الرئيسية / سلسلة الانتصار على المبتدعة / عاصف الإله لعصف علوي بن عبد القادر السقاف لتعطيله الحد لله تعالى
عاصف الإله لعصف علوي بن عبد القادر السقاف لتعطيله الحد لله تعالى
|
||||||
عاصف الإله
لعصف
علوي بن عبد القادر السقاف
لتعطيله الحد لله تعالى
دراسة أثرية منهجية علمية في ذكر اعتقاد السلف والأئمة في إثبات الحد لله تعالى من الكتاب والسنة والآثار، وهذا فيه قمع لدابر علوي السقاف الجهمي لنفيه الحد لله تعالى على طريقة الجهمية الزنادقة، وهذا يكشف زيغه في اعتقاد السلف الصالح، ويبين جهله فيه، وأنه ليس أهلا أن يكتب في توحيد الأسماء والصفات ؛ لأنه رويبضة في الدين
تأليف
العلامة المحدث
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فرقة المقلدة
من الفرق الضالة في الدين
وتتمثل في الخطباء والوعاظ والأئمة والمفتين
من المتعالمين في الدين في هذا الزمان
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص28): (وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سفرا كبيرا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول الله r؛ كما خفي ذلك على سادات الأمة أولا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد خفي على الصحابة رضي الله عنهم مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مدعي العصمة في الأئمة([1])، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، قلنا: فنحن نناشدكم الله تعالى الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى الله تعالى، ورسوله r أمرا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه الله تعالى، ورسوله r عينا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وللجواب صوابا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي منعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر، وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
انقضاض الصقر
الخساف
يترك الآيات والأحاديث، والآثار بالأسانيد الصحيحة في إثبات: «الحد» لله تعالى ثم يأخذ بالآراء الضعيفة، ويقلد بعض الفقهاء في هذا الحكم، فأصابته الفتنة في الدين ولابد
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان؛ وهو يعلق على أثر الإمام أحمد: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان): (لمن يطيع العلماء فمن أخطؤوا فيه؛ يعني: عرفوا الحديث الصحيح، ويتركون ويذهبون إلى رأي الفقيه؛ إلى رأي سفيان، وسفيان هو الثوري: الورع التقي المفسر المحدث الفقيه الذي شهد بفضله الأمة، ومع هذا لا نأخذ بقوله إذا أخطأ وخالف الدليل، وهو معذور ومجتهد، وليس معصوما يخطئ، أما نحن لا نأخذ بقوله بمجرد رأي سفيان، وإلا برأي أبي بكر، وعمر، أو رأي أحمد، أو رأي مالك، أو رأي الشافعي، أو رأي أبي حنيفة، لا نحن نتبع الدليل من الكتاب والسنة هذا هو الواجب على المسلم.
يذهبون إلى رأي سفيان؛ يعني: ويتركون الحديث الذي عرفوا صحته، عرفوا الإسناد وصحته ثم يخالفونه، يأخذون برأي فقيه، فهذا من تعمد يصاب بالفتنة: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة[ [النور: 63]، ما هي الفتنة: الفتنة الشرك، لأنه أطاعهم في التشريع الذي أخطؤوا فيه.
كذلك من أطاع رأي سفيان الثوري، وغيره من الأئمة يقولون: (لا تأخذوا أقوالنا، حتى تعرفوا أدلتنا)، ثم ذكر الشيخ: أقوال الأئمة الأربعة في التمسك بالكتاب والسنة، ثم قال: (هذه مقالاتهم رحمهم الله تدل على أن الواجب هو الأخذ بما صح عن رسول الله r، وأن اجتهادات العلماء يستفاد منها وتدرس، ولكن إذا خالف الدليل شيء منها فيجب الأخذ بالدليل، ولا يجوز التعصب لقائله، فإن تعصب أحد لقول يخالف الدليل وقع في هذا المحظور، وصار من الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله.
ونحن لا نرفض الفقه كما يظن بعض الجهال، أو بعض المبتدئين، بل نعتبره ثروة عظيمة، فيها علم غزير، فندرس الفقه، ولكن لا نأخذ منه إلا ما قام دليله، وما علمنا أنه خلاف الدليل حرم علينا الأخذ به، مع اعتذارنا لقائله، واحترامه، لأنه لم يتعمد المخالفة، والمجتهد يخطئ ويصيب، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد. والخطأ مغفور، كما صح بذلك الحديث([2]».([3]) اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص» (ص297): (قال أحمد: أي: لما قيل له: إن قوما يتركون الحديث، ويذهبون إلى رأي سفيان، أو غيره من الفقهاء.
عرفوا الإسناد وصحته: أي: عرفوا صحة إسناد الحديث؛ لأن صحة الإسناد تدل على صحة الحديث.
يخالفون عن أمره: أي: أمر الله تعالى، أو الرسول r، وعدي الفعل بـ (عن) لتضمنه معنى الإعراض.
أن تصيبهم فتنة: محنة في الدنيا.
أو يصيبهم عذاب أليم: في الآخرة.
لعله: أي: الإنسان الذي تصح عنده سنة الرسول r.
إذا رد بعض قوله: أي: قول النبي r.
من الزيغ: أي العدول عن الحق وفساد القلب.
المعنى الإجمالي: ينكر الإمام أحمد على من يعرف الحديث الصحيح عن رسول الله r ثم بعد ذلك يقلد سفيان أو غيره فيما يخالف الحديث، ويعتذر بالأعذار الباطلة؛ ليبرر فعله. مع أن الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله تعالى وسنة رسوله r وعلم معنى ذلك في أي شيء كان أن يعمل به، ولو خالفه من خالفه، فبذلك أمرنا ربنا تبارك وتعالى وأمرنا نبينا r ثم يتخوف الإمام أحمد على من صحت عنده سنة رسول الله r، ثم خالف شيئا منها أن يزيغ قلبه فيهلك في الدنيا والآخرة، ويستشهد بالآية المذكورة، ومثلها في القرآن كثير؛ كقوله تعالى: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم[ [الصف: 5] .
مناسبة ذكر ذلك في الباب: التحذير من تقليد العلماء من غير دليل، وترك العمل بالكتاب والسنة أن ذلك شرك في الطاعة). اهـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمينﮊ [الأنعام: 45]
ذكر الدليل
على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء([4]) التي اتخذها: «علوي بن عبد القادر السقاف» دينا في مذهبه الباطل
عن عمر بن الخطاب t قال: (يهدم الإسلام ثلاثة: زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (أخاف عليكم بعدي ثلاثا، وبهن يهدم الإسلام: زلة عالم عهد الناس عنده علما، فاتبعوه على زلته، وجدال منافق بالقرآن لا يخطئ فيه واوا ولا ألفا، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (إن الإسلام اليوم في بناء، وإن له انهداما، وإن مما يهدمه: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (أما إن الزمان منهدم لثلاث ...).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «صفة المنافق» (30)، وابن المبارك في «الزهد» (520)، وفي «الرقائق» (1460)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص89) من طريق أبي حصين، عن زياد بن حدير به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص169)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص47)، والمروذي في «أخبار الشيوخ» (345)، والفريابي في «صفة المنافق» (29)، والذهبي في «السير» (ج11 ص463)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص574)، والآجري في «تحريم النرد» (ص93)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص527)، والمستغفري في «فضائل القرآن» (ج2 ص268)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، والعسكري في «المواعظ» (29405-كنز العمال)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص71)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص234) من طرق عن الشعبي عن زياد عن عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذا سنده صحيح أيضا.
وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج10 ص269)؛ وعزاه إلى آدم بن أبي إياس في «العلم»، ونصر المقدسي في «الحجة»، وجعفر الفريابي في «صفة المنافق».
وأورد ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص662) طرقه ثم قال: فهذه طرق يشد القوي منها الضعيف، فهي صحيحة من قول عمر بن الخطاب t.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج5 ص238)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص89)، و(ج5 ص133).
وقوله: (ويهدم الإسلام)؛ أي يزيل عزته.
وقوله: (زلة العالم)؛ أي: عثرته، بتقصير منه، أو اجتهاد منه.
وقوله: (وجدال المنافق)؛ الذي يظهر السنة، ويبطن البدعة.
وقوله: (بالقرآن)؛ وإنما خص؛ لأن الجدال به أقبح، وهو يؤدي إلى الكفر، وذلك لإفساده الدين.
وقوله: (وحكم الأئمة المضلين)؛ أي: على وفق أهوائهم، وإكراههم الناس عليه.([5])
وأخرجه أبو الجهم في «جزئه» (98)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص87)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص616) من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري t عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بن الخطاب t فقال: (إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلين يضلون الناس بغير علم).
وإسناده حسن في المتابعات.
قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج1 ص455): (قوله: (ما يهدم)؛ الهدم إسقاط البناء، وهدم الإسلام تعطيل أركانه الخمسة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) ([6]) الحديث، وتعطيله إنما يحصل من زلة العالم، وتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإتباع الهوى، ومن جدال المبتدعة وغلوهم في إقامة البدع بالتمسك بتأويلاتهم الزائغة، ومن ظهور ظلم الأئمة المضلين وحكم المزورين. وإنما قدمت زلة العالم لأنها هي السبب في الخصلتين الأخيرتين، كما جاء: (زلة العالم زلة العالم». اهـ
قلت: إن من أشر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة: عالم لا ينتفع بعلمه([7])، اللهم سلم سلم.
وبوب الحافظ البيهقي / في «المدخل» (ج2 ص870): باب ما يخشى من زلة العالم أو العمل.
وبوب الإمام ابن المبارك / في «الرقائق» (ج2 ص681): باب في زلة العالم.
قلت: وأكثر الناس يفتنون بزلة عالم، ولأن إذا زل العالم زل بزلته عالم كثير([8])، والعياذ بالله.
فعن الحسن البصري / قال: (لم يبق من العلم إلا غبرات([9]) قليل في أوعية سوء، فانظروا عمن تأخذوا دينكم).([10])
وبوب ابن أبي إياس / في «العلم» (ص162): باب أخذ العلم من غير أهله.([11])
قلت: وهؤلاء يضلون الناس ويحدثونهم بغير علم، والله المستعان.
فالعلماء الزائغون عن الحق، والمنافقون المجادلون المبتدعون هم الذين يضعفون أركان الإسلام، وذلك لإقامتهم البدع في الناس في البلدان الإسلامية.
قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج2 ص570): (باب: التحذير من علماء السوء، ممن ترك كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، واعتمد على رأيه، وجلب الناس بمنطقه وتزين لهم بعلمه وزهده، وتصنع بقراءته وتعبده، وما يصدون بذلك عن الحق، ويقطعون عن الخير، ويمنعون من طلب العلم). اهـ
وعن وهيب بن الورد / قال: (ضرب مثل عالم السوء فقيل: مثل العالم السوء كمثل حجر وقع في ساقية، فلا هو يشرب من الماء، ولا هو يخلي عن الماء فيحيى به الشجر !).
أثر حسن
أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص571)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص140 و146)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (195) من طرق عن محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت وهيب بن الورد به.
قلت: وهذا سنده حسن.
لذلك أحذركم من الفجار من المتعالمين، والجهال من المتعبدين، فإنه قد يقال للمرء أنه عالم وهو متعالم، وقد يقال للمرء عابد وهو جاهل!.
قلت: وإنما مثل هذا كالسائر على غير طريق صحيح؛ فإنه لم يزده الاجتهاد، والسرعة من الله تعالى إلا بعدا.([12])
قال العلامة حمد بن ناصر / في «الدرر السنية» (ج3 ص68): (من أراد الله فتنته، فلا حيلة فيه، بل لا تزيده كثرة الأدلة إلا حيرة، وضلالا). اهـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ويل للأتباع من زلة العالم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه فيلقى من هو أعلم منه برسول الله r منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص873)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص112)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص99)، وفي «الإيصال» (ص503)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص14) من طرق عن حماد بن زيد، عن المثنى بن سعيد، عن أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص90)، و(ج5 ص134).
وعن معاذ بن جبل t قال: (أحذركم زيغة الحكيم –يعني: العالم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.
قال يزيد بن عميرة –الراوي عن معاذ-: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ... فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).
أثر صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص17)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص233)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص320)، والفريابي في «صفة المنافق» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (116)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص210)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (444)، وفي «الأسماء والصفات» (135)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج65 ص337)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص218 و219)، وعبد الرازق في «المصنف» (ج11 ص363)، والآجري في «الشريعة» (ص47)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص585)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص22)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج7 ص418)؛ في ترجمة: «يزيد بن خالد بن وهب الرملي»؛ وفي «السير» (ج1 ص456)، و(ج8 ص143)، وابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (70)، وجمال الدين الحنفي في «مشيخة ابن البخاري» (ج3 ص1840) من طرق عن الزهري قال: حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ؛ أن معاذا t كان يقول فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص981) من طريق ابن عجلان عن ابن شهاب أن معاذا t به.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص232) من طريق ابن عجلان عن الزهري أن أبا إدريس أن معاذا t به.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (227)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص466)، وابن وضاح في «البدع» (63) من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن يزيد بن عميرة به.
وأخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (117)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (27) من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال معاذ بن جبل t به.
وأخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص185)، و(ج3 ص59)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8581)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري به.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455).
قلت: فليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي r.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (اغد عالما أو متعلما، ولا تغد إمعة([13]) بين ذلك)؛ يعني: جاهلا.
أثر صحيح
أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص134)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج5 ص407)، وسعدان بن نصر في «جزئه» (140)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص188)، والخطيب في «التطفيل» (ص64 و65)، والحنائي في «الفوائد» (106)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1491)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص68)، والآمدي في «الإحكام» (ج6 ص234) من طريق سفيان بن عيينة، نا عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص541)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص109)، ووكيع في «الزهد» (ج3 ص829)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص140) من طريق الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله t به.
قلت: وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ابن مسعود([14])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص163) من طريق معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن مسعود t به.
قلت: وعبد الملك بن عمير لم يدرك ابن مسعود([15])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص99)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص137) من طريق أبي سنان ضرار بن مرة عن سهل القراري عنه.
قلت: وسهل القراري هذا مجهول([16])، وهو لم يدرك ابن مسعود أيضا.
وأخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص97)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص144) من طريق الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب به.
قلت: وهارون بن رئاب لميسمع من ابن مسعود([17])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص126) من طريق الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود t قال: (اغد عالما، أو متعلما ولا تغد بين ذلك).
قلت: وهذا سنده حسن.
فحبذا العالم والمتعلم، وسائر الناس همج لا خير فيهم!.([18])
وأخرجه وكيع في «الزهد» (513)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص79)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1493) من طريق الحسن البصري عن ابن مسعود t به.
قلت: والحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود([19])، فالإسناد منقطع، وقد أعله بالانقطاع البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص692).
وأخرجه الدارمي في «المسند» (349)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص463) من طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود t به.
قلت: والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن مسعود([20])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص367)، وأبو داود في «الزهد» (141) من طريق سالم بن أبي الجعد عن طرفة المسلي قال: قال عبد الله بن مسعود t.
قلت: وطرفة المسلي هذا مجهول([21])، ولم أجد من وثقه غير ابن حبان حيث ذكره في «ثقاته» (ج4 ص398).
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص166 و167)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص136 و137)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج1 ص124) من طريق المسعودي عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود t به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص181)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه المسعودي، وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات.
قلت: وهذه الطرق تؤكد أن له أصلا عن عبد الله بن مسعود t.
فالحديث بمجموع طرقه صحيح.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الجامع» (ج2 ص982): (وشبه العلماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير وإذا ثبت وصح أن العالم يخطئ ويزل لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه). اهـ
وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص453): (والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم؛ ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد؛ إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل قوله منزلة قول المعصوم؛ فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه، وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه، وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ - ولا بد - فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، والخطأ واقع منه ولا بد ... ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها؛ إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره؛ فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين، فإنه اتباع للخطأ على عمد، ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه، وكلاهما مفرط فيما أمر به). اهـ
وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص58): (وإنما هذه الجملة ينبغي أن ينتبه لها الذين يأبون إلا التقليد؛ ليعلموا أن من آثر التقليد فالأحرى به تقليد الصحابة لأنهم الأعلم). اهـ
قلت: فلا يدرى ما عذر المقلد في ترجيح أقوال غير الصحابة y على أقوالهم؛ فكيف إذا منع الأخذ بقول الصحابة y فكيف إذا صار يرمى بالابتداع من عمل بها؟!، لا جرم أنه أخذ بالمثل المشهور: رمتني بدائها وانسلت.
قلت: وكان السلف يسمون المقلد؛ الأعمى الذي لا بصيرة له، وغير ذلك.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([22])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل([23]». اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم –يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في«إعلام الموقعين» (ج3 ص462): (تحريم الإفتاء بالتقليد، فإنه إفتاء بغير ثبت؛ فإن الثبت الحجة التي يثبت بها الحكم باتفاق الناس). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «مداواة النفوس» (ص74): (المقلد راض أن يغبن([24]) عقله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص281): (فإن التقليد لا يورث إلا بلادة). اهـ
وقال العلامة ابن بدران / في «المدخل» (ص495): (التقليد يبعد عن الحق، ويروج الباطل). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «المناظرات الفقهية» (ص37): (فإن من اعتاد الجري على أقوال لا يبالي دل عليها دليل صحيح أو ضعيف، أو لم يدل يخمد ذهنه، ولا ينهض بطلب الرقي، والاستزادة في قوة الفكر والذهن). اهـ
وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص69): (ونبرأ إلى الله من دفع النصوص بالأقيسة والآراء). اهـ
قلت: فالتقليد أن يعتمد الإنسان في فهم الحكم من الدليل على غيره لا على نفسه.([25])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة([26])، قال الله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون[ [البقرة 170]، وفي المائدة([27])، وفي لقمان: ]أولو كان الشيطان يدعوهم([28])، وفي الزخرف: ]قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[ وفي الصافات: ]إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون[ [الصافات: 69-70]، وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 66-67]. وقال: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]، وقال تعالى: ]فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار[ [غافر: 47]، وفي الآية الأخرى: ]من عذاب الله من شيء[ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25]. فهذا الاتباع والتقليد الذي ذمه الله هو اتباع الهوى: إما للعادة والنسب كاتباع الآباء، وإما للرئاسة: كاتباع الأكابر، والسادة، والمتكبرين فهذا مثل تقليد الرجل لأبيه أو سيده أو ذي سلطانه ... وقد بين الله أن الواجب الإعراض عن هذا التقليد إلى اتباع ما أنزل الله على رسله؛ فإنهم حجة الله التي أعذر بها إلى خلقه ). اهـ
قلت: وهذه الآيات التي ساقها شيخ الإسلام ابن تيمية / للتدليل على فساد التقليد وذمه، قد استدل بها، وبما شابهها من القرآن كثير من العلماء.
ويقول الحافظ ابن عبد البر /: بعد أن ساق بعض هذه الآيات في «جامع بيان العلم» (ج2 ص134): (قد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أؤلئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج2 ص836): (التقليد على الحقيقة إنما هو قبول ما قاله قائل دون النبي r بغير برهان فهذا هو الذي أجمعت الأمة على تسميته تقليدا، وقام البرهان؛ على بطلانه). اهـ
قلت: فكل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده.([29])
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص265) عن التقليد: (هو قبول رأي من لا تقوم به الحجة بلا حجة). اهـ
قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي.([30])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص219): (قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل). اهـ
قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص261): (ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل، وتبين له الحق الذي جاء به الرسول r؛ فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975)؛ وهو يعقد في كتابه بابا بعنوان: (باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع) ثم يقول: (قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه ... وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص233): (فأما من لم يعرف إلا قول عالم واحد وحجته دون قول العالم الآخر وحجته؛ فإنه من العوام المقلدين؛ لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص228): (وأما هدي الصحابة فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن فيهم شخص واحد يقلد رجلا واحدا في جميع أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة بحيث لا يرد من أقواله شيئا، ولا يقبل من أقوالهم شيئا، وهذا من أعظم البدع وأقبح الحوادث). اهـ
قلت: والإمام ابن القيم / لم يكن هو أول من قال إن هذا الأمر بدعة، ولا آخر من قال، اللهم غفرا.
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص236): (اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله؟، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون([31]) الفاضلة).اهـ
قلت: إذا: يحرم الأخذ بآراء العلماء المخالفة للكتاب والسنة، والله المستعان.
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص347): (ولقد زل - بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال - أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل.
ولنذكر عشرة أمثلة: وبعد أن يذكر هذه الأمثلة يقول: فالحاصل مما تقدم أن تحكيم الرجال من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، وما توفيقي إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غير).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص251): (وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ
قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ
وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ
قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([32])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (وأمرهم بالرد عند التنازع إلى الله تعالى، والرسول r فأبطل الرد إلى إمام مقلد، أو قياس عقلي فاضل). اهـ
قلت: فالحجة في الأدلة الشرعية التفصيلية فليس أن يقبل قولا ممن قاله إلا بقيام الأدلة الشرعية التفصيلية على صواب ذلك القول؛ فإن قبله بغير ذلك كان مقلدا التقليد المذموم المنهي عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص260): (قد ذم الله تعالى في القرآن من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه، وهذا هو التقليد الذي حرمه الله تعالى ورسوله r وهو: أن يتبع غير الرسول r فيما خالف فيه الرسول r، وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان؛ في سره وعلانيته وفي جميع أحواله). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص996): (ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى، ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ
قلت: إذا فإن إقرار التقليد واتخاذه دينا ومذهبا أمر يحتاج إلى دليل؛ لأن الواجب حكم من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص من القرآن، أو حديث صحيح أو حسن من السنة، ولا نعلم في ذلك نقلا اعتمد عليه.
قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص64): (من يغلو في التقليد حتى يتعصب لآراء الرجال، وإن خالفت الدليل، وهذا مذموم، وقد يؤول للكفر). اهـ
قلت: فالتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن التقليد كما بينا هو الأخذ بقول الغير بلا حجة.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص787): (والتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن الاتباع هو تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه.
والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول، ولا معناه وتأبى من سواه، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مهابة خلافه وأنت قد بان لك فساد قوله، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه وتعالى).اهـ
وقال أبو عبد الله بن خواز منداد البصري المالكي: (التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وهذا ممنوع منه في الشريعة.
والاتباع ما ثبت عليه حجة).([33])
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ
قلت: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع.([34])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975): (باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد، والاتباع قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31]). اهـ
قلت: ولا خلاف بين العلماء أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم.
قال الحافظ السيوطي /: (إن المقلد لا يسمى عالما).([35]) اهـ
قلت: فيجب القبول باتباع الحجة والانقياد للدليل من كتاب، أو سنة، أو إجماع دون تقليد شخص بعينه؛ لأن التقليد ممنوع في الشريعة.([36])
قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص247): (فحينئذ ليس من شأن المسلم التجمد على التقليد فإن تجمد مع ذلك فما أشبهه بمن قال الله تعالى فيهم: ]ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك[ [البقرة: 145]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص28): (وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سفرا كبيرا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول الله r؛ كما خفي ذلك على سادات الأمة أولا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد خفي على الصحابة y مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مدعي العصم في الأئمة([37])، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، قلنا: فنحن نناشدكم الله تعالى الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى الله تعالى، ورسوله r أمرا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه الله تعالى، ورسوله r عينا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وللجواب صوابا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي منعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر، وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم؛ إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص205): (وهذا باب واسع لا يحصى مع أن ذلك لا يغض من أقدارهم ولا يسوغ اتباعهم فيها، كما قال سبحانه: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] ). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص136): (إذا ثبت هذا، فلا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل:
منها: أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدا له وذلك؛ لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتدا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين.
ومنها: أنه لا يصح اعتمادها خلافا([38]) في المسائل الشرعية). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج1 ص165): (وقد أجمع المسلمون أن الخلاف ليس بحجة([39])، وأن عنده يلزم طلب الدليل والحجة ليتبين الحق منه). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج2 ص248): (ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد([40])؛ لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا يمعن النظر بشيء كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ وأحيط بثمرهﮊ [الكهف: 34]
شذوذ
علوي بن عبد القادر السقاف
عن مذهب السلف الصالح في نفيه: «للحد» لله تعالى
اعلم رحمك الله أنه ليس الشذوذ ومخالفة ما شاع بين الناس في حكم من الأحكام الباطلة، بل هؤلاء هم الشاذون لمخالفتهم السنة والآثار؛ وذلك أن حد الشذوذ هو مخالفة الحق المبين، فكيف يوصف بالشذوذ من جرد المتابعة للمعصوم r.
قال الحافظ ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص661): (إن حد الشذوذ هو مخالفة الحق، فكل من خالف الصواب في مسألة ما فهو فيها شاذ وسواء كانوا أهل الأرض كلهم بأسرهم أو بعضهم والجماعة والجملة هم: أهل الحق ولو لم يكن في الأرض منهم إلا واحد فهو الجماعة وهو الجملة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص390): (المختلفون الذين جعلوا السواد الأعظم والحجة والجماعة هم الجمهور، وجعلوهم عيارا على السنة، وجعلوا السنة بدعة، والمعروف منكرا لقلة أهله، وتفردهم في الأعصار والأمصار، وقالوا: من شذ شذ الله به في النار، وما عرف المختلفون أن الشاذ ما خالف الحق وإن كان الناس كلهم عليه إلا واحدا منهم فهم الشاذون.
وقد شذ الناس كلهم زمن أحمد بن حنبل إلا نفرا يسيرا؛ فكانوا هم: الجماعة!، وكانت القضاة حينئذ، والمفتون، والخليفة، وأتباعه كلهم هم الشاذون، وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة).اهـ
وقال العلامة الشيخ الألباني / في «التعليق على الطحاوية» (ص7): (الشذوذ عن السنة، ومخالفة الجماعة الذين هم السلف كما علمت، و ليس الشذوذ في شيء أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل بدا له، و لو كان الجمهور على خلافه خلافا لمن وهم، فإنه ليس في الكتاب، ولا في السنة دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدليل!). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «لمحة عن الفرق» (ص22): (وليست العبرة بالكثرة، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من الناس). اهـ
قلت: فالخساف هذا هو الشاذ لنفيه: «الحد» لله تعالى في هذا العصر، والله المستعان.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاﮊ [الكهف: 28]
ويل
للكودن علوي بن عبد القادر السقاف
الذي يفتي للناس بآراء الرجال([41])، وبتقليدهم ثم ينسب ذلك إلى السنة، وهذا يدل على بلادته في الدين، فلا يسمع له، ولا يلتفت إلى أحكامه في الأصول والفروع لضعفه بأصول الحديث وعلله
عن بشر بن موسى الأسدي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: (ويل للمحدث إن استضعفه أصحاب الحديث، قلت له: يعملون به ماذا؟ قال: إن كان كذوبا سرقوا كتبه وأفسدوا حديثه). وفي رواية: (إن كان كودنا).([42])
أثر حسن
أخرجه الطيوري في «الطيوريات» (685)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج1 ص140) من طريق علي بن أحمد المقابري حدثنا بشر بن موسى به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأورده المزي في «تهذيب الكمال» (ج31 ص560)، والذهبي في «السير» (ج11 ص93).
وبوب عليه الحافظ الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج1 ص140): كراهية السماع من الضعفاء!.([43])
قلت: إذا استضعفوه بينوا أمره ليعرفه الناس، فيفتضح حاله، ويترك علمه في الدين، لأنه ليس عنده تمييز لصحيح الآثار من ضعفها. ([44])
قال الحافظ الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج1 ص211): ترك السماع ممن لا يعرف أحكام الرواية، وإن كان مشهورا بالصلاح والعبادة!.
قلت: وهذا الخساف لم يهب مذهب السلف الصالح في الاعتقاد، فوقع في الفخ! ولابد.
فعن فضل بن سهل قال سمعت أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله يقولان: (ما لم يهب الحديث وقع فيه).([45])
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراﮊ [طه: 100]
علوي السقاف
هذا
جاهل بلغة العرب
وبأصولهم في اللغة([46])
قال أبو إسماعيل الهروي / في «دلائل التوحيد» (ص57): «باب إثبات الحد للـه عز وجل».
ويؤيده من الأدلة:
فعن أبي هريرة ط، أن النبي ه قال في دعائه: «أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء» ([47]).
قلت: وهذا الحديث يدل على ثبوت «الحد للـه تعالى»، وقد استدل به الإمام الهروي / في كتابه: «دلائل التوحيد» (ص57).
قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص126): (فهذا إمام-يعني الهروي- من أئمة المسلمين استدل بهذا الحديث على أن الله عز وجل له «حد» لا يعلمه إلا هو، ومن قال: إن هذا الحديث ليس فيه دليل على إثبات «الحد للـه تعالى»؛ فهو رجل غمر في صدره([48])؛ غمر: ليس له معرفة بكلام العرب، ولا بلغاتهم).اهـ
وقال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص127): (فمن مذهب أصحاب الحديث؛ الذين هم: أهل السنة، وأئمة المسلمين، وعلماؤهم يعتقدون، ويشهدون: أن من قال: «ليس للـه تعالى حد»؛ يعني بذلك: أن الله في كل مكان، أوليس هو على العرش استوى).اهـ
قلت: فلسان حالهم؛ هو: لسان قول المبتدعة، والعياذ باللـه.
لذلك لا يعتد بقول؛ أي: أحد في خلاف ما ذكرناه في ثبوت «الحد للـه تعالى»؛ من كتاب اللـه تعالى، وسنة الرسول ه، وآثار السلف وإجماع العلماء!.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمىﮊ [طه: 124]
فتاوى
شيخ الإسلام ابن تيمية / في
إثبات: «الحد» لله تعالى مطلقا على طريقة السلف الصالح، ولم يقل: أنه لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا يإثباته
ولم يقل: لم يرد لفظ: «الحد([49])» لا إثباتا ولا نفيا
لا في الكتاب ولا في السنة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص43): (لما كان الجهمية يقولون ما مضمونه: إن الخالق لا يتميز عن الخلق، فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قدره، ..فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه، منفصل عنه، وذكر «الحد»([50])؛ لأن الجهمية كانوا يقولون: «ليس له حد»([51])، وما لا حد له لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم، لأن ذلك مستلزم للحد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص590): (وقد ثبت عن أئمة السلف أنهم قالوا: للـه تعالى «حد»، وأن ذلك لا يعلمه غيره، وأنه مباين لخلقه، وفي ذلك لأهل الحديث والسنة مصنفات). اهـ
قلت: لأن بنفي «الحد» عن اللـه تعالى؛ يستلزم نفي علو اللـه تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي ذلك كفر بإجماع السلف الصالح، وأئمة السنة؛ اللهم سلم سلم.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص455)؛ عن السلف: (وهم خير القرون بنص الرسول ه، وإجماعهم حجة ملزمة؛ لأنه مقضي الكتاب والسنة). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /في «درء التعارض» (ج2 ص33) بعدما ذكر قول بعض أهل العلم: «لا يحدون الله تعالى بحد»: (وذلك لا ينافي ما تقدم من إثبات أنه في نفسه له «حد» يعلمه هو؛ لا يعلمه غيره([52])، أو أنه هو يصف نفسه، وهكذا كلام سائر أئمة السلف يثبتون الحقائق، وينفون علم العباد بكنهها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص590): (وقد ثبت عن أئمة السلف أنهم قالوا: للـه «حد([53])»، وأن ذلك لا يعلمه غيره، وأنه مباين لخلقه).اهـ
قلت: فمعنى «الحد للـه تعالى»؛ أي: «بحد»، أي: أنه منفصل عن الخلق بائن منهم.([54])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص440)؛ في رده على من أنكر «الحد للـه تعالى»: (وقد أنكره طائفة من أهل الفقه، والحديث؛ ممن يسلك في الإثبات مسلك: ابن كلاب([55])، والقلانسي، وأبي الحسن؛ ونحوهم في هذه المعاني، ولا يكاد يتجاوز ما أثبته أمثال هؤلاء، مع ماله من معرفة بالفقه، والحديث؛ «كأبي حاتم البستي» هذا، وأبي سليمان الخطابي، وغيرهما).اهـ
قلت: فتبين مما سبق إثبات «الحد للـه تعالى»، وبان تعلق هذه المسألة؛ بمسألة علو الرب سبحانه وتعالى، وبينونته عن خلقه، واستوائه على عرشه على ما يليق به سبحانه، وهذا معتقد أهل السنة قديما وحديثا([56])، والله ولي التوفيق.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص163): (وهذا محفوظ عن السلف، والأئمة من إثبات «حد للـه تعالى» في نفسه، قد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه، ولا يدركونه؛ ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك كما يظنه بعض الناس([57])، فإنهم نفوا أن يحد أحد الله تعالى).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ من يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ﮊ [الحج: 18]
فتوى
العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في
إثبات: «الحد» لله تعالى مطلقا على طريقة السلف الصالح، ولم يقل: أنه لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا بإثباته
ولم يقل: لم يرد لفظ: «الحد([58])» لا إثباتا ولا نفيا
لا في الكتاب ولا في السنة
قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج2 ص78): (من قال من السلف؛ بإثبات: «الحد» في الاستواء، أو غيره فمراده؛ «حد» يعلمه الله سبحانه، ولا يعلمه العباد).اهـ
قلت: ولقد أخطأ من قال أن لفظ «الحد للـه تعالى» لم يثبت في الكتاب والسنة، ولم يرد فيهما نفيا، ولا إثباتا! وجعله من الألفاظ الاصطلاحية الحادثة! كـ«الجسم» وغيره، اللهم غفرا.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ ومن الناس من يعبد الله على حرفﮊ [الحج: 11]
فتوى
شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في
إثبات: «الحد» لله تعالى مطلقا في هذه الفتوى على طريقة السلف الصالح، ولم يقل: أنه لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا بإثباته
ولم يقل: لم يرد لفظ: «الحد([59])» لا إثباتا ولا نفيا
لا في الكتاب ولا في السنة
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص235): (فمن أثبت «الحد» أراد به هذا المعنى؛ أي: أن الله تعالى منفصل بائن عن الخلق، ليس حالا فيهم، ولا الخلق حالون فيه، وهذا المعنى صحيح.([60])
ومن قال: إنه غير محدود أراد أن الله تعالى أكبر من أن يحد، ولا يحده شيء من مخلوقاته، ولا يحصره شيء من مخلوقاته).اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص236): (على كل حال أراد المؤلف- يعني: السفاريني- بنفي «الحد» هنا ما ذكرناه؛ يعني: الحد الذي يحصر الله عز وجل، ولم يرد «الحد» الذي يجعله بائنا من الخلق، فإن «الحد» الذي يراد به بينونة الله تعالى من خلقه أمر ثابت؛ واجب اعتقاده([61]».اهـ
قلت: ومراد الأئمة بـ «الحد» الحقيقة، يعني: أنه استواء على العرش حقيقة.([62])
فأطلقوا لفظ «الحد للـه تعالى» من باب زيادة البيان والإيضاح؛ فهو بائن من خلقه بحد([63])، والله ولي التوفيق.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﮋ واضربوا منهم كل بنانﮊ [الأنفال: 12].
ذكر الدليل
على قمع علوي السقاف القطبي لنفيه: «الحد» لله تعالى وموافقته للجهمية في نفيهم: «الحد» وهذا إنكار منه: «للحد»، ولم يعترف به، وخاض مع الخائضين، فأتى بمنكر من القول، وزعم أنه لم يأت نص بنفي: «الحد» ولا بإثباته، فالخوض في ذلك لم يأذن به الله تعالى
قال علوي بن عبد القادر السقاف الجهمي في كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص142): (الحد: لم يرد لفظ: «الحد»؛ لا إثباتا([64])، ولا نفيا([65])، لا في الكتاب([66])، ولا في السنة([67])، ولا أعلم أحدا من السلف أثبته صفة لله تعالى، لكن اختلفوا([68]) في إطلاقه على الله عز وجل من باب الإخبار، ولذلك؛ فالحق فيه التفصيل، والألفاظ المحدثة المجملة لا يصح نفيها أو إثباتها قبل الاستفصال [انظر: القاعدة الرابعة].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا منع إطلاق هذه المجملات المحدثات في النفي والإثبات، ووقع الاستفسار والتفصيل تبين سواء السبيل)([69]) [درء تعارض العقل والنقل: (1/73)].
ولفظ (الحد) كلفظ (الجهة)([70])، فلما نفى الجهمية والمعطلة جهة العلو لله عز وجل أطلق بعض أهل السنة لفظ (الجهة)، ولما نفى الجهمية بينونة الله عز وجل عن خلقه أطلق بعض أهل السنة لفظ (الحد)، لكن أحدا منهم لم يثبت (الجهة) أو (الحد) صفة له سبحانه وتعالى.
قال شيخ الإسلام: (هذا اللفظ لم نثبت به صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة؛ بل بينا به ما عطله المبطلون من وجود الرب تعالى ومباينته لخلقه وثبوت حقيقته). [بيان تلبيس الجهمية: (3/48)].
وقال الشيخ ابن عثيمين: (أما كلمة محدود، فإنها كلمة كالجسم لم ترد في القرآن ولا في السنة ولا في كلام الصحابة لا نفيا ولا إثباتا، وردت عن بعض الأئمة في الإنكار، وعن بعض الأئمة في الإقرار يعني: أن بعض الأئمة قالوا: إن الله محدود أو له حد وبعضهم أنكر ذلك، والحقيقة أن الخلاف لفظي عند التحقيق؛ لأنه إن أريد بالحد أن شيئا يحد الله فهذا منتف طبعا؛ لأن ما فوق المخلوقات هو ما في شيء. وإن أراد بالحد البينونة عن الخلق فهذا هو معنى قول السلف إنه بائن من خلقه ولهذا إنكار الحد مطلقا أو إثباته مطلقا فيه نظر ([71])). اهـ كلام السقاف.
* فقوله: (لم يرد لفظ (الحد)؛ لا إثباتا ولا نفيا)؛ فهذا الكلام كله من الجهل البين؛ ملقيا الكلام على عواهنه، دونما تحقيق، أو تدقيق.
فقد أوهم القراء في كلامه هذا أن لفظ: «الحد»؛ لم يأت فيه الإثبات ولا النفي.([72])
وهذا هو التحريف في اعتقاد أهل السنة والجماعة في مسألة: ثبوت: «الحد» لله تعالى. ([73])
قلت: فأين عدم التعرض لإثبات: «الحد» لفظا ومعنى؛ مع تضافر أكابر رواة أئمة الحديث على إثبات: «الحد» لله تعالى لفظا ومعنى من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسوله ه، ومن آثار السلف رضي الله عنهم.([74])
فالخساف هذا أراد إيهام القراء أن لفظ: «الحد» لا وجود له في الاعتقاد، فتأمل الجهل.([75])
قلت: فمن أين لك أنه لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا بإثباته من السلف، وقد أثبت السلف من الكتاب والسنة أن لله تعالى: «حد»، وهو أعلم بحده سبحانه.([76])
إذا فكيف يجزم: «الخساف» بعدم الإثبات، وبعدم النفي مقلدا([77]) كعادته في الأصول والفروع.
قال العلامة الفلاني / في «الإيقاظ» (ص315): (فالمصمم على التقليد في هذه الحالة عاص لله تعالى، ورسوله ه، متبع لهواه). اهـ
قلت: فتأمل هذا يظهر لك أن التقليد لبعض العلماء من غير نظر إلى الدليل من الكتاب والسنة جهل عظيم.([78])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الكافي» (ج2 ص958): (والذي ينبغي له أن يقضي به ولا أن يتعداه ما في كتاب الله عز وجل، فإن لم يجد ففي ما أحكمته سنة رسول الله ه، فإن لم يجد فيها نظر فيما جاء عن أصحابه، رضي الله عنهم فإن كانوا قد اختلفوا، تخير من أقاويلهم أحسنها وأشبهها بالكتاب والسنة، وكذلك يفعل بأقاويل العلماء بعدهم، وليس له أن يخالفهم ويبتدع شيئا من رأيه([79])، فإن لم يجد اجتهد رأيه واستخار الله، وأمعن النظر، فإن أشكل عليه الأمر شاور من يثق بفقهه ودينه، من أهل العلم، ثم نظر إلى أحسن أقاويلهم وأشبهها بالحق فقضى به، فإن رأى خلاف رأيهم أحسن وأشبه بالحق عنده قضى به، ولا يبطل من قضاء نفسه إلا ما يبطل من قضاء غيره قبله وذلك ما خالف الكتاب والسنة أو الاجماع، فإن لم يكن ذلك أمضاه وقضى في المستأنف بما يراه بعد إلا أن يكون قضى بتقليد بعض الفقهاء ثم رأى الصواب في غيره من أقاويل العلماء، فإن بان له ذلك نقض قضاءه([80]) بالتقليد وقضى بما يراه مجتهدا بعد). اهـ
قلت: انظر كيف صرح بأن القاضي إذا حكم بتقليد بعض الفقهاء، ثم رأى الصواب في غير رأي من قلده، أنه ينقض حكمه الذي قضى بالتقليد.([81])
فالخساف هذا في كلا الحالين مخطئ([82])، وهو فوق هذا كله يفتخر، ويتعالم في موقعه: «الدرر السنية»، بل تراه يدبج موقعه بوصف دعاة القطبية بــ: «الشيخ حسن البنا، والشيخ الدكتور سفر الحوالي، والاستاذ محمد قطب ... إلى آخره»، كما في موقع: «الدرر السنية» المشرف العام: «المدعو علوي بن عبد القادر السقاف».
قلت: إذا فأي المسألتين أردت أيها: «الخساف»؛ فإن قلت: لم يثبت: «الحد» لله تعالى، فأنت جهمي!، وإن قلت: بنفي: «الحد» فأنت جهمي، وإن قلت: لا نثبت ولا ننفي، فأنت جهمي، فماذا أردت من قولك في كتابك: «صفات الله عز وجل» (ص142): (لم يرد لفظ (الحد)؛ لا إثباتا ولا نفيا).([83]) اهـ
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (والحاصل: أن القول بالتعطيل يلزم عليه لوازم باطلة). اهـ
ومذهبه باطل من وجوه:
أحدها: أنه جنى على النصوص، حيث جعلها دالة على معنى باطل غير لائق بالله تعالى، وهو العدم، كما بين السلف.
الثاني: أنه صرف كلام الله تعالى، وكلام رسوله ه، وآثار السلف عن ظاهره.
والله تعالى خاطب الناس بلسان عربي مبين ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي.
والنبي ه خاطبهم بأفصح لسان البشر، فوجب حمل كلام الله تعالى، ورسوله ه على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي.([84])
والثالث: أن صرفه لكلام الله تعالى، ورسوله ه عن ظاهره إلى اعتقاد يخالفه، هذا قول على الله بلا علم، وهو محرم.
قال تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف: 33].
وقال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا[ [الإسراء: 36].
فليتأمل هذا مناصروا: «الخساف»، ومريدوه حتى يعرفوا الحق من الباطل، وصدق القول من الخبر العاطل: ]فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض[ [الرعد:17].
وقوله في كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص142): (لم يرد لفظ: «الحد»؛ لا إثباتا، ولا نفيا، لا في الكتاب، ولا في السنة)؛ فانظر إلى هذا التباين والتضاد في الاعتقاد، وكيف راج عليه ما حذر منه في مقدمة كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص8 و9 و11 و21).
لقد أوهم القراء في كلامه هذا أن لفظ: «الحد» لم يثبت في الكتاب، ولم يثبت في السنة، وليس الأمر كذلك بل ثبت: «الحد([85]») لله تعالى كما سوف يأتي ذلك.
قلت: إذا فما خاض فيه: «الخساف» فهو بدعة من القول لم يأذن الله تعالى به، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فهذا نوع من فضول الكلام، والسكوت عنه أولى.
بل نقول له بما قال السلف، ونكف عما كفوا عنه، وأن مخالفتهم فيما اتفقوا عليه بدعة، وإنه يسعنا ما وسعهم؛ فإنهم كانوا بالله تعالى أعلم وأحكم.
قال تعالى: ]وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم[ [المائدة:49].
وقال تعالى: ]إن أتبع إلا ما يوحى إلي[ [الأنعام:50].
قلت: فكلامه هذا يدل على أنه ما فهم المسألة، ولا عرف سبب إثبات السلف الصالح: «للحد» لله تعالى، ولا عرف مغزى: «الجهمية» في إنكارهم «الحد» لله
تعالى.([86])
فهل يقال بعد ذلك: (لم يرد لفظ: «الحد»؛ لا إثباتا، ولا نفيا، لا في الكتاب، ولا في السنة).
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (إذا تأملت مذهب أهل السنة والجماعة، وجدته هو المطابق لما دل عليه الكتاب والسنة). اهـ
قلت: وإن ما ثبت في الكتاب والسنة؛ فإننا نثبته.
قلت: وإذا ثبت أمر في الكتاب والسنة والآثار، وتوقف فيه شخص؛ أي: فلم يثبته، ولم ينفيه، وهذا هو التوقف، ومعنى: «التوقف» أن لا نثبته، ولا ننفيه.([87])
لذلك يعتبر: «السقاف» هذا من الواقفة المبتدعة، وهي فرقة من الفرق الضالة؛ لأنه توقف في إثبات: «الحد» لله تعالى مع ثبوته في الكتاب والسنة والآثار والإجماع.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن نفي علوي السقاف للحد لله تعالى، فإنه يستلزم نفي وجود الله تعالى، ونفي علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي بينونته من خلقه
اعلم رحمك الله أن نفي: «الحد» عن الله تعالى، فإن عند أئمة الحديث يستلزم نفي وجود الله تعالى، وعلوه على خلقه، واستوائه على عرشه، وهذا كفر بإجماع السلف والخلف من علماء الأمة.
ولذلك لأن الجهمية تريد من نفي: «الحد» لله تعالى، هو نفي وجود الله تعالى، ونفي علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، وبينونته من خلقه.
وقد صرح بذلك أئمة السلف، وإليك الدليل:
فعن الإمام حماد بن زيد / وذكر الجهمية- قال: (إنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء شيء).([88])
* يعني: نفي وجود الله تعالى، وعلوه، واستوائه، وبينونته.
وعن الإمام عباد بن العوام / قال: (كلمت بشر المريسي وأصحاب بشر فرأيت آخر كلامهم ينتهي أن يقولوا ليس في السماء شيء).([89])
قلت: وهذا مراد: «الجهمية» من نفي: «الحد» لله تعالى، فافهم لهذا ترشد.
وعن الإمام عبد الرحمن بن مهدي / قال: (ليس في أصحاب الأهواء شر من أصحاب جهم؛ يدورون على أن يقولوا: ليس في السماء شيء).([90])
قلت: لما كانت: «الجهمية» ينفون علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ويقولون: إن الله تعالى لا يباين خلقه، فليس بينه وبينهم حد، ولا يتميز عنهم!([91]) بين السلف بطلان اعتقادهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص43): (ولما كان: «الجهمية» يقولون ما مضمونه إن الخالق لا يتميز عن الخلق فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قدره حتى يقول المعتزلة إذا عرفوا أنه حي عالم قدير قد عرفنا حقيقته وماهيته.
ويقولون: إنه لا يباين غيره، بل إما أن يصفوه بصفة المعدوم، فيقولون: لا داخل العالم، ولا خارجه، ولا كذا، ولا كذا، أو يجعلوه حالا في المخلوقات، أو وجود المخلوقات.([92])
فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه منفصل عنه.
وذكر الحد لأن: «الجهمية» كانوا يقولون: ليس له حد وما لا حد له لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم لأن ذلك مستلزم للحد). اهـ
قلت: وهذا يفهمه كل من عرف ما بين منهج السلف([93])، وبين: «الجهمية» الملاحدة في مسألة إثبات: «الحد» لله تعالى.
وقد تضافرت أقوال أهل العلم على إثبات، وإطلاق: «الحد» لله تعالى، حدا لا يعلمه غيره سبحانه وتعالى.
قلت: وهذا الاعتقاد السلفي يعرفه صغار طلبة العلم، و: «الخساف» هذا المدعي العلم، لم يعرف ذلك، بل لم يعرف أن هذا الاعتقاد الباطل الذي هو نفي: «الحد» لله تعالى، هو معتقد: «المريسي الجهمي» الضال، وأصحابه: «الجهمية».
قال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على بشر المريسي» (ص62): (وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين أن الله في السماء، وحدوه بذلك إلا المريسي الضال وأصحابه([94])، حتى الصبيان([95]) الذين لم يبلغوا الحنث قد عرفوه بذلك). اهـ
قلت: وهذا: «الخساف» القطبي في كتابه: «صفات الله عز وجل» قد أنكر: «الحد» لله تعالى، فجانب معتقد أهل السنة والأثر في مسألة نفيه: «للحد»، فأتى بمحدث من القول، وبمنكر في الدين.([96])
ولم يتحر فيه الاقتداء والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم، كما سترى في ثنايا هذا الكتاب.([97])
قال الإمام عثمان الدارمي في «النقض على بشر المريسي» (ص58): (فمن ادعى أنه ليس لله: «حد» فقد رد القرآن، وادعى أنه لا شيء؛ لأن الله حد مكانه في مواضع كثيرة من كتابه فقال: ]الرحمن على العرش استوى[ [طه: 5]، وقال تعالى: ]أأمنتم من في السماء[ [الملك: 16]، وقال تعالى: ]يخافون ربهم من فوقهم[ [النحل: 50]، وقال تعالى: ]إني متوفيك ورافعك إلي[ [آل عمران: 55]، وقال تعالى: ]إليه يصعد الكلم الطيب[ [فاطر: 10] فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل على: «الحد»؛ ومن لا يعترف به فقد كفر بتنزيل([98]) الله وجحد آيات الله). اهـ
قلت: فنفي «الحد» عن الله تعالى عند السلف يستلزم نفي علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي ذلك كفر بإجماع أهل العلم.
قال الإمام أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد لله تعالى» (ص118): (فمن مذهب أهل الحديث الذين هم أهل السنة، وأئمة المسلمين، وعلمائهم؛ يعتقدون، ويشهدون أن من قال: «ليس له حد»؛ يعني: بذلك أن الله في كل مكان، فقد ارتد عن دين الإسلام، ولحق بالمشركين، وكفر بالله وبآياته). اهـ
قلت: وعلى نفي([99]) الخساف هذا «للحد» عن الله تعالى، فإنه يلزم من ذلك ما يلي:
(1) نفي وجود الرب سبحانه، ونفي حقيقته، وهذا هو الكفر بالله تعالى.
(2) وفي نفيه هذا قد خالف القرآن، والسنة، والآثار، فإذا خالف هذه الأصول فلا يفلح في دنياه وآخرته.
(3) نفي استواء الله تعالى على عرشه.
(4) نفي علو الله تعالى على عرشه، وهذا كفر بإجماع العلماء.
(5) نفي بينونة الله تعالى عن خلقه.
(6) وفي نفيه هذا وافق مذهب الجهمية الزنادقة، فوقع في الزندقة ولابد.([100])
(7) نفي المكان عن الله تعالى، ويلزم من ذلك أن الله تعالى في كل مكان، والعياذ بالله.
فعن الإمام أبي عبد الله ابن منده /: (ولا دين لمن لا يرى لله الحد([101])؛ لأنه يسقط من بينه وبين الله الحاجز، والحجاب([102]».([103])
قلت: فإنكار: «الخساف» «للحد» لله تعالى، فبدعة منه، وخوضه في ذلك لم يأذن به الله تعالى.([104])
وقوله: لم يأت نص بإثبات، ولا بنفيه، فهذا ضلال في الدين.([105])
وكلامه هذا يدل على أنه ما فهم المسألة، ولا عرف سبب إثبات السلف الصالح «للحد» لله تعالى، ولا عرف مغزى الجهمية في إنكارهم «الحد» لله تعالى.
فقوله: لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا في إثباته، فهذا قول باطل يدل على جهله بنصوص الكتاب، والسنة، والآثار في مسألة إثبات: «الحد» لله تعالى.([106])
قلت: وهذا الذي ظنه: «الخساف» من أبطل الباطل، فليس كل لفظ لم نفهم فيه الشرع ؛ فنقول، لا نثبته، ولا ننفيه، فإن ذلك من الجهل بأصول الاعتقاد، ولابد على الشخص أن يسأل أهل العلم قبل أن يكتب في الأصول والفروع.
قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43].
قلت: وهذا يدل على أن: «الخساف» غير متمكن من معرفة أدلة الكتاب، والسنة، والآثار في الاعتقاد السلفي على التفصيل.
لذلك هو مقلد، فينظر إلى أقوال عدد من أهل العلم، ويقلدهم بدون فهم، هل هم أصابوا، أم أخطئوا، كالجاهل تماما.
قلت: وهذا الخساف بقوله هذا يعتبر من الواقفة، فهو متوقف في «الحد» لا يثبته ولا ينفيه.
وهذه المسألة لها شبه بمسألة: «خلق القرآن» فإن الأئمة قالوا: أن القرآن كلام الله غير مخلوق، و: «الجهمية» قالوا: أن القرآن مخلوق، والواقفة([107]) توقفوا في ذلك.
قلت: إذا فكيف يهتدي: «الخساف» إلى معرفة التوحيد الصحيح، وهو لا يفهم الكتاب، والسنة، والآثار في الدين.
قال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على بشر المريسي» (ص3): (وكيف يهتدي بشر للتوحيد، وهو لا يعرف مكان واحده). اهـ
قلت: فنفي المكان عن الله تعالى يستلزم إن الله تعالى في كل مكان؛ كما قالت الجهمية ؛ فإنهم نفوا المكان لكي يقولوا: إن الله تعالى في كل مكان.([108])
و«الجهمية» أعداء الله تعالى هم الذين يزعمون أن الله تعالى ليس في مكان، وليس على عرشه.([109])
قال الإمام الكرماني /: (الجهمية أعداء الله، وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق وأن الله لم يكلم موسى ولا يرى في الآخرة ولا يعرف لله مكان وليس على عرش ولا كرسي، وهم كفار فاحذرهم).([110]) اهـ
قلت: فلما نفت الجهمية علو الرب سبحانه، واستواءه على عرشه، وبينونته عن خلقه، وادعوا أن الله تعالى بذاته في كل مكان، ولبسوا على العامة دينهم، لم يسع أهل السنة السكوت عن ضلالهم([111])، فردوا عليهم، وأثبتوا علو الله تعالى، واستواءه على عرشه، وأن لله تعالى «حد» هو أعلم به. ([112])
قلت: فأول من اشتهر عنه إنكار: «الحد» لله تعالى هم رؤوس ([113]) «الجهمية» المعطلة، ثم تلقفها عنهم مبتدعة الزمان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج6 ص683): (وذكروا-يعني: الأئمة- أن جهما وأتباعه ... قولهم ليس فوق العالم، ولا هو داخل العالم، ولا خارجه، وليس في مكان دون مكان، وليس بمتحيز، ولا جوهر، ولا جسم ولا له نهاية ولا حد ونحو هذه العبارات؛ فإن هذه العبارات جميعها وما يشبهها لا تؤثر عن أحد من الصحابة والتابعين، ولا من أئمة الدين المعروفين، ولا يروى بها حديث عن رسول الله ه، ولا توجد في شيء من كتب الله المنزلة من عنده بل هذه هي من أقوال الجهمية([114])،ومن الكلام الذي اتفق السلف على ذمه لما أحدثه من أحدثه فحيث ورد في كلام السلف ذم الجهمية). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
وبه أثق
افحام
الأشعرية الجهمية المعتزلية
في مسألة علو الله تعالى على العرش فوق السماوات السبع
قال أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني: «كنا عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل، فقال له: ما معنى قوله تعالى:ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ [طه:5]، فقال له ابن الأعرابي: هو على عرشه كما أخبر، فقال: يا أبا عبداللـه أما معناه استولى؟، فقال له ابن الأعرابي: ما يدريك؟، العرب لا تقول: استولى على الشيء حتى يكون له مضاد، وأيهما غلب فقد استولى». وفي رواية: «والله تعالى لا مضاد له، وهو على عرشه كما أخبر». وفي رواية: «الاستيلاء بعد المغالبة».
أثر صحيح
أخرجه أبوطاهر الأصبهاني في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص426)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص399)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (879)، وابن مهدي في «تأويل الآيات المشكلة» (ق/133/ط)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص283)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (105)، والذهبي في «الأربعين في صفات رب العالمين» (ص38)، وفي «العلو» (ج2 ص1132) من طريق أبي عبداللـه إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي النحوي، المعروف بنفطويه- وهو في كتابه: «الرد على الجهمية» (ج2 ص289)_ العرش للذهبي) نا أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني به.
قلت: وهذا سنده صحيح وقد صححه الشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص196).
وذكره ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص336)، وابن منظور في «لسان العرب» (ج14 ص414)، والذهبي في «العرش» (ج2 ص289)، والسيوطي في «الاعتقاد» (ج2 ص6)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص265)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص406).
وهذا رد على أهل التحريف الذين يزعمون أن معنى ﮋ ﮌﮊ؛ أي: استولى عليه!.
قلت: وتفسيرهم هذا مخالف، لتفسير السلف الصالح الذي أجمعوا على أن معنى: «استـوى على العرش»؛ أي: علا على العرش.
وقولهم هذا: «استولى»؛ يلزم منه أن هناك إله آخر مع اللـه تعالى، ثم غلبه الله تعالى واستولى عليه!، لأن كلمة «استولى» لا تكون إلا بعد مغالبة من آخر، وهذا باطل لأن الله تعالى لا يغلبه أحد، ولم يكن معه أحد حتى يغلبه، ويستولي على العرش([115])!، اللهم غفرا.
وإليك الدليل:
1) ﭧ ﭨ ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ [طه:5]؛ أي: علا على العرش.
2) وﭧ ﭨ ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ [الأعراف:54].
3) وﭧ ﭨ ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮊ [يونس:3].
4) وﭧ ﭨ ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﮊ [الرعد:2].
5) وﭧ ﭨ ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮊ [الفرقان:59].
6) وﭧ ﭨ ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﮊ [السجدة:4].
7) وﭧ ﭨ ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﮊ [الحديد:4].
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿﮊ
المقــدمــة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه النبي العربي الأمينه.
أما بعد،
فهذه رسالة لطيفة أثرية في باب من أبواب الاعتقاد السلفي؛ وهو «إثبات الحد للـه تعالى»، وعلوه على خلقه، واستوائه على عرشه، وبينونته عن خلقه([116]).
وهي مع صغر حجمها تضم آثارا مهمة عن السلف الصالح في «إثبات الحد للـه تعالى».
قلت: وهذا معتقد أهل السنة والأثر قديما وحديثا، فلم نأت بمحدث من القول، ولا بمنكر من الاعتقاد، وقد تحرينا فيه الاقتداء، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة ن، والتابعين الكرام، والأئمة الفضلاء ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم.
قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار([117]).
قال الإمام الآجري /في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول اللهه، وسنن أصحابه ن، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا([118]).
ﭧ ﭨ ﮋ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮊ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد «أثبتوا الحد للـه تعالى»، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم فله و عيد شديد، و العياذ باللـه.
قلت: ووجه الاستدلال بها([119])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون اتباعه واجبا
على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة([120]).
والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول ه، ومن شاق الرسول ه اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول ه؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه ه، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات([121]).
قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([122]) الرسول ه، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([123])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.
قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف([124]).
قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول ه متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول ه؛ وعلى هذا علماء السلف.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ
قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول ه، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى: ﮋﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮊ [البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول ه هم الصحابة ن.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول،
والفروع([125])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول ه. قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول ه، فالمخالف لهم مخالف للرسول ه؛ كما أن المخالف للرسول ه مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول ه: وهذا هو الصواب([126]).
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول ه، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الاجماع فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص، وهو دليل ثان مع النص). اهـ
قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول ه التي هي كفر فيحرم([127])؛ إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة([128]).
قلت: والاعتراضات التي ذكرها المبتدعة على إجماع السلف، والأئمة في الأسماء والصفات؛ هي في الحقيقة اعتراضات متكلفة، وفاسدة، تكلفوها حتى يروجوا بدعة التجهم في الدين.
قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول ه؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.
وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.
قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المبتدع أن يتبع غير سبيل الرسول ه، بل ومشاقته ه؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من اعتقاد فاسد في الأسماء والصفات، والله المستعان.
ﭧ ﭨ ﮋ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮊ [البقرة:195].
ﭧ ﭨ ﮋﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂﮊ [النساء:115].
والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول ه، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ﮋﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂﮊ [النساء:115].
ومنه؛ لقوله تعالى: ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮊ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.
فقوله تعالى: ﮋﭻ ﭼ ﭽﮊ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([129])، والعياذ باللـه.
قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في الأسماء والصفات، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في إثبات الأسماء والصفات من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، وهذه هي مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.
قلت: وعليه؛ فلا تعجل أخي القارئ برد هذا الكتاب، ولا ما جاء فيه عن أئمة الحديث؛ فتقع في مخالفتهم؛ فإنه لم يأت إنكار مسألة «الحد للـه تعالى» إلا عن الجهمية أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، فعنهم تلقفها من جاء بعدهم ممن اشتغل بالنظر في كتب أهل الكلام، وأعرض عن دراسة ما كتبه أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.
قلت: ومن الذين اشتغلوا بعلم الكلام المدعو حسن بن علي السقاف المبتدع الجهمي الزنديق([130])، الذي أرغى وأزبد، وشرق وغرب، وبعد وقرب في الطعن في أهل السنة والجماعة، وفي اعتقادهم، ومصنفاتهم.
وهذا ليس بغريب من هذا المبتدع الجهمي الزنديق الذي ملأ كتبه، وتعليقاته على كتب السنة بالطعون الكاذبة، والتعليقات الواهية، والتحريرات النابية، وتضعيفه للأحاديث والآثار بالافتراء، والاتهامات الزائفة؛ لأئمة السلف الصالح، ومن تبعهم بإحسان في كل زمان.
قلت: وقد افتضح أمر حسن بن علي السقاف([131]) الجهمي هذا، وانكشف حاله، وظهر للقريب، والبعيد ما عرف به من الزيغ، والجهل في الدين؛ جملة وتفصيلا.
ولقد رأيت لهذا الجهمي تعليقات واهية، وتحريرات نابية على كتاب «العلو للعلي الغفار» للحافظ الذهبي /؛ طبعة: «دار الإمام النووي، عمان- الأردن؛ سنة: 419اهـ»؛ فهناك من يروج له، ويدافع عنه من المبتدعة فيجب الحذر من هذه الطبعة المشينة([132])، اللهم سلم سلم.
قلت: وهكذا أهل البدع، يتواصون دوما فيما بينهم؛ لنشر الباطل، والإفك والزيف، والغمز والتحريف، والتبديل و التضليل، والزندقة والطعن في أئمة السنة وكتبهم، وهذا ديدنهم الذي به على غيرهم يعلون، ومن أجله يفتخرون([133]).
قلت: والسقاف الزنديق الزنديق لما في قلبه من الحقد، والغل، على أهل السنة، فلم يدع لفظة شنيعة؛ إلا ووسم بها أهل السنة، ولا وصفا قبيحا؛ إلا وعابهم به، فجعل الحق باطلا، والباطل حقا، والسنة بدعة، والبدعة سنة؛ ولم يكتف بما جاء به من البدع في توحيد الأسماء والصفات، حتى طعن في أحاديث الأسماء والصفات([134])، وتجاوز حده فيها، فأخذ يفتري على النبي ه، وعلى السلف بالكذب... فسعى بشتى الوسائل البدعية للقضاء على «العقيدة السلفية»، ولكن هيهات.. هيهات.
فهذا حسن بن علي السقاف الجهمي، فإن قلت عنه أنه أشعري؛ فباطله يدل على ذلك،... وإن قلت عنه أنه جهمي؛ فضلالاته تشهد عليه بذلك... وإن قلت عنه أنه
زنديق؛ فبدعه تدينه بذلك... فكل بدعة، وضلالة، وزندقة فيه([135])، اللهم([136])سلم سلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص485): (المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل عليهم السلام من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص224): (لهذا السلف مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول ه مشهورا معلوما بالاضطرار، لعموم المسلمين). اهـ
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص257): (ولهذا كان السلف، والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة؛ بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع). اهـ
وإنما ذكرته هنا حتى يتبين لك أن هذا الكتاب الذي سطرته في عقيدة أهل السنة والجماعة في «الحد»، و«العلو»، و«الاستواء»، أنه شجى في حلوق أهل البدع من الجهمية، والأشاعرة، وغيرهم، ومنهم: المدعو حسن بن علي السقاف المبتدع الأشعري الجهمي الزنديق([137])، والله المستعان.
والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح، والله الموفق.
قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الحد للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات علوه سبحانه وتعالى، وبينونته من خلقه، واستوائه على عرشه.
وورد عن بعض أهل العلم إطلاق نفي «الحد»؛ وإنما أرادوا بهذا النفي معنى صحيحا يوافق ما أجمعوا عليه، لا ما يريده الجهمية من نفي «الحد»؛ الذي يعنون به نفي العلو للـه تعالى على خلقه([138]).
قلت: ونفي بعض أهل العلم « الحد للـه تعالى»، يحمل على معنيين:
الأول: عدم إحاطة لشيء من المخلوقات به سبحانه وتعالى.
الثاني: نفي علم الخلق «بحده» سبحانه وتعالى، فلا يعلم كيفية حده إلا هو سبحانه([139]).
ﭧ ﭨ ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ [طه: 110].
قال أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص62): (وقد اتفقت الكلمة من المسلمين، والكافرين أن الله تعالى في السماء، وحدوه بذلك؛ إلا المريسي الضال وأصحابه). اهـ
قلت: وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قول المسلمين، و بين الجهميين من الفرق في الدين.
واعلم أن من أهم ما تريد الجهمية الزنادقة الوصول إليه: هو نفي علو اللـه تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه([140])، والعياذ باللـه.
قلت: لذلك أنكر عليهم أئمة السنة، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم([141])، اللهم سلم سلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص43): (لما كان الجهمية يقولون ما مضمونه: إن الخالق لا يتميز عن الخلق، فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قدره، ..فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه، منفصل عنه، وذكر «الحد»؛ لأن الجهمية كانوا يقولون: «ليس له حد»، وما لا حد له لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم، لأن ذلك مستلزم للحد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص590): (وقد ثبت عن أئمة السلف أنهم قالوا: للـه تعالى «حد»، وأن ذلك لا يعلمه غيره، وأنه مباين لخلقه، وفي ذلك لأهل الحديث والسنة مصنفات). اهـ
وقال أبو سعيد الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص58): (فمن ادعى أنه ليس للـه تعالى «حد» فقد رد القرآن، وادعى أنه لا شيء؛ لأن الله تعالى «حد» مكانه في مواضع كثيرة في كتابه، فقال تعالى: ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ [طه: 5]، وﭧ ﭨ ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ [الملك: 16]، و ﭧ ﭨ ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﮊ [النحل: 50]، و ﭧ ﭨ ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ [آل عمران: 55]، و ﭧ ﭨ ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﮊ [فاطر: 10]، فهذا كله وما أشبهه شواهد، ودلائل على الحد، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل اللـه تعالى، وجحد آيات اللـه تعالى). اهـ
قلت: لأن بنفي «الحد» عن اللـه تعالى؛ يستلزم نفي علو اللـه تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي ذلك كفر بإجماع السلف الصالح، وأئمة السنة؛ اللهم سلم سلم.
فيسرنا أن نضع بين يدي طلبة السنة كتابي: «عاصف الإله لعصف علوي بن عبد القادر السقاف لتعطيله الحد لله تعالى»، وكتابنا هذا سرنا فيه على طريقة السلف في تصانيفهم، فسقنا الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية؛ «المثبتة للحد للـه تعالى» على المعاني الصحيحة فيها.
قلت: وهذا الاستنباط من النصوص في الأصول والفروع لا يعرفه، إلا علماء السنة والأثر: ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ [الجمعة:4]، وهو من التأويل الصحيح للنصوص، وللـه الحمد والمنة.
ﭧ ﭨ ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ [آل عمران: 7].
و ﭧ ﭨ ﮋ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮊ [النساء: 82].
و ﭧ ﭨ ﮋﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮊ [النساء: 81].
قلت: فمن أين لهم هذه الحذلقة، والفلسفة([142]) على أن يردوا على اللـه تعالى، وعلى رسوله ه، وعلى أئمة المسلمين، وعلمائهم من أهل الحديث، والله المستعان.
قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص100): (وكل واحد منهم- يعني: الأئمة- له تصانيف كثيرة... وكلهم من أصحاب الحديث يعرفون تفسير القرآن العظيم، وتفسير الأحاديث عن النبي ه، وتأويلها، واحتجوا في «إثبات الحد للـه عز وجل» بنص الكتاب والسنة، وما قالوا في ذلك بالمقاييس والآراء، ولا بأهواء أنفسهم، وإنما قالوا بدلائل، وبراهين من الكتاب والسنة، ولا يكون على وجه الأرض أحد أعلم بالكتاب والسنة من أصحاب الحديث، فمن يخالفهم، ولا يقول ما قالوه، ولا يعتقد ما اعتقدوه، فهو مبتدع ضال مضل). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق اللـه تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله ه، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ
قلت: فهذا نحن نروي عن أئمة المسلمين من أهل الحديث بأسانيد صحيحة في «إثبات الحد للـه تعالى»، بما يليق بجلاله سبحانه تعالى.
وها أنا ذا الآن شارع فيما قصدت من التبيين؛ فالله أسأل أن يقوي حجتي، وأن يسدد قلمي، وأن يرزقني هديا قاصدا، إن ربي لسميع الدعاء.
والحمد لله تعالى على السنة.
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
ذكر الدليل
من الكتاب، والسنة، والآثار، والإجماع
على «إثبات الحد لله تعالى»
تعريف الحد:
الحد لغة: فصل بين كل شيئين؛ حد بينهما، ومنتهى كل شيء حده؛ أي: حد الشيء منتهاه، والفصل بين الشيئين لئلا تختلط أحدهما بالآخر، ومنه أحد حدود الأرضين، وحدود الحرم، و «الحد»: المنع، والمراد لكل شيء منتهى، ونهاية([143]).
قال ابن فارس / في «معجم المقاييس» (ج2 ص3): (حد: الحاء، والدال؛ أصلان: الأول: المنع، والثاني: طرف الشيء، فالحد: الحاجز بين الشيئين). اهـ
وقال الفيروز آبادي / في «القاموس المحيط» (ص299): (الحد: الحاجز بين شيئين، ومنتهى الشيء). اهـ
وقال الفيومي / في «المصباح المنير» (ص69): (الحد في اللغة: الفصل، والمنع... يقال: «حددته»؛ عن أمره إذا منعته، فهو «محدود»، ومنه: «الحدود»؛ المقدرة في الشرع؛ لأنها تمنع من الإقدام، ويسمى الحاجب: «حدادا»؛ لأنه يمنع من الدخول).اهـ
وقال الخليل / في «العين» (ج1ص355): (الحد: فصل ما بين كل شيئين حد بينهما، ومنتهى كل شيء حده... وحدود الله: هي الأشياء التي بينها، وأمر أن لا يتعدى فيها). اهـ
وقال أبو القاسم الأصبهاني /: (حد كل شيء موضع بينونته عن غيره فإن كان غرض القائل بقوله: ليس للـه حد؛ لا يحيط علم الخلق به؛ فهو مصيب) ([144]).
قلت: فكل موجود له حد ينتهي إليه، ويميزه عن غيره في صفته، وقدره.
وقال أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص57): (الخلق كلهم علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم الشيء إلا وله حد، وغاية، وصفة، وأن لا شيء ليس له حد، ولا غاية، ولا صفة؛ فالشيء أبدا موصوف لا محالة، ولا شيء يوصف بلاحد، ولا غاية، وقولك: لا حد له؛ يعني: أنه لا شيء). اهـ
قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على إطلاق لفظ «الحد للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات علوه تعالى، وبينونته عن خلقه، واستوائه على عرشه([145]).
قال أبو سعيد الدارمي / في «النقض» (ص62): (اتفقت الكلمة من المسلمين، والكافرين أن الله تعالى في السماء، وحدوه بذلك؛ إلا المريسي الضال وأصحابه([146])، حتى الصبيان الذين لم يبلغوا الحنث قد عرفوه بذلك إذا حزب الصبي شيء يرفع يديه إلى ربه يدعوه في السماء دون ما سواها).اهـ
قلت: ومما نقل عن أهل الحديث- كما قد بسط في غير هذا الموضع- وبينوا أن ما أثبتوه للـه تعالى من «الحد» لا يعلمه غيره، فكيفية هذا «الحد» لا يعلمه إلا الله تعالى([147])([148]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج2 ص33) بعدما ذكر قول بعض أهل العلم: «لا يحدون الله تعالى بحد»: (وذلك لا ينافي ما تقدم من إثبات أنه في نفسه له «حد» يعلمه هو؛ لا يعلمه غيره، أو أنه هو يصف نفسه، وهكذا كلام سائر أئمة السلف يثبتون الحقائق، وينفون علم العباد بكنهها). اهـ
قلت: وسبب في ذكر أهل السنة والجماعة «الحد للـه تعالى»([149])، أنه لما كانت الجهمية ينفون علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ويقولون: إن الله تعالى لا يباين خلقه، وليس بينه، وبينهم حد، ولا يتميز عنهم، أنكر عليهم أهل السنة والأثر، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم([150]).
قلت: وقد تضافرت أقوال العلماء على إثبات «الحد للـه تعالى»، حدا لا يعلمه غيره تعالى.
قال الإمام الكرماني / في «مسائله» (ص355): (هذا مذهب أئمة العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المعروفين بها، المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء... وذكر قولهم في الاعتقاد- ثم قال: (وهو سبحانه بائن من خلقه، لا يخلو علمه مكان، ولله عرش، وللعرش حملة يحملونه، وله حد، والله أعلم بحده، والله على عرشه تعالى).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج3 ص590): (وقد ثبت عن أئمة السلف أنهم قالوا: للـه «حد»، وأن ذلك لا يعلمه غيره، وأنه مباين لخلقه).اهـ
قلت: فمعنى «الحد للـه تعالى»؛ أي: «بحد»، أي: أنه منفصل عن الخلق بائن منهم([151]).
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص235): (فمن أثبت «الحد» أراد به هذا المعنى؛ أي: أن الله تعالى منفصل بائن عن الخلق، ليس حالا فيهم، ولا الخلق حالون فيه، وهذا المعنى صحيح.
ومن قال: إنه غير محدود أراد أن الله تعالى أكبر من أن يحد، ولا يحده شيء من مخلوقاته، ولا يحصره شيء من مخلوقاته).اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص236): (على كل حال أراد المؤلف- يعني السفاريني- بنفي «الحد» هنا ما ذكرناه؛ يعني: الحد الذي يحصر الله عز وجل، ولم يرد «الحد» الذي يجعله بائنا من الخلق، فإن «الحد» الذي يراد به بينونة الله تعالى من خلقه أمر ثابت؛ واجب اعتقاده).اهـ
وقال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج2 ص78): (من قال من السلف؛ بإثبات «الحد» في الاستواء، أو غيره فمراده؛ حد يعلمه الله سبحانه، ولا يعلمه العباد).اهـ
قلت: ومراد الأئمة بـ «الحد» الحقيقة، يعني: أنه استواء على العرش حقيقة([152]).
فأطلقوا لفظ «الحد للـه تعالى» من باب زيادة البيان والإيضاح؛ فهو بائنمن خلقه بحد([153])، والله ولي التوفيق.
وإليك الدليل:
ﭧ ﭨ ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ [طه:5].
و ﭧ ﭨ ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﮊ [النحل:50].
وﭧ ﭨ ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﮊ [فاطر:10].
وهذه أدلة على «إثبات الحد للـه تعالى»، وأنه بائن من خلقه، وهو فوق عرشه([154]).
قال الإمام الدارمي / في «النقض» (ص58): (من ادعى أن ليس للـه تعالى «حد»، فقد رد القرآن، وادعى أنه لا شيء؛ لأن الله تعالى وصف «حد» مكانه في مواضع كثيرة في كتابه، ﭧ ﭨ ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮊ [طه:5]، و ﭧ ﭨ ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷﮊ [الملك:16]، وﭧ ﭨ ﮋﯔ ﯕ ﯖ ﯗﮊ [النحل:50]، و ﭧ ﭨ ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ [آل عمران:55]، وﭧ ﭨ ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﮊ [فاطر:10]، فهذا كله، وما أشبهه شواهد، ودلائل على «الحد»، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل اللـه تعالى، وجحد آيات اللـه تعالى).اهـ
وعن ابن أبي حاتم / قال: (سألت أبي، وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار... فكان من مذهبهم: أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص... وأن الله عز وجل على عرشه، بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله، بلا كيف، أحاط بكل شيء علما: ﭧ ﭨ ﮋ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ ([155]) [الشورى: 11].
وقال الإمام السجزي / في «رسالته إلى أهل زبيد» (ص129): (وعند أهل الحق أن الله سبحانه مباين لخلقه بذاته فوق العرش بلا كيفية).اهـ
وقال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد لله» (ص91): (فسبحانه الذي خلق فسوى، وقدر فهدى... ثم بذاته على العرش بالحد استوى).اهـ
وقال أبو القاسم الأصبهاني /: (تكلم أهل الحقائق في تفسير «الحد» بعبارات مختلفة محصول تلك العبارات: أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره، فإن كان غرض القائل بقوله: «ليس للـه حد»؛ لا يحيط علم الخلق به؛ فهو مصيب، وإن كان غرضه بذلك: لا يحيط علم الله بنفسه؛ فهو ضال، أو كان غرضه: أن الله في كل مكان بذاته، فهو أيضا ضال) ([156]).
وقال علي بن الحسن بن شقيق :قيل لابن المبارك؛ بأي شيء نعرف ربنا ؟، قال: «بأنه في السماء على العرش بائن من خلقه»، قلت: بحد؟، قال: «بحد»([157]).
ﭧ ﭨ ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮊ [طه:5]، و ﭧ ﭨ ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷﮊ [الملك:16]، وﭧ ﭨ ﮋﯔ ﯕ ﯖ ﯗﮊ [النحل:50]، و ﭧ ﭨ ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ [آل عمران:55]، وﭧ ﭨ ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ [فاطر:10].
قلت: فهذه الآيات استدل بها أهل الحديث على ثبوت «الحد للـه تعالى»، ويعنون بـ «الحد»، أنه منفصل عن الخلق، بائن منهم([158]).
قلت: وأريد بنفي «الحد» من قبل بعض أهل العلم؛ أن العباد لا يعلمون للـه تعالى «حدا»، ولا «يحدون» صفاته، ولا يكيفونها، والله المستعان.
وعن معاوية بن الحكم السلمي ط قال: -في الحديث الطويل- وفيه قول النبيه؛ للأمـة السوداء: «أيـن الله، قالـت: في السماء، قال ه: من أنا، قالت: أنت رسول اللـه، قال ه: أعتقها فإنها مؤمنة» ([159]).
قلت: وهذا الحديث يدل على أن الله تعالى يحد «بحد»، ولا نعلم كيفية حده تعالى، لكن نثبت «الحد للـه تعالى» بما يليق بجلاله من غير تعطيل، ولا تمثيل، ولا تحريف.
قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص107): (هذه الآيات، والأحاديث تدل على «أن للـه تعالى حدا»، والله أعلم بحده).اهـ
وعن عبداللـه بن المبارك / قال: (نعرف ربنا عز وجل فوق سبع سموات على العرش؛ بائنا من خلقه «بحد»، ولا نقول كما قالت الجهمية هاهنا). وأشار بيده الأرض([160]).
قلت: فقد صرح الإمام عبداللـه بن المبارك / بإثبات «الحد للـه تعالى»، وقد أجمع أهل السنة على ذلك، فمن خالف هذا الإجماع، فهو مبتدع ضال.
قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص100): (أصحاب الحديث يعرفون تفسير القرآن العظيم، وتفسير الأحاديث عن النبي ه، وتأويلها، واحتجوا في إثبات «الحد للـه عز وجل» بنص الكتاب والسنة، وما قالوا في ذلك بالمقاييس والآراء، ولا بأهواء أنفسهم، وإنما قالوا بدلائل، وبراهين من الكتاب والسنة، ولا يكون على وجه الأرض أحد أعلم بالكتاب والسنة من أصحاب الحديث، فمن يخالفهم ولا يقول ما قالوه، ولا يعتقد ما اعتقدوه؛ فهو مبتدع ضال مضل!). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص40): (ومما يحقق قول ابن المبارك؛ قول رسول اللـه ه؛ للجارية: «أين الله»؟، يمتحن بذلك إيمانها، فلما قالت: «في السماء»، قال ه: «أعتقها فإنها مؤمنة»([161])، والآثار في ذلك عن رسول اللـه ه كثيرة، والحجج متظاهرة). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص83): (والحجة لقول ابن المبارك، قول اللـه تبارك وتعالى: ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﮊ [الزمر:75]، فلماذا يحفون حول العرش؛ إلا لأن الله عز وجل فوقه، ولو كان في كل مكان لحفوا بالأمكنة كلها؛ لا بالعرش دونها.
ففي هذا بيان بين «للحد»، وأن الله فوق العرش، والملائكة حوله حافون يسبحونه، ويقدسونه). اهـ
قلت: وهذا يفهمه من فقه الكتاب، والسنة، والآثار([162])، اللهم غفرا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص443): (فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه وتعالى على عرشه؛ مباين لخلقه، منفصل عنه، وذكر الحد؛ لأن الجهمية كانوا يقولون: «ليس له حد»، ومالا حد له لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم؛ لأن ذلك مستلزم للحد). اهـ
قلت: واعلم أن من أهم ما يريد الجهمية المعطلة الوصول عليه: هو نفي علو اللـه تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، والعياذ باللـه.
فعن حماد بن زيد /-وذكر الجهمية- قال: (إنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء شيء) ([163]).
وعن عبدالرحمن بن مهدي / قال: (ليس في أصحاب الأهواء شر من أصحاب جهم؛ يدورون على أن يقولوا: ليس في السماء شيء) ([164]).
قلت: ومراد الجهمية- لعنة اللـه عليهم- في نفي الحد عن اللـه تعالى، لكي ينفوا وجود اللـه؛ أي: فقولهم: لا حد له؛ يعني: أنه لا شيء([165]).
وقال محمد بن إبراهيم القيسي؛ قلت لأحمد بن حنبل: (يحكى عن ابن المبارك، قيل له: كيف نعرف ربنا تعالى؟، فقال: في السماء السابعة على عرشه «بحد»، فقال أحمد: هكذا هو عندنا) ([166]). وفي رواية له: (هكذا على العرش استوى «بحد»).
قلت: فأثبت الإمام أحمد / «الحد للـه تعالى»، ولم ينكره.
وعن الإمام أحمد / قال: (وللـه عز وجل عرش، وللعرش حملة يحملونه، والله عز وجل على عرشه، وله «حد»، والله أعلم «بحده»)([167]).
قلت: فقد أطلق الإمام أحمد القول بإثبات «الحد للـه تعالى»، وهذا الحد يليق بجلاله سبحانه وتعالى.
قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص110): (ووجدت في كتاب «الأصول» للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء بخط يده أنه قال: قد أطلق أحمد القول: إن للـه تعالى حدا).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في « بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص160): (وقد يتوقف بعضهم عن اطلاق اللفظ؛ مثل: لفظ «الحد»؛ فإن المشاهير بالإمامة في السنة أثبتوه، كما ذكره عثمان بن سعيد عنهم، وسمى ابن المبارك). اهـ
قلت: وبين الإمام أحمد / بالأدلة من القرآن على ثبوت «الحد للـه تعالى»؛ كقوله تعالى: ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﮊ [فاطر: 10]، وقوله تعالى: ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷﮊ [الملك: 16]، وقوله تعالى: ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﮊ [المعارج: 4] ([168]).
قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه» (ص118): (هذه الآيات تدل على أن الله عز وجل استوى على عرشه «بحد»، وهو سبحانه يعلم «بحده». اهـ
قلت: هكذا الله تعالى على العرش استوى «بحد»، وهذا بإجماع أهل السنة والجماعة.
إذا إذا ثبت استواؤه سبحانه وتعالى ثبت أنه على العرش، وإذا ثبت أنه على العرش ثبت أنه في «حد»، وهذا الحد لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى([169]).
قال أبو عبد اللـه ابن منده /: (ولا دين لمن لا يرى للـه الحد؛ لأنه يسقط من بينه وبين الله الحاجز، والحجاب، والإشارات([170])، والخطاب) ([171]).
وقال ابن الزاغوني / في «الإيضاح في أصول الدين» (ص326): (اعلم أن الدليل القاطع دل على وجود الباري، وثبوته ذاتا بحقيقة الإثبات، وأنه لا بد من فصل يكون بينه وبين خلقه، ويقتضي انفراده بنفسه، وهذا بعينه هو الحد والنهاية.
وإنما يغتر الأغمار الذين لا خبرة عندهم بصعوبة إضافة: الحد والغاية، والنهاية إليه تعالى، مع إقرارهم أنه متميز بذاته، منفرد مباين لخلقه، وهذا مناقضة منهم في العقيدة، يسندونها إلى جهل بالأمر).اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص223): (والله تعالى له حد؛ لا يعلمه أحد غيره، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه، ولكن يؤمن بالحد، ويكل علم ذلك إلى اللـه تعالى، ولمكانه أيضا حد، وهو على عرشه فوق سماواته، فهذان حدان اثنان) ([172]). اهـ
وعن حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لإسحاق بن راهويه: قول اللـه تعالى: ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﮊ [المجادلة: 7]، كيف نقول فيه؟، قال: (وحيثما كنت هو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه، قال حرب: قلت لإسحاق: على العرش «بحد»؟، قال: نعم، وذكر عن ابن المبارك، قال: هو على عرشه، بائن من خلقه «بحد»)([173]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص184): (وهذا مشهور عن ابن المبارك، ثابت عنه من غير وجه، وهو أيضا صحيح ثابت عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغير واحد من الأئمة).اهـ
قلت: وطريقة أهل البدع قديما وحديثا الطعن في الآثار انتصارا لبدعهم، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص570): (وهذا([174]) الحديث يعني: -حديث الأطيط- قد يطعن فيه بعض المشتغلين بالحديث انتصارا للجهمية، وإن كان لا يفقه حقيقة قولهم، وما فيه من التعطيل!).اهـ
وقال أبو إسماعيل الهروي / في «دلائل التوحيد» (ص57): «باب إثبات الحد للـه عز وجل».
ويؤيده من الأدلة:
فعن أبي هريرة ط، أن النبي ه قال في دعائه: «أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء» ([175]).
قلت: وهذا الحديث يدل على ثبوت «الحد للـه تعالى»، وقد استدل به الإمام الهروي / في كتابه: «دلائل التوحيد» (ص57).
قال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص126): (فهذا إمام-يعني الهروي- من أئمة المسلمين استدل بهذا الحديث على أن الله عز وجل له «حد» لا يعلمه إلا هو، ومن قال: إن هذا الحديث ليس فيه دليل على إثبات «الحد للـه تعالى»؛ فهو رجل غمر في صدره([176])؛ غمر: ليس له معرفة بكلام العرب، ولا بلغاتهم).اهـ
وقال أبو محمد الدشتي / في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص127): (فمن مذهب أصحاب الحديث؛ الذين هم: أهل السنة، وأئمة المسلمين، وعلماؤهم يعتقدون، ويشهدون: أن من قال: «ليس للـه تعالى حد»؛ يعني بذلك: أن الله في كل مكان، أوليس هو على العرش استوى).اهـ
قلت: فلسان حالهم؛ هو: لسان قول المبتدعة، والعياذ باللـه.
لذلك لا يعتد بقول؛ أي: أحد في خلاف ما ذكرناه في ثبوت «الحد للـه تعالى»؛ من كتاب اللـه تعالى، وسنة الرسول ه، وآثار السلف وإجماع العلماء!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص440)؛ في رده على من أنكر «الحد للـه تعالى»: (وقد أنكره طائفة من أهل الفقه، والحديث؛ ممن يسلك في الإثبات مسلك: ابن كلاب، والقلانسي، وأبي الحسن؛ ونحوهم في هذه المعاني، ولا يكاد يتجاوز ما أثبته أمثال هؤلاء، مع ماله من معرفة بالفقه، والحديث؛ «كأبي حاتم البستي» هذا، وأبي سليمان الخطابي، وغيرهما).اهـ
قلت: فتبين مما سبق إثبات «الحد للـه تعالى»، وبان تعلق هذه المسألة؛ بمسألة علو الرب سبحانه وتعالى، وبينونته عن خلقه، واستوائه على عرشه على ما يليق به سبحانه، وهذا معتقد أهل السنة قديما وحديثا([177])، والله ولي التوفيق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص163): (وهذا محفوظ عن السلف، والأئمة من إثبات «حد للـه تعالى» في نفسه، قد بينوا مع ذلك أن العباد لا يحدونه، ولا يدركونه؛ ولهذا لم يتناف كلامهم في ذلك كما يظنه بعض الناس، فإنهم نفوا أن يحد أحد الله تعالى).اهـ
قلت: والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة في هذه المسألة، وأن السني لا يسعه إلا الاتباع، والتسليم لما كان عليه السلف الصالح.
ﭧ ﭨ ﮋﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﮊ [النساء: 65].
وﭧ ﭨ ﮋ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮊ [النساء: 115].
وعن الإمام الزهري / قال: (من اللـه عز وجل الرسالة، وعلى رسول اللـه البلاغ، وعلينا التسليم) ([178]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص144): (فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك اتباع السلف). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
فرقة المقلدة من الفرق الضالة في الدين وتتمثل في الخطباء والوعاظ والأئمة والمفتين من المتعالمين في الدين في هذا الزمان...................................................................................................... |
05 |
2) |
الخساف يترك الآيات والأحاديث، والآثار بالأسانيد الصحيحة في إثبات: «الحد» لله تعالى ثم يأخذ بالآراء الضعيفة، ويقلد بعض الفقهاء في هذا الحكم، فأصابته الفتنة في الدين ولابد......................................................................................................... |
7 |
3) |
ذكر الدليل على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء التي اتخذها: «علوي بن عبد القادر السقاف» دينا في مذهبه الباطل...................................................................................................... |
10 |
4) |
علوي بن عبد القادر السقاف عن مذهب السلف الصالح في نفيه: «للحد» لله تعالى........................................................................ |
38 |
5) |
ويل للكودن علوي بن عبد القادر السقاف الذي يفتي للناس بآراء الرجال، وبتقليدهم ثم ينسب ذلك إلى السنة، وهذا يدل على بلادته في الدين، فلا يسمع له، ولا يلتفت إلى أحكامه في الأصول والفروع لضعفه بأصول الحديث وعلله.............................. |
40 |
6) |
علوي السقاف هذا جاهل بلغة العرب وبأصولهم في اللغة.................................................................................................... |
42 |
7) |
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية في إثبات: «الحد» لله تعالى مطلقا على طريقة السلف الصالح، ولم يقل: أنه لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا يإثباته ولم يقل: لم يرد لفظ: «الحد» لا إثباتا ولا نفيا لا في الكتاب ولا في السنة............................................ |
44 |
8) |
فتوى العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز في إثبات: «الحد» لله تعالى مطلقا على طريقة السلف الصالح، ولم يقل: أنه لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا بإثباته ولم يقل: لم يرد لفظ: «الحد» لا إثباتا ولا نفيا لا في الكتاب ولا في السنة....................................... |
49 |
9) |
فتوى شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في إثبات: «الحد» لله تعالى مطلقا في هذه الفتوى على طريقة السلف الصالح، ولم يقل: أنه لم يأت نص بنفي: «الحد»، ولا بإثباته ولم يقل: لم يرد لفظ: «الحد» لا إثباتا ولا نفيا لا في الكتاب ولا في السنة................................................................................................... |
51 |
10) |
ذكر الدليل على قمع علوي السقاف القطبي لنفيه: «الحد» لله تعالى وموافقته للجهمية في نفيهم: «الحد» وهذا إنكار منه: «للحد»، ولم يعترف به، وخاض مع الخائضين، فأتى بمنكر من القول، وزعم أنه لم يأت نص بنفي: «الحد» ولا بإثباته، فالخوض في ذلك لم يأذن به الله تعالى........................................................................................................ |
53 |
11) |
ذكر الدليل على أن نفي علوي السقاف للحد لله تعالى، فإنه يستلزم نفي وجود الله تعالى، ونفي علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي بينونته من خلقه......................................................................................................... |
63 |
12) |
افحام الأشعرية الجهمية المعتزلية في مسألة علو الله تعالى على العرش فوق السماوات السبع................................................................ |
73 |
13) |
المقــدمــة................................................................................................... |
76 |
14) |
ذكر الدليل من الكتاب، والسنة، والآثار، والإجماع على «إثبات الحد لله تعالى».................................................................................... |
94 |
([1]) فصار المقلدة في التقليد لفلان وعلان؛ مثل: الرافضة الذين يقلدون أئمتهم بدون دراية، وهم يسخرون من الرافضة لمثل هذا التقليد، وهم واقعون في هذا التقليد الأعمى، وهم لا يشعرون!.
([2]) فيجب عليه الأخذ بما قام عليه الدليل، وترك ما خالف الدليل، فإذا أخذ بدون دليل، فهذا يعتبر من المقلدين، ولكن إذا عرف أن قولا من الأقوال ليس عليه دليل فلا يأخذ به.
([3]) «التواصل المرئي» بصوت الشيخ الفوزان، سنة: (1439هـ).
وانظر: «إعانة المستفيد» له (ج4 ص153 و154).
([4]) فالمقلدون يفتون الناس بزلات العلماء في الأصول والفروع، وهذا الإفتاء هو التزندق والإلحاد في الدين!.
قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص250): (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق أو كاد!). اهـ
([5]) وانظر: «مرعاة المفاتيح» للرحماني (ج1 ص356)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90 و91)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص238)، و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج1 ص455)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص525).
([6]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (8)، ومسلم في «صحيحه» (16) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
قلت: ألا إن شر الشر شرار العلماء، وإن خير الخير خيار العلماء، والله المستعان.
([8]) وانظر: «الرقائق» لابن المبارك (ج2 ص681)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (ج2 ص26)، و«ذم الكلام» للهروي (ج4 ص281)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج47 ص460)، و«جمع الجيوش والدساكر» لابن عبد الهادي (ص21).
([9]) غبرات: بالضم ثم التشديد، بقية الشيء.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص3205)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص447).
أخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص163)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص161).
وإسناده حسن.
([11]) قلت: وإن مما يوصى به طالب العلم أن يأخذ العلم عن أهله، وذلك بأن يبحث عن العالم العامل بعلمه ... فينظر إلى عبادته لله تعالى، وإلى سيرته وأخلاقه وشمائله؛ هل هي متفقة مع ذلك العلم أو تخالفه؟!، فإن العلم إنما يؤخذ عن العلماء الربانيين، ويحرص على صحبتهم ليتعلم منهم العلم والعمل والأخلاق.
([13]) الإمع: الذي يقول لكل أحد: أنا معك، ولا يثبت على شيء لضعف رأيه، والمقلد في الدين، والمتردد الذي لا يثبت على صنعة، والطفيلي، ويجعل دينه تبعا لدين غيره بلا حجة، ولا برهان.
انظر: «المعجم الوسيط» (ص26)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص49)، و«النهاية» لابن الأثير (ج1 ص170).
قال عبد الله بن مسعود t: (لا يكونن أحدكم إمعة قالوا: وما إمعة؟ قال: يجري مع كل ريح).
أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص141)، وفي «اعتلال القلوب» (ج1 ص148)؛ بإسناد صحيح.
قال أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج4 ص49): (أصل الإمعة هو الرجل الذي لا رأي له ولا عزم؛ فهو يتابع كل أحد على رأيه ولا يثبت على شيء). اهـ
([14]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (256)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج14 ص70)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص79)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص165).
([20]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (94)، و«السير» للذهبي (ج4 ص598)، و«جامع التحصيل» للعلائي (199)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص155).
([22]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.
انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).
([24]) المغبون: المنقوص، فالمقلد ينقص عقله، وذكاءه، وتقل فطنته.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص229).
([25]) انظر: «رسالة التقليد» لابن القيم (ص22)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج4 ص395)، و«المدخل» لابن بدران (ص388).
([27]) آية المائدة المشار إليها هي قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون[ [المائدة: 104].
([28]) آية لقمان المشار إليها هي قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير[ [لقمان: 21].
([36]) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (ج3 ص450)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص234)، و«أصول الفقه» للزحيلي (ج2 ص1120)، و«رسالة التقليد» لابن القيم (ص22).
([37]) فصار المقلدة في التقليد لفلان وعلان؛ مثل: الرافضة الذين يقلدون أئمتهم بدون دراية، وهم يسخرون من الرافضة لمثل هذا التقليد، وهم واقعون في هذا التقليد الأعمى، وهم لا يشعرون!.
([38]) قلت: وهذا الخلاف محرم، وهو كل ما أقام الله تعالى به الحجة في كتابه، أو على لسان نبييه r منصوصا بينا، فلم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.
وانظر: «الرسالة» للشافعي (ص560).
([39]) فالمقلدون يفتون الناس باختلاف المتأخرين في صفة: «الظل»، و«صوم يوم عرفة»، وغير ذلك، وهذه الفتاوى ليست بحجة فيالشريعة المطهرة.
([40]) قلت: والذي وقع فيه: «الخساف» من الضلالات بسبب تقليده لزلات العلماء بدون رواية ولا دراية ... وهذا واقع فيه كل المقلدين ... وهذا ما قد أصابنا في هذا العصر الحاضر فيما يتعلق بموضوع الفتاوى من قبل المقلدين؛ فإنهم قد قلدوا المتأخرين من أصحاب المذاهب بحجة أنهم علموا أحكام الدين، فقلدوهم بحجج واهية بالتقليد الأعمى، والتعصب المذهبي المقيت الذي انتشر في العصور المتأخرة انتشارا واسعا، بحيث وقع بسببه الحقد للمخالف وإن كان على الحق!، برغم أن المقلدين يعلمون أن العلماء في الأحكام أنهم يصيبون ويخطؤون في الدين، وقد حذر جميع العلماء من زلات العلماء، نصحا للأمة.
([42]) الكودن: هو في الأصل البغل، أو الحصان الهجين، ويشبه به الرجل البليد والكذاب، وهو الذي لا يدري ما يخرج من رأسه بسبب تقليده في الدين.
وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج31 ص560).
قلت: و«الخساف» المتستر هذا من: «فرقة الكودنية» في هذا العصر؛ يعني: من: «فرقة المقلدة».
([44]) فيذكر الآثار الصحيحة، والآثار الضعيفة، وينشرها على أنها من الدين، وهذا هو الخلط والخبط في العلم.
([46]) لذلك لا يستطيع أن يستنبط الأصول من أحاديث الأصول، لجهله بالأصول، وعلم الأصول!، فحرم الوصول، ولابد.
([47]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (6988)، والبخاري في «الأدب المفرد» (1212)، وأبو داود في «سننه» (5051)، والترمذي في «سننه» (3400).
([48]) قلت: بل من قال: إن هذا الحديث ليس دليل على إثبات «الحد للـه تعالى» فهو مبتدع ضال، لأنه يلزم أنه يقول: أن الله تعالى في كل مكان ،أوليس هو على العرش استوى، والعياذ باللـه.
وانظر: «إثبات الحد للـه تعالى» للدشتي (ص 127)، و«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج2 ص181).
([49]) كما قال الخساف الجهمي في كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص142): (لم يرد لفظ: «الحد»؛ لا إثباتا، ولا نفيا، لا في الكتاب، ولا في السنة). اهـ
([50]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص43)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص218و219)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص934)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج2 ص78).
([51]) قلت: فالجهمية ينفون علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ويقولون: إن الله تعالى لا يباين خلقه، وليس بينه، وبينهم حد، ولا يتميز عنهم.
وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص43)، و«السنة» لعبدالله بن أحمد (ص55و89)، و«تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج1 ص168)، و«الرسالة» للسجزي (ص129).
([52]) وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج2 ص35)، و«الفتاوى» له (ج4 ص67)، و(ج6 ص53)، و(ج12 ص367).
([53]) قلت: وقد ثبت عن بعض أهل السنة نفي «الحد للـه تعالى»، ويعنون به نفي علم الخلق بحده تعالى، فلا يعلم كيفية حده إلا هو تعالى، ولا يحيط علم الخلق به، مع إثبات«الحد للـه تعالى».
قلت: فأريد بنفي الحد أن العباد لا يعلمون للـه حدا، ولا يحدون صفاته، ولا يكيفونها.
ﭧ ﭨ ﮋ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ [الشورى:11].
وﭧ ﭨ ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ [طه:110].
وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص433)، و«الفتاوى» له (ج3 ص141)، و(ج5 ص298)، و(ج6 ص38)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج6 ص535)، و«الرد على الجهمية» لابن قتيبة (ص53).
([54]) قلت: ولقد أخطأ من قال أن لفظ «الحد للـه تعالى» لم يثبت في الكتاب والسنة، ولم يرد فيهما نفيا، ولا إثباتا! وجعله من الألفاظ الاصطلاحية الحادثة! كـ «الجسم» وغيره، اللهم غفرا.
قال تعالى: ]فسبحان الله رب العرش عما يصفون[ [الأنبياء: 22].
قلت: بل «الحد للـه تعالى» ثبت في الكتاب والسنة في المعنى الصحيح، والاستنباط الصريح، وأثبت هذا المعنى فيها الأئمة، وأجمعوا على ثبوت «الحد للـه تعالى»، كما ذكرنا في أثناء الكتاب، والله ولي التوفيق.
([55]) قلت: ففي إنكار علوي السقاف: «الحد» لله تعالى، فقد سلك بذلك مسلك ابن كلاب وغيره من المبتدعة، فوافق بذلك المبتدعة، وخالف السنة، ولابد: ]فسبحان الله رب العرش عما يصفون[ [الأنبياء: 22].
([56]) وانظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380)، و«الدرة العثيمينية» (ص204)، و«إثبات الحد للـه تعالى» للدشتي (ص124)، و«قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر» للقنوجي (ص48)، و«اعتقاد أهل السنة» للإسماعيلي (ص32)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص212و213)، و«بيان تلبيس الجهمية» له (ج1 ص433)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص198).
([58]) كما قال الخساف الجهمي في كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص142): (لم يرد لفظ: «الحد»؛ لا إثباتا، ولا نفيا، لا في الكتاب، ولا في السنة). اهـ
قال تعالى: ]فسبحان الله رب العرش عما يصفون[ [الأنبياء: 22].
([59]) كما قال الخساف الجهمي في كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص142): (لم يرد لفظ: «الحد»؛ لا إثباتا، ولا نفيا، لا في الكتاب، ولا في السنة). اهـ
قال تعالى: ]ولكم الويل مما تصفون[ [الأنبياء: 18].
([60]) قلت: ولقد أخطأ من قال أن لفظ «الحد للـه تعالى» لم يثبت في الكتاب والسنة، ولم يرد فيهما نفيا، ولا إثباتا! وجعله من الألفاظ الاصطلاحية الحادثة! كـ «الجسم» وغيره، اللهم غفرا.
قلت: بل «الحد للـه تعالى» ثبت في الكتاب والسنة في المعنى الصحيح، والاستنباط الصريح، وأثبت هذا المعنى فيها الأئمة، وأجمعوا على ثبوت «الحد للـه تعالى»، كما ذكرنا في أثناء الكتاب، والله ولي التوفيق.
([61]) وفي هذه الفتوى يثبت شيخنا: «الحد» لله تعالى مطلقا، وأنه ثبت في الكتاب والسنة، فهو واجب الاعتقاد.
([62]) انظر «شرح لمعة الاعتقاد» للشيخ الفوزان (ص297)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380).
([63]) قلت: وهذه المسألة لها شبه؛ بمسألة: «القرآن»، وأنه كلام اللـه تعالى غير مخلوق.
فزاد الأئمة «غير مخلوق» وذلك لمـا نشأت الجهمية، وصرحوا «بخلق القرآن»، فلم يسع أهل السنة حينئذ السكوت أمام هذا الضلال والكفر، فصرحوا بالقول بأن القرآن كلام اللـه تعالى، وزادوا بأنه: «غير مخلوق»، والله المستعان.
وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ص310).
([64]) بل ثبت: «الحد» لله تعالى في الدين، لكن أنت جهلت ذلك، كما جهلت مسائل في كتابك: «صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة!!»؛ كما سوف نبين ذلك: ]فسبحان الله رب العرش عما يصفون[ [الأنبياء: 22].
([65]) والجهمية هم أول من اشتهر عنهم نفي: «الحد» لله تعالى، فلا يجوز من الخساف الخلط والخبط في هذه المسألة، وعليه أن يلزم السكوت في الأصول والفروع في الدين.
([66]) فكلامه هذا كله يتصبب جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد، إلا من باب الضرورة في الرد عليه، اللهم سدد.
قلت: وهذا الكلام تضمن أباطيل في نفيه: «للحد» لله تعالى يلزم بها، وهي كما يلي:
1) نفي وجود الله تعالى وحقيقته!.
2) نفي استواء الله تعالى على العرش!.
3) نفي علو الله تعالى على خلقه!.
4) نفي بينونة الله تعالى عن خلقه!.
5) نفي المكان عن الله تعالى.
6) إثبات أن الله تعالى في كل مكان، يعني: قوله بالحلولية!.
وانظر: «إثبات الحد لله تعالى» للدشتي (ص127).
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (والحاصل: أن القول بالتعطيل يلزم عليه لوازم باطلة). اهـ
([67])فهذا منكر من القول، تبطله دلالة الكتاب والسنة والآثار في إثبات: «الحد» لله تعالى، وتبين فساده، ولقد فند هذا الهذيان علماء الحديث كما سوف يأتي.
([68]) وهذه تالله كبرى معايب هذا الخساف بشهادة نفسه على نفسه، ويكأنه بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، فهو يجعل ما ثبت بالإجماع من السلف في إثبات: «الحد» من الخلاف بين السلف!: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5] فهذا الكلام ينطوي على جهل، والله المستعان.
([70]) قلت: فمن نظر بنظر الإنصاف، وغاض في بحار الاعتقاد متجنبا الاعتساف، يعلم علما يقينا أن «الحد» لله تعالى ثبت في الكتاب والسنة والآثار، وليس هو«كالجهة» ففطن لهذا.
وأولى ما فسر به كلام الله تعالى ما ثبت عن نبيه ه، وأصحابه، والسلف، وقد أجمع السلف على ثبوت «الحد» لله تعالى.
([71]) قلت: ومع قوله هذا / في كتابه: «شرح صحيح البخاري» (ج8 ص419) فقط أثبت أن لله تعالى: «حد» في كتابه: «شرح العقيدة السفارينية» (ص235 و236)؛ مطلقا بدلالة الكتاب والسنة، وهذا هو الصواب.
([73]) والذي أداه إلى هذا اللبس جهله، واختلاطه في الألفاظ المجملة!؛ مثل: «الجسم»، و«الجهة»، وغيرهما، فهو لا يدري ما يخرج من رأسه.
([76]) فهل يقال، والحال هكذا: (لم يرد لفظ (الحد)؛ لا إثباتا ولا نفيا).
وهذا من: «الخساف» توهيم للقراء، وتلبيس عليهم بأمر دينهم، والله المستعان.
([78]) وانظر: «الذخيرة» للقرافي (ج10 ص125)، و«عقد الجواهر» لابن شاس (ج3 ص1005)، و«الكافي» لابن عبد البر (ج2 ص958 و959).
([80]) فهذا: «السقاف» ينقض رأيه في حكم: «الحد» الذي قلد فيه بعض أهل العلم، ويرجع عنه إلى ما ثبت فيه إجماع السلف على ثبوت: «الحد» لله تعالى.
([81]) وانظر: «الذخيرة» للقرافي (ج10 ص125)، و«إيقاظ الهمم» للفلاني (ص316)، و«عقد الجواهر» لابن شاس (ج3 ص1005)، و«الكافي» لابن عبد البر (ج2 ص958 و959).
([82]) فالأمر إذا ليس صحيحا، كما زعم: «الخساف»؛ ملبسا على القراء، وموهما لهم أن لفظ: «الحد» لم يثبت في الاعتقاد مطلقا.
([83]) قلت: ووقوعه في مذهب: «الجهمية» ذلك بسبب ما أداه اختلاطه إلى عدم التمييز بين الإثبات والنفي، فظن أن لفظ: «الحد» بمثل لفظ: «الجسم»، و«الجهة»، ونحو ذلك، فتأمل جهله.
وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص210).
قال علوي السقاف في كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص143): (ولفظ: «الحد» كلفظ: «الجهة»، فلما نفى الجهمية والمعطلة جهة العلو لله عز وجل أطلق بعض أهل السنة لفظ: «الجهة»، ولما نفى الجهمية بينونة الله عز وجل عن خلقه أطلق بعض أهل السنة لفظ (الحد)!). اهـ
وهذا يدل على أن: «الخساف» لا يفرق بين الإثبات، وبين النفي بمثل هذه المسائل.
وإذا تبين لك هذا عرفت أن الخساف لم يصب بقوله في كتابه: «صفات الله عز وجل» (ص142): (لم يرد لفظ (الحد)؛ لا إثباتا ولا نفيا). اهـ
([84]) قلت: وفي جناية: «الخساف» على النصوص، فقد أخطأ من وجهين:
الأول: نفي ما دلت عليه النصوص من إثبات: «الحد» لله تعالى.
والثاني: ابتكار معان لم يردها الله تعالى، ورسوله ه.
([85]) فالخساف التبس عليه الأمر؛ كعادة المقلدة في غالب المسائل في الأصول والفروع، وأخرج ما في جعبته من الباطل.
([86]) والخساف ضل في مسألة: «الحد» بسبب تقليده الأعمى لزلات العلماء، وعدم تمييزه في الاعتقاد، اللهم غفرا.
فالسكوت عن ذلك أولى به، فقد خاض فيما خاض به أهل البدع في نفي علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، وبينونته من خلقه، ونفي مكانه، وقوله بالحلول في خلقه، تعالى عما يقول: «الخساف» علوا كبيرا، فهذا لازم قوله الباطل.
([87]) وقد ثبت لله تعالى: «الحد» بدلالة الكتاب والسنة والآثار والإجماع والعقل والفطرة.
وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص212 و215).
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (41)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (ص7)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص279)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص168) من طرق عن سليمان بن حرب قال: سمعت حماد بن زيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «الحموية» (ص41)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص146).
وأخرجهالذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج5 ص1696) من طريق آخر به.
وإسناده صحيح.
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (72)، والخلال في «السنة» (1753)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج7 ص63) من طريق يحيى بن إسماعيل الواسطي قال: سمعت عباد بن العوام به.
قلت: وهذا سنده حسن.
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (147)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج9 ص7) من طريق عبدالله بن شبويه حدثنا محمد بن عثمان قال: سمعت عبدالرحمن بن مهدي به
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (2269) من طريق آخر.
وإسناده صحيح.
([94]) والخساف الجهمي في نفيه: «الحد» لله تعالى، قد وافق المريسي وأصحابه، وخالف السلف والخلف من أهل السنة.
([95]) و«الخساف» مع ادعائه العلم لم يعرف أن نفي: «الحد» لله تعالى، من اعتقاد: «المريسي الجهمي»، وأصحابه «الجهمية»، فوقع في الفخ، ولابد.
([96]) قلت: ولم يأت إنكار: «الحد» لله تعالى إلا عن: «الجهمية» أعداء السنة والتوحيد.
فعنهم تلقفها من جاء بعدهم ممن اشتغل بعلم الكلام، وأعرض عن دارسة ما كتبه أهل السنة والجماعة.
([97]) وما وقع فيه: «علوي السقاف» في هذا التجهم إلا على جهل فاضح عند أهل السنة والجماعة.
وليس هذا بغريب على هذا الرويبضة الذي ملأ كتابه: «صفات الله عز وجل» من التعليقات الباطلة في عدة أبواب، ولا يخفى أن هذا الكلام ينقض كتابه من أوله إلى آخره.
([98]) هذا حكم من أنكر: «الحد» لله تعالى، وموقف أهل السنة واضح فيه.
وكتابي هذا: شجى في حلق الخساف هذا.
([101]) فوقع: «الخساف» في اعتقادات الجهمية الكبرى جملة وتفصيلا، وهو لا يشعر بسبب جهله بالاعتقاد السلفي.
أخرجه الدشتي في «إثبات الحد لله» (ص107) من طريق محمد القطان أنبا محمد بن أبي نصر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
([104]) وهذا الخساف المتعالم له علم مخلط، ولم يكن له كبير علم في الاعتقاد السلفي الحقيقي.
فلذلك أنكر «الحد» لله تعالى، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
فالسكوت عن الخوض في هذه المسألة كان أولى به في الدين.
([106]) فقوله: ليس لله تعالى: «حد»، فهذا ضلال، وذلك أن من أهم ما يريد الجهمية المعطلة الوصول إليه: هو نفي علو الله تعالى خلقه، واستوائه على عرشه، كما صرح بذلك أئمة الحديث.
([108]) قلت: وهذا: «الخساف» ينشر في كتابه: «صفات الله عز وجل» مذهب الجهمية، وهو لا يشعر، ووقع في ذلك بسبب جهله بمذهب السلف في توحيد الأسماء والصفات جملة وتفصيلا.
([112]) وللأسف فإن كثيرا من المشتغلين بالكتابة، أو بتدريس اعتقاد أهل السنة والجماعة، قد وقعوا في اعتقادات الجهمية، وهم لا يشعرون وذلك بسبب أنهم يقلدون زلات العلماء بجهل بالغ في الدين.
([113]) ورؤوس الجهمية هم: «الجهم بن صفوان»، و«بشر المريسي»، و«أحمد بن أبي دؤاد» وغيرهم.
وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ص57)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج11 ص466).
([114]) إذا أتدري أيها الجاهل بنفيك «الحد» لله تعالى وافقت من؟!.
فهذا الرجل لم يأخذ السنة من المعين الصافي من السلف الصالح، وإنما أخذ من الكتب، ومن هنا وهناك من الأحاديث الضعيفة، ومن زلات العلماء، فهو يقلد في الدين، فوقع في الفخ، ولابد!.
([115]) وانظر «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص377و 381)، و«الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص232)، و«بيان تلبيس الجهمية» له (ج2 ص335)، و«الفتاوى» له أيضا (ج5 ص520)، و«مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص126)، و«إثبات الحد للـه» للدشتي (ص105)، و«الصحيح» للبخاري (ج13 ص403)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص92)، و«العرش» للذهبي (ج2 ص258)، وفي «العلو» له (ج1 ص580)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص403)، و«تغليق التعليق» له (ج5 ص255).
([116]) قلت: وقد أنكر هذه الصفات للـه تعالى أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية والصوفية، وغيرهم؛ من أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، لأنهم أعرضوا عن دراسة اعتقاد السلف والأثر، نعوذ بالله من الخذلان.
وانظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص523)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص198).
([117]) قلت: واعتقاد السلف شجى في حلوق أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والإباضية، والصوفية، وغيرهم من معطلة الصفات.
([118]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([119]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([120]) وانظر: «الأحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([121]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.
([123]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.
قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول ه هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.
وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).
([125]) وانظر: «الأحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).
([126]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.
([127]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول ه؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول ه، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل الؤمنين.
وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).
([128]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).
([129]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3ص496).
([130]) قلت: فلا بد من تبيين ضلالاته، وأباطيله، وكذبه، وافتراءاته، حتى ينكشف أمره لمن لم يعرفه إلى الآن، ويظهر زيغه وجهله، وقمع عناده وانحرافه، اللهم سدد.
وانظر: «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص170).
([133]) وأحب أن أشير هنا إلى مسألة هامة؛ وهي أن هذا السقاف الجمهمي قد اجتر معلوماته هذه البدعية التي يلقيها شبها على الناس من فتات ألقاه إليه شعيب الأرناؤوط المبتدع الأشعري الزنديق... فالرجل قد اتخذ من هذا السقاف الجهمي الزنديق صديقا يسير معه، ويشير عليه، ويدله على ما مر معه خلال حياته من أمور تشوش من ليس له قدم راسخة في العلوم الشرعية، وتهوش الرعاع؛ ليزعزع ثقة السلفيين بطريقهم ومنهجهم، فينشرها هذا السقاف الجهمي في كتبه على أنها من بنات أفكاره، وهكذا يشفي شعيب الأشعري الزنديق غله و حقده على كتب السنة، اللهم غفرا.
وانظر: «تعليقات شعيب الأرناؤوط البدعية في تحريفه لصفات اللـه تعالى»؛ في «تعليقه على رياض الصالحين» للنووي (ص225)، و(ص227)، و(ص278)، و(ص276)، و(ص419)، وتعليقه على «مسند الإمام أحمد» (ج6 ص131و255)، وتعليقه على «زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص136)، وفي تعليقه على «شرح السنة» للبغوي (ج15 ص141)، وفي تعليقه على «صحيح ابن حبان» (ج1 ص502)، وغير ذلك.
([135]) وانظر: تعليقات هذا السقاف على كتاب «دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه» لابن الجوزي (ص95 و148و108و110و111و118و127و131و135و141و144و148و157و170و173و190و194و219و245و250و274).
([136]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج8 ص339)، و(ج14 ص354)، و(منهاج السنة» له (ج5 ص358)، و«بيان تلبيس الجهمية» أيضا له (ج1 ص270)، و(ج2 ص399).
([137]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.
وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).
([139]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص433)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج2 ص33)، و«إثبات الحد للـه عز وجل» للدشتي (ص103)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج20 ص85)، و«النقض على المريسي» للدارمي (ص76).
([140]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص43)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص218و219)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص934)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج2 ص78).
([141]) قلت: فالجهمية ينفون علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، ويقولون: إن الله تعالى لا يباين خلقه، وليس بينه، وبينهم حد، ولا يتميز عنهم.
وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص43)، و«السنة» لعبدالله بن أحمد (ص55و89)، و«تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج1 ص168)، و«الرسالة» للسجزي (ص129).
([142]) قلت: وهكذا يفضح الله تعالى من عاند الحق، واتبع الباطل بالهوى، اللهم غفرا.
لذلك نطالب أهل البدع أن يأتوا ببرهان على عقيدة الأشعرية الجهمية: ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﮊ [البقرة: 111].
([143]) انظر: «معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج1 ص759)، و«الزاهر» له (ص462)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص53)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص799)، و«غرائب الأحاديث» للسمعاني (ج1 ص278)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج1 ص37)، و«العين» للخليل (ج1 ص355).
أخرجه الدشتي في «إثبات الحد للـه تعالى» (ص103).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج20 ص85).
([145]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص433)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج2 ص33)، و«مختصر الصواعق المرسلة» (ج3ص888)، و«الحجة في بيان المحجة» لأبي قاسم الأصبهاني (ج2 ص257)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص191)، و«العرش» للذهبي (ص7)، و«العلو» له (ج2 ص1303)، و«الرسالة» للسجزي (ص131)، و«شرح العقيده الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380).
([147]) وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج2 ص35)، و«الفتاوى» له (ج4 ص67)، و(ج6 ص53)، و(ج12 ص367).
([148]) قلت: وقد ثبت عن بعض أهل السنة نفي «الحد للـه تعالى»، ويعنون به نفي علم الخلق بحده تعالى، فلا يعلم كيفية حده إلا هو تعالى، ولا يحيط علم الخلق به، مع إثبات «الحد للـه تعالى».
قلت: فأريد بنفي الحد أن العباد لا يعلمون للـه حدا، ولا يحدون صفاته، ولا يكيفونها.
ﭧ ﭨ ﮋ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ [الشورى:11].
وﭧ ﭨ ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ [طه:110].
وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص433)، و«الفتاوى» له (ج3 ص141)، و(ج5 ص298)، و(ج6 ص38)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج6 ص535)، و«الرد على الجهمية» لابن قتيبة (ص53).
([150]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص42و43)، و«الفتاوى» له (ج5 ص519و520)، و«النقض على بشر المريسي» للدارمي (ص57)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج11 ص466)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص934)، و«اجتماع الجيوش» له (ص249)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص159)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص129).
([151]) قلت: ولقد أخطأ من قال أن لفظ «الحد للـه تعالى» لم يثبت في الكتاب والسنة، ولم يرد فيهما نفيا، ولا إثباتا! وجعله من الألفاظ الاصطلاحية الحادثة! كـ «الجسم» وغيره، اللهم غفرا.
قلت: بل «الحد للـه تعالى» ثبت في الكتاب والسنة في المعنى الصحيح، والاستنباط الصريح، وأثبت هذا المعنى فيها الأئمة، وأجمعوا على ثبوت «الحد للـه تعالى»، كما ذكرنا في أثناء الكتاب، والله ولي التوفيق.
([152]) انظر «شرح لمعة الاعتقاد» للشيخ الفوزان (ص297)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380).
([153]) قلت: وهذه المسألة لها شبه؛ بمسألة: «القرآن»، وأنه كلام اللـه تعالى غير مخلوق.
فزاد الأئمة «غير مخلوق» وذلك لمـا نشأت الجهمية، وصرحوا «بخلق القرآن»، فلم يسع أهل السنة حينئذ السكوت أمام هذا الضلال والكفر، فصرحوا بالقول بأن القرآن كلام اللـه تعالى، وزادوا بأنه: «غير مخلوق»، والله المستعان.
وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ص310).
([154]) قلت: والذين نفوا «الحد» عن اللـه تعالى، مرادهم نفي علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي ذلك كفر بإجماع أهل السنة والجماعة
وانظر: «النقض على بشر المريسي» للدارمي (ص57و58)، و«اجتماع الجيوش» لابن القيم (ص225)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج11 ص466)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص379).
أخرجه العطار في «الاعتقاد» (ص91)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص359)، واللالكائي في «الاعتقاد»، والذهبي في «العلو» (ج2 ص1155)، وفي «السير» (ج13 ص84)، وابن قدامة في «إثبات العلو» (110)، وابن الطبري في «السنة» (321) من طرق عن ابن أبي حاتم به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص257)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص232).
قلت: وهذا الاعتقاد الصحيح عن الإمام عبدالرحمن بن أبي حاتم ثبت من وجوه عنه، وهو مشهور عنه.
أخرجه أبو محمد الدشتي في «اثبات الحد للـه تعالى» (ص103) من طريق يوسف بن خليل الدمشقي أخبرنا هشام المعروف بالمؤيد بن عبدالرحيم قال: قال الأصبهاني به
قلت: وهذا سنده صحيح .
وذكره الذهبي في «السير» (ج20 ص85)
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص7و35و72)، والذهبي في «العلو» (ج2 ص987)، وفي «تاريخ الإسلام» (ص237)، والدارمي في «الرد على الجهمية» (ص50)، وفي «النقض على المريسي» (ج1 ص510)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص426)، وابن قدامة في «إثبات العلو» (99)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص308)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (112)، والصابوني في «العقيدة» (28) من طرق عن علي بن الحسن بن شقيق به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص269)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص54)، والذهبي في «العلو» (ص986)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص152). وذكره الذهبي في «السير» (ج8 ص401).
([159]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1136)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص447)، والطيالسي في «المسند» (1105)، وأبوداود في «سننه» (930)، والنسائي في «السنن الصغرى» (ج3 ص14)، وابن خزيمة في «التوحيد» (178)، والعطار في «الاعتقاد» (ص74)، وابن قدامة في «العلو» (16).
قلت: وأراد المبتدعة التشكيك في صحة هذا الحديث، وأنه وقع فيه اختلاف في متنه لإبطال دلالته على اعتقاد أهل الحديث من أن الله تعالى فوق خلقه، وأنه في «حد».
قلت: وشبهات المبتدعة لم تسلم منها آيات الكتاب العزيز؛ فكيف تسلم منها الأحاديث، اللهم غفرا.
وانظر: تعليق السقاف الزنديق على كتاب «دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه» لابن الجوزي (ص108)، وليتبين لك زندقته، وهو يضعف حديث الجارية؛ لكونه يخالف معتقده الذي يعتقده من الباطل من نفي علو الله تعالى على خلقه، كما عليه الجهمية الزنادقة!.
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (216)، والبيهقي في «الاسماء والصفات» (902)، والدارمي في «النقص» (33)، وفي «الرد على الجهمية» (162)، وابن جرير في «ذيل المذيل» (ص660)، والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص112) من طريق عبدالله بن أحمد بن شبويه قال: سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول: سمع عبدالله بن المبارك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص184): (وهذا مشهور عن ابن المبارك، ثابت عنه من غير وجه).اهـ
([162]) قلت: وهذا فيه رد على من قال أن «الحد للـه تعالى»، لم يشهد له الكتاب والسنة، وهو الشيخ الألباني /؛ حيث ذكر كتاب: «إثبات الحد للـه تعالى» للإمام الدشتي؛ في فهرسة: «مخطوطات دار الكتب الظاهرية» (ص376)، وعلق عليه بقوله: (ليس فيه ما يشهد لذلك من الكتاب والسنة!).
قلت: ولا يخفى أن هذا قول ليس بصواب، بل أدلة الكتاب والسنة تشهد «للحد للـه تعالى»، والله ولي التوفيق.
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (41)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (ص7)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص279)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص168) من طرق عن سليمان بن حرب قال: سمعت حماد بن زيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «الحموية» (ص41)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص146).
وأخرجه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج5 ص1696) من طريق آخر به.
وإسناده صحيح.
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (147)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج9 ص7) من طريق عبدالله بن شبويه حدثنا محمد بن عثمان قال: سمعت عبدالرحمن بن مهدي به
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (2269) من طريق آخر.
وإسناده صحيح.
([165]) وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص223)، و«الرد على الجهمية» له(ص84)، و«إثبات الحد للـه» للدشتي (ص104)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج20 ص85).
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص156)، والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص115)، والخلال في «السنة» (ج2 ص162- تلبيس الجهمية)؛ من أوجه صحيحة عن الإمام أحمد به.
وذكره ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص162)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص233).
أخرجه الدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص119) من طريق محمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن جعفر الاصطخري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه الخلال في «السنة» (ج2 ص162- تلبيس الجهمية)؛ والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص118) من طريق هارون بن يعقوب الهاشمي قال: سمعت أبي يقول: كنا عند أبي عبد اللـه-يعني الإمام أحمد-، فسألناه... فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص162و173).
أخرجه الدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص107) من طريق محمد القطان أنبا محمد بن أبي نصر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
([172]) وقال الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص223)؛ وهو رد على الجهمية: (وادعى المعارض أيضا أنه ليس للـه حد، ولا غاية، ولا نهاية، وهذا هو الأصل الذي بنى عليه جهم بن صفوان- لعنة اللـه عليه- جميع ضلالاته، واشتق منها أغلوطاته، وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق جهما إليها أحد من العالمين). اهـ
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص161)، والهروي في «ذم الكلام» (1208)، والدشتي في «إثبات الحد للـه» (ص124)، وهو في «مسائل» حرب الكرماني (ص412).
وإسناده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص184).
([175]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (6988)، والبخاري في «الأدب المفرد» (1212)، وأبو داود في «سننه» (5051)، والترمذي في «سننه» (3400).
([176]) قلت: بل من قال: إن هذا الحديث ليس دليل على إثبات «الحد للـه تعالى» فهو مبتدع ضال، لأنه يلزم أنه يقول: أن الله تعالى في كل مكان أوليس هو على العرش استوى، والعياذ باللـه.
وانظر: «إثبات الحد للـه تعالى» للدشتي (ص 127)، و«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج2 ص181).
([177]) وانظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص380)، و«الدرة العثيمينية» (ص204)، و«إثبات الحد للـه تعالى» للدشتي (ص124)، و«قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر» للقنوجي (ص48)، و«اعتقاد أهل السنة» للإسماعيلي (ص32)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص212و213)، و«بيان تلبيس الجهمية» له (ج1 ص433)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص198).