القائمة الرئيسة
الرئيسية / كتب ليست ضمن سلاسل / ذكر الدليل على أن الفوضى والفوضوية جعلت السحابيين ضحايا التعصب المذموم لربيع المدخلي 4

2024-01-16

صورة 1
ذكر الدليل على أن الفوضى والفوضوية جعلت السحابيين ضحايا التعصب المذموم لربيع المدخلي 4

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الدليل على أن الفوضى

والفوضوية جعلت السحابيين ضحايا

التعصب المذموم لربيع المدخلي

 

فإن التعصب الذميم هو الداء العضال، لما يؤدي إليه من آثار سيئة في الفرد والمجتمع([1])، وهو الذي فتك قديما بعقل إبليس اللعين أولا حيث تعصب لنفسه، وهو على باطل في معصيته لله تعالى في أمره بالسجود لآدم فاستكبر وأبى، وكان من الكافرين، وقد أخبر الله تعالى عنه في ذلك.

فقال تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين، قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين)  [الأعراف:11و12و13].

ثم فتك التعصب بعقل ابن آدم حيث تعصب لرأيه ونفسه فهلك، وقد أخبر الله تعالى عنه.

فقال تعالى: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين، إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين، فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) [المائدة:27و28و29و30].

ثم بعد ابن آدم فتك التعصب بعقول المم السابقة، وقد أخبر الله تعالى عنهم، فهلكوا بسبب تعصبهم لآرائهم المشينة، وهم قوم نوح عليه السلام، وقوم إبراهيم عليه السلام، وقوم هود عليه السلام، وقوم صالح عليه السلام، وقومشعيب عليه السلام، وغيرهم.

فقال تعالى: (ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد، كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب) [غافر: 4و5].

وقال تعالى: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون، فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين) [المؤمنون: 23و24].

وقال تعالى: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون (19) وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون (20) أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون (21) بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون (22) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) [الزخرف: 19-23].

وقال تعالى: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين، أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم) [هود:25 و26].

وقال تعالى: (قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) [الزخرف:24].

وقال تعالى: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون، قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون) [الأعراف:75 و76].

وقال تعالى: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين) [الأعراف: 88].

وقال تعالى: (قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب) [هود:62].

وقال تعالى: (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون، وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون، فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين) [الأعراف: 80-83].

وقال تعالى: (ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) [الأعراف: 103].

وقال تعالى: (قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم، يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون) [الأعراف: 109 و110].

وقال تعالى: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون) [الأعراف: 130].

وقال تعالى: (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين) [الأعراف:136].

وقال تعالى: (قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين، إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون) [هود: 53و54].

وقال تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين) [الأنعام:74].

وقال تعالى: (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون) [الأنعام: 80].

وقال تعالى: (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز) [هود:91].

قلت: وهذا التعصب أيضا فتك بعقول اليهود والنصارى دعاة الكفر والشرك([2]) والجدل!!!.

قال تعالى: (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) [البقرة:135 و136].

وقال تعالى: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) [البقرة:113].

وقال تعالى: (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) [الزخرف:23].

ولقد اشتهر اليهود والنصارى بالتعصب لدينهم الباطل، وما فيه من تحريف، وبجدلهم العقيم منذ قديم الأزل خاصة اليهود، والجدل والتعصب سمة لازمة من سماتهم([3])، وصفة أزلية ورثوها كابرا عن كابر، وصفة الجدل والتعصب كانت نتيجة طبيعية لهذا الجنس من البشر بعدما أشرب في قلوبهم الأمراض القاتلة والفتاكة مثل تحريف الكلم عن مواضعه، والغش، والخداع، والنفاق، والكذب إلى غير ذلك من الأمراض التي إذا اتصف بأحدها جنس من البشر لكانت فيها مهلكته فما بال هذه الخصال وغيرها مجتمعة في هذه الناس الأشرار، من أجل ذلك أضرمت فيهم هذه الخصلة الذميمة حتى صارت صفة التعصب والجدل والمراء من عادتهم الراسخة، فهم يتعصبون ويجادلون بالحق، أو الباطل، ويجادلون أنبيائهم، وصالحيهم، ويتعصبون لأفكارهم وآرائهم، ويجادلون في أمر الله تعالى، وفي كتبه، ويجادلون في كل شيء، وإن لم يجدوا من يتجادلون معه تجادلوا مع بعضهم البعض([4])!!!.

إذن هؤلاء ورثة التعصب والجدال عن إبليس عليه لعائن الله تعالى المتتابعة إلى  يوم الدين، حينما جادل في أمر الله تعالى عندما أمره، والملائكة بالسجود لآدم عليه السلام فابى، واستكبر، وعاند، وجادل حتى طرده الله تعالى من رحمته نتيجة لتعصبه وجداله، ومرائه، واستكباره، وعناده، وهذه هي صفات اليهود والنصارى فهم أعوان الشيطان ونوابه، وهم حزب الشيطان والذين تساووا معه في الصفات التي بسببها طرد من رحمة الله تعالى([5])، اللهم سلم سلم.

إذن اليهود والنصارى أعداء الله تعالى، وأعداء الملائكة، وأعداء لرسله، وأعداء لجبريل، وميكال، وأعداء المسلمين([6]) : (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ، من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) [البقرة: 97 و98].

فهولاء هماليهود والنصارى، وهذا تعصبهم وجدالهم مع أنبياء ورسل الله تعالى الذين أرسلهم الله تعالى لهداية الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، لكنهم أبوا إلا التعصب، والعناد، والمكابرة، فطمس الله قلوبهم، وجعلهم مطرودين من رحمته، مغضوب عليهم غلى يوم الدين.

فالله تعالى يقص علينا هذه القصص حتى نعتبر، قصص الأنبياء مع أممهم، وبيان مصارعهم، كل ذلك لنعتبر، ونتعظ، ونحذر أن نقع في هذا التعصب الخطير الذي وقعت  فيه الأمم، فهلكت([7]).

فقال تعالى: (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين) [هود:120].

قلت: ولقد ابتلي أناس من هذه الأمة في هذه الأزمان بخصلة التعصب، والتقليد الأعمى، ولا شك أن امتداد جذورها إلى زمن الأمم السابقة.

قلت: وخصلة العصبية، التي هي قاعدة الخروج عن شرع الله تعالى، وحكمه، وأساس الفساد في دين الناس، ودنياهم([8]).

لذلك حذر النبي r من العصبية والتعصب.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : ( من قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصبية، فقتل فقتلة جاهلية).

وفي لفظ: (من قتل تحت راية عمية يغضب للعصبة، ويقاتل للعصبة فليس، من أمتي) ([9]).

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في (اقتضاء الصراط المستقيم) (ج1 ص219): (إضافة الأمر إلى الجاهلية يقتضي ذمه، والنهي عنه، وذلك يقتضي المنع من أمور الجاهلية مطلقا).اهـ

وعن الحارث الأشعري t، أن رسول الله r قال : (ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثا جهنم، قالوا يا ر       سول الله: وإن صام وصلى ؟، قال : " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم...) ([10]) الحديث.

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: (غزونا مع النبي r وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا، وقال : الأنصاري يا للأنصار ، وقال : المهاجري يا للمهاجرين فخرج النبي r فقال : ما بال دعوى أهل الجاهلية ثم، قال : ما شأنهم فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري، قال : فقال النبي r : دعوها فإنها خبيثة) ([11]).

قلت: هذا أبلغ حديث في ذم العصبية، والتعصب. فانتبه.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: انتهيت إلى النبي r وهو في قبة من أدم، فقال: (من نصر قومه على غير الحق، فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه) ([12]).

قلت: ومعناه: أن من نصر قومه على غير الحق فقد أوقع نفسه في المهلكة بتلك النصرة الباطلة، حيث أراد الرفعة بنصرة قومه، فوقع في حضيض بئر الإثم، وهلك كالبعير، فلا تنفعه تلك النصرة كما لا ينفع البعير نزعه عن البئر بذنبه.

          فشبه النبي r القوم ببعير هالك، لأن من كان على غير حق فهو هالك، وشبه ناصرهم بذنب هذا البعير، فكما أن نزعه بذنبه لا يخلصه من الهلكة، كذلك هذا الناصر لا يخلصهم عن بئر الهلاك التي وقعوا فيها([13]).

ومنه قوله تعالى: (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنا تصرفون) [يونس:32].

قال القرطبي رحمه الله في (جامع أحكام القرآن) (ج8 ص335): ((ذا) صلة أي ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال... قال علمائنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة...الحق).اهـ

          وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول الله r قال: (ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع) ([14]).

          قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في (اقتضاء الصراط المستقيم) (ج1 ص305): (وهذا يدخل فيه ماكانو عليه من العادات والعبادات، مثل دعواهم: يا لفلان، ويا لفلان، ومثل اعيادهم وغير ذلك من أمورهم).اهـ

          قلت: لذلك فتك التعصب بعقول أناس من هذه الأمة من الفرق والجماعات الضالة قديما وحديثا، فأصابها داء التعصب في عقائدها، وعباداتها، فتفرقوا في دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون، فهلكوا، وأهلكوا([15]) والعياذ بالله.

          فهؤلاء المبتدعة لم ياخذوا العبر من مثلات الأمم السابقة، فتراهم يرتكبون كل الشنائع من البدع والمعاصي دون مبالاة، ولا خوف، ولا خجل، وكم جائهم النصائح من علماء أهل السنة والجماعة، فلم يتوبوا، ولم يرجعوا ليتمسكوا بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، ومنهج السلف الصالح.

وقد أخبر عنهم النبي r في أحاديث كثيرة، مما يبين خطر أهل التعصب على الدين.

فعن عبد الله بن عمرو t قال : قال رسول الله r: (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار إلا واحدة ما أنا عليها اليوم وأصحابي) ([16]).

إذا فالتعصب هو داء فتاك بعقول الفراد، والجماعات، بل ويؤدي إلى ترك الكتاب والسنة، والإقبال على آراء الرجال، وأفكارهم.

قلت: وما زال هذا الداء المهلك يفتك بعقول الفرق الكبيرة، والصغيرة، في هذا الزمان، من دعاة التعصب من المذهبيين، والحزبيين([17]).

قلت: وهؤلاء لم يستفيدوا من المثلات التي نزلت بالمم السابقة الظالمة بسبب تعصبهم لعقائدهم، وإصرارهم على عنادهم، وتبين كيف كانت تلك الأمور سببا في هلاكهم، وتدميرهم في الدنيا، وشقائهم الأبدي، وعذابهم الشديد في الآخرة([18]).

ولقد أخبر الله تعالى عن أهل البدع والأهواء، وحذر منهم لخطرهم على الأمة الإسلامية([19]).

قال تعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره [الأنعام:68].

عن ابن عون قال: (كان محمد بن سيرين يرى أن هذه الآية نزلت في أهل الأهواء: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره [الأنعام:68]. وقرأ ابن عون حتى ختم الآية).

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في القدر (ص216) وابن بطة في الإبانة الكبرى (353) وأبو الفتح المقدسي في الحجة (ج1 ص289) من طريق عبيدالله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا ابن عون به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

1) وتابعه ابن مهدي ثنا معاذ بن معاذ عن عبدالله بن عون به.

أخرجه ابن أبي زمنين في أصول السنة (234) والداني في الرسالة الوافية (ص150).

وإسناده صحيح.

2) وتابعه أحمد بن سنان ثنا معاذ بن معاذ ثنا عبدالله بن عون به.

أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (ج4 ص1314).

وإسناده صحيح.

3) وتابعه عبدالرحمن بن عمر الزهري حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا ابن عون به.

أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص496).

وإسناده صحيح.

4) وتابعه قريش بن أنس حدثنا ابن عون به.

أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص496).

وإسناده حسن.

5) وتابعه سعدان بن نصر البزار حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون به.

أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص431).

وإسناده صحيح.

وأورده السيوطي في الدر المنثور (ج3 ص292) وعزاه لابن أبي حاتم وعبد بن حميد وأبي الشيخ.

قلت: ويدخل في هذه الآية كل محدث في الدين، وكل مبتدع.

وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: (ليس للمؤمن أن يقعد مع كل من شاء لأن الله عز وجل يقول: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره [الأنعام:68].

وقال تعالى: ﴿فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم
 

إذا مثلهم([20]) [النساء:140].

قال ابن خويز منداد المالكي رحمه الله – في تفسير هذه الآية -: (من خاض في آيات الله تعالى تركت مجالسته وهجر، مؤمنا كان أو كافرا).([21]) اهـ

وقال القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن (ج9 ص108): (﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا، وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإن صحبتهم كفر، أو معصية؛ إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة). اهـ

قلت: فعليك بأهل السنة والجماعة، فإذا شذ الشاذ عنهم، اختطفه الشيطان من الأنس والجن، كما يختطف الذئب الشاة من الغنم والله المستعان.

 

يا طالب العلم صارم كل بطال

 

 

وكل غاو إلى الأهواء ميال

واعمل بعلمك سرا أو علانية

 

 

ينفعك يوما على حال من حال

خذ ما أتاك إلى ما جاء من أثر

 

 

شبها بشبه وأمثالا بأمثال

ولا تميلن يا هذا إلى بدع

 

 

ضل أصحابها بالقيل والقال

وإلا فكن أثرا ما خالصا فيهما

 

 

تعش حميدا ودع آراء ضلال([22])

وقال تعالى: ﴿فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم [النساء:140].

قلت: وقد نبهت الآية على التحذير من مجالسة أهل الكفر، وأهل البدع، وأهل المعاصي لخطر على المسلمين، فنهى الله تعالى المسلمين عن مجالستهم، وإلا كان من أهل هذه الآية، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.([23])

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسره (ج2 ص198): (وقد بين الله لكم - فيما أنزل عليكم - حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي... ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم، وكذلك المبتدعون على اختلاف أنواعهم، فإن احتجاجهم على باطلهم يتضمن الاستهانة بآيات الله لأنها لا تدل إلا على حق، ولا تستلزم إلا صدقا، بل وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق([24]) التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده، ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم ﴿حتى يخوضوا في حديث غيره أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها). اهـ

وقال المراغي رحمه الله في تفسيره (ج5 ص184): (وفي الآية دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يدل على التنقص والاستهزاء بالأدلة الشرعية، والأحكام الدينية كما يقع من أسراء التقليد([25]) الذين استبدلوا آراء العلماء بالكتاب والسنة، ولم يبق في أيديهم إلا قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه كذا... وجعلوا رأي إمامهم مقدما على ما نطق به الكتاب، وأرشدت إليه السنة). اهـ

قلت: ومن قعد معهم فهو شريك معهم في الإثم والله المستعان.

قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

فهذه القاعدة توضح الألفاظ العامة في الحكم، وأن معاني الآيات تتناول أشياء كثيرة لدخول ما هو مثلها ونظيرها في الحكم عموما، لأنها ذكرت على سبيل المثال لتوضيح الألفاظ العامة، وليست معاني الألفاظ والآيات مقصورة عليها بحكم مخصوص على أناس معينين، لأن القرآن الكريم إنما نزل لهداية أول الأمة وآخرها.

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في القواعد الحسان (ص7) عن هذه القاعدة: (وهذه القاعدة نافعة جدا، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وباهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع في الغلط والارتباك الخطير). اهـ

عن أبي الجوزاء رحمه الله قال: (لئن يجاورني في داري هذا قردة وخنازير([26])! أحب إلي من أن يجاورني رجل من أهل الأهواء، ولقد دخلوا في هذه: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم([27]) [آل عمران:118].

قلت: وربيع خالف هذه القاعدة، فزعم أننا ننزل بمثل هذه الآيات في غير محلها، فلا تنصرف له ولأشكاله!.

وهذا فهم خاطئ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فمن الخطأ أن يفهم من هذا الكلام ما يفصل بين المسلمين والقرآن الكريم، فيحتج بالقرآن على المسلمين، كما يحتج به على الكفار إذا كانت هناك مشابهة في أصل المخالفة فافهم هذا ترشد.([28])

وقد احتج العلماء بآيات في إبطال التقليد، وإن كانت في الكفار، لأن ذلك وقع من جهة المشابهة فقط فافطن لهذا([29])، مثل قوله تعالى ﴿وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون [البقرة:170].

قال ابن عبد البر رحمه الله في جامع بيان العلم (ج2 ص134) بعد أن ساق بعض الآيات في إبطال التقليد: (وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أولئك من جهة الاحتجاج بها، لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد، كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة، لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ

وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون [آل عمران:118].

فالله تبارك وتعالى نهى أهل الإسلام عن اتخاذ المنافقين، أو المشركين، أو المبتدعين بطانة وصحبة، لأنهم يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن، وإدخال الفساد عليهم، وبما يستطيعون من المكر والخديعة لما يحملونه من البغض الشديد لهم، وما تخفي صدورهم أكبر، أي وما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم.

وقد بين الله تبارك وتعالى الآيات للعقول السليمة، وأظهر لهم الدلالات الواضحة التي يتميز بها بين الولي والعدو، ومن يصح أن يتخذ بطانة وصحبة، ومن لا يصح أن يتخذ بطانة وصحبة لخيانته وفساده، وسوء عاقبة مباطنته.

وهذا فيه التحذير عن مخالطة أهل الشر واتخاذهم بطانة من دون أهل السنة والجماعة.([30])

قلت: فالمميع يصير إلى هؤلاء مرة، وإلى هؤلاء مرة لا يدري أيهم يتبع والله المستعان.

عن مبشر بن إسماعيل الحبلي قال: قيل للأوزاعي إن رجلا يقول: أنا أجالس أهل السنة، وأجالس أهل البدع، فقال الأوزاعي: (هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل!).([31])

قال ابن بطة رحمه الله في الإبانة الكبرى (ج2 ص456): (صدق الأوزاعي، أقول: إن هذا رجل لا يعرف الحق من الباطل، ولا الكفر من الإيمان، وفي مثل هذا نزل القرآن، ووردت السنة عن المصطفى r). اهـ

قلت: فنكص المميعون، وصاروا حائرين في الدين بين أهل السنة، وبين أهل البدعة اللهم غفرا.

قال تعالى: ﴿مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء [النساء:143].

قلت: فهؤلاء بطانة سوء والله المستعان.

ولقد أخبر النبي r عن أهل البدع والأهواءء، وحذر منهم لخطرهم على الأمة الاسلامية

فعن عائشة رضي الله عنها قالت تلا رسول الله r هذه الآية ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فقال رسول الله r فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه([32]) منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) وفي رواية: (فلا تجالسوهم).

أخرجه البخاري في صحيحه (ج8 ص209) وفي خلق أفعال العباد (167) ومسلم في صحيحه (ج4 ص2053) وأبو داود في سننه (4598) والترمذي في سننه (2994) و(2993) وأبو نعيم في الحلية (ج2 ص185) والطيالسي في المسند (ج3 ص50) وابن أبي حاتم في التفسير (ج2 ص64) والطبري في التفسير (ج3 ص179) والطحاوي في مشكل الآثار (ج3 ص208) والبيهقي في الاعتقاد (ص124) وفي الأسماء والصفات (958) وفي دلائل النبوة (ج6 ص545) وأحمد في المسند (ج6 ص256) والدارمي في المسند (147) وابن حبان في صحيحه (73) وابن بطة في الإبانة الكبرى (777) وابن أبي زمنين في أصول السنة (223) والهروي في ذم الكلام (ج1 ص174) والبغوي في شرح السنة (ج1 ص9) وفي التفسير (ج2 ص9) وإسحاق بن راهويه في المسند (ج2 ص389) وابن أبي عاصم في السنة (ج1 ص9) من عدة طرق عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة به.

وأخرجه عبدالرزاق في تفسيره (ج1 ص116) وأحمد في المسند (ج6 ص48) وابن ماجه في سننه (ج1 ص18) والآجري في الشريعة (ص26) وابن حبان في صحيحه (ج1 ص277) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص602) وابن منده في التوحيد (ج1 ص275) والبيهقي في دلائل النبوة (ج6 ص546) وابن وهب في تفسير القرآن (ج1 ص79) والهروي في ذم الكلام (ج1 ص175) والترمذي في سننه (2993) والطيالسي في المسند (1433) وسعيد ابن منصور في تفسيره (492) والطبري في تفسيره (ج3 ص178) والطحاوي في مشكل الآثار (ج3 ص208) وابن المنذر في تفسيره (ج1 ص123) وأحمد في المسند (ج6 ص48) وإسحاق بن راهويه في المسند (ج3 ص648) وابن أبي عاصم في السنة (ج1 ص9) والثعلبي في الكشف والبيان معلقا (ج3 ص12) والطبراني في المعجم الأوسط (ج3 ص341) من طرق عن أبي مليكة عن عائشة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقال ابن حجر في فتح الباري (ج8 ص210): (قد سمع ابن أبي مليكة من عائشة كثيرا وكثيرا أيضا ما يدخل بينها وبينه واسطة). اهـ

وقال الترمذي في السنن (ج5 ص222): (وروي عن أيوب([33]) عن ابن أبي مليكة عن عائشة، هكذا روى غير واحد هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن عائشة، ولم يذكروا فيه عن القاسم بن محمد، وإنما ذكر يزيد بن إبراهيم التستري عن القاسم في هذا الحديث وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة سمع من عائشة أيضا). اهـ

قلت: فيحمل على أن ابن أبي مليكة سمعه من القاسم ومن عائشة رضي الله عنها فحدث به على الوجهين.([34])

والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور (ج2 ص148) وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد.

قلت: وبوب على حديث عائشة هذا البغوي في شرح السنة (ج1 ص220) بقوله: باب: مجانبة أهل الأهواء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الجواب الباهر (ص54): عن أهل البدع: (فهم يتبعون المتشابه من الكتاب، ويدعون المحكم، وكذلك يتمسكون بالمتشابه من الحجج العقلية والحسية... ويدعون البين الحق الذي لا إجمال فيه)([35]).اهـ

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم).

حديث حسن

أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (ص23) وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة (ج1 ص302) والخطيب في الكفاية (ص429) والمزي في تهذيب الكمال (ج12 ص412) وأبو نعيم في المستخرج (ج1 ص97) والطحاوي في مشكل الآثار (ج7 ص397) وابن عدي في الكامل (ج1 ص43) والجورقاني في الأباطيل والمناكير (ج1 ص214) وابن بشران في الفوائد (680) من طريق أبي شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يقول أخبرني مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله r فذكره.

قلت: وهذا سنده حسن من أجل مسلم بن يسار الطنبذي([36]) ذكره ابن حبان في الثقات (ج5 ص390) ومسلم في الكنى والأسماء (ق/72/ط) والجياني في تقييد المهمل في تمييز المشكل (ج2 ص337)، وقال عنه الذهبي في الميزان (ج4 ص107): ولا يبلغ حديثه درجة الصحة، وهو في نفسه صدوق، وقال الذهبي في الكاشف (ج3 ص126): ثقة، وروى عنه ستة، وقال ابن حجر في التقريب (ص941): مقبول، أي حيث يتابع وإلا فلين الحديث، وقد توبع بأبي عثمان شفي بن ماتع الأصبحي وهو ثقة كما في التقريب لابن حجر (ص439).

وأخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (ج1 ص12) وأحمد في المسند (ج2 ص321) وإسحاق بن راهوية في المسند (ج1 ص340) وابن حبان في صحيحه (ج15 ص168) وأبو نعيم في المستخرج (ج1 ص96) والبغوي في شرح السنة (ج1 ص223) وابن وضاح في البدع (ص173) والبخاري في التاريخ الكبير (ج7 ص275) والحاكم في المستدرك (ج1 ص103) وفي معرفة علوم الحديث (ص12) والخطيب في الموضح (ج2 ص395) والبيهقي في دلائل النبوة (ج6 ص550) وأبو يعلى في المسند (ج11 ص270) والجورقاني في الإباطيل والمناكير (ج1 ص213) والذهبي في المعجم المختص (ص40) وأبو الحسين الثقفي في الفوائد (ص276) والشجري في الأمالي (ج1 ص65) وأبو العباس الأصم في حديثه (ص236) والهروي في ذم الكلام (ج4 ص59) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (ج2 ص14) من طريقين عن سعيد بن أبي أيوب حدثني أبو هانئ عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة به.

قلت: وهذا سنده كسابقه، وفيه متابعة أبي هانئ، لشراحيل بن يزيد.

وأخرجه أحمد في المسند (ج2 ص349) وابن وضاح في البدع (ص34) والهروي في ذم الكلام (ج4 ص60) من طرق عن ابن لهيعة عن سلامان بن عامر عن أبي عثمان الأصبحي قال سمعت أبا هريرة يقول أن رسول الله r قال: (يكون في أمتي رجال دجالون كذابون، يأتونكم ببدع من الحديث ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم لا يفتنونكم).

وإسناده حسن في المتابعات، فيه ابن لهيعة اختلط بعد احتراق كتبه كما في تهذيب الكمال للمزي (ج15 ص487)، وسلامان بن عامر الشعباني روى عنه ثلاثة، ونقل ابن حجر في تعجيل المنفعة (ص157) عن ابن يونس أنه قال فيه: (كان رجلا صالحا)، وترجم له ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (ج5 ص113)، وابن ماكولا في الإكمال (ج4 ص547)، والسمعاني في الانساب (ج7 ص341)، ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا، وهما لم يتفردا كما تقدم في السند السابق.

والحديث صححه الشيخ الألباني في الصحيح (ج3 ص217) والجورقاني في الأباطيل والمناكير (ج1 ص214)، وحسنه البغوي في شرح السنة (ج1 ص223).

وذكره السيوطي في تحذير الخواص من أكاذيب القصاص (ص145).

وبوب على حديث أبي هريرة البغوي في شرح السنة (ج1 ص223) بقوله: باب: مجانبة أهل الأهواء.

قال والجورقاني رحمه الله في الأباطيل والمناكير (ج1 ص214): (أخبر رسول الله r بكذابين يكونون في آخر الزمان، يكذبون عليه). اهـ

قلت: فهذا تحذير صريح منه r من أهل الأهواء، والذين في قلوبهم زيغ، وأهل التحريف، وأهل التقليد، وأهل التعصب، وأهل التحزب.

قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص221): (وكذلك ذكر في أهل الزيغ أنهم يتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة، فهم يطلبون به أهواءهم لحصول الفتنة، فليس نظرهم إذا في الدليل نظر المستبصر حتى يكون هواه تحت حكمه بل نظر من حكم بالهوى ثم أتى بالدليل كالشاهد له). اهـ

فهؤلاء اعتمدوا على آرائهم وعقولهم، فجعلوها هي المحكمة في النصوص دون مراعاة أصول الاستدلال والفهم السليم، وهذا فيه فتنة لهم والله المستعان.

عن سفيان بن عيينة رحمه الله قال: (ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر، إنما العاقل إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه).([37])

قال الذهبي رحمه الله في تذكرة الحفاظ (ج1 ص5): (وهذا أصل كبير في الكف عن بث الأشياء الواهية والمنكرة من الأحاديث في الفضائل والعقائد والرقائق، ولا سبيل إلى معرفة هذا من هذا إلا بالإمعان في معرفة الرجال). اهـ

قلت: ولهذا كان المؤمن يثاب على العلم الشرعي الصحيح إذا قصد به وجه الله تعالى، ولا يثاب على العلم المخلط حتى لو قصد به وجه الله تعالى لأنه يصد عن سبيل الله تعالى فافهم هذا ترشد.

قال تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا [الإسراء:36].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في القواعد النورانية (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد – يعني من تقليد – فإنه آثم وإن كان قد صادف الحق!!!). اهـ

وقال ابن حزم رحمه الله في المحلى (ج1 ص69): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب). اهـ

وقال أبو حيان رحمه الله في البحر المحيط (ج4 ص367): (التقليد باطل إذ ليس طريقا للعلم). اهـ

قلت: فالمتشابه من الإرجاء وغيره لا يجوز أن يذكر عند العامة.([38])

قال الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة (ص140): (عن الذي يتكلم بلا علم: (فالواجب على العاملين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له إن شاء الله). اهـ

فيجب التدبر والنظر في فقه الكتاب والسنة، لأن هذا هو طريق العلم وكماله.

قال تعالى:﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها [محمد:24].

وقال تعالى:﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار [الحشر:2].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاستقامة (ج2 ص59): (وهذا كثير في القرآن: يأمر ويمدح التفكر، والتدبر، والتذكر، والنظر، والاعتبار، والفقة، والعلم، والعقل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاستقامة (ج2 ص159): (فإذا تبين أن جنس عدم العقل والفقه لا يحمد بحال في الشرع، بل يحمد العلم والعقل، ويؤمر به أمر إيجاب، أو أمر استحباب، ولكن من العلم ما لا يؤمر به الشخص نوعا أو عينا، إما لأنه لا منفعة فيه له، أو لأنه يمنعه عما ينفعه، وقد ينهى عنه إذا كان فيه مضرة له، وذلك أن من العلم ما لا يحمله عقل الإنسان فيضره، كما قال علي بن أبي طالب t: (حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يكذب الله ورسوله)([39])، وقال عبدالله بن مسعود t: (ما من رجل يحدث قوما بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم).([40])

ومن الكلام ما يسمى علما وهو جهل، مثل كثير من علوم الفلاسفة، وأهل الكلام، والأحاديث الموضوعة، والتقليد الفاسد، وأحكام النجوم، ولهذا روي: إن من العلم جهلا، ومن القول عيا، ومن البيان سحرا.

ومن العلم ما يضر بعض النفوس لاستعانتها به على أغراضها الفاسدة، فيكون بمنزلة السلاح للمحارب، والمال للفاجر، ومنه ما لا منفعة فيه لعموم الخلق مثل معرفة دقائق الفلك وثوابته وتوابعه وحركة كل كوكب، فإنه بمنزلة حركات التغير عندنا، ومنه ما يصد عما يحتاج إليه، فإن الإنسان محتاج إلى بعض العلوم وإلى أعمال واجبة، فإذا اشتغل بما لا يحتاج إليه عما يحتاج إليه كان مذموما.

فمثل هذه الوجوه يذم العلم: بكونه ليس علما في الحقيقة وإن سماه أصحابه وغيرهم علما، وهذا كثير جدا، أو يكون الإنسان يعجز عن حمله، أو يدعوه ويعينه على ما يضره، أو يمنعه عما ينفعه.

وقد تكون في حق الإنسان لا محمودا ولا مذموما، هذا كله في جنس العلم.

وكذلك القوة التي بها يعلم الإنسان ويعقل وتسمى عقلا.

فهذه لا يحمد عدمها أيضا، إلا إذا كان بوجودها يحصل حذر، فإن من الناس من لو جن لكان خيرا له، فإنه يرتفع عنه التكليف، وبالعقل يقع في الكفر والفسوق والعصيان). اهـ

قلت: ولابد حمل الناس على المعهود الوسط([41]) فيما يليق بهم وينفعهم، فلا يذهب بهم طرف الشدة، ويميل بهم إلى طرف التساهل واللين، لأن هذا هو
 

مقصد الشارع من المكلف الحمل على التوسط من غير إفراط([42]) ولا تفريط.([43])

قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج2 ص496): (ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان:

إما إلى تفريط وإضاعة.

وإما إلى إفراط وغلو.

ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين). اهـ

وقال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان (ج2 ص137): ( وأصل كل خير العلم والعدل، وأصل كل شر الجهل والظلم). اهـ

وقال ابن تيمية رحمه الله في الرد على البكري (ج2 ص255): (طريقة أهل البدع يجمعون بين الجهل والظلم). اهـ

وقال الشيخ السعدي رحمه الله في وجوب التعاون بين المسلمين (ص13): (فما ارتفع أحد إلا بالعدل والوفاء، ولا سقط أحد إلا بالظلم والجور والغدر).اهـ

قلت: إذا فيحرم الاعتراض على السنن النبوية بالفهم السقيم سواء بنصوص أو آثار.([44])

قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات (ج3 ص72): (فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل). اهـ

وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص80): (فالسبيل القصد هو طريق الحق، وما سواه من الطرق جائر عن الحق أي: عادل عنه، وهي طرق البدع والضلالات، وكفى بالجائر أن يحذر منه، فالمساق يدل على التحذير والنهي).اهـ

قلت: فالمتعصب والمقلد لآراء الرجال ليس من زمرة أهل العلم، وإن ادعى ذلك.

قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (ج2 ص10): ﴿ثم خلف من بعدهم خلوف فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون([45]) [الروم:22]، وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا، وكل إلى ربهم راجعون، وجعلوا التعصب للمذاهب ديانتهم التي بها يدينون، ورءوس أموالهم التي بها يتجرون، وآخرون منهم قنعوا بمحض التقليد، وقالوا: ﴿إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون [الزخرف:23].

والفريقان بمعزل عما ينبغي اتباعه من الصواب، ولسان الحق يتلو عليهم: ﴿ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب [النساء:123].

 قال الشافعي - قدس الله تعالى روحه -: (أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله r لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس).([46])

 وقال أبو عمر وغيره من العلماء: أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله.([47])

 وهذا كما قال أبو عمر رحمه الله تعالى فإن الناس لا يختلفون أن العلم: هو المعرفة الحاصلة عن الدليل، وأما بدون الدليل فإنما هو تقليد.

فقد تضمن هذان الإجماعان: إخراج المتعصب بالهوى والمقلد الأعمى عن زمرة العلماء، وسقوطهما باستكمال من فوقهما الفروض من ورثة الأنبياء).اهـ

وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في مجموع الفوائد (ص229): (الشبة الباطلة والمقالات الفاسدة: تختلف نتائجها وثمراتها باختلاف الناس؛ فتحدث لأناس الجهل والضلال، ولأناس الشك والارتياب، ولأناس زيادة العلم واليقين:

فأما الذين تلتبس عليهم ويعتقدونها على علاتها، أو يقلدون فيها غيرهم من غير معرفة بها؛ بل يأخذونها مسلمة؛ فهؤلاء يضلون ويبقون في جهلهم يعمهون، وهم يظنون أنهم يعلمون ويتبعون الحق... وما أكثر هذا الصنف! فدهماء أهل الباطل كلهم من هذا الباب ضلال مقلدون

وأما الذين تحدث لهم الشك فهم الحذاق، ممن عرف الشبه وميز ما هي عليه من التناقض والفساد، ولم يكن عنده من البصيرة في الحق ما يرجع إليه؛ فإنهم يبقون في شك واضطراب، يرون فسادها وتناقضها، ولا يدرون أين يوجهون؟!.

وأما الذين عندهم بصيرة وعلم بالحق؛ فهؤلاء يزدادون علما ويقينا وبصيرة إذا رأوا ما عارض الحق من الشبه واتضح لهم فسادها، ورأوا الحق محكما منتظما فإن الضد يظهر منه بضده.

ولهذا كانت معارضات أعداء الرسل وأتباعهم من أهل العلم والبصيرة لا تزيد الحق إلا يقينا وبصيرة). اهـ

وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة (ص6): ((فأخبر r أنه سيكون هناك اختلاف وتفرق، وأوصى عند ذلك بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والتمسك بسنة الرسول r، وترك ما خالفها من الأقوال، والأفكار، والمذاهب المضلة، فإن هذا طريق النجاة، وقد أمر الله تعالى بالاجتماع والاعتصام بكتابه، ونهى عن التفرق قال تعالى:﴿(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[آل عمران:103]  الآيـة إلى أن قـال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ÇÊÉÎÈ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه [آل عمران:105] وقال تعالى: ﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون [الأنعام:159] فالدين واحد، وهو ما جاء به رسول الله r، لا يقبل الانقسام إلى ديانات وإلى مذاهب مختلفة([48])، بل دين واحد هو دين الله تعالى وهو ما جاء به رسول الله r([49])، وترك أمته حيث ترك r أمته على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).اهـ

فالأمر يحتاج إلى اهتمام شديد، لأنه كلما تأخر الزمان كثرت الفرق، وكثرت الشبهات، وكثرت النحل والمذاهب الباطلة، وكثرت الجماعات المتفرقة.

لكن الواجب على المسلم أن ينظر، فما وافق كتاب الله تعالى وسنة رسوله r أخذ به ممن جاء به، كائنا من كان لأن الحق ضالة المؤمن.([50])

قلت: وليست العبرة بالكثرة في معرفة الحق، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قله من المسلمين، ولذلك فلا تغتر بكثرة بعض الجماعات الإسلامية الضالة.([51])

قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة (ص22): ((وأهل السنة والجماعة، لا يضرهم من خالفهم ... والمخالف لا يضر إلا نفسه ... وليست العبرة بالكثرة، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من الناس، حتى ولو لم يكن في بعض الأزمان إلا واحد من الناس فهو على الحق، وهو الجماعة.

فلا يلزم من الجماعة الكثرة، بل الجماعة من وافق الحق، ووافق الكتاب والسنة، ولو كان الذي عليه قليل.

أما إذا اجتمع كثرة وحق فالحمد لله هذا قوة. أما إذا خالفته الكثرة، فنحن ننحاز مع الحق، ولو لم يكن معه إلا قليل)).اهـ

وقال ابن قدامة رحمه الله في حكاية المناظرة في القرآن (ص57): (ومن العجب أن أهل البدع يستدلون على كونهم أهل الحق بكثرتهم وكثرة أموالهم وجاههم، وظهورهم، ويستدلون على بطلان السنة بقلة أهلها وغربتهم وضعفهم، فيجعلون ما جعله النبي r دليل الحق، وعلامة السنة، دليلا على الباطل، فإن النبي r أخبرنا بقلة أهل الحق في آخر الزمان وغربتهم، وظهور أهل البدع وكثرتهم، ولكنهم سلكوا سبيل الأمم في استدلالهم على أنبيائهم، وأصحاب أنبيائهم، بكثرة أموالهم وأولادهم، وضعف أهل الحق، فقال قوم نوح له: ﴿ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين [هود:27]، وقال قوم صالح فيما أخبر الله عنهم بقوله: ﴿قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون ÇÐÎÈ قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون [الأعراف:75-76] وقال قوم نبينا r: ﴿وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين [سبأ:35].

وقد كان قيصر ملك الروم – وهو كافر – أهدى منهم، فإنه حين بلغه كتاب النبي r، سأل عنه أبا سفيان، فقال يتبعه ضعفاء الناس، أو أقوياؤهم؟ فقال: بل ضعفاؤهم، فكان هذا مما استدل به على أنه رسول الله r، فقال: إنهم أتباع الرسل في كل عصر وزمان([52])). اهـ

بناء على هذا فإنه لا عبرة بكثرة دعاة الشر، وفي مقدمتهم دعاة تلك البدع والمحدثات التي طغت، وانتشرت وتهافت عليها الناس تهافت الفراش على النار في الوقت الذي ضيعوا فيه الفرائض، وأهملوا الواجبات، وغرقوا في المنكرات ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قلت: إن الأكثرية ليس لها اعتبار في نظر الشرع الحنيف.([53])

وقال الذهبي رحمه الله في التمسك بالسنن (ص32): (واتباع الشرع والدين متعين، واتباع غير سبيل المؤمنين بالهوى وبالظن وبالعادات المردودة مقت وبدعة).اهـ

فهما طريقان: اتباع الرسول r والسنة، أو اتباع الهوى والبدعة، وليس من سبيل إلى ثالث، فمن لم يتبع الرسول r فلابد أن يتبع الهوى.

قال تعالى: ﴿فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين [يونس:32].

قال تعالى: ﴿فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون [القصص:50].

قال القرطبي رحمه الله في جامع أحكام القرآن (ج8 ص335): (( (ذا) صلة أي ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال... قال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة... والضلال حقيقته الذهاب عن الحق)). اهـ

       ولقد أخبر السلف عن أهل البدع والأهواء وحذروا منهم لخطر على المة الاسلامية.

فعن أبي قلابة رحمه الله قال: ((لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم([54])، فإنى لا آمن أن يغمسوكم فى الضلالة، أو يلبسوا([55]) عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم)).

وفي رواية: (أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون).

أخرجه الفريابي في القدر (ص212 و213) وابن أبي زمنين في أصول السنة (233) والهروي في ذم الكلام (ج5 ص36) وعبدالله بن أحمد في السنة (99) وابن البنا في المختار (17) والبيهقي في شعب الإيمان (ج7 ص60) وفي الاعتقاد (ص48) وأبو الفتح المقدسي في الحجة (328) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ص552) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص287 و437) وابن سعد في الطبقات الكبرى (ج7 ص184) وأبو نعيم في الحلية (ج2 ص284) والذهبي في السير (ج4 ص472) والفسوي في المعرفة والتاريخ (ج3 ص389) والآجري في الشريعة (61) واللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص134) والدارمي في المسند (ج1 ص120)وابن وضاح في البدع (55) والخلال في السنة (1968) والأصبهاني في الترغيب (462) من طرق عن أيوب السختياني عن أبي قلابة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأورده ابن بطة في الإبانة الصغرى (65) والبغوي في شرح السنة (ج1 ص227).

وعن يحيى بن أبي كثير رحمه الله قال: (إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في غيره). يعني هجره.

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في القدر (ص214) والآجري في الشريعة (67) واللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص137) وابن وضاح في البدع (55) وأبو نعيم في الحلية (ج3 ص69) وأبو الفتح المقدسي في الحجة (ج1 ص315) وابن بطة في الإبانة الكبرى (490) وأبو إسحاق الفزاري في السير (ج6 ص29) والبيهقي في شعب الإيمان (ج7 ص60) والهروي في ذم الكلام (ج5 ص49) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأورده الذهبي في السير (ج6 ص29).

قال الآجري رحمه الله في الشريعة (ج1 ص458): (ومن كان على طريقة هؤلاء من العلماء،وينبذ من سواهم، ولا يناظر، ولا يجادل، ولا يخاصم، وإذا لقي صاحب بدعة في طريق أخذ في غيره، وإن حضر مجلسا هو فيه قام عنه، هكذا أدبنا من مضى من سلفنا). اهـ

وقال الآجري رحمه الله في الشريعة (ج1 ص487): (فاتقوا الله يا أهل القرآن، ويا أهل الحديث، ويا أهل الفقه، ودعوا المراء والجدال والخصومة في الدين، واسلكوا طريق من سلف من أئمتكم، يستقيم لكم الأمر الرشيد، وتكونوا على المحجة الواضحة إن شاء الله). اهـ

وعن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبدالله – يعني الإمام أحمد – يقول: (أهل البدع ما ينبغي لأحد أن يجالسهم، ولا يخالطهم، ولا يأنس بهم).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص475) وابن البنا في الرد على المبتدعة (ق/7/ط) وأبو الفتح المقدسي في الحجة (ج1 ص228) من طرق عن حنبل بن إسحاق به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأورده السفاريني في لوامع الأنوار البهية (ج1 ص109).

قلت: فلا تجالس أحدا من أهل البدع عسى أن تسلم اللهم غفرا.

وعن أيوب السختياني قال: قال لي أبو قلابة: (لا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاءوا).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص134) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص445) من طريقين عن أحمد بن عصمة الخزاز قال: حدثنا محمد بن عمر الأنصاري عن أيوب السختياني به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فينبذوا فيه من الشبهات ما شاءوا والعياذ بالله.

قال النووي رحمه الله في المنهاج (ج13 ص106): (هجران أهل البدع والفسوق، ومنابذي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائما). اهـ

وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: (احذروا الدخول على أصحاب البدع، فإنهم يصدون عن الحق).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص137) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبدالصمد بن يزيد الصائغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فداء أهل البدع ينتشر في الناس إذا جالسوهم وخالطوهم والعياذ بالله([56]).

قال ابن بطة رحمه الله في الإبانة الكبرى (ج1 ص245): (فلله در أقوام دقت فطنهم، وصفت أذهانهم، وتعالت بهم الهمم في اتباع نبيهم، وتناهت بهم المحبة حتى اتبعوه هذا الإتباع؛ فبمثل هدي هؤلاء العقلاء إخواني فاهتدوا، ولآثارهم فاقتفوا، ترشدوا وتنصروا وتجبروا). اهـ

وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: (صاحب البدعة لا تأمنه على دينك، ولا تشاوره في أمرك، ولا تجلس إليه، فمن جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى). يعني في قلبه.

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص138) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبدالصمد بن يزيد الصائغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن إبراهيم النخعي رحمه الله قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء، فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب، وتسلب محاسن الوجوه، وتورث البغضة في قلوب المؤمنين).

أثر حسن

أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص439) من طريق عباس الدوري قال: حدثنا محاضر عن الأعمش قال: قال إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وهؤلاء المبتدعة تتجارى بهم الأهواء المضلة فاحذروهم.

فعن معاوية t عن النبي r قال: (تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه).([57])

قلت: فنبغت نابغة المرجئة، معلنة التعصب لربيع وآرائه الضالة، وانتقاص هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، ورفعت راية الكلام والإرجاء في بلد الحرمين([58])، واتهام العلماء وأتباعهم، ورميهم بالألقاب المشينة والألفاظ المقذعة([59]).

قلت: ولذلك للتعصب نتائج مهلكة في الدنيا والآخرة، من ذلك الهلاك والدمار، والخصومة فيما بين المتعصبين، والوعيد الشديد، فلا يغني أي ضال داع إلى الضلال شيئا لا عن نفسه، ولا عن أتباعه!!!.

قال تعالى: (وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء) [إبراهيم:21].

وقال تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين، قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين) [سبأ: 31 و32].

قلت: فهؤلاء ضحايا التعصب الأعمى، وضحايا التقليد المهلك، واتباع الهوى المضل([60])، اللهم سلم سلم.

 

 



[1]) ومازال يفتك هذا التعصب بالحزاب المتفرقة في دين الله تعالى في هذا الزمان، (كل حزب بما لديهم فرحون) [المؤمنون:53]، لا يحكمهم دين، ولا عقل سليم، قويهم يأكل ضعيفهم، يفنيهم التعصب أجيالاص بعد أجيال من أجل أفكارهم الضالة وغير ذلك من تفاهات الأسباب، وحقيرات البواعث!!!.

[2]) حتى قست قلوبهم بسبب شدة التعصب، والمعاندة، والمكابرة، والمجادلة في الباطل.

    قال تعالى: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة) [البقرة:74].

    إن قلوب اليهود والنصارى شديدة القسوة، غليظة كغلظ الحجارة، جامدة كجمود الجبال، لا رحمة فيها، ولا لين، ومع طول المد ازدادت قلوبهم قسوة وغلظة، فهي بعيدة كل البعد عن الموعظة، والهداية بعدما شاهدوه، وعاينوه من الآيات والمعجزات على أيدي أنبيائهم، وصالحيهم، وقسوة القلوب التي اعتادوا عليها مرتبطة ارتباطا وثيقا بتحريف الكلم عن مواضعه لقول الله تعالى: (وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه) [المائدة:13]، فقلوب اليهود خاصة متحجرة لا عاطفة بها، ولا رأفة، ولا شفقة، وخاصة عندما يتعاملون مع المسلمين، فهم يتربصون بهم، وهم أشد الناس عداء لهم قال تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) [المائدة:82].

[3]) قلت: والتعصب الذي يدور في نفوسهم تظهر فيه الحدة التي كان عليها اليهود والنصارى، والخوف الذي انتابهم، والاضطراب الذي في حياتهم، والجانب التسلطي الكامن في نفوسهم.

قلت: حتى تسلط عليهم الشك ولوسواس، واعترى أنفسهم دوافع الضعف والوهن، والأمراض الفتاكة مثل: الحسد، وشح الأنفس، والتعصب، والحقد، والبغض.

لقد استمرت هذه الصفات السيئة فيهم، وتراودهم، وتزين لهم سيئات أعمالهم، فهم يستغلون المناسبات لإثارة الناس على أنبيائهم ورسلهم وأقوامهم، ليجدوا في خصوماتهم هذه منفذا يصلون به إلى زرع الشك في نفوس الناس.

[4]) قلت: فهذه عظة، وعبرة، وتحذير للمؤمنين بألايتشبهون في عبادتهم، ومعاملاتهم، واخلاقهم، وعاداتهم باليهود والنصارى دعاة التعصب والجدال، والعياذ بالله.

[5]) قلت: ونفوس هؤلاء تنطوي على الحقد، والبغض، والحسد، ونقض العهود، وتأليب الناس على النبياء والرسل وأقوامهم، بل ومحاربتهم وقتلهم، وهذه هي طبائع اليهود والنصارى كل ذلك بسبب تعصبهم لدينهم.

فكان مما فعلوه عند وصول الرسول r إلى المدينة أنهم سعوا إلى الدس، والفتنة، والجدل عن طريق إثارة التي توجد في المجتمع قلقا نفسيا، وبث روح البلبلة، والشك في الناس.

وانظر (صحيح البخاري) (ج2 ص47) باب: العلم، قول الله تعالى: ((وما اوتيتم العلم إلا قليلا)).

[6]) لقد شاهد اليهود الرسول r ينتقل بينهم، ويحيى حياتهم، ويجتمع مع أصحابه الكرامالذين هاجروا معه ونصروه، فتكونت منهم أمة وصفها الله تعالى بأنها خير أمة أخرجت للناس، وقال الله تعالى فيها: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) [الفتح:29].

لم تقبل نفوس اليهود هذا الفتح العظيم لرسول الله r وصحابته رضي الله عنهم، حتى سعوا في تأليب القبائل على رسول الله r وصحابته رضي الله عنهم، ومحاربتهم، ونقض العهود -كعادتهم-، ورفع السلاح، ومحاولة قتل الرسول r وصحابته، وهذه هي طبائع اليهود مع أنبيائهم ورسلهم.

لقد كان اليهود يتألمون ظاهرا وباطنا من هذه الرابطة التي أنشأها الرسول r بين أصحابه الكرام، والله المستعان.

[7]) قلت: مع هذا التبيين للأمة الإسلامية، وقع أناس في هوة التعصب الأعمى، والتقليد البليد في دعواتهم، وكان القرآن الكريم لا يعنيهم من قريب، ولا من بعيد، وكأنه لا يخاطبهم، ولا يبصرهم، ولا يحذرهم إذا ذكر عيوبالأمم السابقة، وحملهم على ذلك التعصب لأحزابهم، والعناد لأفكارهم الضالة، والله المستعان.

[8]) وبعث الرسول r إلى الناس بدين الله تعالى، فأبطل هذه القاعدة الفاسدة، بفعله الشريف، وقوله المنيف.

وهذا هو المناسب، لكون دين الله تعالى الاسلام عاما لجميع الثقلين الجن والإنس، كما أنه المناسب لدين باق إلى قيام الساعة.

[9]) أخرجه مسلم في (صحيحه) (ج3 ص1477).

    وعمية: الدعوة العمياء، ويراد به الأمر الأعمى للعصبية لا يستبين ما وجهه.

    والعصبة: بنو العم، والعصبية أخذت من العصبة.

    أنظر: (لسان العرب) لابن منظور (ج15 ص97)، و(المفهم) للقرطبي (ج6 ص258).

[10]) حديث صحيح.

    أخرجه أحمد في (المسند) (ج4 ص130) بإسناد صحيح.

[11]) أخرجه البخاري في (صحيحه) (ج6 ص546)، ومسلم في (صحيحه) (ج4 ص1998).

[12]) حديث صحيح.

    أخرجه ابوداود في (سننه) (ج5 ص341) بإسناد صحيح.

ردي: تردى وسقط في البئر، فهو، أي البعير ينزع يحاول أن يخرج منها.

[13]) أنظر: (مرقاة المفاتيح) للقاري (ج8 ص643).

[14]) أخرجه مسلم في (صحيحه) (ج2 ص886).

[15]) وهؤلاء يعلمون أن الجماعة رحمة، والفرقة عذاب، لذا تجدهم يزهمون أنهم يؤلفون القلب، ولا ينفرونها لكن عن غير أصول سلفية، ففشلوا في ذلك، ويجمعون الشباب حولهم على باطل، ويخافون نفور العوام من حولهم، ولذلك تراهم يداهنون الناس على حساب الدين، ويصدرون الفتاوى ذات البلاوى بهم، والتي توافق أهوائهم ورؤوسهم، ويفتنون العوام بارائهم، وأفكارهم المخالفة لتعاليم الشريعة المطهرة!!!.

[16])

[17]) قلت: والتعصب لآراء ربيع الآن هو الذي أهلك السحابية، والعياذ بالله.

[18]) ولم يبتعدوا عن تلك العقائد والمناهج الفاسدة التي ابتدعوها من عند انفسهم.

بل لم يتركوا التعصب الذميم الذي مزقهم شر ممزق، وسلط عليهم الأمم الكافرة أيما تسليط، والله المستعان.

[19]) فوقع أهل التحزب في هذا التعصب الأعمى، والتقليد البليد في عقائدهم، وعباداتهم، وسياساتهم، وأخلاقهم، وعاداتهم، اللهم سلم سلم.

[20]) أثر حسن.

    أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص481) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج48 ص398) بإسناد حسن.

[21]) انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج7 ص16).

[22]) انظر ((ذيل تاريخ بغداد)) لابن النجار (ج16 ص318).

[23]) وانظر سنن سعيد بن منصور (ج4 ص1406) وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي (ج2 ص228) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج5 ص418) وإرشاد الساري للقسطلاني (ج11 ص111).

[24]) فأدخل الشيخ السعدي في هذه الآية أهل البدع وأهل المعاصي، رغم أنها نزلت في أهل الكفر لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فافهم لهذا ترشد.

    قلت: وهذا يدل على سقوط قول ربيع في أننا ننزل النصوص في غير محلها اللهم غفرا.

[25]) فأدخل المراغي أهل التقليد من المتعصبة لمذاهبهم الفقهية في هذه الآية أيضا اللهم غفرا.

[26]) قلت: ومراده رحمه الله التنفير والتحذير من مخالطة أهل الأهواء واتخاذهم بطانة ومجاورة من دون أهل السنة، لأن إذا جاوره الحيوان لا يقتدى به في ذلك، وإذا جاوره المبتدع وصاحبه اقتدى به الناس فهلك وأهلك، فافهم هذا ترشد.

[27]) أثر حسن.

    أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (231) والداني في الرسالة الوافية (ص153) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص467 و468) بإسناد حسن.

[28]) وانظر هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان للمعصومي (ص83) والقواعد الحسان بتفسير القرآن للسعدي (ص7) القاعدة الثانية: العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.

[29]) وانظر الفتاوى لابن تيمية (ج2 ص15) ورسالة التقليد لابن القيم (ص22).

[30]) وانظر تفسير المراغي (ج4 ص45) وتفسير ابن كثير (ج1 ص406) ومحاسن التأويل للقاسمي (ج4 ص203) وتفسير ابن أبي حاتم (ص497 و498) وتفسير الطبري (7693 و7694).

[31]) أثر حسن.

    أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص456) بإسناد حسن.

[32]) ومن ذلك بأنهم يتخذون الخلاف بين العلماء ذريعة للوصول على الفتاوى المخالفة للكتاب والسنة التي تخدمهم والله المستعان.

[33]) قال أيوب السختياني رحمه الله: (ولا أعلم أحدا من أهل الأهواء يجادل إلا بالمتشابه).

    أخرجه ابن المنذر في تفسيره (ج1 ص124) بإسناد صحيح.

[34]) وانظر النكت الظراف على تحفة الأشراف لابن حجر (ج1 ص261).

[35]) وانظر شرح حلية طالب العلم لشيخنا الشيخ محمد العثيمين (ص100 و101).

[36]) الطنبذي: بطاء مهملة مضمومة بعدها نون ساكنة ثم باء معجمة بنقطة واحدة، وذال معجمة.

    وهو منسوب إلى طنبذ، قرية من قرى مصر كما قال الجياني في تقييد المهمل وتمييز المشكل (ج2 ص337)، وكذا قال السمعاني في الأنساب (ج4 ص75)، وزاد: من البهنا، وهي من الطبارحيات.

    لكن ضبطها ياقوت في معجم البلدان (ج4 ص12) بخلاف ذلك فقال: (طننذة: ثانية ساكن، والباء مفتوحة موحدة، وآخره ذال معجمة...).

[37]) أثر صحيح.

    أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (ج8 ص536) وعبدالله بن أحمد في زوائد الزهد (ص167) وأبو نعيم في الحلية (ج7 ص274) وابن أبي الدنيا في العقل (ص22) بإسناد صحيح.

[38]) وانظر فتح الباري لابن حجر (ج2 ص597).

[39]) أخرجه البخاري في صحيحه (ج1 ص33).

[40]) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (ج1 ص9).

[41]) وانظر فتح الباري لابن حجر (ج8 ص22) وجامع البيان للطبري (ج2 ص7).

[42]) والإفراط: مجاوزت الحد.

[43]) والتفريط: إضاعة الشيء.

    انظر مدارج السالكين لابن القيم (ج2 ص466) ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس (ج4 ص460) والصحاح للجوهري (ج3 ص6148)

[44]) ولا يلام ولا يؤاخذ من أظهر السنن بالبيان والإيضاح وأعطاها ما تستحقه من العناية.

    والعبد إذا لم يعلم أسند العلم إلى أهله، أو يقول لا أدري... وهذا الأمر يغالط به أصحاب المراء فينزلوا فيه بلا علم فيهيج بذلك الشر والفتنة، لأنهم يعلمون في دين الله بدون دراسة متأنية.

[45]) فهؤلاء المبتدعة قلدوا أهل الجاهلية في ذلك، لأن أهل الجاهلية كانوا متفرقين (كل حزب بما لديهم فرحون) [المؤمنون:53]، لا يحكمهم دين، ولا عقل سليم، قويهم ياكل ضعيفهم، (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)[الفرقان:44]، تفنيهم الحروب أجيالا بعد أجيال من اجل استغاثة رجل بقبيلته، ولو على باطل، ونحو ذلك من تفاهات الأسباب، وحقيرات البواعث.

[46]) انظر الرسالة للشافعي (ص425).

[47]) انظر جامع بيان العلم لابن عبدالبر (ج2 ص787 و993).

[48]) وما جاء التفرق والاختلاف في القرآن الكريم إلا مذموما ومتوعدا عليه بالعقاب.

[49]) وما جاء الاجتماع على الدين الواحد إلا محمودا وموعودا عليه بالأجر العظيم لما فيه من المصالح العاجلة والآجلة.

[50]) انظر ((لمحة عن الفرق الضالة)) للشيخ صالح الفوزان (ص20).

[51]) وهذه الجماعات الحزبية هدفها التجميع والتكتيل فقط، ولو اختلفت عقائدهم والله المستعان.

[52]) هذا جزء من حديث هرقل الطويل من حديث أبي سفيان.

    أخرجه البخاري في صحيحه (ج1 ص7) ومسلم في صحيحه (1773).

[53]) ومن المعلوم أن أهل الحق بإزاء أهل الباطل قلة، وهذه سنة الله في خلقه في الحياة الدنيا، فالكثرة ليس لها وزن في هذا المضمار فتنبه.

[54]) قال الذهبي رحمه الله في السير (ج7 ص261): (أكثر السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة!). اهـ

[55]) يلبسوا: التلبيس جعل الأمور مختلطة مشتبهة مشكلة.

    انظر ((لسان العرب)) لابن منظور (ج6 ص204).

[56]) قلت: فإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء.

[57]) حديث صحيح.

    أخرجه أبو داود في سننه (4597) وأحمد في المسند (ح4ص102) واللالكائي في الاعتقاد (150) والحاكم في المستدرك (ج1 ص128) والمروزي في السنة (ص14) وابن أبي عاصم في السنة (ص7و8) بإسناد صحيح.

    والحديث صححه الشيخ الألباني في ظلال الجنة (ص7).

[58]) فقد تطورت المرجئة الخامسة إلى أن زادت على أصولها الباطلة، حتى قالت بأقوال أهل البدع تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه.

[59]) قلت: ومن أضرار ربيع الرائحة النتنة التي تفوح من فيه وعقله، والتي يشمها كل ذي قلب سليم، وهذا الرجل يفسد عل المرء عقيدته السلفية فتنبه.

    قلت: والانحراف الناشئ عن زيغ العقيدة أشد من انحراف عن طغيان المعصية، وأصعب علاجا فتنبه.

[60]) قلت: وعاقبة الحزبيين مثل عاقبة تلك الأمم لمشابهتهم لهم في التعصب المذموم، والتقليد الأعمى، سنة الله تعالى في عباده لا تبدل، ولا تتغير عدلا من الله تعالى، وحكمة، وهو العليم الحكيم، الحكم العدل.

قلت: وللمتعصبين سواء انتسبوا إلى الإسلام، أو إلى غيره حظ من هذا العتاب الذي سيتبادل بينهم يوم القيامة، وسيتمنى كل فريق، وكل فرد أن لو اتخذ مع الرسول سبيلا، اللهم سلم سلم.

وقد كانوا في الدنيا يشد بعضهم أزر بعض في مواجهة الحق، فهذه نهايتهم الأليمة بسبب تعصبهم لبعض، والعياذ بالله.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan