القائمة الرئيسة
الرئيسية / كتب ليست ضمن سلاسل / المقتحم لتعديات ربيع المدخلي على أحاديث صحيح الإمام مسلم

2024-01-16

صورة 1
المقتحم لتعديات ربيع المدخلي على أحاديث صحيح الإمام مسلم

 

 

المقتحم

لتعديات ربيع المدخلي

على

أحاديث صحيح الإمام مسلم

 

 

 

 

 

 
 

تأليف

جمال السنة فضيلة الشيخ العلامة المحدث

أبي عبدالرحمن فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله تعالى

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(( الجزء الرابع ))

 

 

    

   بسم الله الرحمن الرحيم

 

ذكر الدليل على تناقض المدخلي

في مسألة

نقد (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله)

 

قال ربيع المدخلي في (كشفه البالي) (ص15): (ولا نرى نشاطه إلا ضد أحاديث من صحيح مسلم، مثل حديث: صوم يوم عرفة، وأحاديث الشفاعة، ألف في ذلك كتابين! مع أراجيف على صحيح الإمام مسلم، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذة!).

وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص16): (أين أنت من الكتب التي تدافع عن صحيح مسلم، وعن سنة رسول الله e عموما([1])، وترد عنها أكاذيب، وأراجيف المستشرقين وأذنابهم) ([2]).اهـ

قلت: وهذا كلام ينطوي على تدليس وتلبيس، إذ ليس نشاطي ضد أحاديث من صحيح الإمام مسلم رحمه الله، بل هذا من أراجيفك علي مرادك التشويش والتحريش والتهويش، وهذا -ولله الحمد- آخر ما في جعبة المدخلي من الكلام على السلفيين بلا حجة ومحجة!.

قلت: فاتهام المدخلي اتهام باطل، راجع إلى المدخلي، مردود عليه([3]).

ومما لا يخفى على أهل الحديث أن الإمام مسلما رحمه الله أورد في كتابه (الصحيح) عددا من الأحاديث أصاب في صحة بعضها، وأخطأ في البعض الآخر، فله أجر على اجتهاده في تبيين السنة النبوية.

وقد تعقبه الحفاظ في عدد من الأحاديث، ولم يقل أحد من العلماء([4]) بأن هذا فيه طعن في الإمام مسلم رحمه الله وصحيحه([5]).

قلت: ومع ذلك فقد تناقض المدخلي -كعادته- في مسألة نقد (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، فمرة ينقدها هو، ومرة لا يرضى بنقدها مطلقا كما سبق.

واستمع إلى نقد ربيع المدخلي لأحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله، ليتبين أنه متناقض في العلم:

الحديث الحادي والثلاثون: (كنا بشر فجاءنا الله بخير).

رواه مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1476) من طريق زيد بن سلام عن أبي سلام قال: قال حذيفة بن اليمان t: (قلت: يا رسول الله، إنا كنا بشر فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر....الحديث).

ويجزم الحافظ الدارقطني رحمه الله كتابه (التتبع) (ص257)، بأن هذا الحديث مرسل من هذا الطريق، لأن أبا سلام لم يسمع من حذيفةt، ولا من نظرائه ممن نزل العراق([6]).

قلت: ويرجح المدخلي أن الحديث مرسل من طريق أبي سلام، وذلك أنه لم يدرك حذيفة بن اليمان t، فخالف مذهبه في (كشفه البالي) (ص15 و16) فتعدى على أحاديث (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فقال ربيع المتعدي: (الخلاصة: استدراك الدارقطني هذا في محله، لأن الحديث مرسل من طريق أبي سلام، وذلك أنه لم يدرك حذيفة) ([7]).اهـ

وقال ربيع المتعدي: (وإما أن مسلما يعلم عدم لقاء أبي سلام لحذيفة، ولكنه تساهل! ([8]) بإيراده، لأنه في المتابعات) ([9]).اهـ

الحديث الثاني والثلاثون: (نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1560) من طريق عبدالجبار بن علاء حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن أبي عبيد قال: شهدت العيد مع علي بن أبي طالبt به.

وقد صرح الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص422) بأن عبدالجبار بن العلاء قد وهم على سفيان بن عيينة برفع هذا الحديث عنه.

ويستدل على ما يراه بأن الأئمة الحفاظ من أصحاب سفيان بن عيينة لم يروو الحديث عنه إلا موقوفا على علي بن أبي طالبt.

 

وقد عد عشرة من أصحاب سفيان بن عيينة الذين وقفوا الحديث عنه، منهم: أحمد بن حنبل، وابن المديني، وابن راهويه([10]).

قلت: وقد وافق المدخلي، الحافظ الدارقطني رحمه الله على شذوذ هذا الإسناد، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، بخلاف قاعدته في (كشفه البالي) (ص15 و16).

قال ربيع المتعدي: (الخلاصة: في إسناد هذا الحديث وهم من عبدالجبار بن العلاء في رفعه عن سفيان، والدليل على وهمه ان عددا كبيرا من الأئمة الحفاظ قد خالفوا عبدالجبار، فروو الحديث عن سفيان موقوفا على علي بن أبي طالبt، فالدارقطني على صواب في استدراكه وتعليله)([11]).اهـ

فلماذا ياهذا؟!!!

ومن المتعدي الحقيقي إذا؟!!!

قلت: فمن أنصف، وبطلب الحق اتصف، يعرف حقيقة هذا التعدي، ومن هو أحرى به، والله المستعان([12]).

فافهم هذا جيدا، ولا يغرنك ألفاظ أهل الأهواء، وعباراتهم وأساليبهم، والله المستعان، وعليه التكلان.

الحديث الثالث والثلاثون: (أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1578) من طريق نوح بن قيس حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة t أن النبي e قال لوفد عبد قيس: (أنهاكم عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمقير، ولكن أشرب في سقائك، وأوكه).

وصرح الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص203) في استدراكه هذا بالاختلاف بين أصحاب ابن عون: نوح بن قيس وحده يروي الحديث عن ابن عون متصلا مرفوعا، وبقية أصحاب ابن عون -ومنهم ابن أبي عدي- يروونه عنه مرسلا ليس فيه ذكر أبي هريرةt.

قلت: وقد صرح المدخلي في غمز الإسناد، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، حيث رجح الإرسال على الوصل، والله المستعان.

فقال ربيع المتعدي: (وبالنظر في تراجم جانبي الإرسال، والوصل نجد أن من أرسل الحديث أرجح ممن وصل، لأنهما ثقتان حافظان، والذين وصلوه ليسوا من أهل الحفظ، والإتقان، فأعلاهم صدوق([13])، والآخران أحدهما ضعيف([14])، والآخر ذاهب الحديث([15])) ([16]).اهـ

وقال ربيع المتعدي: (الراجح أن الحديث من طريق ابن عون إنما هو مرسل، وأن رفعه -وهو في صحيح مسلم-: وهم من نوح بن قيس) ([17]).اهـ

وهذا خلاف مذهبه في (كشفه البالي) (ص15) حيث يقول ربيع: (ولا نرى نشاطه إلا ضد([18]) أحاديث من صحيح مسلم، مثل حديث: صوم يوم عرفة، وأحاديث الشفاعة، ألف في ذلك كتابين! مع أراجيف على صحيح الإمام مسلم، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذة!).اهـ

قلت: فأي تناقض أكبر من هذا؟!!!.

فالمدخلي -هداه الله سبيل السنة- يضعف ويرمي غيره به، ويحرف ويتهم مخالفه به!!!.

قلت: ولو أردت في هذه الرسالة تعقب المدخلي بشيء أكثر مما أوردته هنا -وهو موجود- لتضاعفت، وخرجت عن مقصودها، ولكن الأمثلة التي ذكرتها تكفي اللبيب، وتنبه السحابي الغافل.

وفي ذلك إظهار تلاعب المدخلي بأحاديث (صحيح الإمام مسلم) ورميه إياه بكثرة الشذوذ.

       الحديث الرابع والثلاثون: (النهي عن الجر والدباء والمزفت).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1584) من طريق محمد بن رافع حدثنا عبدالرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (سمعت رسول الله e ينهى عن الجر، والدباء، والمزفت).

والظاهر أن الحافظ الدارقطني رحمه الله هذا الحديث في كتابه (التتبع) (ص445) يرى أن ابن عمر رضي الله عنهما لم يسمع هذا الحديث من رسول الله e مباشرة، وإنما سأل ابن عمر رضي الله عنهما الناس ماذا قال رسول الله e فأخبروه.

ويرى أن أبا الزبير قد وهم في قوله عن ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت رسول الله e: (ينهى عن نبيذ الجر).

ودليله على ذلك أن جماعة من الأئمة الحفاظ قد رووا عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما نفسه أنه قال: فسألت الناس ماذا قال؟ يعني رسول اللهe.

قلت: وقد وافق المدخلي، الحافظ الدارقطني رحمه الله على إعلال الإسناد، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) والأصل عند المدخلي في ذلك أن لا يخالفه، لأن الحديث في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، فلماذا يخالف ويغمز (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله).

فقال ربيع المتعدي: (وما قاله الدارقطني قوي جدا، فإن أبا الزبير لا يقرن بنافع في الثقة، والضبط، والإتقان لا سيما في ابن عمر) ([19]).اهـ

وقال ربيع المتعدي: (فالصواب على الراجح من قواعد علماء الحديث أن أبا الزبير قد وهم في ذكره سماع ابن عمر لهذا الحديث من رسول الله e، لأنه قد خالف من هم أكثر واحفظ منه) ([20]).اهـ

وكان هذا ردا على المدخلي([21]) الذي كان انتقدني لتضعيفي لسند حديث في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) وهو حديث: (صوم يوم عرفة) مع علمه بأنه أعل الكثير من الأحاديث في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، فسكت عن ذلك، وعن كل الأحاديث المشار إليها آنفا، وهذا هو شأن أهل الأهواء كلهم، لا يكتبون إلا ما لهم، والعياذ بالله([22]).

قلت: فهلا طوى المدخلي صفحاته الفاسدة في العلم، واستشفى من علله، وآفاته الفاسدة.

قلت: صدق الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله حيث قال: (أهل العلم يكتبون ما لهم، وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم!!!) ([23]).

لذلك نرى أن موجة هجوم المبتدعة وأذيالهم، قد بدأت تأخذ مسارا آخر، إذ لما كشف الله سبحانه حقيقتهم، وأظهر مكنون قلوبهم، علم عقلاء الفضلاء، ونبلاء العلماء، أن بضاعة هؤلاء في سوق الحق كاسدة، وأن تلبيساتهم وتدليساتهم لا تنطلي إلا على ذوي العقول، والآراء الفاسدة؛ ولكن ((إن ربك لبالمرصاد)) [الفجر: 14].

الحديث الخامس والعشرون: (كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1586) من طريق محمد بن عباد حدثنا سفيان بن عيينة عن عمروبن دينار سمعه من سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى به.

قلت: يجزم الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص324) بان هذا الحديث لا يصح عن عمرو بن دينار، وأن محمد بن عباد قد تفرد به عن ابن عيينة عنه، ولم يتابع عليه، وإذن فمحمد بن عباد وهم في روايته في هذا الحديث عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار.

قلت: وقد وافق المدخلي على تعليل الإسناد([24])، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) فخالف مذهبه في (كشفه البالي) (ص15 و16)، والله المستعان.

قلت: فانظر إلى هذا التباين والتضاد!!!، وكيف راج عليه ما حذر منه؟!!!، فنعوذ بالله من الهوى وأهله.

قلت: فالمدخلي هذا لم يلتزم بكلامه الذي في (كشفه البالي) (ص15 و16)، فنكص على عقبيه، كحال أهل البدع في كل عصر ومصر، يعدون ولا يوفون، ويتكلمون فلا يصدقون، ويكتبون ويحرفون، ويضللون ولا يتقون!!!.

الحديث السادس والثلاثون: (لبس خاتما في يمينه فيه فص حبشي).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1658) من طريق طلحة بن يحيى عن يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالكt أن رسول الله e: (لبس خاتم فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه).

ورواه من طريق سليمان بن بلال عن يونس بن يزيد بهذا الإسناد، مثل حديث طلحه بن يحيى.

واستدرك الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص533) في هذا الحديث من أجل الأمور الآتية:

1)             انفراد سليمان بن بلال، وطلحة بن يحيى بجملة (في يمينه) في الحديث عن أصحاب يونس الحفاظ.

2)             ضعف إسماعيل بن أبي أويس الذي روى الحديث عن سليمان بن بلال.

3)             أن جميع أصحاب الزهري لم يذكروا هذه الجملة، وهي (في يمينه)([25]).

قلت: والمدخلي يضعف زيادة (في يمينه) وهي في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، وهذا التضعيف من ربيع يعتبر على مذهبه من الأضداد على (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، بل من الأراجيف عليها.

       واستمع إلى ربيع، وهو يضعف زيادة (في يمينه) وهي في صحيح الإمام مسلم رحمه الله.

       فقال ربيع المتعدي: (المتن صحيح في غاية الصحة من غير الإسنادين المتقدمين -وهما في صحيح مسلم- إلا زيادة (في يمينه) فإنها لم يذكرها من أصحاب يونس إلا طلحة بن يحيى، وإسماعيل بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن يونس.

وقد تبين لنا من دراسة الطرق إلى يونس، وإلى الزهري، وإلى أنس أن هذه الزيادة غير محفوظة عنهم، بل يذهب أبو زرعة إلى أنها غير محفوظة، ولا صحيحة مطلقا لا عن أنس، ولا عن غيره لا التختم في اليمين، ولا في اليسار)([26]).اهـ

وقال ربيع المتعدي: (والأمر كما قال الدارقطني فلم يتابعهما إلا يحيى بن نصر، وهو ضعيف، ولم يذكرها -يعني زيادة: (في يمينه)- أحد من أصحاب الزهري) ([27]).اهـ

قلت: انظر إلى هذا التباين والتضاد!!!، وكيف راج عليه ما حذر منه؟!!!.

قلت: فهذا من عجيب أمر هذا المدعي أنه كثير المناقضة لنفسه، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.

إذا فاتهام المدخلي غيره بالتعدي على (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله) فهو اتهام باطل، راجع إلى المدخلي، مردود عليه اللهم غفرا.

الحديث السابع والثلاثون: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1679) من طريق جرير بن حازم حدثنا الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن عبدالله عن النبي e به.

ويجزم الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص338) لم يسند هذا الحديث عن الأعمش إلا جرير بن حازم، وأن أصحاب الأعمش خالفوا جريرا، فرووه عن الأعمش مرسلا -أي منقطعا- لم يذكروا علقمة بن إبراهيم النخعي وعبدالله بن مسعودt.

ومعنى هذا أن جريرا وهم فوصل هذا الإسناد المنقطع بذكره علقمة فيه([28]).

قلت:وقد وافق المدخلي، الحافظ الدارقطني رحمه الله على ذلك، فتعدى على (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله) ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

فقال ربيع المتعدي بعدما ذكر الإسناد: (لهذين الأمرين لا يسعنا إلا أن نوافق الدارقطني فيما ذهب إليه، هذا فيما يتعلق بهذا الحديث من هذين الطريقين عن الأعمش) ([29]).اهـ

وقال ربيع المتعدي: (ذهب الدارقطني إلى أن هذا الحديث لا يصح عن الأعمش إلا منقطعا، وأن وصل جرير بن حازم إياه خطأ، والدليل على ذلك أن الحفاظ من أصحاب الأعمش لا يروونه عنه إلا منقطعا، وما ذهب إليه صواب، وقد تابعه القاضي عياض، والنووي فيما يبدو)([30]).اهـ

ويتجلى هذا التناقض بصورة أوضح، وبطريقة أفضح في كتابه : (بين الإمامين مسلم والدرقطني) الذي نحن في صدد نقضه، والرد عليه، فهو ضمن كتابه هذا أنواعا من الألفاظ التي تدل أنه يضعف في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) إما الإسناد، أو المتن، أو الإسناد والمتن معا منها بقوله: (حديث شاذ،،، الإسناد لا يثبت،،، هو متن شاذ،،، والراجح أن الإسناد لا يثبت،،، الإسناد المنتقد يعتبر إسنادا شاذا،،، الإسناد لايصح،،، الحديث لا يصح،،، هذه الزيادة شاذة،،، إلى غير ذلك).

قلت: مع أنه يحرم نقد (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله) مطلقا.

ثم يذكر ربيع المتناقض في حل نقد الكتب والرجال، منها: كتاب (صحيح الإمام البخاري رحمه الله) ورجاله، وكتاب (صحيح الإمام مسلم رحمه الله!!!) ورجاله، بل يقول هذه الأخطاء لا يسلم منها بشر، وإنما أعطيت العصمة للأنبياء فيما يبلغونه عن الله تعالى، ومن عداهم فقد يخطئ في أقواله الاجتهادية، وفيما ينقله عن الرسول e، وفيما ينقله عن غيره([31]).

فاستمع إلى ربيع!، وهو يرد على ربيع!!:

فقال ربيع: (فهذه هي أخلاق العلماء العالية:

إن الأخطاء لا يسلم منها بشر، وإنما أعطيت العصمة للأنبياء فيما يبلغونه عن الله، ومن عداهم فقد يخطئ في أقواله الاجتهادية، وفيما ينقله عن الرسولe، وفيما ينقله عن غيره، وقد استدركت عائشة على عدد من الصحابة أخطاء وقعوا فيها، وللإمام الشافعي مذهبان القديم والجديد، وقد يكون مع ذلك الصواب أحيانا في القديم، وكان في غاية من الإنصاف والتواضع، فيقول: (أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فأي حديث صح فأخبروني به لآخذ به).

وقد رد على شيخه الإمام مالك، ورد على أبي حنيفة وصاحبيه أشياء كثيرة جدا، ورد الليث على الإمام مالك في رسالة معروفه.

وهذا أبو حنيفة رحمه الله يخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن في ثلث المذهب([32]).

وهذا الإمام البخاري أمير المؤمنين في الحديث وعلومه بما في ذلك علم الرجال، انتقده الإمامان أبوزرعة، وأبوحاتم الرازيان في حوالي واحد وسبعين رجلا وسبعمائة رجل، ولم يسلما في نقدهما من الخطأ، وقد اعتذر المعلمي للإمام البخاري بأعذار فارجع إلى مقدمة كتاب (بيان خطأ البخاري).

وقد انتقد الإمام الدارقطني الإمامين البخاري ومسلما في أحاديث من صحيحيهما.

قال النووي: (إنها مائتا حديث) ([33]).

وقال السلفي: (إنها مائتان وسبعة أحاديث).

وذكر البقاعي عن الحافظ ابن حجر: (أنها مائتان وعشرة أحاديث).

ولابن حبان أوهام كثيرة، وكم أورد في كتابه الثقات من المجهولين.

وقد ألف عبدالغني بن سعيد كتابا في بيان أوهام الحاكم أبي عبدالله في كتاب (المدخل إلى الصحيح)، وألف الذهبي كتابا في الأحاديث الموضوعة في المستدرك حيث بلغت مائة حديث، وكم فيه من الأحاديث الضعيفة؟! وكم له من الأوهام في قوله: على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم؟!

وألف ابن القطان كتابا يقع في مجلدين مخطوطين سماه (بيان الوهم والإيهام) بين فيه أوهام عبدالحق الإشبيلي.

وأخطاء العلماء من هذا النوع، وانتقادها كثير، وكثير، ولم يفكر أحد من النقاد في إسقاط من ينتقده ويخطئه، ولم يقل أحد بذلك، لأن هذه الأمور لا تعد ذنوبا، ولا بدعا يفسق أو يكفر بها، أو يجرح بها في عدالة الراوي أو ضبطه.

هذا هو منهج العلماء من أهل السنة والجماعة، من فجر تاريخهم إلى يومنا هذا؛ ولكن أهل الأهواء والفتن ظهروا للناس بمناهج جديدة، مثل منهج الموازنات لحماية أهل البدع الكبرى.

وهذا المنهج الجديد للإسقاط بالأخطاء المطبعية ونحوها، مما لا يسلم منه مؤلف أو محقق مهما كان صغر حجم كتابه محققا كان أو مؤلفا) ([34]).اهـ

قلت: فهذا من عجيب أمر هذا المدعي أنه كثير المناقضة لنفسه، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.

قلت: وهذه تنبيهات من رأس القلم؛ لقمع دعاوى من تعدى وظلم، قد ينقلها ناقل، ويتقبلها قابل، ويتهوك فيها جاهل، فيتحير عاقل، فيصيب قوما بجهالة، فترتد على محدثها، ومبتدعها بالندامة، والملامة؛ والويل يوم القيامة.

ولذلك رأيت تسطيرها؛ لتكون قوة للمسترشد، وبيانا للمتحير، وتبصرة للمهتدي، ومقتلا للخراصين، ونصحا لإخواننا المسلمين.

ولكن لا تغرنكم البرقة، فإنها فجر كاذب، ولا تهولنكم المفاجأة، فإن أهل الحديث ينخلونهم نخلا، فيبقى اللباب، ويعيش على النخالة دواب.

الحديث الثامن والثلاثون: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1681) من طريق محمد بن عبدالله بن نمير حدثنا وكيع وعبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة قالت: يارسول الله e أقول: (إن زوجي أعطاني ما لم يعطيني؟ فقال رسول الله e: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور).

ويذهب الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص516) إلى أن هذا الحديث لا يصح من طريق هشام بن عروة إلا عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، لا عن عائشة رضي الله عنها، ويستدل لذلك بأن وكيعا وعبدة أنفسهما وغيرهما لا يروونه عن هشام إلا من حديث أسماء رضي الله عنها.([35])

قلت: وقد أعل ربيع الإسناد، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) وهذا يعتبر على مذهبه تعديا عليه.

فقال ربيع المتعدي: (وإذن فقد اتفقت كلمة هؤلاء العلماء على أن هذا الحديث ليس محفوظا عن هشام إلا من حديث أسماء، وليس بمحفوظ من حديث عائشة، وإنهم لعلى الصواب فيما يبدولي) ([36]).اهـ

وقال ربيع المتعدي: (ما ذهب إليه الدار قطني، ومن وافقه من العلماء أن هذا الحديث لا يحفظ إلا عن أسماء صواب من القول، إذ قد تبين من دراسة الطرق ونقدها أن من رواه عن هشام عن أبيه عن عائشة فقد وهم، وهم وكيع، ومبارك بن فضالة، ومحمد، وقد عرفت حال مبارك، ومحمد في هشام، والدليل على وهمهم أن عشرة من أصحاب هشام، وفيهم الأئمة الحفاظ خالفوهم فرووه عن هشام من حديث أسماء)([37]).اهـ

قلت: وهذا مناقض تمام المناقضة لما يعتقده هذا المدخلي حقيقة في كتابه (الكشف)، فهنا يعترض على صحيح الإمام مسلم رحمه الله، وهناك يحرم الاعتراض عليه، فأي تناقض أكبر من هذا؟!!!([38]).

واستمع إلى اعتقاد المدخلي في صحيح الإمام مسلم رحمه الله في (كشفه البالي)

فقال ربيع المدخلي في (كشفه البالي) (ص15): (ولا نرى نشاطه إلا ضد أحاديث من صحيح مسلم، مثل حديث: صوم يوم عرفة، وأحاديث الشفاعة، ألف في ذلك كتابين! مع أراجيف على صحيح الإمام مسلم، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذة!).

وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص16): (أين أنت من الكتب التي تدافع عن صحيح مسلم، وعن سنة رسول الله e عموما([39])، وترد عنها أكاذيب، وأراجيف المستشرقين وأذنابهم) ([40]).اهـ

قلت: فتأمل الهوى والتضليل، والتناقض والقول العليل!!!.

قلت: وهذا كلام ينطوي على تدليس وتلبيس، إذ ليس نشاطي ضد أحاديث من صحيح الإمام مسلم رحمه الله، بل هذا من أراجيفك علي مرادك التشويش والتحريش والتهويش، وهذا -ولله الحمد- آخر ما في جعبة المدخلي من الكلام على السلفيين بلا حجة ومحجة!.

قلت: واتهام أهل البدع، وأعداء السنة أهل الحديث بمثل هذه التهم قديم، منذ أن نشب الخلاف بينهم في مسائل المنهج([41])، والله المستعان.

قلت: وكلامه كله يتصبب جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد!!!.

قلت: ومن عظيم أمر الله تعالى أنه فضح هذا المدخلي بما تكلم به لسانه، وجرى به بنانه، والله المستعان.

قلت:فالمدخلي هذا ينقد صحيح مسلم ويرمي غيره به، بل يعتبر ذلك من المعايب ثم يتصف بهذه المعايب!!!.

الحديث التاسع والثلاثون: (أمر النبي e بقتل الوزغ).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص1758) من طريق عبدالرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي e: (أمر بقتل الوزغ، وسماه فويسقا).

يذكر الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص274) أن أصحاب الزهري اختلفوا عليه في وصل هذا الحديث وإرساله، فمعمر وحده يرويه عن الزهري متصلا، ومالك ويونس، وعقيل رووه عن الزهري مرسلا (أي منقطعا) لا يذكرون عامر بن سعد في الإسناد بين الزهري، وسعد بن أبي وقاص([42]).

قلت: وقد اعتبر المدخلي الإسناد شاذا([43])، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، وهذا على مذهبه يعتبر ضد (أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، بل يعتبر ذلك تعديا على الأحاديث.

الحديث الأربعون: (حوض النبيe).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص1794) من طريق يحيى بن سليم عن أبي خيثم عن عبدالله بن عبيدالله بن أبي مليكة أنه سمع عائشة به.

يلفت الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص526) النظر في استدراكه هذا إلى أمرين:

1)             إلى اختلاف ابن خيثم، ونافع بن عمر، على ابن أبي مليكة في إسناد هذا الحديث، فابن خيثم يرويه عن ابن ابي مليكة عن عائشة، ونافع بن عمر يرويه عنه من حديث أسماء بنت أبي بكر، وعبدالله بن عمرو بن العاص.

2)             وإلى أن ابن خيثم ضعيف ليس في مستوى نافع بن عمر، والنتيجة تكون على هذا رجحان رواية نافع بن عمر، وتقديمها على رواية ابن خيثم، لأن نافع بن عمر ثقة ثبت، وابن خيثم ضعيف.

قلت: ووافق المدخلي الحافظ الدارقطني رحمه الله على شذوذ الإسناد من حديث ابن خيثم عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، وعلى مذهبه يعتبر هذا النقد للإسناد ضد أحاديث (صحيح الإمام مسلم رحمه الله).

فأنت ترى -وقاك الله شر البدع وأهلها- كيف يتناقض هذا الرجل التناقض تلو الآخر، حتى أنه يقع فيما ينهى اآخرين عنه، فهو حكم على نفسه بنفسه اللهم سلم سلم.

قلت:فلا نريد التطويل بنقده فيه، والكشف عن خوافيه، وإنما ذكرت الذي ذكرته لأبين للمدخلي ما يقطع تغيريره واغتراره، ويدفع تبجحه وافتخاره، ويدرأ عناده واستكباره.

الحديث الحادي والأربعون: (تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين: يوم الأثنين، ويوم الخميس).

رواه مسلم في (صحيحه) (ج4 ص1988) من طريق ابن وهب أخبرنا مالك عن أنس عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به.

ورواه مسلم في (صحيحه) من طريق ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح سمع أبا هريرة رفعه مرة قال: (تعرض العمال....الحديث).

وسبب استدراك الحافظ الدارقطني رحمه الله كتابه (التتبع) (ص190) هذا الحديث هو اختلاف أصحاب مالك، وابن عيينة عليهما في رفع الحديث، ووقفه على أبي هريرة t.

والإمام مسلم رحمه الله قد روى عن مالك، وابن عيينة الرواية المرفوعة، وهي مرجوحة في نظر الحافظ الدارقطني كما صرح بذلك([44]).

قلت: وقد أعل المدخلي الإسناد، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)!!!.

فقال ربيع المتعدي: (الحديث من طريق أبي صالح الراجح وقفه على أبي هريرة بالنظر إلى إسناده لأن أغلب الرواة، وأوثقهم رووه عن أبي صالح ثم عن أصحابه موقوفا، فهم أثبت ممن أسنده كما قال الدارقطني في العلل، وأغلب رواة الرفع ضعفاء، ومتكلم فيهم)([45]).اهـ

قلت: ومذهبه هذا في نقد أحاديث (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) بخلاف مذهبه في (كشفه البالي) الذي يحرم نقد أحاديث (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) مطلقا([46]).

واستمع إليه، وهو يقول في (كشفه البالي) (ص15): (ولا نرى نشاطه إلا ضد أحاديث من صحيح مسلم، مثل حديث: صوم يوم عرفة، وأحاديث الشفاعة([47])، ألف في ذلك كتابين! مع أراجيف على صحيح الإمام مسلم، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذة!!! ([48])).اهـ

وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص16): (أين أنت من الكتب التي تدافع عن صحيح مسلم، وعن سنة رسول الله e عموما، وترد عنها أكاذيب، وأراجيف المستشرقين وأذنابهم).اهـ

وهذه -تالله- كبرى معايب هذا المدخلي بشهادة نفسه على نفسه، ويكأنه بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، فهو يعد من ينتقد بعض الأحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله من المعايب، ثم ينقد الأحاديث الكثير في صحيح الإمام مسلم رحمه الله، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذة!!!.

فأي تناقض أكبر من هذا؟!!!.

أرى كل إنسان يرى عيب غيره

                                     ويعمى عن العيب الذي هو فيه

ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه

                                     ويعمى عن العيب الذي بأخيه

 

الحديث الثاني والأربعون: (التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص2086) من طريق عبدالله بن هاشم حدثنا وكيع عن الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن هلال بن يساف عن فروة بن نوفل عن عائشة أن النبي e كان يقول في دعائه: (اللهم ....إني أعوذ بك من شر ما عملت، وشر ما لم أعمل).

يرى الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص565) أن وكيعا قد وهم على الأوزاعي بذكر (فروة بن نوفل) في هذا الإسناد بين هلال بن يساف، وعائشة، ويرى أن الصواب عن الأوزاعي إنما هو عن هلال بن يساف عن عائشة، ودليله علة ذلك أن أصحاب الأوزاعي رووا هذا الحديث عنه بهذا الإسناد فيقولون: عن هلال عن عائشة، لا يذكرون (فروة بن نوفل) بينهما.

قلت: وقد خالف المدخلي مذهبه في (كشفه البالي) (ص15 و16) وضعف الإسناد وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)،فوقع في المحذور الذي حذر منه!!!.

فقال ربيع المتعدي: (الظاهر أن وكيعا وهم على الأوزاعي بذكر (فروة) في إسناد هذا الحديث كما ذهب إلى ذلك الدارقطني)([49]).اهـ

الحديث الثالث والأربعون: (دعاء الكرب).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص2093) من طريق محمد بن حاتم حدثنا بهز بن أسد البصري حدثنا حماد بن سلمة أخبرني يوسف بن عبدالله عن الحارث عن أبي العالية عن ابن عباس أن النبي e فذكره.

خلاصة كلام الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص506) على إسناد هذا الحديث أن حماد بن سلمة، ومهدي بن ميمون قد اختلفا على يوسف بن عبدالله.

فحماد بن سلمة يروي الحديث عنه متصلا.

ومهدي بن ميمون يرويه عنه مرسلا.

وكأن الدارقطني يرجح الإرسال على الوصل.

قلت: وقد أعل المدخلي الإسناد بالإرسال، ويرجحه على الوصل.

فقال ربيع المتعدي: (بالنسبة للإسناد المنتقد الراجح أنه معل بالإرسال، وتوجيه رجحان الإرسال، وتعليل الإسناد المتصل به...) ([50]).اهـ

فأنت ترى -وقاك الله شر البدع وأهلها- كيف يتناقض هذا الرجل التناقض تلو الآخر، اللهم سلم سلم.

       الحديث الرابع والأربعون: (توبة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص2129) من طريق معقل بن عبيدالله عن الزهري أخبرني عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب بن مالك عن عمه عبيدالله بن كعب به.

وحاصل كلام الحافظ الدارقطني رحمه الله هذا الحديث في كتابه (التتبع) (ص353) أن أصحاب الزهري اختلفوا عليه في إسناد هذا الحديث.

فثلاثة مهم وهم: عقيل، ويونس، وابن أخي الزهري، يقولون: عن الزهري عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب عن أبيه عن كعب بن مالك، وهذا هو الصواب عند الحافظ الدارقطني رحمه الله.

واثنان منهم يقولان: عن الزهري عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب عن عمه عبيدالله بن كعب، وهما معقل بن عبيدالله، وصالح بن ابي الأخضر، وروايتهما غير صواب عند الحافظ الدارقطني رحمه الله.

قلت: وقد وافق المدخلي، الحافظ الدارقطني رحمه الله في تعليلهه للإسناد الثاني، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) فنقض مذهبه الذي في (كشفه البالي) (ص15و16) فهلك.

فقال ربيع المتعدي: (وبادنى تامل، وموازنه بين الجانبين المختلفين يدرك القارئ أن ما ذهب إليه الدارقطني هو الصواب!) ([51]).اهـ

قلت: فخالف المدخلي هنا مذهبه في (كشفه البالي) (ص15و16) الذي فيه لا يجوز نقد (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) مطلقا. ([52])

فقال ربيع المدخلي في (كشفه البالي) (ص15): (ولا نرى نشاطه إلا ضد أحاديث من صحيح مسلم، مثل حديث: صوم يوم عرفة، وأحاديث الشفاعة، ألف في ذلك كتابين! مع أراجيف على صحيح الإمام مسلم، ورميه بكثرة الأحاديث الشاذة!).

وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص16): (أين أنت من الكتب التي تدافع عن صحيح مسلم، وعن سنة رسول الله e عموما، وترد عنها أكاذيب، وأراجيف المستشرقين وأذنابهم).اهـ

فاستمع إلى ربيع!، وهو يرد على ربيع!!:

قال ربيع: (فهذه هي أخلاق العلماء العالية:

إن الأخطاء لا يسلم منها بشر، وإنما أعطيت العصمة للأنبياء فيما يبلغونه عن الله، ومن عداهم فقد يخطئ في أقواله الاجتهادية، وفيما ينقله عن الرسولe، وفيما ينقله عن غيره، وقد استدركت عائشة على عدد من الصحابة أخطاء وقعوا فيها، وللإمام الشافعي مذهبان القديم والجديد، وقد يكون مع ذلك الصواب أحيانا في القديم، وكان في غاية من الإنصاف والتواضع، فيقول: (أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فأي حديث صح فأخبروني به لآخذ به).

وقد رد على شيخه الإمام مالك، ورد على أبي حنيفة، وصاحبيه أشياء كثيرة جدا، ورد الليث على الإمام مالك في رسالة معروفه.

وهذا أبو حنيفة رحمه الله يخالفه صاحباه أبو يوسف، ومحمد بن الحسن في ثلث المذهب([53]).

وهذا الإمام البخاري أمير المؤمنين في الحديث وعلومه بما في ذلك علم الرجال، انتقده الإمامان أبوزرعة، وأبوحاتم الرازيان في حوالي واحد وسبعين رجلا وسبعمائة رجل، ولم يسلما في نقدهما من الخطأ، وقد اعتذر المعلمي للإمام البخاري بأعذار فارجع إلى مقدمة كتاب (بيان خطأ البخاري).

وقد انتقد الإمام الدارقطني الإمامين البخاري ومسلما في أحاديث من صحيحيهما.

قال النووي: (إنها مائتا حديث) ([54]).

وقال السلفي: (إنها مائتان وسبعة أحاديث).

وذكر البقاعي عن الحافظ ابن حجر: (أنها مائتان وعشرة أحاديث).

ولابن حبان أوهام كثيرة، وكم أورد في كتابه الثقات من المجهولين.

وقد ألف عبدالغني بن سعيد كتابا في بيان أوهام الحاكم أبي عبدالله في كتاب (المدخل إلى الصحيح)، وألف الذهبي كتابا في الأحاديث الموضوعة في المستدرك حيث بلغت مائة حديث، وكم فيه من الأحاديث الضعيفة؟! وكم له من الأوهام في قوله: على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم؟!.

وألف ابن القطان كتابا يقع في مجلدين مخطوطين سماه (بيان الوهم والإيهام) بين فيه أوهام عبدالحق الإشبيلي.

وأخطاء العلماء من هذا النوع، وانتقادها كثير، وكثير، ولم يفكر أحد من النقاد في إسقاط من ينتقده ويخطئه، ولم يقل أحد بذلك، لأن هذه الأمور لا تعد ذنوبا، ولا بدعا يفسق أو يكفر بها، أو يجرح بها في عدالة الراوي أو ضبطه.

هذا هو منهج العلماء من أهل السنة والجماعة، من فجر تاريخهم إلى يومنا هذا؛ ولكن أهل الأهواء والفتن ظهروا للناس بمناهج جديدة، مثل منهج الموازنات لحماية أهل البدع الكبرى.

وهذا المنهج الجديد للإسقاط بالأخطاء المطبعية ونحوها، مما لا يسلم منه مؤلف أو محقق مهما كان صغر حجم كتابه محققا كان أو مؤلفا) ([55]).اهـ

قلت: فهذا من عجيب أمر هذا المدعي أنه كثير المناقضة لنفسه، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.

الحديث الخامس والأربعون: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص2183) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم الليثي حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مرفوعا.

يرى الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص172) أن أبا النضر هاشم بن القاسم الليثي قد انفرد عن إبرايهم بن سعد برواية هذا الحديث متصلا، وأن أصحاب إبراهيم بن سعد لا يروونه عنه إلا مرسلا، ويجزم الحافظ الدارقطني رحمه الله بأن المحفوظ عنه إنما هو الإرسال([56]).

قلت: وقد صوب المدخلي الإرسال في الإسناد([57])، مع أنه في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) فوقع في الفخ!!!.

الحديث السادس والأربعون: (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص2184) من طريق عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن العلاء بن خالد الكاهلي عن شقيق عن عبدالله قال: قال رسول الله e فذكره.

واستدراك الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص328) هنا سببه أن الإمام مسلما رحمه الله روى هذا الحديث من طريق حفص بن غياث عن العلاء بن خالد مرفوعا، بينما يرويه أصحاب العلاء بن خالد عنه موقوفا على ابن مسعود، ومنهم الثوري، والفزاري، ولقد صرح الحافظ الدارقطني رحمه الله بأن الرفع وهم من حفص بن غياث.

قلت:وقد أعل المدخلي الإسناد، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) فخالف مذهبه في (كشفه البالي) (ص15 و16)، فتناقض كعادته، والله المستعان.

       فقال ربيع المتعدي: (وفي نظري أن الوقف هو الراجح كما صرح به الدارقطني، وهو الظاهر من موقف الترمذي، لأن رواة الوقف أكثر، وفيهم الثوري، وحفص مع أنه ثقة فربما وهم!)([58]).اهـ

قلت: فالمدخلي هنا ينتقد (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) ويرمي غيره به، بل يعتبر ذلك من المعايب ثم يتصف بهذه المعايب!!!.

الحديث السابع والأربعون: (تقوم الساعة، والروم أكثر الناس).

رواه الإمام مسلم في (صحيحه) (ج4 ص2222) من طريق حرملة بن يحيى قال حدثنا عبدالله بن وهب حدثني أبو شريح أن عبدالكريم بن الحارث حدثه أن المستورد القرشي قال: سمعت رسول الله e به.

 يرى الحافظ الدارقطني رحمه الله في كتابه (التتبع) (ص307) أن في إسناد هذا الحديث إرسالا (أي انقطاعا) وذلك أن عبدالكريم بن الحارث راوي الحديث عن المستورد رضي الله عنه لم يدرك المستوردt، فروايته إذن عنه تعتبر منقطعة.

قلت:وقد وافق المدخلي، الحافظ الدارقطني رحمه الله على علة الإسناد([59])، وهو في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله).

قلت: فهذه التنبيهات وحدها كافية لنقض مذهبه من أسه، اللهم سدد سدد.



[1]) أليس هذا تلبيسا شديدا، وتدليسا كبيرا.

[2]) قلت: وكلامه هذا يعارض كلامه في الأحاديث في كتابه (بين الإمامين مسلم والدارقطني) فتنبه.

[3]) كما قال المدخلي الجاهل بأصول الحديث وعلله!!!.

[4]) لأنه لم يبين حجته في هذا، والله المستعان.

[5]) قلت: ومن هنا تظهر للمسلم الحق مدى الفرق الشاسع بين أهل العلم، وبين أهل الجهل ومنهم المدخلي، لأنهم أبعد ما يكونوا عن تفقه هذا لعلم الحديث وأصوله.

[6]) وانظر: (المنهاج) للنووي (ج12 ص237).

[7]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص324).

[8]) هكذا يرمي الإمام مسلما بالتساهل، وهذا فيه طعن في الإمام مسلم رحمه الله، بل هو مجتهد في علم الحديث وأصوله، فلا يقال ذلك فيه، والله المستعان.

[9]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص324).

[10]) وانظر: (المنهاج) للنووي (ج13 ص128).

[11]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص328).

[12]) قلت: فبعد هذا كله ماذا يقول المدخلي في نفسه؟!!!.

      فالمدخلي يعرف لكنه يغفل، أو يتغافل.

[13]) وهو نوح بن قيس الأزدي.

[14]) وهو عبدالحميد بن سليمان الخزاعي.

[15]) وهو بكار بن محمد السيريفي.

    انظر: (التقريب) لابن حجر (ج1 ص468)، و(ج2 ص300)، و(الميزان) للذهبي (ج1 ص343).

[16]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص330).

[17]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص332).

[18]) قلت: وقد تبين أن نشاط المدخلي ضد أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله لكثرة رميه الأحاديث بالشذوذ، والله المستعان.

[19]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص333).

[20]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص333).

[21]) قلت: فإذا كنت منصفا يا ربيع فليس لك بعد إلا التراجع والاعتذار، لكن هيهات...هيهات!!!.

[22]) قلت: فهل المدخلي واع لما يقول، أم أنه يهرف بما لا يعرف!!!

    وإلا لماذا سكت عن بيان هذا في (كشفه البالي) (ص15 و16).

    فاليقظة اليقظة أيها الغفلى في (شبكة سحاب)!!!.

[23]) أثر صحيح.

    أخرجه الدارقطني في (السنن) (ج1 ص26)، وابن الجوزي في (التحقيق) (ج1 ص5) بإسناد صحيح.

[24]) وانظر: (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص335).

[25]) وانظر: (.

[26]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص352).

[27]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص355).

[28]) وانظر: (الإكمال) للقاضي عياض (ج6 ص657).

[29]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص358).

[30]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص360).

[31]) بل يعترفا لمدخلي بقصوره، وأنه يخطئ ويصيب، وعلى من وقف على شيء منالخطأ أن ينبهه عليه، ويرشده إلى طريق الصواب، لأن في ذلك بلغ وسعه وجهده، ويذكر أن هذا الأمر من أخلاق العلماء العالية!!!.

انظر كتاب: (بيان فساد المعيار) لربيع (ص6و7).

قلت: لكن في الآونة الأخيرة خالف قوله هذا، ولم يرجع إلى الصواب عندما أرشده العلماء، على قصوره وخطئه، فهو خلاف أخلاق العلماء، والله المستعان

[32]) انظر: (حاشية ابن عابدين) لربيع (ج1 ص62).

[33])انظر: (مقدمة شرح النووي) لصحيح مسلم (ج1 ص7).

[34]) (بيان فساد المعيار) لربيع (ص 7و8).

[35]) وانظر: (المنهاج) للنووي (ج14 ص111)، و(فتح الباري) لابن حجر (ج9 ص318)، و(تحفة الأشراف) للمزي (ج12 ص225).

[36]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص362).

[37]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص364).

[38]) قلت: وإلا لماذا هو متلبس بما يكره على غيره ؟!!!.

[39]) أليس هذا تلبيسا شديدا، وتدليسا كبيرا.

[40]) قلت: وكلامه هذا يعارض كلامه في الأحاديث في كتابه (بين الإمامين مسلم والدارقطني) فتنبه.

[41]) وإلا لماذا أيها المدخلي هذا التنافر في الأقوال؟!!!.

     أم أنت تزن بميزانين

[42]) وانظر:

[43]) انظر: (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص373).

[44]) وانظر: (العلل) للدارقطني (ج10 ص87).

[45]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص399).

[46]) إذا فمن الذي يحارب أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله، هل الذي يضعف حديثا، أو حديثين، أو الذي يضعف العشرات من الأحاديث؟!!!.

لذلك أنت الذي ضد أحاديث صحيح الإمام مسلم رحمه الله؟!!، وأنت المرجف عليها؟!، وأنت الذي ترميه بكثرة الأحاديث الشاذة؟!.

فأين أنت من الكتب التي تدافع عن صحيح الإمام مسلم رحمه الله، وعن سنة رسول الله e عموما، وترد عنها أكاذيب، وأراجيف المستشرقين، وأذنابهم!!!.

[47]) وهذا من الكذب علي أنا لم أضعف أحاديث الشفاعة، وكتابي (القناعة) يدل على ذلك، بل لم أضعف إلا زيادة: (لم يعملوا عملا قط)، فالكذب لا يفيدك شيئا.

[48]) قلت: فأين كثرة الأحاديث التي ضعفتها في (صحيح الإمام مسلم رحمه الله) ياربيع، بل لم أضعف إلا حديثين، وهما: (صوم يوم عرفة) و (لم يعملوا عملا قط) فالكذب لا يفيدك شيئا.

[49]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص403).

[50]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص405).

[51]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص411).

[52]) قلت: وفي ذلك إظهار تلاعب المدخلي بأحاديث (صحيح الإمام مسلم رحمه الله)، ورميه إياها بالشذوذ وغير ذلك اللهم سلم سلم.

[53]) انظر: (حاشية ابن عابدين) (ج1 ص62).

[54]) انظر: (مقدمة شرح النووي) لصحيح مسلم (ج1 ص7).

[55]) (بيان فساد المعيار) لربيع (ص7و8).

[56]) وانظر: (المنهاج) للنووي (ج17 ص177)، و(العلل) للدارقطني (ج9 ص312).

[57]) وانظر: (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص427و428).

[58]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص429).

[59]) (بين الإمامين مسلم والدارقطني) لربيع (ص434).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan