القائمة الرئيسة
الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / اللمعة في الرد على من أنكر عزو الأحاديث في خطبة الجمعة

2024-01-17

صورة 1
اللمعة في الرد على من أنكر عزو الأحاديث في خطبة الجمعة

اللمعة

في

الرد على من أنكر عزو الأحاديث في خطبة الجمعة

 

حوار

مع الدكتور صالح العصيمي

 

 

بقلم:

أبي الحسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري

غفر الله له، ولشيخه، وللمسلمين

 

 

 

    

امتحان شديد

 

 

 

 

قال الدكتور صالح العصيمي: (وأرجو من كل من وقف لي على خطأ أو وهم أن ينبهني إلى ذلك).([1]) اهـ

]وانتظروا إنا منتظرون[ [هود: 122].

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

    

درة نادرة

فيمن

عرف الحق في خلاف قوله أن يرجع عن قوله؛ لأنه مخالف للحق

 

 

قال الإمام سليمان بن سحمان / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج3 ص362): (وليس في الرجوع إلى الحق غضاضة على مريد الحق والإنصاف). اهـ

يقال: ليس عليه في الأمر: غضاضة؛ أي: ذلة، ومنقصة.

والمراد: لا ينقص من قدر التائب إذا تاب إلى الله تعالى.([2])

قلت: فالرجوع إلى الحق فضيلة.

فعن الفضيل بن عياض قال؛ عن التواضع؟: (التواضع أن تخضع للحق، وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته منه، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته منه).

أثر صحيح

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص91)، وابن أبي الدنيا في «التواضع» (88)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص429 ح647)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص375 ح646)، وفي «سير السلف الصالحين» (ص1034)، والقشيري في «الرسالة القشيرية» (ص382)، وأبو عبد الرحمن السلمي في «طبقات الصوفية» (ص11 ح12)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص424).

وإسناده صحيح.

وذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج8 ص434).

وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص321): (لا تصح لك درجة التواضع حتى تقبل الحق ممن تحب وممن تبغض فتقبله من عدوك كما تقبله من وليك). اهـ

وقال الآجري / في «أخلاق العلماء» (ص229)؛ وهو يصف العلماء: (وإن أفتى بمسألة فعلم أنه أخطأ لم يستنكف أن يرجع عنها.

وإن قال قولا فرده عليه غيره ممن هو أعلم منه أو مثله أو دونه فعلم أن القول كذلك, رجع عن قوله, وحمده على ذلك وجزاه خيرا). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

فتوى

العلامة الشيخ ابن باز / في أن خطبة الجمعة ليست توقيفية

 

 

قال العلامة الشيخ ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج13 ص216): (الخطبة ليست توقيفية، فالإنسان يخطب بما يسر الله تعالى له). اهـ

قلت: وهذا فيه رد على العصيمي بقوله أن الخطبة توقيفية!!.

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

    

قاعدة جليلة

 

 

   قال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع على زاد المستقنع» (ج4 ص159): (بل أنا أرى أن الرجل إذا خالفك بمقتضى الدليل عنده لا بمقتضى العناد أنه ينبغي أن تزداد محبة له؛ لأن الذي يخالفك بمقتضى الدليل لم يصانعك ولم يحابك، بل صار صريحا مثلما أنك صريح، أما الرجل المعاند فإنه لم يرد الحق). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

جوهرة نادرة

حجة صاحب الحديث أقوى

من المخالف

 

 

عن الإمام أبي عروبة الحراني / قال: (الفقيه إذا لم يكن صاحب حديث يكون أعرج).

أثر صحيح

أخرجه السلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص187)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص133) من طريق أبي الفضل أحمد بن محمد بن جعفر الجواز قال: سمعت أبا بكر بن المقرئ، يقول: سمعت أبا عروبة الحراني به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

ذكر الدليل

على النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس

 

 

عن أبي سعيد الخدريt  أن رسول الله r قام خطيبا، فكان فيما قال: (ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه).

حديث صحيح

أخرجه الترمذي في «سننه» (ص820 ح2336)، وابن ماجه في «سننه» (ص618 ح4007)، وأحمد في «المسند» (ج17 ص61 ح11017)، و(ج17 ص490 ح11403)، و(ج18 ص21 ح11428)، و(ج18 ص70 ح11498)، و(ج18 ص346 ح11831)، و(ج18 ص374 ح11869)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص609 ح2265)، و(ج3 ص617 ح2272)، وابن حبان في «صحيحه» (ص191 ح275)، و(ص191 ح278)، وأبو يعلى في «المسند» (ص277 ح1213)، و(ص290 ح1298)، وابن أبي الدنيا في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ج2 ص196 ح9)، و(ج2 ص197 ح15)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (ج10 ص154 ح20180) و(ج10 ص154 ح20181)، وفي «شعب الإيمان» (ج10 ص62 ح7165) و(ج10 ص63 ح7166)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج13 ص54)، وفي «الاستذكار» (ج8 ص556)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ج2 ص69 ح867)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص153 ح303)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص551 ح8543)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص89 ح945)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص163)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج5 ص144 ح4906)، وفي «المعجم الصغير» (ص518 ح729)، وأبو بكر المروذي في «أخبار الشيوخ» (ص100 ح129)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص98 و99) من عدة طرق عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري به؛ فذكره بألفاظ عندهم.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال العلامة الألباني / في «الصحيحة» (ج1 ص325): (وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس, أو طمعا في المعاش، فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء، كالضرب والشتم، وقطع الرزق, أو مخافة عدم احترامهم إياه, ونحو ذلك, فهو داخل في النهي، ومخالف للنبي صلى الله عليه وسلم). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

    

ذكر قول المخالف

وحجته الواهية

 

قال الدكتور صالح العصيمي: (قد يكون الأولى عزوه وقد لا يكون الأولى عزوه، وهذا واقع في أمر يقع من الناس وفيه غلط، وهو عزو الأحاديث في خطبة الجمعة فهذا شيء حادث لم يكن في خطب الأولين([3]) أنتم روحوا خذوا خطب الأولين من القرن الخامس إلى قبل هذا القرن تجدون كلهم لا يذكرون في الخطبة عزو الحديث لماذا؟ لأن الخطبة عبادة وهذا ليس منه، الفقهاء إذا ذكروا خطبة الجمعة قالوا: لها أركان ولها سنن وبينوها وليس هذا من ضمنها، فالأصل في الخطبة التوقيف، يعني: لا يدخل فيها شيء ليس منها، فإدخال هذا ليس من جملة عبادة الخطبة، كما أن الإنسان لا يعزو الآيات التي يتلوها أن هذه من قراءة حفص عندنا في بلادنا أو لمن يقرؤون بورش في بلادهم؛ فكذلك الأحاديث لا تعزى، ولهذا لا يوجد في القدامى([4]) أنهم يعزون الأحاديث وإنما يذكرون الأدلة ... أما المحدثون وقد كنا منهم عفى الله عنا تجد أن الإنسان يذكر وربما يزيد أنا أذكر خطيبا ذكر حديثا ثم قال: وصححه فلان، ثم قال: قلت: وهو ضعيف([5])). ([6]) اهـ

قلت: اعلم أرشدك الله لطاعته أن الإسناد من الدين.

فعن الإمام ابن المبارك / قال: (الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء).

أثر صحيح

أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص15)، والترمذي في «العلل الصغير» (ج5 ص340)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص16)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص8)،  وفي «المدخل» (32)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص6)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص99 و100)، وفي «الكفاية» (1229)، وفي «تاريخ بغداد» (ج6 ص166)، وفي «الجامع لأخلاق الراوي» (1702)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص209)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص348 ح2506)، و(ج2 ص348 ح2507)، و(ج2 ص433 ح2750)، وابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص30)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص207).

وإسناده صحيح.

قلت: فعزو الأحاديث إلى مصادرها من الدين، وتمييز الضعيف من الصحيح، ألا فافهم.

فإذا كان كذلك: فعزو الأحاديث إلى مصادرها الأصلية في الخطبة يوم الجمعة من الدين.

وقول الدكتور: (فهذا شيء حادث لم يكن في خطب الأولين أنتم روحوا خذوا خطب الأولين من القرن الخامس إلى قبل هذا القرن تجدون كلهم لا يذكرون في الخطبة عزو الحديث)([7])؛ فيه نظر.

فإن قوله هو المحدث لا ما يفعله العلماء([8]) وطلبة العلم في خطبهم فإن هذا عمل السلف الصالح رضي الله عنهم.

فعن أبي إسحاق، قال: سمعت عبد الله بن يزيد، يخطب قال: حدثنا البراء  وكان غير كذوب: (أنهم كانوا إذا صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع قاموا قياما حتى يرونه قد سجد). وفي رواية: (سمعت عبد الله بن يزيد، يقول على المنبر، حدثنا البراء).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ص113 ح690)، و(ص121 ح747)، و(ص132 ح811)، ومسلم في «صحيحه» (ص197 ح474)، وأبو داود في «سننه» (ص104 ح620)، والترمذي في «سننه» (ص306 ح281)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص287 ح536)، و(ج1 ص436 ح905)، وفي «المجتبى» (ص137 ح829)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص284 و285 و286 و300 و304)، وفي «العلل  ومعرفة الرجال» (ج2 ص589)، والطيالسي في «المسند» (ص125 ح753)، وابن الجعد في «المسند» (ج1 ص150 ح434)، و(ج2 ص244 ح2568)، والروياني في «المسند» (ج1 ص279 ح414)، وابن حبان في «صحيحه» (ص672 ح2226)، و(ص672 ح2227)، والطبراني في «الأوسط» (ج3 ص92 ح2589)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص392)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص117 ح7155)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص373 ح3754)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص347)، و(ج7 ص133)، والبغوي في «شرح السنة» (ج3 ص413 ح847)، والسراج في «المسند» (ص110 و111 و112)، وفي «حديثه» (ج2 ص160 و161 و161)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص497)، و(ج2 ص89)، وأحمد بن عاصم  في «جزئه» (ص154 ح2)، والسري بن يحيى في «حديثه عن شيوخه عن الثوري» (ص38 ح37)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص120 ح330)، وأبو يعلى في «المعجم» (ص105 ح61)، وفي «المسند» (ص401 ح1697)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج4 ص130 ح2108)، والخطيب البغدادي في «الفصل للوصل المدرج في النقل» (ج1 ص392)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص189 و190)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج4 ص61)، والخطابي في «غريب الحديث» (ج2 ص304)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص157)، وابن الجوزي في «التحقيق» (ج1 ص471 ح708)، وفي «جامع المسانيد» (ج1 ص312) من عدة طرق عن أبي إسحاق به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ص197 ح474)، وأبو داود في «سننه» (ص104 ح622)، وأبو يعلى في «المسند» (ص398 ح1676)، وفي «المعجم» (ص78 ح23)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج9 ص115 ح9284)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص92)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص497)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص90)، والسراج في «المسند» (ص110 ح260)، وفي «حديثه» (ج1 ص161 ح668)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج7 ص120) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن أبي إسحاق الشيباني، عن محارب بن دثار، قال: سمعت عبد الله بن يزيد، يقول على المنبر، حدثنا البراء: (نهم كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ركع ركعوا، وإذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده لم نزل قياما، حتى نراه قد وضع وجهه في الأرض ثم نتبعه).

 قلت: فالشاهد قول عبد الله بن يزيد: (حدثنا البراء وكان غير كذوب)، وهذا على المنبر في الخطبة!!.

قال الإمام الخطابي / في «غريب الحديث» (ج2 ص304): (قوله: (وهو غير كذوب)؛ أي: غير مظنون به الخطأ، أو غير مجرب عليه الغلط في الرواية يصفه بالحفظ والإتقان). اهـ

قلت: وقوله: (وكان غير كذوب)؛ هو من قول عبد الله بن يزيد، ومراده البراء، لا من قول أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد.([9])

قال الإمام الدوري في «تاريخ ابن معين» (ج1 ص375): (سمعت يحيى يقول في قصة حديث: أبي إسحاق، عن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا البراء وكان غير كذوب.

قال يحيى: يعني: أبا إسحاق: أن عبد الله بن يزيد كان غير كذوب، ولا يقال للبراء: كان غير كذوب.

قال يحيى: وعبد الله بن يزيد هذا هو الخطمي، هو جد الأنصاري الذي كان على الغارمين.

قال يحيى: وكان عبد الله بن يزيد هذا واليا لابن الزبير على الكوفة). اهـ

وذكر قول ابن معين: الخطيب البغدادي في «الفصل» (ج1 ص393)، والخطابي في «غريب الحديث» (ج2 ص304)، والنووي في «شرح صحيح مسلم» (ج4 ص190).

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج4 ص163): (وقوله: (حدثني البراء وهو غير كذوب)؛ ظاهر السياق يقتضي أنه من قول عبد الله بن يزيد في حق البراء، ورجح ذلك الخطابي وغيره.

وقال ابن معين وغيره: إنما هو من قول أبي إسحاق في حق عبد الله بن يزيد، وقالوا: إن الصحابة أجل من أن يوصفوا بنفي الكذب.

وهذا ليس بشيء، ونفي الكذب صفة مدح لا ذم، وكذلك نفي سائر النقائص؟ وقد كان علي بن أبي طالب يقول: والله ما كذبت ولا كذبت، فنفى الكذب عن نفسه، وأشار إلى نفيه عمن أخبره، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج4 ص190): (وهذا الذي قاله ابن معين خطأ عند العلماء؛ بل الصواب أن القائل: (وهو غير كذوب) هو عبد الله بن يزيد ومراده: أن البراء غير كذوب، ومعناه تقوية الحديث وتفخيمه والمبالغة في تمكينه من النفس لا التزكية التي تكون في مشكوك فيه، ونظيره قول ابن عباس رضي الله عنه حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، وعن أبي هريرة مثله، وفي صحيح مسلم عن أبي مسلم الخولاني حدثني الحبيب الأمين عوف بن مالك الأشجعي، ونظائره كثيرة.

فمعنى الكلام حدثني البراء: وهو غير متهم كما علمتم فثقوا بما أخبركم عنه، قالوا: وقول ابن معين أن البراء صحابي فينزه عن هذا الكلام لا وجه له؛ لأن عبد الله بن يزيد صحابي أيضا معدود في الصحابة). اهـ

وقال السخاوي / في «المقاصد الحسنة» (ص525): (حديث: (لا آلاء إلا آلاؤك، يا الله، إنك سميع عليم، محيط به علمك كعسهلون، وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) هذه ألفاظ اشتهرت ببلاد اليمن، ومكة، ومصر، والمغرب، وجملة بلدان: أنها حفيظة رمضان تحفظ من الغرق، والسرق، والحرق، وسائر الآفات، وتكتب في آخر جمعة منه، فجمهورهم يكتبونها، والخطيب يخطب على المنبر، وبعضهم بعد صلاة العصر، وهي بدعة لا أصل لها، وإن وقعت في كلام غير واحد من الأكابر، بل أشعر كلام بعضهم ورودها في حديث ضعيف، وكان شيخنا / ينكرها جدا حتى وهو قائم على المنبر في أثناء الخطبة حين يرى من يكتبها كما بينته في «الجواهر والدرر»). اهـ

قلت: فأنكر الحديث الحافظ ابن حجر / وهو على المنبر!!، ولابد عند تضعيفه يعزو إليه بذكر مصادر التخريج؛ كما هو عادته في عزو الأحاديث.([10])

وقول الدكتور: (روحوا خذوا خطب الأولين من القرن الخامس إلى قبل هذا القرن تجدون كلهم لا يذكرون في الخطبة عزو الحديث)؛ فيه دليل على أخذه من المتأخرين دون السلف، وقد أثبتنا هذا الأصل؛ كما سبق بالأدلة.

قلت: وهذا أيضا لم يثبت عن المتأخرين!!.

وقول الدكتور: (الخطبة عبادة وهذا ليس منه، الفقهاء إذا ذكروا خطبة الجمعة قالوا: لها أركان ولها سنن وبينوها وليس هذا من ضمنها، فالأصل في الخطبة التوقيف، يعني: لا يدخل فيها شيء ليس منها، فإدخال هذا ليس من جملة عبادة الخطبة)؛ فيه نظر.

قلت: وألفاظ الخطبة ومحتواها ليس توقيفيا ولا يوجد دليل على هذا القول: ]إن هذا لشيء عجيب[ [هود: 72].

قال العلامة الشيخ ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج13 ص216): (الخطبة ليست توقيفية، فالإنسان يخطب بما يسر الله تعالى له). اهـ

قلت: وكون الفقهاء لم يذكروا ذلك لا يلزم أن يكون هذا محدثا فإن الفقهاء لم يذكروا ألفاظا تعبدية في الخطبة!!.

  قلت: وأهل العلم على العزو في الخطبة.

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الخطب المنبرية» (ص37)؛ كما في خطبته: «الحث على الحج»: (وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (من قدر على الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا) أخرجه الترمذي بلفظ: عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا». اهـ

وهذا الذي عليه شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / من عزوه الأحاديث في الخطب؛ كما في «الضياء اللامع من الخطب الجوامع».

وقول الدكتور: (كما أن الإنسان لا يعزو الآيات التي يتلوها أن هذه من قراءة حفص عندنا في بلادنا أو لمن يقرؤون بورش في بلادهم؛ فكذلك الأحاديث لا تعزى)؛ فيه نظر.

قلت: فإن هذا قياس مع الفارق؛ فإن القرآن قطعي الثبوت تواترا بخلاف الأحاديث ففيها الصحيح والضعيف، فلابد من تمييزها للمسلمين.

وما أجراه الدكتور من قياس وإعطائه للفرع حكم الأصل غير صحيح؛ لوجود فارق مؤثر بينهما.

قلت: وعملية القياس لا تصح إلا إذا توافرت شروط خاصة؛ منها ما يتعلق بالأصل، ومنها ما يتعلق بحكم الأصل، ومنها ما يتعلق بالفرع، ومنها ما يتعلق بالعلة، فتأمل.([11])

قلت: فلابد أن يكون قياس المجتهد على الأصول المقررة في القياس بشروطه المعتبرة، ولا يعمل بالقياس بدون أصوله فإن عمل بدون أصوله فقد عمل بالقياس الفاسد، والاجتهاد الفاسد، فاعتبر

فعن أبي بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، أحمد بن حنبل يقول: (إنما هو السنة والاتباع، وإنما القياس أن نقيس على أصل، فأما أن تجيء إلى الأصل فتهدمه، ثم تقول هذا قياس، فعلى أي شيء كان هذا القياس، قيل لأبي عبد الله، فلا ينبغي أن يقيس إلا رجل عالم كبير، يعرف كيف يشبه الشيء بالشيء، فقال: أجل، لا ينبغي).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص500) من طريق محمد بن عبد الله بن خلف نا عمر بن محمد الجوهري نا أبو بكر الأثرم به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم). اهـ

قلت: بل ينبغي عزو الأحاديث لا سيما وقد تساهل الخواص قبل العامة في نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والعجب العجاب إذا سألت الخطيب عن الحديث الذي يقول به: من رواه؟!، فإذا هو لا يدري!، وما صحته؟!، فكذلك لا يدري!، إنما يجيبك أنه قرأه في الكتاب الفلاني.

سبحان الله! أهذا يبرئ الذمة، ويخرج من العهدة؟!.

والواجب على كل خطيب، وواعظ، وشيخ، وطالب علم: أن يتثبت إذا أراد أن ينسب حديثا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليبحث في كتب أهل الحديث، ويسألهم عن الأحاديث، فإن لهم وجود في كل زمان؛ فإنهم خلفوا لنا علما كثيرا، خصوصا في علم الحديث، وصنفوا المصنفات في الصحاح والضعاف.

وقول الدكتور: (أنا أذكر خطيبا ذكر حديثا ثم قال: وصححه فلان، ثم قال: قلت: وهو ضعيف وابتسم الدكتور بعد هذا منكرا!!!.

قلت: بل ما فعله هذا الخطيب هو الصواب حيث بين للناس ضعف الحديث وميز الضعيف من الصحيح، وذلك لما صار كثيرا من الناس لا يميزون بين صحيح الحديث من سقيمه.

ﭑ ﭑ ﭑ

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

امتحان شديد.........................................................................................

5

2)

درة نادرة فيمن عرف الحق في خلاف قوله أن يرجع عن قوله؛ لأنه مخالف للحق.................................................................................

6

3)

فتوى العلامة الشيخ ابن باز في أن خطبة الجمعة ليست توقيفية....................................................................................................

8

4)

قاعدة جليلة............................................................................................

9

5)

جوهرة نادرة: حجة صاحب الحديث أقوى من المخالف....................................................................................................

10

6)

ذكر الدليل على النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس........................................................................................................

11

7)

ذكر قول المخالف وحجته الواهية.....................................................

13

 

 

 

 

 

 



([1]) انظر: «التواصل المرئي» في سنة: «1441هـ».

([2]) يعني: لا يرى صاحب الحق أن ذلك منقصة له عند رجوعه عن خطئه.

       انظر: «رائد الطلاب» لجبران مسعود (ص589)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص199)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص232).

([3]) ثبت ذلك عن الأولين لكن خفي عليك ذلك.

([4]) ثبت ذلك عن السلف، لكن أنت لم تسأل عن ذلك: ]ولا تقف ما ليس لك به علم[ [الإسراء: 36].

([5]) وابتسم الدكتور بعد هذا منكرا!!!.

([6]) انظر: «التواصل المرئي»، في سنة: «1441هـ»

([7]) فهل ثبت عنده هذا حتى يجزم به، ولو سلمنا جدلا أنه ثابت هل ثبت عنهم أن هذا من باب العبادات التوقيفية!!.

([8]) بل لم يقل أحد من أهل العلم بقول الدكتور العصيمي فيكون قوله هو المحدث!!.

([9]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص181 و172)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج2 ص318).

([10]) وانظر: «الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» للملا علي القاري (ص388).

([11]) وانظر: «أصول الفقه» لابن مفلح (ج3 ص1195)، و«روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه» لابن قدامة (ج2 ص249)، و«المدخل إلى مذهب أحمد» لابن بدران (ص307)، و«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (ج3 ص193)، و«شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير» لابن النجار (ج4 ص105)، و«قواطع الأدلة في الأصول»  للسمعاني (ج2 ص112)، و«الوجيز في أصول الفقه» للدكتور عبد الكريم زيدان (ص197-208)، و«إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول» للشوكاني (ج2 ص105)، و«مذكرة في أصول الفقه» للشنقيطي (ص271)، و«الأصول من علم الأصول» لشيخ شيخنا ابن عثيمين (ص70)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص115).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan