الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / إرشاد العباد إلى تحريم حمل السلاح على حاكم البلاد
إرشاد العباد إلى تحريم حمل السلاح على حاكم البلاد
إرشاد العباد
إلى
تحريم حمل السلاح على حاكم البلاد
دراسة أثرية علمية منهجية في أصول وقواعد وآداب السياسة الشرعية الصحيحة
بقلم:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب زدني علما وحفظا وفهما
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده لله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران: 102].
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} [النساء: 1].
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} [الأحزاب: 70- 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذه رسالة مختصرة، مشفوعة بالدلائل العلمية النقلية من الكتاب الكريم والسنة النبوية والآثار السلفية وأقوال أهل العلم حول مسألة (حمل السلاح على الحاكم) بعد أن أيقنت أنها حاجة كل داع إلى الله على بصيرة في العالم الإسلامي... لأنها تشرح تحريم حمل السلاح على ولاة أمر المسلمين... كتبتها نصحا للأمة، إذ قد رأيت حاجة الناس في هذا الزمان إلى معرفة فقه التعامل مع الحكام وذلك لغلبة الجهل بهذا الأصل. وفشو الأفكار المنحرفة في هذا الأصل في الجماعات الحزبية.
فواجب أهل العلم وطلبته الالتزام بالميثاق الذي أخذه الله عليهم في قوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [آل عمران: 187].
فليبينوا للناس هذا الأصل محتسبين لله تعالى لإعادة بناء الجسور القائمة على المحبة والمودة والصدق في النصيحة ولا يمنعهم من بيانه تلك الشبهات المتهافتة التي يروجها بعض من لا خلاق له.
وإني أدعو ذوي الإصلاح العلمي أن يهتموا بهذه الرسالة، ويعمموا نشرها بحيث توضع في يد كل مسلم غيور على دينه... وهي جديرة أن تعمم على المسلمين ليتبصروا بأمور دينهم... لأن أمتنا الإسلامية تعيش في هذا القرن. لا سيما في السنوات الأخيرة منه دعوة إصلاحية مباركة. وإنها ليست خاصة بفئة من الشباب وحدهم، وإنما هي دعوة إسلامية عامة تشمل الأمة الإسلامية على مختلف فئاتها وطبقاتها، ولهذا تواجه الدعوة الإسلامية تحديات داخلية، ولعل من أخطرها ظهور فئات وجماعات وأحزاب ظاهرها التدين والصلاح والغيرة لإزالة المنكر... لكنها ضلت الطريق، وخالفت سنة الرسول r، وهدي السلف الصالح في الدعوة إلى الله عندما تبنت أسلوب المواجهة مع ولاة الأمر فوقعت الفتنة بين المسلمين في العالم... وهم من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا... والأصل أن يكون المسلم داعية أو غير داعية في عون الحاكم ما دام في طاعة الله تعالى([1]).
فكم من شباب مسلم ظاهره الصلاح والتدين أريقت دماؤهم أو سجنوا وزرعوا الفتن... لأنهم رأوا المنكرات والمفاسد، فأعلنوا الثورة وحملوا السلاح، وقرروا الخروج قولا أو فعلا على تلك الفئة الحاكمة... وحسبوا أنهم يحسنون صنعا... وقد أخطؤوا الاجتهاد وضلوا الطريق.. حين جعلوا الجهاد في مواجهة الحكام وأتباعهم... والواجب عليهم أن يحملوا السلاح لمواجهة أعداء الإسلام على مختلف نحلهم ومللهم([2])... فليس من السياسة الشرعية أن يحمل المسلم الغيور على الحق هذا السلاح في وجه حاكم جائز زعم... أو في تغيير منكر زعم... أو يحمله ضد مسلم يعيش في دولة ذلك الحاكم.. وعندئذ يقع الفساد الكبير والشر العظيم، والقتل بغير الحق، واختلال الأمن وظلم الناس... فلا الحاكم انعزل... ولا المنكرات زالت... ولا الغايات تحققت... لأنهم أقاموا جماعاتهم على منهج غير صحيح... ذلك المنهج الحماسي المتمثل في تغيير المنكر.
والدعوة إلى عزل الحاكم القائم بالقوة... إنها ظاهرة خطيرة تستدعي من العلماء الربانيين، وطلبة العلم المتمكنين أن يعالجوها، ويبينوا أسبابها وآثارها على ضوء منهج أهل السنة أهل الحديث... هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح المسلمين عامة.
قال ابن القيم /: (إذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه، ويمقت أهله، مثل الإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنه أساس كل شر، وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن الصحابة رضي الله عنهم رسول الله r في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: «لا ما أقاموا الصلاة» وقال: «من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر، ولا ينزعن يدا من طاعته»، ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على المنكر، فطلب إزالته، فتولد منه ما هو أكبر، فقد كان رسول r يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها).([3])اهـــ.
وقال ابن تيمية /: (وأما ما يقع من ظلمهم وجورهم بتأويل سائغ أو غير سائغ فلا يجوز أن يزال لما فيه من ظلم وجور، كما هو عادة أكثر النفوس تزيل الشر بما هو شر منه، وتزيل العدوان بما هو أعدى منه، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم، فيصبر عليه، كما يصبر عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ظلم المأمور والمنهي في مواضع كثيرة) ([4]) اهـــ.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز /: (والقاعدة الشرعية المجمع عليها: أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه، أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين) ([5]) اهـــ.
ومن هنا فالالتزام إنما دائما وأبدا بالمنهج السلفي... بما شرعه الله لنا... وليس الالتزام بالأشخاص أو التنظيمات أو الجماعات أو الجمعيات... التي هي دائما محل الخطأ والصواب والكارثة والخلل والأمراض، والعلل تتسلل إلى حياة الراعي والرعية من خلال العدول عن المنهج الرباني... ومن ثم تكون العصمة الكاذبة التي تخلع على بعض الأشخاص، وامبررات الباطلة التي توضع لتصرفاتهم وأخطائهم، وهذا بدء مرحلة السقوط والهوان والضعف واليأس... وتؤول الآيات والأحاديث على مقتضى الأهواء... والتوهم بأن الدعوة قائمة على الدين حتى تؤدي إلى الفتنة والبلبلة والتمزق في صفوف الأمة الإسلامية... وهذا أمر خطير... ومفسدة فظيعة تدفع الأمة الإسلامية ثمنها الدماء الغزيرة... وليس هذا فقط، بل يؤدي هذا إلى ذهاب الريح، وافتقاد الكيان أصلا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فمن أجل صيانة الدعوة وأهلها يجب تعلم فقه المعاملة الشرعية للحكام ونشرها وتلقينها للشباب حتى لا يؤتى الإسلام من قبلهم، وحتى يتحقق الأمن والاستقرار ويأمن الناس من الفتن وتستقيم أمور الأمة الإسلامية وأحوالها.
إن هذا البحث على وجازته يعد فرصة للدعاة إلى الله لكي ينتبهوا بعد غفلة، ويستيقظوا بعد سباث، ولكي لا يقدموا على أي عمل أو قول إلا بعد علم وبينة ودراية وتثبت.
ورحم الله الإمام البخاري القائل: (ما أثبت شيئا بغير علم قط منذ عقلت)([6]).
ولأهمية هذا الموضوع وخطورته على حياة الأمة توجهت بكل ما استطعت إدراكه في هذه الرسالة في بيان الحق من الكتاب الكريم والسنة الصحيحة وآثار السلف الصالح وأقوال أهل العلم الربانيين لعل الله أن يجعل في ذلك تبصيرا للمسلمين... وبهذا يكثر الخير ويعم ويقل الشر ويختفي الباطل ويضمحل... وتكون العاقبة حميدة للمجتمع.
هذا وأسأل الله العظيم أن يجعلنا ممن يعمل لرضاه، وعلى منهج رسوله r وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وهو ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبو عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على تحريم حمل السلاح
والمشاركة فيه على ولاة أمر المسلمين
(1) عن أم سلمة رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله r: «ستكون بعدي أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع». قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا، ما صلوا»([7]) وفي رواية: «فمن كره فقد برئ»([8]).
قال النووي /: (هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة بالأخبار بالمستقبل، وقع ذلك كما أخبر رسول الله r... ومعناه، من كره ذلك المنكر فقد برئ من إثمه وعقوبته، وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه وليبرأ... فمن عرف المنكر ولم ويشتبه عليه فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيده أو بلسانه، فإن عجز فليكرهه بقلبه... وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت، بل إنما يأثم بالرضى به، أو بألا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه... لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئا من قواعد الإسلام) ([9]) اهــــ.
(2) وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا»([10]).
قوله: (فليس منا) أي ليس على طريقتنا، أو ليس متبعا لطريقتنا؛ لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله»([11]).
قال الإمام البربهاري /: (ولا يحل قتال السلطان، والخروج عليه وإن جار... وليس في السنة قتال السلطان، فإن فيه فساد الدين والدنيا) ([12]) اهــــ.
(3) وعن عوف بن مالك t عن رسول الله r قال: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم». قيل: يا رسول الله! أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة»([13]).
قال ابن علان /: (قوله: «ما أقاموا فيكم الصلاة» إنما منع من مقاتلتهم مدة إقامتهم الصلاة التي هي عنوان الإسلام، والفارق بين الكفر والإسلام حذرا من تهييج الفتن واختلاف الكلمة وغير ذلك مما يكون أشد نكارة من تحمل نكرهم والمضارة على ما ينكر منهم»([14]) اهـــ
وكان أبو هريرة t يحفظ من رسول الله r أحاديث فيها ذكر لأسماء بعض الأمراء الظلمة من بني أمية، ومع ذلك لم يذكر تلك الأحاديث، ولم يدع المسلمين إلى حمل السلاح والخروج عليهم أخذا بمبدأ وجوب طاعة الولاة الظلمة في غير معصية الله تعالى، وهذا ما صرح به أبو هريرة t.
فقد روى البخاري عنه أنه قال: (حفظت من رسول الله r وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم) ([15]).
قال الحافظ ابن حجر /: (وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم كقوله: (أعوذ بالله من رأس الستين، وإمارة الصبيان)، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية أنها كانت ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة، فمات قبلها بسنة»([16]) اهـــ.
وروى البخاري أيضا عن عمرو بن يحيى بن عمارة قال: أخبرني جدي قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي r بالمدينة، ومعنا مروان- أي مروان بن الحكم- قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش»، فقال مروان: لعنة الله عليهم غلمة، فقال أبو هريرة: لو شئت أن أقول: بني فلان، وبني فلان لفعلت، فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام، فإذا رآهم غلمانا أحداثا، قال لنا: عسى هؤلاء أن يكونوا منهم؟ قلنا: أنت أعلم) ([17]).
قال الحافظ ابن حجر /: (والذي يظهر أن المذكورين من جماعتهم، وأن أولهم يزيد كما دل عليه قول أبي هريرة: رأس الستين، وإمارة الصبيان... وفي هذا الحديث أيضا حجة لما تقدم من ترك القيام على السلطان ولو جار؛ لأنه r أعلم أبا هريرة بأسماء هؤلاء وأسماء آبائهم ولم يأمر بالخروج عليهم، مع إخباره أن هلاك الأمة على أيديهم، لكون الخروج أشد في الهلاك، وأقرب إلى الاستئصال من طاعتهم، فاختار أخف المفسدتين وأيسر الأمرين) ([18]) اهــــ.
وكان أنس بن مالك t يرى وجوب الصبر على جور الولاة، ونهى عن الخروج عليهم، لأن في ذلك تفريقا لجماعة المسلمين، وسفكا لدمائهم، وإشاعة للفتنة والفوضى فيما بينهم.
وهذا ما رواه البخاري عن الزبير بن عدي قال: (أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج، فقال: (اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم r) ([19]).
ومن الصحابة الذين كانوا يرون عدم الخروج على الولاة الظلمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فقد بايع يزيد بن معاوية مع ظلمه ورضي أن يكون الحكم وراثيا؛ لأن معاوية جعل الخلافة من بعده ليزيد.
وفي ذلك يقول الحافظ ابن كثير /: (لما مات معاوية سنة ستين للهجرة، وبويع ليزيد بايع ابن عمر وابن عباس)([20])اهـــ.
وصيانة للدماء، ودرءا للفتنة، ومحافظة على جماعة المسلمين تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما عن الولاية لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
عن أبي بكرة t قال: (بينما رسول الله r يخطب جاءه الحسن فقال النبي r: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»([21]).
قال الحافظ ابن حجر /: (وفيه منقبة للحسن بن علي فإنه ترك ملك لا لقلة ولا لذلة ولا لعلة بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين، فراعى أمر الدين، ومصلحة الأمة) ([22]) اهـــ.
مما ذكرته سابقا من هدي الصحابة رضي الله عنهما في النصوص والآثار الثابتة الصحيحة تبين لنا أنه لا يجوز الخروج بالسلاح وغيره على الحاكم الجائر أيا كان جوره، وإنما السبيل الصحيح هو الصبر على جوره، وترك مكافأته إلى الله تعالى، فمن فعل ذلك آحادا أو جماعات فقد خالف هدي الصحابة رضي الله عنهم وسنتهم، وكان سببا في إحداث الفتنة، وإراقة الدماء([23]).
قال النووي /: (وأما الخروج –يعني على الأئمة- وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وسبب عدم انعزاله، وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء، وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه) ([24])اهـــ.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على عقوبة المثبط عن ولاة أمر المسلمين
والمثير عليهم المفرق للجماعة
التثبيط([25]) عن ولي الأمر له صور عديدة، بعضها أشد من بعض، وكذا إثارة الرعية عليه.
فإذا دعا رجل إلى التثبيط أو الإثارة فإن لولي الأمر إيقاع العقوبة المتلائمة مع جرمه، من ضرب أو حبس أو نفي؟ أو قتل... أو غير ذلك؛ لأن التثبيط والإثارة من أعظم مقدمات الخروج، والخروج من أشنع الجرائم وأبشعها فكان ما يفضي إليه كذلك.
(1) عن عرفجة الأشجعي t قال: قال رسول الله r: «من أتاكم، وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم ويفرق كلمتكم فاقتلوه»([26]). وفي رواية: «فاضربوه بالسيف، كائنا من كان».
قال النووي /: (فيه- يعني الحديث- الأمر بقتال من خرج على الإمام أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك، وينهى عن ذلك فإن لم ينته قوتل، وإن لم يندفع شره إلا بقتله فقتل كان هدرا فقوله r: «فاضربوه بالسيف»، وفي الرواية الأخرى: «فاقتلوه» معناه إذا لم يندفع إلا بذلك.
وقوله r: «يريد أن يشق عصاكم» معناه: يفرق جماعتكم كما تفرق العصا المشقوقة وهو عبارة عن اختلاف الكلمة وتنافر النفوس» ([27])اهــــ.
(2) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية» ([28]).
(3) وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال: «من كره من أميره شيئا فليصبر عليه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا، فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية» ([29]) .
قال ابن أبي جمرة /: (المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير، ولو بأدنى شيء، فكنى عنها بمقدار الشبر؛ لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق) ([30]) اهـــ.
وقال الحافظ ابن حجر /: (والمرد بالميتة الجاهلية حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرا، بل يموت عاصيا) ([31]) اهـــــــ.
فإثارة الفتن على ولاة الأمور لا يجوز؛ لأنها لا تعود على الأمة بخير والأحاديث الواردة في ذلك متواترة.
قال ابن علان /: (الصبر على المقدور، والرضى بالقضاء حلوه ومره، والتسليم لمراد الرب العليم الحكيم) ([32])اهــــ.
وقال الخطابي /: (من خرج عن طاعة الجماعة، وفارقهم في الأمر المجمع عليه فقد ضل وهلك...) ([33]) اهــــ
ولقد أمر العلماء بقتل كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما كــــ (الخوارج) ([34]) .
قال الشوكاني / في «شرح قول صاحب الأزهار»: (ويؤدب من يثبط عنه أو ينفى، ومن عاداه فبقلبه: مخطئ، وبلسانه: فاسق، وبيده: محارب) قال: (وأما قوله: (ويؤدب من يثبط عنه) فالواجب دفعه عنهذا التثبيط، فإن كف، وإلا كان مستحقا لتغليظ العقوبة، والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط بحبس أو غيره لأنه مرتكب لمحرم عظيم، وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء، تهتك عندها الحرم، وفي هذا التثبيط نوع ليده من طاعة الإمام وقد ثبت في الصحيح عنه r أنه قال: «من نزع يده من طاعة الإمام فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت موتة جاهلية»([35]) ([36]) اهـــ.
قال النووي /: (قوله r: من خلع يدا من طاعة لقي الله تعالى يوم القيامة لا حجة له أي: لا حجة له في فعله، ولا عذر له ينفعه)([37]) اهـــ.
وقال ابن عبد البر /: (الآثار المرفوعة في هذا الباب كلها تدل على أن مفارقة الجماعة وشق عصا المسلمين، والخلاف على السلطان المجتمع عليه، يريق الدم ويبيحه، ويوجب قتال من فعل ذلك. فإن قيل: قد قال: رسول الله r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» فمن قال لا إله إلا الله، حرم دمه.
قيل لقائل ذلك: لو تدبرت قوله في هذا الحديث: «إلا بحقها» لعلمت أنه خلاف ما ظننت. ألا ترى أن أبا بكر الصديق قد رد على عمر ما نزع به هذا الحديث، قال: (من حقها الزكاة» ففهم عمر ذلك من قوله وانصرف إليه، وأجمع الصحابة عليه، فقاتلوا مانعي الزكاة، كما قاتلوا أهل الردة، وسماهم بعضهم أهل ردة على الاتساع؛ لأنهم ارتدوا عن أداء الزكاة.
ومعلوم مشهود عنهم أيهم قالوا: ما تركنا ديننا، ولكن شححنا على أموالنا، فكما جاز قتالهم عند جميع الصحابة على منعهم الزكاة، وكان ذلك عندهم في معنى قوله عليه السلام: «إلا بحقها» فكذلك من شق عصا المسلمين، وخالف إمام جماعتهم، وفرق كلمتهم؛ لأن الفرض الواجب اجتماع كلمة أهل دين الله المسلمين على من خالف دينهم من الكافرين، حتى تكون كلمتهم واحدة وجماعتهم غير مفترقة.
ومن الحقوق المريقة للدماء المبيحة للقتال: الفساد في الأرض، وقتل النفس، وانتهاب الأهل والمال، والبغي على السلطان، والامتناع من حكمه، وهذا كله داخل تحت قوله: «إلا بحقها» كما يدخل في ذلك الزاني المحصن وقاتل النفس بغير حق، والمرتد عن دينه) ([38]) اهــــ.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة»([39]).
قال النووي /: (وأما قوله r: «والتارك لدينه المفارق للجماعة» فهو عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت، فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام).
قال العلماء: ويتناول أيضا كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما، وكذا الخوارج، والله أعلم)([40]) اهـــ.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على وجوب ملازمة جماعة المسلمين
وإمامهم عند ظهور الفتن
(1) عن حذيفة بن اليمان t قال: كان الناس يسألون رسول الله r «عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: «نعم»، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير قال: «نعم وفيه دخن....» قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»([41]).
قال النووي /: (وفي حديث حذيفة هذا لزوم جماعة المسلمين وإمامهم ووجوب طاعته وإن فسق وعمل امعاصي من أخذ الأموال وغير ذلك، فتجب طاعته في غير معصية) ([42]) اهـــ.
وقال ابن بطال /: (فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخروج على أئمة الجور؛ لأنه وصف الطائفة الأخيرة بأنهم (دعاة على أبواب جهنم) ولم يقل فيهم: (تعرف وتنكر) كما قال في الأولين وهم لا يكونون كذلك إلا وهم على غير حق، وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة) ([43]) اهـــ.
وقال الكرماني /: (فيه الإشارة إلى مساعدة الإمام بالقتال ونحوه إذا كان إمام، وإن كان ظالما وعاصيا، والاعتزال إذا لم يكن)([44]) اهـــ.
وقال الطبري /: (في الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام، فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدا في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر، وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث، وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها) ([45]) اهـــ.
ويؤيده رواية ابن ماجة (ج2 ص1318): (فلأن تموت وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم).
وقال الطبري /: (والصواب أن المراد من الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره. فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة) ([46]) اهـــ.
وقال ابن تيمية /: (ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة، وترك قتال الأئمة، وترك القتال في الفتنة... وأما أهل الأهواء كالمعتزلة فيرون القتال للأئمة من أصول دينهم، وتجعل المعتزلة أصول دينهم خمسة: التوحيد (الذي هو سلب الصفات)، والعدل (الذي هو المنزلة بين المنزلتين)، والتكذيب بالقدر، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذي هو قتال الأئمة) ([47]) اهــــ.
وقال في موضع آخر: (ولا يعدل أحد عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية إلا لجهل أو عجز أو غرض فاسد) ([48]) اهـــ.
(2) وعن زيد بن ثابت t قال: قال رسول الله r: «ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لولاة الأمور، ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم»([49]).
قوله: «لا يغل...» من الإغلال، وهو الخيانة في كل شيء، ويروى (يغل) من الغل وهو الحقد الشحناء أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق([50]).
فدل الحديث على نصيحة ولاة الأمور، ولزوم جماعتهم؟
قال ابن القيم /: (وقوله: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم...» إلى آخره، أي: لا يحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الثلاث، فإنها تنفي الغل والغش ومفسدات القلب وسخائمه.
فالمخلص لله إخلاصه يمنع غل قلبه ويخرجه ويزيله جملة؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه، فلم يبق فيه موضع للغل والغش كما قال تعالى: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} فلما أخلص لربه صرف عنه دواعي السوء والفحشاء فانصرف عنه السوء والفحشاء.
ولهذا لما علم إبليس أن لا سبيل له على أهل الإخلاص استثناهم من شرطته التي اشترطها للغواية والإهلاك فقال: {فبعزتك لأغوينهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين} قال تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} فالإخلاص هو سبيل الخلاص، والإسلام هو مركب السلامة، والإيمان خاتم الأمان.
وقوله: «ومناصحة أئمة المسلمين» وهذا –أيضا –مناقب للغل والغش، فإن النصيحة لا تجامع الغل، إذ هي ضده، فمن نصح الأئمة والأمة فقد برئ من الغل.
وقوله: «لزوم جماعتهم» هذا- أيضا- مما يطهر القلب من الغل والغش، فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، ويسوؤه ما يسوؤهم، ويسره ما يسرهم.
وهذا بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم لهم، كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرهم، فإن قلوبهم ممتلئة غلا وغشا، ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص، وأغشهم للأئمة والأمة، وأشدهم بعدا عن جماعة المسلمين.
فهؤلاء أشد الناس غلا وغشا بشهادة الرسول والأمة عليهم وشهادتهم على أنفسهم بذلك، فإنهم لا يكونون فقط إلا أعوانا وظهرا على أهل الإسلام، فأي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته.
وهذا أمر قد شاهدته الأمة منهم، ومن لم يشاهد فقد سمع منه ما يصم الآذان ويشجي القلوب.
وقوله: «فإن دعوتهم تحيط من ورائهم» هذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفخمه معنى، شبه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم المانع من دخول عدوهم عليهم، فتلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام وهم داخلونها. لما كانت سورا وسياجا عليهم، أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام كما أحاطت بهم، فالدعوة تجمع شمل الأمة وتلم شعثها وتحيط بها، فمن دخل في جماعتها أحاطت به وشملته) ([51]) اهــــ.
وقد جمع هذا الحديث العظيم ما يقوم به دين الناس ودنياهم، فهو من جوامع الكلم الذي أوتيه رسولنا r، ولبيان عظم هذا الحديث وجلالة شأنه يقول شيخ الإسلام ابن تيمية /: (وهذه الثلاث- يعني إخلاص العمل ومناصحة أولي الأمر ولزوم جماعة المسلمين- تجمع أصول الدين وقواعده، وتجمع الحقوق التي لله ولعباده، وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة.
وبيان ذلك أن الحقوق قسمان: حق لله، وحق لعباده
فحق الله أن نعبده ولا نشرك به شيئا.. وحقوق العباد قسمان: خاص وعام.
أما الخاص فمثل بر كل إنسان والديه، وحق زوجته، وجاره فهذه من فروع الدين؛ لأن المكلف قد يخلو عن وجوبها عليه، ولأن مصلحتها خاصة فردية.
وأما الحقوق العامة فالناس فيها نوعان: رعاة ورعية
فحقوق الرعاة مناصحتهم، وحقوق الرعية لزوم جماعتهم، فإن مصلحتهم لا تتم إلا باجتماعهم، وهم لا يجتمعون على ضلالة، بل مصلحة دينهم ودنياهم في اجتماعهم واعتصامهم بحبل الله جميعا. فهذه الخصال تجمع أصول الدين) ([52]) اهـــ.
وقال الحافظ ابن الأثير /: (والمعنى: أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.
(وعليهن) في موضع الحال، تقديره: لا يغل كائنا عليهن قلب مؤمن)([53]) اهــــ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (ويغل) بالفتح هو المشهور، ويقال: غلى صدره فغل إذا كان ذا غش وضغن وحقد. أي قلب المسلم لا يغل على هذه الخصال الثلاثة، وهي المتقدمة في قوله: «إن الله يرضى لكم ثلاثا أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» فإن الله إذا كان يرضاها لنا لم يكن قلب المؤمن الذي يحب ما يحبه الله يغل عليها، ويبغضها ويكرهها فيكون في قلبه عليها غل، بل يحبها قلب المؤمن ويرضاها) ([54]) اهـــ.
وقال ابن عبد البر /: (ألا ترى أنه r دعا لمن حفظ مقالته هذه، فوعاها ثم أداها تأكيدا منه في حفظها وتبليغها، وهي قوله: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ولزوم الجماعة، ومناصحة أولي الأمر) ([55])اهـــ.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب /: (بعد أن ذكر هذه الخصال الثلاث: ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها) ([56]) اهــــ.
وقال ابن الأثير /: على قوله: «فإن دعوتهم تحيط من ورائهم»: (أي تحوطهم وتكنفهم وتحفظهم، يريد أهل السنة دون أهل البدعة) ([57]) اهــــ.
(3) وعن الحارث الأشعري t أن النبي r قال: «أنا آمركم بخمس، الله أمرني بهن: الجماعة، وبالسمع والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله، فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلى أن يرجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم» قالوا: يا رسول الله! وإن صام وصلى؟ قال: «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم فادعوا المسلمين بأسمائهم بما سماهم الله عز وجل المسلمين المؤمنين عباد الله عز وجل»([58]).
فدل الحديث على النهي الشديد في مفارقة الجماعة والخروج عنها.
قال الخطابي /: (الربقة ما يجعل في عنق الدابة، كالطوق يمسكها لئلا تشرد.
يقول: من خرج عن طاعة الجماعة، وفارقهم في الأمر المجمع عليه ففد ضل وهلك، وكان كالدابة إذا خلعت الربقة التي هي محفوظة بها، فإنها لا يؤمن عليها عند ذلك الهلاك والضياع) ([59]) اهــــــ.
ومن تشديد الشارع في ترك الجماعة ومفارقتها إخباره أن من مات وهو خارج عن الطاعة مفارق للجماعة مات ميتة جاهلية.
وإليك الدليل:
عن أبي هريرة t عن النبي r قال: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية، فقتل، فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه» ([60]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال r: «من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية» ([61]).
وفي لفظ: «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا، فمات، إلا مات ميتة جاهلية».
قال الحافظ ابن حجر /: (وقوله: «قيد شبر» بكسر المعجمة وسكون الموحدة، وهي كناية عن معصية السلطان ومحاربته) ([62]) اهـــ.
وقال الخطابي /: (فإن في مفارقة الأئمة والأمراء مفارقة الألفة، وزوال العصمة، والخروج من كنف الطاعة وظل الأمنة، وهو الذي نهى النبي r عنه وأراده بقوله r: «من فارق الجماعة فمات فميتته جاهلية»، وذلك أن أهل الجاهلية لم يكن لهم إمام يجمعهم على دين ويتألفهم على رأي واحد، بل كانوا طوائف شتى وفرقا مختلفين، آراؤهم متناقضة، وأديانهم متباينة) ([63]) اهـــ.
وقال الحافظ ابن حجر، /: (والمراد بالميتة الجاهلية وهي بكسر الميم حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع؛ لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرا بل يموت عاصيا، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن لم يكن هو جاهليا) ([64]) اهـــ.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب /: (هذه أمور خالف فيها رسول الله r ما عليه أهل الجاهلية الكتابيين والأميين مما لا غنى للمسلم عن معرفتها...
(المسألة الثالثة): (أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة والسمع والطاعة له ذل ومهانة، فخالفهم رسول الله r وأمر بالصبر على جور الولاة، وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة، وغلظ في ذلك وأبدى فيه وأعاد) ([65]) ا.هـــ.
(4) وعن فضالة بن عبيد t قال: قال رسول الله r: «ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا، وعبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها يكفيها المؤنة فتبرجت من بعده».([66])
قوله: «ثلاثة لا تسأل عنهم» كناية عن عظيم هلكتهم.
قال المناوي /: (قوله: «ثلاثة لا تسأل عنهم» أي: فإنهم من الهالكين. رجل فارق بقلبه ولسانه واعتقاده أو ببدنه ولسانه... «الجماعة» المعهودين وهم جماعة المسلمين، «وعصى إمامه» إما بنحو بدعة كالخوارج... وإما بنحو بغي أو حرابة أو احتيال أو عدم إظهار الجماعة في الفرائض، فكل هؤلاء لا يسأل عنهم لحل دمائهم) ([67]) اهــــ.
(5) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «يد الله على الجماعة» ([68]) .
(6) وعن سماك بن الوليد الحنفي أنه لقي ابن عباس بالمدينة فقال: (ما تقول في سلطان علينا يظلموننا ويشتموننا ويعتدون علينا في صدقاتنا ألا نمنعهم، -قال –ابن عباس:- لا أعطيهم يا حنفي... وقال: يا حنفي الجماعة، الجماعة إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها، أما سمعت الله عز وجل يقول: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} ([69]).
وكما أن الشارع أمر بلزوم الجماعة نهى كل مؤمن بالله واليوم الآخر عن مفارقتها وشق عصاها ومخالفة كلمتها.
وما هذا الاهتمام من الشارع بأمر الجماعة إلا لبالغ أهميتها وكبير قدرها وعظم نفعها. إذ هي رابطة المسلمين، قوتهم من قوتها، وضعفهم من ضعفها، فيها يعبد المسلم ربه آمنا، ويدعو إليه تعالى مؤيدا، المستضعف في كنفها قوي، والمظلوم في ظلها منصور، والعاجز معان.
(7) وعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: «يا أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله r فينا فقال: «أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، هو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن».([70])
قوله: (بحبوحة الجنة)، قال أبو عبيد / (أراد ببحبوحة الجنة وسطها. قال: وبحبوحة كل شيء وسطه وخياره) ([71]) اهـــ.
وقال ابن العربي / في قوله: (عليكم بالجماعة) يحتمل معنيين:
أحدهما: أن الأمة إذا اجتمعت على قول فلا يجوز لمن بعدهم أن يحدث قولا آخر.
والثاني: إذا اجتمعوا على إمام فلا يحل منازعتة ولا خلعة، وهذا ليس على العموم بل لو عقدة بعضهم لجاز، ولم يحل لأحد أن يعارض) ([72]) اهــــ.
ورجح المباركفوري / الوجه الثاني([73]).
وقال ابن أبي زمنين /: (ومن قول أهل السنة أن السلطان ظل الله في الأرض وأنه من لم ير على نفسه سلطانا برا كان أو فاجرا فهو على خلاف السنة) ([74]) اهـــ.
(8) وعن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله r فقال: يا نبي الله! أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس وقال: «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم»([75]).
بوب عليه النووي / فقال: (باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق).
وقال ابن أبي زمنين /: (فالسمع والطاعة لولاة الأمر أمر واجب ومهما قصروا في ذاتهم فلم يبلغوا الواجب عليهم، غير أنهم يدعون إلى الحق، ويؤمرون به، ويدلون عليه، فعليهم ما حملوا وعلى رعاياهم ما حملوا من السمع والطاعة لهم) ([76]) اهـــ.
فعليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة وأداء الحقوق، فإن قمتم بما عليكم يكافئكم الله سبحانه بحسن المثوبة والأجر.
ويؤيده قوله r: «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم».
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك- إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا...
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
([5]) انظر: «مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة» (ص 25)، ط. دار المعراج الرياض، الطبعة الأولى.
([7]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1480) ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط. الأولي من طريق هشام عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة به.
([10]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص23)، ط. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص 33)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت والنسائي في «السنن الكبرى» (ج 2 ص 311)، ط. دار لكتب العلمية، بيروت، وابن ماجه في «سننه» (ج 2 ص860)، ط. فؤاد عبد الباقي، وأحمد في «المسند» (ج 2 ص 3)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت، والطيالسي في «المسند» (ص 251)، ط. دار المعرفة، بيروت، ونعيم بن حماد في «الفتن» (ج 1 ص 167)، ط. مكتبة التوحيد، القاهرة، ط. الأولى، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج 2 ص 132)، ط. مجلس دائرة المعارف، الهند، ط. الأولي من طرق عن نافع به.
([13]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1481)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، من طريق يزيد بن يزيد عن زريق بن حيان عن مسلم بن قرظه عن عوف به.
([21]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج 13 ص 61)، ط. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض من طريق سفيان حدثنا إسرائيل أبو موسى فذكره.
([25]) التثبيط: يقال: ثبطه (تثبيطا) قعد به عن الأمر وشغله عنه ومنعه تخذيلا ونحوه، ويقال: ثبطه على الأمر وعن الشيء عوقه وبطأ به.
انظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج 1 ص 80)، ط. المكتبة العلمية، بيروت، و«المعجم الوسيط» (ج1 ص 93)، ط. دار الدعوة، تركية.
([26]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1479)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت من طرق عن زياد بن علاقة عن عرفجة به.
([28]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1477)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت من طريق غيلان بن جرير عن زياد بن رياح عن أبي هريرة به.
([29]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج 13 ص 5)، ط. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ومسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1477)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، وأحمد في «المسند» (ج 1 ص 275)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت.
([35]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1478)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
([36]) «السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» (ج 4 ص 514)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الأولى.
([38]) «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» (ج 21 ص 282)، ط. مكتبة ابن تيمية، مصر، ط. الأولى.
([39]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج 12 ص 201)، ط. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ومسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1302)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، وأبو داود في «سننه» (ج 4 ص126)، ط. دار الحديث، بيروت، ط. الأولى، والترمذي في «سننه» (ج 4 ص 19)، مصطفى البابي، مصر، ط. الثانية، وأحمد في «المسند» (ج 1 ص 275)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت.
([41]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج 13 ص 35)، ط. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ومسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1476)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، وقوله: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» المراد: الجماعة الذين ينتظمهم إمام ظاهر له شوكة وقدرة على سياسة الناس. انظر: «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية (ج 1 ص 115)، ط. مؤسسة قرطبة، ط. الأولى.
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج 3 ص 222)، ط. دار الحديث، بيروت، ط. الأولى، والترمذي في «سننه» (ج 5 ص 183)، ط. مصطفى البابي، ط. الثانية، وأحمد في «المسند» (ج 5 ص 183)، ط. المكتب الإسلامي بيروت وفي «الزهد» (ص 58)، ط. دار الكتاب العربي، بيروت، ط. الأولى، والدارمي في «المسند» (ج 1 ص 75)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج 5 ص 143)، ط. مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط. الثانية، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص 18)، ط. جامعة أنقرة، وابن أبي عاصم في «السنة» (ص504)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت، ط. الثانية من طرق عن شعبة عن عمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد به. قلت: وهذا سنده صحيح.
([50]) انظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (ج 4 ص 376)، دار الجيل، بيروت، ط. الأولى، «مصباح المنير» للفيومي (ج 2 ص 451)، ط. المكتبة العلمية، بيروت، و«المعجم الوسيط» (ج 2 ص 659)، ط. دار الدعوة، تركية.
([51]) «مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة» (ج 1 ص 277 و 278)، ط. دار ابن عفان، الخبر، ط. الأولى.
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج 5 ص 148)، ط. مصطفى البابي، مصر، ط. الثانية، وأحمد في «المسند» (ج 4 ص 130)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص 117)، ط. دار المعرفة، بيروت من طرق عن يحيى بن أبي كثير أن زيدا حدثه أن أبا سلام حدثه أن الحارث حدثه به. قلت: وهذا سنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
([60]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1476 و 1477)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى من طريق غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رباح عن أبي هريرة به.
([61]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج 13 ص5)، ط. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ومسلم في «صحيحه» (ج 3 ص 1477)، ط. دار إحياء التراث العربي، وأحمد في «المسند» (ج1 ص 275)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت.
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (ص 304)، ط. عالم الكتب، بيروت، ط. الثانية، والحاكم في «المستدرك» (ج 1 ص 119)، ط. دار المعرفة، بيروت، وأحمد في «المسند» (ج 6 ص 19)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت وابن أبي عاصم في «السنة» (ص 43) ط. المكتب الإسلامي. بيروت، ط. الثانية وابن حبان في «صحيحه» (ج 7 ص 44)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، ط. الأولى من طريق أبي هانئ عن عمرو بن مالك عن فضالة به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ص 43)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت. وقال الحاكم: حديث صحيح.
([67]) «فيض القدير شرح الجامع الصغير» (ج 3 ص 324)، ط. دار المعرفة، بيروت.
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج 12 ص 447)، ط. ابن تيمية، القاهرة ط. الثانية من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا معتمر بن سليمان عن مرزوق مولى آل طلحة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الألباني في «ظلال الجنة» (ص 40) ط. المكتب الإسلامي، بيروت.
وأورده الهيثمي في «المجمع» (ج 5 ص 218)، ط. دار الكتاب العربي. بيروت، ط. الثالثة ثم قال: رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات رجال الصحيح خلا مرزوق مولى آل طلحة وهو ثقة.
أخرجه ابن أبي حاتم في «التفسير» (ج 2 ص 455)، ط. دار ابن القيم، الدمام، ط. الأولى عن طريق عمرو بن علي الصيرفي حدثني عبد ربه بن بارق الحنفي- وأثنى عليه خيرا- حدثني سماك بن الوليد به.
قلت: وهذا سنده حسن.
ط. الثانية، وأحمد في «المسند» (ج 1 ص 18)، ط. المكتب الإسلامي، بيروت، والحاكم في «المستدرك» (ج 1 ص 114)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج1 ص 249)، ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، ط. الأولي، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص150)، ط. دار الكتب العلمية، بيروت من طريق محمد بن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه أحمد شاكر في «شرح المسند» (ج 1 ص 112)، ط. دار المعارف، مصر. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
([71]) «غريب الحديث» (ج 2 ص 205)، ط. دار الكتاب العربي، بيروت، ط. الأولى.