالرسالة فهو كافر، والإيمان عندهم هو التصديق فقط.

* وأما الأعمال فلا تدخل في حقيقة الإيمان، فلو سجد لصنم، أو سب الله تعالى، ورسوله r، أو داس المصحف، فهو ليس بكافر حتى يكذب بقلبه، فمجرد أقواله، وأفعاله لا تدل على كفره، هذا مذهب غلاة المرجئة.

ويظهره بعض المتعالمين([44]) اليوم: ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسبب وقوعهم فيه هو الجهل، لأنهم لم يتعلموا العقيدة ويأخذوها عن العلماء، وإنما أخذوها من أوراق، ومن دفاتر، ولم يعرفوا أصول الدين والإيمان، وكون الإنسان يتعلم من الكتب، أو على الجهال، والمتعالمين يوقع في هذا الخطر، والمشكلة أنهم يؤثرون على شباب المسلمين).([45]) اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (والإرجاء أخبث من الجبر، والمرجئ هو الذي يقول: إذا اعترف العبد بوجود الله وربوبيته؛ فهذا يكفي في الإيمان، ولو فعل ما فعل من الكفر، والإلحاد، والمعاصي، ما دام أنه لم يكذب بربوبية الله، وألوهيته؛ فإنه مؤمن كامل الإيمان، وسموا مرجئة؛ لأنهم أرجؤوا الأعمال؛ يعني: أخروها عن مسمى الإيمان، وهذا كفر واضح، فمن سب الله، ورسوله، وسجد للصنم، وفعل ما فعل من أنواع الكفر، وداس المصاحف، ما دام أنه يؤمن بالله تعالى، ورسوله r، ولم يكذبهما؛ فأفعاله معاص فقط لا تخرجه من الدين، وعندهم الكفر: هو التكذيب فقط، والإيمان هو التصديق فقط، وهذا المذهب ظهر الآن على ألسنة بعض المتعالمين، يقولون: الكفر هو التكذيب فقط، وأما الأفعال والأقوال فإنها لا تضر ما دام أن القلب مصدق حتى لو سب الله تعالى، ورسوله r، وهو ليس بمكذب لهما، وهذا مذهب واضح البطلان، لكن لعل هؤلاء المتعالمين ما فطنوا لهذا القول، ولا عرفوا مدى خبثه لجهلهم، لأنهم لم يتعلموا وإنما أخذوا علمهم من الأوراق ومطالعات الكتب، ولم يجلسوا في مجالس العلماء([46])، ويتعلموا مذهب أهل السنة والجماعة ويفهموه، إنما عكفوا على أوراق يطالعونها، وظنوا أنهم على هذا يكونون علماء، وهذه مصيبة على الإسلام، أما «التجهم»، فهو مذهب: «الجهم بن صفوان»، وهو نفي الأسماء والصفات، والجبر، والإرجاء، فهو يجمع المذاهب الخبيثة كلها، فإذا تجمعت هذه المذاهب الثلاثة في رجل لم يبق عنده من الإيمان حبة خردل، وخرج من الدين بالكلية - والعياذ بالله - لأنه ليس عنده التوحيد الذي هو أصل الدين، وليس عنده إيمان بالقضاء والقدر الذي هو ركن عظيم من أركان الإيمان، وليس عنده حقيقة الإيمان الذي هو قول وعمل واعتقاد يزيد وينقص، فعندهم الكفر هو التكذيب فمن كذب بقلبه فهو الكافر، وإن صدق بقلبه فهو المؤمن، ولو فعل ما فعل من الأفعال الوخيمة، والكفريات، ونواقض الإسلام، وبهذا تعرفون خبث هذه المذاهب).([47]) اهـ

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / الأصناف الكبرى للمرجئة فقال: (والمرجئة ثلاثة أصناف)([48]):

ثم ذكر الصنف الأول؛ بقوله: (الذين يقولون الإيمان مجرد ما في القلب، ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب؛ وهم: أكثر فرق المرجئة).([49])

(ومنهم: من لا يدخلها في الإيمان: «كجهم»، ومن اتبعه «كالصالحي»).([50])

قال /: (والقول الثاني من يقول: هو مجرد قول اللسان، وهذا لا يعرف لأحد قبل: «الكرامية»).([51])

قال /: (والثالث: تصديق القلب، وقول اللسان، وهذا هو المشهور عن: «أهل الفقه والعبادة» منهم، وهؤلاء غلطوا من وجوه؛ أحدها: ظنهم أن الإيمان الذي فرض الله على العباد متماثل في حق العباد).([52])

* ثم رد عليهم ردا مفصلا. ([53])

ثم ذكر الوجه الثاني في غلطهم؛ بقوله: (ظنهم أن ما في القلب من الإيمان ليس إلا التصديق فقط؛ دون أعمال القلوب، كما تقدم عن: «جهمية المرجئة»).([54])

ثم ذكر الوجه الثالث، في غلطهم؛ بقوله: (ظنهم أن الإيمان الذي في القلب يكون تاما بدون شيء من الأعمال، ولهذا يجعلون الأعمال ثمرة الإيمان ومقتضاه، بمنزلة السبب، ولا يجعلونها لازمة له.

والتحقيق: أن إيمان القلب التام يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة، ويمتنع أن يقوم بالقلب إيمان تام بدون عمل ظاهر).([55])اهـ

* ثم فصل الرد عليهم فليراجع.([56])

وقال الإمام وكيع بن الجراح /: (أهل السنة يقولون: الإيمان: قول وعمل، والمرجئة يقولون: إن الإيمان قول بلا عمل، والجهمية يقولون: أن الإيمان المعرفة).([57])

وعن الإمام الحميدي / قال: (وأخبرت أن ناسا يقولون: من أقر بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ولم يفعل من ذلك شيئا، حتى يموت، أو يصلي مستدبر القبلة، حتى يموت، فهو مؤمن، ما لم يكن جاحدا، إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه، إذا كان يقر بالفرائض، واستقبال القبلة، فقلت: هذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وفعل المسلمين، قال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة: 5].([58])

وعن الإمام إسحاق بن راهويه / قال: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم: أن قوما يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود لها: إنا لا نكفره([59])، نرجأ أمره إلى الله بعد إذ هو مقر، فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم، ثم هم أصناف).([60])

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص21)؛ بعد أن ذكر قول إسحاق بن راهويه: (يعني: في أنهم مرجئة، وظاهر هذا: أنه يكفر بترك هذه الفرائض).اهـ

قلت: وهذا التأصيل العقدي من السلف، هو قاصم ظهر: «منصور السماري» المرجئ، الذي لا يكفر بترك هذه الفرائض!، ويقرر لمن ترك هذه الأصول، أنه ناقص الإيمان، وهو مسلم.

قال الإمام السمعاني / في «تفسير القرآن» (ج1 ص43): (والإيمان في الشريعة: يشتمل على الاعتقاد بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان). اهـ

* وهؤلاء القوم الذين فضلوا أن يسلكوا طرقا كلامية عقلية لإيضاح مسائل الإيمان، قد تصل بهم - كما هو مشاهد - في أغلب الأحيان إلى الإعراض عن مسلك الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح، وتفضيل تلك المسالك العقلية على الأدلة النقلية، مما يؤدي بهم أحيانا إلى فهم لا يتفق مع الوحي.

قلت: فكل من تكلم في مسائل الإيمان، أو في بعضها بطريق المصطلحات العقلية فهو مرجئ كائنا من كان([61])، وهذا اللقب كما يظهر قد جاء من قبل السلف الصالح؛ فيمن تكلم في مسائل الإيمان بهذه الطريقة الكلامية، فحادوا عنها إلى فلسفات عقلية، قد تجر صاحبها إلى مهالك لم يكن يتوقعها.

* وهذه تسمية مطابقة لما هم عليه من منهج في مسائل الإيمان، فإنك إذا فتحت كتابا واحدا من كتبهم تجدهم يطيلون الكلام في سوق حجج عقلية، ومناظرات كلامية لإثبات هذا المعتقد في الإيمان، وإبطال لمعتقد أهل السنة والجماعة في مسائل الإيمان([62])، ضاربين صفحا لمنهج السلف الصالح في هذا المعتقد الصحيح في الإيمان.

قلت: ومن هؤلاء الكتاب هو: «منصور السماري»([63]) فقد أرغى وأزبد، وشرق وغرب، وبعد وقرب في الإيمان، وهو من الناطقين لهذه الجماعة أيضا، التي خرجت عن صف أهل السنة والجماعة في الإيمان.

والذي أصبح فتنة لمن قل نصيبه من العلم في الاعتقاد.

* وهذا الرجل كغيره من الكتاب... طفق يتقول في الإيمان على طريقة -كما أسلفنا- كلامية فارتكس في كثير من الأخطاء المتعلقة في الإيمان، وغير ذلك من المخالفات الشرعية.

قلت: لأنه يمتنع أن يكون العبد مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه، ولم يؤد عملا صالحا...!!!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبا ظاهرا، ولا صلاة، ولا زكاة، ولا صياما، ولا غير ذلك من الواجبات [أو] لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤدي الأمانة أو يصدق الحديث، أو يعدل في قسمه وحكمه، من غير إيمان بالله تعالى، ورسوله r، لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين، وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور، فلا يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r؛ مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد r). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص611): (ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا، إيمانا، ثابتا، في قلبه بأن الله تعالى فرض عليه الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجده، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر؛ إلا مع نفاق في القلب، وزندقة لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع عن السجود الكفار).اهـ

وقال العلامة القصاب / في «نكت القرآن» (ج1 ص461): في سورة الأنفال رد على المرجئة: (قوله عز وجل: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناوعلى ربهم يتوكلون (2) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم[ [الأنفال: 2 و3 و4]؛ رد على المرجئة من وجوه:

أحدها: أنه ذكر عامة الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، وجعلها من الإيمان، وذلك أنه ذكر قبل ]إنما المؤمنون[؛ التقوى وإصلاح ذات البين([64])، ثم نسق في هذه الآية عملا بعد عمل، وذكر فيها التوكل وهو: باطن.

والثاني: أنه ذكر زيادة الإيمان بتلاوة الآيات عليهم، وهم ينكرونه.

والثالث: أنه لم يثبت لهم حقيقة الإيمان؛ إلا باجتماع خصال الخير من الأعمال الظاهرة والباطنة، وهم يثبتون حقيقه([65]) بالقول وحده.

والرابع: أنه - جل وتعالى - قال بعد ذلك كله ]لهم درجات[؛ وقد أثبت لهم الإيمان بشرائطه وحقيقته، وهم لا يجعلون للمؤمن في إيمانه؛ إلا درجة واحدة، ولا يجعلون للإيمان أجزاء.

فكيف يستقيم أن يسمى المرء بالإقرار وحده مستكمل الإيمان، وقد سمى الله  - جل جلاله - كل من حوته الآية إيمانا؟). اهـ

قلت: وممن نصح هذه الجماعة في أخطائها في الإيمان ذات الخطر الأكيد: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء وفقها الله تعالى المكونة: من العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، والعلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والعلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان.([66])

* وقد اطلع: «منصور السماري» وغيره على الردود المدونة في الفتاوى، وكان من الواجب عليه أن يعتبر ذلك توجيها نافعا مفيدا ونصيحة خالصة تهدف إلى إقامة الحق، وبراءة الذمة، فإذا به يستجمع قواه، ويتقول في دروسه بالباطل، وكأنه غير مهتم بالنصائح المبذولة له، ولغيره: من علماء أهل السنة والجماعة، بفتاوى مؤلمة لا تمت إلى الصواب بصلة، بل جل ما فيها تشويش على عقول من قل نصيبهم من العلم، فيحدث فيها ما يحدث مما يوجب الشك في الفتاوى السلفية، بالإضافة إلى ما فيها من شغب كلامية على علماء أهل السنة والجماعة([67])، التي لا يجوز أن يوجه شيء منها إلى أصحاب النصائح الغالية([68])، والتوجيهات السليمة الهادفة، ولا يعمد إلى هذا الصنيع وأمثاله؛ إلا من عجز عن مقارعة الحجة بالحجة، وإقامة الأدلة على ما يدون مما يحسبه نافعا، وهو ضار، ومما يظنه انتصارا، وهو خسران.

* وفي الحقيقة أن المؤمن الصادق مع ربه تعالى، والطالب للحق، العامل لآخرته يبتعد من شبهات أهل الأهواء وخطواتهم، ويتبع جماعة أهل السنة والجماعة، لا يقول قولا إلا بقولهم، ولا يعمل عملا إلا بعملهم في الاعتقاد وغيره.

* ويكفيه دليل واحد صحيح من الكتاب والسنة، لكي يعتقد ذلك الأمر، ويعمل به فكيف وقد تضافرت الأدلة الشرعية الصريحة من الكتاب والسنة على صحة ما أجمع عليه سلف هذه الأمة في مسمى الإيمان، وفي جميع ما يعتقدون من الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص280): (وكان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل، والعمل من الإيمان، والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم يجمع كما يجمع هذه الأديان اسمها، ويصدقه العمل فمن آمن بلسانه، وعرف بقلبه، وصدق بعمله فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه، ولم يعرف بقلبه، ولم يصدق بعمله كان في الآخرة من الخاسرين، وهذا معروف عن غير واحد من السلف والخلف وأنهم يجعلون العمل مصدقا للقول). اهـ

قلت: و«منصور السماري» المرجئ خالف اعتقاد أهل السنة والجماعة في الإيمان، وذلك لعدم دراسته اعتقاد أهل السنة والجماعة من أفواه العلماء، بل درس ذلك من بطون الكتب، فخلط وخبط بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب أهل الإرجاء في مسمى الإيمان، ولم يفرق فيما بينهما، ومن أسباب ذلك جهله جملة وتفصيلا؛ باعتقاد مذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان؛ كما هو واضح من أقواله في الإيمان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص364): (كثير من المتأخرين - والمعاصرين - لا يميزون بين مذاهب السلف، وأقوال: «المرجئة»، و«الجهمية» لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم، ممن هو في باطنه يرى رأي: «الجهمية»، و«المرجئة» في الإيمان، وهو معظم للسلف، وأهل الحديث؛ فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله، وكلام السلف). اهـ

* وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: هناك من يقول الإيمان قول واعتقاد وعمل، لكن العمل شرط كمال فيه، ويقول أيضا لا كفر إلا باعتقاد. فهل هذا القول من أقوال أهل السنة والجماعة أم لا؟.

فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا ما فهم الإيمان، ولا فهم العقيدة، وهذا هو ما قلناه في المقدمة من أن الواجب عليه أن يدرس العقيدة على أهل العلم([69])، ويتلقاه من مصادرها الصحيحة، وسيعرف الجواب عن هذا السؤال.

وقوله: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ثم يقول: إن العمل شرط في كمال الإيمان وفي صحته، هذا تناقض كيف يقول العمل من الإيمان ثم يقول العمل شرط؟!.

ومعلوم أن الشرط يكون خارج المشروط، والعمل داخل عند أهل السنة في الإيمان لا خارج عنه؛ فهذا تناقض منه.

* فهذا يريد أن يجمع بين قول السلف، وقول المتأخرين، وهو لا يفهم التناقض، لأنه لا يعرف قول السلف، ولا يعرف حقيقة قول المتأخرين؛ فأراد أن يدمج بعضها ببعض، فالإيمان قول وعمل واعتقاد، والعمل هو من الإيمان، وجزء منه، وليس هو شرطا من شروط صحة الإيمان، أو شرط كمال، أو غير ذلك من هذه الأقوال التي يروجونها الآن.

* فالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

هذا ما درج عليه أهل السنة والجماعة: قديما وحديثا؛ خلافا للمرجئة).([70]) اهـ

قلت: وهذا الرجل لم يتمكن من العقيدة جملة وتفصيلا، ولم يرسخ فيها، ولاشك أن مسائل الإيمان من المسائل المهمة، وهو ليس أهلا لها... وليس من أهل التحقيق في هذه المسائل([71])... كما هو مشاهد من مقالاته في الإيمان.

قال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا[ [الإسراء: 36].

وقال تعالى: ]قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا[ [الأنعام: 148].

قلت: فمن كان هذا حاله فيجب عليه الرجوع إلى أهل العلم الراسخين في العقيدة.

قال تعالى: ]وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم[ [النساء: 83].

وقال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43].

وقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].

قال الإمام ميمون بن مهران /: (في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[؛ إلى كتاب الله، والرد إلى رسول الله r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص67)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص190)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص217 و218)؛ بإسناد صحيح.

* فمسائل العقيدة مهمة جدا فيجب تعلم العقيدة بجميع أبوابها، وجميع مسائلها، وتلقيها عن أهل العلم الراسخين، والرجوع إليهم، والرد إليهم عند التنازع في العقيدة وغيرها، لأن الرد إلى العلماء من الرد إلى الله تعالى، والرسول r كما في الآية، فلا يكفي([72]) فيها الرجوع إلى الكتب فقط، فإن ذلك يضل من خاض فيها، والعياذ بالله.

قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز / في «مسؤولية طالب العلم» (ص7): (فطالب العلم عليه مسؤولية كبيرة ومفترضة، وهي أن يعني بالدليل، وأن يجتهد في معرفة براهين المسائل، وبراهين الأحكام من الكتاب العزيز، والسنة المطهرة، ومن القواعد المعتبرة ... وأن يكون على بينة كبيرة، وعلى صلة وثيقة بكلام العلماء؛ فإن معرفته بكلام أهل العلم تعينه على فهم الأدلة، وتعينه على استخراج الأحكام، وتعينه على التمييز بين الراجح والمرجوح). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز / في «مسؤولية طالب العلم» (ص7): (المعروف: أن من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه.... وهذا صحيح: أن من لم يدرس على أهل العلم، ولم يأخذ عنهم، ولا عرف الطرق التي سلكوها في طلب العلم، فإنه يخطئ كثيرا، ويلتبس عليه الحق بالباطل([73])، لعدم معرفته بالأدلة الشرعية، والأحوال المرعية التي درج عليها أهل العلم، وحققوها وعملوا بها.

* أما كون خطئه أكثر فهذا محل نظر، لكن على كل حال أخطاؤه كثيرة، لكونه لم يدرس على أهل العلم، ولم يستفد منهم، ولم يعرف الأصول التي ساروا عليها؛ فهو يخطئ كثيرا، ولا يميز بين الخطأ والصواب في الكتب المخطوطة والمطبوعة.

وقد يقع الخطأ في الكتاب، ولكن ليست عنده الدراية والتميز فيظنه صوابا، فيفتي بتحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، لعدم بصيرته، لأنه قد وقع له خطأ في كتاب...). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «مسائل الإيمان» (ص13): (فإن مسائل العقيدة مهمة جدا فيجب تعلم العقيدة بجميع أبوابها، وجميع مسائلها، وتلقيها عن أهل العلم؛ فلا يكفي فيها إلقاء الأسئلة، وتلقي الأجوبة فيها، فإنها مهما كثرت الأسئلة وأجيب عنها، فإن الجهل سيكون أكثر.

* فالواجب على من يريد نفع نفسه، ونفع إخوانه المسلمين: أن يتعلم العقيدة من أولها إلى آخرها، وأن يلم بأبوابها ومسائلها، ويتلقاها عن أهل العلم، ومن كتبها الأصلية من كتب السلف الصالح، وبهذا يزول عنه الجهل، ولا يحتاج إلى كثرة الأسئلة، وأيضا يستطيع هو أن يبين للناس، وأن يعلم الجهال، لأنه أصبح مؤهلا في العقيدة، كذلك لا يتلقى العقيدة من الكتب فقط، أو عن القراءة والمطالعة؛ لأنها لا تؤخذ مسائلها ابتداءا من الكتب، ولا من المطالعات، وإنما تؤخذ بالرواية عن أهل العلم، وأهل البصيرة الذين فهموها، وأحكموا مسائلها؛ هذا هو: واجب النصيحة علينا لطلبة العلم، أما ما يدور الآن في الساحة من كثرة الأسئلة حول العقيدة، ومهماتها من أناس لم يدرسوها من قبل، أو أناس يتكلمون في العقيدة، وأمور العقيدة عن جهل، أو اعتماد على قراءتهم للكتب، أو مطالعاتهم فهذا سيزيد الأمر غموضا، ويزيد الإشكالات إشكالات أخرى ويثبط الجهود، ويحدث الاختلاف، لأننا إذا رجعنا إلى أفهامنا دون أخذ للعلم من مصادره وعن أهله، وإنما نعتمد على قراءتنا وفهمنا؛ فإن الأفهام تختلف، والإدراكات تختلف، وبالتالي يحصل الاختلاف في هذه الأمور المهمة.

* وديننا جاءنا بالاجتماع والائتلاف وعدم الفرقة، وجاء بالموالاة لأهل الإيمان، والمعاداة للكفار؛ فهذا لا يتم إلا بتلقي أمور الدين من مصادرها، ومن علمائها الذين حملوها عمن قبلهم، وتدارسوها بالتلقي وبلغوها لمن بعدهم، هذا هو طريق العلم الصحيح في العقيدة وفي غيرها، ولكن العقيدة أهم لأنها الأساس، ولأن الاختلاف فيها مجال للضلال، ومجال للفرقة بين المسلمين.

ولا حاجة بنا إلى مؤلفات جديدة في العقيدة بل تكفينا كتب علماء السلف وأتباعهم فما تلفظه المطابع الآن في هذا المجال أكثره غثاء لا فائدة فيه). اهـ

قلت: وفي الحقيقة أن المؤمن الصادق في هذا الدين العظيم، والطالب للحق المبين، العامل لآخرته بإخلاص متين؛ يبتعد من شبهات أصحاب الأهواء المغرورين، ويتبع العلماء من أهل السنة العاملين، ولا يقول قولا، ولا يعمل عملا؛ إلا وله فيه إمام من أئمة أهل السنة والجماعة المعتبرين.

* ولا شك أن أهل السنة والجماعة المقتفين أثر الصحابة، والتابعين، وتابعيهم بإحسان هم الطائفة المنصورة القائمة على دين الله الحق، وهم الذين عناهم النبي r بقوله (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله).([74])

قلت: ومن هنا وجب على المسلم أن يتعرف على عقيدة أهل السنة والجماعة: «الطائفة الناجية المنصورة» التي تلتزم الإسلام الصحيح قولا وفعلا.([75])

* وعلى المسلم أن يعرف الإيمان الذي آمنوا وعملوا به معا... ويعرف حقيقة هذا الإيمان... ومسماه ومراتبه... وخوارمه ونواقضه... وموانعه وأركانه، التي هي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.

قلت: وبهذه الأسس يترسخ الإيمان في قلب المؤمن ثم يجد حلاوته... وسكينته... وهداه... وطمئنينته...

قال تعالى: ]ويزداد الذين آمنوا إيمانا[ [المدثر: 31].

وقال تعالى: ]هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم[ [الفتح: 4].

وقال تعالى: ]ويزيد الله الذين اهتدوا هدى[ [مريم: 76].

وقال تعالى: ]وزدناهم هدى[ [الكهف: 13].

وقال تعالى: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون[ [الأنفال: 3].

وعن أنس بن مالك t، عن النبي r قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله، ومن يكره أن يعود في الكفر، بعد إذ أنقذه الله، كما يكره أن يلقى في النار).([76])

وقد بوب عليه الإمام البخاري في «صحيحه» (ج1 ص16): باب: حلاوة الإيمان.

* فالعقيدة الصحيحة، هي الأساس في هذا الدين، وعليها تبنى إسلام العبد ... فمن صحت عقيدته صح عمله، ومن فسدت عقيدته فسد عمله ... ولا يقبل العمل عند الله تعالى إلا بالإيمان الصحيح الذي تبنى عليه العقيدة الصحيحة... ([77])

* إذا فالإرجاء بجميع أصوله سائد بين الناس، وهو متمثل «بالأشاعرة»، و«الماتريدية»، و«الطرق الصوفية»، وكثير من: «الحركات الحزبية» الحديثة التي ترتكز فكرها على: «أصول هذا الإرجاء»، كذلك سائد لدى أكثر: «المفكرين»، و«المثقفين» من: «العقلانيين المعتزليين»، وغيرهم، اللهم سلم سلم.

* فمذهب: «المعتزلة» تعتنقه اليوم فئات كثيرة «كالعقلانية» وغيرهم، وها هي كتبهم تحقق وتنشر بكميات هائلة، وتصل إلى أيدي الناس، ويقرؤونها، وفيهم الجاهل، ومن معرفته ضحلة، فينطلي عليه ما فيها من شبهات ما لم يكن عنده حصانة كافية من العلم الشرعي، وذلك لا يمكن إلا بدراسة مبادئهم، ومعرفة أفكارهم المنحرفة، مع الرد عليها، وبيان بطلانها، دراسة علمية أثرية منهجية مركزة.

قلت: وكل من: «الإرجاء»، وأصول «المرجئة» من بدع أهل الأهواء؛ يجب الحذر منهم، وتنبيه المسلمين اليوم عن الوقوع في: «الإرجاء».

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص20): (لا يمكن مدافعة الأفكار المنحرفة المعاصرة؛ إلا بعد دراسة الأفكار المنحرفة التي سبقتها؛ لأنها في الغالب منحدرة عنها، أو مشابهة لها، وإذا عرفنا السلاح الذي قام به أسلافنا على الأفكار المنحرفة في وقتهم أمكننا أن نستخدم ذلك السلاح في وجه الأفكار المعاصرة، فلا غنى لنا عن الارتباط بأسلافنا، والإمام مالك / يقول: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها).([78]) اهـ

قلت: وسوف أناقش بعض أصول المرجئة على سبيل العموم، ومن وافقهم في بعض الأصول على سبيل الخصوص ... الذي حاول([79]) في تلك الأصول جعلها من أصول أهل السنة والجماعة: في باب الإيمان، وقد وقع في متناقضات عجيبة، وخلط غريب: بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب أهل الإرجاء، في الإيمان استدعاني أن أكتب هذا الرد العلمي الذي لا أقصد من ورائه إلا بيان الحقيقة([80])، وإزالة اللبس سائلا الله العون والتوفيق.

وقد هيأ الله تعالى لي أن أتعرض لهذه المسألة، وأقف على ما وقع لكثير من طلاب العلم من اشتباه في تحقيق مذهب السلف في مسائل الإيمان.

فدعاني ذلك لبحث هذه المسألة بحثا مفصلا بذكر الأدلة من الكتاب، والسنة، وآثار السلف، وأقوال أهل السنة والجماعة.

* وقد تبين لي أن سبب الاشتباه في هذه المسألة بصفة خاصة، ومسألة ارتباط أعمال الجوارح بالإيمان على كثير من طلاب العلم المنتهجين منهج السلف، هي شبهة مرجئة الفقهاء، أو شيء منها، لما رأوا من نصوص الوعد التي علقت دخول الجنة، أو عدم الخلود في النار بمجرد الإقرار بالشهادتين، والنطق بهما، دون اشتراط شيء من الأعمال.

وفي الختام أقول:

قال الإمام ابن قتيبة / في «اختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة» (ص13): (وسيوافق قولي هذا من الناس ثلاثة: رجلا منقادا سمع قوما يقولون، فقال كما قالوا، فهو لا يرعوي ولا يرجع، لأنه لم يعتقد الأمر بنظر فيرجع عنه بنظر!.

ورجل تطمح به عزة الرياسة، وطاعة الإخوان، وحب الشهوة، فليس يرد عزته، ولا يثني عنانه إلا الذي خلقه إن شاء!؛ لأن في رجوعه إقراره بالغلط، واعترافه بالجهل، وتأبى عليه الأنفة!.

وفي ذلك - أيضا - تشتت جمع، وانقطاع نظام، واختلاف إخوان عقدتهم له النحلة، والنفوس لا تطيب بذلك إلا من عصمه الله ونجاه!.

ورجلا مسترشدا يريد الله بعمله، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا تدخله من مفارق وحشة، ولا تلفته عن الحق أنفة، فإلى هذا القول قصدنا، وإياه أردنا). اهـ

هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة، وأن يتقبل مني هذا الجهد، ويجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه ورعايته إنه نعم المولى ونعم النصير.

 

 

 

                                                                                                                          كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

رب أعن وسهل

«توطئة»

فكر: «المرجئة الخامسة»، و«المرجئة السادسة»،

النفرة من نقصان الإيمان في قلب العبد

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص([81]) أعظم من نفورها من لفظ الزيادة). اهـ

* وهذا القول الذي ذهب إليه محققو: «المرجئة الخامسة» كـ«ربيع المدخلي» المرجئ وغيره، ونعقوا به، وأحدثوا، وابتدعوا ما سموه «الحد الأدنى» في الإيمان، وجعلوه غير قابل للنقصان... فصار الحد الأدنى عندهم يقابل أصل الإيمان عند: «المرجئة الخالصة».

قلت: وسبب هذا الابتداع أن «المرجئة الخامسة»، وكذا: «المرجئة السادسة» نوابت وافقوا على الشيء المحدود ينقص، ثم ينقص، ثم ينقص ولا ينتهي، ففروا من شيء، وابتدعوا القول بـ«الحد الأدنى»، وقالوا: «إن أصل الحد الأدنى ليس فيه نقصان، أما الزيادة عليه فممكنة».

* والمرجئة الخامسة: تنفر من القول بالنقصان([82]) أكثر من الزيادة، فقيدوا النقصان بحد معين، وأما الزيادة فأطلقوها، فهذا وجه مشابهتهم لمذهب: «المرجئة الخالصة».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص404): (ولهذا كانت «المرجئة» تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة). اهـ

قلت: وهذا القول مخالف لقول السلف الذين نصوا على أن الإيمان ينقص حتى لايبقى منه شيء، فبطلت تلك الحجة التي دندن عليها: «ربيع المدخلي»، شرقا وغربا.

* فهذا مذهب القوم في الإيمان شرحته لك لتكون على بصيرة، ولتعلم ما بين القوم والمرجئة الأوائل من توافق واختلاف([83]) اللهم سلم سلم.

قلت: فهؤلاء يوافقون السلف لفظا، ويخالفونهم في حقيقة مذهبهم، ومن نحو قولهم: إننا نقول: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ونقول بالإستثناء، ومن قال هذه الثلاث فليس بمرجئ([84]).

أقول: أن هذه المقولة جاءت عن جماعة من السلف، منهم: الإمام سفيان الثوري /([85])، والإمام أحمد / بقوله: (عندما سئل عمن يقول: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: هذا برئ من الإرجاء) ([86])، والإمام البربهاري / حيث قال: (من قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء كله أوله وآخره).([87])

قلت: وهذه الآثار عندنا في مكانة عالية، فإليها صائرون، وبها قائلون، فلا يفرح بها من هو مظهر لمقولة السلف، وفي باطنه قائل بمقولة الخلف!، ووجهها واضح          -لمن أراد الحق- فمن قال مقولة السلف على فهمهم، ومرادهم، ولم يظهر منه ما يناقضها، فهذا الذي يقال فيه برئ من الإرجاء، وعلى مثله تنزل آثار السلف.

* وأما من وافق السلف في المقولة لفظا، وخالفهم في حقيقة المذهب معنى، فلم تتحقق فيه شروط البراءة من الإرجاء.([88])

وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية /: على أن كثيرا من المتأخرين خلط بين المذهبين، فصار ظاهره قول السلف، وهو من أبعد الناس عنهم، حيث قال في «الفتاوى» (ج7 ص364): (وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف، وأقوال المرجئة([89])، والجهمية، لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية!، والمرجئة في الإيمان!، وهو معظم للسلف، وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله، وكلام السلف). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص158): (فالمتأخرون الذين نصروا قول جهم في مسألة الإيمان، يظهرون قول السلف في هذا -وهو عدم تخليد أهل القبلة- وفي الإستثناء، وفي انتفاء الإيمان الذي في القلب حيث نفاه القرآن، ونحو ذلك، وذلك كله موافق للسلف في مجرد اللفظ، وإلا فقولهم في غاية المباينة لقول السلف، ليس في الأقوال أبعد عن السلف منه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص143): (هؤلاء وأمثالهم لم يكونوا خبيرين بكلام السلف، بل ينصرون ما يظهر من أقوالهم بما تلقوه عن المتكلمين من الجهمية، ونحوهم من أهل البدع، فيبقى الظاهر قول السلف، والباطن قول الجهمية الذين هم أفسد الناس مقالة في الإيمان). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص402): (فقولهم في الرب، وصفاته، وكلامه، والإيمان به يرجع إلى تعطيل محض، وهذا قد وقع فيه طوائف كثيرة من المتأخرين المنتسبين إلى السنة، والفقه، والحديث، المتبعين للأئمة الأربعة، المتعصبين للجهمية، والمعتزلة، بل وللمرجئة أيضا، لكن لعدم معرفتهم بالحقائق التي نشأت منها البدع يجمعون بين الضدين!!!.

ولكن من رحمة الله بعباده المسلمين أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق، مثل الأئمة الأربعة، وغيرهم كمالك، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وكالشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن، والإيمان، وصفات الرب، وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف... وكذلك تجدهم في مسائل الإيمان يذكرون أقوال الأئمة والسلف، ويبحثون بحثا يناسب قول الجهمية، لأن البحث أخذوه من كتب أهل الكلام الذين نصروا قول جهم في مسائل الإيمان). اهـ

قلت: وهذا الكلام يدل على أن «البراءة من الإرجاء» لا تحصل إلا بالموافقة التامة للسلف في اللفظ، وفي المعنى، جملة وتفصيلا، فافطن لهذه ترشد.

والخلاصة: أن العبرة بالحقائق، لا بالألفاظ!.

وبهذا نخلص إلى أن مقولة السلف حجة على: «المرجئة الخامسة»([90]) لا لهم، وبالله نعتصم، وعليه نتوكل.

    

فتوى

العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / 

في نقض: «إرجاء» منصور السماري، الذي يقول: أن «لا إله إلا الله»، تنجي العبد، وإن لم يؤد الفرائض، من: «صلاة»، و«زكاة»، و«صيام»، و«حج»، وغير ذلك؛ فهذا لا يعذر بجهله، لأنها هي من: «المسائل الظاهرة» في الدين

 

* سئل: الشيخ ابن باز /، حكم العذر بالجهل، في العقائد، وغيرها؟.

فأجاب فضيلته: (الأمور الظاهرة: من الدين، فلا يعذر فيها الجاهل؛ كأمور: «التوحيد»، وأمور: «الصلاة»، لو قال: ما أعرف: «الصلاة»، وهو بين المسلمين، ما أعرف أن: «الصلاة» مشروعة، أو ما أعرف: «الزكاة»، أو ما أعرف: «الصيام»، ما يعذر بالجهل، أو قال: ما أعرف أن: «الزنا» محرم ما يطاع، أو قال: ما أعرف أن: «اللواط»([91]) محرم، وهو بين المسلمين، ما يطاع، أو قال: ما أعرف، أن: «الخمر» محرم، ما يطاع) ([92]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج28 ص217)؛ عن العبد الذي لا يعذر بجهله: (أنا لا أعرف أن الناس يصلون، يقول: ما أدري عن: «الصلاة»، ولا أعرف: «الزكاة»، ولا أعرف: «الصيام»، ولا أعرف: «الجهاد»، هذا لا يطاع؛ لأن هذا من التلاعب بالدين). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

    

فتاوى

العلماء في أن من نطق: بـ«لا إله إلا الله»، وترك جميع الفرائض، لا يعتبر مسلما، بنطقه بالشهادتين، ما دام ترك العمل بـ«لا إله إلا الله» في الدين، وقد وقع: المدعو «منصور السماري» في هذا الاعتقاد، بسبب استدلاله: بالمجمل والمتشابه من الألفاظ، مما يدل أنه غير راسخ في أصول الاعتقاد

 

قال الحافظ أبو عبيد / في «الإيمان» (ص65): (فلم يجعل الله تعالى للإيمان حقيقة إلا بالعمل على هذه الشروط، والذي يزعم أنه بالقول خاصة يجعله مؤمنا حقا، وإن لم يكن هناك عمل، فهو معاند لكتاب الله والسنة). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: شهادة: «أن لا إله إلا الله» هي مفتاح دين الإسلام، وأصله الأصيل؛ فهل من نطق بها فقط؛ دخل في دائرة المسلمين؛ دون عمل يذكر؟ وهل الأديان السماوية؛ غير دين الإسلام الذي جاء به محمد r جاءت بنفس هذا الأصل الأصيل؟.

فأجاب فضيلته: (من نطق بشهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»؛ حكم بإسلامه بادي ذي بدء، وحقن دمه:

فإن عمل بمقتضاها ظاهرا وباطنا؛ فهذا مسلم حقا، له البشرى في الحياة الدنيا والآخرة.

* وإن عمل بمقتضاها ظاهرا فقط؛ حكم بإسلامه في الظاهر، وعومل معاملة المسلمين، وفي الباطن هو منافق، يتولى الله حسابه.

وأما إذا لم يعمل بمقتضى: «لا إله إلا الله»، واكتفى بمجرد النطق بها، أو عمل بخلافها؛ فإنه يحكم بردته، ويعامل معاملة المرتدين.

* وإن عمل بمقتضاها في شيء دون شيء؛ فإنه ينظر: فإن كان هذا الذي تركه يقتضي تركه الردة؛ فإنه يحكم بردته، كمن ترك الصلاة متعمدا، أو صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله. وإن كان هذا الذي تركه لا يقتضي الردة؛ فإنه يعتبر مؤمنا ناقص الإيمان بحسب ما تركه؛ كأصحاب الذنوب التي هي دون الشرك.

وهذا الحكم التفصيلي جاءت به جميع الشرائع السماوية) ([93]). اهـ

وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن /: (ومجرد الإتيان بلفظ الشهادة، من غير علم بمعناها، ولا عمل بمقتضاها: لا يكون به المكلف مسلما) ([94]).([95]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص644) عن الإيمان: (إذا ذهب نقص عن الأكمل، ومنه إذا ذهب: ذهب عن الكمال، ومنه ما إذا ذهب: ذهب الإيمان بالكلية، وهو القول والاعتقاد). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبدالوهاب / في «كشف الشبهات» (ص126): (لا خلاف أن التوحيد؛ لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلما. فإن عرف التوحيد ولم يعمل به، فهو كافر معاند؛ كفرعون، وإبليس، وأمثالهما). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ص86): (فإذا خلا العبد: عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا... فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل، لا بالقول فقط؛ فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، ومن لا دين له: فهو كافر). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج14 ص120): (فمن قال: إنه يصدق الرسول r ويحبه، ويعظمه بقلبه، ولم يتكلم قط بالإسلام، ولا فعل شيئا من واجباته بلا خوف، فهذا لا يكون مؤمنا في الباطن، وإنما هو كافر ... ).اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان /: (فلا بد من شهادة: «أن لا إله إلا الله»، من اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، فإن اختل نوع من هذه الأنواع: لم يكن الرجل مسلما) ([96]). اهـ

قلت: ومن هنا يتبين الفرق بين مذهب السلف، ومخالفيهم.

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «فتح المجيد» (ص35): (قوله r: «من شهد أن لا إله إلا الله»؛ أي: من تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها، باطنا وظاهرا، فلا بد في الشهادتين: من العلم، واليقين، والعمل بمدلولها، كما قال تعالى: ]فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك[ [محمد:19]، وقال تعالى: ]إلا من شهد بالحق وهم يعلمون[ [الزخرف:86].

* أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا يقين، ولا عمل بما يقتضيه، من نفي الشرك، وإخلاص القول والعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح: فغير نافع بالإجماع).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن /: (أجمع العلماء سلفا وخلفا؛ من الصحابة والتابعين والأئمة، وجميع أهل السنة، أن المرء لا يكون مسلما، إلا بالتجرد من الشرك الأكبر، والبراء منه وممن فعله، وبغضهم ومعاداتهم بحسب الطاقة والقدرة، وإخلاص الأعمال كلها لله تعالى) ([97]). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن /: (ومجرد التلفظ بالشهادتين لا يكفي في الإسلام: بدون العمل بمعناها، واعتقاده، إجماعا) ([98]). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد السائل» (ص33): (وأقول من كان تاركا لأركان الإسلام، وجميع فرائضه ورافضا لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال، ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين، فلا شك، ولا ريب: أن هذا كافر شديد الكفر، حلال الدم والمال).اهـ

قلت: فهذه أقوال العلماء، في أنه لا يكفي النطق بـ«لا إله إلا الله»، بل لا بد من العمل بمقتضاها في مر العصور، وكر الدهور، إلى أن تقوم الساعة، فلا يجوز في؛ أي: زمان ترك العمل بـ«لا إله إلا الله»، والإيمان: قول وعمل في الدين.

* وهذا: «السماري»، يترك النصوص القرآنية القطعية، والنصوص النبوية القطعية، والإجماعات القطعية، ويستدل بالمتشابهات من النصوص، مع ضعفها، وهذا من الزيغ في قلبه.

قال تعالى: ]هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا[ [آل عمران:7].

* لذلك يجب رد المتشابه من النصوص إلى المحكم، والأخذ من المحكم ما يفسر به المتشابه ويبينه.

وبهذا تتفق دلالة المتشابه مع دلالة المحكم، وتوافق النصوص بعضها ببعض، ويصدق بعضها بعضا، لأن النصوص كلها من عند الله تعالى، وما كان من عند الله تعالى، فلا اختلاف فيه، ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره سبحانه. ([99])

قال تعالى: ]ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء:82].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص345): (فمن رد ما اشتبه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس، انعكس). اهـ

قلت: فيجب اجتناب الخوض في المتشابه، إلا بحمله على المحكم، فلا يستدل بالمتشابه لوحده، فإن ذلك طريق الزائغين في الدين، فتنبه.

ثم المتشابه: هو ما يكون مشتبها على بعض الناس، دون بعض، لأسباب منها:

1) إما نقص في علمهم.

2) أو تقصير في طلبهم.

3) أو قصور في فهمهم.

4) أو سوء في قصدهم.

* فالبيان مقترن بالمبين، فإذا أخذ من غير بيان، صار متشابها، وليس متشابها  في نفسه شرعا، بل الزائغون ادخلوا فيه التشابه على أنفسهم، فضلوا الصراط المستقيم. ([100])

فعن أبي عبد الله النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب). ([101])

وعن أبي هريرة t: أن رسول الله r قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه). ([102])

وعن معاذ بن جبل t قال: (قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار، قال r: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: ]تتجافى جنوبهم عن المضاجع، حتى بلغ... يعملون[ [السجدة:16-17]، ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟، قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟، قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه، وقال: كف عليك هذا، قلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟، قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم). ([103])

قلت: وهذه الأدلة تدل على خطورة الذي يتكلم في الدين بالمتشابهات في الألفاظ، وأنه مؤاخذ فيما يتكلم به بغير علم، وإذا لم يعلم، فعليه أن يسكت ولا يتكلم في الدين بغير علم.

* والأصل: أن يستعمل الألفاظ الشرعية في الأصول والفروع، ويجب عليه أن يحترمها في الدين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص114): (والألفاظ الشرعية لها حرمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج3 ص246): (واللفظ: إنما يكون له حرمة، إذا ثبت عن المعصوم، وهي ألفاظ النصوص، فتلك علينا، أن نتبع معانيها). اهـ

وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص70): (التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية، هو سبيل: أهل السنة والجماعة). اهـ

* ولذلك: ترى ألفاظ أئمة الحديث، مطابقة، لألفاظ القرآن والسنة، في المعنى والاستدلال، لأنها هي الشرع، وبها تحصل السلامة من الزلل والخطأ في الدين.

قلت: والمدعو؛ «منصور السماري»، خالف هذا الأصل، واستدل بألفاظ ليست من الألفاظ الشرعية في: «مسائل الإيمان»، و«مسائل العذر بالجهل»، لما فيها من الإجمال والاشتباه، فوقع في: «الإرجاء» الخبيث، الذي حذر منه أئمة الحديث، قديما وحديثا؛ فوقع في الفخ، ولا بد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص394): (اللفظ المطابق للكتاب والسنة، هو: الصواب، فليس لأحد أن يقول؛ بخلاف: قول الله تعالى، ورسوله r، لا سيما وقد صار ذلك: ذريعة إلى بدع أهل الكلام، من: «أهل الإرجاء» وغيرهم، وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ، سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال). اهـ

قلت: فالأخطاء في الألفاظ غير الشرعية، ولدت البدع، ولا بد.

قال تعالى: ]فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس:32].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص35): (ليس لأحد أن يحمل كلام الله تعالى، ورسوله r، على وفق مذهبه، أن لم يتبين من كلام الله تعالى، ورسوله r). اهـ

قلت: فالعبرة في الدين بالمعاني الصحيحة، والألفاظ الشرعية، فهذه هي: النصيحة.

قال تعالى: ]ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء:82].

قال العلامة ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص233): (وإن كان قد تكلم: على الحق بألفاظ مجملة، محتملة، فما بلغ البلاغ المبين). اهـ

قلت: والألفاظ المجملة، هي التي يفهم منها معان، بعضها حق، وبعضها باطل، وهذا الذي وقع فيه؛ المدعو: «منصور السماري» في استدلاله، بالأحاديث مجملة، مشتبهة في ألفاظها، فوقع في الاعتقاد الباطل. ([104])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص170): (ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص، مهما أمكنه، فإنه يتضمن الحكم، والدليل مع البيان التام، فهو: حكم مضمون له الصواب، متضمن للدليل عليه في أحسن بيان). اهـ

قلت: فالحق في جهة واحدة.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

ذكر الدليل على نقض إرجاء: «منصور السماري»، الذي يدعي فيه، أن من نطق بـ«لا إله إلا الله»، أنه مسلم، ولو ترك لجميع الفرائض، ولم يعمل بها البتة في حياته، وهذا مذهب: «المرجئة»، في القديم، وفي الحديث، وهذا الاعتقاد مخالف، لاعتقاد أهل السنة والجماعة، وهذا الرجل شذ عنهم، فهلك

 

قال منصور السماري المرجئ: (فأصل الملة([105]): يكفر الإنسان فيها، قبل الخبر، يعني: قبل العلم، وبعد الخبر، يعني: بعد العلم.

* أما فروع الشريعة، فلا نكفر فيها([106])، إلا بعد العلم، بعد أن يأتيه الخبر، وهذا بالإجماع. ([107])

* وذكر الإجماع هذا: محمد بن نصر المروزي في كتابه: «تعظيم قدر الصلاة»، وابن جرير الطبري في كتابه: «التبصير في معالم الدين»، وابن منده في كتابه: «التوحيد»، وقد أشاروا إلى هذا الأمر المجمع عليه. ([108])

* ثم ذكر قول المروزي؛ فقال محمد بن نصر المروزي: (قالوا: ولما كان العلم بالله إيمانا، والجهل به كفرا، وكان العمل بالفرائض إيمانا، والجهل بها قبل نزولها، ليس بكفر، وبعد نزولها؛ من لم يعملها ليس بكفر([109])، لأن أصحاب رسول الله r قد أقروا بالله تعالى: في أول ما بعث الله تعالى؛ رسوله r إليهم، ولم يعملوا الفرائض التي فرضت عليهم بعد ذلك، فلم يكن جهلهم ذلك كفرا، ثم أنزل الله تعالى عليهم هذه الفرائض، فكان إقرارهم بها، والقيام بها إيمانا، وإنما يكفر من جحدها لتكذيبه خبر الله تعالى، ولو لم يأت خبر من الله تعالى، ما كان بجهلها كافرا([110])، وبعد مجئ الخبر، من لم يسمع بالخبر من المسلمين، لم يكن بجهلها كافرا، والجهل بالله في كل حال كفر قبل الخبر، وبعد الخبر» ([111]).([112]) اهـ كلام المروزي.

ثم قال السماري:

* يعني: الفرائض هذه، لو جاء شخص وقال: أنا أجحدها ورفضها، هنا: يكفر، بعد التعليم، بعد ما جاءه الخبر، يعني: قامت عليه الحجة. ([113])

وهذا مثل؛ حديث حذيفة بن اليمان([114]) t قال: قال رسول الله r : (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها). فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثا. ([115])

* يعني: بقي معهم: «التوحيد»، وليس أنهم لا يدرون ما معناها، فبقي معهم: «التوحيد»، لكنهم جهلوا شرائع الدين. ([116])

* فالجهل بشرائع الدين، لا يعد مخرجا من الملة ([117])، لكن إلا بعد العلم، فعلمها، ثم تركها.

* لأن الترك لا يسمى: تركا، مثلا، يعني: ترك «الصلاة»، : (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة). ([118])

* فلا يسمى: ترك الصلاة، تركا للصلاة، إلا بعد العلم بها، أما ترك شيئا لا يعلمه.

* كذلك؛ الجهال الذين لم تبلغهم شرائع الدين، وفرائض الدين، غير: «التوحيد»، فإنهم: لا يكفرون!. ([119])

* فجحد شيئا من أمور الدين ([120])، هذا يكفر) ([121]). اهـ كلام السماري

قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «السماري»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه.

* لقد حاول: «السماري» في هذا المقال، جعل مذهب: «المرجئة»، هو مذهب: «أهل السنة والجماعة»، في مسألة ترك: «جنس العمل».

 وقد تورط في ذلك، تورطا، عظيما لا يخرج منه؛ إلا بالتوبة الصادقة، عن هذا الذنب العظيم، الذي تلطخ به، وافتضح به.

* ولذلك: وقع في متناقضات عجيبة، وخلط غريب في أمر ترك: «جنس العمل».([122])

* فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وهذا يدل على أن: «السماري» بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، ولا يجوز الخلط والخبط في الدين.

* وقد بين الإمام ابن منده / في كتابه: «الإيمان»؛ أن الشرائع كلها من الإيمان:

فقال الإمام ابن منده / في «الإيمان» (ج1 ص379): (ذكر أول ما يدعى إليه العبد، وهو التوحيد، والمعرفة، ثم الصلوات الخمس، ثم الزكاة). اهـ

وقال الإمام ابن منده / في «الإيمان» (ج1 ص382): (ذكر ما يدل على أن مانع الزكاة، وتارك الصلاة، يستحق: اسم «الكفر» ). اهـ

وقال الإمام ابن منده / في «الإيمان» (ج1 ص387): (ذكر ما يدل على أن صوم رمضان من الإيمان، وأحد الأركان، الذي قاله رسول الله r). اهـ

وقال الإمام ابن منده / في «الإيمان» (ج1 ص390): (ذكر ما يدل على أن الحج المبرور من الإيمان). اهـ

قلت: وهذا بالإجماع، وهذا خلاف قول: «السماري»، الذي يعرف ويحرف، ويكذب في العلم، ويدعي الإجماع على خلاف ما ذكرناه.

* لذلك نقول: «للسماري»، السكوت عن الشر، هو خير من نشره بين الناس.

ولهذا قال تعالى: ]ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد[ [ق:18].

وقوله تعالى: ]ما يلفظ من قول[: نكرة في الشرط، مؤكدة، بحرف: «من»؛ فهذا يعم كل قوله. ([123])

وقال تعالى: ]ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره[ [الزلزلة:8].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص205)؛ وهو ينقل عن الكذب بالإجماع: (بل قد يكون ظن الإجماع خطأ، والصواب: في خلاف هذا القول، وهذا هو فصل الخطاب، فيما يكفر به: من مخالفة الإجماع، وما لا يكفر). اهـ

وقال الإمام عبد الله بن أحمد / في «المسائل» (ج3 ص1314): (سمعت أبي -يعني: الإمام أحمد- يقول: ما يدعي الرجل فيه الإجماع، هذا الكذب، من ادعى الإجماع، فهو: كذب).

* فأين الإجماع يا: «السماري» على قولك في: «الإرجاء»، وأين نقلك لإجماع الأئمة في الإيمان.

* وهذا السماري: إذا لم يبصر بقي قلبه في غي، والشيطان يمده في غيه، مثل: الإنسان، يغمض عينيه، فلا يرى شيئا، وإن لم يكن أعمى!.

* والإمام محمد بن نصر المروزي، والإمام ابن منده، والإمام الطبري، لم يذكروا؛ ما ذكره: «السماري» هذا، عنهم!. ([124])

بل ذكروا: خلاف بدعته في الإرجاء، و«أن الإسلام بني على خمس»، فذكروا من الإيمان: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصوم»، و«الحج»، وغير ذلك من الشرائع في الإسلام، وأنه يجب على العبد أن يأتي بها.

* وقد ذكر ذلك: الإمام المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص418)، والإمام الطبري في «التبصير في معالم الدين» (ص225)، والإمام ابن منده في «التوحيد» (ج2 ص30)، وفي «الإيمان» له (ج1 ص184).

وقال الإمام ابن منده / في «الإيمان» (ج1 ص184): (ذكر الخصال التي بني عليها الإسلام). اهـ

قلت: ومما سبق ذكره عن الأئمة، يدل أن: «السماري» كذب عليهم، أنهم: يثبتون الإسلام، لمن ترك الفرائض بالكلية، بل ثبت عنهم: خلاف ذلك، وسوف يأتي تحرير أقوالهم في: «الإيمان».

وعن الإمام إسحاق بن راهويه / قال: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم: أن قوما يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود لها: إنا لا نكفره، نرجأ أمره إلى الله بعد إذ هو مقر، فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم ثم هم أصناف ....).

أخرجه حرب الكرماني في «المسائل» (ص377) بإسناد صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص21).

* وكتب الإمام عمر بن عبد العزيز /؛ إلى عدي بن عدي: (إن للإيمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا، فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص).

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج1 ص11)، ووصله ابن أبي شيبة في «الإيمان» (ص45)، والخلال في «السنة» (ج4 ص57)، و(ج5 ص38)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص858)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص19) من طريق جرير بن حازم حدثني عيسى بن عاصم حدثني عدي بن عدي قال: (كتب إلي عمر بن عبد العزيز... فذكره).

وإسناده صحيح.

* وهو؛ أي: الإيمان: «فرائض»: أعمال مفروضة، «شرائع»: عقائد دينية، «حدودا»: منهيات ممنوعة، «سننا»: مندوبات، «استكملها»: أتى بها جميعا.([125])

قلت: فمن استكمل الفرائض، وما معها؛ فقد استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها، لم يستكمل الإيمان في قلبه.

وعن معن بن عيسى القزاز قال: قيل لمالك بن أنس: (الإيمان، أليس قولا، وعملا؟ قال: نعم). ([126])

قلت: فقد أجمع السلف الصالح على كفر تارك الصلاة، والأدلة على ذلك عن النبي r كثيرة جدا، وكذلك عن الصحابة، والتابعين، والخلاف في تارك الصلاة؛ إنما وقع بعدهم، فلا يعتد به في الشريعة المطهرة، فافطن لهذا ترشد.

* فالإجماع؛ إجماع السلف، ومن سواهم تبع لهم، اللهم غفرا.

وحكى الإجماع على ذلك جماعة؛ كإسحاق بن راهويه، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهما من أهل العلم.

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص929): سمعت إسحاق بن راهويه يقول: (قد صح عن رسول الله r أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي r إلى يومنا هذا: أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر).

وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص225).

وقال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص925): (ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي r في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة الكرام مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك، ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما روي عن النبي r، ثم عن الصحابة y في إكفار تاركها).اهـ

قلت: ومعلوم أن محمد بن نصر المروزي من أهل الاستقراء التام، والمعرفة الواسعة بأقوال أهل العلم، ومواضع الإجماع، والنزاع.

قال الحافظ الخطيب / في «تاريخ بغداد» (ج3 ص315)؛ عن المروزي: (كان أعلم الناس بإختلاف الصحابة([127])، ومن بعدهم في الأحكام). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج3 ص315)؛ عن المروزي: (يقال: أنه كان أعلم الأئمة: باختلاف العلماء على الإطلاق). اهـ

* وقد أشار الحافظ ابن رجب /: على أن كثيرا من أهل الحديث على تكفير تارك الصلاة، مما يدل على أن من ينقل: عن جمهور العلماء، إنهم لا يكفرون تارك الصلاة، فهو خطأ لا يلتفت إليه في كتب الفقه، لأنهم يقصدون بالجمهور أصحاب المذاهب المعروفة، وهذا أيضا خطأ، فجمهور العلماء هم أكثر العلماء، فلا يقتصر على أصحاب المذاهب، لأنه أصطلاح لا يصح عند أهل الحديث. ([128])

* وإليك نقض إرجائه، بأقوال أئمة الحديث:

* سئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: ما حكم من ترك جميع العمل الظاهر بالكلية، لكنه نطق بالشهادتين، ويقر بالفرائض، لكنه لم يعمل شيئا البتة، فهل هذا مسلم أم لا؟، علما أنه ليس له عذر شرعي يمنعه من القيام بتلك الفرائض؟.

فأجاب فضيلته: (هذا لا يكون مؤمنا، من كان يعتقد بقلبه، ويقر بلسانه، ولكنه لا يعمل بجوارحه، وعطل الأعمال كلها من غير عذر، فهذا ليس بمؤمن، لأن الإيمان كما ذكرنا، وكما عرفه أهل السنة والجماعة أنه: قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، لا يحصل الإيمان إلا بجموع هذه الأمور، فمن ترك واحدا منها، فإنه لا يكون مؤمنا). ([129])

قلت: وهذا فيه رد على: «السماري» هذا الذي يقول: (فمن نطق بالشهادتين، فهو مسلم، وإن لم يعمل أي شيء، لا صلاة، لا زكاة، لا صيام، لا حج، لم يعمل أي شيء).

قلت: وعلى هذا: فإن «السماري»، لا يكفر إلا بترك: «لا إله إلا الله»، وبالجحود.

* فهو لا يكفر إلا بالجحود الاعتقادي!.

قلت: فعند: «السماري» بالقول، أو الاعتقاد يدخل العبد الجنة، وإن لم يعمل أي عمل من عمل الجوارح، بل يدخل العبد الجنة إذا صدق بالإيمان بالقلب، أو بالنطق فقط، اللهم غفرا.

قلت: وهذا قول: «الأشاعرة»، لأنهم هم الذين يقولون أن الإيمان: «هو تصديق القلب فقط»، اللهم غفرا.

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (الذين قالوا أن الإيمان هو تصديق القلب فقط، وهذا قول الأشاعرة، وهذا أيضا قول باطل، لأن الكفار يصدقون بقلوبهم، يعرفون أن القرآن حق، وأن الرسول حق، واليهود والنصارى يعرفون ذلك، قال تعالى: ]الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون[ [البقرة:146].

* ويصدقون به بقلوبهم، قال تعالى في المشركين: ]قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون[ [الأنعام:33]، فهؤلاء لم ينطقوا بألسنتهم، ولم يعملوا بجوارحهم؛ مع أنهم يصدقون بقلوبهم، فلا يكونون مؤمنين) ([130]). اهـ

قلت: بل «السماري» هذا وافق: «مرجئة الفقهاء» أيضا في كلامه هذا، لأنهم هم الذين يقولون: (إن الإيمان اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان)، ولا يدخلون فيه الأعمال.

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (قول مرجئة الفقهاء: وهم أخف الفرق في الإرجاء الذين يقولون أن الإيمان اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، ولا يدخل فيه العمل، وهذا قول مرجئة الفقهاء، وهو قول غير صحيح أيضا، لأنه لا إيمان بدون عمل) ([131]). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (أما من ترك الأعمال كلها مختارا مع تمكنه منها، فهذا لا يكون مؤمنا) ([132]). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: هل تصح هذه المقولة: أن من قال الإيمان قول، وعمل، واعتقاد، يزيد وينقص؛ فقد برئ من الإرجاء كله؛ حتى لو قال لا كفر إلا بالاعتقاد، وجحود؟.

فأجاب فضيلته: (هذا تناقض لأنه إذا قال: لا كفر إلا باعتقاد أو جحود، فهذا يناقض قوله: أن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح.

* لأنه إذا كان الإيمان قولا باللسان، واعتقادا بالجنان، وعملا بالجوارح، وأنه يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، فمعناه: أن من تخلى عن الأعمال نهائيا؛ فإنه لا يكون مؤمنا، لأن الإيمان مجموع هذه الأشياء، ولا يكفي بعضها، والكفر ليس مقصورا على الجحود، وإنما الجحود نوع من أنواعه؛ فالكفر يكون بالقول وبالفعل، وبالاعتقاد، وبالشك، كما ذكر العلماء ذلك) ([133]). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: ما الدليل على مشروعية شروط شهادة: «لا إله إلا الله»، من العلم، والانقياد، والصدق، والاخلاص، والمحبة، والقبول، واليقين، وما الحكم فيمن يقولك (تكفي شهادة: «لا إله إلا الله»؛ بمجرد قولها دون هذه الشروط)؟.

فأجاب فضيلته: (هذا أما أنه مضلل، يريد تضليل الناس، وإما أنه جاهل يقول ما لا يعلم، فـ «لا إله إلا الله» ليست مجرد لفظ، بل لا بد لها من معنى ومقتضى، ليست مجرد لفظ يقال باللسان، والدليل على ذلك؛ قوله r: «من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله»([134])، وقوله r: «فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»([135])؛ قيدها بهذه القيود، وقول النبي r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»([136])، إلا بحق: «لا إله إلا الله»، فلم يكتف بمجرد قولهم: «لا إله إلا الله»، إذا لم يلتزموا بحقها، وهو العمل بمقتضاها، ومعرفة معناها، فليست: «لا إله إلا الله» مجرد لفظ يقال باللسان، ومن هذه الأدلة تؤخذ هذه الشروط التي ذكرها أهل العلم) ([137]).اهـ

قلت: فهل يقال بعد هذا كله أن من ترك جميع الأعمال أنه ناقص الإيمان، وأنه لا يكفر إلا بالجحود، وترك اعتقاد القلب؟.([138])

قلت: فهذا الكلام «للسماري» لا صلة له بعقيدة السلف الصالح، فانتبه.

فلا يجوز الخلط والخبط في دين الله تعالى، والله المستعان.

* وإليكم نقض العلماء عليه في مسألة ترك: «جنس العمل» بالكلية، وإبطال أقاويله الإرجائية:

أولا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله، مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

1) سئل العلامة الشيخ: سماحة الشيخ انتشر عندنا - يعني في أوروبا - بصورة عجيبة أن الذي يترك الأعمال كل الأعمال، و «جنس العمل» بغير عذر يكون مؤمن ناقص الإيمان، فما صحة هذا القول أثابكم الله؟.

فأجاب فضيلته: (لا ... هذا قول باطل!، الأعمال جزء من الإيمان، ومن ادعى الإيمان بدون عمل فليس بمؤمن، والله جل وعلا ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح) ([139]). اهـ

2) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هل تارك «جنس العمل»، ناقص الإيمان، وهل يكون بقوله هذا موافق للمرجئة أحسن الله إليكم؟.

فأجاب فضيلته: (نعم ... لأن «جنس العمل» تاركه قد كفر - نسأل الله العافية -؛ لأن العمل جزء من الإيمان).([140]) اهـ

3) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هل تارك «جنس العمل» مؤمن ناقص الإيمان، وهو قائل ذلك يسمى مرجئا، وجزاك الله خيرا؟.

فأجاب فضيلته: (يا أخواني الأعمال جزء من الإيمان لا انفصام بين العمل والإيمان، الإيمان والأعمال شيء واحد، فالذي يترك الأعمال هو تارك للإيمان، ومن يزعم أنه مؤمن، وهو لا يؤدي عمله، لا يصلي، ولا يزكي، ولا يصوم، ولا يحج، ولا يؤدي واجبا، ولا يبتعد عن محرم، ولا يمتثل واجبا، أين هذا من الإيمان؟!.

* فالإيمان والعمل شيء واحد لا انفصام للعمل عن الإيمان، بل الأعمال جزء من الإيمان، والله ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح) ([141]). اهـ

ثانيا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

1) سئل فضيلة الشيخ: وفقكم الله، هناك من يقول أن تارك «جنس العمل» بالكلية لا يكفر، وأن هذا القول قول ثاني للسلف، لا يستحق الإنكار، ولا التبديع، فما صحة هذه المقولة، أثابكم الله؟.

فأجاب فضيلته: (هذا كذاب، الذي يقول هذا الكلام هذا كذاب، كذب على السلف، السلف ما قالوا: إن الذي يترك: «جنس العمل» لا يكفر، ما قالوا: إن الذي يترك: «جنس العمل»، ولا يعمل أي شيء يكون مؤمنا، من ترك العمل نهائيا من غير عذر، لا يصلي، ولا يصوم، ولا يعمل أي شيء، ويقول أنا مؤمن هذا كذاب.

* أما الذي ترك العمل بعذر شرعي، وما يتمكن من العمل نطق بالشهادتين بصدق، ومات أو قتل في الحال فهذا ما في شك أنه مؤمن، لأنه ما تمكن من العمل ما تركه رغبة عنه.

* أما الذي يتمكن من العمل ويتركه، ولا يصلي، ولا يصوم، ولا يزكي، ولا يجتنب المحرمات، ولا يجتنب الفواحش، هذا ليس بمؤمن، ولا أحد يقول أنه مؤمن؛ إلا: «المرجئة») ([142]). اهـ

2) وسئل فضيلة الشيخ: ظهر في هذا الوقت من يقول أن تارك: «جنس العمل»، مؤمن، ويكابر في هذا القول، ويدعو إليه، ويهدد من لا يقول بقوله، وجزاكم الله خيرا؟.

فأجاب فضيلته: (لا نحتاج إلى هذا الرجل، ولا إلى قوله، والسلف الصالح والعلماء كفونا، وبينوا لنا الإيمان وهو: قول واعتقاد وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فهذا الرجل لا ننظر إليه ولا إلى قوله) ([143]). اهـ

ثالثا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان /، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

1) سئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول أن تارك: «جنس العمل»؛ بأنه مؤمن، وجزاكم الله خيرا؟.

فأجاب فضيلته: (فما معنى تارك: «جنس العمل»، إذا كان تارك: «جنس العمل»، معناه: تارك جميع الأعمال، هذا مذهب المرجئة، وأنا ما أدري ما يحمل الإنسان على ترك هدي الرسول r، والأخذ بهدي غيره، ويجادل ويناظر) ([144]). اهـ

2) وسئل فضيلة الشيخ: قال أحدهم في مقال له: (وفي نادر من الأحيان يسألني عنه بعض الناس يعني عن ترك: «جنس العمل»، هل هو كافر أم لا؟!، فأنهاه عن الخوض فيه، فإذا ألح اعترضت عليه ببعض أحاديث الشفاعة، كحديث أنس t: «يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان»؛ فما صحة هذا القول، بارك الله فيكم؟.

فأجاب فضيلته: (يا أخي هذه مسألة تدخل في مذهب المرجئة؛ الذين لا يجعلون العمل شرط صحة، تدخل في هذا الباب كله، وعن استدلاله، فهذا الأمر يرجع إلى الله، يعني لا يدخل فيها الإنسان أصلا) ([145]). اهـ

3) وسئل فضيلة الشيخ - في مكالمة من الجزائر - يا شيخ قال أحدهم في مقال له: (في نادر من الأحيان يسألني عنه - يعني تارك: «جنس العمل» - بعض العمل: هل هو كافر أم لا؟، فأنهاه عن الخوض فيه) (القائل هو ربيع المدخلي في مقاله: «كلمة حق حول جنس العمل»، فقاطعه الشيخ الغديان قائلا: (هذه المسألة تدخل في مذهب المرجئة الذين لا يجعلون العمل شرط صحة) ([146]). اهـ

قلت: فكلام «منصور السماري» هذا من أبطل الباطل، وهو يوافق المرجئة؛ فهذا الذي يقول هذا القول، هو مرجئ، لأن تارك جميع العمل، هو كافر، عند أهل السنة والجماعة، وهو غير مؤمن، والإيمان عندهم هو: اعتقاد القلب، ونطق اللسان، وعمل الجوارح.

* والعمل بالجوارح جزء من الإيمان، وكله ركن فيه، فإذا لم يأت بالعمل على الإطلاق يكون قد هدم هذا الركن، وهو كافر خارج من الملة، ومن قال عنه ناقص الإيمان، أثبت له إيمان؛ وهذا قد خالف إجماع الأمة ونقضه، لأنهم رأوه كافرا غير مؤمن، وهو أثبت له الإيمان، وهذا هو مذهب المرجئة.

قلت: فمذهب «المرجئة»، إنهم لا يكفرون الشخص، ويثبتون له الإيمان، ولو انتهت جميع الأعمال، ولو لم يعمل عملا قط.

* ولكن أهل السنة: قد ابتعدوا عن هذه الطريقة، فيفهمون النصوص بعضها مع بعض، فيقولون: (لم يعملوا خيرا قط) ([147])؛ أي: لم يكن عمله تاما، ولم يكن عمله كافيا، فهو يقع تحت الوعيد في نقصان عمله، ولقلة عمله، ولا يأخذون بهذا المتشابه، ويتركون النصوص القطعية الكثيرة في الكتاب والسنة، وإجماع أهل السنة، وإنما يوجهونها مع النصوص الأخرى، فيحملون المتشابه على المحكم، لكي تتفق النصوص، ثم يصدرون الحكم الصحيح.

قلت: وهذه الأقوال لأهل العلم تدل على بطلان قول: «منصور السماري» في أن تارك: «جنس العمل» ناقص الإيمان!، وهو مسلم!.

وليست هذه القضية هي الأولى في حياة هذا الرجل، فلها مثيلات يشهد عليه أهل العلم وطلبتهم السلفيون، منها: في أشرطته، ومنها: في مقالاته.

* وليعلم المسلم الكريم: أن هناك مآخذ كبيرة على «منصور السماري» في الأصول -خاصة أباطيله في الإرجاء- لا يعرفها إلا أهل السنة والجماعة، وهذا هو الضلال المبين؛ لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال. كما قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس:32].

* كل ذلك يبين أن الرجل يجازف في أحكام الدين([148])، ولم يتقن معتقد أهل السنة والجماعة في مسائل الإيمان، وإلا لماذا هذا الاضطراب([149]) والتناقض، ومقالاته تدل على ذلك.

* وقد خاض وحده في معتقد أهل السنة، ولم يكن فيه عنده علم، بل لم يكلف نفسه إلى الآن أن يرجع إلى علماء الحرمين؛ فيسألهم عن مسألة تارك: «جنس العمل» وثبوت ذلك: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43]، فهذا الرجل في رأسه عناد مفرط أهلكه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

* وهذا فيه خلط، وخبط، وفهم شارد، كما هو ظاهر، فهو يحاول أن يصحح مذهبه في: «الإرجاء» بمحاولات الغريق الذي يريد أن يتشبث بخيوط القمر، محوطة بالتدليس، ملفوفة بالتلبيس. ([150])

* فالسماري: بقوله هذا يرى بأن تارك «جنس العمل» ناقص الإيمان، وعلى هذا لا يكفر على مذهبه الباطل، وهذا قول: «المرجئة»، بلا شك كما بين (الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد الله الغديان) وغيرهم.

قلت: فالرجل أكثر التلبيس على: «من يسمعه» ([151])، من الجهلة في العلم، فهو لم يقتصر على الكتمان، بل سلك مسلك علماء أهل الكتاب في التلبيس، كما بين أمرهم الله؛ في قوله تعالى: ]يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون[ [آل عمران:71]، ونهاهم عن ذلك؛ بقوله تعالى: ]ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون[ [البقرة:42].

* لكن حال الذين يسمعون هذا الرجل على ما قاله الشاعر:

كبهيمـة عميـــاء قـــاد زمامهـا أعمى

 

 

على عــــوج الطـــــريق الجــــــــــائر

قال الإمام ابن القيم / في (النونية) (ص413):

لكــــن إلى أرض الجهـــالة أخلـدوا

 

 

واستسهلـــــوا التقليـــد كالعميـــــان

لم يبذلــــوا المقـــدور في إدراكهـــم

 

 

للحـــق تهوينــــــــا بهــــذا الشــــــان

وقال الإمام ابن القيم / في (النونية) (ص287):

والله لـــــو حدقتــــــم لرأيتـــم هــــذا

 

 

وأعظـــــــــم منـــــــه رأي عيــــــــــان

لكــــن على تلك العيـــون غشــــاوة

 

 

ما حيلــــة الكحــــال في العميــــــان

* فلا بد إذا أن يحمل أهل الأثر على أناملهم أقلام النصرة، بكلمة حق يخر لها الباطل صعقا، ولتفضح المبطل، تحذيرا من فتنه، ودفعا لمنهجه الباطل.

* وهذا الدفاع كفاحا عن معتقد أهل العلم الربانيين، وطلبتهم السلفيين الذين نهجوا نهج السلف الصالح، ونصرة السنة النبوية، ومعتقد السلف الصالح.

وجملة القول: أن هذا الرجل لا يعتد بنقله، ولا بعلمه، ومن يراجع مقالاته المخلطة يتحقق صدق ما قلناه.

* من أجل هذا الكلام، ومن أجل ما ينشر هذا المميع من الباطل، دعت الحاجة إلى تدوين هذا المبحث نصيحة: لشباب المسلمين، ونصرة للحق المبين.

* وقد أجمع علماء السلف أهل السنة والجماعة على كفر تارك: «جنس العمل». ([152])

قلت: لأنه يمتنع أن يكون العبد مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه، ولم يؤد عملا صالحا ...!!!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبا ظاهرا، ولا صلاة، ولا زكاة، ولا صياما، ولا غير ذلك من الواجبات [أو] لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤدي الأمانة، أو يصدق الحديث، أو يعدل في قسمه وحكمه، من غير إيمان بالله تعالى، ورسوله r، لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين، وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور، فلا يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد r). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص611): (ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه؛ بأن الله تعالى فرض عليه الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب، وزندقة لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع عن السجود الكفار). اهـ

وقال العلامة القصاب / في «نكت القرآن» (ج1 ص461): سورة الأنفال: وهو يرد على المرجئة: (قوله عز وجل: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم[ [الأنفال:2 و3 و4]؛ رد على: «المرجئة» من وجوه:

أحدها: أنه ذكر عامة الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة وجعلها من الإيمان، وذلك أنه ذكر قبل: ]إنما المؤمنون[؛ التقوى وإصلاح ذات البين ([153])، ثم نسق في هذه الآية عملا بعد عمل وذكر فيها التوكل وهو: باطن.

والثاني: أنه ذكر زيادة الإيمان بتلاوة الآيات عليهم، وهم ينكرونه.

والثالث: أنه لم يثبت لهم حقيقة الإيمان؛ إلا باجتماع خصال الخير من الأعمال الظاهرة والباطنة، وهم يثبتون حقيقة ([154]) بالقول وحده.

والرابع: أنه - جل وتعالى - قال بعد ذلك كله: ]لهم درجات[ [الأنفال:4]؛ وقد أثبت لهم الإيمان بشرائطه وحقيقته، وهم لا يجعلون للمؤمن في إيمانه؛ إلا درجة واحدة، ولا يجعلون للإيمان أجزاء.

* فكيف يستقيم أن يسمى المرء بالإقرار وحده مستكمل الإيمان، وقد سمى الله - جل جلاله - كل من حوته الآية إيمانا؟).اهـ

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص58): (والمشهور عن السلف، وأهل الحديث أن الإيمان: قول وعمل ونية، وأن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان، وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم ممن أدركهم، وأنكر السلف على من أخرج الإعمال من الإيمان إنكارا شديدا، وممن أنكر ذلك على قائله، وجعله قولا محدثا: سعيد بن جبير، وميمون ابن مهران، وقتادة، وأيوب السختياني، وإبراهيم النخعي، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم.

وقال الثوري: (هو رأي محدث، أدركنا الناس على غيره)، قال الأوزاعي: (كان من مضى من السلف لا يفرقون بين العمل والإيمان) ([155]). اهـ

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : (بني الإسلام على خمس): (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام) ([156]). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى: هناك من يقول الإيمان: قول واعتقاد وعمل، لكن العمل شرط كمال فيه، ويقول أيضا لا كفر إلا باعتقاد. فهل هذا القول من أقوال أهل السنة والجماعة أم لا؟.

فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا ما فهم الإيمان، ولا فهم العقيدة، وهذا هو ما قلناه في المقدمة من أن الواجب عليه أن يدرس العقيدة على أهل العلم، ويتلقاه من مصادرها الصحيحة، وسيعرف الجواب عن هذا السؤال.

وقوله: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ثم يقول: إن العمل شرط في كمال الإيمان وفي صحته، هذا تناقض كيف يقول العمل من الإيمان ثم يقول العمل شرط؟!)([157]). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز /: من شهد: «أن لا إله إلا الله»، واعتقد بقلبه، ولكن ترك جميع العمل، هل يكون مسلما؟.

فأجاب فضيلته: (لا، ما يكون مسلما حتى يوحد الله بعمله، يوحد الله بخوفه ورجائه، ومحبته، والصلاة، ويؤمن أن الله أوجب كذا وحرم كذا. ولا يتصور ... ما يتصور أن الإنسان المسلم يؤمن بالله يترك جميع الأعمال، هذا التقدير لا أساس له. لا يمكن يتصور أن يقع من أحد ... نعم لأن الإيمان يحفزه إلى العمل الإيمان الصادق ... نعم) ([158]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: عن العمل: (لا، هو جزء، ما هو بشرط، هو جزء من الإيمان، الإيمان قول وعمل وعقيدة؛ أي: تصديق، والإيمان يتكون من القول والعمل والتصديق؛ عند أهل السنة والجماعة) ([159]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: عن العمل: - عندما سئل: هناك من يقول بأنه داخل في الإيمان لكنه شرط كمال؟ -: (لا، لا ما هو بشرط كمال، جزء، جزء من الإيمان: هذا قول المرجئة...) ([160]). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص309)؛ وذكر مقولة السلف: «لا يقبل قولا إلا بعمل»: (وهذا فيه رد على: «المرجئة» الذين يجعلون مجرد القول كافيا، فأخبر أنه لابد من قول وعمل؛ إذ الإيمان قول وعمل، لابد من هذين؛ كما بسطناه في غير هذا الموضع). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «مسائل في الإيمان» (ص17): (لا عمل بدون إيمان، ولا إيمان بدون عمل فهما حقيقة الإيمان، والأعمال من الإيمان، والأقوال من الإيمان، والاعتقاد من الإيمان، ومجموعها كله هو الإيمان بالله عز وجل، مع الإيمان بكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «مسائل في الإيمان» (ص34): (العمل من الإيمان، فمن تركه يكون تاركا للإيمان، سواء ترك العمل كله نهائيا؛ فلم يعمل شيئا أبدا، أو أنه ترك بعض العمل؛ لأنه لا يراه من الإيمان، ولا يراه داخلا في الإيمان؛ فهذا يدخل في: «المرجئة» ([161])، والعمل قد يزول الإيمان بزواله؛ كترك الصلاة) ([162]). اهـ

قلت: ويدل على فساد قول «المرجئة العصرية» اضطرابهم في الكلام في مسائل الإيمان؛ كما هو الظاهر من مقالاتهم.

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله: (المسلمون في عهد المصطفى r، وعهد خلفائه الراشدين كانوا يعتقدون أن الإيمان: اعتقاد القلب، ونطق اللسان، وعمل الجوارح، وأن الأعمال جزء من الإيمان، فلم يقولوا: هي شرط كمال، بل كانوا يعتقدون أن الأعمال جزء من مسمى الإيمان، فلفظ الإيمان يدخل فيه الأقوال والأعمال والاعتقادات، كلها يشملها مسمى الإيمان، وتقتضيها حقيقة الإيمان) ([163]).([164]) اهـ

قلت: وهذا كله يؤكد وجوب ترك قول «المرجئة السادسة العصرية» هذا، وهجره لأنه من المعلوم عند أهل السنة والجماعة: أن كل قول لم يقله السلف، وأحدث خلافا، وافتراقا في الأمة، فإنه ليس هو من الدين، ويتحتم تركه حتى تجتمع الكلمة، وتأتلف القلوب.

قال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص283): (الإيمان له ظاهر وباطن، وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح، وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته، فلا ينفع ظاهر لا باطن له). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص204): (فكل إسلام ظاهر لا ينفذ صاحبه منه إلى حقيقة الإيمان الباطنة، فليس بنافع حتى يكون معه شيء من الإيمان الباطن، وكل حقيقة باطنة: لا يقوم صاحبها بشرائع الإسلام الظاهرة، لا تنفع ولو كانت ما كانت).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص128): (القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان؛ إلا بالعمل مع التصديق، وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى: «الصلاة»، و«الزكاة»، فإن تلك إنما فسرتها السنة، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r بقلبه، أو بقلبه ولسانه ولم يؤد واجبا ظاهرا، ولا «صلاة»، ولا «زكاة»، ولا «صياما»، ولا غير ذلك من الواجبات). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص611): (ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه؛ بأن الله تعالى فرض عليه الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب، وزندقة لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع عن السجود الكفار). اهـ

قلت: ويؤيد ما سبق من الكلام تتابع النصوص الشرعية من الكتاب والسنة الدالة على دخول الأعمال في مسمى الإيمان كما سبق.

قال الحافظ الآجري / في «الأربعين» (ص135): (اعلموا رحمنا الله وإياكم: أن الذي عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق: وهو التصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح ... ولا تجزئ معرفة بالقلب، والنطق باللسان، حتى يكون معه عمل الجوارح.

* فإذا كملت الخصال الثلاث كان مؤمنا ... فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان.

* فمن لم يصدق الإيمان بعمله، وبجوارحه مثل: «الطهارة»، و«الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، و«الجهاد» أشباه لهذه، ورضي لنفسه المعرفة، والقول دون العمل لم يكن مؤمنا، ولم تنفعه المعرفة والقول).اهـ

وقال الحافظ ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص795): (فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين، أن الإيمان قول وعمل، وأن من صدق بالقول، وترك العمل كان مكذبا، وخارجا من الإيمان، وأن الله تعالى لا يقبل قولا إلا بعمل، ولا عملا إلا بقول). اهـ

وقال الحافظ أبو عبيد / في «الإيمان» (ص65): (فلم يجعل الله تعالى للإيمان حقيقة إلا بالعمل على هذه الشروط، والذي يزعم أنه بالقول خاصة يجعله مؤمنا حقا، وإن لم يكن هناك عمل، فهو معاند لكتاب الله والسنة). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: شهادة: «أن لا إله إلا الله»، هي مفتاح دين الإسلام، وأصله الأصيل؛ فهل من نطق بها فقط؛ دخل في دائرة المسلمين؛ دون عمل يذكر؟ وهل الأديان السماوية - غير دين الإسلام الذي جاء به محمد r - جاءت بنفس هذا الأصل الأصيل؟

فأجاب فضيلته: (من نطق بشهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»؛ حكم بإسلامه بادي ذي بدء، وحقن دمه:

* فإن عمل بمقتضاها ظاهرا وباطنا؛ فهذا مسلم حقا، له البشرى في الحياة الدنيا والآخرة.

* وإن عمل بمقتضاها ظاهرا فقط؛ حكم بإسلامه في الظاهر، وعومل معاملة المسلمين، وفي الباطن هو منافق، يتولى الله حسابه.

* وأما إذا لم يعمل بمقتضى: «لا إله إلا الله»، واكتفى بمجرد النطق بها، أو عمل بخلافها؛ فإنه يحكم بردته، ويعامل معاملة المرتدين.

* وإن عمل بمقتضاها في شيء دون شيء؛ فإنه ينظر: فإن كان هذا الذي تركه يقتضي تركه الردة؛ فإنه يحكم بردته، كمن ترك الصلاة متعمدا، أو صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله. وإن كان هذا الذي تركه لا يقتضي الردة؛ فإنه يعتبر مؤمنا ناقص الإيمان بحسب ما تركه؛ كأصحاب الذنوب التي هي دون الشرك.

وهذا الحكم التفصيلي جاءت به جميع الشرائع السماوية) ([165]). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «المنتقى» (ج1 ص290): (وقال الله سبحانه وتعالى ]والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر[ [العصر:1 - 3].

* فرتب السلامة من الخسارة على مسائل أربع:

المسألة الأولى: الإيمان، ويعني: الاعتقاد الصحيح.

المسألة الثانية: العمل الصالح، والأقوال الصالحة، وعطف الأقوال الصالحة، والأعمال الصالحة على الإيمان من باب عطف الخاص على العام؛ لأن الأعمال داخله في الإيمان، وإنما عطفها عليه اهتماما بها.

والمسألة الثالثة: ]وتواصوا بالحق[؛ يعني: دعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، لما اعتنوا بأنفسهم أولا، وعرفوا الطريق دعوا غيرهم إلى ذلك؛ لأن المسلم مكلف بدعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

* ]وتواصوا بالصبر[، وهذه المسألة الرابعة: الصبر على ما يلاقونه في سبيل ذلك من التعب والمشقة، فلا سعادة لمسلم إلا إذا حقق هذه المسائل الأربع).اهـ

وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن /: (ومجرد الإتيان بلفظ الشهادة، من غير علم بمعناها، ولا عمل بمقتضاها: لا يكون به المكلف مسلما) ([166]).([167]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص644) عن الإيمان: (إذا ذهب نقص عن الأكمل، ومنه إذا ذهب: ذهب عن الكمال، ومنه ما إذا ذهب: ذهب الإيمان بالكلية، وهو القول والاعتقاد). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبدالوهاب / في «كشف الشبهات» (ص126): (لا خلاف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شي من هذا لم يكن الرجل مسلما. فإن عرف التوحيد ولم يعمل به، فهو كافر معاند؛ كفرعون، وإبليس، وأمثالهما). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ص86): (فإذا خلا العبد: عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا... فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل، لا بالقول فقط؛ فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، ومن لا دين له: فهو كافر). اهـ

وقال الإمام ابن راهوية /: (أول من تكلم بالإرجاء: زعموا أن الحسن بن محمد الحنفية، ثم غلت المرجئة حتى صار من قولهم: أن قوما يقولون: من ترك المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود بها؛ أنا لا نكفره يرجى أمره إلى الله بعد إذ هو مقر.

* فهؤلاء المرجئة: الذين لا شك فيهم، ثم هم أصناف، منهم من قوم يقولون: نحن مؤمنون البتة، ولا يقول عند الله، ويرون الإيمان قولا وعملا، وهؤلاء أمثلهم، وقوم يقولون: الإيمان قول ويصدقه العمل، وليس العمل من الإيمان، ولكن العمل فريضة، والإيمان هو القول، ويقولون: حسناتنا متقبلة، ونحن مؤمنون عند الله، وإيماننا وإيمان جبريل واحد، فهؤلاء الذين جاء فيهم الحديث: أنهم «المرجئة» التي لعنت على لسان الأنبياء) ([168]). اهـ

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «فتح رب البرية» (ص57): (ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به حسب تأكد الطاعة؛ فكلما كانت الطاعة أوكد: كان نقص الإيمان بها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة).اهـ

وقال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ج2 ص684): (من قال الإيمان قول دون العمل يقال له: رددت القرآن والسنة، وما عليه جميع العلماء، وخرجت من قول المسلمين، وكفرت بالله العظيم).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج14 ص120): (فمن قال: إنه يصدق الرسول r ويحبه، ويعظمه بقلبه، ولم يتكلم قط بالإسلام، ولا فعل شيئا من واجباته بلا خوف، فهذا لايكون مؤمنا في الباطن، وإنما هو كافر...).اهـ

وقال الشيخ سليمان بن سحمان /: (فلا بد من شهادة: أن لا إله إلا الله، من اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، فإن اختل نوع من هذه الأنواع: لم يكن الرجل مسلما) ([169]). اهـ

قلت: ومن هنا يتبين الفرق بين مذهب السلف، ومخالفيهم.

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «فتح المجيد» (ص35): (قوله r: «من شهد أن لا إله إلا الله»؛ أي: من تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها، باطنا وظاهرا، فلا بد في الشهادتين: من العلم، واليقين، والعمل بمدلولها، كما قال تعالى: ]فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك[ [محمد:19]، وقال تعالى: ]إلا من شهد بالحق وهم يعلمون[ [الزخرف:86].

* أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا يقين، ولا عمل بما يقتضيه، من نفي الشرك، وإخلاص القول والعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح: فغير نافع بالإجماع). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن /: (أجمع العلماء سلفا وخلفا؛ من الصحابة والتابعين والأئمة، وجميع أهل السنة، أن المرء لا يكون مسلما، إلا بالتجرد من الشرك الأكبر، والبراء منه وممن فعله، وبغضهم ومعاداتهم بحسب الطاقة والقدرة، وإخلاص الأعمال كلها لله تعالى). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبدالرحمن /: (ومجرد التلفظ بالشهادتين لا يكفي في الإسلام بدون العمل بمعناها، واعتقاده إجماعا) ([170]). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «بدائع الفوائد» (ج3 ص710): (لله على العبد عبوديتين: عبودية باطنة، وعبودية ظاهرة، فله على قلبه عبودية، وعلى لسانه، وجوارحه عبودية، فقيامه بصورة العبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة، مما لا يقربه إلى ربه سبحانه، ولا يوجب له الثواب، وقبول عمله.

* فإن المقصود امتحان القلوب، وابتلاء السرائر، فعمل القلب: هو روح العبوديه بها، فإذا خلا عمل الجوارح منه، كان كالجسد الموات، بلا روح، والنية: هي عمل القلب، الذي هو ملك الأعضاء، والمقصود بالأمر والنهي؛ فكيف يسقط واجبه...). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد السائل» (ص33): (وأقول من كان تاركا لأركان الإسلام، وجميع فرائضه ورافضا لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين، فلا شك، ولا ريب: أن هذا كافر شديد الكفر، حلال الدم والمال).اهـ

قلت: فهذا الموضع ينبغي تدبره فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب. ([171])

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني /: (إن الإيمان بدون عمل لا يفيد؛ فالله عز وجل حينما يذكر الإيمان، يذكره مقرونا بالعمل الصالح، لأننا لا نتصور إيمانا بدون عمل صالح) ([172]). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص506): (ولكن القول المطلق، والعمل المطلق في كلام السلف يتناول قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح.

* فقول اللسان بدون اعتقاد القلب: هو قول المنافقين، وهذا لا يسمى قولا إلا بالتقييد؛ كقوله تعالى: ]يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم[ [الفتح:11].

وكذلك عمل الجوارح بدون أعمال القلوب هي من أعمال المنافقين التي لا يتقبلها الله.

* فقول السلف يتضمن القول والعمل الباطن والظاهر، لكن لما كان بعض الناس قد لا يفهم دخول النية في ذلك، قال بعضهم: ونية، ثم بين، آخرون: أن مطلق القول، والعمل، والنية لا يكون مقبولا؛ إلا بموافقة السنة...). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص367): (ومن هنا فإن كان الظاهر منخرما حكم على الباطن بذلك، أو مستقيما حكم على الباطن بذلك أيضا، وهو أصل عام في الفقه، وسائر الأحكام العاديات والتجريبيات، بل الالتفات إليها من هذا الوجه نافع في جملة الشريعة جدا، والأدلة على صحته كثيرة جدا، وكفى بذلك عمدة أنه الحاكم بإيمان المؤمن، وكفر الكافر، وطاعة المطيع، وعصيان العاصي، وعدالة العدل، وجرحة المجرح، وبذلك تنعقد العقود، وترتبط المواثيق إلى غير ذلك من الأمور، بل هو كلية التشريع، وعمدة التكليف بالنسبة إلى إقامة حدود الشعائر الإسلامية الخاصة والعامة). اهـ

قلت: قد فهم منها بعض من تكلم في هذه المسألة أن الأعمال الصالحة كلها شرط كمال عند السلف.

وهذا خطأ يقع فيه كثير من طلاب العلم، ممن لم يمحص قول السلف في هذا الباب.

قلت: فليس مراد السلف: أن جنس الأعمال شرط لكمال الإيمان، لأن هذا يقتضي صحة الإيمان بدون أي عمل، وهذا لازم قول: «المرجئة»، وليس قول السلف، اللهم غفرا.

قلت: فمن أنزل مرتبة العمل عن مرتبة القول، بأن زعم حصول نجاة من لم يعمل من شرائع الإسلام خيرا قط([173])، مع قدرته على العمل، وعدم وجود المانع، فقد غلط، وقوله هذا يلتقي مع: «المرجئة» في أصل مذهبهم تماما، وهو إعراض عن المحكم من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وعن منهج السلف الصالح، وإجماع منعقد بين أهل السنة والجماعة.

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص348): فيمن يقول بهذا يقول بهذا القول من أهل السنة: (ولا فرق بينه، وبين «المرجئة»: إذ زعمت أن الإيمان إقرار بلا عمل). اهـ

قلت: والأدهى من ذلك والأمر أن يتأثر بتلك الفكرة الساذجة دعاة يلتقون معنا في أصول الدعوة السلفية المباركة في الظاهر، فتراهم مع الأسف يتمسكون بهذا المعتقد الباطل، ويتكلفون التنقيب عن أدلة له، بتعسف وتكلف ولي لأعناق النصوص، وإخضاعها لتوافق ذلك المعتقد الباطل، وجرهم ذلك للتدليس بنقل بعض العبارات الموهمة عن علماء ربانيين عرفوا بصفاء المنهج وصحة المعتقد، ليمعنوا في التضليل، ويوغلوا في التلبيس، فيكتب عليهم وزرها، ووزر من اعتقدها، وعمل بمقتضاها إلى يوم القيامة. ([174])

قلت: «فربيع المدخلي» أحيا مذهب: «المرجئة»، ونقله من دائرة النظرية التقليدية؛ كجماعة ذات فكر، وكيان إلى منهج يعادي، ويوالي عليه، اللهم غفرا. ([175])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص72): (وهو أن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن). اهـ

قلت: وهذه الشعب تتفاوت مراتبها بحسب دخولها في: مراتب الإيمان الثلاثة.

1) فمنها: ما هي من أصل الإيمان يزول بزوالها الإيمان بالكلية.

2) ومنها: ما هي من الكمال الواجب بزوالها يزول الكمال الواجب، ويفوت صاحبه الثواب، ويستحق به العقاب مع بقاء أصل الإيمان وعدم زواله.

3) ومنها: ما هي من شعب الإيمان المستحب تزول بزوالها مرتبة الكمال المستحب، ويفوت صاحبه علو الدرجات، وأسمى المقامات، ولا يستحق به العقاب، ولا يفوته الثواب.

* لأن هذه الشعب ليست مما افترض الله على العباد، بل جعلها مجالا للتسابق في الخيرات، ونيل أعالي الدرجات، وأرفع المنازل في الجنات. ([176])

قلت: وقد أوضح أهل العلم فيما سبق أنه لابد من العمل الظاهر، لوجود الإيمان الباطن: الذي في القلب؛ فهما متلازمان لا ينفكان أبدا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص168): (وقد بينا أن الإيمان إذا أطلق أدخل الله تعالى، ورسوله r: فيه الأعمال المأمور بها، وقد يقرن به الأعمال، وذكرنا نظائر لذلك كثيرة، وذلك لأن أصل الإيمان هو ما في القلب، والأعمال الظاهرة لازمة لذلك، ولا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح، بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب، فصار الإيمان متناولا للملزوم واللازم، وإن كان أصله ما في القلب، وحيث عطفت عليه الأعمال، فإن أريد أنه لا يكتفي بإيمان القلب، بل لابد معه من الأعمال الصالحة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الأوسط» (ج7 ص642 - الفتاوى): (اسم الإيمان يستعمل مطلقا، ويستعمل مقيدا، وإذا استعمل مطلقا، فجميع ما يحبه الله تعالى، ورسوله r: من أقوال العبد، وأعماله الباطنة والظاهرة يدخل في مسمى الإيمان عند عامة السلف، والأئمة من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، الذين يجعلون الإيمان قولا وعملا، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ويدخلون جميع الطاعات فرضها ونفلها في مسماه). اهـ

* فأهل السنة والأثر والحديث لهم قواعد وضوابط، أصلوها تأصيلا في غاية النفع، كما أن لهم تحقيقات دقيقة ذكروا فيها أصول الخلاف، وتفاوت الطوائف في مدى التزامها بلوازم أقوالهم في تعريف الإيمان.

* فإن الأصل الذي نشأ بسببه النزاع في الإيمان تمسك المخالفين بأصلين فاسدين بنوا عليهما جميع أقوالهم الأخرى وهما:

أحدهما: أن الإيمان كل لا يتبعض، ولا يتجزأ، إذا زال بعضه زال كله.

والثاني: قولهم إنه لا يجتمع عند الإنسان طاعة ومعصية، وإيمان وكفر أصغر، وإسلام: ونفاق عملي، وأنه إذا وجد أحدهما انتفى الآخر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص387): (ومن العجب أن الأصل الذي أوقعهم في هذا، اعتقادهم أنه لا يجتمع في الإنسان بعض الإيمان، وبعض الكفر، أو ما هو إيمان، وما هو كفر، واعتقدوا أن هذا متفق عليه بين المسلمين، كما ذكر ذلك أبو الحسن وغيره، فلأجل اعتقادهم في هذا الإجماع، وقعوا فيما هو مخالف للإجماع الحقيقي، إجماع السلف الذي ذكره غير واحد من الأئمة، بل وخرج غير واحد منهم بكفر من قال بقول: «جهم» في الإيمان).اهـ

قلت: ولذلك فقد تصدى أهل السنة والجماعة، لهذه البدع، مع بداية ظهورها بالرد والبيان، والحجة والبرهان، حتى صار منهج أهل السنة والجماعة: متميزا جليا في مسالة الإيمان.

* وبما أن مسألة الإيمان: هي أول مسألة وقع فيها الخلاف بين أهل القبلة، حتى صار إلى حد التكفير، والقتال، والتبديع، وكل ذلك كان بسبب خوض البعض في مسألة الإيمان، على أسس غير علمية، بعيدة كل البعد عن أدلة الكتاب والسنة، وفهم سلف الأمة، فأدى ذلك إلى ظهور بدع عدة بدءا ببدعة: «الخوارج»، وانتهاء ببدع: «الجهمية»، و«المعتزلة»، و«المرجئة».

* وهذا هو أعظم خطأ وقع فيه أهل البدع، وهو الخطأ في الفهم، والنظر والاستدلال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص98): (وقد عدلت: «المرجئة» في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم، وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة.

* وهذه طريقة أهل البدع ... ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي r، والتابعين، وأئمة المسلمين، فلا يعتمدون لا على السنة، ولا على إجماع السلف وآثارهم، وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة، والحديث، وآثار السلف، وإنما يعتمدون على كتب الأدب، وكتب الكلام التي وضعتها رؤوسهم، وهذه طريقة الملاحدة أيضا...). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص339): (ومن آتاه الله علما وإيمانا، علم أنه لا يكون عند المتأخرين - والمعاصرين - من التحقيق، إلا ما هو دون تحقيق السلف، لا في العلم، ولا في العمل، ومن كان له خبرة بالنظريات، والعقليات، والعمليات، علم أن مذهب الصحابة دائما أرجح، من قول من بعدهم، وأنه لا يبتدع أحد قولا في الإسلام، إلا كان خطأ، وكان الصواب قد سبق إليه من قبله) ([177]). اهـ

قلت: ومع نصح العلماء، «للمرجئة العصرية»، بالرجوع إلى الحق؛ إلا أنهم تمادوا في غيهم، واستمروا في ضلالهم، وسودوا الصفحات في الردود، وجمعوا الترهات للدفاع عن أنفسهم، ضاربين فتاوى أهل العلم، ونصحهم عرض الحائط، نسأل الله الهداية، والسداد: ]من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا[ [الكهف:17].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص315): (وكذلك تجدهم في مسائل الإيمان، يذكرون أقوال الأئمة والسلف، ويبحثون بحثا يناسب قول: «الجهمية» لأن البحث أخذوه([178]) من كتب أهل الكلام الذين نصروا قول: «جهم» في مسائل الإيمان). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص314): (وهذا قد وقع فيه: طوائف كثيرة من المتأخرين المنتسبين إلى السنة، والفقه، والحديث؛ المتبعين للأئمة الأربعة المتعصبة «للجهمية»، و«المعتزلة»، بل و«للمرجئة» أيضا، لكن لعدم معرفتهم بالحقائق التي نشأت منها البدع يجمعون بين الضدين، ولكن من رحمة الله بعباده المسلمين أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق مثل الأئمة الأربعة وغيرهم ... كانوا ينكرون على أهل الكلام من: «الجهمية» قولهم في القرآن والإيمان، وصفات الرب، وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف). اهـ

قلت: ومع أن هؤلاء يدعون التحقيق والتدقيق، وأنهم فرسان الميدان في: «مسائل الإيمان»، إلا أن المتبصر بالحق والسنة يعلم زيف أقوالهم وبعدهم عن عقيدة أهل السنة والجماعة، وجهلهم المركب بها.

* بل هؤلاء المرجئة: يدعون أن من كفر تارك: «جنس العمل» فهو على مذهب الخوارج، وهذا القول هو قول أهل البدع في أهل السنة، فإنهم يعيبون في تكفيرهم بالدليل قديما وحديثا، فتشابهت قلوبهم.

قال الإمام أحمد / -فيمن يعيب أقوال أهل السنة؛ في المبتدعة-: (فيعيبون قولنا: ويدعون إلى هذا القول أن لا يقال: «مخلوق، ولا غير مخلوق»، ويعيبون من يكفر([179])، ويزعمون أنا نقول بقول الخوارج!، ثم تبسم أبو عبد الله كالمغتاظ، ثم قال: هؤلاء قوم سوء!) ([180]).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج5 ص 139) من طريق محمد بن علي الوراق قال ثنا أبو بكر الأثرم فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام حرب الكرماني / في «المسائل» (ص376): (قال أحمد: لا يعجبني، للرجل أن يخالط: «المرجئة»). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

ذكر الدليل على كشف إرجاء: «منصور السماري»، الذي يقول فيه، أن من نطق بـ«لا إله إلا الله»، أنه مسلم، ولو ترك لجميع الفرائض، ولم يعمل بها البتة في حياته، وهذا مذهب: «المرجئة»، وقد استدل بشبهات: «المرجئة»، التي هي من المشتبهات في ألفاظها، مع ضعفها، والتي يجب أن ترد إلى المفسرات في الشرع، لذلك قد خالف اعتقاد أئمة الحديث، فهلك، ولابد

 

* وقد كرر السماري، في مقطع آخر، أن من ترك الفرائض، وجهلها، أنه لا يكفر، ويعذر بجهله!.

فقال منصور السماري المرجئ: (إذا من جهلها -يعني: الفرائض- فهو معذور([181])؛ وهذا ينزل عليه، حديث: حذيفة بن اليمان t قال: قال رسول الله r: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها). فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثا. ([182])

ثم ذكر قصة المرأة الزانية:

ثم قال السماري: الشاهد: «تستهل به كالجاهلة لحكمه، وليس الجاهلة، «لوصفه»، و«اسمه».

* فهي تعرف أنه زنا، لكن لا تدري أن الزنا في الإسلام حرام، ففرق بين: «الاسم»، وبين: «الحكم». ([183])

* ومثل: من يستحل المعاصي، استحل المعاصي جاهل لا يدري، ما بلغته.

* يعلق على قصة: المرأة الزانية في عهد عمر بن الخطاب t:

1) «جاءت امرأة، فقالوا: لها، أنت زنيت، قالت: نعم، زنيت، مع: «فلان»، و«فلان»، و«فلان».

2) قال عثمان t: يا أمير المؤمنين، إني أراها: تستهل به كالجاهلة لحكمه، فقالوا: لها أتعلمين الزنا حرام، قالت: لا.

3) لا تدري أن الزنا في الإسلام حرام، لأنها حديثة عهد بالإسلام، فلم يحدوها، وإن ورد: أنها عزرت، لكن التعزير، دون الحد.

فمن عرف: «الاسم»، و«الحكم»، جهل العقوبة، فهل يعذر بجهله بالعقوبة: لا، ما دام أنه عرف، أن هذا حرام، في الإسلام، يعاقب، ولو لم يعرف ما هي: العقوبة، والأدلة على هذا كثيرة جدا.

* ثم قال معلقا: على هذا الحديث، أن حذيفة t، لم يقلها عن نفسه، بل هي قالها ديانة عن النبي r.

* فهنا لما عرف أنها تنجيهم([184]) من النار، بسبب أنهم يجهلون هذه الفرائض، فعذروا بالجهل هنا، مع أنهم: لا يعذرون في الشرك بالجهل، فانتبهوا للفرق بين الإعذار في: «الشرك الأكبر»، بالجهل، وبين الإعذار: «بالجهل في الفرائض»، وفي أيضا المعاصي، استحلال المعاصي، استحلها جاهل ما يدري، ما بلغته.

وهذا مثل: تلك المرأة الزانية، التي جائت في عهد عمر بن الخطاب t.

* ومثال: ذاك الرجل الذي جامع امرأته، في نهار رمضان؛ لحديث أبي هريرة t، قال: بينما نحن جلوس عند النبي r، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: «مالك؟» وفي لفظ مسلم: «وما أهلكك؟»، قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم في رمضان، فقال رسول الله r: «هل تجد رقبة تعتقها؟»، قال: لا. قال r: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»، قال: لا أستطيع، فقال: «فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟»، قال: لا أجد، قال: «اجلس» فجلس فمكث عند النبي r، فبينما نحن على ذلك أتي النبي r بعرق فيه تمر، والعرق المكتل الضخم وهو الزنبيل، قال: «أين السائل؟»، فقال: أنا، قال: «خذ هذا فتصدق به»، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لا بتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي r حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك». ([185])

لأنه لا يدري ما العقوبة، والكفارة، وغير ذلك.

* الشاهد: أننا عرفنا، الفرق بين: «الاسم»، و«الوصف»: هو الاسم، ويسمى: وصفا، و«حكم»: هل هذا حلال، هل هو حرام، والعقوبة.

* وعرفنا أن: «الوصف»، لا يمنع من كل أحد، المشرك، يسمى: مشركا، والزاني، يسمى: زانيا.

* لكن هذه المرأة الزانية: في اسمها زيادة، وهو استحلال الزنا، فهذه ترى أن الزنا حلال، والذي يستحل المحرمات: يكفر، متى يكون كفر، بعد العلم، أن هذا محرما، فيقول: هو حلال، حتى لو لم يفعله، فجاءنا أحد، وقال: الزنا حلال، ولا يزني، فنقول: هذا كفر بالله تعالى.

* فهذا ينتبه له: في الفرق بين: «الأسماء»، و«الأحكام»، وهو الذي يخلط فيه الناس، خاصة في مسألة الشرك، وعبادة غير الله تعالى) ([186]). اهـ كلام السماري.

قلت: وهذا كلام ينطوي على جهل، وتلبيس، وتدليس على من يجهل العلم، وقد وقع في خلط وخبط في تأصيل الاعتقاد في: «مسائل الإيمان».

* وبيان ما أودعه في كلامه هنا من تلبيس وجهل في الدين من وجوه.

الوجه الأول: الرد عليه في استدلاله؛ بحديث: حذيفة بن اليمان t ([187])، وهو: أخرجه ابن ماجه في «سننه» وانفرد عن الأئمة في إخراجه، لهذا الحديث.

* وقد ذكر أهل العلم: أن ما انفرد به الإمام ابن ماجه، فهو حديث ضعيف، لا يحتج به.

فقد روى ابن ماجه في «سننه» (1114)، حديث: أبي هريرة t، ومن حديث: جابر t، وفيه: (جاء سليكالغطفاني، ورسول الله r، يخطب، فقال له: أصليت ركعتين قبل أن تجيء).

الشاهد: «قبل أن تجيء»، قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (وهذا غلط([188])، والحديث المعروف، في «الصحيحين»، ثم ذكره، وقال: فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث، وأفراد ابن ماجه في الغالب غير صحيحه) ([189]). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن ما انفرد به الإمام ابن ماجه / في الغالب، عن الباقي، فهو: حديث ضعيف([190])، وحديث حذيفة بن اليمان t، الذي استدل به: «منصور السماري»، من هذا القبيل، فهو: حديث منكر، لا يحتج به، لا في الأصول، ولا في غير ذلك. ([191])

قال الحافظ ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج12 ص461): (مصنفه([192]) في: «السنن» جامع جيد، كثير الأبواب والغرائب، وفيه أحاديث: «ضعيفة جدا»، حتى بلغني، أن السري كان يقول: مهما انفرد بتخريجه: فهو ضعيف غالبا، وليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديث كثيرة منكرة، والله المستعان.

* ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد بن علي الحسيني ما لفظه: سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: كل ما انفرد به ابن ماجه فهو ضعيف؛ يعني بذلك: ما انفرد به من الحديث عن الأئمة الخمسة). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص636): (سنن: أبي عبد الله، ابن ماجه: كتاب: حسن، لولا ما كدره، «أحاديث واهية»، ليست بالكثيرة).اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج13 ص278 و279): (قد كان ابن ماجه: حافظا، ناقدا، صادقا، واسع العلم.

* وإنما غض من رتبة: «سننه»، ما في الكتاب من: «المناكير»، وقليل من: «الموضوعات»). اهـ

قلت: لا شك أن التزام: أحاديث دواوين السنة المعروفة، إذا اجتمعت، خاصة في الاعتقاد، أولى، وأقرب إلى إصابة الحق، من اعتماد لأحاديث كتب الغرائب، والأفراد، خاصة: أفراد الإمام ابن ماجه /، عن: «الصحيحين»، و«السنن» الأخرى. ([193])

قلت: هذا كله جهله: الجاهل؛ «منصور السماري»، ملقيا الكلام على عواهنه، دونما تحقيق، أو تدقيق. ([194])

الوجه الثاني: الرد عليه في استدلاله، بحديث: المرأة التي زنت في عهد عمر بن الخطاب t.

* فتأملت في كلام: «السماري»، في شرحه، لهذا الحديث، فرأيت فيه الهوى والتضليل، والتناقض والقول العليل.

* وهو حديث لا حجة له فيه على: «الإرجاء»، فهو: منكر من القول.

* وقد تضمن كلامه في قصة: المرأة الزانية، على تلبيس، وتدليس، وجهل، وإليك أباطيله:

1) قوله: «جاء امرأة، فقالوا: لها، أنت زنيت، قالت: نعم، زنيت، مع: فلان، وفلان»!.

وهذه مغالطة مكشوفة؛ لأنه، لم تذكر المرأة في الحديث: أنها، زنى بها: «فلان»، و«فلان»، و«فلان»، بهذا التعدد في الزنى، لأنها ذكرت أن: «نعم من مرغوش، بدرهمين» ([195])، يعني: من رجل واحد فقط!.

2) وقوله: «قال عثمان t، يا أمير المؤمنين، إني أراها: تستهل به كالجاهلة لحكمه، فقالوا: لها أتعلمين أن الزنا حرام، قالت: لا».

قلت: فالسماري هنا: خلط، وخبط في شرحه للحديث، لأنه لم يثبت هذا اللفظ في الحديث([196])، مما يدل على عدم فهمه في «مسائل الإيمان»، وطريقة الاستدلال لها، وأنه لا علاقة للحديث: بـ«الإرجاء» الذي يريد أن يقرره، لمن قل نصيبة في العلم. ([197])

3) وقوله عن المرأة الزانية: «لا تدري أن الزنا في الإسلام، حرام، لأنها حديثة عهد بالإسلام».

قلت: فهذه دعوى أين دليلها، أنها لا تدري بحرمة الزنا، وأنها حديثة عهد بالإسلام.

* كل ذلك، لم يثبت في الحديث، بل لفظ الحديث، يبين خلاف قول: «السماري» المتعالم، لأن إذا رجعنا إلى مظان الحديث، من الكتب التي أخرجت هذا الحديث، فنجد فيها، أنها عارفة بالإسلام، وأنها: تصلي، وتصوم، وتعرف حرمة الزنا في الإسلام، حيث جاء في الحديث: (وكانت له أمة نوبية، قد صلت وصامت)، و(قال عثمان t: أراها تستهل به، كأنها لا تعلمه)؛ يعني: تجهله، بالجهل المعروف؛ ليس بصريح: أنها لم تعرف حرمة الزنا، لكنها: جاهلة به في الدين، كحال: المسلمات في هذا الزمان، مثلا، يعرفن المحرمات، فيقعن فيها، بسبب الجهل العام فيهن.

وقوله: «لكن هذا المرأة الزانية، في اسمها زيادة، وهو: استحلال الزنا».

قلت: وهذا من الكذب، ولم يذكر في الحديث، أنها تستحل الزنا.

الوجه الثالث: الرد عليه في استدلاله، بحديث: «الأعرابي الذي جامع امرأته في نهار رمضان»، على العذر بالجهل في الدين.

حيث: قال السماري: «لأنه لا يدري ما العقوبة، والكفارة! ».

قلت: فانظر إلى التباين والتضاد في الكلام في العلم، وكيف راج عليه ما يحذر منه من العدم القول على الله تعالى، ورسوله r، بجهل.

* والذي وقع فيه من الجهل، هو أجلى صور الجهل، واوضحه، فهذا: «السماري»، الذي يجهل العلم، ومع هذا يتكلم بغير علم، فهلك، وأهلك.

* فكيف يجزم: بما نفاه، من عدم علم الأعرابي، بالعقوبة، والكفارة، والأعرابي يقول: في رواية: «هلكت»، وفي رواية: «احترقت»، وفي رواية: «وطئت امرأتي في رمضان».

* وهذا يدل على أنه يعلم، بحرمة الجماع في نهار رمضان، ويعلم بالعقوبة، والكفارة، لأنها أتى وهو خائف، لعلمه بخطر ما فعله في نهار رمضان.

* وأكبر دليل: أن رسول الله r، لم يعذره في فعله ذلك، وحكم عليه بالعقوبة، والكفارة معا، وهذا بالإجماع.

* ولم يقل أحد من أهل العلم، بقول هذا: «السماري» ([198])، بل أخذوا بهذا الحديث، حرمة الجماع في نهار رمضان، والحكم بالكفارة، والعقوبة معا، لمن جامع زوجته في نهار رمضان، وأنه مفسد للصوم؛ لغير المعذور. ([199])

قال الإمام ابن المنذر / في «الإجماع» (ص59): (ولم يختلف أهل العلم: أن الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصوم: الرفث: وهو الجماع). اهـ

* فأين الإعذار الذي عذر r به، للأعرابي في جماعه في نهار رمضان، بل حكم عليه النبي r بالكفارة المغلظة([200])، وهي على الترتيب: «عتق رقبة مؤمنة»، فإن لم يجد: «صام شهرين متتابعين»، لا يفطر بينهما، إلا لعذر شرعي، فإن لم يستطع: صيام شهرين متتابعين، فإنه: «يطعم ستين مسكينا»، لكل مسكين نصف الصاع، من طعام البلد، من قوت غالب البلد، وهذا ظاهر في الحديث. ([201])

فعن عائشة ڤ: أنها قالت: (جاء رجل إلى رسول الله r في المسجد في رمضان، فقال: يا رسول الله احترقت احترقت، فسأله رسول الله r: ما شأنه؟، فقال: وطئت امرأتي في رمضان نهارا، قال: تصدق، تصدق، فقال: يا نبي الله ما عندي شيء، قال: اجلس، فجلس فبينا هو على ذلك، أقبل رجل يسوق حمارا عليه طعام، فقال رسول الله r: أين المحترق آنفا؟، فقال رسول الله r: تصدق بهذا، فقال: يا رسول الله أغيرنا؟، فوالله يا رسول الله إنا لجياع ما لنا شيء، قال: فكلوه). ([202])

قلت: فلا نريد التطويل بنقده في ذلك، والكشف عن خوافيه، وإنما ذكرت الذي ذكرته، لأبين: «للسماري» هذا، ما يقطع تغريره واغتراره، ويدفع تبجحه وافتخاره، ويدرأ عناده واستكباره.

قال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص4): (لا سبيل إلى أن يصير العارف، الذي يزكي نقلة الأخبار، ويجرحهم جهبذا؛ إلا بإدمان الطلب، والفحص عن هذا الشأن، وكثرة المذاكرة، والسهر، والتيقظ، والفهم، مع التقوى، والدين المتين، والإنصاف، والتردد إلى مجالس العلماء، والتحري، والإتقان، وإلا تفعل:

فــــــدع عنك الكتــــــــــابة لســت منــــــها

 

 

ولـــــو ســـــــودت وجهــــــك بالمــــــداد

 

* قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [الأنبياء:7].

* فإن آنست يا هذا: من نفسك، فهما، وصدقا، ودينا، وورعا، وإلا فلا تتعن، وإن غلب عليك الهوى، والعصبية، لرأي، ولمذهب، فبالله لا تتعب.

* وإن عرفت أنك مخلط، مخبط، مهمل لحدود الله تعالى، فأرحنا منك، فبعد قليل، ينكشف البهرج([203])، وينكب الزغل([204]): ]ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله[ [فاطر:43]، فقد نصحتك.

* فعلم الحديث: صلف([205])، فأين علم الحديث، وأين أهله، كدت أن لا أراهم؛ إلا في كتاب، أو تحت التراب). اهـ

* والسماري هذا([206]): حاطب ليل في العلم، ومعنى ذلك: «رجل حاطب ليل»؛ يعني: كثير الكلام، المخلط بالغث، والسمين، لا ينتقي أطيب العلم، وأحسنه، فحاله حال المحتطب في ظلام دامس، يجمع ما هب ودب، لعدم وضوح العلم له.

* ومثال من وصف بذلك:

قال الإمام سعيد بن عبد العزيز الدمشقي /؛ عن: «سعيد الأزدي»: (كان حاطب ليل). ([207])

قال الشاعر:

كحـــــــــاطب يحطــــــــب في نجــــــــــاده

 

 

في ظلمـــــــــــة الليـــــــــــل وفي ســــواده ([208])

وعن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي، وذكر من يحمل العلم جزافا، فقال: (هذا مثل حاطب ليل، يقطع حزمة حطب، فيحملها، ولعل فيها: أفعى فتلدغه وهو لا يدري). وفي رواية: (مثل الذي يطلب العلم بلا حجة). وفي رواية: (من لم يسأل من أين، فهو: كحاطب ليل). ([209])

قال الربيع بن سليمان: يعني: الذين لا يسألون عن الحجة، من أين هي.

قال الحافظ ابن أبي حاتم / في «آداب الشافعي» (ص152): (يعني: من يكتب العلم على غير فهم، ويكتب عن الكذاب، وعن الصدوق، وعن المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذاب، والمبتدع الأباطيل، فيصير ذلك نقصا، لإيمانه، وهو لا يدري). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على زجر: الجاهل «منصور السماري المرجئ»، وذلك؛ لإثباته: لإسلام العبد بزعمه، وإن ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصوم»، و«الحج»، وسائر الفرائض، فقط؛ لقوله: «لا إله إلا الله»، وقد استدل هذا المتعالم: على إرجائه، بحديث: حذيفة t: «يدرس الإسلام، كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة»، وهو حديث ضعيف، وقد شذ عن القرآن، والسنة، والأثر، والإجماع، فهلك، ولا بد.

 

عن حذيفة بن اليمان t قال: قال رسول الله r : (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها). فقال له صلة: ما تغني عنهم لاإله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثا.([210])

حديث منكر

* اختلف في هذا الحديث، على رفعه، ووقفه:

فرواه: علي بن محمد الطنافسي، حدثنا أبو معاوية، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان t قال: قال رسول الله r : (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها). فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثا. ([211])

حديث منكر

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ج5 ص173).

قلت: وهذا سنده منكر، وقد أخطأ أبو معاوية، وهو محمد بن خازم الضرير في رفعه، وهو موقوف على الصواب، فقد وهم فيه وخالف الثقات([212])، فهو: حديث، منكر.

* وأبو معاوية: أحفظ الناس لحديث الأعمش، ويضطرب في حديث غيره، فلا يضبطه، فقد خالف الثقات في رفع الحديث، وحديث الباب منه.

* وهذا الحديث، رجاله ثقات مشهورون، لكنه: معلول، ومنقطع؛ فإن أبا معاوية الضرير، لم يسمع هذا الحديث، من أبي مالك الأشجعي، فلا عبرة؛ بمن: صححه، لأنه لم يتنبه، لعلته الخفية!.

فعن الإمام ابن خراش / قال؛ عن أبي معاوية: (صدوق، وهو في الأعمش ثقة، وفي غيره: فيه اضطراب). ([213])

وعن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (أبو معاوية الضرير: في غير حديث الأعمش، مضطرب، لا يحفظها: حفظا جيدا). ([214])

وعن الإمام ابن نمير / قال: (كان أبو معاوية، لا يضبط شيئا من حديثه، ضبطه لحديث الأعمش، كان يضطرب في غيره اضطرابا شديدا). ([215])

وقال الحافظ ابن حجر / في «التقريب» (ص840): (محمد بن خازم الضرير، أبو معاوية: ثقة، أحفظ الناس لحديث: الأعمش، وقد يهم في حديث غيره).

قلت: فأحاديث، أبي معاوية الضرير، فيها أحاديث مضطربة، يرفع منها أحاديث إلى رسول الله r، وهي موقوفة.

قال الحافظ أبو داود / في «السؤالات» (ص92): (أبو معاوية: إذا جاز حديث الأعمش، كثر خطؤه).

وقال ابن محرز في «معرفة الرجال» (ص141): سألت يحيى بن معين، عن أبي معاوية: محمد بن خازم، قلت: كيف هو في غير الأعمش؟، فقال: (ثقة، ولكنه: يخطئ).

* ثم أبو معاوية، لم يسمع هذا الحديث، من أبي مالك الأشجعي، فلم يصرح بالتحديث في جميع الطرق، فالأسناد منقطع.

وهو أيضا مدلس، وصفه الحافظ الدارقطني بالتدليس([216])، وقد عنعن الإسناد، ولم يصرح بالتحديث، وهذا يؤيد أنه لم يسمع الحديث: من أبي مالك الأشجعي، وهذا أحد صور التدليس المردود.

وإليك الدليل أيضا:

فعن ابن عمار قال: سمعت: أبا معاوية الضرير يقول: (كل حديث: أقول فيه «حدثنا» فهو ما حفظته من في المحدث، وما قلت: «وذكر فلان»، فهو مالم أحفظه من فيه). ([217])

وقال الحافظ ابن سعد / في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص392) عن أبي معاوية: (كان ثقة، كثير التدليس).

وعن يعقوب بن شيبة / قال: (كان من الثقات، وربما دلس). ([218])

* وأصول أئمة الحديث: في إعلال الحديث، أنهم لم يكونوا يردون حديثا، لمجرد عنعنة المدلس، بل أحيانا يعلون الحديث، بأن الراوي قد دلس في هذا الحديث بعينه بالقرائن تحفه، حيث لم يذكر فيه سماعا، وقد أرسله، وهو منقطع، ومرجع ذلك عند الأئمة إلى مقاربة الأسانيد، والألفاظ بعضها ببعض، حتى يتبين موضع الخلل في الحديث، وحديث الباب من هذا النوع.

وقال الحافظ البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ج3 ص254): «هذا إسناده صحيح، رجاله ثقات».

وهذا فيه نظر، للاختلاف في إسناد الحديث، وضعفه.

* وقوى إسناده الحافظ ابن حجر؛ ولم يصب.

فقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص16): «يؤيد ذلك، ما أخرجه ابن ماجه، بسند قوي، عن حذيفة t».

* وسكت الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص172)، عن رواية: ابن ماجه، والحاكم.

وصححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (ج2 ص378)؛ وفيه نظر، لاضطراب أسانيده، وضعفها.

* ورواه: أبو كريب([219])، أنبأ أبو معاوية، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة t، قال: قال رسول الله r: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صدقة ولا نسك، ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، ويبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله فنحن نقولها). قال صلة بن زفر لحذيفة: فما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صيام ولا صدقة ولا نسك؟ فأعرض عنه حذيفة، فرددها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال t: «يا صلة تنجيهم من النار».

حديث منكر

أخرجه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (ج10 ص297 و298)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج2 ص356).

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، وليس هو كما قال، لضعف الحديث، فيه أبو معاوية الضرير، وهو يهم، ويخالف، فلا يحتج به في هذا الحديث. ([220])

* ورواه: أبو كريب، قال: أخبرنا أبو معاوية، عن أبي مالك، عن ربعي، عن حذيفة t، عن النبي r قال: (يدرس الإسلام كما يدرس، وشي الثوب).

أخرجه البزار في «المسند» (ج7 ص259).

هكذا: رواه مختصرا؛ وبدون ذكر قول حذيفة t: «تنجيهم من النار»، مما يدل اضطراب الرواة في هذا الحديث، وهو لا يصح.

* فمرة: يذكر المرفوع والموقوف معا، ومرة: يذكر المرفوع دون الموقوف، ومرة: يذكر الموقوف، ومرة يذكر: مطولا، ومرة يذكر: مختصرا.

قلت: فظهر بهذا أن هذا الاختلاف، إنما هو من أبي معاوية الضرير، اضطرب فيه، ولم يقم الحديث.

فهو حديث غريب، وهو مضطرب، سندا، ومتنا.

* ورواه: محمد بن عبد الجبار ([221])، ثنا أبو معاوية، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة t، قال: قال رسول الله r: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، لا يدرى ما صيام ولا صدقة ولا نسك، ويسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، ويبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها). فقال له صلة: فما تغني عنهم: لا إله إلا الله، لا يدرون ما صيام، ولا صدقة، ولا نسك؟ فأعرض عنه حذيفة t، فردد عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: (يا صلة، تنجيهم من النار، تنجيهم من النار، تنجيهم من النار).

أخرجه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (ج10 ص433).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو معاوية، وقد اضطرب فيه، وخالف الثقات الحفاظ، هذا من جهة.

* ومن جهة أخرى، فإن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وهو ضعيف الحديث، قال عنه أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقوي عندهم»، وقال ابن حجر: «ضعيف». ([222])

وقال ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص45): «ربما خالف».

قلت: فهذا الحديث خطأ، وإنما خطؤه من أبي معاوية في رفعه، لأنه في حفظه شيء، فيهم ويخالف، فحديثه: هذا غير محفوظ.

والحديث: أخرجه الديلمي في «الفردوس بمأثور الخطاب» (ج5 ص472)، مرفوعا.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص438)، والهندي في «كنز العمال» (ج14 ص214)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج10 ص326)، وابن تيمية في «الفتاوى» (ج11 ص408)، و(ج35 ص165).

وخالفهم: نعيم بن حماد، فرواه؛ موقوفا في كتابه: «الفتن» (ج2 ص598)؛ قال: حدثنا أبو معاوية، حدثني أبو مالك الأشجعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة بن اليمان t قال: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صدقة ولا نسك، ويسرى على كتاب الله تعالى في ليلة فلا يترك في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس؛ فيهم الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها).

* قال له صلة بن زفر: -وهو جالس معه-: وما تغني عنهم «لا إله إلا الله»، وهم لا يدرون ما صيام، ولا صدقة، ولا نسك؟ فأعرض عنه حذيفة ثلاثا، ثم قال: «يا صلة: هي تنجيهم». مرتين أو ثلاثا.

هكذا: أوقفه أبو معاوية الضرير([223])، فمرة: يرفعه، ومرة: يوقفه، وهذا من الاختلاف عليه.

* وقد أعله الحافظ البزار في «المسند» (ج7 ص260)؛ بالوقف، بقوله: (وهذا الحديث: قد رواه جماعة عن أبي مالك، عن ربعي، عن حذيفة t، موقوفا، ولا نعلم أحدا أسنده؛ إلا أبو كريب عن أبي معاوية).

وخالف: أبا معاوية؛ أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، فرواه موقوفا، عن أبي مالك، عن ربعي، عن حذيفة t، موقوفا عليه.

أخرجه البزار في «المسند» (ج7 ص260).

وكذا؛ أخرجه مسدد في «المسند» (ج3 ص254-مصباح الزجاجة) من طريق أبي عوانة الوضاح اليشكري عن أبي مالك؛ بإسناده، ومتنه.

قلت: وأبو عوانة اليشكري، أثبت من أبي معاوية الضرير في الحديث، فيقدم عليه. ([224])

* وأبو عوانة([225]): أوقفه، فالقول: قوله، وقد توبع على وقفه، وهو الصواب.

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص1036): (وضاح بن عبد الله اليشكري: أبو عوانة: ثقة ثبت).

وعن الإمام عفان بن مسلم / قال: (كان أبو عوانة: صحيح الكتاب، كثير العجم والنقط، وكان ثبتا). ([226])

وعن الإمام يعقوب بن شيبة / قال: (ثبت، صالح الحفظ، صحيح الكتاب). ([227])

* فرواية: أبي معاوية المرفوعة، شاذة، والمحفوظة، رواية: أبي عوانة، ومن وافقه.

فظهر بذلك: شذوذ، رواية: أبي معاوية الضرير.

* فحديث: أبي معاوية، قد تقدم بيان أن رفع هذا الحديث، وهم، إنما هو: موقوف، من قول حذيفة بن اليمان t، كما رواه جماعة من الثقات الحفاظ، عن أبي مالك الأشجعي.

* وتابعه: محمد بن فضيل بن غزوان الضبي ([228])، فرواه في كتابه: «الدعاء» (ص77)؛ موقوفا، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة t قال: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، فيصبح الناس لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك، غير أن الرجل والعجوز يقولون: قد أدركنا الناس وهم يقولون: لا إله إلا الله، فنحن نقول: لا إله إلا الله).

فقال صلة: وما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك؟ فقال حذيفة t: (ما تغني عنه لا إله إلا الله يا صلة؟!، ينجون بلا لا إله إلا الله من النار!).

وتابعهما على الموقوف: خلف بن خليفة([229]) الأشجعي، فرواه عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة t قال: (يوشك أن يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، ويقرأ الناس القرآن لا يجدون له حلاوة، فيبيتون ليلة، ويصبحون وقد أسري بالقرآن وما كان قبله من كتاب، حتى ينتزع من قلب شيخ كبير، وعجوز كبيرة، فلا يعرفون وقت صلاة، ولا صيام، ولا نسك، حتى يقول القائل منهم: إنا سمعنا الناس، يقولون: لا إله إلا الله، فنحن نقول: لا إله إلا الله).

فقال صلة بن زفر: فما يغني عنهم قول لا إله إلا الله، وهم لا يعرفون وقت صلاة، ولا صوم، ولا نسك؟، فقال له حذيفة t: (ما قلت يا صلة؟ قال: قلت كذا وكذا، قال: ينجون من النار يا صلة).

أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج1 ص400).

* فاختلفوا على هذا الحديث، وهذا مما يدل على أنه قد اضطرب فيه، ولم يضبط سنده، ولا لفظه.

فهو حديث شاذ، لا يصح، لذلك لا يبنى عليه حكم في الدين، لأن أبا معاوية الضرير، قد خالف الثقات جميعا، فرفع: الموقوف([230])، وزاد فيه، والمعروف: وقفه على حذيفة بن اليمان t.

فهو حديث منكر.

قلت: والحديث لا يثبت من الوجهين، يعني: لا يصح المرفوع، ولا يصح الموقوف، للاختلاف الذي وقع فيه، فافهم لهذا ترشد.

فعن الإمام إبراهيم النخعي / قال: (كانوا يكرهون غريب الكلام، وغريب الحديث).([231])

* لذا؛ كان من قواعد أئمة الجرح والتعديل: «ليس كل ما صح سنده في الظاهر، صح متنه».

قلت: وهذه القاعدة أكد عليها أهل الحديث، وعملوا بها في نقد الحديث من جهة متنه، حيث لم ينسبوا أمر صحة الإسناد في الظاهر، غرابة المتن، أو شذوذه، ونكارته، وهذا أصل، قل من يفهمه.

قال الإمام ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص114): (قد يقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولا يصح، لكونه شاذا أو معللا). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «التقريب» (ص6): (لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو علة). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «اختصار علوم الحديث» (ص43): (والحكم بالصحة، أو الحسن على الإسناد، لا يلزم منه الحكم بذلك على المتن، إذ قد يكون شاذا أو معللا). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «تدريب الراوي» (ج1 ص116): (لأنه قد يصح، أو يحسن الإسناد، لثقة رجاله، دون المتن؛ لشذوذ، أو علة). اهـ

قلت: قد يصح الإسناد في الظاهر؛ لثقة رجاله، ولا يصح الحديث، لشذوذ، أو علة. ([232])([233])

ثم هذا الحديث: هو مخالف، لأصول القرآن، وأصول السنة، في ثبوت تأدية الأعمال على العبد في الشريعة المطهرة، ويحرم تركها، ومن نطق بـ«الشهادتين»، وترك الأركان، فقد كفر في الإسلام.

قال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[ [البقرة:36].

* وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية / ذلك، وأن بعض الأحاديث، إذا خالفت القرآن الكريم، فهي: غلط في الدين، ولا يحتج بها، حتى لو كانت في «الصحيحين»، فتعتبر غلطا في الشرع.

فقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح» (ج2 ص443): (وكذلك: «صحيح مسلم»، فيه ألفاظ قليلة غلط، وفي نفس الأحاديث الصحيحة، مع: «القرآن» ([234])، ما يبين غلطها). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن: «السماري»، يصحح إيمان العبد بالنطق بالشهادتين فقط، من غير فعل: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، وقد حصل له بذلك خلط وخبط في مسائل الإيمان، والأمر هذا حصل له بسبب تركه لأدلة الكتاب والسنة والإجماع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإخنائية» (ص185): (فينبغي لمن أراد: أن يعرف دين الإسلام، أن يتأمل النصوص النبوية، ويعرف ما كان يفعله: الصحابة، والتابعون، وما قاله أئمة المسلمين، ليعرف المجمع عليه: من المتنازع فيه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص364): (وكثير من المتأخرين: لا يميزون بين مذاهب: «السلف»، وأقوال: «المرجئة»، و«الجهمية»، لاختلاط هذا، بهذا: في كلام كثير منهم؛ ممن هو في باطنه يرى رأي: «الجهمية»، و«المرجئة» في الإيمان([235])، وهو معظم للسلف، وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله، وكلام السلف). اهـ

قلت: ونصوص الكتاب، والسنة، والإجماع: صريحة في تكفير تارك أركان الإسلام، من «الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، أو ترك لواحد من هذه الأركان؛ مثل: لو ترك: «الصلاة»، فقد كفر، أو ترك: «الزكاة» لوحدها، فقد كفر، أو ترك «صيام رمضان» لوحده: فقد كفر، أو ترك: «الحج» لوحده: فقد كفر.

قلت: وعلى ذلك أجمع أصحاب رسول الله r، والتابعون لهم بإحسان، وتناقل أئمة أهل العلم هذا الإجماع في كتبهم، إلا أن «المرجئة العصرية»، لم ترفع بذلك رأسا، بل سعوا في نقضه، وإبطاله([236]): بما يسمى بالاختلاف عند المتأخرين، وركنوا إلى قول: «فلان»، وقول: «علان»، لأن هذا الإجماع يعود على أصولهم: بالنقض والإبطال.

* فصحح: «السماري» إيمان العبد من غير عمل يعمله في حياته، وحصل له بذلك خلط وخبط في الإيمان، وحصل تشعيب كبير من: «السماري»، وغيره في «مسائل الإيمان»، وقد خالف ما أجمع عليه السلف الصالح في تكفير تارك العمل بالكلية، من: «صلاة»، و«زكاة»، و«صيام»، و«حج»، وغير ذلك. ([237])

قلت: ومما قرره أهل السنة والجماعة: أنه متى ثبت في مسألة من مسائل الدين إجماع لهم، فلا يجوز لأحد مخالفته كائنا من كان.

* فمن دفع منه شيء من ذلك، فلا ينظر إلى قوله أصلا، ولا يلتفت إلى مخالفته لهم؛ لأن أئمة الحديث، عدوا مخالفته إجماع الصحابة y بدعة، وهلكة يطعن بها في صاحبها. ([238])

وإليك الدليل؛ على مخالفة؛ حديث: حذيفة t، لأصول القرآن، والسنة:

فعن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة t قال: لما توفي رسول الله r، واستخلف أبو بكر t بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب t لأبي بكر t: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله r: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله؛ فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله). فقال أبو بكر t: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله r، لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب t: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. ([239])

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص262)، و(ج12 ص275)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص51 و52)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص93)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص3 و4)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج7 ص5)، وفي «المجتبى» (ج5 ص14 و15)، و(ج6 ص5)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص423)، والشافعي في «المسند» (3822)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص164 و380 و382)، وأبو عبيد في «الأموال» (ص24)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص512)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص372)، والبيهقي في «السنن الصغير» (ج2 ص78 و79)، و(ج3 ص271)، وابن جماعة في «مشيخته» (ج2 ص558)، وابن بلبان في «تحفة الصديق» (ص39)، والبغوي في «شرح السنة» (ج5 ص488)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص833)، وابن زنجويه في «الأموال» (ص116)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص70 و71)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج3 ص82) من طريق الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة t به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقوله: (وكفر من كفر من العرب)، هذا الكفر عام، في مانعي الزكاة، وفي غيرهم، وهو الكفر المخرج الملة.

قلت: وأبو بكر الصديق t، لم يفرق بين من ترك الصلاة، فيكفر، فكذلك عنده من ترك الزكاة، فيكفر مطلقا، ولا فرق([240])، بينهما في: الكفر، والقتال.

* لذلك، لم يكتف أبو بكر الصديق t، بقولهم: «لا إله إلا الله»، بدون عمل الزكاة، وغيرها من الأعمال، وقاتلهم لمنعهم الزكاة، لأنه t، اعتبرهم من الكفار، في عدم تأديتهم الزكاة، وإن كانوا يقرون بوجوبها، ويقولون: «لا إله إلا الله»، ويصلون الصلوات المفروضة، فهم: كفار بذلك.

* فقال أبو بكر الصديق t: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال».

* وقد وافق الصحابة y كلهم؛ لأبي بكر الصديق t، حتى قال عمر بن الخطاب t: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق».

* وذكره عبد الحق الإشبيلي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص116 و117)، والحميدي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص116 و117).

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص2538)؛ باب: قتل من أبى قبول الفرائض، وما نسبوا إلى الردة.

 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص502): (كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ من هؤلاء القوم، وغيرهم، فإنه يجب قتالهم، حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك: «ناطقين بالشهادتين»، وملتزمين بعض شرائعه.

* كما قاتل أبو بكر الصديق t، والصحابة y: مانعي الزكاة، وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر t، لأبي بكر t، فاتفق الصحابة y، على القتال على حقوق الإسلام، عملا بالكتاب والسنة). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين [ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل). اهـ

وقال الإمام أبو يعلى / في «الإيمان» (ص406): (فإنه إجماع الصحابة y؛ وذلك أنهم نسبوا الكفر إلى مانع الزكاة وقاتلوه، وحكموا عليه بالردة). اهـ

وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام[ [البقرة:183].

وقال تعالى: ]فمن شهد منكم الشهر فليصمه[ [البقرة:185].

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص211)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص183)، وفي «الأربعين» (7)، والخلال في «السنة» (1184)، و(1382)، و(1383)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ البغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص83)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبد الله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): ( «بني الإسلام على خمس»؛ أي: أركان، أو أشياء، «على خمس»؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله؛ الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام) ([241]). اهـ

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص224)؛ باب: وجوب الزكاة، وقول الله تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص225)؛ باب: البيعة على إيتاء الزكاة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

قلت: فالتارك للزكاة: ليس بمؤمن، بل هو كافر، وهذا بالإجماع، فمن أحدث قولا خالف الإجماع السابق للصحابة y، فلا حكم لقوله، ولا يلتفت إلى خلافه المزعوم في عصر المتأخرين، وفي عصر المعاصرين. ([242])

قال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* فالله تعالى: لم يثبتهم إخوانا لنا، إلا بهذه الشرائط: من صلاة وزكاة.

وهذا يدل على أن: تارك الصلاة، والزكاة، لا يكون أخا لنا في الدين، لأنه كافر في الدين، والدين: هو الإيمان. ([243])

وقال تعالى: ]ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين[ [آل العمران:97]، فدلت هذه الآية على أن ترك الحج كفر، عند الاستطاعة، وليست هذه الآية محمولة على جحد الإيجاب: للحج، وهذا ظاهر في الآية.

قلت: فوجب أن يكون ذلك كفرا بما أوجب عليه.

وبوب الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص406)؛ باب كفر تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «كشف الشبهتين» (ص12): (اعلم أن من ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فهو كافر؛ بإجماع المسلمين). اهـ

وقال الحافظ عبد الحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص105): «باب: صيام رمضان من الإيمان».

وعن عمر بن الخطاب t قال: (من أطاق الحج، ولم يحج حتى مات، فأقسموا عليه أنه: مات يهوديا، أو نصرانيا).

أثر صحيح

أخرجه محمد بن أسلم الطوسي في «الإيمان» (24)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص252)، والإسماعيلي في «مسند عمر بن الخطاب» (ج1 ص448-مسند الفاروق) من طريق قبيصة بن عقبة السوائي، ثنا سفيان الثوري، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم أنه سمع عمر بن الخطاب t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقبيصة بن عقبة السوائي، ثقة، قد حفظ هذا الحديث من الثوري بالتحديث([244])، وقد صححه ابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج2 ص223)، والشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج1 ص166).

قال الحافظ الذهبي في «السير» (ج10 ص133)؛ في ترجمة: قبيصة بن عقبة: (الرجل ثقة، وما هو في سفيان: كابن مهدي، ووكيع، وقد احتج به الجماعة في سفيان، وغيره، وكان من العابدين). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص436)؛ عن قبيصة بن عقبة: (من كبار شيوخ البخاري، أخرج عنه أحاديث، عن سفيان الثوري، وافقه عليها غيره).اهـ

ومن هذا الوجه: أورده ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج1 ص448)؛ ثم قال: (وهو إسناد صحيح عنه).

وقال ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج2 ص387): (وهذا إسناد صحيح، إلى عمر بن الخطاب t).

* وأثر عمر t، صححه ابن الجوزي في «الموضوعات» (ج2 ص210).

وعن الإمام الشعبي / قال: (إذا اختلف الناس في شيء، فانظروا ما قال: عمر بن الخطاب t).

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج11 ص605) من طريق يحيى بن أبي بكر عن شعبة عن سيار قال: سمعت الشعبي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص547) من طريق ابن إدريس عن أشعث عن الشعبي قال: (إذا اختلف الناس في شيء، فانظر كيف صنع فيه عمر، فإنه كان لا يصنع شيئا حتى يسأل ويشاور).

وإسناده لا بأس به.

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص109) من طريق قبيصة ثنا سفيان عن صالح ابن حي قال: قال الشعبي: (من سره أن يأخذ بالوثيقة من القضاء؛ فليأخذ بقضاء عمر، فإنه كان يستشير).

وإسناده صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج1 ص358): (إذا اختلفت الأحاديث عن النبي r نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون، فإنهم أعلم بتأويلها وناسخها). اهـ

قلت: لو الناس في عهد الصحابة y: تركوا الحج، لقاتلوهم عليه، كما قاتلوهم على: ترك الصلاة، والزكاة. ([245])

وبوب الحافظ الفاكهي في «أخبار مكة» (ج1 ص380)؛ التشديد في التخلف عن الحج، والواجب من علة.

وقال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون[ [النور: 56].

وقال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة: 43].

وعن ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس، لما قدموا على رسول الله r، أمرهم: بالإيمان بالله، فقال: أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال r: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (53)، و(87)، و(523)، و(4368)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص47)، وأبو داود في «سننه» (4677)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص464)، وفي «الإيمان» (ص202)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (20)، وابن منده في «الإيمان» (21)، والخلال في «السنة» (1100)، و(1094)، والمخلص في «المخلصيات» (124)، و(3095)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص177 و178)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص249)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1583)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص72)، ويوسف بن عبد الهادي المقدسي في «مسألة التوحيد» (ص72)، وابن البخاري في «مشيخته» (87)، و(175)، والقاضي أبو يعلى في «الإيمان» تعليقا (16)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1279)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1295)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص10)، وابن المؤذن في «فوائد مخرجه عن الشيوخ» (ق/20/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (932)، وأبو عبد الله البرزالي في «سلوك طريق السف» (15)، والنعال في «المشيخة» (ص141)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61 و62)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص110 و111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1078)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ص31)، والمراغي في «المشيخة» (ص167 و168 و169)، وابن أبي الفتح الصوري في «حديثه» (ص674)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104) من طريق شعبة، وحماد بن زيد، وقرة؛ جميعهم: عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس به.

وقال الحافظ أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61): «بيان: صفة الإيمان، والإسلام، وأنه أداء الفرائض، واجتناب المحارم».

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص535): (قد أعلم r في هذا الحديث: أن: «الصلاة»، و«الزكاة» من الإيمان، وكذلك: «صوم رمضان»، و«إعطاء خمس الغنية»). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص642)؛ سياق ما روي عن النبي r في أن دعائم الإيمان، وقواعده: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان. 

وعن جابر t قال: قال رسول الله r: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة)، وفي رواية: (ليس بين العبد، وبين الشرك: إلا ترك الصلاة)، وفي رواية: (بين الإيمان والكفر: ترك الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82 و88)، وأبو داود في «سننه» (4678)، والترمذي في «سننه» (620)، والنسائي في «السنن الكبرى» (328)، وفي «المجتبى» (464)، وابن ماجه في «سننه» (1078)، وأحمد في «المسند» (ج23 ص365)، وفي «الإيمان» (ص258 و259)، والآجري في «الشريعة» (ص133)، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في «الأمالي» (15)، و(16)، وفي «الهاشميات» (ق/188/ط)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1589)، و(1590)، والبوشنجي في «المنظوم والمنثور» (ص37)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31033)، وفي «الإيمان» (44)، و(45)، والدارمي في «المسند» (1233)، والخلعي في «الخلعيات» (ص307)، والفزاري في «القدر» (ق/89/ط)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص60 و62)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (810)، و(811)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص365 و366)، وفي «السنن الصغير» (560)، وفي «شعب الإيمان» (2793)، وفي «الخلافيات» (3005)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (870)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص229)، وضياء الدين المقدسي في «منتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص611)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص469)، ومحمد بن إسحاق النيسابوري في «المناهي» (ق/171/ط)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/89/ط)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1926) من طريق أبي سفيان، وأبي الزبير، كلاهما: عن جابر بن عبد الله به.

قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ في هذا الحديث فقط.

* وقد تكلم الحافظ أبو حاتم، والحافظ أبو زرعة عن بعض طرقه، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (298)، و(1938).

* وكذا الحافظ الدارقطني في «العلل» (3253)، ثم قال: (ورفعه صحيح، وهو محفوظ عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله مرفوعا).

* ومعنى الحديث: أن الصلاة، حائل بينه، وبين الكفر، فإذا تركها زال الحائل، ودخل فيه، يعني: في الكفر. ([246])

قلت: والمراد بالكفر هنا، هو الكفر الأكبر، وهو المخرج من دين الإسلام. ([247])

* فالنبي r جعل الصلاة حدا، فاصلا: بين الكفر، والإيمان، وبين المؤمن، والكافر.

والصلاة ركن من أركان الإسلام فوصف الشارع تاركها بالكفر الذي يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام، لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام. ([248])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص76): (الكفر المطلق: هو الكفر الأعظم، المخرج عن الملة، فينصرف الإطلاق إليه... أنه بين: أن الصلاة، وهي العهد الذي بيننا، وبين الكفار، وهم: خارجون عن الملة، ليسوا داخلين فيها، واقتضى ذلك: أن من ترك هذا العهد، فقد كفر، كما أن من أتى به، فقد دخل في الدين، ولا يكون هذا؛ إلا في الكفر المخرج عن الملة). اهـ

* وللعلم: أن الإسلام لا يدرس بالكلية، ولم يثبت أنه يندرس في جميع الأزمنة، أو بعضها، لأن الله تعالى كتب البقاء لهذا الدين إلى قيام الساعة.

فعن ثوبان t قال: قال رسول الله r: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله). ([249])

يعني: إلى قيام الساعة.

* وحتى في عهد الجاهلية لم يندرس بالكلية، وبقيت بقايا على دين إبراهيم عليه السلام، وعيسى عليه السلام.

* ومع هذا لم يعذر الله تعالى الذين تركوا الدين الصحيح، على أنهم ذهب عليهم علم النبوات، ولم يبق من يبلغ ما بعث الله تعالى من الكتاب، فلا يعلم كثيرا في الجاهلية مما بعث الله تعالى الرسل عليهم السلام، ولم يكن هناك: من يبلغهم([250]) الدين الصحيح، ومع هذا كفروا بالله تعالى.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص226): (ولا ريب: أن الله تعالى لم يعذر أهل الجاهلية، الذين لا كتاب لهم، بهذا الشرك الأكبر، فكيف يعذر أمة، كتاب الله تعالى بين أيديهم، يقرؤونه، وهو حجة الله تعالى على عباده). اهـ

* ووضح شيخ الإسلام ابن تيمية / أن من نشأ في بعض الأزمنة، والأمكنة([251])، التي يندرس فيها علم النبوات، حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله تعالى به رسوله r، من الكتاب، بالنسبة من كان: حديث عهد بالإسلام ([252])، فأنكر شيئا من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة، فإنه لا يحكم بكفره، حتى يعرف ما جاء به الرسول r.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص408): (ولهذا اتفق الأئمة: على أن من ينشأ ببادية، بعيدة، عن أهل العلم والإيمان، وكان حديث عهد بالإسلام، فأنكر شيئا، من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة.

* فإنه لا يحكم بكفره، حتى يعرف ما جاء به الرسول r؛ ولهذا جاء في الحديث: «يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه: صلاة، ولا زكاة، ولا صوما، ولا حجا، إلا الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقول: أدركنا آباءنا، وهم يقولون: لا إله إلا الله، وهم لا يدرون صلاة، ولا زكاة، ولا حجا، ولا صوما».). اهـ

* وقوله: «فأنكر شيئا من هذه الأحكام»، يعني: أنه كان يعمل بالإسلام، وبمقتضى: «لا إله إلا الله»، وهو قائم على الأصول، لكنه أنكر شيئا، وكان من حديث: عهد بالإسلام، فهذا لا يكفر: عند شيخ الإسلام ابن تيمية، حتى يعرف، ويبين له، وتقام عليه الحجة. ([253])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص165)؛ بعد أن ذكر حديث: حذيفة بن اليمان t: (ولا يجب أن يحكم في كل شخص، قال ذلك: بأنه كافر، حتى يثبت في حقه: شروط التكفير، وتنتفي موانعه، مثل: من قال: «إن الخمر حلال»، لقرب عهد بالإسلام([254])، أو لنشوئه ببادية([255]) بعيدة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص150): (فلا يعلم حديث واحد يخالف العقل، أو السمع الصحيح؛ إلا وهو عند: أهل العلم ضعيف، بل موضوع، بل لا يعلم حديث صحيح عن النبي r، في الأمر والنهي: أجمع المسلمون على تركه؛ إلا أن يكون له حديث صحيح يدل على أنه منسوخ، ولا يعلم عن النبي r حديث صحيح: أجمع المسلمون على نقيضه، فضلا على أن يكون نقيضه معلوما بالعقل الصريح البين لعامة العقلاء؛ فإن ما يعلم بالعقل الصريح البين أظهر مما لا يعلم إلا بالإجماع، ونحوه من الأدلة السمعية؛ فإذا لم يوجد في الأحاديث الصحيحة ما يعلم نقيضه بالأدلة الخفية، كالإجماع ونحوه، فأن لا يكون فيها ما يعلم نقيضه بالعقل الصريح الظاهر: أولى وأحرى). اهـ

قلت: فاستدل به على القول، ليس على ترك العمل بالكلية، فانتبه.

* فتخصيص هذه الحالات، من شيخ الإسلام ابن تيمية /، دليل على أن المعين، من غير أصحاب هذه الحالات، ممن بلغته: الحجة، يكفر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص410): (وأما الفرائض الأربع: فإذا جحد وجوب شيء منها، بعد بلوغ الحجة، فهو: كافر.

* وكذلك: من جحد تحريم شيء، من المحرمات الظاهرة المتواتر تحريمها، كالفواحش، والظلم، والكذب، والخمر، ونحو ذلك.

* وأما من لم تقم عليه الحجة، مثل: أن يكون، حديث: عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، لم تبلغه: فيها شرائع الإسلام، ونحو ذلك، أو غلط، فظن أن الذين آمنوا، وعملوا الصالحات: يستثنون من تحريم الخمر، كما غلط الذين استتابهم: عمر بن الخطاب t، وأمثال ذلك، فإنهم يستتابون، وتقام الحجة عليهم، فإن أصروا حينئذ كفروا، ولا يحكم بكفرهم: قبل ذلك). اهـ

قلت: فهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية / في عدم تكفير المعين، إذا كان حديث: عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة. ([256])

    

ذكر الدليل على بطلان دليل: «منصور السماري»، الذي استدل به على إرجائه، وهو؛ حديث: المرأة التي زنت في عهد: عمر بن الخطاب t، وهو: حديث منكر، لا يحتج به في الدين.

 

عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن يحيى بن حاطب حدثه قال: (توفي حاطب، فأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت، وهي أعجمية لم تفقه، فلم ترعه إلا بحبلها، وكانت ثيبا، فذهب إلى عمر t فحدثه، فقال عمر t: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك، فأرسل إليها عمر t فقال: أحبلت؟ فقالت: نعم، من مرغوش بدرهمين، فإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه، قال: وصادف عليا، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف y، فقال: أشيروا علي، قال: وكان عثمان جالسا فاضطجع، فقال علي، وعبد الرحمن بن عوف: قد وقع عليها الحد، فقال: أشر علي يا عثمان، فقال: قد أشار عليك أخواك، فقال: أشر علي أنت، فقال: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه، فقال: صدقت والذي نفسي بيده، ما الحد إلا على من علمه، فجلدها عمر t مائة وغربها عاما).

أثر منكر

·      اختلف الرواة في هذا الحديث:

فرواه: مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه: أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، حدثه قال: (توفي حاطب، فأعتق من صلى من رقيقه وصام... فذكره).

أخرجه الشافعي في «المسند» (1582)، وفي «اختلاف الحديث» (ص89 و90)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص238 و239)، وفي «معرفة السنن» (5093).

قلت: وهذا سنده منكر، وله ثلاث علل:

الأولى: مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف الحديث، كثير الأوهام. ([257])

الثانية: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث ([258])، فالإسناد ضعيف أيضا من هذه العلة.

الثالثة: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، لم يسمع من عمر بن الخطاب، فيعل الحديث أيضا بالإنقطاع، وهو: «ثقة»، من الطبقة الثالثة. ([259])

فعن الإمام يحيى بن معين / قال: (يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب؛ منهم: من قال: سمع من عمر بن الخطاب، وهذا باطل، إنما هو: يحيى بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمر). ([260])

والحديث ضعفه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج7 ص342)؛ بقوله: «وهذا إسناد ضعيف، مسلم بن خالد، هو: الزنجي، وفيه ضعف، وابن جريج: مدلس، وقد عنعنه».

* ورواه: عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: (توفي حاطب، وأعتق كل، من صام، وصلى من رقيقه، وكانت فيهم امرأة سوداء لم تفقه، فلم يرعه إلا حملها، فجاء عبد الرحمن إلى عمر t فزعا فأخبره، فقال: لأنت لا تأتي بخير، وأفزعه ذلك، فسأل الجارية: ممن حملك؟ فقالت: من مرعوش بدرهمين، تستهل به. فصادف ذلك عنده عثمان، وعليا، وعبد الرحمن بن عوف، فقال: أشيروا علي، فقال عبد الرحمن وعلي : قد وجب عليهما الرجم، فقال: أشر علي يا عثمان، فقال: قد أشار عليك أخواك، قال: وأنت فأشر، فقال: أراها تستهل به، كأنها لا تعلمه، وإنما الحد على من علمه، فجلدها مائة وغربها، وقال: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه).

أخرجه ابن شبه في «أخبار المدينة» (ج3 ص68 و69).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني، وهو يخطئ ويخالف أحيانا، وهذه منها. ([261])

* ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، لم يسمع من عمر بن الخطاب، فالإسناد منقطع. ([262])

وعبد الرحمن بن أبي الزناد المدني: قال عنه؛ ابن معين: «لم يكن بثبت، ضعيف الحديث»، وقال مرة: «ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشيء»، وقال مرة: «ضعيف»، وقال مرة: «لا يحتج بحديثه»، وقال أحمد: «مضطرب الحديث»، وقال مرة: «ضعيف الحديث»، وقال ابن المديني: «كان عند أصحابنا: ضعيفا»، وقال يعقوب بن شيبة: «في حديثه ضعف»، وقال عمرو بن علي: «فيه ضعف»، وقال الساجي: «فيه ضعف»، وقال أبو حاتم: «يكتب حديثه، ولا يحتج به»، وقال النسائي: «لا يحتج بحديثه»، وقال مرة: «ضعيف»، وقال ابن سعد: «وكان يضعف لروايته عن أبيه»، وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالحافظ عندهم»، وقال ابن حبان: «كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات، وكان ذلك من سوء حفظه، وكثرة خطئه، فلا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، فأما فيما وافق فيه الثقات، فهو صادق في الروايات يحتج به».([263])

* ورواه: عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، حدثه قال: (توفي عبد الرحمن بن حاطب، وأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه، فلم يرع إلا حبلها، وكانت ثيبا، فذهب إلى عمر t فزعا فحدثه، فقال له عمر t: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك، فأرسل إليها فسألها فقال t: حبلت؟، قالت: نعم، من مرغوش بدرهمين، وإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه، فصادف عنده عليا، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف y، فقال: أشيروا علي، وكان عثمان جالسا، فاضطجع، فقال علي، وعبد الرحمن: قد وقع عليها الحد، فقال: أشر علي يا عثمان، فقال: قد أشار عليك أخواك، قال: أشر علي أنت، قال عثمان: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه، فأمر بها فجلدت مائة، ثم غربها، ثم قال: صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علم).

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص343)، وابن المنذر في «الأوسط»([264]) (ج12 ص521).

قلت: وهذا سنده مرسل؛ فإن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، لم يسمع من عمر بن الخطاب، وقد سبق ذكر هذه العلة، فيعل الحديث بالإنقطاع. ([265])

وذكره الهندي في «كنز العمال» (13477).

ورواه: عبد الرزاق، عن معمر قال: أخبرني هشام، عن أبيه، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: (جاء إلى عمر t بأمة سوداء كانت لحاطب، فقال لعمر t: إن العتاقة أدركت هذه، وقد أصابت فاحشة، وقد أحصنت، فقال له عمر t: أنت الرجل، لا يأتي بخير، فدعاها عمر فسألها عن ذلك، فقالت: نعم، من مرغوش بدرهمين، وقال غيره من مرغوش، وهي حينئذ تذكر ذلك لا ترى به بأسا، فقال عمر: لعلي، وعبد الرحمن، وعثمان y وهم عنده جلوس: أشيروا علي، قال علي، وعبد الرحمن : نرى أن ترجمها، فقال عمر، لعثمان: أشر علي قال: قد أشار عليك أخواك، قال: أقسمت عليك إلا ما أشرت علي برأيك قال: فإني لا أرى الحد إلا على من علمه، وأراها تستهل به كأنها لا ترى به بأسا، فقال عمر t: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه، فضربها عمر مائة، وغربها عاما).

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص343).

قلت: وهذا سنده مرسل؛ كسابقه، فإن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، لم يسمع من عمر بن الخطاب، فالإسناد منقطع.

وهذا الاختلاف من عبد الرزاق بن همام الصنعاني، فإنه: مرة: يرويه؛ عن ابن جريج، ومرة: يرويه؛ عن معمر بن راشد الأزدي.

وعبد الرزاق يخطئ، ويخالف أحيانا.

قال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص412): (كان ممن يخطئ إذا حدث من حفظه).

وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج6 ص130): (ما حدث من كتابه، فهو أصح).

وقال الحافظ الدارقطني في «السؤالات» (ص75): (ثقة: يخطئ، على معمر في أحاديث، لم تكن في الكتاب).

* وهذه منها.

ورواه: عبد الرزاق، عن الثوري، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن حاطب، عن أبيه قال: (زنت مولاة له يقال لها: مركوش، فجاءت تستهل بالزنا، فسأل عنها عمر t: عليا، وعبد الرحمن بن عوف ، فقالا: تحد، فسأل عنها عثمان t، فقال: أراها تستهل به كأنها لا تعلم، وإنما الحد على من علمه، فوافق عمر t فضربها، ولم يرجمها).

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص344).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه محمد بن عمر بن علقمة الليثي، له أوهام في الحديث، ويخطئ ويخالف ([266])، وهذه منها.

فإنه أسنده عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه، وقد نسب هنا في السند، إلى جده، وهو يروي عن أبيه عبد الرحمن، فتنبه.

والحديث: معروف عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، وأخطأ: محمد بن عمرو، وأسنده، وهو مرسل.

* فهذا المسند، غير محفوظ.

فعن الإمام يحيى بن سعيد القطان / قال: (محمد بن عمرو: رجل صالح، ليس بأحفظ الناس للحديث). ([267])

وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص377): (يخطئ).

وقال الحافظ ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص530): (كان كثير الحديث، يستضعف).

وقال الحافظ الجوزجاني في «الشجرة في أحوال الرجال» (ص243): (ليس بالقوي في الحديث).

* وعبد الرزاق، تكلم في حديثه عن سفيان الثوري، فإنه يضطرب فيه، فأما حديثه: عن سفيان الثوري، فقد تكلم فيه: ابن معين، وتكلم: أحمد بن حنبل، فيما سمعه: عبد الرزاق من سفيان الثوري؛ بمكة خاصة. ([268])

وقد اضطرب فيه عبد الرزاق،

فمرة: يرويه، عن ابن جريج، ومرة: يرويه، عن معمر، ومرة: يرويه، عن سفيان الثوري، مع اختلاف المتن، واضطرابه فيه، وهذا ظاهر.

وقد توبع: محمد بن عمرو بن علقمة، على روايته:

تابعه: محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، قال: (كان حاطب قد أعتق حين مات من رقيقه، من صام منهم، وصلى، وقد كانت له جارية حبشية، قد صامت، وصلت، ولم تفقه ([269])، وتزوجت، فلم يرع بها في زمن عمر بن الخطاب t، إلا وهي حبلى من زنى، فأتيت عمر t وجئته بها، فسألها: أزنيت؟ قالت: نعم، مرعوس بدرهمين....). وفي رواية: (لما حضرت حاطبا الوفاة أوصى، بأن يعتق كل مملوك له قد صلى، وصام، وكانت جارية له سوداء، فزنت وكانت ثيبا، فأتيت عمر بن الخطاب t...).

أخرجه ابن شبه في «أخبار المدينة» (ج3 ص69 و70)، والجوبري في «الفوائد» (ق/5/ط) من طريق محمد بن إسحاق عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب؛ بهذا الإسناد.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه محمد بن إسحاق المدني، وهو مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث، فالإسناد ضعيف.

* وهو مشهور بالتدليس، عن الضعفاء والمجهولين، وعن شر منهم، وصفه بذلك: أحمد، والدارقطني، وغيرهما. ([270])

وذكر في هذه الرواية: «تزوجت»، وفي رواية: «وكانت جارية، فزنت وكانت ثيبا»، وفي رواية: «قال عمر: ماذا ترون في هذه؟ فقال: علي، وعبد الرحمن بن عوف: أقضاء غير قضاء الله تبغي؟، وعثمان: جالس قانعا، فقال: ما بك يا عثمان لا تتكلم؟، قال: أشار عليك أخواك، فقال: وأنت فشر، قال: أراها تستهل به كأنها لا تعرفه، ولا أرى الجلد؛ إلا لمن عرفه، فقال عمر: صدقت يا عثمان، والذي نفسي بيده، إنها لتستهل به استهلال من لا يعرف، وما الجلد، إلا على من عرفه، فضربها الحد الأدنى ([271])، ونفى عنها الرجم ».

وهذا من الاختلاف في المتن، وهذه ألفاظ منكرة في القصة.

وبإسناد محمد بن إسحاق؛ أورده الحافظ ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص363)؛ ثم قال: «وهذا إسناد حسن»، وفيه نظر، لضعف الإسناد، وقد سبق.

* وقد أورده البخاري في «صحيحه» (ج13 ص186)، معلقا، فقال: (وقال عمر بن الخطاب t، وعنده علي، وعبد الرحمن، وعثمان y، ماذا تقول هذه؟ قال: عبد الرحمن بن حاطب: فقلت: تخبرك بصاحبها الذي صنع بها).

قلت: والحديث الذي يعلقه الحافظ البخاري، فلا يجزم به على أن يكون على شرط الصحيح، إلا بعد البحث، لأن المعلق: ممكن أن يقع منه الصحيح، أو الحسن، أو الضعيف.

* وهنا الحافظ البخاري؛ علقه، وجزم به، مع أن الذي روى الموصول؛ عن عبد الرحمن بن حاطب، عن عمر بن الخطاب؛ هو: محمد بن إسحاق المدني، وقد دلسه، فلا يحتج به، وقد سبق بيان هذه العلة.

* وكذلك: رواه موصولا؛ عن عبد الرحمن بن حاطب: محمد بن عمرو بن علقمة، وهو له أوهام، ويخالف الثقات، وقد سبق أيضا بيان هذه العلة.

والصحيح: أن الثقات الحفاظ؛ رووه: مرسلا، ولم يتعدوا في الإسناد، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، وقد سبق ذلك.

* ثم كيف يجزم بصحته، وهو مختلف فيه بين الرواة.

والأثر ذكر ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص187)، وسكت عنه!.

وذكره في «تغليق التعليق» (ج5 ص306)؛ ولم يخرجه!.

وقال الشيخ الألباني في «مختصر صحيح البخاري» (ج4 ص298): (وصله عبد الرزاق، وسعيد بن منصور؛ بسند صحيح،عنه)؛ وفيه نظر، لأنه أخذ بظاهر الإسناد، ولم ينتبه للاختلاف فيه: في السند والمتن، من رواية: عبد الرزاق، وغيره، فهو: حديث مضطرب، لا يصح.

* وما يعلقه الحافظ البخاري في «صحيحه»، يستشهد: باللفظ الذي أورده فقط في بابه، وإذا لم يذكر: ألفاظا، منكرة في: «المتن» في هذا الباب، أو في موضع آخر من «صحيحه»؛ فإنه من باب: استنكاره لبقية ألفاظ: «المتن»، فإذا تعمد عدم ذكر ألفاظ في «المتن»، كما في أحاديث، ومعلقات في «صحيحه»، منها؛ فإن ذلك لنكارتها، وإنما يأخذ بما يريد منه في الشاهد في موضع، ويترك المنكر، ولا يستشهد به في بابه، فلا نجد أنه استشهد بقصة: المرأة الزانية في «كتاب الحدود»، من «صحيحه» (ج12 ص58)؛ بطوله، وما يضم من أبواب؛ وخاصة في: «أحكام الزنى»، وخاصة أنه لم يذكر القصة في باب: «رجم المحصن»، من «صحيحه» (ج12 ص117)؛ فإن فيه حكم هام لم يأت في دليل غيره في درء الحدود عن الجاهل به، كما استدل به بقية الفقهاء كابن حزم، وابن المنذر، وغيرهما في هذا الباب في كتبهم، بينما جعل البخاري في «صحيحه» بابا في: «لا يرجم المجنون والمجنونة»، من «صحيحه» (ج12 ص144)؛ مما يدل على أن البخاري يستشهد بأثر الأمة لحاطب التي زنت فقط، من باب: الأخذ بترجمة الواحد للغة العربية من لغة أخرى، ولا يحتاج في الترجمة أكثر من الواحد كحال الشهادة، وبقية «متنه» مستنكر عنده، لا يصح، والدليل أنه لم يخرجه، ولا حتى في «باب: إذا زنت الأمة»، من «صحيحه» (ج12 ص162)؛ بل إنه لما جاء في «باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت»، من «صحيحه» (ج12 ص144)؛ ذكر ما يرده من حديث عمر بن الخطاب t؛ الصحيح، الثابت في رجم من زنت وهي محصنة؛ بإحدى ثلاث: البينة، أو الحمل، أو الاعتراف، وهذا الأثر: يضاد السالف في متنه، فلم يورده البخاري: فهو معلول المتن عنده بذلك، وإن أخذ بطرف من متنه، واستشهد به في الترجمة لمن لغته غير العربية في قصة: المرأة الزانية، ولذلك نجد الحافظ البخاري: يستشهد بطرف من أحاديث كثيرة في باب من الأبواب، ثم يستشهد ببقية «المتن» موصولا، في مواضع أخرى لها أحكام تؤخذ من بقية «المتن»، ولا يهملها في بقية الأبواب التي تستقى منها أحكام من هذا «المتن»، كما هي الطريقة المعلومة في أصوله. ([272])

* ورواه: عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن المسيب: (أن عاملا لعمر t - قال معمر: وسمعت غير عمرو يزعم، أن أبا عبيدة بن الجراح - كتب إلى عمر t، أن رجلا اعترف عبده بالزنا، فكتب إليه أن يسأله: هل كان يعلم أنه حرام؟ فإن قال: نعم، فأقم عليه حد الله، وإن قال: لا، فأعلمه أنه حرام، فإن عاد فاحدده).

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص342).

قلت: وهذا سنده مرسل، لا يصح، وسعيد بن المسيب، لم يسمع من عمر بن الخطاب t. ([273])

وهذا السند فيه اضطراب، فعن ابن المسيب: «أن عاملا لعمر»، ومرة: «قال: معمر: وسمعت: غير، عمرو: يزعم، أنا أبا عبيدة بن الجراح كتب إلى عمر، أن رجلا اعترف عنده بالزنا».

* ففي هذا الحديث: «ذكر رجلا، زنا»، والحديث الآخر: «أن امرأة زنت».

وهذا من الاختلاف في الحديث، والاضطراب: من عبد الرزاق الصنعاني، فإنه أحيانا، يضطرب، ويخالف في الحديث. ([274])

* والحديث: غير معروف عن سعيد بن المسيب.

والحديث ضعفه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج7 ص343)؛ برواية : سعيد بن المسيب.

والحديث: ذكره الهندي في «كنز العمال» (13476)، وابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج4 ص113).

ورواه: عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن المسيب قال: (ذكروا الزنا بالشام، فقال رجل: زنيت. قيل: ما تقول؟ قال: أو حرمه الله؟ قال: ما علمت أن الله حرمه. فكتب إلى عمر بن الخطاب t، فكتب: إن كان علم أن الله حرمه فحدوه، وإن كان لم يعلم فعلموه، وإن عاد فحدوه).

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص342)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج12 ص522).

قلت: وهذا سنده مرسل، كسابقه، فإن سعيد بن المسيب، لم يسمع من عمر بن الخطاب t. ([275])

ثم إن عبد الرزاق الصنعاني، اضطرب فيه: في السند، وفي المتن معا.

فمرة: يرويه، عن معمر، ومرة: يرويه، عن سفيان بن عيينة، ومرة: يرويه، عن ابن جريج، ومرة: يرويه، عن سفيان الثوري، مع اضطراب في المتون.

وهنا ذكر: الزنا بالشام، وقال رجل: زنيت.

وهذا من الاختلاف في السند، وفي المتن.

* والحديث: معروف من رواية: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، مطولا، عن امرأة أمة.

* وأخرجه الجوبري في «الفوائد»، كما في «البدر المنير» لابن الملقن (ج8 ص637) من طريق سفيان ابن عيينة، قال: سمع عمرو بن دينار، سعيد بن المسيب يقول: (ذكر الزنى بالشام، فقال رجل: قد زنيت البارحة، فقالوا: ما تقول؟ فقال: أو حرمه الله ؟، ما علمت أن الله حرمه، فكتب إلى عمر t، فكتب: إن كان علم أن الله حرمه، فحدوه، وإن لم يكن علم، فعلموه، فإن عاد، فحدوه).

وإسناده مرسل، كسابقه، لا يحتج به، ومتنه: منكر، وهو مخالف للأصول.

وأورده الحافظ ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص362)؛ ثم قال: «هذا إسناد صحيح!»، وفيه نظر، لضعف الإسناد، وما وقع فيه من الاختلاف.

* ورواه: مروان الفزاري، ويزيد عن حميد عن بكر المزني عن عمر بن الخطاب t، وفيه: «أنه كتب، يستحلف».

أخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث» (ج4 ص259)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص239).

قلت: وهذا سنده ضعيف، لانقطاعه بين بكر المزني، وبين عمر بن الخطاب t، فإنه: من «الطبقة الثالثة»، وهي: «الطبقة الوسطى» من التابعين، كالحسن البصري، ومحمد بن سيرين.

* فرواية: بكر المزني عن عمر بن الخطاب t، منقطعة، وبالانقطاع: أعله الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج7 ص343).

قلت: وهذا من الاختلاف في السند.

* والحديث أعله الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج7 ص343)، بالانقطاع، بين بكر المزني، وعمر بن الخطاب t.

قلت: ثم المعروف عن الخلفاء الراشدين، أنهم: كانوا يقيمون الحدود على من ثبت عنه، وقوعه في المعصية، ولم يعذروه بجهله، أو بعدم علمه في دار الإسلام، فهذا الأثر: خلاف إجماع الصحابة y في إقامة الحدود على من وقع في المعصية، بل هو خلاف القرآن والسنة.

* وإليك الدليل:

عن عمر بن الخطاب t أنه خطب فقال: (إن الله بعث محمدا r بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل الله عليه آية الرجم. قرأناها، ووعيناها، وعقلناها، فرجم رسول الله r، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم حق في كتاب الله على من زنى، إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف) ([276]).

قلت: وهذا يدل على أن النبي r، والخلفاء الراشدين، يقومون بالحدود، على أهل المعاصي، وإقامة الحدود: فرض.

قال تعالى: ]الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة[ [النور:2].

* وقد صرح أمير المؤمنين: عمر بن الخطاب t، على المنبر، بأنه فريضة، حيث قال عمر t: (إن الرجم حق، على من زنى، إذا أحصن الرجال والنساء) ([277])، وقال عمر t: (فرجم رسول الله r، ورجمنا بعده).

قلت: والزنا يثبت بواحد من طرق ثلاثة:

1) البينة. ([278])

2) الحمل، بأن تحمل امرأة ليس لها زوج.

3) الاعتراف، يعني: الإقرار على نفسه بالزنا. ([279])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج13 ص334): (قوله t: «إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف»، هذه هي شروط ثبوت الزنا، أما الإحصان: فهو شرط ثبوت الحكم، وأما شروط ثبوت الزنا فهي:

أولا: قيام البينة؛ والبينة: ذكرها الله عز وجل؛ في قوله تعالى: ]لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء[ [النور:13]؛ «أربعة»: عدد يدل على أن المعدود مذكر، أي: بأربعة شهداء من الرجال.

ثانيا: الحبل؛ أي: الحمل، بأن تحمل امرأة ليس لها زوج، وليس لها سيد.

ثالثا: الاعتراف؛ يعني: الإقرار). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج13 ص340): (أما الحبل، وهو الحمل، فإنه يثبت به الزنا). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج13 ص341): (أما الاعتراف: وقد أطلق أمير المؤمنين: عمر t هنا، ويحتمل؛ أن تكون: «أل»، لبيان الحقيقة، أو العهد.

* لكن الأصح، أنها لبيان الحقيقة، وأنه لا يشترط: تكرير الاعتراف، بل إذا اعترف الزاني مرة واحدة، فإنه يقام عليه الحد). اهـ

قلت: وهذا بالإجماع.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج13 ص333): (قوله: «ورجمنا بعده»؛ لأنه t، كان الخليفة، وإقامة الحدود إلى السلطان، وهو الخليفة). اهـ

قلت: وحديث([280]) المرأة التي زنت في عهد أمير المؤمنين: عمر بن الخطاب t، قد ثبت فيها: الحمل، وقد اعترفت بالزنا، وهي في دار الإسلام، فالبينة واضحة على فعلها الزنا، فكيف لا يقوم عليها عمر t الحد، وهو حد من حدود الله تعالى، ولا تعذر بجهلها، ولا تطاع إن قالت: لا أدري بحرمة الزنا في الإسلام.

وبوب عليه الحافظ ابن حجر في «بلوغ المرام» (ص455)؛ باب حد الزاني.

وعن أبي هريرة t، وزيد بن خالد t، أن رسول الله ﷺ، سئل عن الأمة، إذا زنت، ولم تحصن؟ قال ﷺ: (إذا زنت فاجلدوها). ([281])

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج12 ص162)؛ باب: إذا زنت الأمة.

يعني: إذا لم تحصن: تجلد، وإذا تحصن: ترجم.

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج12 ص144)؛ باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت.

وعن سلمة بن كهيل قال: سمعت الشعبي؛ يحدث: (عن علي t، حين رجم المرأة يوم الجمعة، وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله ﷺ). ([282])

قلت: فهذه الأحاديث، ترد قصة: المرأة الزانية، وأنها قصة: منكرة.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على قمع المدعو: «منصور السماري»، في عذره للجهال بتركهم الفرائض، وقد استدل: بأدلة مشبوهة ضعيفة في الاعتقاد، فوقع في الإرجاء الذي يحذر منه، بل وقع مع المرجئة الذين يحذر منهم؛ بسبب جهله بالاعتقاد الصحيح في مسائل الإيمان

 

 

* وقد كرر السماري ذلك في المرة الثالثة، في العذر بالجهل بترك الفرائض:

فقال منصور السماري المتعالم: (جاء في «المسند» للإمام أحمد([283])، و«السنن» لابن ماجه، و«المستدرك» للحاكم، من حديث: حذيفة بن اليمان t([284])، بسند صحيح!؛ قال: قال رسول الله r : (يدرس الإسلام كمايدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها). فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثا. ([285])

* يعني: أن هذا هو علمهم، الذي يعلموه، والله تعالى لا يؤاخذهم لما لم يعلموا، فبقوا على: «التوحيد»([286])، وبقوا على أنهم، لم يشركوا بالله شيئا([287])، لأنهم: لو أشركوا ما قبل منهم الإسلام، إنما يمتحنون في الآخرة، لكن لما لم يشركوا، لم يبق من الدين، إلا عدم الشرك، والصلاة لم يعلموها حتى يفعلوها.

* طيب لو جاء شخص، وقال: أليس ترك: «الصلاة» كفر، نقول: نعم، والترك لا يكون إلا بعد العلم، علمت أن: «الصلاة» فرض عليهم.

* أما الذين لا يعلمون، أن هناك صلاة، فهؤلاء لا يقال: عنهم أنهم تركوا: «الصلاة»، وإلا لعتبرنا الذين ماتوا قبل فرض الصلاة، لعتبرناهم: كفارا، لأنهم: تاركون: «للصلاة»؛ لأنهم: لم تفرض عليهم بعد) ([288]). اهـ كلام السماري.

قلت: وكلامه كله؛ يتصبب: جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما، أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا على سبيل التبيين للجهلة الذين يدرسون عنده، ليتبين لهم: جهله في الأصول.

قلت: وهؤلاء الناس في آخر الزمان، الذين أشار إليهم: المدعو: «منصور السماري»، قد قامت عليهم الحجة، ببلوغ: «التوحيد» إليهم، وكان معهم العلم ([289]) في الإجمال، وهذا يكفي في بلوغ الحجة إليهم، وهذا على فرض صحة حديث: حذيفة بن اليمان t. ([290])

 قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ /: (وينبغي أن يعلم الفرق بين: «قيام الحجة»، و«فهم الحجة»، فإن من بلغته دعوة الرسل عليهم السلام، فقد قامت عليه الحجة، إذا كان على وجه يمكن معه العلم، -كالعقل والتمييز-، ولا يشترط في قيام الحجة، أن يفهم عن الله تعالى، ورسوله r، ما يفهمه أهل الإيمان، والقبول، والانقياد، لما جاء الرسول r، فافهم هذا يكشف عنك شبهات كثيرة في: «مسألة: قيام الحجة»، قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44]) ([291]). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الدرر السنية» (ج10 ص93 و94): (وأما أصول الدين([292]): التي أوضحها الله تعالى، وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله تعالى، هي: القرآن، فمن بلغه القرآن، فقد بلغته الحجة). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ /: (وأهل العلم: لا يختلفون في أن من صدر منه: قول، أو فعل يقتضي كفره، أو شركه، أو فسقه، أنه يحكم عليه بمقتضى ذلك، وإن كان يقر بالشهادتين) ([293]). اهـ

قال تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا [ [الكهف: 103 و104 و105].

قلت: وهذه الآية تدل على أن العبد الذي يعمل في الدين، لكنه على ضلالة، فإنه: كافر، ولا يقبل عمله، وسعيه في العبادة، لمخالفته للكتاب، والسنة، والأثر.

* فما بالك بالعبد الذي لا يعمل لله تعالى بالكلية، فهذا من باب أولى؛ أنه: كافر في الإسلام.

قال تعالى: ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا[ [الفرقان: 23].

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج18 ص125): (وهذا من أدل الدلائل على خطأ، قول: من زعم أنه لا يكفر بالله تعالى أحد؛ إلا من حيث يقصد إلى الكفر، بعد العلم: بوحدانيته... ولو كان القول، كما قال الذين زعموا: أنه لا يكفر بالله تعالى أحد؛ إلا من حيث يعلم، لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي أخبر الله تعالى عنهم؛ أنهم: كانوا يحسبون فيه أنهم يحسنون صنعه، كانوا مثابين، مأجورين عليها.

* ولكن القول بخلاف، ما قالوا: فأخبر تعالى عنهم؛ أنهم: بالله تعالى كفرة، وأن أعمالهم حابطة، وعنى بقوله تعالى: ]أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف: 104]؛ عملا). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «كشف الشبهات» (ص27): (فأتاهم النبي r يدعوهم إلى كلمة التوحيد، وهي: «لا إله إلا الله».

* والمراد من هذه الكلمة معناها، لا مجرد لفظها.

والكفار الجهال: يعلمون أن مراد النبي r بهذه الكلمة، هو: إفراد الله تعالى بالتعلق، والكفر بما يعبد من دون الله، والبراءة منه، فإنه لما قال: لهم قولوا: «لا إله إلا الله»، قالوا: ]أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5].

* فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك، فالعجب ممن يدعي الإسلام، وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفار، بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها، من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني.

* والحاذق منهم يظن؛ أن معناها: لا يخلق، ولا يرزق، إلا الله، ولا يدبر الأمر إلا الله.

* فلا خير في رجل: جهال الكفار أعلم منه؛ بمعنى: «لا إله إلا الله»). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص524): (فالإسلام: أن تعبد الله وحده لا شريك له مخلصا له الدين، وهذا دين الله تعالى الذي  لا يقبل من أحد دينا غيره، لا من الأولين، ولا من الآخرين، ولا تكون عبادته مع إرسال الرسل إلينا، إلا بما أمرت به رسله، لا بما يضاد ذلك، فإن ضد ذلك معصية، وقد ختم الله تعالى الرسل بمحمد r، فلا يكون مسلما إلا من شهد «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا عبده ورسوله»، وهذه الكلمة بها يدخل الإنسان في الإسلام، فمن قال: الإسلام الكلمة، وأراد هذا: صدق، ثم لابد من التزام ما أمر به الرسول r من الأعمال الظاهرة، كالمباني الخمس، ومن ترك من ذلك شيئا: نقص إسلامه بقدر ما نقص من ذلك). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «كشف الشبهات» (ص45): (لا خلاف: أن التوحيد، لابد أن يكون بالقلب، واللسان، والعمل، فإن اختل شيء من هذا، لم يكن الرجل مسلما.

* فإن عرف التوحيد، ولم يعمل به، فهو: كافر معاند، كفرعون، وإبليس، وأمثالهما، وهذا يغلط فيه كثير من الناس).اهـ

قلت: وقد فرضت، الفرائض من عهد النبي r، إلى يومنا هذا، بل إلى قيام الساعة، فلا خيار لأحد، بترك الفرائض الآن([294])، فمن تركها: فقد كفر بالله تعالى، ولا يعذر بجهله.

وقال الإمام الآجري / في «الأربعين» (ص82): (اعلم أنه أول ما بعث النبي r أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، فمن قالها صادقا من قلبه، ومات على ذلك: دخل الجنة، ثم فرضت عليهم «الصلاة» بعد ذلك، فصلوا، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال، كلما فرض عليهم فرض قبلوه، مثل: «صيام شهر رمضان»، ومثل: «الزكاة»، ثم فرض: «الحج على من استطاع إليه سبيلا»، فلما آمنوا بذلك، وعملوا بهذه الفرائض، قال الله عز وجل: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]؛ فقال النبي r: «بني الإسلام على خمس»؛ فاعلم ذلك: فمن ترك فريضة من هذه الخمس، وكفر بها، وجحد بها: لم ينفعه التوحيد، ولم يكن مسلما، وقد قال النبي r: «بين العبد وبين الكفر: ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر»، وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزك ماله فلا صلاة له»، ولما قبض النبي r ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة، وقالوا: نصلي، ونصوم، ولا نزكي أموالنا، فقاتلهم أبو بكر الصديق t، مع جميع الصحابة حتى قتلهم، وسباهم، وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار، وقتلانا في الجنة؟»؛ كل ذلك لأن الإسلام: «خمس»، لا يقبل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك).اهـ

وعن أبي طالب قال: سألت؛ أبا عبد الله؛ عمن قال: الصلاة فرض، ولا أصلي؟ قال: يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وصلى، وإلا ضربت عنقه، قلت: فرجل قال: الزكاة علي، ولا أزكي؟ يقال له: مرتين، أو ثلاثا: زك؛ فإن لم يزك، يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»، كتاب: «الردة»، باب: «في مانع الزكاة» (ص488 و489) من طريق أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج3 ص437)؛ بعد أن ساق خلاف العلماء المتأخرين: في كفر مانع الزكاة: (وعن أحمد / ما يدل على أنه يكفر بقتاله عليها، وساق مسألة: الميموني، في الباب، ثم قال: ووجه ذلك ما روي أن أبا بكر t، لما قاتلهم، وعضتهم الحرب، قالوا: نؤديها، قال: لا أقبلها حتى تشهدوا: أن قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، ولم ينقل إنكار ذلك عن أحد من الصحابة y، فدل على كفرهم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص78): (فجعل الفارق: بين المسلم، والكافر: «الصلاة»). اهـ

وعن سلمة بن نبيط عن الضحاك بن مزاحم / قال: ذكرنا عنده: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»، فقال الضحاك: (هذا قبل أن تحد الحدود، وتنزل الفرائض).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (79)، والآجري في «الشريعة» (303)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1340)، والخلال في «السنة» (1241) من طريق وكيع ثنا سلمة بن نبيط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص108) من طريق علي بن الحسن بن عبد الله بن المبارك، قال: أنبأ رزين السراج، عن نصير أبي الأسود، عن الضحاك بن مزاحم قال: (يقول أصحابك الحمقى: من شهد: أن لا إله إلا الله: دخل الجنة، وإنما هذا كان قبل أن تنزل الفرائض).

وإسناده حسن.

وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: أحمد بن محمد بن حنبل، قلت: إذا قال الرجل: «لا إله إلا الله»، فهو مؤمن؟ قال: (كذا كان بدء الإيمان، ثم نزلت الفرائض: الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (939)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1339)، والآجري في «الشريعة» (305) من طريق أبي الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام أحمد / في «الإيمان» (ص215): (نعم: وذاك قبل؛ أن تنزل الفرائض، ثم نزلت الفرائض، فينبغي على الناس: أن يعملوا بما افترض الله تعالى عليهم). اهـ

فالإمام أحمد / قال ذلك لأن: «المرجئة» يحتجون على إسقاط ركنية العمل، بحديث: «من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة».

قال تعالى: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون *أولئك هم المؤمنون حقا[ [الأنفال:2-4].

قلت: فوصفهم الله تعالى بالإيمان: بهذه الخصال، على أنهم لا يكونون: مؤمنين بعدمها.

وقال تعالى: ]ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين[ [المائدة:5].

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على تناقض: «السماري»،

في: «مسألة العذر بالجهل»، و«مسألة إقامة الحجة»، وتخبطه، وتخليطه، وتلبيسه؛ بهذه الأصول، وهذا بشهادة نفسه على نفسه في شرحه البالي لأصول الاعتقاد، ويكأنه بدأ يخلط، وتختلط عليه الأصول في الدين.

 

* ويكرر «السماري»: في المرة الرابعة، بترك الفرائض كلها، أنه لا يكفر من تركها، وخاض في أباطيل أخرى:

فقال السماري المرجئ: (إذا كان جاهلا: يأتي ويدعو صاحب القبر، يا فلان المدد، المدد، أنا حسبك، أنا في جوارك: هذا مشرك، خارج عن الإسلام، وإن كان جاهلا، ولا يعذر بالجهل، ولا يعذر أنه متأول، لأن التأويل: فرع الجهل.

* فهذا لا يدخل في هذا الاسم، اسم: الشرك؛ فإذا أشرك الواحد، وإن كان جاهلا، يسمى: مشركا جاهلا، لكن لا يرفع عنه: حكم الشرك.

* فما الواجب عليك: إذا رأيت المشرك هذا، دعوته، تدعوه إلى الإسلام ادعوه يوحد الله تعالى.([295])

* ويشهد بعض الناس، ويسمي هذا الذي يدعو صاحب القبر، يسميه: «مسلم جاهل».

* نقول: لا يجوز أن تسميه مسلما، لأن كلمة: مسلم، يعني: معناها: أنه موحد، وهذا ليس بموحد. ([296])

* نقول: أنت جعلت حتى: المعذورين، الذين يعذرون بالجهل، لا يعذرون في هذا، لا تغيروا أسماءهم.

* كما أنه جاءت: امرأة في زمن عمر بن الخطاب t، وذكر قصة([297]): المرأة الزانية، وأنها؛ حديث عهد بالإسلام، ولا تدري، أن الزنا حرام، فقالوا: لها، أتعلمين أن الزنا حرام، قالت: لا، ما تدري أن الزنا حرام. ([298])

* فهل: هذه الزانية نسميها: غير زانية، هي زانية، ولكنها: زانية جاهلة، تجهل أن الزنا حرام، فاسم الزنا يقع بالخطأ، لكن الجهل يعفيها من العقوبة.

* نقول: أن المشرك الذي عبد غير الله تعالى، اسم: الشرك باقي عليه، لكن الجهل يجعلك تؤخر العقوبة، حتى تدعوه([299])، لأن الله تعالى، يقول: ]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا[ [الإسراء: 15].

* أما الشرك، فهو: مشرك.

* كفار قريش لما كانوا: مشركين، قبل بعثة النبي r، هل؛ هم: مشركون، أو غير مشركين، هم: مشركون، يعبدون غير الله تعالى، لا يرتفع عنهم: الاسم، لكنهم: جهال، طيب الجهل لا يرفع عنهم: الشرك، إلى التوحيد، الجهل يبقى وصفا آخر، لكنه: مشرك جاهل.

* ومتى تقع عليه العقوبة: إذا جاءتهم الرسالة، ولما أرسل: الرسول r، قامت الحجة للعقوبة([300])، كما قال تعالى: ]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا[ [الإسراء: 15]، وكما قال تعالى: ]كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير [ [الملك: 8-9].

* فهنا: الحجة من أجل العقوبة، الرسالة، من أجل العقوبة، فالاسم لا يرتفع عنهم.

* لو كان واحدا، حديث عهد بالإسلام، شرب الخمر يظنها حلال، فقيل له هي: حرام، فهل نسميه: شارب عصير، أو تسميه: شارب خمر، شارب: خمر جاهل؛ أنه حرام، فالاسم: باقي عليه.

* يقولون: عن الذي يدعو صاحب: القبر، أنه مسلم جاهل، لكن يقول: هل أذهب ادعوه، طيب: ادعوه، فدعوناه، ولم يستجب، حينئذ ماذا، هو يصبح مشرك. ([301])

* نقول له: يا أخي اتق الله تعالى، فلا تدعوه، اجعله مسلما([302])، إذا الدعوة تضره، الدعوة تخرجه من الإسلام!: «يا ثور!»([303])، فلا يجوز لك، أن تخرجه من الإسلام، إلى الشرك، واضح!.

* إذا يجب عليك أن لا تدعوه، حتى يبقى على الإسلام، لأنني لو دعوته، ولم يستجب: أصبح مشركا مصيبة.

* إذا صار: مشرك جاهل، يجب علينا الدعوة، طيب: إذا مات على الجهل، مات قبل ان تصل إليه الدعوة، مشرك جاهل.

* هنا قال: أهل العلم، أنهم يمتحنون في الآخرة.

وجمهور أهل العلم، على أنهم: لن ينجحوا ([304]) في الامتحان الذين في الشرك، ماتوا على الشرك، وإن كانوا جهالا، لن ينجحوا، ودليلهم: ]ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون[ [الأنفال:23].

يعني؛ هؤلاء: لو كان يعلم فيهم خيرا، لأوصل إليهم: الدعوة، لكن الله تعالى يعلم أنهم لا خير فيهم.

* أما من جهل أحكام الشرع: التي هي لابد فيها من العلم، يعني: يأتي الحكم بها، مثلا: أول ما بعث النبي r بعث إلى قوم: مشركين، فهم: جهال، فلم يرفع عنهم: الجهل الشرك، وإنما أخر عنهم: العقوبة فقط([305])، طيب لما أسلم من أسلم من الصحابة، وآمن الذين ماتوا: قبل فرض الصلاة، هل يكفرون؛ لأنهم: تركوا الصلاة([306])، لا يكفرون لماذا: لأنهم؛ لم يعلموا فرضيتها أصلا.

* مثل: الذين في آخر الزمان الذين لم يعلموا من الدين؛ إلا: «لا إله إلا الله»، لا يعلمون أن الصلاة: فرض، تناسخ العلم، وجهل الأمر، فهنا عذروا بالجهل، لم تبلغهم الصلاة، حتى يحصل ترك، لأن ترك الصلاة يكون بعد العلم بها، لذلك لا تكفر تارك الصلاة، إلا بعد أن يعلم بها، أن يعلم أنها فريضة من الله، فتقوم عليه الحجة، لرفع الجهل عنه، ثم يحصل التكفير) ([307]). اهـ كلام السماري.

* فانظر إلى أي هوة سقط هذا الرجل؛ أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه، وتدليسه، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه، أم لضحالة عقله، واستفحال جهله. ([308])

أقول: تأمل التلبيس والتدليس؛ عنادا، وخيانة، وهذا من عجيب أمر هذا المدعي، فيما وقع فيه من التناقض، وبدأ يخلط، وتختلط عليه الأمور.

وهذا يدل دلالة وثيقة على جهل: «السماري» بعلم: «مسائل الإيمان»، و«مسائل العذر بالجهل»، وقد وقع في «الإرجاء»، وهو لا يشعر.

إن «السماري» هذا ليس أهلا، لأن يؤخذ عنه العلم، فهو يتقول؛ بأقوال: لا يعرف ما يخرج من رأسه.

وهذا الكلام تضمن أباطيل:

*  فمرة: يذكر أن صاحب القبر، إذا دعا صاحب القبر، وهو جاهل: فهو كافر، وقد خرج من دائرة الإسلام، فلا يعذر بجهله، لأنه لا يرتفع عنه: حكم الشرك، ولا اسم: الشرك، فيسمى: مشركا جاهلا.

* ومرة يتناقض، فيعذر الذي وقع في الشرك بالجهل، حتى يدعوه، بل ويؤخر عقوبته، لأنه جاهل، وقال: واسم الشرك باق عليه!، وهذا من التناقض البين.

* ويتجلى هذا التناقض بصورة: أوضح، وبطريقة أفضح، حيث استدل بقصة: المرأة الزانية([309])، التي استحلت الزنا في دار الإسلام، في عهد عمر بن الخطاب t، أنها، لا تكفر، ورفع عنها العقوبة: لأنها جاهلة، ولا تدري أن الزنا من المحرمات في الشريعة، فعذرها بالجهل([310])، فهو ضمن شرحه: أنواعا من التناقضات.

* ويزداد التضاد ظهورا في أثناء شرحه، إذا علمت أنه يطلق على كفار قريش قبل البعثة: أنهم من المشركين، ولا يرتفع عنهم: اسم الشرك، لكنهم: جهال.

* ثم يضاد قوله، ويرفع عنهم العقوبة، مع أنهم: عنده من المشركين، لأنه يزعم أنهم: قبل البعثة، ولا تقام عليهم: العقوبة، إلا بعد بعثة النبي r، والله تعالى أوقع العقوبة عليهم، بل العقوبات في الدنيا والآخرة، في الجاهلية قبل بعثة رسول الله r، وبعد البعثة ممن لم يسلم منهم؛ أوقع عليهم العقوبات في الدنيا والآخرة.

قلت: فانظر إلى هذا التباين والتضاد، وكيف راج عليه ما حذر منه!. ([311])

* فتحصل من هذا: وجود تناقض شديد في شرح: «السماري» هذا.

فهذا: «السماري» لم يتقن شرح الاعتقادات في الدين.

قال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[ [النحل: 36].

قلت: ويكاد العجب لا ينقضي من هذا المتناقض عندما يقول: أن العقوبة لا تقع على كفار قريش في أيام الجاهلية، لا تقع عليهم، إلا بعد مجيء الرسالة، وإرسال النبي r لهم، لقيام الحجة عليهم([312])، من أجل العقوبة فقط!.

* ثم إني تتبعت شرحه، فوجدت أنه يعذر من ترك: «جنس العمل»، مما يؤكد أنه يثبت الإسلام، لمن ترك الفرائض كلها في الدين، لأنه يعذر بالجهل من ترك ذلك، وقد سبق أنه لا يعذر من وقع في: «الشرك الأكبر»، وهو جاهل، فهذه أجلى صور التناقض وأوضحها.

* ثم تأمل، لاستدلاله، بأمر المسلمين، قبل: نزول الفرائض، في العذر بالجهل؛ بترك الفرائض، ويكتفي بالنطق: بـ«لا إله إلا الله»، ويحكم بإسلام: العبد، حتى لو ترك: الفرائض كلها، ولا يعمل بها، فيما نحن فيه من الأزمنة والأمكنة، أي: بعد نزول فرض الفرائض، إلى قيام الساعة. ([313])

قال الإمام الآجري / في «الأربعين» (ص82): (اعلم أنه أول ما بعث النبي r أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، فمن قالها صادقا من قلبه، ومات على ذلك: دخل الجنة، ثم فرضت عليهم «الصلاة» بعد ذلك، فصلوا، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال، كلما فرض عليهم فرض قبلوه، مثل: «صيام شهر رمضان»، ومثل: «الزكاة»، ثم فرض: «الحج على من استطاع إليه سبيلا»، فلما آمنوا بذلك، وعملوا بهذه الفرائض، قال الله عز وجل: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]؛ فقال النبي r: «بني الإسلام على خمس»؛ فاعلم ذلك: فمن ترك فريضة من هذه الخمس، وكفر بها، وجحد بها: لم ينفعه التوحيد، ولم يكن مسلما، وقد قال النبي r: «بين العبد وبين الكفر: ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر»، وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزك ماله فلا صلاة له»، ولما قبض النبي r ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة، وقالوا: نصلي، ونصوم، ولا نزكي أموالنا، فقاتلهم أبو بكر الصديق t، مع جميع الصحابة حتى قتلهم، وسباهم، وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار، وقتلانا في الجنة؟»؛ كل ذلك لأن الإسلام: «خمس»، لا يقبل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك).اهـ

وعن أبي طالب قال: سألت؛ أبا عبد الله؛ عمن قال: الصلاة فرض، ولا أصلي؟ قال: يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وصلى، وإلا ضربت عنقه، قلت: فرجل قال: الزكاة علي، ولا أزكي؟ يقال له: مرتين، أو ثلاثا: زك؛ فإن لم يزك، يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»، كتاب: «الردة»، باب: «في مانع الزكاة» (ص488 و489) من طريق أحمد بن محمد بن مطر قال:حدثنا أبو طالب، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج3 ص437)؛ بعد أن ساق خلاف العلماء المتأخرين: في كفر مانع الزكاة: (وعن أحمد / ما يدل على أنه يكفر بقتاله عليها، وساق مسألة: الميموني، في الباب، ثم قال: ووجه ذلك ما روي أن أبا بكر t، لما قاتلهم، وعضتهم الحرب، قالوا: نؤديها، قال: لا أقبلها حتى تشهدوا: أن قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، ولم ينقل إنكار ذلك عن أحد من الصحابة y، فدل على كفرهم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص78): (فجعل الفارق: بين المسلم، والكافر: «الصلاة»). اهـ

وعن سلمة بن نبيط عن الضحاك بن مزاحم / قال: ذكرنا عنده: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»، فقال الضحاك: (هذا قبل أن تحد الحدود، وتنزل الفرائض).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (79)، والآجري في «الشريعة» (303)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1340)، والخلال في «السنة» (1241) من طريق وكيع ثنا سلمة بن نبيط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص108) من طريق علي بن الحسن بن عبد الله بن المبارك، قال: أنبأ رزين السراج، عن نصير أبي الأسود، عن الضحاك بن مزاحم قال: (يقول أصحابك الحمقى: من شهد: أن لا إله إلا الله: دخل الجنة، وإنما هذا كان قبل أن تنزل الفرائض).

وإسناده حسن.

وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: أحمد بن محمد بن حنبل، قلت: إذا قال الرجل: «لا إله إلا الله»، فهو مؤمن؟ قال: (كذا كان بدء الإيمان، ثم نزلت الفرائض: الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (939)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1339)، والآجري في «الشريعة» (305) من طريق أبي الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام أحمد / في «الإيمان» (ص215): (نعم: وذاك قبل؛ أن تنزل الفرائض، ثم نزلت الفرائض، فينبغي على الناس: أن يعملوا بما افترض الله تعالى عليهم). اهـ

فالإمام أحمد / قال ذلك لأن: «المرجئة» يحتجون على إسقاط ركنية العمل، بحديث: «من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة».

قال تعالى: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون *أولئك هم المؤمنون حقا[ [الأنفال:2-4].

قلت: فوصفهم الله تعالى بالإيمان: بهذه الخصال، على أنهم لا يكونون: مؤمنين بعدمها.

وقال تعالى: ]ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين[ [المائدة:5].

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: شهادة: «أن لا إله إلا الله»، هي مفتاح دين الإسلام، وأصله الأصيل؛ فهل من نطق بها فقط؛ دخل في دائرة المسلمين؛ دون عمل يذكر؟ وهل الأديان السماوية - غير دين الإسلام الذي جاء به محمد r - جاءت بنفس هذا الأصل الأصيل؟

فأجاب فضيلته: (من نطق بشهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»؛ حكم بإسلامه بادي ذي بدء، وحقن دمه:

* فإن عمل بمقتضاها ظاهرا وباطنا؛ فهذا مسلم حقا، له البشرى في الحياة الدنيا والآخرة.

* وإن عمل بمقتضاها ظاهرا فقط؛ حكم بإسلامه في الظاهر، وعومل معاملة المسلمين، وفي الباطن هو منافق، يتولى الله حسابه.

* وأما إذا لم يعمل بمقتضى: «لا إله إلا الله»، واكتفى بمجرد النطق بها، أو عمل بخلافها؛ فإنه يحكم بردته، ويعامل معاملة المرتدين.

* وإن عمل بمقتضاها في شيء دون شيء؛ فإنه ينظر: فإن كان هذا الذي تركه يقتضي تركه الردة؛ فإنه يحكم بردته، كمن ترك الصلاة متعمدا، أو صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله. وإن كان هذا الذي تركه لا يقتضي الردة؛ فإنه يعتبر مؤمنا ناقص الإيمان بحسب ما تركه؛ كأصحاب الذنوب التي هي دون الشرك.

وهذا الحكم التفصيلي جاءت به جميع الشرائع السماوية) ([314]). اهـ

وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن /: (ومجرد الإتيان بلفظ الشهادة، من غير علم بمعناها، ولا عمل بمقتضاها: لا يكون به المكلف مسلما) ([315]).([316]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ص86): (فإذا خلا العبد: عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا... فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل، لا بالقول فقط؛ فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، ومن لا دين له: فهو كافر). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج14 ص120): (فمن قال: إنه يصدق الرسول r ويحبه، ويعظمه بقلبه، ولم يتكلم قط بالإسلام، ولا فعل شيئا من واجباته بلا خوف، فهذا لا يكون مؤمنا في الباطن، وإنما هو كافر...).اهـ

وقال الشيخ سليمان بن سحمان /: (فلا بد من شهادة: «أن لا إله إلا الله»، من اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، فإن اختل نوع من هذه الأنواع: لم يكن الرجل مسلما) ([317]). اهـ

قلت: ومن هنا يتبين الفرق بين مذهب السلف، ومخالفيهم.

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «فتح المجيد» (ص35): (قوله r: «من شهد أن لا إله إلا الله»؛ أي: من تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها، باطنا وظاهرا، فلابد في الشهادتين: من العلم، واليقين، والعمل بمدلولها، كما قال تعالى: ]فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك[ [محمد:19]، وقال تعالى: ]إلا من شهد بالحق وهم يعلمون[ [الزخرف:86].

* أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا يقين، ولا عمل بما يقتضيه، من نفي الشرك، وإخلاص القول والعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح: فغير نافع بالإجماع). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبدالرحمن /: (ومجرد التلفظ بالشهادتين لا يكفي في الإسلام بدون العمل بمعناها، واعتقاده إجماعا) ([318]). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد السائل» (ص33): (وأقول من كان تاركا لأركان الإسلام، وجميع فرائضه ورافضا لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال، ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين، فلا شك، ولا ريب: أن هذا كافر شديد الكفر، حلال الدم والمال).اهـ

قلت: فانظر، كيف جهل: «السماري» هذا التحقيق كله، نعوذ بالله من الجهل المركب.

* وهذا قدح صريح، بعدالة هذا: «السماري»، مما يؤكد إنه عديم العلم النافع في الدين.

* فعجبنا، ثم اشتد عجبنا، لما وجدنا، أن «السماري»، يسقط العمل بالأركان القطعية في الدين، ويستدل على ذلك الاسقاط، بحديث: حذيفة بن اليمان t، في آخر الزمان!، وهو حديث: ضعيف، لا يحتج به في الدين، وهو مخالف لأصول القرآن، وأصول السنة. ([319])

قلت: وفي هذا إظهار تلاعب: «السماري» باعتقاد أهل السنة والجماعة، جملة وتفصيلا، والاضطراب، والتناقض في شرحه للاعتقاد.

* ولو أردت في هذا الكتاب، تعقب: «السماري»، بشيء أكثر مما أوردته؛ لتضاعف أكثر من ذلك، ولكن الردود التي ذكرتها، تكفي: اللبيب، وتنبه: الغافل الجاهل.

ﭑ ﭑ ﭑ

    

ذكر الدليل على كفر من ترك الأصول،

بسبب جهله، أو عدم فهمه في الدين، وأنه لا يعذر بذلك،

مهما كان جهله، وفهمه؛ لحدود الله تعالى، وأحكامه، وفرائضه،

وفي هذا نقض لشبهة: «منصور السماري»

الذي يعذر الجهال في تركهم، لحدود، وفرائض الله تعالى بالكلية،

وكشف غلوه في إقامة الحجة، والعلم بها.

 

*  قال تعالى: ] ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون [ [البقرة: 78].

يعني: أن الأمي الجاهل اذا بلغه الكتاب من قرآن، أو أهل الكتاب من قبلنا، فيقرأه، ولكنه لم يتبعه، ويعمل به؛ بسبب إعراضه عن تعلمه وفهمه، فهو: يتلوه قراءة، دون فهم، وتعلم، وعمل، فهو محاسب، والحجة :قائمة عليه مع جهله في هذه الحياة.

فعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني [[البقرة: 78]؛ قال: (أمثال البهائم، لا يعلمون شيئا). وفي رواية: (لا يعلمون الكتاب، ولا يدرون ما فيه).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (79)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص154) من طريق معمر، وابن أبي عروبة؛ كلاهما: عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعلقه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص152).

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص153): (يعني بـ«الأميين»، الذين لا يكتبون ولا يقرءون). اهـ

 وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص154): (القول في تأويل قوله تعالى: ]لا يعلمون الكتاب إلا أماني [ [البقرة: 78]؛ يعني بقوله: ]لا يعلمون الكتاب[؛ لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزله الله ولا يدرون ما أودعه الله من حدوده وأحكامه وفرائضه كهيئة البهائم).اهـ

وقال الإمام الطرطوشي / في «الحوادث والبدع» (ص 99): (وقد قال الله تعالى فيمن يحفظ الكتب المنزلة من السماء، ولا يعلم أحكامها وحلالها وحرامها: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون[ [البقرة: 78]؛ كانوا يحفظون التوراة ولا يعلمون ما استودع الله تعالى فيها من الحكم والعبر، فوصفهم الله تعالى بأنه ليس عندهم من ذلك إلا أماني، والأماني: التلاوة. وقال تعالى: ]مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا[ [الجمعة:5]؛ فشبه تالي القرآن من غير أن يفهمه كمثل الحمار يحمل أسفارا... قال الله العظيم: ]والصبح إذا أسفر[ [المدثر:43]؛ لأن الكتاب يسفر عما استودعته فيه؛ فكما أن الحمار يحملها ولا يدري ما فيها، كذلك التوراة والإنجيل إذا دلتهم على نبوة محمد r، ثم لم يقروا به، ولم يعملوا بما فيها من الدلالة على نبوته؛ لم ينفعهم حفظها. فدخل في عموم هذا من يحفظ القرآن من أهل ملتنا، ثم لا يفهمه، ولا يعمل بما فيه... فبئس مثل القوم.

وأيضا؛ فقد قال الله تعالى: ]قل ياأهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم[ [المائدة:68]؛ قال سفيان: «ليس في كتاب الله تعالى آية أشد علي من قوله تعالى: ]قل ياأهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل[، وإقامتها: فهمها والعمل بها).اهـ

وقال الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب / في «الدرر السنية» (ج13 ص22): (قال تعالى: ]مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا[ [الجمعة: 5]؛ ذكر ابن القيم /: أن هذه الآية ولو نزلت في أهل التوراة، فالقرآن كذلك لا فرق بينهما، وكذلك ذم القراء الذين يقرؤون بلا فهم معنى، وفيهم قوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ أي: تلاوة بلا فهم، والمراد من إنزال القرآن: فهم معانيه والعمل، لا مجرد التلاوة).اهـ

وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله في «إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان» (ص 44): (وقد ذم الله الذين يقرؤون القرآن بلا فهم معناه، فقال تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ أي: تلاوة بلا فهم، والمراد من إنزال القرآن فهم معانيه والعمل به لا مجرد التلاوة). اهـ

وقال أيضا الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله في «إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان» (ص 48): (وقد ذم الله من اقتصر على التلاوة من غير تفهم فقال سبحانه في اليهود: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون[ [البقرة: 78]؛ أي: يتلونه تلاوة مجردة عن الفهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير الفاتحة و البقرة» (ص 267): (قوله تعالى: ]ومنهم[؛ أي: من اليهود، ]أميون[؛ أي: بمنزلة الأميين؛ والأمي: من لا يعرف أن يقرأ، ولا أن يكتب؛ ] لا يعلمون الكتاب إلا أماني[؛ أي: إلا قراءة بدون فهم للمعنى، ومن لم يفهم المعنى فهو في حكم من لا يعرف القراءة؛ لأنه لا يستفيد شيئا بقراءته، ]وإن هم إلا يظنون[؛ أي: ما هم إلا يظنون، لأن الإنسان الذي لا يعرف إلا اللفظ؛ ليس عنده علم.

* الفوائد:

1) من فوائد الآية: أن الأمية يوصف بها من لا يقرأ، ومن يقرأ ولا يفهم؛ لقوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78].

2) ومنها: ذم من لا يعتني بمعرفة معاني كتاب الله عز وجل .

3) ومنها: أن من لا يفهم المعنى فإنه لا يتكلم إلا بالظن؛ لقوله تعالى: ]وإن هم إلا يظنون[ [البقرة: 78]؛ العامي يقرأ القرآن من أوله إلى آخره، لكن لا يفهم معناه؛ فإذا تكلم في حكم من أحكام الله الشرعية التي دل عليها الكتاب فإنما كلامه عن ظن؛ لأنه في الحقيقة لا يعلم؛ ولا يمكن أن يعلم إلا إذا فهم المعنى .

4) ومنها: ذم الحكم بالظن، وأنه من صفات اليهود؛ وهذا موجود كثيرا عند بعض الناس الذين يحبون أن يقال عنهم: «إنهم علماء»؛ تجده يفتي بدون علم، وربما أفتى بما يخالف القرآن، والسنة وهو لا يعلم .

5) ومنها: أن المقلد ليس بعالم؛ لأنه لا يفهم المعنى؛ وقد قال ابن عبد البر: «إن العلماء أجمعوا أن المقلد لا يعد في العلماء»؛ وهو صحيح: المقلد ليس بعالم؛ غاية ما هنالك أنه نسخة من كتاب؛ بل الكتاب أضبط منه؛ لأنه قد ينسى).اهـ

قلت: فكذلك يدخل في هذه الآية مسألة تقليد الجهال: لعلمائهم الضالين، فهم لا يعذرون في وقوعهم في الشرك: بتقليدهم لرؤوسهم.

قال الإمام ابن أبي زمنين / في «تفسير القرآن العزيز» (ج1 ص153): (قوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ يعني: أحاديث ما يحدثهم قراؤهم به فيقبلونه، ]وإن هم إلا يظنون[ [البقرة: 78]؛ أي: هم على غير يقين إن صدقت قراؤهم: صدقوا، وإن كذبت قراؤهم: كذبوا).اهـ

وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسيره» (ج1 ص118): (قوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ يقول: من اليهود من لا يقرأ التوراة إلا أن يحدثهم عنها رءوس اليهود، ]وإن هم إلا يظنون[؛ في غير يقين ما يستيقنون به فإن كذبوا رءوس اليهود أو صدقوا تابعوهم باعترافهم فليس لهم بالتوراة علم إلا ما حدثوا عنها).اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في « تفسير ابن عرفة» (ج1 ص135): (قوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ قال ابن عرفة: يؤخذ منه ذم التقليد لكن في الباطل، ولا نزاع فيه).اهـ

وعن الإمام الحسن البصري / قال: في قوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون [ [البقرة: 78]؛ قال: (هؤلاء ناس من اليهود، لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا، كما قال الله تعالى، فكانوا يتكلمون بالظنون بغير ما في كتاب الله، ويقولون: هو من الكتاب، أماني يتمنونها).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص153)، والثعلبي في «الكشف والبيان» تعليقا (ج1 ص223)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص115) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن بشار ثنا سرور بن المغيرة عن عباد بن منصور عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ قال: (إلا كذبا).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص152)، وابن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص207)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص156) من طريق عيسى، وشبل، وورقاء؛ جميعهم: عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص432).

وعن الإمام مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ قال: (ناس من يهود، لم يكونوا يعلمون الكتاب شيئا، وكانوا يتكلمون بالظن، بغير ما في كتاب الله تعالى، ويقولون: هو من كتاب، أماني يتمنونها).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج2 ص157) من طريق الحسين، حدثني حجاج بن محمد المصيصي، عن ابن جريج عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن. 

قلت: هذا من التمني، وهي أمانيهم الباطلة في العبادة، التي تمنوها على الله تعالى. ([320])

* مثل؛ قولهم: ]لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم[ [البقرة:111].

* وقولهم: ]لن تمسنا النار إلا أياما معدودة[ [البقرة:80].

وعن الإمام قتادة / قال: في قوله تعالى: ]إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ قال: (يتمنون على الله تعالى ما ليس لهم). وفي رواية: (يتمنون على الله تعالى الباطل، وما ليس لهم).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص50)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص157) من طريق معمر، وسعيد بن أبي عروبة؛ كلاهما: عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

 وعلقه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص152).

وقال المفسر ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج1 ص263): (فمعنى الآية: أنهم لا يعلمون الكتاب؛ إلا سماع شيء يتلى، لا علم لهم: بصحته). اهـ

* وعلق شيخ الإسلام ابن تيمية / في «تفسير القرآن» (ج1 ص248)؛ على قول : أبي روق الهمداني: «تلاوة، وقراءة على ظهر القلب، ولا يقرؤونها في الكتب»، وعلى قول الكلبي: «إلا ما تحدثهم بهم علماؤهم» بقوله: (ففي هذا القول -قول: أبي روق- وقول: الكلبي، جعل الأماني: ما يسمعونه من تلاوة علمائهم، وكلا القولين حق.

* والآية: تعمهما؛ فإنه تعالى قال: ]لا يعلمون الكتاب[ [البقرة: 78]؛ لم يقل: لا يقرءون، ولا يسمعون.

* ثم قال تعالى: ]إلا أماني[؛ وهذا استثناء منقطع، لكن يعلمون أماني؛ إما بقراءتهم لها، وإما بسماعهم قراءة غيرهم، وإن جعل الاستثناء متصلا، كان التقدير: لا يعلمون الكتاب؛ إلا علم أماني، لا علم تلاوة فقط، بلا فهم). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص160): (قوله تعالى: ]لا يعلمون الكتاب إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ بأنه استثناء منقطع؛ لكونه الأماني: من غير نوع الكتاب.

* ونظير ذلك؛ قوله تعالى: ]ما لهم به من علم إلا اتباع الظن[ [النساء:157]؛ والظن من العلم بمعزل، وبين أن معنى الآية: -بناء على كون الاستثناء منقطعا- هو: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب، لكن أماني؛ يعني: لكنهم: يتمنون). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «تفسير القرآن» (ج1 ص252): (قوله تعالى: ]إلا أماني[ [البقرة: 78]؛ أي: تلاوة، فهم لا يعلمون فقه الكتاب، إنما يقتصرون على ما يسمعونه يتلى عليهم، والأماني: جمع أمنية، وهي: التلاوة.

* وقوله تعالى: ]وإن هم إلا يظنون [ [البقرة: 78]؛ فدل على أنه ذمهم على نفي العلم، وعلى أنه ليس معهم؛ إلا الظن، وهذا حال الجاهل بمعاني الكتاب). اهـ

قلت: وعلماؤهم يحرفون معاني الكتاب، ويحرفون الكلم عن مواضعه، لمن لم يعرفه، ويقولون: هو من الكتاب، وما هو من الكتاب. ([321])

وعن الإمام قتادة / قال: في قوله تعالى: ]وإن هم إلا يظنون [ [البقرة: 78]؛ قال: (يظنون: الظنون بغير الحق).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج2 ص162) من طريق يزيد قال: حدثنا سعيد عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعلقه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص152).

قلت: فويل لأهل البدع بجميع أنواعهم في هذا الزمان الذين يؤلفون الكتب البدعية، لأتباعهم الجهلة([322])، ليضلوهم، بهذه الكتب المشبوهة، ثم يقولون: لأتباعهم، بصحة هذه الكتب في الدين، وأنها موافقة: للكتاب، والسنة، والسلف، وهي مخالفة لها، جملة وتفصيلا.

قال تعالى: ]فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون[ [البقرة: 79].

قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.([323])

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا). ([324])

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

    

فتاوى

الإمام أحمد بن حنبل / في بطلان حكم: «منصور السماري»، الذي لا يكفر إلا بالجحود في الصلاة وفي غيرها من الفرائض

 

عن الحسن بن علي الإسكافي قال: قال أبو عبد الله في تارك الصلاة: لا أعرفه، إلا هكذا في ظاهر الحديث([325])، فأما من فسره جحودا، فلا نعرفه، وقد قال عمر t: حين قيل له: الصلاة، قال: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام الملل والردة» (ص471) من طريق يوسف بن عبدالله الإسكافي: أن الحسن بن علي الإسكافي قال: قال أبو عبدالله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وهذا يدل على أن الإمام أحمد /، يرد قول من لا يكفر إلا بالجحود.

ﭑ ﭑ ﭑ

    

ذكر الدليل

 على كفر تارك الصلاة، في دار الإسلام،  لأن الحجة قد قامت عليه، حتى لو نطق بالشهادتين،  وقد أجمع الصحابة y على كفر تارك الصلاة،  وهذا فيه نقض غلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على الناس

 

*  قال منصور السماري الجاهل: (إذا لم يصل العبد، فليس بمسلم، بيان كفر تارك الصلاة ([326])، ولماذا شدد السلف في هذه المسألة، وكفروا لمن ترك الصلاة، لأنها من أبرز الأمور، التي تبين الفرق بيننا، وبين المرجئ!.

* لكن في إقامة الحجة على تارك الصلاة، هنا نحتاج إلى إقامة الحجة، لأن هذا الأمر قد يخفى عليه، أن ترك الصلاة: كفر، فلابد من إقامة الحجة عليه ([327])، ودعوته، وغير ذلك، هذا هو الراجح عندي.

* والمرجئة: دخلت عليهم الشبهة ([328])، لذلك؛ أقول: إما أن يكون غلط، فدخلت عليه الشبهة، أو هو: مرجئ.

* طيب؛ يعني: «المرجئة» الباقين، لا يكفرون بترك الصلاة، نقول: لا، دخلت عليهم: الشبهة ([329])، هم: «مرجئة» أصلا، فالمرجئة؛ كلهم: لا يكفرون تارك الصلاة، لأنهم: لا يكفرون بترك العمل.

* أما من غلط، من أهل السنة، فنقول: قد دخلت عليه شبهة: «المرجئة»، أو أنه غلط، غلط في ذلك) ([330]). اهـ كلام السماري.

* فانظر: إلى التناقض في أقواله، والتناقض في ألفاظه.

ولقد بناها على زخم هائل من التلبيس، والتحريف في النقول.

قلت: وهذه التناقضات، جادة، مطروقة: لدى من تشربت نفوسهم بالجهل والهوى.

ومن نظر في كتب المبتدعة؛ عرف قدم هذه التناقضات المضلة([331])، وتتابع أهل أهواء، والبدع عليها.

قلت: وأئمة الحديث، لم يعذروا تارك الصلاة؛ بتركها: وبعدم فعلها، بل كفروا تارك الصلاة في دار الإسلام، ولم يلتفتوا، هل قامت عليه الحجة، أم لا، لأن في الأصل: قد قامت عليه الحجة بالرسالة.

وإليك الدليل:

عن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ بغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص82)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبدالله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): (بني الإسلام على خمس؛ أي: أركان، أو أشياء، (على خمس)؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص103): «باب الصلاة من الإيمان».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([332]) اهـ

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص224)؛ باب: وجوب الزكاة، وقول الله تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص225)؛ باب: البيعة على إيتاء الزكاة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وبوب الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص406)؛ باب كفر تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «كشف الشبهات» (ص12): (اعلم أن من ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فهو كافر؛ بإجماع المسلمين).اهـ

وقال الإمام الحكم بن عتيبة /: (من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا، فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا، فقد كفر). ([333])

قال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون[ [النور:56].

وقال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وعن ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس، لما قدموا على رسول الله r، أمرهم: بالإيمان بالله، فقال: «أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال r: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (53)، و(87)، و(523)، و(4368)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص47)، وأبو داود في «سننه» (4677)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص464)، وفي «الإيمان» (ص202)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (20)، وابن منده في «الإيمان» (21)، والخلال في «السنة» (1100)، و(1094)، والمخلص في «المخلصيات» (124)، و(3095)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص177 و178)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص249)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1583)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص72)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة التوحيد» (ص72)، وابن البخاري في «مشيخته» (87)، و(175)، والقاضي أبو يعلى في «الإيمان» تعليقا (16)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1279)، واللالكائي في «الاعتقاد) (1295)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص10)، وابن المؤذن في «فوائد مخرجة عن الشيوخ» (ق/20/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (932)، وأبو عبدالله البرزالي في «سلوك طريق السلف» (15)، والنعال في «المشيخة» (ص141)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61 و62)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص110 و111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1078)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ص31)، والمراغي في «المشيخة» (ص167 و168 و169)، وابن أبي الفتح الصوري في «حديثه» (ص674)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104) من طريق شعبة، وحماد بن زيد، وقرة؛ جميعهم: عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس به.

وقال الحافظ أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61): «بيان: صفة الإيمان، والإسلام، وأنه أداء الفرائض، واجتناب المحارم».

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص535): (قد أعلم r في هذا الحديث: أن: «الصلاة»، و«الزكاة» من الإيمان، وكذلك: «صوم رمضان»، و«إعطاء خمس الغنيمة»). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص642)؛ سياق ما روي عن النبي r في أن دعائم الإيمان، وقواعده، شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان.

وعن جابر t قال: قال رسول الله r: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة)، وفي رواية: (ليس بين العبد، وبين الشرك: إلا ترك الصلاة)، وفي رواية: (بين الإيمان والكفر: ترك الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82 و88)، وأبو داود في «سننه» (4678)، والترمذي في «سننه» (620)، والنسائي في «السنن الكبرى» (328)، وفي «المجتبى» (464)، وابن ماجه في «سننه» (1078)، وأحمد في «المسند» (ج23 ص365)، وفي «الإيمان» (ص258 و259)، والآجري في «الشريعة» (ص133)، وإبراهيم بن عبدالصمد الهاشمي في «الأمالي» (15)، و(16)، وفي «الهاشميات» (ق/188/ط)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1589)، و(1590) والبوشنجي في «المنظوم والمنثور» (ص37)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31033)، وفي «الإيمان» (44)، و(45)، والدارمي في «المسند» (1233)، والخلعي في «الخلعيات» (ص307)، والفزاري في «القدر» (ق/89/ط)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص60 و62)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (810)، و(811)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص365 و366)، وفي «السنن الصغرى» (560)، وفي «شعب الإيمان» (2793)، وفي «الخلافيات» (3005)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (870)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص229)، وضياء الدين المقدسي في «منتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص611)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص469)، ومحمد بن إسحاق النيسابوري في «المناهي» (ق/171/ط)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/89/ط)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1926) من طريق أبي سفيان، وأبي الزبير، كلاهما: عن جابر بن عبدالله به.

قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ في هذا الحديث فقط.

* وقد تكلم الحافظ أبو حاتم، والحافظ أبو زرعة عن بعض طرقه، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (298)، و(1938).

* وكذا الحافظ الدارقطني في «العلل» (3253)، ثم قال: (ورفعه صحيح، وهو محفوظ عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله مرفوعا).

* ومعنى الحديث: أن الصلاة، حائل بينه، وبين الكفر، فإذا تركها زال الحائل، ودخل فيه، يعني: في الكفر. ([334])

قلت: والمراد بالكفر هنا، هو الكفر الأكبر، وهو المخرج من دين الإسلام.([335])

* فالنبي r جعل الصلاة حدا، فاصلا: بين الكفر، والإيمان، وبين المؤمن، والكافر.

والصلاة ركن من أركان الإسلام فوصف الشارع تاركها بالكفر الذي يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام، لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام.([336])

قال البوشنجي / في «المنظوم والمنثور» (ص37):

قد روينا عن النبي حديثا

 

 

خصه الله بالتقى والصلاة

ليس بين الإنسان والكفر شيء

 

 

غير ترك الهدى بترك الصلاة

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

قلت: فهذه الأحاديث، كلها تدل على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من المله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص76): (الكفر المطلق: هو الكفر الأعظم، المخرج عن الملة؛ فينصرف الإطلاق إليه... أنه بين: أن الصلاة، هي العهد الذي بيننا، وبين الكفار، وهم: خارجون عن الملة، ليسوا داخلين فيها، واقتضى ذلك: أن من ترك هذا العهد، فقد كفر، كما أن من أتى به، فقد دخل في الدين، ولا يكون هذا؛ إلا في الكفر المخرج عن الملة). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص1003): (فهي([337]): أشهر معالم التوحيد: منارا، بين ملة الإسلام، وملة الكفر، لن يستحق دين الإسلام، ومشاركة أهل الملة، ومباينة ملة الكفر؛ إلا بإقامتها، فإن تركتها العامة، انطمس منار الدين كله، فلا يبقى للدين رسم، ولا علم يعرف به). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص267): (فلا عمل بعد توحيد الله تعالى، أفضل من الصلاة لله؛ لأنه افتتحها بالتوحيد، والتعظيم لله: بالتكبير). اهـ

وبوب عليه الإمام أبو داود في «السنن» (4 ص219)؛ باب: في رد الإرجاء.

وبوب عليه الإمام الآجري في «الشريعة» (ج2 ص644)؛ في كتاب الإيمان، والرد على المرجئة: ذكر كفر من ترك الصلاة.

وبوب الإمام أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61)؛ بيان أفضل الأعمال، والدليل على أن الإيمان: قول وعمل، وأن من ترك الصلاة، فقد كفر، والدليل على أنها أعلى الأعمال، إذ تاركها يصير بتركها كافرا.

قلت: فالعهد الذي بيننا، وبينهم الصلاة؛ فمن تركها، فقد كفر([338])، بل بين العبد، وبين الشرك، ترك الصلاة، فإذا تركها، فقد أشرك.([339])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص47): (وبهذا علم: أن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، إذ لو كان فسقا، أو كفرا دون كفر، ما انتفت الأخوة الدينية به، كما لم ينتف بقتل المؤمن وقتاله). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص265): (الإسلام هو قول وعمل واعتقاد، ولا يتم الإسلام إلا بهذا، لا بد أن ينطق الإنسان بالشهادتين، ولابد أن يعتقد الإنسان أن هذا حق، ولا بد أن يعمل الإنسان أيضا بفرائض الإسلام، كالصلاة، وأداء الزكاة، والصوم، والحج، وما إلى ذلك من الأمور التي شرعها الله عزوجل على لسان سيد الأولين والآخرين، ولا يتم الإسلام إلا بهذه الأمور مجموعها).اهـ

وعن عروة بن الزبير؛ أن المسور بن مخرمة t، أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t، من الليلة التي طعن فيها، فأيقظ عمر t، لصلاة الصبح، فقال عمر بن الخطاب t: (نعم: ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى عمر، وجرحه يثعب دما).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص81)، و(ق/26/ط)، وأحمد في «الإيمان» (1381)، وفي «الزهد» (ص154)، وفي «المسائل» (ج1 ص192 و193 رواية: ابنه عبدالله)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص25)، وفي «الإيمان» (103)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص44)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص157)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350)، والحدثاني في «الموطأ» (ص81)، وإسماعيل بن إسحاق في «مسند مالك بن أنس» (39)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص357)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص385 و386)، والقعنبي في «الموطأ» (ص109)، والخلال في «أحكام أهل الملل» (1386)، وفي «السنة» (ج4 ص145)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص675)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص670 و671)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص825)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص132)، من طريق عبدالله بن نمير، ووكيع، ومالك؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الشيخ الألباني / في «إرواء الغليل» (ج1 ص226): (هذا سند صحيح على شرط الشيخين).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): (فثبت عن عمر، قوله: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

وقال الشيخ الألباني / في «تعليقه على الإيمان» (ص34): (والأثر صحيح: الإسناد على شرط الشيخين).

وذكره الذهبي في «الكبائر» (ص117).

قلت: وقد نقل غير واحد من أهل العلم: إجماع الصحابة y، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين من تركها كسلا، وتهاونا، أو تركها جحودا. 

قلت: وتأول عدد من المتأخرين أثر عمر بن الخطاب t؛ فقالوا: «أراد أنه لا كبير حظ له»، و«لا حظا كاملا له في الإسلام»؛ يعني: ليس له الإسلام التام. ([340])

وعن عبد الله بن مسعود: (من لم يصل فلا دين له). وفي رواية: (من ترك الصلاة، فلا دين له).

أثر صحيح

أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص601 و602)، وفي «المسائل» (393)، والخلال في «السنة» (1385)، و(1387)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (886)، و(888)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (936)، (937)، و(938)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8939)، و(8940)، (8941)، (8942)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31036)، وفي «الإيمان (ص280)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1327)، و(1328)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1924)، والعدني في «الإيمان» (ص163)، وابن المنذر في «الأوسط» (25)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص216)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225) من طريق سفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وابن الجعد، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع، وشريك النخعي، وشيبان أبي معاوية، عن عاصم بن أبي النجود، وعبدالرحمن المسعودي، عن عبدالرحمن بن عبدالله، والقاسم بن عبدالرحمن، والحسن بن سعد الهاشمي، وزر بن حبيش؛ جميعهم: عن عبدالله بن مسعود t.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وهذا الأثر حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص370)، وفي «الضعيفة» (ج1 ص251).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): «وثبت عن ابن مسعود أنه قال: ما تارك الصلاة بمسلم».

* فأثبت الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283)؛ أن عبدالله بن مسعود t، يرى كفر تارك الصلاة؛ بقوله: «ما تارك الصلاة بمسلم».

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص224): (وتقرير هذا الخطاب: في هذا الحديث، أن أحدا لا يكون مسلما؛ إلا أن يصلي؛ فمن لم يصل، فليس: بمسلم). اهـ

ونقل الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص225)؛ عن الصحابة y: تكفير تارك الصلاة، قالوا: من لم يصل، فهو كافر.

قلت: فـ«منصور السماري» هذا يصحح: إيمان العبد، بمجرد إتيانه بالشهادتين، ولو ترك الصلاة، وسائر أركان الإسلام!.

قلت: وثبت في الكتاب والسنة: تكفير تارك الصلاة، وعلى ذلك أجمع أصحاب رسول الله r، والتابعون لهم بإحسان.

وقال العلامة الشيخ أبا بطين / في «الرسائل والمسائل النجدية» (ج1 ص659): (والمرتد: هو الذي يكفر بعد إسلامه: بكلام، أو اعتقاد، أو فعل، أو شك.

* وهو قبل ذلك يتلفظ بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، فإذا أتى بشيء: مما ذكروه: صار مرتدا، مع كونه يتكلم بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، ولا يمنعه: تكلمه بالشهادتين، وصلاته، وصمه، من الحكم عليه بالردة، وهذا ظاهر بالأدلة من الكتاب، والسنة، والإجماع). اهـ

وعن عبدالله بن شقيق العقيلي / قال: (كان أصحاب محمد لايرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الترمذي في «سننه» (2622)، ومحمد المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (948)، والبغوي تعليقا في «شرح السنة» (211) من طريق قتيبة بن سعيد قال: حدثنا بشر بن المفضل عن سعيد الجريري عن عبدالله بن شقيق العقيلي به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، على شرط الشيخين، وسعيد الجريري، وإن كان اختلط([341])، إلا أنه قد سمع منه بشر بن المفضل الرقاشي قبل الاختلاط.([342])

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص425)؛ عن الجريري:(وما أخرج البخاري من حديثه إلا عن عبد الأعلى، وعبد الوارث، وبشر بن المفضل، وهؤلاء سمعوا منه قبل الاختلاط). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ص313)؛ عن الجريري: (وممن سمع منه قبل أن يختلط: الثوري، وابن عليه، وبشر بن المفضل). اهـ

وأثبت الحافظ ابن عدي / في «الكامل» (ج3 ص1228)؛ أن بشر بن المفضل سمع من الجريري قبل الاختلاط.

وقد أقره العلامة المقريزي في «مختصر الكامل» (ص388).

قلت: ويزداد قوة:

قال العلامة ابن الكيال / في «الكواكب النيرات» (ص184): (وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل). اهـ

قلت: وهذا يدل أن بشر بن المفضل سمع من سعيد الجريري قبل الاختلاط، وهو من رجال الإمام البخاري /، والإمام مسلم /.([343])

 قلت: ويؤكد هذا الأصل؛ قول الإمام أبي داود / حيث قال: (أرواهم عن الجريري؛ إسماعيل ابن علية، وكل من أدرك أيوب؛ فسماعه من الجريري جيد).([344])

قلت: والمراد كل من سمع من أيوب، وبشر بن المفضل قد ثبت سماعه من أيوب.

قلت: وعبد الله بن شقيق العقيلي /، تابعي كبير، عده الحافظ ابن سعد في «الطبقة الأولى» في كتابه: «الطبقات الكبرى»: (ج7 ص126)؛ من تابعي أهل البصرة، سمع من ثلاثة عشر صحابيا؛ منهم كبار الصحابة؛ كعمر، وعثمان، وعلي، وأبي ذر y، وأدرك المئات من الصحابة.

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص37)؛ معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (فذكر: أنهم مجمعون على أن ترك الصلاة: كفر، ولم يقولوا: بشرط أن ينكر وجوبها، أو يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص241): (فهذا يدل على أن تركها: كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص276): (فذكر: ([345]) إجماع الصحابة y: على أن تارك الصلاة: كافر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص291): (والراجح: أنه كافر، كفرا أكبر). اهـ

قلت: وكلام عبدالله بن شقيق صيغته أن هذه المقاله اجتمع عليها الصحابة y، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r...) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك.

قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص372) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك). اهـ

وقال العلامة المباركفوري / في «تحفة الأحوذي» (ج7 ص309): (قول عبدالله بن شقيق هذا ظاهره يدل على أن أصحاب رسول اللهr  كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر، والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة y). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص75): (هذا إجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص265) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

ونقل إجماع الصحابة y على كفر تارك الصلاة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص15)، ونقله كذلك شيخنا ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص134).

قلت: فانظر، كيف يغفل: «السماري» عن هذا التحقيق كله ويطويه؛ زاعما: أنه لابد من إقامة الحجة على تارك الصلاة، فلا قوة إلا بالله.

* فهل يقال بعد هذا كله، أنه لا نكفر تارك الصلاة، إلا بعد إقامة الحجة عليه، والحجة قد قامت عليه في دار الإسلام. 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على كفر من ترك الزكاة، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الزكاة كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبها، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام

 

 

* القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن العبد لا يثبت له حكم الإيمان، إلا بالعمل مع التصديق، من تأدية: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج».

قلت: وهذا هو الإيمان الذي أوجبه الله تعالى على الخلق، وهو تصديق، واعتقاد القلب، وإقرار وقول باللسان، وعمل بالجوارح. ([346])

قال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص405): (وذلك خلاف مقالة: «المرجئة»، الذين حجبت عقولهم، وصرفت قلوبهم، وحرموا البصيرة، وخطئوا طريق الصواب). اهـ

وإليك الدليل:

(1) عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة t، قال: لما توفي رسول الله r، واستخلف أبو بكر t بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب t لأبي بكر t: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال: لا إله إلا الله؛ فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟» فقال أبو بكر t: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله r، لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب t: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق).([347])

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص262)، و(ج12 ص275)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص51 و52)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص93)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص3 و4)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج7 ص5)، وفي «المجتبى» (ج5 ص14 و15)، و(ج6 ص5)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص423)، والشافعي في «المسند» (3822)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص164 و380 و382)، وأبو عبيد في «الأموال» (ص24)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص512)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص372)، والبيهقي في «السنن الصغرى» (ج2 ص78 و79)، و(ج3 ص271)، وابن جماعة في «مشيخته» (ج2 ص558)، وابن بلبان في «تحفة الصديق» (ص39)، والبغوي في «شرح السنة» (ج5 ص488)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص833)، وابن زنجويه في «الأموال» (ص116)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص70 و71)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص70 و71)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج3 ص82) من طريق الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبدالله بن عتبة عن أبي هريرة t به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقوله: (وكفر من كفر من العرب)، هذا الكفر عام، في مانعي الزكاة، وفي غيرهم، وهو الكفر المخرج عن الملة.

قلت: وأبو بكر الصديق t، لم يفرق بين من ترك الصلاة، فيكفر، فكذلك عنده من ترك الزكاة، فيكفر مطلقا، ولا فرق([348]) بينهما في: الكفر، والقتال.

* لذلك، لم يكتف أبو بكر الصديق رضي الله عه، بقولهم: «لا إله إلا الله»، بدون عمل الزكاة، وغيرها من الأعمال، وقتالهم لمنعهم الزكاة، لأنه t، اعتبرهم من الكفار، في عدم تأديتهم الزكاة، وإنكانوا يقرون بوجوبها، ويقولون: «لا إله إلا الله»، ويصلون الصلوات المفروضة، فهم: كفار بذلك.

* فقال أبو بكر الصديق t: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال».

* وقد وافق الصحابة كلهم؛ لأبي بكر الصديق t، حتى قال عمر بن الخطاب: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق».

* وذكره عبد الحق الإشبيلي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص123 و124)، والحميد ي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص116 و117).

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص2538)؛ باب: قتل من أبى قبول الفرائض، وما نسبوا إلى الردة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص502): (كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ من هؤلاء القوم، وغيرهم، فإنه يجب قتالهم، حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائعه.

* كما قاتل أبو بكر الصديقt، والصحابة : مانعي الزكاة، وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر t، لأبي بكر t، فاتفق الصحابة ، على القتال على حقوق الإسلام، عملا بالكتاب والسنة). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «الكبائر» (ص127): (وقد قاتل أبو بكر الصديق t: مانعي الزكاة). اهـ

وبوب الحافظ ابن الجوزي / في «الحدائق» (ج2 ص194)؛ باب: قتال الإمام مانع الزكاة.

(2) وعن طارق بن شهاب قال: (جاء وفد بزاخة([349]): من أسد، وغطفان إلى أبي بكر t يسألونه الصلح، فخيرهم أبو بكر t بين الحرب المجلية([350])، أو السلم المخزية، قال: فقالوا: هذا الحرب المجلية قد عرفنا، فما السلم المخزية؟ قال أبو بكر t: تؤدون الحلقة والكراع([351])، وتتركون أقواما تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه r، والمسلمين أمرا يعذرونكم به، وتدون قتلانا، ولا ندي قتلاكم، وقتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، وتردون ما أصبتم منا، ونغنم ما أصبنا منكم، فقام عمر t فقال: رأيت رأيا، وسنشير عليك، أما أن يؤدوا الحلقة والكراع فنعم ما رأيت، وأما أن يتركوا قوما يتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه r،  والمسلمين أمرا يعذرونهم به، فنعم ما رأيت، وأما أن نغنم ما أصبنا منهم، ويردون ما أصابوا منا فنعم ما رأيت، وأما أن قتلاهم في النار، وقتلانا في الجنة فنعم ما رأيت، وأما أن لا ندي قتلاهم فنعم ما رأيت، وأما أن يدوا قتلانا فلا، قتلانا قتلوا على أمر الله فلا ديات لهم، فتتابع الناس على ذلك). وفي رواية: (فتتابع القول على ما قال عمر بن الخطاب).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص210) مختصرا، وأبو بكر البرقاني في «المخرج على الصحيحين» (ج1 ص131 الجمع بين الصحيحين)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص285) من طريق سفيان عن قيس بن أسلم عن طارق بن شهاب به.

* وذكر عبدالحق الإشبيلي في «الجمع بين الصحيحين» (ج4 ص630)، مختصرا، من رواية البخاري.([352])

* وذكره الحميدي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص130 و131)؛ (اختصره البخاري، وأخرج طرفا منه، وهو قوله لهم: «تتبعون أذناب الإبل([353]) حتى يري([354]) الله خليفة نبيه r، والمهاجرين، أمرا يعذرونكم([355]) به».

قلت: وهؤلاء كانوا قد ارتدوا، ثم تابوا، وأرسلوا وفدهم إلى أبي بكر الصديق t، يعتذرون إليه([356])، فأحب أن لا يقضي فيهم حتى يشاور أصحابه في أمرهم، فقال لهم ما قال.([357])

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المغازي» (ص431) من طريق يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: (لما ارتد من ارتد على عهد أبي بكر t، أراد أبو بكر t: أن يجاهدهم، فقال عمر t: أتقاتلهم، وقد سمعت رسول الله r يقول: «من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، حرم ماله، ودمه؛ إلا بحق، وحسابه على الله»، فقال أبو بكر t: ألا أقاتل من فرق بين الصلاة والزكاة، والله لأقاتلن من فرق بينهما حتى أجمعهما، قال عمر t: فقاتلنا معه، وكان رشدا، فلما ظفر بمن ظفر به منهم، قال: اختاروا مني خطتين: إما حرب مجلية، وإما الخطة المخزية([358])، قالوا: هذه الحرب المجلية قد عرفناها، فما الخطة المخزية، قال: تشهدون على قتلانا أنهم في الجنة، وعلى قتلاكم أنهم في النار، ففعلوا).

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «الفتاوى» (ج28 ص557 و558).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص519): (وقد اتفق الصحابة ، والأئمة بعدهم: على قتال مانعي الزكاة، وإن كانوا يصلون الخمس، ويصومون شهر رمضان، وهؤلاء لم يكن لهم شبهة سائغة، فلهذا كانوا مرتدين: وهم يقاتلون على منعها، وإن أقروا بالوجوب، كما أمر الله تعالى). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص535): (فإن المسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه، كان أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع، مثل: مانعي الزكاة، وأمثالهم ممن قاتلهم الصديق t). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص545): (وقد اتفق علماء المسلمين: على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عنبعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة، فإنه يجب قتالها، إذا تكلموا بالشهادتين، وامتنعوا عن: «الصلاة»، و«الزكاة»، أو «صيام شهر رمضان»، أو «حج البيت العتيق»). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص356): (وأيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله لله، كما قاتل أبو بكر الصديق t، وسائر الصحابة : مانعي الزكاة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص357): (فثبت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام، وإن تكلم بالشهادتين). اهـ

قلت: فأجمع الصحابة على كفر مانعي الزكاة([359])، وقتالهم، فقاتلوهم جميعا، ولم يختلف الصحابة في ذلك.

قال الإمام أبو عبيد / في «الإيمان» (ص39): (وقال تعالى: ]خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها[ [التوبة:103].

* فلو أنهم ممتنعون من الزكاة عند الإقرار، وأعطوه ذلك بالألسنة، وأقاموا الصلاة، غير أنهم ممتنعون من الزكاة، كان ذلك مزيلا لما قبله، وناقضا للإقرار والصلاة، كما كان إيتاء الصلاة قبل ذلك ناقضا لما تقدم من الإقرار، والمصدق لهذا:

* جهاد أبي بكر الصديق t بالمهاجرين، والأنصار على منع العرب الزكاة، كجهاد: رسول الله r: أهل الشرك سواء، لا فرق بينها في سفك الدماء، وسبي الذرية، واغتنام المال، فإنما كانوا مانعين([360]) لها غير جاحدين بها!.

* ثم كذلك: كانت شرائع الإسلام كلها، كلما نزلت شريعة صارت مضافة إلى ما قبلها لاحقة به، ويشملها جميعا اسم الإيمان؛ فيقال لأهله: مؤمنون). اهـ

قلت: فالزكاة أوجب الأركان بعد الصلاة، فمن تركها، فقد كفر.

* فأبو بكر الصديق t، لما ارتد العرب، جاهدهم حتى ردهم إلى الإسلام، وهذا من مناقب أبي بكر الصديق t، وحين اتفقت الصحابة y على رأيه.([361])

* وقد حكى اتفاق الصحابة : على رأيه بعد الاختلاف: ابن قدامة في «المغني» (ج2 ص572 و574)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج12 ص290 و293)، وغيرهما.

قال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص55): (وأخبر أبو بكر t، أنه: إنما يقاتلهم على الصلاة، والزكاة، وأصحاب رسول الله r قاتلوا من منع الزكاة، إذ كانت فريضة من فرائض الله تعالى... فاستحلوا قتالهم)([362]). اهـ

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص414 و554 و555)؛ الإجماع على قتل مقاتلتهم، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم، وأنهم سموهم: أهل الردة.([363])

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الدرر السنية» (ج10 ص179): (فتأمل كلامه وتصريحه: بأن الطائفة الممتنعة عن أداء الزكاة إلى الإمام، أنهم يقاتلون، ويحكم عليهم بالكفر والردة عن الإسلام، وتسبى ذراريهم، وتغنم أموالهم، وإن أقروا بوجوب الزكاة، وصلوا الصلوات الخمس، وفعلوا جميع شرائع الإسلام غير أداء الزكاة، وأن ذلك ليس بمسقط للقتال لهم، والحكم عليهم بالكفر والردة، وأن ذلك قد ثبت بالكتاب والسنة، واتفاق الصحابة y). اهـ

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص231): (أن أبا بكر الصديق t: استحل دماء مانعي الزكاة، وقال: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة، والزكاة»، فقاتلهم على ذلك في جمهور الصحابة ، وأراق دماءهم، لمنعهم الزكاة، وإبايتهم من أدائها). اهـ

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص231): (ألا ترى، أن أبا بكر t، شبه الزكاة بالصلاة، ومعلوم أنهم كانوا: مقرين بالإسلام والشهادة). اهـ

قلت: فأبو بكر الصديق t: قاس قتاله، «لمانعي الزكاة»، بما هو مقرر عندهم من كفر، وقتال: من ترك الصلاة.

قال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ص234): (يدل على: أن من ترك الصلاة؛ فإنه يقاتل؛ لأنها حق البدن.

* فكذلك: من ترك الزكاة التي هي حق المال، وفي هذا إشارة إلى: أن قتال، تارك الصلاة، أمر مجمع عليه، لأنه جعله: أصلا مقيسا عليه). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص95): (والصحابة  : أجمعوا على قتال مانعي الزكاة، والصلاة آكد منها). اهـ

(3) وعن الإمام سفيان بن عيينة / قال: (السيوف أربعة: نزل بها القرآن، ومضت بها السنة، وأجمعت عليها الأمة؛ وذكر: منها، وسيف لأهل الردة على يدي أبي بكر t، وهو قوله تعالى: ]تقاتلونهم أو يسلمون[ [الفتح:16]).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص606) من طريق أحمد بن مسروق الطوسي قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: سمعت سفيان بن عيينة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص687)؛ باب: ذكر ما كان من تفضل الله تعالى، على أمة محمد r؛ بخلافة: أبي بكر t، وقيامه في الردة.

وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص603): (واستخلف: أبو بكر t؛ فقام مقام رسول الله r، في قتال من ارتد من العرب، فلم يزل موفقا رشيدا سديدا، بين الله تعالى أمره، وأظهر فضله، وأعلى ذكره، ومكن له في الأرض، وأظهر دعوته، وأفلج حجته، ورفع درجته، واستوسق به الإسلام). اهـ

(4) وعن أبي الصقر قال: أن أبا عبد الله قال: (من ترك الزكاة ليس بمسلم، هكذا قال ابن مسعود t: «ما تارك الزكاة بمسلم»، وقد قاتل أبو بكر t: أهل الردة على ترك الزكاة، وقال: «لو منعوني عقالا مما أدوا إلى رسول الله r، قاتلتهم»).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة» (ص488)؛ كتاب: «الردة»، باب: «في مانع الزكاة» من طريق محمد بن أبي هارون؛ أن أبا الصقر حدثهم: أن أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(5) وقال الإمام الحسن البصري /: (فقاتل من أدبر، بمن أقبل، حتى دخلوا في الإسلام: طوعا، أو كرها، وبرز: رأي أبي بكر t على رأيهم، وسموا أهل الردة؛ بمنعهم الزكاة، فقالوا: إنا نزكي؛ لكن لا ندفعها إليك، فقال أبو بكر t: «لا والله حتى آخذها، كما أخذها رسول الله r، فأضعها في مواضعها).

 أثر حسن

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص688) من طريق حجاج بن منهال قال: حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص689): (وكان أبوبكر t: وحده بنفسه طائفة، فرأى جهادهم، ومحاربتهم، فأطاع أصحاب رسول الله r: كلهم أمره، ورجعوا إلى رأيه السديد الموفق، فقاتل من عصاه بمن أطاعه، فأعلى الله تعالى أمره، وأظهر نصره، وجمع شمل الإسلام به، فاستأنف بالإسلام مجددة). اهـ

(6) وعن الإمام أحمد / قال: (ولا يصلى خلف، من لم يؤد الزكاة).([364])

(7) وعن الأثرم قال: قيل لأبي عبد الله: تارك الزكاة؟، قال: قد جاء عن النبي r: «ما تارك الزكاة بمسلم»، وأبو بكر t: قاتلهم عليها).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة» (ص488) من طريق محمد بن علي قال حدثنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(8) وعن إسحاق بن منصور أنه قال: (لأبي عبدالله: تقاتل من منع الزكاة؟، قال: نعم. أبو بكر t: قاتلهم حتى يؤدون، قال أبو عبدالله: وأن من منع فريضة فعلى المسلمين، قتاله حتى يأخذوها منه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: «في مانع الزكاة» (ص483) من طريق أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال: لأبي عبدالله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* فلما توفى رسول الله r؛ امتنعت قبائل العرب من دفع الزكاة إلى خليفة رسول الله r: أبي بكر الصديق t.

وقد عظم الخطب، واشتدت الحال، وطمع كثير من الأعراب في المدينة، لكن الصديق t: وقف إزاء هذه المحنة، وقفة قوية، وتصدى لها بكل حزم.

* وجند الجيوش، وعقد الألوية لحرب المرتدين، وإعادتهم إلى حظيرة الإسلام، مع أن عددا من الصحابة، وعلى رأسهم: عمر بن الخطاب t، كانوا يعارضون قتالهم.

فعن أبي هريرة t قال: (لما توفي رسول الله r، واستخلف أبو بكر t بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب t: يا  أبا بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله r: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله... قال أبو بكر t: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة، والزكاة، قال عمر بن الخطاب t: فوالله: ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر: أبي بكر t، للقتال، فعرفت أنه الحق).([365])

* وهكذا كانت وقفة: أبي بكر الصديق t في هذه المحنة؛ تمثل دعامة من دعائم الإسلام، وركيزة من ركائزه المهمة، وقد أعز الله تعالى الإسلام، بأبي بكر الصديق t في محنة مانعي الزكاة.([366])

قلت: ثم إن عمر بن الخطاب t: أقره على كفر تارك الزكاة، وقتاله، وأنه حق، فقال: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر t، للقتال، فعرفت أنه الحق».

* فمن ترك لواحد من أركان الإسلام، فيقاتل، ويكفر، والأركان هي: شهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، و«إقام الصلاة»، و«إيتاء الزكاة»، و«صوم رمضان»، و«حج البيت».([367])

فعن حنظلة بن علي بن الأسقع؛ أن أبا بكر الصديق t، بعث خالد بن الوليد t، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، قال: (ومن ترك واحدة من الخمس، فقاتله، كما تقاتل من ترك الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).([368])

وقال ابن الحيري المفسر / في «الكفاية في التفسير» (ج2 ص86): (وخرج مسيلمة الكذاب، وغلب على اليمامة، وامتنعوا، فشاور: أبو بكر الصديق أصحاب النبي r في قتلهم، فقالت الصحابة: كيف نقاتل قوما؛ يشهدون أن لا إله إلا الله؟، وقال r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»، فقال أبو بكر: الزكاة من حقها. ثم قال: والله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطونها إلى رسول الله r، لقاتلتهم علىها»، فاتفقت الصحابة على قول أبي بكر t، وجمعوا العسكر). اهـ

قلت: فإجماع الصحابة حجة يجب على المسلمين جميعا العمل به، ولا يجوز لهم مخالفته، وهذا هو الاتباع للسلف ومحبتهم، والاقتداء بهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص519): (وممن قاتلهم الصحابة - مع إقرارهم بالشهادتين والصلاة وغير ذلك - مانعي الزكاة كما في «الصحيحين»). اهـ

* وقد بين العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «تبرئة الإمامين الجليلين» (ص172): أن الذين منعوا الزكاة؛ هم: مرتدون، وإن صلوا، وصاموا، وحجوا، وهذا بإجماع الصحابة .

* وقد بين العلامة الشيخ محمد بن عبدالوهاب / في «الدرر السنية» (ج9 ص418)؛ في كفر مانعي الزكاة، وأن الصحابة ، لم يقولوا: أنت مقر بوجوبها، أو جاحد لها، فجعل أبو بكر الصديق t المبيح للقتال، بمجرد المنع، لا جحد الوجوب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص472): (فاتفق أصحاب رسول الله r على قتال أقوام: يصلون، ويصومون، إذا امتنعوا عن بعض ما أوجبه الله عليهم من زكاة أموالهم، وهذا الاستنباط من صديق الأمة، قد جاء مصرحا به). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص231): (وإذا كان السلف، قد سموا مانعي الزكاة: مرتدين، مع كونهم: يصومون، ويصلون، ولم يقاتلوا جماعة المسلمين). اهـ

قلت: فإذا امتنعوا عن أداء الزكاة، مع اعتقادهم لوجوبها، وإقرارهم بها، أنهم يقاتلوا عليها، مع إخراجهم من الإسلام، وقد أجمع الصحابة على ذلك.

فعن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (الاتباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي r وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير). ([369]) أي: عند أختلافهم، فهو مخير بالدليل.

وعن الإمام أيوب السختياني /قال: (إذا بلغك اختلاف عن النبي r، فوجدت في ذلك الاختلاف أبا بكر وعمر، فشد يدك به، فإنه الحق، وهو السنة).([370])

(9) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (لولا أبو بكر t؛ ذهب الإسلام).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص689) من طريق الميموني قال: حدثنا أحمد بن عبدالله بن يونس قال: سمعت وكيعا يقول: فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص689): (وكما قال وكيع: لولا أبو بكر t؛ ذهب الإسلام). اهـ

وقال الإمام أبو عبدالله ابن منده / في «رسالة في بيان فضل الأخبار، وشرح مذاهب أهل الأثر» (ص25): (فلما قبض الله جل وعلا: نبيه r، من بين أصحابه المنتخبة أجمعين، وجمعهم على خيرهم، وأفضلهم في أنفسهم، فقام بأمر الله جل وعلا، وأخذ منهاج رسول الله r، وقال: (والله لو منعوني عقالا، كانوا يؤدونه إلى رسول الله r، لقاتلتهم علىها).

فإن الزكاة واجبة، كالصلاة، فقاتل بمن أقبل من أهل الإسلام من أدبر، منهم: وارتد، حتى راجعوا دينهم، وأطاعوا أمر الله تعالى، وأدوا ما افترض الله عليهم، وأمضى حكم الله عز وجل، ورسوله r، فيمن أبى ذلك، فرضي الله عنه، وعن جميع الصحابة). اهـ

وقال الحافظ الآجري / في «الأربعين» (ص82): (اعلم أنه أول ما بعث النبي r أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن قالها صادقا من قلبه، ومات على ذلك دخل الجنة، ثم فرضت عليهم الصلاة بعد ذلك فصلوا، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال، كلما فرض عليهم فرض قبلوه، مثل: «صيام شهر رمضان»، ومثل: «الزكاة»)، ثم فرض: «الحج على من استطاع إليه سبيلا»، فلما آمنوا بذلك، وعملوا بهذه الفرائض، قال الله عز وجل: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]، فقال النبي r: «بني الإسلام على خمس»؛ فاعلم ذلك؛ فمن ترك فريضة من هذه الخمس، وكفر بها، وجحد بها لم ينفعه التوحيد، ولم يكن مسلما، وقد قال النبي r: «بين العبد، وبين الكفر ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة، فقد كفر»، وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزك ماله؛ فلا صلاة له»، ولما قبض النبي r ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة، وقالوا: نصلي، ونصوم، ولا نزكي أموالنا، فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع جميع الصحابة حتى قتلهم، وسباهم وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار، وقتلانا في الجنة؟» كل ذلك لأن الإسلام: «خمس» لا يقبل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك). اهـ

(10) وعن أبي طالب قال: سألت؛ أبا عبد الله؛ عمن قال: الصلاة فرض، ولا أصلي؟ قال: يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وصلى، وإلا ضربت عنقه، قلت: فرجل قال: الزكاة علي، ولا أزكي؟ قال: يقال له: مرتين، أو ثلاثا: زك؛ فإن لم يزك يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»، كتاب: «الردة»، باب: «في مانع الزكاة» (ص488 و489) من طريق أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص437)؛ بعد أن ساق خلاف العلماء المتأخرين: في كفر مانع الزكاة: (وعن أحمد / ما يدل على أنه يكفر بقتاله عليها، وساق مسألة الميموني في الباب، ثم قال: (ووجه ذلك ما روي أن أبا بكر t، لما قاتلهم، وعضتهم الحرب، قالوا: نؤديها، قال: لا أقبلها حتى تشهدوا: أن قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، ولم ينقل إنكار ذلك عن أحد من الصحابة ، فدل على كفرهم). اهـ

قلت: فبين الإمام أحمد / أن مجرد قتال أبي بكر الصديق t، لمانعي الزكاة، هو كفر لهم، وقد أجمع الصحابة على كفر مانعي الزكاة، لقتال أبي بكر الصديق t لهم، لأن اعتبرهم أهل ردة عن الإسلام. ([371])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص102): (تارك الصلاة، والزكاة: إذا قتل عند أحمد /، فهو عنده من قسم المرتدين، لأنه بالإسلام ملتزم: لهذه الأفعال، فإذا لم يفعلها، فقد ترك ما التزمه، أو لأنها عنده من الغاية التي يمتد القتال إليها، كالشهادتين، فإنه لو تكلم، بإحداهما: وترك الأخرى لقتل). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «الدرر السنية» (ج10 ص495): (وقد أشكل هذا على: عمر بن الخطاب t، فقال: «يا خليفة رسول الله، كيف نقاتل الناس... الحديث»، فقال أبو بكر: ألم يقل: «إلا بحقها»، فإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله r، لقاتلتهم على منعها».

قال عمر بن الخطاب t: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله، قد شرح صدر أبي بكر، للقتال: فعلمت أنه الحق».

* فوافق عمر t، أبا بكر t، واتفق الصحابة ، كلهم على ذلك.

وقاتلوا من منع الزكاة، وأدخلوهم في حكم أهل الردة، فكيف بمن أضاف إلى ذلك: ترك الصلاة، والصيام، والحج، فهذا أولى بالكفر، والردة عن الإسلام، ممن ترك: الزكاة وحدها.

* فناقض ما أجمع عليه أصحاب رسول الله r، من تكفير هؤلاء، وجعلهم: مسلمين، بمجرد التلفظ بالشهادتين). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ / في «الرسائل» (ج1 ص246)؛ عن ترك عمل الجوارح: (هذا من فروع مذهب: «المرجئة»، وهو الرائج في البلدان التي أهلها يدعون الإسلام). اهـ

(11) وعن عبد الله بن عمرو قال: (إن عرى الدين، وقوامه الصلاة، والزكاة، لا يفرق بينهما، وحج البيت، وصوم رمضان).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (10483)، وفي «الإيمان» (124) من طريق محمد بن بشر نا زكريا قال: حدثني حواري بن زياد؛ أن عبد الله بن عمرو t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

(12) وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (الأمر عندنا إن كان قد منع فرائض الله تعالى، فلم يستطع المسلمون أخذها منه، فإن حقا عليهم جهادهم([372])، حتى يأخذوها منه.

* قال حنبل: سمعت أبا عبدالله يقول: (ما فعل أبو بكر، قلت: فما ترى أنت؟، قال: ما أجيب في هذا بشيء، فقد قال مالك: في ذلك، وأمسك أبو عبدالله عن الجواب).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام الملل»، كتاب: «الردة» (ص482) من طريق حنبل قال: حدثنا القعنبي قال: قال مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الخلال عليه في «أحكام الملل» (ص482)، باب: جامع القول في من ترك فريضة من فرائض الله تعالى.

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص502): (من آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، فلم يفرق بين الإيمان، وبين الصلاة والزكاة، فمن لم يؤمن لم تنفعه الصلاة، ومن لم يصل لم ينفعه الإيمان). اهـ

وقال عبدالله بن أحمد في «السنة» (ص361)؛ وجدت في كتاب أبي /، قال: أخبرت أن فضيل بن عياض قال: (وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة، ولا الزكاة، ولا شيء من الفرائض من الإيمان؛ افتراء على الله عز وجل، وخلافا لكتابه، وسنة نبيه r، ولو كان القول؛ كما يقولون: لم يقاتل أبو بكر t: أهل الردة).

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل).

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج1 ص151): (وفي الحديث من الفوائد:

(1) فيه دليل على مراجعة الأكابر، حيث راجع عمر t، أبا بكر t.

(2) وفيه دليل على أن أبا بكر t: أقرب إلى الصواب، من عمر t، بإقرار عمر t، وهو كذلك.

وجهه: قوله t: (فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال)، فلما شرح الله صدره للقتال، واطمأن به، علم أنه الحق، مع أن عمر t كان معارضا في أول الأمر.

(3) وفيه دليل على شدة أبي بكر t، في مواضع الشدة، مع أنه كان ألين من عمر t، لكنه في مواضع الشدة: أقوى من عمر t). اهـ

وقال الإمام أبو يعلى / في «الإيمان» (ص406): (فإنه إجماع الصحابة ؛ وذلك أنهم نسبوا الكفر إلى مانع الزكاة وقاتلوه، وحكموا عليه بالردة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «وجوب الإتباع» (ص306): (وقد أوجب الله تعالى على أهل دينه جهاد من خرج عن شيء يعني: من الدين - حتى يكون الدين كله لله، كما قال تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله[ [التوبة:11].([373])

* فمن خرج عن بعض الدين: إن كان مقدورا عليه، أمر بالكلام فإن قبل، وإلا ضرب، وحبس حتى يؤدي الواجب، ويترك المحرم، فإن امتنع عن الإقرار بما جاء به الرسول r، أو شيء منه ضربت عنقه، وإن كان في طائفة ممتنعة قوتلوا، كما قاتل أبو بكر t وسائر الصحابة مانعي الزكاة مع أنهم كانوا مقرين بالإسلام، باذلين للصلوات الخمس، حتى قال أبو بكر الصديق t: (والله لو منعوني عناقا([374]) كانوا يؤدونها إلى رسول الله r لقاتلتهم على منعها). ([375])([376])

* وكما قاتل علي بن أبي طالب t، ومن معه من الصحابة الخوارج الذين: قال فيهم النبي r: (...فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة). ([377])

* وهؤلاء الخوارج الحرورية هم أول من ابتدع في الدين، وخرج عن السنة والجماعة... فكل من خرج عن كتاب الله، وسنة رسوله r، من سوائر الطوائف فقد وجب على المسلمين أن يدعوه إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r بالكلام، فإن أجاب؛ وإلا عاقبوه بالجلد تارة، وبالقتل أخرى، على قدر ذنبه، وسواء كان منتسبا إلى الدين...). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج21 ص282): (الآثار المرفوعة: في هذا الباب كلها تدل على أن مفارقة الجماعة، وشق عصا المسلمين، والخلاف على السلطان المجتمع عليه، يريق الدم ويبيحه، ويوجب قتال من فعل ذلك. فإن قيل: قد قال رسول الله r: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) فمن قال لا إله إلا الله حرم دمه.

* قيل لقائل ذلك: لو تدبرت قوله في هذا الحديث: «إلا بحقها»، لعلمت أنه خلاف ما ظننت؛ ألا ترى أن أبا بكر الصديق t قد رد على عمر t ما نزع به من هذا الحديث، وقال: «من حقها الزكاة»؛ ففهم عمر t ذلك من قوله وانصرف إليه، وأجمع الصحابة عليه، فقاتلوا مانعي الزكاة، كما قاتلوا أهل الردة([378])، وسماهم بعضهم أهل ردة على الاتساع، لأنهم ارتدوا عن أداء الزكاة.

* ومعلوم مشهور عنهم أنهم قالوا: ما تركنا ديننا، ولكن شححنا على أموالنا، فكما جاز قتالهم عند جميع الصحابة على منعهم الزكاة، وكان ذلك عندهم في معنى قوله   ـ عليه السلام ـ «إلا بحقها»؛ فكذلك من شق عصا المسلمين، وخالف إمام جماعتهم وفرق كلمتهم، لأن الفرض الواجب اجتماع كلمة أهل دين الله المسلمين، على من خالف دينهم من الكافرين، حتى تكون كلمتهم واحدة، وجماعتهم غير مفترقة.

* ومن الحقوق المريقة للدماء المبيحة للقتال: الفساد في الأرض، وقتل النفس، وانتهاب الأهل والمال، والبغي على السلطان، والامتناع من حكمه، وهذا كله داخل تحت قوله: «إلا بحقها»؛ كما يدخل في ذلك الزاني المحصن، وقاتل النفس بغير حق، والمرتد عن دينه). اهـ

وقال الفقيه ابن جزي / في «القوانين الفقهية» (ص121) عن الزكاة: (وهي فرض من قواعد الإسلام: من جحد وجوبها فهو كافر، ومن منعها أخذت منه قهرا، فإن امتنع: قوتل حتى يؤديها). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج14 ص12) بعد ما ذكر حديث: أمرت أن أقاتل الناس -: (فدل هذا الحديث: وما جاء في معناه، على أن الذي يبخل بالزكاة، ويمتنع منها، ويقاتل دونها، ولا يؤديها؛ فإنه يباح قتاله، كما قاتل الصديق t مانعيها؛ لأنه لا يكون معصوم الدم؛ إلا بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ولهذا لما امتنع بعض العرب بعد موت النبي r من الزكاة قاتلهم الصحابة حتى يؤدوها).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص57): (وكذلك مانعوا الزكاة؛ فإن الصديق، والصحابة ابتدءوا قتالهم، قال الصديق: «والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله r لقاتلتهم عليه»؛ وهم يقاتلون إذا امتنعوا من أداء الواجبات، وإن أقروا بالوجوب). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص90): (وإن كانوا طائفة ممتنعة ذات شوكة؛ فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا أداء الواجبات الظاهرة والمتواترة: كالصلاة، والصيام، والزكاة، وترك المحرمات: كالزنا، والربا، وقطع الطريق، ونحو ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص207): (فالواجب على ولي الأمر أن يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين، فإن كان التاركون طائفة ممتنعة: قوتلوا على تركها بإجماع المسلمين، وكذلك يقاتلون على ترك الزكاة، والصيام، وغيرهما، وعلى استحلال المحرمات الظاهرة المجمع عليها، كنكاح ذوات المحارم، والفساد في الأرض، ونحو ذلك، فكل طائفة ممتنعة من التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها، حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج4 ص215): (فسار إليهم أبو بكر t بنفسه حتى لقي أخا بني بدر الفزاري فقاتله معه عمر t، وعامة أصحاب رسول الله r ثم أمضى أبو بكر t خالد بن الوليد t في قتال من ارتد، ومن منع الزكاة معا فقاتلهم بعوام من أصحاب رسول الله r قال ففي هذا الدليل على أن من منع ما فرض الله عز وجل عليه فلم يقدر الإمام على أخذه منه بامتناعه قاتله). اهـ

قلت: ورسول الله r قد أمرنا بقتال الخوارج كما جاء في الأحاديث، بل قد ساوى قتالهم بقتال الكفار.

وهذا قول رسول الله r في الخوارج فما بالك بمن حمل مع بدعة الخوارج بدعا أخرى؟!.

* علما بأن الخوارج كانوا أهل عبادة وتخشع كما وصفهم رسول الله r في الأحاديث، ولكن ما ينفعهم ذلك والأصل فاسد.

ولذلك أقول: يجب على من أتى ببدعة الخوارج أن يستتاب أو يقتل، فإن كان الأمر دون قتله، فيكون الأولى حبسه، أو نفيه إلى أن يموت.

* وهكذا عمل معهم علي بن أبي طالب t، ومن معه من الصحابة في عصره.

فعن عبد الله بن عباس قال: (لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار، وكانوا ستة آلاف، فقلت لعلي t: يا أمير المؤمنين، أبرد بالصلاة، لعلي أكلم هؤلاء القوم... فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم، فقتلوا على ضلالتهم، قتلهم المهاجرون، والأنصار).

حديث حسن

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج5 ص165 و167)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص342)، وأبو داود في «سننه» (4037)؛ مختصرا، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص522)، وأبو عبيد في «الأموال» (444)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج10 ص157)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص150)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص179)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص318)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص91)، والطبراني في «المعجم الكبير» (15098)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص962) من طريقين عن عكرمة بن عمار قال: حدثني أبو زميل قال: حدثني عبدالله بن عباس به.

قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3406).

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج49 ص292) بوجه آخر بنحوه.

والحديث صححه الشيخ أحمد شاكر في «شرح المسند» (ج5 ص67).

قلت: ومما يدل على كفر الخوارج، وتكفيرهم للمسلمين قديما وحديثا، ومن كفر المسلمين، فهو كافر بالنص.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص481)؛ عن الخوارج: (وهم أول من كفر أهل القبلة بالذنوب، بل بما يرونه هم من الذنوب، واستحلوا دماء أهل القبلة بذلك). اهـ

قلت: فلما حصل منهم ذلك اتفق الصحابة الكرام على أنهم كفار، وأنهم المعنيون في الأحاديث عن النبي r، واتفقوا على وجوب قتالهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص481): (ولذلك اتفق على قتالهم الصحابة، والأئمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص483): (فلما شاع في الأمة أمر الخوارج، تكلمت الصحابة فيهم، ورووا عن النبي r الأحاديث فيهم، وبينوا ما في القرآن من الرد عليهم، وظهرت بدعتهم في العامة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص279): (والخوارج هم أول من كفر المسلمين، يكفرون بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله). اهـ

قلت: وهذه الصفات السيئة هي صفات الكفار والعياذ بالله؛ فقد أحدث الخوارج بدعة مكفرة لهم بوصفهم أهل الإسلام بالكفر، يريدون بذلك إخراجهم من الإسلام، وعيبهم، والطعن عليهم، والوقيعة فيهم، والازدراء بهم عند أتباعهم الخوارج.

* فالخوارج تكلموا في تكفير أهل الذنوب من الأمة عموما، فقالوا: بأنهم كفار مخلدون في النار، وأحكامهم في الدنيا أحكام الكفار، ودارهم دار كفر، واستحلوا بذلك دماء المسلمين، وأموالهم، وقتالهم([379])، اللهم غفرا.

فالخوارج تشبهوا بالمشركين، والمبتدعين في رميهم أهل الإسلام، بهذه المعائب التي إذا لم يوجد لها مكان فيهم ردت عليهم.

* بحكم قول رسول الله r: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك». ([380])

* وقول رسول الله r: «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما». ([381])

* وقول رسول الله r: «أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما». ([382])

وعن عبد الله بن مسعود t، قال: (إذا قال الرجل، للرجل: أنت لي عدو، فقد كفر: أحدهما، بالإسلام).

وفي رواية: (فقد خرج: أحدهما، من الإسلام).

وفي رواية:(إذا قال المسلم لأخيه: أنت عدوي، فقد خرج أحدهما من الإسلام).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (315)، و(317)، و(328)، و(329)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص677)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1899)، والخلال في «السنة» (1284) من طريق عبدالرحمن بن يزيد، وقيس، وأبي وائل؛ كلهم: عن عبدالله بن مسعود t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وبتكفيرهم يعني: الخوارج - ذهب علي بن أبي طالب، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وابن عمر، وجميع الصحابة ، والإمام مالك([383])، والإمام أحمد([384]) وغيرهم.

قلت: ولم يثبت عن أحد من الصحابة بعدم تكفيرهم، بل ما نقل لنا عن الصحابة إلا تكفيرهم، ولذلك اتفقوا على قتالهم مع علي بن أبي طالب t لأنهم اعتبروهم في حكم المرتدين، وصرح بذلك أبو أمامة t، وغيره بذلك.

قلت: ويدل على كفر الخوارج، بأنهم كلاب النار؛ لأن هذا اللفظ يدل على تخليدهم فيها، وهذا لا يكون إلا للكفار، والعياذ بالله.

* لذلك ذهب إلى تكفير الخوارج: «الإمام مالك»، و«الإمام أحمد» في رواية وهي الأشهر، و«الحافظ البخاري»، و«الحافظ أبو بكر ابن العربي»، و«الحافظ السبكي»، و«الحافظ أبو العباس القرطبي»، و«الحافظ القاضي عياض»، و«الحافظ النووي»، و«العلامة ابن باز»، و«العلامة الشيخ صالح الفوزان»، وأكثر أهل الحديث على تكفير الخوارج. ([385])

فالحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج12 ص282) أشار إلى تكفير الخوارج في الترجمة، (باب: قتل الخوارج والملحدين([386]) بعد إقامة الحجة([387]) عليهم)؛ وقول الله تعالى ]وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون[ [التوبة:115]، فهذا مقتضى صنيع الحافظ البخاري: حيث قرنهم بالملحدين.

قال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص299): (وإلى ذلك أشار البخاري في الترجمة، بالآية المذكورة فيها، واستدل به لمن قال بتكفير الخوارج، وهو مقتضى صنيع البخاري، حيث قرنهم بالملحدين، وأفرد عنهم المتأولين بترجمة). اهـ

وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص222): (فقد علم العقلاء من المؤمنين، والعلماء من أهل التمييز، أن عليا t: قاتل في خلافته، أهل التأويل([388]) الذين تأولوا في خروجهم عليه، ومن عنده أخذت الأحكام في قتال المتأولين، كما علم المؤمنون قتال المرتدين، حيث قاتلهم: أبوبكر t، على ظاهر التنزيل). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج4 ص501): (واعلم: أن طائفة من الفقهاء([389])، من أصحاب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، جعلوا: قتال مانعي الزكاة، وقتال الخوارج جميعا من قتال: البغاة... وهذا القول خطأ مخالف لقول الأئمة الكبار، وهو خلاف نص: مالك، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم من أئمة السلف، ومخالف للسنة الثابتة عن النبي r). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص504): (وثبتت النصوص عن النبي r، بما استقر عليه إجماع الصحابة y، من قتال الصديق، وقتال الخوارج). اهـ

وقال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص250): (فسمى النبي r: القوم الذين قتلهم علي t: «مارقة»، وسماهم: «خوارج»([390])،... وحلت دماؤهم، وعظمت المثوبة لمن قتلهم). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج4 ص226): (وأهل الردة بعد رسول الله r ضربان:

1) منهم: قوم كفروا بعد الإسلام، مثل: طليحة، ومسيلمة، والعنسي، وأصحابهم.

2) ومنهم: قوم تمسكوا بالإسلام، ومنعوا الصدقات). اهـ

قلت: فإن ذكر: «المرجئة العصرية»، اختلاف عدد من المتأخرين في ذلك، فإجماع الصحابة، والسلف، يحجهم، لأن كفر تارك الزكاة، قد كان في عهد الخلفاء الراشدين، فدل على فساد مذهب: «المرجئة العصرية»، في عدم تكفيرهم لتارك الزكاة، أو بقية المباني. ([391])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص616): (أن من قال من الفقهاء: أنه إذا أقر بالوجوب، وامتنع عن الفعل، لا يقتل، أو يقتل مع إسلامه؛ فإنه دخلت عليه الشبهة، التي دخلت على: «المرجئة»، و«الجهمية»). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص381): (وأمر النبي r بقتال المارقين([392]) منه؛ فثبت عنه r في «الصحاح»... وهؤلاء لما خرجوا في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  t، قاتلهم هو وأصحاب رسول الله r، بأمر النبي r، وتحضيضه على قتالهم، واتفق على قتالهم جميع أئمة الإسلام.

* وهكذا: كل من فارق جماعة المسلمين، وخرج عن سنة رسول الله r، وشريعته من أهل الأهواء المضلة، والبدع المخالفة... فإذا كان على عهد رسول الله r، وخلفائه الراشدين، قد انتسب إلى الإسلام من مرق منه، مع عبادته العظيمة؛ حتى أمر النبي r بقتالهم، فيعلم أن المنتسب إلى الإسلام، أو السنة في هذه الأزمان قد يمرق أيضا من الإسلام والسنة، حتى يدعي السنة من ليس من أهلها، بل قد مرق منها، وذلك بأسباب ). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص286)؛ عن تأويلات التتر: (وليس لهم تأويل سائغ بالكتاب والسنة والإجماع؛ ولكن لهم تأويل من جنس تأويل: مانعي الزكاة، والخوارج، واليهود والنصارى). اهـ

(13) وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: «بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص211)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص183)، وفي «الأربعين» (7)، والخلال في «السنة» (1184)، و(1382)، و(1383)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص174)، ويوسف بن عبدالهادي في «مسألة في التوحيد» (ص71)، وابن أبي الرجاء في «الفوائد الملتفظة والفرائد الملتقطة» (ق/55/ط)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص184 و185 و301)، وفي «التوحيد» (ج2 ص30)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (ج2 ص526)، والنسفي في «القند» (992)،وابن عبد البر في «التمهيد» (ج16 ص160)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص159)، و(ج4 ص128)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص188)، والآجري في «الشريعة» (ص106)، وفي «الأربعين» (ص20)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص164)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج2 ص840)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص308)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص309)، وفي «مسند الشاميين» (ج2 ص283)، وفي «المعجم الأوسط» (2930)، و(6264)، (6533)، وابن صاعد في «حديثه» (ق/142/ط)، والجعبري في «الإفصاح في مراتب الصحاح» (ص70)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج1 ص528)، و(ج2 ص304 و489)، و(ج3 ص310)، و(ج4 ص164 و566)، والحيري؛ تعليقا في «الكفاية في التفسير» (ج6 ص186)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص52 و53)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص261)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص636 و637 و638)، والمؤيد الطوسي في «الأربعين عن المشايخ الأربعين» (ص90)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص418 و419 و420 و421)، والحربي في «الحربيات» (ق/8/ط)، ودانيال في «مشيخته» (ق/88/ط)، والدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (ج2 ص932)، و(ج3 ص1176)، وفي «الأفراد» (1911)، و(2882)، و(2986)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص660)، و(ج4 ص1419)، وأبو يعلى في «المسند» (ج10 ص164)، وابن الجوزي في «مشيخته» ص169 و170)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص319)، وفي «الحدائق» (ج1 ص66)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص59)، وفي «الناسخ والمنسوخ» (ص203)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص283)، وفي «المعجم المختص بالمحدثين» (ص264)، والديلمي في «الفردوس» (ج2 ص30)، وابن أبي عمر العدني في «الإيمان» (ص84)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص151)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص233)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص416 و450)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص295)، وبيبي الهروية في «جزء حديثها» (ص62)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص105)، وأبو حيان الأندلسي في «المنتخب من حديث: شيوخ بغداد» (ص132)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/53/ط)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (480)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص810)، والحسن بن سفيان النسوي في «الأربعين» (ص47)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط من المرويات» (ج1 ص244)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص86)، و(ج54 ص53)، و(ج58 ص86)، و(ج60 ص314)، و(ج63 ص228)، و(ج68 ص234)، وفي «معجم الشيوخ» (12)، و(166)، و(994)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ بغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص82)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبدالله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): (بني الإسلام على خمس؛ أي: أركان، أو أشياء، (على خمس)؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص103): «باب الصلاة من الإيمان».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([393]) اهـ

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص224)؛ باب: وجوب الزكاة، وقول الله تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص225)؛ باب: البيعة على إيتاء الزكاة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104): «باب: الزكاة من الإيمان».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص318): (وقول الإمام أحمد /: إن الإسلام هو: «الإقرار»، يدل على أن هذا أول دخوله الإسلام، وأنه لا يكون قائما بالإسلام الواجب، حتى يأتي بالخمس). اهـ

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الصلاة من الإيمان.

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص25)؛ باب: الزكاة من الإسلام.

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص284): (وحينئذ فالذي لا يصلي أبدا، لا يطلق عليه أنه مسلم.

* وحينئذ صدقاته، وما يفعل من أوجه البر، ومن أوجه الخير، لا تنفعه مع عدم الإسلام، ليس لها أثر مع كون الإنسان لم يلتزم بالإسلام.

فشهادة: أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وحدها لا تكفي، وإن كانتا هما الأساس، لكنهما مع من يعرف أنه لابد من الإتيان ببقية واجبات الإسلام، ودعائمه العظام). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص282): (وكل الصلوات، وصيام رمضان، والحج لبيت الله الحرام، وإخراج الزكاة على من عليه زكاة، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهي الأساس كذلك، ليس فيها شيء هو في خيار منه، فمن لم يحافظ على الصلوات، ومن لم يحافظ على واجبات الإسلام، فهو غير مسلم). اهـ

(14) وعن عبد الله بن مسعود t قال: (من أقام الصلاة، ولم يؤت الزكاة، فليس بمسلم، ينفعه عمله).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (1356)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1477)، وأحمد في «الإيمان» (341)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (790)، من طريق يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبدالله بن مسعود t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(15) وعن عبد الله بن مسعود t قال: (ما تارك الزكاة بمسلم).

                                                                                                                          أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (1357)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (855)، والخلال في «السنة» (1500)، وأحمد في «الإيمان» (339)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (891) من طريق وكيع بن الجراح عن الحسن بن صالح عن مطرف عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبدالله بن مسعود t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(16) وعن عبد الله بن مسعود t قال: (أمرتم بالصلاة والزكاة؛ فمن لم يزك فلا صلاة له).

                                                                                                                          أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (1355)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1476)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (732)، (856)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8974)، و(10095)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (9919)، والخلال في «السنة» (1502)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (890)، وحميد بن زنجويه في «الأموال» (1349)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (231)، وأبو عبيد في «الأموال» (940) من طريق سلام بن سليم الحنفي، وسويد بن سعيد الهروي، وإسماعيل بن عمرو البجلي، ووكيع بن الجراح، وعبدالرحمن بن مهدي، وأسد بن موسى، والنعمان بن عبدالسلام؛ كلهم: عن شريك بن عبدالله القاضي، وإسرائيل بن يونس، كلاهما: عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص62): «وله إسناد صحيح».

وذكره ابن تيمية في «الفتاوى» (ج7 ص302 و303).

قلت: فالتارك للزكاة: ليس بمؤمن، بل هو كافر، وهذا بالإجماع، فمن أحدث قولا خالف الإجماع السابق للصحابة ، فلا حكم لقوله، ولا يلتفت إلى خلافه المزعوم في عصر المتأخرين، وفي عصر المعاصرين([394])

قال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* فالله تعالى: لم يثبتهم إخوانا لنا، إلا بهذه الشرائط: من صلاة وزكاة.

وهذا يدل على أن: تارك الصلاة، والزكاة، لا يكون أخا لنا في الدين، لأنه كافر في الدين، والدين: هو الإيمان.([395])

(17) وعن الإمام مسروق / قال: (أمرتم في كتاب الله بإقامة أربع: بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، والعمرة، فالعمرة من الحج، منزلة الصلاة من الزكاة).

أثر صحيح

أخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (1351) من طريق زهير عن أبي إسحاق قال: سمعت مسروقا به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(18) وعن سلمة بن نبيط قال: سئل: الضحاك بن مزاحم عن الزكاة، فقال: (لا ترفع الصلاة؛ إلا بالزكاة).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص114)، وابن زنجويه في «الأموال» (1350) من طريق محمد بن عبيد، وأبي خالد الأحمر عن سلمة بن نبيط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص354): (والإمام أحمد /: في أكثر الروايات عنه، وأوفقها لأصوله، أن تارك الأركان الأربعة، عدا الشهادتين متعمدا: كافر). اهـ

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص609)؛ أن الأركان ما عدا الشهادتين، في تكفير تاركها: نزاع مشهور، ثم رجح كفره بترك واحدة منهن.

* وهو اختيار: القاضي أبي بكر بن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك /.

(19) وعن الضحاك بن مزاحم / قال: (فهذه صفة دين الله، وهو الإيمان، وما شرع الله فيه من الإقرار بما جاء من عند الله، وبين من حلاله وحرامه، وسننه وفرائضه).([396])

* ونقل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص258)؛ عن أهل العلم: أن من ترك الزكاة، أو ترك صيام رمضان، من غير عذر شرعي، أنه يكفر، وهو الصواب: في اختلاف المتأخرين، لأنه موافق لإجماع الصحابة، والتابعين.

* ونقل شيخنا ابن عثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص47)؛ كفر تارك إيتاء الزكاة، وأنه قال بهذا الحكم عدد من أهل العلم، وهو إحدى الروايتين: عن الإمام أحمد /.

* وهو الصواب، لموافقتهم لإجماع الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، على كفر تارك إيتاء الزكاة، من غير تفريق بين من تركها تهاونا، وكسلا، أو تركها جحودا.([397])

وبوب الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص406)؛ باب كفر تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «كشف الشبهات» (ص12): (اعلم أن من ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فهو كافر؛ بإجماع المسلمين).اهـ

(20) وقال الإمام الحكم بن عتيبة /: (من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر،ومن ترك الزكاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا، فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا، فقد كفر). ([398])

قال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون[ [النور:56].

وقال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

(21) وعن ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس، لما قدموا على رسول الله r، أمرهم: بالإيمان بالله، فقال: «أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال r: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (53)، و(87)، و(523)، و(4368)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص47)، وأبو داود في «سننه» (3692)، و(4677)، والترمذي في «سننه» (1689)، و(2797)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص537)، وفي «المجتبى» (ج8 ص120)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص464)، وفي «الإيمان» (ص202)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (20)، وابن منده في «الإيمان» (18)، و(19)، و(21)، والخلال في «السنة» (1100)، و(1094)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص33)، والمخلص في «المخلصيات» (124)، و(3095)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص177 و178)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص249)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1583)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص72)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة التوحيد» (ص72)، وابن البخاري في «مشيخته» (87)، و(175)، والقاضي أبو يعلى في «الإيمان» تعليقا (16)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1279)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1295)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص10)، وابن المؤذن في «فوائد مخرجة عن الشيوخ» (ق/20/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (932)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج4 ص260)، وفي «المشيخة» (ص64)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص364)، وأبو عبدالله البرزالي في «سلوك طريق السلف» (15)، والنعال في «المشيخة» (ص141)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص294)، و(ج8 ص303)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص50)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص324)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (390)، و(391)، وابن بلبان في «خمسة أحاديث عن الأئمة الخمسة» (ص20)، وابن حبان في «صحيحه» (157)، و(172)، والطيالسي في «المسند» (ج4 ص466)، وابن خزيمة في «صحيحه» (307)، و(2245)، و(2246)، وابن الجارود في «المنتقى» (374)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص6)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12949)، وابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» (ج2 ص516 و517)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61 و62)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص110 و111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1078)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ص31)، وفي «المجالس الثمانية» (ص260)، والمراغي في «المشيخة» (ص167 و168 و169)، وابن أبي الفتح الصوري في «حديثه» (ص674)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104) من طريق عباد بن عباد، وأبي التياح، وشعبة، وحماد بن زيد، وقرة بن خالد؛ جميعهم: عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس به.

وقال الحافظ أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61): «بيان: صفة الإيمان، والإسلام، وأنه أداء الفرائض، واجتناب المحارم».

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص535): (قد أعلم r في هذا الحديث: أن: «الصلاة»، و«الزكاة» من الإيمان، وكذلك: «صوم رمضان»، و«إعطاء خمس الغنيمة»). اهـ

وقال الإمام الترمذي في «السنن» (ج4 ص563)؛ «باب: ما جاء في إضافة الفرائض إلى الإيمان). اهـ

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص107): «باب: أداء الخمس من الإيمان».

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص642)؛ سياق ما روي عن النبي r في أن دعائم الإيمان، وقواعده، شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان.

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

(22) وقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

(23) وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

(24) وقال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

قلت: فأخبرنا الله تعالى: أن الحنيف المسلم، هو على الدين القيم، وأن الدين القيم: هو بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله، وقتله حتى يتوب، ولا توبة له إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. ([399])

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل).([400]) اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج11 ص361): (القول في تأويل: قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم، وشركهم؛ بالله تعالى إلى الإيمان به وبرسوله r، وأنابوا إلى طاعته، ]وأقاموا الصلاة[ المكتوبة، فأدوها بحدودها،  ]وآتوا الزكاة[ المفروضة أهلها: ] فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]، يقول تعالى: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله تعالى به، وهو الإسلام). اهـ

وقال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص418): (قال الله عز وجل: ]حنفاء لله غير مشركين به[ [الحج:31].

* ثم وصف الحنفاء، والذين هم غير مشركين به، فقال عز وجل: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

* فأخبرنا - جل ثناؤه وتقدست أسماؤه - أن الحنيف المسلم هو على الدين القيم، وأن الدين القيم هو: بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله وقتله حتى يتوب، ولا توبة إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، فقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* فأي بيان - رحمكم الله - يكون أبين من هذا؟

وأي دليل على أن الإيمان قول وعمل، وأن الصلاة والزكاة من الإيمان يكون أدل من كتاب الله، وسنة رسول الله r، وإجماع علماء المسلمين، وفقهائهم الذين لا تستوحش القلوب من ذكرهم، بل تطمئن إلى اتباعهم، واقتفاء آثارهم رحمة الله عليهم، وجعلنا من إخوانهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص45): (وإذا رددنا هذا النزاع إلى الكتاب والسنة، وجدنا أن الكتاب والسنة، كلاهما: يدل على كفر تارك الصلاة، الكفر الأكبر المخرج عن الملة، قال الله تعالى في سورة التوبة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* وقال في سورة مريم: ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا (59) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا[ [مريم:59 -60].

* فوجه الدلالة: في الآية الثانية، آية سورة مريم، أن الله قال: في المضيعين للصلاة، المتبعين للشهوات: ]إلا من تاب وآمن[ فدل، على أنهم حين إضاعتهم للصلاة، واتباع الشهوات غير مؤمنين.

* ووجه الدلالة: من الآية الأولى، آية سورة التوبة، أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين، ثلاثة شروط:

1) أن يتوبوا من الشرك.

2) أن يقيموا الصلاة.

3) أن يؤتوا الزكاة.

* فإن تابوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا.

وإن أقاموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا.

* والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية، فلا تنتفي بالفسوق، والكفر دون الكفر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص265): (الإسلام هو قول وعمل واعتقاد، ولا يتم الإسلام إلا بهذا، لا بد أن ينطق الإنسان بالشهادتين، ولابد أن يعتقد الإنسان أن هذا حق، ولا بد أن يعمل الإنسان أيضا بفرائض الإسلام، كالصلاة، وأداء الزكاة، والصوم، والحج، وما إلى ذلك من الأمور التي شرعها الله عزوجل على لسان سيد الأولين والآخرين، ولا يتم الإسلام إلا بهذه الأمور مجموعها).اهـ

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص501): (وإقام الصلاة: هو العمل، وهو الدين الذي أرسل به المرسلين، وأمر به المؤمنين، فما ظنكم رحمكم الله بمن يقول: إن الصلاة ليست من الإيمان، والله عز وجل يقول: ]منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31]؛ فجعل الله من ترك الصلاة: مشركا خارجا من الإيمان؛ لأن هذا الخطاب للمؤمنين تحذير لهم أن يتركوا الصلاة، فيخرجوا من الإيمان، ويكونوا كالمشركين، وقال عز وجل: ]إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين[ [التوبة:18]؛ فقال سبحانه: من آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، فلم يفرق بين الإيمان، وبين الصلاة والزكاة، فمن لم يؤمن لم تنفعه الصلاة، ومن لم يصل لم ينفعه الإيمان). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص218): (فيمتنع أن يكون الرجل لا يفعل شيئا، مما أمر به من: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»... بل لا يفعل ذلك؛ إلا لعدم الإيمان الذي في قلبه). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص262): (وبذلك نعرف أن من لم يصل فهو كافر، أما أن يزعم أنه يؤمن بالله وباليوم الآخر، فهذا إيمان كاذب، وإيمان ادعائي، فكيف يؤمن بالله تعالى، ويؤمن بكتابه، ورسوله r، من لا يمتثل أوامره، ولا يعمل بكتابه؟! والله تعالى يقول: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5]، فالذي لا يصلي، ولا يؤتي الزكاة، ليس على دين، ولم يقم بما أمر به، ولم يف بما التزم به من شرع الله ودينه:  ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا[ [مريم:59]، يعني: عذابا شديدا في جهنم.

* أفنؤمن بالله ونرفض أوامره؟!، هذه دعوى كاذبة لم يتصورها قائلها، فليس هناك إيمان، ولا تصديق؛ إلا بانقياد، وقبول، واستجابة، وطاعة، أما بدون انقياد، وبدون قبول، وبدون استجابة لأوامر الله، فهذه دعوى زائغة كاذبة، يكذبها الواقع والحس، فلا إيمان لمن لم يصل، ولا إيمان لمن لم يمتثل أوامر الله، والنبي r قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ([401])، والأحاديث والآيات في ذلك كثيرة كما تقدم، وهذا أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

* وأما أن الأنسان يكفيه أن ينطق بالشهادتين، نطقا كاذبا، أجوف، لا قيمة له، ولا معول عليه، فذلك لا يصح، فكيف ينطق بالشهادتين، وهو لا يطيع أمر الله عز وجل؟ وكيف يقول أشهد أن محمدا رسول الله، وهو لا يتابعه، ولا يطيعه، لا في قليل، ولا في كثير؟، قال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[ [آل عمران:31]، وقال تعالى: ]قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين[ [آل عمران:32]، فكيف يزعم إنسان أنه يشهد أن محمد رسول الله، ولا يتابعه في صلاة، ولا في صيام ولا في زكاة، ولا في عفة ولا نزاهة؟، فشهادته حينئذ تعتبر شهادة كذب، ومن شهد أن محمدا رسول الله، فعليه أن يتبعه ويمتثل أوامره، ويتقيد بشرعه ودينه، ويبتعد عما نهى عنه.

* ومعنى شهادة أن محمد رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وما سوى ذلك فدعاوى كاذبه، وأمور فارغة، وأقوال لا تغني، لا نقير، ولا قطمير: ]إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون[ [الشعراء:227]). اهـ

وعن الإمام أحمد / في رواية عنه، أنه يكفر من ترك واحدا من المباني، وهي الرواية: الصحيحة لموافقتها، لإجماع الصحابة y، وهذا الحكم هو اختيار أبي بكر ابن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك بن أنس، كابن حبيب([402]). وهو الصحيح: من أقوال المتأخرين، ولا يلتفت إلى اختلافهم.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

 على كفر من ترك الصلاة، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الصلاة كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبها، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام

 

 

* القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن العبد لا يثبت له حكم الإيمان، إلا بالعمل مع التصديق، من تأدية: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج».

قلت: وهذا هو الإيمان الذي أوجبه الله تعالى على الخلق، وهو تصديق، واعتقاد القلب، وإقرار وقول باللسان، وعمل بالجوارح. ([403])

قال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص405): (وذلك خلاف مقالة: «المرجئة»، الذين حجبت عقولهم، وصرفت قلوبهم، وحرموا البصيرة، وخطئوا طريق الصواب). اهـ

وإليك الدليل:

عن جابر t قال: قال رسول الله r: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة)، وفي رواية: (ليس بين العبد، وبين الشرك: إلا ترك الصلاة)، وفي رواية: (بين الإيمان والكفر: ترك الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82 و88)، وأبو داود في «سننه» (4678)، والترمذي في «سننه» (620)، والنسائي في «السنن الكبرى» (328)، وفي «المجتبى» (464)، وابن ماجه في «سننه» (1078)، وأحمد في «المسند» (ج23 ص365)، وفي «الإيمان» (ص258 و259)، والآجري في «الشريعة» (ص133)، وإبراهيم بن عبدالصمد الهاشمي في «الأمالي» (15)، و(16)، وفي «الهاشميات» (ق/188/ط)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1589)، و(1590) والبوشنجي في «المنظوم والمنثور» (ص37)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31033)، وفي «الإيمان» (44)، و(45)، والدارمي في «المسند» (1233)، والخلعي في «الخلعيات» (ص307)، والفزاري في «القدر» (ق/89/ط)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص60 و62)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (810)، و(811)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص365 و366)، وفي «السنن الصغرى» (560)، وفي «شعب الإيمان» (2793)، وفي «الخلافيات» (3005)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (870)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص229)، وضياء الدين المقدسي في «منتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص611)، وحنبل بن إسحاق في «جزئه» 71)، وأبو يعلى في «المسند» (1783)، و1953)، و(2102)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1312) و(1313)، و(1314)، و(1315)، والخلال في «السنة» (1373)، و(1375)، وفي «الجامع» (1371)، (1372)، والدارقطني في «السنن» (1753)، وفي «العلل» (ج3 ص366، وأبو بكر الأنصاري في «أحاديث الشيوخ الثقات» (277)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1023) والطحاوي في «مشكل الآثار» (3175)، و(3178)،وأبو إسحاق القرشي في «الأمالي» (16)، والجرجاني في «الأمالي» (ق/153/ط)، والبغوي في «شرح السنة» (347)، وفي مصابيح السنة» (ج1 ص252)، وابن منده في «الإيمان» (218)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص158)، (ج10 ص180)، وفي «تالي تلخيص المتشابه» (ج2 ص465)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (5289)، و(9077)، وفي «المعجم الصغير» (799)، وابن حبان في «صحيحه» (1453)، وابن الجوزي في «التحقيق» (847)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص76)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (245)، و(246)، (247)، وفي «الحلية» (ج6 ص276)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (888)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج53 ص149)، وابن الأعرابي في «المعجم» (507)، و(1465)، وعبدالغني المقدسي في «أخبار الصلاة» (ص40)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص141)، وابن المقرئ في «الأربعين» (49)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص105)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة في التوحيد» (ص75)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (266)، و(267)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص469)، ومحمد بن إسحاق النيسابوري في «المناهي» (ق/171/ط)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/89/ط)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1926) من طريق أبي سفيان، وأبي الزبير، كلاهما: عن جابر بن عبدالله به.

قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ في هذا الحديث فقط.

* وقد تكلم الحافظ أبو حاتم، والحافظ أبو زرعة عن بعض طرقه، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (298)، و(1938).

* وكذا الحافظ الدارقطني في «العلل» (3253)، ثم قال: (ورفعه صحيح، وهو محفوظ عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله مرفوعا).

* ومعنى الحديث: أن الصلاة، حائل بينه، وبين الكفر، فإذا تركها زال الحائل، ودخل فيه، يعني: في الكفر. ([404])

قلت: والمراد بالكفر هنا، هو الكفر الأكبر، وهو المخرج من دين الإسلام.([405])

* فالنبي r جعل الصلاة حدا، فاصلا: بين الكفر، والإيمان، وبين المؤمن، والكافر.

والصلاة ركن من أركان الإسلام فوصف الشارع تاركها بالكفر الذي يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام، لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام.([406])

قال البوشنجي / في «المنظوم والمنثور» (ص37):

قد روينا عن النبي حديثا

 

 

خصه الله بالتقى والصلاة

ليس بين الإنسان والكفر شيء

 

 

غير ترك الهدى بترك الصلاة

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

قلت: فهذه الأحاديث، كلها تدل على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من المله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص76): (الكفر المطلق: هو الكفر الأعظم، المخرج عن الملة؛ فينصرف الإطلاق إليه... أنه بين: أن الصلاة، هي العهد الذي بيننا، وبين الكفار، وهم: خارجون عن الملة، ليسوا داخلين فيها، واقتضى ذلك: أن من ترك هذا العهد، فقد كفر، كما أن من أتى به، فقد دخل في الدين، ولا يكون هذا؛ إلا في الكفر المخرج عن الملة). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص1003): (فهي([407]): أشهر معالم التوحيد: منارا، بين ملة الإسلام، وملة الكفر، لن يستحق دين الإسلام، ومشاركة أهل الملة، ومباينة ملة الكفر؛ إلا بإقامتها، فإن تركتها العامة، انطمس منار الدين كله، فلا يبقى للدين رسم، ولا علم يعرف به). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص267): (فلا عمل بعد توحيد الله تعالى، أفضل من الصلاة لله؛ لأنه افتتحها بالتوحيد، والتعظيم لله: بالتكبير). اهـ

وبوب عليه الإمام أبو داود في «السنن» (4 ص219)؛ باب: في رد الإرجاء.

وبوب عليه الإمام الآجري في «الشريعة» (ج2 ص644)؛ في كتاب الإيمان، والرد على المرجئة: ذكر كفر من ترك الصلاة.

وبوب الإمام أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61)؛ بيان أفضل الأعمال، والدليل على أن الإيمان: قول وعمل، وأن من ترك الصلاة، فقد كفر، والدليل على أنها أعلى الأعمال، إذ تاركها يصير بتركها كافرا.

قلت: فالعهد الذي بيننا، وبينهم الصلاة؛ فمن تركها، فقد كفر([408])، بل بين العبد، وبين الشرك، ترك الصلاة، فإذا تركها، فقد أشرك.([409])

قال تعالى: ]يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم[ [المائدة:41].

وقال تعالى: ]منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31].

قلت: ووصفت هذه الأدلة: تارك الصلاة: بالكفر، والشرك، والخروج من الملة، والعياذ بالله.

قال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص501): (والله تعالى يقول: ]منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31]؛ فجعل الله من ترك الصلاة: مشركا، خارجا من الإيمان؛ لأن هذا الخطاب؛ للمؤمنين، تحذير لهم؛ أن يتركوا الصلاة، فيخرجوا من الإيمان، ويكونوا كالمشركين). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص1006): (قال تعالى: ]وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31]؛ فبين تعالى أن علامة: أن يكون من المشركين: ترك إقامة الصلاة). اهـ

 وقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وقال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

قلت: فأخبرنا الله تعالى: أن الحنيف المسلم، هو على الدين القيم، وأن الدين القيم: هو بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله، وقتله حتى يتوب، ولا توبة له إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. ([410])

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل).([411]) اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج11 ص361): (القول في تأويل: قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم، وشركهم؛ بالله تعالى إلى الإيمان به وبرسوله r، وأنابوا إلى طاعته، ]وأقاموا الصلاة[ المكتوبة، فأدوها بحدودها،  ]وآتوا الزكاة[ المفروضة أهلها: ] فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]، يقول تعالى: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله تعالى به، وهو الإسلام). اهـ

وقال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص418): (قال الله عز وجل: ]حنفاء لله غير مشركين به[ [الحج:31].

* ثم وصف الحنفاء، والذين هم غير مشركين به، فقال عز وجل: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

* فأخبرنا - جل ثناؤه وتقدست أسماؤه - أن الحنيف المسلم هو على الدين القيم، وأن الدين القيم هو: بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله وقتله حتى يتوب، ولا توبة إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، فقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* فأي بيان - رحمكم الله - يكون أبين من هذا؟

وأي دليل على أن الإيمان قول وعمل، وأن الصلاة والزكاة من الإيمان يكون أدل من كتاب الله، وسنة رسول الله r، وإجماع علماء المسلمين، وفقهائهم الذين لا تستوحش القلوب من ذكرهم، بل تطمئن إلى اتباعهم، واقتفاء آثارهم رحمة الله عليهم، وجعلنا من إخوانهم). اهـ

قلت: وهذه الأدلة تبين تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق: بين تركها تهاونا، وكسلا، وبين تركها جحودا.

وهذه المسألة العظيمة: من أظهر المسائل، التي تبين غربة الدين، والتمسك بما كان عليه سلف الأمة.

* فقد تظافرت النصوص الكثيرة، وأقوال الصحابة، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من الإسلام. ([412])

* ونقل غير واحد ممن يعتد بإجماعهم: إجماع أصحاب النبي r، على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من الإسلام. ([413])

وعن الإمام مكحول / قال: (من ترك صلاة مكتوبة، متعمدا، فقد برئت منه ذمة الله، فقد كفر).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (10487)، وفي «الإيمان» (129) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن مكحول به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص535): (فإن المسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه، كان أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع، مثل: مانعي الزكاة، وأمثالهم ممن قاتلهم الصديق t). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص545): (وقد اتفق علماء المسلمين: على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة، فإنه يجب قتالها، إذا تكلموا بالشهادتين، وامتنعوا عن: «الصلاة»، و«الزكاة»، أو «صيام شهر رمضان»، أو «حج البيت العتيق»). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص356): (وأيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب جهادها باتفاقالمسلمين، حتى يكون الدين كله لله، كما قاتل أبو بكر الصديق t، وسائر الصحابة : مانعي الزكاة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص357): (فثبت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام، وإن تكلم بالشهادتين). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص55): (وأخبر أبو بكر t، أنه: إنما يقاتلهم على الصلاة، والزكاة، وأصحاب رسول الله r قاتلوا من منع الزكاة، إذ كانت فريضة من فرائض الله تعالى... فاستحلوا قتالهم)([414]). اهـ

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص231): (ألا ترى، أن أبا بكر t، شبه الزكاة بالصلاة، ومعلوم أنهم كانوا: مقرين بالإسلام والشهادة). اهـ

قلت: فأبو بكر الصديق t: قاس قتاله، «لمانعي الزكاة»، بما هو مقرر عندهم من كفر، وقتال: من ترك الصلاة.

قال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ص234): (يدل على: أن من ترك الصلاة؛ فإنه يقاتل؛ لأنها حق البدن.

* فكذلك: من ترك الزكاة التي هي حق المال، وفي هذا إشارة إلى: أن قتال، تارك الصلاة، أمر مجمع عليه، لأنه جعله: أصلا مقيسا عليه). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص95): (والصحابة  : أجمعوا على قتال مانعي الزكاة، والصلاة آكد منها). اهـ

* فمن ترك لواحد من أركان الإسلام، فيقاتل، ويكفر، والأركان هي: شهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، و«إقام الصلاة»، و«إيتاء الزكاة»، و«صوم رمضان»، و«حج البيت».([415])

فعن حنظلة بن علي بن الأسقع؛ أن أبا بكر الصديق t، بعث خالد بن الوليد t، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، قال: (ومن ترك واحدة من الخمس، فقاتله، كما تقاتل من ترك الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).([416])

وقال الإمام أبو عبدالله ابن منده / في «رسالة في بيان فضل الأخبار، وشرح مذاهب أهل الأثر» (ص25): (فلما قبض الله جل وعلا: نبيه r، من بين أصحابه المنتخبة أجمعين، وجمعهم على خيرهم، وأفضلهم في أنفسهم، فقام بأمر الله جل وعلا، وأخذ منهاج رسول الله r، وقال: (والله لو منعوني عقالا، كانوا يؤدونه إلى رسول الله r، لقاتلتهم علىها).

فإن الزكاة واجبة، كالصلاة، فقاتل بمن أقبل من أهل الإسلام من أدبر، منهم: وارتد، حتى راجعوا دينهم، وأطاعوا أمر الله تعالى، وأدوا ما افترض الله عليهم، وأمضى حكم الله عز وجل، ورسوله r، فيمن أبى ذلك، فرضي الله عنه، وعن جميع الصحابة). اهـ

وقال الحافظ الآجري / في «الأربعين» (ص82): (اعلم أنه أول ما بعث النبي r أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن قالها صادقا من قلبه، ومات على ذلك دخل الجنة، ثم فرضت عليهم الصلاة بعد ذلك فصلوا، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال، كلما فرض عليهم فرض قبلوه، مثل: «صيام شهر رمضان»، ومثل: «الزكاة»)، ثم فرض: «الحج على من استطاع إليه سبيلا»، فلما آمنوا بذلك، وعملوا بهذه الفرائض، قال الله عز وجل: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]، فقال النبي r: «بني الإسلام على خمس»؛ فاعلم ذلك؛ فمن ترك فريضة من هذه الخمس، وكفر بها، وجحد بها لم ينفعه التوحيد، ولم يكن مسلما، وقد قال النبي r: «بين العبد، وبين الكفر ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة، فقد كفر»، وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزك ماله؛ فلا صلاة له»، ولما قبض النبي r ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة، وقالوا: نصلي، ونصوم، ولا نزكي أموالنا، فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع جميع الصحابة حتى قتلهم، وسباهم وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار، وقتلانا في الجنة؟» كل ذلك لأن الإسلام: «خمس» لا يقبل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك). اهـ

وعن أبي طالب قال: سألت؛ أبا عبد الله؛ عمن قال: الصلاة فرض، ولا أصلي؟ قال: يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وصلى، وإلا ضربت عنقه، قلت: فرجل قال: الزكاة علي، ولا أزكي؟ قال: يقال له: مرتين، أو ثلاثا: زك؛ فإن لم يزك يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»، كتاب: «الردة»، باب: «في مانع الزكاة» (ص488 و489) من طريق أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص102): (تارك الصلاة، والزكاة: إذا قتل عند أحمد /، فهو عنده من قسم المرتدين، لأنه بالإسلام ملتزم: لهذه الأفعال، فإذا لم يفعلها، فقد ترك ما التزمه، أو لأنها عنده من الغاية التي يمتد القتال إليها، كالشهادتين، فإنه لو تكلم، بإحداهما: وترك الأخرى لقتل). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «الدرر السنية» (ج10 ص495): (وقد أشكل هذا على: عمر بن الخطاب t، فقال: «يا خليفة رسول الله، كيف نقاتل الناس... الحديث»، فقال أبو بكر: ألم يقل: «إلا بحقها»، فإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله r، لقاتلتهم على منعها».

قال عمر بن الخطاب t: «فوالله ما هو إلا إن رأيت الله، قد شرح صدر أبي بكر، للقتال: فعلمت أنه الحق».

* فوافق عمر t، أبا بكر t، واتفق الصحابة ، كلهم على ذلك.

وقاتلوا من منع الزكاة، وأدخلوهم في حكم أهل الردة، فكيف بمن أضاف إلى ذلك: ترك الصلاة، والصيام، والحج، فهذا أولى بالكفر، والردة عن الإسلام، ممن ترك: الزكاة وحدها.

* فناقض ما أجمع عليه أصحاب رسول الله r، من تكفير هؤلاء، وجعلهم: مسلمين، بمجرد التلفظ بالشهادتين). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ / في «الرسائل» (ج1 ص246)؛ عن ترك عمل الجوارح: (هذا من فروع مذهب: «المرجئة»، وهو الرائج في البلدان التي أهلها يدعون الإسلام). اهـ

وعن عبد الله بن عمرو قال: (إن عرى الدين، وقوامه الصلاة، والزكاة، لا يفرق بينهما، وحج البيت، وصوم رمضان).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (10483)، وفي «الإيمان» (124) من طريق محمد بن بشر نا زكريا قال: حدثني حواري بن زياد؛ أن عبد الله بن عمرو t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (الأمر عندنا إن كان قد منع فرائض الله تعالى، فلم يستطع المسلمون أخذها منه، فإن حقا عليهم جهادهم([417])، حتى يأخذوها منه.

* قال حنبل: سمعت أبا عبدالله يقول: (ما فعل أبو بكر، قلت: فما ترى أنت؟، قال: ما أجيب في هذا بشيء، فقد قال مالك: في ذلك، وأمسك أبو عبدالله عن الجواب).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام الملل»، كتاب: «الردة» (ص482) من طريق حنبل قال: حدثنا القعنبي قال: قال مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الخلال عليه في «أحكام الملل» (ص482)، باب: جامع القول في من ترك فريضة من فرائض الله تعالى.

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص502): (من آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، فلم يفرق بين الإيمان، وبين الصلاة والزكاة، فمن لم يؤمن لم تنفعه الصلاة، ومن لم يصل لم ينفعه الإيمان). اهـ

وقال عبدالله بن أحمد في «السنة» (ص361)؛ وجدت في كتاب أبي /، قال: أخبرت أن فضيل بن عياض قال: (وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة، ولا الزكاة، ولا شيء من الفرائض من الإيمان؛ افتراء على الله عز وجل، وخلافا لكتابه، وسنة نبيه r، ولو كان القول؛ كما يقولون: لم يقاتل أبو بكر t: أهل الردة).

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص90): (وإن كانوا طائفة ممتنعة ذات شوكة؛ فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا أداء الواجبات الظاهرة والمتواترة: كالصلاة، والصيام، والزكاة، وترك المحرمات: كالزنا، والربا، وقطع الطريق، ونحو ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص207): (فالواجب على ولي الأمر أن يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين، فإن كان التاركون طائفة ممتنعة: قوتلوا على تركها بإجماع المسلمين، وكذلك يقاتلون على ترك الزكاة، والصيام، وغيرهما، وعلى استحلال المحرمات الظاهرة المجمع عليها، كنكاح ذوات المحارم، والفساد في الأرض، ونحو ذلك، فكل طائفة ممتنعة من التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها، حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء). اهـ

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: «بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص211)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص183)، وفي «الأربعين» (7)، والخلال في «السنة» (1184)، و(1382)، و(1383)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص174)، ويوسف بن عبدالهادي في «مسألة في التوحيد» (ص71)، وابن أبي الرجاء في «الفوائد الملتفظة والفرائد الملتقطة» (ق/55/ط)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص184 و185 و301)، وفي «التوحيد» (ج2 ص30)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (ج2 ص526)، والنسفي في «القند» (992)،وابن عبد البر في «التمهيد» (ج16 ص160)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص159)، و(ج4 ص128)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص188)، والآجري في «الشريعة» (ص106)، وفي «الأربعين» (ص20)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص164)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج2 ص840)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص308)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص309)، وفي «مسند الشاميين» (ج2 ص283)، وفي «المعجم الأوسط» (2930)، و(6264)، (6533)، وابن صاعد في «حديثه» (ق/142/ط)، والجعبري في «الإفصاح في مراتب الصحاح» (ص70)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج1 ص528)، و(ج2 ص304 و489)، و(ج3 ص310)، و(ج4 ص164 و566)، والحيري؛ تعليقا في «الكفاية في التفسير» (ج6 ص186)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص52 و53)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص261)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص636 و637 و638)، والمؤيد الطوسي في «الأربعين عن المشايخ الأربعين» (ص90)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص418 و419 و420 و421)، والحربي في «الحربيات» (ق/8/ط)، ودانيال في «مشيخته» (ق/88/ط)، والدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (ج2 ص932)، و(ج3 ص1176)، وفي «الأفراد» (1911)، و(2882)، و(2986)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص660)، و(ج4 ص1419)، وأبو يعلى في «المسند» (ج10 ص164)، وابن الجوزي في «مشيخته» ص169 و170)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص319)، وفي «الحدائق» (ج1 ص66)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص59)، وفي «الناسخ والمنسوخ» (ص203)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص283)، وفي «المعجم المختص بالمحدثين» (ص264)، والديلمي في «الفردوس» (ج2 ص30)، وابن أبي عمر العدني في «الإيمان» (ص84)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص151)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص233)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص416 و450)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص295)، وبيبي الهروية في «جزء حديثها» (ص62)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص105)، وأبو حيان الأندلسي في «المنتخب من حديث: شيوخ بغداد» (ص132)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/53/ط)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (480)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص810)، والحسن بن سفيان النسوي في «الأربعين» (ص47)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط من المرويات» (ج1 ص244)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص86)، و(ج54 ص53)، و(ج58 ص86)، و(ج60 ص314)، و(ج63 ص228)، و(ج68 ص234)، وفي «معجم الشيوخ» (12، و(166)، و(994)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ بغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص82)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبدالله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): (بني الإسلام على خمس؛ أي: أركان، أو أشياء، (على خمس)؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص103): «باب الصلاة من الإيمان».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([418]) اهـ

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص224)؛ باب: وجوب الزكاة، وقول الله تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص225)؛ باب: البيعة على إيتاء الزكاة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص318): (وقول الإمام أحمد /: إن الإسلام هو: «الإقرار»، يدل على أن هذا أول دخوله الإسلام، وأنه لا يكون قائما بالإسلام الواجب، حتى يأتي بالخمس). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص284): (وحينئذ فالذي لا يصلي أبدا، لا يطلق عليه أنه مسلم.

* وحينئذ صدقاته، وما يفعل من أوجه البر، ومن أوجه الخير، لا تنفعه مع عدم الإسلام، ليس لها أثر مع كون الإنسان لم يلتزم بالإسلام.

فشهادة: أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وحدها لا تكفي، وإن كانتا هما الأساس، لكنهما مع من يعرف أنه لابد من الإتيان ببقية واجبات الإسلام، ودعائمه العظام). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص282): (وكل الصلوات، وصيام رمضان، والحج لبيت الله الحرام، وإخراج الزكاة على من عليه زكاة، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهي الأساس كذلك، ليس فيها شيء هو في خيار منه، فمن لم يحافظ على الصلوات، ومن لم يحافظ على واجبات الإسلام، فهو غير مسلم). اهـ

قال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* فالله تعالى: لم يثبتهم إخوانا لنا، إلا بهذه الشرائط: من صلاة وزكاة.

وهذا يدل على أن: تارك الصلاة، والزكاة، لا يكون أخا لنا في الدين، لأنه كافر في الدين، والدين: هو الإيمان.([419])

وعن الإمام مسروق / قال: (أمرتم في كتاب الله بإقامة أربع: بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، والعمرة، فالعمرة من الحج، منزلة الصلاة من الزكاة).

أثر صحيح

أخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (1351) من طريق زهير عن أبي إسحاق قال: سمعت مسروقا به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص354): (والإمام أحمد /: في أكثر الروايات عنه، وأوفقها لأصوله، أن تارك الأركان الأربعة، عدا الشهادتين متعمدا: كافر). اهـ

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص609)؛ أن الأركان ما عدا الشهادتين، في تكفير تاركها: نزاع مشهور، ثم رجح كفره بترك واحدة منهن.

* وهو اختيار: القاضي أبي بكر بن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك /.

وعن الضحاك بن مزاحم / قال: (فهذه صفة دين الله، وهو الإيمان، وما شرع الله فيه من الإقرار بما جاء من عند الله، وبين من حلاله وحرامه، وسننه وفرائضه).([420])

* ونقل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص258)؛ عن أهل العلم: أن من ترك الزكاة، أو ترك صيام رمضان، من غير عذر شرعي، أنه يكفر، وهو الصواب: في اختلاف المتأخرين، لأنه موافق لإجماع الصحابة، والتابعين.

وبوب الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص406)؛ باب كفر تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «كشف الشبهات» (ص12): (اعلم أن من ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فهو كافر؛ بإجماع المسلمين).اهـ

وقال الإمام الحكم بن عتيبة /: (من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا، فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا، فقد كفر). ([421])

قال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون[ [النور:56].

وقال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وعن ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس، لما قدموا على رسول الله r، أمرهم: بالإيمان بالله، فقال: «أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال r: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (53)، و(87)، و(523)، و(4368)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص47)، وأبو داود في «سننه» (3692)، و(4677)، والترمذي في «سننه» (1689)، و(2797)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص537)، وفي «المجتبى» (ج8 ص120)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص464)، وفي «الإيمان» (ص202)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (20)، وابن منده في «الإيمان» (18)، و(19)، و(21)، والخلال في «السنة» (1100)، و(1094)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص33)، والمخلص في «المخلصيات» (124)، و(3095)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص177 و178)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص249)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1583)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص72)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة التوحيد» (ص72)، وابن البخاري في «مشيخته» (87)، و(175)، والقاضي أبو يعلى في «الإيمان» تعليقا (16)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1279)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1295)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص10)، وابن المؤذن في «فوائد مخرجة عن الشيوخ» (ق/20/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (932)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج4 ص260)، وفي «المشيخة» (ص64)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص364)، وأبو عبدالله البرزالي في «سلوك طريق السلف» (15)، والنعال في «المشيخة» (ص141)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص294)، و(ج8 ص303)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص50)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص324)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (390)، و(391)، وابن بلبان في «خمسة أحاديث عن الأئمة الخمسة» (ص20)، وابن حبان في «صحيحه» (157)، و(172)، والطيالسي في «المسند» (ج4 ص466)، وابن خزيمة في «صحيحه» (307)، و(2245)، و(2246)، وابن الجارود في «المنتقى» (374)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص6)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12949)، وابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» (ج2 ص516 و517)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61 و62)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص110 و111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1078)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ص31)، وفي «المجالس الثمانية» (ص260)، والمراغي في «المشيخة» (ص167 و168 و169)، وابن أبي الفتح الصوري في «حديثه» (ص674)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104) من طريق عباد بن عباد، وأبي التياح، وشعبة، وحماد بن زيد، وقرة بن خالد؛ جميعهم: عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس به.

وقال الحافظ أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61): «بيان: صفة الإيمان، والإسلام، وأنه أداء الفرائض، واجتناب المحارم».

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص535): (قد أعلم r في هذا الحديث: أن: «الصلاة»، و«الزكاة» من الإيمان، وكذلك: «صوم رمضان»، و«إعطاء خمس الغنيمة»). اهـ

وقال الإمام الترمذي في «السنن» (ج4 ص563)؛ «باب: ما جاء في إضافة الفرائض إلى الإيمان). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص642)؛ سياق ما روي عن النبي r في أن دعائم الإيمان، وقواعده، شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان.

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

قال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وقال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

قلت: فأخبرنا الله تعالى: أن الحنيف المسلم، هو على الدين القيم، وأن الدين القيم: هو بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله، وقتله حتى يتوب، ولا توبة له إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. ([422])

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل).([423]) اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج11 ص361): (القول في تأويل: قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم، وشركهم؛ بالله تعالى إلى الإيمان به وبرسوله r، وأنابوا إلى طاعته، ]وأقاموا الصلاة[ المكتوبة، فأدوها بحدودها،  ]وآتوا الزكاة[ المفروضة أهلها: ] فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]، يقول تعالى: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله تعالى به، وهو الإسلام). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص45): (وإذا رددنا هذا النزاع إلى الكتاب والسنة، وجدنا أن الكتاب والسنة، كلاهما: يدل على كفر تارك الصلاة، الكفر الأكبر المخرج عن الملة، قال الله تعالى في سورة التوبة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* وقال في سورة مريم: ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا (59) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا[ [مريم:59 -60].

* فوجه الدلالة: في الآية الثانية، آية سورة مريم، أن الله قال: في المضيعين للصلاة، المتبعين للشهوات: ]إلا من تاب وآمن[ فدل، على أنهم حين إضاعتهم للصلاة، واتباع الشهوات غير مؤمنين.

* ووجه الدلالة: من الآية الأولى، آية سورة التوبة، أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين، ثلاثة شروط:

1) أن يتوبوا من الشرك.

2) أن يقيموا الصلاة.

3) أن يؤتوا الزكاة.

* فإن تابوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا.

وإن أقاموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا.

* والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية، فلا تنتفي بالفسوق، والكفر دون الكفر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص47): (وبهذا علم: أن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، إذ لو كان فسقا، أو كفرا دون كفر، ما انتفت الأخوة الدينية به، كما لم ينتف بقتل المؤمن وقتاله). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص265): (الإسلام هو قول وعمل واعتقاد، ولا يتم الإسلام إلا بهذا، لا بد أن ينطق الإنسان بالشهادتين، ولابدأن يعتقد الإنسان أن هذا حق، ولا بد أن يعمل الإنسان أيضا بفرائض الإسلام، كالصلاة، وأداء الزكاة، والصوم، والحج، وما إلى ذلك من الأمور التي شرعها الله عزوجل على لسان سيد الأولين والآخرين، ولا يتم الإسلام إلا بهذه الأمور مجموعها).اهـ

وعن عروة بن الزبير؛ أن المسور بن مخرمة t، أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t، من الليلة التي طعن فيها، فأيقظ عمر t، لصلاة الصبح، فقال عمر بن الخطاب t: (نعم: ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى عمر، وجرحه يثعب دما).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص81)، و(ق/26/ط)، وأحمد في «الإيمان» (1381)، وفي «الزهد» (ص154)، وفي «المسائل» (ج1 ص192 و193 رواية: ابنه عبدالله)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص25)، وفي «الإيمان» (103)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص44)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص157)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350)، والحدثاني في «الموطأ» (ص81)، وإسماعيل بن إسحاق في «مسند مالك بن أنس» (39)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص357)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص385 و386)، والقعنبي في «الموطأ» (ص109)، والخلال في «أحكام أهل الملل» (1386)، وفي «السنة» (ج4 ص145)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص675)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص670 و671)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص825)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص132)، من طريق عبدالله بن نمير، ووكيع، ومالك؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الشيخ الألباني / في «إرواء الغليل» (ج1 ص226): (هذا سند صحيح على شرط الشيخين).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): (فثبت عن عمر، قوله: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

وقال الشيخ الألباني / في «تعليقه على الإيمان» (ص34): (والأثر صحيح: الإسناد على شرط الشيخين).

وذكره الذهبي في «الكبائر» (ص117).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص279): (وحديث عمر رواه مالك في «الموطأ» عن هشام بن عروة عن أبيه: أن المسور بن مخرمة أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره). اهـ

* ورواه جرير بن عبدالحميد، ومحمد بن دينار، وعبدالله بن إدريس، وعيسى بن يونس؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه به؛ مثل: رواية مالك بن أنس.

ذكره الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج2 ص210).

وأخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص150)، والخلال في «السنة» (ج4 ص141 و142)، وأحمد في «الإيمان» (1371)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص429)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص227)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص406)، و(ج2 ص52)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج47 ص315)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص895)، وضياء الدين المقدسي في «منتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص615) من طريق محمد بن إسحاق، وأبي معاوية، والثوري، والليث بن سعد، وعبدة بن سليمان؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه عن سليمان بن يسار قال: حدثني المسور بن مخرمة t، (أنه دخل مع ابن عباس t ليلة طعن عمر، فلما أصبح بالصلاة من الغد فزعوه، فقالوا: الصلاة!، ففزع، وقال: نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وجرحه يثعب([424]) دما).

قلت: وهذا سنده صحيح، وهو ليس من الاختلاف القادح، بل هو من المزيد في متصل الأسانيد.

وذكره ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج1 ص155 و156).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص280): (ورواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه: قال حدثني سليمان بن يسار، أن المسور بن مخرمة أخبره قال: دخلت أنا، وابن عباس على عمر حين طعن). اهـ

قلت: وقد خالف هذا التصحيح، الحافظ الدارقطني؛ فأعل الحديث: بالانقطاع، بين عروة بن الزبير، وبين المسور بن مخرمة، ولم يصب، لثبوت صحة الإسناد، وقد سبق.

فقال الحافظ الدارقطني / في «الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس» (ص81): (وهذا لم يسمعه: عروة من المسور: وقد خالف مالكا جماعة؛ منهم: سفيان الثوري، والليث بن سعد، وحميد بن الأسود، ومحمد بن بشر العبدي، وعبد العزيز الدراوردي، وحماد بن سلمة، وغيرهم:

* رووه؛ عن هشام عن أبيه عن سليمان بن يسار عن المسور بن مخرمة عن عمر t؛ وهو الصواب: أدخلوا بين عروة، وبين المسور: سليمان بن يسار، وهو الصواب). اهـ

* وكذا قال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج2 ص209 و210)؛ وجعل الوهم من مالك بن أنس في ذكره: الإسناد، عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة عن عمر بن الخطاب.

قلت: وقد صح هذا الوجه، وهو محفوظ أيضا.

فإن الإمام مالكا: لم يتفرد به، بل تابعه خمسة من الرواة الثقات الحفاظ، على إسناده.

مع التنبيه لأمر مهم: وهو أن الإمام مالكا، أثبت الناس، وأعلمهم؛ بهشام بن عروة.

ناهيك عن تصريح: عروة بن الزبير؛ بالسماع، من المسور بن مخرمة، وهو أدركه، وروى عنه.

فما المانع: أن يكون عن الوجهين: مرة بذكر؛ سليمان بن يسار، ومرة عن المسور بن مخرمة: مباشرة.

* ومما يؤكد صحة رواية: مالك بن أنس السابقة، أن أبا الزناد: رواه عن عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار؛ كلاهما: عن المسور بن مخرمة t: (أنه دخل هو، وابن عباس : على عمر بن الخطاب t، فقالا: الصلاة يا أمير المؤمنين، بعدما أسفر، فقال: نعم، لا حظ في الإسلام، لمن ترك الصلاة، فصلى، والجرح يثعب دما).

أخرجه أحمد في «الزهد» (ص154)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص825).

وإسناده صحيح.

* وقد توبع: عروة بن الزبير؛ على هذا الحديث، من هذا الوجه؛ بإثبات: «سليمان بن يسار».

* تابعه الزهري عن سليمان بن يسار أخبره أن المسور بن مخرمة t أخبره: أن عمر بن الخطاب t، إذ طعن: (دخل عليه هو، وابن عباس ، فلما أصبح من غد، فزعوه، فقالوا: الصلاة!، ففزع، فقال: نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى والجرح يثعب دما).

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص224)، والآجري في «الشريعة» (ج2 ص647)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص351)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص892)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص923) من طريق موسى بن عقبة، ويونس بن يزيد، ومحمد بن أبي عتيق، كلهم: عن الزهري به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص167).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص281): (وذكر بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب أن سليمان بن يسار أخبره أن المسور بن مخرمة أخبره عن عمر بن الخطاب، إذ طعن أنه دخل هو وابن عباس من الغد فأفزعوه للصلاة ففزع، فذكره). اهـ

* وقد توبع؛ سليمان بن يسار: تابعه ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة t قال: (لما طعن عمر t قال: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

أخرجه أحمد في «الإيمان» (1388)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350)، وابن أبي عمر في «الإيمان» (32)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص224)، وفي «العلل الواردة في الأحاديث» (ج2 ص211)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص150)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص671)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص894)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص675)، والخلال في «السنة» (ج4 ص145)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص923)، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (ص356 و357) من طريق أيوب السختياني، وابن جريج؛ كلاهما: عن ابن أبي مليكة به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الدارقطني في «العلل» (ج2 ص211).

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص295)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الأوسط»، ورجاله، رجال الصحيح.

قلت: لا إسلام لمن ترك الصلاة.

* ومعنى قول: عمر بن الخطاب t: «لا حظ في الإسلام»؛ هو نفي حظه جملة من الإسلام، وجعله: كسائر الكفار، وهو الصواب.([425])

وأثبت الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص281 و283)؛ أن عمر بن الخطاب t، يرى كفر تارك الصلاة؛ بقوله: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة».

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص281): (وأما قول عمر: (لا حظ في الإسلام)؛ فالحظ النصيب يقول: لا نصيب في الإسلام). اهـ

قلت: فلا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، هكذا انتهى إلينا في تارك الصلاة، وتارك الزكاة، وتارك صوم رمضان، وتارك الحج عند الاستطاعة، مما جاءت به الآثار عن النبي r، وأصحابه ، وهم: أئمة الهدى في الإسلام. ([426])

وقال الحافظ الذهبي / في «الكبائر» (ص125): (وهذه النصوص: تشعر بكفر تارك الصلاة). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج4 ص83): (أما قول: عمر بن الخطاب t، هو أصرح شيء في خروجه عن الملة).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج4 ص74): (ولأن هذا إجماع الصحابة y، قال عمر بن الخطاب t: لما قيل له، وقد خرج إلى الصلاة: «نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة»؛ وقصته في «الصحيح»، وفي رواية قال: «لا إسلام لمن لم يصل» رواه النجاد، وهذا بمحضر من الصحابة y). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص67): (فقال هذا بمحضر من الصحابة y، ولم ينكروه عليه، وقد تقدم؛ مثل: ذلك عن معاذ بن جبل، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، ولا يعلم عن صحابي خلافهم). اهـ

قلت: وقد نقل غير واحد من أهل العلم: إجماع الصحابة y، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين من تركها كسلا، وتهاونا، أو تركها جحودا. 

قلت: وتأول عدد من المتأخرين أثر عمر بن الخطاب t؛ فقالوا: «أراد أنه لا كبير حظ له»، و«لا حظا كاملا له في الإسلام»؛ يعني: ليس له الإسلام التام. ([427])

وعن عبد الله بن مسعود: (من لم يصل فلا دين له). وفي رواية: (من ترك الصلاة، فلا دين له).

أثر صحيح

أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص601 و602)، وفي «المسائل» (393)، والخلال في «السنة» (1385)، و(1387)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (886)، و(888)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (936)، (937)، و(938)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8939)، و(8940)، (8941)، (8942)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31036)، وفي «الإيمان (ص280)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1327)، و(1328)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1924)، والعدني في «الإيمان» (ص163)، وابن المنذر في «الأوسط» (25)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص216)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225) من طريق سفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وابن الجعد، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع، وشريك النخعي، وشيبان أبي معاوية، عن عاصم بن أبي النجود، وعبدالرحمن المسعودي، عن عبدالرحمن بن عبدالله، والقاسم بن عبدالرحمن، والحسن بن سعد الهاشمي، وزر بن حبيش؛ جميعهم: عن عبدالله بن مسعود t.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وهذا الأثر حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص370)، وفي «الضعيفة» (ج1 ص251).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): «وثبت عن ابن مسعود أنه قال: ما تارك الصلاة بمسلم».

* فأثبت الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283)؛ أن عبدالله بن مسعود t، يرى كفر تارك الصلاة؛ بقوله: «ما تارك الصلاة بمسلم».

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص224): (وتقرير هذا الخطاب: في هذا الحديث، أن أحدا لا يكون مسلما؛ إلا أن يصلي؛ فمن لم يصل، فليس: بمسلم). اهـ

ونقل الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص225)؛ عن الصحابة y: تكفير تارك الصلاة، قالوا: من لم يصل، فهو كافر.

قال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج1 ص213): (وأما الركن الأول؛ من الأركان الخمسة: «شهادة أن لا إله إلا الله» فبدونها لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة.

* وكذلك إذا قالها، ولم يفهم حقيقة معناها، أو فهم، ولكنه أخل به عمليا، كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد، ونحوها من الشركيات). اهـ

قلت: وثبت في الكتاب والسنة: تكفير تارك الصلاة، وعلى ذلك أجمع أصحاب رسول الله r، والتابعون لهم بإحسان.

وتناقل أهل العلم: هذا الإجماع إلى يومنا هذا؛ إلا أن: «المرجئة العصرية»، لم ترفع بذلك رأسا؛ بل سعوا في نقضه([428])، وإبطاله، عن طريق اختلاف العلماء([429]) بعد الصحابة y، لأنه يعود على أصولهم بالنقض، والإبطال.

قلت: وعند التحقيق في أقوال: «المرجئة العصرية» ونقلهم بقول: الجمهور، لا يثبت عن كثير منهم القول، بما يخالف إجماع الصحابة y.

* وأما من ثبت عنه المخالفة، للإجماع: ممن يعتبر خلافه؛ فقد تقرر في أصول أهل السنة والجماعة: أنه لا عبرة بقول يخالف إجماعهم، مهما كانت منزلة القائل المخالف.

* ومما قرروه أن متى ثبت في مسألة من مسائل الدين إجماع لهم، فلا يجوز لأحد مخالفته كائنا من كان.

قلت: فمن وقع منه شيء من ذلك، فلا ينظر إلى قوله أصلا، ولا يلتفت إلى مخالفته لهم؛ لأن أئمة السنة عدوا مخالفة إجماع الصحابة y، بدعة، وهلكة، يظن بها في صاحبها. ([430])

وعن الإمام الأوزاعي / قال: (وما رأي امرئ في أمر بلغه فيه عن النبي r إلا اتباعه، ولو لم يكن فيه عن رسول الله r، وقال فيه أصحابه من بعده، كانوا أولى فيه بالحق منا، لأن الله أثنى على من بعدهم باتباعهم إياهم، فقال تعالى: ]والذين اتبعوهم بإحسان[ [التوبة:100]، فقلتم أنتم: لا !، بل نعرضها على رأينا في الكتاب؛ فما وافقه منه: صدقناه، وما خالفه تركناه، وتلك غاية كل محدث في الإسلام، رد ما خالف رأيه من السنة).

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (925)، والدارمي في «الرد على بشر المريسي» (ص146) من طريق عبدالله بن صالح عن الهقل بن زياد عن الأوزاعي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام الأوزاعي / قال: (وأنا أوصيك بواحدة، فإنها تجلو الشك عنك، وتصيب بالاعتصام بها سبيل الرشد إن شاء الله تعالى: تنظر إلى ما كان أصحاب رسول الله r من هذا الأمر... وإن كانوا اجتمعوا منه على أمر، واحد لم يشذ عنه منهم أحد، فأين المذهب عنهم؛ فإن الهلكة في خلافهم، وإنهم لم يجتمعوا على شيء قط، فكان الهدى في غيره). ([431])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355)؛ في مسألة أكثر النفاس: (وليس في مسألة أكثر النفاس؛ موضع: للاتباع، والتقليد، إلا من قال بالأربعين: فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة y حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم، فأين المهرب عنهم دون سنة، ولا أصل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص267): (إجماع الصحابة y حجة ثابتة، وعلم صحيح، إذا كان طريق ذلك الإجماع التوقيف، فهو أقوى ما يكون من السنن، وإن كان اجتهادا، ولم يكن في شيء من ذلك مخالفا، فهو أيضا علم وحجة لازمة، قال الله عز وجل: ]ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115]. اهـ

* وإجماع الصحابة y: على كفر تارك الصلاة، مستنده التوقيف.

ولذلك من ترك أقوال الصحابة y، وأخذ بأقوال من بعدهم، فإنه يستتاب على فعله هذا المشين.

* فعن الهيثم بن جميل قال: (قلت؛ لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله، أن عندنا قوما وضعوا كتبا؛ يقول أحدهم: حدثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب t: «بكذا، وكذا»، وحدثنا فلان عن إبراهيم النخعي: «بكذا»، ونأخذ بقول: إبراهيم النخعي، قال مالك: صح عندهم، قول عمر t!، قلت إنما هي، رواية: كما صح عندهم، قول إبراهيم النخعي، فقال مالك: هؤلاء يستتابون). ([432])

قلت: فإذا كان هذا يستتاب في تركه؛ لقول عمر t، وأخذه بقول: إبراهيم النخعي /، فكيف بمن خالف إجماع الصحابة y، وأخذ بقول من ليس في منزلة: إبراهيم النخعي /، ممن يأخذ من المتأخرين، والمعاصرين!.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140): (وقد صرح مالك /، بأن من ترك قول عمر بن الخطاب t؛ لقول: إبراهيم النخعي: أنه يستتاب، فكيف بمن ترك قول الله تعالى، ورسوله r؛ لقول من هو دون إبراهيم النخعي، أو مثله). اهـ

قلت: فإذا تقرر هذا: فقد صرح أئمة السنة: بأن القول الذي يدخل به العبد في دين الإسلام، هو قول مخصوص، وهو: النطق بـ«الشهادتين»، وأن العمل الذي يصح به دينه، هو عمل مخصوص؛ وهو: «الصلاة».

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص501): (وإقام الصلاة: هو العمل، وهو الدين الذي أرسل به المرسلين، وأمر به المؤمنين، فما ظنكم رحمكم الله بمن يقول: إن الصلاة ليست من الإيمان، والله عز وجل يقول: ]منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31]؛ فجعل الله من ترك الصلاة: مشركا خارجا من الإيمان؛ لأن هذا الخطاب للمؤمنين تحذير لهم أن يتركوا الصلاة، فيخرجوا من الإيمان، ويكونوا كالمشركين، وقال عز وجل: ]إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين[ [التوبة:18]؛ فقال سبحانه: من آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، فلم يفرق بين الإيمان، وبين الصلاة والزكاة، فمن لم يؤمن لم تنفعه الصلاة، ومن لم يصل لم ينفعه الإيمان). اهـ

وعن عبد الله بن شقيق العقيلي / قال: (ما علمنا شيئا من الأعمال؛ قيل: تركه كفر؛ إلا الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (216)، والخلال في «السنة» (1378)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (10495)، وفي «الإيمان» (137) من طريق عبدالأعلى، وبشر بن المفضل، وإسماعيل بن إبراهيم؛ كلهم عن الجريري عن عبد الله بن شقيق به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن العراقي في «طرح التثريب» (ج2 ص146)، والسخاوي في «الأجوبة المرضية» (819)، والشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (564).

وعن عبدالله بن أحمد قال: سألت أبي: عن من ترك الصلاة؟، قال: كذا يروى عن النبي r: (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص470) من طريق عبد الله بن أحمد قال: سألت: أبي أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبدالله، عن من ترك الصلاة متعمدا؟ قال: (ليس بين الإيمان، والكفر؛ إلا ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن حرب قال: قيل، لأحمد: رجل قال: لا أصلي؟، فكأنه ذهب إلى أنه يستتاب، وقال: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق حرب، قال: قيل؛ لأحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن أبي الحارث؛ أنه قال: لأبي عبد الله: فيكون من يترك الصلاة كافرا؟، فقال: قال النبي r: (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة)، قلت: فإن كان رجل نراه مواظبا على الصلاة، ثم تركها، فقيل له: يقتل، فقال: لا أصلي، ولم أعلم أن الصلاة فرض؟، فقال: قال النبي r: (من ترك الصلاة فقد كفر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص472) من طريق محمد بن موسى، ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام أحمد /: (إذا قال الرجل لا أصلي، فهو كافر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أبي داود قال: سمعت أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن صالح بن أحمد؛ أن أباه قال: (وإذا قال: لا أجحد، ولا أصلي: عرض عليه الإسلام، فإن صلى، وإلا قتل).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص474) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله: يسأل عن المرتد، وتارك الصلاة؟، قال: (يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق الحسين بن عبد الوهاب قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: قلت: الرجل يترك الصلاة تجوزا، فيقال له: صل، فيقول: نعم ثم لا يفعل، وهو مقر بالصلاة: أنها فرض عليه؟، قال: يرقب ثلاثة أيام؛ فإن صلى، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن صالح بن أحمد أنه قال: لأبيه: فإن تركها فلم يصلها، قال: إذا كان عامدا استتبته ثلاثا؛ فإن تاب، وإلا قتل، قلت: فتوبته: أن يصلي؟، قال: نعم).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص476) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح بن أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص78): (فجعل الفارق: بين المسلم، والكافر: «الصلاة»). اهـ

وعن سلمة بن نبيط عن الضحاك بن مزاحم / قال: ذكرنا عنده: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»، فقال الضحاك: (هذا قبل أن تحد الحدود، وتنزل الفرائض).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (79)، والآجري في «الشريعة» (303)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1340)، والخلال في «السنة» (1241) من طريق وكيع ثنا سلمة بن نبيط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص108) من طريق علي بن الحسن عن عبد الله بن المبارك قال: أنبأ رزين السراج عن نصير أبي الأسود عن الضحاك بن مزاحم قال: (يقول أصحابك الحمقى: من شهد: أن لا إله إلا الله: دخل الجنة، وإنما هذا كان قبل أن تنزل الفرائض).

وإسناده حسن.

وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: أحمد بن محمد بن حنبل، قلت: إذا قال الرجل: «لا إله إلا الله»، فهو مؤمن؟، قال: (كذا كان بدء الإيمان، ثم نزلت الفرائض: الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (939)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1339)، والآجري في «الشريعة» (305) من طريق أبي الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام أحمد / في «الإيمان» (ص215): (نعم: وذاك قبل؛ أن تنزل الفرائض، ثم نزلت الفرائض، فينبغي على الناس: أن يعملوا بما افترض الله تعالى عليهم). اهـ

فالإمام أحمد / قال ذلك لأن: «المرجئة» يحتجون على إسقاط ركنية العمل، بحديث: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة).

قال تعالى: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون (2) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقا[ [الأنفال: 2-4].

قلت: فوصفهم الله تعالى بالإيمان: بهذه الخصال، على أنهم لا يكونون مؤمنين بعدمها.

وقال تعالى: ]ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين[ [المائدة: 5].

وقال تعالى: ]ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 88].

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص247): (ومن تركها، لم يصح صيامه، ولا حجة ولا غير ذلك من عباداته؛ لأن الكفر الأكبر يحبط جميع العمل). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص328): (أحب شيء إلى الله تعالى؛ التقرب إليه بالفرائض: من الصلوات، والزكوات، والصيام، والحج). اهـ

وعن ابن عباس قال في قوله تعالى: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ (يعني بالمؤمنة، من قد عقل الإيمان، وصام، وصلى).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1032)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج3 ص1032)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205) من طريق أبي صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص581).

وعن الإمام الحسن البصري / قال: (ما كان في القرآن من رقبة، فلا يجوز، إلا ما صام، وصلى).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (47) من طريق وكيع عن سفيان عن أبي حيان عن الشعبي، وهشام؛ كلاهما: عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ص108) من طريق يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن الحسن البصري قال: (كل شيء في كتاب الله: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ فمن صام، وصلى، وعقل).

وإسناده صحيح.

وعلقه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1031).

وعن أبي حيان التيمي قال: سألت: الشعبي، عن قوله تعالى: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ قال: (قد صلت، وعرفت الإيمان).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1031) من طريق سفيان الثوري، وابن علية؛ كلاهما: عن أبي حيان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «سبل السلام» (ص62): (الذي لا يصلي: ما عنده إيمان، لو كان عنده إيمان ما ترك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص236): (وقد ذهب جمع من أهل العلم: إلى أن من تركها تهاونا، وإن لم يجحد وجوبها: يكفر كفرا أكبر). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص237): (مجرد الترك، والتعمد لهذا الواجب العظيم، يكون به كافرا، كفرا أكبر، وردة عن الإسلام). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص240): (فدل على أن من لم يقم الصلاة، فقد أتى كفرا بواحا). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص244): (فترك الصلاة: من أعظم الأسباب في دخول النار؛ لأن تركها: كفر أكبر). اهـ

وعن الإمام قتادة /قال: في قوله تعالى: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ قال: (من صلى).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205) من طريق بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن إبراهيم النخعي / قال: (ما كان في القرآن من: ]رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ فلا يجزئ؛ إلا من صام، وصلى).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ص108)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ق/20/ط) من طريق وكيع، والثوري؛ كلاهما: عن الأعمش عن إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص216): (أكثر ما اشترط الفقهاء في الرقبة، التي تجزئ في الكفارة، العمل الظاهر). اهـ

قلت: فمن قتل مؤمنا، فعليه عتق رقبة مؤمنة([433])، والمؤمنة، هي التي توحد الله تعالى، وتصلي، وتزكي، وتصوم، وتحج، هذه هي: المؤمنة عند السلف.

قال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج1 ص396): (قوله تعالى: ]ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ أي: التي قد صلت لله تعالى، ووحدت الله تعالى).

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص316): (فهذه النصوص: وما جاء في معناها: كلها: دالة على كفر من ترك الصلاة، عمدا، وتهاونا، وتكاسلا). اهـ

ونقل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص256)؛ عن أهل العلم: أن من ترك صيام رمضان، عمدا فقد كفر، وهو الصحيح في اختلاف المتأخرين، لأنه موافق، لإجماع الصحابة والتابعين.

قلت: إذا فمن ترك الصلاة بالكلية، وهو يعتقد وجوبها، ولا يجحدها، فإنه يكفر، وأن كفره، الكفر الأكبر، الذي يخرجه من الإسلام.

قال تعالى: ]كل نفس بما كسبت رهينة (38) إلا أصحاب اليمين (39) في جنات يتساءلون (40) عن المجرمين (41) ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين[ [المدثر: 38-42].

قلت: فتارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر.

وقد قال تعالى: ]إن المجرمين في ضلال وسعر (47) يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر[ [القمر: 47-48].

* وقد حكى إجماع الصحابة y: على كفر تارك الصلاة، غير واحد من أهل العلم، وقد سبق.([434])

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص81)؛ أن تارك الصلاة، يكفر الكفر الأكبر، لعشرة وجوه.

* وأورد الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص17)؛ أكثر من اثنين وعشرين: دليلا، على كفر تارك الصلاة: الكفر الأكبر.

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص17): (وقد دل على كفر تارك الصلاة: الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة). اهـ

وقد رد العلامة الشيخ سليمان بن سحمان /؛ كما في «الدرر السنية» (ج10 ص495)؛ على: «البغدادي»، بقوله: أن مجرد التلفظ بالشهادتين، يكتفي به في عصمة المال والدم، ويكون به مسلما، وإن لم يصل، ولا يزك، ولا يصم، ولا يحج!.

وقال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23): (وكذلك قال الإمام سفيان بن عيينة /: (المرجئة: سموا ترك الفرائض ذنبا، بمنزلة: ركوب المحارم، وليسا سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال: معصية، وترك الفرائض من غير جهل، ولا عذر: هو كفر، وبيان ذلك في أمر: «آدم» عليه السلام، و«إبليس»، وعلماء اليهود الذين: أقروا ببعث النبي صلي الله عليه وسلم، ولم يعملوا بشرائعه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص81): (فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه السلف.

فالقول: تصديق الرسول r، والعمل: تصديق القول؛ فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية، لم يكن مؤمنا، والقول: الذي يصير به مؤمنا. قول مخصوص، وهو «الشهادتان»، فكذلك العمل: هو الصلاة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص103): (والأدلة التي ذكرناها، وغيرها تدل على أنه لا يقبل من العبد شيء من أعماله؛ إلا بفعل الصلاة، فهي مفتاح ديوانه، ورأس مال ربحه، ومحال بقاء الربح، بلا رأس مال، فإذا خسرها خسر أعماله كلها، وإن أتى بها صورة). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الأربعين» (ص13): (فالأعمال بالجوارح: تصديق على الإيمان، بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان: بعمله بجوارحه، مثل: «الطهارة»، و«الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، و«الجهاد»، وأشباه لهذه، ومن رضي لنفسه، بالمعرفة، والقول، دون العمل، لم يكن مؤمنا). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد السائل إلى دليل المسائل» (ص33): (من كان تاركا، لأركان الإسلام، وجميع فرائضه، ورافضا، لما يجب عليه من ذلك، من الأقوال والأفعال، ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين، فلا شك أن هذا كافر، شديد الكفر، حلال الدم والمال، فإنه قد ثبت بالأحاديث المتواترة: أن عصمة الدماء، والأموال، إنما تكون بالقيام بأركان الإسلام). اهـ

وقال العلامة القصاب / في «نكت القرآن» (ج1 ص480): (ولا أعلم بين الأمة خلافا في أن الخارج من الكفر إلى الإيمان لو قال: أؤمن بالله، وأؤمن بأن الصلاة، والزكاة حق، ولكن لا أقيمها، وأقتصر على القول بالشهادتين؛ أنه لا يقبل منه، وأنه كافر كما كان، حلال الدم والمال). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين لا بد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبا ظاهرا، و«لا صلاة»، و«لا زكاة»، و«لا صياما»، ولا غير ذلك من الواجبات). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص218): (فيمتنع أن يكون الرجل لا يفعل شيئا، مما أمر به من: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»... بل لا يفعل ذلك؛ إلا لعدم الإيمان الذي في قلبه). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص262): (وبذلك نعرف أن من لم يصل فهو كافر، أما أن يزعم أنه يؤمن بالله وباليوم الآخر، فهذا إيمان كاذب، وإيمان ادعائي، فكيف يؤمن بالله تعالى، ويؤمن بكتابه، ورسوله r، من لا يمتثل أوامره، ولا يعمل بكتابه؟! والله تعالى يقول: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5]، فالذي لا يصلي، ولا يؤتي الزكاة، ليس على دين، ولم يقم بما أمر به، ولم يف بما التزم به من شرع الله ودينه:  ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا[ [مريم:59]، يعني: عذابا شديدا في جهنم.

* أفنؤمن بالله ونرفض أوامره؟!، هذه دعوى كاذبة لم يتصورها قائلها، فليس هناك إيمان، ولا تصديق؛ إلا بانقياد، وقبول، واستجابة، وطاعة، أما بدون انقياد، وبدون قبول، وبدون استجابة لأوامر الله، فهذه دعوى زائغة كاذبة، يكذبها الواقع والحس، فلا إيمان لمن لم يصل، ولا إيمان لمن لم يمتثل أوامر الله، والنبي r قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ([435])، والأحاديث والآيات في ذلك كثيرة كما تقدم، وهذا أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

* وأما أن الأنسان يكفيه أن ينطق بالشهادتين، نطقا كاذبا، أجوف، لا قيمة له، ولا معول عليه، فذلك لا يصح، فكيف ينطق بالشهادتين، وهو لا يطيع أمر الله عز وجل؟ وكيف يقول أشهد أن محمدا رسول الله، وهو لا يتابعه، ولا يطيعه، لا في قليل، ولا في كثير؟، قال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[ [آل عمران:31]، وقال تعالى: ]قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين[ [آل عمران:32]، فكيف يزعم إنسان أنه يشهد أن محمد رسول الله، ولا يتابعه في صلاة، ولا في صيام ولا في زكاة، ولا في عفة ولا نزاهة؟، فشهادته حينئذ تعتبر شهادة كذب، ومن شهد أن محمدا رسول الله، فعليه أن يتبعه ويمتثل أوامره، ويتقيد بشرعه ودينه، ويبتعد عما نهى عنه.

* ومعنى شهادة أن محمد رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وما سوى ذلك فدعاوى كاذبه، وأمور فارغة، وأقوال لا تغني، لا نقير، ولا قطمير: ]إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون[ [الشعراء:227]). اهـ

وعن الإمام أحمد / في رواية عنه، أنه يكفر من ترك واحدا من المباني، وهي الرواية: الصحيحة لموافقتها، لإجماع الصحابة y، وهذا الحكم هو اختيار أبي بكر ابن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك بن أنس، كابن حبيب([436]). وهو الصحيح: من أقوال المتأخرين، ولا يلتفت إلى اختلافهم.

وقال العلامة الشيخ أبا بطين / في «الرسائل والمسائل النجدية» (ج1 ص659): (والمرتد: هو الذي يكفر بعد إسلامه: بكلام، أو اعتقاد، أو فعل، أو شك.

* وهو قبل ذلك يتلفظ بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، فإذا أتى بشيء: مما ذكروه: صار مرتدا، مع كونه يتكلم بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، ولا يمنعه: تكلمه بالشهادتين، وصلاته، وصمه، من الحكم عليه بالردة، وهذا ظاهر بالأدلة من الكتاب، والسنة، والإجماع). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «الكبائر» (ص161): (وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان، بلا مرض، ولا غرض؛ أنه شر من الزاني، والمكاس، ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة، والانحلال). اهـ

وعن عبدالله بن شقيق العقيلي / قال: (كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الترمذي في «سننه» (2622)، ومحمد المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (948)، والبغوي تعليقا في «شرح السنة» (211) من طريق قتيبة بن سعيد قال: حدثنا بشر بن المفضل عن سعيد الجريري عن عبدالله بن شقيق العقيلي به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، على شرط الشيخين، وسعيد الجريري، وإن كان اختلط([437])، إلا أنه قد سمع منه بشر بن المفضل الرقاشي قبل الاختلاط.([438])

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص425)؛ عن الجريري: (وما أخرج البخاري من حديثه إلا عن عبد الأعلى، وعبد الوارث، وبشر بن المفضل، وهؤلاء سمعوا منه قبل الاختلاط). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ص313)؛ عن الجريري: (وممن سمع منه قبل أن يختلط: الثوري، وابن عليه، وبشر بن المفضل). اهـ

وأثبت الحافظ ابن عدي / في «الكامل» (ج3 ص1228)؛ أن بشر بن المفضل سمع من الجريري قبل الاختلاط.

وقد أقره العلامة المقريزي في «مختصر الكامل» (ص388).

قلت: ويزداد قوة:

قال العلامة ابن الكيال / في «الكواكب النيرات» (ص184): (وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل). اهـ

قلت: وهذا يدل أن بشر بن المفضل سمع من سعيد الجريري قبل الاختلاط، وهو من رجال الإمام البخاري /، والإمام مسلم /.([439])

 قلت: ويؤكد هذا الأصل؛ قول الإمام أبي داود / حيث قال: (أرواهم عن الجريري؛ إسماعيل ابن علية، وكل من أدرك أيوب؛ فسماعه من الجريري جيد).([440])

قلت: والمراد كل من سمع من أيوب، وبشر بن المفضل قد ثبت سماعه من أيوب.

وإليك الدليل:

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص547): أخبرنا علي بن الحسين قال: سمعت علي بن عثمان اللاحقي يقول: أخبرنا بشر ابن المفضل قال: سمعت أيوب يثني على جرثومة بن عبدالله النساج. 

وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.

قلت: وهذا يدل على أن رواية بشر بن المفضل عن الجريري جيدة، وهي قبل الاختلاط، والله ولي التوفيق.

قلت: فأثبت الحفاظ أن بشر بن المفضل قد سمـع مـن الجـريـري قبل الإختلاط، وقد عرفوا ذلك بالإستـقـراء والتتبع، ولما عندهم من غزارة العلم من هذا الفن، وهذا يدل على القرائن القوية في الدلالة على أن بشرا روى عن الجريري قبل الإختلاط.([441])

قلت: فلا يتجرأ أحد([442])بعدهم، فيسود صفحات بالتأويل الفـاسـد، والتكلف المهلك، ليبطل ما أثبته الحفاظ في صحة الإسناد في أثر عبدالله بن شقيق العقيلي.

قلت: إذا فإسنـاد بـشر بن المفضل من قسم الصحيح المعتمد عند أئمة الحديث، وروايته عن الجريري صحيحة، كيف لا، وبشر بن المفضل ثقة ثبت في الحفظ.

قال الإمام أحمد / عنه: (بشر بن المفضل إليه المنتهى في التثبت بالبصرة!).([443])

وقال مـعـاوية بـن صـالح: ليحيى بـن مـعـيـن، من أثبت شيوخ البصريين، قال: (بشر بن المفضل، مع جماعة سماهم).([444])

وقال الإمام ابن المديني /: (المحدثون صحفوا، وأخطؤوا؛ ما خلا أربعة: يزيد بن زريع، وابن عليه، وبشر بن المفضل، وعبدالوارث بن سعيد).([445])

وقال الإمام أبو داود /: (ليس من العلماء أحد إلا وقد أخطأ في حديثه؛ إلا بشر بن المفضل، وابن علية).([446])

وقال الإمام الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص309): (بشر بن المفضل ابن لاحق الإمام الثقة أبو إسماعيل الرقاشي الحافظ العابد).

وقال الحافظ ابن حجر / في «التقريب» (ص171): (بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، ثقة ثبت عابد).

وقال الإمام العجلي / في «معرفة الثقات» (ج1 ص247): (بشر بن المفضل الرقاشي، ثقة فقيه، ثبت في الحديث، حسن الحديث، صاحب سنة).

قلت: فرواية بشر بن المفضل غاية في الصحة، لقوة القرائن التي ثبتت عند الحفاظ.

ولذلك تعلم أن الطريقة التي سلـكـها دعاة الإرجاء([447])لرد ما نص عليه الحفاظ من صحة رواية بشر بن المفضل عن الجريري؛ طريقة باطلة، لا تمت إلى أسـالـيـب أئمة الحديث بصلة، بل لفقوا قاعدة باطلة في تضعيف إسـنـاد أثر عبدالله بن شقيق!، ووقعوا في تأويلات محدثة في معنى الأثر، ولم يسبقوا إليها، والله المستعان.

قلت: وقد كان من أئمة هذا الشأن، ومن أشدهم تحريا للسماع الصحيح؛ كالإمام البخاري، وغيره، ينصون على السماع الصحيح عندما يجدون قرائن قوية تدل عليه، ومن ذلك رواية بشر بن المفضل عن الجريري.([448])

قلت: ومع ذلك؛ فقد جهل هذا الجهول هذا كله؛ فوقع في الضلال والتضليل، والعلة والتعليل، ومن كان حاله حقيق بأن يرثى حاله، ويطرح مقاله، فيعرف أتباعه حقيقته وسريرته، نعوذ بالله من الخذلان.

قلت: ثم إن الجريري، وإن كان قد اختلط، لكن اختلاطه لم يكن فاحشا، وهذا يقوي القرائن الثابتة في صحة أثر عبدالله بن شقيق العقيلي /؛ من رواية بشر بن المفضل عن الجريري.

قال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج6 ص351): (سعـيـد بن إياس الجريري من أهل البصره؛ وكان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سـنـين؛ ولم يكن اختلاطه اختلاطا فاحشا، فلذلك أدخلناه في الثقات).

قلت: إذا فبشر بن المفضل الراوي عن الجريري بهذا اللفظ، هو ممن روى عنه قبل الاختلاط، وقد ثبتت روايته عنه قبل الاختلاط من أمرين:

أولا: بتنصيص الحفاظ روايته عنه قبل الاختلاط.

ثانيا: قوة القرائن الدالة على ثبوت روايته عنه قبل الاختلاط.

قلت: ومن القرائن الصحيحة أن الأثر على شرطهما؛ فتنبه لهذا الاتفاق على صحة رواية بشر بن المفضل عن سعيد الجريري قبل الاختلاط.([449])

وذكره الحافظ الزيلعي / في «تخريج أحاديث الكشاف» (ج1 ص204)؛ ثم قال: (وهؤلاء رجال الصحيح).

وذكره الحافظ ابن حجر / في «الكافي الشاف» (ص51)؛ ثم قال: (وإسناده صحيح).

وذكره الحافظ ابن الملقن / في «الإعلام» (ج9 ص53)؛ ثم قال: (وروى هذا الترمذي عن عبدالله بن شقيق؛ بإسناد صحيح).([450])

وذكره الحافظ النووي / في «المجموع» (ج3 ص16)؛ ثم قال: (رواه الترمذي في «كتاب الإيمان» بإسناد صحيح).

وذكره الحافظ النووي في «رياض الصالحين» (ص382)؛ ثم قال: (رواه الترمذي في «كتاب الإيمان»: بإسناد صحيح).

              وقال الحافظ العراقي / في «طرح التثريب» (ج2 ص146): (روى الترمذي؛ بسند صحيح؛ من رواية عبدالله بن شقيق قال: (كان أصحاب رسول اللهr  لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).

              وقال العلامة ابن علان / في «دليل الفالحين» (ج6ص267): (رواه الترمذي في «كتاب الإيمان» من جامعه؛ بإسناد صحيح).

              وذكره العلامة الألباني / في «صحيح سنن الترمذي» (ج2ص329)؛ ثم قال: (صحيح).  

وذكره العلامة الألباني / أيضا في «الثمر المستطاب» (ج1 ص52)؛ ثم قال: (وهو صحيح الإسناد).

وقال العلامة ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص293): (فقد ثبت عن عبدالله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل أنه قال: (لم يكـن أصحـاب رسـول الله r  يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة). اهـ

قلت: ولم يختلف العلماء رحمهم الله تعالى في صحة رواية بشر بن المفضل، وثبوتها، ولم يعلها أحد منهم، فقد صححها أيضا كل من: الحافظ السخاوي / في «الأجوبة المرضية» (819)، والعلامة الألباني / أيضا في «صحيح الترغيب» (ج1 ص367- الطبعة الجديدة الأخيرة المعتمدة([451])في سنة1421هـ)، والعلامة ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص237)،([452]) وفي «التحفة البازية» (ج1 ص302).

قلت: وقد احتج بأثر عبدالله بن شقيق هذا الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23)، وشيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص48)، والعلامة ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص276)، وفي «التحفة البازية» (ج1 ص298)،([453]) وهذا يدل على صحته عندهم، والله ولي التوفيق.

قلت: والأثر ذكره العلامة الطيبـي / في «شرح مشكاة المصابيح» (ج2 ص148)، والعلامة ابن حجر الهيتمي / في «الزواجر» (ج1 ص283)، والعلامة القاري في «مرقاة المفاتيح» (ج2 ص515)، والعلامة التبريزي / في «مشكاة المصابيح» (ج1 ص256)، والعلامة المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص280).

قلت: واللفظ الذي سـبـق يكفي في ثبوت إجماع الصحابة y في تكفير تارك الصلاة، من رواية بشر بن المفضل عن الجريري.

قلت: ولم يتفرد به بشر عن الجريري، بل تابعه عبد الأعلى بن عبدالأعلى عن الجريري عن عبدالله بن شـقـيـق قال: (ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة، فقد كانوا يقولون: تركها كفر).

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص49)، وفي «الإيمان» (137).

وإسناده صحيح.

وعبدالأعلى بن عبدالأعلى الراوي عن الجريري للأثر هنا بهذا اللفظ، هو ممن روى عن الجريري قبل الإختلاط، فروايته أيضا عنه صحيحة.

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص425) عن الجريري: (وما أخرج له البخاري من حديثه إلا عن عبدالأعلى، وعبدالوارث، وبشر بن المفضل، وهؤلاء سمعوا منه قبل الإختلاط).

              وقال الحافظ العجلي / في «معرفة الثقات» (ج1 ص394): (وعبدالأعلى من أصحهم سماعا؛ سمع منه قبل أن يختلط بثمان سنين).([454]) 

              وقد تابعهما إسماعـيـل بن علية عن الجريري عن عبدالله بن شـقـيـق قال: (ما علمنا شيئا من الأعمال قيل تركه كفر إلا الصلاة).

              أخرجه الخلال في «السنة» (1378).

وإسناده صحيح.

وإسمـاعـيـل بن علية الراوي عن الجريري، هو ممن روى عنه قبل الإختلاط، فروايته عنه صحيحة.([455])

قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ص313) عن الجريري: (وممن سمع منه قبل أن يختلط: الثوري، وابن علية، وبشر بن المفضل).

وقال أبو عبيد الآجري / في «سؤالاته» (339): سمعت أبا داود يقول: (أرواهـم عن الجريري إسـمـاعيل ابن علية، وكل من أدرك أيوب؛ فسماعه من الجريري جيد).

قلت: فأثبت الحفاظ أن ابن علية قد سمع من الجريري قبل الإختلاط. 

قلت: والشيخان انتقيا ما علما أن رواية: بشر عن الجريري قبل الإختلاط؛ فيقوى الأثر بذلك، وهذا صنيع الأئمة الذي يشير إلى اعتمادهم أن رواية بشر بن المفضل عن الجريري قبل الإختلاط، لأنهم قد صححوا الأثر لذاته، ويزداد قوة بالمتابعات الأخرى، وبإلفاظ لا تخرج عن المعنى الأول في المراد به إجماع الصحابة الكرام على الفهم الصحيح، لأن الألفاظ يفسر بعضها بعضا، اللهم غفرا.

قلت: وعبد الله بن شقيق العقيلي /، تابعي كبير، عده الحافظ ابن سعد في «الطبقة الأولى» في كتابه: «الطبقات الكبرى»: (ج7 ص126)؛ من تابعي أهل البصرة، سمع من ثلاثة عشر صحابيا؛ منهم كبار الصحابة؛ كعمر، وعثمان، وعلي، وأبي ذر y، وأدرك المئات من الصحابة.

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص37)؛ معلقا على أثر عبدالله بن شقـيـق: (فذكر: أنهم مجمعون على أن ترك الصلاة: كفر، ولم يقولوا: بشرط أن ينكر وجوبها، أو يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص241): (فهذا يدل على أن تركها: كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص276): (فذكر: ([456]) إجماع الصحابة y: على أن تارك الصلاة: كافر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص291): (والراجح: أنه كافر، كفرا أكبر). اهـ

قلت: و«ربيع المرجئ»([457]) ينازع في دعوى الإجماع، ولا يدري ما يخرج من رأسـه، لأنـه يزعم أن عبدالله بن شقيق لم يلق جميع الصحابة، إنما أدرك عددا قليلا منهم، فلا يسلم بدعوى الإجماع، والرد عليه من وجوه:

1) أن كلام عبدالله بن شقيق صيغته أن هذه المقاله اجتمع عليها الصحابة y، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r...) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك.

قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص372) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك). اهـ

وقال العلامة المباركفوري / في «تحفة الأحوذي» (ج7 ص309): (قول عبدالله بن شقيق هذا ظاهره يدل على أن أصحاب رسول اللهr  كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر، والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة y). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص75): (هذا إجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص265) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

ونقل إجماع الصحابة y على كفر تارك الصلاة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص15)، ونقله كذلك شيخنا ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص134).

2) أن عبدالله بن شقيق حاك للأجماع الذي لم يوجد له مخالف من الصحابة الكرام.([458])     

3) أن عبدالله بن شقيق حاك للإجماع، لا راويا عن الصحابة، وحاكي الإجماع لا يلزم أن يكون مدركا لجميع من نقل عنهم الإجماع، فافهم لهذا ترشد.

فهذا الإمام محمد بن نصر المروزي، والإمام ابن عبدالبر، والإمام النووي، والإمام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين، وغيرهم ينقلون إجماع الصحابة الكرام في مواضع كثيرة، ولم يقل أحد من العلماء: إنهم لم يسمعوا من الصحابة الكرام، إذا فدعوى: «ربيع الهالك» مردودة عليه.

قلت: وعبدالله بن شقيق لم يتفرد بذكر إجماع الصحابة الكرام في تكفير تارك الصلاة، بل حكاه جابر بن عبدالله t عن الصحابة الكرام في عهد رسول الله r؛ كما سوف يأتي، وكذلك نقل ذلك الحسن البصري /.

4) نقل غير واحد من العلماء إجماع الصحابة على ذلك ولم أقف على قول أحد منهم يطعن في ذلك، أو يرده!.

وصنيع الشيخ الألباني / يشير إلى اعتماده لهذا الوجه، لأنه قد صحح الأثر في «صحيح الترغيب والترهيب» (564)، وذكر أن أثر جابر t يشهد له، وصححه أيضا في «صحيح الترمذي» (2114)، وأثر جابر t يدل على المعنى، فيزداد له أثر عبدالله بن شقيق قوة.

قلت: ومما يشهد لذلك أيضا؛ قول الحسن البصري / حيث قال: (بلغني أن أصحاب رسول الله rكانوا يقولون: بين العبد، وبين أن يشرك، فيكفر؛ أن يدع الصلاة من غير عذر).([459])

قلت: والحسن البصري /: قد أدرك كبار الصحابة y، فقوله المذكور إن لم يكن سماعا من الصحابة y، فلا أقل من أن يكون حكاية عالم فقيه، مطلع على الخلاف، والإجماع، والعلماء يعتدون بمن هو أقل من الحسن البصري / في مثل هذا النقل، فافطن لهذا. ([460])

وعن مجاهد بن جبر عن جابر بن عبدالله الأنصاري t؛ قال: قلت له: (ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم من الأعمال في عهد رسول الله r قال: الصلاة).([461])

وعن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبدالله t؛ وسأله رجل: أكنتم تعدن الذنب فيكم شـركـا؟ قال: لا؛ قال: (وسئل: ما بين العبد وبين الكفر؟، قال: ترك الصلاة).([462])

قلت: وهذا الآثار لا تحمل إلا على الكفر الأكبر، لقوله: (وبين أن يشرك فيكفر)؛ أي: يقع في شرك الكفر، ولقوله: (لا يفرق بين الكفر والإيمان إلا بترك الصلاة)، ولقوله: (أن يشرك فيكفر؛ أن يدع الصلاة).

قلت: وقد أجمع التابعون أيضا على كفر تارك الصلاة.

فعن أيوب السختياني / قال: (ترك الصلاة كفر، لا يختلف فيه).([463])

قلت: أيوب السختياني / من كبار الفقهاء، وقد نقل الاتفاق على أن ترك الصلاة: كفر، وهذا يدل على أن الخلاف في المسألة حادث بعد وفاته. ([464])

قلت: والرسول r أفصح الخلق، وهو أعلم الناس، بدين الله تعالى، فقد بين r أن من تركها كفر، وهذا يعم من جحد، ومن لم يجحد.

* فبترك الصلاة، يكفر، ولم يقل النبي r: من جحد وجوبها، أو إذا جحد وجوبها، بل بمجرد ترك الصلاة، فهو يكفر، ولو لم يجحد وجوبها. ([465])

قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص249): (وهذا الوعيد يدل بلا شك على كفر من ترك الصلاة: وإن لم يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص250): (وهذا فيمن تركها كسلا، ولم يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص263): (الصواب: أن من ترك الصلاة، فهو كافر، وإن كان غير جاحد لها، هذا القول المختار). اهـ

ونقل الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص225)؛ عن الصحابة y؛ وهم: علي بن أبي طالب، وابن عباس، وعمر، وابن مسعود، وجابر، وأبو الدرداء، تكفير تارك الصلاة، قالوا: من لم يصل، فهو كافر.

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم: من الصحابة y أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا، حتى يخرج وقتها، فهو كافر مرتد، قال: ولا نعلم لهؤلاء: من الصحابة y مخالفا). اهـ

قلت: وهذه الآثار، كلها تدل على أن من ترك واحدة، من الخمس في الإســلام، فقد كفر، وخرج من الملة، ولو لم يجحد بها.

* وبهذا كله يظهر، لمن أراد الله تعالى، هدايته: صحة انعقاد إجماع الصحابة، والتابعين بإحسان: على كفر من ترك واحدا من أركان الإسلام. ([466])

قلت: فقد أجمع السلف الصالح على كفر تارك الصلاة، والأدلة على ذلك عن النبي r كثيرة جدا، وكذلك عن الصحابة، والتابعين، والخلاف في كفر تارك الصلاة؛ إنما وقع بعدهم، فلا يعتد به في الشريعة المطهرة، فافطن لهذا ترشد.

قلت: فالإجماع؛ إجماع السلف، ومن سواهم تبع لهم، اللهم غفرا.

وحكى الإجماع على ذلك جماعة؛ كـإسحـاق بن راهـويه، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهم من أهل العلم.

قال الإمام المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص929): سمعت إسحاق بن راهويه يقول: (قد صحعن رسـول الله r أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي  rإلى يومنا هذا: أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر).

وأخرجه ابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص225).

وقال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص925): (ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي r في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة الكرام مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك، ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما روي عن النبي r، ثم عن الصحابة y في إكفار تاركها). اهـ

قلت: ومعلوم أن محمد بن نصر المروزي من أهل الاستقراء التام، والمعرفة الواسعة بأقوال أهل العلم، ومواضع الإجماع، والنزاع.

قال الحافظ الخطيب / في «تاريخ بغداد» (ج3 ص315)؛ عن المروزي: (كان من أعلم الناس بإختلاف الصحابة([467])، ومن بعدهم في الأحكام). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج14 ص34)؛ عن المروزي: (يقال: إنه كان أعلم الأئمة بإختلاف العلماء على الإطلاق). اهـ

قلت: وهذا الآثار تدل على إجماع الصحابة الكرام على هذا الفهم، وهو كفر تارك الصلاة.

وقد أشار الحافظ ابن رجب / على أن كثيرا من أهل الحديث على تكفير تارك الصلاة، مما يدل على أن من ينقل عن جمهور العلماء إنهم لا يكفرون تارك الصلاة، فهو خطأ لا يلتفت إليه في كتب الفقه، لأنهم يقصدون بالجمهور أصحاب المذاهب المعروفة، وهذا أيضا خطأ، فجمهور العلماء هم أكثر العلماء، فلا يقتصر على أصحاب المذاهب، لأنه اصطلاح لا يصح عند أهل الحديث.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص21): (وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم، حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقول المرجئة). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23): (وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر... وممن قال بذلك: ابن المبارك، وأحمد -في المشهور عنه- وإسحاق وحكى عليه إجماع أهل العلم).([468]) اهـ

قلت: لذلك لم نظفر بأي رجل من الصحابة الكرام، خالف ما ادعاه: «ربيع»، و«عبيد»، وأشكالهما من عدم إجماع الصحابة الكرام على كفر تارك الصلاة.

إذا فكيف تترك كل هذه الأدلة الواضحة، ويسمع بعد ذلك إلى من يحتج بالخلاف على الإجماع، مع أنهم قبلوا كثيرا من دعاوى الإجماع بما هو دون ذلك، والله المستعان.

قلت: فهذا الإجماع من أقوى الأدلة على بطلان قول: «ربيع المرجئ»، وبه تعرف أن ما سبق من عبثه، وتلاعبه في تضعيف طرق الأثر لا يجدي عنه شيئا، لأن العلماء حكوا الإجماع على صحته، بل حكوا على صحة إجماع الصحابة الكرام على كفر تارك الصلاة.

قلت: فإذا ثبت الإجماع، فمن خالف بعد ذلك، فهو محجوج بالإجماع السابق، ولو جعلنا الخلاف اللاحق سببا في زعزعة الثقة في الإجماع السابق؛ لسقط كثير من الإجماعات التي ادعاها أهل العلم، والعمل عليها حتى الآن، وفي هذا من المفسدة ما لا يخفى، اللهم غفرا.([469])

قلت: فالجميع محكوم بفهم صحابة رسول الله r، وهم مجمعون على كفر تارك الصلاة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج2 ص531): (فالواجب على المسلم أن يلزم سنة رسول الله، وسنة خلفائه الراشدين، والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، وما تنازعت فيه الأمة، وتفرقت منه إن أمكنه أن يـفصل النزاع بالعـلـم والعـدل، وإلا استـمـسـكبالـجـمـل الـثـابـتـة بالنص والإجماع، وأعرض عن الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعا؛ فإن مواضع التفرق والاختلاف عامتها تصدر عن اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى). اهـ

قلت: ومنازعات أهل الأهواء والبدع هي خصومات مذمومة، مدارها على اختلاف التضاد، ويتكلم أهلها بغير علم، وقصد حسن، اللهم غفرا.

قال أبو داود في «المسائل» (ص277): قلت لأحمد، الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: (لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي r، وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير).

وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1058): (الإجماع حجة مقطوع عليه، يجب المصير إليه، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ). اهـ

قلت: فالإجماع مقطوع عليه، ويصار إليه لكونه حجة، وتحرم مخالفته لكونه إجماعا، إذ الأمة لا تجتمع على باطل.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1057): (وسمـي إجماعا؛ لاجتماع الأقوال المتفرقة، والآراء المختلفة). اهـ

قلت: ومن رد الإجماع أثم، وله وعيد شديد يوم القيامة، كائنا من كان اللهم سلم سلم.

قال الحافظ الخطيب / في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص434): (فمن جحد الإجماع الأول استتيب، فإن تاب وإلا قتل، ومن رد الإجماع الآخر، فهو جاهل يعلم ذلك، فإذا علمه ثم رده بعد العلم، قيل له: أنت رجل معاند للحق وأهله). اهـ

قلت: فلا عذر لأحد بعد الإجماع في مخالفة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه مخالفة، قد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر، اللهم غفرا.

ﭑ ﭑ ﭑ

    

ذكر الدليل

 على كفر من ترك عبادة الحج، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الحج كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبه، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام

 

 

* القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن العبد لا يثبت له حكم الإيمان، إلا بالعمل مع التصديق، من تأدية: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج».

قلت: وهذا هو الإيمان الذي أوجبه الله تعالى على الخلق، وهو تصديق، واعتقاد القلب، وإقرار وقول باللسان، وعمل بالجوارح. ([470])

قال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص405): (وذلك خلاف مقالة: «المرجئة»، الذين حجبت عقولهم، وصرفت قلوبهم، وحرموا البصيرة، وخطئوا طريق الصواب). اهـ

وإليك الدليل:

عن الإمام مسروق / قال: (أمرتم في كتاب الله بإقامة أربع: بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، والعمرة، فالعمرة من الحج، منزلة الصلاة من الزكاة).

أثر صحيح

أخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (1351) من طريق زهير عن أبي إسحاق قال: سمعت مسروقا به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص354): (والإمام أحمد /: في أكثر الروايات عنه، وأوفقها لأصوله، أن تارك الأركان الأربعة، عدا الشهادتين متعمدا: كافر). اهـ

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص609)؛ أن الأركان ما عدا الشهادتين، في تكفير تاركها: نزاع مشهور، ثم رجح كفره بترك واحدة منهن.

* وهو اختيار: القاضي أبي بكر بن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك /.

وعن الضحاك بن مزاحم / قال: (فهذه صفة دين الله، وهو الإيمان، وما شرع الله فيه من الإقرار بما جاء من عند الله، وبين من حلاله وحرامه، وسننه وفرائضه).([471])

وقال تعالى: ]ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين[ [آل عمران:97]، فدلت هذه الآية على أن ترك الحج كفر، عند الاستطاعة، وليس هذه الآية محمولة على جحد الإيجاب: للحج، وهذا ظاهر في الآية.

قلت: فوجب أن يكون ذلك كفرا بما أوجب عليه.

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص105): «باب: حج البيت من الإيمان».

وعن الإمام سعيد بن جبير / قال: (لو مات جار لي؛ وهو موسر: ولم يحج لم أصل عليه).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (414)، ابن أبي شيبة في «المصنف» (14668)، والخلال في «السنة» (1575) من طريق شعبة عن أبي المعلى عن سعيد بن جبير به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الأسود بن هلال / قال: (لمولى له، يقال: له مقلاص، هو موسر: يا مقلاص: أتحج، فإن لم تحج، لم أصل عليك)، وفي رواية: (لئن مت ولم تحج، لم أصل عليك).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (1574)، وأحمد في «الإيمان» (417)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (14666) من طريق هشيم، وسفيان عن مغيرة بن مقسم، ومنصور؛ كلاهما: عن إبراهيم النخعي عن الأسود به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن عمر بن الخطاب t قال: (من أطاق الحج، ولم يحج حتى مات، فأقسموا عليه أنه: مات يهوديا، أو نصرانيا).

أثر صحيح

أخرجه محمد بن أسلم الطوسي في «الإيمان» (24)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص252)، والإسماعيلي في «مسند عمر بن الخطاب» (ج1 ص448 مسند الفاروق) من طريق قبيصة بن عقبة السوائي ثنا سفيان الثوري عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثني عبدالرحمن بن غنم أنه سمع عمر بن الخطاب t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقبيصة بن عقبة السوائي، ثقة، قد حفظ هذا الحديث عن الثوري بالتحديث([472])، وقد صححه ابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج2 ص223)، والشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج1 ص166).

قال الحافظ الذهبي في «السير» (ج10 ص133)؛ في ترجمة: قبيصة بن عقبة: (الرجل ثقة، وما هو في سفيان: كابن مهدي، ووكيع، وقد احتج به الجماعة في سفيان، وغيره، وكان من العابدين). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص436)؛ عن قبيصة بن عقبة: (من كبار شيوخ البخاري أخرج عنه أحاديث، عن سفيان الثوري، وافقه عليها غيره). اهـ

ومن هذا الوجه: أورده ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج1 ص448)؛ ثم قال: «وهو إسناد صحيح عنه».

وقال ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج2 ص387): (وهذا إسناد صحيح، إلى عمر بن الخطاب t).

* وأثر عمر t، صححه ابن الجوزي في «الموضوعات» (ج2 ص210).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص439) من طريق وكيع بن الجراح عن شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتيبة.

وأخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (ج1 ص382) من طريق المعتمر بن سليمان أنه سمع ليث بن أبي سليم.

كلاهما: الحكم بن عتيبة، وليث بن أبي سليم عن عدي بن عدي بن عميرة الكندي عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب t: (من مات، وهو موسر لم يحج، فليمت على أي حال، شاء يهوديا، أو نصرانيا).

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص694)؛ وعزاه إلى سعيد بن منصور.

وقال الدارقطني في «العلل» (ج2 ص174)؛ بعد أن ذكر الاختلاف في الأثر: (رواه شعبة عن الحكم عن عدي بن عدي عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم، وقال: عن أبيه عن عمر، وقول شعبة عن الحكم: أصح من قول العلاء بن المسيب عن الحكم عن عدي عن عمر).

وقال الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج10 ص166): (وإنما ثبت ذلك من قول: عمر بن الخطاب، موقوفا عليه).

وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج2 ص223): (أن طريق رواية: البيهقي، وسعيد بن منصور: صحيحة).

وذكره الهندي في «كنز العمال» (12402)؛ وعزاه إلى سعيد بن منصور.

وأخرجه أحمد في «الإيمان» (419)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص439)، وابن الجوزي في «مثير العزم الساكن» (7)، والخلال في «السنة» (1580)، من طريق وكيع، ومحمد بن جعفر، والطيالسي، ووهب بن جرير؛ كلهم: عن شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتيبة عن عدي بن عدي الكندي عن الضحاك([473]) بن عبدالرحمن بن عرزم عن أبيه عن عمر بن الخطاب t قال: (من كان ذا يسار، فمات ولم يحج، فليمت إن شاء يهوديا، وإن شاء نصرانيا).

قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات.

وقال الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج10 ص166): (وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير عبد الله بن نعيم؛ ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقد روى عنه: جمع آخر من الثقات، ووثقه: ابن نمير). اهـ

وذكره الزيلعي في «نصب الراية»: (ج4 ص412)، وابن عبدالهادي في «تنقيح التحقيق» (ج3 ص410).

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص334) من طريق حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج أخبرني عبدالله بن نعيم، أن الضحاك بن عبدالرحمن الأشعري أخبره أن عبدالرحمن بن غنم أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب t به.

* وعبدالله بن نعيم الشامي، لين الحديث.([474])

وقال الدارقطني في «العلل» (ج2 ص174)؛ بعد أن ذكر الاختلاف: وقول ابن جريج: أصح).

وأخرجه العدني في «الإيمان» (38)، والفاكهي في «أخبار مكة» (ج1 ص382) من طريق هشام بن سليمان عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن النعيم عن الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب t يقول: (ليمت يهوديا، أو نصرانيا، رجل مات، ولم يحج، وجد لذلك سعة وخليت سبيله).

* وهشام بن سليمان المخزومي([475]): «مقبول»، وعبدالله بن نعيم: «لين»، وسبق.

وأخرجه العدني في «الإيمان» (38)، والفاكهي في «أخبار مكة» (ج1 ص381) من طريق مروان بن معاوية الفزاري حدثنا ثابت بن يزيد الثمالي عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر بن الخطاب t.

* وثابت  بن  يزيد  الثمالي، ويقال عنه الأودي، يروي عن عمرو بن ميمون، وهو ضعيف الحديث. ([476])

وأخرجه الخلال في «السنة» (1573) من طريق منصور عن الحكم عن عدي بن عدي عن الضحاك بن عزرم قال: قال عمر بن الخطاب t.

وإسناده منقطع، فالضحاك لم يدرك عمر.

 وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص202)، والعدني في «الإيمان» (40) من طريق ابن جريج أخبرني سليمان مولى لنا عن عبدالله بن المسيب قال: سمعت عمر بن الخطاب t.

المولى: سليمان، هو ابن بابيه المكي، «مقبول».([477])

وعبدالله بن المسيب المخزومي: «صدوق». ([478])

والأثر حسنه الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج10 ص166).

وأخرجه سعيد بن أبي عروبة في «المناسك» (4) من طريق الحكم بن عتيبة عن عبدالرحمن بن عرزم، أن عمر بن الخطاب t قال:... فذكره.

وإسناده منقطع. 

وعن الإمام الشعبي / قال: (إذا اختلف الناس في شيء، فانظروا ما قال: عمر بن الخطاب t).

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج11 ص605) من طريق يحيى بن أبي بكر عن شعبة عن سيار قال: سمعت الشعبي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص547) من طريق ابن إدريس عن أشعث عن الشعبي قال: (إذا اختلف الناس في شيء، فانظر كيف صنع فيه عمر، فإنه كان لا يصنع شيئا حتى يسأل ويشاور).

وإسناده لا بأس به.

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص109) من طريق قبيصة ثنا سفيان عن صالح ابن حي قال: قال الشعبي: (من سره أن يأخذ بالوثيقة من القضاء؛ فليأخذ بقضاء عمر، فإنه كان يستشير).

وإسناده صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج1 ص358): (إذا اختلفت الأحاديث عن النبي r نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون، فإنهم أعلم بتأويلها وناسخها). اهـ

قلت: لو الناس في عهد الصحابة y: تركوا الحج، لقاتلوهم عليه، كما قاتلوهم على: ترك الصلاة، والزكاة.([479])

وبوب الحافظ الفاكهي في «أخبار مكة» (ج1 ص380)؛ التشديد في التخلف عن الحج، والواجب من علة.

قال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص76): (الكفر المطلق: هو الكفر الأعظم، المخرج عن الملة؛ فينصرف الإطلاق إليه... أنه بين: أن الصلاة، هي العهد الذي بيننا، وبين الكفار، وهم: خارجون عن الملة، ليسوا داخلين فيها، واقتضى ذلك: أن من ترك هذا العهد، فقد كفر، كما أن من أتى به، فقد دخل في الدين، ولا يكون هذا؛ إلا في الكفر المخرج عن الملة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى»(ج28 ص545): (وقد اتفق علماء المسلمين: على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة، فإنه يجب قتالها، إذا تكلموا بالشهادتين، وامتنعوا عن: «الصلاة»، و«الزكاة»، أو «صيام شهر رمضان»، أو «حج البيت العتيق»). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص356): (وأيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله لله، كما قاتل أبو بكر الصديق t، وسائر الصحابة : مانعي الزكاة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص357): (فثبت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام، وإن تكلم بالشهادتين). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص55): (وأخبر أبو بكر t، أنه: إنما يقاتلهم على الصلاة، والزكاة، وأصحاب رسول الله r قاتلوا من منع الزكاة، إذ كانت فريضة من فرائض الله تعالى... فاستحلوا قتالهم)([480]). اهـ

* فمن ترك لواحد من أركان الإسلام، فيقاتل، ويكفر، والأركان هي: شهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، و«إقام الصلاة»، و«إيتاء الزكاة»، و«صوم رمضان»، و«حج البيت».([481])

فعن حنظلة بن علي بن الأسقع؛ أن أبا بكر الصديق t، بعث خالد بن الوليد t، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، قال: (ومن ترك واحدة من الخمس، فقاتله، كما تقاتل من ترك الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).([482])

وقال الإمام أبو عبدالله ابن منده / في «رسالة في بيان فضل الأخبار، وشرح مذاهب أهل الأثر» (ص25): (فلما قبض الله جل وعلا: نبيه r، من بين أصحابه المنتخبة أجمعين، وجمعهم على خيرهم، وأفضلهم في أنفسهم، فقام بأمر الله جل وعلا، وأخذ منهاج رسول الله r، وقال: (والله لو منعوني عقالا، كانوا يؤدونه إلى رسول الله r، لقاتلتهم علىها).

فإن الزكاة واجبة، كالصلاة، فقاتل بمن أقبل من أهل الإسلام من أدبر، منهم: وارتد، حتى راجعوا دينهم، وأطاعوا أمر الله تعالى، وأدوا ما افترض الله عليهم، وأمضى حكم الله عز وجل، ورسوله r، فيمن أبى ذلك، فرضي الله عنه، وعن جميع الصحابة). اهـ

وقال الحافظ الآجري / في «الأربعين» (ص82): (اعلم أنه أول ما بعث النبي r أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن قالها صادقا من قلبه، ومات على ذلك دخل الجنة، ثم فرضت عليهم الصلاة بعد ذلك فصلوا، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال، كلما فرض عليهم فرض قبلوه، مثل: «صيام شهر رمضان»، ومثل: «الزكاة»)، ثم فرض: «الحج على من استطاع إليه سبيلا»، فلما آمنوا بذلك، وعملوا بهذه الفرائض، قال الله عز وجل: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]، فقال النبي r: «بني الإسلام على خمس»؛ فاعلم ذلك؛ فمن ترك فريضة من هذه الخمس، وكفر بها، وجحد بها لم ينفعه التوحيد، ولم يكن مسلما، وقد قال النبي r: «بين العبد، وبين الكفر ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة، فقد كفر»، وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزك ماله؛ فلا صلاة له»، ولما قبض النبي r ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة، وقالوا: نصلي، ونصوم، ولا نزكي أموالنا، فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع جميع الصحابة حتى قتلهم، وسباهم وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار، وقتلانا في الجنة؟» كل ذلك لأن الإسلام: «خمس» لا يقبل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ / في «الرسائل» (ج1 ص246)؛ عن ترك عمل الجوارح: (هذا من فروع مذهب: «المرجئة»، وهو الرائج في البلدان التي أهلها يدعون الإسلام). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص207): (فالواجب على ولي الأمر أن يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين، فإن كان التاركون طائفة ممتنعة: قوتلوا على تركها بإجماع المسلمين، وكذلك يقاتلون على ترك الزكاة، والصيام، وغيرهما، وعلى استحلال المحرمات الظاهرة المجمع عليها، كنكاح ذوات المحارم، والفساد في الأرض، ونحو ذلك، فكل طائفة ممتنعة من التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها، حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء). اهـ

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: «بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص211)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص183)، وفي «الأربعين» (7)، والخلال في «السنة» (1184)، و(1382)، و(1383)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص174)، ويوسف بن عبدالهادي في «مسألة في التوحيد» (ص71)، وابن أبي الرجاء في «الفوائد الملتفظة والفرائد الملتقطة» (ق/55/ط)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص184 و185 و301)، وفي «التوحيد» (ج2 ص30)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (ج2 ص526)، والنسفي في «القند» (992)،وابن عبد البر في «التمهيد» (ج16 ص160)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص159)، و(ج4 ص128)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص188)، والآجري في «الشريعة» (ص106)، وفي «الأربعين» (ص20)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص164)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج2 ص840)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص308)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص309)، وفي «مسند الشاميين» (ج2 ص283)، وفي «المعجم الأوسط» (2930)، و(6264)، (6533)، وابن صاعد في «حديثه» (ق/142/ط)، والجعبري في «الإفصاح في مراتب الصحاح» (ص70)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج1 ص528)، و(ج2 ص304 و489)، و(ج3 ص310)، و(ج4 ص164 و566)، والحيري؛ تعليقا في «الكفاية في التفسير» (ج6 ص186)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص52 و53)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص261)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص636 و637 و638)، والمؤيد الطوسي في «الأربعين عن المشايخ الأربعين» (ص90)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص418 و419 و420 و421)، والحربي في «الحربيات» (ق/8/ط)، ودانيال في «مشيخته» (ق/88/ط)، والدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (ج2 ص932)، و(ج3 ص1176)، وفي «الأفراد» (1911)، و(2882)، و(2986)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص660)، و(ج4 ص1419)، وأبو يعلى في «المسند» (ج10 ص164)، وابن الجوزي في «مشيخته» ص169 و170)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص319)، وفي «الحدائق» (ج1 ص66)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص59)، وفي «الناسخ والمنسوخ» (ص203)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص283)، وفي «المعجم المختص بالمحدثين» (ص264)، والديلمي في «الفردوس» (ج2 ص30)، وابن أبي عمر العدني في «الإيمان» (ص84)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص151)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص233)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص416 و450)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص295)، وبيبي الهروية في «جزء حديثها» (ص62)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص105)، وأبو حيان الأندلسي في «المنتخب من حديث: شيوخ بغداد» (ص132)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/53/ط)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (480)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص810)، والحسن بن سفيان النسوي في «الأربعين» (ص47)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط من المرويات» (ج1 ص244)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص86)، و(ج54 ص53)، و(ج58 ص86)، و(ج60 ص314)، و(ج63 ص228)، و(ج68 ص234)، وفي «معجم الشيوخ» (12، و(166)، و(994)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ بغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص82)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبدالله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): (بني الإسلام على خمس؛ أي: أركان، أو أشياء، (على خمس)؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([483]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص318): (وقول الإمام أحمد /: إن الإسلام هو: «الإقرار»، يدل على أن هذا أول دخوله الإسلام، وأنه لا يكون قائما بالإسلام الواجب، حتى يأتي بالخمس). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص284): (وحينئذ فالذي لا يصلي أبدا، لا يطلق عليه أنه مسلم.

* وحينئذ صدقاته، وما يفعل من أوجه البر، ومن أوجه الخير، لا تنفعه مع عدم الإسلام، ليس لها أثر مع كون الإنسان لم يلتزم بالإسلام.

فشهادة: أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وحدها لا تكفي، وإن كانتا هما الأساس، لكنهما مع من يعرف أنه لابد من الإتيان ببقية واجبات الإسلام، ودعائمه العظام). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص282): (وكل الصلوات، وصيام رمضان، والحج لبيت الله الحرام، وإخراج الزكاة على من عليه زكاة، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهي الأساس كذلك، ليس فيها شيء هو في خيار منه، فمن لم يحافظ على الصلوات، ومن لم يحافظ على واجبات الإسلام، فهو غير مسلم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص354): (والإمام أحمد /: في أكثر الروايات عنه، وأوفقها لأصوله، أن تارك الأركان الأربعة، عدا الشهادتين متعمدا: كافر). اهـ

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص609)؛ أن الأركان ما عدا الشهادتين، في تكفير تاركها: نزاع مشهور، ثم رجح كفره بترك واحدة منهن.

* وهو اختيار: القاضي أبي بكر بن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك /.

وعن الضحاك بن مزاحم / قال: (فهذه صفة دين الله، وهو الإيمان، وما شرع الله فيه من الإقرار بما جاء من عند الله، وبين من حلاله وحرامه، وسننه وفرائضه).([484])

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «كشف الشبهات» (ص12): (اعلم أن من ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فهو كافر؛ بإجماع المسلمين).اهـ

وقال الإمام الحكم بن عتيبة /: (من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا، فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا، فقد كفر). ([485])

وقد رد العلامة الشيخ سليمان بن سحمان /؛ كما في «الدرر السنية» (ج10 ص495)؛ على: «البغدادي»، بقوله: أن مجرد التلفظ بالشهادتين، يكتفي به في عصمة المال والدم، ويكون به مسلما، وإن لم يصل، ولا يزك، ولا يصم، ولا يحج!.

وقال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري»(ج1 ص23): (وكذلك قال الإمام سفيان بن عيينة /: (المرجئة: سموا ترك الفرائض ذنبا، بمنزلة: ركوب المحارم، وليسا سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال: معصية، وترك الفرائض من غير جهل، ولا عذر: هو كفر، وبيان ذلك في أمر: «آدم» عليه السلام، و«إبليس»، وعلماء اليهود الذين: أقروا ببعث النبي صلي الله عليه وسلم، ولم يعملوا بشرائعه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص81): (فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه السلف.

فالقول: تصديق الرسول r، والعمل: تصديق القول؛ فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية، لم يكن مؤمنا، والقول: الذي يصير به مؤمنا، قول مخصوص، وهو «الشهادتان»، فكذلك العمل: هو الصلاة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص218): (فيمتنع أن يكون الرجل لا يفعل شيئا، مما أمر به من: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»... بل لا يفعل ذلك؛ إلا لعدم الإيمان الذي في قلبه). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص262): (وبذلك نعرف أن من لم يصل فهو كافر، أما أن يزعم أنه يؤمن بالله وباليوم الآخر، فهذا إيمان كاذب، وإيمان ادعائي، فكيف يؤمن بالله تعالى، ويؤمن بكتابه، ورسوله r، من لا يمتثل أوامره، ولا يعمل بكتابه؟! والله تعالى يقول: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5]، فالذي لا يصلي، ولا يؤتي الزكاة، ليس على دين، ولم يقم بما أمر به، ولم يف بما التزم به من شرع الله ودينه:  ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا[ [مريم:59]، يعني: عذابا شديدا في جهنم.

* أفنؤمن بالله ونرفض أوامره؟!، هذه دعوى كاذبة لم يتصورها قائلها، فليس هناك إيمان، ولا تصديق؛ إلا بانقياد، وقبول، واستجابة، وطاعة، أما بدون انقياد، وبدون قبول، وبدون استجابة لأوامر الله، فهذه دعوى زائغة كاذبة، يكذبها الواقع والحس، فلا إيمان لمن لم يصل، ولا إيمان لمن لم يمتثل أوامر الله، والنبي r قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ([486])، والأحاديث والآيات في ذلك كثيرة كما تقدم، وهذا أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

* وأما أن الأنسان يكفيه أن ينطق بالشهادتين، نطقا كاذبا، أجوف، لا قيمة له، ولا معول عليه، فذلك لا يصح، فكيف ينطق بالشهادتين، وهو لا يطيع أمر الله عز وجل؟ وكيف يقول أشهد أن محمدا رسول الله، وهو لا يتابعه، ولا يطيعه، لا في قليل، ولا في كثير؟، قال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[ [آل عمران:31]، وقال تعالى: ]قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين[ [آل عمران:32]، فكيف يزعم إنسان أنه يشهد أن محمد رسول الله، ولا يتابعه في صلاة، ولا في صيام ولا في زكاة، ولا في عفة ولا نزاهة؟، فشهادته حينئذ تعتبر شهادة كذب، ومن شهد أن محمدا رسول الله، فعليه أن يتبعه ويمتثل أوامره، ويتقيد بشرعه ودينه، ويبتعد عما نهى عنه.

* ومعنى شهادة أن محمد رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وما سوى ذلك فدعاوى كاذبه، وأمور فارغة، وأقوال لا تغني، لا نقير، ولا قطمير: ]إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون[ [الشعراء:227]). اهـ

    

ذكر الدليل

على كفر من ترك عبادة الصوم، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الصوم كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبه، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام

 

 

* القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن العبد لا يثبت له حكم الإيمان، إلا بالعمل مع التصديق، من تأدية: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج».

قلت: وهذا هو الإيمان الذي أوجبه الله تعالى على الخلق، وهو تصديق، واعتقاد القلب، وإقرار وقول باللسان، وعمل بالجوارح. ([487])

قال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص405): (وذلك خلاف مقالة: «المرجئة»، الذين حجبت عقولهم، وصرفت قلوبهم، وحرموا البصيرة، وخطئوا طريق الصواب). اهـ

وإليك الدليل:

وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون[ [البقرة: 183].

وقال تعالى: ]شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه[ [البقرة: 185].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص519): (وقد اتفق الصحابة ، والأئمة بعدهم: على قتال مانعي الزكاة، وإن كانوا يصلون الخمس، ويصومون شهر رمضان، وهؤلاء لم يكن لهم شبهة سائغة، فلهذا كانوا مرتدين: وهم يقاتلون على منعها، وإن أقروا بالوجوب، كما أمر الله تعالى). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص535): (فإن المسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه، كان أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع، مثل: مانعي الزكاة، وأمثالهم ممن قاتلهم الصديق t). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص545): (وقد اتفق علماء المسلمين: على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة، فإنه يجب قتالها، إذا تكلموا بالشهادتين، وامتنعوا عن: «الصلاة»، و«الزكاة»، أو «صيام شهر رمضان»، أو «حج البيت العتيق»). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص356): (وأيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله لله، كما قاتل أبو بكر الصديق t، وسائر الصحابة : مانعي الزكاة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص357): (فثبت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام، وإن تكلم بالشهادتين). اهـ

وقال الإمام أبو عبيد / في «الإيمان» (ص39): (وقال تعالى: ]خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها[ [التوبة:103].

* فلو أنهم ممتنعون من الزكاة عند الإقرار، وأعطوه ذلك بالألسنة، وأقاموا الصلاة، غير أنهم ممتنعون من الزكاة([488])، كانذلك مزيلا لما قبله، وناقضا للإقرار والصلاة، كما كان إيتاء الصلاة قبل ذلك ناقضا لما تقدم من الإقرار، والمصدق لهذا:

* جهاد أبي بكر الصديق t بالمهاجرين، والأنصار على منع العرب الزكاة، كجهاد: رسول الله r: أهل الشرك سواء، لا فرق بينها في سفك الدماء، وسبي الذرية، واغتنام المال، فإنما كانوا مانعين([489]) لها غير جاحدين بها!.

* ثم كذلك: كانت شرائع الإسلام كلها، كلما نزلت شريعة صارت مضافة إلى ما قبلها لاحقة به، ويشملها جميعا اسم الإيمان؛ فيقال لأهله: مؤمنون). اهـ

* فمن ترك لواحد من أركان الإسلام، فيقاتل، ويكفر، والأركان هي: شهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، و«إقام الصلاة»، و«إيتاء الزكاة»، و«صوم رمضان»، و«حج البيت».([490])

فعن حنظلة بن علي بن الأسقع؛ أن أبا بكر الصديق t، بعث خالد بن الوليد t، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، قال: (ومن ترك واحدة من الخمس، فقاتله، كما تقاتل من ترك الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).([491])

وقال الحافظ الآجري / في «الأربعين» (ص82): (اعلم أنه أول ما بعث النبي r أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن قالها صادقا من قلبه، ومات على ذلك دخل الجنة، ثم فرضت عليهم الصلاة بعد ذلك فصلوا، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال، كلما فرض عليهم فرض قبلوه، مثل: «صيام شهر رمضان»، ومثل: «الزكاة»)، ثم فرض: «الحج على من استطاع إليه سبيلا»، فلما آمنوا بذلك، وعملوا بهذه الفرائض، قال الله عز وجل: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]، فقال النبي r: «بني الإسلام على خمس»؛ فاعلم ذلك؛ فمن ترك فريضة من هذه الخمس، وكفر بها، وجحد بها لم ينفعه التوحيد، ولم يكن مسلما، وقد قال النبي r: «بين العبد، وبين الكفر ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة، فقد كفر»، وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزك ماله؛ فلا صلاة له»، ولما قبض النبي r ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة، وقالوا: نصلي، ونصوم، ولا نزكي أموالنا، فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع جميع الصحابة حتى قتلهم، وسباهم وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار، وقتلانا في الجنة؟» كل ذلك لأن الإسلام: «خمس» لا يقبل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ / في «الرسائل» (ج1 ص246)؛ عن ترك عمل الجوارح: (هذا من فروع مذهب: «المرجئة»، وهو الرائج في البلدان التي أهلها يدعون الإسلام). اهـ

وعن عبد الله بن عمرو قال: (إن عرى الدين، وقوامه الصلاة، والزكاة، لا يفرق بينهما، وحج البيت، وصوم رمضان).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (10483)، وفي «الإيمان» (124) من طريق محمد بن بشر نا زكريا قال: حدثني حواري بن زياد؛ أن عبد الله بن عمرو t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (الأمر عندنا إن كان قد منع فرائض الله تعالى، فلم يستطع المسلمون أخذها منه، فإن حقا عليهم جهادهم([492])، حتى يأخذوها منه.

* قال حنبل: سمعت أبا عبدالله يقول: (ما فعل أبو بكر، قلت: فما ترى أنت؟، قال: ما أجيب في هذا بشيء، فقد قال مالك: في ذلك، وأمسك أبو عبدالله عن الجواب).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام الملل»، كتاب: «الردة» (ص482) من طريق حنبل قال: حدثنا القعنبي قال: قال مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الخلال عليه في «أحكام الملل» (ص482)، باب: جامع القول في من ترك فريضة من فرائض الله تعالى.

وقال عبدالله بن أحمد في «السنة» (ص361)؛ وجدت في كتاب أبي /، قال: أخبرت أن فضيل بن عياض قال: (وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة، ولا الزكاة، ولا شيء من الفرائض من الإيمان؛ افتراء على الله عز وجل، وخلافا لكتابه، وسنة نبيه r، ولو كان القول؛ كما يقولون: لم يقاتل أبو بكر t: أهل الردة).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص90): (وإن كانوا طائفة ممتنعة ذات شوكة؛ فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا أداء الواجبات الظاهرة والمتواترة: كالصلاة، والصيام، والزكاة، وترك المحرمات: كالزنا، والربا، وقطع الطريق، ونحو ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص207): (فالواجب على ولي الأمر أن يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين، فإن كان التاركون طائفة ممتنعة: قوتلوا على تركها بإجماع المسلمين، وكذلك يقاتلون على ترك الزكاة، والصيام، وغيرهما، وعلى استحلال المحرمات الظاهرة المجمع عليها، كنكاح ذوات المحارم، والفساد في الأرض، ونحو ذلك، فكل طائفة ممتنعة من التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها، حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء). اهـ

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: «بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص211)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص183)، وفي «الأربعين» (7)، والخلال في «السنة» (1184)، و(1382)، و(1383)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص174)، ويوسف بن عبدالهادي في «مسألة في التوحيد» (ص71)، وابن أبي الرجاء في «الفوائد الملتفظة والفرائد الملتقطة» (ق/55/ط)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص184 و185 و301)، وفي «التوحيد» (ج2 ص30)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (ج2 ص526)، والنسفي في «القند» (992)،وابن عبد البر في «التمهيد» (ج16 ص160)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص159)، و(ج4 ص128)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص188)، والآجري في «الشريعة» (ص106)، وفي «الأربعين» (ص20)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص164)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج2 ص840)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص308)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص309)، وفي «مسند الشاميين» (ج2 ص283)، وفي «المعجم الأوسط» (2930)، و(6264)، (6533)، وابن صاعد في «حديثه» (ق/142/ط)، والجعبري في «الإفصاح في مراتب الصحاح» (ص70)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج1 ص528)، و(ج2 ص304 و489)، و(ج3 ص310)، و(ج4 ص164 و566)، والحيري؛ تعليقا في «الكفاية في التفسير» (ج6 ص186)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص52 و53)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص261)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص636 و637 و638)، والمؤيد الطوسي في «الأربعين عن المشايخ الأربعين» (ص90)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص418 و419 و420 و421)، والحربي في «الحربيات» (ق/8/ط)، ودانيال في «مشيخته» (ق/88/ط)، والدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (ج2 ص932)، و(ج3 ص1176)، وفي «الأفراد» (1911)، و(2882)، و(2986)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص660)، و(ج4 ص1419)، وأبو يعلى في «المسند» (ج10 ص164)، وابن الجوزي في «مشيخته» ص169 و170)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص319)، وفي «الحدائق» (ج1 ص66)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص59)، وفي «الناسخ والمنسوخ» (ص203)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص283)، وفي «المعجم المختص بالمحدثين» (ص264)، والديلمي في «الفردوس» (ج2 ص30)، وابن أبي عمر العدني في «الإيمان» (ص84)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص151)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص233)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص416 و450)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص295)، وبيبي الهروية في «جزء حديثها» (ص62)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص105)، وأبو حيان الأندلسي في «المنتخب من حديث: شيوخ بغداد» (ص132)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/53/ط)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (480)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص810)، والحسن بن سفيان النسوي في «الأربعين» (ص47)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط من المرويات» (ج1 ص244)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص86)، و(ج54 ص53)، و(ج58 ص86)، و(ج60 ص314)، و(ج63 ص228)، و(ج68 ص234)، وفي «معجم الشيوخ» (12، و(166)، و(994)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ بغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص82)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبدالله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): (بني الإسلام على خمس؛ أي: أركان، أو أشياء، (على خمس)؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص103): «باب الصلاة من الإيمان».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([493]) اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص282): (وكل الصلوات، وصيام رمضان، والحج لبيت الله الحرام، وإخراج الزكاة على من عليه زكاة، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهي الأساس كذلك، ليس فيها شيء هو في خيار منه، فمن لم يحافظ على الصلوات، ومن لم يحافظ على واجبات الإسلام، فهو غير مسلم). اهـ

وقال الإمام الحكم بن عتيبة /: (من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا، فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا، فقد كفر). ([494])

وعن ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس، لما قدموا على رسول الله r، أمرهم: بالإيمان بالله، فقال: «أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال r: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (53)، و(87)، و(523)، و(4368)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص47)، وأبو داود في «سننه» (3692)، و(4677)، والترمذي في «سننه» (1689)، و(2797)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص537)، وفي «المجتبى» (ج8 ص120)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص464)، وفي «الإيمان» (ص202)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (20)، وابن منده في «الإيمان» (18)، و(19)، و(21)، والخلال في «السنة» (1100)، و(1094)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص33)، والمخلص في «المخلصيات» (124)، و(3095)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص177 و178)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص249)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1583)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص72)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة التوحيد» (ص72)، وابن البخاري في «مشيخته» (87)، و(175)، والقاضي أبو يعلى في «الإيمان» تعليقا (16)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1279)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1295)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص10)، وابن المؤذن في «فوائد مخرجة عن الشيوخ» (ق/20/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (932)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج4 ص260)، وفي «المشيخة» (ص64)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص364)، وأبو عبدالله البرزالي في «سلوك طريق السلف» (15)، والنعال في «المشيخة» (ص141)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص294)، و(ج8 ص303)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص50)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص324)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (390)، و(391)، وابن بلبان في «خمسة أحاديث عن الأئمة الخمسة» (ص20)، وابن حبان في «صحيحه» (157)، و(172)، والطيالسي في «المسند» (ج4 ص466)، وابن خزيمة في «صحيحه» (307)، و(2245)، و(2246)، وابن الجارود في «المنتقى» (374)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص6)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12949)، وابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» (ج2 ص516 و517)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61 و62)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص110 و111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1078)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ص31)، وفي «المجالس الثمانية» (ص260)، والمراغي في «المشيخة» (ص167 و168 و169)، وابن أبي الفتح الصوري في «حديثه» (ص674)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104) من طريق عباد بن عباد، وأبي التياح، وشعبة، وحماد بن زيد، وقرة بن خالد؛ جميعهم: عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس به.

وقال الحافظ أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61): «بيان: صفة الإيمان، والإسلام، وأنه أداء الفرائض، واجتناب المحارم».

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص535): (قد أعلم r في هذا الحديث: أن: «الصلاة»، و«الزكاة» من الإيمان، وكذلك: «صوم رمضان»، و«إعطاء خمس الغنيمة»). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص642)؛ سياق ما روي عن النبي r في أن دعائم الإيمان، وقواعده، شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان.

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص265): (الإسلام هو قول وعمل واعتقاد، ولا يتم الإسلام إلا بهذا، لا بد أن ينطق الإنسان بالشهادتين، ولابد أن يعتقد الإنسان أن هذا حق، ولا بد أن يعمل الإنسان أيضا بفرائض الإسلام، كالصلاة، وأداء الزكاة، والصوم، والحج، وما إلى ذلك من الأمور التي شرعها الله عزوجل على لسان سيد الأولين والآخرين، ولا يتم الإسلام إلا بهذه الأمور مجموعها).اهـ

وعن سلمة بن نبيط عن الضحاك بن مزاحم / قال: ذكرنا عنده: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»، فقال الضحاك: (هذا قبل أن تحد الحدود، وتنزل الفرائض).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (79)، والآجري في «الشريعة» (303)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1340)، والخلال في «السنة» (1241) من طريق وكيع ثنا سلمة بن نبيط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص108) من طريق علي بن الحسن عن عبد الله بن المبارك قال: أنبأ رزين السراج عن نصير أبي الأسود عن الضحاك بن مزاحم قال: (يقول أصحابك الحمقى: من شهد: أن لا إله إلا الله: دخل الجنة، وإنما هذا كان قبل أن تنزل الفرائض).

وإسناده حسن.

وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: أحمد بن محمد بن حنبل، قلت: إذا قال الرجل: «لا إله إلا الله»، فهو مؤمن؟، قال: (كذا كان بدء الإيمان، ثم نزلت الفرائض: الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (939)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1339)، والآجري في «الشريعة» (305) من طريق أبي الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام أحمد / في «الإيمان» (ص215): (نعم: وذاك قبل؛ أن تنزل الفرائض، ثم نزلت الفرائض، فينبغي على الناس: أن يعملوا بما افترض الله تعالى عليهم). اهـ

فالإمام أحمد / قال ذلك لأن: «المرجئة» يحتجون على إسقاط ركنية العمل، بحديث: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة).

ونقل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص256)؛ عن أهل العلم: أن من ترك صيام رمضان، عمدا فقد كفر، وهو الصحيح في اختلاف المتأخرين، لأنه موافق، لإجماع الصحابة والتابعين.

وقال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23): (وكذلك قال الإمام سفيان بن عيينة /: (المرجئة: سموا ترك الفرائض ذنبا، بمنزلة: ركوب المحارم، وليسا سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال: معصية، وترك الفرائض من غير جهل، ولا عذر: هو كفر، وبيان ذلك في أمر: «آدم» عليه السلام، و«إبليس»، وعلماء اليهود الذين: أقروا ببعث النبي صلي الله عليه وسلم، ولم يعملوا بشرائعه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص81): (فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه السلف.

فالقول: تصديق الرسول r، والعمل: تصديق القول؛ فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية، لم يكن مؤمنا، والقول: الذي يصير به مؤمنا. قول مخصوص، وهو «الشهادتان»، فكذلك العمل: هو الصلاة). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الأربعين» (ص13): (فالأعمال بالجوارح: تصديق على الإيمان، بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان: بعمله بجوارحه، مثل: «الطهارة»، و«الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، و«الجهاد»، وأشباه لهذه، ومن رضي لنفسه، بالمعرفة، والقول، دون العمل، لم يكن مؤمنا). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد السائل إلى دليل المسائل» (ص33): (من كان تاركا، لأركان الإسلام، وجميع فرائضه، ورافضا، لما يجب عليه من ذلك، من الأقوال والأفعال، ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين، فلا شك أن هذا كافر، شديد الكفر، حلال الدم والمال، فإنه قد ثبت بالأحاديث المتواترة: أن عصمة الدماء، والأموال، إنما تكون بالقيام بأركان الإسلام). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين لا بد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبا ظاهرا، و«لا صلاة»، و«لا زكاة»، و«لا صياما»، ولا غير ذلك من الواجبات). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص218): (فيمتنع أن يكون الرجل لا يفعل شيئا، مما أمر به من: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»... بل لا يفعل ذلك؛ إلا لعدم الإيمان الذي في قلبه). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص262): (وبذلك نعرف أن من لم يصل فهو كافر، أما أن يزعم أنه يؤمن بالله وباليوم الآخر، فهذا إيمان كاذب، وإيمان ادعائي، فكيف يؤمن بالله تعالى، ويؤمن بكتابه، ورسوله r، من لا يمتثل أوامره، ولا يعمل بكتابه؟! والله تعالى يقول: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5]، فالذي لا يصلي، ولا يؤتي الزكاة، ليس على دين، ولم يقم بما أمر به، ولم يف بما التزم به من شرع الله ودينه:  ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا[ [مريم:59]، يعني: عذابا شديدا في جهنم.

* أفنؤمن بالله ونرفض أوامره؟!، هذه دعوى كاذبة لم يتصورها قائلها، فليس هناك إيمان، ولا تصديق؛ إلا بانقياد، وقبول، واستجابة، وطاعة، أما بدون انقياد، وبدون قبول، وبدون استجابة لأوامر الله، فهذه دعوى زائغة كاذبة، يكذبها الواقع والحس، فلا إيمان لمن لم يصل، ولا إيمان لمن لم يمتثل أوامر الله، والنبي r قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ([495])، والأحاديث والآيات في ذلك كثيرة كما تقدم، وهذا أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

* وأما أن الأنسان يكفيه أن ينطق بالشهادتين، نطقا كاذبا، أجوف، لا قيمة له، ولا معول عليه، فذلك لا يصح، فكيف ينطق بالشهادتين، وهو لا يطيع أمر الله عز وجل؟ وكيف يقول أشهد أن محمدا رسول الله، وهو لا يتابعه، ولا يطيعه، لا في قليل، ولا في كثير؟، قال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[ [آل عمران:31]، وقال تعالى: ]قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين[ [آل عمران:32]، فكيف يزعم إنسان أنه يشهد أن محمد رسول الله، ولا يتابعه في صلاة، ولا في صيام ولا في زكاة، ولا في عفة ولا نزاهة؟، فشهادته حينئذ تعتبر شهادة كذب، ومن شهد أن محمدا رسول الله، فعليه أن يتبعه ويمتثل أوامره، ويتقيد بشرعه ودينه، ويبتعد عما نهى عنه.

* ومعنى شهادة أن محمد رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وما سوى ذلك فدعاوى كاذبه، وأمور فارغة، وأقوال لا تغني، لا نقير، ولا قطمير: ]إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون[ [الشعراء:227]). اهـ

وعن الإمام أحمد / في رواية عنه، أنه يكفر من ترك واحدا من المباني، وهي الرواية: الصحيحة لموافقتها، لإجماع الصحابة y، وهذا الحكم هو اختيار أبي بكر ابن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك بن أنس، كابن حبيب([496]). وهو الصحيح: من أقوال المتأخرين، ولا يلتفت إلى اختلافهم.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على نقض شبهات: «منصور السماري»، الذي ادعى فيها، بعدم تكفير تارك الصلاة في دار الإسلام؛ إلا بعد قيام الحجة عليه، والعلم بها، بل زعم أن لابد أن نعلم أنه يعلم بحكم الصلاة، فإذا تركها، فحينئذ يكفر عنده، وكل ذلك ليس بلازم في الشرع، لأن هذا المرء يعقل، ويعلم ما يجري في بلده من أحكام في الدين: مثل حكم الصلاة في الجملة؛ لأنه في دار الإسلام، ويستحيل أنه لا يعرف حكم ترك الصلاة، وبذلك قد قامت عليه الحجة، ببلوغ القرآن إليه، ووصول رسالة النبي r له، فكفر بتركه للصلاة مطلقا، لأنه ما تركها إلا بسبب الكسل من تأديتها، وهو في دار الإسلام، فقامت عليه الحجة، والعلم معا

 

1) قال منصور السماري: (فالجهل بشرائع الدين، لا يعد مخرجا من الملة ([497])، لكن إلا بعد العلم، فعلمها، ثم تركها.

* لأن الترك لا يسمى: تركا، مثلا، يعني: ترك «الصلاة»: (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة). ([498])

* فلا يسمى: ترك الصلاة، تركا للصلاة، إلا بعد العلم بها، أما ترك شيئا لا يعلمه.

* كذلك؛ الجهال الذين لم تبلغهم شرائع الدين، وفرائض الدين، غير: «التوحيد»، فإنهم: لا يكفرون!.

* فجحد شيئا من أمور الدين)، هذا يكفر) ([499]). اهـ كلام السماري

قلت: فانظروا -بالله عليكم- إلى هذا التلاعب في أحكام الدين البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا: «السماري»، يتلاعب، بعقول الناس، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه.

* لقد حاول: «السماري» في هذا المقال، جعل مذهب: «المرجئة»، هو مذهب: «أهل السنة والجماعة»، في مسألة ترك: «الصلاة».

* ولذلك: وقع في متناقضات عجيبة، وخلط غريب في أمر ترك: «الصلاة».

2) وقال منصور السماري: (أما من جهل أحكام الشرع: التي هي لابد فيها من العلم، يعني: يأتي الحكم بها، مثلا: أول ما بعث النبي r بعث إلى قوم: مشركين، فهم: جهال، فلم يرفع عنهم: الجهل الشرك، وإنما أخر عنهم: العقوبة فقط([500])، طيب لما أسلم من أسلم من الصحابة، وآمن الذين ماتوا: قبل فرض الصلاة، هل يكفرون؛ لأنهم: تركوا الصلاة([501])، لا يكفرون لماذا: لأنهم؛ لم يعلموا فرضيتها أصلا.

* مثل: الذين في آخر الزمان الذين لم يعلموا من الدين؛ إلا: «لا إله إلا الله»، لا يعلمون أن «الصلاة»: فرض، تناسخ العلم، وجهل الأمر، فهنا عذروا بالجهل، لم تبلغهم «الصلاة»، حتى يحصل ترك، لأن ترك «الصلاة» يكون بعد العلم بها، لذلك لا تكفر تارك «الصلاة»، إلا بعد أن يعلم بها، أن يعلم أنها فريضة من الله، فتقوم عليه الحجة، لرفع الجهل عنه، ثم يحصل التكفير) ([502]). اهـ كلام السماري.

* فانظر إلى أي هوة سقط هذا الرجل؛ أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه، وتدليسه، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه، أم لضحالة عقله، واستفحال جهله. ([503])

أقول: تأمل التلبيس والتدليس؛ عنادا، وخيانة، وهذا من عجيب أمر هذا المدعي، فيما وقع فيه من التناقض، وبدأ يخلط، وتختلط عليه الأمور.

وهذا يدل دلالة وثيقة على جهل: «السماري» بعلم: «مسائل الإيمان»، و«مسائل العذر بالجهل»، وقد وقع في «الإرجاء»، وهو لا يشعر.

إن «السماري» هذا ليس أهلا، لأن يؤخذ عنه العلم، فهو يتقول؛ بأقوال: لا يعرف ما يخرج من رأسه.

3) وقال منصور السماري: (إذا ظهر لي أنه كلمته، ولم يصل، خلاف هذا، ليس من المسلمين.

* بعد ما علم أن الصلاة فرض عليه.

السائل: نعرفه لا يصلي، نكفره بعينه.

* تخبره أن ترك الصلاة: كفر، وتبين الأدلة في ذلك، فإن أصر: كفر، لأن الصلاة من الشرائع، نحن نكفر: بعد ما نبين له.([504])

* لو أنه يشرك، يعبد غير الله، هذا لا حاجة إن نكفره، لأنه كافر، مشرك.

* وهذا هو الفرق بين ترك الصلاة، والشرائع، وبين الشرك الأكبر.

السائل: هنا من يعيش بين المسلمين، ويعرفون أن الصلاة، هي: واجبة، لكنهم: لا يعرفون أنهم: إذا تركوا ذلك يكفرون، فهؤلاء يدخلون تحت تارك الصلاة.

* أجاب السماري: يعلم، ويخبر بأن ترك الصلاة: كفر، وردة، فإذا أصر على ترك الصلاة، فهو: كافر، لأنها: أشهر معالم الدين، إذا ما صلى في بيته، أو أي مكان، هذا كفر).([505]) اهـ كلام السماري.

4) وقال منصور السماري: (إذا لم يصل العبد، فليس بمسلم، بيان كفر تارك الصلاة ([506])، ولماذا شدد السلف في هذه المسألة، وكفروا لمن ترك الصلاة، لأنها من أبرز الأمور، التي تبين الفرق بيننا، وبين المرجئ!.

* لكن في إقامة الحجة على تارك الصلاة، هنا نحتاج إلى إقامة الحجة، لأن هذا الأمر قد يخفى عليه، أن ترك: «الصلاة»: كفر، فلابد من إقامة الحجة عليه ([507])، ودعوته، وغير ذلك، هذا هو الراجح عندي) ([508]). اهـ كلام السماري.

* ثم يناقض قوله الذي سبق، ويكفر من ترك الفرائض، لأنه يقول: أنها من التوحيد، والذين لا يكفرون من ترك الفرائض، ويعذرون في ذلك بالجهل، هؤلاء هم: «المرجئة»؛ فوقع في الفخ، ولابد.

قال منصور السماري؛ عن ترك الفرائض: (عندنا أدلة على هذا، وسوف ننقل الكلام على ترك الفرائض، وأن ترك الفرائض، ليس كفعل المعاصي؛ لأن ترك الفرائض يتعلق: «بالتوحيد» نفسه، مثل أركان الإسلام.

* لذلك جاء: «غلاء المرجئة»، حتى في «لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، لم يلتفتوا إلى فهم معناها، والعلم بها، قالوا: خلاص مجرد النطق يكفي.

* لذلك لحقهم بعض: «المرجئة» إلى يومنا المعاصر؛ «المرجئة» يلخبطون في هذا الباب.

* يقولون: من جهل: «لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، ما دام قالها، فلا يضره.

* طيب من دعا أصحاب القبور، قالوا: هذا مسلم جاهل، من الذي أثبت إسلامه، قالوا: تشهد قال: «أشهد أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله».

* نقول نقضه بهذا، قالوا: تشهد: نقول؛ الشهادة لا تكفي، هكذا بهذا اللفظ.

قال تعالى: ]فاعلم أنه لا إله إلا الله[ [محمد: 19]؛ لابد من العلم بها، وهذا أول شرط من شروط: «لا إله إلا الله».

* فإذا لم يعلم بـ«لا إله إلا الله» فكيف يعمل بها، كيف ينفي الشرك، وهو لا يعلم بها.

* لذلك: «المرجئة الأوائل»، غلاة المرجئة، قالوا: أن الكفر عندهم، الجهل، والتكذيب، يعني: الجهل «بالتوحيد»، والتكذيب به، أما الأعمال هذه فليست منه.

* المرجئة المتأخرة؛ عندنا جاءنا: «مرجئة»، أشد من ذلك، قالوا: هو التكذيب فقط، أما الجهل، فهو معذور ... فقال السلف: لا، وإن كان في قلبه مصدقا بالله تعالى، ورسوله صلى الله عليه، مؤمنا؛ بالله تعالى، إذا سجد للشمس، والقمر، وغيرها من المعبودات، والمخلوقات من غير إكراه، فهو: كافر، لأنه ممن استحب الحياة الدنيا).([509]) اهـ كلام السماري.

قلت: فهذا كله طرف من تناقضه في أصل أقواله.

فمن عجيب أمر هذا المدعي أنه كثير المناقضة لنفسه، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.

* فأي تناقض أكبر من هذا:

أرى كـــــل إنســـــــــان يرى عيب غيــــــره

 

 

ويعمــــــــى عــن العـــــيب الـذي هــو فيـه

ولا خيـــــر فيمن لا يرى عــــيب نفســـــــه

 

 

ويعمــــــى عن العـــــــــيب الذي بأخيــــــه

قلت: فهذه التنبيهات وحدها كافية؛ لنقض أقواله من أسها، فتأمل.

* فانظر: إلى التناقض في أقواله، والتناقض في ألفاظه.

ولقد بناها على زخم هائل من التلبيس، والتحريف في النقول.

قلت: وهذه التناقضات، جادة، مطروقة: لدى من تشربت نفوسهم بالجهل والهوى.

ومن نظر في كتب المبتدعة؛ عرف قدم هذه التناقضات المضلة([510])، وتتابع أهل أهواء، والبدع عليها.

قلت: وأئمة الحديث، لم يعذروا تارك الصلاة؛ بتركها: وبعدم فعلها، بل كفروا تارك الصلاة في دار الإسلام، ولم يلتفتوا، هل قامت عليه الحجة، أم لا، لأن في الأصل: قد قامت عليه الحجة بالرسالة.

وإليك الدليل:

عن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ بغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص82)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبدالله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): (بني الإسلام على خمس؛ أي: أركان، أو أشياء، (على خمس)؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص103): «باب الصلاة من الإيمان».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([511]) اهـ

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص224)؛ باب: وجوب الزكاة، وقول الله تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص225)؛ باب: البيعة على إيتاء الزكاة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وبوب الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص406)؛ باب كفر تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «كشف الشبهات» (ص12): (اعلم أن من ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فهو كافر؛ بإجماع المسلمين).اهـ

وقال الإمام الحكم بن عتيبة /: (من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا، فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا، فقد كفر). ([512])

قال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون[ [النور:56].

وقال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وعن ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس، لما قدموا على رسول الله r، أمرهم: بالإيمان بالله، فقال: «أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال r: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (53)، و(87)، و(523)، و(4368)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص47)، وأبو داود في «سننه» (4677)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص464)، وفي «الإيمان» (ص202)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (20)، وابن منده في «الإيمان» (21)، والخلال في «السنة» (1100)، و(1094)، والمخلص في «المخلصيات» (124)، و(3095)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص177 و178)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص249)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1583)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص72)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة التوحيد» (ص72)، وابن البخاري في «مشيخته» (87)، و(175)، والقاضي أبو يعلى في «الإيمان» تعليقا (16)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1279)، واللالكائي في «الاعتقاد) (1295)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص10)، وابن المؤذن في «فوائد مخرجة عن الشيوخ» (ق/20/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (932)، وأبو عبدالله البرزالي في «سلوك طريق السلف» (15)، والنعال في «المشيخة» (ص141)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61 و62)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص110 و111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1078)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ص31)، والمراغي في «المشيخة» (ص167 و168 و169)، وابن أبي الفتح الصوري في «حديثه» (ص674)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104) من طريق شعبة، وحماد بن زيد، وقرة؛ جميعهم: عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس به.

وقال الحافظ أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61): «بيان: صفة الإيمان، والإسلام، وأنه أداء الفرائض، واجتناب المحارم».

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص535): (قد أعلم r في هذا الحديث: أن: «الصلاة»، و«الزكاة» من الإيمان، وكذلك: «صوم رمضان»، و«إعطاء خمس الغنيمة»). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص642)؛ سياق ما روي عن النبي r في أن دعائم الإيمان، وقواعده، شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان.

وعن جابر t قال: قال رسول الله r: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة)، وفي رواية: (ليس بين العبد، وبين الشرك: إلا ترك الصلاة)، وفي رواية: (بين الإيمان والكفر: ترك الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82 و88)، وأبو داود في «سننه» (4678)، والترمذي في «سننه» (620)، والنسائي في «السنن الكبرى» (328)، وفي «المجتبى» (464)، وابن ماجه في «سننه» (1078)، وأحمد في «المسند» (ج23 ص365)، وفي «الإيمان» (ص258 و259)، والآجري في «الشريعة» (ص133)، وإبراهيم بن عبدالصمد الهاشمي في «الأمالي» (15)، و(16)، وفي «الهاشميات» (ق/188/ط)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1589)، و(1590) والبوشنجي في «المنظوم والمنثور» (ص37)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31033)، وفي «الإيمان» (44)، و(45)، والدارمي في «المسند» (1233)، والخلعي في «الخلعيات» (ص307)، والفزاري في «القدر» (ق/89/ط)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص60 و62)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (810)، و(811)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص365 و366)، وفي «السنن الصغرى» (560)، وفي «شعب الإيمان» (2793)، وفي «الخلافيات» (3005)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (870)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص229)، وضياء الدين المقدسي في «منتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص611)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص469)، ومحمد بن إسحاق النيسابوري في «المناهي» (ق/171/ط)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/89/ط)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1926) من طريق أبي سفيان، وأبي الزبير، كلاهما: عن جابر بن عبدالله به.

قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ في هذا الحديث فقط.

* وقد تكلم الحافظ أبو حاتم، والحافظ أبو زرعة عن بعض طرقه، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (298)، و(1938).

* وكذا الحافظ الدارقطني في «العلل» (3253)، ثم قال: (ورفعه صحيح، وهو محفوظ عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله مرفوعا).

* ومعنى الحديث: أن الصلاة، حائل بينه، وبين الكفر، فإذا تركها زال الحائل، ودخل فيه، يعني: في الكفر. ([513])

قلت: والمراد بالكفر هنا، هو الكفر الأكبر، وهو المخرج من دين الإسلام.([514])

* فالنبي r جعل الصلاة حدا، فاصلا: بين الكفر، والإيمان، وبين المؤمن، والكافر.

والصلاة ركن من أركان الإسلام فوصف الشارع تاركها بالكفر الذي يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام، لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام.([515])

قال البوشنجي / في «المنظوم والمنثور» (ص37):

قد روينا عن النبي حديثا

 

 

خصه الله بالتقى والصلاة

ليس بين الإنسان والكفر شيء

 

 

غير ترك الهدى بترك الصلاة

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

قلت: فهذه الأحاديث، كلها تدل على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من المله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص76): (الكفر المطلق: هو الكفر الأعظم، المخرج عن الملة؛ فينصرف الإطلاق إليه... أنه بين: أن الصلاة، هي العهد الذي بيننا، وبين الكفار، وهم: خارجون عن الملة، ليسوا داخلين فيها، واقتضى ذلك: أن من ترك هذا العهد، فقد كفر، كما أن من أتى به، فقد دخل في الدين، ولا يكون هذا؛ إلا في الكفر المخرج عن الملة). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص1003): (فهي([516]): أشهر معالم التوحيد: منارا، بين ملة الإسلام، وملة الكفر، لن يستحق دين الإسلام، ومشاركة أهل الملة، ومباينة ملة الكفر؛ إلا بإقامتها، فإن تركتها العامة، انطمس منار الدين كله، فلا يبقى للدين رسم، ولا علم يعرف به). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص267): (فلا عمل بعد توحيد الله تعالى، أفضل من الصلاة لله؛ لأنه افتتحها بالتوحيد، والتعظيم لله: بالتكبير). اهـ

وبوب عليه الإمام أبو داود في «السنن» (4 ص219)؛ باب: في رد الإرجاء.

وبوب عليه الإمام الآجري في «الشريعة» (ج2 ص644)؛ في كتاب الإيمان، والرد على المرجئة: ذكر كفر من ترك الصلاة.

وبوب الإمام أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61)؛ بيان أفضل الأعمال، والدليل على أن الإيمان: قول وعمل، وأن من ترك الصلاة، فقد كفر، والدليل على أنها أعلى الأعمال، إذ تاركها يصير بتركها كافرا.

قلت: فالعهد الذي بيننا، وبينهم الصلاة؛ فمن تركها، فقد كفر([517])، بل بين العبد، وبين الشرك، ترك الصلاة، فإذا تركها، فقد أشرك.([518])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص47): (وبهذا علم: أن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، إذ لو كان فسقا، أو كفرا دون كفر، ما انتفت الأخوة الدينية به، كما لم ينتف بقتل المؤمن وقتاله). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص265): (الإسلام هو قول وعمل واعتقاد، ولا يتم الإسلام إلا بهذا، لا بد أن ينطق الإنسان بالشهادتين، ولابد أن يعتقد الإنسان أن هذا حق، ولا بد أن يعمل الإنسان أيضا بفرائض الإسلام، كالصلاة، وأداء الزكاة، والصوم، والحج، وما إلى ذلك من الأمور التي شرعها الله عزوجل على لسان سيد الأولين والآخرين، ولا يتم الإسلام إلا بهذه الأمور مجموعها).اهـ

وعن عروة بن الزبير؛ أن المسور بن مخرمة t، أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t، من الليلة التي طعن فيها، فأيقظ عمر t، لصلاة الصبح، فقال عمر بن الخطاب t: (نعم: ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى عمر، وجرحه يثعب دما).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص81)، و(ق/26/ط)، وأحمد في «الإيمان» (1381)، وفي «الزهد» (ص154)، وفي «المسائل» (ج1 ص192 و193 رواية: ابنه عبدالله)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص25)، وفي «الإيمان» (103)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص44)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص157)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350)، والحدثاني في «الموطأ» (ص81)، وإسماعيل بن إسحاق في «مسند مالك بن أنس» (39)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص357)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص385 و386)، والقعنبي في «الموطأ» (ص109)، والخلال في «أحكام أهل الملل» (1386)، وفي «السنة» (ج4 ص145)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص675)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص670 و671)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص825)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص132)، من طريق عبدالله بن نمير، ووكيع، ومالك؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الشيخ الألباني / في «إرواء الغليل» (ج1 ص226): (هذا سند صحيح على شرط الشيخين).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): (فثبت عن عمر، قوله: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

وقال الشيخ الألباني / في «تعليقه على الإيمان» (ص34): (والأثر صحيح: الإسناد على شرط الشيخين).

وذكره الذهبي في «الكبائر» (ص117).

قلت: وقد نقل غير واحد من أهل العلم: إجماع الصحابة y، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين من تركها كسلا، وتهاونا، أو تركها جحودا. 

قلت: وتأول عدد من المتأخرين أثر عمر بن الخطاب t؛ فقالوا: «أراد أنه لا كبير حظ له»، و«لا حظا كاملا له في الإسلام»؛ يعني: ليس له الإسلام التام. ([519])

وعن عبد الله بن مسعود: (من لم يصل فلا دين له). وفي رواية: (من ترك الصلاة، فلا دين له).

أثر صحيح

أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص601 و602)، وفي «المسائل» (393)، والخلال في «السنة» (1385)، و(1387)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (886)، و(888)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (936)، (937)، و(938)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8939)، و(8940)، (8941)، (8942)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31036)، وفي «الإيمان (ص280)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1327)، و(1328)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1924)، والعدني في «الإيمان» (ص163)، وابن المنذر في «الأوسط» (25)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص216)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225) من طريق سفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وابن الجعد، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع، وشريك النخعي، وشيبان أبي معاوية، عن عاصم بن أبي النجود، وعبدالرحمن المسعودي، عن عبدالرحمن بن عبدالله، والقاسم بن عبدالرحمن، والحسن بن سعد الهاشمي، وزر بن حبيش؛ جميعهم: عن عبدالله بن مسعود t.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وهذا الأثر حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص370)، وفي «الضعيفة» (ج1 ص251).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): «وثبت عن ابن مسعود أنه قال: ما تارك الصلاة بمسلم».

* فأثبت الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283)؛ أن عبدالله بن مسعود t، يرى كفر تارك الصلاة؛ بقوله: «ما تارك الصلاة بمسلم».

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص224): (وتقرير هذا الخطاب: في هذا الحديث، أن أحدا لا يكون مسلما؛ إلا أن يصلي؛ فمن لم يصل، فليس: بمسلم). اهـ

ونقل الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص225)؛ عن الصحابة y: تكفير تارك الصلاة، قالوا: من لم يصل، فهو كافر.

قلت: فـ«منصور السماري» هذا يصحح: إيمان العبد، بمجرد إتيانه بالشهادتين، ولو ترك الصلاة، وسائر أركان الإسلام!.

قلت: وثبت في الكتاب والسنة: تكفير تارك الصلاة، وعلى ذلك أجمع أصحاب رسول الله r، والتابعون لهم بإحسان.

وقال العلامة الشيخ أبا بطين / في «الرسائل والمسائل النجدية» (ج1 ص659): (والمرتد: هو الذي يكفر بعد إسلامه: بكلام، أو اعتقاد، أو فعل، أو شك.

* وهو قبل ذلك يتلفظ بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، فإذا أتى بشيء: مما ذكروه: صار مرتدا، مع كونه يتكلم بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، ولا يمنعه: تكلمه بالشهادتين، وصلاته، وصمه، من الحكم عليه بالردة، وهذا ظاهر بالأدلة من الكتاب، والسنة، والإجماع). اهـ

وعن عبدالله بن شقيق العقيلي / قال: (كان أصحاب محمد لايرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الترمذي في «سننه» (2622)، ومحمد المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (948)، والبغوي تعليقا في «شرح السنة» (211) من طريق قتيبة بن سعيد قال: حدثنا بشر بن المفضل عن سعيد الجريري عن عبدالله بن شقيق العقيلي به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، على شرط الشيخين، وسعيد الجريري، وإن كان اختلط([520])، إلا أنه قد سمع منه بشر بن المفضل الرقاشي قبل الاختلاط.([521])

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص425)؛ عن الجريري:(وما أخرج البخاري من حديثه إلا عن عبد الأعلى، وعبد الوارث، وبشر بن المفضل، وهؤلاء سمعوا منه قبل الاختلاط). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ص313)؛ عن الجريري: (وممن سمع منه قبل أن يختلط: الثوري، وابن عليه، وبشر بن المفضل). اهـ

وأثبت الحافظ ابن عدي / في «الكامل» (ج3 ص1228)؛ أن بشر بن المفضل سمع من الجريري قبل الاختلاط.

وقد أقره العلامة المقريزي في «مختصر الكامل» (ص388).

قلت: ويزداد قوة:

قال العلامة ابن الكيال / في «الكواكب النيرات» (ص184): (وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل). اهـ

قلت: وهذا يدل أن بشر بن المفضل سمع من سعيد الجريري قبل الاختلاط، وهو من رجال الإمام البخاري /، والإمام مسلم /.([522])

 قلت: ويؤكد هذا الأصل؛ قول الإمام أبي داود / حيث قال: (أرواهم عن الجريري؛ إسماعيل ابن علية، وكل من أدرك أيوب؛ فسماعه من الجريري جيد).([523])

قلت: والمراد كل من سمع من أيوب، وبشر بن المفضل قد ثبت سماعه من أيوب.

قلت: وعبد الله بن شقيق العقيلي /، تابعي كبير، عده الحافظ ابن سعد في «الطبقة الأولى» في كتابه: «الطبقات الكبرى»: (ج7 ص126)؛ من تابعي أهل البصرة، سمع من ثلاثة عشر صحابيا؛ منهم كبار الصحابة؛ كعمر، وعثمان، وعلي، وأبي ذر y، وأدرك المئات من الصحابة.

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص37)؛ معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (فذكر: أنهم مجمعون على أن ترك الصلاة: كفر، ولم يقولوا: بشرط أن ينكر وجوبها، أو يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص241): (فهذا يدل على أن تركها: كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص276): (فذكر: ([524]) إجماع الصحابة y: على أن تارك الصلاة: كافر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص291): (والراجح: أنه كافر، كفرا أكبر). اهـ

قلت: وكلام عبدالله بن شقيق صيغته أن هذه المقاله اجتمع عليها الصحابة y، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r...) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك.

قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص372) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك). اهـ

وقال العلامة المباركفوري / في «تحفة الأحوذي» (ج7 ص309): (قول عبدالله بن شقيق هذا ظاهره يدل على أن أصحاب رسول اللهr  كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر، والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة y). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص75): (هذا إجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص265) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

ونقل إجماع الصحابة y على كفر تارك الصلاة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص15)، ونقله كذلك شيخنا ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص134).

قلت: فانظر، كيف يغفل: «السماري» عن هذا التحقيق كله ويطويه؛ زاعما: أنه لابد من إقامة الحجة على تارك الصلاة، فلا قوة إلا بالله.

* فهل يقال بعد هذا كله، أنه لا نكفر تارك الصلاة، إلا بعد إقامة الحجة عليه، والحجة قد قامت عليه في دار الإسلام. 

 

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على الرد على: «منصور السماري»، الذي ما زال يصور حكم تارك الصلاة، بمجرد حكم فقهي، وذلك لوقوعه في الإرجاء، ولتأثره به، على طريقة المتأخرين الذين وقعوا في الإرجاء، وتأثروا به، والسلف جعلوا حكم تارك الصلاة تحت أبواب الاعتقاد والإيمان؛ للرد على المرجئة في هذا الجانب([525])

 

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص406)؛ في كتاب: «الإيمان والرد على المرجئة»: (باب كفر تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وإباحة قتالهم، وقتلهم: إذا فعلوا ذلك). اهـ

وقال الإمام الآجري في «الشريعة» (ج2 ص644)؛ في كتاب: «الإيمان، والرد على المرجئة»: (ذكر كفر من ترك الصلاة). اهـ

وقال الإمام أبو داود في «السنن» (4 ص219)؛ باب: في رد الإرجاء، وذكر فيه، حديث: جابر بن عبد الله t عن النبي r: قال: (بين العبد، وبين الشرك: ترك الصلاة).

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص896): (سياق ما روي عن النبي r، في أن الصلاة من الإيمان، وروي ذلك من الصحابة y). اهـ

وقال الإمام الترمذي في «السنن» (ج5 ص13)؛ في أبواب الإيمان: (باب ما جاء في ترك الصلاة).

وبوب الإمام أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61)؛ بيان أفضل الأعمال، والدليل على أن الإيمان: قول وعمل، وأن من ترك الصلاة، فقد كفر، والدليل على أنها أعلى الأعمال، إذ تاركها يصير بتركها كافرا.

قلت: فمن صور مسألة تارك الصلاة على أنها مسألة فقهية فقد أخطأ، وخالف السلف في ذلك.([526])

قال الإمام الترمذي في «السنن» (ج5 ص13): سمعت أبا مصعب المدني، يقول: (من قال: الإيمان قول يستتاب، فإن تاب؛ وإلا ضربت عنقه).

وذكر الإمام عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص273)؛ مسألة تارك الصلاة تحت أبواب: الإيمان، والرد على المرجئة.

فعن جابر بن عبد الله t قال: قال النبي r: (إن بين الرجل، وبين الشرك، والكفر؛ ترك الصلاة). وفي رواية: (بين الكفر والإيمان: ترك الصلاة). وفي رواية: (ليس بين العبد، وبين الكفر من الإيمان؛ إلا ترك الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (134)، والترمذي في «سننه» (2617)، والنسائي في «السنن الكبرى» (328).

قلت: والكفر الوارد في الصلاة في هذا الحديث، هو الكفر الأعظم، والكفر المطلق هو الكفر الأكبر، المخرج عن الملة، فينصرف الإطلاق إليه، وهنا عرف باللام؛ بقوله r: (ليس بين العبد، وبين الكفر)، والكفر ينصرف إلى الكفر المعروف، وهذه المخرج عن الملة، وقد أجمع الصحابة على الكفر الأكبر.([527])

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على أن مسألة تارك الصلاة، قد أصبحت من مسائل الاعتقاد، فانتقلت من الفروع إلى الأصول([528])، لأنها صارت من شعار المرجئة قديما وحديثا، واستدلالها بهذه المسألة على إرجائها، وكذلك مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة، حيث صارت من شعارات الرافضة، فأدخلها السلف في الاعتقاد بسبب ذلك، وغيرها

 

اعلم رحمك الله أن السلف أئمة الحديث قد أدخلوا مسألة الجهر بالبسملة وهي: من مسائل الفقه- في أمور العقيدة، وذلك لأنها صارت من شعارات الرافضة، واستدلت لها بالأحاديث المنكرة، وكذلك مسألة المسح على الخف صارت من مسائل الأصول.

كما أدخلت مسألة تارك الصلاة في أمور العقيدة، وهذا ظاهر في كتب أهل الحديث، منهم: الإمام اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة»، والإمام ابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة»، والإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى»، والإمام الآجري في «الشريعة»، والإمام ابن منده في «الإيمان»([529])، والإمام ابن أبي الخير في «الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار»، وغيرهم.

* وذلك لأن المرجئة: بجميع أنواعها تستدل على قول «الإرجاء الخبيث» باختلاف العلماء المتأخرين، واستدلالهم على مسألة تارك الصلاة.

ولهذا السبب من المرجئة، أدخل السلف هذه المسألة في الأصول، وتكلموا فيها في كتب الاعتقاد؛ للرد على المرجئة كلها.

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص790): (أن المنافقين أحسن حالا من «المرجئة»، لأن المنافقين جحدوا العمل، وعملوه.

والمرجئة: أقروا بالعمل بقولهم، وجحدوه بترك العمل به، فمن جحد شيئا، وأقر به بلسانه، وعمله ببدنه أحسن حالا ممن أقر بلسانه، وأبى أن يعمله ببدنه.

فالمرجئة: جاحدون لما هم به مقرون، ومكذبون بما هم به مصدقون؛ فهم أسوأ حالا من المنافقين، ويح لمن لم يكن القرآن، والسنة دليله؛ فما أضل سبيله، وأكسف باله، وأسوأ حاله).اهـ

وبوب الإمام ابن منده في «الإيمان» (ج1 ص382)؛ ذكر ما يدل على أن مانع الزكاة، وتارك الصلاة: يستحق اسم الكفر. ([530])

وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج2 ص654): (يدل على أن الصلاة من الإيمان، ومن لم يصل، فلا إيمان له، ولا إسلام، وقد سمى الله تعالى الصلاة في كتابه: إيمانا). اهـ

وبوب الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص884)؛ باب: القول في المرجئة، وما روي فيه، وإنكار العلماء لسوء مذاهبهم.

وبوب الإمام الآجري في «الشريعة» (ج2 ص644)؛ باب: ذكر كفر تارك الصلاة.

وعن شعيب بن حرب قال: (قلت لأبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري: حدثني بحديث من السنة ينفعني الله عز وجل به، فإذا وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى وسألني عنه، فقال لي: من أين أخذت هذا؟ قلت: يا رب حدثني بهذا الحديث سفيان الثوري، وأخذته عنه، فأنجوا أنا، وتؤاخذ أنت.

فقال: يا شعيب هذا توكيد، وأي توكيد، أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم.

القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، من قال غير هذا فهو كافر ...

يا شعيب بن حرب: لا ينفعك ما كتبت لك حتى ترى المسح على الخفين دون خلعهما أعدل عندك من غسل قدميك.

يا شعيب بن حرب: ولا ينفعك ما كتبت حتى يكون إخفاء «بسم الله الرحمن الرحيم» في الصلاة أفضل عندك من الجهر بها ...).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1ص151)، والمخلص في «المخلصيات» (ج4 ص81) من طريق أبي الفضل شعيب بن محمد بن الراجيان حدثنا علي بن حرب الموصلي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطيوري في «الطيوريات» (ج2 ص539 و540) من وجه آخر.

وقال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1ص207): (وهذا ثابت عن سفيان).

وأقره المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج2 ص54).

وذكره الذهبي في «السير» (ج7 ص273)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج4 ص380)، وابن قدامة في «المغني» (ج1 ص360).

قلت: وأدخلت مسألة الجهر بالبسملة في أمور العقيدة كما هو ظاهر من كلام سفيان /، وهو مخرج في الاعتقاد من باب الولاء والبراء، وهجر شعارات أهل البدع، وذلك لأن الشيعة الرافضة ترى الجهر بالبسملة، وهم من أهل البدع، وأكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث، وغالب أحاديث الجهر بالبسملة يجد في رواتها من هو منسوب إلى التشيع، فصار الجهر بها: من شعار الروافض، وهجر شعارات أهل البدع من الدين، حتى كان الإمام الجليل ابن أبي هريرة ([531])، أحد أعيان أصحاب الشافعي: يترك الجهر بها، وهو يقول: الجهر بها صار من شعار الروافض.

قال الإمام العيني / في «البناية» (ج2ص233): (وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر على النبي r، وأصحابه: لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث، وكان أبو علي بن أبي هريرة، أحد أعيان أصحاب الشافعي: يترك الجهر بها، وهو يقول: الجهر بها صار من شعار الروافض.

وغالب أحاديث الجهر يجد في رواتها من هو منسوب إلى التشيع). اهـ       

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص423): (وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر؛ لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث لبسوا بها على الناس دينهم؛ ولهذا يوجد في كلام أئمة السنة من الكوفيين، كسفيان الثوري: أنهم يذكرون من السنة «المسح على الخفين»، و«ترك الجهر بالبسملة»، كما يذكرون: «تقديم أبي بكر، وعمر»، ونحو ذلك؛ لأن هذا كان من شعار الرافضة.

ولهذا ذهب أبو علي بن أبي هريرة، أحد الأئمة من أصحاب الشافعي: إلى ترك الجهر بها، قال: لأن الجهر بها صار من شعار المخالفين). اهـ

وقوله: (حتى ترى المسح عليهما)؛ لأن فيه مخالفة أهل البدع من الرافضة، الذين لا يرون شرعية المسح على الخفين، وهذا اعتقاد أبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري /. ([532])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج1 ص44): (وينبغي أن يعلم؛ أنه ليس كل ما أنكره بعض الناس عليهم، يكون باطلا.

بل من أقوالهم، أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة، ووافقهم بعض، والصواب: مع من وافقهم؛ لكن ليس لهم مسألة انفردوا بها أصابوا فيها.

* فمن الناس من يعد من بدعهم: «الجهر بالبسملة»، و«ترك المسح على الخفين»: إما مطلقا، وإما في الحضر، و«القنوت» في الفجر، و«متعة الحج»، ونحو ذلك من المسائل التي تنازع فيها علماء السنة، وقد يكون الصواب فيها: القول الذي يوافقهم، كما يكون الصواب هو القول الذي يخالفهم، لكن المسألة اجتهادية، فلا تنكر إلا إذا صارت شعارا لأمر لا يسوغ، فتكون دليلا على ما يجب إنكاره، وإن كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج4 ص150): (وكذلك الجهر بالبسملة، هو مذهب الرافضة... لأن المعروف في العراق: أن الجهر كان من شعار الرافضة، وأن «القنوت» في الفجر كان من شعار القدرية الرافضة.

* حتى أن سفيان الثوري، وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم: «ترك الجهر بالبسملة»؛ لأنه كان عندهم من شعار الرافضة.

كما يذكرون: «المسح على الخفين»؛ لأن تركه كان من شعار الرافضة). اهـ

وقال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج4 ص380): (وكان سفيان الثوري، وغيره من أئمة الأمصار يعدون الإسرار بالبسملة من جملة مسائل أصول الدين، التي يتميز بها أهل السنة عن غيرهم، كالمسح على الخفين، ونحوه). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على اضطراب: «السماري» في تكفير تارك الصلاة، وأنه لا يكفره إلا بعد إقامة الحجة عليه، وإن كان في دار الإسلام، ولابد بزعمه أن يعلم بفرضية الصلاة، وهو ما دام في دار الإسلام، لابد أن يعلم بفرض الصلاة، وقد قامت عليه الحجة بوجود الكتاب والسنة، فلا حاجة، أن تقام عليه مرة ثانية

 

* ويكرر: «منصور السماري»، بأن تارك الصلاة لابد من إقامة الحجة عليه في دار الإسلام؛ لأنه جاهل، فلا يكفر عنده، إلا بعد بلوغ الحجة إليه، ويعلم بأن الصلاة فريضة في الإسلام، هكذا يظن: «السماري»، وهذا مخالف، للكتاب، والسنة، والإجماع.

قال منصور السماري: (أنا اعتقد أن تارك الصلاة: كافر، هذا لابد، وعرف هذا، وكلمته وأصر، هذا: كافر([533])، يعني: ليس عن جهل، جهل هذه الشريعة.

* جهل: أن الصلاة ثاني ركن من أركان الإسلام، وأنها عمود الدين، وأن تاركها يكفر، جهل هذه المسألة، طيب أقمتها، خلاص انتهى، وأصر على ذلك انتهى الآن بلغه الدين.

* وأناس ماتوا: لا يعرفون من الدين؛ إلا «لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، هذا الذي عرفوه من الدين، ولم يعبدوا غير الله تعالى، لكنهم؛ لا يعرفون: «الصلاة»، ولا «الزكاة»، ولا «الصوم»، ولا «الحج» هؤلاء تنفعهم: «لا إله إلا الله»؛ لأنهم: موحدون، ليسوا بمشركين، ثم ذكر السماري: حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في ترك الأركان، والنطق بـ«لا إله إلا الله» فقط، ثم ذكر أنه: لابد من العلم أن الصلاة مفروضة، حتى يكفر تاركها).([534]) اهـ كلام السماري.

قلت: وهذا كله من الخبط والخلط في أحكام الأصول، ولا يجوز الخلط، والخبط في الدين فلم يصب في أقواله هذه.

* وتـأمل رحمك الله: كيف أن آخر كلامه، يهدم أوله، وأن أوله يناقض آخره.

وإليك الدليل على نقض أقواله:

عن جابر t قال: قال رسول الله r: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة)، وفي رواية: (ليس بين العبد، وبين الشرك: إلا ترك الصلاة)، وفي رواية: (بين الإيمان والكفر: ترك الصلاة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82 و88)، وأبو داود في «سننه» (4678)، والترمذي في «سننه» (620)، والنسائي في «السنن الكبرى» (328)، وفي «المجتبى» (464)، وابن ماجه في «سننه» (1078)، وأحمد في «المسند» (ج23 ص365)، وفي «الإيمان» (ص258 و259)، والآجري في «الشريعة» (ص133)، وإبراهيم بن عبدالصمد الهاشمي في «الأمالي» (15)، و(16)، وفي «الهاشميات» (ق/188/ط)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1589)، و(1590) والبوشنجي في «المنظوم والمنثور» (ص37)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31033)، وفي «الإيمان» (44)، و(45)، والدارمي في «المسند» (1233)، والخلعي في «الخلعيات» (ص307)، والفزاري في «القدر» (ق/89/ط)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص60 و62)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (810)، و(811)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص365 و366)، وفي «السنن الصغرى» (560)، وفي «شعب الإيمان» (2793)، وفي «الخلافيات» (3005)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (870)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص229)، وضياء الدين المقدسي في «منتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص611)، وحنبل بن إسحاق في «جزئه» 71)، وأبو يعلى في «المسند» (1783)، و1953)، و(2102)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1312) و(1313)، و(1314)، و(1315)، والخلال في «السنة» (1373)، و(1375)، وفي «الجامع» (1371)، (1372)، والدارقطني في «السنن» (1753)، وفي «العلل» (ج3 ص366، وأبو بكر الأنصاري في «أحاديث الشيوخ الثقات» (277)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1023) والطحاوي في «مشكل الآثار» (3175)، و(3178)،وأبو إسحاق القرشي في «الأمالي» (16)، والجرجاني في «الأمالي» (ق/153/ط)، والبغوي في «شرح السنة» (347)، وفي مصابيح السنة» (ج1 ص252)، وابن منده في «الإيمان» (218)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص158)، (ج10 ص180)، وفي «تالي تلخيص المتشابه» (ج2 ص465)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (5289)، و(9077)، وفي «المعجم الصغير» (799)، وابن حبان في «صحيحه» (1453)، وابن الجوزي في «التحقيق» (847)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص76)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (245)، و(246)، (247)، وفي «الحلية» (ج6 ص276)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (888)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج53 ص149)، وابن الأعرابي في «المعجم» (507)، و(1465)، وعبدالغني المقدسي في «أخبار الصلاة» (ص40)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص141)، وابن المقرئ في «الأربعين» (49)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص105)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة في التوحيد» (ص75)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (266)، و(267)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص469)، ومحمد بن إسحاق النيسابوري في «المناهي» (ق/171/ط)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/89/ط)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1926) من طريق أبي سفيان، وأبي الزبير، كلاهما: عن جابر بن عبدالله به.

قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ في هذا الحديث فقط.

* وقد تكلم الحافظ أبو حاتم، والحافظ أبو زرعة عن بعض طرقه، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (298)، و(1938).

* وكذا الحافظ الدارقطني في «العلل» (3253)، ثم قال: (ورفعه صحيح، وهو محفوظ عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله مرفوعا).

* ومعنى الحديث: أن الصلاة، حائل بينه، وبين الكفر، فإذا تركها زال الحائل، ودخل فيه، يعني: في الكفر. ([535])

قلت: والمراد بالكفر هنا، هو الكفر الأكبر، وهو المخرج من دين الإسلام.([536])

* فالنبي r جعل الصلاة حدا، فاصلا: بين الكفر، والإيمان، وبين المؤمن، والكافر.

والصلاة ركن من أركان الإسلام فوصف الشارع تاركها بالكفر الذي يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام، لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام.([537])

قال البوشنجي / في «المنظوم والمنثور» (ص37):

قد روينا عن النبي حديثا

 

 

خصه الله بالتقى والصلاة

ليس بين الإنسان والكفر شيء

 

 

غير ترك الهدى بترك الصلاة

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

قلت: فهذه الأحاديث، كلها تدل على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من المله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص76): (الكفر المطلق: هو الكفر الأعظم، المخرج عن الملة؛ فينصرف الإطلاق إليه... أنه بين: أن الصلاة، هي العهد الذي بيننا، وبين الكفار، وهم: خارجون عن الملة، ليسوا داخلين فيها، واقتضى ذلك: أن من ترك هذا العهد، فقد كفر، كما أن من أتى به، فقد دخل في الدين، ولا يكون هذا؛ إلا في الكفر المخرج عن الملة). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص1003): (فهي([538]): أشهر معالم التوحيد: منارا، بين ملة الإسلام، وملة الكفر، لن يستحق دين الإسلام، ومشاركة أهل الملة، ومباينة ملة الكفر؛ إلا بإقامتها، فإن تركتها العامة، انطمس منار الدين كله، فلا يبقى للدين رسم، ولا علم يعرف به). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص267): (فلا عمل بعد توحيد الله تعالى، أفضل من الصلاة لله؛ لأنه افتتحها بالتوحيد، والتعظيم لله: بالتكبير). اهـ

وبوب عليه الإمام أبو داود في «السنن» (4 ص219)؛ باب: في رد الإرجاء.

وبوب عليه الإمام الآجري في «الشريعة» (ج2 ص644)؛ في كتاب الإيمان، والرد على المرجئة: ذكر كفر من ترك الصلاة.

وبوب الإمام أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61)؛ بيان أفضل الأعمال، والدليل على أن الإيمان: قول وعمل، وأن من ترك الصلاة، فقد كفر، والدليل على أنها أعلى الأعمال، إذ تاركها يصير بتركها كافرا.

قلت: فالعهد الذي بيننا، وبينهم الصلاة؛ فمن تركها، فقد كفر([539])، بل بين العبد، وبين الشرك، ترك الصلاة، فإذا تركها، فقد أشرك.([540])

قال تعالى: ]يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم[ [المائدة:41].

وقال تعالى: ]منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31].

قلت: ووصفت هذه الأدلة: تارك الصلاة: بالكفر، والشرك، والخروج من الملة، والعياذ بالله.

قال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص501): (والله تعالى يقول: ]منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31]؛ فجعل الله من ترك الصلاة: مشركا، خارجا من الإيمان؛ لأن هذا الخطاب؛ للمؤمنين، تحذير لهم؛ أن يتركوا الصلاة، فيخرجوا من الإيمان، ويكونوا كالمشركين). اهـ

قال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص1006): (قال تعالى: ]وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31]؛ فبين تعالى أن علامة: أن يكون من المشركين: ترك إقامة الصلاة). اهـ

 وقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وقال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

قلت: فأخبرنا الله تعالى: أن الحنيف المسلم، هو على الدين القيم، وأن الدين القيم: هو بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله، وقتله حتى يتوب، ولا توبة له إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. ([541])

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل).([542]) اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج11 ص361): (القول في تأويل: قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم، وشركهم؛ بالله تعالى إلى الإيمان به وبرسوله r، وأنابوا إلى طاعته، ]وأقاموا الصلاة[ المكتوبة، فأدوها بحدودها،  ]وآتوا الزكاة[ المفروضة أهلها: ] فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]، يقول تعالى: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله تعالى به، وهو الإسلام). اهـ

وقال الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص418): (قال الله عز وجل: ]حنفاء لله غير مشركين به[ [الحج:31].

* ثم وصف الحنفاء، والذين هم غير مشركين به، فقال عز وجل: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

* فأخبرنا - جل ثناؤه وتقدست أسماؤه - أن الحنيف المسلم هو على الدين القيم، وأن الدين القيم هو: بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله وقتله حتى يتوب، ولا توبة إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، فقال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* فأي بيان - رحمكم الله - يكون أبين من هذا؟

وأي دليل على أن الإيمان قول وعمل، وأن الصلاة والزكاة من الإيمان يكون أدل من كتاب الله، وسنة رسول الله r، وإجماع علماء المسلمين، وفقهائهم الذين لا تستوحش القلوب من ذكرهم، بل تطمئن إلى اتباعهم، واقتفاء آثارهم رحمة الله عليهم، وجعلنا من إخوانهم). اهـ

قلت: وهذه الأدلة تبين تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق: بين تركها تهاونا، وكسلا، وبين تركها جحودا.

وهذه المسألة العظيمة: من أظهر المسائل، التي تبين غربة الدين، والتمسك بما كان عليه سلف الأمة.

* فقد تظافرت النصوص الكثيرة، وأقوال الصحابة، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من الإسلام. ([543])

* ونقل غير واحد ممن يعتد بإجماعهم: إجماع أصحاب النبي r، على تكفير تارك الصلاة، وإخراجه من الإسلام. ([544])

وعن الإمام مكحول / قال: (من ترك صلاة مكتوبة، متعمدا، فقد برئت منه ذمة الله، فقد كفر).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (10487)، وفي «الإيمان» (129) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن مكحول به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص535): (فإن المسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه، كان أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع، مثل: مانعي الزكاة، وأمثالهم ممن قاتلهم الصديق t). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص545): (وقد اتفق علماء المسلمين: على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة، فإنه يجب قتالها، إذا تكلموا بالشهادتين، وامتنعوا عن: «الصلاة»، و«الزكاة»، أو «صيام شهر رمضان»، أو «حج البيت العتيق»). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص356): (وأيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله لله، كما قاتل أبو بكر الصديق t، وسائر الصحابة : مانعي الزكاة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص357): (فثبت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام، وإن تكلم بالشهادتين). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص55): (وأخبر أبو بكر t، أنه: إنما يقاتلهم على الصلاة، والزكاة، وأصحاب رسول الله r قاتلوا من منع الزكاة، إذ كانت فريضة من فرائض الله تعالى... فاستحلوا قتالهم)([545]). اهـ

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص231): (ألا ترى، أن أبا بكر t، شبه الزكاة بالصلاة، ومعلوم أنهم كانوا: مقرين بالإسلام والشهادة). اهـ

قلت: فأبو بكر الصديق t: قاس قتاله، «لمانعي الزكاة»، بما هو مقرر عندهم من كفر، وقتال: من ترك الصلاة.

قال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ص234): (يدل على: أن من ترك الصلاة؛ فإنه يقاتل؛ لأنها حق البدن.

* فكذلك: من ترك الزكاة التي هيحق المال، وفي هذا إشارة إلى: أن قتال، تارك الصلاة، أمر مجمع عليه، لأنه جعله: أصلا مقيسا عليه). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص95): (والصحابة : أجمعوا على قتال مانعي الزكاة، والصلاة آكد منها). اهـ

* فمن ترك لواحد من أركان الإسلام، فيقاتل، ويكفر، والأركان هي: شهادة: «أن لا إله إلا الله»، و«أن محمدا رسول الله»، و«إقام الصلاة»، و«إيتاء الزكاة»، و«صوم رمضان»، و«حج البيت».([546])

فعن حنظلة بن علي بن الأسقع؛ أن أبا بكر الصديق t، بعث خالد بن الوليد t، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، قال: (ومن ترك واحدة من الخمس، فقاتله، كما تقاتل من ترك الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).([547])

وقال الإمام أبو عبدالله ابن منده / في «رسالة في بيان فضل الأخبار، وشرح مذاهب أهل الأثر» (ص25): (فلما قبض الله جل وعلا: نبيه r، من بين أصحابه المنتخبة أجمعين، وجمعهم على خيرهم، وأفضلهم في أنفسهم، فقام بأمر الله جل وعلا، وأخذ منهاج رسول الله r، وقال: (والله لو منعوني عقالا، كانوا يؤدونه إلى رسول الله r، لقاتلتهم علىها).

فإن الزكاة واجبة، كالصلاة، فقاتل بمن أقبل من أهل الإسلام من أدبر، منهم: وارتد، حتى راجعوا دينهم، وأطاعوا أمر الله تعالى، وأدوا ما افترض الله عليهم، وأمضى حكم الله عز وجل، ورسوله r، فيمن أبى ذلك، فرضي الله عنه، وعن جميع الصحابة). اهـ

وقال الحافظ الآجري / في «الأربعين» (ص82): (اعلم أنه أول ما بعث النبي r أمر أن يدعو الناس إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن قالها صادقا من قلبه، ومات على ذلك دخل الجنة، ثم فرضت عليهم الصلاة بعد ذلك فصلوا، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم فرضت عليهم الفرائض حالا بعد حال، كلما فرض عليهم فرض قبلوه، مثل: «صيام شهر رمضان»، ومثل: «الزكاة»)، ثم فرض: «الحج على من استطاع إليه سبيلا»، فلما آمنوا بذلك، وعملوا بهذه الفرائض، قال الله عز وجل: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3]، فقال النبي r: «بني الإسلام على خمس»؛ فاعلم ذلك؛ فمن ترك فريضة من هذه الخمس، وكفر بها، وجحد بها لم ينفعه التوحيد، ولم يكن مسلما، وقد قال النبي r: «بين العبد، وبين الكفر ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة، فقد كفر»، وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزك ماله؛ فلا صلاة له»، ولما قبض النبي r ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة، وقالوا: نصلي، ونصوم، ولا نزكي أموالنا، فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع جميع الصحابة حتى قتلهم، وسباهم وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار، وقتلانا في الجنة؟» كل ذلك لأن الإسلام: «خمس» لا يقبل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك). اهـ

وعن أبي طالب قال: سألت؛ أبا عبد الله؛ عمن قال: الصلاة فرض، ولا أصلي؟ قال: يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وصلى، وإلا ضربت عنقه، قلت: فرجل قال: الزكاة علي، ولا أزكي؟ قال: يقال له: مرتين، أو ثلاثا: زك؛ فإن لم يزك يستتاب ثلاثة أيام؛ فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»، كتاب: «الردة»، باب: «في مانع الزكاة» (ص488 و489) من طريق أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص102): (تارك الصلاة، والزكاة: إذا قتل عند أحمد /، فهو عنده من قسم المرتدين، لأنه بالإسلام ملتزم: لهذه الأفعال، فإذا لم يفعلها، فقد ترك ما التزمه، أو لأنها عنده من الغاية التي يمتد القتال إليها، كالشهادتين، فإنه لو تكلم، بإحداهما: وترك الأخرى لقتل). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «الدرر السنية» (ج10 ص495): (وقد أشكل هذا على: عمر بن الخطاب t، فقال: «يا خليفة رسول الله، كيف نقاتل الناس... الحديث»، فقال أبو بكر: ألم يقل: «إلا بحقها»، فإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله r، لقاتلتهم على منعها».

قال عمر بن الخطاب t: «فوالله ما هو إلا إن رأيت الله، قد شرح صدر أبي بكر، للقتال: فعلمت أنه الحق».

* فوافق عمر t، أبا بكر t، واتفق الصحابة ، كلهم على ذلك.

وقاتلوا من منع الزكاة، وأدخلوهم في حكم أهل الردة، فكيف بمن أضاف إلى ذلك: ترك الصلاة، والصيام، والحج، فهذا أولى بالكفر، والردة عن الإسلام، ممن ترك: الزكاة وحدها.

* فناقض ما أجمع عليه أصحاب رسول الله r، من تكفير هؤلاء، وجعلهم: مسلمين، بمجرد التلفظ بالشهادتين). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ / في «الرسائل» (ج1 ص246)؛ عن ترك عمل الجوارح: (هذا من فروع مذهب: «المرجئة»، وهو الرائج في البلدان التي أهلها يدعون الإسلام). اهـ

وعن عبد الله بن عمرو قال: (إن عرى الدين، وقوامه الصلاة، والزكاة، لا يفرق بينهما، وحج البيت، وصوم رمضان).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (10483)، وفي «الإيمان» (124) من طريق محمد بن بشر نا زكريا قال: حدثني حواري بن زياد؛ أن عبد الله بن عمرو t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (الأمر عندنا إن كان قد منع فرائض الله تعالى، فلم يستطع المسلمون أخذها منه، فإن حقا عليهم جهادهم([548])، حتى يأخذوها منه.

* قال حنبل: سمعت أبا عبدالله يقول: (ما فعل أبو بكر، قلت: فما ترى أنت؟، قال: ما أجيب في هذا بشيء، فقد قال مالك: في ذلك، وأمسك أبو عبدالله عن الجواب).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام الملل»، كتاب: «الردة» (ص482) من طريق حنبل قال: حدثنا القعنبي قال: قال مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الخلال عليه في «أحكام الملل» (ص482)، باب: جامع القول في من ترك فريضة من فرائض الله تعالى.

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص502): (من آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، فلم يفرق بين الإيمان، وبين الصلاة والزكاة، فمن لم يؤمن لم تنفعه الصلاة، ومن لم يصل لم ينفعه الإيمان). اهـ

وقال عبدالله بن أحمد في «السنة» (ص361)؛ وجدت في كتاب أبي /، قال: أخبرت أن فضيل بن عياض قال: (وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة، ولا الزكاة، ولا شيء من الفرائض من الإيمان؛ افتراء على الله عز وجل، وخلافا لكتابه، وسنة نبيه r، ولو كان القول؛ كما يقولون: لم يقاتل أبو بكر t: أهل الردة).

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص90): (وإن كانوا طائفة ممتنعة ذات شوكة؛ فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا أداء الواجبات الظاهرة والمتواترة: كالصلاة، والصيام، والزكاة، وترك المحرمات: كالزنا، والربا، وقطع الطريق، ونحو ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص207): (فالواجب على ولي الأمر أن يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين، فإن كان التاركون طائفة ممتنعة: قوتلوا على تركها بإجماع المسلمين، وكذلك يقاتلون على ترك الزكاة، والصيام، وغيرهما، وعلى استحلال المحرمات الظاهرة المجمع عليها، كنكاح ذوات المحارم، والفساد في الأرض، ونحو ذلك، فكل طائفة ممتنعة من التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها، حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء). اهـ

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: «بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص322)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45)، وفي «التمييز» (ص173)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص5 و6)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص17 و18)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص329)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص358)، وفي «السنن الصغير» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص54)، و(ج3 ص288 و428)، وفي «الاعتقاد» (ص330)، وفي «فضائل الأوقات» (ص137 و138)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص143)، وفي «الإيمان» (22)، و(220)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص531)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص107 و108)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص62)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص146)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص109 و110)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص211)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص183)، وفي «الأربعين» (7)، والخلال في «السنة» (1184)، و(1382)، و(1383)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص174)، ويوسف بن عبدالهادي في «مسألة في التوحيد» (ص71)، وابن أبي الرجاء في «الفوائد الملتفظة والفرائد الملتقطة» (ق/55/ط)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص184 و185 و301)، وفي «التوحيد» (ج2 ص30)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (ج2 ص526)، والنسفي في «القند» (992)،وابن عبد البر في «التمهيد» (ج16 ص160)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص159)، و(ج4 ص128)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص188)، والآجري في «الشريعة» (ص106)، وفي «الأربعين» (ص20)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص164)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج2 ص840)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص308)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص309)، وفي «مسند الشاميين» (ج2 ص283)، وفي «المعجم الأوسط» (2930)، و(6264)، (6533)، وابن صاعد في «حديثه» (ق/142/ط)، والجعبري في «الإفصاح في مراتب الصحاح» (ص70)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج1 ص528)، و(ج2 ص304 و489)، و(ج3 ص310)، و(ج4 ص164 و566)، والحيري؛ تعليقا في «الكفاية في التفسير» (ج6 ص186)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص52 و53)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص261)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص636 و637 و638)، والمؤيد الطوسي في «الأربعين عن المشايخ الأربعين» (ص90)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص418 و419 و420 و421)، والحربي في «الحربيات» (ق/8/ط)، ودانيال في «مشيخته» (ق/88/ط)، والدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (ج2 ص932)، و(ج3 ص1176)، وفي «الأفراد» (1911)، و(2882)، و(2986)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص660)، و(ج4 ص1419)، وأبو يعلى في «المسند» (ج10 ص164)، وابن الجوزي في «مشيخته» ص169 و170)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص319)، وفي «الحدائق» (ج1 ص66)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص59)، وفي «الناسخ والمنسوخ» (ص203)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص283)، وفي «المعجم المختص بالمحدثين» (ص264)، والديلمي في «الفردوس» (ج2 ص30)، وابن أبي عمر العدني في «الإيمان» (ص84)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص151)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص233)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص416 و450)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص295)، وبيبي الهروية في «جزء حديثها» (ص62)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص105)، وأبو حيان الأندلسي في «المنتخب من حديث: شيوخ بغداد» (ص132)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/53/ط)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (480)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج4 ص810)، والحسن بن سفيان النسوي في «الأربعين» (ص47)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط من المرويات» (ج1 ص244)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص86)، و(ج54 ص53)، و(ج58 ص86)، و(ج60 ص314)، و(ج63 ص228)، و(ج68 ص234)، وفي «معجم الشيوخ» (12، و(166)، و(994)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص292)، والحرفي في «الأمالي» (ص407)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج3 ص519)، والسبكي في «الطبقات الكبرى الشافعية» (ج1 ص76)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص210)، وفي «تاريخ بغداد» (ج14 ص29)، وفي «الأسماء المبهمة» (ص336 و337)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص82)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص31 و33)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص237)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص269 و270)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص80)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين»؛ تعليقا (ص231)، والمراغي في «مشيخته» (ص124 و125)، من عدة طرق عن عبدالله بن عمر به.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال ابن منده: «هذا حديث مجمع على صحته».

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص179): (إن هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج1 ص17): (بني الإسلام على خمس؛ أي: أركان، أو أشياء، (على خمس)؛ أي: خصال، أو دعائم، أو قواعد). اهـ

قلت: إذا كان الله تعالى قد أمر: بـ«الصلاة»، و«الزكاة»، و«صيام رمضان»، و«الحج»، كأمره بالتوحيد، ثم كان مضيع هذه الفرائض كافرا، أو هو تارك، لأحدهما: يكفر، كما يكفر من ترك: «الشهادتين».

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص103): «باب الصلاة من الإيمان».

وقال الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص109): (باب: بني الإسلام على خمس).

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص93)؛ تحت حديث: ابن عمر : «بني الإسلام على خمس»: (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيد الله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا؛ فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([549]) اهـ

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص224)؛ باب: وجوب الزكاة، وقول الله تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص225)؛ باب: البيعة على إيتاء الزكاة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص318): (وقول الإمام أحمد /: إن الإسلام هو: «الإقرار»، يدل على أن هذا أول دخوله الإسلام، وأنه لا يكون قائما بالإسلام الواجب، حتى يأتي بالخمس). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص284): (وحينئذ فالذي لا يصلي أبدا، لا يطلق عليه أنه مسلم.

* وحينئذ صدقاته، وما يفعل من أوجه البر، ومن أوجه الخير، لا تنفعه مع عدم الإسلام، ليس لها أثر مع كون الإنسان لم يلتزم بالإسلام.

فشهادة: أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وحدها لا تكفي، وإن كانتا هما الأساس، لكنهما مع من يعرف أنه لابد من الإتيان ببقية واجبات الإسلام، ودعائمه العظام). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص282): (وكل الصلوات، وصيام رمضان، والحج لبيت الله الحرام، وإخراج الزكاة على من عليه زكاة، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهي الأساس كذلك، ليس فيها شيء هو في خيار منه، فمن لم يحافظ على الصلوات، ومن لم يحافظ على واجبات الإسلام، فهو غير مسلم). اهـ

قال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* فالله تعالى: لم يثبتهم إخوانا لنا، إلا بهذه الشرائط: من صلاة وزكاة.

وهذا يدل على أن: تارك الصلاة، والزكاة، لا يكون أخا لنا في الدين، لأنه كافر في الدين، والدين: هو الإيمان.([550])

وعن الإمام مسروق / قال: (أمرتم في كتاب الله بإقامة أربع: بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، والعمرة، فالعمرة من الحج، منزلة الصلاة من الزكاة).

أثر صحيح

أخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (1351) من طريق زهير عن أبي إسحاق قال: سمعت مسروقا به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الكبير» (ص354): (والإمام أحمد /: في أكثر الروايات عنه، وأوفقها لأصوله، أن تارك الأركان الأربعة، عدا الشهادتين متعمدا: كافر). اهـ

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص609)؛ أن الأركان ما عدا الشهادتين، في تكفير تاركها: نزاع مشهور، ثم رجح كفره بترك واحدة منهن.

* وهو اختيار: القاضي أبي بكر بن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك /.

وعن الضحاك بن مزاحم / قال: (فهذه صفة دين الله، وهو الإيمان، وما شرع الله فيه من الإقرار بما جاء من عند الله، وبين من حلاله وحرامه، وسننه وفرائضه).([551])

* ونقل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص258)؛ عن أهل العلم: أن من ترك الزكاة، أو ترك صيام رمضان، من غير عذر شرعي، أنه يكفر، وهو الصواب: في اختلاف المتأخرين، لأنه موافق لإجماع الصحابة، والتابعين.

وبوب الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص406)؛ باب كفر تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك.

وقال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان / في «كشف الشبهات» (ص12): (اعلم أن من ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فهو كافر؛ بإجماع المسلمين).اهـ

وقال الإمام الحكم بن عتيبة /: (من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمدا، فقد كفر، ومن ترك الحج متعمدا، فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمدا، فقد كفر). ([552])

قال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون[ [النور:56].

وقال تعالى: ]وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين[ [البقرة:43].

وعن ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس، لما قدموا على رسول الله r، أمرهم: بالإيمان بالله، فقال: «أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال r: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (53)، و(87)، و(523)، و(4368)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص47)، وأبو داود في «سننه» (3692)، و(4677)، والترمذي في «سننه» (1689)، و(2797)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص537)، وفي «المجتبى» (ج8 ص120)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص464)، وفي «الإيمان» (ص202)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (20)، وابن منده في «الإيمان» (18)، و(19)، و(21)، والخلال في «السنة» (1100)، و(1094)، وأبو عبيد في «الإيمان» (ص33)، والمخلص في «المخلصيات» (124)، و(3095)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص177 و178)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص249)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1583)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص72)، ويوسف بن عبدالهادي المقدسي في «مسألة التوحيد» (ص72)، وابن البخاري في «مشيخته» (87)، و(175)، والقاضي أبو يعلى في «الإيمان» تعليقا (16)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1279)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1295)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص10)، وابن المؤذن في «فوائد مخرجة عن الشيوخ» (ق/20/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (932)، وابن الجوزي في «الوفا بفضائل المصطفى» (ج4 ص260)، وفي «المشيخة» (ص64)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص364)، وأبو عبدالله البرزالي في «سلوك طريق السلف» (15)، والنعال في «المشيخة» (ص141)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص294)، و(ج8 ص303)، وفي «شعب الإيمان» (ج1 ص50)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص324)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (390)، و(391)، وابن بلبان في «خمسة أحاديث عن الأئمة الخمسة» (ص20)، وابن حبان في «صحيحه» (157)، و(172)، والطيالسي في «المسند» (ج4 ص466)، وابن خزيمة في «صحيحه» (307)، و(2245)، و(2246)، وابن الجارود في «المنتقى» (374)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص6)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12949)، وابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» (ج2 ص516 و517)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61 و62)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص110 و111)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1078)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ص31)، وفي «المجالس الثمانية» (ص260)، والمراغي في «المشيخة» (ص167 و168 و169)، وابن أبي الفتح الصوري في «حديثه» (ص674)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص104) من طريق عباد بن عباد، وأبي التياح، وشعبة، وحماد بن زيد، وقرة بن خالد؛ جميعهم: عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس به.

وقال الحافظ أبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص61): «بيان: صفة الإيمان، والإسلام، وأنه أداء الفرائض، واجتناب المحارم».

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص535): (قد أعلم r في هذا الحديث: أن: «الصلاة»، و«الزكاة» من الإيمان، وكذلك: «صوم رمضان»، و«إعطاء خمس الغنيمة»). اهـ

وقال الإمام الترمذي في «السنن» (ج4 ص563)؛ «باب: ما جاء في إضافة الفرائض إلى الإيمان). اهـ

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص642)؛ سياق ما روي عن النبي r في أن دعائم الإيمان، وقواعده، شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان.

وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص18)؛ باب: من قال: إن الإيمان، هو العمل.

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج4 ص334): (أطلق المصطفى r: اسم: الكفر على تارك الصلاة، إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر؛ لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق r اسم النهاية التي: هي آخر شعب الكفر على البداية التي: هي أول شعبها، وهي ترك الصلاة). اهـ

قال تعالى: ]فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم[ [التوبة:5].

وقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

وقال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5].

قلت: فأخبرنا الله تعالى: أن الحنيف المسلم، هو على الدين القيم، وأن الدين القيم: هو بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن التارك لهما: هو المشرك الذي افترض علينا قتاله، وقتله حتى يتوب، ولا توبة له إلا بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. ([553])

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج5 ص956): (فوصف الله عز وجل الدين قولا، وعملا؛ فقال تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ والتوبة: من الشرك، وهو: الإيمان، والصلاة، والزكاة: عمل).([554]) اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص59): (قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ فعلق أخوتهم للمؤمنين؛ بفعل الصلاة، فإذا لم يفعلوها لم يكونوا: إخوة للمؤمنين، فلا يكونوا: مؤمنين، لقوله تعالى: ]إنما المؤمنون إخوة[ [الحجرات:10]). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج11 ص361): (القول في تأويل: قوله تعالى: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]؛ يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم، وشركهم؛ بالله تعالى إلى الإيمان به وبرسوله r، وأنابوا إلى طاعته، ]وأقاموا الصلاة[ المكتوبة، فأدوها بحدودها،  ]وآتوا الزكاة[ المفروضة أهلها: ] فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11]، يقول تعالى: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله تعالى به، وهو الإسلام). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص45): (وإذا رددنا هذا النزاع إلى الكتاب والسنة، وجدنا أن الكتاب والسنة، كلاهما: يدل على كفر تارك الصلاة، الكفر الأكبر المخرج عن الملة، قال الله تعالى في سورة التوبة: ]فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين[ [التوبة:11].

* وقال في سورة مريم: ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا (59) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا[ [مريم:59 -60].

* فوجه الدلالة: في الآية الثانية، آية سورة مريم، أن الله قال: في المضيعين للصلاة، المتبعين للشهوات: ]إلا من تاب وآمن[ فدل، على أنهم حين إضاعتهم للصلاة، واتباع الشهوات غير مؤمنين.

* ووجه الدلالة: من الآية الأولى، آية سورة التوبة، أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين، ثلاثة شروط:

1) أن يتوبوا من الشرك.

2) أن يقيموا الصلاة.

3) أن يؤتوا الزكاة.

* فإن تابوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا.

وإن أقاموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا.

* والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية، فلا تنتفي بالفسوق، والكفر دون الكفر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص47): (وبهذا علم: أن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، إذ لو كان فسقا، أو كفرا دون كفر، ما انتفت الأخوة الدينية به، كما لم ينتف بقتل المؤمن وقتاله). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص265): (الإسلام هو قول وعمل واعتقاد، ولا يتم الإسلام إلا بهذا، لا بد أن ينطق الإنسان بالشهادتين، ولابد أن يعتقد الإنسان أن هذا حق، ولا بد أن يعمل الإنسان أيضا بفرائض الإسلام، كالصلاة، وأداء الزكاة، والصوم، والحج، وما إلى ذلك من الأمور التي شرعها الله عزوجل على لسان سيد الأولين والآخرين، ولا يتم الإسلام إلا بهذه الأمور مجموعها).اهـ

وعن عروة بن الزبير؛ أن المسور بن مخرمة t، أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t، من الليلة التي طعن فيها، فأيقظ عمر t، لصلاة الصبح، فقال عمر بن الخطاب t: (نعم: ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى عمر، وجرحه يثعب دما).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص81)، و(ق/26/ط)، وأحمد في «الإيمان» (1381)، وفي «الزهد» (ص154)، وفي «المسائل» (ج1 ص192 و193 رواية: ابنه عبدالله)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص25)، وفي «الإيمان» (103)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص44)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص157)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350)، والحدثاني في «الموطأ» (ص81)، وإسماعيل بن إسحاق في «مسند مالك بن أنس» (39)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص357)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص385 و386)، والقعنبي في «الموطأ» (ص109)، والخلال في «أحكام أهل الملل» (1386)، وفي «السنة» (ج4 ص145)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص675)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص670 و671)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص825)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص132)، من طريق عبدالله بن نمير، ووكيع، ومالك؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الشيخ الألباني / في «إرواء الغليل» (ج1 ص226): (هذا سند صحيح على شرط الشيخين).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): (فثبت عن عمر، قوله: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

وقال الشيخ الألباني / في «تعليقه على الإيمان» (ص34): (والأثر صحيح: الإسناد على شرط الشيخين).

وذكره الذهبي في «الكبائر» (ص117).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص279): (وحديث عمر رواه مالك في «الموطأ» عن هشام بن عروة عن أبيه: أن المسور بن مخرمة أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره). اهـ

* ورواه جرير بن عبدالحميد، ومحمد بن دينار، وعبدالله بن إدريس، وعيسى بن يونس؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه به؛ مثل: رواية مالك بن أنس.

ذكره الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج2 ص210).

وأخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص150)، والخلال في «السنة» (ج4 ص141 و142)، وأحمد في «الإيمان» (1371)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص429)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص227)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص406)، و(ج2 ص52)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج47 ص315)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص895)، وضياء الدين المقدسي في «منتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص615) من طريق محمد بن إسحاق، وأبي معاوية، والثوري، والليث بن سعد، وعبدة بن سليمان؛ كلهم: عن هشام بن عروة عن أبيه عن سليمان بن يسار قال: حدثني المسور بن مخرمة t، (أنه دخل مع ابن عباس t ليلة طعن عمر، فلما أصبح بالصلاة من الغد فزعوه، فقالوا: الصلاة!، ففزع، وقال: نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وجرحه يثعب([555]) دما).

قلت: وهذا سنده صحيح، وهو ليس من الاختلاف القادح، بل هو من المزيد في متصل الأسانيد.

وذكره ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج1 ص155 و156).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص280): (ورواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه: قال حدثني سليمان بن يسار، أن المسور بن مخرمة أخبره قال: دخلت أنا، وابن عباس على عمر حين طعن). اهـ

قلت: وقد خالف هذا التصحيح، الحافظ الدارقطني؛ فأعل الحديث: بالانقطاع، بين عروة بن الزبير، وبين المسور بن مخرمة، ولم يصب، لثبوت صحة الإسناد، وقد سبق.

فقال الحافظ الدارقطني / في «الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس» (ص81): (وهذا لم يسمعه: عروة من المسور: وقد خالف مالكا جماعة؛ منهم: سفيان الثوري، والليث بن سعد، وحميد بن الأسود، ومحمد بن بشر العبدي، وعبد العزيز الدراوردي، وحماد بن سلمة، وغيرهم:

* رووه؛ عن هشام عن أبيه عن سليمان بن يسار عن المسور بن مخرمة عن عمر t؛ وهو الصواب: أدخلوا بين عروة، وبين المسور: سليمان بن يسار، وهو الصواب). اهـ

* وكذا قال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج2 ص209 و210)؛ وجعل الوهم من مالك بن أنس في ذكره: الإسناد، عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة عن عمر بن الخطاب.

قلت: وقد صح هذا الوجه، وهو محفوظ أيضا.

فإن الإمام مالكا: لم يتفرد به، بل تابعه خمسة من الرواة الثقات الحفاظ، على إسناده.

مع التنبيه لأمر مهم: وهو أن الإمام مالكا، أثبت الناس، وأعلمهم؛ بهشام بن عروة.

ناهيك عن تصريح: عروة بن الزبير؛ بالسماع، من المسور بن مخرمة، وهو أدركه، وروى عنه.

فما المانع: أن يكون عن الوجهين: مرة بذكر؛ سليمان بن يسار، ومرة عن المسور بن مخرمة: مباشرة.

* ومما يؤكد صحة رواية: مالك بن أنس السابقة، أن أبا الزناد: رواه عن عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار؛ كلاهما: عن المسور بن مخرمة t: (أنه دخل هو، وابن عباس : على عمر بن الخطاب t، فقالا: الصلاة يا أمير المؤمنين، بعدما أسفر، فقال: نعم، لا حظ في الإسلام، لمن ترك الصلاة، فصلى، والجرح يثعب دما).

أخرجه أحمد في «الزهد» (ص154)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص825).

وإسناده صحيح.

* وقد توبع: عروة بن الزبير؛ على هذا الحديث، من هذا الوجه؛ بإثبات: «سليمان بن يسار».

* تابعه الزهري عن سليمان بن يسار أخبره أن المسور بن مخرمة t أخبره: أن عمر بن الخطاب t، إذ طعن: (دخل عليه هو، وابن عباس ، فلما أصبح من غد، فزعوه، فقالوا: الصلاة!، ففزع، فقال: نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى والجرح يثعب دما).

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص224)، والآجري في «الشريعة» (ج2 ص647)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص351)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص892)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص923) من طريق موسى بن عقبة، ويونس بن يزيد، ومحمد بن أبي عتيق، كلهم: عن الزهري به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص167).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص281): (وذكر بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب أن سليمان بن يسار أخبره أن المسور بن مخرمة أخبره عن عمر بن الخطاب، إذ طعن أنه دخل هو وابن عباس من الغد فأفزعوه للصلاة ففزع، فذكره). اهـ

* وقد توبع؛ سليمان بن يسار: تابعه ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة t قال: (لما طعن عمر t قال: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

أخرجه أحمد في «الإيمان» (1388)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350)، وابن أبي عمر في «الإيمان» (32)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص224)، وفي «العلل الواردة في الأحاديث» (ج2 ص211)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص150)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص671)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص894)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص675)، والخلال في «السنة» (ج4 ص145)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص923)، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (ص356 و357) من طريق أيوب السختياني، وابن جريج؛ كلاهما: عن ابن أبي مليكة به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الدارقطني في «العلل» (ج2 ص211).

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص295)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الأوسط»، ورجاله، رجال الصحيح.

قلت: لا إسلام لمن ترك الصلاة.

* ومعنى قول: عمر بن الخطاب t: «لا حظ في الإسلام»؛ هو نفي حظه جملة من الإسلام، وجعله: كسائر الكفار، وهو الصواب.([556])

وأثبت الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص281 و283)؛ أن عمر بن الخطاب t، يرى كفر تارك الصلاة؛ بقوله: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة».

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص281): (وأما قول عمر: (لا حظ في الإسلام)؛ فالحظ النصيب يقول: لا نصيب في الإسلام). اهـ

قلت: فلا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، هكذا انتهى إلينا في تارك الصلاة، وتارك الزكاة، وتارك صوم رمضان، وتارك الحج عند الاستطاعة، مما جاءت به الآثار عن النبي r، وأصحابه ، وهم: أئمة الهدى في الإسلام. ([557])

وقال الحافظ الذهبي / في «الكبائر» (ص125): (وهذه النصوص: تشعر بكفر تارك الصلاة). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج4 ص83): (أما قول: عمر بن الخطاب t، هو أصرح شيء في خروجه عن الملة).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج4 ص74): (ولأن هذا إجماع الصحابة y، قال عمر بن الخطاب t: لما قيل له، وقد خرج إلى الصلاة: «نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة»؛ وقصته في «الصحيح»، وفي رواية قال: «لا إسلام لمن لم يصل» رواه النجاد، وهذا بمحضر من الصحابة y). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص67): (فقال هذا بمحضر من الصحابة y، ولم ينكروه عليه، وقد تقدم؛ مثل: ذلك عن معاذ بن جبل، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، ولا يعلم عن صحابي خلافهم). اهـ

قلت: وقد نقل غير واحد من أهل العلم: إجماع الصحابة y، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين من تركها كسلا، وتهاونا، أو تركها جحودا. 

قلت: وتأول عدد من المتأخرين أثر عمر بن الخطاب t؛ فقالوا: «أراد أنه لا كبير حظ له»، و«لا حظا كاملا له في الإسلام»؛ يعني: ليس له الإسلام التام. ([558])

وعن عبد الله بن مسعود: (من لم يصل فلا دين له). وفي رواية: (من ترك الصلاة، فلا دين له).

أثر صحيح

أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص601 و602)، وفي «المسائل» (393)، والخلال في «السنة» (1385)، و(1387)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (886)، و(888)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (936)، (937)، و(938)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8939)، و(8940)، (8941)، (8942)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (31036)، وفي «الإيمان (ص280)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1327)، و(1328)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1924)، والعدني في «الإيمان» (ص163)، وابن المنذر في «الأوسط» (25)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص216)، وابن عبدالبر في «التمهيد» تعليقا (ج4 ص225) من طريق سفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وابن الجعد، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع، وشريك النخعي، وشيبان أبي معاوية، عن عاصم بن أبي النجود، وعبدالرحمن المسعودي، عن عبدالرحمن بن عبدالله، والقاسم بن عبدالرحمن، والحسن بن سعد الهاشمي، وزر بن حبيش؛ جميعهم: عن عبدالله بن مسعود t.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* وهذا الأثر حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص370)، وفي «الضعيفة» (ج1 ص251).

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283): «وثبت عن ابن مسعود أنه قال: ما تارك الصلاة بمسلم».

* فأثبت الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج2 ص283)؛ أن عبدالله بن مسعود t، يرى كفر تارك الصلاة؛ بقوله: «ما تارك الصلاة بمسلم».

وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص224): (وتقرير هذا الخطاب: في هذا الحديث، أن أحدا لا يكون مسلما؛ إلا أن يصلي؛ فمن لم يصل، فليس: بمسلم). اهـ

ونقل الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص225)؛ عن الصحابة y: تكفير تارك الصلاة، قالوا: من لم يصل، فهو كافر.

قال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج1 ص213): (وأما الركن الأول؛ من الأركان الخمسة: «شهادة أن لا إله إلا الله» فبدونها لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة.

* وكذلك إذا قالها، ولم يفهم حقيقة معناها، أو فهم، ولكنه أخل به عمليا، كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد، ونحوها من الشركيات). اهـ

قلت: وثبت في الكتاب والسنة: تكفير تارك الصلاة، وعلى ذلك أجمع أصحاب رسول الله r، والتابعون لهم بإحسان.

وتناقل أهل العلم: هذا الإجماع إلى يومنا هذا؛ إلا أن: «المرجئة العصرية»، لم ترفع بذلك رأسا؛ بل سعوا في نقضه([559])، وإبطاله، عن طريق اختلاف العلماء([560]) بعد الصحابة y، لأنه يعود على أصولهم بالنقض، والإبطال.

قلت: وعند التحقيق في أقوال: «المرجئة العصرية» ونقلهم بقول: الجمهور، لا يثبت عن كثير منهم القول، بما يخالف إجماع الصحابة y.

* وأما من ثبت عنه المخالفة، للإجماع: ممن يعتبر خلافه؛ فقد تقرر في أصول أهل السنة والجماعة: أنه لا عبرة بقول يخالف إجماعهم، مهما كانت منزلة القائل المخالف.

* ومما قرروه أن متى ثبت في مسألة من مسائل الدين إجماع لهم، فلا يجوز لأحد مخالفته كائنا من كان.

قلت: فمن وقع منه شيء من ذلك، فلا ينظر إلى قوله أصلا، ولا يلتفت إلى مخالفته لهم؛ لأن أئمة السنة عدوا مخالفة إجماع الصحابة y، بدعة، وهلكة، يظن بها في صاحبها. ([561])

وعن الإمام الأوزاعي / قال: (وما رأي امرئ في أمر بلغه فيه عن النبي r إلا اتباعه، ولو لم يكن فيه عن رسول الله r، وقال فيه أصحابه من بعده، كانوا أولى فيه بالحق منا، لأن الله أثنى على من بعدهم باتباعهم إياهم، فقال تعالى: ]والذين اتبعوهم بإحسان[ [التوبة:100]، فقلتم أنتم: لا !، بل نعرضها على رأينا في الكتاب؛ فما وافقه منه: صدقناه، وما خالفه تركناه، وتلك غاية كل محدث في الإسلام، رد ما خالف رأيه من السنة).

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (925)، والدارمي في «الرد على بشر المريسي» (ص146) من طريق عبدالله بن صالح عن الهقل بن زياد عن الأوزاعي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام الأوزاعي / قال: (وأنا أوصيك بواحدة، فإنها تجلو الشك عنك، وتصيب بالاعتصام بها سبيل الرشد إن شاء الله تعالى: تنظر إلى ما كان أصحاب رسول الله r من هذا الأمر... وإن كانوا اجتمعوا منه على أمر، واحد لم يشذ عنه منهم أحد، فأين المذهب عنهم؛ فإن الهلكة في خلافهم، وإنهم لم يجتمعوا على شيء قط، فكان الهدى في غيره). ([562])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355)؛ في مسألة أكثر النفاس: (وليس في مسألة أكثر النفاس؛ موضع: للاتباع، والتقليد، إلا من قال بالأربعين: فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة y حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم، فأين المهرب عنهم دون سنة، ولا أصل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص267): (إجماع الصحابة y حجة ثابتة، وعلم صحيح، إذا كان طريق ذلك الإجماع التوقيف، فهو أقوى ما يكون من السنن، وإن كان اجتهادا، ولم يكن في شيء من ذلك مخالفا، فهو أيضا علم وحجة لازمة، قال الله عز وجل: ]ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115]. اهـ

* وإجماع الصحابة y: على كفر تارك الصلاة، مستنده التوقيف.

ولذلك من ترك أقوال الصحابة y، وأخذ بأقوال من بعدهم، فإنه يستتاب على فعله هذا المشين.

* فعن الهيثم بن جميل قال: (قلت؛ لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله، أن عندنا قوما وضعوا كتبا؛ يقول أحدهم: حدثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب t: «بكذا، وكذا»، وحدثنا فلان عن إبراهيم النخعي: «بكذا»، ونأخذ بقول: إبراهيم النخعي، قال مالك: صح عندهم، قول عمر t!، قلت إنما هي، رواية: كما صح عندهم، قول إبراهيم النخعي، فقال مالك: هؤلاء يستتابون). ([563])

قلت: فإذا كان هذا يستتاب في تركه؛ لقول عمر t، وأخذه بقول: إبراهيم النخعي /، فكيف بمن خالف إجماع الصحابة y، وأخذ بقول من ليس في منزلة: إبراهيم النخعي /، ممن يأخذ من المتأخرين، والمعاصرين!.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140): (وقد صرح مالك /، بأن من ترك قول عمر بن الخطاب t؛ لقول: إبراهيم النخعي: أنه يستتاب، فكيف بمن ترك قول الله تعالى، ورسوله r؛ لقول من هو دون إبراهيم النخعي، أو مثله). اهـ

قلت: فإذا تقرر هذا: فقد صرح أئمة السنة: بأن القول الذي يدخل به العبد في دين الإسلام، هو قول مخصوص، وهو: النطق بـ«الشهادتين»، وأن العمل الذي يصح به دينه، هو عمل مخصوص؛ وهو: «الصلاة».

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص501): (وإقام الصلاة: هو العمل، وهو الدين الذي أرسل به المرسلين، وأمر به المؤمنين، فما ظنكم رحمكم الله بمن يقول: إن الصلاة ليست من الإيمان، والله عز وجل يقول: ]منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين[ [الروم:31]؛ فجعل الله من ترك الصلاة: مشركا خارجا من الإيمان؛ لأن هذا الخطاب للمؤمنين تحذير لهم أن يتركوا الصلاة، فيخرجوا من الإيمان، ويكونوا كالمشركين، وقال عز وجل: ]إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين[ [التوبة:18]؛ فقال سبحانه: من آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، فلم يفرق بين الإيمان، وبين الصلاة والزكاة، فمن لم يؤمن لم تنفعه الصلاة، ومن لم يصل لم ينفعه الإيمان). اهـ

وعن عبد الله بن شقيق العقيلي / قال: (ما علمنا شيئا من الأعمال؛ قيل: تركه كفر؛ إلا الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (216)، والخلال في «السنة» (1378)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (10495)، وفي «الإيمان» (137) من طريق عبدالأعلى، وبشر بن المفضل، وإسماعيل بن إبراهيم؛ كلهم عن الجريري عن عبد الله بن شقيق به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن العراقي في «طرح التثريب» (ج2 ص146)، والسخاوي في «الأجوبة المرضية» (819)، والشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (564).

وعن عبدالله بن أحمد قال: سألت أبي: عن من ترك الصلاة؟، قال: كذا يروى عن النبي r: (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص470) من طريق عبد الله بن أحمد قال: سألت: أبي أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبدالله، عن من ترك الصلاة متعمدا؟ قال: (ليس بين الإيمان، والكفر؛ إلا ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن حرب قال: قيل، لأحمد: رجل قال: لا أصلي؟، فكأنه ذهب إلى أنه يستتاب، وقال: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق حرب، قال: قيل؛ لأحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن أبي الحارث؛ أنه قال: لأبي عبد الله: فيكون من يترك الصلاة كافرا؟، فقال: قال النبي r: (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة)، قلت: فإن كان رجل نراه مواظبا على الصلاة، ثم تركها، فقيل له: يقتل، فقال: لا أصلي، ولم أعلم أن الصلاة فرض؟، فقال: قال النبي r: (من ترك الصلاة فقد كفر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص472) من طريق محمد بن موسى، ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام أحمد /: (إذا قال الرجل لا أصلي، فهو كافر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أبي داود قال: سمعت أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن صالح بن أحمد؛ أن أباه قال: (وإذا قال: لا أجحد، ولا أصلي: عرض عليه الإسلام، فإن صلى، وإلا قتل).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص474) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله: يسأل عن المرتد، وتارك الصلاة؟، قال: (يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق الحسين بن عبد الوهاب قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: قلت: الرجل يترك الصلاة تجوزا، فيقال له: صل، فيقول: نعم ثم لا يفعل، وهو مقر بالصلاة: أنها فرض عليه؟، قال: يرقب ثلاثة أيام؛ فإن صلى، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن صالح بن أحمد أنه قال: لأبيه: فإن تركها فلم يصلها، قال: إذا كان عامدا استتبته ثلاثا؛ فإن تاب، وإلا قتل، قلت: فتوبته: أن يصلي؟، قال: نعم).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل والردة»؛ كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص476) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح بن أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص78): (فجعل الفارق: بين المسلم، والكافر: «الصلاة»). اهـ

وعن سلمة بن نبيط عن الضحاك بن مزاحم / قال: ذكرنا عنده: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة»، فقال الضحاك: (هذا قبل أن تحد الحدود، وتنزل الفرائض).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (79)، والآجري في «الشريعة» (303)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1340)، والخلال في «السنة» (1241) من طريق وكيع ثنا سلمة بن نبيط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص108) من طريق علي بن الحسن عن عبد الله بن المبارك قال: أنبأ رزين السراج عن نصير أبي الأسود عن الضحاك بن مزاحم قال: (يقول أصحابك الحمقى: من شهد: أن لا إله إلا الله: دخل الجنة، وإنما هذا كان قبل أن تنزل الفرائض).

وإسناده حسن.

وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: أحمد بن محمد بن حنبل، قلت: إذا قال الرجل: «لا إله إلا الله»، فهو مؤمن؟، قال: (كذا كان بدء الإيمان، ثم نزلت الفرائض: الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (939)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1339)، والآجري في «الشريعة» (305) من طريق أبي الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام أحمد / في «الإيمان» (ص215): (نعم: وذاك قبل؛ أن تنزل الفرائض، ثم نزلت الفرائض، فينبغي على الناس: أن يعملوا بما افترض الله تعالى عليهم). اهـ

فالإمام أحمد / قال ذلك لأن: «المرجئة» يحتجون على إسقاط ركنية العمل، بحديث: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة).

قال تعالى: ]إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون (2) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقا[ [الأنفال: 2-4].

قلت: فوصفهم الله تعالى بالإيمان: بهذه الخصال، على أنهم لا يكونون مؤمنين بعدمها.

وقال تعالى: ]ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين[ [المائدة: 5].

وقال تعالى: ]ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 88].

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص247): (ومن تركها، لم يصح صيامه، ولا حجة ولا غير ذلك من عباداته؛ لأن الكفر الأكبر يحبط جميع العمل). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص328): (أحب شيء إلى الله تعالى؛ التقرب إليه بالفرائض: من الصلوات، والزكوات، والصيام، والحج). اهـ

وعن ابن عباس قال في قوله تعالى: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ (يعني بالمؤمنة، من قد عقل الإيمان، وصام، وصلى).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1032)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج3 ص1032)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205) من طريق أبي صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص581).

وعن الإمام الحسن البصري / قال: (ما كان في القرآن من رقبة، فلا يجوز، إلا ما صام، وصلى).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (47) من طريق وكيع عن سفيان عن أبي حيان عن الشعبي، وهشام؛ كلاهما: عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ص108) من طريق يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن الحسن البصري قال: (كل شيء في كتاب الله: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ فمن صام، وصلى، وعقل).

وإسناده صحيح.

وعلقه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1031).

وعن أبي حيان التيمي قال: سألت: الشعبي، عن قوله تعالى: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ قال: (قد صلت، وعرفت الإيمان).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1031) من طريق سفيان الثوري، وابن علية؛ كلاهما: عن أبي حيان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «سبل السلام» (ص62): (الذي لا يصلي: ما عنده إيمان، لو كان عنده إيمان ما ترك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص236): (وقد ذهب جمع من أهل العلم: إلى أن من تركها تهاونا، وإن لم يجحد وجوبها: يكفر كفرا أكبر). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص237): (مجرد الترك، والتعمد لهذا الواجب العظيم، يكون به كافرا، كفرا أكبر، وردة عن الإسلام). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص240): (فدل على أن من لم يقم الصلاة، فقد أتى كفرا بواحا). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص244): (فترك الصلاة: من أعظم الأسباب في دخول النار؛ لأن تركها: كفر أكبر). اهـ

وعن الإمام قتادة /قال: في قوله تعالى: ]فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ قال: (من صلى).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205) من طريق بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن إبراهيم النخعي / قال: (ما كان في القرآن من: ]رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ فلا يجزئ؛ إلا من صام، وصلى).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص205)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ص108)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ق/20/ط) من طريق وكيع، والثوري؛ كلاهما: عن الأعمش عن إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص216): (أكثر ما اشترط الفقهاء في الرقبة، التي تجزئ في الكفارة، العمل الظاهر). اهـ

قلت: فمن قتل مؤمنا، فعليه عتق رقبة مؤمنة([564])، والمؤمنة، هي التي توحد الله تعالى، وتصلي، وتزكي، وتصوم، وتحج، هذه هي: المؤمنة عند السلف.

قال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج1 ص396): (قوله تعالى: ]ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة[ [النساء: 92]؛ أي: التي قد صلت لله تعالى، ووحدت الله تعالى).

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص316): (فهذه النصوص: وما جاء في معناها: كلها: دالة على كفر من ترك الصلاة، عمدا، وتهاونا، وتكاسلا). اهـ

ونقل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص256)؛ عن أهل العلم: أن من ترك صيام رمضان، عمدا فقد كفر، وهو الصحيح في اختلاف المتأخرين، لأنه موافق، لإجماع الصحابة والتابعين.

قلت: إذا فمن ترك الصلاة بالكلية، وهو يعتقد وجوبها، ولا يجحدها، فإنه يكفر، وأن كفره، الكفر الأكبر، الذي يخرجه من الإسلام.

قال تعالى: ]كل نفس بما كسبت رهينة (38) إلا أصحاب اليمين (39) في جنات يتساءلون (40) عن المجرمين (41) ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين[ [المدثر: 38-42].

قلت: فتارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر.

وقد قال تعالى: ]إن المجرمين في ضلال وسعر (47) يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر[ [القمر: 47-48].

* وقد حكى إجماع الصحابة y: على كفر تارك الصلاة، غير واحد من أهل العلم، وقد سبق.([565])

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص81)؛ أن تارك الصلاة، يكفر الكفر الأكبر، لعشرة وجوه.

* وأورد الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص17)؛ أكثر من اثنين وعشرين: دليلا، على كفر تارك الصلاة: الكفر الأكبر.

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص17): (وقد دل على كفر تارك الصلاة: الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة). اهـ

وقد رد العلامة الشيخ سليمان بن سحمان /؛ كما في «الدرر السنية» (ج10 ص495)؛ على: «البغدادي»، بقوله: أن مجرد التلفظ بالشهادتين، يكتفي به في عصمة المال والدم، ويكون به مسلما، وإن لم يصل، ولا يزك، ولا يصم، ولا يحج!.

وقال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23): (وكذلك قال الإمام سفيان بن عيينة /: (المرجئة: سموا ترك الفرائض ذنبا، بمنزلة: ركوب المحارم، وليسا سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال: معصية، وترك الفرائض من غير جهل، ولا عذر: هو كفر، وبيان ذلك في أمر: «آدم» عليه السلام، و«إبليس»، وعلماء اليهود الذين: أقروا ببعث النبي صلي الله عليه وسلم، ولم يعملوا بشرائعه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص81): (فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه السلف.

فالقول: تصديق الرسول r، والعمل: تصديق القول؛ فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية، لم يكن مؤمنا، والقول: الذي يصير به مؤمنا. قول مخصوص، وهو «الشهادتان»، فكذلك العمل: هو الصلاة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصلاة» (ص103): (والأدلة التي ذكرناها، وغيرها تدل على أنه لا يقبل من العبد شيء من أعماله؛ إلا بفعل الصلاة، فهي مفتاح ديوانه، ورأس مال ربحه، ومحال بقاء الربح، بلا رأس مال، فإذا خسرها خسر أعماله كلها، وإن أتى بها صورة). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الأربعين» (ص13): (فالأعمال بالجوارح: تصديق على الإيمان، بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان: بعمله بجوارحه، مثل: «الطهارة»، و«الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، و«الجهاد»، وأشباه لهذه، ومن رضي لنفسه، بالمعرفة، والقول، دون العمل، لم يكن مؤمنا). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد السائل إلى دليل المسائل» (ص33): (من كان تاركا، لأركان الإسلام، وجميع فرائضه، ورافضا، لما يجب عليه من ذلك، من الأقوال والأفعال، ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين، فلا شك أن هذا كافر، شديد الكفر، حلال الدم والمال، فإنه قد ثبت بالأحاديث المتواترة: أن عصمة الدماء، والأموال، إنما تكون بالقيام بأركان الإسلام). اهـ

وقال العلامة القصاب / في «نكت القرآن» (ج1 ص480): (ولا أعلم بين الأمة خلافا في أن الخارج من الكفر إلى الإيمان لو قال: أؤمن بالله، وأؤمن بأن الصلاة، والزكاة حق، ولكن لا أقيمها، وأقتصر على القول بالشهادتين؛ أنه لا يقبل منه، وأنه كافر كما كان، حلال الدم والمال). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين لا بد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله تعالى، ورسوله r بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبا ظاهرا، و«لا صلاة»، و«لا زكاة»، و«لا صياما»، ولا غير ذلك من الواجبات). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص218): (فيمتنع أن يكون الرجل لا يفعل شيئا، مما أمر به من: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»... بل لا يفعل ذلك؛ إلا لعدم الإيمان الذي في قلبه). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن غصون / في «الفتاوى» (ج3 ص262): (وبذلك نعرف أن من لم يصل فهو كافر، أما أن يزعم أنه يؤمن بالله وباليوم الآخر، فهذا إيمان كاذب، وإيمان ادعائي، فكيف يؤمن بالله تعالى، ويؤمن بكتابه، ورسوله r، من لا يمتثل أوامره، ولا يعمل بكتابه؟! والله تعالى يقول: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ [البينة:5]، فالذي لا يصلي، ولا يؤتي الزكاة، ليس على دين، ولم يقم بما أمر به، ولم يف بما التزم به من شرع الله ودينه:  ]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا[ [مريم:59]، يعني: عذابا شديدا في جهنم.

* أفنؤمن بالله ونرفض أوامره؟!، هذه دعوى كاذبة لم يتصورها قائلها، فليس هناك إيمان، ولا تصديق؛ إلا بانقياد، وقبول، واستجابة، وطاعة، أما بدون انقياد، وبدون قبول، وبدون استجابة لأوامر الله، فهذه دعوى زائغة كاذبة، يكذبها الواقع والحس، فلا إيمان لمن لم يصل، ولا إيمان لمن لم يمتثل أوامر الله، والنبي r قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ([566])، والأحاديث والآيات في ذلك كثيرة كما تقدم، وهذا أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

* وأما أن الأنسان يكفيه أن ينطق بالشهادتين، نطقا كاذبا، أجوف، لا قيمة له، ولا معول عليه، فذلك لا يصح، فكيف ينطق بالشهادتين، وهو لا يطيع أمر الله عز وجل؟ وكيف يقول أشهد أن محمدا رسول الله، وهو لا يتابعه، ولا يطيعه، لا في قليل، ولا في كثير؟، قال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[ [آل عمران:31]، وقال تعالى: ]قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين[ [آل عمران:32]، فكيف يزعم إنسان أنه يشهد أن محمد رسول الله، ولا يتابعه في صلاة، ولا في صيام ولا في زكاة، ولا في عفة ولا نزاهة؟، فشهادته حينئذ تعتبر شهادة كذب، ومن شهد أن محمدا رسول الله، فعليه أن يتبعه ويمتثل أوامره، ويتقيد بشرعه ودينه، ويبتعد عما نهى عنه.

* ومعنى شهادة أن محمد رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وما سوى ذلك فدعاوى كاذبه، وأمور فارغة، وأقوال لا تغني، لا نقير، ولا قطمير: ]إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون[ [الشعراء:227]). اهـ

وعن الإمام أحمد / في رواية عنه، أنه يكفر من ترك واحدا من المباني، وهي الرواية: الصحيحة لموافقتها، لإجماع الصحابة y، وهذا الحكم هو اختيار أبي بكر ابن العربي، وطائفة من أصحاب الإمام مالك بن أنس، كابن حبيب([567]). وهو الصحيح: من أقوال المتأخرين، ولا يلتفت إلى اختلافهم.

وقال العلامة الشيخ أبا بطين / في «الرسائل والمسائل النجدية» (ج1 ص659): (والمرتد: هو الذي يكفر بعد إسلامه: بكلام، أو اعتقاد،أو فعل، أو شك.

* وهو قبل ذلك يتلفظ بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، فإذا أتى بشيء: مما ذكروه: صار مرتدا، مع كونه يتكلم بالشهادتين، ويصلي، ويصوم، ولا يمنعه: تكلمه بالشهادتين، وصلاته، وصمه، من الحكم عليه بالردة، وهذا ظاهر بالأدلة من الكتاب، والسنة، والإجماع). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «الكبائر» (ص161): (وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان، بلا مرض، ولا غرض؛ أنه شر من الزاني، والمكاس، ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة، والانحلال). اهـ

وعن عبدالله بن شقيق العقيلي / قال: (كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الترمذي في «سننه» (2622)، ومحمد المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (948)، والبغوي تعليقا في «شرح السنة» (211) من طريق قتيبة بن سعيد قال: حدثنا بشر بن المفضل عن سعيد الجريري عن عبدالله بن شقيق العقيلي به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، على شرط الشيخين، وسعيد الجريري، وإن كان اختلط([568])، إلا أنه قد سمع منه بشر بن المفضل الرقاشي قبل الاختلاط.([569])

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص425)؛ عن الجريري: (وما أخرج البخاري من حديثه إلا عن عبد الأعلى، وعبد الوارث، وبشر بن المفضل، وهؤلاء سمعوا منه قبل الاختلاط). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ص313)؛ عن الجريري: (وممن سمع منه قبل أن يختلط: الثوري، وابن عليه، وبشر بن المفضل). اهـ

وأثبت الحافظ ابن عدي / في «الكامل» (ج3 ص1228)؛ أن بشر بن المفضل سمع من الجريري قبل الاختلاط.

وقد أقره العلامة المقريزي في «مختصر الكامل» (ص388).

قلت: ويزداد قوة:

قال العلامة ابن الكيال / في «الكواكب النيرات» (ص184): (وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل). اهـ

قلت: وهذا يدل أن بشر بن المفضل سمع من سعيد الجريري قبل الاختلاط، وهو من رجال الإمام البخاري /، والإمام مسلم /.([570])

 قلت: ويؤكد هذا الأصل؛ قول الإمام أبي داود / حيث قال: (أرواهم عن الجريري؛ إسماعيل ابن علية، وكل من أدرك أيوب؛ فسماعه من الجريري جيد).([571])

قلت: والمراد كل من سمع من أيوب، وبشر بن المفضل قد ثبت سماعه من أيوب.

وإليك الدليل:

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص547): أخبرنا علي بن الحسين قال: سمعت علي بن عثمان اللاحقي يقول: أخبرنا بشر ابن المفضل قال: سمعت أيوب يثني على جرثومة بن عبدالله النساج. 

وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.

قلت: وهذا يدل على أن رواية بشر بن المفضل عن الجريري جيدة، وهي قبل الاختلاط، والله ولي التوفيق.

قلت: فأثبت الحفاظ أن بشر بن المفضل قد سمـع مـن الجـريـري قبل الإختلاط، وقد عرفوا ذلك بالإستـقـراء والتتبع، ولما عندهم من غزارة العلم من هذا الفن، وهذا يدل على القرائن القوية في الدلالة على أن بشرا روى عن الجريري قبل الإختلاط.([572])

قلت: فلا يتجرأ أحد([573])بعدهم، فيسود صفحات بالتأويل الفـاسـد، والتكلف المهلك، ليبطل ما أثبته الحفاظ في صحة الإسناد في أثر عبدالله بن شقيق العقيلي.

قلت: إذا فإسنـاد بـشر بن المفضل من قسم الصحيح المعتمد عند أئمة الحديث، وروايته عن الجريري صحيحة، كيف لا، وبشر بن المفضل ثقة ثبت في الحفظ.

قال الإمام أحمد / عنه: (بشر بن المفضل إليه المنتهى في التثبت بالبصرة!).([574])

وقال مـعـاوية بـن صـالح: ليحيى بـن مـعـيـن، من أثبت شيوخ البصريين، قال: (بشر بن المفضل، مع جماعة سماهم).([575])

وقال الإمام ابن المديني /: (المحدثون صحفوا، وأخطؤوا؛ ما خلا أربعة: يزيد بن زريع، وابن عليه، وبشر بن المفضل، وعبدالوارث بن سعيد).([576])

وقال الإمام أبو داود /: (ليس من العلماء أحد إلا وقد أخطأ في حديثه؛ إلا بشر بن المفضل، وابن علية).([577])

وقال الإمام الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص309): (بشر بن المفضل ابن لاحق الإمام الثقة أبو إسماعيل الرقاشي الحافظ العابد).

وقال الحافظ ابن حجر / في «التقريب» (ص171): (بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، ثقة ثبت عابد).

وقال الإمام العجلي / في «معرفة الثقات» (ج1 ص247): (بشر بن المفضل الرقاشي، ثقة فقيه، ثبت في الحديث، حسن الحديث، صاحب سنة).

قلت: فرواية بشر بن المفضل غاية في الصحة، لقوة القرائن التي ثبتت عند الحفاظ.

ولذلك تعلم أن الطريقة التي سلـكـها دعاة الإرجاء([578])لرد ما نص عليه الحفاظ من صحة رواية بشر بن المفضل عن الجريري؛ طريقة باطلة، لا تمت إلى أسـالـيـب أئمة الحديث بصلة، بل لفقوا قاعدة باطلة في تضعيف إسـنـاد أثر عبدالله بن شقيق!، ووقعوا في تأويلات محدثة في معنى الأثر، ولم يسبقوا إليها، والله المستعان.

قلت: وقد كان من أئمة هذا الشأن، ومن أشدهم تحريا للسماع الصحيح؛ كالإمام البخاري، وغيره، ينصون على السماع الصحيح عندما يجدون قرائن قوية تدل عليه، ومن ذلك رواية بشر بن المفضل عن الجريري.([579])

قلت: ومع ذلك؛ فقد جهل هذا الجهول هذا كله؛ فوقع في الضلال والتضليل، والعلة والتعليل، ومن كان حاله حقيق بأن يرثى حاله، ويطرح مقاله، فيعرف أتباعه حقيقته وسريرته، نعوذ بالله من الخذلان.

قلت: ثم إن الجريري، وإن كان قد اختلط، لكن اختلاطه لم يكن فاحشا، وهذا يقوي القرائن الثابتة في صحة أثر عبدالله بن شقيق العقيلي /؛ من رواية بشر بن المفضل عن الجريري.

قال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج6 ص351): (سعـيـد بن إياس الجريري من أهل البصره؛ وكان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سـنـين؛ ولم يكن اختلاطه اختلاطا فاحشا، فلذلك أدخلناه في الثقات).

قلت: إذا فبشر بن المفضل الراوي عن الجريري بهذا اللفظ، هو ممن روى عنه قبل الاختلاط، وقد ثبتت روايته عنه قبل الاختلاط من أمرين:

أولا: بتنصيص الحفاظ روايته عنه قبل الاختلاط.

ثانيا: قوة القرائن الدالة على ثبوت روايته عنه قبل الاختلاط.

قلت: ومن القرائن الصحيحة أن الأثر على شرطهما؛ فتنبه لهذا الاتفاق على صحة رواية بشر بن المفضل عن سعيد الجريري قبل الاختلاط.([580])

وذكره الحافظ الزيلعي / في «تخريج أحاديث الكشاف» (ج1 ص204)؛ ثم قال: (وهؤلاء رجال الصحيح).

وذكره الحافظ ابن حجر / في «الكافي الشاف» (ص51)؛ ثم قال: (وإسناده صحيح).

وذكره الحافظ ابن الملقن / في «الإعلام» (ج9 ص53)؛ ثم قال: (وروى هذا الترمذي عن عبدالله بن شقيق؛ بإسناد صحيح).([581])

وذكره الحافظ النووي / في «المجموع» (ج3 ص16)؛ ثم قال: (رواه الترمذي في «كتاب الإيمان» بإسناد صحيح).

وذكره الحافظ النووي في «رياض الصالحين» (ص382)؛ ثم قال: (رواه الترمذي في «كتاب الإيمان»: بإسناد صحيح).

              وقال الحافظ العراقي / في «طرح التثريب» (ج2 ص146): (روى الترمذي؛ بسند صحيح؛ من رواية عبدالله بن شقيق قال: (كان أصحاب رسول اللهr  لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).

              وقال العلامة ابن علان / في «دليل الفالحين» (ج6ص267): (رواه الترمذي في «كتاب الإيمان» من جامعه؛ بإسناد صحيح).

              وذكره العلامة الألباني / في «صحيح سنن الترمذي» (ج2ص329)؛ ثم قال: (صحيح).  

وذكره العلامة الألباني / أيضا في «الثمر المستطاب» (ج1 ص52)؛ ثم قال: (وهو صحيح الإسناد).

وقال العلامة ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص293): (فقد ثبت عن عبدالله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل أنه قال: (لم يكـن أصحـاب رسـول الله r  يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة). اهـ

قلت: ولم يختلف العلماء رحمهم الله تعالى في صحة رواية بشر بن المفضل، وثبوتها، ولم يعلها أحد منهم، فقد صححها أيضا كل من: الحافظ السخاوي / في «الأجوبة المرضية» (819)، والعلامة الألباني / أيضا في «صحيح الترغيب» (ج1 ص367- الطبعة الجديدة الأخيرة المعتمدة([582])في سنة1421هـ)، والعلامة ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص237)،([583]) وفي «التحفة البازية» (ج1 ص302).

قلت: وقد احتج بأثر عبدالله بن شقيق هذا الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23)، وشيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص48)، والعلامة ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص276)، وفي «التحفة البازية» (ج1 ص298)،([584]) وهذا يدل على صحته عندهم، والله ولي التوفيق.

قلت: والأثر ذكره العلامة الطيبـي / في «شرح مشكاة المصابيح» (ج2 ص148)، والعلامة ابن حجر الهيتمي / في «الزواجر» (ج1 ص283)، والعلامة القاري في «مرقاة المفاتيح» (ج2 ص515)، والعلامة التبريزي / في «مشكاة المصابيح» (ج1 ص256)، والعلامة المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص280).

قلت: واللفظ الذي سـبـق يكفي في ثبوت إجماع الصحابة y في تكفير تارك الصلاة، من رواية بشر بن المفضل عن الجريري.

قلت: ولم يتفرد به بشر عن الجريري، بل تابعه عبد الأعلى بن عبدالأعلى عن الجريري عن عبدالله بن شـقـيـق قال: (ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة، فقد كانوا يقولون: تركها كفر).

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص49)، وفي «الإيمان» (137).

وإسناده صحيح.

وعبدالأعلى بن عبدالأعلى الراوي عن الجريري للأثر هنا بهذا اللفظ، هو ممن روى عن الجريري قبل الإختلاط، فروايته أيضا عنه صحيحة.

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص425) عن الجريري: (وما أخرج له البخاري من حديثه إلا عن عبدالأعلى، وعبدالوارث، وبشر بن المفضل، وهؤلاء سمعوا منه قبل الإختلاط).

              وقال الحافظ العجلي / في «معرفة الثقات» (ج1 ص394): (وعبدالأعلى من أصحهم سماعا؛ سمع منه قبل أن يختلط بثمان سنين).([585]) 

              وقد تابعهما إسماعـيـل بن علية عن الجريري عن عبدالله بن شـقـيـق قال: (ما علمنا شيئا من الأعمال قيل تركه كفر إلا الصلاة).

              أخرجه الخلال في «السنة» (1378).

وإسناده صحيح.

وإسمـاعـيـل بن علية الراوي عن الجريري، هو ممن روى عنه قبل الإختلاط، فروايته عنه صحيحة.([586])

قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ص313) عن الجريري: (وممن سمع منه قبل أن يختلط: الثوري، وابن علية، وبشر بن المفضل).

وقال أبو عبيد الآجري / في «سؤالاته» (339): سمعت أبا داود يقول: (أرواهـم عن الجريري إسـمـاعيل ابن علية، وكل من أدرك أيوب؛ فسماعه من الجريري جيد).

قلت: فأثبت الحفاظ أن ابن علية قد سمع من الجريري قبل الإختلاط. 

قلت: والشيخان انتقيا ما علما أن رواية: بشر عن الجريري قبل الإختلاط؛ فيقوى الأثر بذلك، وهذا صنيع الأئمة الذي يشير إلى اعتمادهم أن رواية بشر بن المفضل عن الجريري قبل الإختلاط، لأنهم قد صححوا الأثر لذاته، ويزداد قوة بالمتابعات الأخرى، وبإلفاظ لا تخرج عن المعنى الأول في المراد به إجماع الصحابة الكرام على الفهم الصحيح، لأن الألفاظ يفسر بعضها بعضا، اللهم غفرا.

قلت: وعبد الله بن شقيق العقيلي /، تابعي كبير، عده الحافظ ابن سعد في «الطبقة الأولى» في كتابه: «الطبقات الكبرى»: (ج7 ص126)؛ من تابعي أهل البصرة، سمع من ثلاثة عشر صحابيا؛ منهم كبار الصحابة؛ كعمر، وعثمان، وعلي، وأبي ذر y، وأدرك المئات من الصحابة.

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص37)؛ معلقا على أثر عبدالله بن شقـيـق: (فذكر: أنهم مجمعون على أن ترك الصلاة: كفر، ولم يقولوا: بشرط أن ينكر وجوبها، أو يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص241): (فهذا يدل على أن تركها: كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص276): (فذكر: ([587]) إجماع الصحابة y: على أن تارك الصلاة: كافر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص291): (والراجح: أنه كافر، كفرا أكبر). اهـ

قلت: و«ربيع المرجئ»([588]) ينازع في دعوى الإجماع، ولا يدري ما يخرج من رأسـه، لأنـه يزعم أن عبدالله بن شقيق لم يلق جميع الصحابة، إنما أدرك عددا قليلا منهم، فلا يسلم بدعوى الإجماع، والرد عليه من وجوه:

1) أن كلام عبدالله بن شقيق صيغته أن هذه المقاله اجتمع عليها الصحابة y، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r...) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك.

قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص372) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: (كان أصحاب محمد r) جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك). اهـ

وقال العلامة المباركفوري / في «تحفة الأحوذي» (ج7 ص309): (قول عبدالله بن شقيق هذا ظاهره يدل على أن أصحاب رسول اللهr  كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر، والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة y). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص75): (هذا إجماع الصحابة y). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص265) معلقا على أثر عبدالله بن شقيق: (فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر؛ بإجماع الصحابة y). اهـ

ونقل إجماع الصحابة y على كفر تارك الصلاة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «حكم تارك الصلاة» (ص15)، ونقله كذلك شيخنا ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص134).

2) أن عبدالله بن شقيق حاك للأجماع الذي لم يوجد له مخالف من الصحابة الكرام.([589])     

3) أن عبدالله بن شقيق حاك للإجماع، لا راويا عن الصحابة، وحاكي الإجماع لا يلزم أن يكون مدركا لجميع من نقل عنهم الإجماع، فافهم لهذا ترشد.

فهذا الإمام محمد بن نصر المروزي، والإمام ابن عبدالبر، والإمام النووي، والإمام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين، وغيرهم ينقلون إجماع الصحابة الكرام في مواضع كثيرة، ولم يقل أحد من العلماء: إنهم لم يسمعوا من الصحابة الكرام، إذا فدعوى: «ربيع الهالك» مردودة عليه.

قلت: وعبدالله بن شقيق لم يتفرد بذكر إجماع الصحابة الكرام في تكفير تارك الصلاة، بل حكاه جابر بن عبدالله t عن الصحابة الكرام في عهد رسول الله r؛ كما سوف يأتي، وكذلك نقل ذلك الحسن البصري /.

4) نقل غير واحد من العلماء إجماع الصحابة على ذلك ولم أقف على قول أحد منهم يطعن في ذلك، أو يرده!.

وصنيع الشيخ الألباني / يشير إلى اعتماده لهذا الوجه، لأنه قد صحح الأثر في «صحيح الترغيب والترهيب» (564)، وذكر أن أثر جابر t يشهد له، وصححه أيضا في «صحيح الترمذي» (2114)، وأثر جابر t يدل على المعنى، فيزداد له أثر عبدالله بن شقيق قوة.

قلت: ومما يشهد لذلك أيضا؛ قول الحسن البصري / حيث قال: (بلغني أن أصحاب رسول الله rكانوا يقولون: بين العبد، وبين أن يشرك، فيكفر؛ أن يدع الصلاة من غير عذر).([590])

قلت: والحسن البصري /: قد أدرك كبار الصحابة y، فقوله المذكور إن لم يكن سماعا من الصحابة y، فلا أقل من أن يكون حكاية عالم فقيه، مطلع على الخلاف، والإجماع، والعلماء يعتدون بمن هو أقل من الحسن البصري / في مثل هذا النقل، فافطن لهذا. ([591])

وعن مجاهد بن جبر عن جابر بن عبدالله الأنصاري t؛ قال: قلت له: (ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم من الأعمال في عهد رسول الله r قال: الصلاة).([592])

وعن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبدالله t؛ وسأله رجل: أكنتم تعدن الذنب فيكم شـركـا؟ قال: لا؛ قال: (وسئل: ما بين العبد وبين الكفر؟، قال: ترك الصلاة).([593])

قلت: وهذا الآثار لا تحمل إلا على الكفر الأكبر، لقوله: (وبين أن يشرك فيكفر)؛ أي: يقع في شرك الكفر، ولقوله: (لا يفرق بين الكفر والإيمان إلا بترك الصلاة)، ولقوله: (أن يشرك فيكفر؛ أن يدع الصلاة).

قلت: وقد أجمع التابعون أيضا على كفر تارك الصلاة.

فعن أيوب السختياني / قال: (ترك الصلاة كفر، لا يختلف فيه).([594])

قلت: أيوب السختياني / من كبار الفقهاء، وقد نقل الاتفاق على أن ترك الصلاة: كفر، وهذا يدل على أن الخلاف في المسألة حادث بعد وفاته. ([595])

قلت: والرسول r أفصح الخلق، وهو أعلم الناس، بدين الله تعالى، فقد بين r أن من تركها كفر، وهذا يعم من جحد، ومن لم يجحد.

* فبترك الصلاة، يكفر، ولم يقل النبي r: من جحد وجوبها، أو إذا جحد وجوبها، بل بمجرد ترك الصلاة، فهو يكفر، ولو لم يجحد وجوبها. ([596])

قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص249): (وهذا الوعيد يدل بلا شك على كفر من ترك الصلاة: وإن لم يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص250): (وهذا فيمن تركها كسلا، ولم يجحد وجوبها). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص263): (الصواب: أن من ترك الصلاة، فهو كافر، وإن كان غير جاحد لها، هذا القول المختار). اهـ

ونقل الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص225)؛ عن الصحابة y؛ وهم: علي بن أبي طالب، وابن عباس، وعمر، وابن مسعود، وجابر، وأبو الدرداء، تكفير تارك الصلاة، قالوا: من لم يصل، فهو كافر.

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم: من الصحابة y أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا، حتى يخرج وقتها، فهو كافر مرتد، قال: ولا نعلم لهؤلاء: من الصحابة y مخالفا). اهـ

قلت: وهذه الآثار، كلها تدل على أن من ترك واحدة، من الخمس في الإســلام، فقد كفر، وخرج من الملة، ولو لم يجحد بها.

* وبهذا كله يظهر، لمن أراد الله تعالى، هدايته: صحة انعقاد إجماع الصحابة، والتابعين بإحسان: على كفر من ترك واحدا من أركان الإسلام. ([597])

قلت: فقد أجمع السلف الصالح على كفر تارك الصلاة، والأدلة على ذلك عن النبي r كثيرة جدا، وكذلك عن الصحابة، والتابعين، والخلاف في كفر تارك الصلاة؛ إنما وقع بعدهم، فلا يعتد به في الشريعة المطهرة، فافطن لهذا ترشد.

قلت: فالإجماع؛ إجماع السلف، ومن سواهم تبع لهم، اللهم غفرا.

وحكى الإجماع على ذلك جماعة؛ كـإسحـاق بن راهـويه، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهم من أهل العلم.

قال الإمام المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص929): سمعت إسحاق بن راهويه يقول: (قد صح عن رسـول الله r أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي  rإلى يومنا هذا: أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر).

وأخرجه ابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص225).

وقال الإمام المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص925): (ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي r في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة الكرام مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك، ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما روي عن النبي r، ثم عن الصحابة y في إكفار تاركها). اهـ

قلت: ومعلوم أن محمد بن نصر المروزي من أهل الاستقراء التام، والمعرفة الواسعة بأقوال أهل العلم، ومواضع الإجماع، والنزاع.

قال الحافظ الخطيب / في «تاريخ بغداد» (ج3 ص315)؛ عن المروزي: (كان من أعلم الناس بإختلاف الصحابة([598])، ومن بعدهم في الأحكام). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج14 ص34)؛ عن المروزي: (يقال: إنه كان أعلم الأئمة بإختلاف العلماء على الإطلاق). اهـ

قلت: وهذا الآثار تدل على إجماع الصحابة الكرام على هذا الفهم، وهو كفر تارك الصلاة.

وقد أشار الحافظ ابن رجب / على أن كثيرا من أهل الحديث على تكفير تارك الصلاة، مما يدل على أن من ينقل عن جمهور العلماء إنهم لا يكفرون تارك الصلاة، فهو خطأ لا يلتفت إليه في كتب الفقه، لأنهم يقصدون بالجمهور أصحاب المذاهب المعروفة، وهذا أيضا خطأ، فجمهور العلماء هم أكثر العلماء، فلا يقتصر على أصحاب المذاهب، لأنه اصطلاح لا يصح عند أهل الحديث.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص21): (وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم، حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقول المرجئة). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23): (وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر... وممن قال بذلك: ابن المبارك، وأحمد -في المشهور عنه- وإسحاق وحكى عليه إجماع أهل العلم).([599]) اهـ

قلت: لذلك لم نظفر بأي رجل من الصحابة الكرام، خالف ما ادعاه: «ربيع»، و«عبيد»، وأشكالهما من عدم إجماع الصحابة الكرام على كفر تارك الصلاة.

إذا فكيف تترك كل هذه الأدلة الواضحة، ويسمع بعد ذلك إلى من يحتج بالخلاف على الإجماع، مع أنهم قبلوا كثيرا من دعاوى الإجماع بما هو دون ذلك، والله المستعان.

قلت: فهذا الإجماع من أقوى الأدلة على بطلان قول: «ربيع المرجئ»، وبه تعرف أن ما سبق من عبثه، وتلاعبه في تضعيف طرق الأثر لا يجدي عنه شيئا، لأن العلماء حكوا الإجماع على صحته، بل حكوا على صحة إجماع الصحابة الكرام على كفر تارك الصلاة.

قلت: فإذا ثبت الإجماع، فمن خالف بعد ذلك، فهو محجوج بالإجماع السابق، ولو جعلنا الخلاف اللاحق سببا في زعزعة الثقة في الإجماع السابق؛ لسقط كثير من الإجماعات التي ادعاها أهل العلم، والعمل عليها حتى الآن، وفي هذا من المفسدة ما لا يخفى، اللهم غفرا.([600])

قلت: فالجميع محكوم بفهم صحابة رسول الله r، وهم مجمعون على كفر تارك الصلاة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج2 ص531): (فالواجب على المسلم أن يلزم سنة رسول الله، وسنة خلفائه الراشدين، والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، وما تنازعت فيه الأمة، وتفرقت منه إن أمكنه أن يـفصل النزاع بالعـلـم والعـدل، وإلا استـمـسـك بالـجـمـل الـثـابـتـة بالنص والإجماع، وأعرض عن الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعا؛ فإن مواضع التفرق والاختلاف عامتها تصدر عن اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى). اهـ

قلت: ومنازعات أهل الأهواء والبدع هي خصومات مذمومة، مدارها على اختلاف التضاد، ويتكلم أهلها بغير علم، وقصد حسن، اللهم غفرا.

قال أبو داود في «المسائل» (ص277): قلت لأحمد، الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: (لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي r، وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير).

وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1058): (الإجماع حجة مقطوع عليه، يجب المصير إليه، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ). اهـ

قلت: فالإجماع مقطوع عليه، ويصار إليه لكونه حجة، وتحرم مخالفته لكونه إجماعا، إذ الأمة لا تجتمع على باطل.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1057): (وسمـي إجماعا؛ لاجتماع الأقوال المتفرقة، والآراء المختلفة). اهـ

قلت: ومن رد الإجماع أثم، وله وعيد شديد يوم القيامة، كائنا من كان اللهم سلم سلم.

قال الحافظ الخطيب / في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص434): (فمن جحد الإجماع الأول استتيب، فإن تاب وإلا قتل، ومن رد الإجماع الآخر، فهو جاهل يعلم ذلك، فإذا علمه ثم رده بعد العلم، قيل له: أنت رجل معاند للحق وأهله). اهـ

قلت: فلا عذر لأحد بعد الإجماع في مخالفة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه مخالفة، قد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر، اللهم غفرا.

ﭑ ﭑ ﭑ

    

ذكر الدليل على بطلان قول: «المرجئة العصرية»، على أن قول الجمهور: هو عدم تكفير تارك الصلاة، وأنه لم يصح عنهم، بل قول الجمهور على كفر تارك الصلاة، ولم يخالفوا إجماع الصحابة على هذا الحكم

 

* اعلم رحمك الله: أن المقلدة كعادتهم ينسبون إلى العلماء أخطاء في عدة أحكام في الدين، على أن جمهور العلماء يقولون بها، وهي أخطاء؛ منهم: في عزوهم إلى الجمهور بهذه الأحكام، أو إلى أكثر العلماء، لأن بعد التحقيق يتبين أن الجمهور على الصحيح، خلاف قولهم.

* ومن ذلك: ما ينسبه المقلدة، للمتأخرين القول بعدم تكفير تارك الصلاة، تهاونا إلى: جمهور أهل العلم، ويقصدون بهم: أصحاب أبي حنيفة، وأصحاب مالك، وأصحاب الشافعي، وهناك رواية: عن أحمد، ومن تابعهم في مذاهبهم.([601])

قلت: فلم يصح أن هذا القول: هو قول جمهور العلماء، بل ثبت قول الجمهور بكفر تارك الصلاة، ولم يخالفوا إجماع الصحابة y في هذه المسألة العظيمة. ([602])

* ونقل الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص225)، عن أكثر العلماء المتقدمين: على تكفير تارك الصلاة.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص225): (وقال إسحاق بن راهويه /: «وكذلك كان رأي أهل العلم، من لدن النبي r، إلى زماننا هذا: أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر، حتى يذهب وقتها؛ كافر، إذا أبى من قضائها، وقال: لا أصليها»).اهـ

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص226): (قال إسحاق بن راهويه /: «فمن لم يجعل تارك الصلاة: كافرا، فقد ناقض، وخالف: أصل قوله، وقول غيره»).اهـ

1) الإمام أبو حنيفة /، ومن تابعه على عدم تكفير تارك الصلاة، لأنهم: يخرجون أعمال الجوارح عن مسمى الإيمان، لذلك لا يكفرون تارك الصلاة، فهم: مخالفون لأهل السنة في: «أصل الإيمان»، فلا يحتج بهم في هذه المسألة، وعليه: فلا حجة في قولهم، ولا يعتد بهم، لمخالفتهم في: «أصل الإيمان»، وهذا يدل على أنهم: ليسوا الجمهور في حكم تارك الصلاة.

قال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج9 ص238): (أجمع أهل الفقه والحديث: على أن الإيمان، قول وعمل، ولا عمل إلا بنية... إلا ما ذكر عن أبي حنيفة، وأصحابه؛ فإنهم ذهبوا إلى أن الطاعات لا تسمى إيمانا).اهـ

2) الإمام مالك بن أنس /، فينسب إليه عدد من المتأخرين، إلى عدم تكفيره لتارك الصلاة تهاونا، وهذا غلط عليه، وليس له أي: أصل في كتبه /، فيما نسب إليه في هذا الحكم.

قلت: بل بعد التحقيق وجدت له خلاف ما ينقل عنه في كتب المتأخرين، وعند المقلدين في هذا العصر، وأنه / يكفر تارك الصلاة، وهذا الحكم يوافق ما أجمع عليه الصحابة y.

* وهذا الحكم هو الأليق به /، لما علم عنه: من شدة تحريه للسنة، واتباعه للصحابة y في أحكام الأصول والفروع.

لذلك قال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص231): (وبعضهم: يرويه عن مالك) ([603]). اهـ

وإليك الدليل:

فقد روى الإمام مالك بن أنس / في «الموطأ» (ج1 ص81)؛ عن عمر بن الخطاب t قال: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة). ([604])

قلت: فقد نقل الإمام مالك /، قول عمر بن الخطاب t في تكفير تارك الصلاة مطلقا، ولا يوجد له مخالف؛ فكيف يخالفه!، وهو الذي ينكر على من يأخذ بقول، دون الصحابة y، والصواب معهم.

* وكذلك روى عنه: الإمام ابن أبي زيد المالكي القيرواني /، في تكفير تارك الصلاة، وهو إمام معتبر عند: السادة المالكية.

* وقد تتبع فتاوى الإمام مالك بن أنس /، وجمعها، حتى كان يلقب: بـ«مالك الصغير».

وقد نقل الإمام ابن أبي زيد المالكي / في كتابه الكبير: «النوادر والزيادات» (ج1 ص150)؛ عن الإمام مالك، تكفيره: لتارك الصلاة، فقال: (قال ابن القاسم؛ عن مالك / قال: ومن ترك الصلاة، قيل له: صل، فإن صلى، وإلا قتل، ومن قال: لا أصلي، استتيب([605])، فإن صلى، وإلا قتل).اهـ

وقال الإمام ابن أبي زيد المالكي / في «النوادر والزيادات» (ج14 ص537): (قال ابن حبيب:... وأما تارك الصلاة: إذا أمره الإمام بها، فقال: لا أصلي؛ فليقتل، ولا يؤخر إلى ما بينه، وبين آخر وقتها([606])، وليقتل لوقته، قال: وهو بتركها كافر، تركها جاحدا، أو مفرطا، أو مضيعا، أو متهاونا، لقول النبي r: «ليس بين العبد، وبين الكفر؛ إلا ترك الصلاة»، وكذلك أخوات الصلاة).اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص231): (وروى محمد بن علي البجلي، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت ابن وهب يقول: قال مالك: «من آمن بالله، وصدق بالمرسلين، وأبى أن يصلي: قتل»([607])؛ وبه قال: أبو ثور، وجميع أصحاب الشافعي، وهو قول: مكحول، وحماد بن زيد، ووكيع). اهـ

قلت: ومما يؤكد صحة كفر تارك الصلاة عند الإمام مالك /، ما نسبه أهل العلم عنه.

فقال الإمام الطحاوي / في «مختصر اختلاف العلماء» (ج4 ص393): (وقال بعض حفاظ قول مالك: إن من مذهب مالك، أن من ترك صلاة متعمدا؛ لغير عذر حتى خرج وقتها، فهو مرتد، ويقتل([608])؛ إلا أن يصليها، وهو قول الشافعي).اهـ

قلت: فهذا نقل منه، وهو يروي عن: «الطبقة الثانية»، من أصحاب الإمام مالك، وهذه الرواية أولى بالقبول، والأخذ من ترك الروايات المتأخرة عنها.

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص896): (سياق ما روي عن النبي r، في أن الصلاة من الإيمان([609])، وروي ذلك من الصحابة y، عن عمر، وعلي... وبه قال من الفقهاء: مالك، والأوزاعي، والشافعي، وشريك بن عبد الله النخعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد القاسم بن سلام).اهـ

قلت: وهذا يدل على بطلان ما ينسب إلى الإمام مالك / في عدم تكفير تارك الصلاة، وأن الثابت عنه تكفير تارك الصلاة، موافقة لإجماع الصحابة y.

قلت: وقد نهى الشارع عن قتل المصلي، وأباح قتل من لم يصل، مما يدل على أن مجرد القتل، أنه كافر.

فعن أم سلمة ڤ؛ أن رسول الله r قال: (أنها ستكون عليكم أئمة تعرفون منهم، وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ومن كره، فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: يا رسول الله، أفلا نقتلهم؟ قال r: لا، ما صلوا).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1480 و1481)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص119 و120)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص320 و321)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (949)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص158)، والآجري في «الشريعة» (38)، وابن أبي عاصم في «السنة» (1083) من طرق عن الحسن عن ضبة بن محصن العنزي عن أم سلمة ڤ به.

قلت: فنهى النبي r  عن قتل المصلين. ([610])

* وبوب عليه الإمام محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص907)؛ باب: ذكر النهي عن قتل: المصلين وإباحة: قتل من لم يصل.

قال الإمام محمد بن نصر المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص925): (ثم ذكرنا الأخبار المروية: عن النبي r في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتل من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة y؛ مثل: ذلك، ولم يجئنا عن أحد خلاف ذلك). اهـ

قلت: وهناك عدد من المتأخرين بسبب اجتهادهم، يستنبطون من ظاهر كلام الإمام مالك، مما هو ليس من ظاهر قوله، قال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص238): (فهذا مالك يريق دماء هؤلاء يعني: المبتدعة-، وليسوا عنده كفارا، فكذلك: تارك الصلاة عنده من هذا الباب قتله، لامن جهة: الكفر!). اهـ

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «تحفة الإخوان» (ص74): (ومن ترك الصلاة: بعد البلوغ، ولم يقبل النصيحة، يرفع أمره إلى المحاكم الشرعية، حتى تستتيبه؛ فإن تاب، وإلا قتل) ([611]). اهـ

3) الإمام محمد بن إدريس الشافعي /.

قال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص255)؛ في باب: الحكم في تارك الصلاة: (فإن صليت، وإلا استتبناك، فإن تبت، وإلا قتلناك؛ فإن الصلاة أعظم من الزكاة، والحجة فيها ما وصفت، أن أبا بكر t قال: «لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله r، لقاتلتهم عليه، لا تفرقوا بين ما جمع»). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص255): (قلنا إن صليت، وإلا قتلناك، كما يكفر([612])، فنقول: إن قبلت الإيمان، وإلا قتلناك، إذ كان الإيمان لا يكون، إلا بقولك، وكانت الصلاة، والإيمان مخالفين معا ما في يديك، وما تأخذ من مالك، لأنا نقدر على أخذ الحق منك في ذلك، وإن كرهت).اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص257)؛ في باب: المرتد عن الإسلام: (ومن انتقل عن الشرك، إلى الإيمان، ثم انتقل عن الإيمان، إلى الشرك([613])، من بالغي الرجال، والنساء، استتيب؛ فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب: قتل).اهـ

قلت: فقول الإمام الشافعي / الحكم بالردة على تارك الصلاة متعمدا، لغير عذر حتى يخرج وقتها، وأن حده القتل، وقد نقل ذلك الإمام المزني /، وهو من كبار أصحاب الشافعي، ومن أعلم الناس بعلم الإمام الشافعي /.

* وقد حرر الإمام المزني /: أقوال الإمام الشافعي /، في كتابه: «المختصر»، وهو من أهم الكتب التي جمعت أصول مذهب الإمام الشافعي، فهذا النقل أولى بالأخذ به من نقل: لعالم متأخر عنه.

وإليك الدليل:

قال الإمام المزني / في «المختصر» (ص34)؛ في باب: الحكم في تارك الصلاة متعمدا: (قال الشافعي /: يقال لمن ترك الصلاة، حتى يخرج وقتها بلا عذر: لا يصليها غيرك، فإن صليت، وإلا استتبناك، فإن تبت، وإلا قتلناك، كما يكفر، فنقول: إن آمنت، وإلا قتلناك، وقد قيل: يستتاب ثلاثا، فإن صلى فيها، وإلا قتل، وذلك حسن إن شاء الله).اهـ

وقال الإمام المزني / في «المختصر» (ص34): (قد قال في المرتد: إن لم يتب قتل، ولم ينتظر به: ثلاثا؛ لقول النبي r: «من ترك دينه فاضربوا عنقه»، وقد جعل تارك الصلاة، بلا عذر، كتارك الإيمان، فله حكمه في قياس قوله؛ لأنه عنده مثله، ولا ينتظر به ثلاثا).اهـ

قلت: وهذا يدل على أن قول الإمام الشافعي / في تارك الصلاة يقتل، لأنه مرتد، وذلك لأن الحكم بالقتل يدل عنده أنه كافر؛ بمجرد الحكم بالقتل، حتى لو لم يقل أنه كافر صراحة، وأضف أنه يستتاب عن ترك الصلاة. ([614])

* وأرأيت قوله في المرتد، إن لم يتب قتل، ولم يصرح بكفره، لأن لا يحكم على المرئ، بمثل: هذه المواقف بالقتل؛ إلا الكافر، مثل: تارك الصلاة، قد حكم عليه بالقتل، لأنه كافر، فافهم لهذا ترشد. ([615])

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «الاستذكار» (ج2 ص286): (وذكر المزني: قال الشافعي /: يقال لمن ترك الصلاة حتى خرج وقتها، بلا عذر: إن صليت، وإلا استتبناك، فإن تبت وإلا قتلناك([616])، كما من يكفر؛ يقال له: إن آمنت، وإلا قتلناك).اهـ

قلت: وقد نقل الإمام الطحاوي /، أن قول الإمام الشافعي /: الحكم بالردة على تارك الصلاة متعمدا، لغير عذر، وأن حده القتل، وهذا موافق لما نقل الإمام المزني /، خصوصا، وأن الإمام الطحاوي /: تتلمذ على خاله الإمام المزني من قبل.

فقال الإمام الطحاوي / في «مختصر اختلاف العلماء» (ج4 ص393): (وقال بعض حفاظ قول مالك /: إن من مذهب مالك /، أن من ترك صلاة متعمدا، لغير عذر حتى خرج وقتها، فهو مرتد، ويقتل؛ إلا أن يصليها، وهو قول الشافعي /). اهـ

قلت: فهذا القول، هو المعتبر عن الإمام الشافعي /، لأنه موثق، وهو الأولى بالقبول، والأخذ، من ترك نقل عالم متأخر.

* وقد نقل الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص896)؛ فيما سبق أن تكفير تارك الصلاة مذهب جمهور الفقهاء، ومنهم: الإمام الشافعي /.

قلت: والحافظ البيهقي /، وهو الإمام المعتبر عند الشافعية، الذي اهتم بتتبع أقوال الإمام الشافعي، وجمعها في كتبه، مثل: «معرفة السنن» (ج5 ص206)، فلم ينقل عنه بعدم التكفير، بل نقل عنه ما في كتابه: «الأم» الذي يدل على التكفير.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «الاستذكار» (ج2 ص285): (وقال مالك، وأصحابه: إذا أبى من الصلاة وقال: لا أصلي، ضربت عنقه، وهذا معنى: قول الشافعي). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج5 ص243): (وقد اختلفوا في المراد: بإضاعة الصلاة هاهنا، فقال قائلون: المراد؛ بإضاعتها تركها بالكلية.

قاله: محمد بن كعب القرظي، وابن زيد بن أسلم، والسدي، واختاره ابن جرير.

* ولهذا ذهب من ذهب من السلف، والخلف، والأئمة([617])، كما هو المشهور عن الإمام أحمد، وقول عن الشافعي: إلى تكفير تارك الصلاة، للحديث: «بين العبد، وبين الشرك: ترك الصلاة»).اهـ

قلت: ومما يؤكد صحة نسبة هذا القول: إلى الإمام الشافعي /، ما صح عنه: أنه قال: أن الصلاة من الإيمان، ولا يصح الإيمان؛ إلا بالصلاة، فهو يرى تكفير تارك الصلاة، ونفي إيمانه إذا لم يصل.

* وهذا يؤكد صحة، هذا القول عن الإمام الشافعي، وبطلان ما نسب، واشتهر عند المتأخرين من عدم تكفيره تارك الصلاة. ([618])

قلت: وقد ذكر عدد من أهل العلم: للإمام الشافعي /، القول: بتكفير تارك الصلاة. ([619])

وهذا يدل على خطأ، ما ينقله المتأخرون، عن الإمام الشافعي /، أن هناك قول له، لا يكفر تارك الصلاة تهاونا، وكسلا!. ([620])

قلت: ولا يحفظ عن الإمام الشافعي / نفسه في هذه المسألة، لأن ما يذكر عنه، خلاف ما في كتبه، أنه يكفر تارك الصلاة.

* فنسبة هذا القول للإمام الشافعي /، فيه نظر ظاهر، ولا يصح عنه.

* وهذا الحكم عند الشافعية؛ فيه وجهان:

أحدهما: يكفر، وهو قول: العبدري، ومنصور الفقيه، وابن سلمة، وغيرهم.

والثاني: لا يكفر، وهو قول جمهور الشافعية المتأخرين([621])، وهو المنصوص. ([622])

* وهذا مثل: ما نقل الحافظ النووي / في «رياض الصالحين» (ص347)؛ بأن الإمام الشافعي / يقول: باستحباب قراءة القرآن عند القبر، وقد أخطأ عليه في ذلك، حيث قال: (قال الشافعي /: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن كله كان حسنا). اهـ

قلت: ونسبة هذا القول للإمام الشافعي /، فيه نظر ظاهر، ولا يصح عنه([623])، بل قوله: أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الميت في قبره.

وقد نقل الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج7 ص76)؛ عند تفسير: قوله تعالى: ]وأن ليس للإنسان إلا ما سعى[ [النجم: 39]، قال: (ومن وهذه الآية الكريمة: استنبط الشافعي /، ومن اتبعه، أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم، ولا كسبهم؛ ولهذا لم يندب إليه رسول الله r: أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص، ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة y، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا ينصرف فيه بأنواع الأقيسة، والآراء). اهـ

وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص744)؛ إلى عدم ثبوت ذلك عن الإمام الشافعي، فقال: (ولا يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام، وذلك، لأن ذلك كان عنده بدعة، وقال مالك: «ما علمت أحدا يفعل ذلك»، فعلم أن الصحابة، والتابعين: ما كانوا يفعلونه).اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «تعليقه على رياض الصالحين» (ص17): (لا أدري أين قال ذلك الشافعي /، وفي ثبوته عنه شك كبير عندي، كيف لا، ومذهبه: أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى). اهـ

قلت: وبهذا يتبين: أن نسبة هذا القول للإمام الشافعي / ليس بصحيح، وبخاصة أن مذهبه لا يصل إهداء ثواب القراءة إلى الميت.

وهذا هو الصواب: الذي عليه جماهير أهل العلم، كما نقله العلامة الزبيدي في «إتحاف السادة المتقين» (ج10 ص369).

وقال العلامة الشيخ الألباني / في «تعليقه على رياض الصالحين» (ص347): (في ثبوت هذا القول عن الإمام الشافعي نظر، بل ثبت عنه ما ينافيه). اهـ

قلت: ولذلك فنسبة هذا القول للإمام الشافعي، خطأ وقع فيه الحافظ النووي في «رياض الصالحين» (ص347).

* وهذا القول الصحيح، لأصحاب الإمام الشافعي المتأخرين، وليس هو للإمام الشافعي نفسه، فتنبه.

فقد قال الحافظ النووي / نفسه في «المجموع» (ج5 ص294): (واتفق عليه الأصحاب، وقالوا: ويستحب أن تقرأ عنده شيء من القرآن([624])، وإن ختموا القرآن كان أفضل).اهـ

قلت: إذا لم يثبت عن الإمام الشافعي / هذا الحكم في كتبه([625])، ولا يحفظ عنه عدم التكفير، لأن النصوص في كتبه: تكفير تارك الصلاة مطلقا؛ لموافقته لإجماع الصحابة y، والتابعين.

* وبهذا يتبين: أن نسبة هذا القول للإمام الشافعي ليس بصحيح.

وهذا هو الصواب: الذي عليه جماهير أهل العلم، أن من ترك الصلاة؛ فقد كفر إذا تهاون فيها.

قلت: فصح أن جمهور أهل العلم، لم يخالفوا إجماع الصحابة y في مسألة تكفير تارك الصلاة تهاونا، وتكاسلا([626])، خلافا: «للمرجئة العصرية».

* وبه أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء؛ في المملكة العربية السعودية: (ج6 ص36)؛ رقم: (443).

قال العلامة ابن القاسم / في «حاشيته على الروض المربع» (ج1 ص423): (فإن كان، فهو التهاون: ويكفر، فإن ترك الصلاة، كسلا من غير جحود، لها: كفر مستقل، وهو الصواب: الذي تدل عليه السنة، وهو قول جمهور السلف: من الصحابة، والتابعين، وقال أيوب السختياني: «ترك الصلاة كفر، لا يختلف فيه»، وحكى إسحاق: إجماع: أهل العلم عليه). اهـ

وقال الفقيه ابن مفلح / في «الفروع» (ج1 ص294): (اختاره الأكثر).اهـ

وقال الفقيه المرداوي / في «الإنصاف» (ج1 ص374): (هذا المذهب، وعليه جمهور الأصحاب). اهـ

وقال الفقيه ابن عبد البر / في «الإستذكار» (ج2 ص287): (وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وطائفة: تارك الصلاة، وهو مقر بها، إذا أبى أن يصليها: كافر خارج بذلك من الإسلام، فيستتاب، فإن تاب وصلى، وإلا قتل). اهـ

قلت: فجمهور أهل العلم، على تكفير تارك الصلاة، وأضف إليهم: الإجماع، فهم: الأكثر، وهم: يطلق عليهم: «الجمهور» في الدين. ([627])

4) الإمام أحمد بن حنبل /.

* فينسب عدد من المتأخرين، للإمام أحمد /، رواية له: في عدم تكفير تارك الصلاة، ويعدونها: رواية معتبرة له، وهي لم تثبت عنه في كتبه، بل الصحيح: عن الإمام أحمد /، والذي ثبت عنه: في كتبه بأسانيد صحيحة، وهي مشتهرة عنه في تكفير تارك الصلاة. ([628])

* وهذا يؤكد أن الإمام أحمد /، لم يختلف قوله في تكفير تارك الصلاة. ([629])

وإليك الدليل:

1) فعن عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي: عن من ترك الصلاة؟ قال: كذا يروى عن النبي r : (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص470) من طريق عبد الله بن أحمد قال: سألت: أبي أحمد بن حنبل- به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

2) وعن أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبد الله، عن من ترك الصلاة متعمدا؟، قال: (ليس بين الإيمان والكفر؛ إلا ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

3) وعن حرب قال: قيل، لأحمد: رجل قال: لا أصلي؟، فكأنه ذهب إلى أنه يستتاب، وقال: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق حرب، قال: قيل؛ لأحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

4) وعن أبي الحارث؛ أنه قال: لأبي عبد الله: فيكون من يترك الصلاة كافرا؟، فقال: قال النبي r: (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة)، قلت: فإن كان رجل نراه مواظبا على الصلاة، ثم تركها، فقيل هل: يقتل، فقال: لا أصلي، ولم أعلم أن الصلاة فرض؟، فقال: قال النبي r: (من ترك الصلاة فقد كفر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص472) من طريق محمد بن موسى، ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

5) وعن الإمام أحمد /: (إذا قال الرجل: لا أصلي، فهو كافر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أبي داود قال: سمعت أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

6) وعن صالح؛ أن أباه قال: (وإذا قال: لا أجحد، ولا أصلي: عرض عليه الإسلام، فإن صلى، وإلا قتل).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص474 و476) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

7) وعن إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله: يسأل عن المرتد، وتارك الصلاة؟، قال: (يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق الحسين بن عبد الوهاب قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

8) وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: قلت: الرجل يترك الصلاة تجوزا، فيقال له: صل، فيقول: نعم ثم لا يفعل، وهو مقر بالصلاة: أنها فرض عليه؟، قال: (يرقب ثلاثة أيام؛ فإن صلى، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

9) وعن صالح بن أحمد أنه قال: لأبيه: (فإن تركها فلم يصلها، قال: إذا كان عامدا استتبته ثلاثا؛ فإن تاب، وإلا قتل، قلت: فتوبته: أن يصلي؟ قال: نعم).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص476) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح بن أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وحكم الإمام أحمد /، بقتل تارك الصلاة، تكاسلا، وتهاونا، لأنه: كافر عنده في الدين. ([630])

وقال الإمام أحمد بن حنبل / في «أصول السنة» (ص8): (ومن ترك الصلاة فقد كفر، وليس من الأعمال شيء تركه كفر، إلا الصلاة، من تركها: فهو كافر، وقد أحل الله قتله).

وقال ابن هانئ / في «المسائل» (ص409 و410): (حضرت رجلا عند: أبي عبد الله، وهو يسأله، فجعل الرجل يقول: يا أبا عبد الله... وأن لا يكفر أحدا بذنب؟، قال أبو عبد الله: اسكت، من ترك الصلاة فقد كفر).

قلت: وكل ما سبق عن الإمام أحمد / يدل على تواتر هذا الحكم عنه في تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين الجاحد لها، والتارك لها تكاسلا، وتهاونا.

* وهذا يبين عدم صحة ما ينسب إلى الإمام أحمد / من القول بخلاف ذلك، وأن الرواية التي ينقلها عدد من المتأخرين عنه ليست بصحيحة، وهي منسوبة عن الإمام أحمد /.

قلت: ومما تقدم تحريره عن الأئمة الثلاثة؛ وهم: الإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، في حكم تارك الصلاة، يتبين؛ أنهم: يكفرون تارك الصلاة تكاسلا، وتهاونا، من غير جحود. ([631])

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص934): (قال إسحاق بن راهويه /: وقد كفى أهل العلم مؤونة القياس، في هذا عن ما سن لهم النبي r، والخلفاء من بعده، جعلوا حكم تارك الصلاة عمدا، حكم: الكافر). اهـ

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص936): (قد حكينا مقالة: هؤلاء الذين أكفروا، تارك الصلاة متعمدا، وحكينا جملة: ما احتجوا به، وهذا مذهب جمهور أصحاب الحديث). اهـ

قلت: ومما تقدم تقريره يتبين لك، أن كثيرا مما ينسب إلى أئمة السنة من الأقوال، يحتاج إلى التثبت، والتأكد من صحة نسبتها إليهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص261): (وكذلك أهل المذاهب الأربعة، وغيرها، لا سيما؛ وكثير منهم: قد تلبس ببعض المقالات الأصولية، وخلط هذا بهذا... ويضيفه إلى مذهب مالك، والشافعي، وأحمد). اهـ

وقال الإمام السجزي / في «الرسالة إلى أهل زبيد» (ص357): (الفصل الحادي عشر: في الحذر من الركون إلى كل أحد، والأخذ من كل كتاب؛ لأن التلبيس قد كثر، والكذب على المذاهب قد انتشر: فالواجب على كل مسلم يحب الخلاص، أن لا يركن إلى كل أحد، ولا يعتمد على كل كتاب، ولا يسلم عنانه إلى من أظهر له الموافقة). اهـ

* وقـد أشـار الحافظ ابن رجب /: على أن كثيرا من أهل الحديث على تكفير تارك الصلاة، مما يدل على أن من ينقل عن جمهور العلماء إنهم لا يكفرون تارك الصلاة، فهو خطأ لا يلتفت إليه في كتب الفقه، لأنهم يقصدون بالجمهور أصحاب المذاهب المعروفة، وهذا أيضا خطأ، فجمهور العلماء، هم: أكثر العلماء، فلا يقتصر على أصحاب المذاهب، لأنه اصطلاح لا يصح عند أهل الحديث.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص21): (وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم، حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقول المرجئة). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23): (وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر... وممن قال بذلك: ابن المبارك، وأحمد -في المشهور عنه- وإسحاق وحكى عليه إجماع أهل العلم).([632]) اهـ

إذا فكيف تترك كل هذه الأدلة الواضحة، ويسمع بعد ذلك إلى من يحتج بالخلاف على الإجماع، مع أنهم قبلوا كثيرا من دعاوى الإجماع بما هو دون ذلك، والله المستعان.

قلت: فإذا ثبت الإجماع، فمن خالف بعد ذلك، فهو محجوج بالإجماع السابق، ولو جعلنا الخلاف اللاحق سببا في زعزعة الثقة في الإجماع السابق؛ لسقط كثير من الاجماعات التي ادعاها أهل العلم، والعمل عليها حتى الآن، وفي هذا من المفسدة ما لا يخفى، اللهم غفرا.([633])

قلت: فالجميع محكوم بفهم صحابة رسول الله r، وهم مجمعون على كفر تارك الصلاة.

قال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص108): (إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم([634])، والذي يؤم الحق في نفسه، يتبع المشهور من قول جماعتهم، وينقلب مع جمهورهم، فهما آيتان بينتان: يستدل بهما على اتباع الرجل، وعلى ابتداعه). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

          

ذكر الدليل على ضعف: أثر الإمام الزهري / الذي يوهم أنه لا يكفر تارك الصلاة

 

عن إبراهيم بن سعد عن الزهري، أنه سئل: عن الرجل، يترك الصلاة؟، قال: (إن كان إنما تركها أنه ابتدع دينا، غير دين الإسلام: قتل، وإن إنما هو: فاسق، ضرب ضربا مبرحا، وسجن).

أثر ضعيف

* هذا الأثر اختلف عليه على الإمام الزهري، في إسناده، ومتنه، واضطرب فيه الرواة.

الأول: فرواه محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب([635])؛ أنه سئل: عن الرجل، يترك الصلاة؟، قال: (إن كان إنما تركها أنه ابتدع دينا، غير دين الإسلام: قتل، وإن إنما هو: فاسق، ضرب ضربا مبرحا، وسجن) ([636]).

أخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص957)، بهذا الإسناد: وذكر السؤال، والسائل هنا مبهم.

قلت: وهذا سنده شاذ، وقد أغرب فيه محمد بن يحيى عن الثقات، وخالف الأصول، فلا يقبل نقله هنا، فافهم لهذا.

وليس فيه: «ومجونا، وتهاونا»، «ويسجن حتى يرجع»، و«والذي يفطر رمضان من غير علة مثل ذلك».

الثاني: ورواه زكريا بن يحيى قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: سألت ابن شهاب عن الرجل يترك الصلاة؟، قال: (إن كان إنما يتركها يبتغي دينا غير الإسلام، قتل، وإن كان إنما هو فاسق من الفساق، ضرب ضربا شديدا، وسجن، والذي يفطر رمضان من غير علة مثل ذلك).

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل» (ص482).

قلت: وهذا سنده كسابقه، وقد جاء السؤال من إبراهيم بن سعد مباشرة إلى الزهري، وهذا من الاختلاف، وزيد فيه: «ضربا شديدا، والذي يفطر رمضان من غير علة مثل ذلك».

رغم الرواية واحدة، من هذا الوجه.

الثالث: رواه شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري: أنه سئل عن تارك الصلاة، فقال: (إذا ترك الرجل الصلاة؛ لأنه ابتدع دينا غير الإسلام: قتل، وإن كان إنما فعل ذلك فسقا ومجونا، وتهاونا؛ فإنه يضرب ضربا مبرحا، ويسجن حتى يرجع).

أخرجه ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج5 ص353)، بهذا الإسناد؛ تعليقا، وذكر السؤال.

قلت: وهذا سنده معضل، لا يحتج به، ولا يثبت، وقد زيد فيه: «ومجونا، وتهاونا».

وفيه: «حتى يرجع».

الرابع: رواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال: (إذا ترك الرجل الصلاة، فإن كان إنما تركها، لأنه ابتدع دينا، غير الإسلام: قتل، وإن كان إنما هو فاسق، فإنه يضرب ضربا مبرحا، ويسجن حتى يرجع).

أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص240)؛ بهذا الإسناد؛ تعليقا، ولم يذكر السؤال.

قلت: وهذا سنده كسابقه، معضل، لا يحتج به.

وليس فيه: «ومجونا، وتهاونا».

فروي مرة: عن إبراهيم بن سعد عن الزهري، ومرة: عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري؛ مع الاختلاف في المتن، وقد سبق.

* ثم هذا الأثر ليس بصريح في عدم تكفير تارك الصلاة، والأمر مشتبه، والقاعدة في المتشابه في العلم، أن يحمل المتشابه على المحكم، لوضوح الأدلة في تكفير تارك الصلاة.

وأن الإمام الزهري /؛ لم يثبت عنه أنه قال: «تارك الصلاة لا يكفر»، ولا يمكن له أن يخالف: إجماع الصحابة، والتابعين، في تكفير تارك الصلاة.

* فالأثر ليس بصحيح مادام خالف الإجماع أيضا. ([637])

 قلت: ويدل على ضعف هذا الأثر أن الإمام الزهري / يكفر: تارك «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، وهذا قوله: يدل على أن: «الصلاة» من الإيمان، وأن الإيمان عنده: قول وعمل.

وهذا مذهب الإمام الزهري / في: تارك الصلاة.

قال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص240): (وابن شهاب: القائل ما ذكرنا، هو القائل: أيضا في؛ قول النبي r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»، قال الزهري: «كان ذلك في أول الإسلام، ثم نزلت الفرائض بعد»، وقوله هذا: يدل على أن الإيمان عنده: قول وعمل).اهـ

* وهذا يدل على أن الإمام الزهري: يكفر من ترك لواحد من الأركان؛ منها: «الصلاة»، لأنه يرى أن الأدلة المطلقة ابتداء: نزلت قبل فرض الفرائض، وإن الإيمان: قول وعمل، فمن لم يصل عنده: ترك العمل، لأن الفرائض نزلت للعمل بها في الدين.

فعن الإمام الزهري / قال: (كان هذا قبل أن تنزل الفرائض، ثم نزلت، نرى أن الأمر انتهى إليها). وفي رواية: (كان ذلك في أول الإسلام، ثم نزلت الفرائض بعد).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص240)، وفي «الاستذكار» (ج16 ص326)؛ روى هذا الأثر عن الزهري: سفيان بن حسن الواسطي. ([638])

وإسناده صحيح.

* وهذا الأثر: أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج2 ص79)؛ ثم قال: (أما الأحاديث المطلقة في «الشهادتين»... فإنها مطلقة عامة، وأحاديث الصلاة مقيدة خاصة، فيبنى المطلق على المقيد).

وقال ابن التركماني في «الجوهر النقي» (ج7 ص188): (وقال الزهري /: «كان هذا قبل أن تنزل الفرائض»).

والأثر: ذكره المقريزي في «إمتاع الأسماع» (ج6 ص288)، والجصاص في «الفصول في الأصول» (ج2 ص287)، وابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص523).

وعن الزهري قال: قال هشام بن عبد الملك: أبلغك، أن رسول الله r: أمر مناديا ينادي: «من قال: لا إله إلا الله، فله الجنة»؟، قال: قلت: نعم، وذاك قبل أن تنزل الفرائض، ثم نزلت الفرائض، فينبغي على الناس: أن يعملوا، بما افترض الله تعالى عليهم).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (1218)، والخلال في «السنة» (ج1 ص609) من طريق أبي عبد الرحمن الرقي قال: ثنا الحسن يعني: أبا مليح- عن الزهري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فبين الإمام الزهري /، عن الأدلة المطلقة في الشهادتين، دون الفرائض، نزلت قبل نزول فريضة: «الصلاة»، وسائر الفرائض؛ من «زكاة»، و«صيام»، و«حج»، وقيل: نزول الحدود. ([639])

* فهي أدلة مطلقة عامة في الشهادتين، وأحاديث الصلاة مقيدة خاصة، فيبنى المطلق على المقيد في العلم.

فعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: أحمد بن محمد بن حنبل، قلت: إذا قال الرجل: «لا إله إلا الله»، فهو مؤمن؟، قال: (كذا كان بدء الإيمان، ثم أنزلت الفرائض: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«صوم رمضان»، و«حج البيت»).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص481) من طريق محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث: حدثهم، فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ج2 ص552): (اعلموا رحمنا الله وإياكم: أن الله تعالى، بعث محمدا إلى الناس كافة، ليقروا بتوحيده، فيقولوا: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله».

* فكان من قال هذا موقنا من قلبه، وناطقا بلسانه أجزأه، ومن مات على هذا فإلى الجنة.

* فلما آمنوا بذلك: وأخلصوا توحيدهم، فرض عليهم: «الصلاة» بمكة، فصدقوا بذلك، وآمنوا، وصلوا). اهـ

وقال الإمام الخلال في «السنة» (ج1 ص481)؛ ذكر بدء الإيمان: كيف كان، والرد على المرجئة؛ لأنه: نزلت الفرائض بعد قول: «لا إله إلا الله».

وقال الحافظ الآجري / في «الشريعة» (ج2 ص552): (فإن احتج: محتج، بالأحاديث التي رويت: «من قال: لا إله، إلا الله دخل الجنة»، قيل له: هذه كانت؛ قبل نزول الفرائض.

* وهذا قول علماء المسلمين: ممن نفعهم الله تعالى بالعلم، وكانوا أئمة يقتدى بهم؛ سوى: «المرجئة» الذين خرجوا عن جملة: ما عليه الصحابة، والتابعون، لهم بإحسان، وقول: الأئمة الذين لا يستوحش من ذكرهم).اهـ

قلت: ومما يدل أيضا على ضعف الأثر، أن الإمام الزهري /، يرى أن: «الصلاة» من الإيمان، فمن تركها فقد ترك الإيمان، وأن الإيمان: قول وعمل.

فعن الإمام الزهري / قال: (فنرى أن الإسلام: الكلمة، والإيمان: العمل).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «الإيمان» (538)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (729)، والخلال في «السنة» (ج1 ص549 و550) من طرق عن معمر عن الزهري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام عبد الله بن أحمد / في «السنة» (ج1 ص636): (قال الفضيل بن عياض /: ويقول أهل السنة: إن الله عز وجل، قرن العمل بالإيمان، وإن فرائض الله عز وجل من الإيمان، قالوا: ]والذين آمنوا وعملوا الصالحات[ [البقرة: 82]، فهذا موصول، العمل بالإيمان).

قلت: ومن الاستحالة أن يخالف الإمام الزهري /([640])، أصول السلف في الإيمان، فلا يكفر تارك الصلاة، وقد أجمع التابعون على هذا الحكم.

قال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ص1300)؛ باب: وسمى النبي r، الصلاة: عملا.             

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

ذكر الدليل

على قمع شبهة: «منصور السماري» في استدلاله، بقصة: «الذي أوصى أهله، أن يحرقوه بعد موته»؛ على أن من أنكر: قدرة الله تعالى، وهو جاهل، لا يكفر، وصفة القدرة ثابتة، بالكتاب، والسنة، والإجماع، فلا يجهلها أحد من الخلق؛  فمن أنكرها، فقد كفر؛ لأنها معلومة من الضرورة في الدين

 

قال منصور السماري، وهو يعذر من وقع في «القدر البدعي»: (أصيبت مقاتله، إذا يريد أن يجيب في كل مسألة، إن أعجبه النص: تكلم، وإن لم يعجبه رده، هذا لا يصح، هذا سوف يقع حتى في آيات من كتاب الله تعالى، يعني: يستشكها. ([641])

* مثل: من يأتي يرد لنص، والله لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا، لا يعذبه أحدا من العالمين.

هذا الحديث؛ في «الصحيحين» في «البخاري»، و«مسلم»، (أن رجلا كان قبلكم، رغسه الله مالا فقال لبنيه لما حضر: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في يوم عاصف، ففعلوا، فجمعه الله عزوجـل فقـال: مـا حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته). وفي رواية: (فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين).([642])

* والبعض يستنكر يقول: كيف هذا، هذا الرجل شك في قدرة الله تعالى، فكيف غفر له.

نقول هنا: الشك في بعض القدرة، وليس كل القدرة، وهو يعرف أن الله هو الذي خلقه، وذلك قال: (لعل إذا أذريت، لعل الله يتركني، لا يعدني).

* فما حمله على هذا، إلا الخشية، يقولون: هذا حديث لماذا نرده، نقول: الحديث في «الصحيحين»، وهو ثابت، لأجل استشكالهم هذا.

* هذا يدلنا: على أن من وقع في مثل: ذلك، لا نكفره، مثل: «القدرية» الذين وقعوا في شيء من ذلك).([643]) اهـ كلام السماري.

قلت: وهذا كلام ينطوي على تلبيس، وجهل في تأويل الأحاديث من قبل: «السماري» على غير مراد الله تعالى، ومراد رسوله r، ومراد الصحابة y.

* وهذا الجزء يكشف لك شبهة: «منصور السماري»، في تأويله الباطل لحديث: «الذي أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته».

* وقد أجلى أهل العلم عن معناه الصحيح، والمراد منه؛ بتوجيهات علمية مفيدة، وبيان ذلك من وجوه:

الأول: أن الرجل لم يشك في قدرة الله تعالى، ولم يجهل هذه الصفة العظيمة، فهذا مستبعد من هذا الرجل؛ بل الرجل صرح أن الله تعالى يقدر عليه، لكنه من شدة خوفه من الله تعالى، وإيمانه، وتوحيده أن يعذبه، ويعاقبه، فغطى عليه الخوف على فهمه، وعقله، فقال بذلك، وهذا يترجح من مجموع روايات قصته.

الثاني: أن الرجل لم يصدر منه ما ينافي التوحيد، والإيمان، ويخرج به من الإيمان إلى الكفر؛ لأنه لو كان شيء من ذلك، لما غفر الله له، وهذا بين من مجموع روايات حديثه.

الثالث: أن الرجل كان مؤمنا، خائفا، ولا يكون هذا؛ إلا لمؤمن مصدق؛ بل ما تكاد تكون هذه الصفات الحميدة؛ إلا لمؤمن عالم.

الرابع: أن الرجل كان موحدا خائفا من الله تعالى، وكل من خاف الله تعالى آمن به، وعرفه حق المعرفة في صفاته، وغيرها، فكيف يشك في قدرته سبحانه، ويجهلها، أو ينكرها، وهذا مستحيل يقع فيمن يخافه، ويؤمن به، ويخشاه.

* إذا فمن المقطوع به أن الرجل لم يصدر منه ما ينافي توحيده، ويخرج به من الإيمان إلى الكفر، مثل: أنه لم يجهل بقدرة الله تعالى، ولم يشك فيها، وهذا مستعبد منه، بل الفرط خوفه وخشيته من عذاب الله تعالى، فغطى الخوف والخشية على عقله، وفهمه، وكان ما كان، وهو الذي يترجح عندي من مجموع روايات قصة الرجل، فيحمل المجمل على المفصل.

اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة ألا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

* فلنشرع الآن في المقصود، بحول الله، وقوته، فنقول:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على دفع شبهة: «المرجئة السادسة»؛ في استدلالهم: بقصة الذي أوصى أهله، أن يحرقوه بعد موته، على أن من ارتكب الكفر: وهو جاهل لا يكفر؛ بل ولم يكفروا: «الفرقة القدرية» الضالة، باستلالهم بهذا الحديث

 

عن أبي سعيد الخدري t عن النبي r: (أن رجلا كان قبلكم، رغسه([644]) الله مالا فقال لبنيه لما حضر: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني([645])، ثم ذروني([646]) في يوم عاصف([647])، ففعلوا، فجمعه الله عزوجـل فقـال : مـا حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص1283)، و(ج5 ص2378)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2111 و2112)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج7 ص490) من طرق عن قتادة سمعت عقبة بن عبدالغافر سمعت أبا سعيد الخدري به، في حديث سليمان التيمي: (فإنه لم يبتئر عند الله خيرا)، قال فسرها قتادة: لم يدخر عند الله خيرا.

* وفي حديث شيبان بن عبدالرحمن: (فإنه والله ما ابتأر عند الله خيرا)، وفي حديث: أبي عوانة: (ما امتأر) بالميم، وفي حديث شعبة: (وإن الله يقدر علي أن يعذبني).

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص2726)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1112) من طريق معتمر بن سليمان سمعت أبي حدثنا قتادة عن عقبة بن عبدالغافر عن أبي سعيد الخدري t عن النبي r (أنه ذكر رجلا فيمن سلف، أو فيمن كان قبلكم يعني من بني إسرائيل-)، وفيه: (فقال الله عزوجل: كن، فإذا هو رجل قائم، قال الله: أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟ قال: مخافتك... الحديث).

وعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: (قال رجل لم يعمل حسنة([648]) قط لأهله إذا مات فحرقوه، ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فوالله لئن قدر([649]) الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين، فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم، فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال: لم فعلت هذا؟ قال: من خشيتك. يا رب وأنت أعلم فغفر الله له).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2110)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج4 ص389)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص240)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص392)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص445)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج18 ص38)، وابن القاسم في «المؤطأ» (ص360)، والحدثاني في «الموطأ» (ص375) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة t به.

* وفي رواية، أبي مصعب: (لم يعمل خيرا قط)، وفي رواية الحدثاني: (كان رجل لم يعط أن يعمل خيرا قط).

قلت: وهذه الروايات تفسر الحسنة، في رواية: مسلم، ومالك رحمهما الله.

* وبهذا الإسناد: أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص2725)، مرفوعا: (قال رجل لم يعمل خيرا قط، فإذا مات.... الحديث).

قلت: فقوله: «لم يعمل خيرا قط»، فهذا تفسير أيضا، للفظ: «لم يعمل حسنة قط»، فافطن لهذا.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص1283)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2110)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1421)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص269)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص283) من طريق معمر عن الزهري عن حميد بن عبدالرحمن عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (كان رجل يسرف على نفسه يعني: يبالغ في المعاصي فلما حضره([650]) الموت... الحديث).

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2110)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص666)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص113)، والمراغي في «الأربعين» (ص84) من طريق الزبيدي عن الزهري حدثني حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن أبي هريرة t به.

وأخرجه ابن صاعد في «زوائد الزهد» (ص372) من طريق الحجاج بن أبي منيع عن جده عن الزهري قال أخبرني حميد بن عبدالرحمن به.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص304) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي رافع الصائغ عن أبي هريرة عن النبي r قال: (كان رجل ممن كان قبلكم لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد، فلما احتضر قال لأهله: انظروا إذا أنا مت أن يحرقوه حتى يدعوه حمما، ثم اطحنوه، ثم اذروه في يوم راح، فلما مات فعلوا ذلك به، فإذا هو في قبضة الله، فقال الله عزوجل: يا بن آدم، ما حملك على ما فعلت؟ قال: أي رب من مخافتك، قال: فغفر له بها، ولم يعمل خيرا قط إلا التوحيد).

وإسناده صحيح، وقد ذكر: مرسلا، مقرونا من طريق الحسن، وابن سيرين.

والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج7 ص106).

* وتابعه على الموصول: يحيى بن إسحاق حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني به، عند أحمد في «المسند» (ج1 ص398).

وإسناده صحيح.

قلت: وهذه الأحاديث يفسر بعضها بعضا، في رفع الإشكال، في نفي إيمان الرجل، فافطن لهذا.

قال الإمام ابن عبدالبر / في «التمهيد» (ج18 ص40): (روي من حديث أبي رافع عن أبي هريرة، في هذا الحديث؛ أنه قال: (قال رجل لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد)، وهذه اللفظة إن صحت([651])، رفعت الاشكال في إيمان هذا الرجل، وإن لم تصح من جهة النقل، فهي صحيحة، من جهة المعنى، والأصول كلها تعضدها، والنظر يوجبها، لأنه محال غير جائز أن يغفر للذين يموتون، وهم: كفار، لأن الله عز وجل قد أخبر أنه: «لا يغفر أن يشرك به»، لمن مات كافرا، وهذا ما لا مدفع له، ولا خلاف فيه بين أهل القبلة، وفي هذا الأصل ما يدلك على أن قوله في هذا الحديث: (لم يعمل حسنة قط)، أو (لم يعمل خيرا قط)، لم يعذبه إلا ما عدا التوحيد من الحسنات والخير، وهذا سائغ في لسان العرب، جائز في لغتها أن يؤتى بلفظ الكل، والمراد البعض، والدليل على أن الرجل كان مؤمنا، قوله حين قيل له: (لم فعلت هذا؟ فقال: من خشيتك يا رب)، والخشية لا تكون إلا لمؤمن مصدق، بل ما تكاد تكون إلا لمؤمن عالم؛ كما: قال الله عز وجل: ﴿$yJ¯RÎ) Óy´øƒs† ©!$# ô`ÏB Ínϊ$t6Ïã (#às¯»yJn=ãèø9$# 3 [فاطر:28]، قالوا: كل من خاف الله آمن به وعرفه، ومستحيل أن يخافه من لا يؤمن به، وهذا واضح لمن فهم، وألهم رشده).اهـ

قلت: وهذا الكلام استحسنه؛ فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني / بقوله في «الصحيحة» (ج7 ص111): (هذا كله كلام الحافظ ابن عبد البر، وهو كلام قوي متين يدل على أنه كان إماما في العلم، والمعرفة؛ بأصول الشريعة وفروعها، جزاه الله عن الإسلام، والمسلمين خيرا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص491) بعد أن ساق الحديث؛ برواية: «الصحيح»، وذكر أنه حديث متواتر: (وهنا أصلان عظيمان:

أحدهما: متعلق بالله تعالى، وهو الإيمان بأنه على كل شيء قدير.

والثاني: متعلق باليوم الآخر، وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت، ويجزيه على أعماله، ومع هذا فلما كان مؤمنا بالله في الجملة، ومؤمنا باليوم الآخر في الجملة، وهو أن الله يثيب، ويعاقب بعد الموت، وقد عمل عملا صالحا([652])وهو خوفه من الله، أن يعاقبه على ذنوبه غفر الله له بما كان منه من الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح). اهـ

وقال الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج7 ص112): (وخلاصته: أن الرجل النباش كان مؤمنا موحدا، وأن أمره أولاده بحرقه... إنما كان، إما لجهله بقدرة الله تعالى على إعادته وهذا ما أستبعده أنا أو لفرط خوفه من عذاب ربه، فغطى الخوف على فهمه، كما قال ابن الملقن؛ فيما ذكره الحافظ (11/314)، وهو الذي يترجح عندي من مجموع روايات قصته.

* وسواء كان هذا، أو ذاك فمن المقطوع به أن الرجل لم يصدر منه ما ينافي توحيده، ويخرج به من الإيمان إلى الكفر؛ لأنه لو كان شيء من ذلك لما غفر الله له، كما تقدم تحقيقه من ابن عبدالبر). اهـ

قلت: بل هذا الرجل من أهل التوحيد كما سبق -، وقد ترك بعض العمل الزائد على الأصول كـ«التوحيد والصلاة» وغير ذلك من النوافل: «فلم يعملها قط»، وهذه لا تضر العبد ما دام أنه مؤمن بالله تعالى، وموحد لله تعالى، وإليك الدليل.

1) عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (كان رجل ممن كان قبلكم لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد، فلما احتضر قال لأهله: انظروا إذا أنا مت أن يحرقوه حتى يدعوه حمما، ثم اطحنوه، ثم اذروه في يوم راح([653])، فلما مات فعلوا ذلك به، فإذا هو في قبضة الله، فقال الله عزوجل: يا بن آدم، ما حملك على ما فعلت؟ قال: أي رب من مخافتك، قال: فغفر له بها، ولم يعمل خيرا قط إلا التوحيد).

حديث صحيح

              أخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص304) من طريق أبي كامل مظفر الخراساني ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي r. وغير واحد عن الحسن، وابن سيرين عن النبي r.

قلت: وللحديث إسنادان:

أولهما: عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي رافع الصائغ عن أبي هريرة t.

قلت: وهذا إسناد متصل صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج7 ص106).

ثانيهما:عن حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن وابن سيرين مرسلا.

قلت: وهذا ضعيف، لإرساله، ولجهالة الذين روى عنهم حماد بن سلمة.

* وتابعه على الإسناد المتصل يحيى بن إسحاق حدثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة t به.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص398).

وإسناده صحيح.

والصواب: هو المتصل.

قلت: فقوله r (لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد)، يدل على أن هذا العبد من الموحدين المؤمنين فغفر له، ودخل الجنة بناء على وجود العمل الصالح عنده([654])، فتنبه.

2) وعن عبدالله بن مسعود t قال: «أن رجلا لم يعمل من الخير شيئا قط إلا التوحيد فلما حضرته الوفاة قال لأهله إذا أنا مت فخذوني واحرقوني حتى تدعوني حممة، ثم اطحنوني، ثم اذروني في البحر في يوم راح، قال: ففعلوا به ذلك، قال: فإذا هو في قبضة الله، قال: فقال الله عزوجل له ما حملك على ما صنعت قال: مخافتك، قال: فغفر الله له).

حديث صحيح

أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص398) من طريق يحيى بن إسحاق أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبدالله بن مسعود t به.

قلت: وهذا سنده حسن، وهو في حكم المرفوع، وإن كان موقوفا، كما هو معروف؛ عند أهل العلم.

قال الشيخ ناصر الدين الإلباني / في «الصحيحة» (ج7 ص106): (وهو في حكم المرفوع، كما لا يخفى).

وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج2 ص285) و(ج8 ص470) من طريق أبي كريب عن معاوية بن هشام عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبدالله بن مسعود t موقوفا به، وزاد فيه: (وكان الرجل نباشا، فغفر له لخوفه).

وإسناده صحيح، وسفيان الثوري: قديم السماع من أبي إسحاق.

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص194)، ثم قال: رواه أبو يعلى بسندين، ورجالهما رجال الصحيح.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10467) من طريق يحيى بن إبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة بن معن حدثني أبي عن أبيه عن جده عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبدالله بن مسعود t به، ثم قال في آخره: قال رسول الله r: (فوقع في يد الله، فقال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: مخافتك. قال: قد غفرت لك). وإسناده منكر.

وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج9 ص422) من طريق محمد بن عبدالله بن نمير حدثنا أبو الجواب حدثنا سليمان بن قرم عن الأعمش عن شقيق عن عبدالله بن مسعود t، موقوفا به.

وإسناده ضعيف فيه سليمان بن قرم البصري، وهو سيء الحفظ، كما في «التقريب» لابن حجر (ص411).

وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص194): وإسناد ابن مسعود حسن، وقال أيضا: رواه أبو يعلى بسندين، ورجالهما رجال الصحيح، ورواه الطبراني بنحوه... وإسناده منقطع، وروى بعضه مرفوعا، أيضا بإسناد متصل، ورجاله رجال الصحيح، غير أبي الزعراء، وهو: «ثقة».

قلت: إذا فهذا الرجل كان يعمل الأعمال الصالحة، لكن لاسرافه في المعاصي كان يسيء الظن بعمله، فيظن أنه لم يعمل خيرا قط، وذلك بقوله (رب ما كنت أعمل خيرا)، كما في رواية: أحمد في «المسند» (ج38 ص449).

وإليك الدليل أيضا:

1) عن حذيفة t عن رسول الله r قال: (كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله فلما حضرته الوفاة قال لأهله إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني، ثم اذروني في البحر فإن الله يقدر علي لم يغفر لي قال فأمر الله الملائكة فتلقت روحه فقال له ما حملك على ما فعلت، قال: يا رب ما فعلت إلا من مخافتك فغفر الله له).

حديث صحيح

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص667)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص113) من طريق إسحاق بن إبراهيم قال أنبا جرير عن منصور عن ربعي بن حراش عن حذيفة t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن النسائي» (ج2 ص447).

2) وعن أبي مسعود t قال: قال رسول الله r: (حوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس، وكان موسرا، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال: قال الله عزوجل: نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه).([655])

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1196)، والبخاري في «الأدب المفرد» (293)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص201)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص11)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص120)، وهناد في «الزهد» (1076)، والترمذي في «سننه» (ج3 ص599)، وابن حبان في «صحيحه» (ج7 ص252)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص356)، وفي «شعب الإيمان» (ج7 ص533)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص29) من طريق الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود t به.

قلت: إذا فأطلقا على أنفسهما أنهما: «لم يعملا خيرا قط»، مع أن الأول كان يسامح الناس في البيع والشراء، وهذا لا يكون إلا من كان في قلبه شيء من الإيمان، والإيمان جاءه عن طريق العمل، وإن كان يسيرا.

والثاني: كان يخاف([656]) الله تعالى، ويسئ الظن بعمله([657]) لإسرافه في المعاصي، وقد تاب عن ذلك أيضا، وهذا هو طريق الإيمان، لأن لا يخاف العبد من الله، إلا إذا كان في قلبه الإيمان، وهذا الإيمان أتى بسبب العمل، وإن كان يسيرا، وهذا طريق لغة العرب، كما سبق.

قال الإمام ابن القيم / في «الداء والدواء» (ص116): (وهو سبحانه كما جعل الرجاء؛ لأهل الأعمال الصالحة، فكذلك جعل الخوف، لأهل الأعمال الصالحة، فعلم أن الرجاء، والخوف النافع، هو ما اقترن به العمل). اهـ

وقال الإمام ابن خزيمة / في «التوحيد» (ص521): (هذه اللفظة «لم يعملوا خيرا قط»، من الجنس الذي تقول العرب: ينفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل: «لم يعملوا خيرا قط»([658]) على الكمال والتمام، لا على ما أوجب عليه، وأمر به). اهـ

قلت: ويستبعد أن الرجل شك في قدرة الله تعالى، وفي إعادته إذا ذري، وأنه اعتقد أنه لا يعاد، فهذا كله فيه نظر، وقد قال به عدد من العلماء ولم يصيبوا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص331): (فهذا رجل شك في قدرة الله([659])، وفي إعادته إذا ذري، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلا، لا يعلم ذلك، وكان مؤمنا يخاف الله تعالى، أن يعاقبه فغفر له بذلك). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج17 ص74): (معناه: إن الله قادر على أن يعذبني، إن دفنتموني، بهيئتي، فأما إن سحقتموني، وذريتموني، في البر، والبحر فلا يقدر علي([660])!). اهـ

* وهذا كله فيه نظر: وذلك أن الرجل لم يشك في قدرة الله تعالى، ولم يجهل هذه الصفة؛ لأن قدرة الله تعالى معلومة بالدين بالضرورة، لو اعتقد ذلك لكفر بالله، ولم يعذر بجهله.

* والرجل صرح أن الله تعالى يقدر عليه، فهو: يعتقد بقدرة الله تعالى، ويعلم بهذه الصفة العظيمة، لذلك لم يكفر.

* لكنه: من شدة خوفه من الله تعالى أن يعذبه غطى عليه الخوف، فقال: بذلك، كما ورد في الروايات، فغفر له بذلك، فهو مؤمن، ويخاف الله تعالى، لما عنده من التوحيد، والإيمان، والأصول، فكيف يشك في قدرة الله تعالى، وهي معلومة لجميع الخلق([661])، فهذا بعيد جدا.

قلت: ومن الأمور المقررة في شريعة الإسلام، أن الإنسان: مفطور منذ خلقته، على التوحيد الخالص، والدين القيم، والإيمان بالله تعالى، وأنه الرب سبحانه وتعالى، وله الصفات العلى، خاصة فطرته بصفة القدرة، فكيف الإنسان يجهلها، أو يشك فيها، أو ينكرها، فهذا مستعبد منه؛ لأنه مفطور على معرفته بصفات الله، فافهم لهذا ترشد.([662])

قال تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون[ [الروم: 30].

* ومصداقا؛ لقول النبي r: (كل مولود يولد على الفطرة)([663])؛ أي: يولد على فطرة التوحيد، والإيمان بالله، وبأسمائه، وصفاته، خاصة: قدرة الله تعالى.

وعن الإمام حماد بن سلمة /؛ أنه كان يفسر؛ حديث: (كل مولود يولد على الفطرة) قال: هذا عندنا حيث أخذ الله عليهم العهد في أصلاب آبائهم، حيث قال: ]ألست بربكم قالوا بلى[ [الأعراف: 172].([664])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج18 ص93): (وسئل حماد بن سلمة، عن قول النبي r: (كل مولود يولد على الفطرة)، فقال: هذا عندنا حيث أخذ العهد عليهم في أصلاب آبائهم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج2 ص527): (والإقرار الذي أقروا به هو: الفطرة التي فطروا عليها؛ لأنه سبحانه احتج عليهم بذلك، وهو لا يحتج عليهم بما لا يعرفه أحد منهم، ولا يذكره). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج2 ص562): (فخلقوا حين ولدوا على الفطرة مقرين بالخالق، شاهدين على أنفسهم؛ بأن الله ربهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص88): (والقلب خلق يحب الحق، ويريده، ويطلبه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص338): (فإن الحق محبوب في الفطرة. وهو أحب إليها، وأجل فيها، وألذ عندها من الباطل الذي لا حقيقة له؛ فإن الفطرة لا تحب ذاك). اهـ

قلت: فالنفوس مفطورة على محبة الحق، وعلى معرفة الحق.

قال تعالى: ]قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى[ [طه: 50].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج8 ص463): (في النفس ما يوجب ترجيح الحق على الباطل في الاعتقادات والإرادات، وهذا كاف في كونها ولدت على الفطرة). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص344): (أما إذا كان هذا المتبع ناظرا في العلم، ومتبصرا فيما يلقى إليه؛ كأهل العلم في زماننا، فإن توصله إلى الحق سهل). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «أدب الطلب» (ص85): (فالوقوف على الحق، والاطلاع على ما شرعه الله؛ لعباده قد سهله الله على المتأخرين، ويسره على وجه لا يحتاجون فيه من العناية، والتعب؛ إلا بعض ما كان يحتاجه من قبلهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص73): (إن الشارع نص على كل ما يعصم من المهالك؛ نصا قاطعا؛ للعذر). اهـ

وقال العلامة الشيخ أبو بطين / في «الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين» (ص41): (واحتج بعض من يجادل عن المشركين: بقصة الذي أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته، على أن من ارتكب الكفر جاهلا لا يكفر، ولا يكفر إلا المعاند.

والجواب؛ عن ذلك كله: أن الله سبحانه أرسل رسله: مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأعظم ما أرسلوا به، ودعوا إليه: عبادة الله وحده لا شريك له، والنهي عن الشرك الذي هو: عبادة غيره، فإن كان مرتكب: «الشرك الأكبر» معذورا لجهله، فمن هو الذي لا يعذر؟!.

* ولازم هذه الدعوى: أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند، مع أن صاحب هذه الدعوى لا يمكنه طرد أصله؛ بل لابد أن يتناقض؛ فإنه لا يمكنه أن يتوقف في تكفير من شك في رسالة محمد r، أو شك في البعث، أو غير ذلك من أصول الدين، والشاك: جاهل!.

* والفقهاء رحمهم الله: يذكرون في كتب الفقه: «حكم المرتد»: وأنه المسلم الذي يكفر بعد إسلامه: نطقا، أو فعلا، أو شكا، أو اعتقادا، وسبب الشك: الجهل.

* ولازم هذا: أنا لا نكفر، جهلة اليهود والنصارى، ولا الذين يسجدون الشمس، والقمر، والأصنام؛ لجهلهم، ولا الذين حرقهم علي بن أبي طالب t بالنار؛ لأننا نقطع أنهم جهال!.

* وقد أجمع العلماء: على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى، أو يشك في كفرهم، ونحن نتيقن أن أكثرهم جهال.

* فالمدعي: أن مرتكب الكفر متأولا، أو مجتهدا مخطئا، أو مقلدا، أو جاهلا: معذور، مخالف للكتاب، والسنة، والإجماع بلا شك، مع أنه لابد أن ينقض أصله: فلو طرد أصله: كفر بلا ريب، كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة: محمد r، ونحو ذلك.

* وأما الرجل الذي أوصى أهله أن يحرقوه، وأن الله غفر له، مع شكه في صفة من صفات الرب سبحان: فإنما غفر له لعدم بلوغ الرسالة له([665])، كذا قال غير واحد من العلماء). اهـ

    

فتاوى

هيئة كبار العلماء، بالمملكة العربية السعودية، على كفر: «الشيعة الرافضة» بسبب عبادتهم: لغير الله تعالى، ولم يعذروهم بجلهم، بل ولم يفرقوا بين الخاصة، والعامة، وبين الحكم العام، والحكم المعين؛ في كفرهم جميعا

 

* سئلت اللجنة الدائمة: ما حكم عوام: الروافض، الإمامية: «الأثنى عشرية» وهل هناك: فرق بين علماء؛ أي فرقة من الفرق الخارجة، عن الملة، وبين أتباعها، من حيث التكفير، أو التفسيق؟.

فأجابت: (من شايع من العوام إماما من أئمة الكفر، والضلال، وانتصر: لسادتهم وكبرائهم، بغيا، وعدوا، حكم له بحكمهم: كفرا، وفسقا.

قال تعالى: ]وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 67]، وغير ذلك من الكتاب، والسنة الكثير.

* ولأن النبي r: قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم، وكذلك: فعل أصحابه y، ولم يفرقوا، بين السادة، والأتباع).([666]) اهـ

الشيخ ابن باز

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

* وسئلت اللجنة الدائمة: عن حكم أكل ذبائح جماعة من الجعفرية الإمامية الأثنى عشرية؟.

فأجابت: (إذا كان الأمر، كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين من الجعفرية؛ يدعون: «عليا»، و«الحسن»، و«الحسين»، و«سادتهم» فهم: مشركون، مرتدون عن الإسلام، والعياذ بالله، لا يحل الأكل من ذبائحهم، لأنها ميتة، ولو ذكروا عليها: اسم الله).([667]) اهـ

           الشيخ ابن باز          

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

* وقالت اللجنة الدائمة: في جواب آخر، ما نصه: (إذا كان الواقع، كما ذكرت، من دعائهم: «عليا»، و«الحسن»، و«الحسين»، ونحوهم، فهم: مشركون، شركا أكبر، يخرج من ملة الإسلام، فلا يحل أن نزوجهم المسلمات، ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم).([668]) اهـ

           الشيخ ابن باز          

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

 

* وسئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /، هل يجوز تكفير الشيعة؟.

فأجاب فضيلته: (الشيعة: أقسام، وأنواع، ذكرها بعضهم: اثنتين وعشرين: نوعا، - يعني: فرقة - لكن الباطنية؛ منهم: كالجعفرية، والإمامية: أتباع الخميني، الاثنا عشرية، هؤلاء لا شك في كفرهم؛ لأنهم: رافضة، خصوصا: قادتهم، وأئمتهم، الذين يدعون إلى الشرك بالله، وعبادة أهل البيت، ويغلون في: «علي»، ويعبدونه من دون الله تعالى، وفي «الحسن»، و«الحسين»، ويرون أنهم: يعلمون الغيب، وأنهم: معصومون، ويدعون أن: «عليا» هو الإله، هكذا النصيرية، وهكذا الإسماعيلية، هؤلاء من أكفر الناس، القادة، والأئمة منهم: والكبار).([669]) اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص108) ما نصه: (وأفيدكم، بأن الشيعة، فرق كثيرة، وكل فرقة لديها: أنواع من البدع، وأخطرها فرقة: «الرافضة الخمينية الاثني عشرية»؛ لكثرة الدعاة إليها، ولما فيها من: «الشرك الأكبر»؛ كالاستغاثة: بأهل البيت، واعتقاد أنهم: يعلمون الغيب، ولا سيما الأئمة الاثني عشر، حسب زعمهم، ولكونهم: يكفرون، ويسبون غالب الصحابة؛ كأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، نسأل الله السلامة، مما هم عليه من الباطل). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /، هناك قال: لنا أحد الكبار، من قال لكم تقولون بتكفير الرافضة...؛ هم: مسلمون إخواننا، خالفونا في بعض الأشياء التي لا توجب تكفيرهم، فنريد تبيين ذلك؟.

فأجاب فضيلته: (هذا الكلام: جهل مركب؛ الرافضة: هم عباد أوثان، ويعبدون أهل البيت، ويعبدونهم من دون الله تعالى، ويسبون الصحابة y، ولهم عقائد من غير دين المسلمين، ويرون أن أهل السنة أعداء لهم).([670]) اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، بعض الأشخاص إذا تقول لهم: أن هؤلاء القبوريين، والذين يدعون: «عليا»، أو يدعون: «الحسين»، أنهم: كفار، يقولون: أن هؤلاء يشهدون: «أن لا إله إلا الله»، «وأن محمدا رسول الله»؟.

فأجاب فضيلته: (سبحان الله: نحن ندرس من سنين، أنه لا يكتفى، بلفظ: «لا إله إلا الله»، حتى يعمل بمقتضاها، يعرف معناها، ويعمل بمقتضاه.

* وهؤلاء يقولون: «لا إله إلا الله»، لكن لا يعملون بها، بل يعملون بخلافها، ويعبدون غير الله تعالى، هل هؤلاء يقال لهم: أنهم مسلمون، وموحدون، من يقول بهذا).([671]) اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، ما حكم عوام الرافضة، حكمهم، هو حكم علمائهم؟.

فأجاب فضيلته: (يا إخواني: اتركوا هذا الكلام، الرافضة: حكمهم: واحد، لا تتفلسفوا علينا، حكمهم واحد، كلهم: يسمعون القرآن، بل يحفظون القرآن أكثرهم، بلغتهم الحجة، وقامت عليهم الحجة.

* اتركونا من هذه الفلسفات، وهذا الإرجاء، الذي انتشر الآن في بعض الشباب، وفي المتعالمين، اتركوا هذا، من بلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة، قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19]؛ إلى يوم القيامة).([672]) اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، معلوم أن الرافضة، أو الشيعة: يسبون كثيرا من الصحابة، ويكفرونهم، وهم: فرق متعددة، فهل يكفرون جملة، أم أن فيهم: تفصيلا، وما حكم الأكل من ذبائحهم؟.

فأجاب فضيلته: (على كل حال: الذي يسب الصحابة y، ولا يبرئ عائشة رضي الله عنها، مما برأها الله تعالى منه، فلا شك أنه: كافر، ولا تؤكل ذبيحته، هذا من ناحية.

* ومن الناحية الثانية: أن أغلب الصوفية الآن صاروا: قبوريين، يعبدون القبور، ويبنون المشاهد على القبور، ويستغيثون بالأموات، ويدعونهم من دون الله تعالى، فهذا: كفر، وشرك).([673]) اهـ

* وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، هل يجوز تكفير: «الشيعة» جميعا، العامة منهم، والعلماء؟.

فأجاب فضيلته: (نقول: من ارتكب ناقضا؛ من نواقض الإسلام، فهو: كافر، من: «الشيعة»، وغيرهم، من ارتكب ناقضا؛ من نواقض الإسلام، لو هو واحد، فهو: كافر، فكيف بالذي يرتكب نواقض كثيرة من نواقض الإسلام). ([674]) اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

ذكر الدليل على أن: «السماري»

بسبب غلوه في إقامة الحجة على المخالفين، أنه يقول:

حتى: «الشيعة الرافضة» لا يكفرون، إلا بعد إقامة الحجة عليهم، في دار الإسلام؛ بل وزعم أنه لابد أن تبلغ الحجة، لكل واحد من الشيعة بعينه!، والنظر فيه ماذا يعتقد من ضلالات الشيعة، ويجب أن يقر بلسانه بضلاله، وبعد ذلك يكفره، فهذا هو: «مذهب المرجئة» الذي فر منه فوقع فيه، وهم: يكفرون الأمة؛ وكل هذا ليس بلازم في الدين، وقد كفر السلف الصالح الشيعة كلهم، ولم يستثنوا أحدا؛ فأي: غلو وقع فيه هذا الرجل في إقامة الحجة،

فهو: شاذ في الأمة، وهلك مع الهالكين

 

1) قال منصور السماري: (فهذا الذي لم يكفر: الكافر، فهو: كافر، قالوا: يعني: من لم يكفر: «اليهودي»، و«النصراني» ([675])، ومن كان مثلهما.

* يعني: يأتي، ويقول: لك ما حكم من يعبد غير الله تعالى، ويدعو أصحاب القبور، ويشرك بالله، فأنت تقول: ما أدري، ولا أستطيع أن أكفره، فنقول: خطر عليك الكفر الآن.([676])

لكن لما تقول: هذا الذي يعبد غير الله تعالى، ويشرك بالله تعالى، فهذا كافر.([677])

* ولما تأتي إلى فلان بن فلان، يقال: أنه وقع منه هذا الشيء، نقول: تعال يا فلان، هل أنت: «تعبد غير الله تعالى»!، و«تدعو غير الله تعالى»!، هل أنت من يقول: «القرآن ناقص»!، و«القرآن محرف»!، إذا قال: «نعم»، وأنا أقول بكذا، وأفعل كذا، فنقول: «أنت كافر»([678])، هذا الفرق بيننا، وبينهم.

* أما أن يقول: الشيعة، كفار، لا، لا نقول: الشيعة كفار.([679])

* نحن التشيع([680]) عندنا فيه، حب علي بن أبي طالب t، يقدم: «علي بن أبي طالب t»، على: «عثمان بن عفان t»، هذا ليس كافرا، وإن كان أخطأ في تقديم: «علي t»، على: «عثمان t».

* كذلك: لو قدم: «علي بن أبي طالب t»، على: «أبي بكر الصديق t»، و«عمر بن الخطاب t»، في المحبة، وقال أنه: أولى بالخلافة، وهذا ليس عندنا كفر فيه، ولكنه: غلط، وبدعة.

* فعندنا أشياء: تكفر، وفي أشياء لا تكفر.

فنقول: ليس كل: «الشيعة» ([681])، يعتقدون عقيدة: «الروافض»، بعض «الروافض»: يعتقدون: «الرفض» الذي هو: لعن الصحابة وتكفيرهم، هذه الأمور منازل، فلابد أن نتحقق: «ماذا يعتقد»، و«ماذا يقول»، و«ماذا يفعل»، ثم ينزل الحكم!).([682]) اهـ كلام السماري.

قلت: وتأمل رحمك الله، كيف أن آخر كلامه، يهدم أوله، وأن أوله يناقض آخره!، في مسألة تكفير: «الشيعة»!، وسوف يأتي الرد عليه.

* وسئلت اللجنة الدائمة: ما حكم عوام: الروافض، الإمامية: «الأثنى عشرية» وهل هناك: فرق بين علماء؛ أي فرقة من الفرق الخارجة، عن الملة، وبين أتباعها، من حيث التكفير، أو التفسيق؟.

فأجابت: (من شايع من العوام إماما من أئمة الكفر، والضلال، وانتصر: لسادتهم وكبرائهم، بغيا، وعدوا، حكم له بحكمهم: كفرا، وفسقا.

قال تعالى: ]وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 67]، وغير ذلك من الكتاب، والسنة الكثير.

* ولأن النبي r: قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم، وكذلك: فعل أصحابه y، ولم يفرقوا، بين السادة، والأتباع).([683]) اهـ

الشيخ ابن باز

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

* وسئلت اللجنة الدائمة: عن حكم أكل ذبائح جماعة من الجعفرية الإمامية الأثنى عشرية؟.

فأجابت: (إذا كان الأمر، كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين من الجعفرية؛ يدعون: «عليا»، و«الحسن»، و«الحسين»، و«سادتهم» فهم: مشركون، مرتدون عن الإسلام، والعياذ بالله، لا يحل الأكل من ذبائحهم، لأنها ميتة، ولو ذكروا عليها: اسم الله).([684]) اهـ

           الشيخ ابن باز          

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

* وقالت اللجنة الدائمة: في جواب آخر، ما نصه: (إذا كان الواقع، كما ذكرت، من دعائهم: «عليا»، و«الحسن»، و«الحسين»، ونحوهم، فهم: مشركون، شركا أكبر، يخرج من ملة الإسلام، فلا يحل أن نزوجهم المسلمات، ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم).([685]) اهـ

           الشيخ ابن باز          

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

 

2) وقال منصور السماري؛ عن التأويلات الكفرية إذا وقع فيها العبد: (أما هذه التأويلات: فنعذره فيها الآن، لا نحكم عليه بالكفر، لكننا نحكم على نوعها بالكفر.

* نقول: من قال أن الله ليس فوق، فهو: كافر، ليس بمسلم، فيقول: أن الله في كل مكان، هذا كفر.

* لكن لما تأتي إلى: «التكفير المعين»؛ مثل: الآن، من يقول الواحد: هذا أشعري، نقول: انتظر!.

* أو قال هذا رافضي، نقول: انتظر، نقول له: «أنت رافضي»، «تعتقد كذا»!، و«تعتقد كذا»!، و«تعتقد كذا»!.([686])

فإذا قال: «نعم»، وأنا اعتقد كذا!، واعتقد كذا!، واعتقد كذا! ([687])، وهي مضادة للكتاب، والسنة، وبين الكفر فيها، والشرك فيها، نقول: هذا الآن كفر بعينه).([688]) اهـ كلام السماري.

3) وقال منصور السماري: (هؤلاء لا يفرقون بين العين، والنوع، إذا جاءوا: يحكمون مثلا، ما حكم الرافضة، نقول: الرافضة الذين يعتقدون: كذا، ويعتقدون كذا: هؤلاء: كفار، لأنهم: يتقربون إلى القبور، ويقولون: القرآن ناقص، هذا: كفر، هذا نوع، هذا جنس.([689])

* ثم يأتي، فيقول: فلان هو: رافضي، نقول: اثبت أنه رافضي، قبل أن تحكم عليه بالكفر، لأنه حكم معين الآن.

هذا حكم على نوع، وهذا حكم على معين، فكثير من أهل البدع: خاصة الخوارج، لا يفرقون بين النوع، وبين العين، كذلك غيرهم من أهل البدع، لا يفرقون بين العين، وبين النوع.

* فتأتي إلى هذا ادعيت أنه رافضي، نقول له: أنت تذهب إلى القبور، وتدعو الموتى، وتشرك بالله تعالى، وتقول: اغيثوني، أنا في حسبك، المدد، المدد، وغير ذلك من الشرك، هل تقول: القرآن ناقص، وأعدد عليه ما يعتقده الرافضة([690])، فإذا أقر بذلك، فنقول له: أنت مشرك، لست من أهل الإسلام، يجب عليك أن تعود إلى دينك، وهو الإسلام). ([691]) اهـ كلام السماري.

4) وقال منصور السماري: (لما يأتيك واحد، ويقول: «أنا شيعي»، طيب: «التشيع» درجات، هناك: «تشيع» ما يخرج من الملة، وهناك: «تشيع» يخرج من الملة، هذا أولا.

ثانيا: مما يخرج من الملة: في شيء يتأول له، وقد تقام عليه الحجة، في شيء لا، لا يسع؛ أي مسلم أن يجهله، مثل: أن يدعي الربوبية في غير الله تعالى، أو يعبد غير الله تعالى، ويستغيث بغير الله تعالى، وهكذا، وهذا بيناه، وفصلناه.

* فلذلك: لو يأتينا، شيعي([692])، ويتظاهر لنا بالإسلام، ونراه يصلي، العقائد ظاهرة أمامنا، فلابد أن يظهرها، حتى نعرفه، فإذا أظهرها عرفنا، هل هذا: كفر مخرج من الملة، أو لا. ([693])

* وإذا كان الكفر المخرج من الملة، هل هو مما يعذر به بالجهل والتأويل([694])، أو ليس فيه عذر بالجهل، أو التأويل، هكذا).([695]) اهـ كلام السماري

قلت: وهذا الكلام على اختصاره تضمن: غلطا واضحا، وخلطا فاضحا.

* وفيه مناقضة تمام المناقضة، لما كتبه أهل السنة والجماعة في تكفير: «الشيعة» حقيقة.

* وهذا يدل دلالة، وثيقة على جهل: «السماري»، أو تجاهله([696])، لحقيقة: اعتقادات: «الفرقة الشيعية»، وأنها قائمة على: «الشرك الأكبر»، و«الكفر الأكبر»، في الدين.

* وسئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /، هل يجوز تكفير الشيعة؟.

فأجاب فضيلته: (الشيعة: أقسام، وأنواع، ذكرها بعضهم: اثنتين وعشرين: نوعا، - يعني: فرقة - لكن الباطنية؛ منهم: كالجعفرية، والإمامية: أتباع الخميني، الاثنا عشرية، هؤلاء لا شك في كفرهم؛ لأنهم: رافضة، خصوصا: قادتهم، وأئمتهم، الذين يدعون إلى الشرك بالله، وعبادة أهل البيت، ويغلون في: «علي»، ويعبدونه من دون الله تعالى، وفي «الحسن»، و«الحسين»، ويرون أنهم: يعلمون الغيب، وأنهم: معصومون، ويدعون أن: «عليا» هو الإله، هكذا النصيرية، وهكذا الإسماعيلية، هؤلاء من أكفر الناس، القادة، والأئمة منهم: والكبار).([697]) اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص108) ما نصه: (وأفيدكم، بأن الشيعة، فرق كثيرة، وكل فرقة لديها: أنواع من البدع، وأخطرها فرقة: «الرافضة الخمينية الاثني عشرية»؛ لكثرة الدعاة إليها، ولما فيها من: «الشرك الأكبر»؛ كالاستغاثة: بأهل البيت، واعتقاد أنهم: يعلمون الغيب، ولا سيما الأئمة الاثني عشر، حسب زعمهم، ولكونهم: يكفرون، ويسبون غالب الصحابة؛ كأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، نسأل الله السلامة، مما هم عليه من الباطل). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /، هناك قال: لنا أحد الكبار، من قال لكم تقولون بتكفير الرافضة...؛ هم: مسلمون إخواننا، خالفونا في بعض الأشياء التي لا توجب تكفيرهم، فنريد تبيين ذلك؟.

فأجاب فضيلته: (هذا الكلام: جهل مركب؛ الرافضة: هم عباد أوثان، ويعبدون أهل البيت، ويعبدونهم من دون الله تعالى، ويسبون الصحابة y، ولهم عقائد من غير دين المسلمين، ويرون أن أهل السنة أعداء لهم).([698]) اهـ

5) وقال منصور السماري؛ عن الشيعة: (أن هؤلاء يستخدمون التقية؛ كما كان المنافقون في زمن النبي r، يستعلمون هذه التقية.

* نحن نأخذهم بظاهرهم، كما يقولون: عن النبي r: (هو أذن)؛ يعني: نكلمه بكلمتين، فيصدقنا.([699])

* فأهل الإسلام، وأهل السنة، والظاهرون الذين دينهم: ظاهر بين، يأخذون بظاهر الناس، يعلمون بالمنافق، ونأخذ حذرنا منهم، والله قال عن المنافقين: ]فاحذرهم [ [المنافقون: 4].

* فنحن نأخذهم، وننصحهم، ونذكرهم: بأيام الله تعالى، وننصحهم في أنفسهم، ونعلمهم الدين، حتى يرجع من يرجع، ويضل من يضل: ]ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة[ [الأنفال: 42] هذا أصل الدعوة).([700]) اهـ كلام السماري.

فقول السماري: «نحن نأخذهم بظاهرهم»، طيب: «الشيعة الرافضة» في جميع البلدان ظاهرهم: معروف، أظهروا، أو نافقوا، فإنهم معرفون: «بالشرك الأكبر»، و«الكفر الأكبر»، فهم: كفار، فهذا ظاهرهم في العالم كله، وهؤلاء أتباع: «الخميني الرافضي».

* ثم نقل منصور السماري: أن أهل السنة، يأخذون بظاهر الناس، وهذا ليس على إطلاقه عندهم؛ بل فيه التفصيل.([701])

6) وقال منصور السماري: (نحن نتكلم عن معتقد لكل من يسمي نفسه رافضيا، فتكلمنا عن ذلك بالتفصيل، وماذا يعتقدون في كتاب الله تعالى، وفي السنة، وما يعتقدونه في الصحابة، هذا بيناه.

* من وجد أنه ينتسب لهذا، وكم كررنا ذلك، من وجد، ويقول: أنا شيعي، هل تقول: «أن القرآن ناقص»، يقول: «القرآن كامل»، هل: «تسب صحابة محمد r»، قال: «لا أسبهم»، هل «تدعو غير الله»، يقول: «لا» ما أدعو إلا الله، فأنت حتى لو سميت نفسك شيعيا، فأنت لست على المعتقدات الباطلة.

* فما دام ناجي من هذه الأشياء، لا بأس، فهو؛ مسلم!، وإن سمى نفسه شيعيا، لكن لابد ان تعرف هؤلاء خارجين عن تلك هؤلاء خارجين عن تلك المعتقدات.

* لكن إذا لم تعرفهم، وتسموا؛ أنهم: رافضة، شيعة، يخشى عليهم: أن يكونوا على تلك المعتقدات، فكن على حذر منهم.

* مثل: ما تحذر المنافقين؛ لأن الله تعالى أمرنا، أن نحذر منهم).([702]) اهـ كلام السماري.

قلت: تأمل رحمك الله، كيف أن آخر كلامه، يهدم أوله، وأن أوله يناقض آخره.

* فهو يقول: «بذم معتقدات الشيعة الرافضة»، لما فيها من: «الشرك الأكبر»، و«الكفر الأكبر»، وهذا ظاهر.

* ثم ينقلب، فيقول: «إذا أردنا أن نكفر شيعيا، فلابد أن نسأله ماذا يعتقد من مذهب الشيعة الرافضة»، فإذا أقر بمعتقدات: «الشيعة الرافضة»، فهنا نكفره؛ لأنه اعترف، وأقر.

قلت: والفرق بينهما؛ جلي بين.

* فهذا الذي تقوله؛ السماري كعادته، تضمن كسورا، علمية، تدل على أن الرجل، قد زاد اختلاطه، وكثرت أخلاطه، وتضاعفت أغلاطه، اللهم سلم سلم.

* والشيعة الرافضة، وإن كانوا يستعملون التقية في البلدان، فإنهم: معروفون بالشرك، والكفر، والضلال، وغير ذلك، فلا يخفى ذلك على الناس، أنهم؛ كفار.

* لذلك قوله: «نحن نأخذ الناس بظاهرهم، فهذا ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل، فمثل: «الشيعة الرافضة»، فكفرهم، واضح، أظهروه، أو لم يظهروا، حتى لو تسموا بالإسلام.

7) ويكرر: منصور السماري، في عدم تكفير: «الشيعة الرافضة» بأعينهم، وأنه لابد من إقامة الحجة عليهم، على كل واحد منهم، بعينه في اعتقاده.

فسأله سائل: أنا مستغرب من بعض المشايخ الذين يقولون: عن الرافضة الذين يعبدون القبور، ويحجون إلى القبور، ويطعنون في عرض الـرسول r، ويسبـون الصحابة y، ويقولون: القرآن ناقص([703])، فيقول المشايخ([704]): هؤلاء: مسلمون، لكن عندهم غلو في أهل البيت.

السائل: طيب هؤلاء الذين يعبدون القبور، إنهم: مسلمون، وعندهم غلو، فما هو الفرق بينهم، وبين البوذيين، إذا كذلك هؤلاء: مسلمون، لكن عندهم غلو في الأصنام؟.

فأجاب منصور السماري؛ بقوله: (بلا شك إذا نقول الرافضة، كل من يعبد غير الله تعالى، يعني: قبلالحكم على الأعيان!.

* كل من يعبد غير الله، يدعو الموتى، يستغيث بهم، الرافضة، وغيرهم؛ فهم: مشركون، كفرة، بلا شك.

* لكن لما تأتي إلى معين، لا تدري هل يذهب إلى القبور، هو يدعي: «التشيع»، فلا تدري هل يذهب إلى القبور([705])، ويدعو الموتى، أو لا!.

* فتقول له: إن كنت تقول: القرآن ناقص، وتتكلم في النبي r، وتكفر الصحابة y، فأنت خارج من الملة، لكن لا تدري عن عينه، إنما إذا قال: أنا شيعي، ولم يظهر: كفره وشركه، فهو: كحال المنافقين([706]) في زمن النبي r، فممكن في بيته يعبد صنما، إلا إذا جاء عند النبي r، وجاء عند الصحابة y، فهو: يظهر الصلاة، ويصلي معهم، رياء، ويقول: نشهد أنك رسول الله، وهو كذاب، لا يقولها بقلبه، فهذا كحال هؤلاء.

* يعني: اعرف هذه القاعدة، فالحكم على الأعيان، والحكم على العامة).([707]) اهـ كلام السماري.

قلت: فكلما تأملت كلام هذا: «السماري» في دروسه، ازددت يقينا، بأنه لا يخلو من التناقض في أقواله، والتنافر في ألفاظه.([708])

* فلماذا أيها: «السماري» هذا التناقض، والتنافر في أقوالك كلها، أم أنت تزن بميزانين، وتكيل بكيلين!.([709])

قلت: فهو يجمع: «جراميز» الشبهات، و«أكوام» المشتبهات؛ ليؤيد دعاويه المشينة([710])، والله المستعان.

قال العلامة الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص232): (والعلماء رحمهم الله تعالى: سلكوا منهج الاستقامة، وذكروا باب: «حكم المرتد»، ولم يقل أحد منهم: أنه إذا قال: كفرا، أو فعل: كفرا، وهو لا يعلم أنه يضاد: الشهادتين، أنه لا يكفر لجهله.

* وقد بين الله تعالى في كتابه: أن بعض المشركين: جهال، مقلدون، فلم يرفع عنهم عقاب الله، بجهلهم، وتقليدهم). اهـ

قلت: وبيان ما أودعه في كلامه هذا من شبهات، فيرد عليه بهذا التحقيق:

فلا يجب أن تبلغ الدعوة جميع أفراد البلد([711]) بأعيانهم، حتى يشرع لقتالهم، وتكفيرهم.

* والأصل: قيام الحجة على رؤسائهم، وأتباعهم؛ هم: تبع لهم، دون تعيين إقامة الحجة، على كل فرد من أفراد الدولة: بعينه، ونرى ماذا يعتقد كل فرد منهم، وماذا يقول مثلا: من الشرك، والباطل، هذا ليس بلازم، بل إذا وصلت الحجة إلى زعماء الدولة، فقد وصلت إلى أفرادها كلهم، وقامت الحجة عليهم، ولا يعذرون في الشرك بعد ذلك، فهموا، أو لم يفهموا، لأن الحجة قامت عليهم ببلوغ الرسالة إليهم.

قلت: وهذا ما كان يفعله الرسول r مع الدول الكافرة، حيث يراسلهم عن طريق زعماء الكفار، ليبلغهم دعوته، ورسالته، فكان r يكتفي بتوجيه الرسائل إلى الملوك، والزعماء، والرؤوس، دون العامة من أقوامهم.

* وقد اعتنى النبي r، والخلفاء منذ زمن بعيد: بإرسال الرسائل إلى الملوك، والرؤساء، والأمراء، والمسؤولين؛ لدعوتهم إلى اللـه تعالى، وكذلك العلماء اعتنوا بمكاتبتهم في البلدان. ([712])

فعن ابن عباس t أن أبا سفيان بن حرب أخبره: «أن هرقل([713]) أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشأم في المدة التي كان رسول اللـه r ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش ...  ثم دعا بكتاب رسول اللـه r الذي بعث به دحية إلى عظيم بصـرى([714])، فدفعه إلى هرقل، فقرأه فإذا فيه «بسم اللـه الرحمن الرحيم»، من محمد عبد اللـه ورسوله إلى هرقل([715]) عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى.

أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك اللـه أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين([716])...».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (7)، وفي «أدب المفرد» (1112)، ومسلم في «صحيحه» (1773)، وأبو داود في «سننه» (5136)، والترمذي في «سننه» (2914)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج10 ص45)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص263)، وعبد الرزاق في «المصنف» (9724)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص177)، وفي «دلائل النبوة» (ج4 ص381)، وابن منده في «الإيمان» (143)، وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (239)، وفي «معرفة الصحابة» (ج3 ص1511)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج ص180 و189)، والخطابي في «أعلام الحديث» (ج1 ص137)، وفي «غريب الحديث» (ج1 ص500)، والطبري في «تاريخ الأمم والملوك» (ج2 ص130)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (3159)، وفي «المنتظم في تاريخ الأمم والملوك» (ج3 ص276)، وابن سيد الناس في «عيون الأثر» (ج1 ص344)، وابن طولون في «إعلام السائلين» (ص67)، والالكائي في «الاعتقاد» (1457)، وابن حبان في «صحيحه» (6555)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص19)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج3 ص359)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص244)، وأبو عبيد في «الأموال» (57)، والطبراني في «المعجم الكبير» (7270)، و(7272)، و(7273) من طريق الزهري قال: أخبرني عبيد اللـه بن عبد اللـه بن عتيبة بن مسعود أن عبد اللـه بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره فذكره.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وعن أنس بن مالك t: «أن نبي اللـه r كتب إلى كسرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى اللـه تعالى، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي r».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1774)، و(2092)، والترمذي في «سننه» (2716)، وفي «الشمائل» (87)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7747)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج4 ص376)، وفي «السنن الكبرى» (ج9 ص107)، وابن الجوزي في «المنتظم في تاريخ الأمم والملوك» (ج3 ص389)، والخلعي في «الخلعيات» (ص385)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص195 و197)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (ج1 ص234)، وابن حبان في «صحيحه» (6553)، وأحمد في «المسند» (12355) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وخالد بن قيس عن قتادة عن أنس بن مالك t به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج3 ص688): (ذكر هديه r في مكاتباته إلى الملوك وغيرهم). اهـ

وقال الإمام ابن العربي / في «عارضة الأحوذي» (ج10 ص183): (إنما كتب إلى الملوك؛ لأنهم الأصل، وسائر الخلق لهم أتباع، وعادة اللـه تعالى في خلقه أن تكون الأذناب تبعا للرؤوس؛ فالرؤوس تكون البداية في كل معنى مقصود يترتب عليه غيره). اهـ

قلت: وقد دلت هذه الكتب من النبي r على أن هذا الدين ليس دين العرب، أو دين الجزيرة العربية، وإنما هو دين البشـر، وكان إنذارا للسلطات الحاكمة خارج الجزيرة المالكة للحول والطول، والحاكمة لأوسع رقاع، بأنها مهددة بالإنقراض والزوال، والعقاب والهلاك في الدنيا والآخرة إذا لم تستجب للدعوة الإسلامية.

قال تعالى: ]وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا[ [سبأ: 28].

وقال تعالى: ]وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين[ [الأنبياء: 107].

وقال تعالى: ]قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا[ [الأعراف: 158].

وقال تعالى: ] من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (16) وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا (17) وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا [ [الأسراء: 15-17].

وعن جابر بن عبد اللـه t، أن النبي r قال: (ان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة).([717])

قلت: فالدعوة؛ هي الدين الذي ارتضاه الله تعالى للعالمين، وأنزل تعالمه وحيا على رسول اللـه r، وحفظها القرآن الكريم، والسنة النبوية.

فالدعوة إلى اللـه تعالى؛ الدعوة إلى توحيد اللـه تعالى، والإقرار بالشهادتين، وتنفيذ منهج الله تعالى في الأرض قولا وعملا، والإيمان به، وبما جاءت رسله بتصديقهم فيما أخبروا به، وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين وغير ذلك من الإيمان بالله، كما جاء في القرآن والسنة ليكون الدين كله لله تعالى. ([718])

قال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56].

وقال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25].

وقال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين[ [النحل: 36].

قلت: ويطلق على النبي r داعي الأمة إلى توحيد اللـه تعالى، وطاعته r.

قال تعالى: ]يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به[ [الأحقاف: 31].

وقد رأى النبي r أن يرسل بكتبه إلى رؤوساء الدول الكبرى([719])، وإلى الأمراء الولايات على سواء يدعوهم إلى الله تعالى، ويعرض عليهم الإسلام.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج3 ص688): (ذكر هديه r في مكاتباته إلى الملوك وغيرهم).

قلت: ومن هؤلاء الملوك الذين كتب لهم النبي r الامبراطور الرومي: «هرقل»، وامبراطور فارس: «كسرى أيرويز»، و«النجاشي» ملك الحبشة([720])، وغيرهم.

* وقد ثبت أن النبي r لـما أراد أن يكتب إلى الروم قيل له: إنهم لن يقرأوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة.

فعن أنس بن مالك t، قال: (كتب النبي r كتابا أو أراد أن يكتب، فقيل له: إنهم لا يقرءون كتابا إلا مختوما، فاتخذ خاتما من فضة نقشه «محمد رسول اللـه»، قال: كأني أنظر إلى بياضه في يده)([721]).

قلت: وكتب النبي r كتابا، وبعث به دحية الكلبي t إلى عظيم «بصرى»، فدفعه إلى الملك «هرقل»، وهو النص الوحيد الذي ثبتت صحته وفق شروط المحدثين من بين سائر نصوص الكتب التي وجهت إلى الملوك، والأمراء التي ينبغي أن تنقد من جهة المتن، والسند معا؛ قبل اعتمادها تاريخيا فضلا عن الاستدلال بها في مجال التشريع!.

وقد أشار الحافظ البخاري / إلى إرسال كتاب النبي r إلى «كسرى» دون أن يذكر نص الكتاب، لكنه بين أن النبي r أرسل كتابه مع عبد الله بن حذافة السهمي t.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول اللـه r بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد اللـه بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه). ([722])

قال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص753): باب كتاب النبي r إلى كسرى وقيصر.

قلت: وثبت في «صحيح مسلم» إرسال كتاب النبي r إلى «النجاشي»، وبين الحافظ مسلم : أنه ليس بـــ«النجاشي» الذي أسلم، ولم يثبت نص الكتاب، فقد أورده ابن إسحاق بدون إسناد.

فعن أنس بن مالك t: «أن نبي اللـه r كتب إلى كسـرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي وإلى كل جبار، يدعوهم إلى اللـه تعالى، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي r»([723]).

قلت: وأما نصوص الكتب التي وجهت إلى «المقوقس» حاكم مصر؛ فلم تثبت من طريق صحيحة، وكذلك لم تثبت نصوص الكتب إلى حكام دمشق، وحاكم اليمامة، وحاكم البحرين، وغير ذلك من الناحية الحديثية، فلا ترقي إلى مستوى الاحتجاج([724])بها في السياسة الشرعية.

قلت: ويبقى نص  كتاب([725]) النبي r إلى «هرقل» هو الوحيد الذي يصح حديثيا، ويمكن اعتباره نموذجا تقارن به بقية الكتب لغرض تشريع إرسال الكتب إلى الملوك، والأمراء، ونحوهم لدعوتهم إلى الإسلام في الدول الكفرية؛ أو تذكيرهم بالإسلام في الدول الإسلامية.

قال تعالى: ]وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين[ [الذاريات: 55].

قال الإمام ابن سيد الناس / في «عيون الأثر» (ج2 ص344): (ذكر بعثه r إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام).

وقال الإمام ابن العربي / في «عارضة الأحوذي» (ج10 ص183): (إنما كتب إلى الملوك؛ لأنهم الأصل، وسائر الخلق لهم أتباع، وعادة اللـه تعالى في خلقه أن تكون الأذناب تبعا للرؤوس؛ فالرؤوس تكون البداية في كل معنى مقصود يترتب عليه غيره). اهـ

قلت: فكان من هدي نبينا r أنه لا يبدأ أحدا بقتال إلا إذا بلغه الدعوة، ودعاه إلى اللـه تعالى، وقد اتبع رسول الله ه هذا المنهج التزاما بأوامر اللـه تعالى له... فاتبع هذا المنهج مع ملوك الأرض، وأمرائها، فدعاهم إلى اللـه تعالى، فأرسل إليهم رسله، وبعث إليهم كتبه يدعوهم إلى الإسلام، ولم يستثن أحدا منهم([726])، والله المستعان.

قلت: فاعتبر r قيام الحجة على: «هرقل» ملك الروم، هو قيام الحجة على أمته، ورعيته، وجنده، وقومه، وشعبه.

* ورد الحجة، أو جحودها؛ من قبل ملكهم: هو مبرر كاف، لقتال كل من ينضوي تحت سلطانه، من بني الأصفر، وغيرهم.

قلت: فواضح من الحديث، أن رسول الله r، كان يكتفي، لقيام الحجة على أمة، من الأمم، بأن يوجه كتبه، ورسائله إلى الرؤساء، لتلك الأمم، دون أفراد رعاياهم بأعيانهم.

* لذلك أقول: أن رد الحجة([727])، ونذارة الرسول r، من قبل رؤوس الشرك، هو مبرر كاف: لقتالهم، وقتال أقوامهم، الذين هم: تحت سلطانهم، على أنهم: كفار، رادون لدعوة الرسول r، وهم: في الآخرة في نار جهنم خالدين فيها أبدا.

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص485)؛ باب: دعوة اليهود والنصارى، وعلى ما يقاتلون عليه، وما كتب النبي r إلى كسرى، وقيصر، والدعوة قبل القتال.

* وقد صح عن النبي r: (إنه قد أغار على بني المصطلق: وهم: غارون؛        - أي: غافلون - وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ: جويرية بنت الحارث ).([728])

قلت: وهذا يدل أن دعوة النبي r بلغت بني المصطلق، من قبل على العموم، لا بعين أفرادها، ولم يسلموا، فأغار عليهم الرسول r، من غير أن يعلمهم، أو ينذرهم.

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج4 ص1516)؛ باب: غزوة بني المصطلق، من خزاعة([729])، وهي: غزوة المريسيع.([730])

قلت: فالذي في «الصحيح»، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، يدل على أنه r أغار عليهم على حين غفلة منهم، فأوقع بهم.

فعن ابن عمر رضي الله عنهما: (إن النبي r أغار على بني المصطلق، وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية).([731])

قلت: وابن عمر رضي الله عنهما، كان في هذا الجيش، وكان صغيرا.

قال فضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي في «منحة الملك الجليل» (ج7 ص584): (وفي قصة: بني المصطلق، دليل على أنه يجوز قتال من بلغته الدعوة، وهو غافل بدون إعادة الدعوة مرة أخرى). اهـ

قلت: والذين بلغتهم الدعوة، يجوز أن ندعوهم مرة أخرى، من باب الاستحباب، ويجوز أن تغير عليهم بدون سبق دعوة إلى الإسلام. ([732])

فعن سهل بن سعد الساعدي t قال: قال النبي r، يوم خيبر، لعلي بن أبي طالب t، حيث قال علي t: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال r: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم). وفي رواية: (فوالله لأن يهدى بك رجل، خير لك من حمر النعم).([733])

قلت: وفي قصة: أهل خيبر([734])، لما أرسل r إليهم: علي بن أبي طالب t، أمره أن يدعوهم مرة أخرى.

قال فضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي في «منحة الملك الجليل» (ج7 ص585): (فدلت هذه النصوص على أن المسلمين: مخيرون في الإغارة، بدون إعادة الدعوة.

* ووجه ذلك أن يتمكن منهم: قبل أن يجمعوا له، وبين إعادة الدعوة لعلهم: يقبلون، ويسلمون، فيسلمون من شرهم، وهذا عمل بالنصوص جميعا.

* فالذين بلغتهم الدعوة يجوز أن ندعوهم، مرة أخرى؛ من باب: الاستحباب، ويجوز أن نغير عليهم، أما من لم تبلغه الدعوة، فلابد من إبلاغه). اهـ

فرسول الله r أتى خيبر ليلا، وكان إذا أتى قوما، بليل، لم يغر بهم حتى يصبح، فلما أصبح r: قتل المقاتلة، وسبى الذرية، وكان في السبي: «صفية بنت حيي»([735]) رضي الله عنها، فأعتقها، وتزوجها، وجعل عتقها صداقها. ([736])

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج4 ص1537)؛ باب: غزوة خيبر.

* فلما أتى الصباح خرجت اليهود؛ بأدوات الحرث في الزراعة للأرض، يعني: أنهم بدءوا في عملهم صباحا، فبغتهم النبي r، ودخل عليهم بجيشه، ولم يخبرهم بدعوة، لأن الدعوة وصلت إليهم، وقامت عليهم الحجة، حيث إنهم: بهتوا، وأخذوا على غرة وغفلة؛ لأنهم: استمروا على كفرهم، وقد بلغتهم الدعوة.([737])

قال تعالى: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة[ [المائدة: 72].

قلت: لذلك لا تجب الدعوة مطلقا، في كل مرة، بل إن بلغتهم الدعوة، فيكون القائد؛ مخيرا، بين أن يدعوهم مرة أخرى، وبين أن يغير عليهم، من دون دعوة.([738])

فالأحاديث: دلت على أن النبي r: أغار على بني المصطلق، وهم: غارون؛ أي: غافلون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم.([739])

* وكذلك؛ أغار على خيبر في الصباح، وهم: غارون، فقتل مقاتلتهم، فاجأهم r؛ لأنهم: بلغتهم الدعوة.

* وفي بعض الحصون، لأهل خيبر من اليهود، قال r، لعلي t: «ادعهم إلى الإسلام»، مرة أخرى، من باب الاستحباب، فدل على استحباب دعوتهم: مرة أخرى، وليست واجبة، إن شاء دعاهم، وإن شاء هجم عليهم، بدون سبق إعلام.([740])

وعن أنس بن مالك t أن النبي r: (كان إذا غزا بنا قوما، لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم).([741])

قلت: فكان النبي r، إذا غزا قوما، لم يغز حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا، أغار عليهم بعد ما يصبح، بدون إعلام منه r.

* فانتظار رسول الله r؛ للأذان: دلالة صريحة، على أن الدعوة قد بلغتهم، من قبل على سبيل العموم.

فإذا لم يسمع أذانا، أغار على القوم وفاجأهم، من دون سابق إعلام، أو إنذار قريب.

قلت: ولم يكلف رسول الله r، لأحد من الصحابة، أن يذهب إليهم، ويسألهم: «ماذا تعتقد أنت»، و«ماذا تقول أنت في كذا»، و«هل أسلمت، أو لا»، حتى يشرع في قتالهم، في حال ردهم للدعوة، كلهم بأعيانهم، فلم يكن ذلك منه r، لأن الحجة قامت عليهم، على ظاهر القوم في الاعتقاد الباطل، فيكتفي الرسول r، بعموم ظاهرهم في دينهم الباطل، وامتناعهم من دخولهم في دين الإسلام.

قال تعالى: ]قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون[ [آل عمران: 64].

قلت: فتعيين كل فرد من أفراد البلد، على أنه ماذا يعتقد من الباطل، والذهاب لكل فرد منهم، وسؤاله، فهذا ما لا علم لنا به، ولا كلفنا الله تعالى به، ولا إحاطة فيه على جميع أفراد الدولة.([742])

* والله تعالى أنزل في الذين قتلوا: منهم في غزوة بدر، آيات، يبطل الله تعالى عذرهم، بالاستضعاف.

فقال تعالى: ]إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 97].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين، يكثرون سواد المشركين على رسول الله r، فيأتي السهم يرمي به، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب فيقتل، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: ]إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم[ [النساء: 97].([743])

وقال تعالى: ]ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين (28) الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون (29) فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين[ [النحل: 27-29].

فقوله تعالى: ]فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها[ [النحل: 29]؛ فيه دلالة على أنهم، قتلوا، وماتوا كفارا، لأن الخلود في نار جهنم من شأن من يموت كافرا، وليس من يموت مسلما.([744])

قلت: فإقامة الحجة على كل فرد بعينه، فيما يعتقد بمعرفته، فهذا أمر من الأمور المتعسرة في الحياة.

* ولا يجب على مسلم الخوض فيما ليس من خصوصياته، لأن الله تعالى لم يكلفه بما لا يستطيع.

قال تعالى: ]لا تكلف نفس إلا وسعها[ [البقرة: 233].

وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].

وقال تعالى: ]لا نكلف نفسا إلا وسعها[ [الأعراف: 42].

وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [الطلاق: 7].

وقال تعالى: ]فاتقوا الله ما استطعتم[ [التغابن: 16].

وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).([745])

وعن شداد بن أوس t عن النبي r: (سيد الاستغفار؛ أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت).([746])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج14 ص16): (قوله r: «ما استطعت»، لأن ما لا يستطاع لا يكلف الإنسان به، كما قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]. اهـ

قلت: فدل الشارع، على أنه لا يلزم المرء، أن يدرك كل شيء، ثم يبلغه، للناس بأعينهم، فهذا شيء لا يقدر عليه أحد، ولا يستطيعه، ومن كان هذا حاله، فيعذر على قدر استطاعته في التبليغ.

* إذا: فهذا «السماري» نقول فيه، كما قد قيل:

جهول جهله؛ جهل مركب

 

 

بدعوى العلم دور الناس حزب

وكم من جاهل في الدين يفتي

 

 

بالآلاف المصايب قد تسبب

* وسئلت اللجنة الدائمة: ما حكم عوام: الروافض، الإمامية: «الأثنى عشرية» وهل هناك: فرق بين علماء؛ أي فرقة من الفرق الخارجة، عن الملة، وبين أتباعها، من حيث التكفير، أو التفسيق؟.

فأجابت: (من شايع من العوام إماما من أئمة الكفر، والضلال، وانتصر: لسادتهم وكبرائهم، بغيا، وعدوا، حكم له بحكمهم: كفرا، وفسقا.

قال تعالى: ]وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 67]، وغير ذلك من الكتاب، والسنة الكثير.

* ولأن النبي r: قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم، وكذلك: فعل أصحابه y، ولم يفرقوا، بين السادة، والأتباع).([747]) اهـ

الشيخ ابن باز

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

* وسئلت اللجنة الدائمة: عن حكم أكل ذبائح جماعة من الجعفرية الإمامية الأثنى عشرية؟.

فأجابت: (إذا كان الأمر، كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين من الجعفرية؛ يدعون: «عليا»، و«الحسن»، و«الحسين»، و«سادتهم» فهم: مشركون، مرتدون عن الإسلام، والعياذ بالله، لا يحل الأكل من ذبائحهم، لأنها ميتة، ولو ذكروا عليها: اسم الله).([748]) اهـ

           الشيخ ابن باز          

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

* وقالت اللجنة الدائمة: في جواب آخر، ما نصه: (إذا كان الواقع، كما ذكرت، من دعائهم: «عليا»، و«الحسن»، و«الحسين»، ونحوهم، فهم: مشركون، شركا أكبر، يخرج من ملة الإسلام، فلا يحل أن نزوجهم المسلمات، ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم).([749]) اهـ

           الشيخ ابن باز          

الشيخ عبدالرزاق عفيفي

الشيخ عبدالله الغديان

الشيخ عبدالله القعود

* وسئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /، هل يجوز تكفير الشيعة؟.

فأجاب فضيلته: (الشيعة: أقسام، وأنواع، ذكرها بعضهم: اثنتين وعشرين: نوعا، - يعني: فرقة - لكن الباطنية؛ منهم: كالجعفرية، والإمامية: أتباع الخميني، الاثنا عشرية، هؤلاء لا شك في كفرهم؛ لأنهم: رافضة، خصوصا: قادتهم، وأئمتهم، الذين يدعون إلى الشرك بالله، وعبادة أهل البيت، ويغلون في: «علي»، ويعبدونه من دون الله تعالى، وفي «الحسن»، و«الحسين»، ويرون أنهم: يعلمون الغيب، وأنهم: معصومون، ويدعون أن: «عليا» هو الإله، هكذا النصيرية، وهكذا الإسماعيلية، هؤلاء من أكفر الناس، القادة، والأئمة منهم: والكبار).([750]) اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص108) ما نصه: (وأفيدكم، بأن الشيعة، فرق كثيرة، وكل فرقة لديها: أنواع من البدع، وأخطرها فرقة: «الرافضة الخمينية الاثني عشرية»؛ لكثرة الدعاة إليها، ولما فيها من: «الشرك الأكبر»؛ كالاستغاثة: بأهل البيت، واعتقاد أنهم: يعلمون الغيب، ولا سيما الأئمة الاثني عشر، حسب زعمهم، ولكونهم: يكفرون، ويسبون غالب الصحابة؛ كأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، نسأل الله السلامة، مما هم عليه من الباطل). اهـ

* وسئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /، هناك قال: لنا أحد الكبار، من قال لكم تقولون بتكفير الرافضة...؛ هم: مسلمون إخواننا، خالفونا في بعض الأشياء التي لا توجب تكفيرهم، فنريد تبيين ذلك؟.

فأجاب فضيلته: (هذا الكلام: جهل مركب؛ الرافضة: هم عباد أوثان، ويعبدون أهل البيت، ويعبدونهم من دون الله تعالى، ويسبون الصحابة y، ولهم عقائد من غير دين المسلمين، ويرون أن أهل السنة أعداء لهم).([751]) اهـ

قلت: و«الروافض»، هم: «الشيعة» أنفسهم، دخلوا في الإسلام ليفسدوا دين المسلمين، ويزلزلوا الإيمان في نفوسهم، ويدخلوا الشك في أحكام الإسلام.

* وهم في الأصل: يتبعون أباطيل رجل يهودي، أسلم نفاقا، وزندقة، ليهدم الإسلام، ألا وهو: «عبدالله بن سبأ» اليهودي، فهذا رجل ملحد.

* وقد أخذ الرافضة الإلحاد من هذا اليهودي، وتبنوه في دينهم على مر العصور، وكر الدهور إلى يومنا هذا، وفي كل زمان، فهم: كفار عند أهل السنة والجماعة([752])، لأنهم: وقعوا في كفر بواح، وهذا ظاهر من: «الشيعة الروافض».

وعن عبادة بن الصامت t قال: (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان).([753])

قلت: فالرافضة، السيف مسلول عليهم، إلى يوم القيامة، لا يثبت لهم قدم، ولا تقوم لهم راية، ولا تجمع لهم كلمة، دعوتهم مدحوضة، وجمعهم متفرق: ]كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله[ [المائدة: 64].

وعن موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفريابي /، ورجل يسأله: عمن شتم: أبا بكر t، قال: كافر، قال: فيصلى عليه؟، قال: لا).([754])

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج8 ص535): (قال أحمد: «الجهمية»، و«الرافضة»، لا يصلى عليهم، قد ترك النبي r الصلاة؛ بأقل من هذا). اهـ

وعن أحمد بن أبي عبدة؛ أن أبا عبد الله، قيل له: في رجل يقولون: (إنه يقدم عليا t، على أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، فأنكر ذلك، وعظمه، وقال: أخشى أن يكون رافضيا).([755])

وعن حرب قال: قلت؛ لأحمد: (أنصلي خلف رجل يقدم عليا t، على أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما؟، قال: لا تصل خلف هذا).([756])

وعن الإمام منصور بن المعتمر / قال: (هم أعداء الله: المرجئة، والرافضة).([757])

وعن الإمام الشعبي /قال: عن الرافضة: (لم يدخلوا في الإسلام رغبة عنه، ولا رهبة من الله عز وجل، ولكن مقتا لأهل الإسلام، وبغيا عليهم).([758])

وعن عبد الله بن أحمد قال: قلت؛ لأبي: (من الرافضة؟، قال: الذي يشتم، ويسب: أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما). ([759])

قلت: والشيعة كلهم في هذا الزمان، في اعتقادهم: يسبون الصحابة y، منهم: أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما.

وعن الإمام مالك / قال: (الذي يشتم أصحاب النبي r، ليس لهم: نصيب في الإسلام).([760])

قلت: وهذا نص صريح من الإمام مالك /، في تكفير: «الشيعة الرافضة».

وعن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله، عن من يشتم: أبا بكر، وعمر، وعائشة؟، قال: (ما أرآه على الإسلام).([761])

قلت: وهذا نص صريح من الإمام أحمد /، في تكفير: «الشيعة الرافضة»، وصرح أيضا: بتكفيرهم: الفريابي، وأبو عبيد، وغيرهما. ([762])

وعن عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال: (من شتم أخاف عليه الكفر؛ مثل: الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي r:لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين).([763])

قلت: «فالتشيع»، وهو: «الرفض»، هو باب من أبواب: «الزندقة»، و«الكفر»، الذي يلج منه كل زنديق، من أراد الطعن في الإسلام!.

وعن أبي طالب، أنه قال: لأبي عبد الله: (الرجل يشتم عثمان t؟، فأخبروني؛ أن رجلا تكلم فيه، فقال: هذه زندقة). ([764])

وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي، عن رجل شتم رجلا، من أصحاب النبي r، فقال: (ما أراه على الإسلام). ([765])

وقال الإمام أبو حاتم الرازي / في «الاعتقاد» (ص47): (وأن الجهمية: كفار، وأن الرافضة: رفضوا الإسلام، والخوارج: مراق). اهـ

وقال الإمام حرب الكرماني / في «عقيدته» (ص99): (والرافضة: وهم الذين يتبرءون من أصحاب النبي r، ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الأمة؛ إلا نفرا، يسيرا، وليست الرافضة من الإسلام في شيء). اهـ

وعن هارون الديك يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (من قال: أبو بكر، وعمر، وعثمان y، فهو صاحب سنة ([766])، ومن قال: أبو بكر، وعمر، وعلي، وعثمان y، فهو رافضي ([767])، أو قال: مبتدع). ([768])

وقال الإمام أبو زرعة الرازي / في «الاعتقاد» (ص47): (وأن الجهمية: كفار، وأن الرافضة: رفضوا الإسلام، والخوارج: مراق). اهـ

وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص47): (وإذا سمعت الرجل، يقول: فلان: ناصبي، فاعلم: أنه رافضي). اهـ

قلت: والشيعة كلهم يقولون، بمثل: هذا الكلام، فهم: روافض.([769])

وقال الإمام ابن البناء / في «الرد على المبتدعة» (ص79): (الرافضة: يرفضون الإسلام، وراء ظهورهم). اهـ

قلت: ومذاهب الرافضة، من أصول البدع المكفرة، عند أهل الحديث. ([770])

قال الإمام يوسف بن أسباط /  قال عن الفرق: (أصلها أربعة: القدرية، والمرجئة، والشيعة([771])، والخوارج). ([772])

وقال الإمام ابن البناء / في «المختار في أصول السنة» (ص231): (وأما الروافض: فأقوالهم في فرقهم مختلفة، وأشرهم الغلاة، ولهم: مسائل فظيعة). اهـ

وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص166)؛ عن الرافضة الذين يؤمنون بالرجعة([773]): (وبدعة ظهرت هي كفر بالله العظيم، ومن قال: بها فهو: كافر بالله لا شك فيه: من يؤمن بالرجعة... فاحذرهم، فإنهم: كفار بالله العظيم). اهـ

وقد بين الإمام ابن البناء / في «الرد على المبتدعة» (ص234)؛ بأن الإمام أحمد /، يكفر الرافضة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول» (ج3 ص1110)؛ وهو يتكلم عن ضلال الرافضة: (وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم، أنهم ارتدوا بعد رسول الله r، إلا نفرا، قليلا، لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامتهم؛ فهذا لا ريب أيضا، في كفره، فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم، والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا، فإن كفره متعين). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص468)؛ عن ضلال الرافضة: (فبهذا يتبين أنهم: شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج).اهـ

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على أن دين: «الشيعة»، في كل زمان إلى قيام الساعة؛

لا يقبل عند الله تعالى؛ لأنه دين باطل، فكيف: «السماري» يدخل: أتباعه في دين الإسلام، وأنهم: لا يكفرون بدينهم: هذا الباطل، وقد كفرهم السلف الصالح، وأخرجوهم من الإسلام

 

اعلم رحمك الله أن مجرد الانتساب إلى الإسلام دون العمل به، فهذا لا يكفي فيه، بل من أدخل فيه ما ليس منه من المخالفات الشرعية الكثيرة، أو القليلة، فإنه ابتغى غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه ذلك، سواء كان من المسلمين، أو من المبتدعين، فانتبه.([774])

قال تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19].

وقال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].

وقال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3].

وقال تعالى: ]ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى[ [لقمان: 22].

وقال تعالى: ]ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن[ [النساء: 125].

وقال تعالى: ]أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض[ [آل عمران: 83].

قلت: والإسلام؛ الانقياد والخضوع، والاستسلام بالتوحيد والطاعة لله تعالى، ولرسوله r، فمن اتبعه كان مرضيا عند الله تعالى، ومن خالفه كان باغيا لغير دين الله تعالى.([775])

قال المفسر المراغي / في «تفسيره القرآن» (ج2 ص204): (قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه[؛ لأن الدين إذا لم يصل بصاحبه إلى هذا الخضوع والانقياد لله تعالى كان رسوما، وتقاليد لا تجدي شيئا، بل تزيد النفوس فسادا، والقلوب ظلاما، ويكون حينئذ مصدر الشحناء، والعداوة بين الناس في الدنيا، ومصدر الخسران في الآخرة بالحرمان من النعيم المقيم، والعذاب الأليم، وقوله تعالى: ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ لأنه أضاع ما جبلت عليه الفطر السليمة من توحيد الله تعالى، والانقياد له، كما جاء في الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه»([776])، وخسر نفسه إذ لم يزكها بالإسلام لله، وإخلاص السريرة له؛ كما قال تعالى: ]قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين[). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره القرآن» (ج1 ص373): (قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه[؛ أي: من سلك طريقا سوى ما شرعه الله تعالى، فلن يقبل منه([777]): ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ كما قال النبي r في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»([778]».

وقال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج4 ص136): (ومن يبتغ؛ أي: يطلب: ]غير الإسلام دينا[؛ أي: غير التوحيد، والانقياد لحكم الله تعالى، كدأب المشركين صريحا، والمدعين للتوحيد مع إشراكهم كأهل الكتابين، ]فلن يقبل منه[؛ لأنه لم ينقد لأمر الله تعالى، وفي الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»([779])، ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ لضلاله وجوه الهداية في الدنيا). اهـ

قلت: والمعنى؛ أن المعرض عن الإسلام، أو عن شيء منه، أي: الطالب لغيره، فهذا فاقد للنفع، وواقع في الخسران؛ بإبطال الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها.

فعن المعتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه أنه قال: (ليس قوم أشد نقضا للإسلام  من الجهمية).([780]) وفي رواية: (بغضا للإسلام).

قلت: وكذلك «الشيعة»!.

وعن إسحاق بن بهلول الأنباري، قال: سألت أنس بن عياض، عن الصلاة خلف الجهمية، فقال: (لا تصل خلفهم)([781])، وتلا: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].([782])

قلت: فإذا صلى المرء خلف الشيعي، فلن تقبل منه هذه الصلاة؛ لأنه ابتغى فيها غير الإسلام دينا، كذلك من ابتغى غير الإسلام في الاعتقاد فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين.

وعن إبراهيم بن السري النحوي الزجاج / قال: (اعلم أن الله عز وجل لا يقبل دينا غير دين الإسلام، ولا عملا إلا من أهله؛ فقال ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85]، يبتغ جزم «بمن» وقوله «فلن يقبل منه» الجواب، ومعنى «الخاسرين» أي: ممن خسر عمله).([783])

وقال الإمام ابن القيم / في «الداء والدواء» (ص208): (وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له، وقل من ينجو منه، فمن أراد بعمله غير وجه الله، أو نوى شيئا غير التقرب إليه، وطلب الجزاء منه، فقد أشرك في نيته وإرادته.

والإخلاص: أن يخلص لله في أفعاله وأقواله وإرادته ونيته، وهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85]، وهي ملة إبراهيم التي من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء). اهـ

وعن حجاج الأعور، سمعت شريكا([784])؛ وذكر المرجئة، فقال: (هم أخبث قوم وحسبك بالرافضة خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله تعالى).

                                                                                                                          أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (614)، والخلال في «الإيمان» (ق/109/ط)، وفي «السنة» (1126)، و(1127) والآجري في «الشريعة» (ص144)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1212)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج5 ص994).

وإسناده صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص120): (من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله إلا بعدا). اهـ

وعن الفضيل بن عياض / قال: (لا يشم مبتدع رائحة الجنة، أو يتوب).([785]) يعني: إلى أن يتوب.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص51): (فقوله سبحانه: ]فاستمتعتم بخلاقكم[ [التوبة: 69] إشارة إلى اتباع الشهوات، وهو داء العصاة، وقوله: ]وخضتم كالذي خاضوا[ [التوبة: 69] إشارة إلى اتباع الشبهات، وهو داء المبتدعة وأهل الأهواء، والخصومات، وكثيرا ما يجتمعان، فقل من تجد في اعتقاده فسادا؛ إلا وهو يظهر في عمله). اهـ

قلت: ويدخل فيه ترك بعض أعمال الدين، أو الابتداع فيه بشيء من البدع؛ فإن ذلك يدخل([786]) في قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].

قال تعالى: ]ونحن له مسلمون[ [آل عمران: 84]؛ أي: منقادون مخلصون.([787])

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص474): (فدين الرحمن: هو الإسلام، والتي للشيطان: اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، والصابئة، ودين المشركين). اهـ

قلت: فلماذا قال الشيعي المبتدع أن الدين عند الله تعالى الإسلام، ثم يعدل عنه إلى البدع المحدثة الكفرية؟!: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص474): (وقد دل قوله ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19] على أنه دين جميع أنبيائه، ورسله، وأتباعهم من أولهم إلى آخرهم، وأنه لم يكن لله قط ولا يكون له دين سواه). اهـ

وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (إنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء؛ كما يتجارى الكلب بصاحبه، فلا يبقى منه عرق، ولا مفصل إلا دخله).([788])

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (4597)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص102)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص379)، والعطار في «الاعتقاد» (ص58)، واللالكائي في «الاعتقاد» (150)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص128)، وابن أبي عاصم في «السنة» (2 و65 و69)، والمروزي في «السنة» (ص14 و15)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص249)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص541)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص331)، و(ج3 ص388)، والآجري في «الشريعة» (29) من طريق أزهر بن عبدالله عن أبي عامر عبدالله بن يحيى عن معاوية بن أبي سفيان به.

قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه ابن حجر في «الكافي الشاف» (ص63)، وجوده العراقي في «المغني» (ج3 ص199)، وحسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج3 ص869).

ﭑ ﭑ ﭑ

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

فتوى: الإمام ابن رجب، على أن قول جمهور العلماء: على تكفير تارك الصلاة، بل هو بالإجماع، وهذا فيه زجر لـ«منصور السماري» الذي يقول بتقليد منه؛ بعدم تكفير تارك الصلاة، بل يعدم تكفيره من ترك الفرائض كلها، وأنه يعتبر من «المرجئة السادسة» في هذا العصر.........................................................................

7

2)

درة نادرة في فرقة المرجئة الضالة المبتدعة...........................................

8

3)

المقدمة.....................................................................................................

13

4)

توطئة فكر: «المرجئة الخامسة»، و«المرجئة السادسة»، النفرة من نقصان الإيمان في قلب العبد ................................................................

55

5)

فتوى العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز في نقض: «إرجاء» منصور السماري، الذي يقول: أن «لا إله إلا الله»، تنجي العبد، وإن لم يؤد الفرائض، من: «صلاة»، و«زكاة»، و«صيام»، و«حج»، وغير ذلك؛ فهذا لا يعذر بجهله، لأنها هي من: «المسائل الظاهرة» في الدين......

60

6)

فتاوى العلماء في أن من نطق: بـ«لا إله إلا الله»، وترك جميع الفرائض، لا يعتبر مسلما، بنطقه بالشهادتين، ما دام ترك العمل بـ«لا إله إلا الله» في الدين، وقد وقع: المدعو «منصور السماري» في هذا الاعتقاد، بسبب استدلاله: بالمجمل والمتشابه من الألفاظ، مما يدل أنه غير راسخ في أصول الاعتقاد.............................................

62

7)

ذكر الدليل على نقض إرجاء: «منصور السماري»، الذي يدعي فيه، أن من نطق بـ«لا إله إلا الله»، أنه مسلم، ولو ترك لجميع الفرائض، ولم يعمل بها البتة في حياته، وهذا مذهب: «المرجئة»، في القديم، وفي الحديث، وهذا الاعتقاد مخالف، لاعتقاد أهل السنة والجماعة، وهذا الرجل شذ عنهم، فهلك...........................................

72

8)

ذكر الدليل على كشف إرجاء: «منصور السماري»، الذي يقول فيه، أن من نطق بـ«لا إله إلا الله»، أنه مسلم، ولو ترك لجميع الفرائض، ولم يعمل بها البتة في حياته، وهذا مذهب: «المرجئة»، وقد استدل بشبهات: «المرجئة»، التي هي من المشتبهات في ألفاظها، مع ضعفها، والتي يجب أن ترد إلى المفسرات في الشرع، لذلك قد خالف اعتقاد أئمة الحديث، فهلك، ولابد .........................

112

9)

ذكر الدليل على زجر: الجاهل «منصور السماري المرجئ»، وذلك؛ لإثباته: لإسلام العبد بزعمه، وإن ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصوم»، و«الحج»، وسائر الفرائض، فقط؛ لقوله: «لا إله إلا الله»، وقد استدل هذا المتعالم: على إرجائه، بحديث: حذيفة: «يدرس الإسلام، كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة»، وهو حديث ضعيف، وقد شذ عن القرآن، والسنة، والأثر، والإجماع، فهلك، ولا بد .......

137

10)

ذكر الدليل على بطلان دليل: «منصور السماري»، الذي استدل به على إرجائه، وهو؛ حديث: المرأة التي زنت في عهد: عمر بن الخطاب، وهو: حديث منكر، لا يحتج به في الدين............................

173

11)

ذكر الدليل على قمع المدعو: «منصور السماري»، في عذره للجهال بتركهم الفرائض، وقد استدل: بأدلة مشبوهة ضعيفة في الاعتقاد، فوقع في الإرجاء الذي يحذر منه، بل وقع مع المرجئة الذين يحذر منهم؛ بسبب جهله بالاعتقاد الصحيح في مسائل الإيمان.....................................................................................................

194

12)

ذكر الدليل على تناقض: «السماري»، في: «مسألة العذر بالجهل»، و«مسألة إقامة الحجة»، وتخبطه، وتخليطه، وتلبيسه؛ بهذه الأصول، وهذا بشهادة نفسه على نفسه في شرحه البالي لأصول الاعتقاد، ويكأنه بدأ يخلط، وتختلط عليه الأصول في الدين ............

205

13)

ذكر الدليل على كفر من ترك الأصول، بسبب جهله، أو عدم فهمه في الدين، وأنه لا يعذر بذلك، مهما كان جهله، وفهمه؛ لحدود الله تعالى، وأحكامه، وفرائضه، وفي هذا نقض لشبهة: «منصور السماري» الذي يعذر الجهال في تركهم، لحدود، وفرائض الله تعالى بالكلية، وكشف غلوه في إقامة الحجة، والعلم بها...................

220

14)

فتاوى الإمام أحمد بن حنبل في بطلان حكم: «منصور السماري»، الذي لا يكفر إلا بالجحود في الصلاة وفي غيرها من الفرائض ..........

231

15)

ذكر الدليل  على كفر تارك الصلاة، في دار الإسلام،  لأن الحجة قد قامت عليه، حتى لو نطق بالشهادتين،  وقد أجمع الصحابة على كفر تارك الصلاة،  وهذا فيه نقض غلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على الناس ........................................................................

232

16)

ذكر الدليل على كفر من ترك الزكاة، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الزكاة كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبها، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام...............................

252

17)

ذكر الدليل على كفر من ترك الصلاة، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الصلاة كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبها، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام...............................

312

18)

ذكر الدليل على كفر من ترك عبادة الحج، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الحج كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبه، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام ..............................

397

19)

ذكر الدليل على كفر من ترك عبادة الصوم، وامتنع عن أدائها، ولا فرق بين ترك الصوم كسلا، وتهاونا، وبين من جحد وجوبه، وفي هذا نقض، لغلو: «منصور السماري» في إقامة الحجة على جهال الناس، وفي عدم تكفيرهم، لتركهم مباني الإسلام...............................

420

20)

ذكر الدليل على نقض شبهات: «منصور السماري»، الذي ادعى فيها، بعدم تكفير تارك الصلاة في دار الإسلام؛ إلا بعد قيام الحجة عليه، والعلم بها، بل زعم أن لابد أن نعلم أنه يعلم بحكم الصلاة، فإذا تركها، فحينئذ يكفر عنده، وكل ذلك ليس بلازم في الشرع، لأن هذا المرء يعقل، ويعلم ما يجري في بلده من أحكام في الدين: مثل حكم الصلاة في الجملة؛ لأنه في دار الإسلام، ويستحيل أنه لا يعرف حكم ترك الصلاة، وبذلك قد قامت عليه الحجة، ببلوغ القرآن إليه، ووصول رسالة النبي له، فكفر بتركه للصلاة مطلقا، لأنه ما تركها إلا بسبب الكسل من تأديتها، وهو في دار الإسلام، فقامت عليه الحجة، والعلم معا...........................................................

440

21)

ذكر الدليل على الرد على: «منصور السماري»، الذي ما زال يصور حكم تارك الصلاة، بمجرد حكم فقهي، وذلك لوقوعه في الإرجاء، ولتأثره به، على طريقة المتأخرين الذين وقعوا في الإرجاء، وتأثروا به، والسلف جعلوا حكم تارك الصلاة تحت أبواب الاعتقاد والإيمان؛ للرد على المرجئة في هذا الجانب.......................................

466

22)

ذكر الدليل على أن مسألة تارك الصلاة، قد أصبحت من مسائل الاعتقاد، فانتقلت من الفروع إلى الأصول، لأنها صارت من شعار المرجئة قديما وحديثا، واستدلالها بهذه المسألة على إرجائها، وكذلك مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة، حيث صارت من شعارات الرافضة، فأدخلها السلف في الاعتقاد بسبب ذلك، وغيرها.....................................................................................................

469

23)

ذكر الدليل على اضطراب: «السماري» في تكفير تارك الصلاة، وأنه لا يكفره إلا بعد إقامة الحجة عليه، وإن كان في دار الإسلام، ولابد بزعمه أن يعلم بفرضية الصلاة، وهو ما دام في دار الإسلام، لابد أن يعلم بفرض الصلاة، وقد قامت عليه الحجة بوجود الكتاب والسنة، فلا حاجة، أن تقام عليه مرة ثانية.............................................

476

24)

ذكر الدليل على بطلان قول: «المرجئة العصرية»، على أن قول الجمهور: هو عدم تكفير تارك الصلاة، وأنه لم يصح عنهم، بل قول الجمهور على كفر تارك الصلاة، ولم يخالفوا إجماع الصحابة على هذا الحكم......................................................................

561

25)

ذكر الدليل على ضعف: أثر الإمام الزهري الذي يوهم أنه لا يكفر تارك الصلاة.............................................................................................

587

26)

ذكر الدليل على قمع شبهة: «منصور السماري» في استدلاله، بقصة: «الذي أوصى أهله، أن يحرقوه بعد موته»؛ على أن من أنكر: قدرة الله تعالى، وهو جاهل، لا يكفر، وصفة القدرة ثابتة، بالكتاب، والسنة، والإجماع، فلا يجهلها أحد من الخلق؛ فمن أنكرها، فقد كفر؛ لأنها معلومة من الضرورة في الدين.......................

595

27)

ذكر الدليل على دفع شبهة: «المرجئة السادسة»؛ في استدلالهم: بقصة الذي أوصى أهله، أن يحرقوه بعد موته، على أن من ارتكب الكفر: وهو جاهل لا يكفر؛ بل ولم يكفروا: «الفرقة القدرية» الضالة، باستلالهم بهذا الحديث..........................................................

599

28)

فتاوى هيئة كبار العلماء، بالمملكة العربية السعودية، على كفر: «الشيعة الرافضة» بسبب عبادتهم: لغير الله تعالى، ولم يعذروهم بجلهم، بل ولم يفرقوا بين الخاصة، والعامة، وبين الحكم العام، والحكم المعين؛ في كفرهم جميعا......................................................

618

29)

ذكر الدليل على أن: «السماري» بسبب غلوه في إقامة الحجة على المخالفين، أنه يقول: حتى: «الشيعة الرافضة» لا يكفرون، إلا بعد إقامة الحجة عليهم، في دار الإسلام؛ بل وزعم أنه لابد أن تبلغ الحجة، لكل واحد من الشيعة بعينه!، والنظر فيه ماذا يعتقد من ضلالات الشيعة، ويجب أن يقر بلسانه بضلاله، وبعد ذلك يكفره، فهذا هو: «مذهب المرجئة» الذي فر منه فوقع فيه، وهم: يكفرون الأمة؛ وكل هذا ليس بلازم في الدين، وقد كفر السلف الصالح الشيعة كلهم، ولم يستثنوا أحدا؛ فأي: غلو وقع فيه هذا الرجل في إقامة الحجة، فهو: شاذ في الأمة، وهلك مع الهالكين........................

624

30)

ذكر الدليل على أن دين: «الشيعة»، في كل زمان إلى قيام الساعة؛

لا يقبل عند الله تعالى؛ لأنه دين باطل، فكيف: «السماري» يدخل: أتباعه في دين الإسلام، وأنهم: لا يكفرون بدينهم: هذا الباطل، وقد كفرهم السلف الصالح، وأخرجوهم من الإسلام......................

669

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) فالمرجئة الخامسة: تقول أن من ترك الفرائض مع تلفظه؛ بــ«لا إله إلا الله»، وإقراره في ذلك في قلبه: أنه مسلم!.

       * والمرجئة السادسة: تقول، أن من ترك الفرائض، مع تلفظه؛ بــ«لا إله إلا الله» دون قلبه، أنه مسلم!، فهي: أشر من الأولى!.

([2]) فجمهور العلماء على تكفير تارك الصلاة.

([3]) وهذا إجماع السلف على تكفير تارك الصلاة، من قبل العلماء، وكذا من ترك الأركان في الدين.

([4]) إحدى فرق الخوارج، وهم: أتباع: «نافع بن أزرق» الخارجي.

      انظر: «مقالات الإسلاميين» للأشعري (ج1 ص168).

([5])اختلجت: من الخلج، وهو الجذب والنزع.

    انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص59).

([6]) وانظر: «التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48 و49 و50)، و«التعليق على صحيح مسلم» له (ج1 ص179)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج1 ص5 و6).

([7]) وانظر: «الإيمان حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة» للأثري (ص29)، و«مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص16)، و«نكت القرآن» للقصاب (ج1 ص302 و499)، و«تعليم أصول الإيمان» للشيخ السعدي (ص15)، و«القدرية والمرجئة» للعقل (ص75)، و«الإيمان بين السلف والمتكلمين» للغامدي (ص17)، و«أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص5 و6 و7)، و«التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان» لابن سوف (ص29)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ج1 ص114 و115)، و«الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص382)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج3 ص16-19)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48-50)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج1 ص56 و57)، و«التلخيص في شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج2 ص452 و454)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص49).

([8]) وانظر: «الإيمان» للأثري (ص28)، و«تعليم أصول الإيمان» للشيخ السعدي (ص15)، و«التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان» لابن سوف (ص31)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ج1 ص114 و115)، و«فتح الباري» له (ج1 ص5-6)، و«الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص184-187)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج3 ص17 و20)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48-50)، و«التلخيص في شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج2 ص452 و454)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص25).

([9]) وهذه الأدلة من الكتاب تدل على أن الأعمال جزء من الإيمان، وأن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق ولا القول بدون العمل. فإذا تجرد الإيمان عن العمل فلا فائدة فيه.

     وانظر: «الإيمان» للأثري (ص29)، و«نكت القرآن» للقصاب (ج1 ص302 و499)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ج1 ص114 و115)، و«فتح الباري» له (ج1 ص5-6)، و«الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص416 و424)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج3 ص18-20)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48-50)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج1 ص56 و57)، و«التلخيص في شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج2 ص452 و454)، و«تعليم أصول الإيمان» للشيخ السعدي (ص15)، و«الإيمان بين السلف والمتكلمين» للغامدي (ص20)، و«أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص52)، و«التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان» لابن سوف (ص31).

([10]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص57)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص53).

([11]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص532)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص68).

([12]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص65).

([13]) وانظر: «الإيمان بين السلف والمتكلمين» للغامدي (ص22 - 26)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج1 ص5 و6)، و«التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان» لابن سوف (ص46)، و«مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص21)، و«تعليم أصول الإيمان» للشيخ السعدي (ص25)، و«أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص52)، و«الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص428 و429 و515)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج3 ص19-22)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48-50)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج1 ص56 و57)، و«التلخيص في شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج2 ص452 و454)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص25).

([14]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص16)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص172).

([15]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص57)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص67).

([16]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص9)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص115).

([17]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص69).

([18]) وانظر: «مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص16)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج1 ص5 و6)، و«التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان» لابن سوف (ص29)، و«القدرية والمرجئة» للعقل (ص75)، و«أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص52)، و«نكت القرآن» للقصاب (ج1 ص302 و499)، و«الإيمان الكبير» ضمن: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص141 و216 و562 و582)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج3 ص19 و22)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48-50)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج1 ص56 و57)، و«التلخيص في شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج2 ص452)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص25).

([19]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص49)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص45).

([20]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص44).

([21]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص18)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص88).

     وهذه الأدلة من السنة تدل على أن الأعمال جزء من الإيمان، وأن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق ولا القول بدون العمل.

     فإذا تجرد الإيمان عن العمل فلا فائدة فيه.

([22]) وانظر: «أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص59)، و«الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص162 و381 و515)، و«مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص16)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48-50)، و«الإيمان» للأثري (ص29)، و«أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر» للشيخ الراجحي (ص17).

([23]) وانظر: «الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص148 و149 و157 و158)، و«الإيمان الصغير» لابن تيمية أيضا، وهو المطبوع في «مجموع الفتاوى» (ج7 ص483 و487)؛ باسم: «الإيمان الأوسط»، وطبع أيضا، باسم: شرح حديث جبريل عليه السلام».

     وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص179 و184).

([24]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (1593).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن تيمية في «الإيمان» (ص197)، وكما في «الفتاوى» (ج7 ص208 و209)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص5).

([25]) الأصول الستة: هي أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.

([26]) قلت: وبدعة «المرجئة»، بدعة قديمة، خرجت في طبقة التابعين.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص112).

([27]) انظر: «قاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص1660).

([28]) انظر: «قاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص1660)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج1 ص64).

([29]) بالنسبة إلى الذين من قبلهم في الطوائف المذكورة أعلاه.

([30]) كما قال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في: «الفرقة التبليغية» في هذا العصر: «صوفية عصرية»، وقال عن: «الفرقة السرورية» في هذا العصر: «خارجية عصرية».

     * «شريط مسجل»، بعنوان: «السرورية خارجية عصرية»، نهاية الوجه الأول، تسجيلات: «بيت المقدس»، الأردن.

     * وقد سماها الشيخ الفوزان حفظه الله بـ«المرجئة المعاصرة»: وهذا بخط يده.

     انظر: «الأقوال الخفية للمرجئة المعاصرة» للعرجاني (ص5).

([31]) وهذا بالنسبة للفظ في أصل مذهبهم، لأنها تخالف من سبقها في ألفاظ الإرجاء؛ كما سوف يأتي ذكر ذلك، وإلا قد تطورت المرجئة هذه بقولها بالإرجاء على أنه من مذهب السلف، فهي أخطر لهذه التسمية.

([32]) والناطق الرسمي لهذه الطائفة في هذا العصر: هو «ربيع المدخلي المرجئ».

     * وقد اتبعه: «عبيد الجابري المرجئ» على معتقد الإرجاء، والتنازل عن الأصول، وغير ذلك من الأصول الفاسدة إلى الآن، ولم يتب، ولم يترك أصول مذهب: «ربيع المدخلي»، اللهم سلم سلم.

([33]) وأهل السنة والجماعة، كما بينا على خلافه؛ يقولون: إن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والأعمال كلها من حقيقة الإيمان، أو داخلة في مسمى الإيمان، وجزء منه.

([34]) والمرجئة يجمعون: تقريبا على أن العمل ليس داخلا في حقيقة الإيمان، ولا داخلا في مفهومه.

     انظر: «أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص41).

([35]) وانظر: «البيان لأخطاء بعض الكتاب» للشيخ صالح الفوزان (ص179)، و«مسائل في الإيمان» له (ص18)، و«أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص39 و40)، و«القدرية والمرجئة» للعقل (ص89)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص139)، و«مقالات إسلاميين» للأشعري (ج1 ص214)، و«الإيمان» لأبي عبيد (ص79 و101)، و«أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر» للشيخ الراجحي (ص14 و15)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص195 و196 و204)، و«الفصل في الملل والأهواء والنحل» لابن حزم (ج3 ص137 و138)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص48-50)، والتلخيص في شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج1 ص454)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ج2 ص459)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص46)، و«الإيمان» لابن منده (ج1 ص405)، و«لوامع الأنوار» للسفاريني (ج1 ص405)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج1 ص63 و64 و65).

([36]) وهذا الفرقة برآسة: «ربيع المدخلي المرجئ»، ونائبه: «عبيد الجابري المرجئ»، ومن تابعهما على بدعة الإرجاء الخبيث، في «الفرقة الربيعية»!.

([37]) «التعليق المختصر على القصيدة النونية» (ج2 ص648).

([38]) ومراد الشيخ أن الشرط خارج عن ما هية الشيء، والعمل جزء من الإيمان لا خارج عنه.

     قلت: فالوضوء مثلا شرط في صحة الصلاة، لأنه خارج عن الصلاة، فالوضوء ليس داخلا في الصلاة فتنبه.

([39]) انظر: «أقوال ذوي العرفان» للسناني (ص42).

([40]) «مسائل في الإيمان» (ص16).

([41]) انظر «أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر» (ص11).

([42]) انظر «أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر» (ص12).

([43]) انظر «أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر» (ص13).

([44]) كـ«منصور السماري»، وغيره، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

([45]) «التعليق المختصر على القصيدة النونية» (ج2 ص645).

([46]) وهذا الأمر في: «منصور السماري» فإنه لم يعرف بطلب العلم على يد علماء السنة، وليس له مشيخة في العلم، إنما أخذ العلم من العلم الآكاديمي من الجامعة، ومن الكتب، وظن أنه عالم، وهو متعالم في العلم، لذلك أرتكز في بدع كثيرة في الاعتقاد والمنهج، والشريعة، والدعوة.

     قال الشيخ العلامة ابن باز / في «مسؤولية طالب العلم» (ص7): (المعروف: أن من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه). اهـ

([47]) «التعليق المختصر على القصيدة النونية» (ج2 ص639).

([48]) «الفتاوى» (ج7 ص195).

([49]) «الفتاوى» (ج7 ص195).

([50]) «الفتاوى» (ج7 ص195).

([51]) «الفتاوى» (ج7 ص195).

([52]) «الفتاوى» (ج7 ص204).

([53]) «الفتاوى» (ج7 ص204).

([54]) «الفتاوى» (ج7 ص195).

([55]) «الفتاوى» (ج7 ص196).

([56]) «الفتاوى» (ج7 ص204)، وما بعدها.

([57]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي عمر في «الإيمان» (ص96)، وحرب الكرماني في «المسائل» (ص373)، والآجري في «الشريعة» (ج2 ص640 و684)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج5 ص1000)، بإسناد صحيح.

([58]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (1027)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1594).

      وإسناده صحيح.

([59]) وهذا قول: «المرجئة الخامسة» تماما، وكذلك: «المرجئة السادسة».

([60]) أثر صحيح.

     أخرجه الكرماني في «المسائل» (ص377).

      وإسناده صحيح.

      وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص21).

([61]) ومن نهج طريق القرآن والسنة بفهم السلف الصالح في إثبات مسائل الإيمان، فهو سلفي، ومن حاد عنها واشتغل فيها بالطرق العقلية بعيدا عن الوحي، فهو مرجئ كائنا من كان، اللهم غفرا.

([62]) يشعرون بذلك، أو لا يشعرون هذه هي الحقيقة فتنبه.

([63]) قلت: وما علمت: «بالسماري» ذكر شيئا من الإرجاء قديما، ولكنه تكلم في الإرجاء حديثا، فزرع شرا عظيما؛ اللهم غفرا.

([64]) وذلك بقوله في أول آية من هذه السورة: ]فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم[ [الأنفال: 1].

([65]) يعني: يثبتون حقيقة الإيمان بالقول وحده.

([66]) وقد جاءت ردود بعد الفتوى مؤيدة لها من أهل العلم شهدوا للجنة الدائمة وفقها الله بإصابة الحق، ووجاهة النقد، ووضوح الرد العلمي من الأدلة النقلية التي تنير الطريق، وتقوم بها الحجة.

     راجع: «أشرطة مسجلة»، بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي»، الجزء الأول، والثاني، والثالث، والرابع.

([67]) والأولى به الإذعان للحق، وإعلان رجوعه عن هذا المعتقد الفاسد لقطع دابر فتنة نفسه، اللهم غفرا.

([68]) وللعلم فإن: «السماري» هذا ممكن أن يتكلم على طلبة العلم الذين يخالفونه، حتى من لم يوافقه على مسائل فقهية، أو في تصحيح حديث، أو تضعيفه، مثل: «صوم عرفة»!.

([69]) فعلى: «منصور السماري» أن يدرس العقيدة الصحيحة في مسائل الإيمان، وغير ذلك، إذا أراد لنفسه النجاة، ولا يكابر أكثر من ذلك، ويتمادى في أباطيله.

([70]) «مسائل في الإيمان» (ص16).

([71]) ولعل الله تعالى أوقعه في هذا الخطأ، ليعرف ضعفه في علم العقيدة، فيتدارك هذا الضعف بالرجوع إلى العلماء الراسخين في العلم، بدلا أن يظل مفتخر بما عنده من العلم الذي يسخر به على طلبة العلم، وغيرهم بألفاظ لو وصف بها للبسته لبوسا لا تنفك عنه، فكيف يتهم بها غيره؟!.

     قال تعالى: ]فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم[ [غافر: 83].

     قلت: فعليه أن يعلن رجوعه عن خطئه، وهو طريق أهل العلم، اللهم غفرا.

     * سئل العلامة الشيخ ابن باز /: إذا سئل شخص عن مسألة فأفتى فيها، وبعد مدة تبين له أن ما أفتى به غير صحيح فماذا عليه أن يفعل؟.

     فأجاب فضيلته: (عليه أن يرجع إلى الصواب، ويفتي بالحق، ويقول أخطأت ... فالرجوع إلى ما يعتقد العالم أنه الصواب، والحق أمر معروف، وهو طريق أهل العلم والإيمان، ولا حرج في ذلك، ولا نقص بل ذلك يدل على فضله، وقوة إيمانه، حيث رجع إلى الصواب، وترك الخطأ). اهـ

     انظر «مسؤولية طالب العلم» (ص44).

([72]) وليس هذا الانحراف في أوساط الجهال من المسلمين فقط، بل يقع فيه كثير من المتفقهين، والمنتسبين إلى العلم، ولا سيما المنخرطين في سلك حب الظهور عن طريق التأليف وغيره، وما أكثرهم في بلدان المسلمين، اللهم سلم سلم.

([73]) فلا يستطيع أن يميز بين الخير والشر، وعلى هذا فلا بد من مواقعة الشر.

     والشاعر الحكيم يقول:

عرفت الشر لا للشـ ... ــــــــر لكن لتوقيه

ومن لا يعرف الشر ... من الخير يقع فيه

([74]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص523)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص450)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص504)؛ من حديث ثوبان t.

([75]) وقد اعتصموا بهذه العقيدة، وارتبط الإيمان عندهم بالعمل وفق الكتاب والسنة ومنهج السلف.

([76]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص16)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص88).

([77]) والإيمان له أهمية بالغة في حياة المسلم، فيجب دراسته: دراسة علمية، منهجية أثرية مركزة.

([78]) أثر صحيح.

     أخرجه الجوهري في «مسند الموطأ» (ص584)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص10)؛ عن الإمام مالك /قال: (كان وهب بن كيسان يقعد إلينا، ثم لا يقوم أبدا، حتى يقول لنا: إنه لا يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن خلفون في «أسماء شيوخ مالك» (ص33).

([79]) وهو: «منصور السماري» هداه الله إلى الحق.

([80]) وكذلك بيان حقيقة من طعن في علماء أهل السنة والجماعة.

([81]) إذا عرفت هذا، عرفت لماذا قال: «السماري المرجئ»، أيضا باعتقاد: «المرجئة» في عدم ذهاب الإيمان بالكلية.

([82]) ونفور: «ربيع المدخلي» من النقصان واضح وضوح الشمس في الظهيرة، وهذا يعرفك لماذا: «ربيع المدخلي» شن الحرب على نقص الإيمان بالكلية.

([83]) ولا يفهم من كلامي هذا أني أقول إن: «المرجئة الخامسة» قد وافقوا «المرجئة الخالصة» الأوائل في جميع مسائل الإيمان، وإنما أقول إن القوم بينهم، وبين: «المرجئة الأوائل» توافق أدى إلى اتحاد الأدلة المشتبهة، والقول في حكم تارك جنس العمل الذي ظاهره قول السلف، وباطنه قول الخلف!!!، وغير ذلك من مسائل الإيمان.

([84]) وانظر: «كشف ربيع البالي» (ص87 و235).

([85]) أثر حسن.

     أخرجه الفريابي في «صفة المنافق» (93)، ومن طريقه الذهبي في «السير» (ج11 ص162)، بإسناد حسن.

([86]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (1009)، بإسناد صحيح.

([87]) «شرح السنة» له (ص123).

([88]) كـ«المدخلي» الذي لا يميز بين مذهب السلف، وبين مذهب: «المرجئة» في مسائل الإيمان، لاختلاط هذا بهذا عليه، وهو يدعي أنه معظم للسلف، وأهل الحديث، والله المستعان.

([89]) قلت: فلم يبرأ: «المدخلي» من الإرجاء بذلك، لأنه وافق السلف في المقولة لفظا، وخالفهم في حقيقة المذهب معنى، فلم تتحقق فيه شروط البراءة من الإرجاء، وكذلك: «الجابري»، فافطن لهذا.

([90]) وكذلك: «المرجئة السادسة».

([91]) الأفضل، أن يقال: «أن فعل قوم لوط عليه السلام»، فينسب الفعل إلى: «قوم لوط»، فتنبه.

([92]) «فتاوى في العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص17).

([93]) «المنتقى» (ج1 ص9).

([94]) انظر: «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج1 ص522).

([95]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا العثيمين (ص169)؛ كتاب: «الإيمان».

([96]) انظر: «الدرر السنية» (ج2 ص350).

([97]) انظر: «الدرر السنية» (ج11 ص545).

([98]) انظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج1 ص97).

([99]) انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص249 و250).

([100]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص61 و62).

([101]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص28 و29)، وفي (ج2 ص722 و727)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1219 و1220)، وأبو داود في «سننه» (ج3 ص243)، والترمذي في «سننه» (ج3 ص502)، والنسائي في «السنن الكبرى» (5219)، وفي «السنن الصغرى» (ج7 ص241)، وفي «الإغراب» (ص278)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1318 و1319)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص269 و270).

([102]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص532)، و(ج11 ص308)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص68 69)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص339)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص659).

([103]) حديث صحيح.

     أخرجه الترمذي في «سننه» (ج5 ص211)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1314)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص245)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص127 و128).

     وإسناده صحيح.

([104]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج6 ص103).

([105]) يعني: من ترك النطق، بـ«لا إله إلا الله»، يكفر عنده، لأنه قامت عليه الحجة، وقد بين ذلك بنفسه في مقاله هذا.

([106]) وهذا يدل على أن هذا: «العبد»، عند: «السماري»، لو ترك: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصوم»، و«الحج»، وغير ذلك من فروض الدين، فلا يكفر عنده؛ إلا بعد العلم، يعني: إلا بعد إقامة الحجة، كما بين ذلك بنفسه، وهذا قول : «المرجئة» في: «مسألة العذر بالجهل».

     * بل يسمى هذا: «العبد» موحدا!، فإذا كان من الموحدين عندك، فهو لا بد أن يعلم أن هناك أعمال مفروضة عليه، يجب أن يؤديها في حياته.

     * فكيف لا يكفر من ترك الفروض بالكلية، بل يكفر، لأنه ترك: «جنس العمل» بالكلية، وإن نطق بـ«لا إله إلا الله»، وهذا أجمع عليه أهل العلم.

([107]) قوله: «هذا بالإجماع»، هذا من الكذب في العلم، لأنه لا يوجد؛ أي: إجماع على أن من ترك: «جنس العمل»، أنه لا يكفر.

     * بل الإجماع على خلافه، وأنه يكفر إذا ترك: «جنس العمل»، وإن نطق بـ«لا إله إلا الله»، وسوف يأتي الرد عليه بالتفصيل.

([108]) وهذا من كذبه على هؤلاء الأئمة، في ادعائه بهذا الإجماع، بل هؤلاء الأئمة، مع إخوانهم الأئمة من أهل الحديث، في تكفير من ترك العمل بالكلية.

     * والأبواب التي أشار إليها: «السماري» هذا، قد تكلموا عن الإسلام، وهو له أصول وفروع، ولم يتطرقوا هنا إلى ترك الأعمال بالكلية، ويأتي الرد عليه.

([109]) قلت: الإمام المروزي / هنا؛ ينقل قول أهل العلم، في تفصيلهم في الكفر بالله تعالى، والإيمان به، وذلك قبل نزول الفرائض والشرائع: ابتداء في بداية الإسلام، خاصة في مكة، وأن من قال: «لا إله إلا الله»، يكفي أنه مؤمن بالله تعالى، ولا يكفر، وإن لم يؤد الفروض، لأنها لم تنزل بعد، فلا يكفر وإن جهلها، لأنها في الأصل غير معلومة للناس.

     * ثم وإن نزلت، ولم يعلم بها البعض، فلا يكفرون حتى يعلموا، هذا ابتداء، لأنهم سوف يعلمون بها بعد ذلك، كما حصل لجميع الصحابة y؛ بعد نزول الشرائع فعلموا بها، وأدوها لله تعالى، فهذا لا يبنى عليه حكم في هذه الفترة، لأن في بداية الإسلام.

     * والأصل هنا: أن الحكم على ما نحن فيه الآن، وقد أكمل الله تعالى الدين، ونزلت الفرائض، والشرائع كلها، فمن تركها، فقد كفر، ولا يعذر بجهله، لأن قامت عليهم الحجة.

     قال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة:3].

     وانظر: «الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص431 و509 و521).

([110]) وهذا الكلام نقله الإمام المروزي /، عن طوائف من أهل العلم، مع مناقشته لهم، ونقل لهم كلاما قبله، وبعده، وهو يتكلم: عن الفرق بين: «الإسلام، والإيمان»، وعن: «الكفر، والشرك»، وعن: «العمل، والإيمان»، وعن: «الكفر الأكبر، والكفر الأصغر»، وعن: «التصديق، والإقرار»، و«الكفر، والإيمان»، وعن: «حال المسلمين قبل نزول الفرائض»، وغير ذلك.

     وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص506 و510 و513 و516 و519 و522 و524).

     * ولم يخطر ببال أهل العلم في شرحهم، لمسائل الإيمان، أن يذهبوا، بما ذهب به: «السماري» هذا، أن من ترك الفرائض كلها، ونطق: بـ«لا إله إلا الله»، فهو: مسلم موحد في الدين، فلم يخطر ببالهم ذلك.

([111]) وهذا الموضع من كلام الإمام المروزي، وغيره: نقله أيضا، شيخ الإسلام ابن تيمية / في كتابه: «الإيمان الكبير» (ص599)، من أجل تحرير: مسائل كثيرة في «الإيمان»، في الفرق بين: «الإسلام، والإيمان»، و«تبيين حال المسلمين قبل نزول الفرائض، وبعد نزولها مختصرا»، في بداية الإسلام فقط، ولم يذكر ما ذكره: «السماري» هذا من ترك: «جنس العمل» أنه لا يكفر!، وهذا الحكم فصله أهل العلم في مواطن أخرى من كتبهم.

([112]) انظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص520).

([113]) وهذا يدل على أن: «السماري» هذا، لا يكفر؛ إلا بالجحود، وكذلك؛ لا يكفر العبد عنده، إلا بعد إقامة الحجة عليه، فهو يعذر من ترك الفرائض كلها، ولا يكفره: حتى في دار الإسلام على طريقة: «المرجئة» في: «مسائل العذر بالجهل»، وسوف يأتي الرد عليه.

([114]) وهذا الحديث: عمدته في ترك الشرائع، والنطق فقط: بـ«لا إله إلا الله»، ويحكم بإسلامه!.

     * فترك جميع أدلة القرآن، والسنة، والآثار، والإجماع، على فعل الأعمال، وذهب يستدل بحديث في آخر الزمان، وهو حديث ضعيف أيضا، لا يحتج به، بترك الفرائض والشرائع، وهذا هو الضلال المبين، في الدين.

([115]) أخرجه ابن ماجه في «سننه» (4049).

     * ويأتي تخريجه على التفصيل، وأنه حديث منكر.

     وهذا الحديث على فرض صحته: يدل على أنهم في دار الإسلام.

([116]) وهذا يدل على أنه يعذر بالجهل في: «المسائل الظاهرة»، والتي هي: «معلومة بالضرورة» في الدين، وأن العبد إذا تركها لا يكفر عند «السماري».

     والأصل عنده: النطق بكلمة: «التوحيد» فقط، دون العمل بمقتضاها، وهذا قول: «المرجئة» تماما.

([117]) وهذا واضح أنه: «مرجئ» خبيث.

([118]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص88)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص54)، والآجري في «الشريعة» (133) من حديث جابر بن عبد الله t.

([119]) وهذا يدل أنه في: «دار الإسلام»، يعذرهم بجهلهم، في ترك فرائض الدين، إذا قالوا: «لا إله إلا الله» فقط.

([120]) فلا يكفر عنده، إلا بالجحود، بمثل: «المرجئة» تماما.

([121]) «قناة وصال»، لقاء مع: «منصور السماري»، بعنوان: «حقيقة التوحيد»، وهو منقول لنا، في سنة: «1442هـ».

([122]) لذلك: يجب أن نتعرف على علماء السنة، ونسأل عنهم: في البلدان، للرجوع إليهم في أحكام الدين، لقوله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43].

     * فهذا هو الأصل: الذي يجب سلوكه، وإشاعة نوره في الدين.

     * وما ضل من ضل: من الشباب المسكين؛ إلا بسبب أنهم؛ اتخذوا لهم: رؤساء جهالا، لا يفقهون من الدين؛ إلا ما يحلوا لهم، وغاية ما عند هؤلاء الجهال من العلم، إنما هو مجرد ثقافات أشتات، ليس لها أي صلة بالدين.

     * وهذا الذي وقع فيه: الشباب الضائع، هو الذي حذر منه الرسول ﷺ: من اتخاذ رؤوس جهال، يفتون بغير علم؛ فيضلون، ويضلون.

([123]) وانظر: «الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص220).

([124]) وهذا افتراء على أهل العلم، بل يكفر من ترك الأركان.

([125]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج1 ص47)، و«عمدة القاري شرح صحيح البخاري» للعيني (ج1 ص128)، و«إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» للقسطلاني (ج1 ص148)، و«فتح الباري في شرح صحيح البخاري» لابن رجب (ج1 ص11)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج1 ص59).

([126]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن محرز في «معرفة الرجال» (ص235 و356).

     وإسناده صحيح.

([127]) قلت: لو ظفر الإمام المروزي؛ بأي: رجل من الصحابة الكرام خالف الإجماع لذكر ذلك.

([128]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص21).

([129]) انظر: «مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص21).

([130]) «مسائل في الإيمان» (ص18).

([131]) «مسائل في الإيمان» (ص19).

([132]) «مسائل في الإيمان» (ص29).

([133]) «مسائل في الإيمان» (ص23).

([134]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (23) من حديث طارق بن أشيم الأشجعي t.

([135]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1186) من حديث عتبان بن مالك t.

([136]) أخرجه مسلم في «صحيحه» بهذا اللفظ (21) من حديث جابر بن عبد الله .

([137]) «مسائل في الإيمان» (ص38).

([138]) وهذا الاعتقاد الفاسد من «السماري»؛ هو: توهيم الناس، وتلبيس لهم.

([139]) وانظر في كتابي: «القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة» (ص131)؛ باب: ذكر الدليل على تفنيد دعاوى: «ربيع المدخلي» في تشنيعه على أهل السنة والجماعة في ذكرهم جنس العمل، ولتكفيرهم بتركه.

([140]) انظر: «الانتصار في فتاوى العلماء الكبار» جمع: أبي معاذ السلفي، (ص81)، و «شريط مسجل» بصوت الشيخ، بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الأول، وجه (أ).

([141]) انظر: «الانتصار في فتاوى العلماء الكبار» جمع: أبي معاذ السلفي، (ص84)، و «شريط مسجل» بصوت الشيخ، بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الأول، وجه (أ).

([142]) انظر: «الانتصار في فتاوى العلماء الكبار» جمع: أبي معاذ السلفي، (ص93)، و «شريط مسجل» بصوت الشيخ، بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الأول، وجه (أ).

([143]) انظر: «الانتصار في فتاوى العلماء الكبار» جمع: أبي معاذ السلفي، (ص97)، و «شريط مسجل» بصوت الشيخ، بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الثالث، وجه (ب).

([144]) انظر: «الانتصار في فتاوى العلماء الكبار» جمع: أبي معاذ السلفي، (ص110)، و «شريط مسجل» بصوت الشيخ، بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الثالث، وجه (ب).

([145]) وانظر: «الانتصار في فتاوى العلماء الكبار» جمع: أبي معاذ السلفي، (ص111)، و «شريط مسجل» بصوت الشيخ، بعنوان: «أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي» الجزء الثالث، وجه (ب).

([146]) وانظر: «الانتصار في فتاوى العلماء الكبار» جمع: أبي معاذ السلفي، (ص21)، و «شريط مسجل» بصوت الشيخ، بعنوان: «الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان».

([147]) وانظر: كتابي: (القناعة في تبيين شذوذ زيادة «لم يعملوا خيرا قط» في حديث الشفاعة).

([148]) قلت: فالرجل ظهر منه أنه يجازف في أحكام الدين عن غير علم وبرهان، بل بالظنون والتهور المفرط، والله المستعان.

([149]) قلت: وهذا الاضطراب والتناقض يدل على فساد معتقده ومنهجه في: «مسائل الإيمان»، لأن معتقد أهل السنة والجماعة ليس، فيه؛ أي: اضطراب وتناقض.

([150]) لذلك فانتبه أيها المسلم لشبه «السماري»، فإنه يتشبث بخيوط العنكبوت، لتقرير مذهبه في: «الإرجاء».

([151]) وهؤلاء: لم يكلفوا أنفسهم بالبحث لأقوال: «السماري»، حتى يعرفوا التلبيس، بل يعرفوا خطورة ما تفوه به «السماري» في معتقد أهل السنة والجماعة في: «مسائل الإيمان».

([152]) بخلاف قول: «السماري» الذي لا يكفر تارك: «جنس العمل»!.

([153]) وذلك: بقوله تعالى؛ في أول آية من هذه السورة: ]فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم[ [الأنفال:1].

([154]) يعني: يثبتون حقيقة الإيمان بالقول وحده.

([155]) فمن بدع: «المرجئة» أن الأعمال عندهم لا تدخل في مسمى الإيمان، لأنهم يعتقدون أن الأعمال شرط كمال في الإيمان، فهي شيء زائد عندهم عن الإيمان، والله المستعان.

     وانظر: «التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية» للشيخ الفوزان (ص145).

([156]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

     قلت: وهذه المقولة الحادثة انتشرت بين أتباع: «ربيع المدخلي» في «شبكة سحاب» سابقا وغير ذلك، والله المستعان.

([157]) «مسائل في الإيمان» (ص16).

([158]) نقلا من «التعليق على فتح المجيد شرح كتاب التوحيد» الشريط الثاني أول وجه الثاني.

([159]) انظر: «أقوال ذوي العرفان في أن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان» للسناني (ص144).

([160]) انظر: «المصدر السابق» (ص145).

([161]) و«السماري» دخلت عليه الشبهة التي دخلت على: «المرجئة» في السابق، فلم يستطع التخلص منها إلى الآن، اللهم غفرا.

([162]) ومن خطأ بعض: «المرجئة» في هذه المسألة من المعاصرين المنتسبين للسلف؛ أنهم يصفون المخالفين من أهل السنة والجماعة بالخوارج، وهذا فيه تجن على السلف من جهتين.

     الأولى: أنهم نسبوا إلى السلف ما ليس من مذهبهم.

     الثانية: أنه يلزم على ذلك الطعن في السلف الصالح، لأن ما زال السلف يدخلون العمل في مسمى الإيمان، و«المرجئة» لا يدخلون العمل في مسمى الإيمان.

([163]) انظر: «حقيقة الإيمان» (ص63).

([164]) إذا فالمتقرر عند أهل السنة والجماعة: هو تلازم الجوارح الظاهرة، وأعمال القلوب الباطنة، لا يمكن تصور وجود أحدهما دون الآخر.

([165]) «المنتقى» (ج1 ص9).

([166]) انظر: «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج1 ص522).

([167]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا العثيمين (ص169)؛ كتاب: «الإيمان».

([168]) أثر صحيح.

     أخرجه حرب بن إسماعيل الكرماني في «المسائل» (ص377).

    وإسناده صحيح.

([169]) انظر: «الدرر السنية» (ج2 ص350).

([170]) «فتاوى الأئمة النجدية» (ج1 ص97).

([171]) انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص616).

([172]) انظر: «التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان» لابن سوف (ص42).

([173]) وقد فصلت القول في ذلك في كتابي: (القناعة في تبيين شذوذ زيادة «لم يعملوا خيرا قط» في حديث الشفاعة)، ولله الحمد والمنة.

([174]) قلت: لأن أقوال هؤلاء بعيدة عن التأصيل العلمي، بل بعيدة كل البعد عن منهج السلف، عصمنا الله وإياكم من الهوى.

([175]) قلت: فوجب درء فتنة: «فكر الإرجاء» المعاصر، بوقفة صادقة حيال ذلك، مع عدم إغفال الطرف الآخر وهو فكر الخوارج.

     قلت: وللأسف فإن الأجيال القادمة ستدفع ضريبة باهظة حين تستشري تلك الأفكار، وتجد من يروج لها في بلاد الإسلام، اللهم سلم سلم.

([176]) وانظر: «الصلاة وحكم تاركها» لابن القيم (ص41 - 42)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص836)، و«معارج القبول» للحكمي (ج3 ص1016)، و«التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية» للشيخ الفوزان (ص149)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص72)، و«المفهم» للقرطبي (ج1 ص317).

([177]) قلت: فهل بعد هذا البيان يأتي من يقرر خلاف ذلك، وينسبها إلى السلف زورا وبهتانا، اللهم غفرا.

([178]) كما أخذ «ربيع المدخلي» عقيدة المرجئة من كتب أهل الكلام، كقوله عن الخلاف الذي وقع بين أهل السنة، وبين أهل الإرجاء بإنه لفظي صوري!

     قلت: وهذا القول قول أهل الكلام من: «الماتريدية» وغيرهم يزعمون فيها أن الخلاف في هذه المسألة لفظي وليس حقيقيا.

     * انظر: إلى كتب أهل الكلام في هذه المسألة منها: «حاشية الكستلي على النسفية» (ص158)، و«قواعد في علوم الحديث» للتهانوي (ص235)، و«فيض الباري» للكشميري (ج1ص59)، و«النبراس شرح العقائد» للفرهاري (ص405)، و«المسامرة شرح المسابرة» لابن أبي شريف (ص373).

 

([179]) يعني: بالدليل من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.

([180]) وكذلك «المرجئة العصرية» يعيبون أهل السنة في تكفير تارك: «جنس العمل»؛ فهؤلاء قوم سوء، والعياذ بالله.

([181]) إذا عرفت هذا، عرفت لماذا قال: «منصور السماري»، باعتقاد: «المرجئة» في عدم ذهاب: «الإيمان» بالكلية، لمن ترك الفرائض كلها.

([182]) أخرجه ابن ماجه في «سننه» (4049).

([183]) فانظر إلى هذا التباين، والتضاد في أقواله في: «مسائل الإيمان»، وهذا التقسيم من كيسه، لم يثبت، هذا التقسيم، عند أئمة أهل الحديث.

     قلت: وهذا الكلام يدل على أن: «البراءة من الإرجاء»، لا تحصل؛ إلا بالموافقة التامة للسلف الصالح في الحكم، واللفظ، والمعنى، جملة وتفصيلا، فافطن لهذا ترشد.

     إذا العبرة بالحقائق، لا بالألفاظ.

([184]) يعني: التلفظ: بـ«لا إله إلا الله» فقط، دون تأدية الفرائض في الدين، وهذا مذهب: «المرجئة» تماما.

([185]) أخرجه البخاري في «صحيحه»؛ كتاب: «الصوم»، باب: «إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء»، برقم (1936)، ومسلم في «صحيحه»؛ كتاب: «الصيام»، برقم (1111).

([186]) «التواصل المرئي»، محاضرة عن: «العذر بالجهل في الدين»؛ لمنصور السماري، نقلت لنا، في سنة: «1442هـ».

([187]) وهو: حديث منكر، لا يحتج به، وسوف يأتي تخريجه.

([188]) يعني: لفظ" «قبل أن تجيء»، فهو حديث ضعيف شاذ، لا يصح، وقد انفرد به ابن ماجه في «سننه» (1114).

([189]) انظر: «زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص434 و435).

([190]) وانظر: «زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص434 و435)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص461)، و«التذكرة بمعرفة رجال الكتب العشرة» للحسيني (ج3 ص1617).

([191]) إذا، انفرادات الإمام ابن ماجه في «سننه»، لا بد من النظر فيها، فلا يحتج بها، بدون تثبت، فلا بد من البحث فيها؛ فلا يفعل طالب العلم، بمثل: «المدعو منصور السماري»، الذي يروي الأحاديث للناس، بالتقليد الأعمى.

     قلت: فالحفاظ، لا يحتجون بما يخالف ابن ماجه فيه، ويتجنبون ما يتفرد به في الحديث.

([192]) يعني: الإمام ابن ماجه /.

([193]) فنصيحتي: لطلبة العلم، بهذا الأصل في علم الحديث.

([194]) فليتأمل هذا من يأخذ العلم، من هذا المتعالم، خاصة الاعتقاد، حتى يعرف الحق من الباطل، وصدق القول، من الخبر العاطل!، وإلا: ]فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض[ [الرعد:17].

     * فهذا السماري: لا وزن له في العلم، ولا قيمة له في الدين، فافهم لهذا.

([195]) فهذا منكر من القول، تبطله دلالة الحديث، وتبين فساده.

([196]) وهذا كله، يدل دلالة أكيدة على بطلان، ما قاله: «السماري» هذا في شرحه للحديث، واستدلاله به على: «مسألة العذر بالجهل» في الدين.

([197]) فنرى، أن هذا اللفظ، لا حجة له فيه على تقريره: «للعذر بالجهل».

([198]) فهذا: لا يدري ما يخرج من رأسه، تعرف وتنكر!.

([199]) والنظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج25 ص220 و228)، و«شرح العمدة» له (ج1 ص284 و340)، و«المغني» لابن قدامة (ج4 ص372)، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج6 ص421)، و«مجالس شهر رمضان» له (ص158 و159)، و«زاد المعاد» لابن القيم (ج2 ص59 و60)، و«الفروع» لابن مفلح (ج5 ص40 و60)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج15 ص288 و310)، و«فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية» (ج10 ص300 و326).

([200]) قلت: فكيف يجزم: «السماري» بهذا الحديث، على العذر بالجهل، لمن ترك الفرائض، ونطق بـ«لا إله إلا الله» فقط، أنه مسلم: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

([201]) فالسماري: يقع فيما، لا يخفى على صغار طلبة العلم، وهذا يقدح بعدالة هذا الرجل، فإنه أتى بمناكير، وعجائب في الاعتقاد، فهو ليس بمرضي في الدين.

([202]) أخرجه مسلم في «صحيحه»؛ كتاب: «الصيام»، (1112).

([203]) البهرج: هو الباطل الردئ.

([204]) الزغل: هو البهرج.

([205]) صلف: شديد صعب.

([206]) قلت: فالسماري: يحرص على نشر العلم، دون ضبط، وإتقان في الدين، فهو: «حاطب ليل»، نعوذ بالله من الخذلان.

([207]) أثر صحيح.

     أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (ج2 ص102).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج4 ص806).

([208]) انظر: «ثمار القلوب» للثعالبي (ص514).

([209]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص235)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج2 ص143)، والحاكم في «المدخل» (4)، والخطيب في «نصيحة أهل الحديث» (ص32)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص133)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص206).

     وإسناده صحيح.

([210]) عن الإمام شعبة بن الحجاج / قال: (لا يجيئك الحديث الشاذ، إلا من الرجل الشاذ).

أثر صحيح

       أخرجه ابن عدي في «الكامل» (ج1 ص81)، والخطيب في «الكفاية» (395).

      وإسناده صحيح.

     وذكره ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص65).

     قلت: فلا يقبل حديث من كثرت الشواذ والمناكير في حديثه.

     وانظر: «معرفة أنواع علم الحديث» لابن الصلاح (ص64).

([211]) هو: صلة بن زفر العبسي، صاحب حذيفة بن اليمان t.

     * وصلة بن زفر، ليس من رواة الحديث، بل كان جالسا، بينت ذلك، رواية: نعيم بن حماد.

([212]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج25 ص128 و132)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص472 و475)، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد (ج1 ص378).

([213]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص248).

     وإسناده صحيح.

     وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج25 ص132)، وابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج11 ص475).

([214]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الله بن أحمد في «العلل ومعرفة الرجال» (ج1 ص386).

     وإسناده صحيح.

     وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج25 ص128)، وابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج11 ص472).

([215]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص245).

     وإسناده صحيح.

([216]) انظر: «تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص126).

([217]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص247).

     وإسناده صحيح.

([218]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص249).

     وإسناده صحيح.

     وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج25 ص132).

([219]) هو محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، وهو: «ثقة حافظ».

     انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص885).

([220]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج25 ص128 و132)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص472 و475).

([221]) فهذا خطأ في المطبوع، والصواب: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، فتحرف: اسم «أحمد» إلى: «محمد» في «المستدرك».

     انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص51)، و«إتحاف المهرة» له (ج4 ص278).

([222]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص131)، و«تقريب التهذيب» له (ص93).

([223]) وهنا: وافق الثقات الحفاظ في وقفه، مما يدل أنه: الموقوف هو المحفوظ.

([224]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج14 ص183)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج9 ص140)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج15 ص644)، و«الكمال في أسماء الرجال» لعبد الغني المقدسي (ج9 ص173)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج30 ص446 و447).

([225]) وأبو عوانة، وهو وضاح بن عبد الله اليشكري، أحفظ.

([226]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج9 ص40)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج15 ص642).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج14 ص183)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج30 ص446).

([227]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج15 ص644).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج14 ص187).

([228]) وهو ثقة، من رجال: «الصحيحين».

     انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص228)، و«تقريب التهذيب» له (ص889)، و«التاريخ» لابن معين (551).

([229]) وهو من رجال مسلم.

     انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص299).

([230]) هذا ما علمت، ما فيه من نكارة المتن، واضطراب إسناده.

     قلت: وأبو معاوية يهم في الحديث، والحفاظ يختلفون فيه.

([231]) أثر صحيح.

      أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (774)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (260)، وفي «الكفاية» (396)، وفي «الجامع لأخلاق الراوي» (1331)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص300)، وأبو داود في «الرسالة» (ص29)، والسمعاني في «أدب الإملاء» (164).

      وإسناده صحيح.

 

([232]) وقد لا يصح السند، ويصح المتن من طريق أخرى، وهذا بحسب ثبوت أصول أهل الحديث في البحث العلمي.

([233]) وانظر: «فتح المغيث» للسخاوي (ج1 ص62)، و«الخلاصة» للطيبي (ص6)، و«التبصرة والتذكرة» للعراقي (ج1 ص107)، و«توضيح الأفكار» للصنعاني (ج1 ص234).

 

([234]) مثل؛ حديث: حذيفة بن اليمان t، الذي استدل: «السماري» على إرجائه، وهو مخالف لأصول القرآن، فهو: حديث منكر.

([235]) وهؤلاء: «المرجئة العصرية» خالفوا السلف؛ لتتبعهم متشابه الأقوال، والأدلة، بل سعوا؛ لتأييد رأيهم بذلك، اللهم غفرا.

([236]) ولا يهولنك: هذا القول، فإنه موروث عن متقدمي: «المرجئة»، من: «جهمية»، و«أشعرية»، و«ماتريدية»، و«كرامية».

([237]) ومن ثبت عنه المخالفة، للإجماع ممن يعتبر خلافه، فقد تقرر في أصول أهل الحديث: أنه لا عبرة بقول يخالف إجماعهم، مهما كانت منزلة القائل.

([238]) وانظر: «المدخل إلى الجامع في كتب الإيمان» للحمدان (ج1 ص99).

([239]) فعرفت أنه الحق: بما ظهر من الدليل الذي أقامه: أبو بكر الصديق t.

([240]) ولا فرق بين من تهاون في تأدية الزكاة، وبين من جحدها.

     وهذا الحكم ذهب إليه أبو بكر الصديق، والصحابة في قتال مانعي الزكاة.

([241]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

([242]) فلا حجة في هذا الخلاف، بعد إجماع السلف على كفر من ترك الزكاة.

([243]) وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص59)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361).

([244]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص349).

([245]) وانظر: «الإيمان» لأحمد (ص312)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج2 ص276)، و«الإيمان» للعدني (ص55)، و«أخبار مكة» للفاكهي (ج1 ص384).

([246]) وانظر: «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (ج1 ص98).

([247]) وانظر: «الإيمان» للإمام أحمد (ص258 و259)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003).

([248]) وانظر: «حكم تارك الصلاة» لشيخنا ابن عثيمين (ص53).

([249]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1523)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص450)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص405)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص3).

([250]) فما بالك بعد بعثة النبي ﷺ بالرسالة، فلا عذر؛ لأي: أناس في جميع الأزمنة، والأمكنة بجهلهم، إلى يوم الدين، لأن في الأصل قامت عليهم الحجة برسالة النبي ﷺ، والله تعالى تكفل بذلك إلى قيام الساعة، وهذا ظاهر.

([251]) إن وجدت هذا الأزمنة، والأمكنة التي يندرس فيها الإسلام؛ وإلا الإسلام باق إلى قيام الساعة.

([252]) يعني: ليس مطلقا، لجميع الناس، فقد خص: حديث عهد بالإسلام فقط، وقد استدل بحديث: حذيفة بن اليمان t، وهو حديث ضعيف.

     قلت: والحديث ليس فيه أن الناس هؤلاء، من حديث عهد بالإسلام، بل يدل على أنهم يعرفون الإسلام، وأدركوا آباءهم عليه، وهم: يقولون: «لا إله إلا الله»، ولكنهم: جهلوا أحكامها، فلم يعملوا بمقتضاها، وهذا على فرض صحته.

([253]) فهذا ليس بمثل قول: «منصور السماري» الذي يدعي أن العبد إذا ترك العمل بالكلية، أنه مسلم، واستدل بحديث: حذيفة بن اليمان t.

     * فشيخ الإسلام ابن تيمية /، استدل به على الإنكار فقط، وليس على ترك العمل بالكلية، فتنبه.

([254]) فحديث العهد بالإسلام؛ أي: أسلم حديثا، بخلاف من أسلم قديما، فهو غير معذور.

([255]) من نشأ ببادية، بعيدة عن بلاد المسلمين، وهذا بخلاف من كان في بلاد المسلمين.

([256]) وقد بينت في: «مسألة تكفير المعين»، و«مسألة العذر بالجهل» جملة وتفصيلا، في كتابي: «السيل المنهل على من عذر العبيد في وقوعهم في الكفر الأكبر، والشرك الأكبر بسبب الجهل». ولله الحمد.

([257]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص938)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص511)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (4100).

([258]) انظر: «تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص141 و142)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص659).

([259]) تنظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص1060)، و«جامع التحصيل في أحكام المراسيل» للعلائي (ص298)، و«تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» لأبي زرعة العراقي (ص345).

([260]) أثر صحيح.

     أخرجه الدوري في «التاريخ» (ج3 ص399)، وابن أبي حاتم في«المراسيل» (ص189).

     وإسناده صحيح.

([261]) انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج5 ص252)، و«التاريخ» لابن معين (ج1 ص203 و220)، و«معرفة الرجال» لابن محرز (ض107)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج4 ص274)، و«السؤالات» لمحمد بن عثمان (ص51)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج11 ص497)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص619 و620).

([262]) وانظر: «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» لأبي زرعة العراقي (ص345).

([263]) وانظر: «المجروحين» لابن حبان (ج2 ص56)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج11 ص498)، و«معرفة الرجال» لابن محرز (ص107)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص419 و420)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص222)، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج7 ص594)، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد (ص483)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج11 ص236)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص620 و621 و622)، و«السؤالات» لمحمد بن عثمان (ص51)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج5 ص252).

([264]) وقال الحافظ ابن المنذر في «الأوسط» (ج12 ص521): (ثابت عن عمر بن الخطاب).

     قلت: ولم يثبت، لضعف الإسناد، وهو منقطع، ولم يقع على اختلاف الحديث، واضطرابه في المتن، والسند، وأخذ على الظاهر.

([265]) انظر: «جامع التحصيل في أحكام المراسيل» للعلائي (ص298)، و«تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» لأبي زرعة العراقي (ص345)، و«التاريخ» للدوري (ج3 ص339).

([266]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص884)، و«تهذيب التهذيب» له (ج12 ص174).

([267]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج7 ص455 و456).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج12 ص175)

([268]) انظر: «معرفة الرجال» رواية: ابن محرز (ص160)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج5 ص1948)، و«التاريخ» للدارمي (ص63)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج2 ص607)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص113).

([269]) فمرة: «لم تفقه، وتزوجت»، ومرة: «كانت جارية له سوداء»، وهذا من الاضطراب في المتن.

([270]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص133)، و«تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» له (ص168 و169).

([271]) وهذا يدل على أن عمر t: حدها بالأدنى، بالجلد، والتغريب، ولم يعذرها بجهلها: بالكلية.

     * ثم هذا الأمر يكون من المستحيل، أن يقع من عمر t، من عدم الرجم، ما دام أنها اعترفت بالزنا، وهي محصنة، ولم يعذرها بجهلها، لأنه حدها بالأدنى، فلماذا لم يحدها بالرجم، والحد هذا ثبت في الشرع، وهي زانية، فهذا من الاستحالة أن يفعل عمر t ذلك.

     فعن أبي هريرة t؛ أن رسول الله ﷺ: (قضى فيمن زنى، ولم يحصن، بنفي عام، وبإقامة الحد عليه).

     أخرجه البخاري في «صحيحه» (6833).

     * والمراد: بإقامة الحد، ما ذكره في رواية: «جلد مائة».

     قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص159): (وفي الحديث: جواز الجمع بين الحد، والتغريب). اهـ

     يعني: الجلد من الحدود في الشرع.

     * والنبي ﷺ بين، أن الأمة إذا زنت يقام عليها الحد، من جلد، أو رجم على حسب.

     فعن أبي هريرة، وزيد بن خالد ﭭ، أن رسول الله ﷺ، سئل عن الأمة، إذا زنت، ولم تحصن؟ قال ﷺ: (إذا زنت فاجلدوها).

     أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص162)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح البخاري» (ص280).

([272]) ولعل يأتي تفصيل ذلك، في موضع آخر.

([273]) انظر: «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» لأبي زرعة العراقي (ص128)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص184)، و«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص64).

     قلت: وصحح إسناده الحافظ ابن الملقن في «البدر المنير» (ج8 ص637)، ولم يصب، لضعف الإسناد، ولم ينتبه للاختلاف فيه.

([274]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص113).

([275]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص64)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص84).

([276]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6829)، ومسلم في «صحيحه» (1691)، وأبو داود في «سننه» (4418)، وابن ماجه في «سننه» (2553)، والترمذي في «سننه» (1432)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7119)، وابن الجارود في «المنتقى» (812)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص211)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص47)، والشافعي في «المسند» (1571).

([277]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6829)، ومسلم في «صحيحه» (1691).

([278]) والبينة: لابد فيها، أن يشهد أربعة رجال عدول على فعل واحد.

([279]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص208).

([280]) الذي استدل به: «السماري» على عدم إقامة الحدود على الجهال في دار الإسلام!، إذا جهلوا بزعمه، يعني: يعذر بالجهل في هذه الأصول، وبعدم العلم.

([281]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص162)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح البخاري» (ص280).

([282]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص117).

([283]) لم يخرجه الإمام احمد في «المسند».

([284]) وهذا الحديث: عمدته في ترك الشرائع، والنطق فقط: بـ«لا إله إلا الله»، ويحكم بإسلامه!.

     * فترك جميع أدلة القرآن، والسنة، والأثار، والإجماع، على فعل الأعمال، وذهب يستدل بحديث في آخر الزمان، وهو حديث ضعيف أيضا، لا يحتج به بترك الفرائض والشرائع، وهذا هو الضلال المبين، في الدين.

([285]) أخرجه ابن ماجه في «سننه» (4049).

     * سبق تخريجه على التفصيل، وأنه حديث منكر.

     وهذا الحديث: يدل عنده أنهم في: «دار الإسلام»، وبلغهم: «التوحيد»، على فرض صحته!، فكيف يعذرون!.

([286]) أي: توحيد هذا عندهم، وهم: تركوا: «جنس العمل» بالكلية.

([287]) وما يدريك أنهم: لم يشركوا، لأن مثل: هؤلاء في الجهل البالغ، لابد: أن يقعوا في الشرك، والبدع، والمعاصي، وهذا مشاهد من هذا الصنف من الناس.

([288]) «شرح لمعة الاعتقاد» بصوت: منصور السماري، الجزء (2) في سنة: «1442هـ».

([289]) بـ«لا إله إلا الله»، والعقل والتمييز.

     وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص243 و244)، و«كشف الشبهتين» للشيخ ابن سحمان (ص91 و92)

([290]) وانظر: «الدرر السنية» (ج10 ص93 و95)، و(ج11 ص71 و75)، و«فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص122 و238 و240 و243 و244)، و«شرح كشف الشبهات» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص101)، و«حكم تكفير المعين» للشيخ إسحاق آل الشيخ (ص11 و12)، و«فتاوى وتنبيهات» للشيخ ابن باز (ص211 و213)، و«كشف الشبهتين» للشيخ ابن سحمان (ص91 و92).

([291]) «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص243 و244).

([292]) ومن أصول الدين: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصوم»، و«الحج»، وغير ذلك.

     قلت: وهؤلاء القوم، تركوا هذه الأصول الواضحة في الدين، فكيف يحكم بإسلامهم: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5].

     * فإيجاب أركان الإسلام، من الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة، فلا عذر لأحد، في تركها، لا بجهل، ولا بتأويل، ولا بشبهة، ولا بتقليد.

([293]) «مجموع الرسائل والمسائل» (ج1 ص657).

([294]) قلت: ولم يفعل المسلمون بإقامة الفرائض، في عهد النبي ﷺ، لأن ذلك قبل أن تنزل الفرائض، فلما فرضت عليهم، عملوا بها.

([295]) هنا: يزعم أنه يجب أن يدعو: المشرك، إذا وقع في الشرك، فيدعوه إلى التوحيد، ولا يتركه في الشرك، أو يقوم عليه الحجة.

     * ثم يتناقض، ويقول: أتركه، لا تدعوه إلى التوحيد واجعله مسلما، لأن بزعمه، إذا دعاه، ولم يستجب، فقد جعله: مشركا، وأدخله النار، إذا دعاه!.

([296]) هنا لم يعذره بالجهل، وكفره بالشرك.

([297]) ثم مباشرة، يعذر أهل المعاصي بعدم إقامة الحدود عليهم بسبب الجهل، حتى لو استحلوا المعصية، مثل: استحلال الزنا!.

     وبعد هذا؛ فما هي أحرى الأوصاف، بهذا: «السماري»، التضليل، والتلبيس، أم الجهل والغفلة، والتدليس!.

([298]) قصة: المرأة الزانية: قصة ضعيفة، لا يحتج بها في عدم إقامة الحدود، وقد سبق تخريج هذه القصة.

([299]) عند: «السماري»، يعذر بالجهل في دار الإسلام، وأنه لم تقم الحجة عليهم، بل ويؤخر العقوبات عليهم.

([300]) السماري: هنا، يعذر أهل الجاهلية، بما وقعوا من الشرك، رغم أن الله تعالى كفرهم، لأن الحجة قامت عليهم، والعقوبة قائمة عليهم في الدنيا والآخرة.

([301]) السماري: هنا، أوقع عليه الشرك، بإقامة الحجة عليه.

     ثم يتناقض، ويقول: لا تدعوه، اتركه مسلما، مع أنه يشرك بالله تعالى، فأي: تناقض أكبر من هذا!.

([302]) السماري: يجعل المشرك بالله تعالى، من أهل الإسلام، وأنه مسلم، فيعذره بالجهل.

     * بل جعل الدعوة إلى التوحيد، تضر هذا المشرك، وهي تنفعه!.

([303]) فجعل السماري، الذي يدعو المشرك، إلى التوحيد، مثل: الثور، الذي لا يفهم، ولا يعلم شيئا !.

     فانظر: إلى أي هوة سقط هذا الرجل، أبتلبيسه، وتضليله، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه، أم بضحالة عقله، واستفحال جهله!.

([304]) أين الدليل على هذا.

([305]) أين الدليل على ذلك.

([306]) الترك هذا، كان قبل أن تفرض الفرائض، فلا يبنى على ذلك، أي: حكم، قبل فرضها.

     * والأصل: الحكم يقع على ما نحن فيه في هذا الزمان، وقد نزلت جميع الشرائع، والفرائض، فلا يجوز تركها الآن، ومن تركها؛ فقد: كفر، وخرج من الملة.

([307]) «شرح لمعة الاعتقاد» بصوت: «منصور السماري»، الجزء: الرابع، في سنة: «1442هـ».

([308]) إن من كان هذا حاله حقيق، بأن يرثى مآله، ويطرح مقاله.

([309]) وهي: قصة ضعيفة، لا تصح، وهي ضد الأصول السلفية.

([310]) ففي بداية شرحه، لا يعذر الجاهل إذا وقع في الشرك، ثم يتناقض نفسه، ويعذره في أثناء شرحه، وقد بينا ذلك في نقده.

([311]) وهذا كلام ينطوي على تخليط، وتخبيط في شرح الأصول.

([312]) والله تعالى أقام الحجة على الكفار قبل بعثة النبي r، وبعد البعثة، وهذا بالإجماع.

([313]) بل ويتناقض: «السماري»، في إيقاع العقوبات على الجهال، في تركهم الأصول.

([314]) «المنتقى» (ج1 ص9).

([315]) انظر: «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج1 ص522).

([316]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا العثيمين (ص169)؛ كتاب: «الإيمان».

([317]) انظر: «الدرر السنية» (ج2 ص350).

([318]) «فتاوى الأئمة النجدية» (ج1 ص97).

([319]) فكيف يجزم بإسقاط أركان الإسلام عن هؤلاء الناس؛ ويزعم، أنهم: جاهلون بها، وعدم علمهم بفرضيتها في الإسلام!: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5].

([320]) وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص115)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج1 ص223)، و«تفسير القرآن» لابن تيمية (ج1 ص248 و252).

([321]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن تيمية (ج1 ص254).

([322]) قلت: ولا يعذرون بجهلهم؛ لأنهم أهملوا السؤال عن هذه الكتب المضلة، وعن أصحابها المبتدعة.

     والله تعالى يقول لهم: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43].

([323]) وانظر: «القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن» للشيخ السعدي (ص18).

([324]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص33)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص208)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص31)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص456)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص20)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص162).

([325]) يشير إلى حديث: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة»؛ وأنه في تكفير المتهاون في ترك الصلاة، لا في من تركها، وهو جاحد، فافهم لهذا.

([326]) السماري: هنا يكفر تارك الصلاة.

     * ثم يتناقض كعادته، ويقول: لا نكفر تارك الصلاة، إلا بعد إقامة الحجة عليه، ويقول: هو الراجح، يعني: عنده المسألة خلافية!.

([327]) يعني: إقامة الحجة على تارك الصلاة، حتى في دار الإسلام، فيما بين المسلمين!.

([328]) وأنت ما دخلت عليك شبهة، بل دخلت عليك شبهات: «المرجئة»، وما زلت تستدل بأدلة وشبهات: «المرجئة»، ولم تستطع أن تتخلص منها، والله المستعان.

([329]) وأنت لماذا لا تكفر تارك الصلاة، إلا بإقامة الحجة عليه بزعمك في دار الإسلام، فهذا خلاف الإجماع.

([330]) «شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث»؛ بصوت «السماري»، الجزء: «الثامن»، في سنة: «1442هـ». 

([331]) ولقد حذر أهل السنة من تناقضات المبتدعة، وكشفوها، وبينوها للناس.

([332]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

([333]) أثر صحيح.

     نقله ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص22)، وابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

([334]) وانظر: «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (ج1 ص98).

([335]) وانظر: «الإيمان» للإمام أحمد (ص258 و259)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003).

([336]) وانظر: «حكم تارك الصلاة» لشيخنا ابن عثيمين (ص53).

([337]) يعني: الصلاة.

([338]) قلت: فلا تتركوا الصلاة متعمدين، فمن تركها متعمدا، فقد خرج من الملة، والعياذ بالله.

([339]) وانظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي (ج2 ص658 و659 و660)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج7 ص162)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص55)، و«كشف الخفاء» للعجلوني (ج1 ص348)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003 و1006)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص76).

([340]) وانظر: «التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص238).

([341]) قلت: واختلاطه لم يكن بالفاحش، وهذا لا يضر في الجملة.

    قال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج6 ص351) عن الجريري: (وهو مختلط، ولم يكن اختلاطه اختلاطا فاحشا، فلذلك أدخلناه في الثقات). اهـ

([342]) انظر: «هدي الساري» لابن حجر (ص425)، و«شرح العلل» لابن رجب (ص313).

([343]) انظر: «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص112)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص85).

([344]) انظر: «سؤالات الآجري» (339).

([345]) يعني: عبد الله بن شقيق العقيلي.

([346]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص128 و611 و621)، و«الفوائد» لابن القيم (ص283)، و«الشريعة» للآجري (ص135)، و«مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص34).

([347]) فعرفت أنه الحق: بما ظهر من الدليل الذي أقامه: أبو بكر الصديق t.

([348]) ولا فرق بين من تهاون في تأدية الزكاة، وبين من جحدها.

     وهذا الحكم ذهب إليه أبو بكر الصديق، والصحابة في قتال مانعي الزكاة.

([349]) بزاخة: ماء لطيء، أو لبني أسد، كانت فيه وقعة عظيمة، في أيام أبي بكر الصديق t.

     انظر: «معجم البلدان» للحموي (ج1 ص408)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص210).

([350]) الحرب المجلية: المخرجة عن المال، والدار.

     السلم المخزية: الصلح، والقرار على الذل والصغار.

     ودى القتيل يديه: إذا أدى ديته.

     تدونهم؛ أي: تدون ديتهم.

     انظر: «نسخة الإمام ابن الصلاح، للجمع بين الصحيحين» للحميدي (ج1 ص131).

([351]) الحلقة والكراع: يعني: الخيل والسلاح.

     انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج28 ص558).

([352]) قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص210): (كذا ذكر البخاري: هذه القطعة من الخبر مختصرة، وليس غرضه منها؛ إلا قول أبي بكر t). اهـ

([353]) تتبعون أذناب الإبل: تبقون مع إبلكم في الصحاري ترعونها.

([354]) يري: بعد التشاور.

([355]) أمرا يعذرونكم به: رأيا، وحكما، يكون سببا لقبولكم، والعفو عنكم.

     وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص210).

([356]) تتبعون أذناب الإبل: تبقون مع إبلكم في الصحاري ترعونها.

([357]) تتبعون أذناب الإبل: تبقون مع إبلكم في الصحاري ترعونها.

([358]) قلت: فلم يقبل t الصلح، مع مانعي الزكاة، إلا بالحرب المجلية، والسلم المخزية.

     * فلم يقبل t: توبة المرتدين، إلا بهذه الشروط.

([359]) مع أنهم: مقرون بوجوب الزكاة، غير جاحدين لها.

([360]) والمرجئة العصرية: يفرقون بين مانعي الزكاة، وبين المرتدين، في قتال الصحابة y لهم.

     بل الذين منعوا الزكاة، هم: المرتدون أنفسهم، لا فرق بينهم.

     * فلا نقسم الذين قاتلهم الصحابة y إلى قسمين:

     فنقول: قسم من الذين منعوا الزكاة، وقسم: من الذين ارتدوا، فإن هذا التقسيم ليس بصحيح.

     * فهم: قسم واحد فتنبه.

     وانظر: «الإيمان» لأبي عبيد (ص39)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص603 و687)، و«التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص23).

([361]) وانظر: «الكفاية في التفسير» لابن الحيري (ج2 ص87 و89)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج7 ص552)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج5 ص212)، و(ج6 ص315 و328)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج2 ص336)، و«تاريخ الأمم والملوك» للطبري (ج10 ص412)، و«بحر العلوم» للسمرقندي (ج3 ص102).

([362]) قلت: فاستحلوا قتالهم، لأنهم كفروا في عدم تأديتهم الزكاة، مع إقرارهم بوجوبها، من غير جحود لها.

([363]) وانظر: «تبرئة الإمامين الجليلين» لابن سحمان (ص172)، و«الدرر السنية» (ج10 ص179)، و«الأربعين» للآجري (ص83).

([364]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو بكر البغدادي في «زاد المسافر» (ج2 ص193)؛ رواية بكر بن محمد.

     وإسناده صحيح.

([365]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص262)، و(ج12 ص275)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص51 و52).

([366]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص102 و224)، و«والبداية والنهاية» لابن كثير (ج6 ص311)، و«الكامل في التاريخ» لابن الأثير (ج2 ص342)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج12 ص276).

([367]) وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص923 و924).

([368]) أثر حسن.

     أخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص923 و924).

     وإسناده حسن.

([369]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص439)، وأبو داود في «المسائل» (277).

     وإسناده صحيح.

([370]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص438)، وابن المنذر في «الأوسط» (124).

     وإسناده صحيح

([371]) وانظر: «أحكام أهل الملل والردة» للخلال (ص486 و487).

([372]) فالإمام مالك /: يرى أن من ترك فريضة من فرائض الإسلام؛ من «صلاة»، أو «زكاة»، أو «صيام»، أو «حج»، فإنه يقاتل، لأنه كافر بتركه لهذه الفريضة، وقد أقره الإمام أحمد على ذلك.

([373]) فأي: فتنة أكبر من منع الزكاة عن مستحقيها، فيجب قتال من منع الزكاة، حتى لا تكون فتنة.

([374]) العناق: هي الأنثى من المعز قبل استكمالها سنة.

([375]) العقال: الحبل الذي تربط به الدابة كيلا تنفلت.

     فهذا أبو بكر t لو منع إنسان عناقا، أو عقالا لقاتله.

([376]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1400)، ومسلم في «صحيحه» (20).

([377]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3610)، ومسلم في «صحيحه» (1064)، من حديث أبي سعيد الخدري t.

([378]) قلت: ولا فرق بين مانعي الزكاة، وبين المرتدين فتنبه.

([379]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص279)، و(ج7 ص481 و483 و484)، و«الاستقامة» له (ج1 ص431).

([380]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص464)، ومسلم في «صحيحه» (61) من حديث أبي ذر t.

([381]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص514) من حديث أبي هريرة t.

([382]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص514)، ومسلم في «صحيحه» (60) من حديث ابن عمر .

([383]) انظر: «فيض الباري على صحيح البخاري» للكشميري (ج8 ص130).

([384]) انظر: «الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج10 ص273)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق ابن مفلح (ج9 ص160)، و«كشاف القناع عن متن الإقناع» للبهوتي (ج5 ص138).

([385]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج12 ص300)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص110)، و«إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» للقسطلاني (ج14 ص409)، و«الإجابات المهمة» للشيخ الفوزان (ص10)، و«الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض (ص583)، و«فيض الباري شرح صحيح البخاري» للكشميري (ج8 ص130)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج13 ص161).

([386]) الملحدون: هم الذين يؤولون في ضروريات الدين، لإجراء أهوائهم.

([387]) أي: بعد تبليغهم.

     انظر: «فيض الباري على صحيح البخاري» للكشميري (ج8 ص130).

([388]) وهم الخوارج: الذين خرجوا على: علي بن أبي طالب t.

     * ومن أعظم: ما تأولوه في خروجهم على علي بن أبي طالب t؛ قولهم: أنك حكمت الرجال، والله يقول: (إن الحكم إلا لله) [الأنعام:57].

     * وكانت قصة: التحكيم، بين علي، ومعاوية ، بعد معركة صفين.

     وقال الخوارج: «لعلي t»، ولم تحكم القرآن، وقد كفرت بذلك، ولا حكم إلا لله.

     وانظر: «تغليق التعليق» لابن حجر (ج5 ص259)، و«خصائص علي بن أبي طالب» للنسائي (ص195)، و«فضائل الصحابة» لأحمد (ج2 ص627)، و«الشريعة» للآجري (ص27 و131)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج7 ص278)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص250).

([389]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج12 ص276 و277)، و«معالم السنن» للخطابي (ج3 ص563)، و«أعلام الحديث» له (ج1 ص741)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج1 ص202 و203)، و«إكمال المعلم» للقاضي (ج1 ص243 و244).

([390]) الحديث: أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج9 ص99)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص742) من حديث: أبي سعيد الخدري t.

([391]) وانظر: «الإيمان» لأبي يعلى (ص406).

([392]) يعني: الخوارج.

([393]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

     قلت: وهذه المقولة الحادثة انتشرت بين أتباع: «ربيع المدخلي» في «شبكة سحاب» سابقا وغير ذلك، والله المستعان.

([394]) فلا حجة في هذا الخلاف، بعد إجماع السلف على كفر من ترك الزكاة.

([395]) وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص59)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361).

([396]) أثر حسن.

        أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص392).

        وإسناده حسن.

([397]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص406).

([398]) أثر صحيح.

     نقله ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص22)، وابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

([399]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص418)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1006)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361)، و«الصلاة» لابن القيم (ص59).

([400]) فمن شرط التوبة من الشرك: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.

([401]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82) من حديث جابر t.

([402]) انظر: «الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص567)، و«الفتاوى» له (ج7 ص302 و303).

([403]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص128 و611 و621)، و«الفوائد» لابن القيم (ص283)، و«الشريعة» للآجري (ص135)، و«مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص34).

([404]) وانظر: «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (ج1 ص98).

([405]) وانظر: «الإيمان» للإمام أحمد (ص258 و259)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003).

([406]) وانظر: «حكم تارك الصلاة» لشيخنا ابن عثيمين (ص53).

([407]) يعني: الصلاة.

([408]) قلت: فلا تتركوا الصلاة متعمدين، فمن تركها متعمدا، فقد خرج من الملة، والعياذ بالله.

([409]) وانظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي (ج2 ص658 و659 و660)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج7 ص162)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص55)، و«كشف الخفاء» للعجلوني (ج1 ص348)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003 و1006)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص76).

([410]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص418)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1006)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361)، و«الصلاة» لابن القيم (ص59).

([411]) فمن شرط التوبة من الشرك: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.

([412]) ثم يأتي بعد ذلك من يدعي: أنه لا إجماع على هذه المسألة، وأن جمهور أهل العلم على خلافها!.

([413]) وقد نقل غير واحد من أهل العلم: إجماع الصحابة، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين من تركها تهاونا، وكسلا، أو تركها جحودا.

([414]) قلت: فاستحلوا قتالهم، لأنهم كفروا في عدم تأديتهم الزكاة، مع إقرارهم بوجوبها، من غير جحود لها.

([415]) وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص923 و924).

([416]) أثر حسن.

     أخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص923 و924).

     وإسناده حسن.

([417]) فالإمام مالك /: يرى أن من ترك فريضة من فرائض الإسلام؛ من «صلاة»، أو «زكاة»، أو «صيام»، أو «حج»، فإنه يقاتل، لأنه كافر بتركه لهذه الفريضة، وقد أقره الإمام أحمد على ذلك.

([418]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

     قلت: وهذه المقولة الحادثة انتشرت بين أتباع: «ربيع المدخلي» في «شبكة سحاب» سابقا وغير ذلك، والله المستعان.

([419]) وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص59)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361).

([420]) أثر حسن.

        أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص392).

        وإسناده حسن.

([421]) أثر صحيح.

     نقله ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص22)، وابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

([422]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص418)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1006)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361)، و«الصلاة» لابن القيم (ص59).

([423]) فمن شرط التوبة من الشرك: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.

([424]) يثعب: بفتح، ثم سكون، ثم فتح، أي: يجري، يسيل، وينفجر.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص212)، و«السان العرب» لابن منظور (ج1 ص236)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج2 ص278).

([425]) وانظر: «مشكلات الموطأ» للبطليوسي (ص63)، و«الاستذكار» لابن عبدالبر (ج2 ص281)، و«تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص893)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج1 ص167)، و«الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«الشريعة» للآجري (ج2 ص649)، و«معرفة الصحابة» لابي نعيم (ج1 ص215)، و«الإيمان» لابن أبي عمر العدني (ص98 و99)، و«الإيمان» لابن أبي شيبة (ص34).

([426]) وانظر: «السنة» للخلال (ج5 ص21)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج2 ص235)، و(ج11 ص19 و376)، و«الكبائر» للذهبي (ص114 و115 و117 و118).

([427]) وانظر: «التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص238).

([428]) وإن تعجب، فعجب أمر أدعياء السنة، إذا احتجوا لنقضه؛ بأقوال خصوم أهل السنة والجماعة: من أهل الأهواء.

([429]) ومنهم: من يحكي: هذا الإجماع، ثم يعارضه بزعمه، بأن الجمهور؛ ذهبوا إلى خلاف ذلك!.

([430]) انظر: «المدخل إلى الجامع في كتب الإيمان» للحمدان (ج1 ص98 و99).

([431]) أثر حسن.

     أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1876) من طريق محمد بن إدريس الرازي قال: حدثنا عبدالله بن صالح، قال: كتب الأوزاعي فذكره.

     قلت: وهذا سنده حسن.

([432]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص120 و121) من طريق جعفر بن محمد الفريابي حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني الهيثم بن جميل به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

     ومن هذا الوجه ذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140).

([433]) وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج12 ص199).

([434]) وانظر: «الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص28)، و«الصلاة» لابن القيم (ص26)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج2 ص242).

([435]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82) من حديث جابر t.

([436]) انظر: «الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص567)، و«الفتاوى» له (ج7 ص302 و303).

([437]) قلت: واختلاطه لم يكن بالفاحش، وهذا لا يضر في الجملة.

    قال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج6 ص351) عن الجريري: (وهو مختلط، ولم يكن اختلاطه اختلاطا فاحشا، فلذلك أدخلناه في الثقات). اهـ

([438]) انظر: «هدي الساري» لابن حجر (ص425)، و«شرح العلل» لابن رجب (ص313).

([439]) انظر: «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص112)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص85).

([440]) انظر: «سؤالات الآجري» (339).

([441]) قلت: وأضف أن الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري /، والحافظ مسلم بن الحجاج القشيري /؛ روايا عن بشر بن المفضل عن الجريري في صحيحيهما، وهذا الإسناد متفق عليه عند الشيخين، فلا يرد ذلك بالتكلف والتعسف، فإن ذلك مسلك أهل الأهواء، والعياذ بالله.

    قال ابن الكيال / في «الكواكب النيرات» (ص184): (وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل). اهـ

([442]) كـ«ربيع الهالك»، و«عدنان عبدالقادر الخارجي»، وغيرهما، من أهل التكلف، والتعسف.

([443]) «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص366).

([444]) «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص366).

([445]) «تاريخ بغداد» للخطيب (ج6 ص233).

([446]) «تاريخ بغداد» للخطيب (ج6 ص233).

([447]) قلت: وهؤلاء: «المرجئة» ليس لهم سلف فيما ذهبوا إليه من تضعيف أثر عبدالله بن شقيق العقيلي في كفر تارك الصلاة بهذه الطريقة الفاسدة في تضعيف الأسانيد للأحاديث، وهذا إن دل، فإنه يدل على انحراف القوم في الدين، اللهم سلم سلم.

([448]) انظر: «صحيح البخاري» (2654)، و(6919)، و«صحيح مسلم» (913).

([449]) وانظر: «تلخيص الحبير» لابن حجر (ج2 ص720)، و«تخريج الأحاديث والآثار في الكشاف» للزيلعي (ج1 ص204)، و«المجموع» للنووي (ج9 ص252).

([450]) وقع عنده: «شقيق بن عبدالله»، وهو خطأ؛ صوابه: «عبدالله بن شقيق»، وهو الذي صوبه الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص515)، وكذا في «المجموع» للنووي (ج3 ص18).

([451]) قلت: وهي الطبعة المعتمدة عند الشيخ الألباني / في صحة الأحاديث والآثار في آخر حياته، والله ولي التوفيق.

([452]) وانظر: «موسوعة الصلاة الصحيحة» للثبتة (ج2 ص777)، و«آراء الإمام عبدالعزيز بن باز الفقهية» للحاشدي (ج2 ص627).

([453]) قلت: فتضعيف «المرجئة» للأثر لا يقبل منهم، ولا يلتفت إليهم، لذلك نوافق، ونتابع ما اتفق عليه العلماء قديما وحديثا في صحته، اللهم غفرا.

([454]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص6).

([455]) وانظر: «معرفة الثقات» للعجلي (ج1 ص394).

([456]) يعني: عبد الله بن شقيق العقيلي.

([457]) وكذا: «عبيد الجابري» المرجئ، ينازع في دعوى الإجماع.

([458]) وانظر: «شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص75)، و«الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص225)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج1 ص23)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج10 ص265)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص134).

([459]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج4ص142)، واللالكائي في «الإعتقاد» (ج4 ص1829)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (87) من طريق محمد بن جعفر عن جعفر بن عوف عن الحسن البصري به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([460]) وانظر: «براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة» للشيخ بكر بن عبد الله (ص105).

([461]) أثر حسن.

     أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (893)، والخلال في «السنة» (1379)، وأحمد في «الإيمان» (210)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (876)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1538) من طريق يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن ابن إسحاق ثني أبان ابن صالح عن مجاهد بن جبر به.

     قلت: وهذا سنده حسن.

([462]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الإعتقاد» (ج2 ص828)، وابن منده في «الإيمان» (2170)، وابن الجعد في «حديثه» (2634)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (947)، والبغوي في «شرح السنة» (347)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص229)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (ج3 ص366) من طريق زهير بن حرب عن أبي الزبير به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([463]) أثر صحيح.

     أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص925) من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا محمد بن المفضل السدوسي ثنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني به.

     قلت: وهذا سنده صحيح، ومحمد بن المفضل ثقة تغير بآخرة، وقد روى عنه محمد بن يحيى الذهلي قبل الإختلاط.

     انظر: «حاشية كتاب المختلطين» للعلائي (ص117).

     وذكره الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص371).

     وأورده ابن القيم في «الصلاة» (ص524)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص225)، والذهبي في «الكبائر» (ص118).

([464]) وانظر: «براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة» للشيخ بكر بن عبد الله (ص105).

([465]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج10 ص237).

([466]) قلت: و«المرجئة العصرية»، في منهجهم الذي جعلوه ركيزة من ركائزهم في التهوين من شأن أركان الإسلام، عدا الشهادتين.

([467]) قلت: لو ظفر الإمام المروزي بأي رجل من الصحابة الكرام خالف الإجماع لذكر ذلك.

([468]) وهم: الصحابة، والتابعون.

([469]) قلت: والمرجئة لم يظفروا: بصحابي واحد يقول بقولهم، بل ولم يصح لهم عن التابعين عن أحد والذي جاء، عن الزهري /، وهو من صغار التابعين، لا يصح عنه، وهو ليس بصريح أيضا في عدم تكفيره لتارك الصلاة، مع أنه لا يعتد بقوله في هذه المسألة، وإن صح عنه؛ لما ثبت من الكتاب، والسنة، والإجماع على تكفير تارك الصلاة، اللهم سلم سلم.

       * وأثر الزهري: أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص957).

      وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص393).

([470]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص128 و611 و621)، و«الفوائد» لابن القيم (ص283)، و«الشريعة» للآجري (ص135)، و«مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص34).

([471]) أثر حسن.

        أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص392).

        وإسناده حسن.

([472]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص349).

([473]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج13 ص270)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص446).

([474]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص223)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص56)، و«تقريب التهذيب» له (3667).

([475]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج30 ص211)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص42)، و«تقريب التهذيب» له (7296).

([476]) وانظر: «الثقات» لابن حبان (ج6 ص123)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج4 ص385)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص17).

([477]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج11 ص369)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص153)، و«تقريب التهذيب» له (2537).

([478]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص143)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص33)، و«تقريب التهذيب»له (3621).

([479]) وانظر: «الإيمان» لأحمد (ص312)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ح2 ص276)، و«الإيمان» للعدني (ص55)، و«أخبار مكة» للفاكهي (ج1 ص384).

([480]) قلت: فاستحلوا قتالهم، لأنهم كفروا في عدم تأديتهم الزكاة، مع إقرارهم بوجوبها، من غير جحود لها.

([481]) وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص923 و924).

([482]) أثر حسن.

     أخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص923 و924).

     وإسناده حسن.

([483]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

     قلت: وهذه المقولة الحادثة انتشرت بين أتباع: «ربيع المدخلي» في «شبكة سحاب» سابقا وغير ذلك، والله المستعان.

([484]) أثر حسن.

        أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص392).

        وإسناده حسن.

([485]) أثر صحيح.

     نقله ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص22)، وابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

([486]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82) من حديث جابر t.

([487]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص128 و611 و621)، و«الفوائد» لابن القيم (ص283)، و«الشريعة» للآجري (ص135)، و«مسائل في الإيمان» للشيخ الفوزان (ص34).

([488]) مع أنهم: مقرون بوجوب الزكاة، غير جاحدين لها.

([489]) والمرجئة العصرية: يفرقون بين مانعي الزكاة، وبين المرتدين، في قتال الصحابة y لهم.

     بل الذين منعوا الزكاة، هم: المرتدون أنفسهم، لا فرق بينهم.

     * فلا نقسم الذين قاتلهم الصحابة y إلى قسمين:

     فنقول: قسم من الذين منعوا الزكاة، وقسم: من الذين ارتدوا، فإن هذا التقسيم ليس بصحيح.

     * فهم: قسم واحد فتنبه.

     وانظر: «الإيمان» لأبي عبيد (ص39)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص603 و687)، و«التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص23).

([490]) وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص923 و924).

([491]) أثر حسن.

     أخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص923 و924).

     وإسناده حسن.

([492]) فالإمام مالك /: يرى أن من ترك فريضة من فرائض الإسلام؛ من «صلاة»، أو «زكاة»، أو «صيام»، أو «حج»، فإنه يقاتل، لأنه كافر بتركه لهذه الفريضة، وقد أقره الإمام أحمد على ذلك.

([493]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

     قلت: وهذه المقولة الحادثة انتشرت بين أتباع: «ربيع المدخلي» في «شبكة سحاب» سابقا وغير ذلك، والله المستعان.

([494]) أثر صحيح.

     نقله ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص22)، وابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

([495]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82) من حديث جابر t.

([496]) انظر: «الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص567)، و«الفتاوى» له (ج7 ص302 و303).

([497]) وهذا واضح أنه: «مرجئ» خبيث.

([498]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص88)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج1 ص54)، والآجري في «الشريعة» (133) من حديث جابر بن عبد الله t.

     قلت: وهذا يدل على أنه يعذر بالجهل في: «المسائل الظاهرة»، والتي هي: «معلومة بالضرورة» في الدين، وأن العبد إذا تركها لا يكفر عند «السماري».

([499]) «قناة وصال»، لقاء مع: «منصور السماري»، بعنوان: «حقيقة التوحيد»، وهو منقول لنا، في سنة: «1442هـ».

([500]) أين الدليل على ذلك.

([501]) الترك هذا، كان قبل أن تفرض الفرائض، فلا يبنى على ذلك، أي: حكم، قبل فرضها.

     * والأصل: الحكم يقع على ما نحن فيه في هذا الزمان، وقد نزلت جميع الشرائع، والفرائض، فلا يجوز تركها الآن، ومن تركها؛ فقد: كفر، وخرج من الملة.

([502]) «شرح لمعة الاعتقاد» بصوت: «منصور السماري»، الجزء: الرابع، في سنة: «1442هـ».

([503]) إن من كان هذا حاله حقيق، بأن يرثى مآله، ويطرح مقاله.

([504]) السماري: يعذر الجاهل إذا ترك الصلاة، وبقية الشرائع، وهو يعيش بين المسلمين، وهذا مذهب: «المرجئة»!.

([505]) «شرح أصول السنة» بصوت: «منصور السماري»، الجزء الثالث، في سنة: «1442هـ».

([506]) السماري: هنا يكفر تارك الصلاة.

     * ثم يتناقض كعادته، ويقول: لا نكفر تارك الصلاة، إلا بعد إقامة الحجة عليه، ويقول: هو الراجح، يعني: عنده المسألة خلافية!.

([507]) يعني: إقامة الحجة على تارك الصلاة، حتى في دار الإسلام، فيما بين المسلمين!.

([508]) «شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث»؛ بصوت «السماري»، الجزء: «الثامن»، في سنة: «1442هـ». 

([509]) «قناة وصال»، «شرح سنن أبي داود»، من كتاب: «السنة»، بصوت: «منصور السماري»، في سنة: «1442هـ».

([510]) ولقد حذر أهل السنة من تناقضات المبتدعة، وكشفوها، وبينوها للناس.

([511]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

([512]) أثر صحيح.

     نقله ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص22)، وابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

([513]) وانظر: «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (ج1 ص98).

([514]) وانظر: «الإيمان» للإمام أحمد (ص258 و259)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003).

([515]) وانظر: «حكم تارك الصلاة» لشيخنا ابن عثيمين (ص53).

([516]) يعني: الصلاة.

([517]) قلت: فلا تتركوا الصلاة متعمدين، فمن تركها متعمدا، فقد خرج من الملة، والعياذ بالله.

([518]) وانظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي (ج2 ص658 و659 و660)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج7 ص162)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص55)، و«كشف الخفاء» للعجلوني (ج1 ص348)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003 و1006)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص76).

([519]) وانظر: «التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص238).

([520]) قلت: واختلاطه لم يكن بالفاحش، وهذا لا يضر في الجملة.

    قال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج6 ص351) عن الجريري: (وهو مختلط، ولم يكن اختلاطه اختلاطا فاحشا، فلذلك أدخلناه في الثقات). اهـ

([521]) انظر: «هدي الساري» لابن حجر (ص425)، و«شرح العلل» لابن رجب (ص313).

([522]) انظر: «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص112)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص85).

([523]) انظر: «سؤالات الآجري» (339).

([524]) يعني: عبد الله بن شقيق العقيلي.

([525]) فالسلف يعدون هذه المسألة، في المسألة العقدية، لا مجرد مسألة فقهية، فهم جعلوها في أبواب الاعتقاد، وليست تحت أبواب الصلاة وصفتها في كتب الفقه، ليردوا على المرجئة في هذه الأبواب العقيدة.

([526]) كما يصورها عدد من المتأخرين، ومن المعاصرين: من الذين وقعوا في الإرجاء، وتأثروا به، والله المستعان.

([527]) وهذا النص يبطل مذهب: «المرجئة العصرية» في حملهم على ترك الصلاة جاحدا!. 

([528]) فكان أئمة الحديث في الأمصار: يعدون حكم تارك الصلاة من جملة مسائل أصول الدين، التي يتميز بها أهل السنة عن أهل الإرجاء، فافهم لهذا.

([529]) وانظر: «الاعتقاد» للالكائي (ج4 ص816)، و«تعظيم قدر الصلاة»؛ باب: ذكر إكفار تارك الصلاة، لابن نصر (ج1 ص873 و939)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص778 و781 و789 و790)، و«الشريعة» للآجري (ج2 ص644 و654)، و«الإيمان»؛ باب: ذكر ما يدل على أن مانع الزكاة، وتارك الصلاة يستحق اسم الكفر، لابن منده (ج1 ص382 و383)، و«الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار» لابن أبي الخير العمراني (ج3 ص753).

([530]) فقد صرح الإمام ابن منده /: أن تارك الصلاة يستحق اسم الكفر، ومقصوده: تارك الصلاة تكاسلا، فإنه يكفر، لأنه هو موضع الخلاف بين العلماء المتأخرين.

([531]) هو الحسن بن الحسين أبو علي ابن أبي هريرة، القاضي الفقيه البغدادي، أحد أئمة الشافعية، من أصحاب الوجوه، صنف «التعليق الكبير على مختصر المزني»، وكان معظما عند السلاطين فمن دونهم.

     انظر ترجمته في: «طبقات الشافعية» للسبكي (ج3ص256)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج11ص304)، و«طبقات الشافعية» لابن قاضي (ج1ص126)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج7ص298).

([532]) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج4 ص380)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج7 ص273)، و«المغني» لابن قدامة (ج1 ص360).

([533]) هنا السماري: يكفر تارك الصلاة، ثم تناقض، وزعم أن لابد من إقامة الحجة عليه، لتكفيره، إذا كان يجهل حكم الصلاة؛ بل ويجهل أركان الإسلام، ولم يعمل بها، هذا لا يكفر، إلا بعد إقامة الحجة عليه، بل قال:: وتنفعه: «لا إله إلا الله»؛ بزعمه إذا مات، وإن لم يصل، ولم يزك، ولم يصم، ولم يحج.

([534]) «شرح أصول السنة» للإمام أحمد، بصوت: «منصور السماري»، الجزء الثالث، في سنة: «1442هـ».

([535]) وانظر: «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (ج1 ص98).

([536]) وانظر: «الإيمان» للإمام أحمد (ص258 و259)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003).

([537]) وانظر: «حكم تارك الصلاة» لشيخنا ابن عثيمين (ص53).

([538]) يعني: الصلاة.

([539]) قلت: فلا تتركوا الصلاة متعمدين، فمن تركها متعمدا، فقد خرج من الملة، والعياذ بالله.

([540]) وانظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي (ج2 ص658 و659 و660)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج7 ص162)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص55)، و«كشف الخفاء» للعجلوني (ج1 ص348)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1003 و1006)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص76).

([541]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص418)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1006)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361)، و«الصلاة» لابن القيم (ص59).

([542]) فمن شرط التوبة من الشرك: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.

([543]) ثم يأتي بعد ذلك من يدعي: أنه لا إجماع على هذه المسألة، وأن جمهور أهل العلم على خلافها!.

([544]) وقد نقل غير واحد من أهل العلم: إجماع الصحابة، والتابعين: على تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين من تركها تهاونا، وكسلا، أو تركها جحودا.

([545]) قلت: فاستحلوا قتالهم، لأنهم كفروا في عدم تأديتهم الزكاة، مع إقرارهم بوجوبها، من غير جحود لها.

([546]) وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص923 و924).

([547]) أثر حسن.

     أخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص923 و924).

     وإسناده حسن.

([548]) فالإمام مالك /: يرى أن من ترك فريضة من فرائض الإسلام؛ من «صلاة»، أو «زكاة»، أو «صيام»، أو «حج»، فإنه يقاتل، لأنه كافر بتركه لهذه الفريضة، وقد أقره الإمام أحمد على ذلك.

([549]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة؛ لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.

     قلت: وهذه المقولة الحادثة انتشرت بين أتباع: «ربيع المدخلي» في «شبكة سحاب» سابقا وغير ذلك، والله المستعان.

([550]) وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص59)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361).

([551]) أثر حسن.

        أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص392).

        وإسناده حسن.

([552]) أثر صحيح.

     نقله ابن رجب في «فتح الباري» (ج1 ص22)، وابن تيمية في «الإيمان الكبير» (ص569).

([553]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص418)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص1006)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص361)، و«الصلاة» لابن القيم (ص59).

([554]) فمن شرط التوبة من الشرك: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.

([555]) يثعب: بفتح، ثم سكون، ثم فتح، أي: يجري، يسيل، وينفجر.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص212)، و«السان العرب» لابن منظور (ج1 ص236)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج2 ص278).

([556]) وانظر: «مشكلات الموطأ» للبطليوسي (ص63)، و«الاستذكار» لابن عبدالبر (ج2 ص281)، و«تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص893)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج1 ص167)، و«الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«الشريعة» للآجري (ج2 ص649)، و«معرفة الصحابة» لابي نعيم (ج1 ص215)، و«الإيمان» لابن أبي عمر العدني (ص98 و99)، و«الإيمان» لابن أبي شيبة (ص34).

([557]) وانظر: «السنة» للخلال (ج5 ص21)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج2 ص235)، و(ج11 ص19 و376)، و«الكبائر» للذهبي (ص114 و115 و117 و118).

([558]) وانظر: «التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص238).

([559]) وإن تعجب، فعجب أمر أدعياء السنة، إذا احتجوا لنقضه؛ بأقوال خصوم أهل السنة والجماعة: من أهل الأهواء.

([560]) ومنهم: من يحكي: هذا الإجماع، ثم يعارضه بزعمه، بأن الجمهور؛ ذهبوا إلى خلاف ذلك!.

([561]) انظر: «المدخل إلى الجامع في كتب الإيمان» للحمدان (ج1 ص98 و99).

([562]) أثر حسن.

     أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1876) من طريق محمد بن إدريس الرازي قال: حدثنا عبدالله بن صالح، قال: كتب الأوزاعي فذكره.

     قلت: وهذا سنده حسن.

([563]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص120 و121) من طريق جعفر بن محمد الفريابي حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني الهيثم بن جميل به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

     ومن هذا الوجه ذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140).

([564]) وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج12 ص199).

([565]) وانظر: «الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص28)، و«الصلاة» لابن القيم (ص26)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج2 ص242).

([566]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص82) من حديث جابر t.

([567])انظر: «الإيمان الكبير» لابن تيمية (ص567)، و«الفتاوى» له (ج7 ص302 و303).

([568]) قلت: واختلاطه لم يكن بالفاحش، وهذا لا يضر في الجملة.

    قال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج6 ص351) عن الجريري: (وهو مختلط، ولم يكن اختلاطه اختلاطا فاحشا، فلذلك أدخلناه في الثقات). اهـ

([569]) انظر: «هدي الساري» لابن حجر (ص425)، و«شرح العلل» لابن رجب (ص313).

([570]) انظر: «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص112)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص85).

([571]) انظر: «سؤالات الآجري» (339).

([572]) قلت: وأضف أن الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري /، والحافظ مسلم بن الحجاج القشيري /؛ روايا عن بشر بن المفضل عن الجريري في صحيحيهما، وهذا الإسناد متفق عليه عند الشيخين، فلا يرد ذلك بالتكلف والتعسف، فإن ذلك مسلك أهل الأهواء، والعياذ بالله.

    قال ابن الكيال / في «الكواكب النيرات» (ص184): (وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل). اهـ

([573]) كـ«ربيع الهالك»، و«عدنان عبدالقادر الخارجي»، وغيرهما، من أهل التكلف، والتعسف.

([574]) «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص366).

([575]) «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص366).

([576]) «تاريخ بغداد» للخطيب (ج6 ص233).

([577]) «تاريخ بغداد» للخطيب (ج6 ص233).

([578]) قلت: وهؤلاء: «المرجئة» ليس لهم سلف فيما ذهبوا إليه من تضعيف أثر عبدالله بن شقيق العقيلي في كفر تارك الصلاة بهذه الطريقة الفاسدة في تضعيف الأسانيد للأحاديث، وهذا إن دل، فإنه يدل على انحراف القوم في الدين، اللهم سلم سلم.

([579]) انظر: «صحيح البخاري» (2654)، و(6919)، و«صحيح مسلم» (913).

([580]) وانظر: «تلخيص الحبير» لابن حجر (ج2 ص720)، و«تخريج الأحاديث والآثار في الكشاف» للزيلعي (ج1 ص204)، و«المجموع» للنووي (ج9 ص252).

([581]) وقع عنده: «شقيق بن عبدالله»، وهو خطأ؛ صوابه: «عبدالله بن شقيق»، وهو الذي صوبه الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص515)، وكذا في «المجموع» للنووي (ج3 ص18).

([582]) قلت: وهي الطبعة المعتمدة عند الشيخ الألباني / في صحة الأحاديث والآثار في آخر حياته، والله ولي التوفيق.

([583]) وانظر: «موسوعة الصلاة الصحيحة» للثبتة (ج2 ص777)، و«آراء الإمام عبدالعزيز بن باز الفقهية» للحاشدي (ج2 ص627).

([584]) قلت: فتضعيف «المرجئة» للأثر لا يقبل منهم، ولا يلتفت إليهم، لذلك نوافق، ونتابع ما اتفق عليه العلماء قديما وحديثا في صحته، اللهم غفرا.

([585]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص6).

([586]) وانظر: «معرفة الثقات» للعجلي (ج1 ص394).

([587]) يعني: عبد الله بن شقيق العقيلي.

([588]) وكذا: «عبيد الجابري» المرجئ، ينازع في دعوى الإجماع.

([589]) وانظر: «شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص75)، و«الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«التمهيد» لابن عبدالبر (ج4 ص225)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج1 ص23)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج10 ص265)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص134).

([590]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج4ص142)، واللالكائي في «الإعتقاد» (ج4 ص1829)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (87) من طريق محمد بن جعفر عن جعفر بن عوف عن الحسن البصري به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([591]) وانظر: «براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة» للشيخ بكر بن عبد الله (ص105).

([592]) أثر حسن.

     أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (893)، والخلال في «السنة» (1379)، وأحمد في «الإيمان» (210)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (876)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1538) من طريق يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن ابن إسحاق ثني أبان ابن صالح عن مجاهد بن جبر به.

     قلت: وهذا سنده حسن.

([593]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الإعتقاد» (ج2 ص828)، وابن منده في «الإيمان» (2170)، وابن الجعد في «حديثه» (2634)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (947)، والبغوي في «شرح السنة» (347)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص229)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (ج3 ص366) من طريق زهير بن حرب عن أبي الزبير به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

([594]) أثر صحيح.

     أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص925) من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا محمد بن المفضل السدوسي ثنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني به.

     قلت: وهذا سنده صحيح، ومحمد بن المفضل ثقة تغير بآخرة، وقد روى عنه محمد بن يحيى الذهلي قبل الإختلاط.

     انظر: «حاشية كتاب المختلطين» للعلائي (ص117).

     وذكره الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص371).

     وأورده ابن القيم في «الصلاة» (ص524)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج4 ص225)، والذهبي في «الكبائر» (ص118).

([595]) وانظر: «براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة» للشيخ بكر بن عبد الله (ص105).

([596]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج10 ص237).

([597]) قلت: و«المرجئة العصرية»، في منهجهم الذي جعلوه ركيزة من ركائزهم في التهوين من شأن أركان الإسلام، عدا الشهادتين.

([598]) قلت: لو ظفر الإمام المروزي بأي رجل من الصحابة الكرام خالف الإجماع لذكر ذلك.

([599]) وهم: الصحابة، والتابعون.

([600]) قلت: والمرجئة لم يظفروا: بصحابي واحد يقول بقولهم، بل ولم يصح لهم عن التابعين عن أحد والذي جاء، عن الزهري /، وهو من صغار التابعين، لا يصح عنه، وهو ليس بصريح أيضا في عدم تكفيره لتارك الصلاة، مع أنه لا يعتد بقوله في هذه المسألة، وإن صح عنه؛ لما ثبت من الكتاب، والسنة، والإجماع على تكفير تارك الصلاة، اللهم سلم سلم.

       * وأثر الزهري: أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص957).

      وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص393).

([601]) بل زعموا أن هذا الحكم هو: حكم الإمام مالك، والإمام الشافعي، ورواية: عن الإمام أحمد.

([602]) وهذا من المستحيل: أن يفعل جمهور العلماء ذلك، وأن يخالفوا الصحابة y، في كفر تارك الصلاة، لأن ذلك من الأحكام المشهورة في الدين.

([603]) بصيغة التمريض، التي تدل على ضعف هذه الرواية.

([604]) أثر صحيح.

     أخرجه أحمد في «الإيمان» (1381)، وفي «المسائل» (ج1 ص192)، وابن أبي شيبة في «الإيمان» (103)، وفي «المصنف» (ج11 ص25)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص670)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص357)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص385)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص157)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350) من طريق مالك، وعبد الله بن نمير، ووكيع، كلهم: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره.

     قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص622).

     وقال الشيخ الألباني في «تعليقه على الإيمان» (ص55): «والأثر صحيح الإسناد على شرط الشيخين».

([605]) فقوله: «استتيب، فإن صلى، وإلا قتل»، فهذا يدل على أنه يكفر تارك الصلاة مطلقا، إذا لم يصل، حيث حكم عليه بالقتل، وهذا الحكم لا يكون؛ إلا للكافر في مثل هذه الأحكام.

     قلت: والعجيب من أمر المقلدة، أنهم يفرقون بين: «حكم الكفر»، و«حكم القتل»، في مسألة تارك الصلاة.

     * فيقولون: أن جمهور العلماء على عدم تكفير تارك الصلاة تهاونا، ثم يقولون: وقد اتفقوا على قتله!.

     * سبحان الله: ألا يعلم هؤلاء، أن مجرد قول الأئمة: بقتل تارك الصلاة مطلقا، أنه كافر عندهم، كما سوف يأتي توضيح ذلك.

([606]) قلت: فمذهب الإمام مالك الصحيح: أن من ترك صلاة واحدة متعمدا مصرا حتى خرج وقتها، فهو كافر، ويقتل، فما بالك فيمن يترك الصلوات كلها.

([607]) أثر صحيح.

     وأخرجه الخلال في «السنة» (1398) من طريق أحمد بن حنبل به.

     وإسناده صحيح.

     قلت: فهذا الإمام أحمد /: يقر بحكم الإمام مالك / في قتل تارك الصلاة، فدل هذا: على ثبوت هذا الحكم عن الإمام مالك /، لأن السلف إذا حكموا بقتل عبد على ترك، أي: فريضة، فإنه كافر عندهم، فافهم لهذا.

     وانظر: «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (ج4 ص393).

([608]) فالإمام مالك في مذهبه لا يفرق بين الكفر، والقتل، لتارك الصلاة متهاونا، فافطن لهذا.

([609]) قلت: فتكفير تارك الصلاة، هو مذهب جمهور الفقهاء، ومنهم: الإمام مالك /.

([610]) وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص919 و923).

([611]) قلت: الشيخ ابن باز /، حكم على تارك الصلاة بالقتل، لأن الحكم بالقتل، يدل على كفره عنده، لأن لا يقتل؛ إلا الكافر في هذا الأمر، فافهم لهذا ترشد.

([612]) فلم يفرق الإمام الشافعي /، بين: «الكفر والقتل»، وبين: «الصلاة والإيمان»، وأنه حكم بالقتل لتارك الصلاة، لأنه كافر، وأن: «الصلاة»، هي: «الإيمان»، فمن تركها فقد كفر، وليس بمؤمن.

([613]) وهذا يدل على أن الإمام الشافعي /، قد حكم بحكم القتل لمن انتقل من: «الإيمان إلى الشرك»، لأنه عنده: كافر بمجرد القتل في هذه الحالة.

     * فهل يقول المقلد: أن الذي ينتقل من: «الإيمان إلى الشرك»، لا يكفر، وأن الإمام الشافعي / لم يصرح بكفره، لكنه صرح بقتله، وهذا يدل عنده: كفر بمجرد الحكم عليه بالقتل، فافطن لهذا.

([614]) قلت: وهذا فعل الصحابة y في قتل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر الصديق t، وقتل الخوارج في عهد علي بن أبي طالب t، وقتلهم لهم يدل أنهم كفار عندهم في الدين، فافطن لهذا.

([615]) وانظر: «الأم» للشافعي (ج1 ص255 و256).

([616]) وهذا يدل أنه يكفر تارك الصلاة، عند الإمام الشافعي /، وقد نقل أهل العلم عنه ذلك، وهذا ظاهر من قوله.

     قلت: إذا فأين قال الإمام الشافعي، أنه لا يكفر، وفي أي: كتاب قال ذلك، لا يوجد.

     * ما نقل عنه إلا عدد من المتأخرين، بدون تثبت في المسألة، اللهم غفرا.

([617]) قلت: وهؤلاء، هم: الجمهور من السلف والخلف، وأضف إلى ذلك، إجماع الصحابة، والتابعين.

     * وهذا يدل على أن الذي ينقل أن مذهب جمهور العلماء، وهو عدم تكفير تارك الصلاة، هذا قول عدد من المتأخرين، ليس هو: مذهب الجمهور، وهذا المذهب لا يلتفت إليه؛ بعد إجماع الصحابة، والتابعين لهم بإحسان.

     وانظر: «كفاية النبيه في شرح التنبيه» لابن الرفعة (ج2 ص316).

([618]) وقد أخطئوا على الإمام الشافعي /.

       وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص956).

([619]) وهو نقل معتبر منهم.

     وانظر: «الاعتقاد» للالكائي (ج4 ص896)، و«مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (ج4 ص393)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص243)

([620]) وانظر: «الفروع» لابن مفلح (ج1 ص269)، و«كفاية النبيه في شرح التنبيه» لابن الرفعة (ج2 ص313)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص51)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص327)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص442)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج2 ص442)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص14)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج1 ص327)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص143).

([621]) وليس هم: جمهور الأمة على الإطلاق، فتنبه.

([622]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص14)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص956).

([623]) ولم يثبت عن الإمام الشافعي / هذا الحكم في كتبه، ولم يحفظ عنه، لأن ذلك كان عنده بدعة.

     وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص744).

([624]) وبهذا يتبين أن النص هذا هو للشافعية المتأخرين، وليس هو نص الإمام الشافعي، فانتبه.

([625]) في ثبوت هذا القول عن الإمام الشافعي / فيه نظر، بل ثبت عنه ما ينافيه.

([626]) وانظر: «الفروع» لابن مفلح (ج1 ص294)، و«الحاشية على الروض المربع» لابن القاسم (ج1 ص423)، و«الإحكام في شرح أصول الأحكام» له (ج1 ص132 و133)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص94 و95)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص374).

([627]) فإذا جمعت: الصحابة، والتابعين، والسلف كلهم، وأكثر الأئمة من المتقدمين، ومن وافقهم من المتأخرين، تبين أن الأكثر على تكفير تارك الصلاة.

     وهذا يدل على أن المتأخرين، هم: أقل من المتقدمين، فكيف يقال: عنهم: هم: الجمهور: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص:6].

([628]) وهذه الرواية، نقلها عدد من المتأخرين عنه، ولم تثبت عن الإمام أحمد /.

     * لذلك: لا تعتبر هذه الرواية من مذهبه، ولا تروى عنه في حكم تارك الصلاة.

([629]) وانظر: «الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص347).

([630]) وانظر: «المختصر» لابن تميم (ج2 ص15 و16)، و«المسائل» لصالح بن أحمد (ج1 ص375)، و«المغني» لابن قدامة (ج3 ص351)، وفي «الكافي» له (ج1 ص94 و95)، و«الفروع» لابن مفلح (ج1 ص294)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص374).

([631]) ويتبين عدم صحة ما ينقل عنهم، في عدم تكفير تارك الصلاة.

([632]) وهم: الصحابة، والتابعون.

([633]) قلت: والمرجئة لم يظفروا: بصحابي واحد يقول بقولهم، بل ولم يصح لهم عن التابعين عن أحد والذي جاء، عن الزهري /، وهو من صغار التابعين، لا يصح عنه، وهو ليس بصريح أيضا في عدم تكفيره لتارك الصلاة، مع أنه لا يعتد بقوله في هذه المسألة، وإن صح عنه؛ لما ثبت من الكتاب، والسنة، والإجماع على تكفير تارك الصلاة، اللهم سلم سلم.

       * وأثر الزهري: أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص957).

      وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص393).

([634]) وقد كان أهل العلم: لا يعدون انفراد الواحد، من أهل العلم، ناقضا؛ لإجماع من قبله من إجماع السلف، غيرهم.

       وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج1 ص411).

([635]) هو: الزهري.                                                                                                   

([636]) هذا المتن مخالف لأصول الإمام الزهري / في تكفيره من ترك لواحد من أركان الإسلام، منها: «الصلاة».

([637]) وعلى فرض صحته، وتصريحه في عدم تكفير تارك الصلاة، فإن خلافه لا يؤثر على الإجماع، لأن أهل العلم، لا يعدون انفراد الواحد من أهل العلم ناقضا لإجماع من قبله من السلف.

     وانظر: «الرد على الجهمية» للدارمي (ص108)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج1 ص411).                                                                                                                                        

([638]) وانظر: «الجوهر النقي» لابن التركماني (ج7 ص188).                          

([639]) وانظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ج1 ص523)، و«الشريعة» للآجري (ج2 ص552)، و«السنة» للخلال (ج1 ص481).                                                         

([640]) وهو يسمع قول النبي r: (خمس صلوات كتبهن الله تعالى على العباد)؛ ثم يخالف هذا، فهذا من المستحيل، لأنها من المسائل العظيمة في الإسلام، فافطن لهذا.            

([641]) قل لنفسك، فيما وقعت فيه من الاستشكال في آيات، وفي أحاديث في حكم على: «مسائل الإيمان»، و«مسائل العذر بالجهل»، و«مسائل الصلاة»، و«مسائل أركان الإسلام»، وغيرها، ووقعت في تخليط.

([642]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص1283)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2110 و2111) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([643]) «قناة وصال» مقابلة مع: «منصور السماري»، بعنوان: «نقص الشبهات» في سنة: «1442هـ».

[644]) رغسه: أي أعطاه.

[645]) اسحقوني: من السحق، وهو أشد الدق.

[646]) ذروني: انثروني، وفرقوني.

[647]) عاصف: شديد الريح.

        انظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص491 و492).

[648]) الحسنة: المراد بها هنا العمل، والخير؛ كما في الروايات الأخرى، وليس المراد من ذلك ترك العمل بالكلية؛ فتنبه.

[649]) وأما قوله: (فوالله لئن قدر الله عليه): فقد اختلف في معناه: فقال بعض العلماء: هذا رجل جهل بعض صفات الله تعالى، وهي القدرة، فلم يعلم أن الله على كل ما يشاء قدير، قالوا: ومن جهل صفة من صفات الله تعالى، وآمن بسائر صفاته، وعرفها لم يكن بجهله بعض صفات الله كافرا، قالوا: وإنما الكافر من عاند الحق لا من جهله، وهذا قول المتقدمين من العلماء، ومن سلك سبيلهم من المتأخرين.

       وقال بعض العلماء: أراد بقوله: «لئن قدر الله عليه»، من القدر الذي هو القضاء، وليس من باب القدرة، والاستطاعة في شيء قالوا: وهو: مثل، قوله تعالى، في ذي النون: ﴿ŒÎ) |=yd©Œ $Y6ÅÒ»tóãB £`sàsù br& `©9 u‘ωø)¯R Ïmø‹n=tã﴾[الأنبياء:87].

       انظر: «التمهيد» لابن عبدالبر (ج18 ص42).

       قال الإمام ابن عبد البر في «التمهيد» (ج18 ص42): (وللعلماء: في تأويل هذه اللفظة قولان، أحدهما: أنها من التقدير والقضاء، والآخر: أنها من التقتير والتضيق. وكل ما قاله العلماء في تأويل هذه الآية، فهو جائز في تأويل هذا الحديث، في قوله: (لئن قدر الله علي) فأحد الوجهين تقديره: كان الرجل قال: (لئن كان قد سبق في قدر الله وقضائه، أن يعذب كل ذي جرم على جرمه، ليعذبني الله على إجرامي، وذنوبي عذابا، لا يعذبه أحدا من العالمين غيري، والوجه الآخر: تقديره، والله لئن ضيق الله علي، وبالغ في محاسبتي، وجزائي على ذنوبي ليكونن ذلك). اهـ

[650]) حضره الموت: أي جاءه الموت.

[651]) قلت: صحت، والحمد لله، كما سبق تخريجها.

[652]) قلت: فبين شيخ الإسلام ابن تيمية /، بأن الرجل كان يعمل عملا صالحا، وهذا الذي ذكرناه فيما سبق، وأما أن نظن بأنه لم يعمل أي عمل، فهذا لا يتصور، والله المستعان.

[653]) أي: في يوم ريح.

[654]) وأنه كان يعمل عملا صالحا، لم يترك العمل بالكلية، فافهم لهذا ترشد.

[655]) وبين ابن الجوزي: بأن الذي لا يعمل؛ أي: عمل فهو كافر، فكيف يدخل الجنة؟!.

        فقال الحافظ ابن الجوزي / في «جامع المسانيد» (ج6 ص117): (فإن قيل: هذا الذي ما عمل خيرا قط كافر، فكيف يغفر له؟ فقال ابن عقيل: هذا رجل لم تبلغه الدعوه فعمل بخصلة من الخير). اهـ

        قلت: وقد بينا بأن الرجل كان يعمل الخير القليل كما قال ابن عقيل، مع بقاء الأصول فيه، لكن الاستدلال هنا على أن الذي لا يعمل؛ أي: عمل فهو كافر.

[656]) كما قال ابن مسعود t: (وكان الرجل نباشا، فغفر له لخوفه).

         أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج2 ص285)، و(ج8 ص470)، بإسناد صحيح.

[657]) ولذلك قال الحسن البصري /: (إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل).

        أخرجه أحمد في «الزهد» (ص402)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص144) من طريقين عن الحسن البصري به.

        وإسناده حسن.

        وذكره ابن القيم في «الداء والدواء» (ص73).

        قال الإمام ابن القيم / في «الداء والدواء» (ص76): (ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه). اهـ

[658]) ولا يقال: بأن هؤلاء جاءوا بإيمان مجرد لم يضموا إليه شيئا من العمل، فتنبه.

[659]) وهذا مستعبد؛ لأنه مؤمن بالله تعالى، وموحد، فلابد أن يعلم بصفة القدرة، ومن المستحيل أن يجهلها، وهو بهذه المثابة في الدين.

       وانظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني (ج7 ص112)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص40 و42).

[660]) وهذا ليس بصحيح، كما سوف يأتي التعليق عليه.

[661]) وقد فطروا على عظمة صفات الله تعالى من ذلك: صفة القدرة العظيمة.

[662]) وانظر: «إتحاف الخيرة المهرة في معرفة وسائل المؤثرة» لزوجتي الشيخة أم عبد الرحمن الأثرية (ص45).

[663]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص219)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2047) من حديث أبي هريرة t.

[664]) أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في «سننه» (4716)، (ج7 ص99).

      وإسناده صحيح.

     وذكره ابن عبد البر في «التمهيد» (ج18 ص93).

[665]) وهذا فيه نظر؛ وقد وجهنا التوجيه الصحيح، فيما سبق، وهناك توجيهات أخرى مفيدة في توجيه هذا الحديث.

([666]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص37).

([667]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص372).

([668]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص373).

([669]) «الموقع الرسمي للشيخ ابن باز» (قسم الفتاوى)، نقلته في سنة: «1443هـ».

([670]) «التواصل المرئي»، بصوت الشيخ ابن باز، بعنوان: «حكم تكفير الشيعة الروافض» في سنة: «1442هـ» نقل إلينا.

([671]) «التواصل المرئي»، بصوت الشيخ الفوزان، محاضرة بعنوان: «فتوى في تكفير الشيعة»، في سنة: «1442هـ».

([672]) «التواصل المرئي»، بصوت الشيخ الفوزان، محاضرة بعنوان: «هل عوام الشيعة، الروافض: كفار»، في سنة: «1442هـ».

([673]) «التواصل المرئي»، بصوت الشيخ الفوزان، محاضرة بعنوان: «ما حكم تكفير الرافضة والأكل من ذبائحهم»، في سنة: «1442هـ».

([674]) «التواصل المرئي»، بصوت الشيخ الفوزان، محاضرة بعنوان: «هل يجوز تكفير الشيعة جميعا»، في سنة: «1442هـ».

([675]) من قال بهذا من السلف الصالح، ومن الذي اقتصر على هذا الحكم، على الكفار فقط في الخارج، مثل: «اليهود»، و«النصارى»، و«المجوس»، وأمثالهم.

     * هناك: كفار في الداخل، غير ما ذكر: «السماري»، مثل: «الجهمية»، و«القدرية»، و«الرافضة»، و«الخوارج» وغيرهم.

([676]) وهنا: «السماري»؛ يكفر من لم يكفر الكافر، مطلقا، ولم يقتصر على: «اليهود»، و«النصارى» وأمثالهم، وهذا من التناقض الذي اعتاده في دروسه!.

([677]) وهنا: «السماري»؛ يكفر من وقع في الشرك مباشرة، ولا يعذره بجهله، ولا يسأله عن اعتقاده الذي وقع فيه.

     * ثم سوف يتناقض كعادته، ولا يكفر من وقع في الشرك، إلا بعد سؤاله فيما يعتقد من الكفر، ويعترف به، ويقر بذلك!.

([678]) وهنا: «السماري»؛ لا يكفر من وقع في الكفر، والشرك، بل عنده لابد أن نسأله عن اعتقاده، هل تعتقد هذا الكفر، وأنه من الاعتقادات الباطلة، أم لا!، فهذا من التناقض في أقواله!.

([679]) فالسماري: لا يكفر: «الشيعة» الذين هم: «الرافضة» عند السلف الصالح، لأن «الشيعة» كفروا بالله تعالى، لما وقعوا في «الشركيات»، و«الكفريات» وقد قامت عليهم الحجة في الدين.

     * فالسماري: لا يكفرهم، مع أنهم: وقعوا في «الشرك الأكبر»، و«الكفر الأكبر»، وقامت عليهم الحجة.

     * بل وشرعوا لهم: دينا شيعيا مجوسيا، غير دين الإسلام، وهذا دينهم غير مقبول عند الله تعالى: كما قال تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19]، وقال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85]، وقال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].

     * وأضف ما ابتدعوا في دينهم، من عبادات باطلة، من: «صلاة»، و«صيام»، و«حج»، و«أدعية»، و«أذكار»، و«أحاديث موضوعة»، وغير ذلك، ما أنزل الله بها من سلطان.

     * وقد مر علينا حكم: «السماري»، أنه من وقع في «الشرك الأكبر»، أو «الكفر الأكبر»، فهو كافر بالله تعالى، بدون سؤال، ولا استجواب.

([680]) إذا أطلق الآن بـ«الشيعة»، فهم: «الرافضة»، وإذا أطلق الآن: «التشيع»، فهو: «الرفض»، عند جميع أهل السنة والجماعة.

     * فليس: «التشيع» الذي قال به: «السماري»، فهذا الآن غير معين في هذا الزمان.

([681]) قلت: جميع: «الشيعة» على سبيل العموم، في وقتنا الحاضر، هم: «روافض»، ويعتقدون كلهم اعتقاداتهم: «الشركية»، و«الكفرية».

     * وهذه الأباطيل التي وقع فيها: «الشيعة» على مسمع، ومرئ في الوسائل الحديثة، لا يستطيع أحد من: «الشيعة» أن ينكرها، لأنهم: تربوا عليها من صغرهم، إلى أن بلغوا في هذه الاعتقادات الباطلة.

([682]) «قناة وصال» مقابلة: مع «منصور السماري»، بعنوان: «نقض الشبهات» في سنة: «1442هـ».

([683]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص37).

([684]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص372).

([685]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص373).

([686]) من قال بهذا من السلف الصالح، أننا لابد أن ننتظر الكافر إذا دل الدليل على كفره، إذا وقع في الكفر!، بسبب جهله، ولا نكفره بعينه، فإن ذلك مذهب: «المرجئة».

([687]) قلت: فهذا منكر من القول، تبطله دلالة الأحاديث، والآثار، وتبين فساده.

([688]) «قناة وصال» مقابلة: مع «منصور السماري»، بعنوان: «نقض الشبهات» في سنة: «1442هـ».

([689]) لم يقل به أهل العلم؛ بل حكموا على العموم، وحكموا على التعيين بالدليل، ممن وقع في «الشرك الأكبر»، و«الكفر الأكبر».

([690]) القول بهذا التفصيل في إقامة الحجة على المعين، لم يقل به: السلف الصالح، وأهل العلم.

([691]) «قناة وصال»، مقابلة مع «منصور السماري»، «شرح سنن أبي داود» في سنة: «1442هـ».

([692]) إذا قلنا: هذا «شيعي»، عرفنا ماذا يعتقد من الباطل في مذهب: «الشيعة»، ظهر لنا عقيدته، أو لم يظهر!.

([693]) عقائد: «الشيعة» كلها كفرية، وهي ظاهرة، فلا حاجة إلى هذه: «الفلسفة».

([694]) هذا الكلام فيه تنطع، والشيعة: لا يعذرون بجهلهم، ولا بتأويلهم، وقد قامت عليهم الحجة في العالم كله.

([695]) «قناة وصال»، وبصوت: «منصور السماري»، بعنوان: «نقض الشبهات» في سنة: «1442هـ».

([696]) وهو جهل منه، يدل على مدى معرفته: بالمنهج في المبتدعة، ويدل على نكارة أقواله في جميعها، وهذا يكشف حقيقة جهله في العلم، وهذا من الباطل الذي لا يلتفت إليه.

([697]) «الموقع الرسمي للشيخ ابن باز» (قسم الفتاوى)، نقلته في سنة: «1443هـ».

([698]) «التواصل المرئي»، بصوت الشيخ ابن باز، بعنوان: «حكم تكفير الشيعة الروافض» في سنة: «1442هـ» نقل إلينا.

([699]) والعبارة الصحيحة؛ يقولون: سنقول له ما شئنا، ثم نحلف له، فيصدقنا.

       وهذا يدل أن النبي r، يصدقهم؛ لأنهم: يحلفون، وأنه r: يعلم كفرهم، وكان r يستعمل معهم: الحكمة.

      وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج11 ص537)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج7 ص422).

      قلت: لذلك نحن نعلم كفر: «الشيعة الرافضة»، وإن استعملوا التقية.

([700]) «قناة وصال»، «شرح سنن أبي داود» من كتاب: «السنة»، بصوت «منصور السماري»، في سنة: «1442هـ».

([701]) وأهل السنة: كفروا: «الشيعة»؛ على ظاهرهم، لما لهم من العبادات الشركية، في دينهم الباطل.

([702]) «قناة وصال»، مقابلة مع: «منصور السماري»، في سنة: «1442هـ».

([703]) فالسائل هذا سأل، وأجاب: في كفر الرافضة، بأفضل من إجابات: «منصور السماري»؛ لأنهم: يعبدون القبور، ويطعنون في عرض الرسول r، ويسبون الصحابة y، وغير ذلك من الكفريات.

([704]) شبه للسائل، أن هؤلاء مشايخ، وهم: ليسوا كذلك.

([705]) الشيعة: كلهم يعتقدون عبادة القبور، ويدعون الموتى، فلا حاجة إلى معرفة ذلك من هذا الشيعي بعينه، بل لا حاجة إلى أن نذهب لكل شيعي بعينه، ونقول له، ماذا تعتقد؟!؛ لأن عقيدة الشيعي معروفة، منها: عبادة القبور في جميع البلدان.

([706]) المنافق في عهد النبي r أظهر كفره، أو لم يظهره فإنه عند النبي r، والصحابة y: هو كافر، في الذي عرف بنفاقه، مثل: «الشيعي» إذا عرف بالتشيع، فهو كافر؛ فلا حاجة لنا أن نعرف اعتقاده منه بعينه.

([707]) «شرح سنن أبي داود» بصوت: منصور السماري، «قناة وصال»، الجزء الأول، في سنة: «1442هـ».

([708]) وأقواله هذه، هي مناقضة تمام المناقضة، لما يعتقده السلف الصالح، حقيقة في: «الشيعة الرافضة» من تكفيرهم.

([709]) فهو: يناقض ما قاله بلسانه.

([710]) فالسماري هذا، لا يعرف ما يخرج من رأسه.

([711]) مثل: بلدان: «الشيعة» في هذا الزمان الحاضر.

([712]) وانظر: «أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص136)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص39)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج1 ص135)، و«المفهم» للقرطبي (ج3 ص608)، و«إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج6 ص124)، و«التلخيص» للنووي (ج1 ص419)، و«إعلام السائلين» لابن طولون (ص67)، و«المنتظم» لابن الجوزي (ج3 ص276)، و«عيون الأثر» لابن سيد الناس (ج2 ص344).

([713]) وهرقل: بكسر الهاء، وفتح الراء، وسكون القاف: هو ملك الروم؛ الإمبراطور البيزنطي، و«هرقل» اسمه، ولقبه: «قيصر»، كما يقلب: ملك الفرس «كسرى».

     وكان يحكم دولة واسعة تعرف بــ«الإمبراطورية الرومانية»، أو «الإمبراطورية البيزنطية»، وكانت عاصمتها «القسطنطينية»، وكان «هرقل» من أسرة «يونانية» الأصل.

     وانظر: «البداية والنهاية» لابن كثير (ج4 ص264)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص33)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج1 ص125)، و«التلخيص شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج1 ص411)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (ج13 ص45)، و«الديباج» للسيوطي (ج4 ص380).

([714]) وبصرى: بضم الباء، وهي من مدن الشام، وهي مدنية حوران، وحوران الآن هي منطقة جنوب سورية، وجزء من شمال الأردن، وشمال فلسطين، والمراد بعظيم «بصرى» أميرها.

     انظر: «المفهم» للقرطبي (ج3 ص602)، و«معجم البلدان» للحموي (ج1 ص441).

([715]) وهو قيصر ملك الروم.

     انظر: «إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين» لابن طولون (ص64).

([716]) والأريس؛ الأكار، وهو الفلاح، أي: فإن عليك إثم الفلاحين، والمراد بالفلاحين أهل مملكته؛ لأن كل من كان يزرع، فهو عند العرب فلاح.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص39)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص38).

([717]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص369)، ومسلم في «صحيحه» (521).

([718]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج15 ص157 و158)، و«تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج4 ص202)، و«محاضرات العقيدة والدعوة» للشيخ الفوزان (ج2 ص275).

([719]) كالروم، والفرس، فكان الروم يحتلون أجزاء كبيرة من شمال الجزيرة، والفرس يحتلون أجزاء أخرى من جبوبها.

     وقد انتشرت ديانات هؤلاء، فالديانة النصرانية سادة الأقاليم التابعة للروم، والديانة المجوسية سادة الأقاليم التابعة لفارس فكتب النبي r إليهم يدعوهم إلى توحيد الله تعالى، والإسلام له، والخضوع لأحكامه.

([720]) انظر: «زاد المعاد في هدي العباد» لابن القيم (ج3 ص688 و689)، و«تاريخ الأمم والملوك» للطبري (ج2 ص130)، و«المنتظم في تاريخ الأمم والملوك» لابن الجوزي (ج3 ص276)، و«دلائل النبوة» للبيهقي (ج4 ص381).

([721]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص273)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1656)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص197 و198)، والبيهقي في «الجامع في الخاتم» (ص31).

([722]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4424)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص64)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص243)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص311).

([723]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1774)، والترمذي في «سننه» (2716)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7747).

([724]) أي لا يجوز الاحتجاج بهذه الكتب في الشريعة المطهرة لضعف أسانيدها، ونكارة متونها.

([725]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (7)، وفي «أدب المفرد» (1112)، ومسلم في «صحيحه» (1773)، وأبو داود في «سننه» (5136)، والترمذي في «سننه» (2914).

([726]) وانظر: «التلخيص شرح الجامع الصحيح» للنووي (ج1 ص419).

([727]) ولا يلزم من قيام الحجة: أن تبلغ كل مشرك بعينه، بنذارة الرسول r: عن الشرك، وغيره.

     * بل يكفي نذارة الرسول r إليهم على سبيل العموم، لا التعيين لكل واحد من أفراد البلد، ماذا يعتقد في الشرك؛ مثلا: ولا يعذر، أي: أحد بجهله، وهذا هو المراد من بلوغ الحجة، بلوغها على العموم، وكفى.

([728]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2541)، ومسلم في «صحيحه» (1730) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

     وأخرجه البخاري في «صحيحه» (2229)، و(2542)، و(3907)، ومسلم في «صحيحه» (1438)، وأبو القاسم ابن منده في «المستخرج من كتب الناس للتذكرة» (ج1 ص396) من حديث أبي سعيد الخدري t.

([729]) وهم من العرب.

([730]) المريسيع: اسم موضع، كان يوجد فيه ماء، بين مكة والمدينة.

     * وكان حديث الإفك، في غزوة المريسيع، وذلك في سنة: ست؛ وقيل: سنة: أربع، وقيل: سنة: خمس.

     وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج7 ص428)، و«منحة الملك الجليل في شرح صحيح محمد بن إسماعيل» للراجحي (ج7 ص584)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج8 ص290)، و«المستخرج من كتب الناس للتذكرة، والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة» لابي القاسم ابن منده (ج1 ص398).

([731]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2541)، في كتاب: «العتق»، في: «باب: من ملك من العرب، رقيقا فوهب، وباع، وجامع، وفدى، وسبى: الذرية» (ص410).

     وأخرجه مسلم في «صحيحه» (1730).

([732]) وانظر: «منحة الملك الجليل في شرح صحيح محمد بن إسماعيل» للشيخ الراجحي (ج7 ص585).

([733]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2942)، و(3009)، ومسلم في «صحيحه» (2406).

([734]) وهم: قوم من اليهود.

([735]) وهي: بنت ملك، وهي من أجمل النساء، وصفية رضي الله عنها، من أمهات المؤمنين، وهي: حرة بعد عتقها.

     وانظر: «الصحيح» للبخاري (ج4 ص1543)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج7 ص669 و670).

([736]) وانظر: «الصحيح» للبخاري (ج4 ص1538 و1539 و1543)، و«معرفة الصحابة» لأبي عبدالله ابن منده (ج2 ص966)، و«المستخرج من كتب الناس للتكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة» لأبي القاسم ابن منده (ج1 ص406).

([737]) وانظر: «منحة الملك الجليل في شرح صحيح محمد بن إسماعيل» للشيخ الراجحي (ج7 ص667).

([738]) وانظر: «منحة الملك الجليل في شرح صحيح محمد بن إسماعيل» للشيخ الراجحي (ج7 ص678).

([739]) وكانت وقعت: «جويرية بنت الحارث» رضي الله عنها، سبايا بني المصطلق، وكانت امرأة جميلة، فأعتقها النبي r، وتزوجها، فهي حرة، من أمهات المؤمنين رضي الله عنها.

     وانظر: «المستخرج من كتب الناس للتذكرة، والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة» لابي القاسم ابن منده (ج1 ص397 و398).

([740]) وانظر: «منحة الملك الجليل في شرح صحيح محمد بن إسماعيل» للشيخ الراجحي (ج7 ص679).

([741]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (610).

([742]) والله تعالى، كفيل، بوصول دينه إلى جميع الناس، بقدرته، وعظمته، وسلطانه، إلى قيام الساعة.

([743]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4596).

([744]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج14 ص208)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص17)، و«الكشف  والبيان» للثعلبي (ج6 ص14)، و«تفسير القرآن» ليحيى بن سلام (ج1 ص60 و61)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج2 ص466).

([745]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4596)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1831).

([746]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6306)، و(6323)، والترمذي في «سننه» (3393)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص122).

([747]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص37).

([748]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص372).

([749]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية» (ج2 ص373).

([750]) «الموقع الرسمي للشيخ ابن باز» (قسم الفتاوى)، نقلته في سنة: «1443هـ».

([751]) «التواصل المرئي»، بصوت الشيخ ابن باز، بعنوان: «حكم تكفير الشيعة الروافض» في سنة: «1442هـ» نقل إلينا.

([752]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص154 و186)، و(ج4 ص435)، و(ج13 ص35)، و«منهاج السنة» له (ج1 ص10)، و«الملل والنحل» للشهرستهاني (ج1 ص173 و174)، و(ج4 ص184)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص292)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص558)، و(ج12 ص270)، و«مقالات الإسلاميين» للأشعري (ج1 ص88 و89 و144)، و«التنبيه والرد على أهل الأهواء» للملطي (ص18 و24 و25)، و«الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص65 و67 و233 و234)، و«البرهان في معرفة أهل الأديان» للسكسكي (ص36)، و«السنة» للخلال (ج3 ص493).

([753]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (7056)، ومسلم في «صحيحه» (1709).

([754]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص406).

     وإسناده صحيح.

([755]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص397).

     وإسناده صحيح.

([756]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص389).

     وإسناده صحيح.

([757]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (1817)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج1 ص229).

     وإسناده صحيح.

([758]) أثر حسن، بهذا اللفظ فقط.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص401)، والحرفي في «الفوائد والصحاح» (ص120).

     وإسناده حسن.

     وذكره ابن تيمية في «الفتاوى» (ج35 ص184)، وفي «منهاج السنة» له (ج1 ص110).

([759]) أثر صحيح.

     أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (222)، و الخلال في «السنة» (ج3 ص492).

     وإسناده صحيح.

([760]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص493).

     وإسناده صحيح.

([761]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص493).

     وإسناده صحيح.

([762]) وانظر: «السنة» للخلال (ج3 ص499 و500)، و«الرد على المبتدعة» لابن البناء (ص79 و234)، و«الصارم المسلول» لابن تيمية (ج3 ص110)، و«الفتاوى» له (ج28 ص468).

([763]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص493).

     وإسناده صحيح.

([764]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص493).

     وإسناده صحيح.

([765]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص493).

     وإسناده صحيح.

([766]) لأن أهل السنة؛ يقولون: بذلك.

([767]) لأنه خالف الجماعة، وعلى رأسهم الصحابة y، في تفضيل علي t، على عثمان t.

([768]) أثر صحيح.

     أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص381).

     وإسناده صحيح.

([769]) وانظر: «شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص390 و393)، و«الإبانة الصغرى» لابن بطة (ص210)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج28 ص477)، و«المختار في أصول السنة» لابن البناء (ص88)، و«الرد على المبتدعة» له (ص234).

([770]) وانظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص156).

([771]) وهم: الروافض.

([772]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص157).

     وإسناده صحيح.

([773]) برجعة: علي بن أبي طالب t إلى الحياة!.

([774]) قلت: كذلك الذين يعملون ببعض الإسلام، ويتركون بعضه، أو يعملون ببعض الأحكام، ويتركون بعضها، أو يعملون ببعض السنة، ويتركون بعضها فهذا أيضا لا يكفي في الإسلام، ولن يقبل منهم ذلك، والله المستعان.

     قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة[ [البقرة: 208]؛ أي: خذوا جميع أحكام الإسلام، واعملوا بها، فهذا هو الإسلام الصحيح الذي يجب الانتساب إليه.

([775]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج3 ص204)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص372)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج1 ص416)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص820)، و«ثلاثة الأصول» للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص66)، و«شرح ثلاثة الأصول» للشيخ الجامي (ص23).

([776]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1319) من حديث أبي هريرة t.

([777]) لقد أدخلت «المرجئة السادسة» الإرجاء الخبيث في دين الله تعالى، وادعت أنه من الإسلام، وهو ليس من الإسلام.

     قال تعالى: ]وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 78].

     وقال تعالى: ]قل هو من عند أنفسكم[ [آل عمران: 165].

     وقال تعالى: ]لقد ابتغوا الفتنة[ [التوبة: 48].

([778]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص355)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343).

([779]) فعمل «المرجئة السادسة» الإرجاء في دين الإسلام، ليس هو عليه أمر الرسول r؛ إذا فهو رد عليها.

([780]) أثر حسن.

     أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص104)، والخلال في «السنة» (ج5 ص90).

     وإسناده حسن.

([781]) فاستدل عليه بهذه الآية في الصلاة، فما بالك في الاعتقاد في الدين!.

([782]) أثر صحيح

     أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص129)، والخلال في «السنة» (ج5 ص91 و92).

     وإسناده صحيح.

([783]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» (ص384).

     وإسناده حسن.

([784]) هو الإمام شريك بن عبد الله النخعي القاضي الحافظ توفي سنة (177 هـ).

     وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج8 ص200)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ص436).

([785]) أثر صحيح.

     أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص232).

     وإسناده صحيح.

([786]) انظر: «أنوال التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص167).

([787]) وانظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص320).

([788]) قلت: والمراد أن الأهواء تسري في عروقهم، ومفاصلهم.

     انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص723) و(ج14 ص141).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan