الرئيسية / كتب ليست ضمن سلاسل / لا فرق بين مسمى: ((الهدي))، ومسمى: ((الأضحية)) عند الصحابة الكرام، والعلماء رحمهم الله
لا فرق بين مسمى: ((الهدي))، ومسمى: ((الأضحية)) عند الصحابة الكرام، والعلماء رحمهم الله
لا فرق
بين مسمى: ((الهدي))، ومسمى: ((الأضحية))
عند الصحابة الكرام، والعلماء رحمهم الله
بقلم:
العلامة المحدث الفقيه فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أنه لا فرق
بين: «الهدي»، وبين: «الأضحية»
في الشريعة المطهرة
فمرة: شيخنا يرى أن هناك فرق بين تسمية «الهدي»، و«الأضحية».
فقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج6 ص429)؛ معلقا على حديث عائشة رضي الله عنها: (في هذا استحباب بعث الهدي من البلد إلى مكة، وأنه إذا بعثه فلا يحرم عليه شيء بخلاف من أراد أن يضحي، فإنه لا يأخذ من شعره وبشرته وأظفاره شيئا من حين دخول ذي الحجة حتى يضحي.
وهذا من الفروق بين الهدي والأضحية: أن الأضحية إذا أرادها الإنسان؛ فإنه من حين أن يدخل العشر يتجنب الأخذ من الشعر والظفر والبشرة بخلاف الهدي([1])، ولهذا نصت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي r كان لا يحرم عليه شيء مما كان مباحا). اهـ
ومرة: شيخنا لا يرى الفرق بين تسمية «الهدي»، و«الأضحية» في الجملة.
فقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص372) معلقا على حديث جابر «لحوم الأضاحي»، و«لحوم الهدي»: (المراد بالأضاحي هنا : «الهدي»، ولهذا كان يقول أحيانا([2]): «لحوم الهدي»، ولا يمكن أن يراد به «الأضحية»([3]) التي هي: «الأضحية»؛ لأن النبي r لم يضح في سفر([4]) أبدا، بل وقت عيد الأضحى في السنوات التي قبل حجة الوداع([5]) كان في المدينة، وكان يضحي عشر سنوات في المدينة عليه الصلاة والسلام). اهـ
قلت: وهذا التفريق بين: «الهدي»، و«الأضحية» لم يكن عليه السلف، وأن السلف يطلقون على «الأضحية»؛ باسم: «الهدي»، و«الهدي»؛ باسم: «الأضحية».
وقد ثبت ذلك في السنة([6]) والآثار، سواء كان المضحي بعث ذبحه إلى مكة، أو ذبحه وهو مقيم، فالهدي يسمى أضحية.
وإليك الدليل:
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله r: «كلوا من الأضاحي ثلاثا»، وكان عبد الله «يأكل بالزيت([7]) حين ينفر من منى، من أجل لحوم الهدي».
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5252)، ومسلم في «صحيحه» (1970) من طريق الزهري عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما به.
قلت: فسمى النبي r: «الهدايا»، «بالضحايا»؛ رغم أنه r كان في الحج.
وهذا يدل أن لا فرق بين تسمية: «الهدي»؛ «بالأضحية».([8])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص29): (قوله: «من أجل لحوم الهدي»؛ فيدخل فيه لحم الأضحية، وأما تعبيره في الحديث بالهدي، فيحتمل أن يكون ابن عمر كان يسوي بين لحم الهدي، ولحم الأضحية في الحكم، ويحتمل أن يكون أطلق على «لحم الأضحية»، «لحم الهدي» لمناسبة أنه كان بمنى).اهـ
قلت: وهذا ليس فيه احتمال، بل السلف كانوا يساوون بين مسمى: «الهدي»، و«الأضحية» في الحكم ولا فرق عندهم.([9])
وبوب الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج5 ص2115)؛ باب: إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء.
ثم ذكر الإمام البخاري حديث عائشة رضي الله عنها: (فيبعث هديه r إلى الكعبة، فما يحرم عليه مما حل للرجل من أهله، حتى يرجع الناس).
وهذا يدل على أن الإمام البخاري يضعف حديث أم سلمة رضي الله عنها في المنع من الأخذ من الشعر، والظفر.
وعن عطاء: سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: (كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي r إلى المدينة. وقال غير مرة: لحوم الهدي).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5247) من طريق سفيان قال: عمرو أخبرني عطاء به.
قلت: فسمى «الهدي» بـ «الأضحية»، فمرة يقول: «لحوم الأضاحي»، ومرة يقول: «لحوم الهدي»، ولا فرق بين «الهدي»، و«الأضحية» في لغة العرب، فافهم لهذا.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص25): (قوله: «وقال: غير مرة: لحوم الهدي»؛ فاعل قال، وهو سفيان بن عيينة، وقائل ذلك الراوي عنه علي بن عبد الله، وهو: ابن المديني بين أن سفيان كان تارة يقول: «لحوم الأضاحي»، ومرارا يقول: «لحوم الهدي»). اهـ
وبوب الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج5 ص2115)؛ باب: ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها.
وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج17 ص282): (قوله: «وقال غير مرة»؛ أي: قال سفيان غير مرة، وابن المديني كان يقول: قال سفيان مرة: «لحوم الأضاحي»، ومرارا يقول: «لحم الهدي»). اهـ
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج12 ص370): (وقال غيره مرة: «لحوم الهدي»؛ بدل «لحوم الأضاحي»). اهـ
يعني: لا فرق في ذلك.
وذكر الإمام البخاري في «صحيحه» (5246)؛ حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ: «الهدي»؛ وهو في كتاب: «الأضاحي».
وهذا يدل على أن الإمام البخاري لا يفرق بين: «الهدي»، و«الأضحية» للحاج وغير الحاج.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: الضحية كنا نملح منها، فنقدم به إلى النبي r بالمدينة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5250) من طريق يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها به.
قلت: فقالت رضي الله عنها: «الضحية» ولم تقل: «الهدي»؛ لأنه لا فرق بينهما عند السلف، فافطن لهذا.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص26): (قوله: «نملح منه»؛ أي من لحم الأضحية). اهـ
* فأحيانا يطلقون عليها: «هدايا»، وأحيانا «ضحايا» ولا فرق في ذلك عند العرب، وهذا فعل أهل العلم لشروحهم للأحاديث، وفي بعضها في حجة الوداع. ([10])
وبوب الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج2 ص414)؛ باب ما جاء في تقليد الهدي([11]) للمقيم.
وذكر حديث عائشة رضي الله عنها في «سننه» (924)؛ بلفظ: «الهدي».
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله r بسرف وأنا أبكي، فقال: (ما لك أنفست). قلت: نعم، قال: (هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)، وضحى رسول الله r عن نسائه بالبقر.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5239) من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها به.
قلت: فذكرت رضي الله عنها أن النبي r ضحى في «حجة الوداع» يعني: باسم «الأضحية»، ولم تقل «الهدي» لأن لا فرق بينهما، سواء في الحج، أو في غير الحج.
وبوب الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج5 ص2113)؛ باب: من ذبح ضحية غيره.
ولمسلم في «صحيحه» (1319) من حديث جابر رضي الله عنه قال: (نحر النبي r عن نسائه بقرة في حجته)؛ يعني: في حجة الوداع.([12])
وعن القاسم: أن ابن خباب أخبره أنه سمع أبا سعيد يحدث: (أنه كان غائبا فقدم، فقدم إليه لحم، قالوا: هذا من لحم ضحايانا، فقال: أخروه، لا أذوقه، قال: ثم قمت فخرجت، حتى آتي أخي أبا قتادة، وكان أخاه لأمه، وكان بدريا، فذكرت ذلك له، فقال: إنه قد حدث بعدك أمر).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5048) من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم: أن ابن خباب به.
وفي رواية لأحمد في «المسند»؛ وفيه: (أن النبي r قام في حجة الوداع).([13])
والشاهد: (قالوا: هذا من لحم ضحايانا)؛ رغم ذلك كان في الحج، فلم يقولوا: (لحم هدايانا)، لأنه بمعنى واحد في لغة العرب.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه: (أن النبي r أعطاه غنما يقسمها على صحابته ضحايا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5235) من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه به.
وعن عبد الله بن عباس، قال: (من أهدى هديا).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1321) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها به.
قلت: فسمى ابن عباس رضي الله عنهما: «الأضحية»؛ «هديا»، والله ولي التوفيق.
ﭑ ﭑ ﭑ
([2]) فأحيانا يعبرون بـ «لحوم الهدي»، وأحيانا بـ «لحوم الأضحية» ولا فرق عند السلف، فيجب القول بقولهم.
([3]) بل الهدي هنا «الأضحية» في لغة العرب، كما صرح بذلك جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وبقية الصحابة الكرام.
([4]) بل النبي r قبل حجة الوداع كان يضحي عشر سنوات في المدينة باسم «الهدي»، والمراد: «الأضحية» في المسمى، ولا فرق كما بينت عائشة رضي الله عنها؛ أي: إنه r كان يفعل ذلك وهو مقيم بالمدينة، فهي أضحية في الأصل.
([5]) وفي حجة الوداع ضحى النبي r لنسائه بالبقر، وهذا في السفر، فمرة يقولون: أن النبي r «ضحى»، ومرة يقولون: «هدى». ولا فرق في الحضر والسفر بين «الهدي»، و«الأضحية» عند الصحابة الكرام.
([7]) بالزيت؛ أي: يأكل الخبز مؤتدما بالزيت، «ينفر)؛ أي: يرجع، من أجل لحوم الهدي؛ حتى لا يأكل من لحم الأضحية بعد ثلاثة أيام، مدة بقائه في منى ،والمراد بالهدي هنا الأضحية.
([8]) وانظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج13 ص139)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص28 و29)، و«عمدة القاري» للعيني (ج17 ص282).