الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / النصر المؤزر في الجهاد الأكبر
النصر المؤزر في الجهاد الأكبر
|
من شعار أهل الحديث
النصر المؤزر
في
الجهاد الأكبر
وهو:
الجهاد في تعليم السنن الصحيحة؛ للأمة الإسلامية، ونشر العلم النافع فيها، عن طريق القرآن، والسنة، والأثر، وهذا هو: «الجهاد الأكبر»، وهذا الذي لا يقوم به، إلا خواص هذه الأمة، من أمة الإجابة، وهي الطائفة المنصورة الناجية.
وهو أيضا:
الجهاد بالعلم لأهل الضلالة من الحزبية، وغيرهم ممن ينتسبون للدعوة، ولهم أغراض، ومآرب، ومصالح، وأهواء يدعون إليها، ويريدون تحقيقها على حساب الدين!، وتشويش أفكار الشباب المسكين باسم الدعوة، والجهاد، والأعمال الخيرية والغيرة على الدين، وتنفيرهم عن مجتمعهم، وعن ولاة أمورهم، وعن علمائهم في الإسلام!
تأليف
فضيلة الشيخ فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في أنه: لابد من مجاهدة العدو الداخلي أولا، قبل العدو الخارجي: للنصر المؤزر، فيكون ذلك: بالتصفية الشاملة؛ لأهل البدع والأهواء: بجميع أنواعهم في الدول الإسلامية.
* وبذلك تزول الفتن من البلدان، ويسقط العدو الخارجي؛ لأن الأعداء يدخلون على البلدان، عن طريق المبتدعة الضلال، فيتعاونون معهم؛ لإسقاط البلدان الإسلامية؛ لأنهم: خونة للإسلام والمسلمين، ومع هذا الخزي، يزعمون أنهم: ضد الأعداء في الخارج!
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله؛ عن مجاهدة المبتدعة: (الحق لابد أن يبين ولابد أن يوضح.
* وكيف نعمل ونشتغل بالعدو الخارجي، ونترك العدو الداخلي، وهذا لا يمكن أن ينتصر الإسلام، وهناك: أعداء من الداخل.
قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين[ [التوبة: 123].
وقال تعالى: ]وأنذر عشيرتك الأقربين[ [الشعراء: 214].
* لابد من البداءة بالقريب قبل البعيد! ([1])).([2]) اهـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قصف وقصم
ذكر الدليل على
جهاد أهل الحديث؛ للمخالفين: للشريعة المطهرة؛ بالقرآن، والسنة، والآثار
عن الإمام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي / قال؛ بهراة: (عرضت على السيف خمس مرات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر المقدسي في «المنثور من الحكايات» (ص389)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» تعليقا (ج18 ص509)، وفي «تذكرة الحفاظ» تعليقا (ج3 ص1184)، وابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» (ج1 ص53 و54) من طريق ابن طاهر قال: سمعت الإمام أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة يقول: فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (ج1 ص227).
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
عصف وخسف
ذكر الدليل على
أسباب
إمامة: الإمام مالك /؛ منها: أنه كان ينتقد الرجال
المخالفين؛ للشريعة المطهرة في الأصول والفروع!
ذكر الحافظ ابن عبد البر /: أسباب إمامة الإمام مالك / في الدين، فقال في «التمهيد» (ج1 ص65): (معلوم أن مالكا: كان من أشد الناس تركا لشذوذ العلم([3])، وأشدهم انتقادا للرجال([4])، وأقلهم تكلفا، وأتقنهم حفظا؛ فلذلك صار إماما!). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
من اعتصم بالجهاد الأكبر نجا
المقدمة
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم.
* ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([5])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([6])
أما بعد،
فإن فهم «الجهاد الأكبر» أمر في غاية الأهمية؛ لأنه مرتبط بتحقيق العبد لشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وذلك أن تحقيقها لا يحصل بمجرد النطق باللسان، بل بالقيام بما تضمنته تلك الشهادة، وارتكزت عليه من شروط، ومعرفة حقيقة معناها من الكتاب، والسنة، والآثار.([7])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص15): (ولهذا كان رأس الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه، وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله من الأولين، والآخرين دينا سواه). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «عقيدة التوحيد» (ص51): (ومعنى: شهادة أن محمدا رسول الله: هو الاعتراف باطنا، وظاهرا؛ أنه عبد الله، ورسوله إلى الناس كافة، والعمل بمقتضى ذلك من طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص362): (فمن بنى الكلام في العلم: الأصول، والفروع على الكتاب، والسنة، والآثار المأثورة عن السابقين، فقد أصاب طريق النبوة.
* وكذلك من بنى الإرادة، والعبادة، والعمل، والسماع المتعلق بأصول الأعمال، وفروعها من الأحوال القلبية، والأعمال البدنية على الإيمان، والسنة، والهدي الذي كان عليه محمد r، وأصحابه، فقد أصاب طريق النبوة، وهذه طريق أئمة الهدى). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح السنة» (ص204): (وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها، أو ينكر شيئا من أخبار رسول الله r؛ فاتهمه على الإسلام، لأن من معنى شهادة أن محمدا رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، هذا معنى: شهادة أن محمدا رسول الله؛ والله تعالى يقول: ] وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ [الحشر:7]). اهـ
قلت: وقد التزمت في بحثي هذا الاختصار، وعدم التطويل لسرعة فهم العباد «للجهاد الأكبر»، ثم تطبيقه في الواقع لدفع المعتدين على الإسلام والمسلمين من أعداء الدين في الداخل من المبتدعة؛ لصلاح المسلمين، وإصلاحهم في عقائدهم، وأخلاقهم، وجميع شؤونهم الدينية، والدنيوية، وفي تربيتهم العلمية، والعملية، وهذا النوع هو: «أصل الجهاد»، وقوامه، وعليه يتأسس، النوع الثاني: وهو الجهاد بالسلاح، ودفع المعتدين على الإسلام والمسلمين من أعداء الدين في الخارج من الكفار.
قال تعالى: ]وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم[ [الحج: 78].
وعن الإمام الحسن البصري رحمه الله قال، في قوله تعالى: ]وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم[ [الحج: 78]؛ قال: (إن العبد ليجاهد في الله حق جهاده، وما ضرب بسيف).([8])
وعن الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله قال: (هو مجاهدة: النفس والهوى، وهو: الجهاد الأكبر، وهو حق الجهاد).([9])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان رحمه الله في «تفسير القرآن» (ج2 ص39): (في قوله تعالى: ]وجاهدوا في الله[ [الحج: 78]؛ يأمرهم بالعمل، ]حق جهاده [يقول: اعملوا لله بالخير حق عمله). اهـ
قلت: فالجهاد الأكبر أن تعملوا بالحق: حق عمله في الدين، فيطاع: فلا يعصى.([10])
وقال تعالى: ]ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا (51) فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا [ [الفرقان: 51 و52].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في قوله تعالى: ]وجاهدهم به جهادا كبيرا[ [الفرقان: 52]؛ قال: (بالقرآن). ([11])
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]وجاهدهم به جهادا كبيرا[ [الفرقان: 52] قال: (يريد: الإسلام. وقرأ: ]واغلظ عليهم[ [التوبة: 73] وقرأ: ]وليجدوا فيكم غلظة[ [التوبة: 123] وقال: هذا الجهاد الكبير).([12])
وعن ابن جابر، قال: سألت عطاء الخراساني، عن قول الله: ]ولقد صرفناه بينهم ليذكروا[ [الفرقان: 50] قال: القرآن ألا ترى إلى قوله فيها: ]ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا[ [الفرقان: 52].([13])
وقال تعالى: ]يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهمومأواهم جهنم وبئس المصير [ [التوبة: 73].
وعن إبراهيم بن أبي علقمة قال؛ لقوم جاءوا من الغزو: (قد جئتم من الجهاد الأصغر؛ فما فعلتم في الجهاد الأكبر؟ قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب).([14])
قلت: فابدأ بنفسك فجاهدها، وابدأ بنفسك فاغزها!.
قال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ص289): (فهذا الجهاد يحتاج أيضا إلى صبر، فمن صبر على مجاهدة نفسه، وهواه وشيطانه، غلبه وحصل له النصر والظفر، وملك نفسه، فصار عزيزا ملكا، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك، غلب وقهر وأسر، وصار عبدا ذليلا أسيرا([15])، في يدي شيطانه وهواه).اهـ
قال تعالى: ]إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب[ [الزمر: 10].
وقال تعالى: ]وبشر الصابرين (155) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون (156) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون [ [البقرة: 155 و156 و157].
وقال تعالى: ] ومن يتق الله يجعل له مخرجا (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب[ [الطلاق: 2 و3].
وعن فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب).
حديث حسن
أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص38 و387)، والترمذي في «سننه» (1715)، وابن المبارك في «الزهد» (826)، وفي «المسند» (ص81)، وفي «الرقائق» (ج2 ص479)، وابن حبان في «صحيحه» (ج10 ص484)، و(ج11 ص203)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص309)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص54)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص341 و342)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1123)، وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» (ص277)، والبغوي في «شرح السنة» (14)، وابن ماجة في «سننه» (3934)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص601)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص452)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج1 ص109)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة على تارك المحجة» (ج2 ص167)، والبزار في «المسند» (3752) من طريق الليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، ورشدين بن سعد؛ جميعهم: عن حميد بن هانئ الخولاني، عن عمرو بن مالك الجنبي: قال حدثني فضالة بن عبيد رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده حسن، من أجل حميد بن هانئ أبي هانئ الخولاني، وهو: صدوق.
قال الحافظ الذهبي في «الكاشف» (ج1 ص258): «ثقة».
وقال الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج9 ص118): «صدوق».
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص9): «ثقة: يحتج به، عند مسلم».
وقال الحافظ ابن عبد البر في «الاستغناء» (ج2 ص503): «هو عندهم: صالح الحديث، لا بأس به».
وقال الحافظ الدارقطني في «السؤالات» (95): «لا بأس به، ثقة».
وذكره الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج4 ص149)؛ في التابعين.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».
وقال الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج2 ص90): «وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات».
وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ق/244/ط): «هذا إسناد صحيح».
وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج7 ص7): «وإسناده جيد».
وقال المناوي في «التيسير» (ج2 ص454): «وإسناده جيد».
قال المناوي في «فيض القدير» (ج6 ص262): «قال العلائي: حديث حسن».
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص268)؛ ثم قال: «رواه البزار والطبراني في «الكبير»، باختصار: ورجال البزار ثقات».
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج10 ص545).
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص56)؛ ثم قال: «رواه الطبراني في «الكبير»، وإسناده حسن».
ومعناه: يجاهد: نفسه بالطاعة، ويجاهد: نفسه بترك المعصية، ويجاهد: شيطانه عن إضلاله، ويجاهد: في الله بتعليم العلم النافع، وبنشره بين الأمة، ويجاهد: بالدعوة إلى نشر السنن الصحيحة الواضحة، ويجاهد: نفسه بترك البدع، وعدم الجلوس مع أهل البدع، ويجاهد: نفسه بترك الباطل، وأهله. ([16])
قلت: وعلى هذا الأساس، ومن هذا المنطلق، يجب على أهل العلم، وحملته، وطلبته أن ينشئوا الأمة شيبا، وشبابا على هذا النهج الرشيد، والمنهج السديد، وأن يكون هذا دأبهم، وديدنهم، لقمع الأعداء في الخارج والداخل، اللهم سدد سدد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الوصية الكبرى» (ص23)؛ عن توسط أهل الحديث والسنة: (وهم كذلك في سائر أبواب السنة، هم وسط؛ لأنهم متمسكون بكتاب الله، وسنة رسوله r، وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين، والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان y أجمعين). اهـ
وأخيرا: أسأل الله العظيم القدير، أن ينفع بهذا الكتاب الأمة، وأن يكتب لنا الأجر، وله الحمد سبحانه في الأولى والآخرة.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب أعن
اثبت أحد
أيها المسلم الكريم: إذا رأيت مقالات الحزبي البالية، لا تهتز من نقده واثبت على الكتاب والسنة؛ بفهم سلف الأمة.
* فإنه عجول جهول، وهو خفيف دفيف([17])، وركيك سخيف، وخفيف الركانة([18])، وضعيف الرزانة، منحل العقيدة، مختل المكيدة، ضعيف البنيان، قليل الرجحان، بين النقصان... لا تزيده الموعظة إلا خسارا، ولا تفيده النصيحة إلا إصرارا... إن داريته فار، وإن حركته طار... عقله طائش كالسراب، وتحسبه قاعدا كالجبل([19]) وهو يمر مر السحاب، جهله شديد، وجنونه حديد، طيشه عتيد، وشيطانه مريد... كثير الغدر، وضيق الصدر... قد فارق الحياء، وحالف البذاء... ويسيئ المقال، ويجالس الأنذال.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
ذكر الدليل على عظم الجهاد بالبيان، وهو من الجهاد الأكبر، به يحرق الله تعالى قلوب أهل الكفر في الخارج، وقلوب أهل الأهواء في الداخل، بل به ينزل الأمن والأمان من الله تعالى في الأوطان، وبه يأتي النصر للبلدان
اعلم رحمك الله تعالى: أن محاربة أهل الضلالة في الخارج والداخل من أعظم القربات في الدين، بل ذلك من «الجهاد الكبير» في سبيل الله تعالى، ويكون بأمرين:
الأول: بالسلاح والسنان، وهذا خاص بالجيش، والشرطة فقط، لأنهم تحت أمر الحاكم، فلا يرفعوا سلاحا، ولا قوة إلا بأمره، وهذا من «الجهاد» في سبيل الله.
الثاني: بالحجة والبيان([20])، وهذا عام للجميع ممن عنده علم بالكتاب، والسنة، والآثار، وهذا هو «الجهاد الأكبر»!، وهو أساس: النوع الأول.
قلت: فإن فعل الناس ذلك حمى الله تعالى البلد من كيد أهل الكفر في الخارج، وكيد أهل الضلالة في الداخل، لأن هذا الدفاع هو حماية للمسلمين، وبلدانهم، ومحل عبادتهم لله تعالى ([21])، فافهم لهذا ترشد.([22])
قلت: فهذا هو «جهاد» النبي r، وصحابته الكرام: لأهل الضلالة، فأنقذ الله تعالى بهم الناس من الضلال المبين، ومن الشرك والكفر، إلى الإيمان والتوحيد في الدين.
«فجهاد» النبي r، وأصحابه y؛ لأهل الضلالة أعظم «الجهاد»؛ فصبروا وبذلوا أموالهم وأنفسهم، بل جاهدوا أقرب الناس لهم؛ لأجل إعلاء كلمة الله تعالى.
قلت: وميدان الجهاد من أوسع ميادين التربية العلمية:
فالصحابة الكرام شاركوا النبي r في كل ميادين «الجهاد»، جهاد النفس، وجهاد المال، وجهاد الدعوة، وجهاد العلم، في كل أوجه الخير تسابقوا، وبعد أن فازوا، ونالوا مرتبة الرضى.
قلت: فالحذر الحذر أن يصدك جاهل عن «الجهاد الأكبر»، اللهم سلم سلم.
قال محمد بن يحيى الذهلي: سمعت يحيى بن يحيى يقول: (الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله.
قال محمد: قلت ليحيى: الرجل ينفق ماله، ويتعب نفسه، ويجاهد، فهذا أفضل منه؟! قال: نعم؛ بكثير).([23])
* وعلى هذا مضى أئمتنا، فيرون أن «جهاد» المبتدعة هو الأصل، و«جهاد» الكفار، والملحدين هو الفرع عن ذلك الأصل.([24])
قال العلامة الشيخ السعدي / في «وجوب التعاون بين المسلمين» (ص7): (الجهاد نوعان: جهاد يقصد به صلاح المسلمين، وإصلاحهم في عقائدهم، وأخلاقهم، وجميع شؤونهم الدينية والدنيوية، وفي تربيتهم العلمية والعملية، وهذا النوع هو أصل «الجهاد» وقوامه، وعليه يتأسس.
النوع الثاني: وهو «جهاد» يقصد به دفع المعتدين على الإسلام والمسلمين من الكفار، والمنافقين، والملحدين، وجميع أعداء الدين ومقاومتهم). اهـ
قال تعالى: ]وجاهدوا في الله حق جهاده[ [الحج:78].
قال الإمام سبط ابن الجوزي / في «الجليس الصالح» (ص110): (و«الجهاد» خمسة أنواع... وذكر منها: و«جهاد» مع أصحاب الباطل بالعلم والحجة، وذلك لقوله تعالى: ]وجاهدوا في الله حق جهاده[، وقوله تعالى: ]وجادلهم بالتي هي أحسن[ [النحل:125]، يعني: بالحجة). اهـ
قلت: فنقد أهل البدع، وأهل التحزب، وأهل التعالم بالعلم والحجة من «الجهاد الكبير» فتأمل، ويجب على الحاكم أن يجاهدهم أيضا بالمنع والعقوبة، وغير ذلك.
قلت: إذا؛ فمواجهة هؤلاء حماية لديار المسلمين من أن تغتال من تحتها، «بجهاد» المنافقين، والحزبيين الذين يتسللون الصفوف لواذا.
قال تعالى: ]يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير [ [التوبة:73].
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الدعوة إلى الله» (ص25): (وإنما الواجب، والمشروع هو الأخذ بما بينه الله عز وجل في آية النحل، وهو قوله تعالى: ]ادع إلى سبيل ربك بالحكمة[ [النحل: 125]؛ إلا إذا ظهر من المدعو العناد، والظلم؛ فلا مانع من الإغلاظ عليه، كما قال الله تعالى: ]يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم[ [التحريم: 9]؛ وقال تعالى: ]ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم[ [العنكبوت:46]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (الجهاد بالحجة واللسان مقدم على الجهاد بالسيف والسنان).([25]) اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص70): (فقوام الدين بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين:
الأول: جهاد باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثير.
والثاني: الجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه. قال تعالى في سورة الفرقان، وهي مكية: ]ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا (51) فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا[ [الفرقان:51 -52]). اهـ
وعن أبي سعيد الخدري t عن النبي r أنه قال: (لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق، إذا علمه).
قال: أبو سعيد الخدري: (فما زال بنا البلاء حتى قصرنا).
حديث صحيح
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص419)، وابن ماجة في «سننه» (ج2 ص1328)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص44)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص98)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص346)؛ بإسناد صحيح.
والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص322).
قال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (ج1 ص325): (وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس، أو طمعا في المعاش، فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء، كالضرب والشتم، وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه، ونحو ذلك، فهو داخل في النهي، ومخالف للنبي r، وإذا كان هذا حال من يكتم الحق وهو يعلمه، فكيف يكون حال من لا يكتفى بذلك، بل يشهد بالباطل على المسلمين الأبرياء، ويتهمهم في دينهم وعقيدتهم، مسايرة منه للرعاع، أو مخافة أن يتهموه هو أيضا بالباطل إذا لم يسايرهم على ضلالهم واتهامهم. فاللهم ثبتنا على الحق، وإذا أردت بعبادك فتنة، فاقبضنا إليك غير مفتونين). اهـ
وعن أبي عبد الرحمن العمري /قال: (إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله، بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهى خوفا ممن لا يملك لك ضرا ولا نفعا).([26])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول» (ج3 ص735): (إن المحاربة نوعان: محاربة باليد، ومحاربة باللسان، والمحاربة باللسان في باب الدين قد تكون أنكى من المحاربة باليد).([27]) اهـ
وعن البراء بن عازب t قال: سمعت رسول الله r يقول؛ لحسان بن ثابت: (اهجهم، أو هاجهم، وجبريل معك).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص351)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1933).
وفي رواية: للبخاري في «صحيحه» (ج1 ص652)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1933) من حديث أبي هريرة بلفظ: (اللهم أيده بروح القدس).
وفي رواية: للبخاري في «صحيحه» (ج10 ص652) من حديث عائشة ڤ بلفظ: (إن جبريل معك ما دمت تنافح عن رسول الله r).
وفي رواية: لمسلم في «صحيحه» من حديث عائشة ڤ؛ بلفظ: (اهجوا قريشا فإنه أشد عليها من رشق بالنبل). ([28])
قلت: فأهل البدع في الداخل أضر على الإسلام، من أهل الكفر في الخارج.
قال الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي / في «الاقتصاد في الاعتقاد» (ص222): (واعلم رحمك الله أن الإسلام، وأهله أتوا من طوائف ثلاث:
الأولى: فطائفة([29]) ردت أحاديث الصفات، وكذبوا رواتها، فهؤلاء أشد ضررا على الإسلام وأهله من الكفار.
الثانية: وأخرى([30]) قالوا بصحتها وقبولها، ثم تأولوها، فهؤلاء أعظم ضررا من الطائفة الأولى.
الثالثة([31]): جانبوا القولين الأولين، وأخذوا بزعمهم ينزهون وهم يكذبون، فأداهم ذلك إلى القولين، وكانوا أعظم ضررا من الطائفتين الأولتين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص479): (وقد اتفق أهل العلم بالأحوال، أن أعظم السيوف التي سلت على أهل القبلة: ممن ينتسب إليها، وأعظم الفساد الذي جرى على المسلمين؛ ممن ينتسب إلى أهل القبلة، إنما هو من الطوائف المنتسبة إليهم، فهم أشد ضررا على الدين وأهله). اهـ
وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (221): (تشبث به - يعني: الحديث - وعض عليه بالنواجذ، ودع عنك آراء الرجال، فإنه إذا ورد الأثر بطل النظر!). اهـ
وقال الإمام شيخنا محمد بن صالح العثيمين / في «شرح بلوغ المرام» (ج5 ص30): (القلب إذا انشغل بالباطل، لم يبق للحق فيه محل؛ كما أنه إذا انشغل بالحق، لم يبق فيه للباطل محل).اهـ
قلت: إذا فأهل البدع والأهواء – ولا سيما دعاتهم – وأهل الشر بأصنافهم الذين يشكلون على الناس في دينهم وعقائدهم أعظم الأخطار، وأبعد عن وجوب العدل في مقام النصيحة، والتحذير من شرورهم وبدعهم، وهذا ما عليه الكتاب والسنة، وما عليه أئمة الأمة، وأعلامها، وهداتها.
قال الإمام ابن هبيرة /: وفي حديث أبي سعيد الخدري: (في قتال الخوارج)، قال: (وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة فيه، أن في قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح، وحفظ رأس المال أولى).([32]) اهـ
وعن أنس t أن رسول الله r قال: (جاهدوا المشركين؛ بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (354)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص251)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص468)، وابن حزم في «الإحكام» (ج1 ص29)، وابن حبان في «صحيحه» (ج7 ص104). بإسناد صحيح.
قال الحافظ النووي / في «رياض الصالحين» (ص515): (رواه أبو داود: بإسناد صحيح).
وقال الحافظ ابن حزم / في «الإحكام» (ج1 ص29): (وهذا الحديث في غاية الصحة).
قلت: فدل الحديث على وجوب «جهاد» المشركين باللسان واليد، وكذلك «جهاد» المبتدعين باللسان واليد؛ كما فعل أئمتنا رحمهم الله، بل رأوا جهادهم أكبر الجهادين.
وعن الإمام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي / قال؛ بهراة: (عرضت على السيف خمس مرات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر المقدسي في «المنثور من الحكايات» (ص389)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» تعليقا (ج18 ص509)، وفي «تذكرة الحفاظ» تعليقا (ج3 ص1184)، وابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» (ج1 ص53 و54) من طريق ابن طاهر قال: سمعت الإمام أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة يقول: فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (ج1 ص227).
قال الحافظ ابن كثير / في «البداية والنهاية» (ج14 ص40): (الطريق إلى الله تعالى لا بد له من أعداء قاعدين عليه؛ أهل فصاحة، وعلم، وحجج، والواجب أن تتعلم من دين الله تعالى ما يصير سلاحا لك؛ فجند الله تعالى هم الغالبون بالحجة، واللسان؛ كما أنهم الغالبون بالسيف، والسنان، وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق، وليس معه سلاح). اهـ
قلت: فمنذ ظهور ظلام البدعة، وأهل السنة يصيحون بأهلها، ويحذرون الناس منهم، ويهجرونهم، ويتركون السلام عليهم، ولا يجالسونهم، وغير ذلك من وسائل محاربتهم ومباينتهم، ورسموا هذا المنهج لمن يأتي بعدهم ممن درج على طريقتهم، وسار على هديهم.
فعن عاصم الأحول، قال: قال قتادة /: (يا أحول إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر).([33])
قلت: وقد عد العلماء هذا التحذير من باب النصيحة لعامة المسلمين، وبينوا أن هذا الأمر لا يعد من الغيبة المحرمة، فعن الإمام كثير بن زياد / أنه قال: (يقال أهل الأهواء لا حرمة لهم).([34])
* لذلك: لم يعد العلماء ذكر المبتدعة بأسمائهم، وتحذير الناس منهم من الغيبة، وقد جمع بعض أهل العلم الحالات التي تخرج من الغيبة المحرمة في بيتين فقال:
القدح ليس بغيبة في ســتــة |
|
متظلم ومعرف ومحذر |
ولمظهر فسقا ومستفت ومن |
|
طلب الإعانة في إزالة منكر ([35]) |
قلت: والمقصود أن التحذير من أهل البدع من واجبات أهل العلم التي لا يجوز لهم التخلي عنها.([36])
قال الإمام العز بن عبد السلام /: (أوجب الله على العلماء إعزاز الدين، وإذلال المبتدعين، فسلاح العالم علمه؛ كما أن سلاح الملك سيفه وسنانه، فكما لا يجوز للملوك إغماد أسلحتهم عن الملحدين والمشركين، لا يجوز للعلماء إغماد ألسنتهم عن الزائغين والمبتدعين.
* فمن ناضل عن الله، وأظهر دين الله كان جديرا أن يحرسه الله تعالى بعينه التي لا تنام، ويعزه بعزه الذي لا يضام.
* خصوصا، وقد قال القشيري: سمعت أبا علي الدقاق يقول: «من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس».([37])
* فالساكتون عصاة آثمون مندرجون تحت؛ قوله تعالى: ]كانوا لا يتناهون عنمنكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (79)[ [المائدة: 79]([38])). اهـ
قلت: ولم يزل أهل العلم يرون أن الرد على أهل البدع، والفرق المنتسبة إلى الإسلام: واجب لا يجوز التنازل، أو التخلي عنه، وهي وظيفة شرعية، من مهام العلماء، لحراسة الملة، والذب عنها.([39])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج9 ص233): (وهذه الأمة - ولله الحمد - لم يزل فيها من يتفطن لما في كلام أهل الباطل من الباطل ويرده، وهم لما هداهم الله به يتوافقون في قبول الحق، ورد الباطل رأيا ورواية من غير تشاعر ولا تواطؤ). اهـ
* وكانوا يعدون الرد على المخالف، والمبتدع، والذب عن السنة من الجهاد في سبيل الله تعالى.
* وروى الحافظ الهروي في «ذم الكلام» (ج6 ص200)؛ بسند حسن: عن محمد البلخي قال: (كنت مع ابن أبي شريح في طريق غور، فأتاه إنسان في بعض تلك الجبال، فقال له: (إن امرأتي ولدت لستة أشهر، فقال: هو ولدك قال رسول الله r: «الولد للفراش»([40])؛ فعاود فرد عليه كذلك، فقال الرجل: «أنا لا أقول بهذا»، فقال: «هذا الغزو»([41])؛ وسل عليه السيف، فأكببنا عليه، وقلنا: جاهل لا يدري ما يقول).
قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج16 ص527)؛ تعليقا على هذا الأثر: (احتمى للسنة، وغضب لها).
قلت: بل مجرد تبليغ السنة إلى الناس من أعظم: «الجهاد»، وأفضله، والله المستعان.
قال الإمام ابن القيم / في «جلاء الأفهام» (ص415): (وتبليغ سنته r إلى الأمة، أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو؛ لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم([42])، جعلنا الله تعالى منهم بمنه، وكرمه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص217): (ولهذا كان الجهاد نوعين: جهاد باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثير.
والثاني: الجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل عليهم السلام، وهو جهاد الأئمة([43])، وهو أفضل الجهادين؛ لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه، قال تعالى في سورة الفرقان، وهي مكية: ]ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا (51) فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا (52)[ [الفرقان: 51 و52]؛ فهذا جهاد لهم بالقرآن، وهو أكبر الجهادين). اهـ
وقال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ /؛ في إحدى رسائله: (وقد بلغني ما من الله به عليك من جهادك أهل البدع، والإغلاظ في الإنكار على الجهمية المعطلة، ومن والاهم، وهذا من أجل النعم، وأشرف العطايا، وهو من أوجب الواجبات الدينية.
* فإن الجهاد بالعلم والحجة، مقدم على الجهاد باليد والقتال، وهو من أظهر شعائر السنة، وآكدها، وإنما يختص به في كل عصر ومصر: أهل السنة، وعسكر القرآن، وأكابر أهل الدين والإيمان؛ فعليك بالجد والاجتهاد، واعتد به من أفضل الزاد للمعاد، قال تعالى: ]إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار[ [غافر: 51 و52]).([44]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (يجب على كل من يقدر على دفع شبههم وأباطيلهم، وقطع حججهم وأضاليلهم، أن يبذل جهده ليكشف رذائلهم، ويزيف دلائلهم، ذبا عن الملة الحنيفية، والسنة الصحيحة الجلية).([45]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص231): (ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم، ويصلي، ويعتكف أحب إليك، أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف؛ فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع؛ فإنما هو للمسلمين هذا أفضل.
* فبين أن نفع هذا عام للمسلمين، في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله، ودينه ومنهاجه وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب، وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء). اهـ
وقال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص288): (ومن الواجب على السلاطين، وعلى العلماء إنكار البدع والضلالات، وإظهار الحجج، وبيان الدلائل من الكتاب والسنة، وحجة العقل، حتى يقطع عذرهم، وتبطل شبههم، وتمويهاتهم). اهـ
قلت: وكلام السلف في وجوب جهاد المبتدعة أكثر من أن يحصى، وهو مبثوث في كتب العقائد، بل ولهم في ذلك مصنفات خاصة في نقض البدع بأصولها، بل وفي الرد على أهل البدع بأعيانهم رحمهم الله، ما أعظم محبتهم لدين الله، وما أنصحهم لعباد الله.
* ولم يزل علماء هذه الدعوة السلفية المباركة ينفاحون عن السنة، ويردون على أهل البدع، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك.
فعن عبد الله بن مسعود t أن رسول الله r قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان، حبة خردل).([46])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «حكم السماع» (ص69): (ويجب الإنكار على هذا المبتدع، وأمثاله بحسن القصد، بحيث يكون المقصود طاعة الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا اتباع الهوى، ولا منافسة، ولا غير ذلك، قال تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله[ [الأنفال:39].
* فالمقصود: أن يكون الدين كله لله، ولا دين إلا شرعه الله تعالى على ألسن رسله، وفي الصحيحين: (أن النبي r قيل له: يا رسول الله، الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟، فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»).([47]) فيكون المقصود علو كلمة الله، وظهور دين الله، وأن يعلم المسلمون كلهم: أن ما عليه المبتدعون المراؤون ليس من الدين، ولا من فعل عباد الله الصالحين؛ بل من فعل أهل الجهل، والضلال، والإشراك بالله تعالى، الذين يخرجون عن توحيده، وإخلاص الدين له، وعن طاعة رسله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «نقض المنطق» (ص12): (الراد على أهل البدع: مجاهد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «إبطال وحدة الوجود» – في رده على الصوفية -: (فهذه المقالات وأمثالها، من أعظم الباطل، وقد نبهنا على بعض ما به يعرف معناها، وأنه باطل، والواجب إنكارها، فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين، أولى من إنكار دين اليهود والنصارى، الذي لا يضل به المسلمون).اهـ
قلت: وهذا الإمام أحمد / يرى أنه يستعان باليهود والنصارى، ولا يستعان بأهل البدع، اللهم غفرا.
قال المروزي للإمام أحمد /: (أيستعان باليهود والنصارى وهم مشركون، ولا يستعان بالجهمي؟
قال الإمام أحمد /: يا بني، يغتر بهم المسلمون، وأولئك لا يغتر بهم المسلمون).([48])
قلت: فهؤلاء هم أعيان، ورؤوس أهل السنة، وهذا من أقوالهم، ]فهل من مدكر[ [القمر:15].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414): (فإذا كان الرجل مخالطا في السير؛ لأهل الشر يحذر عنه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / ): في «منهاج السنة» (ج5 ص253): (والأمر بالسنة والنهي عن البدعة: هو أمر بمعروف ونهي عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة).اهـ
قلت: ومما سيواجه حراس السنة، بل لعله أسوأ ما يواجهونه نفثات المخذلين، والمقصرين من المنتسبين إلى السنة، فترى الملطخ بجراح التمييع، الكاتم للحق؛ والمقصر في الدين؛ إذا قام إخوانه من أهل السنة بنصر السنة وأهلها، وقمع البدعة وأهلها؛ تجده يخذل عن ذلك، ويظهر ذلك من الدين، بل ويرجف في المدينة على أهل السنة لتنفير الناس عنهم.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح السنة» (ص69): (القصد هو بيان الحق، وهذه أمانة حملها الله تعالى العلماء، فلا يجوز السكوت عن أمثال هؤلاء، لكن مع الأسف؛ لو يأتي عالم يرد على أمثال هؤلاء قالوا: هذا متسرع إلى غير ذلك من الوساوس، فهذا لا يخذل أهل العلم أن يبينوا للناس شر دعاة الضلال). اهـ
قلت: ولا ينبغي للجماعات الإسلامية، والجمعيات الحزبية اليوم أن يضيق صدرها من «الجهاد الأكبر» لأنه من القيام بالقسط، اللهم سدد سدد!.
قلت: وفي الرد على المخالف دفاع عن الإسلام من جهتين:
الأولى: الخطر الخارجي ([49]) وهو الكافر المحض، الذي لم يعرف نور الإسلام، بما يكيده للإسلام والمسلمين: من غزو يحطم في مقوماتهم العقدية، والسلوكية، والسياسية...
والثانية: مواجهة التصدع الداخلي([50]) في الأمة بفشو فرق ونحل، وجماعات طاف في أفئدة شباب الأمة... إذ التصدع الداخلي: تحت لباس الدين، يمثل انكسارا في رأس مال المسلمين، وقد كان للسالكين في ضوء الكتاب والسنة – الطائفة المنصورة – الحظ الوافر والمقام في جبر كسر المسلمين بردهم إلى الكتاب والسنة، وذلك بتحطيم ما قامت عليه تلك الفرق المفرقة، من مآخذ باطلة في ميزان الشرع.([51])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص232)؛ في أهل البدع وأشياعهم: (إذ تطهير سبيل الله، ودينه، ومنهاجه، وشرعته، ودفع بغي هؤلاء، وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب، وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء، وقد قال النبي r: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم؛ وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»([52])). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص132) عن المبتدعة: (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم، بأن هذا الكلام لا يدري ما هو؟ أو من قال أنه صنف هذا الكتاب؟ ... وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ، والعلماء، والملوك، والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص466): (وقسم آخر: أقوام لا يعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب، أو يعرفون بعضه، ويجهلون بعضه، وما عرفوه منه قد لا يبينونه للناس، بل يكتمونه، ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة ، ولا يذمون أهل البدع، ويعاقبونهم؛ بل لعلهم يذمون الكلام في السنة، وأصول الدين ذما مطلقا؛ لا يفرقون فيه بين ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وما يقوله أهل البدعة والفرقة، أو يقرون الجميع على مذاهبهم المختلفة، كما يقر العلماء في مواضع الاجتهاد التي يسوغ فيها النزاع، وهذه الطريقة قد تغلب على كثير من المرجئة، وبعض المتفقهة، والمتصوفة، والمتفلسفة). اهـ
قلت: و«الجهاد»([53]) من أعظم الوسائل لتزكية العبد نفسه حتى تستقيم على شرع الله سبحانه.
قال تعالى: ]والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين[ [العنكبوت:69].
وعن أبي سليمان الداراني / قال: (ليس الجهاد في الآية قتال الكفار فقط، بل هو نصر الدين، والرد على المبطلين وقمع الظالمين، وأعظمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن مجاهدة النفوس في طاعة الله، وهو الجهاد الأكبر).([54])
قلت: «فالجهاد» بالحجة والبرهان... أو يمكن القول بأن «الجهاد» مجاهدة العدو الخارجي والداخلي، ولا شك في أن العدو الداخلي عندما يكون أمارا بالسوء فهو عدم لصاحبه، وخطره أشد من خطر العدو الخارجي، لأنه لا يقتصر في إهلاكه لصاحبه على إيقاع الضرر به في دنياه، وإنما يجعله يخسر الدنيا والأخرة، وذلك هو الخسران المبين.
قال أبو الفضل الآلوسي / في «روح المعاني» (ج21 ص24): (جهاد النفس: هو الجهاد الأكبر). اهـ
قلت: وبذلك يتبين أن «الجهاد الأكبر» شاق على النفس، وأن هذه المشقة تزداد كلما ازدادت عداوة أهل الأهواء، وتحكمت الأهواء فيهم، ولذلك كان لزاما على العبد أن يتحلى بالصبر، والمصابرة ليفلح في مجاهدته.
قلت: فالصبر زاد المجاهد، والدافع لاستمراره وتقويته، ومن عدم الصبر لم يفلح في «جهاده الأكبر».
قال الإمام ابن القيم / في «عدة الصابرين» (ص18): (الصبر ثبات باعث العقل، والدين في مقابل باعث الهوى والشهوة). اهـ
وقال تعالى: ]وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج:78].
قلت: وبهذا يتبين ضرورة «الجهاد الأكبر» وخطر إهماله، أو الاستسلام للأهواء المضلة.
قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج2 ص260): (وإذا اعتقد أن صاحب الحق لا ينصره الله تعالى في الدنيا والآخرة، بل قد تكون العاقبة في الدنيا للكفار والمنافقين - والحزبيين والمبتدعين- على المؤمنين، وللفجار الظالمين، على الأبرار المتقين، فهذا من جهله بوعد الله تعالى، ووعيده). اهـ
وقال تعالى: ]يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير[ [التوبة:73].
قال العلامة الشيخ السعدي / في «تفسير القرآن» (ص344): (]يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير[، أي: بالغ في جهادهم، والغلظة عليهم حيث اقتضت الحال الغلظة عليهم.
* وهذا «الجهاد»: يدخل فيه «الجهاد» باليد، و«الجهاد» بالحجة واللسان، فمن بارز منهم بالمحاربة فيجاهد باليد، واللسان، والسيف، والبيان.
* ومن كان مذعنا للإسلام بذمة أو عهد، فإنه يجاهد بالحجة والبرهان، ويبين له محاسن الإسلام، ومساوئ الشرك والكفر، فهذا ما لهم في الدنيا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج3 ص5): (لما كان الجهاد ذروة سنام الإسلام وقبته، ومنازل أهله: أعلى المنازل في الجنة، كما لهم الرفعة في الدنيا، فهم الأعلون في الدنيا والآخرة: كان رسول الله r في الذروة العليا منه، واستولى على أنواعه كلها، فجاهد في الله حق جهاده بالقلب والجنان، والدعوة والبيان، والسيف والسنان، وكانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه ولسانه ويده، ولهذا كان أرفع العالمين ذكرا، وأعظمهم عند الله قدرا، وأمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه، فقال: ]ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا (51) فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا[ [الفرقان:51 -52] فهذه سورة مكية، أمره فيها بجهاد الكفار بالحجة، والبيان، وتبليغ القرآن، وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال تعالى: ]يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير[ [التوبة:73].
* فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة وورثة الرسل عليهم السلام، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه، والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلين عددا فهم الأعظمون عند الله قدرا.
* ولما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المعارض - مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه - كان للرسل صلوات الله عليهم وسلامه من ذلك الحظ الأوفر، وكان لنبينا صلوات الله وسلامه عليه من ذلك: أكمل الجهاد وأتمه). اهـ
وقال الحافظ ابن حزم / في «الإحكام» (ج1 ص28): (قال تعالى: ]ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح[ [التوبة:120]؛ ولا غيظ أغيظ على الكفار والمبطلين من هتك أقوالهم بالحجة الصادعة، وقد تهزم العساكر الكبار، والحجة الصحيحة لا تغلب أبدا، فهي أدعى إلى الحق، وأنصر للدين من السلاح الشاكي، والأعداد الجمة، وأفاضل الصحابة الذين لا نظير لهم، إنما أسلموا بقيام البراهين على صحة نبوة محمد r عندهم، فكانوا أفضل ممن أسلم بالغلبة بلا خلاف من أحد من المسلمين. وأول ما أمر الله عز وجل نبيه محمدا r، أن يدعو له الناس بالحجة البالغة بلا قتال!، فلما قامت الحجة وعاندوا الحق، أطلق الله تعالى عليهم السيف حينئذ؛ وقال تعالى: ]قل فلله الحجة البالغة[ [الأنعام:149]؛ وقال تعالى: ]بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق[ [الأنبياء:18].
ولا شك في أن هذا إنما هو بالحجة؛ لأن السيف: مرة لنا ومرة علينا، وليس كذلك البرهان، بل هو لنا أبدا، ودامغ لقول مخالفينا، ومزهق له أبدا. ورب قوة باليد قد دمغت بالباطل حقا كثيرا فأزهقته، منها يوم الحرة، ويوم قتل عثمان t، ويوم قتل الحسين، وابن الزبير y، ولعن قتلتهم، وقد قتل أنبياء كثير، وما غلبت حجتهم قط.
* وقد علمنا عز وجل الحجة على الدهرية، في قوله تعالى: ]وكل شيء عنده بمقدار[ [الرعد:8]، وقوله تعالى: ]وأحصى كل شيء عددا[ [الجن:28]؛ وعلمنا الحجة على الثنوية، بقوله تعالى: ]لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا[ [الأنبياء:22]؛ وعلى النصارى، وعلى جميع الملل).اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص397): (فلا يجوز لأهل العلم السكوت، وترك الكلام للفاجر، والمبتدع، والجاهل، فإن هذا غلط عظيم، ومن أسباب انتشار الشر، والبدع، واختفاء الخير، وقلته، وخفاء السنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على البكري» (ص274): (فإن البدع في الدين سبب الفواحش، وغيرها من المنكرات؛ كما أن إخلاص الدين لله تعالى: سبب التقوى، وفعل الحسنات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص629): (المستكبر عن الحق يبتلى بالانقياد للباطل). اهـ ولا بد.
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «إعانة المستفيد» (ج1 ص337): (وأخطر ما على الأمة الآن الدعاة الجهال الذين لا يعرفون العلم، ويدعون الناس بجهل، وضلال). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح السنة» (ص69): (السلف ما سكتوا عن أمثال هؤلاء؛ بل فضحوهم، وردوا عليهم، لعلمهم بخطرهم على الأمة، ونحن لا يسعنا أن نسكت عن شرهم، بل لا بد من بيان ما أنزل الله تعالى). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج14 ص166): (والله عم الفساد، وظهرت البدع، وخفيت السنن، وقل القوال بالحق، بل لو نطق العالم بصدق، وإخلاص لعارضه عدة من علماء الوقت، ولمقتوه وجهلوه؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص385): (من كان داعية إلى بدعة؛ فإنه يستحق العقوبة لدفع ضرره عن الناس، وإن كان في الباطن مجتهدا، وأقل عقوبته أن يهجر فلا يكون له مرتبة في الدين لا يؤخذ عنه العلم، ولا يستقضى، ولا تقبل شهادته ونحو ذلك). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «روضة المحبين» (ج1 ص474): (إن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمة، وميلا إلى هواه طمع فيه وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث أراد، ومتى أحس منه بقوة عزم، وشرف نفس، وعلو همة لم يطمع فيه إلا اختلاسا). اهـ
وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص54): (من سمع الحق فأنكره بعد علمه له؛ فهو من المتكبرين على الله، ومن نصر الخطأ فهو من حزب الشيطان).اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (فكشف عورات هؤلاء -يعني: المبتدعة([55])- وبيان فضائحهم -وفساد قواعدهم- من أفضل الجهاد في سبيل الله، وقد قال النبي r لحسان بن ثابت: «إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن رسوله»([56])).([57]) اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «المنتقى» (ج1 ص318): (فإن الفتنة إنما حدثت، وتحدث بين شباب المسلمين؛ بسبب الإصغاء إلى الأفكار الوافدة المشبوهة، والإعراض عن المنهج الصحيح). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «المنتقى» (ج1 ص312): (ربما يكون ممن ينتسبون للدعوة لهم أغراض وأهواء يدعون إليها، ويريدون تحقيقها على حساب الدعوة، وتشويش أفكار الشباب باسم الدعوة والغيرة على الدين). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (واعلم أنه لا يستقر للعبد قدم في الإسلام حتى يعقد قلبه على أن الدين كله لله، وأن الهدى هدى الله، وأن الحق دائر مع رسول الله r وجودا وعدما، وأنه لا مطاع سواه، ولا متبوع غيره، وأن كلام غيره يعرض على كلامه، فإن وافقه قبلناه، لا لأنه قاله بل لأنه أخبر به عن الله تعالى ورسوله r، وإن خالفه رددناه، ولا يعرض كلامه r على آراء القياسيين - يعني: أهل الآراء - ولا على عقول الفلاسفة، والمتكلمين، ولا أذواق المتزهدين، بل تعرض هذه كلها على ما جاء به، عرض الدراهم المجهولة على أخبر الناقدين، فما حكم بصحته فهو منه المقبول، وما حكم برده فهو المردود).([58]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج9 ص34): (فالعبد مفتقر إلى الله تعالى في أن يهديه، ويلهمه رشده. وإذا حصل له علم بدليل عقلي، فهو مفتقر إلى الله تعالى في أن يحدث في قلبه تصور مقدمات ذلك الدليل، ويجمعها في قلبه، ثم يحدث العلم الذي حصل بها. وقد يكون الرجل من أذكياء الناس وأحدهم نظرا، ويعميه عن أظهر الأشياء، وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظرا، ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فلا حول ولا قوة إلا به، فمن اتكل على نظره واستدلاله، أو عقله ومعرفته، خذل، ولهذا كان النبي r في الأحاديث الصحيحة كثيرا ما يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»([59]) ويقول في يمينه: «لا ومقلب القلوب»([60])، ويقول: «والذي نفسي بيده»([61]) ويقول: «ما من قلب من قلوب العباد إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه»([62])). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج9 ص24)؛ عن الكفرة في الخارج، والمبتدعة في الداخل: (ولكن يصير غالب هؤلاء مداهنين لعوامهم مضلين لهم عن سبيل الله، أو يصيرون منافقين زنادقة، لا يقرون بحق ولا بباطل، بل يتركون الحق كما تركوا الباطل، فأذكياء طوائف الضلال، إما مضللون مداهنون، وإما زنادقة منافقون لا يكاد يخلو أحد منهم عن هذين). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «المنتقى» (ج1 ص322): (فالذين ينتسبون إلى الدعوة اليوم فيهم مضللون يريدون الانحراف بالشباب، وصرف بالشباب عن الدين الحق، وتفريق جماعة المسلمين، والإيقاع في الفتنة ([63])، والله سبحانه وتعالى حذرنا من هؤلاء: ]لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين[ [التوبة: 47]؛ فليس العبرة بالانتساب، أو فيما يظهر، بل العبرة بالحقائق، وبعواقب الأمور.
* والأشخاص الذين ينتسبون إلى الدعوة يجب أن ينظر فيهم: أين درسوا؟ ومن أين أخذوا العلم؟، وأين نشؤوا؟، وما عقيدتهم؟ وتنظر أعمالهم وآثارهم في الناس وماذا أنتجوا من الخير؟ وماذا ترتب على أعمالهم من الإصلاح؟ يجب أن تدرس أحوالهم قبل أن يغتر بأقوالهم ومظاهرهم، هذا أمر لا بد منه، خصوصا في هذا الزمان، الذي كثر فيه دعاة الفتنة، وقد وصف النبي r دعاة الفتنة؛ بأنهم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا([64])، والنبي r لما سئل عن الفتن؛ قال: «دعاة على أبواب جهنم، من أطاعهم؛ قذفوه فيها»([65]) سماهم دعاة!
* فعلينا أن نتنبه لهذا، ولا نحشد في الدعوة كل من هب ودب، وكل من قال: أنا أدعو إلى الله، وهذه جماعة تدعو إلى الله! لا بد من النظر في واقع الأمر، ولا بد من النظر في واقع الأفراد والجماعات([66])؛ فإن الله سبحانه وتعالى قيد الدعوة إلى الله بالدعوة إلى سبيل الله ؛ قال تعالى: ]قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين[ [يوسف: 108]؛ دل على أن هناك أناسا يدعون لغير الله، والله تعالى أخبر أن الكفار يدعون إلى النار، فقال: ]ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه[ [البقرة: 221]؛ فالدعاة يجب أن ينظر في أمرهم). اهـ
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك - إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
فتوى العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في أنه: لابد من مجاهدة العدو الداخلي أولا، قبل العدو الخارجي: للنصر المؤزر، فيكون ذلك: بالتصفية الشاملة؛ لأهل البدع والأهواء: بجميع أنواعهم في الدول الإسلامية................................................................. |
5 |
2) |
ذكر الدليل على جهاد أهل الحديث؛ للمخالفين: للشريعة المطهرة؛ بالقرآن، والسنة، والآثار........................................................ |
6 |
3) |
ذكر الدليل على أسباب إمامة: الإمام مالك؛ منها: أنه كان ينتقد الرجال المخالفين؛ للشريعة المطهرة في الأصول والفروع! ........... |
7 |
4) |
المقدمة..................................................................................................... |
8 |
5) |
اثبت أحد.................................................................................................. |
18 |
6) |
ذكر الدليل على عظم الجهاد بالبيان، وهو من الجهاد الأكبر، به يحرق الله تعالى قلوب أهل الكفر في الخارج، وقلوب أهل الأهواء في الداخل، بل به ينزل الأمن والأمان من الله تعالى في الأوطان، وبه يأتي النصر للبلدان........................................................... |
19 |
([1]) «التواصل المرئي»، بعنوان: «النصر يأتي بإطاحة العدو الداخلي، قبل العدو الخارجي»، للشيخ الفوزان، في سنة: «1445هـ».
([3]) الشاذ في العلم: هو العلم الذي لا يعتمد عليه في الشريعة الإسلامية، فهذا هو الشاذ من العلم، كـ«سياسة الحزبيين»، وما يسمى: «بتجديد الخطاب الإسلامي» المزعوم الآن، و«الاعتدال المفرط» المزعوم في هذا الوقت، والفتاوى باختلاف العلماء: «اختلف العلماء على قولين!، واختلف الفقهاء!»، بدون ترجيح القول الصحيح مع ذكر الدليل!، فغالب فتاوى الجماعات الحزبية بجميع أنواعهم من هذا القبيل، وكذلك الاعتقادات الباطلة كـ«اعتقاد الأشاعرة، والصوفية»، و«الأفكار الدعوية الحزبية»، و«ذكر الأحاديث الضعيفة»، و«الإفتاء في الحروب السياسية الغوغائية»، وغير ذلك من العلوم الشاذة.
([4]) فشر الرجال في الشريعة الذي يريد أن يسقط الرد على المخالف، لأن ذلك من أصول ديننا الحنيف، فهذا الإمام مالك /: صار إماما في الشريعة بانتقاده للرجال المخالفين في الفروع والأصول! غيرة منه، ودفاعا عن الدين الإسلامي.
قلت: فأين القوم من أصول الإمام مالك / هذه، فهم في واد، وهو في واد آخر.
([5]) فهم مختلفون في الكتاب: يتضمن الاختلاف المذموم المذكور، في قوله تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة:176].
* وأما الاختلاف المذكور، في قوله تعالى: ]تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر[ [البقرة:253].
قلت: فهذا الاختلاف يحمد فيه المؤمنون، ويذم فيه الكافرون، وأما الاختلاف في الكتاب، الذم يذم فيه المختلفون كلهم، فمثل أن يؤمن هؤلاء ببعض دون بعض، وهؤلاء ببعض دون بعض، كاختلاف اليهود والنصارى، وكاختلاف الجماعات الحزبية، وهذا هو الاختلاف المذكور، في قوله تعالى: ]ولا يزالون مختلفين[ [هود: 118]، فهم مخالفون للكتاب، فإن كلا منهم يخالف الكتاب.
وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج2 ص301)، و«درء التعارض» له (ج5 ص284)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص929).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج11 ص234)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج10 ص545)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج10 ص545).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج10 ص545).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج17 ص470)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص191).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص191)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج4 ص96)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص116).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (26245)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج12 ص163).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص191).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج12 ص162)، والطبري في «جامع البيان» (ج19 ص15).
وإسناده صحيح.
وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص191).
([16]) وانظر: «الكشف والبيان» للثعلبي (ج7 ص35)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج5 ص42)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج11 ص234 و235)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج3 ص139)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج10 ص545)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص289)، و«شرح القصيدة النونية» للهراس (ج1 ص12)، و«جلاء الأفهام» لابن القيم (ص415)، و«مفتاح دار السعادة» له (ج1 ص217)، و«نقض المنطق» لابن تيمية (ص12).
([19]) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب﴾ [النمل:88].
قلت: فلا تغتر به فإنه خاو على عرشه؛ اللهم غفرا.
([21]) قلت: لذلك فهذا الدفاع من «الجهاد» في سبيل الله تعالى: ﴿ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ [الأعراف:187].
([22]) قلت: لذلك وجب التعاون في محاربة أهل الضلالة في البلد.
قال تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ [المائدة:2].
أخرجه عبد الغني المقدسي في «الأمر بالمعروف» (50)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص284)، وابن أبي الدنيا في «الأمر بالمعروف» (ص45) بإسناد صحيح.
وذكره ابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج2 ص181).
* وأبو عبد الرحمن العمري: هذا هو عبد الله بن عبد العزيز العدوي المدني الإمام القدوة الزاهد العابد.
انظر: «السير» للذهبي (ج8 ص373)، و«حلية الأولياء» لأبي نعيم (ج8 ص283).
* ولذلك: تجد أهل التحزب بجميع أنواعهم يحاربون أهل السنة على ما عندهم من قوة فيفشلون، وأهل السنة يحاربون أهل التحزب على ما عندهم من علم فينتصرون، وهذا ظاهر ولله الحمد.
([30]) وهم جمهور الأشاعرة: الذين قبلوا النصوص، وفضلوا جانب التأويل لمعانيها، وقد وصفهم ابن القيم: أشد الناس اضطرابا.
أخرجه الدارقطني في «أخبار عمرو بن عبيد» (5)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج3 ص280)، وابن عدي في «الكامل» (ج5 ص97 و98)، والداني في «الرسالة الوافية» (209)، واللالكائي في «السنة» (ج1 ص154)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص335)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج12 ص178).
وإسناده صحيح.
أخرجه الداني في «الرسالة الوافية» (208)، واللالكائي في «السنة» (ج1 ص159).
وإسناده صحيح.
([35]) انظر: «رياض الصالحين» للنووي (ص580)، و«القواعد الكبرى» للعز بن عبد السلام (ج1 ص153)، و«الذخيرة» للقرافي (ج13 ص240).
([39]) وانظر: «الكافية الشافية» لابن القيم (ص19)، و«جلاء الأفهام» له (ص514)، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج1 ص151).
([42]) فأهل الحديث، في هذا الزمان هم: ورثة الأنبياء، وخلفاؤهم: لأنهم يبلغون الناس بالعلم النافع، وهذا هو: «الجهاد الأكبر» في هذه الأمة.
([43]) وكلام الإمام ابن القيم/: هو كلام العلماء العقلاء، فإن جهاد العلماء لا يمكن أن يشاركهم فيه كل أحد، أما جهاد السيف فيستوي فيه: العالم والجاهل، والطائع والعاصي، بل وحتى السني والمبتدع؛ كما هو مشاهد، ولذلك: كان جهاد العلماء أعلى أنواع الجهاد وأفضلها، وسيرة الإمام أحمد أكبر مثال على ذلك، فتنبه رعاك الله.
([50]) كـ«الإخوان المسلمين، والقطبيين، والمذبذبين، والسروريين، والصوفيين، والتبليغيين، والمرجئيين، والترابيين، والتراثيين، والداعشيين، والأشعريين وغيرهم».
([53]) فإن ذلك وظيفة اللسان الذي جعله النبي r أحد وسائل تغيير المنكر، والذي تتحقق به المرتبة الثانية من مراتب تغيير المنكر بعد مرتبة التغيير باليد.
([56]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص1935)؛ من حديث طويل عن عائشة ڤ، وفيه عنها فسمعت رسول الله r، يقول لحسان: (إن روح القدس لا يزال يؤيدك، ما نافحت عن الله ورسوله).
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج3 ص304)، وابن ماجة في «سننه» (ج2 ص260)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص182). بإسناد صحيح.
([61]) الروايات التي تذكر هذا اليمين كثيرة؛ انظر: مثلا «صحيح مسلم» (ج1 ص186 و320)، و(ج2 ص915)، و(ج3 ص1238)، و(ج4 ص1798).
أخرجه أحمد في «المسند» (ح4 ص182)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ص80)، والآجري في «الشريعة» (ص318)، والطبراني في «مسند الشاميين» (582)، والبغوي في «شرح السنة» (89) عن النواس بن سمعان t بإسناد صحيح.