الرئيسية / سلسلة من النقد العلمي المنهجي / المفهم في نقد كتاب حصن المسلم 4
المفهم في نقد كتاب حصن المسلم 4
سلسلة من النقد العلمي المنهجي |
20 |
المفهم
في
نقد كتاب حصن المسلم
حوار أثري
لبيان الأحاديث الضعيفة التي في كتاب:
حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة
للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني
تأليف
فضيلة الشيخ أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
الجزء الرابع
وهؤلاء يرون أن ما يكتبونه من أحاديث غريبة ضعيفة في مؤلفاتهم أنها خير للناس في دينهم، فإذا هي شر للناس، حيث يتعبدون الله بها، بل هؤلاء يعتدون بها، والله المستعان.
قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: (شر العلم الغريب ، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس)([1]).
وقال الإمام عبدالرزاق الصنعاني رحمه الله: (كنا نرى أن غريب الحديث خير ، فإذا هو شر)([2]).
قلت: فينبغي للمؤلف أن يتشدد في الأحاديث النبوية، فلا يرويها إلا عن أهل المعرفة، وهذا أسلم له ولغيره، والله المستعان.
وبوب الحافظ الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص119): تجنب الرواية عن الضعفاء، والمخالفين من أهل البدع.
وبوب الحافظ الخطيب البغدادي في ((الكفاية)) (ج1 ص419): باب ترك الإحتجاج بمن غلب على حديثه الشواذ، ورواية المناكير، والغرائب من الأحاديث.
فعن الإمام إبراهيم بن أبي علية رحمه الله قال: (من حمل شاذ العلماء حمل شرا كثيرا) ([3]).
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: (ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثا لم يروه غيره، إنما الشاذ من الحديث أن يروي الثقات حديثا فيشذ عنهم واحد فيخالفهم) ([4]).
وفي رواية: (إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه الناس، هذا الشاذ من الحديث).
قلت: ومن يحدث بالأحاديث الضعيفة في مؤلفاته، ولا يرجع عنها بعد نصحه، فلا يؤخذ عنه الحديث.
قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في ((الموضوعات)) (ص103): (واعلم أن حديث المنكر يقشعر له جلد طالب العلم منه، وقلبه في الغالب).اهـ
وقال الحسين بن منصور: سئل أحمد بن حنبل : عمن نكتب العلم؟ فقال: (عن الناس كلهم، إلا عن ثلاثة، صاحب هوى يدعو إليه، أو كذاب، فإنه لا يكتب عنه قليل ولا كثير، أو عن رجل يغلط ، فيرد عليه فلا يقبل)([5]).
وقال الإمام ابن المبارك رحمه الله: ( يكتب الحديث إلا عن أربعة، غلاط لا يرجع ، وكذاب، وصاحب بدعة وهوى يدعو إلى بدعته، ورجل لا يحفظ، فيحدث من حفظه) ([6]).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: كنا عند شعبة بن الحجاج فسئل: يا أبا بسطام حديث من يترك؟ فقال: (من يكذب في الحديث، ومن يكثر الغلط ، ومن يخطئ في حديث مجتمع عليه، فيقيم على غلطه، فلا يرجع، ومن روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون) ([7]).
وفي رواية: (وإذا روى حديثا غلطا مجتمعا عليه، فلم يتهم نفسه فيتركه، طرح حديثه).
وعن يحيى بن سعيد القطان رحمه الله: ( لا تنظروا إلى الحديث، ولكن انظروا إلى الإسناد، فإن صح الإسناد، وإلا فلا تغتر بالحديث ، إذا لم يصح الإسناد) ([8]).
وعن شعبة بن الحجاج رحمه الله قال: (إنما يعلم صحة الحديث، بصحة الإسناد) ([9]).
وعن علي بن المديني رحمه الله قال: (التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم) ([10]).
وعن عمرو بن قيس رحمه الله قال: (ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الذي ينتقد الدراهم ، فإن الدراهم فيها الزيف والبهرج، وكذلك الحديث)([11]).
وقال ابن أبي حاتم رحمه الله في ((الجرح والتعديل)) (ج1 ص5): (فلما لم نجد سبيلا إلى معرفه شيء من معاني كتاب الله، ولا من سنة رسول الله r إلا من جهة النقل والرواية ، وجب أن نميز بين عدول الناقلة، والرواة وثقاتهم، وأهل الحفظ، والتثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة، والوهم وسوء الحفظ، والكذب، واختراع الأحاديث الكاذبة).اهـ
وقال ابن أبي حاتم رحمه الله في ((الجرح والتعديل)) (ج1 ص351): (تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره، فإن خالفه في الحمرة والصفاء علم أنه مغشوش، ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره فإن خالفه في الماء والصلابة علم أنه زجاج، ويقاس صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن يكون كلاما يصلح أن يكون من كلام النبوة، ويعلم سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته).اهـ
وقال ابن أبي حاتم رحمه الله في ((الجرح والتعديل)) (ج1 ص5): (ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل، وعن رسوله r بنقل الرواة حق علينا معرفتهم، ووجب الفحص عن الناقلة ، والبحث عن أحوالهم).اهـ
وقال المعلمي رحمه الله: (إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة، فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقا، حيث وقعت أعلوه بعلة ليست قادحة مطلقا، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر) ([12]).اهـ
قلت: ولا يكفي للمؤلف الرجوع عن الأحاديث الضعيفة أن يمسك عنها، بل يجب عليه أن يظهر للمسلمين أنه كان أخطأ في ذكره للأحاديث الضعيفة، وقد رجع عنها، بإصلاحه لكتابه.
وقال حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا الحسن الدارقطني عمن يكون كثير الخطأ، قال: (إن نبهوه عليه، ورجع عنه فلا يسقط، وإن لم يرجع سقط) ([13]).
قلت: ولا يؤخذ من المصنف إلا إذا كان صاحب سنة ثقة، وإلا ترك حديثه.
وعن إبراهيم النخعي رحمه الله قال: (كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه، نظروا إلى سمته، وإلى صلاته ثم يأخذون عنه).
أثر صحيح.
أخرجه ابن شاهين في ((الضعفاء)) (ص41)، وابن عبدالبر في ((التمهيد)) (ج1 ص47) من طريق هشام أبا مغيرة عن إبراهيم النخعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: لم لم تكتب عن الوليد بن صالح ؟، فقال: (رأيته في مسجد الجامع يسيء صلاته).
أثر صحيح.
أخرجه ابن شاهين في ((الضعفاء)) (ص41) من طريق مكرم بن أحمد نا عبدالله به.
والخبر في ((العلل ومعرفة الرجال)) (ص93).
وعن الشافعي رحمه الله قال: ((ويكون المحدث عالما بالسنة، ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عدلا فيما يحدث، عالما بما يحمل من معاني الحديث، بعيدا من الغلط...)).
أثر صحيح
أخرجه الرامهرمزي في ((المحدث الفصل)) (ص404) من طريق زكريا بن يحيى الساجي أن الربيع حدثهم قال: قال الشافعي فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الشافعي في كتابه ((الرسالة)) (ص344).
وقال الشافعي رحمه الله في ((الرسالة)) (ص350): ((ومن كثر غلطه من المحدثين، ولم يكن له أصل كتاب صحيح: لم نقبل حديثه، كما يكون من أكثر الغلط في الشهادة لم نقبل شهادته)).اهـ
وقال اشافعي رحمه الله ((وكان ابن سيرين، والنخعي، وغير واحد من التابعين يذهبون إلى ألا يقبلوا الحديث إلا عن من عرف)) ([14]).
وقال الشافعي رحمه الله: ((وما لقيت أحدا من أهل العلم يخالف هذا المذهب)) ([15]).
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن من أفرى الفرى من قولني ما لم أقل، ومن أرى عينيه في المنام ما لم ترى، ومن ادعى إلى غير أبيه)) ([16]).
قلت: فهلاك الأمة بالعصبية لآراء الرجال، ثم الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم عن غير الثقة في الدين.
وقال الربيع بن سليمان: قال الشافعي –حاكيا عن سائل سأله- فقال: ((قد أراك تقبل شهادة من لا تقبل حديثه؟!، فقلت: لكبر أمر الحديث، وموقعه من المسلمين)).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (516) من طريق أحمد بن جعفر الختلي حدثنا أحمد بن موسى الجوهري ثنا الربيع بن سليمان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج1 ص202): (والثقة إذا حدث بالخطأ، فحمل عنه وهو لا يشعر أنه خطأ، يعمل به على الدوام للوثوق بنقله، فيكون سببا للعمل بما لم يقله الشارع).اهـ
قلت: ومن هنا تأتي فائدة الاشتغال بهذا العلم.
قال الحافظ الخطيب رحمه الله في ((الجامع)) (ج2 ص294): (معرفة العلل أجل أنواع علم الحديث، وهو يرأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل).اهـ
وقال الإمام عبد الرحمن بن مهدي: (لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي) ([17]).
وقال الحافظ الخطيب رحمه الله في ((الجامع)) (ج2 ص300): (بيان أن من علم من حال الرواة أمرا لا يجوز معه قبول روايتهم، وجب عليه إظهاره، لأن الحديث لا يكتفى في قبوله لمجرد الصلاح والعبادة، كما لا يكتفى بذلك في قبول الشهادة).اهـ
وقال الحافظ أبو عبدالله الحاكم في ((معرفة علوم الحديث)) (ص359): (وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل ، فإن حديث المجروح ساقط واه، وعلة الحديث، يكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له علة، فيخفى عليهم علمه، فيصير الحديث معلولا).اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج1 ص362) بعدما ذكر رواية أبي إسحاق عن الأسود عن أبيه عن عائشة قال: ( كان النبي r ينام وهو جنب، ولا يمس ماء): ( وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق ،،، وقال أحمد بن صالح المصري الحافظ: لا يحل أن يروي هذا الحديث؛
يعني: أنه خطأ مقطوع به ، فلا تحل روايته من دون بيان علته .
وأما الفقهاء المتأخرون، فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله، فظن صحته، وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواة ثقة فهو صحيح، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث، ووافقهم طائفة من المحدثين المتأخرين كالطحاوي، والحاكم، والبيهقي).اهـ
قلت: وفي هذا دلالة على أهمية علم العلل جملة وتفصيلا.
قال نعيم بن حماد: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: كيف تعرف صحيح الحديث من خطئه؟ قال: (كما يعرف الطبيب المجنون) ([18]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص352): (و" المقصود هنا " أن تعدد الطرق مع عدم التشاعر أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول ؛ لكن هذا ينتفع به كثيرا في علم أحوال الناقلين.
وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول، والسيئ الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك ؛ ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ويقولون : إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره قال أحمد : قد أكتب حديث الرجل لأعتبره([19])، ومثل هذا بعبد الله بن لهيعة قاضي مصر ؛ فإنه كان من أكثر الناس حديثا ومن خيار الناس ؛ لكن بسبب احتراق كتبه وقع في حديثه المتأخر غلط فصار يعتبر بذلك، ويستشهد به، وكثيرا ما يقترن هو، والليث بن سعد، والليث حجة ثبت إمام.
وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ؛ فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا " علم علل الحديث" وهو من أشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه، وغلطه فيه عرف ؛ إما بسبب ظاهر خفي كما عرفوا {أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وأنه صلى في البيت ركعتين} وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها حراما ؛ ولكونه لم يصل مما وقع فيه الغلط، وكذلك أنه " اعتمر أربع عمر " وعلموا أن قول ابن عمر : " إنه اعتمر في رجب " مما وقع فيه الغلط وعلموا أنه تمتع وهو آمن في حجة الوداع وأن قول عثمان لعلي : " كنا يومئذ خائفين " مما وقع فيه الغلط وأن ما وقع في بعض طرق البخاري { أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقا آخر } مما وقع فيه الغلط وهذا كثير .
والناس في هذا الباب طرفان : طرف من أهل الكلام، ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله لا يميز بين الصحيح والضعيف، فيشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند أهل العلم به، وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به؛ كلما وجد لفظا في حديث قد رواه ثقة، أو رأى حديثا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة أو يجعله دليلا له في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط).اهـ
وقال أبو شامة المقدسي رحمه الله في (المؤمل) (ص125): (وأئمة الحديث هم المعتبرون القدوة في فنهم، فوجب الرجوع إليهم في ذلك، وعرض آراء الفقهاء على السنن، والآثار الصحيحة، فما ساعده الأثر فهو المعتبر، وإلا فلا.
ولا نبطل الخبر بالرأي، بل نضعفه إن كان على اختلاف وجوه الضعف من علل الحديث المعروفة عند أهله، أو بإجماع الكافة على خلافه، وقد يظهر ضعف الحديث وقد يخفى.
وأقرب ما يؤمر به في ذلك أنك متى رأيت حديثا خارجا عن دواوين الإسلام كالموطأ، ومسند الإمام أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي ونحوها مما تقدم ذكره، ومما لم نذكره، فانظر فيه؛ فإن كان له نظير في الصحاح، والحسان، قرب أمره، وإن رأيته يباين الأصول، وارتبت به، فتأمل رجال إسناده، واعتبر أحوالهم من الكتب المصنفة في ذلك، وأصعب الأحوال أن يكون رجال الإسناد كلهم ثقات، ويكون متن الحديث موضوعا عليهم، أو مقلوبا، أو قد جرى فيه تدليس، ولا يعرف هذا إلا النقاد من علماء الحديث، فإن كنت من أهله فبه، وإلا فاسأل عنه أهله).اهـ
وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: (كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف، فما عرفوا منه أخذنا، وما أنكروا تركنا)([20]).
وعن يحيى بن سعيد القطان رحمه الله قال: ( تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثق بهم في الحديث، ثم ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك ومحمد بن السائب، وقال: هؤلاء لا يحمد أمرهم، ويكتب التفسير عنهم) ([23]).
قلت: يجب أن نحسن النظر فيما يصح، وما لا يصح من التفاسير، والأحاديث، والكتب، اللهم غفرا.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص300): (من علم من حال الرواة أمرا لا يجوز معه قبول روايتهم، وجب عليه إظهاره ، لأن الحديث لا يكتفى في قبوله لمجرد الصلاح والعبادة([24])، كما لا يكتفى بذلك في قبول الشهادة).اهـ
وقال ابن حجر رحمه الله في ((اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة)) : (وقد رأيت ما هو أهم من ذلك ، وهو تبيين الأحاديث المشتهرة على ألسنة العوام وكثير من الفقهاء الذين لا معرفة لهم بالحديث ، وهي: إما أن يكون لها أصل يتعذر الوقوف عليه لغرابة موضعه ، أو لذكره في غير مظنته ، وربما نفاه بعضهم لعدم اطلاعه عليه ، والنافي له كمن نفى أصلا من الدين ، وضل عن طريقه المبين ، وأما لا أصل لها البتة ، فالناقل لها يدخل تحت ما رواه البخاري في ثلاثياته من قوله صلى الله عليه وسلم " من نقل عني ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار) ([25]).اهـ
وقال الإمام يزيد بن أبي حبيب رحمه الله: (إذا سمعت الحديث؛ فأنشده كما تنشد الضالة، فإن عرف، وإلا فدعه) ([26]).
وقال اللكنوي الهندي رحمه الله في ((الأجوبة الفاضلة)) (ص29): (وقد كثر في هذه الأمة وضع الأحاديث على النبيr.
فمنهم: من وضعوا أحديث في الأحكام، وتقولو بالحلال والحرام.
ومنهم: من وضعوا أحاديث في فضائل الصحابة، والتابعين، والأئمة المجتهدين، والأماكن والبلدان، والمساكن والأوطان.
ومنهم: من وضعوا أحاديث في مثالب الصحابة، والأئمة، ومعايبهم، إلى غير ذلك من أغراضهم، ومطالبهم، إما تعنتا وعنادا، وإما تعصبا وفسادا، وإما غير ذلك مما هو مبسوط في محله، ومقرر في مقره، فارتفع الأمان عن الأخبار، مالم يوجد لها سند معتمد، أو اعتمد به واحد من الأخيار.
ومن ههنا نصوا على أنه لا عبرة للأحاديث المنقولة في الكتب المبسوطة مالم يظهر سندها، أو يعلم اعتماد أرباب الحديث عليها، وإن كان مصنفها فقيها جليلا يعتمد عليه في نقل الأحكام، وحكم الحلال والحرام.
ألا ترى إلى صاحب ((الهداية)) من أجلة الحنفية، والرافعي شارح ((الوجيز)) من أجلة الشافعية –مع كونهما ممن يشار إليه بالأنامل، ويعتمد عليه الأماجد والأماثل- قد ذكرا في تصانيفهما ما لايوجد له أثر عند خبير بالحديث يستفسر، كما لا يخفى على من طالع ((تخريج أحاديث الهداية))([27]) للزيلعي، و((تخريج أحاديث شرح الرافعي))([28]) لابن حجر العسقلاني، وإذا كان حال هؤلاء الأجلة هذا، فما بالك بغيرهم من الفقهاء الذين يتساهلون في إيراد الأخبار، ولا يتعمقون في سند الآثار!).اهـ
وقال علي القاري رحمه الله في ((الأسرار المرفوعة)) (ص342) تحت حديث: (من قضى صلاة من الفرائض في آخر جمعة من شهر رمضان، كان ذلك جابرا لكل صلاة فائتة في عمره إلى سبعين سنة):
(باطل قطعا، لأنه مناقض للإجماع، على أن شيئا من العبادات لا يقوم مقام فائتة سنوات، ثم لا عبرة بنقل صاحب ((النهاية))، ولا ببقية شراح ((الهداية))([29]) فإنهم ليسوا من المحدثين، ولا أسندوا الحديث إلى أحد من المخرجين).اهـ
وقال اللكنوي الهندي في ((عمدة الرعاية)) (ج1 ص13) تعليقا على كلام علي القاري هذا: ( وهذا الكلام من القاري أفاد فائدة حسنة، وهي أن الكتب الفقهية، وإن كانت معتبرة في أنفسها بحسب المسائل الفرعية، وكان مصنفوها أيضا من المعتبرين، والفقهاء الكاملين؛ لا يعتمد على الأحاديث المنقولة فيها اعتمادا كليا، ولا يجزم بورودها، وبثبوتها قطعا بمجرر وقوعها فيها.
فكم من أحاديث ذكرت في الكتب المعتبرة، وهي موضوعةومختلقة... نعم إذا كان مؤلف ذلك الكتاب من المحدثين أمكن أن يعتمد على حديثه الذي ذكره فيه، وكذا إذا أسند المصنف الحديث إلى كتاب من كتب الحديث أمكن أن يؤخذ به إذا كان ثقة في نقله.
والسر فيه: أن الله تعالى جعل لكل مقام مقالا، ولكل فن رجالا، وخص كل طائفة من مخلوقاته بنوع فضيلة لا تجدها في غيرها.
فمن المحدثين: من ليس لهم حظ إلا رواية الأحاديث، ونقلها من دون التفقه، والوصول إلى سرها.
ومن الفقهاء: من ليس لهم حظ إلا ضبط المسائل الفقهية من دون المهارة في الروايات الحديثية([30]).
فالواجب إن ننزل كلا منهم في منازلهم، ونقف عند مراتبهم).اهـ
قلت: لذلك لا يجوز نقل الأحاديث النبوية إلا من كتب أهل الحديث المعتمدة المتداولة، بخلاف كتب الفقه لما فيها من الأحاديث الضعيفة الكثيرة، والله المستعان.
قال اللكنوي الهندي رحمه الله في ((الأجوبة الفاضلة)) (ص35) عن الفقهاء: (أحالوا نقد الأسانيد على نقاد الحديث، لكونهم أغنوهم عن الكشف الحثيث، إذ ليس من وظيفتهم البحث عن كيفية رواية الأخبار، إنما هو من وظيفة حملة الآثار، فلكل مقام مقال، ولكل فن رجال).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص354): (وفي "التفسير" من هذه الموضوعات قطعة كبيرة؛ مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة؛ فإنه موضوع باتفاق أهل العلم، و " الثعلبي " هو في نفسه كان فيه خير ودين وكان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح، وضعيف، وموضوع و"الواحدي" صاحبه كان أبصر منه بالعربية ؛ لكن هو أبعد عن السلامة، واتباع السلف، والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لكنه صان تفسيره من الأحاديث الموضوعة، والآراء المبتدعة، والموضوعات في كتب التفسير كثيرة مثل الأحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص289): (و قد أجمع أهل العلم بالحديث على أن مجرد رواية صاحب "الفردوس" لا تدل على أن الحديث صحيح، فابن شيرويه الديلمي الهمذاني ذكر في هذا الكتاب أحاديث كثيرة صحيحة، وأحاديث حسنة، وأحاديث موضوعة، وإن كان من أهل العلم و الدين، ولم يكن ممن يكذب هو، لكنه نقل ما في كتب الناس، والكتب فيها الصدق، والكذب، ففعل كما فعل كثير من الناس في جمع الأحاديث، إما بالأسانيد، وإما محذوفة الأسانيد).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص310): (فان قيل؛ فهذا الحديث قد ذكره طائفة من المفسرين، والمصنفين في الفضائل، كالثعلبي، والبغوي، وأمثالهما، والمغازلي قيل له: مجرد رواية هؤلاء لا توجب ثبوت الحديث باتفاق أهل العلم بالحديث؛ فان في كنت هؤلاء من الأحاديث الموضوعة ما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع، وفيها شيء كثير يعلم بالأدلة اليقينية السمعية، و العقلية أنها كذب، بل فيها ما يعلم بالاضطرار أنه كذب، و الثعلبي و أمثاله لا يتعمدون الكذب، بل فيهم من الصلاح و الدين ما يمنعهم من ذلك، لكن ينقلون ما وجدوه في الكتب، ويروون ما سمعوه، وليس لاحدهم من الخبرة بالأسانيد ما لأئمة الحديث، كشعبة، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وإسحاق، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، وأبي عبد الله بن منده، والدارقطني، وأمثال هؤلاء من أئمة الحديث، ونقاده، وحكامه، وحفاظه الذين لهم خبرة، ومعرفة تامة بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأحوال من نقل العلم، والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، ومن بعدهم من نقلة العلم، وقد صنفوا الكتب الكثيرة في معرفة الرجال الذين نقلوا الآثار، وأسماءهم، وذكروا أخبارهم، وأخبار من أخذوا عنه، ومن أخذ عنهم مثل كتاب "العلل و أسماء الرجال" عن يحيى القطان، وابن المديني، وأحمد، وابن معين، والبخاري، ومسلم، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والترمذي، وأحمد بن عدي، وابن حبان، وأبي الفتح الازدي، والدارقطني، وغيرهم، وتفسير الثعلبي فيه أحاديث موضوعة، وأحاديث صحيحة، ومن الموضوع فيه الأحاديث التي في فضائل السور: سورة وقد ذكر هذا الحديث الزمخشري، والواحدي، وهو كذب موضوع باتفاق أهل الحديث، وكذلك غير هذا، وكذلك الواحدي تلميذ الثعلبي، والبغوي اختصر تفسيره من تفسير الثعلبي، والواحدي، لكنهما أخبر بأقوال المفسرين منه، والواحدي أعلم بالعربية من هذا وهذا، والبغوي اتبع للسنة منهما، وليس لكون الرجل من الجمهور الذين يعتقدون خلافة الثلاثة يوجب له أن كل ما رواه صدق، كما أن كونه من الشيعة لا يوجب أن يكون كل ما رواه كذبا، بل الاعتبار بميزان العدل، وقد وضع الناس أحاديث كثيرة مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصول، والأحكام، والزهد، والفضائل، ووضعوا كثيرا من فضائل الخلفاء الأربعة، وفضائل معاوية، ومن الناس من يكون قصده رواية كل ما روي في الباب من غير تمييز بين صحيح وضعيف، كما فعله أبو نعيم في فضائل الخلفاء، وكذلك غيره ممن صنف في الفضائل، ومثل ما جمعه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبوعلي الاهوازي، وغيرهما في فضائل معاوية، ومثل ما جمعه النسائي في فضائل علي، وكذلك ما جمعه أبوالقاسم بن عساكر في فضائل علي، وغيره فان هؤلاء و أمثالهم قصدوا أن يرووا ما سمعوا من غير تمييز بين صحيح ذلك وضعيفه، فلا يجوز أن يجزم بصدق الخبر بمجرد رواية الواحد من هؤلاء باتفاق أهل العلم، وأما من يذكر الحديث بلا إسناد ومن المصنفين في الأصول، والفقه، والزهد، والرقائق فهؤلاء يذكرون أحاديث كثيرة صحيحة، ويذكر بعضهم أحاديث كثيرة ضعيفة، وموضوعة، كما يوجد ذلك في كتب الرقائق، والرأي، وغير ذلك).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص299): (المطالبة بصحة النقل، وما ادعاه من نقل الناس كافة من أظهر الكذب عند أهل العلم بالحديث، فان هذا الحديث ليس في شيء من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل، لا في الصحاح، ولا في المساند، والسنن، والمغازي، والتفسير التي يذكر فيها الإسناد الذي يحتج به، وإذا كان في بعض كتب التفسير التي ينقل منها الصحيح، والضعيف، مثل تفسير الثعلبي، والواحدي، والبغوي، بل وابن جرير، وابن أبي حاتم، لم يكن مجرد رواية واحد من هؤلاء دليلا على صحته باتفاق أهل العلم، فانه إذا عرف أن تلك المنقولات فيها صحيح، وضعيف، فلا بد من بيان أن هذا المنقول من قسم الصحيح دون الضعيف، وهذا الحديث غايته أن يوجد في بعض كتب التفسير التي فيها الغث والسمين، وفيها أحاديث كثيرة موضوعة مكذوبة، مع أن كتب التفسير التي يوجد فيها هذا مثل تفسير ابن جرير،وابن أبي حاتم، والثعلبي، والبغوي، ينقل فيها بالأسانيد الصحيحة ما يناقض هذا، مثل بعض المفسرين الذين ذكروا هذا في سبب نزول الآية، فانهم ذكروا مع ذلك بالأسانيد الصحيحة الثابتة التي اتفق أهل العلم على صحتها ما يناقض ذلك، ولكن هؤلاء المفسرون ذكروا ذلك على عادتهم في أنهم ينقلون ما ذكر في سبب نزول الآية من المنقولات الصحيحة و الضعيفة).اهـ
قلت: وقد أحسن الحافظ ابن كثير رحمه الله صنعا حيث تعرض في ((تفسيره)) لكثير مما في تلك التفاسير بالنقد والبيان، فيذكر الأحاديث، أو الآثار ثم يبين ضعف أسانيدها.
فقد سلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) مسلكا حسنا، فبين علل الأحاديث والآثار، ومغامزها، ولم يكتف بسرد إسنادها انكالا على معرفة رواتها، وما فيهم من جروح، أو مطاعن، لعلمه أن ((علم الرجال)) أفل نجمه في زمانه، وما قبله، فضلا عن أزماننا المتأخرة!([31]).
فنطرح نماذج من ذلك في ((تفسيره)):
قال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج1 ص77) بعد ذكر حديث رواه ابن جرير في ((جامع البيان)): (وهذا غريب، ولا يكاد يصح إسناده؛ فإن فيه رجلا مبهما، ومثله لا يحتج به).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج3 ص6و7) بعد ذكر حديث رواه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)): (هذا سياق فيه غرائب عجيبة!).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج3 ص17)، بعد ذكر حديث: رواه ابن جرير في ((جامع البيان)): (وهذا الحديث في ألفاظه غرابة، ونكارة شديدة!).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج3 ص24) عند تفسير قوله تعالى في سورة الإسراء: (ثم رددنا لكم الكرة عليهم): (وقد روى ابن جرير في هذا المكان حديثا أسنده عن حذيفة t مرفوعا مطولا، وهو حديث موضوع لا محالة، لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث، والعجيب كل العجب كيف راج عليه مع جلالة قدره وإمامته؟!.
وقد صرح شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي رحمه الله بأنه موضوع مكذوب، وكتب ذلك على حاشية الكتاب).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج3 ص89) عند تفسير قوله تعالى في سورة الكهف: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا): (وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج4 ص485) عند تفسير قوله تعالى في سورة المطففين: (وما أدراك ما سجين): (وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا منكرا لا يصح).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج4 ص508) عند تفسير قوله تعالى: (إرم ذات العماد): (وقد ذكر ابن أبي حاتم قصة إرم ذات العماد هاهنا مطولة جدا!.
فهذه الحكاية ليس يصح إسنادها، ولو صح إلى ذلك الأعرابي فقد يكون اختلف ذلك، أو أنه أصابه نوع من الهوس والخبال، فاعتقد أن ذلك له حقيقة في الخارج، وليس كذلك وهذا مما يقطع بعدم صحته).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج4 ص519) عند تفسير قوله تعالى في سورة الليل: (وأما من بخل واستغنى) بعد أن روى حديثا طويلا عن ابن أبي حاتم: (هكذا رواه ابن أبي حاتم، وهو حديث غريب جدا).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج4 ص535) في آخر سورة القدر: (ذكر أثر غريب، ونبأ عجيب، يتعلق بليلة القدر، رواه ابن أبي حاتم عند تفسير هذه السورة الكريمة).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج4 ص556) في آخر سورة الماعون: (وروى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا عجيبا في إسناده ومتنه).اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج4 ص558) في آخر سورة الكوثر: (وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا منكرا).اهـ
وانظر نماذج أيضا في ((تفسيره)) (ج1 ص77) عند تفسير قوله تعالى في سورة البقرة: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا).
وفي ((تفسيره)) (ج1 ص139 و140 و141) عند ذكر قصة: (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت).
وفي ((تفسيره)) (ج1 ص575) عند تفسير قوله تعالى في سورة النساء: (وما قتلوه وما صلبوه).
وفي ((تفسيره)) (ج3 ص6و7) و(ج3 ص17و21) عند تفسير قوله تعالى في أول سورة الإسراء: (سبحان الذي أسرى).
وفي ((تفسيره)) (ج3 ص177) عند تفسير قوله تعالى في أوائل سورة الأنبياء: (ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها).
وفي ((تفسيره)) (ج3 ص491) عند تفسير قوله تعالى في سورة الأحزاب: (وتخفي ما نفسك مالله مبديه).
وفي ((تفسيره)) (ج4 ص 105) أول تفسير سورة الشورى.
وفي ((تفسيره)) (ج4 ص303) عند تفسير قوله تعالى في أوائل سورة الحديد: (هو الأول والآخر).
وهذا غيض من فيض مما نبه إليه الحافظ ابن كثير رحمه الله، فجزاه الله خيرا.
وقال العراقي رحمه الله في ((الباعث على الخلاص)) (ص92): (وليت شعري ماذا يلقون في هذه الأزمان على العوام؟!، يتكلمون في كلام الله بغير علم، أم في سنة رسول الله r من غير معرفة بالصحيح والسقيم، أم في اختلاف العلماء: فعمن أخذوا أهل العلم)([32]).اهـ
قلت: وقد كان السلف يغلظون على من حدث بالأحاديث الضعيفة.
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سألت يحيى بن معين عن زكريا بن يحيى الكسائي الكوفي؟، فقال يحيى: (رجل سوء يحدث بأحاديث سوء –يعني ضعيفة-. قلت: قال لي: إنك كتبت عنه، فحول وجهه، وحلف بالله: (إنه لا أتاه، ولا كتب عنه، وقال يحيى: يستأهل أن يحفر له بئر فيلقى فيها!) ([33]).
قلت: لأن هذه الأحاديث التي يرويها الكسائي لا تصح عن النبي r.
قال السيوطي رحمه الله في ((تحذير الخواص)) (ص167): (إن من أقدم على رواية الأحاديث الباطلة يستحق الضرب بالسياط، ويهدد بما هو أكثر من ذلك، ويزجر، ويهجر، ولا يسلم عليه، ويغتاب في الله، ويستعدى عليه عند الحاكم، ويحكم عليه بالمنع من رواية ذلك، ويشهد عليه).اهـ
قلت: لذلك يجب التثبت في الروايات قبل نقلها للناس، وخطورة التساهل في ذلك([34]).
قلت: ومما تقدم يظهر لنا عظم هذا الأمر، ودقته، وأن لابد لنا من التثبت في كل ما نقوله، أو نحتج به، أو نعمل على ضوئه.
قال الإمام مسلم رحمه الله في ((مقدمة صحيحه)) (ج1 ص60): (واعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتهمين، أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع، والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه، قول الله جل ذكره: (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) [الحجرات:6] وقال جل ثناؤه (ممن ترضون من الشهداء) [البقرة:282]، وقال عز وجل: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) [الطلاق:2] ، فدل بما ذكرنا من هذه الآي، أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول، وأن شهادة غير العدل مردودة).اهـ
وقال ابن حبان رحمه الله في ((المجروحين)) (ج1 ص369): (إن من اختلط عليه ما سمع بما لم يسمع ، ثم لم يرع عن نشرها بعد علمه بما اختلط عليه منها حتى نشرها، وحدث بها، وهو لا يتيقن بسماعها لبالحري أن لا يحتج به في الأخبار، لأنه في معنى من يكذب وهو شاك، أو يقول شيئا، وهو يشك في صدقه، والشاك في صدق ما يقول لا يكون بصادق).اهـ
قلت: فينبغي لمن أراد رواية حديث، أو ذكره أن ينظر، فإن كان صحيحا، أو حسنا قال: قال رسول الله r كذا، أو فعله، أو أمر، أو نهى، وشبه ذلك من صيغ الجزم.
وإن كان ضعيفا، فلا يقل قال رسول الله r، أو فعل، أو أمر، أو نهى، وشبه ذلك من صيغ الجزم([35]).
قلت: فيجب التثبت في الأحاديث التي تذكر في الكتب المتداولة، كـ((السنن الأربعة)) وغيرها، لما فيها من الأحاديث الضعيفة([36]).
قال اللكنوي الهندي رحمه الله في ((الأجوبة الفاضلة)) (ص66): (ليس كل ما في هذه الكتب وأمثالها صحيحا، أو حسنا، بل هي مشتملة على الأخبار الصحيحة، والحسنة، والضعيفة، والموضوعة).اهـ
وقال النووي رحمه الله في ((التقريب والتيسير)) (ص30): (في السنن، الصحيح، والحسن، والضعيف، والمنكر).اهـ
وقال الكتاني رحمه الله في ((الرسالة المستطرفة)) (ص31): (وسنن الدارقطني جمع فيها غرائب السنن، وأكثر فيها من رواية الأحاديث الضعيفة، والمنكرة، بل والموضوعة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الرد على البكري)) (ج1 ص73): (وأما قوله: إن هذا قد رواه بصيغ مختلفة من المفسرين، والمحدثين... إلى آخره، فما أدري من أيهما أعجب: من تكثيره لمن رواه كأنهم من الحفاظ الكبار، أو من سكوته عن مقابلتهم بالرد، والإنكار؛ إذ مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عمن هو عارف بطرق الحديث مميز بين الصحيح و الضعيف؟!
و مثل هذا لا يرويه إلا أحد الرجلين: رجل لا يميز بين الصحيح والضعيف، والغث والسمين، وهم جمهور مصنفي السير، والأخبار، وقصص الأنبياء، كالثعالبي، والواحدي، والمهدوي، والزمخشري، وعبدالجبار بن أحمد، وعلي بن عيسى الرماني، وأبي عبدالله ابن الخطيب الرازي، وأبي نصر ابن القشيري، وأبي الليث السمرقندي، وأبي عبد الرحمن السلمي، والكواشي الموصلي، وأمثالهم من المصنفين في التفسير؛ فهؤلاء لا يعرفون الصحيح من السقيم، ولا لهم خبرة بالمروي المنقول، ولا لهم خبرة بالرواة النقله بل يجمعون فيما يروون بين الصحيح والضعيف، ولا يميزون بينهما([37])، لكن منهم من يروي الجميع، ويجعل العهدة على الناقل؛ كالثعلبي ونحوه، ومنهم من ينصر قولا أو جملة؛ إما في الأصول، أوالتصوف، والفقه بما يوافقها من صحيح أوضعيف، ويرد ما يخالفها من صحيح و ضعيف.
و أما باب فضائل الأعمال، والأشخاص، والأماكن، والزمان؛ والقبور فباب اتسع فيه الكذب و البهتان.
و أما رجال التفسير القدماء؛ فمنهم الإمام المتفق عليه، كمجاهد الذي قال: عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلى آخره أقفه عند كل آية، وأسأله عنها.
وقال الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.
وعلى تفسيره يعتمد البخاري، والشافعي.
و كذلك تفسير طاووس، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، ونحوهم من التابعين؛ فإنهم بهذا الشأن من أعلم الناس.
و كذلك أصحاب ابن مسعود؛ كعلقمة، والأسود، وعبيدة السلماني، وغيرهم.
ومنهم من إسناده في التفسير عن ابن عباس منقطع، وهو في نفسه ثقة كالسدي الكبير، والضحاك؛ فإن الضحاك لم يصح سماعه من ابن عباس، والسدي جمع ما ذكره من التفسير الذي ذكره عن التابعين كما جمع ابن إسحاق السيرة، وعلي بن أبي طلحة الوالبي لم يسمع من ابن عباس، وقتادة ثقة حافظ في نفسه، ورواية معمر عنه صحيحة، و إن كان مالك أنكر ذلك لأجل القدر.
وأما الكلبي، والسدي الصغير؛ فمتروكان، وكذلك مقاتل بن سليمان بخلاف مقاتل بن حيان؛ فإنه ثقة، وأصحاب ابن عباس الأخصاء الذين رووا عنه ما فسره من القرآن، وما رواه من الحديث، وما نقلوه عنه في سائر العلوم، الحديث، والفقه، والتفسير، وشرح الغريب، وغير ذلك سعيد بن جبير، وطاووس بن كيسان، ومجاهد ابن جبر، وعكرمة مولاه، وعمرو بن دينار، وجابر بن زيد أبو الشعثاء، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ فهؤلاء هم المخصوصون به، وبطريقهم انتشر علمه.
وأما التفاسير المضافة إليه؛ كالتفسير الذي يرويه جويبر بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس؛ فجويبر ضعفه علي بن المديني، ويحيى بن سعيد القطان، وقال أحمد لا يشتغل بحديثه، وقال يحيى بن سعيد الخرساني البلخي لا يلتفت إليه، وقال علي بن الجنيد، والدارقطني متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس حرفا واحدا.
وتفسيرآخر يرويه عبيدالله بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس، ويقال: إن عبيدالله هذا في الوهن و الضعف أنزل من جويبر.
وتفسير آخر يرويه محمد بن سعد العوفي عن آبائه عن عطية العوفي عن ابن عباس، وعطية بن سعد ضعيف تكلم الناس فيه.
وتفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال أحمد: علي بن أبي طلحة ضعيف، ولم يسمع من ابن عباس شيئا.
وتفسير يرويه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح باذام عن ابن عباس، والكلبي كذاب، وباذام ضعيف، ولم يسمع من ابن عباس شيئا.
قال عبد الصمد بن الفضل سئل أحمد عن "تفسير الكلبي" فقال: كذب، فقيل له: أفيحل النظر فيه؟، قال: لا([38])...وقال الإمام أحمد ثلاث علوم ليس لها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير، وفي لفظ ليس لها أسانيد.
ومعنى ذلك أن الغالب عليها أنها مرسلة، ومنقطعة، فإذا كان الشيء مشهورا عند أهل الفن قد تعددت طرقه؛ فهذا مما يرجع إليه أهل العلم بخلاف غيره.
و أما تفاسير تابع التابعين؛ كقتادة، ومعمر، وسفيان الثوري، وابن أبي عروبة، وابن جريج، وغيرهم ممن صنف التفاسير؛ فإنما يذكرون من أصولهم ما سمعوه من شيوخهم عن الصحابة، والتابعين([39]).
و قد صنف في تفاسير الصحابة، والتابعين، وتابعيهم كتب كثيرة يذكرون فيها ألفاظهم بأسانيدها مثل: تفسير وكيع، وعبدالرزاق، وعبد ابن حميد، وآدم ابن أبي إياس، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي بكر بن أبي شيبة، وبقي بن مخلد، وسنيد، ودحيم، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن جرير، وأبي بكر بن داود، ومن هؤلاء من لا يذكر شيئا عن مقاتل والكلبي.
وعامة الكتب تحتاج إلى نقد، وتمييز؛ كالمصنفات في سائر العلوم من الأصول، والفروع، وغير ذلك؛ فإن الفقهاء قد وضعوا في الفقه أشياء كثيرة من الموضوعات والضعاف.
أما جمهور المصنفين في الأخبار، والتواريخ، والسير، والفتن من رجال الجرح والتعديل منهم من هو في نفسه متهم، أو غير حافظ؛ كأبي مخنف لوط بن يحيى، وهشام بن محمد السائب الكلبي، وإسحاق بن بشر، وأمثالهم من الكذابين، بل الواقدي خير من ملء الأرض مثل هؤلاء، وقد علم ما قيل فيه، ومحمد بن سعد كاتبة ثقة، لكن ينظر عمن نقل، وكذلك أبو الحسن المدائني، وأمثاله، وإن سلموا من الطعن فيهم فليسوا من علماء الجرح والتعديل حتى يكون ما رووه، ولم ينكروا مقبولا.
و إنما العالمون بالجرح والتعديل هم علماء الحديث، وهم نوعان: منهم من لم يرو إلا عن ثقة عنده؛ كمالك، وشعبة، ويحيى ين سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وكذلك البخاري وأمثاله، ومنهم من يروي عن الثقة، وغيره للمعرفة، ولما عنده من التمييز؛ كالثوري، و غيره([40]).
و الذين جمعوا المنقولات فيهم من يمكنه التمييز بين الصحيح و الضعيف في الغالب؛ كالدارقطني، وأبي نعيم، والخطيب، والبيهقي، وابن ناصر، وابن عساكر، وأبي موسى المديني، وابن الجوزي، وأمثالهم، لكن قد يروون في كتبهم الغرائب المنكرات، والأحاديث الموضوعات للمعرفة بها.
وكما يروى عن أحمد؛ أنه قال إذا سمعت أهل الحديث يقولون: هذا الحديث فائدة؛ فاعلم أنه غريب منكر، يعني أنهم يستفيدون غرائب الحديث، كما يستفيد الفقهاء، ونحوهم غرائب الأقوال، والطرق، والوجوه، وإن كانت وجوها سودا.
وأبو نعيم يروي في "الحلية" في فضائل الصحابة، وفي الزهد أحاديث غرائب يعلم أنها موضوعة، وكذلك الخطيب، وابن الجوزي، وابن عساكر، وابن ناصر، وأمثالهم، والدارقطني صنف "سننه" ليذكر فيها غرائب "السنن" وهو في الغالب يبين حال ما رواه، وهو من أعلم الناس بذلك، والبيهقي يعزو ما رواه إلى الصحيح في الغالب، وهو من أقلهم استدلالا بالموضوع، لكن يروي في الجهة التي ينصرها من المراسيل و الآثار ما يصلح للاعتضاد، ولا يصلح للاعتماد، ويترك في الجهة التي يضعفها ما هو أقوى من ذلك الإسناد([41]).
وهم فيما يقولونه من أصدق الناس و أثبتهم لكن الشأن في من قبلهم من الإسناد فإنهم كثيرا ما يتركون التمييز فيه بخلاف الأئمة الكبار الذين يعتمدون على الحديث، ويحتجون به فيما بينهم، وبين الله تعالى؛ كمالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وعبدالرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد، والبخاري، وأبي داود، فإنهم يحررون الكلام في المتن والإسناد، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
فإذا عرفت ذلك فلا يخلو ما رواه؛ إما أن يكون من جنس ما رواه صاحب "الفردوس" شهردار الديلمي، أو الشيخ عمر الملا صاحب "وسيلة المتعبدين" أو البكري صاحب "تنقلات الأنوار" وابن سبع الذي له مصنف كبير في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، ومصنف صغير في كرامات الأولياء، وأمثال هؤلاء ممن في كتابه من الكذب ما لا يحصيه إلا الله، فهل يجوز الاعتماد على ما يرويه هؤلاء.
أو يكون أرفع من هذا و إن كان فيها من الصدق ما لا يحصيه إلا الله كـ"تفسير الثعلبي" والواحدي، و"الشفا" للقاضي عياض و تفسير أبي الليث و القشيري مما فيه ضعف كثير و إن كان الغالب عليه الصحيح.
أو يكون من الحفاظ كأبي نعيم و الخطيب و ابن ناصر و أبي موسى و ابن الجوزي و عبد الغني و ابن عساكر و نحوهم فهؤلاء سكوتهم عن الإنكار في كثير مما يروونه لا يدل على الصحة عندهم باتفاق أهل الحديث.
وأما الأولون فهم لا يعرفون الصحيح من السقيم فسكوتهم عن الإنكار سكوت عموم المؤمنين الذين لا يعرفون حقائق الدين لا يميزون بين السنة والبدعة غير الإنكار على ما يرونه ويسمعونه من الأقوال والإعمال وإذا كان الراوي لهذا وأمثاله لا يخرج عن أن يكون غير عالم بهذا بما ينكره أو يكون عادته رواية هذا وأمثاله من غير بيان لعادة معروفة بينهم لم يكن لهذا فيما ذكره حجة.
وأيضا فعلماء الدين أكثر ما يحررون النقل فيما ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم لأنه واجب القبول أو فيما ينقل عن الصحابة).اهـ
وقال العيني رحمه الله في ((البناية)) (ج1 ص627): عن الحاكم صاحب المستدرك: (قد عرف تساهله وتصحيحه للأحاديث الضعيفة، بل الموضوعة).اهـ
وقال ابن حجر رحمه الله عن ابن الجوزي: (إن تساهله، تساهل الحاكم في ((المستدرك)) أعدم النفع بكتابيهما، إذ ما من حديث فيهما إلا ويمكن أنه مما وقع فيه التساهل، فلذلك وجب على الناقد الاعتناء بما نقله منهما من غير تقليد لهما) ([42]).اهـ
وقال الذهبي رحمه الله في ((تذكرة الحفاظ)) (ج3 ص1042) في ترجمة الحاكم: (لا ريب أن في ((المستدرك)) أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان ((المستدرك)) باخراجها فيه، وليته لم يصنف ((المستدرك))، فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه).اهـ
وقال الخطيب رحمه الله في ((تاريخ بغداد)) (ج5 ص474) في ترجمة الحاكم: (جمع الحاكم أبو عبد الله أحاديث زعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، يلزمهما إخراجها في ((صحيحيهما))، منها ((حديث الطير))، وحديث ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا فيه إلى قوله، ولا صوبوه في فعله).اهـ
قلت: ومن عرف بالتساهل في التصحيح، أو التحسين، فلا يعتمد عليه إلا بعد البحث عن الأحاديث التي نقلها في كتبه([43]).
قال العرافي رحمه الله في ((الأجوبة)) (ص141): (ابن حبان منسوب إلى التساهل في التصحيح والتوثيق، لكنه أرفع درجة من الحاكم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى الكبرى)) (ج1 ص91): (وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ليس في الجهر بها –يعني البسملة- حديث صريح، ولم يرو أهل السنن المشهورة كأبي داود والترمذي والنسائي شيئا من ذلك، وإنما يوجد الجهر بها صريحا في أحاديث موضوعة، يرويها الثعلبي والماوردي، وأمثالهما في التفسير، أو في بعض كتب الفقهاء الذين لا يميزون بين الموضوع وغيره... أن تصحيح الحاكم وحده وتوثيقه وحده لا يوثق به فيما دون هذا... ومن له أدنى خبرة في الحديث وأهله لا يعارض بتوثيق الحاكم ما قد ثبت في الصحيح خلافه ؛ فإن أهل العلم متفقون على أن الحاكم فيه من التساهل والتسامح في باب التصحيح، حتى أن تصحيحه دون تصحيح الترمذي والدارقطني وأمثالهما بلا نزاع، فكيف بتصحيح البخاري ومسلم، بل تصحيحه دون تصحيح أبي بكر بن خزيمة، وأبي حاتم بن حبان البستي، وأمثالهما، بل تصحيح الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في مختاره خير من تصحيح الحاكم فكتابه في هذا الباب خير من كتاب الحاكم بلا ريب، عند من يعرف الحديث، وتحسين الترمذي أحيانا يكون مثل تصحيحه أو أرجح، وكثيرا ما يصحح الحاكم أحاديث يجزم بأنها موضوعة لا أصل لها) ([44]). اهـ
وقال السلمي رحمه الله في ((كشف المناهج)) (ج1 ص49) عن كتاب ((مصابيح السنة)) للبغوي: (وأدخل في الحسان أحاديث، ولم ينبه عليها، وهي ضعيفة واهية، وربما ذكر أحاديث موضوعة في غاية السقوط متناهية).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج4 ص18): (وليس للشيعة أسانيد متصلة برجال معروفين مثل أسانيد أهل السنة حتى ينظر في الإسناد وعدالة الرجال بل إنما هي منقولات منقطعة عن طائفة عرف فيها كثرة الكذب وكثرة التناقض في النقل فهل يثق عاقل بذلك).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص399): ( وأما قوله: رواه أحمد فيقال: أولا أحمد له "المسند" المشهور وله كتاب مشهور في "فضائل الصحابة" روى فيه أحاديث لا يرويها في المسند لما فيها من الضعف لكونها لا تصلح إن تروى في المسند لكونها مراسيل أو ضعافا بغير الإرسال ثم إن هذا الكتاب زاد فيه ابنه عبد الله زيادات ثم إن القطيعى الذي رواه عن ابنه عبد الله زاد عن شيوخه زيادات وفيها أحاديث موضوعة باتفاق أهل المعرفة وهذا الرافضي وأمثاله من شيوخ الرافضة جهال فهم ينقلون من هذا المصنف فيظنون إن كل ما رواه القطيعي أو عبد الله قد رواه أحمد نفسه ولا يميزون بين شيوخ أحمد وشيوخ القطيعي ثم يظنون إن أحمد إذا رواه فقد رواه في المسند فقد رأيتهم في كتبهم يعزون إلى مسند أحمد أحاديث ما سمعها أحمد قط كما فعل ابن البطريق وصاحب الطرائف منهم وغيرهما بسبب هذا الجهل منهم وهذا غير ما يفترونه من الكذب فان الكذب كثير منهم وبتقدير إن يكون أحمد روى الحديث فمجرد رواية أحمد لا توجب إن يكون صحيحا يجب العمل به بل الإمام أحمد روى أحاديث كثيرة ليعرف ويبين للناس ضعفها وهذا في كلامه وأجوبته أظهر وأكبر من أن يحتاج إلى بسط لا سيما في مثل هذا الأصل العظيم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص177): ( ومجرد رواية الثعلبي و الواحدي و أمثالهما لا تدل على أنه صحيح باتفاق أهل السنة و الشيعة و لو تنازع اثنان في مسالة من مسائل الأحكام و الفضائل و احتج أحدهما بحديث لم يذكر ما يدل على صحته إلا رواية الواحد من هؤلاء له في تفسيره لم يكن ذلك دليلا على صحته و لا حجة على منازعه باتفاق العلماء و هؤلاء من عادتهم يروون ما رواه غيرهم و كثير من ذلك لا يعرفون هل هو صحيح أم ضعيف و يروون من الأحاديث الإسرائيليات ما يعلم غيرهم أنه باطل في نفس الأمر لأن وصفهم النقل لما نقل أو حكاية أقوال الناس و إن كان كثير من هذا و هذا باطلا و ربما تكلموا على صحة بعض المنقولات و ضعفها و لكن لا يطردون هذا و لا يلتزمونه).اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص96): (أحمد صنف كتابا في فضائل أبي بكر و عمر و عثمان و علي و غيرهم وقد يروي في هذا الكتاب ما ليس في "المسند" و ليس كل ما رواه أحمد في "المسند" و غيره يكون حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلم و شرطه في المسند أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده و أن كان في ذلك ما هو ضعيف و شرطه في "المسند" مثل شرط أبي داود في "سننه" و أما كتب الفضائل فيروي ما سمعه من شيوخه سواء كان صحيحا أو ضعيفا فانه لم يقصد أن لا يروي في ذلك إلا ما ثبت عنده ثم زاد ابن أحمد زيادات وزاد أبو بكر القطيعى زيادات و في زيادات القطيعي زيادات كثيرة كذب موضوعة فظن ذلك الجاهل أن تلك من رواية أحمد و أنه رواها في المسند و هذا خطأ قبيح فإن الشيوخ المذكورين شيوخ القطيعي و كلهم متأخر عن أحمد وهم ممن يروى عن أحمد لا ممن يروي أحمد عنه).اهـ
وقال الذهبي رحمه الله في ((ميزان الاعتدال)) (ج1 ص111) في ترجمة أبي نعيم الأصبهاني: (كلام ابن منده في أبي نعيم فظيع لا أحب حكايته، ولا أقبل قول كل منهما في الآخر، بل هما عندي مقبولان، ولا أعلم لهما ذنبا أكثر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص139): (كتاب "الفردوس" للديلمي فيه موضوعات كثيرة أجمع أهل العلم على أن مجرد كونه رواه لا يدل على صحة الحديث، وكذلك رواية أبي نعيم لا تدل على الصحة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص171): (بيان صحة الإسناد، والثعلبي وأبونعيم يرويان ما لايحتج به بالإجماع).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص38): (ما يرويه مثل أبي نعيم و الثعلبي و النقاش و غيرهم أتقبلونه مطلقا أم تردونه مطلقا أم تقبلونه إذا كان لكم لا عليكم و تردونه إذ كان عليكم فأن تقبلوه مطلقا ففيذلك أحاديث كثيره في فضائل أبي بكر و عمر و عثمان تناقض قولكم و قد روى أبو نعيم في أول "الحلية" في فضائل الصحابة و في كتاب مناقب أبي بكر و عمر و عثمان و علي أحاديث بعضها صحيحة و بعضها ضعيفة بل منكرة و كان رجلا عالما بالحديث فيما ينقله لكن هو و أمثاله يروون ما في الباب لا يعرف أنه روى كالمفسر الذي ينقل أقوال الناس في التفسير و الفقيه الذي يذكر الأقوال في الفقه و المصنف الذي يذكر حجج الناس ليذكر ما ذكروه و إن كان كثير من ذلك لا يعتقد صحته بل يعتقد ضعفه لأنه يقول: أنا نقلت ما ذكر غيري فالعهدة على القائل لا على الناقل و هكذا كثير ممن صنف في فضائل العبادات و فضائل الأوقات و غير ذلك يذكرون أحاديث كثيرة و هي ضعيفة بل موضوعة باتفاق أهل العلم كما يذكرون أحاديث في فضل صوم رجب كلها ضعيفة بل موضوعة عند أهل العلم و يذكرون صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة منه و ألفية نصف شعبان و كما يذكرون في فضائل عاشوراء ما ورد من التوسعة على العيال و فضائل المصافحة و الحناء و الخضاب و الاغتسال و نحو ذلك و يذكرون فيها صلاة و كل هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص42): (و أما أهل العلم و الدين فلا يصدقون بالنقل و يكذبون به بمجرد موافقة ما يعتقدون بل قد ينقل الرجل أحاديث كثيرة فيها فضائل النبي صلى الله عليه و سلم و أمته و أصحابه فيردونها لعلمهم بأنها كذب و يقبلون أحاديث كثيرة لصحتها و إن كان ظاهرها بخلاف ما يعتقدونه: إما لاعتقادهم أنها منسوخة أو لها تفسير لا يخالفونه و نحو ذلك فالأصل في النقل أن يرجع فيه إلى أئمة النقل و علمائه و من يشركهم في علمهم علم ما يعلمون و أن يستدل على الصحة و الضعف بدليل منفصل عن الرواية فلا بد من هذا و هذا و إلا فمجرد قول القائل رواه فلان لا يحتج به لا أهل السنة و لا الشيعة و ليس في المسلمين من يحتج بكل حديث رواه كل مصنف فكل حديث يحتج به نطالبه من أول مقام بصحته و مجرد عزوه إلى رواية الثعلبي و نحوه ليس دليلا على صحته باتفاق أهل العلم بالنقل و لهذا لم يروه أحد من علماء الحديث في شيء من كتبهم التي ترجع الناس إليها في الحديث لا في الصحاح ولا في السنن و لا المسانيد و لاغير ذلك لأن كذب مثل هذا لا يخفى على من له أدنى معرفة بالحديث وإنما هذا عند اهل العلم بمنزلة ظن من يظن من العامة و بعض من يدخل في غمار الفقهاء أن النبي صلى الله عليه و سلم كان على أحد المذاهب الأربعة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص52): (أن المستدل عليه بيان صحة الحديث و مجرد عزوه إلى رواية أبي نعيم لا تفيد الصحة باتفاق الناس علماء السنة و الشيعة فان أبا نعيم روى كثيرا من الأحاديث التي هي ضعيفة بل موضوعة باتفاق علماء أهل الحديث السنة و الشيعة و هو وأن كان حافظا كثير الحديث واسع الرواية لكن روى كما عادة المحدثين أمثاله يروون جميع ما في الباب لأجل المعرفة بذلك و أن كان لا يحتج من ذلك إلا ببعضه و الناس في مصنفاتهم منهم من لا يروي عمن يعلم أنه يكذب مثل مالك و شعبة و يحيى بن سعيد و عبد الرحمن بن مهدي و أحمد بن حنبل فان هؤلاء لا يروون عن شخص ليس بثقة عندهم و لا يروون حديثا يعلمون أنه عن كذاب فلا يروون أحاديث الكذابين الذين يعرفون بتعمد الكذب لكن قد يتفق فيما يروونه ما يكون صاحبه أخطأ فيه و قد يروي الإمام أحمد و اسحاق و غيرهما أحاديث تكون ضعيفة عندهم لاتهام رواتها بسوء الحفظ و نحو ذلك ليعتبر بها و يستشهد بها فانه قد يكون لذلك الحديث ما يشهد له انه محفوظ و قد يكون له ما يشهد بأنه خطا و قد يكون صاحبها كذبها في الباطن ليس مشهورا بالكذب بل يروى كثيرا من الصدق فيروى حديثه و ليس كل ما رواه الفاسق يكون كذبا بل يجب التبين من خبره كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) [الحجرات:6]، فيروى: لتنظر سائر الشواهد: هل تدل على الصدق أو الكذب؟.
و كثير من المصنفين يعز عليه تمييز ذلك على وجهه بل يعجز عن ذلك فيروي ما سمعه كما سمعه و الدرك على غيره لا عليه و أهل العلم ينظرون في ذلك و في رجاله و إسناده).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص10): (الجواب عن هذه الآية حق من وجوه:
الأول: أنا نطالبه بصحة هذا النقل أو لايذكر هذا الحديث على وجه تقوم به الحجة فإن مجرد عزوه إلى تفسير الثعلبي أو نقل الإجماع على ذلك من غير العالمين بالمنقولات الصادقين في نقلها ليس بحجة باتفاق أهل العلم إن لم نعرف ثبوت إسناده.
و أما ما نقله من تفسير الثعلبي فقد أجمع أهل العلم بالحديث أن الثعلبي يروي طائفة من الأحاديث الموضوعات كالحديث الذي يرويه في أول كل سورة عن أبي إمامة في فضل تلك السورة و كأمثال ذلك و لهذا يقولون هو كحاطب ليل. وهكذا الواحدي تلميذه و أمثالهما من المفسرين زيادة ينقلون الصحيح و الضعيف.
و لهذا لما كان البغوي عالما بالحديث أعلم به من الثعلبي و الواحدي و كان تفسيره مختصر تفسير الثعلبي لم يذكر في تفسيره شيئا من الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبي و لا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها الثعلبي مع أن الثعلبي فيه خير و دين لكنه لا خبرة له بالصحيح والسقيم من الأحاديث ولا يميز بين السنة و البدعة في كثير من الأقوال.
و أما أهل العلم الكبار: أهل التفسير مثل تفسير محمد بن جرير الطبري و بقي بن مخلد و ابن أبي حاتم و ابن المنذر و عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم و أمثالهم فلم يذكروا فيها مثل هذه الموضوعات دع من هو اعلم منهم مثل تفسير أحمد بن حنبل و اسحق بن راهويه بل و لا يذكر مثل هذا عند ابن حميد و لا عبد الرزاق مع أن عبد الرزاق كان يميل إلى التشيع و يروي كثيرا من فضائل علي وإن كانت ضعيفة لكنه اجل قدرا من أن يروي مثل هذا الكذب الظاهر.
وقد اجمع أهل العلم بالحديث إلى أنه لا يجوز الاستدلال بمجرد خبر يرويه الواحد من جنس الثعلبي و النقاش و الواحدي و أمثال هؤلاء المفسرين لكثرة ما يروونه من الحديث و يكون ضعيفا بل موضوعا فنحن لو لم نعلم كذب هؤلاء من وجوه أخرى لم يجز أن نعتمد عليه لكون الثعلبي و أمثاله رووه فكيف إذا كنا عالمين بأنه كذب؟!).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص34): (وأما ما يرويه أبو نعيم في "الحلية" أو في فضائل الخلفاء و النقاش و الثعلبي و الواحدي و نحوهم في التفسير فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يروونه كثيرا من الكذب الموضوع واتفقوا على أن هذا الحديث المذكور الذي رواه الثعلبي في تفسيره هو من الموضوع وسنبين أدلة يعرف بها أنه موضوع و ليس الثعلبي من أهل العلم بالحديث ولكن المقصود هنا أنا نذكر قاعدة فنقول المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب والمرجع في التمييز بين هذا و هذا إلى أهل علم الحديث كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك فلكل علم رجال يعرفون به.
و العلماء بالحديث اجل هؤلاء قدرا و أعظمهم صدقا و أعلاهم منزلة و اكثر دينا وهم من أعظم الناس صدقا و أمانة و علما و خبرة فيما يذكرونه عن الجرح و التعديل مثل مالك و شعبة و سفيان و يحيى بن سعيد و عبد الرحمن بن المهدي و ابن المبارك ووكيع و الشافعي و أحمد و إسحاق بن راهويه و أبي عبيد و ابن معين وابن المديني و البخاري ومسلم و أبي داود و أبي زرعة و أبي حاتم و النسائي و العجلي و أبي أحمد بن عدي و أبي حاتم البستي و الدار قطني و أمثال هؤلاء خلق كثير لا يحصى عددهم من أهل العلم بالرجال و الجرح و التعديل و إن كان بعضهم أعلم بذلك من بعض و بعضهم أعدل من بعض في وزن كلامه كما أن الناس في سائر العلوم كذلك).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص195): (المطالبة بصحة النقل و أما مجرد العزو إلى رواية أبي نعيم فليس حجة بالإتفاق و أبو نعيم له كتاب مشهور في فضائل الصحابة و قد ذكر قطعة من الفضائل في أول الحلية فإن كانوا يحتجون بما رواه فقد روى في فضائل أبي بكر و عمر و عثمان ما ينقض بنيانهم و يهدم أركانهم وإن كانوا لا يحتجون بما رواه فلا يعتمدون على نقله و نحن نرجع فيما رواه هو و غيره إلى أهل العلم بهذا الفن و الطرق التي بها يعلم صدق الحديث و كذبه من النظر في إسناده و رجاله و هل هم ثقات سمع بعضهم من بعض أم لا و ننظر إلى شواهد الحديث و ما يدل عليه على أحد الأمرين لا فرق عندنا بين ما يروى في فضائل علي أو فضائل غيره فما ثبت أنه صدق صدقناه و ما كان كذبا كذبناه فنحن نجيء بالصدق و نصدق به و لا نكذب صادقا و هذا معروف عند أئمة السنة و أما من افترى على الله كذبا أو كذب بالحق فعلينا أن نكذبه في كذبه وتكذيبه للحق).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج5 ص79): (ومجرد رواية صاحب ((الحلية)) ونحوه لا تفيد ولا تدل على الصحة فإن صاحب ((الحلية)) قد روى في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والأولياء وغيرهم أحاديث ضعيفة بل موضوعة باتفاق العلماء وهو وأمثاله من الحفاظ الثقات أهل الحديث ثقات فيما يروونه عن شيوخهم لكن الآفة ممن هو فوقهم وهم لم يكذبوا في النقل عمن نقلوا عنه لكن يكون واحد من رجال الإسناد ممن يتعمد الكذب أو يغلط وهم يبلغون عمن حدثهم ما سمعوه منه ويروون الغرائب لتعرف وعامة الغرائب ضعيفة، كما قال الإمام أحمد: (اتقوا هذه الغرائب فإن عامتها ضعيفة)).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص215): (و مثل هؤلاء الجهال يظنون ان الاحاديث التي في البخاري و مسلم أنما أخذت عن البخاري و مسلم ...
كانا يتعمد أن الكذب و لا يعلمون أن قولنا رواه البخاري و مسلم علامة لنا على ثبوت صحته لا أنه كان صحيحا بمجرد رواية البخاري و مسلم بل أحاديث البخاري و مسلم رواها غيرهما من العلماء و المحدثين من لا يحصي عدده إلا الله و لم ينفرد واحد منهما بحديث بل ما من حديث إلا و قد رواه قبل زمانه و في زمانه و بعد زمانه طوائف و لو لم يخلق البخاري و مسلم لم ينقص من الدين شيء و كانت تلك الأحاديث موجوده بأسانيد يحصل بها المقصود و فوق المقصود...
و كذلك التصحيح لم يقلد أئمة الحديث فيه البخاري و مسلما بل جمهور ما صححاه كان قبلهما عند أئمة الحديث صحيحا متلقي بالقبول و كذلك في عصرهما و كذلك بعدهما قد نظر أئمة هذا الفن في كتابيهما و وافقوهما على تصحيح ما صححاه إلا مواضع يسيرة نحو عشرين حديثا غالبها في مسلم أنتقدها عليهما طائفة من الحفاظ و هذه المواقع المنتقدة غالبها في مسلم و قد أنتصر طائفة لهما فيها وطائف قررت قول المنتقدة و الصحيح التفصيل فإن فيها مواضع منتقدة بلا ريب مثل حديث أم حبيبة و حديث خلق الله البرية يوم السبت و حديث صلاة الكسوف بثلاث ركوعات و أكثر، وفيها مواضع لا انتقاد فيها في البخاري، فإنه أبعد الكتابين عن الانتقاد، ولا يكاد يروي لفظا فيه انتقاد، إلا ويروي اللفظ الآخر الذي يبين أنه منتقد، فما في كتابه لفظ منتقد، إلا وفي كتابه ما يبين أنه منتقد.
و المقصود أن أحاديثهما أنتقدها الأئمة الجهابذة قبلهم بعدهم و رواها خلائق لا يحصي عددهم إلا الله فلم ينفردا لا برواية و لا بتصحيح و الله سبحانه و تعالى هو الكفيل بحفظ هذا الدين كما قال تعالى: ((أنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون)) [الحجر:9]، وهذا مثل غالب المسائل التي توجد في الكتب المصنفة في مذاهب الأئمة مثل القدوري و التنبيه و الخرقي و الجلاب غالب ما فيها إذاقيل ذكره فلأن علم أنه مذهب ذلك الإمام و قد نقل ذلك سائر أصحابه و هم خلق كثير ينقلون مذهبه بالتواتر و هذه الكتب فيها مسائل انفرد بها بعض أهل المذهب وفيها نزاع بينهم لكن غالبها هو قول أهل المذهب و أما البخاري و مسلم فجمهور ما فيهما أتفق عليه أهل العلم بالحديث الذين هم اشد عناية بألفاظ الرسول و ضبطا لها و معرفة بها من أتباع الأئمة لألفاظ أئمتهم وعلماء الحديث أعلم بمقاصد الرسول في ألفاظه من أتباع الأئمة بمقاصد أئمتهم و النزاع بينهم في ذلك أقل من تنازع أتباع الأئمة في مذاهب أئمتهم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص223): (المطالبة بصحة الحديث وهذا ليس في مسند أحمد ومجرد روايته له في الفضائل لو كان رواه لا يدل على صحته عنده باتفاق أهل العلم فإنه يروي ما رواه الناس وإن لم تثبت صحته وكل من عرف العلم يعلم أنه ليس كل حديث رواه أحمد في الفضائل ونحوه يقول أنه صحيح بل ولا كل حديث رواه في مسنده يقول أنه صحيح بل أحاديث مسنده هي التي رواها الناس عمن هو معروف عند الناس بالنقل ولم يظهر كذبه وقد يكون في بعضها علة تدل على أنه ضعيف بل باطل لكن غالبها وجمهورها أحاديث جيدة يحتج بها وهي أجود من أحاديث سنن أبي داود و أما ما رواه في الفضائل فليس من هذا الباب عنده).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج7 ص354): (و لهذا لم يخرجه أحد من أهل الحديث في الكتب التي يحتج بما فيها و إنما يرويه من يرويه في الكتب التي يجمع فيها بين الغث و السمين التي يعلم كل عالم إن فيها ما هو كذب، مثل كثير من كتب التفسير: تفسير الثعلبي، والواحدي، ونحوهما، والكتب التي صنفها في الفضائل من يجمع الغث و السمين لا سيما خطيب خوارزم فإنه من أروى الناس للمكذوبات، وليس هو من أهل العلم بالحديث ولا المغازلي).اهـ
قلت: ولقد اشتملت هذه الكتب على الإسناد، وعلى المتن، فكان لابد لمن يتحرى صحيح الأخبار من دراسة هذه الأسانيد، والمتون دراسة دقيقة تستند إلى معايير وضعها المختصون بهذا العلم، لكي يتمكنوا من تمييز ما هو صحيح عن ما هو ضعيف.
قلت: إن قضية التصحيح، والتضعيف أمر تجدر العناية به أكثر من غيره، لا سيما في عصرنا هذا الذي كاد أن ينقرض فيه هذا العلم الشريف، وندر أن نجد فيه من يحسن أن يتولاه على أصول أئمة الحديث، ويصبر على معاناته، فإننا نجد كثيرا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة تدور على ألسنة الكثرة الكاثرة من المؤلفين والوعاظ، والقصاص، والخطباء، والمدرسين، ويتلقاها عنهم أغلب الناس في الجوامع، والمساجد، والتلفاز، والإذاعات، والقنوات، والصحف، والجامعات، والمدارس، والمعاهد، والمجالس، وغير ذلك، ويعتدون بها، ويعملون بما يستفاد منها، وحدث ولا حرج عما تلحقه تلك الأحاديث من الضرر بجوانب كثيرة منها الاعتقادية، والفروعية، والسلوكية، والاجتماعية، وما تتركه من آثار سيئة في المجتمعات، وانحرافات خطيرة في الدين، وتشويه لحقائق الإسلام.
قال بدر الدين الحسيني رحمه الله: (لا يجوز إسناد حديث لرسول الله r إلا إذا نص على صحة هذا الحديث حافظ من الحفاظ المعروفين.
فمن قال: قال رسول الله r، وهو لا يعلم صحة ذلك من طريق أحد الحفاظ، يوشك أن يصدق عليه حديث: (من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار). متفق عليه.
فليحذر الخطاء، والكتاب، والمدرسون، والوعاظ من إسناد حديث إلى رسول الله r مالم يعلموا صحته من طريق حافظ مشهور من حفاظ الحديث، وعليهم إذا لم يعلموا ذلك أن يذكروا الحديث معزوا إلى الكتاب الذي نقلوا منه، كالترمذي، والنسائي مثلا([45])، وبذلك يخرجون من العهدة.
أما الذين يحملون بأيديهم الكتب التي لا قيمة لها عند علماء الحديث الشريف، ككثير من كتب الأخلاق، والوعظ المنتشرة بالأيدي، فلا يكفي عزو الحديث إليها، ولا يخرج القارئ من الوزر) ([46]).اهـ
قلت: وليست العبرة في ذكر مصادر الحديث، وتركها على رسلها، فليست هذه هي الغاية التي نرمي إليها، وإنما يجب أن تتجه العناية إلى بيان درجة الحديث من الصحة والضعف حسب الأصول، والقواعد المتبعة في علم مصطلح الحديث، ولا سيما ما كان منها في الكتب التاريخية، والفقهية، والتفسيرية، والأدبية، والعقائدية، وغير ذلك من الكتب التي تكثر فيها الأحاديث الضعيفة، والواهية، والموضوعة، والتي لم يعتن مؤلفوها ببيان درجة صحتها، أو سقمها.
قلت: وإن كثيرا من الكتب([47]) التي نشرت لم تنل حظها من التحقيق والتوثيق، ففشى فيها التحريف، والتصحيف، والسقط، والأحاديث الضعيفة وغير ذلك، لأنه تولى إخراجها، والعمل فيها من لم تتحقق فيهم الأهلية التي لا بد منها، فكانت هذه الكتب تفتقر إلى الأصول الحديثية المعتمدة عند أهل الحديث([48])([49])، والله المستعان.
قلت: وإن مما يؤسف ما عم، وطم من كثير من أهل العلم، وطلبة العلم، والخطباء وغيرهم، من التساهل في رواية الحديث، وعدم التثبت في صحته، وكثيرا ما نسمع من كثير من الخطباء والوعاظ –فضلا عن غيرهم- من الأحاديث الضعيفة، والواهية، والموضوعة، ومع ذلك يجزمون بنسبتها إلى النبي r، بقولهم: وقد قال رسول الله، أو: لقوله r... وما أشبه ذلك، وهذه شهادة على الرسول r بلا علم، وجزم بلا برهان، فعمت الأحاديث الضعيفة بين العوام، لكثرة سماعهم لها من الخطباء والوعاظ، والله أمر بالتثبت في الأخبار الجارية بين الناس؛ فكيف بخبر الرسول r الذي قوله تشريع، وفعله تشريع؟!.
والبعض الآخر يذكر الحديث وينسبه للنبي r، ولا يعلم من خرجه، ولا صحته، فإذا أردت أن تستفهم منه، أو تسأله: من رواه؟!، وما صحته؟!، أجابك مبادرا رافعا رأسه: لا يضر جهالة صحته، هذا من فضائل الأعمال([50]): عجبا: (قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون) [يونس:59].
قلت: وهذا لما قل تعظيم الله تعالى، وتعظيم رسوله r من قلوب كثير من الناس؛ تساهلوا في رواية الأحاديث الضعيفة، ونسبوها إلى النبي r جازمين بها([51]).
فكثيرا ما نسمع من الخطباء والوعاظ، وغيرهم أن النبي r قال: (رحم الله امرأ كف الغيبة عن نفسه)، وإذا سألته عن هذا الحديث: من رواه؟!، فإذا هو لا يدري!، وما صحته؟!، فكذلك لا يدري!، إنما يجيبك أنه قرأه في الكتاب الفلاني([52]).
سبحان الله! أهذا يبرئ الذمة، ويخرج من العهدة؟!.
والحديث المشار إليه موضوع لا يصح، ومن نسبه إلى النبي r؛ فعليه الوعيد الشديد.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله في ((الجرح والتعديل)) (ج8 ص424): عن مسروح أبي شهاب، سألت أبي عنه، وعرضت عليه بعض حديثه، فقال: (لا أعرفه، وقال: يحتاج أن يتوب إلى الله عز وجل من حديث باطل رواه عن الثوري).
قال الذهبي معقبا على ذلك في ((ميزان الاعتدال)) (ج4 ص97): (إي والله هذا هو الحق، إن كل من روى حديثا يعلم أنه غير صحيح، فعليه التوبة، أو يهتكه) ([53]).
قلت: إذا كان قول الذهبي هذا في عصره، فكيف الحال فيمن بعده، ولا سيما عصرنا؟، نعم إن الأمر دين، وجد خطير، فمن تحرى، وتثبت في دين الله، فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر على اجتهاده.
وأما من تساهل في نقل الأحاديث، ولم يحقق، أو لم يسأل أهل العلم من أهل الحديث، فعليه الأثم، والوزر، ولو أصاب في صنعه، ووافق الحق، لأنه أقدم في دينه بغير علم.
وقال البيهقي رحمه الله في ((جزء الجويباري)) (ص227) معلقا على حديث: (فزجر المصطفى r في هذا الخبر عن الكلام في كتاب الله بالرأي، وسنته r مقيسة عليه حتى لا يحل لأحد أن يقول: قال رسول الله r إلا بعد التثبت، والعلم به، كما لا يحل لأحد أن يقول في كتاب الله برأيه إلا بعد المعرفة به، وسماع ممن يعرفه...
أعاذنا الله من الكلام في كتابه بالرأي، أو رواية أحاديث رسول الله r من غير تثبت، لئلا نكون داخلين في قوله r: (من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار).اهـ
وعن محمد بن النضر الحارثي رحمه الله قال: (أول العلم الإنصات له، ثم الاستماع له، ثم حفظه، ثم العمل به، ثم بثه).
أثر صحيح.
أخرجه أحمد في ((الزهد)) (ص441)، والخطيب في ((الجامع)) (327)، والبيهقي في ((المدخل)) (581)، وفي ((شعب الإيمان)) (ج4 ص419)، وابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم)) (759)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (ج8 ص217) من طريقين عن محمد بن النضر الحارثي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج3 ص325): (وكذلك مما حرمه الله تعالى أن يقول الرجل على الله ما لا يعلم مثل أن يروي عن الله ورسوله أحاديث يجزم بها وهو لا يعلم صحتها).اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في ((أحكام أهل الذمة)) (ج1 ص20): (وهكذا لا يسوغ أن يقول: قال رسول الله r، لما لا يعلم صحته، ولا ثقة رواته، بل إذا رأى أي حديث كان في أي كتاب؛ يقول: ((لقوله r))، أو ((لنا قوله r))، وهذا خطر عظيم، وشهادة على الرسول r بما لا يعلم الشاهد).اهـ
وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: (فلا ينبغي أن يجزم الإنسان على رسول الله r بما لا يعلم صحته، وهو القول بلا علم) ([54]).اهـ
وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: (وأما الجزم بالأحاديث التي لم تصح؛ فلا يجوز، فتفطن لهذه المسألة؛ فما أكثر من يقع فيها) ([55]).اهـ
قلت: فإذا كان من يروي الأحاديث، وهو لا يعلم صحتها من القائلين على الله بلا علم؛ فكيف بالذين يعلمون أنها ليست عن النبي r؟!، فهؤلاء ماذا يكون حالهم؟!، أضف إلى ذلك أنها قد تكون معارضة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي r.
والواجب على كل عالم، وشيخ، وطالب علم، وخطيب، وواعظ: أن يتثبت إذا أراد أن ينسب حديثا إلى النبي r، وليبحث في كتب أهل العلم؛ فإنهم خلفوا لنا علما كثيرا، خصوصا في علم الحديث، وصنفوا المصنفات في الصحاح والضعاف([56])، والله ولي التوفيق.
وما أحسن ما ذكره الهروي رحمه الله في ((ذم الكلام)) (ج4 ص14) عن عبدالله بن المبارك: (أنه ضل في بعض أسفاره في طريق، وكان قد بلغه أن من ضل في مفازة، فنادى: عباد الله أعينوني أعين([57])، قال: فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده) ([58]).
قال الهروي رحمه الله: (فلم يستجز أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده).
قلت: وقد ثبت ضعف إسناد هذا الدعاء فلا يجوز العمل به، اللهم غفرا.
فيجب على الناس الاتعاظ بهذا الأثر في التثبت في رواية الأخبار، حتى يخرجوا من عهدة الكذب على النبي r([59]).
قلت: ورواية الحديث الضعيف من اكبر الكبائر، لأنه من الكذب على رسول الله r، اللهم سلم سلم([60]).
قال مسلم رحمه الله في ((مقدمة صحيحه)) (ج1 ص6): (واعلم أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين، أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع).اهـ
وقال الدارقطني رحمه الله في ((الضعفاء)): (حتى كان في عصرنا هذا فتأملت أحوال طالبي العلم، وكاتبي الأحاديث، فوجدتهم على الضد مما كان عليه من قدمت ذكره من الأئمة إلا من وفقه الله تعالى منهم للصواب، ورأيت أكثر طالبيه في هذا الزمان، والغالب على أرادتهم، والظاهر من شهواتهم، كتب الغريب، وسماع المنكر حتى صار المشهور عند أكثرهم غريبا، والمعروف عندهم منكرا، وخلطوا الصحيح بالسقيم، والحق بالباطل، وذلك لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز، وزهدهم في تعلم ذلك، والبحث عنه، وطلبه من مظانه...وقد أخبر الله نبيه r بما يكون بعده في أمته من الروايات الكاذبة، والأحاديث الباطلة، فأمر النبي r باجتناب رواتها، وحذر منهم، ونهى عن استماع أحاديثهم، وعن قبول أخبارهم) ([61]).اهـ
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها، ولا يعتمد عليها) ([62]).ـ
وعن ابن وهب قال: (لولا مالك بن أنس، والليث بن سعد لهلكت، كنت أظن أن كل ما جاء عن النبي r يعمل به) ([63])، وفي رواية: (لولا الليث، ومالك لضللت ).
قال ابن رجب رحمه الله في ((شرح العلل)) (ص240): (نوع من الغريب: وهو أن يكون الحديث في نفسه مشهورا، لكن يزيد بعض الرواة في متنه زيادة تستغرب، وقد ذكر الترمذي أن الزيادة إن كانت من حافظ يعتمد على حفظه فإنها تقبل، يعني وإن كان الذي زاد ثقة لا يعتمد على حفظه لا تقبل زيادته، وهذا أيضا ظاهر كلام الإمام أحمد).اهـ
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (تركوا الحديث –يعني الصحيح-، وأقبلوا على الغرائب، ما اقل الفقه فيهم) ([64]).
وقال ابن رجب رحمه الله في ((شرح العلل)) (ص208): (وأما أكثر الحفاظ المتقدمين: فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه، واشتهرت عدالته، وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه).اهـ
وقال البيهقي رحمه الله في ((معرفة السنن)) (ج1 ص145): (وفي هذا ما دل على أنه ينبغي لصاحب الحديث أن يمسك عن رواية المناكير، ويقتصر على رواية المعروف، ويتوقى فيها ويجتهد حتى تكون روايته على الإثبات والصحة).اهـ
وقال البيهقي رحمه الله في ((معرفة السنن)) (ج1 ص144): (وهذا النوع من معرفة صحيح الحديث من سقيمه لا يعرف بعدالة الرواة وجرحهم، وإنما يعرف بكثرة السماع، ومجالسة أهل العلم بالحديث، ومذاكرتهم، والنظر في كتبهم، والوقوف على روايتهم، حتى إذا شذ منها حديث عرفه).اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في كتابه ((مشكل الأحاديث)) في نقده لانفراد طاووس في حديث ((الطلاق)): (وانفراد الراوي بالحديث، وإن كان ثقة هو علة في الحديث، يوجب التوقف فيه، وإن يكون شاذا، ومنكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح، وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين([65])، كالإمام أحمد، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وغيرهم) ([66]).اهـ
ولذلك قال ابن رجب في كتابه ((مشكل الأحاديث)): (وكان علماء اهل مكة ينكرون على طاووس ما ينفرد به من شواذ الأقاويل) ([67]).اهـ
وقال ابن عبدالهادي الحنبلي رحمه الله في ((سير الحاث)) (91): (وفي هذا الباب شيء كثير لعدم جواز العمل بالغريب([68])، وغير المشهور).اهـ
قلت: وقد ظهر جليا أن الحديث المنكر والشاذ لا ينظر فيهما، ولا يعتبر بهما.
قال أبو داود في ((الرسالة)) (92): (لا يحتج بحديث غريب، ولو كان من رواية مالك، ويحيى بن سعيد، والثقات من أئمة العلم.
ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه، ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به، إذا كان الحديث غريبا شاذا).اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في ((شرح العلل)) (ج2 ص624) في وصف ((معاجم الطبراني)) و((مسند البزار))، و((أفراد الدارقطني)): (هي مجمع الغرائب والمناكير).اهـ
قلت: فإذا تقرر أن هذه الكتب تجمع الأحاديث الغرائب والمناكير وغيرها، فيجب تمييز هذا عن هذا، ومعرفة ذلك للعمل بما يصح، وترك ما لا يصح([69]).
قال أبو داود رحمه الله في ((الرسالة)) (ص33): (فربما يجيء من طريق الإسناد فيعلم من حديث غيره أنه متصل، ولا يتبينه السامع إلا بأن يعلم الأحاديث، وتكون له فيه معرفة فيقف عليه مثل ما يروى عن ابن جريج، قال: أخبرني عن الزهري، ويرويه البرساني، عن ابن جريج، عن الزهري.
فالذي يسمع يظن أنه متصل، ولا يصح بينهم، فإنما تركناه كذلك هو، لأن أصل الحديث غير متصل، ولا يصح، وهو حديث معلول([70])، ومثل هذا كثير، والذي لا يعلم، يقول: قد ترك حديثا صحيحا في هذا وجاء بحديث معلول).اهـ
قلت: ومعناه: قد يأتي الحديث، ويبدو للإنسان العادي أنه متصل، غير أن العارف يعلم من مقارنة هذه الرواية للحديث، برواية أخرى يعلم أن هذا الحديث منقطع.
فالذي يسمع، ولا يكون من أهل التدقيق يظن أنه متصل مع أنه لا يصح البتة... وقد يعترض معترض لا يعلم، ويقول: تركت حديثا صحيحا، ويأتي بهذا الحديث المعلول، ولا يدري أنه معلول، لأنه لا يعلم، ومثل هذا كثير.
قال الدراقطني رحمه الله في ((الضعفاء)): ( ومن سننه r، وسنة الخلفاء الراشدين من بعد الذب عن سنته، ونفي الأخبار الكاذبة عنها، والكشف عن ناقلها، وبيان تزوير الكاذبين، ليسلم من ان يكون خصمه رسول الله r، لأنه من روى عن النبي r حديثا كذبا، وأقر عليه كان النبي r خصمه يوم القيامة) ([71]).اهـ
وياليت وعاظ زماننا يعتبرون بهذا الكلام، ولا ينشرون الأخبار المكذوبة؛ لأنها بلية عظمى، ويسألون أهل الذكر، وأهل المعرفة بالأخبار النبوية عن الأحاديث التي يريدون أن يتكلموا بها، كي يعينوهم على معرفة الصحيح من السقيم، والحق من الباطل، وكي يسلموا أيضا من العقوبات والوخيمة المترتبة على بث الأخبار الضعيفة([72]).
قلت: فلا يجوز الزيادة على شرع الله تعالى، وشرع رسوله r.
فعن البراء بن عازب t لما علمه النبي r ما يقول عند اخذ المضجع...الحديث. وفيه: (ونبيك الذي أرسلت)، قال البراء بن عازب: فرددتها على النبي r فلما بلغت (اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت) قلت: (ورسولك)، قال r: (لا، ونبيك الذي أرسلت) ([73]).
وعن نافع قال: (أن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر، فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله، قال ابن عمر: وأنا أقول الحمد لله، والسلام على رسول الله، وليس هكذا علمنا رسول الله r، علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال). وفي رواية: (إذا عطس أحدكم، فليقل: الحمد لله) ([74]).
وعن نافع قال: (أن رجلا كان يلقى ابن عمر فيسلم عليه، فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومغفرته ومعافاته ، قال : يكثر من هذا، فقال له ابن عمر: وعليك مائة مرة، لئن عدت إلى هذا لأسوءنك) ([75]).
قلت: والآثار بمثل هذا كثيرة جدا، وما ذكرناه فيه كفاية لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.
فهذه الاثار من أقوى الأدلة الدالة على أن الشرع لا يجوز الزيادة فيه، لا من الأحاديث الضعيفة، ولا من الزيادات من الألفاظ، فيقتصر على الوارد في الشرع، والله المستعان([76]).
وقد جزم غير واحد من أهل العلم على أن من نقل حديثا عن النبي r، وهو لا يعلم حاله: أنه آثم، فيدخل في ذلك الكتاب، والوعاظ، والقصاص، والخطباء، وغيرهم ممن ينقل الأحاديث، ويبثها بين الناس، وهو لا يعلم حالها، لأنه أقدم على رواية الحديث من غير علم.
قال العراقي رحمه الله في ((الباعث على الخلاص)) (ص93): (وإن اتفق أنه نقل حديثا صحيحا؛ كان آثما في ذلك([77])، لأنه ينقل ما لا علم له به، وإن صادف الواقع([78])؛ كان آثما بإقدامه على ما لا يعلم).اهـ
قلت: وهذا عين الصواب؛ لأنه قفا ما لا علم له به، وقد قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) [الإسراء: 36].
قلت: فيجب على كل عالم، وطالب، وخطيب، وواعظ، ومؤلف، وكاتب أن لا يحدثوا الناس إلا بما عرف مخرجه وصحته، وإلا؛ فلهم حظ وافر من أحاديث الوعيد الثابتة عن النبي r.
وقال العراقي رحمه الله في ((الباعث على الخلاص)) (ص95): (ولو نظر أحدهم في بعض التفاسير المصنفة لا يحل له النقل منها، لأن كتب التفسير فيها الأقوال المنكرة، والصحيحة، ومن لا يميز صحيحها من منكرها لا يحل له الاعتماد على الكتب.
وأيضا فكثير من المفسيرين ضعفاء النقل، كمقاتل بن سليمان، والكلبي، والضحاك بن مزاحم، وكذا كثير من التفاسير عن ابن عباس لا تصح عنه لضعف رواتها
وليت شعري! كيف يقدم من هذه حاله على تفسير كتاب الله؟ أحسن أحواله أن لا يعرف سقيمه من صحيحه، بل يزيد أحدهم فيحدث لنفسه أقوالا لو نقلت عن المجانين لا ستقبحضت منهم).اهـ
وقال العراقي رحمه الله في ((الباعث على الخلاص)) (ص96) عن الأئمة الذين يتوقفون عن الإجابة في الدين: (فإذا كان مثل هؤلاء الأئمة يتوقف أحدهم عن الخوض في تفسير حديث رسول الله rخيفة أن يكون المراد منه غير ذلك، فكيف بمن لا يعرف له تعلم شيء من العلم عن أهله([79])؟!.
وأيضا فلا يحل لأحد ممن هو بهذا الوصف أن ينقل حديثا من الكتب، بل لو من الصحيحين([80]) مالم يعتمد على من يعلم ذلك من أهل الحديث).اهـ
وقال ابن خير رحمه الله في ((فهر سته)) (ص16): (وقد اتفق العلماء رحمهم الله على أنه لا يصح لمسلم، أن يقول: قال رسول الله r كذا... حتى يكون عنده ذلك القول مرويا ، ولو على أقل وجوه الروايات، لقول رسول الله r: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).وفي بعض الروايات: (من كذب علي...) مطلقا دون تقييد).اهـ
وقال الحافظ سعيد بن عمرو البردعي: (شهدت أبا زرعة الرازي - وقد سئل عن الحارث المحاسبى وكتبه - فقال للسائل: (إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالاثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك.
قيل له: في هذه الكتب عبرة.
فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن سفيان، ومالكا، والاوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس، ما أسرع الناس إلى البدع!) ([81]).اهـ
قال الذهبي رحمه الله في ((ميزان الاعتدال)) (ج1 ص431) معلقا: (وأين مثل الحارث، فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كـ((القوت)) ([82]) لابي طالب، وأين مثل ((القوت)) ! كيف لو رأى ((بهجة الاسرار)) ([83]) لابن جهضم، و((حقائق التفسير)) ([84]) للسلمى لطار لبه.كيف لو رأى تصانيف أبى حامد الطوسى في ذلك على كثرة ما في ((الاحياء)) ([85]) من الموضوعات.
كيف لو رأى ((الغنية)) للشيخ عبد القادر ! كيف لو رأى ((فصوص الحكم)) و((الفتوحات المكية)) ([86]) ! بلى لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر، كان معاصره ألف إمام في الحديث، فيهم مثل أحمد بن حنبل، وابن راهويه([87])).اهـ
قال أبو عبدالرحمن الأثري: فكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله مؤلفات المعاصرين لطار لبه:
v كـ(كتب القرضاوي) منها ((كيف تتعامل مع السنة النبوية!)) وهو يعطل صفات الله تعالى فيه، ويضعف الأحاديث الصحيحة بعقله وغير ذلك، وكتابه ((المرجعية العليا في الإسلام!)) و((الفتوى بين الانضباط والتسيب!)) وغير ذلك من كتبه الباطله، وذكره الأحاديث الباطلة فيها، وقوله في ((الانتخابات اليهودية)) في ((فلسطين)) ونتائجها: (لو نزل الله في الأرض ما حصل على هذه النسبة!)، وقوله: (لا نريد دولة دينية!)، وتعاونه مع الشيعة ضد الإسلام والمسلمين، ويرى الثورات على ولاة أمر المسلمين في البلدان الإسلامية، والاغتيالات، كيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي ذلك لطار لبه!.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي((مذكرات الدعوة والداعية!)) لحسن البنا، وكتابه ((العقائد!)) له أيضا، و((مجموع الرسائل)) له وغير ذلك، وهو يدعو إلى الشرك، والبدع، والمعاصي، وذكره للأحاديث الضعيفة، وتعاونه مع الشيعة ضد الإسلام والمسلمين، ويرى إحداث الإنقلابات على حكام المسلمين، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((تفهيمات)) للمودودي، و((رسائل ومسائل)) له، و((مصطلحات القرآن الأساسية الأربعة))، وهو يثني على الرافضة، وينكر الأحاديث الصحيحة الثابتة بعقله، ويرمي النبي r بالتقصير، ويطعن في الصحابة الكرام، ويسخر من أركان الإسلام العظام، ومن المتعبدين بها من المسلمين، وله رأي سيء للغاية في إحداث الإنقلابات على حكام المسلمين، فكيف لو رأى ذلك لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((تجديد الفكر الإسلامي)) لحسن الترابي، وكتابه ((الدين والفن!))له، وغير ذلك، وهو يسب الرسول r!، ويأمر بتزويج المسلمة من النصراني واليهودي!، ويسخر من العبادات، وأنها قديمة، ويحرض الناس في بلدانهم الخروج على حكامهم، وذكره للإحاديث الضعيفة والمنكرة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((ظلال القرآن!)) ليسد قطب، وكتابه ((لماذا اعدموني!)) له، و((معالم في الطريق)) له، و((العدالة الإجتماعية في الإسلام!)) له أيضا، وغير ذلك من كتبه الضالة، وهو يأمر بالإنقلابات على ولاة أمر المسلمين، ويسب الصحابة الكرام، ويكفر الأمة الإسلامية، ويعطل الصفات، وذكره للأحاديث الضعيفة والمنكرة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب محمد الغزالي، مثل ((السنة النبوية بين أهل الفقه، وأهل الحديث))، وكتابه ((دستور الوحدة الثقافية!)) له، و((هموم داعية!)) له أيضا، وغير ذلك من كتبه الباطلة، وهو يسخر من الحجاب!، ويطعن في أهل العلم!، ويشتم أهل الحديث!، ويستخف بهم!، ويسمي فقه الحديث الفقه البدوي!، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((قصص من التاريخ الإسلامي)) لطارق السويدان، وهو يطعن في الصحابة الكرام، ويرى إحداث الثورات على حكام المسلمين في بلدانهم، ووقوفه مع الرافضة ضد أهل السنة، وتجويزه للروافض سب الصحابة، وذكره للقصص المنكرة والموضوعة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((الذخائر المحمدية)) لمحمد علوي المالكي الصوفي، وهو يقضي بتشريك رسول الله r مع الله تعالى في النفع، والضر، والمنع، والعطاء، والسلطة الشاملة على ملكوت السموات والأرض، وأن آدم وذريته خلقوا لأجل محمد رسول الله r ، وذكره للأحاديث المنكرة، إلى غير ذلك من الباطل، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((قراءة في كتب العقائد)) لحسن بن فرحان المالكي، وهو يطعن في أهل السنة، ويؤيد أهل البدعة، وتعطيل الصفات، وذكره للأحاديث الموضوعة والمنكرة وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((ثم اهتديت!)) للجاني محمد التيجاني الرافضي الصوفي، وكتابه ((الشيعة هم أهل السنة!)) له، وكتاب ((مع الصادقين!)) له أيضا، وهو يفتري على الله تعالى، ويفتري على رسول الله r، ويفتري على الصحابة الكرام، ويفتر على أهل السنة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((منهج الأنبياء في الدعوة!)) لمحمد سرور الإخواني الخارجي، وهو يطعن في عقيدة أهل السنة والجماعة، بل ويطعن في كتب الاعتقاد السلفي، ويأمر بالثورات على حكام المسلمين في البلدان الإسلامية، ويكفر بالكبائر، وذكره للأحاديث الضعيفة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((أصول العمل الجماعي!)) لعبدالرحمن عبدالخالق الإخواني الخارجي –إمام الفرقة التراثية الإخوانية-، وكتابه ((الخطوط الرئيسية لبعث الأمة الإسلامية!)) له، و((وجوب تطبيق الحدود الشرعية!)) له أيضا، و((مشروعية الجهاد الجماعي))، وكتابه ((الوصايا العشر))، و((فصول من السياسة الشرعية))، وهو يطعن في علماء الحرمين!، ويدعي أن المظاهرات، والمسيرات، والاعتصامات من وسائل الدعوة!، ويرى تفرق المسلمين في جماعات وأحزاب، وأن ذلك ظاهرة صحية!، ويرى تكفير حكام المسلمين([88])، وذكره للأحاديث الضعيفة، وغير ذلك من الباطل، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب عدنان عرعور القطبي الخارجي، مثل ((الواقع المؤلم))، وكتابه ((التيه والمخرج))، و((صفات الطائفة المنصورة)) له، وهو يثني على دعوة سيد قطب الثوري، ويأمر بالثورات في بلدان المسلمين، ويطعن في علماء أهل السنة والجماعة، وفي دعوتهم، وتكفير حكام المسلمين، ويأمر بالقتل والمظاهرات والمسيرات، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((الحق الدامغ)) للخليلي الإباظي، وهو ينكر رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، وقوله بخلق القرآن، وتخليد العصاة من المسلمين في النار، وتكفيره للعصاة، وأمره بالخروج على حكام المسلمين، وذكره للأحاديث الضعيفة والمنكرة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب محمد الكوثري الجهمي، مثل: ((التأنيب)) وغيره، وهو يقدح في الأئمة: كالإمام مالك رحمه الله، والإمام الشافعي رحمه الله ، والإمام أحمد رحمهالله، ويسخر من أئمة أهل الحديث، ويروي الأحاديث الموضوعة، وتعطيل الصفات، ويأمر بالشرك والبدع، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((سيرة الشيخ عبدالقادر الراي فور)) لأبي الحسن الندوي، و((حياة الشيخ محمد زكريا)) له، وكتابه ((تذكرة فضل رحمه))، و((ملفوظات الشاه محمد يعقوب المجددي)) له أيضا، وهو يدعو لشرك الضرحة والقبور، وترك الجمع والجماعات والأعياد، والتوسل الشركي، والتصوف البدعي، وذكره للأحاديث الضعيفة والمنكرة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((الفتاوى!)) لربيع المدخلي، و((الكشف!)) له، وكتابه ((المجموع الواضح!))، وهو يقرر الإرجاء الخبيث، ويتعصب لآرائه الباطلة، ولم يتادب في ألفاظه مع الله تعالى!، والرسول r!، ويغمز الصحابة الكرام!، ويعطل الصفات!، ويطعن في علماء السنة!، ويقول بالتنازل عن الأصول من أجل الدعوة إلى الله تعالى!، ويأمر بقتل السلفيين!، ويزكي الجهال في الجزائر وغيرها، وذكره للأحاديث الضعيفة والمنكرة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتاب ((جلسة على الرصيف)) لسلمان العودة السروري الإخواني، و((صفة الغرباء)) له، وكتابه ((من أخلاق الداعية))، و((من وسائل دفع الغربة)) له، و((العزلة والخلطة)) له أيضا، وهو يطعن في أهل الحديث، ويكفر بالمعصية، ويأمر بالخروج على ولاة أمر المسلمين، ويأمر بالثورات في بلدان المسلمين، ويثني على اهل البدع، ويرى وجوب الموازنات معهم، ويرى تفرق المسلمين في جماعات وأحزاب، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب عائض القرني السروري الإخواني، مثل: ((لا تحزن))، و((هذه عقيدتي))، و((فاعلم أنه لا إله إلا الله))، و((اقرأ باسم ربك))، و((جائت سكرة الموت بالحق))، وغير ذلك من كتبه الباطلة، وهو يدعو إلى الشرك والتصوف، والطعن في علماء الحرمين، ويأمر بالخروج على حكام المسلمين، ويؤيد الثورات في بلدان المسلمين، وذكره للأحاديث والقصص الموضوعة والضعيفة، ويرى تفرق المسلمين في جماعات وأحزاب، ومخالطته مع الرافضة، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة رحمه الله كتب محمد قطب الثوري، مثل: ((حول تطبيق الشريعة))، وكتابه ((واقعنا المعاصر)) وهو يرمي بلدان المسلمين بالجاهلية، وتحريف معنى لا إله إلا الله، ويرى الخروج على حكام المسلمين، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة رحمه الله كتاب ((إمداد القاري بشرح كتاب التفسير من صحيح البخاري)) لعبيد الجابري، وقد حشاه بالأحاديث والآثار الضعيفة والمنكرة، ووقوعه في التمييع المهلك في الدعوة، والتزكيات، والردود، والرجال، والجرح والتعديل، وقوله بالإرجاء المهلك في مقال له!، وتعاونه وتمييعه في الدعوة مع الحزبية في بلدان المسلمين، ويزكي الجهال من الناس ثم يتراجع عنهم بهواه!، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة كتاب ((رفقا أهل السنة بأهل السنة)) للشيخ عبدالمحسن العباد، وهو يامر طلبة العلم بالإنخراط في جماعات حزبية في الدروس، ورجوعهم إلى فتاوى المتعالمين في الجزائر، والشام، والمغرب([89])، ويثني على الجمعيات التراثية الحزبية، وتخبطه في المنهج السلفي من التجريح ، والتعديل، والرد على المخالف، والهجر، ويرى بإقامة الحجة في التكفير على طريقة المرجئة، وذكره للأحاديث الضعيفة والمنكرة في كتبه، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب علي حسن الحلبي المرجئ المغرور بنفسه مثل: ((الرد البرهاني))، و((صيحة نذير))، و((التحذير من فتنة التكفير!))، و ((التنبيهات المتوائمة في نصرة حق الأجوبة المتلائمة على فتوى اللجنة الدائمة!))، و((التعريف والتنبئة)) وغيرها، وهو يقرر معتقد المرجئة([90])، وهو معتقد خطير على المسلمين، لما عند المرجئةمن التساهل في أمر الذنوب، والتغافل عن الوعيد الشديد في الكتاب والسنة، ولهذا الخطر العظيم جاءت الاثار الكثيرة في ذم المرجئة، والتحذير من معتقدهم، بل وإذلال نفسه، وخضوعه الذليل للدنيا لأموال التراثيين الحزبيين في الكويت!، ولذلك تراه يتعاون معهم وكأنه لم يخالفهم في القديم!، ولم يرد عليهم!، ولم يحذر منهم!، لما عندهم من التكفير، والتحزب، والتنظيم، والإنحراف في المنهج والعقيدة!، وقد وقع بينهم اختلاف بسبب ذلك، وفضحهم الله تعالى على الملأ. كيف لو راى الإمام أبو زرعة ذلك لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة ((مقالات)) لعبدالله الجبرين الإخواني، وهو يثني على ((سيد قطب)) الثوري ودعوته!، ويثني على ((حسن البنا)) الصوفي ودعوته!، ونصرته للتكفيرين السروريين في بلد الحرمين!، وتزكياته لكتبهم، ومنشوراتهم، وفتواهم، بل يثني على ((سفر الحوالي)) الخارجي، و((سلمان العودة)) الخارجي، بل ويثني على ((أسامة بن لادن)) التكفيري الإخواني، ويغمز فضلية الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عندما تكلم على ((أسامة بن لادن))! عندما جعله من المفسدين في الأرض، ويطعن في أهل السنة والجماعة، بل كيف لو رأى فتاوى ابن جبرين وقد حشاها بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب ((إبراهيم الرحيلي)) ([91]) المرجيء –صاحب عبيد الجابري-، مثل كتاب ((التكفير وضوابطه!))، و((موقف أهل السنة من أهل الهواء والبدع!))، وهو يدعو إلى الإرجاء المهلك!، ويدافع عنه!، ويكافح عنه!، ويعادي ويوالي عليه!، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب ((محمد المغراوي)) التكفيري، مثل كتابه ((العقيدة السلفية))، وكتابه ((مواقف الإمام مالك بن أنس)) وغير ذلك، وهو يرمي الأمة بالردة!، والجاهلية!، والأصنام!، والعجول!، والكفر!، وغير ذلك، لطار لبه.
v وكيف لو رأى الإمام أبو زرعة الرازي كتب ((سعيد حوى)) الصوفي، مثل كتابه ((الله جل جلاله!))، وكتابه ((الرسول r!))، وكتابه ((الإسلام!))، وكتابه ((جولات في الفقهيه))، وكتابه ((تربيتنا الروحية))، وغير ذلك، وما فيها من البدع الصوفية، وبدع الخوارج، وبدع الإخوان المسلمين، لطار لبه.
وغيرهم اللهم سلم سلم.
قال الناجي رحمه الله في ((الرسالة)) (ص20) عن مثل هذا الإفتراء في الدين: (ولا يعرف لمدعيه فيه سلف، ولا يقدر أحد أن ينقله عن عالم أو كتاب معتمدين، بل ولا سمع به في غير زماننا الذي كثر فيه الجهل، وقل فيه العلم.
ولا يظن أن الجهل يبلغ بصاحبه إلى مثل هذا، (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) [النور:15]، و((لو يعطى الناس بدعواهم)) الحديث وفيه: ((البينة على المدعي)) ([92])، وفي حديث اللعان المشهور: ((البينة أو حد في ظهرك))([93]).
فمدعي هذا الأمر المحال يلزمه إقامة البينة والبرهنة عليه، وإلا قوبل وترلاتب عليه ما يستحقه، وهيهات أن يزاد في شيء متفق عليه أو ينقص منه، (فماذا بعد الحق إلا الضلال) [يونس:32]...
والكذب: هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، ولو كان سهوا، فضلا عن التعمد.
ومن أصر على هذه الدعوى الباطلة بعد تعريف العلماء له ببطلانه صار متعمدا آثما فاسقا مجروحا، وأي سماء تظل، وأي أرض تقل، من تكلم في شيء بغير علم فضل وأضل، وزل وأزل، ولا شك أن ذلك حرام، ولو وافق الصواب باتفاق، كالحكم والإفتاء والتعبد بلا علم فضلا عن هذا الكذب البين العجاب، والإفتراء المختلق على النسب الشريف الذي تروح على بعضه الرقاب!
قال تعالى: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون) [النحل:25].
وقال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، بالبينات والزبر) [النحل: 43-44].
وقال تعالى: (وفوق كل ذي علم عليم) [يوسف:76].
وهذه الأمة المحمدية لا تجتمع على ضلالة، غير أن الجاهل إذا لزم غلطه واتبع هواه ذهبت دنياه وآخرته، واستفاد مقت الله وسخطه.
وذكر أبو عبدالرحمن السلمي في كتاب ((عيوب النفس)) (ص25) عن مضر القارئ قال: (لنحت الجبال بالأظافير أهون من مخالفة الهوى إذا تمكن في النفس).
فـ((بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين، بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات، بئس العبد عبد طمع يقوده، بئس العبد عبد هوى يضله، بئس العبد عبد رغب يذله)) ([94]).
وبالجملة فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل).أهـ
قلت: فالناس عادة يتلقون الأحاديث التي صححها العلماء بالقبول والتسليم بدون تثبت منها، ومن هنا تظهر من خلال ذلك أهمية علم الحديث والعلل، لأن العلل الواقفة في ثنايا الأحاديث هي بوجه عام وهم من الرواة، وهي في الظاهر رواتها ثقات، أي جمعت شروط الصحة في الظاهر، فيعتقد المجتهد أن الحديث صحيح، فيصححه بناء على ظاهره، وبعد أن اطلع فيه بعد التفتيش على علة قادحة.
قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله في ((المقدمة)) (ص90) عن الحديث المعلل: (خبر ظاهره السلامة اطلع فيه بعد التفتيش على علة قادحة).اهـ
قلت: فالعلة إذن يفتش عنها في تضاعيف أحاديث الثقات من الرواة، ينقر عنها، ويستخرجها أهل الحديث، وقلما يلتفتون إلى أحاديث الضعفاء من الرواة، لن أمرهم بين، والخطب فيهم يسير.
وقد أوصى الإمام إياس بن معاوية رحمه الله، سفيان بن حسين، فقال: (احفظ علي ما أقول لك: إياك والشناعة في الحديث، فإنه قل ما حملها أحد إلاذل في نفسه، وكذب في حديثه).
أثر صحيح.
أخرجه مسلم في ((مقدمة صحيحه)) (ج1 ص11) من طريق يحيى بن يحيى أخبرنا عمر بن علي بن مقدم عن سفيان بن حسين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: وهذا فيه تحذير من ذكر الأحاديث المنكرة التي يشنع على صاحبها، وينكر عليه، فيقبح بسببها، فيسقط ويذل، اللهم سلم سلم.
قال الحافظ النووي رحمه الله في ((المنهاج)) (ج1 ص76): (قوله: (إياك والشناعة في الحديث) فهي بفتح الشين، وهي القبح، قال أهل اللغة: الشناعة القبح، وقد شنع الشيء، بضم النون أي قبح، فهو أشنع، وشنيع، وشنعت بالشيء، بكسر النون، وشنعته، أي أنكرته، وشنعت على الرجل: أي ذكرته بقبح.
ومعنى كلامه أنه حذره أن يحدث بالأحاديث المنكرة التي يشنع على صاحبها وينكر، ويقبح حال صاحبها، فيكذب، أو يستراب في رواياته، فتسقط منزلته، ويذل في نفسه).اهـ
قلت: وإن مما يزيد الضرر في انتشار الأحاديث الضعيفة إذا كان المتكلم بها، والناقل لها ممن يحسب على العلم وأهله، وعنده من القدرة والتمكن ما يمكن أن يميز الصحيح من السقيم، لكن مع هذا تساهل في نقلها وسردها، فحمل نفسه الإثم، وأضر بسامعيه.
قال الحافظ الحاكم رحمه الله في ((المعرفة)) (ص112): (فإن حديث المجروح ساقط واه ، وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات).اهـ
قلت: لذلك فالحق أن النجاة من الوهم عسيرة.
قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: (ليس يكاد يفلت من الغلط أحد)([95]).اهـ
وقال الإمام ابن معين رحمه الله: (من لم يخطئ فهو كذاب) ([96]).
قلت: ومن يسلم من الوهم، والله المستعان.
ومن المعلوم أن الثقات يتفاوتون، ففيهم من هو في أعلى درجات الثقة، وفيهم من هو في أوسطها، وفيهم من هو في أدناها، ومن المعلوم أيضا أنه إذا اختلف ثقتان أحدهما أوثق من الآخر يرجح حديث الأوثق([97]).
قلت: والعالم يصحح الحديث بما وصل به فهمه باجتهاده، واجتهادات العلماء تختلف: منهم من يصيب في اجتهاده، ومنهم من يخطئ.
ولهذا نرى بعض العلماء يصححون الأحاديث باجتهادات مستبعدة جدا، بحيث يجزم العارف المصنف بأن ذلك الاجتهاد الذي صحح به غير صحيح، بل هناك عدد من العلماء يصححون المتون بألفاظ مستغربة، ثم يروون هذه المتون المستغربة في كتبهم، ثم يوردها المؤلفون في كتبهم للناس([98])!، اللهم غفرا.
وذكر ابن رجب عددا من الرواة الفقهاء يروون المتون بألفاظ مستغربة منهم: سليمان بن موسى الدمشقي، وحماد بن أبي سليمان، وأتباعه، والحكم بن عتبية، وعبدالله بن نافع الصائغ وغيرهم.
قال ابن رجب في ((شرح العلل)) (ج2 ص833): (قاعدة: الفقهاء المعتنون بالرأي حتى يغلب عليهم الاشتغال به، لا يكادون يحفظون الحديث كما ينبغي، ولا يقيمون أسانيده، ولا متونه، ويخطئون في حفظ الأسانيد كثيرا، ويروون المتون بالمعنى، ويخالفون الحفاظ في ألفاظه، وربما يأتون بألألفاظ تشبه ألفاظ الفقهاء المتداولة بينهم).اهـ
قلت:والإكثار من ذكر الحاديث في المؤلفات عشوائيا، فهذه مظنة الوقوع في الأحاديث الضعيفة، فسقطوا في هوة الخطأ، فيكذبون على الرسول r من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فلذلك يجب التثبت في نقل الأحاديث، وإلا وقع العبد في الوعيد الشديد.
فعن الزبير بن العوام t قال: قال رسول الله r: (من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار) ([99]).
وعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار) ([100]).
قلت: ولذلك كان السلف يتثبتون ويتحرون في النقل عن رسول الله r لئلا يتجرأ الناس في الرواية عن النبي r دون مراعاة الدقة فيها، لأن نقل الحديث أمانة.
قال الإمام يحيى بن سعيد القطان رحمه الله: (الأمانة في الذهب والفضة، أيسر من الأمانة في الحديث، إنما هي تأدية، إنما هي أمانة) ([101]).
قلت: ولهذه الأمانة، فقد تكلم السلف على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة، لشدة تعظيمهم للسنة النبوية([102]).
وعن أبي بكر بن خلاد قال: قلت ليحيى بن سعيد القطان: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماؤك عند الله تعالى؟، قال : لأن يكون هؤلاء خصمائي عند الله أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله، يقول: لم حدثت عني حديثا ترى أنه كذب) ([103]).
وبوب الحافظ الخطيب البغدادي في ((الكفاية)) (ج1 ص141): باب وجوب البحث والسؤال للكشف عن الأمور والأحوال.
قلت: وهؤلاء الأئمة بذكرهم للاحاديث، والاثار الضعيفة، أنهم بدأوا بمرحلة الجمع، وذكر ما سمعوه([104]).
على حد ما ذكره أبو حاتم الرازي رحمه الله : (إذا كتبت فقمش ، وإذا حدثت ففتش)([105]).
ومعناه: اكتب من ههنا، وههنا مما وحدث من الأحاديث، وأما إن حدثت فنقب، وابحث، وفتش، وحقق في الأحاديث، فتحدث بما صح منها، وتترك ما ضعف منها.
ثم هؤلاء الأئمة كانوا يعرفون الأسانيد فيذكرونها مع الأحاديث، فبرئت ذمتهم من العهدة بذكر أسانيد لتلك الروايات، كما كانوا يرون.
قال ابن حجر رحمه الله في ((لسان الميزان)) (ج3 ص75) عن المحدثين: (إذا ساقوا الحديث بإسناده، اعتقدوا أنهم برءوا من عهدته).اهـ
قلت: ولا يبرأ من العهدة في هذا العصر بالإقتصار على إيراد إسناده فقط، فلا بد أن يبين أمره من الصحة، أو الضعف، وذلك لعدم الأمن المحذور به.
قال السخاوي رحمه الله في ((فتح المغيث)) (ج1 ص254): (لايبرأ من العهده في هذه الإعصار([106]) بالاقتصار على إيراد إسناده بذلك لعدم الأمن المحذور به وإن صنعه أكثر المحدثين في الأعصار الماضيه في سنه مائتين وهلم جرا خصوصا الطبراني وأبي نعيم وابن منده فإنهم إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته).اهـ
وذكر المناوي رحمه الله في ((فيض القدير)) (ج1 ص433): أن كتابت الحديث بلا إسناد، خلطا للصحيح بالضعيف، بل والموضوع، فيقع الزلل، وينسب للرسولr ما لم يقل، فإذا كتب بإسناده فقد برئ الكاتب من عهدته([107]).
قال الشيخ الألباني رحمه الله في ((مقدمة تحقيق)) ((اقتضاء العلم العمل)) للخطيب (ص1): (قد يقول قائل: إذا كان المؤلف بتلك المنزلة العالية في المعرفة بصحيح الحديث و مطروحه، فما بالنا نرى كتابه هذا، وغيره من كتبه قد شحنها بالأحاديث الواهية؟.
والجواب: إن القاعدة عند علماء الحديث أن المحدث إذا ساق الحديث بسنده، فقد برئت عهدته منه، ولا مسؤلية عليه في روايته، مادام أنه قد قرن معه الوسيلة التي تمكن العالم من معرفة ما إذا كان الحديث صحيحا أو غير صحيح، ألا وهي الإسناد.
نعم؛ كان الأولى بهم أن يتبعوا كل حديث ببيان درجته من الصحة أو الضعف، ولكن الواقع يشهد أن ذلك غير ممكن بالنسبة لكل واحد منهم، وفي جميع احاديثه على كثرتها، لأسباب كثير لا مجال لذكرها الآن، ولكن أذكر منها أهمها:
وهي أن كثيرا من الأحاديث لا تظهر صحتها أو ضعفها إلا بجمع الطرق والأسانيد؛ فإن ذلك مما يساعد على معرفة علل الحديث، وما يصح من الأحاديث لغيره، ولو أن المحدثين كلهم انصرفوا إلى التحقيق، وتمييز الصحيح من الضعيف لما استطاعوا –والله أعلم- أن يحفظوا لنا هذه الثروة الضخمة من الحديث والأسانيد، ولذلك انصبت همة جمهورهم على مجرد الرواية إلا فيما شاء الله، وانصرف سائرهم إلى النقد والتحقيق، مع الحفظ والرواية وقليل ما هم (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات) [البقرة:148].
ولما كان أكثر الناس اليوم لا معرفة عندهم بالأسانيد ورواتها، ولا بالحديث الصحيح منه والضعيف. رأينا أنه لا بد من التعليق على هذا الكتاب وغيره بمقدار ما يبين حال الأحاديث المرفوعة فيه، وبعض الموقوفة، مع الكلام على بعض رواتها أحيانا).اهـ
وقد ابان الطبري رحمه الله في ((التاريخ)) (ج1 ص7) عن منهجه على نحو ما ذكرنا عن عذر بعض المحدثين في رواية الضعيف فقال: (وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه، إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه، والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه، دون ما أدرك بحجج العقول، واستنبط بفكر النفوس، إلا اليسير القليل منه، إذا كان العلم بما كان من أخبار الماضين، وما هو كائن من أنباء الحادثين.
غير واصل إلى من لم يشاهدهم، ولم يدرك زمانهم، إلا باخبار المخبرين، ونقل الناقلين، دون استخراج بالعقول، واستنباط بفكر النفوس.
فما يكن في كتابي هذا، من خبر ذكرناه عن بعض الماضين، مما يستنكره قارؤه، أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا).اهـ
وقال الطبري رحمه الله في ((التاريخ)) (ج1 ص7): (إذ لم نقصد بكتابنا هذا قصد الاحتجاج بذلك).اهـ
قلت: والإمام الطبري رحمه الله جمع هذه الأحاديث، والآثار، وأنه لا يريد الاحتجاج بها، وإنما لينظر فيها، ويفتش عنها.
ولذلك قال الطبري رحمه الله في ((التاريخ)) (ج1 ص78) بعدما ذكر بعض الأخبار: (ولو صح سند أحد الخبرين اللذين ذكرتهما لقلنا به؛ ولكن في أسانيدها نظرا؛ فلم نستجز قطع القول بتصحيح ما فيهما من الخبر). اهـ
قلت: وهذا يدل أن الإمام الطبري ينقد الأسانيد إلا تبين ضعفها، ولا يحتج بها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((المقدمة في أصول التفسير)) (ص58): (أذ المنقولات التي يحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم.
ولذا قال الإمام أحمد: (ثلاثة أمور ليس لها إسناد : التفسير، والملاحم، والمغازي) ([108]).
ويروى: ليس لها أصل، أي إسناد، لأن الغالب عليها المراسيل).اهـ
قلت: ومراد الإمام أحمد رحمه الله أن الغالب ليس لها أسانيد صحاح متصلة([109]).
قال الخطيب البغدادي رحمه الله في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص231): (وهذا الكلام محمول على وجه ، وهو أن المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة، غير معتمد عليها ولا موثوق بصحتها، لسوء أحوال مصنفيها، وعدم عدالة ناقليها، وزيادات القصاص فيها، فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة، وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة، اتصلت أسانيدها إلى الرسول r من وجوه مرضية، وطرق واضحة جلية، وأما الكتب المصنفة في تفسير القرآن فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان، وأما المغازي، فمن المشتهرين بتصنيفها، وصرف العناية إليها: محمد بن إسحاق المطلي، ومحمد بن عمر الواقدي.
فأما ابن إسحاق، فقد تقدمت منا الحكاية عنه ، أنه كان يأخذ عن أهل الكتاب أخبارهم ويضمنها كتبه...
وأما الواقدي، فسوء ثناء المحدثين عليه مستفيض، وكلام أئمتهم فيه طويل عريض).اهـ
وعن عبد الصمد بن الفضل قال: سئل أحمد بن حنبل عن تفسير الكلبي؟، فقال أحمد: (من أوله إلى آخره كذب، فقيل له: فيحل النظر فيه؟ قال : لا) ([110]).
وعن يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي: (كتب الواقدي كذب) ([111]).
قلت: فلا بد من الإسناد في كل أمر من أمور الدين، وعليه الاعتماد في الأحكام الشرعية، والفضائل، والمغازي، والسير، والملاحم، والتفسير وغير ذلك من الأمور التي لها تعلق بالدين ([112]).
فإهمال الإسناد، والتساهل بشأنه يسبب نتائج خطيرة:
1) أن المتساهل يتعرض لعذاب الله تعالى وعقابه في الدنيا والآخرة.
2) انتشار عقائد زائغة، ومنحرفة، كالرفض، والإعتزال، والتصوف، والتحزب، والخروج، وغير ذلك.
3) انتشار البدع، والخرافات، وترويجها بين الناس.
4) انتشار الأحاديث الضعيفة، والمنكرة، والموضوعة، لأنه بذكر الإسناد ونقده، والعناية به ينكشف ذلك.
5) التعصب المذهبي، والحزبي، والجمود في ذكر الأحاديث الضعيفة بدون بحث، وإهمال التثبت في احكام الدين.
قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في ((الجامع)) (ج2 ص297): (لما كان أكثر الأحكام لا سبيل إلى معرفته إلا من جهة النقل لزم النظر في حال الناقلين والبحث عن عدالة الراوين، فمن ثبتت عدالته جازت روايته، وإلا عدل عنه، والتمس معرفة الحكم من جهة غيره، لأن الأخبار حكمها حكم الشهادات في أنها لا تقبل إلا الثقات).اهـ
وقال الإمام عروة بن الزبير رحمه الله: (إني لأسمع الحديث أستحسنه، فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدي به، أسمعه من الرجل لا أثق به قد حدثه عمن أثق به، وأسمعه من الرجل أثق به قد حدثه عمن لا أثق به).
أثر صحيح.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (ج1 ص66)، والخطيب في ((الكفاية)) (51)، والبيهقي في ((معرفة السنن)) (ج1 ص80)، وفي ((مناقب الشافعي)) (ج2 ص32)، وابن عبدالبر في ((التمهيد)) (ج1 ص38) من طرق عن الربيع بن سليمان قال أنا الشافعي قال أنا عمي محمد بن علي عن هاشم بن عروة عن أبيه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وبوب الحافظ الخطيب البغدادي في ((الكفاية)) (ج1 ص130): باب ما جاء في أن الحديث عن رسول الله r لا يقبل إلا من ثقة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فمن أصول الإسلام أن تميز ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من الكتاب، والحكمة، ولا تخلطه بغيره، ولا تلبس الحق بالباطل، كفعل أهل الكتاب، فإن الله سبحانه أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا) ([113]).اهـ
قلت: لذلك بذل علماء الدين جهودا عظيمة في حفظ حديث رسول الله r ، لأنه لا قوام للدين إلا بالسنة النبوية، فعمل هؤلاء العلماء على حفظ السنة النبوية عن الزيادة أو النقصان، وكشفوا خبايا السانيد والمتون، ولله الحمد والمنة.
وقد يخفى على المؤلف حال بعض الأحاديث الضعيفة لعدم معرفته بدراسة أسانيدها، ويجد بعض المحدثين قد صححها، أو حسنها فيتبعهم في ذلك، ويكتفي بعزو الحديث إليهم مع حكاية تصحيحهم، أو تحسينهم، وهو غير معذور في هذا، حتى يتاكد من الحديث هل هو صحيح، أو ضعيف، خاصة إذا كان المؤلف من المتساهلين في ذكر الأحاديث في مؤلفاته، فيقع في الأحاديث الضعيفة ولا بد والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالواجب أن يفرق بين الحديث الصحيح والحديث الكذب فإن السنة هي الحق دون الباطل ؛ وهي الأحاديث الصحيحة دون الموضوعة : فهذا " أصل عظيم " لأهل الإسلام عموما ولمن يدعي السنة خصوصا) ([114]).اهـ
قلت: إن نشر الذخائر العلمية الأثرية يتطلب أمانة يجب على من سلك سبيله أن يرعاها حق رعايتها، فمن الأصول العلمية المتداولة لدى أهل الصنعة الحديثية، ومما يثير الحزن والأسى أن ترى الأمر قد وسد إلى غير أهله، ونصاب العلم قد وضع في غير محله، فقد امتدت اليدي إلى السنة النبوية بدافع تجاري محض، فسودت صفحات بعضها فوق بعض، بكلام ليس له في التحقيق العلمي نصيب، فارجع البصر تر تقميشا من كل بحر قطرة، ومن كتاب فقرة.
إن تخريج الحديث في حاشية الكتاب بعزوه إلى كتاب من كتب السنة، أو نقل ترجمة راو من ((التهذيب)) وفروعه، دون بيان درجة الحديث، أو حال الراوي –ولو نقلا عن بعض الأئمة- لا يسمن ولا يغني من جوع، وتزداد المشكلة فداحة عندما تتخضم الصفحات بتخريجات واسعة مملة لا فائدة ترجى من ورائها ثم المرجع فيها إلى تقليد عالم في تصحيح، أو تحسين!، ولعله أخطأ في ذلك، فأصحاب هذه الطريقة نسو أو تناسوا أن الغاية من علم الحديث هي تمييز الطيب من الخبيث، ومعرفة ما تصح نسبته إلى رسول الله r مما لا تصح.
ولذلك اقول؛ فقد خرجت الأحاديث النبوية الواردة في الكتاب تخريجا علميا، اعتمدت فيه على القواعد العلمية التي وضعها أهل الحديث، وجروا عليها في إصدار أحكامهم على الأحاديث صحة وضعفا، ولم أقلد أحدا، إنما استأنست بأقوال أئمة الحديث، وإني لأرجوا الله تعالى أن أكون قد وفقت في ذلك؛ إنه نعم المجيب.
وقد جريت في عملي هذا إذا كان الحديث في الصحيحين، أو في أحدهما؛ اكتفيت بعزوه إليهما؛ فإن ذلك مشعر بالصحة، ولم أتتبع رجال الإسناد فيهما([115])، وقد زدت عزو الحديث إلى كتب السنن، أو ما شابهها للفائدة.
وإذا كان الحديث في غيرهما؛ فقد تتبعت رجال الإسناد، ودرست حالهم دراسة متأنية، وحكمت على الإسناد بما يقتضيه حاله، فإن كان إسناده صحيحا، اكتفيت بذلك اختصارا، وإن كان إسناده ضعيفا، استوعبت شواهده، وطرقه ما استطعت إلى ذلك سبيلا، لنصل إلى قول محكم في الحكم على الحديث من ناحية الضعف، وقد استطعت بفضل الله ومنته أن أكشف على كثير من الأحاديث التي صححت بالاجتهادات([116])، فضعفتها بالأدلة المقررة في قواعد الحديث عند أهل الأثر لأنقذ منها إن شاء الله تعالى كثيرا من المسلمين من أن يقعوا في الأحاديث الضعيفة([117])، فيتعبدوا بها فيهلكون ويهلكون، فأنقذ بإذن الله ممن يريدون أن يتعبدوا الله بالأحاديث الصحيحة.
وقد فصلت الأحاديث الصحيحة عن الأحاديث الضعيفة ليسهل معرفة مراتب الأحاديث بعضها عن بعض.
قلت: وما زالت عناية أهل الحديث مستمرة في خدمة هذا الباب الطيب المبارك من أبواب السنة العطرة المطهرة جمعا وانتقاء، فكان من ذلك تآليف جليلة ماتعة.
فينبغي على العبد أن يحافظ على الأذكار المأثورة، لأن العبادات مبناها على التوقيف، ومدارها على الاتباع، لا على الهوى والابتداع، وأن يقنع بما أثر عمن هو حجة الله على الخلق أجمعين، فإنه أعلم بتقديس ربه وبتمجيده، وأخبر بصيغ الثناء والحمد عليه بما هو أهله من كل من سواه.
والأذكار النبوية الصحيحة هي أفضل ما يتحراه المتحري، لأن فيها غاية المطالب الصحيحة، ونهاية المقاصد العلية، لما فيها من التوحيد للخالق، والعبادة المشروعة، والمحبة الصادقة لله تعالى، ولرسوله r، والمسلمين الكرام، والإلتزام بألفاظ، وكيفيات مخصوصة وضحها الشرع، وما سواها من الأذكار والدعوات قد يكون محرما، أو شركا، أو بدعة لا يهتدي إليه كثير من الناس.
قلت: وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الذكر والأدعية غير المسنونة، ويجعلها عبادة راتبة، يواظب عليها الناس؛ فإن هذا ابتداع في الدين لم يأذن الله به، ولذلك فأضرب بعض الناس ومأثوراتهم، وأوراد الطرق الصوفية جملة، ليس لها في دين الله عين ولا أثر، ولا يجنح إليها تاركا المأثور الصحيح؛ إلا جاهل، أو مفرط، أو معتد قبيح، ناهيك أنه فوت على نفسه الأكمل، والأفضل، والأمثل باتفاق المسلمين([118]).
لذلك أنا اعتقد أن من أحدث شيئا من الأذكار غير ما شرعه رسول الله r، وغير ما صح عنه r أنه قد أساء واخطأ، إذ لو ارتضى ان يكون رسول الله r نبيه، وإمامه، ودليله لاكتفى بما صح عنه من الأذكار، فعدوله إلى رأيه، واختراعه جهل، وتزيين من الشيطان، وفعل خلاف السنة، إذ الرسول r لم يترك خيرا إلا دلنا عليه، وشرعه لنا، ولم يدخر الله عنه خيرا، بدليل إعطائه خير الدنيا والآخرة، إذ هو أكرم الخلق على الله تعالى([119]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج22 ص510): (لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات , والعبادات مبناها على التوقيف , والاتباع , لا على الهوى والابتداع , فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء , وسالكها على سبيل أمان وسلامة , والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان , ولا يحيط به إنسان , وما سواها من الأذكار قد يكون محرما , وقد يكون مكروها , وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس , وهي جملة يطول تفصيلها . وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ; بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به ; بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة , فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه ; لكن قد يكون فيه ذلك , والإنسان لا يشعر به . وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت , فهذا وأمثاله قريب . وأما اتخاذ ورد غير شرعي , واستنان ذكر غير شرعي : فهذا مما ينهى عنه , ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة , ونهاية المقاصد العلية , ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد).اهـ
قال الحافظ النووي رحمه الله: (ينبغي لكل أحد أن يتخلق بأخلاق رسول الله r، ويقتدي باقواله، وأفعاله، وتقريره في الأحكام، والآداب، وسائر معالم الإسلام، وأن يعتمد في ذلك ما صح، ويجتنب ما ضعف) ([120]).اهـ
قلت: وقد جعل الله تعالى للناس في ذكره جزيل الثواب، وجميل المآب، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) [الأحزاب:41].
وقال تعالى: (فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) [النساء: 103].
وقال تعالى: (فاذكروني أذكركم) [البقرة:152].
وقال تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) [الأعراف:205].
وقال تعالى: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) [طه:130].
وقال تعالى: (وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار)([121]) [غافر:55].
وقال تعالى: (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) [الأحزاب: 35].
قلت: ولن يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يلازم الأذكار المأثورة عن معلم الخير، وإمام المتقين r؛ كالأذكار المؤقتة طرفي النهار وزلفا من الليل وغيرها، والأذكار المقيدة عند الأكل والشرب وغيرها، مما يشمل أعمال العبد، ويستغرق كل أحواله، ويستوعب عمره؛ مما يدل دلالة واضحة على أن هذا الدين القيم لم يترك صغيرة، ولا كبيرة في حياة العبد إلا أحصاها وجلاها.
لذلك يجب على العبد أن يحافظ على الأذكار الماثورة الصحيحة، لأن العبادات مبناها على التوقيف، ويترك الأحاديث المعلة الضعيفة.
وهذا الكتاب في علم شريف، ((علم الحديث)) في تخريج الأحاديث التي في أذكار الصباح والمساء، لإبراز صحيحها وضعيفها، وله صلة وثيقة بعلم ((علل الحديث))، وهو من أجل العلوم، وأدقها، وأشرفها، فافردته، وخصصته في الالفاظ المعلة في باب أذكار الصباح والمساء، فجمعت فيه ما صح، وما لم يصح أصالة، ونبهت على ألفاظ معينة، وردت في أذكار الصباح والمساء، قيدت بهذا الزمان، أو عددت انفرد بعض الرواة بذكر الفاظ شاذة([122]).
وثمرة هذا الجمع تظهر في مثل موضوع الأذكار، إذ نحن متعبدون بألفاظ الواردة عن رسول الله r فيه، دون أي زيادة أو نقصان.
قلت: ومن عمل بكل ما ثبت عن النبي r من الأذكار والأدعية الواردة في السنة النبوية، فهو بلا شك من (الذاكرين الله كثيرا والذاكرات) [الأحزاب: 35]، لأن الثابت منها كفاية للمتعبد، ومن عمل بما لم يثبت عن النبي r من الأحاديث الضعيفة من الأذكار والأدعية، فهو بلا شك ليس من الذاكرين الله، بل هو من المبتدعين في دين الله([123]).
قلت: ولا يكون العبد من الذاكرين لله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا، ومضطجعا.
قال النووي رحمه الله في ((الأذكار)) (ج1 ص76): (اعلم أن الذكر محبوب في جميع الأحوال).اهـ
وقال النووي رحمه الله في ((الأذكار)) (ج1 ص70): (اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها ، بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى).اهـ
وقال النووي رحمه الله في ((الأذكار)) (ج1 ص76): (المراد من الذكر حضور القلب ، فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر فيحرص على تحصيله ، ويتدبر ما يذكر ، ويتعقل معناه.
فالتدبر في الذكر مطلوب كما هو مطلوب في القراءة لاشتراكهما في المعنى المقصود).اهـ
قلت: وليحذر امرؤ يسيء الظن بنا، فإياكم والظن، وإن بعض الظن إثم، نعوذ بالله من حالة تقربنا من سخطه، وأليم عذابه.
وقولي في ذلك ما قاله الخطيب البغدادي رحمه الله في كتابه العظيم ((موضح أوهام الجمع والتفريق)) (ج1 ص5 و6): (ولعل بعض من ينظر فيما سطرناه ، ويقف على ما لكتابنا هذا ضمناه، يلحق سيء الظن بنا، ويرى أنا عمدنا للطعن على من تقدمنا، وإظهار العيب لكبراء شيوخنا، وعلماء سلفنا، وأنى يكون ذلك وبهم ذكرنا، وبشعاع ضيائهم تبصرنا، وباقتفائنا واضح رسومهم تميزنا، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا، وما مثلهم ومثلنا إلا ما ذكر أبو عمرو بن العلاء، قال: (ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال).
ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاما، ونصب لكل قوم إماما، لزم المهتدين بمبين أنوارهم، والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم، ممن رزق البحث والفهم، وإنعام النظر في العلم؛ بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا.
إذ لم يكونوا معصومين من الزلل، ولا آمنين من مفارقة الخطأ والخطل، وذلك حق العالم على المتعلم، وواجب على التالي للمتقدم).اهـ
وقال البيهقي رحمه الله في ((دلائل النبوة)) (ج1 ص47): (وعادتي في كتبي المصنفة في الأصول والفروع الاقتصار من الأخبار على ما يصح منها دون ما لا يصح، أو التمييز بين ما يصح منها وما لا يصح، ليكون الناظر فيها من أهل السنة على بصيرة مما يقع الاعتماد عليه، لا يجد من زاغ قلبه من أهل البدع عن قبول الأخبار مغمزا فيما اعتمد عليه أهل السنة من الآثار.ومن أنعم النظر في اجتهاد أهل الحفظ في معرفة أحوال الرواة، وما يقبل من الأخبار، وما يرد علم أنهم لم يألوا جهدا في ذلك، حتى إذا كان الابن يقدح في أبيه إذا عثر منه على ما يوجب رد خبره، والأب في ولده، والأخ في أخيه، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا تمنعه في ذلك شجنة رحم ولا صلة مال.والحكايات عنهم في ذلك كثيرة، وهي في كتبي المصنفة في ذلك مكتوبة.ومن وقف على تمييزي في كتبي بين صحيح الأخبار وسقيمها، وساعده التوفيق علم صدقي فيما ذكرته.ومن لم ينعم النظر في ذلك، ولم يساعده التوفيق فلا يغنيه شرحي لذلك، وإن أكثرت، ولا إيضاحي له، وإن بلغت، كما قال الله (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) [يونس:101]).اهـ
قلت: فإذا تقرر ذلك فإنه لا يجوز لمسلم أن يزيد في دين الله تعالى ما ليس منه، ولا أن يعبد الله تعالى إلا بما شرع الله تعالى ورسوله r، بل يجب على المسلمين جميعا أن يخضعوا لأمر الله تعالى ورسوله r، وأن لا يتبعوا في الدين ما لم يأذن الله تعالى به ولم يشرعه رسوله r مهما رأوه حسنا لأن الدين قد كمل.
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة الإسلامية، وأن يتقبل مني هذا الجهد، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه ورعايته، إنه نعم المولى، ونعم النصير، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو عبدالرحمن
فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي
[1]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (1328) من طريق أحمد بن سهل بن حمدويه يقول: سمعت سهل بن المتوكل يقول: سمعت محمد بن عمر التيمي قال: سمعت مالك بن أنس به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن عبدالهادي في ((سير الحاث)) (ص93)، وابن رجب ((شرح العلل)) (ص234).
[2]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (1330) من طريق أبي عبدالرحمن بن أبي الليث يقول: سمعت عبدالرحمن بن بشر بن الحكم يقول: سمعت عبدالرزاق به.
قلت: وهذا سنده حسن.
[3]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (392)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج6 ص438) من طريق يحيى بن عثمان القرشي قال: حدثنا محمد بن حميد الحمص قال: حدثني إبراهيم بن أبي علية به.
قلت: وهذا سنده حسن.
[4]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في ((أدب الشافعي)) (ص233)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج1 ص124)، والحاكم في ((المعرفة)) (ص119)، والبيهقي في ((مناقب الشافعي)) (ج2 ص30)، وفي ((معرفة السنن والآثار)) (ج1 ص8)، والخطيب في ((الكفاية)) (393) من طريق يونس بن عبدالأعلى قال: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
[5]) أثر صحيح.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (410) من طريق محمد بن صالح يقول: سمعت أحمد بن المبارك يقول: سمعت الحسين بن منصور به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
[6]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (407)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج1 ص161) من طريق قاسم السراج قال: سمعت إسحاق بن عيسى يقول: سمعت ابن المبارك به.
قلت: وهذا سنده حسن.
[7]) أثر صحيح.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (401) و(412)، وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (ج2 ص31)، والدينوري في ((المجالسه)) (1890) و(3052)، والرامهرمزي في ((المحدث الفاصل)) (ص433)، وابن حبان في ((المجروحين)) (ج1 ص77)، والعقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (ج1 ص13)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج1 ص163)، والحاكم في ((المعرفة)) (ص62) من طرق عن عبدالرحمن بن مهدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
[8]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص140) بإسناد حسن.
وذكره الذهبي في ((السير)) (ج9 ص188)، والشيخ الألباني في ((الصحيحة)) (ج6 ص40).
[9]) أثر حسن.
أخرجه ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (ج1 ص57) بإسناد حسن.
وذكره ابن رجب في ((شرح العلل)) (ج1 ص360).
[10]) أثر صحيح.
أخرجه الرامهرمزي في ((المحدث الفاصل)) (ص320) بإسناد صحيح.
[11]) أثر حسن.
أخرجه الحطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (1337)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (ج5 ص103). بإسناد حسن.
[12]) ((مقدمة تحقيق المعلمي للفوائد المجموعة)) (ص8).
[13]) أثر صحيح.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (423) من طريق علي بن محمد بن نصر الدينوري قال: سمعت حمزة بن يوسف السهمي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
والخبر في ((سؤالات السهمي)) (ص72).
[14]) أثر صحيح.
أخرجه الرامهرمزي في ((المحدث الفاصل)) (ص 105) بإسناد صحيح.
[16]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج4 ص219)، وأحمد في ((المسند)) (ج4 ص106)، والشافعي في ((الرسالة)) (ص355)، وفي ((المسند)) (3950).
[17]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (ج1 ص9)، والحاكم في ((المعرفة)) (ص112)، والخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص295) من طريق أحمد بن سلمة قال: سمعت أبا قدامة السرخسي يقول: سمعت عبدالرحمن بن مهدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
[18]) أثر صحيح.
أخرجه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (ج1 ص31)، وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (ج1 ص252)، والخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص382) وإسناده صحيح.
[19]) يشير إلى قول الإمام أحمد رحمه الله حيث قال: (ما حديث ابن لهيعة بحجة ، وإني لأكتب كثيرا مما أكتب أعتبر به ويقوي بعضه بعضا).
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص284) بإسناد صحيح.
وذكره ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (ج5 ص375).
[20]) أثر صحيح.
أخرجه الرامهرمزي في ((المحدث الفاصل)) (217)، والخطيب في ((الكفاية)) (431)، وأبو نعيم في ((المستخرج على صحيح مسلم)) (ج1 ص51)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج35 ص185) من طريقين عن أحمد بن أبي الحواري ثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعي به.
قلت: وهذا إسناده صحيح.
[21]) يعني أهل الحديث لا يرضون طريقة الأصوليين في نقدهم للأحاديث، لأنهم لا يعلمون أصول الحديث.
[22]) كذلك الفقهاء.
[23]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص286)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (ج1 ص35) وإسناده حسن.
[24]) قال الخطيب في ((الجامع)) (ج2 ص385): (فمن الأحاديث ما تخفى عليه، فلا يقف عليها إلا بعد النظر الشديد، ومضي الزمان البعيد).اهـ
[25])انظر: ((كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس)) للعجلوني (ج1 ص7).
[26]) نقله عنه ابن عبد الهادي الحنبلي في ((سير الحاث)) (91)، وأبو داود في ((الرسالة)) (ص30).
[27]) هو المسمى ((نصب الراية)).
[28]) هو المسمى: ((التلخيص الحبير)).
[29]) وهؤلاء من فقهاء الحنفية!.
[30]) قلت: فالأحاديث التي ذكرها هؤلاء المصنفون لم يذكروا سندها، ولا أسندوها إلى أحد من المخرجين، وقبول الحديث الذي لا سند له ليس من شأن العاقلين، فإن بين النبي r، وبين هؤلاء الناقلين مفاوز تنقطع فيها مطايا السائرين، فكيف يجوز الاستناد بمجرد قولهم: قال النبي r: كذا وكذا.
فلا بد من ذكر السند، وتحقيق أحوال الرجال فيه، وتشخيصهم، وكشف عدالتهم، ليكتسب الحديث به صفة القبول إن وجدت في رواته صفات القبول، أو صفة الرد إن كانت في رواته صفات الرد.
وبدون ذلك فالاستناد به لا يليق بمن له أدنى مسكة.
[31]) قلت: ومع هذا فقد ند منه بعض الأحاديث، فأورده بسنده دون أن يبينه إلى علته ونكارته.
ومن ذلك ما أورده في تفسير سورة التوبة (ج2 ص374) عند قوله تعالى: ((ومنهم من عاهد الله))، فذكر قصة ثعلبة بن حاطب الأنصاري t، وهي قصة منكرة لا تصح.
وانظر: ((تخريج أحاديث الكشاف)) لابن حجر (ص77).
[32]) قلت: وهذا الكلام جميل، ولا سيما أننا نرى في عصرنا هذا من المتعالمين من يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، مسارعة في كسب الأموال، فيكتب الكتب للتجارة بها، فيلقي على العوام الأباطيل من الأحاديث الضعيفة وغيرها، وهذا انعدمت فيه أداء أمانة العلم، ومخافة الله تعالى وتقواه، فجمع الجهل، ورقة الدين، ثم يدعي دعاوى باطلة أنه من أهل العلم، والله المستعان.
[33]) نقله عنه الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (ج2 ص75).
[34]) فالعناية بالروايات بأسانيدها من حفظ الله تعالى لدينه، حيث يقول الله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر:9].
ولا شك أن الحديث النبوي، داخل ضمن قوله تعالى (الذكر) في الآية.
وانظر: ((وجوب التثبت في الرواية)) للقريوني (ص10).
[35]) انظر: ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (ج1 ص71).
[36]) وانظر: ((علوم الحديث)) لابن الصلاح (ص47).
[37]) لذلك يجب التثبت في الأحاديث التي ينقلونها هل هي صحيحة، أم ضعيفة؟!.
[38]) فأي كلام أبين من هذا، فيا أيها الناس اتركوا الأحاديث الضعيفة، وفروا منها بدينكم، اللهم سلم سلم.
[39])فلا بد من البحث في أسانيدها لتعرف هل هي صحيحة، أم ضعيفة؟!.
[40]) هؤلاء عليهم المعتمد في نقد الأسانيد.
[41]) قلت: ومن أسند فقد برئ، والعهدة على الجاهل الذي ينقل من هذه الكتب ما هب ودب من الأحاديث الضعيفة إلى الناس، والله المستعان.
[42]) انظر: ((النكت البديعات على الموضوعات)) للسيوطي (ص29).
[43]) انظر: ((فيض الباري)) للكشميري (ج1 ص36)، و((علوم الحديث)) لابن الصلاح (ص18)، و((روح المعاني)) للآلوسي (ج6 ص46)، و((حجة الله البالغة)) للدهلوي (ج1 ص107).
[44]) قلت: إن الحفاظ الأقدمين يعتمدون في روايتهم الأحاديث الضعيفة مع سكوتهم عنها على ذكرهم الأسانيد، لاعتقادهم أنهم متى أوردوا الأحاديث بأسانيدها فقد برئوا من عهدتها، وأسندوا أمرها إلى النظر في إسنادها.
قال ابن حجر رحمه الله في ((لسان الميزان)) (ج3 ص75): (أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلم جرا إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برؤوا من عهدته).اهـ
[45]) قلت: وليست العبرة في ذكر مصالدر الحديث وتركها على رسلها، فليست هذه الغاية التي نرمي إليها، وإنما يجب أن تتجه العناية إلى بيان درجة الحديث من الصحة والضعف حسب الأصول الحديثية.
[46]) ((مقدمة زاد المعاد)) لابن القيم (ج1 ص10 و11).
[47]) ولذا ننصح طلبة العلم، والباحثين، والمثقفين أن لا يقتنوا من الكتب إلا ما كان محققا منها تحقيقا علميا دقيقا ممن هو أهل لهذا العمل العظيم في زمن ندر فيه من يتولى هذا الأمر من أهل العلم والعقل والتحقيق.
[48]) قلت: ومن الجدير بالذكر فإنني قد أوليت هذا الجانب اهتماما كبيرا، فأصدرت كثيرا من الكتب النافعة، واعتنيت بها أتم عناية تحقيقا، وتدقيقا، وإخراجا، وتخريجا، ولله الحمد والمنة. (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) [الأنفال:42].
[49]) قلت: إن الحديث الصحيح أصل للأحكام الشرعية، فيجب أن ينبني المذهب عليه، لا أن ينبني الحديث الصحيح على المذهب.
وليس لأحد أن يسوغ صنيعه هذا بما ذهب إليه بعض أهل العلم من جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، لأنهم قد اشترطوا شروطا لا تتوفر في هذا الذي يشاع ويذاع من الأخبار.
وانظر: ((القول البديع)) للسخاوي (ص195).
[50]) قلت: ولو فرضنا أنه من فضائل الأعمال؛ فالحديث الموضوع، والواهي لا يجوز ذكره إلا مع بيان أنه موضوع لا يصح عن النبي r.
فبسبب هذا التساهل توصل أهل البدع إلى بث بدعهم، ونشرها بين الناس، بحجة أنها أحاديث فضائل لا بأس بالعمل بها، متناسين أنهم بذلك يشرعون للناس بها؛ لأنهم سيعملون بها، ويبلغونها غيرهم.
قلت: فعمت المصيبة بذلك.
[51]) انظر: ((الإعلام بوجوب التثبت في رواية الحديث)) للعلوان (ص6).
[52]) قلت: إذا كان صاحب الكتاب اشترط الصحة، وهو ممن يعتمد عليه في التصحيح، والتضعيف؛ فيجوز الاعتماد عليه في النقل.
وأما إذا كان صاحب الكتاب من المتساهلين في نقل الأحاديث، بل ينقل كل شيء وجده في الكتب، سواء كان ضعيفا، أو صحيحا، أو موضوعا؛ فهذا لا يجوز الاعتماد عليه إلا بعد التثبت، والبحث، والله المستعان.
وانظر: ((الفتاوى)) لابن تيمية (ج3 ص425).
[53]) قلت: والأمر هذا في المصنفات في التواريخ، والسير، والتفسير، والفقه، وأصول الفقه، والعقائد، وفضائل الأعمال وغيرها، فليس كل ما في هذه المصنفات هو صحيح، بل فيها أيضا الضعيف، والمنكر، والموضوع، وما لا أصل له.
قال العراقي في ((ألفيته)) (ص20):
وليعـــلم الطــــــــــالب أن السيــــــــــــرا
تجمع ما صح، وما قد أنكرا
والقصد ذكر ما أتى أهل السير
به وإن أسنــــــــــــــــــــــــاده لم يعتبر
[54]) انظر: ((الدرر السنية)) (ج1 ص68).
[55]) انظر: ((الدرر السنية)) (ج1 ص68).
[56]) فيجب على الناس جميعا الاتعاظ بهذا الكلام في التثبت في رواية الأخبار، حتى يخرجوا من عهدة الكذب على النبي r.
وقد كان الصحابة الكرام يتثبتون في الرواية عن رسول الله r، حتى أن بعضهم يدع الجزم بالحديث عن النبي r تورعا، واحتياطا.
[57]) جاء هذا المعنى من عدة روايات مرفوعة، ولا تصح من رواية ابن مسعود، ورواية عتبة بن غزوان، ورواية ابن عباس رضي الله عنهم.
وانظر: ((الضعيفة)) للشيخ الألباني (ج2 ص108).
[58]) أثر حسن عن ابن المبارك.
أخرجه الهروي في ((ذم الكلام)) (ج4 ص14 و15) بإسناد حسن.
[59]) لأن من أعظم الأسباب الجالبة لانتشار الأحاديث الضعيفة عدم التثبت في الرواية.
وانظر: ((تحذير الخواص من أكاذيب القصاص)) للسيوطي (ص125).
[60]) وانظر: ((تحذير الخواص من أكاذيب القصاص)) للسيوطي (ص125).
[61])وانظر: ((تحذير الخواص من أكاذيب القصاص)) للسيوطي (ص144).
[62])أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (397) بإسناد لا بأس به.
ونقله عنه ابن رجب في ((شرح العلل)) (ص234).
[63]) أثر حسن.
أخرجه ابن النحاس في ((الأمالي)) (ص559) من طريق هاشم بن يونس يقول: سمعت أبا صالح كاتب الليث يقول: سمعت عبدالله بن وهب.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه الربيع بن سليمان يقول: قال ابن وهب: (لولا مالك، والليث لضل الناس). وإسناده صحيح.
ونقله ابن رجب في ((شرح العلل)) (ص237).
[64]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (398)، وفي ((شرف أصحاب الحديث)) (61) بإسناد حسن.
ونقله عنه ابن رجب في ((شرح العلل)) (ص237).
[65]) وبخلاف المتأخرين والمعاصرين الذين يصححون، أو يحسنون الأحاديث بمجموع الطرق دون النظر إلى المتن، وهذا الفن في علم الحديث، اللهم غفرا.
[66]) انظر: ((سير الحاث)) لابن عبدالهادي الحنبلي (ص89).
[67]) انظر: ((سير الحاث)) لابن عبدالهادي الحنبلي (ص93).
[68]) قلت: وهو المقلد يعملون بأي شيء يرد عليهم في الكتب دون تثبت في معرفته.
[69]) وانظر: ((شرح علل الترمذي)) لابن رجب (ج2 ص621)، و((تدريب الراوي)) للسيوطي (ج2 ص182).
[70]) وهذا المنهج هو منهج المحدثين، وهو مقابلة المرويات بعضها ببعض، وبهذا المنهج مع ملاحظة طبقات الرواة يعرف الحديث المتصل حقا، وما ليس بمتصل، وإن كان ظاهره الاتصال، ومن الواضح أن هذه المقابلة إنما يعرفها المختص بالحديث، المطلع على طرق الحديث المتعددة.
[71]) انظر: ((تحذير الخواص)) للسيوطي (ص147).
[72]) قلت: وهناك بعض من الناس يزيدون في الفاظ الحديث، ويدعون أنه لا بأس بذلك إذا كان المعنى صحيحا، وهذه مصيبة أخرى، وهؤلاء يستحقون العقوبة التي تردعهم، وأمثالهم من القائلين على الله بلا علم، لأنه قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا برهان.
[73]) اخرجه البخاري في ((صحيحه)) (241)، ومسلم في ((صحيحه)) (4891).
[74]) أثر حسن.
أخرجه الترمذي في ((سننه)) (2883)، والبزار في ((المسند)) (ج12 ص207) وإسناده حسن.
[75]) أثر صحيح.
أخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (ج10 ص390) وإسناده صحيح.
قلت: أما يعتبر هؤلاء الجهال بهذه الآثار التي تنهى من الابتداع في الدين.
[76]) فمن لم يكفه ذلك، فلا تغني عنه كثرة الآثار إلا حيرة.
قال تعالى: (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) [يونس:101].
وقال تعالى: (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) [النور:40].
[77]) هذه عقوبة له؛ لأنه يتكلم في دين الله تعالى بغير علم، والمفروض أنه لا ينقل شيئا في الدين لا الحديث الصحيح ولا غيره، بل عليه السكوت، ويلزم أهل العلم، لأنه جاهل.
ولأنه جمع الجهل، ورقة الدين، ثم يدعي دعاوى باطلة أنه من الدعاة!، أو العلماء!، أو طلبة العلم!.
[78]) بل وإن صادف الحق، فهو آثم.
قال البيهقي رحمه الله في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (ص94 -الباعث): (قد يكون المراد بالخبر من يقول فيه برأيه من غير معرفة منه بأصول العلم وفروعه، فتكون موافقته للصواب –وإن وافق من حيث لا يعرفه- غير محمود).اهـ
[79]) قلت: فهذه يوقع الناس في شيء من الاعتقادات السيئة، والأحكام الباطلة بسبب تحديثه بالأحاديث الضعيفة، الهم سلم سلم.
وانظر: ((الباعث على الخلاص من حوادث القصاص)) للعراقي (ص98).
[80]) قلت: وهكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهذا القول شديد على المقلدة للصحيحين مطلقا، لظنهم أن كل ما في الصحيحين من قسم الصحيح، وهذا جهل في دين الله تعالى، لأن هذه الكتب المصنفة من المخلوقين لا تفلت من الخطأ، وهو من طبيعتهم، ولا يصح مطلقا إلا كتاب الله تعالى.
وصدق الإمام الشافعي رحمه الله حيث قال:
(أبى الله أن تكون العصمة بغير كتابه). اللهم غفرا.
انظر: ((مسند أبي يعلى)) (ج1 ص22)، و((منهاج السنة)) لابن تيمية (ج7 ص216).
[81]) نقله عنه الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (ج1 ص431).
[82]) وعنوانه الكامل: ((قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد)) لأبي طالب المكي الصوفي.
انظر: ((ميزان الاعتدال)) للذهبي (ج3 ص655).
قال الخطيب رحمه الله في ((تاريخ بغداد)) (ج3 ص89): (ذكر في ((القوت)) أشياء منكرة في الصفات).اهـ
[83]) قال الذهبي رحمه الله: كتاب ((بهجة الأسرار)): (أتى فيه بمصائب يشهد القلب ببطلانها).
انظر: ((البداية والنهاية)) لابن كثير (ج12 ص6)، و((ميزان الاعتدال)) للذهبي (ج3 ص142)، و((لسان الميزان)) لابن حجر (ج4 ص238).
[84]) وما ذكر فيه من الأحاديث المنكرة والباطلة.
انظر: ((منهاج السنة)) لابن تيمية (ج8 ص11).
[85]) أي((إحياء علوم الدين)) للغزالي الصوفي.
[86]) لابن عربي الصوفي الهالك.
[87]) أي هؤلاء الأئمة للمحاسبي وأمثاله بالمرصاد، اللهم سدد سدد.
[88])قلت: وقد رد عليه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في مخالفاته هذه، والله المستعان.
انظر: ((تنبيهات وتعقيبات)) لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز (ص32 و41).
[89]) ولم يأمر بالرجوع إلى علماء الحرمين في الطبعة الثانية من كتابه هذا، اللهم غفرا.
[90]) ولقد رد عليه أهل السنة والجماعة في فتنة الإرجاء وغيره، ولم يرجع، ولم يتب من هذه الفتن التي وقع فيها، بل صعد الفتن، وإلى الآن على ذلك، ومعه جهاته في هذه الفتن يمنيهم ويعدهم، وما يعدهم إلا غرورا!!.
[91]) وعبيد الجابري مرة يثني على الرحيلي، ومرة يطعن فيه، فليس له منهج ثابت في الكلام على الرجال، والله المستعان.
[92]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (4277)، ومسلم في ((صحيحه)) (1711) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[93]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (2526).
[94]) وانظر: ((جامع الترمذي)) (2448).
[95])أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الكفاية)) (408) من طريق عمر بن محمد بن الحكم النسائي ثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال: سمعت الأشجعي يذكر عن سفيان الثوري به.
قلت: وهذا سند حسن.
[96]) أثر حسن.
أخرجه الطيوري في ((الطيوريات)) (ج2 ص315) من طريق أبي الحسن علي بن الحسن الرازي حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي حدثنا عباس بن محمد الدوري، قال : سمعت يحيى بن معين به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن رجب في ((شرح العلل)) (ج1 ص436).
[97]) وانظر: ((الوهم في روايات مختلفي الأمصار)) للوريكات (76).
[98]) وانظر: ((شرح العلل)) لابن رجب (ج2 ص834).
[99]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (107).
[100]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (108).
[101]) أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (1676) من طريق بشر بن أحمد الإسفراييني حدثكم عبدالله بن محمد بن سيار قال: سمعت أبا قدامة يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان به.
قلت: وهذا سنده حسن.
[102]) وانظر: ((الجامع لأخلاق الراوي)) للخطيب (ج2 ص300).
[103]) أثر صحيح.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (ج1 ص110)، والحاكم في ((المدخل إلى الصحيح)) (ص110)، والهروي في ((ذم الكلام)) (1076)، والخطيب في ((الكفاية)) (87) من طريق أبي بكر بن خلاد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
[104]) وانظر: ((وجوب التثبت في الرواية)) للقريوتي (ص26).
[105]) نقله عنه ابن الصلاح في ((المقدمة)) (ص126).
[106]) قلت: وهذا في عصر السخاوي فما بالك بعصرنا!.
[107]) هذا في العصور الماضية، أما في عصرنا، فلا بد من تبيين الصحيح من الضعيف من الأحاديث.
[108])أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لخلاق الراوي)) (ج2 ص231) من طريق عبدالله بن عدي الحافظ قال: سمعت محمد بن سعيد الحراني يقول: سمعت عبدالملك الميموني يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول فذكره.
قلت:وهذا سنده حسن.
وذكره السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (ص474)، وابن الديبع في ((تمييز الطيب من الخبيث)) (ص224).
[109]) انظر: ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (ج4 ص208).
[110])أثر حسن.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص232)، بإسناد حسن.
وذكره الذهبي في ((ميزان الإعتدال)) (ج3 ص558) من طريق أحمد بن زهير عن أحمد بن حنبل به.
وذكره السيوطي في((الإتقان)) (ج4 ص208).
[111])أثر صحيح.
أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص234)، بإسناد صحيح.
وذكره ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (ج9 ص366).
قلت: لا شك في أنه ما من مؤلف يبلغ درجة الكمال، ولكن المآخذ تتفاوت، والعلل تختلف، والله المستعان
[112])وانظر: ((تهذيب سنن أبي داود)) لا بن القيم (ج1 ص362).
[113]) انظر: ((الرد على البكري)) لابن تيمية (ص17).
[114])وانظر: ((مجموع الرسائل الكبرى)) (ج1 ص283).
[115]) إلا إذا كانت هناك علة ذكرها أهل العلم.
[116]) قلت: ولا حاجة لنا في أذكار الصباح والمساء لهذا الكم الهائل من الأحاديث التي ذكرت ليتحصن المسلم بها، بل يكفيه بعض الأحاديث التي صحت في ذلك، لأن النبي r أوتي جوامع الكلم، واختصرت له الأحاديث، فلو عمل المسلم بواحد منها، أو بعضها لكفى، اللهم غفرا.
[117]) فلتدرج في مرتبة الضعيف.
[118])وانظر: ((الفتاوى)) لابن تيمية (ج22 ص510).
قلت: والله تعالى لم يجعل الذكر حدا ينتهي إليه العبد، ولم يعذر أحدا في تركه، إلا مغلوبا على تركه، والله المستعان.
[119])وانظر: ((الرد على البكري)) لابن تيمية (ص17).
[120])وانظر: ((مقدمة كتاب المحرر في الحديث)) لابن عبدالهادي (ج1 ص7).
[121])والعشي: ما بين زوال الشمس وغروبها.
انظر: ((رياض الصالحين)) للنووي (ص546).
[122]) وقد سببت وقوع الناس في أوراد ضعيفة تشبه أوراد الصوفية المبتدعة، بل انبنت عليهاسنن!، اللهم غفرا.
[123]) وانظر: ((الكلم الطيب)) المقدمة (ص16).