الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / ضوء الصباح لكشف خطأ الدكتور صالح العصيمي في إنكاره قول العلماء ببدعية التعوذ من الشيطان عند التثاؤب وعلى أنه مباح
ضوء الصباح لكشف خطأ الدكتور صالح العصيمي في إنكاره قول العلماء ببدعية التعوذ من الشيطان عند التثاؤب وعلى أنه مباح
لكشف
خطأ الدكتور صالح العصيمي
في إنكاره قول العلماء ببدعية التعوذ من الشيطان عند التثاؤب وعلى أنه مباح
وفيه:
بيان مخالفته للنص الصحيح، وقوله بالقياس الفاسد، وبيان توسعه بالقياس مما أوصله إلى القياس الفاسد المخالف المذموم، واستدلاله بالضعيف
بقلم:
أبي الحسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله له، ولشيخه، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
امتحان شديد
قال الدكتور صالح العصيمي: (وأرجو من كل من وقف لي على خطأ أو وهم أن ينبهني إلى ذلك).([1]) اهـ
]وانتظروا إنا منتظرون[ [هود: 122].
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
في
عدم جواز العمل بالقياس مع وجود الآثار
قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني / في «الحجة على أهل المدينة» (ج1 ص204): (لولا ما جاء من الآثار كان القياس على ما قال أهل المدينة، ولكن لا قياس مع أثر، وليس ينبغي إلا أن ينقاد للآثار). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
جوهرة نادرة
في
أن العبادات مبناها على الشرع لا على الهوى
قال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج4 ص440)؛ عن التعوذ عند التثاؤب: (لم يرد عن النبي r؛ فالنبي r علمنا ماذا نفعل عند التثاؤب، ولم يقل: قولوا كذا، وإنما قال: اكظموا، أو ردوا باليد، ولم يقل قولوا: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، أما ما اشتهر عند بعض الناس أن الإنسان إذا تثاءب يقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»؛ فهذا لا أصل له، والعبادات مبنية على الشرع لا على الهوى). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر قول المخالف
وحجته الواهية
قال الدكتور صالح العصيمي؛ عن حكم الاستعاذة من الشيطان عند التثاؤب: (جاءت الصفة من النبي r بأن الإنسان؛ أولا: يكظمه ما استطاع، ثم يستر فمه، فيقال هذه هي السنة، نعم هذه هي السنة، ولكن شيخنا ابن باز /؛ لما سئل عن هذا ذكر هذا الجواب قال: ولا أعلم شيئا غير ذلك في السنة، لكن نحن نتكلم عن مسألة أخرى الجواز أم عدمه؛ لأن بعض مشايخنا قال: أنها بدعة.
أولا: الآية نص في ذلك: لأن التثاؤب نزغ من الشيطان، فيستعيذ عنده الإنسان.
والثاني: أنه ثبت عن ابن مسعود t الاستعاذة من الشيطان عند التثاؤب.
فعند ذلك يقطع بأنها ليست بدعة، ويتوقف في كونها سنة([2])، فتكون من جنس المباح، أو ما يقول فيه بعض الفقهاء: يستحب مما ورد استحباب أصله دون عينه، فالقول ببدعة بعيد؛ ولهذا كانت الفتيا مستقرة في طبقة شيوخ شيوخنا كالشيخ محمد بن إبراهيم، وغيره على جواز ذلك، وهو مشهور العمل به بين عوامهم، فيدل ذلك على الجواز، والله أعلم).([3]) اهـ
* قول الدكتور: (الآية نص في ذلك: لأن التثاؤب نزغ من الشيطان، فيستعيذ عنده الإنسان).
قلت: وليس كما قال.
فقوله تعالى: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم[ [الأعراف: 200].
وقوله تعالى: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم[ [فصلت: 36].
فإن هذا من القياس في مقابلة النص؛ فهو قياس فاسد الاعتبار، وهو باطل لا يعتد به، فإن من شروط الفرع في القياس: أن يكون الفرع غير منصوص على حكمه؛ لأن القياس يرجع إليه إذا لم يوجد في المسألة نص.
فلا اجتهاد في معرض النص؛ فإذا وجد النص فلا معنى للقياس.([4])
والنص: هو ما ورد عن النبي r حيث أمر بالكظم، عند التثاؤب، ولم يأمر بالتعوذ بالله من الشيطان، وإليك الدليل:
فعن أبي هريرة t، عن النبي r، قال: (التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: ها، ضحك الشيطان). وفي رواية: (إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله، فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب: فإنما هو من الشيطان، فليرده ما استطاع، فإذا قال: ها، ضحك منه الشيطان).([5])
وله طرق عنه:
(1) كيسان المقبري عنه:
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ص547 ح3289)، و(ص1038 ح6223)، و(ص1083 ح6226)، وفي «الأدب المفرد» (ص517 ح919)، و(ص523 ح928)، وأبو داود في «سننه» (ص758 ح5028)، والترمذي في «سننه» (ص961 ح2747)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج9 ص90 ح9971)، و(ج9 ص91 ح9972)، وأحمد في «المسند» (ج15 ص325 ح9530)، والطيالسي في «المسند» (ص418 ح2434)، وابن الجعد في «حديثه» (ج2 ص345 ح2859)، وابن حبان في «صحيحه» (ص271 ح598)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص289)، وفي «شعب الإيمان» (ج11 ص485 ح8879)، و(ج11 ص510 ح8921)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص209 ح7779)، والمهلب بن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج3 ص413)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج5 ص325 ح4584)، وابن أخي ميمي الدقاق في «الفوائد» (ص150 ح290) من طريق عاصم بن علي، وآدم بن أبي إياس، والطيالسي، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان، والحجاج بن محمد المصيصي، وعيسى بن يونس، وأبي عامر العقدي، وأبي نوح عبد الرحمن بن غزوان الضبي؛ كلهم عن: ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ الترمذي في «سننه» (ص961): (هذا حديث صحيح، وهذا أصح عندي من حديث ابن عجلان، وابن أبي ذئب أحفظ لحديث سعيد المقبري، وأثبت من محمد بن عجلان). اهـ
واختلف على ابن أبي ذئب فيه:
* فرواه عاصم بن علي، وآدم بن أبي إياس، والطيالسي، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان، والحجاج بن محمد المصيصي، وعيسى بن يونس، وأبو عامر العقدي، وأبو نوح عبد الرحمن بن غزوان الضبي؛ كلهم عن: ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة t به.
** ورواه القاسم بن يزيد الجرمي، والحسين بن محمد المروزي، وأسد بن موسى قالوا: حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة t: أن رسول الله r قال: (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وحق على من سمعه أن يقول: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب فقال: هاه هاه، ضحك منه الشيطان).
أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج9 ص91 ح9973)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص216 ح697)، والبغوي في «شرح السنة» (ج12 ص306 ح3340).
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد سمع سعيد المقبري من أبي هريرة t([6])، فيحمل أنه حدث به على الوجهين.
قال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج12 ص307): (هذا حديث صحيح). اهـ
وأخرجه الترمذي في «سننه» (ص961 ح2746)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج9 ص91 ح9974)، وأحمد في «المسند» (ج13 ص41 ح7599)، و(ج16 ص413 ح10707)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 458 ح921)، وابن حبان في «صحيحه» (ص699 ح2358)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص216 ح699)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (ص89 ح266) من طريق سفيان بن عيينة، والضحاك بن مخلد النبيل، وأبي خالد سليمان بن حيان الأحمر؛ كلهم: عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة t، عن النبي r، قال: (العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه، وإذا قال: آه آه فإن الشيطان يضحك من جوفه، وإن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا قال الرجل: آه آه إذا تثاءب فإن الشيطان يضحك في جوفه). وفي رواية: (إن الله يحب العطاس، ويبغض أو يكره التثاؤب، فإذا قال أحدهم: ها، ها، فإنما ذلك الشيطان يضحك من جوفه). وفي رواية: (فإن الشيطان يضحك في جوفه، أو في وجهه).
قلت: وهذا ضعيف؛ بهذا اللفظ فإن قوله: (فإن الشيطان يضحك في جوفه)؛ تفرد به محمد بن عجلان.
قال الحافظ ابن حجر / في «تقريب التهذيب» (ص700): (صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ج1 ص458): (صدوق مشهور فيه مقال من قبل حفظه). اهـ
قلت: وقد خالفه ابن أبي ذئب فلم يذكره بهذا اللفظ، وهو أثبت في سعيد بن أبي سعيد المقبري.
قال الحافظ النسائي / في «السنن الكبرى» (ج9 ص41): (ابن أبي ذئب أثبت عندنا من محمد بن عجلان). اهـ
وقال علي بن المديني: (ابن أبي ذئب أثبت في سعيد من ابن عجلان)، وقال مرة: (ليس أحد أثبت في سعيد بن أبي سعيد المقبري من ابن أبي ذئب)، وقال يحيى بن معين: (ابن أبي ذئب أثبت في المقبري من ابن عجلان).([7])
وقال الحافظ الترمذي / في «سننه» (ص961)؛ عن طريق ابن أبي ذئب: (هذا حديث صحيح، وهذا أصح عندي من حديث ابن عجلان، وابن أبي ذئب أحفظ لحديث سعيد المقبري، وأثبت من محمد بن عجلان). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص937): (وأما ابن عجلان: فلا يقارب ابن أبي ذئب في الحفظ، ولا تعلل رواية ابن أبي ذئب مع إتقانه في الحفظ برواية ابن عجلان مع سوء حفظه). اهـ
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص459 ح922)، وأبو يعلى في «المسند» (ص1155 ح6620)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج3 ص451) من طريق بشر بن المفضل، ويزيد بن زريع؛ كلاهما عن: عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا تثاءب أحدكم فلا يقل: آه آه؛ فإن الشيطان يضحك منه، أو قال: يلعب به). وفي رواية: (فإن الشيطان يضحك منه ويلعب به).
قلت: وهذا ضعيف؛ بلفظ: (يلعب به)، تفرد به: عبد الرحمن بن إسحاق العامري، وهو مختلف فيه، والخلاصة فيه أنه صدوق حسن في المتابعات، وله أوهام ومناكير، وهو ليس ممن يعتمد على حفظه، إذا خالف.
قال عنه ابن حجر: (صدوق رمي بالقدر)، وقال أحمد بن حنبل: (ليس به بأس، فقيل له: إن يحيى بن سعيد يقول: سألت عنه بالمدينة، فلم يحمدوه، فسكت)، وقال مرة: (روى عن أبي الزناد أحاديث منكرة)، وقال سفيان: (كان قدريا، فنفاه أهل المدينة، فجاءنا هاهنا مقتل الوليد، فلم نجالسه، وقالوا: إنه قد سمع الحديث)، وقال يحيى بن سعيد: (سألت عن عبد الرحمن بن إسحاق بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه)([8])، وقال أبو حاتم: (يكتب حديثه ولا يحتج به)، وقال العجلي: (يكتب حديثه، وليس بالقوي)، وقال يحيى بن معين: (ثقة صالح الحديث)، وقال مرة: (ثقة ليس به بأس)، وقال مرة: (صويلح)، وقال علي بن المديني: (هو عندنا صالح وسط، وكان يحيى بن سعيد يضعفه)، وقال مرة: (كان يرى القدر، ولم يحمل عنه أهل المدينة)، وقال يعقوب بن شيبة: (صالح)، وقال يعقوب بن سفيان: (ليس به بأس)، وقال البخاري: (ليس ممن يعتمد على حفظه، إذا خالف من ليس بدونه)، ووثقه مرة، وقال مرة: (ربما وهم)، وقال ابن خزيمة، والنسائي: (ليس به بأس)، وقال الدارقطني: (يرمى بالقدر ضعيف).([9])
وأخرجه ابن ماجه في «سننه» (ص147 ح968) من طريق محمد بن الصباح قال: أنبأنا حفص بن غياث، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: (إذا تثاءب أحدكم، فليضع يده على فيه، ولا يعوي، فإن الشيطان يضحك منه).
قلت: وهذا سنده واه؛ فيه عبد الله بن أبي سعيد المقبري، وهو متروك؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص398).
قال البوصيري / في «مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه» (ج1 ص190): (هذا إسناد فيه عبد الله بن سعيد متفق على تضعيفه). اهـ
قلت: فلا يصح بهذا اللفظ، فقد رواه الثقات من غير لفظة: «ولا يعوي»، فتنبه.
وقال العلامة المحدث الألباني / في «الضعيفة» (ج5 ص440): (موضوع بهذا اللفظ). اهـ
وقال العلامة المحدث الألباني / في «الضعيفة» (ج5 ص440): (قلت: وهذا موضوع، آفته عبد الله بن سعيد هذا، فإنه متهم بالكذب، وقد رواه جمع عن أبيه سعيد المقبري، وغيره عن أبي هريرة t دون قوله: (ولا يعوي)؛ فهو مما تفرد به عبد الله المقبري، فهو موضوع). اهـ
(2) سعيد بن المسيب عنه:
أخرجه البزار في «المسند» (ج14 ص228 ح7793) من طريق أبي داود سليمان بن سيف الحراني، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود، عن أبيه، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليضع يده على فيه).
قلت: وهذا سنده ساقط؛ فيه محمد بن سليمان الحراني، وهو منكر الحديث، وأبوه: سليمان بن أبي داود الحراني ضعيف جدا.([10])
قال الحافظ البزار / في «المسند» (ج14 ص228): (وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة إلا سليمان بن أبي داود، ولا نعلم رواه عن سليمان إلا ابنه محمد، وقد حدث محمد بن سليمان، عن أبيه بغير حديث لم يتابع عليه، وقد احتمل أهل العلم حديثه ورووا عنه). اهـ
(3) أبو صالح السمان عنه:
أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ص1163 ح6679)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج5 ص236) من طريق كامل بن طلحة، حدثنا عبد الله بن عمر العمري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: (إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه، لا يدخل).
قلت: وهذا سنده ضعيف؛ فيه عبد الله بن عمر العدوي العمري، وهو ضعيف؛ كما في «تقريب التهذيب» (ص413)، وقد خولف فيه؛ كما سوف يأتي.
والصحيح: أنه من حديث: «أبي سعيد الخدري t».
قال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج10 ص212): (يرويه سهيل بن أبي صالح، واختلف عنه؛
فرواه عبد الله بن عمر العمري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، ووهم فيه.
وخالفه سليمان بن بلال؛
فرواه عن سهيل، عن أبي سعيد الخدري، وهو الصواب). اهـ
(4) أبو العلاء: عبد الرحمن بن يعقوب الجهني عنه:
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص1294 ح2994)، وأحمد في «المسند» (ج15 ص84 ح9162)، وأبو يعلى في «المسند» (ص1132 ح6449)، وابن حبان في «صحيحه» (ص699 ح2357)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص289) من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد، وموسى بن إسماعيل، وأبي الربيع سليمان بن داود العتكي، قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: (التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع).
قلت: وهذا سنده حسن؛ لحال العلاء بن عبد الرحمن الحرقي، وهو صدوق يخطئ ويخالف، وقد أنكر عليه الحفاظ أحاديث، ولكنه توبع.
قال الحافظ ابن حجر / في «تقريب التهذيب» (ص603)؛ عن العلاء: (صدوق ربما وهم).
وخالفهم: علي بن حجر السعدي:
فأخرجه الترمذي في «سننه» (ص331 ح370)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص458 ح920)، والبغوي في «شرح السنة» (ج3 ص243 ح728)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص369 ح708) من طريق علي بن حجر وهو في «أحاديثه عن إسماعيل بن جعفر» (ص321 ح253) قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة t، أن النبي r قال: (التثاؤب في الصلاة من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع).
قلت: وعلي بن حجر السعدي، ثقة حافظ؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص549)، وقد حفظه من شيخه بهذا اللفظ بالتقييد بالصلاة.
والعهدة فيه: من العلاء بن عبد الرحمن الحرقي، وهو صدوق يخطئ ويخالف، وقد أنكر عليه الحفاظ أحاديث، فيكون بالتقييد ضعيفا.
فهو حديث منكر؛ بلفظ: «الصلاة».
ويؤيده: أن بقية الطرق الثابتة بالإطلاق، وليس بالتقييد في الصلاة.
وتابع إسماعيل بن جعفر؛ زيد بن أبي أنيسة وسليمان بن بلال على التقييد في الصلاة:
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ص699 ح2359)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص410 ح135) من طريق زيد بن أبي أنيسة، وسليمان بن بلال؛ كلاهما: عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة t، قال: سمعت النبي r يقول: (إن التثاؤب في الصلاة من الشيطان، فإذا وجد أحدكم ذلك فليكظم).
قلت: والعهدة فيه: من العلاء بن عبد الرحمن الحرقي، وهو صدوق يخطئ ويخالف، وقد أنكر عليه الحفاظ أحاديث، فيكون بالتقييد ضعيفا.
فهو حديث منكر؛ بلفظ: «الصلاة».
قلت: وقد رواه الثقات بالإطلاق.
قلت: وقد روي من طريق آخر بالتقييد في الصلاة:
أخرجه ابن بشران في «الأمالي» (ص406 ح942) من طريق أبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا محمد بن خالد، حدثني عبد الصمد، حدثنا ورقاء، عن يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليضع يده أو طرف ردائه على فيه؛ فإنما هو من الشيطان ليلهيه عن صلاته).
قلت: وهذا سنده ساقط؛ فيه يحيى بن عبيد الله القرشي، وهو متروك؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص846).
وتابع إسماعيل بن جعفر؛ سفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، وابن جريج عليه بالإطلاق:
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (ص529 ح942)، وأحمد في «المسند» (ج12 ص243 ح7294)، و(ج16 ص408 ح10695)، والحميدي في «المسند» (ج3 ص167 ح1173)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج11 ص510 ح8922)، والحارث بن أبي أسامة في «العوالي» (ص61 ص67)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص344 ح571)، وابن المظفر في «غرائب مالك» (ص113 ح58)، وعبد الله بن صالح في «نسخته» ([11]) (ج2 ص148 ح1664) من طريق سفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، وابن جريج؛ كلهم: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (إذا تثاءب أحدكم، يضع يده على فيه). وفي رواية: (إذا تثاءب أحدكم، فليكظم، أو ليضع يده على فيه).
قلت: وهذا سنده حسن؛ لحال العلاء بن عبد الرحمن الحرقي، وهو صدوق يخطئ ويخالف، وقد أنكر عليه الحفاظ أحاديث، ولكنه توبع.
وعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: (إذا تثاءب أحدكم، فليمسك بيده على فيه، فإن الشيطان يدخل).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص1294 ح2995)، والبخاري في «الأدب المفرد» (ص533 ح949)، و(ص533 ح951)، وأبو داود في «سننه» (ص758 ح5026)، وأحمد في «المسند» (ج17 ص425 ح11323)، و(ج18 ص387 ح11889)، (ج18 ص408 ح11916)، وأبو يعلى في «المسند» (ص270 ح1163)، والدارمي في «المسند» (ص178 ح1418)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص458 ح919)، وابن حبان في «صحيحه» (ص700 ح2360)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص289)، وفي «شعب الإيمان» (ج11 ص511 ح8923)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص270 ح3325)، والبغوي في «شرح السنة» (ج12 ص315 ح3347)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص298 ح3676)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ج2 ص432 ح910)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص317 ح3111)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص178 ح2180)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج3 ص451 ح1622) من طريق بشر بن المفضل، و عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وجرير بن عبد الحميد الضبي، وخالد بن عبد الله الطحان، وسليمان بن بلال القرشي، وزهير بن معاوية الجعفي، ووهيب بن خالد الباهلي، ومعمر؛ كلهم: عن سهيل بن أبي صالح، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي سعيد، يحدث أبي، عن أبيه به. وفي بعض الطرق: عن سهيل، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج12 ص315): (هذا حديث صحيح). اهـ
وخالفهم سفيان بن عيينة: فرواه عن سهيل بن أبي صالح، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه t، قال: قال رسول الله r: (إذا تثاءب أحدكم في الصلاة، فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص1294 ح2995)، وأبو داود في «سننه» (ص758 ح5027)، وأحمد في «المسند» (ج17 ص365 ح11262)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص289)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص451 ح8056)، وابن الجارود في «المنتقى» (ص160 ح225).
قلت: هكذا بالتقييد في الصلاة، والخطأ من: «سفيان بن عيينة»، وقد خالف جماعة من الثقات الأثبات، وأخطأ على سهيل بن أبي صالح؛ فذكر: «الصلاة»، وهذا شاذ.
وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج9 ص13) من طريق سعدان بن نصر، قال: حدثنا حماد بن عمرو، عن الأعمش، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن النبي r قال: (إذا تثاءب أحدكم فليمسك على فيه، فإن الشيطان يدخل). هكذا: «عن سعيد بن أبي سعيد».
قلت: وهذا سنده واه، وله علتان:
الأولى: حماد بن عمرو النصيبي، وهو منكر الحديث.
قال عنه يحيى: (يكذب، ويضع الحديث)، وقال البخاري: (منكر الحديث)، وضعفه علي بن حجر، وقال الجوزجاني: (كان يكذب)، وقال عمرو بن علي: (متروك الحديث ضعيف جدا منكر الحديث ضعيف جدا)، وقال النسائي: (متروك الحديث)، وقال أبو زرعة: (واهي الحديث)، وقال الساجي: (أجمع أهل النقل أنه متروك)، وقال الذهبي: (متروك الحديث)، وقال أبو حاتم: (منكر الحديث، ضعيف جدا)، وقال ابن حبان: (يضع الحديث وضعا على الثقات).([12])
الثانية: سليمان بن مهران الأعمش الكوفي، وقد كان يدلس وصفه بذلك النسائي، والدارقطني، وغيرهما، وذكره ابن حجر في «المرتبة الثانية».([13])
قال الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج2 ص209): (وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدري به، فمتى قال: حدثنا فلا كلام، ومتى قال: «عن» تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان؛ فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال). اهـ
قلت: فلم يصب ابن حجر في ذكره في «المرتبة الثانية».
قلت: فتقبل روايته بالعنعنة إذا كانت عن إبراهيم النخعي، أو أبي وائل شقيق بن سلمة، أو أبي صالح السمان، أو إذا كانت من طريق شعبة عنه.([14])
قلت: فأمر النبي r بالكظم، ووضع اليد على الفم عند التثاؤب، ولم يذكر: «الاستعاذة من الشيطان»، وعدم ذكرها مع الحاجة إلى ذكرها يدل أنها غير مشروعة.
فما وجد سببه في عهد الرسول r مع وجود المقتضي، وعدم المانع، ولم يتخذه؛ فاتخاذه سنة يعتبر من البدعة.([15])
قلت: فلا يجوز مخالفة النص بقياس.
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ج1 ص599): (لا يحل القياس والخبر موجود). اهـ
وقال الإمام محمد بن الحسن الشيباني / في «الحجة على أهل المدينة» (ج1 ص204): (لولا ما جاء من الآثار كان القياس على ما قال أهل المدينة، ولكن لا قياس مع أثر، وليس ينبغي إلا أن ينقاد للآثار). اهـ
وقال الحافظ الخطيب / في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص504): (باب في سقوط الاجتهاد مع وجود النص). اهـ
وقال الحافظ ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص287): (فصل في تحريم الإفتاء والحكم في دين الله بما يخالف النصوص، وسقوط الاجتهاد، والتقليد عند ظهور النص، وذكر إجماع العلماء على ذلك). اهـ
وقال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع على زاد المستقنع» (ج13 ص331): (فحينئذ يكون النقل مانعا من القياس؛ لأنه من المعلوم عند أهل العلم أنه لا قياس مع النص). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص224): (لا قياس مع النص، وإنما محل القياس إذا فقد النص؛ كما هو معلوم عند أهل الأصول، وعند جميع أهل العلم).([16])اهـ
وقال العلامة الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج2 ص240): (ومن المعلوم أنه لا قياس، ولا اجتهاد في مورد النص!).([17]) اهـ
قلت: وعملية القياس لا تصح إلا إذا توافرت شروط خاصة؛ منها ما يتعلق بالأصل، ومنها ما يتعلق بحكم الأصل، ومنها ما يتعلق بالفرع، ومنها ما يتعلق بالعلة، فتأمل.([18])
قلت: فلابد أن يكون قياس المجتهد على الأصول المقررة في القياس بشروطه المعتبرة، ولا يعمل بالقياس بدون أصوله؛ فإن عمل بدون أصوله فقد عمل بالقياس الفاسد، والاجتهاد الفاسد، فاعتبر.
فعن أبي بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، أحمد بن حنبل يقول: (إنما هو السنة والاتباع، وإنما القياس أن نقيس على أصل، فأما أن تجيء إلى الأصل فتهدمه، ثم تقول هذا قياس، فعلى أي شيء كان هذا القياس، قيل لأبي عبد الله، فلا ينبغي أن يقيس إلا رجل عالم كبير، يعرف كيف يشبه الشيء بالشيء، فقال: أجل، لا ينبغي).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص500) من طريق محمد بن عبد الله بن خلف، نا عمر بن محمد الجوهري، نا أبو بكر الأثرم به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس: على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم). اهـ
قلت: والدكتور: «صالح العصيمي» ليس بضابط للقياس الصحيح، فكم من مسألة قاس فيها، ولم تتحقق فيها الشروط المعتبرة؛ فصار قياسه فاسدا.
فتارة يقيس: بوجود النص، وتارة يقيس: مع وجود الفارق المؤثر بين الأصل والفرع.([19])
وعن حماد، قال: كنت أسائل إبراهيم عن الشيء؛ فيعرف في وجهي أني لم أعرف، فيقيسه لي حتى أفهمه، وأسأله عن الشيء فيعرف في وجهي أني لم أفهمه فيقول: (ليس في كل شيء يجيء القياس).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص499 و508) من طريقين عن أبي عوانة، عن رقبة بن مصقلة، عن حماد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن أحمد بن حنبل قال: سألت الشافعي عن القياس، فقال: (عند الضرورات).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص631) من طريق أبي بكر بن زياد الفقيه قال: سمعت الميموني يقول: سمعت أحمد بن حنبل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص43).
وقال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج13ص282): (باب ما يذكر من ذم الرأي، وتكلف القياس). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13ص282): (ويدخل في تكلف القياس: ما إذا استعمله على أوضاعه مع وجود النص، وما إذا وجد النص فخالفه، وتأول لمخالفته شيئا بعيدا، ويشتد الذم فيه لمن ينتصر لمن يقلده). اهـ
قلت: وأما قوله تعالى: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم[ [الأعراف: 200].
وقوله تعالى: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم[ [فصلت: 36].
المراد فيه: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ[ أي: أي وقت من الأوقات، أحسست بشيء من نزغات الشيطان، أي: من وساوسه وتزيينه للشر، وتكسيله عن الخير، وإصابة ببعض الذنوب، وإطاعة له ببعض ما يأمر به ]فاستعذ بالله[ أي: اسأله، مفتقرا إليه.([20])
* وقول الدكتور: (والثاني: أنه ثبت عن ابن مسعود t الاستعاذة من الشيطان عند التثاؤب)؛ فيه نظر.
قلت: بل لم يثبت عن ابن مسعود t، وإليك البيان:
فعن ابن مسعود t، قال: (التثاؤب في الصلاة والعطاس من الشيطان، فتعوذوا بالله منه).
أثر ضعيف
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص452 ح8061)؛ واللفظ له، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص2397 ح9453)؛ من غير ذكر التعوذ منه- من طريقين عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي ظبيان، عن ابن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، وله علتان:
الأولى: يزيد بن أبي زياد الهاشمي الكوفي، وهو ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص856).
الثانية: الانقطاع؛ فإن أبا ظبيان الحصين بن جندب الجنبي لم يسمع من ابن مسعود t.
قال الإمام ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص47): (سمعت أبي يقول: حصين بن جندب أبو ظبيان قد أدرك ابن مسعود، ولا أظنه سمع منه). اهـ
قلت: ولم أجد له تصريح بالسماع من ابن مسعود t، بل إن بينهما واسطة في طرق أخرى، وهو: «علقمة»، وليس في هذا الأثر.([21])
والحديث أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج2 ص86)؛ ثم قال: (رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله موثقون). اهـ
وليس كما قال /.
قلت: فالأثر ضعيف لا يحتج به.
قلت: وهذا يدل على عدم معرفة الدكتور: «صالح العصيمي» بـ«علم الحديث»؛ فعلة الحديث الأولى ظاهرة، وليست بغامضة، ومع ذلك لم يعرف ضعفه.
وهذا ظاهر لمن قرأ في كتب الدكتور أو استمع لشيء من دروسه ولو قليلا؛ فقد أكثر من ذكر الأحاديث الضعيفة لا سيما الأحاديث المعلة.
قلت: ولا يجوز الاحتجاج في الأحكام بكل ما في الكتب لما فيها من الأحاديث الضعيفة، والمرجع في ذلك هم: «أهل الحديث».
قال العلامة محمد اللكنوي الهندي / في «الأجوبة الفاضلة» (ص140): (لا يجوز الاحتجاج في الأحكام بكل ما في الكتب المذكورة وأمثالها من غير تعمق يرشد إلى التمييز لما مر أنها مشتملة على الصحاح، والحسان، والضعاف.
فلابد من التمييز بين الصحيح لذاته، أو لغيره، أو الحسن لذاته، أو لغيره، فيحتج به، وبين الضعيف بأقسامه، فلا يحتج به). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج4 ص10): (المنقولات فيها كثير من الصدق، وكثير من الكذب، والمرجع في التمييز بين هذا، وهذا إلى أهل علم الحديث.
كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب، ونحو غير العرب، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة، وما ليس من اللغة.
وكذلك علماء الشعر، والطب، وغير ذلك، فلكل علم رجال يعرفون به.
والعلماء بالحديث أجل هؤلاء قدرا، وأعظمهم صدقا، وأعلاهم منزلة، وأكثر دينا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج4 ص81): (لو تناظر فقيهان في فرع من الفروع، لم تقم الحجة على المناظرة؛ إلا بحديث يعلم أنه مسند؛ إسنادا تقوم به الحجة، أو يصححه من يرجع إليه في ذلك؛ فأما إذا لم يعلم إسناده، ولم يثبته أئمة النقل([22])، فمن أين يعلم؟!). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص125): (وأئمة الحديث المعتبرون هم القدوة في فنهم فوجب الرجوع إليهم في ذلك، وعرض آراء الفقهاء على السنن والآثار الصحيحة، فما ساعده الأثر: فهو المعتبر وإلا فلا نبطل الخبر بالرأي). اهـ
* وقول الدكتور: (فعند ذلك يقطع بأنها ليست بدعة، ويتوقف في كونها سنة، فتكون من جنس المباح، أو ما يقول فيه بعض الفقهاء: يستحب مما ورد استحباب أصله دون عينه، فالقول ببدعة بعيد). اهـ
قلت: ليس ببعيد، بل هو الحق والصواب، وقولك هو البعيد؛ فالتعوذ من الشيطان عند التثاؤب بدعة؛ لعدم ثبوت النص فيها.
قال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام» (ج2 ص522): (نرى بعض الناس إذا تثاءب يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استدلالا بقول الله تعالى: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم[ [الأعراف: 200]؛ فما حكم ذلك؟.
الجواب:
هذا قياس في مقابلة النص؛ فالنص هو أن الرسول r أمرنا عند التثاءب بالكظم ولم يقل: فاستعيذوا بالله، وعدم ذكرها مع الحاجة إلى ذكرها يدل أنها غير مشروعة.
ومعنى قوله: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ[ [الأعراف: 200]؛ أي: أمر بمعصية أو نهى عن طاعة ]فاستعذ بالله[، وكذلك أيضا يحرص الشيطان على أن يحزن الذين آمنوا، فإذا أحسست بذلك فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). اهـ
وقال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «لقاء الباب المفتوح» (ج1 ص774): (ذلك إذا تثاءبوا قالوا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا لا أصل له، ولم يرد عن النبي r أنه كان يفعل ذلك ... وإذا لم يرد فإنه ليس مشروعا بناء على قاعدة معروفة عند العلماء، وهي: أن كل شيء وجد سببه في عهد الرسول r فلم يفعله، ففعله ليس بسنة؛ لأن فعل الرسول r سنة وتركه سنة ... كذلك الاستعاذة من الشيطان الرجيم عند التثاؤب.
وقد يقول قائل: إن الرسول r قال: (التثاؤب من الشيطان)، وقد قال الله تعالى: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله[ [الأعراف: 200]! قلنا: إن المراد بقوله تعالى: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ[ [الأعراف: 200] أنك إذا هممت بمعصية أو بترك واجب؛ فاستعذ بالله؛ لأن الأمر بالفحشاء من الشيطان: ]الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء[ [البقرة: 268] فإذا حصل هذا النزغ فاستعذ بالله.
ولم يقل: إذا تثاءب أحدكم فليستعذ بالله، مع أنه قال: (التثاؤب من الشيطان)، فدل هذا على أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند التثاؤب ليست بسنة). اهـ
وقال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج4 ص440): (لكن قد يقول بعض الناس أليس الله يقول: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم[، وقد أخبر النبي r أن التثاؤب من الشيطان فهذا نزغ؟ نقول: لا فقد فهمت الآية خطأ؛ فالمراد من الآية: ]وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم[ يعني: الأمر بالمعاصي، أو بترك الواجبات؛ فهذا نزغ الشيطان؛ كما قال تعالى فيه إنه ينزغ بين الناس فهذا نزغه أمر بالمعاصي، والتضليل عن الواجبات؛ فإن أحسست بذلك فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أما التثاؤب فليس فيه إلا سنة فعلية فقط وهي: الكظم ما استطعت؛ فإن لم تقدر فضع يدك على فمك). اهـ
* وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان؛ عن التعوذ بعد التثاؤب؟.
فأجاب فضيلته: (لا أصل له، ولكن الذي ورد أنه يكظم ما استطاع، فإن غلبه التثاؤب؛ فإنه يضع يده على فمه).([23]) اهـ
وقال العلامة المحدث الألباني / في «حجة النبي r» (ص99): (ومن المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادة مزعومة؛ لم يشرعها لنا رسول الله r بقوله: ولم يتقرب هو بها إلى الله تعالى بفعله؛ فهي مخالفة لسنته r). اهـ
تم بحمد الله تعالى، وأسأله سبحانه أن يتقبله بقبول حسن، وأن ينفع به، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
امتحان شديد......................................................................................... |
5 |
2) |
درة نادرة في عدم جواز العمل بالقياس مع وجود الآثار.................. |
6 |
3) |
جوهرة نادرة في أن العبادات مبناها على الشرع لا على الهوى...... |
7 |
4) |
ذكر قول المخالف وحجته الواهية..................................................... |
8 |
([2]) فقوله: (ويتوقف في كونها سنة)، ثم قوله: (فتكون من جنس المباح)، هذا هو التناقض البين؛ لأن المباحات من الأحكام الشرعية، التي لا تثبت إلا بدليل، ولا يوجد عليه دليل، فعاد الأمر إلى البدعة، ما دام قال: (ويتوقف في كونها سنة).
([4]) وانظر: «أصول الفقه» لابن مفلح (ج3 ص1255)، و«الأصول» للشاشي (ص314)، و«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (ج3 ص250)، و«تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي» لبدر الدين الزركشي (ج3 ص197 و203)، و«المستصفى» للغزالي (ص328)، و«فصول البدائع في أصول الشرائع» للفناري (ج3 ص332)، و«شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير» لابن النجار (ج4 ص110)، و«التحبير شرح التحرير في أصول الفقه» المرداوي الحنبلي (ج7 ص3305)، و«الوجيز في أصول الفقه» للدكتور عبد الكريم زيدان (ص199)، و«إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول» للشوكاني (ج2 ص116).
([5]) كما جاء في الحديث، ولم يقل النبي r: إذا تثاءب أحدكم؛ فليستعذ بالله من الشيطان، وخير الهدي، هدي محمد r.
([7]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج25 ص639)، و«معرفة الرجال» لابن معين (ج2 ص206 و207 –رواية: ابن محرز)، و(ج2 ص525-رواية: الدوري)، و«العلل» لابن أبي حاتم (ص545)، و«الجرح والتعديل» له (ج7 ص420).
([8]) قال الحافظ ابن الجوزي / في «الضعفاء والمتروكين» (ج2 ص89): (قلت: إنما لم يحمدوه في مذهبه؛ فإنه كان قدريا فنفوه من المدينة). اهـ
([9]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص519)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص137)، و«تقريب التهذيب» له (ص449)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج2 ص88)، و«الضعفاء والمتروكين» للدارقطني (ص276)، «الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج2 ص321)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج5 ص264)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج1 ص530)، و«ميزان الاعتدال» له (ج2 ص284)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج5 ص258)، و«الثقات» للعجلي (ص287)، و«بحر الدم» لابن عبد الهادي (ص94)، و«سؤالات ابن الجنيد» لابن معين (ص239)، و«سؤالات ابن أبي شيبة» لابن المديني (ص47)، و«الكامل» لابن عدي (ج5 ص489).
([10]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص579)، و«لسان الميزان» له (ج4 ص150)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص569)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج2 ص17)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج4 ص11).
([12]) انظر: «الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص234)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص549)، و«ديوان الضعفاء» له (ص101)، و«المغني في الضعفاء» له أيضا (ج1 ص189)، و«الضعفاء الصغير» للبخاري (ص50)، و«أحوال الرجال» للجوزجاني (ص305)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج3 ص157)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص307)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص31)، و«الكامل» لابن عدي (ج3 ص10).
([13]) انظر: «المدلسين» لأبي زرعة العراقي (ص55)، و«أسماء المدلسين» لجلال الدين السيوطي (ص55)، و«التبيين لأسماء المدلسين» لسبط ابن العجمي الشافعي (ص31)، و«تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص67)، و«مذكرة في دروس علل المدلسين» لشيخنا فوزي الأثري (ج2 ص11)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج1 ص29).
([14]) انظر كتابي: «لب اللباب في سنية الصلاة في البيوت في المطر القليل الذي لم يبل الثياب» (ص43 و44 و45).
([15]) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص103)، و«الفتاوى» له (ج26 ص172)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص281)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص466 و467).
([18]) وانظر: «أصول الفقه» لابن مفلح (ج3 ص1195)، و«روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه» لابن قدامة (ج2 ص249)، و«المدخل إلى مذهب أحمد» لابن بدران (ص307)، و«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (ج3 ص193)، و«شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير» لابن النجار (ج4 ص105)، و«قواطع الأدلة في الأصول» للسمعاني (ج2 ص112)، و«الوجيز في أصول الفقه» للدكتور عبد الكريم زيدان (ص197-208)، و«إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول» للشوكاني (ج2 ص105)، و«مذكرة في أصول الفقه» للشنقيطي (ص271)، و«الأصول من علم الأصول» لشيخ شيخنا ابن عثيمين (ص70)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص115).
([19]) وانظر كتابي: «اللمعة في الرد على من أنكر عزو الأحاديث في خطبة الجمعة»، وهو حوار مع الدكتور صالح العصيمي (ص21 و22 و23).
([20]) وانظر: «تفسير القرآن العزيز» لابن أبي زمنين (ج2 ص162)، و(ج4 ص154)، و«تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان» للسعدي (ص345 و887)، و«تفسير القرآن العزيز» لابن كثير (ج2 ص393 و394)، و(ج4 ص172)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص196)، و(ج4 ص69)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج7 ص347)، و«جامع البيان» للطبري (ج5 ص606)، و(ج9 ص817)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص181)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج4 ص319)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج2 ص243)، و(ج5 ص53)، و«المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» لابن عطية (ج2 ص491)، و(ج5 ص17)، و«إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم» لأبي السعود (ج3 ص308)، و(ج8 ص14)، و«التحرير والتنوير» لابن عاشور (ج9 ص229)، و(ج24 ص297)، و«تفسير سورة البقرة» للشيخ ابن عثيمين (ج2 ص238)، و«تفسير سورة فصلت» له (ص191).