القائمة الرئيسة
الرئيسية / كتب ليست ضمن سلاسل / ذكر الدليل على أن الفوضى في (شبكة سحاب) جعلتهم يتخبطون في الجرح والتعديل، وفقدان التأني والرفق والحلم، بل وصلوا بذلك إلى البراءة من المؤمنين نصرة لفتنة ربيع المدخلي 3

2024-01-16

صورة 1
ذكر الدليل على أن الفوضى في (شبكة سحاب) جعلتهم يتخبطون في الجرح والتعديل، وفقدان التأني والرفق والحلم، بل وصلوا بذلك إلى البراءة من المؤمنين نصرة لفتنة ربيع المدخلي 3

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الدليل على أن الفوضى

في (شبكة سحاب) جعلتهم يتخبطون

في الجرح والتعديل، وفقدان التأني والرفق والحلم،

بل وصلوا بذلك إلى البراءة من المؤمنين

نصرة لفتنة ربيع المدخلي

 

إذا ظهرت فتنة، أو تغيرت الأحوال؛ فعليك بالرفق، والتأني، والحلم، ولا تعجل.

وهذه قاعدة مهمة: عليك بالرفق، وعليك بالتأني، وعليك بالحلم.

والفرقة السحابية في (شبكة سحاب) لم ترع هذه القاعدة العظيمة في الدين، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

ولذلك لم ترع هذه القاعدة الشرعية في الدعوة، فوقعت في خبط وخلط في الجرح والتعديل تبديعا، أو تفسيقا، أو هجرا، أو ذما، أو طردا، أو تخويفا كل ذلك عصبية لربيع المدخلي، بل فقدوا في فتنته الرفق، والتأني، والحلم، بل وصل بهم الحال إلى البراءة من المؤمنين، والتعجل في الأحكام دون الرجوع فيها إلى علماء الحرمين الأحياء منهم والأموات.

قلت: والرفق محمود في الأمر كله.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه)([1]).

قلت: وكلمة (شيء) نكرة أتت في سياق النفي، والأصول تقضي بأنها تعم جميع الأشياء؛ يعني: أن الرفق محمود في الأمر كله([2]).

وبوب عليه الأمام البخاري رحمه الله في (صحيحه) (ج ص)

باب: الرفق في الأمر كله.

في كل أمر عليك بالرفق، وعليك بالتؤدة، ولا تكن عجولا، ولا غضوبا، ولا متعصبا، فلم يكن الرفق في شيء إلا زانه؛ في الأفكار، في المواقف، وفي الفتن الخاصة والعامة، وفيما تريد أن تحكم عليه، وفيما تريد أن تتخذه، عليك بالرفق، ولا تعجل، ولا تكن من المتعجلين إذا تعجلوا، ولا مع المتسرعين إذا تسرعوا، وإنما عليك بالرفق، امتثالا لقول نبيك r: (إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه)([3]).

قلت: فخذ بالأمر المزين، وخذ بالأمر الحسن، وإياك ثم إياك من الأمر المستبين، وهو أن نزع من قولك، أو فعلك، الرفق في الأمر كله.

قلت: وعليك بالتأني والحلم في الأمر كله.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال لأشج عبد القيسt: (إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم، والأناة)([4]).

قلت: والتأني خصلة محمودة في الشرع.

ولهذا قال تعالى: (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا) [الإسراء:11].

لذلك، لا بد من الحلم في الفتن، لأنه بالحلم يمكن رؤية الأشياء على حقيقتها، وتبصر الأمور على ما هي عليه.

ولهذا؛ فإننا نعجب من الإصدارات التي تصدر من السحابيين في الحكم في الدين، والحكم على الآخرين من دون مراعاة للضوابط السابقة، حتى برزت فيهم الفتن، وتغيرت فيهم الأحوال، بل بدون التصور الصحيح في ذلك.

قلت: إذا برزت الفتن، وتغيرت الأحوال؛ فلا يجوز للمسلم أن يحكم على شيء من تلك الفتن، أو من تغير الحال إلا بعد تصوره؛ رعاية للقاعدة: (الحكم على الشيء فرع من تصوره).

وهذه القاعدة رعاها علماء السنة جميعا، ودليلها الشرعي في كتاب الله تعالى.

قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) [الإسراء:36]

يعني: أن المر الذي لا تعلمه، ولا تتصوره، ولا تكون على بينة منه؛ فإياك أن تتكلم فيه، وأبلغ من أن تكون فيه قائدا، أو أن تكون فيه متبعا، أو أن تكون فيه حكما([5]).

إذا تبين لك ذلك؛ فإن الحاكم، أو المفتي، أو المتكلم في المسائل الشرعية لا يجوز له أن يتكلم فيها رعاية لحق نفسه، ورعاية لخلاص نفسه من الإثم، ثم رعاية لحق المسلمين جميعا، وتبريا من القول على الله بلاعلم، إلا إذا حصل له أمران:

الأمر الأول: أن يتصور القضية المطروحة تماما.

الأمر الثاني: أن يعلم حكم الله تعالى، وحكم رسوله r في هذه القضية بعينها.

قلت: ولهذا؛ فإنه لا بد من مراعاة هذه القاعدة الأصولية([6]).

وعن عطاء بن يسار رحمه الله قال: (ما أتي شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم).

                                                   أثر صحيح.

أخرجه أبو خيثمة في (العلم) (81) من طريق ابن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن القيم في (إعلام الموقعين) (ج6 ص107).

وعن ابن وهب رحمه الله قال: سمعت مالكا يقول: (العجلة في الفتوى نوع من الجهل والخرق)، وكان يقول: (التأني من الله، والعجلة من الشيطان، وما عجل امرؤ فأصاب، واتأد آخر فأخطأ، إلا كان الذي اتأد أصوب رأيا، ولا عجل امرؤ فأخطأ، واتأد آخر فأخطأ ؛ إلا كان الذي اتأد أيسر خطأ).

                                         أثر صحيح.

أخرجه البيهقي في (المدخل إلى السنن الكبرى) من طريق أحمد بن سهل البخاري ثنا إبراهيم بن معقل ثنا حرملة بن قيس ثنا ابن وهب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن القيم في (إعلام الموقعين) (ج2 ص167).

وعن حبيب بن حجر القيسي رحمه الله قال: كان يقال: (ما أحسن الإيمان يزينه العلم، وما أحسن العلم يزينه العمل ، وما أحسن العمل يزينه الرفق، وما أضيف شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم).

                                                         أثر صحيح.

اخرجه ابن المبارك في (الزهد) (ج2 ص796)، وابن قتبة في (عيون الأخبار) (ج1 ص396)، والدينوري في (المجالسة) (ج3 ص161)، والفسوي في (المعرفة والتاريخ) (ج3 ص403)، والخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي) (ج1 ص94)، وابن أبي الدنيا في (الحلم) (14) عن حبيب بن حجر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

فالحلم لباس العلم! ([7]).

وعن وهب بن منبه رحمه الله قال: (المؤمن يخالط ليعلم ، ويسكت ليسلم، ويتكلم ليفهم).

                                                       أثر حسن.

أخرجه أبو الفضل الزهري في (حديثه) (ج2 ص519)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ج7 ص96)، وأبو نعيم في (الحلية) (ج4 ص68) من طريق نافع بن يزيد عن عامر بن مرة اليحصبي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره المزي في (تهذيب الكمال) (ج31 ص148)، والذهبي في (السير) (ج4 ص549).

وعن بشر بن الحارث قال: (الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا).

                                                      أثر حسن.

أخرجه أبوالفضل في (حديثه) (ج2 ص670) من طريق محمد بن جعفر السمسار قال: قال بشر بن الحارث به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن سفيان الثوري رحمه الله قال: (الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا).

                                                        أثر صحيح.

أخرجه أبو نعيم في (الحلية) (ج7 ص52) من طريقين عن أحمد بن يونس ثنا المعافى بن عمران قال: سمعت سفيان الثوري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (ج4 ص200): (فليس صاحب العلم والفتيا إلى شيء أحوج منه إلى الحلم والسكينة والوقار، فإنها كسوة علمه وجماله، فإذا فقدها كان علمه كالبدن العاري من اللباس، وقال بعض السلف: ما قرن شيء إلى شيء أحسن من علم إلى حلم.

والناس هاهنا أربعة أقسام: فخيارهم من أوتي الحلم والعلم، وشرارهم من عدمهما، الثالث من اوتي علما بلا حلم، والرابع: عكسه.

فالحلم زينة العلم وبهاؤه وجماله، وضده الطيش والعجلة والتسرع وعدم الثبات، فالحيلم لا تستفزه البدوات، ولا يستخفه الذين لا يعلمون، ولا يقلقله أهل الطيش، والخفة ، والجهل.

بل هو وقور ثابت ذو اناة، يملك نفسه عند ورود أوائل الأمور عليه ولا تملكه اوائلها، وملاحظته للعواقب تمنعه أن تستخفه دواعي الغضب والشهوة، فبالعلم تنكشف له مواقع الخير والشر والصلاح والفساد، وبالحلم يتمكن من تثبيت نفسه عند الخير فيؤثره ويصبر عليه، وعند الشر فيصبر عنه، فالعلم يعرفه رشده، والحلم يثبته عليه).اهـ

فاتق الله يا ربيع، وأقصر عن هذه التدليسات([8]) والتلبيسات على أتباعك، فإنها مفاتيح شر عليك وعليهم، ولا تغتر بنفسك أكثر من ذلك، فإنها تصريحات وافتراءات خادعة ولعبة منك عندما ضاقت عليك الأرض بما رحبت.

قلت: فلا تلبس الحق بالباطل مع علمك به، ولا تخلطه بغيره لأن علماء أهل السنة والجماعة ميزوا بين آرائك الباطلة المخالفة للكتاب والسنة ومنهج السلف، فلا تكن فتانا.([9])

والله تعالى يقول: ﴿ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾ [البقرة:42].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (منهاج السنة) (ج5 ص167): (ولهذا سمي أهل البدع أهل الشبهات، وقيل فيهم: إنهم يلبسون الحق بالباطل).اهـ

قلت: وهذا الكلام كان يقوله: لعبدالرحمن عبدالخالق، وعدنان عرعور، وأبي الحسن المأربي وغيرهم، فإذا به يقوله وأشد والله المستعان.

والله تعالى يقول: ﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون﴾ [البقرة:44].

قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فتنبه.([10])

قلت: فالواجب اتباع الدليل من الشرع وتعظيمه، وأن يستشعر سامعه أن قائله قد خاطبه به لأنه من الشرع، فتكون الهيبة في قلبه للشرع وأدلته، لا للرجال وآرائهم المخالفة للشرع([11]) اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج15 ص115): (من أصول الإسلام أن تميز ما بعث الله به محمد r من الكتاب والحكمة، ولا تخلطه بغيره، ولا تلبس الحق بالباطل، كفعل أهل الكتاب، فإن الله سبحانه أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، وقد قال النبي r: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)). اهـ

ثم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج15 ص115): (وجماع ذلك بحفظ أصلين:

أحدهما : تحقيق ما جاء به الرسول r، فلا يخلط بما ليس منه من المنقولات الضعيفة، والتفسيرات الباطلة بل يعطي حقه من معرفة نقله، ودلالته.

والثاني: أن لا يعارض ذلك بالشبهات، لا رأيا، ولا رواية). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (درء التعارض) (ج1 ص73): (وبذلك يتبين أن الشارع عليه الصلاة والسلام نص على كل ما يعصم من المهالك نصا قاطعا للعذر، وقال تعالى: ﴿وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون﴾ [التوبة:115].

وقال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ [المائدة:3]). اهـ

وقال تعالى: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات﴾ [الحديد:25].

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في (الصواعق المرسلة) (ج4 ص1263): (إن أئمة الإسلام وملوك السنة، لما عرفوا أن طرق المتكلمين إنما تنتهي إلى هذا- يعني الشك والحيرة والتناقض- وما هو شر منه - كـ (الإرجاء) -، تنوعوا في ذمها والطعن فيها وعيب أهلها والحكم بعقوبتهم، وإشهارهم والتحذير منهم).([12]) اهـ

قلت: وما أراده ربيع في مسائل الإيمان وغيرها من الأصول كلها باطلة بلا شك، فعليه أن يمتنع من إلقائها لمفاسد تنجر من ورائها اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج1 ص297): (فقد يكون المعنى صحيحا، ويمتنع من إطلاق اللفظ لما فيه من مفسدة، وقد يكون اللفظ مشروعا، ولكن المعنى الذي أراده المؤلف باطل!!!).اهـ

قلت: فالمتكلم في الأصول لا بد عليه من التفصيل الدقيق الذي يعرف به الحق من الباطل كما قال تعالى: ﴿قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون﴾ [الأنعام:97].

وقال تعالى: ﴿وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين﴾ [الأنعام:55].

والمخاطب إذا لم يفصل في الأصول سوف يقع في المتشابه والضلالة كما فعل ربيع فوقع في المتشابهات والضلالات في الأصول- وهكذا كلما تكلم في الأصول وقع في المتشابهات مرة بعد أخرى- فاكتسب زيغا وضلالا لا تنزع عنه إلا بالتوبة الصادقة النصوحة اللهم غفرا.

قال تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس:32].

ولقد حذر الكتاب، وكذلك السنة من أصحاب أتباع المتشابه في دين الله تعالى، لأنه زيغ في القلب والعياذ بالله.

قال تعالى: ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم([13]) يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب﴾ [آل عمران:7].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (تلا رسول الله r في الآية ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾ قالت: قال رسول الله r: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم).([14])

وبوب عليه النووي في (شرح صحيح مسلم) (ج16 ص216): باب النهي عن إتباع متشابه([15]) القرآن، والتحذير من متبعيه.

واعلم يا ربيع أن ورود المتشابهات صارت من شعار الخوارج قديما وحديثا كما هو معروف عندهم منهم في هذا العصر: كـ (سلمان العودة، وسفر الحوالي، وعائض القرني، وعدنان عرعور، وعبدالرحمن عبدالخالق) وغيرهم.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (يؤمنون بمحكمه، ويضلون عند متشابهه).([16])

قال ابن القيم رحمه الله في (الصواعق المرسلة) (ج3 ص926): (إن هؤلاء المعارضين للكتاب والسنة بعقلياتهم التي هي في الحقيقة جهليات، إنما يبنون أمرهم في ذلك على  أقوال مشتبهة محتملة، تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ، ما يوجب تناولها بحق وباطل، فيما فيها من حق يقبل، وما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس، ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء، وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع كلها.

فإن البدعة لو كانت باطلا([17]) محضا لما قبلت، ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها، ولو كانت حقا محضا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنة، ولكنها تشتمل على حق وباطل، ويلتبس فيها الحق بالباطل، كما قال تعالى: ﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾ [البقرة:42].

فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه، ولبسه به: خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، ومنه التلبيس، وهو التدليس والغش الذي يكون باطنه خلاف ظاهره، فكذلك الحق إذا لبس بالباطل، يكون فاعله على قد أظهر الباطل في صورة الحق، وتكلم بلفظ له معنيان: معنى صحيح، ومعنى باطل، فيتوهم السامع أنه أراد المعنى الصحيح، ومراده الباطل، فهذا من الإجمال في اللفظ.

وأما الاشتباه في المعنى فيكون له وجهان، هو حق من أحدهما، وباطل من الآخر، فيوهم إرادة الوجه الصحيح، ويكون مراده الباطل.

فأصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة، والمعاني المشتبهه، ولا سيما إذا صادفت أذهانا مخبطة([18])، فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوى وتعصب، فسل مثبت القلوب أن يثبت قلبك على دينه، وأن لا يوقعك في هذه الظلمات).اهـ

عن مجاهد رحمه الله قال: (ولا تتبعوا السبل) قال: (البدع والشبهات).([19])

إذا فلا تكن يا المدخلي معول هدم يستعمل لضرب بلد الحرمين، الذي تميز بالمسائل السلفية الصافية، فتستبدله بالمسائل المرجئية الفاضحة، وتطعن فيهم لأجل هواك.

لقد ميعت المنهج السلفي، ومرغته في عقلك، وجعلته خدمة لأهل الأهواء، وتظن نفسك إنك تحسن صنعا.([20])

وأقول هذه التصريحات من ربيع لأصوله الفاسدة موجة إلى السلفيين من علماء وطلبة علم وأتباعهم في مشارق الأرض ومغاربها.

إذا أيها المسلمون كيف تختلفون بسبب بدع ربيع ويعادي بعضكم بعضا من أجل رجل أثار نقع الفتنة واقتدح نارها، واكتوى بها، وتضرر من حرها كثيرا، وانتهى من مذهب أهل السنة والجماعة، فليس لنا حاجة به كما قال علماء السنة في بلد الحرمين.([21])

لأنه وصل به الأمر رمي أهل السنة بألفاظ هي تكفير لهم بلا شك، لا لشيء إلا أنهم خالفوه في بدعه الأخيرة من إرجاء وغيره.([22])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج1 ص271): (ومعلوم أن الخوارج هم مبتدعة مارقون كما ثبت في النصوص المستفيضة عن النبي r، وإجماع الصحابة ذمهم، والطعن عليهم، وهم إنما تأولوا آيات من القرآن على ما اعتقدوه، وجعلوا من خالف ذلك كافرا، لاعتقادهم أنه خالف القرآن.

فمن ابتدع أقوالا ليس لها أصل في القرآن، وجعل من خالفها كافرا كان قوله شرا من قول الخوارج).([23]) اهـ

وقال ابن القيم رحمه الله في (الصواعق المرسلة) (ج3 ص988): (إن هؤلاء المعارضين للوحي بعقولهم ارتكبوا أربع عظائم: ... وذكرها... الرابعة: تكفيرهم، أو تبديعهم وتضليلهم لمن خالفهم في أصولهم التي اخترعوها، وأقوالهم التي ابتدعوها، مع أنها مخالفة للعقل والنقل!!!). اهـ

بل وصل به الأمر الآن إلى رد الآثار السلفية وتضعيفها التي جرت غير الموافقة لمذهبه، ويدعي أنها مخالفة لمنهج السلف، وغير جارية على مقتضى الدليل، اللهم غفرا.([24])

قال الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام) (ج1 ص232): (وربما ردوا فتاويهم – يعني الصحابة والتابعين – وقبحوها في أسماع العامة، لينفروا الأمة عن اتباع السنة وأهلها ...). اهـ

قلت: فنجد أن رد الآثار من أصول أهل الاهواء، ومناهجهم، وسماتهم الثابتة اللهم غفرا.

قال البربهاري رحمه الله في (شرح السنة) (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار، ولا يقبلها، أو ينكر شيئا من أخبار رسول الله r فاتهمه على الإسلام، فإنه رجل رديء المذهب والقول).([25]) اهـ

قلت: فربيع لا يتورع في رد الآثار... وفي هذا مشاقة لمنهج السلف.

قال الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام) (ج1 ص49): (أن المبتدع معاند للشرع، ومشاق له). اهـ

قلت: وهذه السمة عند أهل الأهواء يلجؤون إليها عندما تتصادم أصولهم الفاسدة مع الآثار السلفية والله المستعان.

قال البربهاري رحمه الله في (شرح السنة) (ص54): (إذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده، ويريد القرآن([26]) فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة، فقم من عنده ودعه). اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ذكر الدليل على أن الفوضى

في (شبكة سحاب) جعلت السحابية

في صدورهم غلا وحقدا على المسلمين

 

اعلم رحمك الله أن الفوضوي يتدخل في صلاحية الآخرين، أو يقصر في حقهم، فلا يرى ضوابط شرعية، ولا آداب اجتماعية، ولا الأخوة الإسلامية، فتكون العاقبة من بعد النفور والقطيعة، فيهجر هذا، ويترئ من هذا، ويحقد على هذا، ويقاطع هذا، ويجرح هذا، ويتعصب لهذا، ويصاحب هذا، وهكذا على حسب الأهواء، حتى يؤدي فيما بينهم إلى الفرقة، والتنازع، والتقاطع، والإتهام، وغير ذلك.

وقد قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا) [الأنفال:46].

قلت: وهذا التخبط نوع من الظلم الذي حرمه الله تعالى، كما في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا،... الحديث) ([27]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج28 ص13) في التخريب وأثره: (وعلى المعلمين أن يكون متعاونين على البر والتقوى، كما امر النبي r بقوله: (المسلم أخوا المسلم لا يسلمه، ولا يظلمه)، وقوله r: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)... وليس لأحد من المعلمين أن يتعدى على الآخر، ولا يؤذيه بقول، ولا فعل بغير حق، فإن الله تعالى يقول: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) [الأحزاب: 58]، وليس لأحد أن يعاقب أحدا على غير ظلم، ولا تعدي حد، ولا تضييع حق، بل لأجل هواه؛ فإن هذا من الظلم الذي حرمه الله ورسوله، فقد قل تعالى فيما روى عنه نبيه r: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا)).اهـ

قلت: وليس بعد الظلم إلا انفصام عرى الأخوة بين المسلمين.

وقد استفحل الظلم في (شبكة سحاب) إلى وحشة فيما بينهم وجفاء، بل إلى وحشة الاختلاف والتنازع، واختلاف الجابري مع الحجوري، واختلاف بازمول مع الحلبي، وغير ذلك، لهو أكبر دليل على ذلك، بل هؤلاء في (شبكة سحاب) (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) [الحشر:14].

 



[1])أخرجه مسلم في (صحيحه) (4705)، وأبو داود في (سننه) (2123)، وأحمد في (المسند) (13271)، وابن حبان في (صحيحه) (555)، وغيرهم.

[2]) انظر: (الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن) للشيخ صالح آل شيخ (ص15).

[3]) انظر: (الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن) للشيخ صالح آل شيخ (ص16).

[4]) أخرجه مسلم في (صحيحه) (27)، والترمذي في (سننه) (1930)، وابن ماجه في (سننه) (4186)، وأحمد في (المسند) (23427)، وابن حبان في صحيحه (7360)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (18662)، وغيرهم.

[5]) لذلك عند ظهور الفتن، واختلاف الأحوال؛ لا يجوز أن نعتمد على كلام المتعجلين من المنتسبين إلى العلم، أو من المتعالمين!!!.

هذا لا يجوز شرعا أن نبني عليه حكما شرعيا، وإنما الحكم الشرعي يبنى على علماء أهل السنة والجماعة.

[6]) تلخص من هذا: أن هذه القاعدة: (الحكم على الشيء فرع من تصوره)، أساسها التصور، ولا يمكن أن يكون صحيحا في الشرع إلا إذا كان من عالم ثقة.

[7]) قلت: وهؤلاء وجدوا الكلام أخف عليهم من العمل، فهلكوا به!!!.

([8]) والمسلمون ليسوا بحاجة إلى شئ مما ابتدعته أنت، فعلى علماء السنة أن يميزوا السنة عن باقي آرائك المشينة والله المستعان.

([9]) وانظر: (درء تعارض العقل والنقل) لابن تيمية (ج1 ص73).

([10]) وربيع يدعي أننا ننزل كلام الله تعالى وكلام رسوله r وكلام أهل العلم في غير محله، وهذه القاعدة ترد عليه وتقصم ظهره فافطن لهذا ترشد.

([11]) وانظر: (استخراج الجدال من القرآن الكريم) لابن الحنبلي (ص70).

([12]) فعلى المسلم العاقل أن يجتنب مقالات ربيع، وذلك أنه تنتهي بالمسلم إلى الشك في الدين والحيرة والتناقض بسبب كثرة تخبطه وتخلطه في أحكام الأصول والله المستعان.

([13]) قلت: ولو رجع ربيع إلى الراسخين في العلم في أصول الدين لما وقع في المتشابه من إرجاء وغيره والله المستعان.

([14]) أخرجه البخاري في (صحيحه) (4547)، ومسلم في (صحيحه) (2665).

([15]) قلت: فالمخالفات التي وقع فيها ربيع في الأصول تعتبر من المتشابه اللهم سلم سلم.

([16]) أثر صحيح.

         أخرجه الآجري في (الشريعة) (ج1 ص441) بإسناد صحيح.

([17]) قلت: كالإرجاء فلو كان باطلا محضا لما قبل، ولبادر كل أحد إلى رده وإنكاره والله المستعان.

     قلت: ولذلك لا ترى ربيعا له المواقف المشرفة الآن في تبيين الأصول السلفية في الآونة الأخيرة غير التناقضات البينة اللهم غفرا.

     بل وصل به الأمر رمي علماء السلفية، وهذا هو الذي جعل أتباعه يتطاولون على علماء السلفية بالطعن فيهم كـ (الشيخ عبدالله الغديان والشيخ صالح الفوزان) وغيرهما، بل وصل بهم الأمر أنهم هموا بالنصح للشيخ صالح الفوزان عندما رد على ربيع في خطئه في الإرجاء وغيره.

     كل هذا بسبب رمي ربيع الكلام جزافا دون ضوابط سلفية، وهذا هو الذي جعله أيضا يتطاول على علماء الحرمين كـ (هيئة كبار العلماء) و (اللجنة الدائمة للإفتاء) ويرميهم بالتهم أنهم لم يجاهدوا أهل البدع وغير ذلك، بل فضل الصغار عند (النجمي) عليهم!!!.

     قلت: فكيف طاوعته نفسه مخاطبته أتباعه بهذه التراهات، واتهامه العلماء بالتقصير في الدين، حتى أنه يدعي أن مشاكل الأمة كلها على رأسه!!! اللهم غفرا.

([18]) قلت: ولذلك يجب نصح المسلمين جملة وتفصيلا.

     قال البربهاري رحمه الله في (شرح السنة) (ص93): (ولا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين- برهم وفاجرهم- في أمر الدين، فمن كتم فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين). اهـ 

([19]) أثر صحيح.

     أخرجه الدارمي في (المسند) (ج1 ص386) وابن جرير في (تفسيره) (ج8 ص88) والبيهقي في (المدخل) (201) وابن أبي حاتم في (تفسيره) (ج5 ص1422) والمروزي في (السنة) (20) وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (134) وأبو الفتح المقدسي في (الحجة) (ج1 ص59) والهروي في (ذم الكلام) (145) بإسناد صحيح.

     وذكره السيوطي في (الدر المنثور) (ج3 ص386) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد وأبي الشيخ.

([20]) قلت: وهو يدعي نفسه أنه يجمع شمل المسلمين!!!.

     إن كنت حقا تسعى إلى جمع شمل المسلمين... فكان حقيقا بك أن ترجع عن بدعة الإرجاء وغيرها، ومن ثم تبين للمسلمين الأصول التي اتفقوا عليها في مسائل الإيمان وغيرها على ما في كتاب الله تعالى وسنة نبيه رسوله r بفهم سلف الأمة، فهذا هو طريق العلم، ولم الشمل وإلا فلا ﴿ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا﴾ [النساء:88].

([21]) ولذلك ترى أتباعه يلبس بعضهم على بعض في شبكة سحاب الحزبية، وهم بعضهم بعضا في الوقيعة والنميمة انتقاما منهم لعلهم يرون غليلهم لما سقط ربيع على أم رأسه فلا تقوم له قائمة إلى أن يموت اللهم غفرا.

     ولذلك ترى العلماء الآن لا يزكون ربيعا ولا كتبه ولا منهجه ولا مقالاته، لأن مخالفاته الشرعية صارت حديث الساعة، وقضية العصر لكثرتها والله المستعان. 

([22]) قلت: وقال هذا الكلام بعد أن انتقدوه في أصولة الفاسدة لقد لمس السلفيون في العالم لمسا واضحا أن ربيعا لم يكن صادقا في تراجعه، فهو لا يبالي في التوبة أمام الله تعالى، ثم أمام علماء الحرمين والله المستعان.

([23]) فليكن طلاب العلم على بينة من أمر ربيع الآن، ولا يمشوا وراءه بعواطفهم وجهلهم، ولا يغتروا بشقاشقه، وبزبالات فكره في الإرجاء وغيره، فإن نهايتهم قريبة ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس:32].

([24]) وانظر: (الاعتصام) للشاطبي (ج1 ص231)، و(منهاج السنة) لابن تيمية (ج3 ص79)، و(الصفدية) (ج1 ص294).

     قلت: وهذه سمة مشتركة لعامة أهل الاهواء أنهم يردون النصوص والآثار إذا خالفت أهواءهم، أو عارضت أصولهم الفاسدة، وقواعدهم الباطلة.

     مع أن السلف أعلم من أهل الأهواء – بالضرورة – بمراد الله تعالى ورسوله r، وأفقه لدين الله تعالى، ومنهجهم في الدين أعلم وأسلم وأحكم. لكن أهل الأهواء لا يفقهون.

([25]) فربيع رديء المذهب والقول، فهو مرجئ مضطرب في آرائه والعياذ بالله.

     قال الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام) (ج1 ص144): (ولذلك تراهم – المبتدعة – يرتضون اليوم مذهبا، ويرجعون عنه غدا، ثم يصيرون بعد غد إلى رأي ثالث). اهـ

([26]) ولذلك المدخلي الآن إذا أتيت له باعتقاد من اعتقاد السلف، يقول لم يثبت ذلك في القرآن!، سبحان الله إذا ثبت ذلك في آثار السلف، فاعلم أنه يثبت في القرآن، أما عن طريق لغة العرب، أو السنة، أو إجماع السلف أهل الحديث، فافهم هذا ترشد.

[27]) أخرجه مسلم في (صحيحه) (4681)، وابن حبان في (صحيحه) (625)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (10635)، والطيالسي في (المسند) (460)، وغيرهم.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan