القائمة الرئيسة
الرئيسية / كتب ليست ضمن سلاسل / كشف أكاذيب، وتحريفات، وخيانات ربيع المدخلي الموصوف زورا بالعلامة، بل نعامة (الجزء الثاني)

2024-01-16

صورة 1
كشف أكاذيب، وتحريفات، وخيانات ربيع المدخلي الموصوف زورا بالعلامة، بل نعامة (الجزء الثاني)

تأليف

فضيلة الشيخ العلامة المحدث جمال السنة

أبي عبدالرحمن فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله تعالى

 
 

 

 

 

 

كشف

أكاذيب، وتحريفات، وخيانات

ربيع المدخلي

الموصوف زورا بالعلامة، بل نعامة

 
 

 

 

                أسد علي، وفي الحروب نعامة!

                                              رقطاء تنفر من صفير الصافر!

 

الجزء الثاني

بيان كذب ربيع المدخلي في إنكاره أن الإيمان ينقص ينقص حتى لايبقى منه شيء

ومعه

((بيان جهالات و مجازفات ربيع في علم الحديث))

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ذكر الدليل على إنكار ربيع المدخلي اعتقاد السلف

في الإيمان

أنه ينقص ينقص حتى لايبقى منه شيء

بخيانة، وتحريف، وكذب، وتلبيس

وبيان مخالفته للإجماع

في هذا المعتقد السلفي

 

 

 

لقد أنكر ربيع كعادته أن السلف قالوا في الإيمان: ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

وهذا من جهله بمعتقد السلف في مسائل الإيمان، يدل على بعده من اعتقادهم والله المستعان([1]).

وإليكم إنكار ربيع لاعتقاد السلف أن الإيمان: ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء:

1) فقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف)(ص173): (علماء الأمصار جميعا، وقبلهم الصحابة، ما قالوا: ينقص، ينقص حتى لايبقى منه شيء!!!).اهـ   

2) وقال ربيع المرجئ في(شرحه البالي لعقيدة السلف)(ص174): (يقولون –يعني السلف-: الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ويسكتون ولا يقولون: (حتى لا يبقى منه شيء)!!!، ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب!!!).اهـ

3) وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص78): (فهذا افتراء منه على السلف ومنهجهم، فالصحابة والتابعون أجمعوا على القول: بأن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ولم ينقل عن أحد من الصحابة، ولا من التابعين أنه قال: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء)).اهـ

واستمع إلى ربيع كيف يلبس ويدلس في هذه المسألة:

فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص82): (وقد عرف مذهب السلف، ومنهم الصحابة والتابعون أن الإيمان يزيد وينقص،

ولم يقل أوائلهم: وينقص حتى لا يبقى منه شيء([2])، ومن بعدهم منهم من يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ومنهم وهم القليل! قد يقول: يزيد وينقص حتى لا يبقى منه شيء!، ولكنه لم يقل بوجوب القول بهذه الزيادة!، ولا يشترط القول بها!، ولا يبدع من لا يقول بها!) ([3])([4]).اهـ

قلت: فهذا من تلبيساته التي يستر بها سوأة عناده، وتهوره، التي افتضح بها في العالمين، نعوذ بالله من ربع محدث!!!.

قلت: وهذا هو الخلاف الذي كان بيننا، وبين المدخلي هذا، وأنه كان في بداية فتنته ينكر اعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، وكان ينكر ذلك إنكارا شديدا([5])، ولم يقر أنه من معتقدهم مطلقا، كما هو ظاهر من كلامه، فلما رأى السلفيون إنكاره هذا ردوا عليه، وبينوا باطله، وأن ذلك من معتقدهم، فهذه هي الحقيقة لا كما يزعم ربيع، فتنبه.

وإليكم آثار السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء:

1) قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([6])

قال الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله – بعد ذكر أثر ابن راهويه -: (وأنا أقول به).([7])

2) وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد تقول: ينقص؟ فقال: اسكت يا صبي بلى ينقص، حتى لا يبقى منه شيء).([8])

3) وقال الإمام أحمد رحمه الله – عندما قيل له -: كان ابن المبارك يقول: يزيد ولا ينقص، فقال: (كان يقول: الإيمان يتفاضل، وكان سفيان يقول: ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([9])

قلت: وهذا إقرار من الإمام أحمد لقول سفيان بن عيينة على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

4) وقال الإمام أحمد رحمه الله عندما سأله رجل عن زيادته، ونقصانـه – يعني الإيمان – فقال : (يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتـى يصير إلى أسفل السافلين السبع).([10])

  قلت: ومراده رحمه الله أنه ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وليس هذا بأسلوب غريب على الإمام أحمد رحمه الله كما يدعي المدخلي في (كشفه البالي)(ص90) نعوذ بالله من ربع فقيه!.

5) وقال الإمام أبو عثمان بشار بن موسى الخفاف رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل ونية، يزيد وينقص، حتى يكون أعظم من الجبل، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([11])

6) وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله عندما سئل عن الإيمان: أيزيد؟ قال: (نعم حتى يكون مثل الجبال، قال: قلت: فينقص؟ قال: نعم حتى لا يبقى منه شيء).([12])

قال العباس بن الوليد البيروتي رحمه الله عندما سئل، وقيل له أليس تقول ما يقول الأوزاعي؟ فقال: (نعم).([13])

7) وقال الإمام علي بن عبد الله المديني رحمه الله عندما سئل عن الإيمان فقال: (قول وعمل ونية، قلت – يعني الدارمي -: أينقص ويزداد؟ قال: نعم يزداد وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([14])

8) وقال الإمام ابن منده رحمه الله: (ذكر خبر يدل على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه في قلب العبد مثقال حبة خردل، وأن المجاهد بالقلب واللسان واليد من الإيمان).([15])

9) وقال الإمام البربهاري رحمه الله: (والإيمان بأن الإيمان قول وعمل، وعمل وقول، ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([16])

10) وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به على حسب تأكد الطاعة، فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بتركها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة).اهـ([17])

11) وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (فالرد عليهم أن الذنوب تضر على كل حال، منها ما يزيل الإيمان بالكلية، ومنها ما لا يزيله بالكلية بل ينقصه، وصاحبها معرض بالوعيد المرتب عليها).اهـ([18])

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه لـ(شرح السنة)(ص117) معلقا على قول الإمام البربهاري: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) قال: (هذا معنى قوله: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وقد يبقى مقدار حبة خردل، وهذه تنفع صاحبها يوم القيامة يخرج بها من النار، وإذا لم يبق حبة خردل فإنه يكون من أهل النار المخلدين فيها).اهـ

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ صالحا الفوزان حفظه الله لا يقول بهذه الزيادة السلفية، كما في (كشفه البالي) (ص228، 230).

وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده([19])، نعوذ بالله من العناد.

قلت: وبسبب ذلك تطاول بلسانه، وتعدى ببنانه، ومضللا أهل السنة من غير وازع، ولا ضمير، ومن غير تدبر، ولا تفكير، حتى عشعش في صدره وجنانه، من بغض الاعتقاد وأهله حب الإرجاء وأهله!، ونقض الإيمان وأركانه! اللهم غفرا.

فانظر إلى أي هوة سقط هذا الرجل؟! أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه؟!، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه؟!، أم بضحالة عقله، واستفحال جهله؟!. 

وقال العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمه الله في (مصباح الظلام)(ص470) وهو يرد قول عثمان الناصري الضال هذا: (فإذا كان هذا كلامه في هذه المسألة: فماذا يزيد الإيمان وينقص، حتى يكون أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان!([20])) إلى آخر قول الناصري، فقال الشيخ عبداللطيف: (فهذه العبارة تنادي بجهله، فالخوارج لا ينازعون في زيادة الإيمان، وإنما النزاع في نقصه، وأئمة الإسلام يقولون يزيد مع بقاء أصله الذي دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء([21])، فإذا ثبت الإسلام زاد الإيمان ونقص، ومع عدم الإسلام وانهدام أصله لا يعتمد بما أتى به من شعبه!).اهـ

قلت: فلما احتج الناصري : (بأدنى مثقال حبة خردل من إيمان)، احتج عليه الشيخ باعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).

وهذا يدل على جهل المدخلي بالسنة، ومعتقد السلف في الإيمان([22]).

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن أئمة الدعوة في نجد لا يقولون بهذه الزيادة السلفية!، كما في (كشفه البالي) (ص228 و230).

قلت: ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامهم، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.

ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العلماء، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهبهم غاية الوضوح([23])، والله المستعان.

قلت: وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن السلف أنهم يقولون: الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء. أي يزول جميعه!.

فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان)(ص213): (وقيل لبعض السلف: يزداد الإيمان وينقص؟ قال: نعم يزداد حتى يصير أمثال الجبال، وينقص حتى يصير أمثال الهباء)([24]).اهـ

والمراد: (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)،أي يزول جميعه.

وهذا إقرار من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لاعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء). 

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230)، وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى الا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد!.

ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.

ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العالم، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غاية الوضوح، والله المستعان.

قلت: ويستطيع الباحث المطلع أن يقول: إن مسألة ترك الأعمال الظاهرة بالكلية، وحكم ذلك، لم يجليها أحد كما جلاها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد تناول في مواضع عدة من مؤلفاته، وبعبارات واضحة ظاهرة، وقد سبق ذكر جملة صالحة من كلامه ولله الحمد والمنة.

وقال العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (... ولكن العاقل يرضى أن يكون في قمة الإيمان، الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والإكثار من الطاعة، والإكثار من العبادة، ينقص فيضعف بالمعاصي إلى أن يضمحل([25])، يكاد أن يذهب، وربما يذهب)([26]).اهـ

أي يعني الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص230) ([27])، والله المستعان.

وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري) في كتاب الإيمان (ج1 ص25): (فكذلك الإيمان والإسلام، إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه - مع بقاء أركان بنيانه- لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه، لنقصه.

بخلاف ما انهدمت أركانه، وبنيانه، فإنه يزول مسماه بالكلية!).اهـ

أي يزول الإيمان والإسلام بالكلية، فلا يبقى في قلب الإنسان شيء من الإيمان، لأنه ترك الأصول الإسلامية، اللهم غفرا.

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الإمام ابن رجب رحمه الله لا يقول بذهاب الإيمان كله، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230).

قلت: فهذا اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء نقله الأئمة والعلماء في كتبهم، وخالف اعتقاد السلف الصالح في ذلك ربيع المدخلي فقال بأن الإيمان ينقص حتى يبقى أدنى مثقال ذرة([28])، والله المستعان.

قلت: واعلم رحمنا الله وإياك أن هذه الآثار التي قد ذكرنا في معتقد السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء قد ذكره الحفاظ في كتبهم، ورواه الأئمة في مصنفاتهم، وجمعه العلماء على ما ساقه الإمام عبدالله بن الإمام أحمد، والإمام الخلال، والإمام ابن أبي حاتم، والإمام ابن منده، والإمام البربهاري، والإمام ابن بطة، والإمام الآجري، والإمام اللالكائي، وغيرهم، وأوجبوا كلهم الإيمان بهذا المعتقد والتسليم له، فلا ينكر، ولا يرد، ولا يتأول بشيء، ولا يحرف، وكذلك ذكره أصحاب الحديث في معتقدهم.

قلت: وقد اعترض ربيع المرجئ – كاعتراض المتكلمين- عليه ليبطله، ويتأوله على غير مراده، فرد عليه أهل السنة على ما قاله السلف المهديون، والخلف المرضيون، وكانوا قد وفقوا بحمد الله في ذلك، لأن المرجئة الخامسة قد اعترضت على معتقد السلف بما أوقعت به الشبه والشكوك، فلولا ما تفضل الله به من علماء السنة الذين أزالوه، وميزوه، وإلا كان الناس في حيرة، وكذلك اعترضوا على الآثار السلفية والأخبار، فرد عليهم علماء السنة الأخيار.

قلت: وهذا وأشباهه إنما تكلم فيه العلماء دفعا لما ذكره المرجئة، واعترضوا عليه، فمن اعتقد أنه تفرد به الإمام سفيان بن عيينة([29]) رحمه الله في جوابه، فإنما يقول ذلك بغير علم، سلمنا الله وإياكم من الشبهات، وأعاذنا من التلبيسات، وباعدنا من التدليسات، وحفظنا من الخيانات، وفهمنا من التحريفات، وغفر لنا الذنوب والتبعات.

فلما أظهرت المرجئة الخامسة فتنتهم، وأذاعوها في الناس، ودعوا الناس إليها، فلم يمسك أهل السنة الإنكار عليهم حتى استمروا في إنكار عليهم لكي لا يدرس اعتقاد أهل السنة والجماعة في الإيمان، فهي سنة متبعة من رسول اللهe وصحابته الكرام.

مع أنهم أمروا المرجئة في عدم الخوض في الإيمان، فلم يمتنعوا فخاضوا في مسائل الإيمان في خبط وخلط كما في (شبكة سحاب المرجئية) بل لم يكتفوا بذلك حتى نصبوا ربيعا إماما لهم في الإرجاء للتدليس به، والتمويه على العامة([30]).

فلما رأى أهل السنة هذا النصب العدائي، ردوا عليهم وكاسروهم، وبينوا للناس بدعتهم في الإرجاء، ولله الحمد والمنة([31]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى)(ج7 ص288): (وأهل البدع إنما دخل عليهم الداخل، لأنهم أعرضوا عن هذه الطرق، وصاروا يبنون دين الإسلام على مقدمات يظنون صحتها، إما في دلالة الألفاظ، وإما المعاني المعقولة، ولا يتأملون بيان الله ورسوله، وكل مقدمات تخالف الله ورسوله فإنها تكون ضلالا....

مثال ذلك أن (المرجئة) لما عدلوا عن معرفة كلام الله ورسوله أخذوا يتكلمون في مسمى (الإيمان) و(الإسلام) وغيرهما بطرق ابتدعوها).اهـ

  قلت: فتأمل...فتأمل...فتأمل...اللهم غفرا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

دراســــــات أثريــــــــــــــة

كشف([32])

مجازفات، وكذبات، وتناقضات، وتدليسات، وخيانات، وتلبيسات

ربيع المدخلي في العلم

 

فإن من عجيب أمر هذا المدعي أنه كثير المناقضة لنفسه، بل وكثير الكذب، فيقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه... ويكأنه بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور.

أرى كل إنسان يرى عيب غيره

                               ويعمى عن العيب الذي هو فيه

ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه

                               ويعمى عن العيب الذي بأخيه

ويتجلى هذا الكذب والتناقض بصورة أوضح، وبطريقة أفضح في (كشفه البالي) حيث يقول في (ص 87): بعدما ذكر أثر الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، فقال ربيع: (أقول: إسناده ضعيف!، لأن في إسناده محمد بن حازم لا يعرف!!، ولم أقف له على ترجمة!!!).اهـ

وقال ربيع الخائن في (كشفه البالي)(ص87): (التعلق بكلام إسحاق الذي لم يثبت عنه!!!). اهـ

وقال ربيع المدلس في (كشفه البالي) (ص87): (وينقل عن إسحاق قولا لم يثبت عنه!!!) ([33]).اهـ

 قلت: فهذا نقد([34]) ينطوي على كذب وجهل، بل على تدليس وتلبيس([35])، لأنه كيف يجزم بضعف أثر الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله، وهو صحيح، فهذا أجلى صور الجهل وأوضحه!!!.

لقد أوهم القراء في نقده للإسناد أن هناك رجل اسمه (محمد بن حازم!) تفرد به، وهو لا يعرف عنده، ولم يجد ترجمة له، فضعف الإسناد بناء على ذلك! ([36]).

قلت: وليس الأمر كذلك، بل هو (أحمد بن محمد بن حازم) وهو معروف، وصحيح الكتاب([37])، وقد سقط من مطبوع (المسائل) (ج1 ص212) للإمام الكوسج في مقدمة المحقق كلمة (أحمد)، فصارت هكذا عن (محمد بن حازم)، وهذا تصحيف، فتصحف الاسم من (أحمد بن محمد بن حازم) ([38])، إلى (محمد بن حازم) فليصحح.

قلت: فسقط اسم (أحمد) واستدركته من المصادر الأخرى([39]).

ولذلك نرى الإمام الخلال رحمه الله يروي (مسائل) الإمام إسحاق بن منصور الكوسج في الغالب عن طريق شيخه أحمد بن محمد بن حازم رحمه الله، وأحمد هذا يروي عن الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله في (المسائل)!!! ([40]).

وإليك الدليل:

قال الخلال رحمه الله في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص67): أخبرني أحمد بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم قال: قال إسحاق بن راهويه: أما أولاد المسلمين فإنهم من أهل الجنة.

وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص84): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال: لأبي عبدالله: قال الثوري... .

وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص107): أخبرنا ابن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... .

وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص114): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... ([41]).

وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص322): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... .

وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص328): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم أنه قال لأبي عبدالله... .

وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص331): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... ([42]).

وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص333): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... ([43]).

قلت: فمحمد بن حازم هذا الذي ذكره المدخلي، هو تصحيف، وليس له أي ذكر في مسند الكوسج، وإنما عنده أحمد بن محمد بن حازم، وهو صدوق معروف!!!. ([44])

قلت: ولم ينفرد أحمد بن محمد بن حازم بالإسناد، بل تابعه مقاتل بن صالح الأنماطي، وهو ثقة، عنده جملة مسائل من مسائل الإمام أحمد رحمه الله، والإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله.

قال الخلال في (السنة) (ج3 ص593): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ومقاتل بن صالح قالا: حدثنا إسحاق بن منصور أن إسحاق بن راهويه قال:(الإيمان يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، ومقاتل بن صالح، هو أبو الحسن الأنماطي وهو ثقة([45]) ترجم له الحافظ الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج13 ص17) حدث عن إسحاق بن منصور الكوسج، قال عنه ابن المنادى: كان أحد الثقات المستورين، روى كتاب أبي يعقوب الكوسج وغير ذلك!!!. ([46])

فهذا ما يتعلق بتوثيق مقاتل بن صالح الأنماطي، وأما أحمد بن محمد بن حازم السمرقندي([47])، قال عنه الذهبي رحمه الله في (ميزان الاعتدال) (ج1 ص139): (اتهم في إكثاره عن ابن نصر، ورأيت خط محمد بن نصر المروزي له بالإجازة بما صح عنده عنه) ([48]).اهـ

قلت: وبهذا ترتفع التهمة، لأنه صحيح الكتاب([49])،ثم هذا لا يضر، لأنه مقرون بمقاتل الأنماطي، وهو ثقة من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله. ([50])  

قلت: فهل يقال والحال هكذا عن أثر الإمام ابن راهويه: (إسناده ضعيف... لا يثبت!!!) ([51])، و(إسناده ضعيف، لأن في إسناده محمد بن حازم لا يعرف!، ولم أقف له على ترجمة!).

فهذا تجاهل ومماطلة ومكابرة، بل هذا من خذلان العلم، والزيغ عن الحق. ([52])

فظهر لذي عينين أن محاولة المدخلي لتضعيف الأثر هي محاولة الغريق الذي يريد أن يتشبث بخيوط القمر، فهي محوطة بالتدليس، ملفوفة بالتلبيس.

قلت: ومما يؤيد هذا القول أن الإمام إسحاق بن منصور رحمه الله يروي (كتاب المسائل) مباشرة عن الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله، والإمام أحمد رحمه الله، فلا حاجة لنا في البحث عمن روى عنه، لأنه شاء الله تعالى أن يدون عن الإمامين إسحاق بن راهويه وأحمد كثير من المسائل جاءت متفاوتة في الأصول والفروع.

 

والإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله المتوفى سنة (251هـ) نقل عن الإمامين بصدق وإخلاص في (مسائله) ([53])، كيف لا وهو الإمام الثقة([54]) الثبت المعتمد عليه في الصحيحين([55]).

 قلت: وتعد (مسائل) الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله هذه ومثيلاتها من المسائل الأخرى المروية عن الإمام أحمد رحمه الله، والإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله من خير ما يبرز بوضوح معالم فقه أهل السنة والجماعة المبني على الدليل من الكتاب والسنة وآثار السلف، ومنابذة التقليد، واجتناب الشذوذ.

وقد امتازت هذه المسائل بميزات أهمها: مكانة الإمام الكوسج رحمه الله علما، وثقة، وورعا، وكثرة المسائل التي نقلها عن الإمامين، وتطرقه إلى جزئيات([56]) كثيرة لم يتطرق إليها غيره، وكتب هذه المسائل مباشرة عن الإمامين أحمد، وإسحاق، وتدقيقه في سلامة النص المنقول عنهما، وغزارة المواد العلمية فيها، واهتمام العلماء بهذه المسائل في وقت مبكر، واعتمادهم عليه في نقل آثار الإمامين بكل صدق([57]).

وبالجملة، فهذا الكتاب في نقل مسائل (الإمام أحمد)، و(الإمام إسحاق)، برواية الإمام إسحاق بن منصور الكوسج، هو من أهم الكتب المعتمدة في نقل مذهب أهل السنة والجماعة في الأصول والفروع، فحري بهذا الكتاب أن يحتج به في الدين([58]).

قلت: لقد كتب الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله المسائل عن الإمامين وقام بتدريسها بخرسان، وتتلمذ عليه، وأخذ هذه المسائل عنه كثير من الأئمة.

فتضافرت كتب العلماء من نقل المسائل برواية إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله، والاحتجاج بها، فمنهم في الأصول، ومنهم في الفروع([59]).

بل هذه (المسائل) اشتهرت في حياة الإمامين أحمد وإسحاق فلم ينكرا هذه المسائل([60])، واتخذها العلماء أصلا في الأصول والفروع، منهم: الإمام الخلال، والإمام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والإمام ابن المنذر، والإمام ابن مفلح، والإمام ابن رجب، والإمام ابن قدامة، والإمام الآجري، والإمام الترمذي، وغيرهم([61])([62]).

قلت: ثم بعد وفاة الإمام إسحاق بن منصور الكوسج كان الكتاب يروى من طريقين: من طريق الرواية عن تلاميذه، ومباشرة من طريق كتابه الأصل الذي كان قد فرغ من تأليفه، وتهذيبه في حياته([63]).

قلت: ويؤيده أن الإمام الخلال رحمه الله يروي هذه (المسائل) في الغالب عن طريق أحمد بن محمد بن حازم، فإذا لم يذكر الراوي المسألة بتمامها، واحتاج إلى اكمالها أخذها من نسخة المؤلف، وأشار إلى ذلك، كما فعل في مسالة ترك التسمية على الذبيحة، فقال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص441) بعد أن روى المسألة من طريق الراوي، وهو أحمد بن محمد بن حازم، ثم أضاف رأي الإمام أحمد من كتاب (المسائل) للكوسج، وقال: قول أحمد لم يقرأه علينا الشيخ كتبناه من أصل كتابه.

فعلى هذا فـ(المسائل) التي طبعت الآن هي أصل الكتاب الذي ألفه الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله، والعلماء ينقلون ويعتمدون هذا الأصل سواء من طريق التلاميذ كـ(تلميذه أحمد بن محمد بن حازم) ([64])، أو غيره، أو عن أصل الكتاب مباشرة.

قلت: وهذا أيضا يدل على أن أحمد بن محمد بن حازم لم يتفرد برواية (المسائل)، فقد رواها الإمام الترمذي رحمه الله، والإمام الأصم رحمه الله، والإمام أبو محمد الطيالسي رحمه الله، وغيرهم عن الكوسج عن الإمامين أحمد وإسحاق.

فقال الإمام الترمذي رحمه الله: (وما كان فيه  من قول أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه فهو ما أنبأنا به إسحاق بن منصور الكوسج عن أحمد وإسحاق، إلا ما في أبواب الحج، والديات، والحدود، فإني لم أسمعه من إسحاق بن منصور، وأخبرني به محمد بن موسى الأصم عن إسحاق بن منصور عن أحمد وإسحاق)([65]).اهـ

وقال الإمام ابن أبي يعلى رحمه الله في (طبقات الحنابلة) (ج1 ص307): (وأنبأنا رزق الله عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، قال أبوبكر بن مسلم حدثنا أبو محمد عبدالله بن العباس الطيالسي حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال: قلت لأحمد: فسر لي المرجئة؟ قال: المرجئة: التي تقول الإيمان قول...).اهـ

وقال الإمام الخلال رحمه الله في (السنة) (ج3 ص593): (أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ومقاتل بن صالح قالا: ثنا إسحاق بن منصور أن إسحاق بن راهويه قال: الإيمان يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).اهـ

قلت: إذا الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله يروي أصل (كتاب المسائل) مباشرة عن الإمامين أحمد وإسحاق، وذلك لأن كتب الترجمة ذكرت أنه قد سأل الإمام أحمد، والإمام إسحاق مسائل، وألف كتابا باسم (مسائل الإمام أحمد والإمام إسحاق).

قال الإمام السمعاني رحمه الله في (الأنساب) (ج10 ص295): (هو – يعني الكوسج – الذي يروي المسائل عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه!).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج25 ص232): (والكوسج سأله مسألة لأحمد وإسحاق، وكذلك حرب الكرماني... وبهذا يجمع الترمذي قول أحمد وإسحاق، فإنه روى قولهما من مسائل الكوسج!).اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في (السير) (ج12 ص258): (وهو -يعني الكوسج- صاحب المسائل عن أحمد بن حنبل الذي يستهزئ به المبتدعة([66]) والمتجرئون([67])).اهـ

وقال الإمام الخطيب البغدادي رحمه الله في (تاريخ بغداد) (ج6 ص363): (وكان إسحاق بن منصور عالما فقيها، وهو الذي دون عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه المسائل في الفقه).اهـ

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (تهذيب التهذيب) (ج1 ص250): (تتلمذ -يعني الكوسج- لأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وله عنهم مسائل).اهـ

قلت:إذا هذا الأثر عن الإمام إسحاق بن راهويه يعتبر صحيحا بلا ريب([68])، سواء عن طريق الإسناد، أو عن طريق أصل الكتاب([69]) فافطن لهذا.

قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه للأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث.

قلت: وذكر الإمام ابن راهويه رحمه الله لزيادة (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) يدل ذلك على غزارة اعتقاده في الشريعة الإسلامية، كيف لا وهو الذي أحاط بآثار الصحابة، والتابعين ومن بعدهم.

قال عنه الإمام ابن حبان رحمه الله في (الثقات) (ج8 ص116): (كان إسحاق بن راهويه من سادات زمانه فقها، وعلما، وحفظا، ونظرا). اهـ

وكانت أصول الإمام ابن راهويه رحمه الله شبيهة بأصول الإمام أحمد رحمه الله، والإمام الشافعي رحمه الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج34 ص113) : (إن موافقة الإمام أحمد للإمام الشافعي، وإسحاق أكثر من موافقته لغيرهما، وأن أصوله بأصولهما أشبه منهما بأصول غيرهما، وكان يثني عليهما، ويعظمهما، ويرجح أصول مذهبهما على من ليست أصول مذهبه كأصول مذهبهما) ([70]).اهـ

قلت: بل أن أئمة أهل الحديث كانوا يأخذون أصول الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله لصحة اعتقاده في الشريعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج15 ص232): (وكان أبو زرعة، وأبو حاتم، وابن قتيبة، وغيرهم من أئمة السلف والسنة والحديث([71]) يتفقهون على مذهب أحمد وإسحاق، ويقدمون قولهما على أقوال غيرهما).اهـ

قلت: وهذا فيه تعرية المدخلي من دعاويه العريضة الباطلة، وكشف انحرافاته، وتضليلاته المنشورة في بعض رسائله ومؤلفاته المأشورة!

 

 

 

 

 

قلت: وأما تضعيف المدخلي لأثر إمام السنة في زمانه الإمام بشار بن موسى الخفاف رحمه الله من أجل ضعفه في الحديث([72])، وزعم أنه لا يحتج به في الاعتقاد كما في (بيانه البالي) (ص7 و16 و21)، وفي (كشفه البالي) (ص96).

فهذا الكلام لم يقل به أحد من أهل العلم، إلا المدخلي، وهذا يدل دلالة وثيقة على جهله بأصول الحديث، وعلم الرجال!، وعلم الجرح والتعديل!، فهو متلبس بما ينكره على غيره!.

قلت: وهذا التحريف في أثر الإمام بشار الخفاف تضمن أباطيل كما لا يخفى، والحق في هذا أن الحفاظ لا يحتجون به بما يخالف في الأحاديث، ويتجنبون ما يتفرد به عن الثقات في الأحاديث النبوية، فهذا التضعيف خاص بالأحاديث إذا رواها عن غيره من الرواة([73]).

قلت: أما إذا روى عن نفسه حكما، أو اعتقادا، فهو حجة عند الحفاظ كلهم، إلا عند المدخلي في آخر الزمان! ([74]).

وقد أثنى الإمام أحمد رحمه الله على الإمام بشار الخفاف رحمه الله في أصول السنة، وكان حسن الرأي فيه.

قال أبوداود رحمه الله: (كان أحمد حسن الرأي فيه) ([75]).

وقال أبوداود رحمه الله: (سمعت أحمد ذكر بشارا الخفاف، فقال: كان معروفا، صاحب سنة!) ([76]).

وقال الإمام أحمد رحمه الله عنه: (كان صاحب سنة... وما كان ببغداد أصلب منه في السنة!) ([77]).

وقال الذهبي رحمه الله: (وقال أحمد: يكتب حديثه، وكان حسن الرأي فيه) ([78]).

قلت: وتعديل الإمام أحمد رحمه الله للإمام بشار الخفاف رحمه الله في السنة يدل على أنه حجة في الاعتقاد، وقد احتج به العلماء كما فعل الإمام حرب الكرماني رحمه الله في مسائله (ص370)، فلا يضره ضعفه في الحديث فتنبه لتلبيس المدخلي!، فإنه جلي!.

وقال ابن الجارود: سمعت علي بن المديني وذكر بشار بن موسى فقال: (ما كان ببغداد أصلب منه في السنة!) ([79]).

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج10 ص581): (المحدث الكبير، أبو عثمان العجلي، وقيل الشيباني البصري الخفاف نزيل بغداد).اهـ

قلت: وبعد نقل أقوال الأئمة في الإمام بشار الخفاف رحمه الله في حجيته في الاعتقاد([80])، فهل يقال بعد هذا أنه ضعيف، فلا يحتج بقوله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)؟!، وبخاصة أنه لم يتفرد بهذا المعتقد السلفي، فوافقه أئمة كما سبق ذكرهم. ([81])

قلت: فهذا الحكم من ربيع غير دقيق، وهو بحاجة إلى مزيد من البحث والتفتيش، ولا ينبغي أن يتسرع في مثل هذا اللهم غفرا.

فهذه التنبيهات وحدها كافية لنقض (بيانه البالي) و (كشفه البالي) من أسهما، فكيف بك أيها المسلم إذا علمت بضلالاته الأخرى اللهم سلم سلم.

 وتكلف المدخلي بقوله في (كشفه البالي) (ص96): (إن بشارا الخفاف نفسه ضعيف) ([82]).أهـ

ثم ذهب يتكلف ويلبس في ذكره لجرح الخفاف وتعديله من أقوال أئمة الجرح والتعديل في روايته للأحاديث النبوية([83])، ثم قال وهو يتبجح في (كشفه البالي) (ص97): (والذي يترجح لي ضعفه كما قال الحافظ -يعني ابن حجر- لأنه قد جرحه جرحا قويا عدد من الأئمة!).اهـ

نعوذ بالله من ربع محدث!.

ثم ذهب المدخلي يلبس بقوله في (كشفه البالي) (ص96): (وقال ابن عدي: قال عثمان: بلغني أن علي بن المديني كان(يسيء) القول في بشار الخفاف هذا، ونقل الذهبي هذا النص بقوله: (كان علي بن المديني حسن الرأي فيه)، فالله أعلم أي النقلين أصح!).اهـ

قلت: ونقله لقول ابن عدي: قال عثمان: بلغني أن علي بن المديني كان (يسيء) القول في بشار الخفاف، فقد تصحفت كلمة (يحسن) إلى (يسيء!) في كتاب (الكامل) (النسخة المطبوعة) لابن عدي (ج2 ص457) ([84])، وهي في كتاب (الكامل) (النسخة المخطوطة) (1/ق  172/ط) بلفظ: (يحسن!)، ولم يفطن المدخلي لذلك نعوذ بالله من الغفلة والتسرع. ([85]) 

وإليك الدليل:

قال أبوسعيد عثمان الدارمي في (تاريخه)(ص82): (بلغني أن علي بن المديني كان(يحسن) القول في بشار الخفاف هذا!).اهـ

 ويؤيده: أن الحافظ الذهبي رحمه الله، والحافظ الخطيب رحمه الله، والحافظ المزي رحمه الله، وغيرهم ذكروا الأثر بلفظ (يحسن)، ولم يذكروا لفظ (يسيء)!!!.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج10 ص581): (وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا، وأرجو أنه لا بأس به، قال عثمان الدارمي([86]): وبلغني أن ابن المديني كان (يحسن) الرأي فيه).اهـ

وقال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في (تاريخ بغداد) (ج7 ص121): (قال أبو سعيد عثمان بن سعيد: بلغني أن علي بن المديني كان (يحسن) القول في بشار هذا).اهـ

وقال ابن أبي حاتم رحمه الله في (الجرح والتعديل) (ج1 ص417): (أخبرنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إلي قال: قال عثمان بن سعيد الدارمي: بلغني أن علي بن المديني كان (يحسن) القول في بشار هذا).اهـ

قلت: فالأصح قول الإمام علي بن المديني رحمه الله في تحسين الرأي في الإمام بشار الخفاف رحمه الله لصلابته في السنة([87]).

وإليك الدليل أيضا:

فعن علي بن المديني رحمه الله -وذكر بشار بن موسى الخفاف- ثم قال: (ما كان ببغداد أصلب منه في السنة).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج7 ص119) من طريق منصور بن ربيعة الزهري أخبرنا علي بن أحمد بن علي أخبرنا أحمد بن يحيى بن الجارود قال سمعت عليا فذكره.

قلت: وهذا سنده حسن

وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج7 ص119) من طريق الأزهري حدثنا عبدالله بن عثمان الصفار حدثنا محمد بن عمران بن موسى الصيرفي حدثنا عبدالله بن علي بن المديني قال سمعت أبي يقول فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الذهبي في (السير) (ج10 ص582)، والمزي في (تهذيب الكمال) (ج4 ص86) ([88]).([89])

قلت: إذا فكلامه هذا كله يتصبب جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد!، وكثرت أخلاطه، وتضاعفت أغلاطه، ولا حول ولا قوة إلا بالله([90]).

قلت: وهذه البدعة التي تورط فيها المدخلي في تضعيف الرجال والآثار بهذه الطريقة، هي بدعة كوثرية وقع فيها ربيع الضال، فإن الكوثري الضال أرغى، وأزبد، وأرعد، وأبرق، وافترى، وكذب على الأئمة في تضعيف الأسانيد والمتون، ولست ههنا في صدد بيان أكاذيبه، وافتراءاته على أئمة أهل السنة، وذلك ليطعن في اعتقادهم، ويظهر اعتقاده الفاسد هو الصحيح!!!.

قلت: والمدخلي الضال سلك هذا المسلك المشين، فسود في كتبه، وهي (كشفه البالي) و (بيانه البالي) و (شرحه البالي لعقيدة السلف) البدعة الكوثرية، فأرغى وأزبد، وأرعد وأبرق، وشرق وغرب، وبعد وقرب، فهلك واحترق.

قلت: وقد افتضح في هذا التلاعب أمر المدخلي هذا ولله الحمد، وانكشف حاله للكثيرين، وظهر للقريب وللبعيد ما عرف به من الزيغ والجهل، ولكن الشبه خطافة تعلق بكثير من القلوب، فلا بد من التصدي لها([91])، فكتب هذا المرجئ قد وزعت في أماكن، وخاصة في الخليج؛ فهناك من يروج لها، ويدافع عنها، وهذا من أبشع الجهل وأشنعه، وهكذا أهل البدع، يتواصون دوما فيما بينهم، لنشر الباطل، والإفك، والزيف، والغمز، والتحريف، والتبديل، والتضليل، والطعن في أهل العلم وفي علمهم، وهذا ديدنهم الذي به على غيرهم يعلون، ومن أجله يفتخرون، فهذه وتلك من الأسباب التي دعتني لكتابة هذا الرد، واعتمدت على كتب أئمة([92]) الهدى والدين كما ذكرت ذلك ولله الحمد والمنة.

قلت: ولا أحب أن أطيل في هذا الكلام الذي ليس هذا موضعه، ولكني أحببت أن أكشف شيئا من خبايا شخصية هذا المدخلي المهترئة، لتتضح حقيقته للقراء، ولتتعرى دوافعه أمامهم. ([93])

والخلاصة: أن الرجل لاهو في العير!، ولا هو في النفير!، بل هو بعير هائج في الصفير! فنتيجة فعله هذا قد ورث عن الكوثري تلك النفسية السوداء الحاقدة الذميمة على الآثار ورجالها، والله المستعان.

قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه للأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!.

قلت: وأما تلبيسه على معتقد الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله في قوله: (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

بقوله في (شرحه البالي لعقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص174) بعدما ذكر الزيادة السلفية: (ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب!).اهـ

 

وقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص174): (ومرة حركه -يعني سفيان- أخوه باعتراض!).اهـ

وقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص176): (فقال له -يعني سفيان- أخوه إبراهيم بن عيينة: ياأبا محمد، تقول: ينقص فقال: اسكت ياصبي، بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء، اضطره أخوه لأن يقول هذا الكلام!).اهـ

وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص88): (فكيف بسفيان الذي لعله لم يقله إلا مرة واحدة في حال غضب!).اهـ

قلت: وقد أقر العلماء اعتقاد الإمام ابن عيينة رحمه الله، ولم ينكروه.

قال العلامة العيني رحمه الله في (عمدة القاري) (ج1 ص125): (وهذا الذي قاله البخاري -وهو قول وفعل، ويزيد وينقص- منقول عن سفيان بن عيينة فإنه قال: الإيمان قول وفعل يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم: لا تقل ينقص، فغضب، وقال: اسكت ياصبي بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء).اهـ

 

قلت: وأقر العلامة العيني رحمه الله الإمام سفيان بن عيينة على ذكر هذا المعتقد (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، رغم أن الإمام البخاري رحمه الله ذكر فقط لفظ : (يزيد وينقص) مما يدل على أن هذه الزيادة من اعتقاد السلف فافهم لهذا ترشد([94]).

 قلت: فمعتقد الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله هذا ذكره أيضا الإمام ابن عبدالبر رحمه الله في (التمهيد) (ج9 ص254) وأقره، ولم ينكره.

فقال الإمام عبدالبر رحمه الله في (التمهيد) (ج9 ص254): (قال الحميدي: وسمعت سفيان بن عيينة يقول: الإيمان يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: لا تقل ينقص، فغضب، وقال: اسكت ياصبي، بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء).اهـ

قلت: وقد اعترف ربيع بهذا الاعتقاد السلفي، فلماذا هذا التناقض والإنكار؟!، والمماطلة والمراوغة؟!، فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص88): (إن هذا صحيح عن سفيان بن عيينة!).اهـ

 

وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص89): (نعم أقر الإمام أحمد، سفيان على قوله!).اهـ

قلت: فعليه بالمناصحة والتوبة مطلقا اللهم غفرا.

قلت: وإنكار الإمام ابن عيينة رحمه الله وغضبه على أخيه، ليس كما ادعاه ربيع أنه أمر اضطراري، بل أشعر منه أنه أخطأ بقوله هذا وخالف السنة، فبين له الاعتقاد الصحيح في مسألة الإيمان أنه (ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، لأن المرجئة جعلوا ترك الفرائض ذنبا لا يكفر تاركها!، فغضب لذلك رحمه الله.

قلت: فهكذا كان السلف رضوان الله عليهم يشتد نكيرهم وغضبهم على من خالف السنة بالآراء والتعسفات المريضة، وربما هجروه تعظيما للسنة، وتوقيرا لها، وما زال العلماء قديما وحديثا ينكرون على من خالف ذلك، ولو لم ينكر مثل هذا لأدى إلى تبديل الدين وتغييره اللهم سدد سدد([95]).

قلت:  وقد نقل الأئمة جملة : (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) في كتبهم على أن ذلك من اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة، وقد أجمعوا على هذا الاعتقاد، منهم: الإمام الصابوني رحمه الله، والإمام الخلال رحمه الله، والإمام اللالكائي رحمه الله، والإمام البربهاري رحمه الله، والإمام حرب الكرماني رحمه الله، والإمام إسحاق الكوسج رحمه الله، وغيرهم، وقد أدركوا العلماء في جميع الأمصار على هذا الاعتقاد.

قال الإمام الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص315): (وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم، بل أجمعوا عليها كلها([96])).اهـ  

قلت: ومن الجمل التي ذكرها الإمام الصابوني رحمه الله المجمع عليها هي: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء!)([97]).

قلت: وذكر الإمام حرب الكرماني رحمه الله معتقد السلف والسنة، من ذلك جملة: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء). ([98])

قال الإمام حرب الكرماني رحمه الله في (مسائله) (ص355): (هذا مذهب أئمة العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المعروفين بها([99])!، المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق، والحجاز، والشام، وغيرهم عليها!، فمن خالف شيئا([100]) من هذه المذاهب، أو طعن فيها([101])، أو عاب قائلها([102]) فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة، وسبيل الحق...).اهـ

وقال الإمام اللالكائي رحمه الله في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) (ج1 ص9): (فهذه الوصايا الموروثة المتبوعة، والآثار المحفوظة المنقولة([103])، وطرايق الحق المسلوكة، والدلايل اللايحة المشهورة، والحجج الباهرة المنصورة التي عملت عليها: الصحابة والتابعون، ومن بعدهم: من خاصة الناس، وعامتهم من المسلمين، واعتقدوها حجة فيما بينهم، وبين الله رب العالمين.

ثم من اقتدى بهم من أئمة المهتدين، واقتفى آثارهم من المتبعين، واجتهد في سلوك سبيل المتقين، وكان مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) ([104]).اهـ

قلت: فهذه الجملة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) صحت عن السلف، ونقلها الحفاظ في كتبهم، وهي حجة قاطعة في معتقدهم، وهذا يدل على مبلغ أمانتهم في نقل مذهب السلف في الاعتقاد السلفي.

والرواة الثقات رووا هذه الزيادة بالأسانيد الصحيحة على الجادة والصواب، فلا داعي ياربيع من التلبيس والتدليس([105]).

قلت: ومن خالف الإجماع فهو في ضلال مبين.

قال الإمام الملطي الشافعي رحمه الله في (التنبيه) (ص29): (ومن خالف الإجماع ضل... وإجماع الأمة أصل من أصول الدين).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج24 ص172): (من خالف الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه؛ فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع).اهـ

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج19 ص327): (مازال العلماء يختلفون، ويتكلم العالم في العالم باجتهاده، وكل منهم معذور مأجور، ومن عاند، أو خرق الإجماع([106])، فهو مأزور، وإلى الله ترجع الأمور).اهـ

قلت: وإجماع السلف، هو الإجماع الذي ينضبط، فلا يعتد بخلاف ربيع ومن تابعه في مسائل الإيمان بعد إجماعهم، والله المستعان.

قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (ج2 ص328): (قوله: والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة.

يعني: أن الإجماع الذي يمكن ضبطه، والإحاطة به، هو ما كان عليه السلف الصالح، وهم القرون الثلاثة، الصحابة، والتابعون، وتابعوهم... وهل يمكن أن يوجد إجماع بعد الخلاف؟.

فنقول: لا إجماع مع وجود خلاف سابق، ولا عبرة بخلاف بعد تحقق الإجماع).اهـ

وقال الشيخ صديق حسن خان رحمه الله في (قطف الثمر) (ص159): (والإجماع ما عليه أهل العلم، من أقوال، وأعمال ظاهرة، وباطنه، مما له تعلق بالدين، والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح، وبعدهم كثر الاختلاف).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص40): (فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة... وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة... فليس كل ما جاءت به السنة يجب أن يكون مفسرا في القرآن؛ بخلاف ما يقوله أهل الإجماع؛ فإنه لا بد أن يدل عليه الكتاب والسنة، فإن الرسول هو الواسطة بينهم، وبين الله في أمره ونهيه، وتحليله، وتحريمه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص38): (قوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين}[النساء:115]، فإنهما متلازمان، فكل من شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، وكل من اتبع غير سبيل المؤمنين فقد شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فإن كان يظن أنه متبع لسبيل المؤمنين وهو مخطئ؛ فهو بمنزلة من ظن أنه متبع للرسولe وهو مخطئ.

وهذه الآية تدل على أن إجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسولe، وإن كل ما أجمعوا عليه فلا بد أن يكون فيه نص عن الرسولe؛ فكل مسألة يقطع فيها بالإجماع، وبانتفاء المنازع من المؤمنين؛ فإنها ممن بين الله فيه الهدى...).اهـ

قلت: والوقوف مع إجماع السلف، وعدم تجاوزه، أو قبول الخلاف فيه بأي حال؛ لأن مخالفة إجماعهم يقتضي بالضرورة تخطئتهم، وهم إنما أجمعوا على الأصول التي أجمعوا عليها بناء على نصوص كثيرة، فلا يمكن أن يكون إجماعهم خطأ، بل أن من يخالفهم لابد أن يكون هو الذي أخطأ، وأحدث في الدين ما ليس منه.

قلت: فإذا كان أهل السنة قد أجمعوا - مثلا- على أن (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فإن مقتضى ذلك عندهم أن ذلك من معتقدهم، فمن خالف في ذلك فهو مخالف لإجماع السلف، وأحدث في الدين ماليس منه.

قلت: ولهذا ترى السلفيين يقرونها، ولا يتعرضون لها من قريب، أو من بعيد، لأنها من معتقد السلف الصالح، ولا جواب لذلك عندهم البتة.

بل هذه الزيادة السلفية التي ذكرها الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله على ظاهرها يفهمها صغار طلبة الدعوة السلفية، فضلا ممن يدعي أنه إمام السلفيين([107]) في العالم!!!.

واستمع إلى ربيع وهو يضطرب كعادته في أقواله، بل ويدعي الإجماع على خلاف مذهب السلف في الإيمان، كـ(أهل البدع والأهواء) تماما:

فقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص173): (علماء الأمصار جميعا، وقبلهم الصحابة، ما قالوا: ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء! ).اهـ

وقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص174): (ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب([108])!).اهـ

وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص80): (اقتصروا على ما أجمع عليه الصحابة والتابعون، بل أتباع التابعين، ومنهم سفيان ابن عيينة، وأكثر من ألف شيخ من شيوخ البخاري، ولم يلتزموا هذه الزيادة)([109]).اهـ

يعني: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

واستمع إلى المدخلي كيف يلبس في الإجماع على طريقة أهل البدع.

فقال ربيع في (كشفه البالي) (ص95): (فهذه ثلاثة نقول عن الأوزاعي، يقول فيها بما يقول به أهل السنة جميعا من أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ولا يزيد على ذلك).اهـ

وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص94): (حيث لم ترضوا بما أجمعوا عليه -يعني السلف!-، وهو قولهم: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص)).اهـ

قلت: ولما كان الباطل لا يمكن أن يقوم عليه دليل صحيح، فإن أهل البدع يسارعون إلى حكاية الإجماع لبدعتهم حتى تروج، لأن الناس لا يمكن أن يخرجوا عن إجماع الأمة!. ([110])

وهذا الاعتزاء إلى الإجماع لا ينفعهم، لأن الإجماع مستند إلى الكتاب والسنة، فالإجماع دليل على وجود الدليل، فما من مسألة أجمعت عليها الأمة إلا وهي منصوصة. ([111])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (منهاج السنة) (ج8 ص344): (ما من حكم اجتمعت الأمة عليه إلا وقد دل عليه النص، فالإجماع دليل على نص موجود معلوم عند الأئمة ليس مما درس علمه).اهـ

قلت: ولما كان كذلك؛ فإن كثيرا من الإجماعات المغلوطة؛ إنما هي من إفك المبتدعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (النبوات) (ج1 ص479): (ولأهل الكلام والرأي من دعوى الإجماعات التي ليست صحيحة، بل قد يكون فيها نزاع معروف، وقد يكون إجماع السلف على خلاف ما ادعوا فيه الإجماع ما يطول ذكره).اهـ

قلت: بل وأعظم من هذا أن المبتدعة يخرقون الإجماع، ويدعون أنه الإجماع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإخنائية) (ص435) عن الصوفية المبتدعة: (فهؤلاء خرقوا إجماع الطائفتين، وما كفاهم ذلك حتى ادعوا أن هذا الخرق للإجماع أجماع...فهؤلاء من أعظم أهل البدع والضلال، كالخوارج، والروافض، وأمثالهم من الجهال الذين يخالفون السنة، وإجماع السلف، ويعادون من قال بالسنة، وإجماع السلف، لشبه باطلة، كأحاديث مفتراة، وألفاظ مجملة لم يفهموها).اهـ

قلت: فأهل البدع والأهواء لا يكتبون إلا ما لهم.

فعن الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله قال: (أهل العلم يكتبون مالهم، وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم)([112]).

قلت: فمن أجل هذا يسعى أهل الباطل في كتم الحق، وصرف الناس عنه، ومن أشهر علامات أهل البدع ذكر باطلهم، وكتمان الحق الذي عليهم([113]).([114])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج24 ص154): (فمن سلك هذه السبيل دحضت حججه، وظهر عليه نوع من التعصب بغير الحق).اهـ

وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص97): (وقد أجرينا على أسانيد من قال بهذه الزيادة (ينقص حتى لا يبقى منه شيء) الدراسة قبل سنين فلم يصح منها إلا قول سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، والبربهاري).اهـ

قلت: انظروا إلى هذا التلاعب البين فمرة يقول: أجرينا على هذه الأسانيد، ومرة يقول: لم يثبت عن أحد من العلماء، ومرة يقول: لم يثبت إلا عن سفيان بن عيينة وحده!، ومرة يقول لم يثبت إلا عن سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، والبربهاري!!!. ([115])

قلت: فأي النقول أصح عند ربيع الكذاب المتناقض؟!!!.

قلت: وأما تضعيفه لأثر الإمام أحمد رحمه الله في قوله: (ينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع) أي هذا بمعنى (أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص90): (هذه مجازفة إذ كيف يصح وفيه علل([116]):

1) أن القاسم هذا لم يوثقه ابن أبي يعلى، ولم نقف له على ترجمة.

2) أن في إسناده إعضالا؛ حيث قال ابن أبي يعلى: وقال القاسم.

3) أن رواة مسائل الإمام أحمد المعتبرين لم ينقلوا هذا النص الذي يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه.

4) هات لنا ترجمة القاسم، وأثبت أنه من ثقات أصحاب الإمام أحمد) ([117]). اهـ

أما قوله: (أن القاسم هذا لم يوثقه ابن أبي يعلى): فهذا من التباين والتضاد!، والتضارب والعناد!، وكيف راج عليه ما حذر منه؟!، وكيف يجزم بذلك؟!، بل القاسم هذا هو أبو الطيب القاسم بن عبدالله بن محمد البغدادي وهو ثقة!!!.

قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في ترجمته (ج12 ص449): (ذكر أبو الفتح ابن مسرور أنه كتب عنه وقال: كان ثقة!!! ([118])).اهـ

وأقره الحافظ الخطيب البغدادي على ذلك.

قلت: فهل يقال والحال هكذا: (لم يوثقه ابن أبي يعلى!). نعوذ بالله من ربع محدث!.

وأما قوله: (ولم نقف له على ترجمة!): وهذا لون آخر مما هو متلبس به، ويتهم به غيره!!!، بل له ترجمة كما ذكرنا في (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي (ج12 ص449) وهو ثقة.

قلت: وكذلك مترجم له على أنه من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله الثقات في (المنهج الأحمد) للعليمي (ج1 ص154)، ومختصره (الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد) له أيضا (ج1 ص145)، و(مختصر طبقات الحنابلة) للنابلسي (194)، و(مناقب الإمام أحمد) لابن الجوزي (ص101)، و(طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج2 ص209)، و(المقصد الأرشد) لابن مفلح (ج2 ص324).

قلت: فهل يقال بعد هذا: (لم نقف له على ترجمة!).نعوذ بالله من ربع محدث!.

فهو أراد إيهام القراء أن القاسم البغدادي هذا مجهول([119])، وليس من أصحاب الإمام أحمد ليطعن في معتقد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!) ([120]).

قلت: إذا فالحق أن القاسم البغدادي معروف مشهور، ومن أصحاب الإمام أحمد كما ذكرت المصادر المتقدمة، وهو ثقة!.

قال ابن أبي يعلى الحنبلي رحمه الله في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص209): (القاسم بن عبدالله البغدادي، أحد من روى عن إمام الدنيا أحمد بن حنبل).اهـ

وقال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في (المقصد الأرشد) (ج2 ص324): (قاسم بن عبدالله البغدادي، هو أحد من روى عن إمامنا أحمد فيما ذكره محمد بن يوسف البناء الصوفي).اهـ

وقال العليمي الحنبلي رحمه الله في (المنهج الأحمد) (ج2 ص154): (القاسم بن عبدالله البغدادي، أحد من روى عن الإمام أحمد بن حنبل).اهـ

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله في (تاريخ بغداد) (ج12 ص449): (القاسم بن عبدالله بن محمد أبو الطيب البغدادي... ذكر أبو الفتح ابن مسرور أنه كتب عنه وقال: كان ثقة).اهـ

وأما قوله: (أن في إسناده إعضالا، حيث قال ابن أبي يعلى: وقال القاسم!).   

قلت: إذا أثبتنا أن القاسم ثقة، وقد نقل العلماء عنه أنه روى عن الإمام أحمد، فلا وزن لقول المدخلي هذا، ولا قيمة له، وقد دون أهل السنة والجماعة اعتقاد الإمام أحمد رحمه الله، واحتجوا به مع نقل أصحابه له في كتبهم بدون إسناد، لأنهم ينقلونه عنه من كتبه مباشرة، وهذا لا يخفى على صغار طلبة العلم، فضلا ممن يدعي الإمامة في الحديث!!!.

علما أن إسناد القاسم البغدادي قد ذكره ابن أبي يعلى في ترجمته في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص210) بقوله: (القاسم بن عبدالله البغدادي: أحد من روى عن إمام الدنيا أحمد بن حنبل رضي الله عنه، فيما ذكره محمد بن يوسف البناء الصوفي الأصبهاني([121]) عن أبي الحسن بن الحكم وعثمان بن عبدالله جميعا([122]) عن القاسم...).اهـ

قلت: ثم هذا الأثر ذكره أئمة الحنابلة، وأقروا أنه من قول الإمام أحمد رحمه الله، ولم يستغربوه([123])، فذكره ابن مفلح في (المقصد الأرشد) (ج2 ص324)، والعليمي في (المنهج الأحمد) (ج2 ص154)، وابن أبي يعلى في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص309).

 

قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في (المقصد الأرشد) (ج2 ص325): (قال القاسم: سمعت أحمد بن حنبل، وقد سأله رجل عن زيادته ونقصانه -يعني الإيمان- فقال: يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع).

وقال العليمي الحنبلي رحمه الله في (المنهج الأحمد) (ج2 ص154): (قال القاسم: سمعت أحمد بن حنبل وقد سأله رجل عن زيادته ونقصانه، يعني الإيمان، فقال: يزيد حتى يبلغ أعلى السماوات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع).

وقال ابن أبي يعلى الحنبلي رحمه الله في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص210): (قال القاسم بن عبدالله: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل رحمه الله، وقد سأله رجل عن زيادته ونقصانه -يعني الإيمان- فقال: يزيد، حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع).

قلت: ومراد الإمام أحمد رحمه الله من قوله: (ينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع). أي ينقص الإيمان حتى لا يبقى منه شيء([124])،فافهم هذا([125]).

قلت:إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه للأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!.

قلت: وهذا يدل على أن أثر الإمام أحمد رحمه الله له أصل، وهو من اعتقاده، وذلك لنقل علماء الحنابلة له في كتبهم هذا أولا، وثانيا: لذكر أن القاسم من أصحابه الثقات، ثالثا: روي الأثر من طريقين عن القاسم كما سبق ذكره.

ثم أضف إلى ذلك ثبوت هذا الاعتقاد السلفي عن الإمام أحمد رحمه الله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)كما تقدم بإسناد صحيح، وقد أقر المدخلي بذلك بقوله في (كشفه البالي) (ص97): (وقد أجرينا على أسانيد من قال بهذه الزيادة: (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)الدراسة قبل سنين فلم يصح منها إلا قول سفيان بن عيينة، والإمام أحمد!!! ([126])، والبربهاري([127]))([128]).اهـ

قلت: واعلم أخي المسلم أن الزيادات التي يذكرها الإمام أحمد رحمه الله في الاعتقاد دقيقة جدا، ومراده بذكرها الرد على المبتدعة، ورفع اللبس عن دين الله تعالى، وبذلك يعرف المبتدع من غيره، فمن لم يذكرها فهو مبتدع ضال، فافهم لهذا ترشد.

قال أبو الحسين علي بن مسلم الطوسي رحمه الله: (القرآن كلام الله غير مخلوق، وهذا قول أبي عبدالله -يعني الإمام أحمد- وبه نقتدي إذ لم ندرك عصره أحدا يقدمه في العلم، والمعرفة، والديانة...فهو حجة، وقدوة، وحجة لأهل هذا العصر، ومن يلي بعدهم، فنحن متبعون لمقالته، وموافقون له!) ([129]).

قلت: والإمام أحمد رحمه الله أعلم الناس بالسنة في زمانه([130])، فمن خالفه في العبارات الاعتقادية، فهو مبتدع.

قلت: وكذلك ثبت عند المدخلي من قول الإمام ابن منده رحمه الله في كتابه (الإيمان) (ج ص545)، فلم يذكره مع الأئمة الثلاثة!.

وهذه المرة الثانية يخفي المدخلي قول الإمام ابن منده رحمه الله في: أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

وربيع يقول في (كشفه البالي) (ص133): (فوالله ما أخفيته!).اهـ

قلت:فليتأمل هذا مناصروا المدخلي، ومريدوه حتى يعرفوا الحق من الباطل، وصدق القول من الخبر العاطل، وإلا {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}[الرعد:17].

إذا فلا وزن لتضعيف ربيع لأثر الإمام أحمد رحمه الله، ولا قيمة له، بل يدلك على جهل ربيع بالتصحيح والتضعيف، والجرح والتعديل، نعوذ بالله من ربع محدث!.  

قلت: ومن هنا تعرف بطلان قول ربيع في (كشفه البالي) (ص90): (أن رواة مسائل الإمام أحمد المعتبرين لم ينقلوا هذا النص الذي يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه!!!).اهـ

فهذا لا يحتاج إلى تعليق، لأن الإمام أحمد رحمه الله عرف بذكر عباراته في الاعتقاد كما بين أهل العلم ذلك، وسبق هذا.

وأما قوله: (هات لنا ترجمة القاسم، وأثبت أنه من ثقات أصحاب الإمام أحمد!!!) ([131]).

قلت: وهذا يدل دلالة وثيقة على جهل المدخلي لحقيقة جرح الرجال وتعديلهم!، فهو متلبس بما ينكره على غيره، نعوذ بالله من ربع معدل ومجرح!.

قلت: وقد أتينا لربيع بترجمة القاسم من (تاريخ بغداد) للخطيب (ج12 ص449) وأنه ثقة معروف، ولله الحمد والمنة!!!.

قلت: وهو من ثقات أصحاب الإمام أحمد رحمه الله، وقد نقل العلماء الحنابلة ترجمة القاسم في كتبهم منها: (المنهج الأحمد) للعليمي (ج1 ص154)، ومختصره (الدر المنضد) له (ج1 ص145)، و (مختصر طبقات الحنابلة) للنابلسي (194)، و(المقصد الأرشد) لابن مفلح (ج2 ص324)، و (مناقب الإمام أحمد) لابن الجوزي (ص101)، و (طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج2 ص309)، فجميع هؤلاء العلماء ترجموا للقاسم البغدادي، فهل يقال بعد هذا: (هات لنا ترجمة القاسم؟!)([132]).([133])

نعوذ بالله من ربع معدل ومجرح!.

فهذا كله تغافل عنه المدخلي؛ ملقيا الكلام على عواهنه؛ دونما تحقيق، أو تدقيق، أو بحث، أو حث!.

فلا نريد التطويل بنقده فيه، والكشف عن خوافيه، وإنما ذكرت ذلك لأبين للمدخلي ما يقطع تغريره، ويدفع تبجحه وافتخاره، ويدرأ عناده واستكباره.

قلت: وربيع يتكلم بكل حرية لإخوانه المرجئة؛ لأنه يعلم بجهلهم في العلم، وأنه لا أحد عنده يراجع ويبحث في مقالاته البالية التي تنقل في (شبكة سحاب المرجئية) اللهم غفرا.

قلت: بل وصل به الحال إلى أنه ضعف إسناد أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله برجل لم يكن له أي ذكر في الإسناد، ومما يدل أن ربيعا يكذب على القراء!، حيث ضعف إسناد أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله بـ(فديك بن سليمان القيسراني) ([134])،([135]) وهو لم يذكر في الإسناد البتة!!!.

فقال ربيع في (كشفه البالي)(ص95) في الحاشية:(بسبب أن في إسناده فديك بن سليمان، قال فيه الحافظ في التقريب:مقبول!).اهـ

قلت: بل فيه أبو قدامة تمام بن كثير الجبيلي فقط، ترجم له الحافظ ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ج11 ص41)، ولم يذكر فيه جرحا، ولا تعديلا، وله ذكر في (تهذيب الكمال) للمزي (ج20 ص212)فهو لا بأس به في المتابعات.

أخرجه الأصم في (حديثه) (ص153) ومن طريقه اللالكائي في (الاعتقاد) (ج5 ص1030)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ج11 ص41) من طريق العباس بن الوليد البيروتي حدثنا أبو قدامة الجبيلي قال: سمعت عقبة بن علقمة يقول: سألت الأوزاعي فذكره.

قلت: فأنت ترى أيها القارئ الكريم ليس لـ(فديك بن سليمان القيسراني) ([136])أي ذكر في الإسناد، فهل الذي ذكر (فديك) المدخلي من هوى نفسه، أو ممن كتب عنه، كلاهما مر؟!!!، نعوذ بالله من ربع محدث!.

قلت: وهكذا؛ فلم يكتف المدخلي بادعائه بتضعيف الأثر بما سبق ذكره، بل ضعفه أيضا بـ(عقبة بن علقمة المعافري) وهو ضعيف عند المدخلي!، حيث قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) في الحاشية (ص65): (إسناده ضعيف، فيه عقبة بن علقمة، قال فيه الحافظ في التقريب: (صدوق، لكن كان ابنه محمد يدخل عليه ما ليس من حديثه)، وقال الذهبي في الكاشف: (صدوق يغرب)...).اهـ

قلت: فتأمل التلبيس والتدليس، عنادا وخيانة، بل عقبة بن علقمة المعافري هذا صدوق، بل ثقة، فلم يضعفه أحد من أئمة الجرح والتعديل، إلا المدخلي حامل راية التبديل والتضليل!!!.

وإليك أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه:

قال أبو مسهر: حدثني عقبة بن علقمة المعافري من أصحاب الأوزاعي من أهل أطرابلس من المغرب، سكن الشام، وكان خيارا ثقة. ([137])

وقال ابن معين: لا بأس به. ([138])

وقال ابن خراش: ثقة. ([139])

وقال أبو عبدالله الحاكم: ثقة مأمون. ([140])

وقال النسائي: ثقة. ([141])

وقال ابن قانع: صالح. ([142])

وقال ابن حجر: صدوق([143]). أي في الحديث.

وقال الذهبي: صدوق يغرب. ([144])

وقال الذهبي: صدوق مشهور. ([145])

وقال الذهبي: صدوق. ([146])

 قلت: ولا يحذر من حديثه إلا من جهة ابنه محمد بن عقبة المعافري فقط، وليس أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله من ذلك، على زعم المدخلي.

قال ابن حبان رحمه الله في (الثقات) (ج8 ص500): (يعتبر بحديثه من غير رواية ابنه محمد بن عقبة عنه؛ لأن محمدا كان يدخل عليه الحديث، فيجيب فيه).اهـ

وقال ابن حجر رحمه الله في (التقريب) (ص684): (عقبة بن علقمة المعافري([147])...صدوق، لكن كان ابنه محمد يدخل عليه ماليس من حديثه).اهـ

وهذا تالله كبرى معايب هذا المدخلي بشهادة نفسه على نفسه، ويكأنه بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، فهو يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه!.

قلت: ظهر لذي عينين -ولله الحمد- أن محاولات المدخلي لتضعيف الأثر، هي محاولات الغريق الذي يريد أن يتشبث بخيوط القمر، محوطة بالتدليس، ملفوفة بالتلبيس!. ([148])

أرى كل إنسان يرى عيب غيره

                                 ويعمى عن العيب الذي هو فيه

ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه

                                  ويعمى عن العيب الذي بأخيه

قلت:فهذه التنبيهات وحدها كافية لنقض أكاذيبه في (كشفه البالي)! ([149]).([150])

قلت: ثم أتى بطامة أخرى، حيث زعم أن الآثار لا يبحث فيها في الشواهد والمتابعات، فليس هي عنده كالقول في الأحاديث النبوية!، هكذا مطلقا بدون تفصيل! نعوذ بالله من ربع محدث!.

فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص95) في الحاشية: (وليس هذا القول من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نبحث له عن الشواهد والمتابعات!).اهـ

قلت: فاقتصاره في ذكر الشواهد والمتابعات على الآثار المرفوعة فقط، لا الآثار الموقوفة، ولا الآثار المقطوعة فهذا من أوابيده المهلكة، وإلا عمل أهل العلم بذلك قديما وحديثا ما لا يخفى على صغار طلبة الحديث، فضلا ممن يدعي أنه إمام أهل الحديث في العالم!!!.

قلت: وقد عمل بذكر الشواهد والمتابعات([151]) للآثار الموقوفة والآثار المقطوعة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) وغيرها، والإمام ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) وغيره، والحافظ ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري) وغيره، والشيخ الألباني رحمه الله في (الإرواء) وغيره، وغيرهم([152]).([153])

قلت: وليس هذا موضع نقده في ذلك، فقد جمعت أخطاءه الحديثية، والعقدية، واللغوية، والمنهجية في (كتابي الكبير) اللهم سدد سدد.

قلت: وكأن هذا الجاني برميه الكلام على عواهنه شعر بأخطائه في التحريف كما في (كشفه البالي) (ص87 و88 و89و 90 و91 و92 و93 و94 و 95 و96).

ومجال الرد على هذا الجاني، وبيان أكاذيبه في العلم واسع جدا، وإنما قصدت هنا إلى بيان ما لا بد منه مما يتعلق بتضعيفه للآثار السلفية، وبيان بطلان أصوله الفاسدة في النقد التي وضعها من عند نفسه، وبنى عليها أباطيله اللهم سلم سلم.

قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه لأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!

وبالجملة: فالأثر صحيح بلا ريب.

إذا فتضعيفه لمعتقد الإمام الأوزاعي رحمه الله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لايبقى منه شيء) كما في (كشفه البالي)(ص95).

فليس الأمر كذلك، لأن معتقد الإمام الأوزاعي رحمه الله المسوق المتكلم عنه له صلة باعتقاد السلف كما سبق، وقد ذكره الإمام اللالكائي  رحمه الله في كتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم) (ج5 ص1030)، وفي إسناده تمام بن كثير الجبيلي([154])، ترجم له ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ج11 ص41) ولم يذكر فيه جرحا وتعديلا، فهو لابأس به في المتابعات والشواهد، لأن هذا المعتقد قد أجمعوا عليه، ونقله الأئمة في كتبهم، وأقروه كما سبق ذكره.

وقد أقره الإمام عباس بن الوليد بن مزيد أبو الفضل البيروتي رحمه الله، وهو عابد صدوق ثقة، وكان كبار أصحاب الحديث يكتبون عنه([155])، وروى عنه: أبوداود، والنسائي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حاتم الرازي، وأبو العباس الأصم، ويعقوب بن سفيان، وغيرهم. ([156])

فقد سئل الإمام عباس البيروتي رحمه الله: أليس تقول ما يقول الأوزاعي ؟ فقال: (نعم). ([157])

قلت: وهذا يدل على صحة اعتقاد الإمام الأوزاعي رحمه الله، وهو صحيح عنه.

وهذا كله يدل دلالة أكيدة على بطلان ما قاله المدخلي في أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله.

وأما تضعيفه لمعتقد الإمام علي بن المديني رحمه الله: (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) بقوله في (كشفه البالي) (ص98): (وتذهب إلى تفسير الثعلبي الذي لم يذكر إسناد قول علي بن المديني... أين إسناده، والثعلبي يروي بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة بدون أسانيد).اهـ

قلت: كلما تأملت كلام هذا المدخلي؛ ازددت يقينا بتفننه في التدليس، وتلونه في التلبيس، فكأنه لا أحد عنده يراجع، وينقد، ويبحث... وهذه الذروة في التعالم، والتعالي بالباطل والعياذ بالله.

وبيان ما أودعه في كلامه هنا من التلبيس من وجوه أربعة:

الأول: أن الأثر حكمه على متنه، وهو مبني على المعاني التي اشتمل عليها هذا الأثر، وهي: (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، فهذا المعنى بعينه، هو موجود في الآثار الأخرى، وهي شاهدة له. ([158])

الثاني: أن الأثر نقله عنه الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله من كتبه مباشرة([159])، فلا حاجة لنا في إسناده، وما دام أيضا وافق بقية السلف في ذكر هذا المعتقد السلفي، وهو (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، حيث قال الدارمي: سألت علي بن عبدالله المديني فذكره([160])، كما في (تفسير) الثعلبي (ج3 ص213).

الثالث: أن هذا الاعتقاد قد أجمعوا عليه كما سبق ذكره عن الأئمة، منهم: الإمام الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف) (ص31)، والإمام اللالكائي رحمه الله في (الاعتقاد) (ج1 ص9)، والإمام حرب الكرماني رحمه الله في (المسائل) (ص355).

الرابع: أن الإمام ابن المديني رحمه الله موافق في اعتقاده هذا للسلف، واعتقاد السلف يتبع بعضه بعضا.

إذ تبين للقارئ الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على ثبوت الأثر عن الإمام ابن المديني رحمه الله، فحينئذ يتبين لك بطلان تضعيف المدخلي له([161])، والحمد لله.

قلت: وفي هذا إظهار لتلاعب المدخلي بآثار السلف في الاعتقاد، ورميه إياها بالضعف والشذوذ اللهم غفرا.

ومن هنا تعرف بطلان نكير ربيع في (كشفه البالي) (ص84): (إن كلامه هذا يفيد أن السلف جميعا يقولون: إن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).اهـ

الحق شمس والعيون نواظر

                             لكنها تخفى على العميان

قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بأقوال المدخلي في تضعيفه للآثار، لأن العبرة بمن علم علم الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!.

وبالجملة: فالآثار صحيحة عن أئمة الحديث بلا ريب، ولله الحمد والمنة.

قلت: وقد بينا للقارئ الكريم مخالفات المدخلي الشرعية، وأثبتنا ذلك من كتبه وأشرطته، وناقشناه بذكر آثار السلف، وأقوال أهل العلم([162])وأدلتهم.

وقد أعان الله تعالى على كشف عوارها، وبيان خطرها وبطلانها، واستئصال شأفتها من جذورها، ولله الحمد والمنة.

قال الإمام أحمد رحمه الله عن أمثال المدخلي هذا: (يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم؛ فنعوذ بالله من فتنة المضلين) ([163]).

قلت: فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة، ألا يلتفت إلى هؤلاء المرجئة، ولا يرضى لها بما لديهم والله المستعان.

قال الإمام ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الكبرى) (ج3 ص91): (اعلموا رحمكم الله أن من صفات المؤمنين من أهل الحق تصديق الآثار الصحيحة، وتلقيها بالقبول، وترك الاعتراض عليها بالقياس -يعني بالرأي- ومواضعه القول بالآراء، والأهواء، فإن الإيمان تصديق، والمؤمن هو المصدق).اهـ

وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في (الحجة) (ج2 ص462): (قال أهل السنة: لا نرى أحدا مال إلى هوى، أو بدعة، إلا وجدته متحيرا ميت القلب ممنوعا من النطق بالحق).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج8 ص173): (والسلف والأئمة كلهم ذموا الكلام المحدث وأهله، وأخبروا أنهم يتكلمون بالجهل، ويخالفون الكتاب والسنة، وإجماع السلف، مع أن كلامهم جهل، وضلال مخالف للعقل، كما هو مخالف للشرع).اهـ

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج10 ص547): (هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين من العلم عبارات وشقاشق لا يعبأ الله بها، يحرفون بها الكلم عن مواضعه قديما وحديثا، فنعوذ بالله من الكلام وأهله).اهـ

وقال الحافظ الذهبي في (تاريخ الإسلام) (ج16 ص442): (هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين عبارات وشقاشق يتقعرون بها قديما وحديثا، ويحرفون بها الكلام عن مواضعه، والخطاب العربي عن موضوعه، والحديث العرفي عن مفهومه في القرآن والحديث، وكلام الناس؛ فأبعدهم الله، وأبعد شرهم).اهـ

وقال شيخ الإسلام رحمه الله في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص18): (كان من شعار أهل البدع إحداث قول، أو فعل([164])، وإلزام الناس به، وإكراههم عليه، والمولاة عليه، والمعاداة على تركه).اهـ

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (الصواعق المرسلة) (ج3 ص926): (فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لما قبلت، ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها، ولو كانت حقا محضا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنة، ولكنها تشتمل على حق وباطل، ويلتبس فيها الحق بالباطل، كما قال تعالى: { ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}[البقرة:42]، فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه،ولبسه به خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، ومنه التلبيس، وهو التدليس، والغش الذي يكون باطنه خلاف ظاهره).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الجواب الصحيح) (ج5 ص117): (لا ريب أن الباطل لا يقوم عليه دليل صحيح لا عقلي، ولا شرعي، سواء كان من الخبريات، أو الطلبيات، فإن الدليل الصحيح يستلزم صحة المدلول عليه، فلو قام على الباطل دليل صحيح لزم أن يكون حقا مع كونه باطلا، وذلك جمع بين النقيضين، مثل كون الشيء موجودا معدوما).اهـ

قلت:  إذا فالمدخلي هذا لم يبلغ درجة علماء السنة في الاجتهاد وفي العلم، فهو لا يعتد بخلافه لقصوره في العلم، وعدم توفر آلة الاجتهاد لديه، فهو يعتبر من عامة الناس المثقفين الجامعيين، وهو جاهل بالجهل المركب، وهو مقلد سمع الناس يقولون شيئا فقاله، ولا يشك من أوتي شيئا من العلم والفهم أن جميع العلماء المجتهدين كانوا يقصدون غاية واحدة، وهي استنباط الحكم الموصل إلى مراد الشارع، غير أن مداركهم قد تفاوتت في طريق الوصول إليه. ([165])

والمدخلي هذا ليس عنده الطريق الصحيح الموصل إلى حكم الشارع، والاجتهاد المؤصل بالعلم، فاجتهاده هذا من قبيل الاجتهادات الفاسدة عند أهل العلم يأثم عليها إذا لم يتب منها اللهم غفرا. ([166])

قلت: لأن المسائل الأصولية من المسائل القطعية، أي قام عليها دليل قطعي، فالحق ما قام عليه الدليل، إذ لا يمكن مخالفة الدليل القطعي.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (ج2 ص62): (وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياه غيره، فإذا رأى أنها تعينت عليه بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة، أو قول الخلفاء الراشدين ثم أفتى).اهـ

قلت:فمن قصر في البحث فيها وخالف فهو آثم، وذلك لأن الاجتهاد الصحيح لا ينقض بالاجتهاد الفاسد فتنبه. ([167])

وهو الاجتهاد الناقص: وهو الذي يكون مع التقصير في البحث والنظر، كما بين أهل العلم. ([168])

قلت: والاجتهاد بهذه الصفة يأثم عليه العبد بلا شك كائنا من كان فتنبه. ([169])

قلت: فلا يعتبر الاجتهاد شرعا إلا إذا صدر عن أهله، الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه الاجتهاد، وإلا كان خبطا في عماية، واتباعا للهوى، وكل اجتهاد صدر على غير هذا الوجه، فلا مرية في عدم اعتباره؛ لأنه ضد الحق الذي أنزله الله تعالى. ([170])

قال العلامة الشاطبي رحمه الله في (الموافقات) (ج4 ص167): (الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان:

أحدهما: الاجتهاد المعتبر شرعا، وهو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه الاجتهاد، وهذا هو الذي تقدم الكلام فيه.

والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه؛ لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي والأغراض، وخبط في عماية، واتباع للهوى، فكل رأي صدر على هذا الوجه فلا مرية في عدم اعتباره؛ لأنه ضد الحق الذي أنزل الله، كما قال تعالى:{وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} [المائدة:49]، وقال تعالى:{يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} [ص:26]الآية، وهذا على الجملة لا إشكال فيه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستغاثة) (ج1 ص270): (الخبر الذي لا يطابق مخبره، إذا كان صاحبه غير مجتهد، يسمى كذبا، ويذم على ذلك، وإن اعتقد صدق نفسه).اهـ

قلت: لأن الكذب الذي لا يتبادر إلى أذهان الناس منه عند الإطلاق إلا التعمد، والله المستعان.

قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في (الاجتهاد) (ص 25): (خطورة الاجتهاد: الاجتهاد مركب صعب، ومنصب خطير، لأن المجتهد يفتي ويخبر عن الله وعن رسولهe، أنه أحل كذا وحرم كذا، وقد قال الله تعالى { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم} إلى قوله تعالى {وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } [الأعراف :33]، فجعل القول على الله بلا علم قرينا للشرك، بل جعله أشد من الشرك مما يدل على خطورة الاجتهاد والفتوى، وفي الأثر: (أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار) ([171]).

وكما أن المجتهد يخبر عن الله فهو أيضا يعرض الناس للوقوع في الخطر والضلال إذا لم يتحرز ويتحفظ ويتأهل، لأنه قد يحل دما حراما، وفرجا حراما، ومالا حراما، وطعاما حراما، إلى غير ذلك من المحاذير العظيمة).اهـ

قلت: ولذلك علينا أن نرجع إلى أهل العلم المعتبرين، لا من أمثال المثقفين([172]) بشيء من العلم الشرعي في الدين فتنبه.

 قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في (وجوب التثبت في الأخبار واحترام العلماء) (ص50): (إن وجود المثقفين والخطباء المتحمسين لا يعوض الأمة عن علمائها... وهؤلاء قراء وليسوا فقهاء، فإطلاق لفظ العلماء على هؤلاء إطلاق في غير محله، والعبرة بالحقائق لا بالألقاب، فكثير ممن يجيد الكلام ويستميل العوام وهو غير فقيه، والذي يكشف هؤلاء أنه عندما تحصل نازلة يحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها فإن الخطباء والمتحمسين تتقاصر أفهامهم وعند ذلك يأتي دور العلماء.

فلننتبه لذلك ونعطي علماءنا حقهم ونعرف قدرهم وفضلهم وننزل كلا منزلته اللائقة به).اهـ

قلت: وهنا يتبين أن ربيعا حقق أشياء في مسائل الإيمان بغير علم، وهذا منكر من القول.

قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (تفسيره) (ج1 ص80): (فالقول على الله بلا علم، من أكبر المحرمات، وأشملها، وأكبر طرق الشيطان التي يدعوا إليها، فهذه طرق الشيطان التي يدعوا إليها هو وجنوده، ويبذلون مكرهم وخداعهم على إغواء الخلق بما يقدرون عليه).اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد هراس رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (161): (وأما القول على الله بلا علم؛ فهو باب واسع جدا يدخل فيه كل خبر عن الله تعالى بلا دليل، ولا حجة).اهـ

وقال شيخ الإسلام رحمه الله في (الفتاوى) (ج2 ص396): (ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبا، وإن كان لا يتعمد الكذب).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج15 ص349): (خطوات الشيطان القول على الله بلا علم، قال تعالى {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون}[الأعراف:28]، وهذا حال أهل البدع، والفجور).اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (العلم) (ص149): (الذي يفتي بلا علم أضل من الجاهل، فالجاهل يقول: لا أدري، ويعرف قدر نفسه، ويلتزم الصدق، أما الذي يقارن نفسه بأعلام العلماء، بل ربما فضل نفسه عليهم، فيضل ويضل، ويخطئ في مسائل، يعرفها أصغر طالب علم، فهذا شره عظيم، وخطره كبير).اهـ

قلت: فالقول على الله بغير علم، هو أساس كل فساد، وأصل الضلال، والعياذ بالله.

وقال ابن حزم رحمه الله في (الإحكام) (ج1 ص72): (وجدنا الله تعالى أنكر على من حقق شيئا بغير علم، وأنكر على من كذب بغير علم، فقال تعالى { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } [الأعراف :33]، فقد حرم الله تعالى بنص هذه الآية أن يقول أحد على الله عز وجل شيئا لا يعلم صحته، وعلم صحة كل شيء مما دون أوائل العقل، وبدائه الحس، لا يعلم إلا بدليل.

فلزم بهذه الآية من ادعى إثبات شيء، إما أن يأتي عليه بدليل وإلا فقد أتى محرما عليه، وقال تعالى:{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله} [يونس :39]، فأنكر تعالى تكذيب المرء ما لا يعلم أنه كذب.

وقال تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [البقرة: 111]، فأوجب تعالى على كل مدع المصدق أن يأتي ببرهان، وإلا فقوله ساقط).اهـ

قلت: فنلزم المدخلي أن يأتي بالبرهان على دعواه إن كان صادقا اللهم غفرا.

قلت: والمدخلي هذا يأخذ من الصحف([173])، دون الرجوع إلى الشيوخ المعتبرين في الاعتقاد، مما ارتكز في أخطاء شنيعة في أصول الدين!، اللهم سلم سلم.

ولهذا كان العلماء لا يعتدون بعلم الرجل إذا كان مأخوذا عن الصحف، فانتبه.

عن سليمان بن موسى القرشي قال : (لا تقرؤا القرآن على المصحفين([174])، ولا تأخذوا العلم من الصحفيين).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج2 ص193) من طريق عبدالله بن جعفر بن درستويه نا يعقوب بن سفيان حدثني أبو سعيد عبدالرحمن الدمشقي نا الوليد بن مسلم وسويد بن عبدالعزيز عن سعيد التنوخي عن سليمان بن موسى به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن ثور بن يزيد رحمه الله : (لا يفتي الناس الصحفيون).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (ج2 ص194) من طريق ابن أبي عاصم وأبي زرعة الرازي عن هشام بن عبدالملك الحمصي نا بقية قال: سمعت ثور بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وهذا لفظ ابن أبي عاصم، وآخر حديثه – وقال أبو زرعة الرازي: (لا يفتي الناس صحفي، ولا يقرئهم مصحفي).

قلت: وهذا المتعالم المفتون مادام على هذا الجهل المركب فهو مخاصم ومماري ومحدث بالباطل.

وأيها المتعالم لا تزال ظالما ما كنت مخاصما حاقدا، ولا تزال آثما ما كنت مماريا عصبيا، ولا تزال كاذبا ما كنت محدثا مفتريا.

قلت: ولذلك وقع في الأحكام المجملة لا التفصيل، فأضل السبيل لفهمه العليل.

قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في: (ومن أهم ما على العبد، وأنفع ما يكون له معرفة قواعد الدين على التفصيل.

فإن أكثر الناس يفهم القواعد ويقر بها على الإجمال!، ويدعها عند التفصيل!) ([175]).([176])اهـ

قلت: فتبين من ذلك أن ربيعا فيه غفلة شديدة في الاعتقاد، والمنهج، والشريعة، والعلم، لم يكن يقدر أن يصون نفسه عن هذه الغفلة الشديدة، كما يفعل أصحاب الحديث شرفهم الله تعالى.

تنبيه: بل أيضا في نقده للرجال؛ فإنه ابتلي بالسب الشديد، فيسبهم سبا شديدا.

وقد انتقده في ذلك العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله لشدته في نقد الرجال، وخروجا عن الجادة العلمية في ألفاظه السيئة، ونصحه مرارا من أجل ذلك ولم يتب([177])، ولم يرجع إلى الآن، بل ازداد سوءا وعنادا([178])، والعياذ بالله.

فقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله -وهو ينصح المدخلي-:(لكني قلت له في أكثر من مرة في مهاتفة جرت بيني وبينه، لو أنه يتلطف في استعمال بعض العبارات!!!).([179])اهـ

قال أبو حمزة الأعور: (أتيت إبراهيم النخعي فقلت: إن أناسا يقولون: قد تابعت إبراهيم التيمي على رأيه. قال: فضحك، وقال: تراني مرجئا سبابا([180])...)([181]).

ولذلك ترى ربيعا يرد الحق، ويغضب لباطله غضبا شديدا، بل ويسب سبا شديدا فهلك. ([182])

قال الإمام ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص547): (فاعلم يا أخي أن من كره الصواب من غيره، ونصر الخطأ من نفسه، لم يؤمن عليه أن يسلبه الله إيمانه، لأن الحق من رسول الله e إليك، افترض عليك طاعته، فمن سمع الحق فأنكره بعد علمه له فهو من المتكبرين على الله، ومن نصر الخطأ؛ فهو من حزب الشيطان).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الصفدية) (ج1 ص293): (وإنما جماع الشر تفريط في حق، أو تعدي إلى باطل، وهو تقصير في السنة، أو دخول في البدعة، كترك بعض المأمور، وفعل بعض المحظور، أو تكذيب بحق، وتصديق بباطل).اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في (صفة الصلاة) (ص70): (ومن أعف نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السند برأيه، ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضا، وتقحم في الفتوى بلا علم فهو أشد عمى، وأضل سبيلا).اهـ

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في (مفتاح دار السعادة) (ج1 ص99): (من عرض عليه حق فرده فلم بقبله عوقب بفساد قلبه، وعقله، ورأيه، ومن هنا قيل: لا رأي لصاحب هوى، فإن هواه يحمله على رد الحق، فيفسد الله عليه رأيه وعقله).اهـ

وقال العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله في (التنكيل) (ج2 ص201): (فأما من كره الحق، واستسلم للهوى، فإنما يستحق أن يزيده الله تعالى ضلالا).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص629): (أن المستكبر عن الحق يبتلى بالانقياد للباطل).اهـ

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (ج2 ص245): (فإن من رد الحق مرج عليه أمره، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصواب، فلم يدر أين يذهب كما قال تعالى {بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج}[ق:5]) ([183]).اهـ

ويؤيده: كما ذكرنا قول أبي حمزة الأعور حيث قال: (أتيت إبراهيم النخعي فقلت: إن أناسا يقولون: قد تابعت إبراهيم التيمي على رأيه. قال: فضحك، وقال: تراني مرجئا سبابا([184])...)([185]).اهـ

قلت:وهل ترى ربيعا إلا مرجئا سبابا؟!!!([186]).

وأما قوله في (كشفها البالي) (ص95): (وشرح العلامة الفوزان قول هذين الإمامين -يعني ابن قدامة رحمه الله، وابن تيمية رحمه الله- ولم يشر من قريب، ولا من بعيد إلى هذه الزيادة).اهـ يعني : بأن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

أقول: فقد قرأت رسائل المدخلي قراءة تأن، وتأمل، وتدبر، وأيقنت أكثر مما أتصور بحال هذا الرجل، وانحرافه، وابتداعه، وتمويهه، وتلبيسه، وهي صفات أراد أن يصف بها شيوخنا العلماء؛ وإخواننا الأجلاء.

إن من كانهذا حاله حقيق بأن يرثى مآله، ويطرح مقاله، فلعل المغرورين به يكتشفون حقيقته، فتظهر لهم فعالة سريرته!، والله المستعان.

ولكي لا أخلي من ضرب أمثلة التي تبين حقيقته، وتظهر دعاويه، أقول: لقد رجعنا إلى كتب الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ووجدنا أنه يقول بزيادة: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ويقر بذلك، والمراد أن الإيمان ينتهي بالكلية من قلب العبد([187]).

فقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه لـ(شرح السنة) (ص117) معلقا على قول الإمام البربهاري: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء!): (معنى قوله: وينقص حتى لا يبقى منه شيء) ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وقد يبقى منه مقدار حبة خردل، وهذه تنفع صاحبها يوم القيامة يخرج بها من النار، وإذا لم يبق حبة خردل، فإنه يكون من أهل النار المخلدين فيها([188])!).اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله وهو يرد على المرجئة: (فالرد عليهم أن الذنوب تضر على كل حال، منها ما يزيل الإيمان بالكلية!، ومنها ما لا يزيله بالكلية بل ينقصه، وصاحبها معرض بالوعيد المرتب عليها).اهـ

قلت: فهذا اعتقاد الشيخ الفوزان حفظه الله في: أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء، ويفقد بالكلية نقله عن السلف، والله المستعان.

ولست أظن أن ذلك يخفى على المدخلي... ولكن هو التلبيس والتدليس!.

قلت: وهذا يدل على أن شر المدخلي هذا استفحل، واشتد خطره واستعمل([189]).

قلت: وأما قول المدخلي بزعمه في اقتصار السلف فقط بقولهم: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص)، كما في (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص174) حيث يقول: (يقولون -يعني السلف- : الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ويسكتون ولا يقولون: (حتى لا يبقى منه شيء)!!!، ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب!!!).اهـ

وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص78): (فهذا افتراء منه على السلف ومنهجهم، فالصحابة والتابعون أجمعوا على القول: بأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ولم ينقل عن أحد من الصحابة، ولا من التابعين أنه قال: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء)).اهـ

فقوله: إن السلف أرادوا بقولهم فقط: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص)، ولم يزيدوا على ذلك، وقد قالوا مقولتهم هذه في معرض الرد على المرجئة.

أقول: الجواب عليه من وجوه:

الوجه الأول:

أن السلف لم يكتفوا بقولهم : (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص) حتى يقال: لا يزاد على ذلك.

بل السلف زادوا على ذلك بعبارات متنوعة، وبألفاظ متقاربة في الإيمان.

فقالوا: (الإيمان قول وعمل ونية).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل ونية صادقة).

وقالوا: (الإيمان المعرفة والإقرار والعمل).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وبعضه أفضل من بعض).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل ونية وإصابة السنة).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل، وعمل وقول، ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل ومعرفة).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل وعقيدة).

وقالوا: (الإيمان قول وعمل وسنة، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية) ([190]).

قلت: وكل هذه العبارات حق، ولم ينكرها أحد من الأئمة([191]).

فما أقل بصره بأهل الحديث وجهابذته.

فاقتصار المدخلي على عبارة: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص) فقط، هذا مخالف لمنهج السلف في الإيمان.

قلت: ولو كان الأمر على ما ذكره المدخلي المخالف، لذكر ذلك أهل العلم، والله المستعان.

 

 

الوجه الثاني:

أن المرجئة خالفت أهل السنة والجماعة في مسائل عدة في الإيمان، فبينوا الإيمان الصحيح بعبارات متنوعة، وألفاظ متقاربة في المعنى، فلا وجه للمدخلي في إنكاره لعبارة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) والله المستعان.

الوجه الثالث:

أنه على المدخلي أن يتثبت في كلام السلف، لأن كلامهم أصح الكلام، والله المستعان.

وأما ادعاء المدخلي أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يقول بزوال الإيمان بالكلية، كما يفهم من صنيعه، حيث قال ربيع في (كشفه البالي) (ص226): (فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية([192]) بأن مذهب أهل السنة والجماعة أنه: (أي الإيمان)، يتبعض، وأنه ينقص، ولا يزول جميعه).اهـ

وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص226): (ومن هنا أطلق شيخ الإسلام القول بأن مذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان يتبعض، وأنه ينقص، ولا يزول جميعه) ([193]).اهـ

قلت: وهذا الكلام فيه شبهة خفية على ربيع، فينبغي العمل فيه بالمحكم من كلام أهل السنة والجماعة، وترك المتشابه، ونكل ما خفي أمره إلى كلامهم، ونرد بعضه إلى بعض، ليتضح الإشكال.

وأن مراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ذكر كلام أهل السنة هذا الرد على أهل البدع من الخوارج والمعتزلة وغيرهم في أن العبد إذا فعل بعض المعاصي بقي معه شيء من الإسلام والإيمان([194]).

وهذا حق دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة، خلافا للخوارج والمعتزلة، لأنهم في ظنهم أن الإيمان لا يتبعض، بل إذا ذهب بعضه ذهب كله!، فلم يقولوا بالتبعيض، لا في الاسم، ولا في الحكم، فرفعوا عن صاحب المعصية الكبيرة بالكلية اسم الإسلام ،أو الإيمان، وأوجبوا له الخلود في النار.

لأن الإيمان عندهم قول وعمل، لكنه لا يزيد ولا ينقص، وهو شيء واحد، إن ذهب بعضه ذهب كله، وهذا ما دعاهم إلى القول بتخليد مرتكب الكبيرة في النار، لكنهم اختلفوا في حكمه في الدنيا، فقالت الخوارج بكفره، وقالت المعتزلة في منزلة بين المنزلتين.

وأما أهل السنة فيقولون أن الإيمان يتبعض، وينقص، ولا يزول من المسلم جميعه بما ارتكب من المعاصي، فلا يزول منه الإيمان بالكلية، هكذا يحرر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

فأهل السنة لم يكفروا مرتكبي الكبيرة، بل أجروهم بأصل الإيمان الذي عندهم مجرى الفساق المسلمين، وإن عذبوا بالنار فمدة من الزمان دون الأبد، واحتجوا في ترك القول بتكفيرهم بالنصوص الشرعية ولله الحمد والمنة.

وإليك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير بعضه بعضا:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية([195]) رحمه الله في (العقيدة الأصفهانية) (ص181) وهو يرد على المرجئة والجهمية وغيرهم: (وإنما أوقع هؤلاء كلهم ما أوقع الخوارج والمعتزلة في ظنهم أن الإيمان لا يتبعض، بل إذا ذهب بعضه ذهب كله، ومذهب أهل السنة والجماعة أنه يتبعض، وأنه ينقص، ولا يزول جميعه([196])، كما قال النبيe: (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان)([197]).

فالأقوال في ذلك ثلاثة: الخوارج والمعتزلة نازعوا في الاسم، والحكم، فلم يقولوا بالتبعيض لا في الاسم، ولا في الحكم، فرفعوا عن صاحب الكبيرة بالكلية اسم الإيمان، وأوجبوا له الخلود في النيران...).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص510): (ثم قالت الخوارج والمعتزلة: الطاعة كلها من الإيمان([198])، فإذا ذهب بعض الإيمان، فذهب سائره، فحكموا بأن صاحب الكبيرة ليس معه شيء من الإيمان).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص510): (وأصل نزاع هذه الفرق في الإيمان من الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والجهمية، وغيرهم، أنهم جعلوا الإيمان شيئا واحدا  إذا زال بعضه زال جميعه!، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه، فلم يقولوا بذهاب بعضه، وبقاء بعضه، كما قال النبيe: (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان)).اهـ

قلت: هكذا يرى الخوارج والمعتزلة أن الإسلام و الإيمان شيء واحد.

وأهل السنة لا يكفرون أصحاب المعاصي، ولا يسلبونهم اسم الإيمان بالكلية. ([199])

قلت: وما سبق ذكره من التحرير الصحيح كان مراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لا كما فهمه المدخلي من نصه([200])، اللهم غفرا.

والحاصل بهذا الكلام أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يتعرض لحكم تارك عمل الجوارح بالكلية، ولا لنجاته في الآخرة، ولا لزوال الإيمان بالكلية، بل تعرض للرد على الخوارج والمعتزلة الذين لا يقولون بالتبعيض اللهم غفرا.

قلت: والمدخلي نفسه ذكر بتبعيض الإيمان، والرد على الخوارج في هذا الباب، ولم ينتبه لذلك كما هو عادته، فكيف يستدل بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على خلاف ذلك، والله المستعان.

فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص61): (عند المرجئة: الإيمان لا يتجزأ، لأنه إذا نقص عندهم؛ حل محله الكفر، والشك، فلهذا ما ينقص، لا نحن عندنا الإيمان يتجزأ، ويتجزأ، كالجبال (وبعدين) ينقص، وينقص حتى يصير كالذرة.

والخوارج يقولون: الإيمان لا يزيد، ولا ينقص، إذا ارتكب الكبيرة خرج من الإيمان! ([201])

والمرجئة يقولون: الإيمان لا ينقص، فإنه لا ينقص إلا بالكفر والشك، فإذا دخله الشك والريب، أو الكفر انتهى).اهـ

والحاصل أن المدخلي المخالف لم يسق حجة صحيحة على ما ادعاه، وإنما اعتقد، ثم تكلف في فهم كلام السلف والعلماء، وتأويله على غير مرادهم، والله المستعان.

وهذا يبطل كل محاولة يسلكها المخالف للزعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية، وأهل السنة لم يقولوا بذهاب الإيمان بالكلية([202])، فكن على ذكر من هذا، فإنه مهم جدا. ([203])([204])

ويتضح ذلك من قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان) (ص213) حيث قال: (وقيل لبعض السلف: يزداد الإيمان وينقص؟ قال: نعم يزداد حتى يصير أمثال الجبال، وينقص حتى يصير أمثال الهباء).اهـ

قلت: والمراد أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء، أي يزول جميعه.

وهذا إقرار من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لاعتقاد السلف، بأن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (شرح العمدة) (ج2 ص86) في معرض الاستدلال على تكفير تارك الصلاة، والمناقشة لأدلة المخالفين: (وأيضا فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه السلف، وعلى ما هو مقرر في موضعه، فالقول تصديق الرسولe، والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا.

والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص، وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة... وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة، والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل، لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، ومن لا دين له فهو كافر).اهـ

     قلت: فالمخالف لم يفقه المراد من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كما هو ظاهر من قوله، والله المستعان.

     فينبغي أن يفهم في ضوء هذا تعبيره بـ(ولا يزول جميعه!)، ليتضح كلامه غاية الوضوح.

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص644) عن الإيمان: (إذا ذهب نقص عن الأكمل، ومنه إذا ذهب، ذهب عن الكمال، ومنه إذا ذهب، ذهب الإيمان بالكلية، وهو القول والاعتقاد).اهـ

     قلت: ومع هذا فإنك تجد المخالف معرضا عن صريح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هذا، ويتعلق ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة، أو هي خاصة بأمر معين([205]).

     قلت: فهل يقال أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يقل بـ( يزول الإيمان بالكلية)، بل قال: (ولا يزول جميعه!). والله المستعان.

     قلت: وللعلم بأن ربيعا يأتي بالمتشابه من أقوال أهل العلم في هذه المسألة ليبطل معتقدهم في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!.

     فقد حاول مرارا وتكرارا في محاولات كثيرة في كتبه، وأشرطته، أن يلبس على زيادة (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فلم يفلح، وهذا مفضح!.

واستمع إلى تلبيسه الأخير، حيث يقول المدخلي في (كشفه البالي) (ص226): (وقد يقال أن بعض أهل السنة يقولون: (إن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، فيقال: إن هؤلاء فئة قليلة!، ومع ذلك فهم مع جمهور أهل السنة في الاقتصار على القول بأن الإيمان (قول وعمل)، أو (قول وعمل يزيد وينقص)، واقتصارهم عليه في نظري هو الغالب، فصار القول: بأنه (ينقص حتى لا يبقى منه شيء) أمرا نادرا!، والحكم للغالب!، ولا حكم للنادر!) ([206]).اهـ

     قلت: كلما تأملت كلام هذا المدخلي؛ ازددت يقينا بتفننه في التدليس!، وتلونه في التلبيس!، فكأنه لاأحد عنده يراجع، وينقد، ويبحث في تلبيسه، وتدليسه، وقد أبطلت قاعدته هذه من أسها، كما سبق والله المستعان.

     وأما ما ادعاه على شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في قوله في (الدرر السنية) (ج2 ص66) حيث قال في (كشفه البالي) (ص227): (أقول: لم يقل الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: إن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء([207])، فضلا عن أن يشترطه، وانظر إلى قوله: إن الإيمان يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، بل هذا مذهب الخوارج).اهـ

     قلت: الشيخ رحمه الله لم يتعرض في كلامه هذا لحكم تارك عمل الجوارح بالكلية، أو لزوال الإيمان بالكلية، وإنما أراد أن  يرد على الخوارج، كما هو ظاهر من قوله: (بل هذا مذهب الخوارج)، لأن الخوارج يقولون: إن الإيمان قول وعمل، لكنه لا يزيد, ولا ينقص، وهو شيء واحد إن ذهب بعضه ذهب كله، وهذا ما دعاهم إلى القول بتخليد مرتكب الكبيرة في النار، لأن ظنهم أن الإيمان لا يتبعض، ولا يتجزأ، بل إذا ذهب بعضه ذهب جميعه، ومذهب أهل السنة أنه يتبعض، وأنه ينقص ولا يزول كله، فهذا هو مراده، كما سبق ذكره.

     ويتضح ذلك من قول شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بقوله: (وأما كون: لا إله إلا الله، تجمع الدين كله، وإخراج من قالها من النار، إذا كان في قلبه مثقال أدنى ذرة، فلا إشكال في ذلك.

وسر المسألة: أن الإيمان يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، بل هذا مذهب الخوارج...).اهـ

     ويؤيد قوله رحمه الله بذهاب الإيمان بالكلية:

     فقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في (كشف الشبهات) (ص126): (لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب، واللسان، والعمل، فإن اختل شي من هذا لم يكن الرجل مسلما([208])، فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون، وإبليس، وأمثالهما).اهـ

     وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : ( لا خلاف بين الأمة أن التوحيد: لا بد أن يكون بالقلب، الذي هو العلم، واللسان الذي هو القول، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي، فإن أخل بشيء من هذا لم يكن الرجل مسلما([209]).

فإن أقر بالتوحيد، ولم يعمل به، فهو كافر معاند، كفرعون وإبليس، وإن عمل بالتوحيد ظاهرا، وهو لا يعتقده باطنا، فهو منافق خالصا، أشر من الكافر) ([210]).اهـ

ويؤيده:

فهذا أحد أئمة الدعوة يقول: (فأهل السنة مجمعون على أنه متى زال عمل القلب فقط، أو هو مع عمل الجوارح: زال الإيمان بكليته، وإن وجد مجرد التصديق، فلا ينفع مجردا عن عمل القلب، والجوارح معا، أو أحدهما، كما لم ينفع إبليس، وفرعون وقومه، واليهود، والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسولe سرا، وجهرا) ([211]).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمه الله في (مصباح الظلام)(ص470) وهو يرد قول عثمان الناصري الضال هذا: (فإذا كان هذا كلامه في هذه المسألة: فماذا يزيد الإيمان وينقص، حتى يكون أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان!([212])) إلى آخر قول الناصري، فقال الشيخ عبداللطيف: (فهذه العبارة تنادي بجهله، فالخوارج لا ينازعون في زيادة الإيمان، وإنما النزاع في نقصه، وأئمة الإسلام يقولون يزيد مع بقاء أصله الذي دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء([213])، فإذا ثبت الإسلام زاد الإيمان ونقص، ومع عدم الإسلام وانهدام أصله لا يعتمد بما أتى به من شعبه!).اهـ

قلت: فلما احتج الناصري : (بأدنى مثقال حبة خردل من إيمان)، احتج عليه الشيخ باعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).

وهذا يدل على جهل المدخلي بالسنة، ومعتقد السلف في الإيمان([214]).

وأما نقله في (كشفه البالي) (ص226) عن الإمام ابن رجب رحمه الله أنه لم يقل في الإيمان ينقص حتى لايبقى منه شيء، بقوله رحمه الله: (ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والإيمان نقصا بينا؛ فإن منع الواجبات، وتناول المحرمات ينقص بهما الدين والإيمان بلا ريب، ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل جدا) ([215]).اهـ

قلت: والحقيقة أنه ليس في هذا الموضع يمكن أن يحتج المدخلي فيه بـ(كلام الإمام ابن رجب رحمه الله) في عدم قوله بزيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، هذا ما لا ذكر له في كلامه رحمه الله، بل كلامه هذا في ذمه الحرص على المال والدنيا، لأن الحرص عليهما يفسد دين المرء المسلم وإيمانه، فينقص منه إلى ما شاء الله، ولا يذهب جميعه، فيترتب على ذلك الإخلال ببعض الواجبات، وفعل بعض المحرمات، وهذه معاصي، والإيمان بالمعاصي هذه ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل، كما بين الإمام ابن رجب رحمه الله.

 لأن الإيمان يتفاوت، ويختلف بحسب أحوال الخلق، فمنهم من إيمانه كالجبال، بحيث لا يزحزحه مزحزح، فيزيد إلى ما لا نهاية له، ومنهم من ينقص إيمانه حتى ينتهي إلى مثقال ذرة.

فالأول: سببه الطاعة والعلم... والثاني: سببه المعاصي والجهل، وهذا لا يوجب الخلود في النار، حيث وجد الإيمان، وتأدية أركان الإسلام، لكنه لمعاصيه، وجهله، وغفلته، وهن وضعف إيمانه، ولا يلزم من وهنه، وضعفه عدم فعل الصلاة، وسائر أركان الإسلام([216]) مما يقدر عليه، بل قد يفعلها، وإيمانه ضعيف([217])، حتى ينتهي إلى مثقال ذرة([218])، والله المستعان.

وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (جامع العلوم والحكم) (ص27): (قال المحققون من العلماء: كل مؤمن مسلم، فإن من حقق الإيمان ورسخ في قلبه قام بأعمال الإسلام كما قال e: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) ([219]).

فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام، وليس كل مسلم مؤمنا، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفا فلا يتحقق القلب به تحققا تاما، مع عمل جوارحه أعمال الإسلام فيكون مسلما، وليس بمؤمن الإيمان التام).اهـ

قلت: وعلى هذا فالمسلم لا يلزم أن يكون تام الإيمان

 قلت: وكلام الإمام ابن رجب رحمه الله يفسر بعضه بعضا حيث قال: (ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والإيمان نقصا بينا...والإيمان بلا ريب ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل جدا) ([220]).

ويوضح هذا قوله رحمه الله: (وقد تبين مما ذكرنا أن حب المال، والرياسة، الحرص عليما يفسد دين المرء حتى لا يبقى منه إلا ما شاء الله كما أخبر بذلك النبيe)([221]).اهـ

قلت: هذا هو التحرير الصحيح لعبارة الإمام ابن رجب رحمه الله: (ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل جدا) و (حتى لا يبقى منه إلا ما شاء الله).

ويؤيده: قوله رحمه الله بذهاب الإيمان بالكلية. 

فقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري) في كتاب الإيمان (ج1 ص25): (فكذلك الإيمان والإسلام، إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه -مع بقاء أركان بنيانه- لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه؛ لنقصه.

بخلاف ما انهدمت أركانه، وبنيانه، فإنه يزول مسماه بالكلية!).اهـ

أي يزول الإيمان والإسلام بالكلية، فلا يبقى في قلب الإنسان شيء من الإيمان، لأنه ترك الأصول الإسلامية.

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الإمام ابن رجب رحمه الله لا يقول بذهاب الإيمان كله، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230).

وأما استشهاد المدخلي في (كشفه البالي) (ص230) بكلام العلامة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله على عدم قوله بذهاب الإيمان بالكلية، بقوله رحمه الله: (الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، كما هو صريح الأدلة من الكتاب والسنة، وكما هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم، وأعمال قلوبهم، وأعمال جوارحهم، الناس يتفاوتون، ليس إيماننا كإيمان أبي بكر، وإيمان عمر، لأن أعمالهم غير أعمالنا، أبوبكر يقولون: لم يفق الناس بكثرة صلاة، أو صيام، ولكن بما وقر في القلب.

قوة الإيمان عند أبي بكر غير قوة الإيمان عند غيره، وهكذا إلى أن وصلنا إلى هذه الدرجة، ينقص الإيمان إلى حد أنه لا يبقى منه إلا مثقال ذرة، يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، إذن يزيد زيادة عظيمة، كإيمان رسول اللهe، وأبي بكرt، ومن معه، وينقص كإيماننا اليوم، فيصل إلى درجة أنه لا يبقى في قلبه إلا مثقال ذرة) ([222]).اهـ

  قلت: وفي الحقيقة أنه ليس في هذا الموضع يمكن أن يحتج المدخلي فيه بقول الشيخ رحمه الله هذا في عدم قوله بذهاب الإيمان بالكلية أي ينقص حتى لا يبقى منه شيء، هذا ما لا ذكر له في كلامه رحمه الله، ومن ادعاه عليه فهو محض افتراء.

بل كلامه رحمه الله هذا صريح في ذكره لتفاوت الإيمان في قلوب المؤمنين، فمنهم من إيمانه كالجبال، ويزيد إلى مالا نهاية له، وضرب مثلا بإيمان الرسولe، وإيمان أبي بكر الصديق t، وإيمان عمر بن الخطاب t... ومنهم من ينقص إيمانه حتى ينتهي إلى مثقال ذرة من إيمان، بسبب فعله المعاصي، وضرب مثلا بإيماننا اليوم في بعض المسلمين([223]).

حيث قال الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية... وكما هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم، وأعمال قلوبهم، وأعمال جوارحهم، الناس يتفاوتون...).

والحاصل أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لم يتعرض للكلام على زوال الإيمان بالكلية، بل تكلم على تفاوت المسلمين في الإيمان، كما هو ظاهر من كلامه والله المستعان.

ويؤيده:قول الشيخ رحمه الله بذهاب الإيمان جميعه.

فقال العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (... ولكن العاقل يرضى أن يكون في قمة الإيمان، الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والإكثار من الطاعة، والإكثار من العبادة، ينقص فيضعف بالمعاصي إلى أن يضمحل([224])، يكاد أن يذهب، وربما يذهب)([225]).اهـ

أي يعني الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة السلفية!، كما في (كشفه البالي) (ص230).

قلت: ومع هذا فإنك تجد المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلام أهل العلم، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.

ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العلماء، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهبهم غاية الوضوح([226])، والله المستعان.

فانظر أيها الجاهل أن توردك هذه التفاسير من المهالك، وما تجر إليه من الجهل والضلال، فتشهد عليك بأقبح المحال، والله المستعان.

قلت: فظهر لذي عينين -ولله الحمد- أن محاولات المدخلي للتلبيس على معتقد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) هي محاولات باطلة غير مقبولة، واستخف إخوانه المرجئة بها فأوردهم الموارد المهلكة، والله المستعان.

قلت: إذا تبين هذا؛ عرفت أن مخالفة المدخلي([227]) لأهل السنة والجماعة في الإرجاء، مخالفة واضحة جملة وتفصيلا، والله المستعان.

قلت: فهذا اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء نقله الأئمة، والعلماء في كتبهم، وخالف اعتقاد السلف الصالح في ذلك ربيع المدخلي فقال بأن الإيمان ينقص حتى يبقى أدنى مثقال ذرة([228])، والله المستعان.

قلت: واعلم رحمنا الله وإياك أن هذه الآثار التي قد ذكرنا في معتقد السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء قد ذكره الحفاظ في كتبهم، ورواه الأئمة في مصنفاتهم، وجمعه العلماء على ما ساقه الإمام عبدالله بن الإمام أحمد، والإمام الخلال، والإمام ابن أبي حاتم، والإمام ابن منده، والإمام البربهاري، والإمام ابن بطة، والإمام الآجري، والإمام اللالكائي، وغيرهم، وأوجبوا كلهم الإيمان بهذا المعتقد والتسليم له، فلا ينكر، ولا يرد، ولا يتأول بشيء، ولا يحرف، وكذلك ذكره أصحاب الحديث في معتقدهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص40): (فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة... وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة... فليس كل ما جاءت به السنة يجب أن يكون مفسرا في القرآن؛ بخلاف ما يقوله أهل الإجماع؛ فإنه لا بد أن يدل عليه الكتاب والسنة، فإن الرسول هو الواسطة بينهم، وبين الله في أمره ونهيه، وتحليله، وتحريمه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص38): (قوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين}[النساء:115]، فإنهما متلازمان، فكل من شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، وكل من اتبع غير سبيل المؤمنين فقد شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فإن كان يظن انه متبع لسبيل المؤمنين وهو مخطئ؛ فهو بمنزلة من ظن أنه متبع للرسولe وهو مخطئ.

وهذه الآية تدل على أن إجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسولe، وإن كل ما أجمعوا عليه فلا بد أن يكون فيه نص عن الرسولe؛ فكل مسألة يقطع فيها بالإجماع، وبانتفاء المنازع من المؤمنين؛ فإنها ممن بين الله فيه الهدى...).اهـ

قلت: والوقوف مع إجماع السلف، وعدم تجاوزه، أو قبول الخلاف فيه بأي حال؛ لأن مخالفة إجماعهم يقتضي بالضرورة تخطئتهم، وهم إنما أجمعوا على الأصول التي أجمعوا عليها بناء على نصوص كثيرة، فلا يمكن أن يكون إجماعهم خطأ، بل أن من يخالفهم لابد أن يكون هو الذي أخطأ، وأحدث في الدين ما ليس منه.

قلت: فإذا كان أهل السنة قد أجمعوا -مثلا- على أن (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فإن مقتضى ذلك عندهم أن ذلك من معتقدهم، فمن خالف في ذلك فهو مخالف لإجماع السلف، وأحدث في الدين ما ليس منه.

     قلت: إذا فقول القوم: الإيمان يزيد وينقص، ثم قولهم: ينقص إلى حد أدنى، مخالف لقول السلف: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

     فالإيمان يزيد بالطاعة حتى يكون كالجبال، وينقص بالمعصية حتى لا يبقى منه شيء.

     قلت: ومن قال ينقص إلى حد أدنى، أو إلى حد معين فلا ينقص بعده، فقد اتفق مع المرجئة في بعض قولهم.

قلت: ولذلك تنفر المرجئة من النقصان أعظم من نفورها من الزيادة!!!.

ونفور ربيع المدخلي من النقصان واضح في (مجموعه الفاضح) (ص416 و501)، و (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص 173 و174 و175)، و(كشفه البالي) (ص79 و80 و81 و82)، حيث أرعد وأبرق، وشرق وغرب في الحد الأدنى للإيمان، واستدلاله بأحاديث الشفاعة المشتبه، والدفاع عنها بكل قوته، وترك محكم أحاديث الشفاعة ونفوره منها، وإنكاره زيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) أشد الإنكار، ورميه الشبه عليها من كل جانب تلبيسا، وتدليسا، وتضعيفا، وكذبا، وتأويلا، بل وطعنا في رواتها الثقات بكل ما أوتي من قوة، كل ذلك لنفوره من النقصان، ولا ينفر من الزيادة، فشابه المرجئة الخالصة اللهم غفرا.

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص! أعظم من نفورها من لفظ الزيادة) ([229]).اهـ

     واستمع إلى حد الإيمان عند المدخلي، وكيف ينفر من النقصان، ولا ينفر من الزيادة، حيث قال ربيع في (مجموعه الفاضح) (ص501): (فيخرج من النار من كان في قلبه مقدار دينار من الإيمان، من كان في قلبه مثل شعيرة ذرة، أدنى من مثقال ذرة من الإيمان، هذا نقص إيمانه إلى هذا الحد، والإيمان قد يصل إلى مثل الجبل، وهذا ينقص إيمانه حتى لا يبقى منه إلا مقدار دينار، أو دونه) ([230]).اهـ

     وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص168): (نحن عندنا الإيمان يتجزأ، ويتجزأ كالجبل، وينقص، ينقص حتى يصير كالذرة).اهـ

     وقال ربيع في (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص169): (الإيمان يزيد، ويزيد، ويزيد حتى يصير كالجبال... ومن الأدلة على نقصانه أحاديث الشفاعة؛ فأحاديث الشفاعة فيها أن الإيمان ينقص، منهم من يكون عنده مقدار دينار، ومنهم من لا يبقى عنده إلا مقدار نصف دينار، ومنهم من لا يبقى عنده إلا مثقال ذرة)([231])([232]).اهـ

     وهذا القول الذي ذهب إليه محققوا المرجئة الخامسة كـ(ربيع المدخلي) وغيره، ونعقوا به، وأحدثوا، وابتدعوا ما سموه (الحد الأدنى) في الإيمان، وجعلوه غير قابل للنقصان... فصار الحد الأدنى عندهم يقابل أصل الإيمان عند المرجئة الخالصة.

     قلت: وسبب هذا الابتداع أن المرجئة الخامسة نوابت وافقوا على الشيء المحدود ينقص ثم ينقص ثم ينقص ولا ينتهي، ففروا من شيء، وابتدعوا القول بـ(الحد الأدنى)، وقالوا: (إن أصل الحد الأدنى ليس فيه نقصان، أما الزيادة عليه فممكنة).

     والمرجئة الخامسة تنفر من القول بالنقصان([233]) أكثر من الزيادة، فقيدوا النقصان بحد معين، وأما الزيادة فأطلقوها، فهذا وجه مشابهتهم لمذهب المرجئة الخالصة.

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة).اهـ

     وهذا القول مخالف لقول السلف الذين نصوا على أن الإيمان ينقص حتى لايبقى منه شيء، فبطلت تلك الحجة التي دندن عليها المدخلي شرقا وغربا.

فهذا مذهب القوم في الإيمان شرحته لك لتكون على بصيرة، ولتعلم ما بين القوم والمرجئة الأوائل من توافق واختلاف([234]) اللهم سلم سلم.

     قلت: فهؤلاء يوافقون السلف لفظا، ويخالفونهم في حقيقة مذهبهم، ومن نحو قولهم: إننا نقول: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ونقول بالإستثناء، ومن قال هذه الثلاث فليس بمرجئ([235]).

     أقول: أن هذه المقولة جاءت عن جماعة من السلف، منهم: الإمام سفيان الثوري رحمه الله([236])، والإمام أحمد رحمه الله بقوله: (عندما سئل عمن يقول: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: هذا برئ من الإرجاء) ([237])، والإمام البربهاري رحمه الله حيث قال: (من قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء كله أوله وآخره) ([238]).

     قلت: وهذه الآثار عندنا في مكانة عالية، فإليها صائرون، وبها قائلون، فلا يفرح بها من هو مظهر لمقولة السلف، وفي باطنه قائل بمقولة الخلف!، ووجهها واضح -لمن أراد الحق- فمن قال مقولة السلف على فهمهم، ومرادهم، ولم يظهر منه ما يناقضها، فهذا الذي يقال فيه برئ من الإرجاء، وعلى مثله تنزل آثار السلف.

     وأما من وافق السلف في المقولة لفظا، وخالفهم في حقيقة المذهب معنى، فلم تتحقق فيه شروط البراءة من الإرجاء([239]).     

     وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أن كثيرا من المتأخرين خلط بين المذهبين، فصار ظاهره قول السلف، وهو من أبعد الناس عنهم، حيث قال في (الفتاوى) (ج7 ص364): (وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف، وأقوال المرجئة([240])، والجهمية، لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية!، والمرجئة في الإيمان!، وهو معظم للسلف، وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله، وكلام السلف).اهـ

 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص158): (فالمتأخرون الذين نصروا قول جهم في مسألة الإيمان، يظهرون قول السلف في هذا -وهو عدم تخليد أهل القبلة- وفي الإستثناء، وفي انتفاء الإيمان الذي في القلب حيث نفاه القرآن، ونحو ذلك، وذلك كله موافق للسلف في مجرد اللفظ، وإلا فقولهم في غاية المباينة لقول السلف، ليس في الأقوال أبعد عن السلف منه).اهـ

     وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص143): (هؤلاء وأمثالهم لم يكونوا خبيرين بكلام السلف، بل ينصرون ما يظهر من أقوالهم بما تلقوه عن المتكلمين من الجهمية، ونحوهم من أهل البدع، فيبقى الظاهر قول السلف، والباطن قول الجهمية الذين هم أفسد الناس مقالة في الإيمان).اهـ

     وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص402): (فقولهم في الرب، وصفاته، وكلامه، والإيمان به يرجع إلى تعطيل محض، وهذا قد وقع فيه طوائف كثيرة من المتأخرين المنتسبين إلى السنة، والفقه، والحديث، المتبعين للأئمة الأربعة، المتعصبين للجهمية، والمعتزلة، بل وللمرجئة أيضا، لكن لعدم معرفتهم بالحقائق التي نشأت منها البدع يجمعون بين الضدين!!!.

ولكن من رحمة الله بعباده المسلمين أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق، مثل الأئمة الأربعة، وغيرهم كمالك، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وكالشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن، والإيمان، وصفات الرب، وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف... وكذلك تجدهم في مسائل الإيمان يذكرون أقوال الأئمة والسلف، ويبحثون بحثا يناسب قول الجهمية، لأن البحث أخذوه من كتب أهل الكلام الذين نصروا قول جهم في مسائل الإيمان).اهـ

     قلت: وهذا الكلام يدل على أن (البراءة من الإرجاء) لا تحصل إلا بالموافقة التامة للسلف في اللفظ، وفي المعنى، جملة وتفصيلا، فافطن لهذه ترشد.

     والخلاصة: أن العبرة بالحقائق، لا بالألفاظ!.

     وبهذا نخلص إلى أن مقولة السلف حجة على المرجئة الخامسة لا لهم، وبالله نعتصم، وعليه نتوكل.

وقد صرح كما سبق بهذا المعتقد السلفي عدد من علماء السنة منهم:

1)           الإمام الأوزاعي رحمه الله.

2)           الإمام ابن عيينة رحمه الله.

3)           الإمام ابن راهويه رحمه الله.

4)           الإمام أحمد رحمه الله.

5)           الإمام إسحاق بن منصور رحمه الله.

6)           الإمام بشار الخفاف رحمه الله.

7)           الإمام العباس البيروتي رحمه الله.

8)           الإمام علي بن المديني رحمه الله.

9)           الإمام ابن منده رحمه الله.

10)   الإمام البربهاري رحمه الله.

11)   شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

12)   الإمام ابن رجب رحمه الله.

13)   العلامة الشيخ عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله.

14)   أئمة الدعوة في نجد رحمهم الله.

15)   العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.

16)   العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله.

17)   العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله.

كل هذا يدعي المدخلي كذبا أن الأئمة، والعلماء لم يقولوا بهذه الزيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

فيقال لهذا المرجئ: ما أرخص الكذب عندك، وأخفه على لسانك.

فإن كنت صادقا في دعواك فأشر بأقوالهم إلى أحد من العلماء أنكرها، وإلا فلم تشنع بالكذب على قوم هم اعلم بهذا التفسير منك، وأبصر بتأويل الاعتقاد منك، والله المستعان. ([241])

قلت: وهذه نماذج تكشف بوضوح عن مدى الشك، والاضطراب، والجهل الذي حل بالمرجئة من جراء عملهم هذا، وتقديمهم العقل على النقل.

وقد اتخذ العلماء من الإرجاء وأهله موقفا حازما، بل صارما من هذا الجرثوم الدخيل، والعلم الغريب على الأمة الإسلامية، وبذلوا جهودا عظيمة موفقة، للحيلولة بينه، وبين استشراء دائه، وانتشار بلائه في الحاضر والباد، وقبل أن يكثر الإمساس، فيقل الإحساس، فقاموا بالتشهير به، والتحذير منه ومن أهله، ولهم في ذلك أقول كثيرة مشهورة، يصعب حصرها.

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في (تلبيس إبليس) (ص96): (ولم تسكت القدماء من فقهاء هذه الأمة عن الكلام خيرا، ولكنهم رأوا انه لا يشفي غليلا، ثم يرد الصحيح عليلا!، فامسكوا عنه، ونهو عن الخوض فيه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستقامة) (ج1 ص54): (وإن غالب ما يتكلمون به من الأصول، ليس بعلم، ولا ظن صحيح، بل ظن فاسد، وجهل مركب).اهـ

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج19 ص328): (فالحذر الحذر من هذه الكتب، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل، وإلا وقعتم في الحيرة).اهـ

وعن الإمام الشافعي رحمه الله قال: (المراء في العلم يقسي القلب، ويورث الضغائن) ([242]).

وعن الإمام الشافعي رحمه الله أيضا قال: (لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الهوى). ([243])

قلت: وتبين من هذه الدراسة الأثرية أننا أمام انحراف كبير للقوم في مسائل الإيمان، وإرجاء صريح أخرج للمسلمين باسم مذهب السلف، ومن زعم غير ذلك، فهو أحد رجلين، إما أنه لم يعرف ما يقول القوم([244])، أو أنه جاهل لا يعرف مذهب السلف في مسائل الإيمان، والله المستعان.

قلت: ومع هذا كله يرد المدخلي الحق، ورد المدخلي الحق بسبب تلوث فطرته بالأفكار الضالة، من أفكار الإخوانية، والسرورية، والقطبية، والحدادية، والمرجئية، كما بينت في كتابي (تاريخ ربيع المدخلي) بالأدلة من كتبه وأشرطته، والله المستعان.

وذلك لأن الإنسان خلق على الفطرة، ومما فطر الإنسان عليه هو محبة الحق وإرادته، فإذا رد الحق، وتعصب لباطله، فاعلم أنه فسدت فطرته، وتلوثت بالباطل إما كلا، أو جزءا([245])، اللهم سلم سلم.

قال تعالى: {فطرت الله التي فطر الناس عليها} [الروم: 30].

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله e : (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أوينصرانه، أويمجسانه) ([246]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج10 ص88): (والقلب خلق يحب الحق، ويريده، ويطلبه!).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج16 ص338): (فإن الحق محبوب في الفطرة، وهو أحب إليها، وأجل فيها، وألد عندها من الباطل الذي لا حقيقة له، فإن الفطرة لا تحب ذلك).اهـ

وقالت زوجتي الشيخة أم عبدالرحمن الأثرية حفظها الله في (إتحاف الخيرة المهرة) (ص36): (من الأمور المقررة في شريعة الإسلام أن الولد مفطور منذ خلقته على التوحيد الخالص، والدين القيم، والإيمان بالله، مصداقا لقوله تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون}[الروم:30]، ومصداقا لقول النبي e: (كل مولود يولد على الفطرة)، أي يولد على فطرة التوحيد، والإيمان بالله).اهـ

     وفضلا عما هو مركوز في النفوس من محبة الحق؛ فإن النفوس مفطورة على معرفة الحق كذلك. ([247])

     كما قال تعالى عن موسى عليه السلام : { ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}[طه:50].

     وكما قال النبي e: (الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) ([248]).

     قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج8 ص463): (في النفس ما يوجب ترجيح الحق على الباطل في الاعتقادات والإرادات، وهذا كاف في أنها ولدت على الفطرة).اهـ

     وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج8 ص463): (والله خلق عباده على الفطر التي فيها الحق والتصديق له، ومعرفة الباطل والتكذيب به، ومعرفة النافع الملائم والمحبة له، ومعرفة الضار المنافي والبغض له بالفطرة.

     فما كان حقا موجودا صدقت به الفطرة، وما كان حقا نافعا عرفته الفطرة وأحبته، واطمأنت إليه -وذلك هو المعروف-، وما كان باطلا معدوما كذبت به الفطرة، فأبغضته الفطرة فأنكرته، قال تعالى:{يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر}[الأعراف: 157]).اهـ

     قلت: وما هو مركوز في النفوس من معرفة الحق، وإرادته، ومحبته مؤيد بشاهد الشرع، كما قال تعالى: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه}[هود:17]، فالبينة الوحي الذي أنزل الله تعالى، والشاهد هو شاهد الفطرة المستقيمة، والعقل الصريح([249]).

     قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (تيسير اللطيف المنان)(ص450):(فالدين هو دين الحكمة التي هي معرفة الصواب، والعمل بالصواب، ومعرفة الحق، والعمل بالحق في كل شيء).اهـ

قلت: والنفوس إذا بقيت على الفطرة؛ فإنها لا تطلب إلا الحق، والحق واضح بين لا غموض فيه([250]).

عن معاذ بن جبل t قال: (اجتنب من الحكيم المشتهرات -يعني المشتبهات- التي يقال لها: ما هذه ولا يثنينك ذلك عنه فإنه لعله أن يراجع وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).

أثر صحيح

     أخرجه أبو داود في (سننه) (ج5 ص17)، والحاكم في (المستدرك) (ج4 ص460)، وأبو نعيم في (الحلية) (ج1 ص233)، والفسوي في (المعرفة والتاريخ) (ج2 ص320)، وعبدالرزاق في (المصنف) (ج11 ص363)، والآجري في (الشريعة) (ص47) من طرق عن الزهري قال حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عمير عن معاذ بن جبل به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

     قلت: والواجب على العبد أن يلزم الفطرة، ويحذر الأسباب التي تصده عن الحق، وتصرفه عنه، وإذا ما صرفه عنه صارف عاد إلى الحق ولزمه، وهذا من أعظم نعم الله على عبده أن يكون العبد محبا، ومؤثرا للحق يطلبه ويلزمه([251]).

     قال الإمام ابن حزم في (مداواة النفوس) (ص31): (أفضل نعم الله على العبد أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره).اهـ

     قلت: والحق واضح بين، وهو سهل لمن يطلبه بحسن قصد([252]).

     قال تعالى:{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}[القمر:22].

     قلت: وهذا عام للتلاوة، والقراءة وللفهم معا([253]).

     قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) (ج4 ص264): (قوله (ولقد يسرنا القرآن للذكر) أي: سهلنا لفظه، ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس).اهـ

     وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: (ولا تجد كلاما أحسن تفسيرا، ولا أتم من كلام الله سبحانه، ولهذه سماه الله بيانا، وأخبر أنه يسره للذكر، ويسر ألفاظه للحفظ، ومعانيه للفهم، وأوامره ونواهيه للامتثال) ([254]).اهـ

     وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج27 ص315): (فالحق يعرفه كل أحد([255])؛ فإن الحق الذي بعث الله به الرسل لا يشتبه بغيره على العارف؛ كما لا يشتبه الذهب الخالص بالمغشوش على الناقد).اهـ

فلذلك يشتبه الحق، ويروج الباطل على من لا علم عنده، ولا معرفة، ولا اعتناء له بفهم الكتاب والسنة على منهج السلف، وأهل السنة.

     فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله e يقول: (إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) ([256]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج27 ص315): (فالحق يعرفه كل أحد؛ فإن الحق الذي بعث الله به الرسل لا يشتبه بغيره على العارف؛ كما لا يشتبه الذهب الخالص بالمغشوش على الناقد).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج1 ص73): ( إن الشارع نص على كل ما يعصم من المهالك نصا قاطعا للعذر).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج25 ص129): (وكثيرا ما يضيع الحق بين الجهال الأميين).اهـ

وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في (أدب الطلب) (ص40): (الميل إلى الأقوال الباطلة ليس من شأن أهل التحقيق الذين لهم كمال إدراك، وقوة فهم، وفضل دراية، وصحة رواية، بل ذلك دأب من ليست له بصيرة نافذة، ولا معرفة نافعة).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا تجد أحدا وقع في بدعة إلا لنقص اتباعه للسنة علما وعملا، وإلا فمن كان بها عالما، ولها متبعا؛ لم يكن عنده داع إلى البدعة؛ فإن البدعة يقع فيها الجهال بالسنة) ([257]).اهـ

وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام) (ج2 ص344): (أما إذا كان هذا المتبع ناظرا في العلم، ومتبصرا فيما يلقى إليه؛ فإن توصله إلى الحق سهل).اهـ

وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في (أدب الطلب) (ص85): (فالوقوف على الحق، والاطلاع على ما شرعه الله لعباده، قد سهله الله على المتأخرين، ويسره على وجه لا يحتاجون فيه من العناية، والتعب، إلا بعض ما كان يحتاجه قبلهم).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (إقتضاء الصراط المستقيم) (ج2 ص85): (ويلحق الذم من تبين له الحق فتركه، أو من قصر في طلبه حتى لم يتبين له، أو أعرض عن طلب معرفته لهوى، أو لكسل، أو نحو ذلك).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (إرشاد أولي الأبصار) (ص300): (ومن كان منهم راضيا ببدعته، معرضا عن طلب الأدلة الشرعية، وطلب ما يجب عليه من العلم الفارق بين الحق والباطل، ناصر لها، رادا ما جاء به الكتاب والسنة مع جهله، وضلاله، واعتقاده أنه على الحق، فهذا ظالم فاسق بحسب تركه ما أوجب الله عليه، وتجرئه على ما حرم الله تعالى).اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (الشرح الممتع) (ج6 ص193): (قد لا يعذر الإنسان بالجهل، وذلك إذا كان بإمكانه أن يتعلم ولم يفعل مع قيام الشبهة عنده؛ كرجل قيل له: هذا محرم، وكان يعتقد الحل، فسوف تكون عنده شبهة على الأقل، فعندئذ يلزمه أن يتعلم ليصل إلى الحكم بيقين.

فهذا ربما لا نعذره بجهله([258])؛ لأنه فرط في التعليم، والتفريط لا يسقط العذر، لكن من كان جاهلا، ولم يكن عنده أي شبهة، ويعتقد أن ما هو عليه حق، أو يقول هذا على أنه الحق؛ فهذا لا شك أنه لا يريد المخالفة، ولم يرد المعصية والكفر، فلا يمكن أن نكفره حتى ولو كان جاهلا في أصل من أصول الدين).اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج3 ص314): (لكن ينبغي أن يعرف أن عامة من ضل في هذا الباب، أو عجز فيه عن معرفة الحق، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول e، وترك النظر، والاستدلال الموصل إلى معرفته، فلما أعرضوا عن كتاب الله ضلوا([259]).

كما قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } [طه :123- 124 ]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ القرآن، وعمل بما فيه؛ أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة. ثم قرأ هذه الآية).اهـ

وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: (ومعلوم أنه لا يقبل الحق إلا من طلبه) ([260]).([261])اهـ

وقال العلامة الشيخ صديق حسن خان رحمه الله في (قطف الثمر) (ص175): (فإن الحق مازال مصونا عزيزا نفيسا كريما، لا ينال مع الإضراب عن طلبه، وعدم التشوق والإشراف إلى سببه، ولا يهجم على البطالين المعرضين، ولا يناجي أشباه الأنعام الضالين).اهـ

قلت: فالمدخلي يعتقد الباطل ويدين الله تعالى به!، وهو يعلم بوجود علماء أهل السنة والجماعة المخالفين له فيما يعتقده، ويدين الله به، بل بلغه أنهم يضللونه في ذلك، وهو مع ذلك لم يرجع إليهم، ويبحث معهم في مخالفاته، بل لم يدقق، ولم يحقق، وحمله إلى الركون إلى معتقده الجهل المركب بنصوص الكتاب، ونصوص السنة، ونصوص السلف، ونصوص أهل السنة!.

فاعتقد ما ذهب إليه بسبب وقوفه على ذكر طرف المسائل، أو حكمها في كتاب معين، أو تلقاه عن عالم معين دون التأكد بحصول استقصاء المسائل بحثا، ونظرا، وتدقيقا، ودون الرجوع إلى علماء أهل السنة والجماعة في بلد الحرمين، واستيعاب معهم ما أمكن من الأدلة في مسائل الإيمان، وتمحيصها، ووزنها بالموازين  العادلة السلفية([262]).

 قال العلامة الصنعاني رحمه الله في (إرشاد النقاد) (ص85): (فليت شعري ما الذي خص الكتاب والسنة بالمنع عن معرفة معانيها، وفهم تراكيبها ومبانيها، والإعراض عن استخراج ما فيها، حتى جعلت معانيها كالمقصورات في الخيام، قد ضربت دونها السجوف، ولم يبق لنا إليها إلا ترديد ألفاظها والحروف، وإن استنباط معانيها قد صار حجرا محجورا، وحرما محرما محصورا).اهـ

وإليكم آثار السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء:

1) قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([263])

قال الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله – بعد ذكر أثر ابن راهويه -: (وأنا أقول به).([264])

2) وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد تقول: ينقص؟ فقال: اسكت يا صبي بلى ينقص، حتى لا يبقى منه شيء).([265])

3) وقال الإمام أحمد رحمه الله – عندما قيل له -: كان ابن المبارك يقول: يزيد ولا ينقص، فقال: (كان يقول: الإيمان يتفاضل، وكان سفيان يقول: ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([266])

قلت: وهذا إقرار من الإمام أحمد لقول سفيان بن عيينة على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

4) وقال الإمام أحمد رحمه الله عندما سأله رجل عن زيادته، ونقصانـه –يعني الإيمان– فقال : (يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتـى يصير إلى أسفل السافلين السبع).([267])

  قلت: ومراده رحمه الله أنه ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وليس هذا بأسلوب غريب على الإمام أحمد رحمه الله كما يدعي المدخلي في (كشفه البالي)(ص90) نعوذ بالله من ربع فقيه!.

5) وقال الإمام أبو عثمان بشار بن موسى الخفاف رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل ونية، يزيد وينقص، حتى يكون أعظم من الجبل، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([268])

6) وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله عندما سئل عن الإيمان: أيزيد؟ قال: (نعم حتى يكون مثل الجبال، قال: قلت: فينقص؟ قال: نعم حتى لا يبقى منه شيء).([269])

قال العباس بن الوليد البيروتي رحمه الله عندما سئل، وقيل له أليس تقول ما يقول الأوزاعي؟ فقال: (نعم).([270])

7) وقال الإمام علي بن عبد الله المديني رحمه الله عندما سئل عن الإيمان فقال: (قول وعمل ونية، قلت – يعني الدارمي -: أينقص ويزداد؟ قال: نعم يزداد وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([271])

8) وقال الإمام ابن منده رحمه الله: (ذكر خبر يدل على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه في قلب العبد مثقال حبة خردل، وأن المجاهد بالقلب واللسان واليد من الإيمان).([272])

9) وقال الإمام البربهاري رحمه الله: (والإيمان بأن الإيمان قول وعمل، وعمل وقول، ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([273])

10) وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به على حسب تأكد الطاعة، فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بتركها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة).اهـ([274])

11) وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (فالرد عليهم أن الذنوب تضر على كل حال، منها ما يزيل الإيمان بالكلية، ومنها ما لا يزيله بالكلية بل ينقصه، وصاحبها معرض بالوعيد المرتب عليها).اهـ([275])

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه لـ(شرح السنة)(ص117) معلقا على قول الإمام البربهاري: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) قال: (هذا معنى قوله: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وقد يبقى مقدار حبة خردل، وهذه تنفع صاحبها يوم القيامة يخرج بها من النار، وإذا لم يبق حبة خردل فإنه يكون من أهل النار المخلدين فيها).اهـ

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ صالحا الفوزان حفظه الله لا يقول بهذه الزيادة السلفية، كما في (كشفه البالي) (ص228، 230).

وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده([276])، نعوذ بالله من العناد.

قلت: وبسبب ذلك تطاول بلسانه، وتعدى ببنانه، ومضللا أهل السنة من غير وازع، ولا ضمير، ومن غير تدبر، ولا تفكير، حتى عشعش في صدره وجنانه، من بغض الاعتقاد وأهله حب الإرجاء وأهله!، ونقض الإيمان وأركانه! اللهم غفرا.

فانظر إلى أي هوة سقط هذا الرجل؟! أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه؟!، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه؟!، أم بضحالة عقله، واستفحال جهله؟!. 

وقال العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمه الله في (مصباح الظلام)(ص470) وهو يرد قول عثمان الناصري الضال هذا: (فإذا كان هذا كلامه في هذه المسألة: فماذا يزيد الإيمان وينقص، حتى يكون أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان!([277])) إلى آخر قول الناصري، فقال الشيخ عبداللطيف: (فهذه العبارة تنادي بجهله، فالخوارج لا ينازعون في زيادة الإيمان، وإنما النزاع في نقصه، وأئمة الإسلام يقولون يزيد مع بقاء أصله الذي دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء([278])، فإذا ثبت الإسلام زاد الإيمان ونقص، ومع عدم الإسلام وانهدام أصله لا يعتمد بما أتى به من شعبه!).اهـ

قلت: فلما احتج الناصري : (بأدنى مثقال حبة خردل من إيمان)، احتج عليه الشيخ باعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).

وهذا يدل على جهل المدخلي بالسنة، ومعتقد السلف في الإيمان([279]).

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن أئمة الدعوة في نجد لا يقولون بهذه الزيادة السلفية!، كما في (كشفه البالي) (ص228 و230).

قلت: ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامهم، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.

ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العلماء، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهبهم غاية الوضوح([280])، والله المستعان.

قلت: وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن السلف أنهم يقولون: الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء. أي يزول جميعه!.

فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان)(ص213): (وقيل لبعض السلف: يزداد الإيمان وينقص؟ قال: نعم يزداد حتى يصير أمثال الجبال، وينقص حتى يصير أمثال الهباء)([281]).اهـ

والمراد: (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)،أي يزول جميعه.

وهذا إقرار من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لاعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء). 

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230)، وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد!.

ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.

ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العالم، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غاية الوضوح، والله المستعان.

قلت: ويستطيع الباحث المطلع أن يقول: إن مسألة ترك الأعمال الظاهرة بالكلية، وحكم ذلك، لم يجليها أحد كما جلاها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد تناول في مواضع عدة من مؤلفاته، وبعبارات واضحة ظاهرة، وقد سبق ذكر جملة صالحة من كلامه ولله الحمد والمنة.

وقال العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (... ولكن العاقل يرضى أن يكون في قمة الإيمان، الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والإكثار من الطاعة، والإكثار من العبادة، ينقص فيضعف بالمعاصي إلى أن يضمحل([282])، يكاد أن يذهب، وربما يذهب)([283]).اهـ

أي يعني الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص230) ([284])، والله المستعان.

وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري) في كتاب الإيمان (ج1 ص25): (فكذلك الإيمان والإسلام، إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه - مع بقاء أركان بنيانه- لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه، لنقصه.

بخلاف ما انهدمت أركانه، وبنيانه، فإنه يزول مسماه بالكلية!).اهـ

أي يزول الإيمان والإسلام بالكلية، فلا يبقى في قلب الإنسان شيء من الإيمان، لأنه ترك الأصول الإسلامية، اللهم غفرا.

قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الإمام ابن رجب رحمه الله لا يقول بذهاب الإيمان كله، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230).

قلت: فهذا اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء نقله الأئمة والعلماء في كتبهم، وخالف اعتقاد السلف الصالح في ذلك ربيع المدخلي فقال بأن الإيمان ينقص حتى يبقى أدنى مثقال ذرة([285])، والله المستعان.

قلت: واعلم رحمنا الله وإياك أن هذه الآثار التي قد ذكرنا في معتقد السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء قد ذكره الحفاظ في كتبهم، ورواه الأئمة في مصنفاتهم، وجمعه العلماء على ما ساقه الإمام عبدالله بن الإمام أحمد، والإمام الخلال، والإمام ابن أبي حاتم، والإمام ابن منده، والإمام البربهاري، والإمام ابن بطة، والإمام الآجري، والإمام اللالكائي، وغيرهم، وأوجبوا كلهم الإيمان بهذا المعتقد والتسليم له، فلا ينكر، ولا يرد، ولا يتأول بشيء، ولا يحرف، وكذلك ذكره أصحاب الحديث في معتقدهم.

قلت: وقد اعترض ربيع المرجئ – كاعتراض المتكلمين- عليه ليبطله، ويتأوله على غير مراده، فرد عليه أهل السنة على ما قاله السلف المهديون، والخلف المرضيون، وكانوا قد وفقوا بحمد الله في ذلك، لأن المرجئة الخامسة قد اعترضت على معتقد السلف بما أوقعت به الشبه والشكوك، فلولا ما تفضل الله به من علماء السنة الذين أزالوه، وميزوه، وإلا كان الناس في حيرة، وكذلك اعترضوا على الآثار السلفية والأخبار، فرد عليهم علماء السنة الأخيار.

 

 

 

 

 

فائدة أثرية نادرة

 

اعلم رحمك الله أن هذا الأسلوب السلفي قد اتخذه أهل السنة سلاحا في وجه أهل البدع، وذلك عندما حرفوا في الاعتقاد، والتبس الحق بالباطل فيه، فزاد أهل السنة على ما زاده أهل البدع بكشف اللبس في دين الله تعالى، ولذلك زاد أهل السنة بعض العبارات في الاعتقاد لإفحام الخصم، وكشف أمره للمسلمين.

قال الإمام أحمد رحمه الله : (وقد كنا نهاب الكلام في هذا([286]) حتى أحدث هؤلاء -يعني المبتدعة- ما أحدثوا، وقالوا ما قالوا، ودعوا الناس إلى ما دعوهم إليه). ([287])

وقال الإمام أحمد رحمه الله: (كنا نرى السكوت عن هذا قبل أن يخوض فيه هؤلاء، فلما أظهروه لم نجد بدا من مخالفتهم، والرد عليهم) ([288]).

وقال ابن الجوزي رحمه الله في (تلبيس إبليس) (ص95): (ولم تسكت القدماء من فقهاء هذه الأمة عن الكلام عجزا، ولكنهم رأوا أنه لا يشفي غليلا، ثم يرد الصحيح عليلا!، فأمسكوا عنه، ونهوا عن الخوض فيه).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستقامة) (ج1 ص54): (وإن غالب ما يتكلمون به من الأصول، ليس بعلم، ولا ظن صحيح، بل ظن فاسد، وجهل مركب).اهـ

قلت: فلما أحدث المبتدعة بدعة (خلق القرآن)، تكلم الإمام أحمد رحمه الله وغيره في ذلك، وقالوا: (القرآن كلام الله؛ منزل غير مخلوق، منه بدا، وإليه يعود) ([289]).

فزادوا لفظة (غير مخلوق)، بل زادوا معه: (منه بدأ، وإليه يعود) ليزول اللبس عن الناس، وذلك لأن المقام لا يحتمل غير ذلك، فيعرف التفسير الصحيح في صفة كلام الله تعالى، وبين التفسير الباطل في هذه الصفة، وبذلك يعرف المتبع من المبتدع، والله المستعان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج2 ص401): (ومن ذلك الاقتصاد في السنة؛ واتباعها كما جائت -بلا زيادة ولا نقصان- مثل الكلام: في (القرآن) و(سائر الصفات)، فإن مذهب سلف الأمة، وأهل السنة أن القرآن كلام الله؛ منزل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، هكذا قال غير واحد من السلف!).اهـ

قلت: فالزيادة الصحيحة في الاعتقاد سنة متبعة عند أهل السنة قديما وحديثا، وذلك بحسب دراسة الظروف التي تحيط بالناس، والشبه التي تدور عليهم، والأحوال المؤثرة بسبب أفكار المبتدعة، فكلما زادوا زدنا عليهم على حسب تلبيساتهم وتدليساتهم، فقمعهم من حيث إعلانهم للبدع، ومواقف السلف معهم معروفة كلها نابعة من تعاليم هذا الدين لا مجال فيها للهوى، أو الأغراض الشخصية.

فعن الإمام ابن المبارك رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([290]).

وعن الإمام بقية بن الوليد رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([291]).

وعن الإمام عيسى بن يونس رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([292]).

وعن الإمام القاسم الجزري رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([293]).

وعن الإمام ابن عيينة رحمه الله قال: (القرآن كلام الله، وليس بمخلوق) ([294]).

وعن الإمام محمد بن سلمة الحراني رحمه الله قال: (القرآن كلام الله وليس بمخلوق) ([295]).

وعن الإمام المعافى بن عمران رحمه الله قال: (القرآن كلام الله، غير مخلوق) ([296]).

وعن الإمام الشافعي رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([297]).

وعن الإمام احمد رحمه الله قال: (القرآن كلام الله ليس بمخلوق) ([298]).

وعن الإمام عبدالأعلى أبي مسهر رحمه الله قال: (ما أدركنا أحدا من أهل العلم إلا وهو يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، وكان ينكر على من قال: القرآن مخلوق) ([299]).

وعن الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله قال: (القرآن كلام الله، وليس بمخلوق) ([300]).

قلت: ومن ذلك لما انتدب (الواقفة) ([301]) منافحين عن مذهب الجهمية محتجين لمذهبهم بالتمويه([302])، والتدليس منتفين في الظاهر من بعض مذهب الجهمية، متابعين لهم في الباطن، مموهين على الضعفاء والسفهاء باطلهم، وقالوا عن القرآن: (لا نقول مخلوق، ولا غير مخلوق)، فذمهم بهذا اللفظ من لا يحصى عددهم من الأئمة، كالإمام أحمد رحمه الله، والإمام الشافعي رحمه الله، والإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله، وغيرهم.

قال أبوبكر المروذي: (سألت أبا عبدالله -يعني الإمام أحمد- عن من وقف؛ لا يقول غير مخلوق؟ قال -يعني الواقف المبتدع-: أنا أقول كلام الله.

قال الإمام أحمد: يقال له: إن العلماء يقولون غير مخلوق، فإن أبى؛ فهو جهمي!) ([303]).اهـ

وقال أبوبكر المروذي رحمه الله: (سألت أبا عبدالله عن رجل من الواقفة يقف في الموضع ويتكلم؛ قال: هذا داعية؛ هذا جهمي لا شك في هذا) ([304]).

وقال الحسن بن ثواب المخرمي رحمه الله، أنه قال لأبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل: الواقفة، قال: (هم شر من الجهمية، استتروا بالوقف) ([305]).

وقال صالح بن علي الحلبي، أنه قال لأبي عبدالله:ما تقول فيمن وقف؟ قال -يعني الواقف المبتدع-: لا أقول خالق، ولا مخلوق.قال الإمام أحمد: (هو مثل من قال: القرآن مخلوق، وهو جهمي!) ([306]).

وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يسأل عن الواقفة، قال أبي -يعني الإمام أحمد-: (من كان يخاصم، ويعرف بالكلام؛ فهو جهمي، ومن لم يعرف بالكلام؛ يجانب حتى يرجع، ومن لم يكن له علم، يسأل ويتعلم) ([307]).

وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمه الله؛ : (سمعت أبي مرة أخرى يسأل عن الواقفة؛ فقال: من كان منهم يحسن الكلام؛ فهو جهمي، وقال مرة أخرى: هم شر من الجهمية) ([308]).

قلت: من كان منهم يتكلم ببدعة الوقف، فهو جهمي، فافطن لهذا.

ومن كان يعرف الكلام ويبصر ولا يتكلم فهو مثلهم، فافطن لهذا أيضا.

وقال أبو داود رحمه الله : (سمعت أحمد يسأل، هل لهم رخصة، أن يقول الرجل كلام الله ويسكت؟ قال: ولم يسكت؟ قال: لولا ما وقع الناس فيه كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا؛ لأي شيء لا يتكلمون) ([309]).

وقال أبو الحارث رحمه الله: سألت أبا عبدالله قلت: إن بعض الناس يقول: إن هؤلاء (الواقفة) هم شر من الجهمية؟

قال الإمام أحمد: هم أشد على الناس تزيينا من الجهمية، هم يشككون الناس، وذلك أن الجهمية قد بان أمرهم، وهؤلاء إذا قالوا أنا لا نتكلم، استمالوا العامة، إنما هذا يصير إلى قول الجهمية. قال أبو الحارث: وسمعت أبا عبدالله يسأل عن من قال: أقول القرآن كلام الله وأسكت. قال الإمام أحمد: لا، هذا شك، لا حتى يقول غير مخلوق) ([310]).اهـ

قلت: والعلة في أنهم شر من الجهمية الخالصة هي تلبيسهم في هذه القضية على الناس، ومعلوم أن الملبس على الناس شر من العدو المجاهر للناس بعداوته.

ومثل ذلك، مثل المنافقين والكفار؛ فإن المنافقين أشد خطرا على هذه الأمة من الكفار المعروف للناس كفرهم.

ومن هنا جعل الله منزلتهم في الدرك الأسفل من النار، لذلك كان حكم الإمام أحمد رحمه الله في (الواقفة) بأنهم شر من الجهمية الخالصة بسبب التلبيس على الناس، وخلط المفاهيم، وإشاعة البلبة في هذه القضية اللهم سلم سلم.

قال أبو داود السجستاني رحمه الله: (سمعت قتيبة بن سعيد الواقفة جهمية) ([311]).

وقال أبو داود السجستاني: (سمعت قتيبة بن سعيد قيل له؛ فقال: الواقفة شر من هؤلاء- يعني: ممن قال القرآن مخلوق) ([312]).

وقال أبو داود السجستاني: (سمعت عثمان ابن أبي شيبة قال: هؤلاء الذين يقولون كلام الله ثم يسكتون شر من هؤلاء – يعني: ممن قال القرآن مخلوق) ([313]).

وقال أبو داود السجستاني: (سألت أحمد بن صالح المصري عن من يقول القرآن كلام الله، ولا يقول مخلوق ولا غير مخلوق، قال: هذا شاك) ([314]).

وقال أحمد بن إبراهيم: (سمعت محمد بن مقاتل العباداني، وكان من خيار المسلمين، يقول في (الواقفة): هم عندي شر من الجهمية)([315]).

وقال الإمام ابن راهويه رحمه الله: (من قال: لا أقول القرآن مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي) ([316]).

وقال حرب الكرماني رحمه الله: (سألت إسحاق بن راهويه عن الرجل يقول: القرآن كلام الله ويقف. قال الإمام ابن راهويه: هو عندي شر من الذي يقول القرآن مخلوق؛ لأنه يقتدي به غيره) ([317]).

وقال إبراهيم بن الحارث: (سألت أبا عبدالله أحمد بن حنبل، قلت: يا أبا عبدالله يكون من أهل السنة من قال: لا أقول القرآن مخلوق، ولا أقول: ليس بمخلوق؟ قال: لا، ولا كرامة، لا يكون من أهل السنة، قد بلغني عن ذاك الخبيث ابن معدل أنه يقول بهذا القول، وقد فتن به قوم كثير من أهل البصرة!) ([318]).

قلت: فحين خاصمت الجهمية في خلق القرآن، وأظهروه، وادعوا أنه مخلوق، أنكر ذلك عليهم الأئمة، وقالوا: (القرآن كلام الله) وزادوا (غير مخلوق) ([319])، وهذا يدل على سعة علم السلف وفقههم في الدين في مثل هذه المواقف العظيمة التي تدور بينهم، وبين أهل البدع،  فهم لم يكتفوا بقولهم (القرآن كلام الله) بل زادوا (القرآن كلام الله غير مخلوق) لإزالة اللبس في هذا الاعتقاد السلفي، والذي لا يقولها، فإنه يبدع، ويلحق بالجهمية الخالصة، عند السلف، وهذا يدل على فقههم، وسعة علمهم في الإسلام، فهل نقتدي بهم في ذلك اللهم غفرا.

وفي ذلك يقول الشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله في (شرح القواعد المثلى) عند قول المؤلف(ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاث أوجه) قال: (مستنبطة من الكتاب والسنة؛ وهذه الطريقة التي نسلكها التي أخذناها من مشايخنا وأئمتنا طريقة تعتبر بالنسبة لما كان عليه السلف الأول طريقة حديثة وأسلوب جديد، لأن السلف الأول ليس لديهم كتب يدرسونها في العقيدة، المصحف هو كتاب التوحيد، وكتاب الأحكام، وكتاب الاقتصاد، وكتاب السياسة، وكتاب كل شيء، لأنهم كانوا في عافية من آراء أهل الكلام، ومن أصحاب الأهواء والفتن، لم يضطروا إلى أن يؤلفوا لهم كتبـا، خصوصـا في عهد الصحابة، العقيدة تؤخذ من القرآن رأسـا، ومن أقوال رسول اللهe يحفظونها؛ ولكن هذه الكتب، وهذا الأسلوب الذي نحن عليه الآن الكتب التي نأخذ منها هذا الأسلوب ألفت دفاعـا عن العقيدة، كتب دفاعية، والأساليب أساليب دفاعية، استخدم فيها أساليب مناسبة للذين هاجموا العقيدة وحاربوا العقيدة ليخاطبوا الناس بما يعقلون وبالأسلوب الذي يفهمون .

لذلك : لا ينبغي أن يستغرب فيقال ـ كما قد قيل ـ : إنكم تدرسون العقيدة، وتقولون فيها الصفات الذاتية، والصفات الفعلية، والسلبية، والثبوتية من أين لكم هذا ؟ وهل الرسول e كان يعلم الصحابة بهذه الطريقة ؟ الجواب : لم يكونوا بحاجة إلى هذا الأسلوب، بل لم يكونوا بحاجة إلى كتب تسمى كتب العقائد، وكتب التوحيد، ولكن دعت الحاجة إلى تأليف هذه الكتب في العقيدة، ألف الأئمة دفاعـا عن العقيدة كالإمام أحمد وابن خزيمة وابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيره، هذه كتب دفاعية، ولاحظوا في الأسلوب أساليب قريبة من أساليب أهل الكلام لأنهم هم الذين هاجموا العقيدة فوجب عليهم استخدام هذه الأساليب للدفاع، وكل ما فيه نفع ومصلحة لا يقال فيه بدعة؛ بعض المنفرين من العقيدة الآن يقول : أنتم تسلكون مسلك جديد هذه بدعة؛ ينبغي أن يفهم : إن البدعة ما لا أصل له في الدين؛ ونحن إنما استخدمنا أساليب فقط، ولكن في الأصل لم نخرج من الكتاب والسنة، الأدلة من الكتاب والسنة، وكوننا نعرض عرضـا بأسلوب مناسب للوقت لا بأس في ذلك .

لذلك : قيل للإمام أحمد : لماذا توسعتم فقلتم : ( القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود )، هذا الكلام كله من أين جبتم ؟، الأولون يقولون : ( القرآن كلام الله ) وكفى ؟ يقول الإمام أحمد: ((لما زادوا زدنا))، لما زاد القوم زدنا، لأنهم أصحاب الكلام والثرثرة، يتكلمون كثير، ولا ينفع معهم إلا أسلوبـا مناسبـا لأسلوبهم، واستعمال هذا الأسلوب لإفحام الخصم واجب، والخصم لا يقبل إلا مثل هذا الأسلوب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لا بد من مراعاة المصلحة).اهـ

قلت: وهذا يدل على أن الأئمة لم يكتفوا بقول أن (القرآن كلام الله) ويسكتوا، بل زادوا لفظ (غير مخلوق)، لأن ذلك كان يسع الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم، لعدم وجود أي لبس في حقيقة صفة الكلام لله تعالى.

فعن الإمام عمرو بن دينار رحمه الله قال: (أدركت أصحاب النبي e فمن دونهم، منذ سبعين سنة يقولون: الله الخالق، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، منه خرج، وإليه يعود) ([320]).

قلت: أما بعد ظهور البدع وأهلها في مسألة (خلق القرآن)، فلم يسع الأئمة ذلك حتى قالوا: (القرآن كلام الله غير مخلوق).

والإمام أحمد رحمه الله لما قيل له ألا يسعنا أن نقول: (القرآن كلام الله) ونسكت.

قال رحمه الله: لا... كان هذا يسع من كان قبلنا، أما نحن فلا يسعنا إلا أن نقول: (القرآن كلام الله غير مخلوق!).

وعن الإمام الفضل بن دكين رحمه الله قال: (أدركت الناس ما يتكلمون في هذا، ولا عرفنا هذا، إلا بعد منذ سنتين، القرآن كلام الله منزل من عند الله لا يؤول إلى خالق، ولا مخلوق فيه منه بدأ، وإليه يعود) ([321]).

وقوله: (منه بدأ): أي أن الله تعالى تكلم به ابتداء.

قال أبوبكر الأعين: سئل أحمد بن حنبل عن تفسير قوله: (القرآن كلام الله منه خرج، وإليه يعود)، فقال أحمد: منه خرج هو المتكلم به وإليه يعود) ([322]).

قلت:  فهذا كان يسع المسلمين قبل ظهور المبتدعة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم ببدعة (خلق القرآن)، فلما أظهروا بدعة (خلق القرآن)، كان لا بد لأهل السنة أن يصرحوا بـ(أن القرآن كلام الله غير مخلوق)، وهذا هو الواجب عليهم، وعلى من بعدهم، ومن لم يصرح بهذه الزيادة، فهو مبتدع خارج عن أهل السنة والجماعة، فافهم لهذا ترشد.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج3 ص104): (وكما لم يقل أحد من السلف إنه مخلوق فلم يقل أحد منهم إنه قديم لم يقل واحدا من القولين أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا من بعدهم من " الأئمة الأربعة " ولا غيرهم ؛ بل الآثار متواترة عنهم بأنهم كانوا يقولون القرآن كلام الله ولما ظهر من قال إنه مخلوق قالوا ردا لكلامه : إنه غير مخلوق ولم يريدوا بذلك أنه مفترى كما ظنه بعض الناس فإن أحدا من المسلمين لم يقل إنه مفترى بل هذا كفر ظاهر يعلمه كل مسلم وإنما قالوا إنه مخلوق خلقه الله في غيره فرد السلف هذا القول كما تواترت الآثار عنهم بذلك وصنفوا في ذلك مصنفات متعددة وقالوا : منه بدأ وإليه يعود.

وأول من عرف أنه قال مخلوق : الجعد بن درهم وصاحبه الجهم بن صفوان وأول من عرف أنه قال هو قديم عبد الله بن سعيد بن كلاب ثم افترق الذين شاركوه في هذا القول)([323]).اهـ

وقال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص536): (فكره القوم الخوض فيه -القرآن-؛ إذ لم يكن يخاض فيه علانية، وقد أصابوا في ترك الخوض فيه، إذ لم يعلن.

فلما أعلنوه بقوة السلطان، ودعوا العامة إليه بالسيوف والسياط، وادعوا أن (كلام الله مخلوق)، أنكر ذلك عليهم من غبر أي -مضى- من العلماء، وبقي من الفقهاء، فكذبوهم وكفروهم، وحذروا الناس أمرهم([324])، وفسروا مرادهم من ذلك، فكان هذا من الجهمية خوضا فيما نهوا عنه، ومن أصحابنا إنكارا للكفر البين، ومنافحة عن الله عز وجل كيلا يسب وتعطل صفاته، وذبا عن ضعفاء الناس كيلا يضلوا بمحنتهم هذه، من غير أن يعرفوا ضدها من الحجج التي تنقض دعواهم، وتبطل حججهم).اهـ

قلت: وعلى هذا كان نهج أهل السنة في هذا العصر، شأنهم في ذلك شأن السلف الصالح، فكانوا يجانبون أهل البدع، ويحذرونهم ويحذرون منهم، ويقارعونهم بالحجج الدامغة حتى دحرهم الله تعالى، ورد كيدهم في نحورهم.

 

قال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص538)، وهو يذكر إنكار الإمام ابن المبارك رحمه الله على المبتدعة: (فكره ابن المبارك([325]) حكاية كلامهم قبل أن يعلنوه، فلما أعلنوه أنكر عليهم، وعابهم على ذلك) ([326]).اهـ

قلت: فلما انتشرت مذاهب المبتدعة، وخشي على الناس الافتتان لم يجد علماء السلف بدا من الرد عليهم، وقارعتهم بالحجج الدامغة حتى دحرهم الله تعالى، ورد كيدهم في نحورهم، وله الحمد والمنة.

قلت:  وهذا مثل ما نشره المرجئة من إرجاء في هذا العصر بين الناس([327])، فكره العلماء الخوض في الإرجاء([328])؛ إذ لم يكن يخاض فيه علانية من قبل، وقد أصابوا في ترك الخوض فيه، إذ لم يعلن.

فلما أعلنوه بقوة، ودعوا العامة إليه، وادعوا أن الإرجاء هذا مذهب السلف، أنكر ذلك عليهم علماء السنة، فكذبوهم، وحذروا الناس أمرهم، وفسروا النصوص التفسير الصحيح في مسائل الإيمان، لكيلا يضل الناس في فتنتهم هذه من غير أن يعرفوا ضدها من الحجج التي تنقض دعواهم، وتبطل حججهم.

قلت: ومثل خطر فرقة الواقفة، خطر الفرقة التحريفية، وهم أخطر من فرقة الممثلة، فالتحريفية جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلا لا يليق بالله تعالى، وهو التشبيه، ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله تعالى، وهم أهل التعطيل: سواء كان تعطيلهم عاما في الأسماء والصفات، أم خاصا فيهما، أو في أحدهما.

فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، سموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف([329]).

قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح القواعد المثلى) (ص205): (سبق أننا نبهنا على أن الأولى أن نستخدم لفظ (التمثيل) بدلا من (التشبيه) لأن هذا هو تعبير القرآن: { ليس كمثله شيء} [ الشورى:11 ]، ولأن التشبيه معنى يحتمل حقا وباطلا، فنفيه مطلقا دون تفصيل فيه نظر؛ لأن ما من شيئين موجودين إلا وقد اشتبها في بعض الوجوه، وعلى كل حال فاستخدام لفظ التمثيل أولى من استخدام لفظ التشبيه.

وهؤلاء أهل الشر، وهم الذين ألف علماء أهل السنة رحمهم الله الكتب الكثيرة في الرد عليهم، لأن نفور الناس عن الطائفة الثانية وهم أهل التمثيل معلوم بالفطرة، فالرجل العامي لو قيل له أنت مثل الله، أو الله مثلك لم يقبل هذا؛ ولهذا تجد أن كلام السلف في الرد على أهل التمثيل قليل، إنما المحنة والبلاء تجده في أهل التأويل، أو بالأصح في أهل التحريف الذين يسمون أنفسهم أهل التأويل، فالبلاء كله منهم حتى أتعبوا العلماء في الرد عليهم.

لذلك يقول شيخ الإسلام: إن هؤلاء أشد ضررا من الفلاسفة وأحق بالرد؛ لأن الفلاسفة أيضا يعلم بطلان مذهبهم بالفطرة، فنفور الناس منهم أعظم. لكن هؤلاء يأتون بزخارف من القول يموهون بها على العامة، فيقبل الناس قولهم، فضررهم أشد، ولكنهم كما قال رحمه الله: هؤلاء لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا، فهؤلاء لم ينفعوا الناس بل ضروهم).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج5 ص33): (والذين قصدنا الرد في هذه الفتيا عليهم: هم هؤلاء؛ إذ كان نفور الناس عن الأولين مشهورا، بخلاف هؤلاء؛ فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة، وهم في -الحقيقة- لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج6 ص240): (ولما ظهر فسادها للعقل تسلط الفلاسفة على سالكيها، وظنت الفلاسفة أنهم إذا قدحوا فيها فقد قدحوا في دلالة الشرع ظنا منهم أن الشرع جاء بموجبها، إذ كانوا أجهل بالشرع والعقل من سالكيها، فسالكوها لا للإسلام نصروا، ولا لأعدائه كسروا، بل سلطوا الفلاسفة عليهم، وعلى الإسلام، وهذا كله مبسوط في مواضع).اهـ

وقال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على الجهمية) (ص18): (وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في مثل هذا وما أشبهه، وقد كانوا رزقوا العافية منهم، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام، وذهاب العلماء، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج5 ص542): (وقد ذكر الإمام أحمد في رده على الجهمية مما عابه عليهم أنهم يقولون: أن الله لا يتكلم، ولا يتحرك.

وأما عبدالله بن المبارك فكان مبتلى بهؤلاء في بلاده، ومذهبه في مخالفتهم كثير، وكذلك الماجشون في الرد عليهم.

وكلام السلف في الرد على هؤلاء كثير([330])... فالمتكلمون الذين ابتدعوه، وزعموا أنهم به نصروا الإسلام، وردوا به على أعدائه كالفلاسفة؛ لا للإسلام نصروا، ولا لعدوه كسروا.

بل كان ما ابتدعوه مما أفسدوا به حقيقة الإسلام على من اتبعهم، فأفسدوا عقله ودينه، واعتدوا به على من نازعهم من المسلمين، وفتحوا لعدو الإسلام بابا إلى مقصوده).اهـ

فأهل التحريف يقولون: أن الظاهر المتبادر من نصوص الصفات معنى لا يليق بالله تعالى، وهو التشبيه، وهؤلاء لما جعلوا هذا هو الظاهر ذهبوا يحرفون النصوص من أجله.

قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح القواعد المثلى) (ص208): (والمقصود ههنا أن هؤلاء هم الخطر، وهم الذين يقولون ظاهر النصوص التشبيه، فيجب أن نأولها إلى معنى لا يستلزم التشبيه على زعمهم).اهـ

 

 

قلت: ومذهبهم باطل من وجوه:

أحدها: أنه خيانة على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد له.

الوجه الثاني: أنه صرف لكلام الله تعالى، وكلام رسوله e عن ظاهره.

الوجه الثالث: أن صرف كلام الله تعالى، ورسولهe عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا علم، وهو محرم([331])([332]).

قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (القواعد المثلى) (ص223): (الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف لا سيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها).اهـ

قلت: ومثله ما قاله العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في مناقشته مع التبليغي، وإليك هذه المناقشة:

(قال الشيخ: الآن لو سألناك أنت أين الله شو جوابك؟.

التبليغي: جوابي ما بعطيك الجواب الصحيح، لأنه ما مرت علي هذه المسألة!...إلى أن قال الشيخ: طيب غيرك من الإخوان الموجودين بيعرفوا  جواب أين الله؟.

تبليغي آخر: الله جل جلاله كما ذكر في القرآن الكريم في السماوات العلى ((على العرش استوى)) [طه:5].

الشيخ: جميل، ((على العرش استوى)) شو معنى استوى؟.

التبليغي: أي هو أعلى جل جلاله.

الشيخ:يعني...لأنه بتعرف أنت المفسرين هنا يقول بعضهم ((استوى)) بمعنى: استولى، وبعضهم بيقولوا ((استوى)) بمعنى: استعلى.

فأنت جزاك الله خيرا لما جئت بالآية، هذا جواب ما في كلام قال الله وانتهى الأمر، لكن بعد لانشوف هل الاستدلال بهذه الآية على أي تفسير من التفسيرين المذكورين في كتب التفاسير.

استوى بمعنى: استولى، واستوى بمعنى: استعلى

التبليغي: استعلى

الشيخ: جميل جدا، هذا الجواب صحيح لأنه أولا معتمد على الآية، ومعتمد على التفسير الصحيح) ([333]).اهـ

قلت: وهنا لم يكتف الشيخ الألباني رحمه الله بالجواب بالآية فقط، لأنه يحتمل أن يفسر الآية بتفسير أهل الكلام، فوجب ذكر الزيادة الصحيحة في تفسير (استوى) وهو بمعنى (على)، فمن توقف في هذه الزيادة فهو مبتدع اللهم غفرا([334]).

قلت: والتفسير قسمان:

1)           صحيح مقبول.

2)           وفاسد مردود.

1)          فالصحيح: ما دل عليه دليل صحيح، كتأويل قوله تعالى: (وسئل القرية) إلى  معنى واسأل أهل القرية، لأن القرية نفسها لا يمكن توجيه السؤال إليها.

2)          والفاسد: ما ليس عليه دليل صحيح، كتأويل المعطلة قوله تعالى :(الرحمن على العرش استوى) إلى معنى (استولى)، والصواب أن معناه(العلو) من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل.

قلت: ومن ذلك قول المرجئة بعدم ذهاب الإيمان بالكلية، بل يبقى أدنى ذرة من الإيمان في قلب العبد، فرد عليهم العلماء، وزادوا (حتى لا يبقى منه شيء) في قلب العبد.

ولم يزل العلماء يردون على المرجئة أقوالهم، ويبطلون استدلالهم، ويكشفون تلبيسهم، ويظهرون تدليسهم.

فيحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

وأخيرا أقول: قال ربيع في (كشفه البالي) (ص148): (فالله يخزي ويفضح خصوم أهل السنة في كل زمان ومكان، ويهتك أستارهم نصرا لأهل السنة).اهـ آمين...آمين!.

ولذلك قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في (النصيحة) (ص105): (فالسؤال الذي يطرح نفسه -كما يقال-: ما حال من نشر ذاك الهدى هناك؛ ثم نشر هذا الضلال هنا؟ هل هي النكسة عن السلفية، أم أن الغاية تبرر الوسيلة([335])؟! أحلاهما مر!).اهـ

õõõõõõõ

 



[1])حتى أنه يقر بذلك أحيانا في خفاء محض مع تدليس، وتلبيس، وخيانة، وبكذب في هذا الاعتقاد السلفي في الإيمان: ينقص ينقص حتى لا يبقى منه شيء، فيقول مرة يشترطون، ومرة يزيدون، ومرة يوجبون، ومرة يذكرون، لكي لا يظهر إقراره به مطلقا، فيفتضح أمام إخوانه المرجئة في (شبكة سحاب الحزبية)، نعوذ بالله من الخذلان.

وانظر (شرحه البالي لعقيدة السلف) لربيع (ص173 و174)، و(كشفه البالي) (ص79 و80 و86).

[2]) قلت:بل أجمع السلف على الاعتقاد في مسائل الإيمان، ومن ذلك (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) ذكروا هذه الزيادة في كتبهم منهم: الآجري في (الشريعة)، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)، وابن بطة في (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة)، والخلال في (السنة)، وعبدالله بن أحمد في (السنة)، والبربهاري في (شرح السنة)، والصابوني في (عقيدة السلف وأصحاب الحديث)، فهؤلاء ذكروا إجماع السلف على اعتقاد أهل السنة والجماعة، ومن ذلك الزيادة المذكورة، ولم ينكروها.

          قال الإمام الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص315): (وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم، بل أجمعوا عليها كلها).اهـ

          قلت: ومن الجمل التي ذكرها الإمام الصابوني رحمه الله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

والمدخلي شذ عن هذا الإجماع فهلك وأهلك أتباعه، والعياذ بالله.

[3]) قلت: فالسلف جميعا يعبرون أحيانا بأن الإيمان: يزيد وينقص، وأحيانا يقولون: (الإيمان قول وعمل)، وأحيانا يقولون: (الإيمان ينقص ينقص حتى لايبقى منه شيء)، وأحيانا يقولون: (الإيمان قول وعمل ونية صادقة)، وأحيانا يقولون: (الإيمان المعرفة والإقرار والعمل)، وأحيانا يقولون: (الإيمان قول وعمل ونية وإصابة السنة)، وهكذا ولم ينكر الأئمة هذه العبارات كلها، إلا هذا المرجئ الجاهل باعتقاد السلف ومصطلحاتهم، والله المستعان.

[4]) قلت: ومن يتأمل هذا الكلام يدرك أن ربيعا يلبس، ويخون، ويدلس في مراوغته في كلامه على أن الإيمان: (ينقص ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ليستر عورته في إرجافه على الآثار التي ذكرت هذه الزيادة السلفية.

          قلت: وهذه المراوغات لا تفيده شيئا، والله المستعان.

([5]) وكذلك أتباعه المرجئة في (شبكة سحاب) كانوا ينكرون هذا المعتقد السلفي إنكارا شديدا، وذلك بسبب جهلهم بمعتقد السلف في مسائل الإيمان، والله المستعان.

([6]) أثر صحيح.

أخرجه إسحاق بن منصور في المسائل (ج2 ص589) ومن طريقه الخلال في السنة (ج3 ص582) قال: قال إسحاق بن راهويه فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([7]) المسائل (ج2 ص589).

 

 

([8]) أثر صحيح.

أخرجه الحميدي في أصول السنة (ص41) والصابوني في الاعتقاد (ص270) واللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1032) والعدني في الإيمان (ص94) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص854) والآجري في الشريعة (ج2 ص607) من طريقين عن سفيان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([9]) أثر صحيح.

أخرجه الخلال في السنة (ج3 ص583) من طريق أبي بكر المروذي أن أبا عبدالله قيل له فذكره.

 قلت: وهذا سنده صحيح.

([10]) أثر صحيح.

 ذكره ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (ج2 ص210)، وابن مفلح في المقصد الأرشد (ج2 ص325)، والعليمي في المنهج الأحمد (ج2 ص154) في ترجمة القاسم بن عبدالله البغدادي فيما نقله عن الإمام أحمد.

([11]) أثر صحيح.

أخرجه حرب الكرماني في المسائل (ص370) قال: سمعت بشار بن موسى به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([12]) أثر لا بأس به.

أخرجه الأصم في حديثه (ص153) ومن طريقه اللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1030) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) من طريق العباس بن الوليد البيروتي حدثنا أبو قدامة الجبيلي قال: سمعت عقبة بن علقمة يقول: سألت الأوزاعي فذكره.

قلت: وهذا سنده فيه أبو قدامة الجبيلي تمام بن كثير، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وله ذكر في (تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص212)، فهو لا بأس به في المتابعات، لأن اعتقاد السلف يتبع بعضه بعضا كما ذكرنا، فافهم لهذا ترشد.

قلت: ويشهد له ما قبله من الآثار السلفية.

([13]) أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج11 ص42)، و الأصم في ((حديثه)) (ص153)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص1030).

([14]) أثر صحيح.

ذكره الثعلبي في ((تفسيره)) (ج3 ص213) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت على بن عبدالله المديني فذكره.

([15]) ((الإيمان)) (ج1 ص545).

([16]) ((شرح السنة)) (ص67).

([17]) ((فتح رب البرية بتلخيص الحموية)) (ص57).

([18]) ((التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية)) (ص140).

([19]) ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.

([20]) قلت: وقول الناصري الضال هذا، هو قول المدخلي الضال تماما، تشابهت قلوبهم..

([21]) قلت: وهؤلاء أئمة نجد يقولون: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فماذا يقول ربيع؟! .

([22]) قلت: لذلك فإن ربيعا عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة.

([23]) قلت: والعلماء يعبرون في ذلك بعبارات متنوعة، وألفاظ مختلفة... مع سلامة كلامهم من الاضطراب والتناقض، فانتبه.

([24]) قلت: ولم يستغرب شيخ الإسلام رحمه الله هذا اللفظ، كما استغربه المدخلي، والله المستعان.

([25]) اضمحل: ذهب وانحل وفني.

 وانظر: ( القاموس المحيط) للفيروزآبادي (ج 3 ص 124)، و(مختار الصحاح) للرازي (ج 1 ص 179)، و(المصباح المنير) للفيومي (ص 317).

([26]) ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (شرح العقيدة الحموية)، رقم(16).

([27]) وقلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد.

([28]) فهو عنده يصح الإيمان بترك الأعمال، وهذا مذهب المرجئة والله المستعان.

[29]) ولقد أقر ربيع بقول الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله كما في (كشفه البالي) (ص80) بهذا المعتقد السلفي الذي لو بحث فيه طول عمره، وفي دنياه كلها لم يجده، ولم يعرفه لجهله باعتقاد السلف في فقه الإيمان، ومع ذلك لم يرجع، ولم يتب صراحة عن إنكاره لهذا المعتقد السلفي، بل ماطل كعادته، وادعى أن الإمام سفيان بن عيينة قال ذلك في حال غضبه عندما اضطره أخوه إلى ذلك، نعوذ بالله من العناد.

قلت: ومعتقد سفيان بن عيينة رحمه الله هذا نقله عنه الإمام الصابوني في (عقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص271) على أنه معتقد السلف، والمجمع عليه عندهم اللهم غفرا.

([30]) قلت: فالسحابي المبتدع الضال من الحزب، لذلك نصب ربيعا إماما له ليدافع على بدعة الإرجاء في شبكة سحاب.

([31]) قلت: وأهل السنة إذا تقابلوا هم وأهل الإرجاء، فلهم نصيب من تقابل المسلمين والكافرين اللهم سدد سدد.

      قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستقامة) (ج2 ص293): (وأهل السنة إذا تقابلوا هم وأهل البدع؛ فلهم نصيب من تقابل المؤمنين والكفار).اهـ

([32]) وكذا لكشف حال السحابيين الجاهلين بأمور المدخلي.

قلت: ولقد بني (كشفه البالي) على زخم مهول من التلبيس، والتدليس في تحريف النقول وبترها، وهذه جادة مطروقة لدى من تشربت نفوسهم بالهوى والبدعة!!!.

([33]) قلت: فانظروا إلى هذا التلاعب البين، والكذب الجلي، وكأن هذا المدخلي يتلاعب بعقول قرائه، ويظنهم مستسلمين لكلامه هذا، مسلمين برأيه ومرامه اللهم غفرا.

([34]) وهذا جهل بعلم الحديث، ومعرفة علله، لأنه كيف يجزم المدخلي بعدم ثبوته مع أنه لم يبحث في تخريجه جيدا، فراج عليه ما حذر منه!!!.

([35]) بل أتى فيه بما لا يخفى على صغار طلبة علم الحديث اللهم غفرا..

([36]) وهذا قول يشيعونه مرجئة المدينة في (الجامعة الإسلامية) أمام الطلبة!، فافطن لهذا.

([37]) له ترجمة في: (ميزان الاعتدال) للذهبي (ج1 ص139)، و(لسان الميزان) لابن حجر (ج1 ص251).

([38])وهو من شيوخ الإمام الخلال رحمه الله، يروي عن الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله مسائله، وهو تلميذه.

          وانظر (أحكام أهل الملل) من كتاب (الجامع) للخلال (ج1 ص31).

([39]) وانظر (أحكام أهل الملل) للخلال (ج1 ص84 و107)، و(السنة) له (ج3 ص593) و (ج7 ص61).

([40]) ومن هنا تعرف بطلان قول مرجئة المدينة الذين يشيعون في (الجامعة الإسلامية) أمام الطلبة أن راوي (مسائل الكوسج) لا يعرف، واسمه (محمد بن حازم!)، وهذا القول يتناقلونه فيما بينهم، وقول المدخلي هذا أكبر دليل والله المستعان.

([41]) وانظر على سبيل المثال  (أحكام أهل الملل) لشيخ الخلال، (أحمد بن محمد بن حازم)، وهو تلميذ الكوسج، يروي (المسائل) عنه في (ج1 ص127 و143 و173 و177 و182 و186 و190 و191 و192 و193 و195 و198 و206 و211 و218 و225 و226 و233 و234 و244 و246 و256 و257 و268 و286 و282 و283 و288 و301 و303 و308 و310).

([42]) سقط منه (أحمد) فتنبه.

([43]) وانظر على سبيل المثال (أحكام أهل الملل) للخلال (ج2 ص343 و346 و360 و368 و378 و391 و392 و395 و408 و416 و424 و431 و437 و438 و439 و440 و441 و442 و450 و464 و467 و478 و481 و482 و492 و501 و504 و506 و512 و513 و514 و516 و517 و524 و547).

([44]) له ترجمة في: (ميزان الاعتدال) للذهبي (ج1 ص139)، و(لسان الميزان) لابن حجر (ج1 ص251).

([45]) قلت: كذلك هو من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله ترجم له ابن أبي يعلى الفراء في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص492)، والعليمي الحنبلي في (الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد) (ج1 ص147).

([46]) قلت: فتضعيف ربيع للأثر يتضمن – حقا لا ادعاءا- التدليس والخيانة اللهم غفرا.

([47]) له ترجمة في (ميزان الاعتدال) للذهبي (ج1 ص139)، و(لسان الميزان) لابن حجر(ج1 ص251).

          قلت: فكيف يجزم المدخلي أنه ليست له ترجمة، نعوذ بالله من ربع محدث؟!!!.

([48]) وانظر (لسان الميزان) لابن حجر (ج1 ص251).

([49]) قلت: وهذا يبين بطلان قول المدخلي بقوله: (لم أقف له على ترجمة) نعوذ بالله من ربع محدث.

([50]) قلت: ومن هنا تعرف خطأ محقق (السنة) للخلال، بقوله عنه مجهول الحال (ج3 ص502) رقم(802)، وفي موضع آخر (ج3 ص593) قال: وفي إسناده من لا يعرف حاله!.

([51]) قلت: وهذا لون آخر مما هو متلبس به، ويتهم به غيره!، ألا يدل هذا التصرف أن ربيعا من أهل الأهواء، يأخذ ما يوافق هواه ويخفي ما يخالف هواه، ولو قام عليه إجماع السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة.

([52]) قلت: كلما تأملت كلام هذا المدخلي؛ ازددت يقينا بتفننه في التدليس، وتلونه في التلبيس، فكأنه لا أحد عنده يراجع وينقد ويبحث في طاماته اللهم غفرا.

([53]) وقد استقاها من إمامي أهل السنة في زمانهما.

([54]) انظر في ترجمة الكوسج، (الثقات) لابن شاهين (ص35)، و (تاريخ بغداد) (ج6 ص362)، و (طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج1 ص113)، و(سير أعلام النبلاء) للذهبي (ج12 ص258)، و(تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص474).

([55]) انظر (رجال صحيح البخاري) للكلاباذي (ج1 ص78)، و(رجال صحيح مسلم) لابن منجويه (ج1 ص50).

([56]) منها قول الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

([57]) قلت: وممن اعتمد على هذا الكتاب، الإمام الترمذي في (سننه)، والإمام الخلال في (السنة)، وفي (الجامع)، والإمام محمد بن نصر المروزي في (اختلاف الفقهاء)، والإمام ابن المنذر في (الأشراف)، والإمام ابن عبد البر في (التمهيد)، والإمام ابن تيمية في (الفتاوى)، والإمام ابن القيم في (إعلام الموقعين)، وغير ذلك.

([58]) لأنها توافرت عن ثلاثة أئمة من كبار علماء الإسلام في وصفهم: الإمام إسحاق بن منصور الكوسج بحسن سؤاله، وإيراده، ونقله، والإمام أحمد، والإمام إسحاق بأجوبتهما التي جاءت بلغة العلماء الراسخين في الأصول والفروع.

قلت: وللعلم قد قبل أهل العلم بعض كتب العلماء، ولم ينظروا في رواتها، وذلك لشهرتها عندهم، فتنبه.

([59]) قلت: وهذه (المسائل) كانت متداولة بين العلماء؛ فلم ينكروا فيها أي مسألة، ولم يضعفوا فيها أي مسألة؛ لا في الأصول ، ولا في الفروع!.

([60]) وانظر (طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج2 ص174).

([61]) قلت: فتشكيك ربيع في هذه (المسائل)، أو في بعضها وخاصة في الاعتقاد، فهذا قول لا يوثق به على الإطلاق، لأنه صادر من مشكك، وملبس، إذ لا يوجد عالم من العلماء قال بما ذكره ربيع المدخلي اللهم غفرا.

([62]) وانظر (السنة) للخلال (ج3 ص593)، و(ج7 ص61)، و (الجامع) له (ج1 ص67 و84) و (ج2 ص322 وص328)، و(شرح العلل الكبير) لابن رجب (ج1 ص31)، و (سنن الترمذي) (ج3 ص526)، و(بدائع الفوائد) (ج4 ص80 و92 و103)، و(طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج1 ص114)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج6 ص363).

([63]) ولذلك لا يجوز تضعيف أي مسألة في (مسائل) الكوسج بحجة أن الراوي عنه غير مترجم له، أو ما شابه ذلك، لأن أصل الكتاب ألفه المؤلف بنفسه، فلا حاجة لنا في البحث عن الرواة عنه، وعلى هذا كثير من الكتب السلفية، فافهم لهذا ترشد.

([64]) قلت: ولم أجد في ترجمة الإمام الكوسج رحمه الله من ضمن تلاميذه من اسمه (محمد بن حازم)، كما يذكر المدخلي في (كشفه البالي) (ص87)، وانظر (السير) للذهبي (ج2 258)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج6 ص 362)، و(تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص474)، و(تهذيب التهذيب) لابن حجر(ج1 ص249).

([65]) انظر (شرح علل الترمذي) لابن رجب (ج1 ص31).

([66]) قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة.

([67]) كيف يجرؤ ربيع في القدح الصريح في (مسائل) الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله، لأن على حد زعمه تعتبر المسائل ليست صحيحة، فلا يحتج بها، لأن الراوي لها لا يعرف، وهذا هو الفساد العريض لأصول السلف.

          قلت: فأسقط كتابا كاملا، أو بعضه، لنصرة باطله، وهذا فيه قدح صريح لمسائل الكوسج رحمه الله، وهذه طريقة المبتدعة في كل زمان، فإذا أرادوا نصرة باطلهم غمزوا رجال الإسناد وهم ثقات، أو المؤلفين، أو كتبهم اللهم غفرا، فافطن لهذا.

([68]) قلت: فالتضعيف الذي لجأ إليه المدخلي هذا يعتبر عجيبا يدل على مدى معرفته بعلم أصول الحديث!.

([69]) لكن المدخلي لهواه لجأ إلى الخيانة في تضعيف الأثر، ليلبس على إخوانه المرجئة!!!.

          قلت: فإذا وضح لك ما سلف؛ ظهر لك بطلان قول المدخلي في تضعيف أثر الإمام ابن راهويه رحمه الله. 

([70]) قلت: ألا يسعك ياربيع أن تتبع أصول هؤلاء الأئمة، وتترك أصولك الفاسدة!.

([71]) قلت: ألا يسعك ياربيع أن تأخذ من هؤلاء الأئمة، وتتوب إلى الله، وتترك المماطلة المهلكة!.

([72]) قلت: وهذا يعتبر من طوام ربيع في علم الحديث، وإلا أهل الحديث يعرفون ذلك، وقد احتجوا بأقوال الأئمة في الاعتقاد مع أنهم ضعفوا في الأحاديث النبوية، مثل (الإمام في السنة نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله)، فقد احتجوا به في الاعتقاد، وضعفوه في الحديث، وغيره على هذا الأمر، والله المستعان.

وانظر: (الاعتقاد) للالكائي (ج1 ص47)، و (تاريخ بغداد) للخطيب (ج13 ص306)، و(العلو) للذهبي (ص171)، و(العرش) له (ج2 ص237)، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة (ج3 ص146 – الرد على الجهمية).

          قلت: وحمل المدخلي على هذه الخيانة لكي يطعن على اعتقاد السلف في أن الإيمان: (ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ولا يقر بخطئه هذا.

          فتأمل الهوى والتضليل، والقول العليل!.

([73]) قلت: وهذا مما هو معروف عند صغار طلبة علم الحديث، فما بالك بمن يدعي أنه إمام أهل الحديث في العالم!.

([74]) قلت: فليتأمل هذا مناصرو المدخلي ومريدوه حتى يعرفوا الحق من الباطل!. وإلا {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}[الرعد:17].

([75]) انظر: (بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم) لابن عبدالهادي (ص81)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج7 ص122).

([76]) انظر: (تاريخ بغداد) للخطيب (ج7 ص119)، و (تهذيب الكمال) للمزي (ج4 ص86)، و(تهذيب التهذيب) لابن حجر (ج1 ص441).

([77]) انظر: (تهذيب الكمال) للمزي (ج4 ص86).

([78]) انظر: (السير) للذهبي (ج10 ص581).

([79]) انظر: (تاريخ بغداد) للخطيب (ج7 ص119)، و(السير) للذهبي (ج10 ص582).

([80]) قلت: ولذلك كان المبتدعة يبغضونه، ولا يحتجون به، كما فعل ربيع المبتدع!.

([81]) قلت: وربيع يعتبر متعديا على الأئمة في الاعتقاد، وهم حجة فيه، كما تعدى الكوثري الضال وأتباعه الهمج عليهم اللهم غفرا.

([82]) قلت: والخفاف في اعتقاده صدوق، كما بين الإمام أحمد رحمه الله، والإمام علي بن المديني رحمه الله، وغيرهما.

([83]) قلت: والخلاف مع ربيع في روايته عن نفسه في آثار الاعتقاد، لا في روايته للأحاديث النبوية، فالرجل قد زاد اختلاطه، وكثرت أخلاطه، وتضاعفت أغلاطه فتنبه.

          قلت: وهذا مما هو معروف عند صغار طلبة علم الحديث، فضلا ممن يدعي الإمامة في الحديث!.

([84]) ويدل ذلك قول المقريزي رحمه الله في (مختصر الكامل) (ص87): (وقال الدارمي: بلغني أن ابن المديني كان(يحسن) القول فيه -يعني الخفاف-).اهـ.

([85]) حتى قال ربيع: (فالله أعلم أي النقلين أصح!). نعوذ بالله من ربع محدث.

          قلت: فأين افتخاره بأنه حامل راية الجرح والتعديل!، وهو لا يعرف مبادئ الجرح والتعديل!!، إذن هو حامل راية التبديل والتضليل!!!، والجهل العليل!!!.

([86]) قلت: وسقطت كلمة (عثمان الدارمي) من النسخة المطبوعة من (السير) للذهبي (ج10 ص581) وذلك لنقل ابن عدي ذلك في (الكامل) (ج2 ص457) عن عثمان الدارمي ونقله لسؤال عثمان الدارمي لابن معين، فتنبه.

([87]) انظر: (بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم) لابن عبدالهادي (ص81)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج7 ص122).

([88]) ومن هنا تعلم كذب ربيع بقوله في (كشفه البالي) (ص97): (وما نقل عن ابن المديني لا يثبت إسناده!).اهـ

([89]) وكذلك تعلم كذب ربيع بقوله في (كشفه البالي) (ص97): (وقد أجرينا على أسانيد من قال بهذه الزيادة (ينقص حتى لا يبقى منه شيء) الدراسة قبل سنين فلم يصح منها إلا قول سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، والبربهاري!).اهـ

          قلت: وهذا لون آخر مما هو متلبس به، ويتهم به غيره!، فهذا الرجل كان ينكر هذه الزيادة مطلقا؛ لأنه لم يعرف أن ذلك من معتقد السلف، ثم أظهرنا الآثار له في هذا المعتقد؛ فكانت المفاجأة أن تضاربت أقوال ربيع خلطا وخبطا، فكيف يقول وقد أجرينا دراسة على أسانيد هذه الآثار من سنين؟!!!، نعوذ بالله من الكذب!.

([90]) قلت: ومن عظيم أمر الله تعالى أنه فضح هذا المدخلي بما تكلم به لسانه، وجرى به بنانه، لما اعتنق من البدع الفكرية، بقلب طافح ببغض أهل السنة، ودفاعه عن أهل البدعة، حتى وصل به الأمر في شتم أهل السنة بأقذر الشتائم، ولو أردنا قلبها عليه للبسته لبوسا لا انفكاك له منها؛ إلا بالتوبة الصادقة، والرجوع عنها اللهم غفرا.

([91]) قلت: فلما رأيت هذه الكتابات الواهيات، والتحريرات النابيات، رأيت لزاما علي أن أرد على المدخلي الضال، وأن أخرج هذه الشبه التي يلقيها على المسلمين، حتى يكونوا على بينة من أمرهم، وعلى احتياط في دينهم.

([92]) قلت: ففيها ما تفرح به نفوس أهل السنة، وتتحرق نفوس أهل البدع أمثال هذا المرجئ وإخوانه المرجئة!!!.

([93]) وقد عاقب الله الكاذبين في دينه بما جعلهم به نكالا وعبرة؛ حفظا لوحيه ودينه.

          قلت: ما ستر الله تعالى أحدا يكذب في الدين.

([94]) قلت: ولما عجز ربيع عن نقد الآثار السلفية عن الأئمة المرضية في اعتقادهم أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء لجأ إلى التحريف، والتلبيس، والتدليس في أسانيد الآثار ومتونها اللهم غفرا.

          وفي هذا إظهار لتلاعب المدخلي بآثار السلف، ورميه إياها بالضعف، والشذوذ اللهم سلم سلم.

([95]) وانظر (إعلام الموقعين) لابن القيم (ج3 ص300) و(ج4 ص304)، و(فتح الباري) لابن حجر (ج2 ص248)، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة (ج1 ص259)، و(شرح صحيح مسلم) للنووي (ج15 ص137).

([96]) قلت: وربيع خالف هذا الإجماع، بل أنكره، كما في (كشفه البالي) (ص78)، وفي (بيانه البالي) (ص115)، وفي (شرحه البالي لمعتقد السلف وأصحاب الحديث) (ص 173و174).

([97]) قلت: وقول الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله نقله عنه الإمام الصابوني رحمه الله في (معتقد السلف)(ص271) على أنه معتقد السلف، المجمع عليه!!!.

([98]) انظر (المسائل) للكرماني (370).

([99]) قلت: وللعلم نحن تعلمنا اعتقاد السلف جملة وتفصيلا واتبعناهم -وقد كان المدخلي إخوانيا اسروريا عاملا!- وذلك على يد شيخنا العلامة السلفي الأثري الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فانتبه.

          قلت: وقد كنت انتقد الرجال وأفكارهم المنحرفة قبل أن أعرف المدخلي هذا، وهو كان يتنقل من فكر إلى آخر في هذا الوقت، وقد ناقشته في ذلك في كتابي (تاريخ ربيع المدخلي) ولله الحمد والمنة.

([100]) فمن خالف شيئا مثل (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فهو مبتدع.

([101]) كـ(ربيع) الذي طعن في معتقد السلف في بعض مسائل الإيمان.

([102]) كـ(ربيع) الذي عاب على السلفيين الذين وافقوا السلف في مسائل الإيمان، ويعيبهم بـ(الحدادية!) وغير ذلك.

([103]) منها الآثار التي ذكرت: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

([104]) قلت: فمن أخذ في مثل هذه المحجة أمن في دينه، وتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها... ومن أعرض عنها، وابتغى في غيرها مما يهواه، فقد سلك سبيل الضلالة، وسقط في مهاوي الهلكة.

          وانظر: (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) للالكائي (ج1 ص10)

([105]) فالمدخلي هذا يقلد ويرمي غيره به، ويحرف ويتهم مخالفه، وهو فوق هذا كله يفتخر ويتعالم في كتبه وأشرطته بما يوهم إخوانه المرجئة أنه فريد عصره، ووحيد دهره!.

          قلت: ولو أردت في هذا الكتاب تعقب المدخلي بغروره وفخره في نفسه لتضاعف الكتاب، وخرجت عن المقصود، ولكن الإشارات السلفية التي أذكرها تكفي اللبيب، وتنبه المرجئ الغريب، لتعصبه العجيب!.

([106]) قلت: وخرق المدخلي الإجماع في مسائل الإيمان، وغيرها، فهو مأزور، وإلى الله ترجع الأمور، اللهم سلم سلم.

([107]) نعم إمام المرجئيين السحابيين المتعالمين في العالم اللهم غفرا.

([108]) قلت: وهذا الكلام فيه قدح صريح بعدالة الإمام ابن عيينة رحمه الله، وإلا كيف يجزم المدخلي أنه قال ذلك بسبب الغضب؟!، وهل يليق بهذا الإمام أن يعتقد اعتقادا في حالة غضب؟!، وهل هذا خاف على المدخلي أم هو الهوى والزيغ عن الحق؟!.

([109]) قلت: وربيع هنا ينقل إجماع السلف على أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، لكي يسقط زيادة: الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء، فتنبه.

          فهو يذكر الإجماع لأمر خفي فانتبه له.

([110]) كما فعل ربيع فلما لم يجد أي دليل على اعتقاده في الإرجاء، ادعى إجماع السلف على كلامه، وأن أهل السنة خالفوا هذا الإجماع، حتى يروج باطله على أتباعه المرجئة، وهذا الإعتزاء إلى الإجماع لا ينفعه، لأن أهل السنة بينوا بأن إجماع السلف على خلاف معتقده الإرجائي اللهم غفرا.

([111]) انظر: (الصوارف عن الحق) للدكتور حمد العثمان (ص149).

([112]) أثر حسن.

     أخرجه الدارقطني في (السنن) (ج1 ص26) بإسناد حسن.

([113]) والحق واضح، وإذا عرض الحق على ما هو عليه، وزالت معارضات الباطل، فإن أصحاب النفوس الزكية لا يؤثرون سواه.

([114]) وهذا الداء خفي قلما يسلم منه من مارس المقالات الباطلة.

([115]) انظروا إلى هذا التلاعب البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا المدخلي يتلاعب بعقول قرائه، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه!.

            فهذه التنبيهات وحدها كافية لنقض رسائله من أسها اللهم غفرا.

([116]) والله أن العلل فيك ياربيع!.

وهذه مجازفة جازفت فيها ياربيع!.

([117]) وهذا لون آخر من الجهل، ويتهم به غيره.

([118]) وربيع هذا كلما أراد أن يضعف أثرا طعن فيه بجهل في رواته مع أنهم ثقات، فهل يقال أن ربيعا حامل راية الجرح والتعديل، ومحدث زمانه؟!، بل حامل الكهل العليل، والجهل والتضليل!.

([119]) فمن خالف شيئا مثل (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فهو مبتدع.

([120]) قلت: فهو من ثقات أصحاب الإمام أحمد رحمه الله، ومن المعتبرين.

          ومن هنا يتبين لك بطلان قول المدخلي في (كشفه البالي) (ص90): (أن رواة مسائل الإمام أحمد المعتبرين لم ينقلوا هذا النص الذي يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه!).اهـ

([121]) وهو محمد بن يوسف بن محمد الصوفي الأصبهاني المذكور في (أخبار أصبهان) لأبي نعيم (ج2 ص249).

([122]) قلت: فالإسناد يروى من طريقين عن القاسم.

([123]) كما ادعى المدخلي بقوله في (كشفه البالي) (ص90): (يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه!).

قلت: بل يعتبر غريبا عليك أنت لجهلك بألفاظ الأئمة في الاعتقاد، نعوذ بالله من العناد.

([124]) قلت: فأي غرابة في ذلك والله المستعان.

([125]) وألفاظ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، إما صريحة في الحكم بما لا يحتمل غيره، أو ظاهرة فيه مع احتمال غيره، أو محتملة لشيئين فأكثر على السواء والله ولي التوفيق.

([126]) قلت: ألا يسعك اعتقاد الإمام أحمد في ذلك، فهو الذي سلك في اجتهاده طريقة الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، فمن تدبر مذهبه في الأصول والفروع وجده مترسما لخطاهم لا يتجاوز طريقتهم إلى غيرها، ولهذا كانت أصوله سليمة موافقة لما كانوا عليه.

            وانظر (المسودة في أصول الفقه) لآل تيمية (ص336).

([127]) قلت: ومن خالف هؤلاء الأئمة، ولا يرضى بحكمهم في الاعتقاد، فهو مبتدع ضال اللهم غفرا.

([128]) قلت: ألا يسعك ياربيع قول هؤلاء الأئمة لكي ترجع عن قولك هذا، وتترك المماطلة والمخاصمة في الدين.

([129]) اثر صحيح

          أخرجه الخلال في (السنة) (ج7 ص106) بإسناد صحيح.

([130]) انظر: (السنة) للخلال (ج7 ص107).

          قلت: وكان الإمام أحمد رحمه الله يبدع من لم يأتي بزيادة (غير مخلوق)، فهو مبتدع، وكذلك زيادة (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، وقد فصلت ذلك جملة وتفصيلا في (ص150).

([131]) قلت: تأمل حفظك الله  كيف أن آخر كلامه يهدم أوله، وأن أوله يناقض آخره، فهو يذكر أن ابن أبي يعلى ترجم له في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص210) ثم يناقض هذا، ويقول: (هات لنا ترجمة القاسم!)

فأنت ترى كيف يتناقض هذا الرجل التناقض تلو الآخر، حتى إنه يقع فيما لا يخفى على صغار طلبة هذا العلم الشريف!.

([132]) قلت: فربيع لا يدري ما يخرج من رأسه!، وهذا عجب يدل على مدى معرفة المدخلي بعلم الجرح والتعديل، وهو يقر على نفسه: أنه حامل راية الجرح والتعديل!.

وللعلم أن الشيخ الألباني رحمه الله الذي قال هذه الكلمة لم يعلم بخوافيه هذه التي خرجت منه بعد وفاته رحمه الله، وإلا لبين جهله في علم الحديث كما بين جهل الذين من قبله، فافهم لهذا ترشد.

([133]) قلت: وهذا الكلام لربيع على اختصاره تضمن غلطا واضحا، وخلطا فاضحا.

([134]) انظر (تهذيب الكمال) للمزي (ج23 ص145).

([135]) وفي موضع من (كشفه البالي) (ص66) ضعفه بـ(أبي قدامة الجبيلي) هذا، فمرة يضعفه بـ(أبي قدامة)، ومرة ضعفه بـ(فديك)!!!.

بل ضعفه أيضا بـ(عقبة بن علقمة) وهو صدوق، كما في (التقريب) لابن حجر (ص 684)، و(الكاشف) للذهبي (ج2 ص238)، ثم هو السائل فتنبه لتلبيس المدخلي.

أما لك عقل يامدخلي، أم هو الجهل الجلي!.

([136]) فكيف يتجرؤ المدخلي أن يكذب هذا الكذب الواضح الفاضح!.

قلت: وخوافيه العلمية الحديثية؛ فهي أكثر من أن تحصر، وقد بدأت بتجميعها في كتاب مستقل على نسق ما كتبه أهل السنة والجماعة في (الكوثري الضال) وغيره من أهل البدع، سائلا الله تعالى أن يوفقني في كشف حقيقة (المدخلي الضال) الذي لا زال عدد ممن ينتسبون إلى العلم مغرورين به اللهم سدد سدد.

([137]) انظر: (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم (1744)، و(تهذيب الكمال) للمزي (ج20 ص212).

([138]) انظر: (ميزان الاعتدال) للذهبي (ج3 ص87)، و(تهذيب الكمال) للمزي (ج20 ص213).

([139]) انظر: (تهذيب الكمال) للمزي (ج20 ص213)، و(ميزان الاعتدال) للذهبي (ج3 ص87).

([140]) انظر: (تهذيب الكمال) للمزي (ج20 ص213).

([141]) انظر: (تهذيب التهذيب) لابن حجر (ج7 ص247).

([142]) انظر: (تهذيب التهذيب) لابن حجر (ج7 ص247).

([143]) انظر: (تقريب التهذيب) لابن حجر (ص684).

([144]) انظر: (الكاشف) للذهبي (ج2 ص238).

([145]) انظر: (ميزان الاعتدال) للذهبي (ج3 ص87).

([146]) انظر: (ذكر من تكلم فيه وهو موثق) للذهبي (ص136).

([147]) وهو من أصحاب الإمام الأوزاعي رحمه الله، نقل الاعتقاد السلفي: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).

([148]) فهل يقال بعد ذلك أن ربيعا حامل راية الجرح والتعديل؟!، أم حامل راية التبديل والتضليل، والجهل العليل!.

قلت: وللعلم أن علم الجرح والتعديل له رجاله، فتنبه.

([149]) قلت: ألا يدرك القارئ الكريم أن ربيعا على طريق أهل البدع؛ يأخذ ما يزعم أنه له، ويترك ما يدينه..

([150]) وقد قيل: (عدو عاقل، خير من صديق جاهل!)، أو (عدو عاقل، خير من عدو غير عاقل!).

([151]) قلت: وقد يسمى الشاهد متابعة  أيضا فتنبه.

      وانظر: (نزهة النظر) لابن حجر (ص102).

([152]) خاصة إذا كانت هذه الآثار السلفية بمعنى واحد في معتقد واحد، فلا مانع في العلم أن يستشهد بعضها ببعض في الدين، لاتفاق الأئمة عليه، وأضف إلى ذلك نقل أصحاب الحديث لهذا المعتقد في كتبهم بحجة أنه من معتقد السلف.

([153]) وانظر على سبيل المثال: (جلباب المرأة المسلمة) للشيخ الألباني رحمه الله (ص107 و108) رقم الأثر: (4 و5 و6).

([154]) وقد ضعف الإسناد المدخلي بـ(فديك بن سليمان!) مع أنه لا يوجد له أي ذكر في الإسناد! كما سبق، نعوذ بالله من ربع محدث!.

([155]) انظر: (تهذيب الكمال) للمزي (ج14 ص255)، و(التقريب) لابن حجر (ص489).

([156]) انظر: (تهذيب الكمال) للمزي (ج14 ص256).

([157]) أخرجه الأصم في حديثه (ص153)، واللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1030)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41).

([158]) وهو ليس حكما على الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي يذكرها الثعلبي في تفسيره كما يزعم المدخلي في (كشفه البالي) (ص98).

([159]) وقد تكلمت بمثل هذا الموضوع في كتاب (المسائل) للكوسج رحمه الله كما سبق ذكره فليراجع.

([160]) وقد تكلمت في هذا الموضوع كما سبق فليراجع.

([161]) قلت: كما يتبين لك أيضا أن بحوث المدخلي ليس فيها أي تدقيق، ولا تحقيق!.

بل نكص فيها على عقبيه؛ كحال أهل البدع في كل عصر، ومصر؛ يعدون ولا يوفون، ويتكلمون فلا يصدقون، ويكتبون ويحرفون، ويضللون ولا يتقون!!!.

([162]) قلت: فهل ترجع وتتوب ياربيع من الإرجاء، وإلا أنت دائما وأبدا تناقض قولك.

قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص94): (ومتى خالفت السلف في هذه المسألة وفي غيرها!، أثبت هذا بالنقول عني من كتبي وأشرطتي!؛ وناقشني بأقوال السلف وأدلتهم!).اهـ

([163]) (الرد على الزنادقة والجهمية) (ص58).

([164]) قلت: كما فعل المدخلي، فإنه أحدث فتنة باطلة، سماها نصيحة للشيخ فالح الحربي حفظه الله، وهي فضيحة، وأراد إلزام العلماء وطلبتهم بها، وإكراههم عليها بفكره الإرهابي!، عن طريق الاتصالات بنفسه، أو عن طريق اتباعه المتعصبة الذين يرسلهم إلى البلدان، وبواسطة مقالاته في شبكة سحاب الحزبية، بل ويوالي عليها، ويعادي، فأهلك وهلك!!!.

([165]) وانظر: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لابن تيمية (ص11)، و(إعلام الموقعين) لابن القيم (ج1 ص46)، و(المجموع) للنووي (ج1 ص65).

([166]) وانظر: كتابي (اجتماع أهل الائتلاف لإبطال قول من لا يعتد قوله في الخلاف)، وهو مطبوع.

([167]) قلت: وهو الاجتهاد المحرم، والاجتهاد غير المعتد به: وهو الاجتهاد الصادر عن فرد، أو جماعة لا توجد فيهم أهلية الاجتهاد، ويصدق هذا على الاجتهاد الصادر عن الجماعات الإسلامية الحزبية، أو مثقف ثقافة عامة في أمر شرعي، وإنما كان هذا الاجتهاد غير معتبر، لعدم توفر أدوات الاجتهاد في هؤلاء، ولغلبة الظن ملازمة الأخطاء لاجتهادهم.

          وانظر: (الاجتهاد) للشيخ صالح الفوزان (ص25 و26)، و(معجم مصطلحات أصول الفقه) لسانو (ص32)، و(المستصفى) للغزالي (ج2 ص350)، و(الاجتهاد الجماعي) لشعبان (ص15)، و(الاجتهاد وفهم النص) لسوسوه (ص44).

([168]) قلت: وهذا الذي وقع فيه المدخلي المتعالم، وقد تبين لي من كتاباته هذه أنه من المثقفين المتعالمين، ليس من أهل العلم المعتبرين في الدين، وذلك بسبب اعتماده على العلم الجامعي!، مما جعله يعتمد على الكتب لا على الشيوخ، فارتكز بسبب ذلك في كثير من المخالفات الشرعية التي تقدح فيه وفي علمه، والله المستعان.

          قلت: ولذلك انتقدته في كتابي الكبير (الانتصار في المسائل الكبار)، وقد بينت مخالفاته الشرعية عن طريق الحديث، والتوحيد، والعقيدة، والمنهج، وأصول الفقه، واللغة، والفقه، والتفسير، اللهم سدد سدد.

([169]) قلت:  ويكون المجتهد معذورا ومثابا على اجتهاده الخاطئ، إذا اجتهد في الأحكام التي هي محل للاجتهاد، وكان ممن تتوفر فيه مؤهلات الاجتهاد.

          قلت: والأحكام الأصولية ليست هي محل للاجتهاد فتنبه.

          وانظر: (الاجتهاد) للشيخ الفوزان (ص26).

([170]) وانظر: (المستصفى) للغزالي (ج2 ص354).

([171]) الحديث: أخرجه الدارمي في (سننه) باب: الفتيا وما فيه من الشدة (ج1 ص57) من حديث عبيدالله بن أبي جعفر مرسلا.

([172]) كـ(ربيع المدخلي المثقف!).

([173]) قلت: ولا ريب أن الأخذ من الصحف يقع فيه خلل، ولا سيما في هذا العصر، حيث كثر الجهال في الدين، لذلك لا يقبل الدين من صحيفة، ولا يروى عن صحفي. فانتبه.

وانظر: (الفقيه والمتفقه) للخطيب البغدادي (ج2 ص194)، و(طبقات فحول الشعراء) للجمحي (ج1 ص4).

([174]) والصحفي: هو من يأخذ العلم من بطون الكتب لا عن شيخ متمكن، فمعناه: يأخذ العلم من الصحيفة دون المشايخ والله المستعان.

          وانظر (المعجم الوسيط) (ص508)، و(مصباح المنير) للفيومي (ص174).

([175]) انظر: (الدرر السنية) (ج4 ص10).

([176]) قلت: وهذا شأن المدخلي تماما، فإنه يلجؤ إلى الإجمال، ويترك التفصيل، والله المستعان.

([177]) وربيع مستاء من هذه النصيحة جدا، حتى كان يقول: لو لم يذكر الألباني هذه النصيحة لكان أفضل!.

([178]) فربيع لم يسمع نصائح العلماء له في ألفاظه هذه البذيئة، فهو سيء الخلق، بل في ألفاظه هذه تعدى إلى الله تعالى، ورسولهe، والرسل عليهم السلام ، وجبريل، والصحابة، والعلماء، وطلبة العلم اللهم غفرا.

([179])(شريط مسجل) بصوت الشيخ، (سلسلة الهدى والنور)، رقم (851/1) بتاريخ 9/7/1416هـ.

([180]) والمرجئة يسبون أهل الحديث حتى على مسائل فقهية!!!، نعوذ بالله من الخذلان.

([181]) أثر حسن

أخرجه ابن شاهين في (شرح مذاهب أهل السنة) (ص27)، بإسناد حسن.

قلت: وأبوحمزة الأعور، هو ميمون القصاب، وهو راوي الأثر مباشرة، فلا يضر هنا ضعفه، فتنبه.

([182]) وانظر: (الانتصار) في فتاوى العلماء ، إعداد: أبي معاذ السلفي (ص69) ألفاظ ربيع السيئة.

([183]) قلت: وهل ترى ربيعا إلا كما ذكر أهل العلم، اللهم سلم سلم.

([184]) والمرجئة يسبون أهل الحديث حتى على مسائل فقهية!!!، كما في (شبكة سحاب المرجئية) نعوذ بالله من الخذلان.

([185]) أثر حسن

أخرجه ابن شاهين في (شرح مذاهب أهل السنة) (ص27)، بإسناد حسن.

قلت: وأبو حمزة الأعور، هو ميمون القصاب، وهو راوي الأثر مباشرة، فلا يضر هنا ضعفه، فتنبه.

([186]) وانظر: (الانتصار) في فتاوى العلماء ، إعداد: أبي معاذ السلفي (ص69) ألفاظ ربيع السيئة.

([187]) قلت: وهذا الأمر يعرفه صغار طلبة العلم، فإن العلماء في شروحهم لكتب العلماء يذكرون ألفاظا إن ذكرت في أصل الكتاب المشروح، وإن لم تذكر لا يذكرونها، فمرة يذكرونها، ومرة لا يذكرونها بحسب ما يذكر في أثناء الكتاب المشروح.

([188]) قلت: لأن لا يبقى في قلب العبد شيء من الإيمان والعياذ بالله.

([189]) قلت: ولقد عرف ربيع الآن لماذا انتقده، لأنني لا انتقد إلا من استفحل شره، واشتد خطره، أما من له سقطة؛ أو بعض السقطات من البدع وغيرها، ولا يشكل خطرا على الأمة الإسلامية، فلا أتشاغل بالرد عليه، وكم على وجه الأرض من أهل البدع لم أتعرض لهم، وإذا كان يعيب انتقادي له في أصوله البدعية، فليوجه لومه لعلماء السنة أمثال: (الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ محمد السبيل) وغيرهم الذين أوجبوا التحذير من الإرجاء وغيره مما وقع فيه، والله المستعان.

([190]) وانظر: (السنة) للخلال (ج3 ص580)، و(الاعتقاد) للالكائي (ج2 ص818)، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة (ج3 ص813)، و(المسائل) للكرماني (ص374)، و(الشريعة) للآجري (ج2 ص1641)، و(الإيمان) لابن أبي شيبة (ص146)، و(المسائل) للكوسج (ج9 ص4847)، و(الرسالة الوافية) للداني (ص81)، و(شرح السنة) للبربهاري (ص67)، و(عقيدة السلف) للصابوني (264).

([191]) إلا المدخلي المعاند المكابر والله المستعان.

([192]) قلت: ويقتضي ذلك أن هذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأنه لا يرى زوال الإيمان جميعه، أو بالكلية على مذهب المدخلي!.

وانظر: (كشفه البالي) (ص230).

([193])قلت: وهي كلمة حق راجعة عليه، مردودة عليه جملة وتفصيلا.

([194]) وانظر: (الفتاوى) لابن تيمية (ج7 ص314 و414).

([195]) وربيع هذا نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في (كشفه البالي) (ص325) ولم يفهمه كعادته في نقل نصوص الأئمة بدون فهم لكلامهم، والله المستعان.

([196]) قلت: وهذا بالنسبة لأهل المعاصي من أهل التوحيد، لا يزول عنهم الإيمان جميعه، كما سبق ذكره.

([197]) أخرجه البخاري في (صحيحه) (22)، ومسلم في (صحيحه) (84) من حديث أبي سعيد الخدري t.

([198]) وانظر: (الإيمان) لابن منده (ج1 ص33)، و (الفصل) لابن حزم (ج3 ص227).

([199]) فالخوارج ذهبوا إلى كفر مرتكب الكبيرة، وخلوده في النار، وأنه يعذب فيها عذاب الكفار.

وانظر: (مقالات الإسلاميين) للأشعري (ج1 ص168)، و(الملل والنحل) للشهرستاني (ج1 ص107).

([200]) قلت: ولم يكن مراد شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر مسألة تارك الأعمال بالكلية، لكي يقال: ولم يقل بذهاب الإيمان كله؟!.

([201]) قلت: المدخلي هنا يرد على نفسه، فانتبه.

([202]) قلت: فهذا فهم ربيع السقيم للموضع الذي اعتمد عليه، وظن أنه له، مستدلا على ما ذهب إليه من القول الباطل.

([203]) قلت: فكلام العلماء يشكل على البعض، كما يشكل على أهل البدع والأهواء في كل زمان، فانتبه.

([204]) قلت: وهل في كلامهم أنه لو اكتفى بالأصل ممتنعا عن العمل بالكلية أنه لا يذهب إيمانه جميعه... هذا ما لا ذكر له في كلامهم، ومن ادعاه عليهم فهو محض افتراء، والله المستعان.

([205]) مثل العبارة التي ذكرها المدخلي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا يزول جميعه)، فإنه مراده بذكر هذه العبارة في رده على الخوارج الذين لا يرون تبعيض الإيمان، والله المستعان.

([206]) وقوله: (ولا حكم للنادر) يريد بذلك إبطال معتقد السلف أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء، فانتبه.

          قلت: ومحل التفصيل في تلبيس المدخلي وإخوانه في كتابي (الانتصار في مسائل الكبار) والله ولي التوفيق.

([207]) بل ادعى المدخلي في (كشفه البالي) (ص227، و230) أيضا أن أئمة الدعوة لم يقولوا في الإيمان ينقص حتى لايبقى منه  شيء!.

([208]) لأن خلا الإيمان من قبله كله.

([209]) أي لأنه أخل بالإيمان بالكلية، كما هو مفهوم من كلامه رحمه الله.

([210]) انظر: (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) جمع ابن قاسم (ج2 ص124).

([211]) انظر: (التوضيح عن توحيد الخلاق) لأئمة الدعوة وهم: الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب، والشيخ محمد بن علي بن غريب، والشيخ حمد بن معمر، فهؤلاء ثلاثة من أئمة الدعوة اشتركوا فيه، وهم يقولون: بـ(زوال الإيمان بالكلية)، فهل يقال بعد ذلك أنهم لم يقولوا: بزوال الإيمان بالكلية!.

([212]) قلت: وقول الناصري الضال هذا، هو قول المدخلي الضال تماما، تشابهت قلوبهم.

([213]) قلت: وهؤلاء أئمة نجد يقولون: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فماذا يقول ربيع؟!. هل يتوب ويرجع عن الإرجاء المهلك؟!، وإلا يستمر فيه ويهلك!.

([214]) قلت: لذلك فإن ربيعا عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة.

([215]) انظر: (شرح حديث: ما ذئبان جائعان) ضمن مجموع رسائل الحافظ ابن رجب (ص70).

([216]) فانتبه.

([217]) فانتبه.

([218]) وانظر: (التوضيح عن توحيد الخلاق) للشيخ سليمان بن عبدالله (ص105)، و(أعلام الحديث) للخطابي (ج1 ص160)، و(جامع العلوم والحكم) لابن رجب (ص27).

([219]) أخرجه البخاري في (صحيحه) (52)، ومسلم في (صحيحه) (1599)من حديث النعمان بن بشير t.

([220])قلت: لأن الحرص على المال بهذه الدرجة ينقص الإيمان لفعل المعاصي، وهذه المعاصي لا تزيل الإيمان جميعه، كما بين ذلك أهل السنة والجماعة.

          وانظر: (العقيدة الأصفهانية) لابن تيمية (ص181)

([221]) انظر: (شرح حديث: ما ذئبان جائعان) ضمن مجموع رسائل الحافظ ابن رجب (ص89).

([222]) (شريط مسجل) بصوت الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله بعنوان: (أفعال العباد).

          وانظر: (العقيدة الأصفهانية) لابن تيمية (ص181)

([223]) وانظر: (التوضيح عن توحيد الخلاق) للشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (ص105).

([224]) اضمحل: ذهب وانحل وفني.

 وانظر: ( القاموس المحيط) للفيروزآبادي (ج 3 ص 124)، و(مختار الصحاح) للرازي (ج 1 ص 179)، و(المصباح المنير) للفيومي (ج 5  ص 317).

([225]) ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (شرح العقيدة الحموية)، رقم(16).

([226]) قلت: والعلماء يعبرون في ذلك بعبارات متنوعة، وألفاظ مختلفة... مع سلامة كلامهم من الاضطراب والتناقض، فانتبه.

          قلت: والمدخلي لخبثه في إرجائه يريد أن يلصق به السلف والعلماء، ليشوش على أهل السنة، ويظهر مذهبه الباطل هو الصحيح!، ولذلك تراه يعبر بعبارة خبيثة للتشويش والتحريش والتهويش فيقول المدخلي مثلا إذا قلت عن قوله هذا إرجاء، أو وافق المرجئة، أو هو مرجئ، يقول: الصحابة والسلف على هذا مرجئة!، أو ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن باز وابن عثيمين وأئمة الدعوة هؤلاء كلهم مرجئة!.

          فيلزم المدخلي الناس بذلك، والله المستعان.

          وانظر (كشفه البالي) (ص59 و62 و162 و230).

([227]) قلت: وهو جريء في رد الآثار التي لا توافق غرضه اللهم غفرا.

([228]) فهو عنده يصح الإيمان بترك الأعمال، وهذا مذهب المرجئة والله المستعان.

([229]) قلت: إذا عرفت هذا، عرفت لماذا المدخلي شنع على زيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، والله المستعان.

          وهذا القول فاسد شرعا وعقلا.

([230]) انتبه هذه مراوغة مكشوفة، ومماطلة مفضوحة، تدل على أن ربيعا يهذي أمام فارغين من أتباعه بسطاء في العلم.

([231]) قلت: ومنهج السلف هنا التفصيل كما ذكرنا، حتى يصلون إلى أن الإيمان لا يبقى منه شيء، وهذا يدل على فقه السلف.

([232]) والمرجئة لا يقولون في هذه المواضع بالنقصان لأنهم ينفرون من النقصان بالكلية.

([233]) ونفور المدخلي من النقصان واضح وضوح الشمس في الظهيرة، وهذا يعرفك لماذا المدخلي شن الحرب على نقص الإيمان بالكلية. 

([234]) ولا يفهم من كلامي هذا أني أقول إن المرجئة الخامسة قد وافقوا المرجئة الخالصة الأوائل في جميع مسائل الإيمان، وإنما أقول إن القوم بينهم، وبين المرجئة الأوائل توافق أدى إلى اتحاد الأدلة المشتبهة، والقول في حكم تارك جنس العمل الذي ظاهره قول السلف، وباطنه قول الخلف!!!، وغير ذلك من مسائل الإيمان.  

([235]) وانظر: (كشف ربيع البالي) (ص87 و235).

([236]) أثر حسن

     أخرجه الفريابي في (صفة المنافق) (93) ومن طريقه الذهبي في (السير) (ج11 ص162) بإسناد حسن.

([237]) أثر صحيح

     أخرجه الخلال في (السنة) (1009) بإسناد صحيح.

([238]) (شرح السنة) له (ص123).

([239]) كـ(المدخلي) الذي لا يميز بين مذهب السلف، وبين مذهب المرجئة في مسائل الإيمان، لاختلاط هذا بهذا عليه، وهو يدعي أنه معظم للسلف، وأهل الحديث، والله المستعان.

([240]) قلت: فلا يبرؤ المدخلي من الإرجاء بذلك، لأنه وافق السلف في المقولة لفظا، وخالفهم في حقيقة المذهب معنى، فلم تتحقق فيه شروط البراءة من الإرجاء، فافطن لهذا.

([241]) ويقال أيضا لهذا المرجئ: أما الحجج التي تذكرها على إرجائك، فما نراك تحتج في جميع ما تدعي إلا بكل أعرج مكسور، بالإرجاء مشهور، وفي أهل السنة مغمور.

          وأما حججك من المعقول التي تدعيها من كلامك فقد أنبأناك أنها عند العلماء غير مقبولة، وعند العرب مجهولة.

          فانظر أيها الجاهل أن توردك هذه الحجج من المهالك، وماذا تجر إليه من الجهل والضلال، فتشهد عليك بأقبح المحال، والله المستعان.

          فويلك أيها الحيران.

([242]) أثر صحيح.

          أخرجه البيهقي في (الاعتقاد) (ص320) بإسناد صحيح.

([243]) أثر صحيح.

          أخرجه اللا لكائي في (الاعتقاد) (1013)، والبيهقي في (الاعتقاد) (ص320)بإسناد صحيح.

([244]) والحاصل أن المدخلي المخالف لم يسق حجة صحيحة على ما ادعاه، وإنما اعتقد ثم تكلف في فهم كلام السلف، وتأويله، ثم تضعيفه اللهم غفرا.

([245]) قلت: وربيع هذا راج عليه الباطل بسبب فساد فطرته في الاعتقاد، وعدم علمه ومعرفته بنصوص الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، والميل إلى اتباع الآراء المختلفة.

     وانظر: (ستة أصول عظيمة) للشيخ محمد بن عبدالوهاب (ص26)، و(درء تعارض العقل والنقل) لابن تيمية (ج8 ص463)، و (إتحاف الخيرة المهرة) لزوجتي الفاضلة أم عبدالرحمن الجودر (ص36).

([246]) أخرجه البخاري في (صحيحه) (ج3 ص269)، ومسلم في (صحيحه) (ج4 ص2047).

([247])قلت: فأين فطرتك ياربيع السليمة؟!، التي توجب ترجيح الحق على الباطل في الأصول، فهي تطبعت على ترجيح الباطل على الحق والعياذ بالله.

وانظر: (مختصر الصواعق) (ج2 ص566)، و (درء تعارض العقل والنقل) لابن تيمية (ج8 ص463).

([248])أخرجه مسلم في (صحيحه) (ج4 ص1980) من حديث النواس بن سمعان t.

([249]) انظر: (تيسير الكريم الرحمن) للشيخ السعدي (ص379)، و (إتحاف الخيرة المهرة) لزوجتي الفاضلة أم عبدالرحمن الجودر (ص36و37).

     قلت: ولو كانت فطرة المدخلي سليمة لأقبل على الحق، وترك الباطل، وذلك لأن القلب السليم يحب الحق، ويريده، ويطلبه، اللهم غفرا.

      وانظر: (الشرح الممتع) لشيخنا الشيخ ابن عثيمين (ج6 ص193).

([250]) قلت: والواجب على المدخلي أن يلزم الفطرة السليمة في الاعتقاد، ويحذر الأسباب التي تصده عن الحق، وتصرفه عنه، وعليه بعلماء الحرمين ليلزم الحق وأهله، ويجتنب الباطل وأهله.

     والله تعالى بحكمته يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، مع قيام الحجة على الخلق، وإرسال الرسل، وظهور الحق.

     وانظر: (توضيح الكافية الشافية) للشيخ السعدي (ص79). 

([251]) انظر: (الصوارف عن الحق) للدكتور حمد العثمان (ص5).

     قلت: والله تعالى بحكمته يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، مع قيام الحجة على الخلائق، وإرسال الرسل، وظهور الحق.

([252]) وانظر: (جامع العلوم والحكم) لابن رجب (ص72)، و (شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العز (ج2 ص787)، و(توضيح الكافية الشافية) للشيخ السعدي (ص79).

([253]) انظر: (زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون) للدكتور حمد العثمان (ص44).

([254]) انظر: (مختصر الصواعق) (ج1 ص57).

([255])قلت: والمدخلي هذا لو طلب الحق بصدق لعرفه، وهذا الحق واضح سهل لمن يطلبه بحسن قصد، وهو ظاهر غاية الظهور، لكنه أعرض عنه، وصد عنه والعياذ بالله.

    قلت: وهذا بسبب ميله إلى أقواله الباطلة، وهي صد عن الحق، ومن أسباب لزوم الحق هو معرفة ما يصد عنه، والله المستعان.

    وانظر: (شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العز (ج2 ص787).

([256]) أخرجه البخاري في (صحيحه) (ج1 ص28)، ومسلم في (صحيحه) (ج3 ص1219).

     قلت: والاشتباه هذا إنما هو بالنسبة لمن لم يعرفها، وليست مشتبه في نفس الأمر، فانتبه.

     قال الحافظ ابن رجبرحمه الله في (جامع العلوم والحكم) (ص72): (وإنما هي مشتبه على من لم يعلمها، وليست مشتبه في نفس الأمر).اهـ 

 

([257]) انظر: (شرح حديث: لا يزني الزاني) (ص35).

([258]) قلت: فمن فرط في رفع الجهل عن نفسه، فمثل هذا لا يقبل اعتذاره بالجهل، فتنبه.

     وقد وقع في شبهة إبليسية شيطانية في عدم النظر، والتحري للحق والعلم، لاشتباه الحق عليه وغموضه، والله المستعان.

([259]) قلت: والمصيبة العظمى مع تبين ضعف ربيع في العلم كما في كتبه، وأشرطته، رضا عن نفسه بذلك، واقتناعه بعلمه واغتراره به، فتراه لايبحث في العلم، ولا يحقق، ولا يدقق، ولا ينظر إلى كلام أهل العلم ليصل إلى الحق الذي بينوه له في الأصول، ولم يباحث علماء الحرمين ليبينوا له خطأه اللهم غفرا.

          وانظر: (صيد الخاطر) لابن الجوزي (ص374).

([260]) قلت: وغموض الحق على المدخلي جعله أن لا يدركه، وزاد ذلك رسوخه في اعتقاد الإرجاء، واستفحاله فيه وذلك لتفريطه في طلبه، وترك النظر، والتدقيق في البحث، حتى في كتبه لاترى تحقيقا لا في أقوال العلماء، ولا في تخريج الأحاديث، ولا الآثار، ولا في ذكر المراجع التفصيلية، ولا في ترتيب المادة العلمية، بل الضعف في كتبه أوضح من الشمس في الظهيرة اللهم سلم سلم.

          وانظر: (الاعتصام) للشاطبي (ج2 ص344)، و(درء تعارض العقل والنقل) لابن تيمية (ج1 ص54).

([261]) انظر: (مجموعة التوحيد) الرسالة الأولى (ص65).

([262]) قلت: فأخذ القول على علاته، وفرط فيما يجب عليه من بذل الوسع في تبين الصواب، وهذا يقع غالبا من خامد الذهن، اللهم سلم سلم.

            وانظر: (قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر) للشيخ صديق حسن خان (ص175).

([263]) أثر صحيح.

أخرجه إسحاق بن منصور في المسائل (ج2 ص589) ومن طريقه الخلال في السنة (ج3 ص582) قال: قال إسحاق بن راهويه فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([264]) المسائل (ج2 ص589).

 

 

([265]) أثر صحيح.

أخرجه الحميدي في أصول السنة (ص41) والصابوني في الاعتقاد (ص270) واللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1032) والعدني في الإيمان (ص94) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص854) والآجري في الشريعة (ج2 ص607) من طريقين عن سفيان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([266]) أثر صحيح.

أخرجه الخلال في السنة (ج3 ص583) من طريق أبي بكر المروذي أن أبا عبدالله قيل له فذكره.

 قلت: وهذا سنده صحيح.

([267]) أثر صحيح.

 ذكره ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (ج2 ص210)، وابن مفلح في المقصد الأرشد (ج2 ص325)، والعليمي في المنهج الأحمد (ج2 ص154) في ترجمة القاسم بن عبدالله البغدادي فيما نقله عن الإمام أحمد.

([268]) أثر صحيح.

أخرجه حرب الكرماني في المسائل (ص370) قال: سمعت بشار بن موسى به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([269]) أثر لا بأس به.

أخرجه الأصم في حديثه (ص153) ومن طريقه اللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1030) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) من طريق العباس بن الوليد البيروتي حدثنا أبو قدامة الجبيلي قال: سمعت عقبة بن علقمة يقول: سألت الأوزاعي فذكره.

قلت: وهذا سنده فيه أبو قدامة الجبيلي تمام بن كثير، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وله ذكر في (تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص212)، فهو لا بأس به في المتابعات، لأن اعتقاد السلف يتبع بعضه بعضا كما ذكرنا، فافهم لهذا ترشد.

قلت: ويشهد له ما قبله من الآثار السلفية.

([270]) أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج11 ص42)، و الأصم في ((حديثه)) (ص153)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص1030).

([271]) أثر صحيح.

ذكره الثعلبي في ((تفسيره)) (ج3 ص213) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت على بن عبدالله المديني فذكره.

([272]) ((الإيمان)) (ج1 ص545).

([273]) ((شرح السنة)) (ص67).

([274]) ((فتح رب البرية بتلخيص الحموية)) (ص57).

([275]) ((التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية)) (ص140).

([276]) ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.

([277]) قلت: وقول الناصري الضال هذا، هو قول المدخلي الضال تماما، تشابهت قلوبهم..

([278]) قلت: وهؤلاء أئمة نجد يقولون: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فماذا يقول ربيع؟! .

([279]) قلت: لذلك فإن ربيعا عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة.

([280]) قلت: والعلماء يعبرون في ذلك بعبارات متنوعة، وألفاظ مختلفة... مع سلامة كلامهم من الاضطراب والتناقض، فانتبه.

([281]) قلت: ولم يستغرب شيخ الإسلام رحمه الله هذا اللفظ، كما استغربه المدخلي، والله المستعان.

([282]) اضمحل: ذهب وانحل وفني.

 وانظر: ( القاموس المحيط) للفيروزآبادي (ج 3 ص 124)، و(مختار الصحاح) للرازي (ج 1 ص 179)، و(المصباح المنير) للفيومي (ص 317).

([283]) ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (شرح العقيدة الحموية)، رقم(16).

([284]) وقلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد.

([285]) فهو عنده يصح الإيمان بترك الأعمال، وهذا مذهب المرجئة والله المستعان.

([286]) يعني في أمر القرآن، وهو كلام الله غير مخلوق منه بدأ، وإليه يعود، أي أن الله تكلم به ابتداء، وهو الذي أنزله من لدنه، وتعود صفة الكلام بالقرآن إلى الله تعالى، لأنه هو المتكلم به.

وانظر: (السنة) للخلال (1859)، و(مجموعة الرسائل والمسائل) لابن تيمية (ج1 ص419).

([287])أثرحسن

    أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص24)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص32)، بإسناد حسن.

    وذكره ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص76).

([288]) ذكره الدارمي في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص538).

([289]) قلت: أيضا كنا نأمر بالسكوت، ونترك الخوض في الكلام في الإيمان والإرجاء، فلما دعينا إلى أمر كان بدا لنا من أن ندفع ذاك، ونبين من أمره ما ينبغي، فمن قال: العمل شرط كمال، أو قال: الإيمان ينقص إلى أدنى ذرة ويسكت، أو لايقول: بذهاب الإيمان بالكلية، ونحو ذلك، فهذا الكلام كلام سوء، زدنا لفظ: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ولقد بينت من هذا الأمر ما قد كان تلبس على الناس، والله ولي التوفيق.

([290]) أثر صحيح.

  أخرجه عبدالله بن أحمد في (السنة) (ص24)، والخلال في (السنة) (ج6 ص91)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) (ص248)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص62)، والدارمي في (الرد على الجهمية) (ص164) بإسناد صحيح.

([291])أثر صحيح.

  أخرجه الدارمي في (الرد على الجهمية) (ص164) بإسناد صحيح.

([292])أثر صحيح.

أخرجه الخلال في (السنة)(ج7 ص39)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص13)، والدارمي في (الرد على الجهمية) (ص164) بإسناد صحيح.

([293])أثر صحيح.

  أخرجه الدارمي في (الرد على الجهمية) (ص164) بإسناد صحيح.

([294])أثر حسن.

 أخرجه الخلال في (السنة) (ج6  ص90)، وأبودود في (المسائل) (ص265)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص9) بإسناد حسن.

([295])أثر صحيح.

 أخرجه عبدالله بن أحمد في (السنة)(ج1 ص275)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى)(ج2 ص15)، والخلال في (السنة)(ج7 ص28) بإسناد صحيح.

([296])أثر صحيح.

      أخرجه الدارمي في (الرد على الجهمية) (ص165)، وفي (الرد على بشر المريسي) (ص117)، وعبدالله بن أحمد في (السنة) (ج1 ص274)، والخلال في (السنة) (ج7 ص27) بإسناد صحيح.

([297])أثر صحيح.

      أخرجه البيهقي في (الاعتقاد) (ص112) بإسناد صحيح.

([298])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص29)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص69) بإسناد صحيح.

([299])أثر حسن.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج7 ص18)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص21) بإسناد حسن.

([300])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج7 ص41) بإسناد صحيح.

([301]) الواقفة: هم الذين لا يقولون : القرآن مخلوق، ولا غير مخلوق.

قال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على الجهمية) (ص102): (ثم إن ناسا -يعني الواقفة- ممن كتبوا العلم، وادعوا معرفته، وقفوا في القرآن؛ فقالوا: لا نقول مخلوق هو، ولا غير مخلوق).اهـ

قلت: وقد كفرهم جماعة من السلف، ونسبهم إلى الجهمية، وهم شر من الجهمية، وممن كفرهم الإمام أحمد رحمه الله، والإمام ابن راهويه رحمه الله، وغيرهما.

     وانظر: (مسائل الإمام أحمد) لأبي داود (ص270)، و(السنة) لعبدالله بن أحمد (ج1 ص179)، و(الفتاوى) لابن تيمية (ج12 ص420).

([302]) التمويه: هو التلبيس، ومنه قيل للمخادع مموه، وقد موه فلان باطله إذا زينه وأراه في صورة الحق.

      انظر: (لسان العرب) لابن منظور (ج3 ص551).

([303])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص130) بإسناد صحيح.

([304])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص130) بإسناد صحيح.

([305])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص130) بإسناد صحيح.

([306])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص129) بإسناد صحيح.

([307])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص129) بإسناد صحيح.

([308])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص130) بإسناد صحيح.

([309])أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص263)، والخلال في (السنة) (ج5 ص133) بإسناد صحيح.

([310])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص135) بإسناد صحيح.

([311])أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص140)، والآجري في (الشريعة) (ص88) بإسناد صحيح.

([312])أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص140)، والآجري في (الشريعة) (ص88)  بإسناد صحيح.

([313])أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في (المسائل) (270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص140)، والآجري في (الشريعة) (ص88) بإسناد صحيح.

([314])أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص141) بإسناد صحيح.

([315])أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص271)، والخلال في (السنة) (ج5 ص141) بإسناد صحيح.

([316])أثر صحيح.

      أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص137) بإسناد صحيح.

([317])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج5 ص136) بإسناد صحيح، وهو في (مسائل حرب الكرماني) (ص417).

([318])أثر صحيح.

      أخرجه حرب الكرماني في (المسائل) (ص417) بإسناد صحيح.

([319]) ولم يقل أحد من الأئمة أن الصحابة والتابعين لم يقولوا (غير مخلوق)، ولم يزيدوا على القول أن (القرآن كلام الله)، بل جعلوا هذه الزيادة (غير مخلوق) من الواجب في الاعتقاد، لأن استعمال هذا الأسلوب لإفحام الخصم وهو واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والله ولي التوفيق.

وانظر: (شرح القواعد المثلى) للشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله عند قول المؤلف (ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاث أوجه).

([320])أثر صحيح.

      أخرجه الدارمي في (الرد على الجهمية) (ص163)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (ج10 ص205)، وفي (الأسماء والصفات) (ص245)، وفي (الاعتقاد) (ص105)، واللالكائي في (الاعتقاد) (ج1 ص212)، والبخاري في (خلق أفعال العباد) (117)، والخلال في (السنة) (ج6 ص26)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص7) بإسناد صحيح.

([321])أثر صحيح.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص23)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص36) بإسناد صحيح.

      وذكره ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص63).

([322])أثر حسن.

      أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص26)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص36) بإسناد حسن.

      وذكره ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص64).

([323]) قلت: وهذه الزيادات السلفية التي يذكرها الأئمة في الاعتقاد سواء في الإيمان، أو القرآن، أو الصفات وغير ذلك، تدل على فقه الأئمة في دين الله، وهي تكشف لك الصادق من الكاذب في حبه لمنهج السلف، بل تكشف المبتدع المتستر في المواقف التي تدور بين أهل السنة، وبين أهل البدعة الظاهرين، فافهم لهذا.

قال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على بشر المريسي) (ج2 ص534) عن الواقفة: (فاستتروا بالوقف من محض التجهم).اهـ

([324]) فعن عيسى بن يونس رحمه الله قال: (لا تجالسوا الجهمية، وبينوا للناس أمرهم، كي يعرفوهم فيحذروهم).

     أخرجه الدارمي في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص537) بإسناد صحيح.

([325]) قلت: فكيف يسكت أهل السنة عن الإنكار على المرجئة الخامسة العصرية، وقد روجوا الإرجاء بين الناس عن طريق (شبكة سحاب)، فيروج على الناس ضلالهم.

بل ولم يكتفوا بذلك حتى نصبوا ربيعا إماما لهم يقتدى به في الإرجاء، ولكي يلبس على الجهلة منهم فلا يكشفوهم اللهم غفرا.

([326]) أثر صحيح.

     أخرجه الدارمي في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص538) بإسناد صحيح.

([327]) قلت: فكان هذا من المرجئة خوضا فيما نهوا عنه، والله المستعان.

([328]) قلت: وهذا قبل أن يعلنوا كلامهم في الإرجاء، فلما أعلنوه أنكروا عليهم، وعابوهم في ذلك.

     أو طمعتم معشر المرجئة أن تنصبوا الإرجاء للناس إماما تدعونهم إليه، ويسكت أهل السنة عن الإنكار عليكم، حتى يروج على الناس ضلالكم بما حكيتم عن الأئمة زورا وبهتانا بدعواكم، حتى تضمحل السلفية، وتستفيض المرجئية في العامة، لقد أسأتم بأهل السنة الظن، ونسبتموهم إلى عدم الفهم، فهلكتم.

([329]) انظر: (القواعد المثلى) لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص236).

([330]) قلت: ولم يلزم سلفنا الصالح الصمت إزاء هذه البدع العقائدية المنكرة، بل أنكروها، وبذلوا كل السبل لوقف سيلها،ولله الحمد والمنة.

([331]) انظر: (القواعد المثلى) لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص236).

([332]) وهؤلاء المعطلة إنما أتوا من حيث ظنوا: أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك، والله المستعان.

وانظر: (الفتاوى) لابن تيمية (ج5 ص6-12).

([333]) (شريط مسجل) بصوت الشيخ، (سلسلة الهدى والنور) رقم (22/1) الوجه (ب).

([334]) قلت: فكذلك لا يكتفى بالقول في الإيمان: هو قول وعمل، يزيد وينقص فقط، بل لا بد من ذكر الزيادة: (حتى لا يبقى منه شيء)، لاحتمال قوله بالنقصان دون زوال الإيمان بالكلية، كما فعل ربيع المدخلي وغيره من المرجئة، فافطن لهذا.

لذلك المرجئة تنفر من النقصان أعظم من نفورها من الزيادة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة).اهـ

([335]) قلت: وهذه القاعدة الفاسدة، يسميها المدخلي الآن: (التنازل عن الأصول لأجل المصلحة) اللهم غفرا.

ولذلك أتباعه الآن يطبقون هذه القاعدة، وقد تنازلوا في الدين، وانخرطوا مع الحزبية من التراثية والسرورية وغيرهم، يتعاونون معهم في الدروس، والخطب، والإمامة في المساجد، ويشاركونهم في حملات الحج والعمرة، والوظائف في جمعياتهم الحزبية لكسب المال، خاصة اليمنية المبتدعة منهم، رغم أنهم في القديم لم يشاركوا الحزبية في شيء اللهم سلم سلم.

قلت: بل الآن يلصقون إعلانات محاضرات أهل البدع في مساجدهم، ومن قبل كانوا يخلعونها، ويمزقونها نعوذ بالله من الخذلان.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan