الرئيسية / سلسلة الانتصار على المبتدعة / رمي المجانيق لإصابة فالح الحربي والقضاء عليه؛ لأنه زنديق
رمي المجانيق لإصابة فالح الحربي والقضاء عليه؛ لأنه زنديق
|
||||
رمي المجانيق
لإصابة فالح الحربي والقضاء عليه؛ لأنه زنديق
دراسة أثرية منهجية علمية لكشف إلحاد وزندقة: «فالح الحربي»، وذلك بسبب ما وقع في الضلالات، وهذه الضلالات هي:
1) اغتيابه للشيخ ابن باز /!.
2) اغتيابه للشيخ ابن عثيمين /!.
3) اغتيابه لهيئة كبار العلماء!.
4) تبديعه وتضليله للشيخ الألباني /!.
5) ثناؤه على: «ابن لادن وأتباعه» الإرهابيين في أفغانستان، وأنهم من المجاهدين في الدين!.
6) ثناؤه على: «حركة طالبان» الإرهابية في أفغانستان!، وأنهم من المجاهدين في الدين!.
7) قوله بالتجهم والاعتزال.
8) قوله بالإرجاء.
9) قوله بالتفويض الخبيث.
10) نشره لأفكار: «جهيمان وأتباعه»؛ لأنه كان منهم وعلى أفكارهم.
11) وقوعه في تفسيرات المبتدعة للقرآن؛ منهم: «المغامسي».
11) طعنه في العلماء عموما؛ كأبي حنيفة، وابن حجر وغيرهما.
تأليف
العلامة المحدث
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
توضيح كلمة «زنديق» في الدين
قال الدكتور محمد بن عبدالرحمن الخميس: (زنديق: كلمة يونانية، أو فارسية أصلها: «زن دين»، فزن: المرأة، ودين: الدين، أي: دين المرأة، أي: دين الحماقة.
والفعل: تزندق.
فالزندقة: لها معنيان:
الأول: هو استبطان الكفر([1])، وإظهار الإسلام للدسيسة، فالزنديق على هذا من دخل الإسلام للشر، والإفساد، فهو أخص من المنافق([2])، وكلاهما كفر؛ لأن المنافق قد يظهر الإسلام خوفا فقط، ولا يريد الإفساد، والدسيسة للمسلمين، فكل زنديق منافق، ولا عكس فقد يكون منافقا، ولا يكون زنديقا، وذلك إذا أظهر الإسلام خوفا فقط بدون إرادة الدسيسة.
الثاني: ارتكاب البدعة: سواء كانت البدعة مكفرة أم لا، فالزنديق على هذا
مرادف للمبتدع([3])؛ والمبتدع([4]): قد يكون كافرا، وقد يكون مسلما فاسقا([5])، وقد يكون مسلما ضالا، فكذلك الزنديق على هذا المعنى، وكثير من الجهمية([6]) زنادقة، لهذا المعنى؛ أي: مبتدعة، وذلك أن يكون الزنديق قد ارتكب البدعة مع حسن نيته، ولكنه يكون مسلما ضالا، وعلى هذا يقال من تعلم الكلام تزندق، ومن تمنطق تزندق).([7])اهـ
قلت: فلفظ: «زنديق»: قد اتسع معناه إلى حد لا يسمح بتحديده على الكافر فقط، بل يطلق على ما دون الكافر؛ يعني: يطلق على المسلم إذا تشبه به في صفاته السيئة!، لأنه لفظ مشترك يطلق على أصناف مختلفة من الناس من أهل الكفر، وأهل البدع، وأهل الفسق سواء بسواء، لاشتراك بعضهم مع بعض في الإفساد في الأرض: والله ]لا يحب الفساد[ [البقرة:205]، ]والله لا يحب المفسدين[ [المائدة:64].
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
من اعتصم بالله نجا من الزنادقة
ذكر الدليل على التحقيق الصحيح في معرفة أقسام الزنادقة والزندقة
التعريف بالزنادقة:
الزنديق: فارسي معرب، وجمعه زنادقة.
والزنادقة، من الزندقة: وهي كلمة معربة عن الفارسية.
والزنديق: هو الذي لا يتمسك بشريعة.
والزنديق: هو الذي يقول بدوام الدهر.
والعرب تعبر عن هذا بقولهم: ملحد؛ أي: طاعن في الأديان.
والزنديق: هو النظار في الأمور، والمشهور على ألسنة الناس.
ويقال: هذا رجل «زندقي»، و«زنديق»؛ إذا كان شديد البخل.
ويقال: هذا «زنديق»، وهؤلاء «زنادقة»، و«زناديق»، و«زندقة الزنديق»؛ أنه لا يؤمن بالآخرة، ولا بوحدانية الخالق.([8])
والزندقة: الضيق، وقيل: «الزنديق» منه؛ لأنه ضيق على نفسه بالضلالة، وغيرها.
والزنديق: من الثنوية، وهو فارسي معرب، والجمع الزنادقة، وقد تزندق، والاسم: الزندقة.
والزندقة: هي النفاق؛ وهو إظهار الإيمان، وإبطال الكفر.([9])
فالزنادقة: هم الذين كانوا يسمون بــ«المنافقين» في صدر الإسلام، ويعيشون بين الناس، وإذا سنحت لهم فرصة ظهر شرهم، وكشروا عن أنيابهم ضد الحق وأهله في بلدان المسلمين؛ كما هو موجود في زماننا الآن تماما.([10])
إذا فالزنديق: هو الذي يظهر الإسلام، ويخفي الكفر، أو يظهر السنة، ويخفي البدعة، أو يظهر السلفية، ويخفي الحزبية السرية، أو يظهر الجهاد، ويخفي الثورة الخارجية، أو يظهر الإيمان، ويخفي الإرجاء، أو يظهر الأعمال الخيرية، ويخفي الأعمال الشرية، أو يظهر حفظ القرآن وتجويده، ويخفي حصول مآربه الدنيوية بالقرآن، ويظهر المسابقات بالقرآن، ويخفي المخطاطات بذلك في المساجد.
قلت: فهؤلاء كلهم يعيشون -للأسف- في بلدان المسلمين، وهم منافقون، يظهرون الخير للمسلمين من الحكام والمحكومين، ويبطنون الشر لهم، فإذا سنحت لهم فرصة أظهروا شرهم لهم، وكشروا عن أنيابهم ضدهم، فلا تسأل عن سفك الدماء، وهتك الأعراض، وقتل النساء، والأطفال، وتدمير البناء، وسرقة الأموال، وكثرة الأمراض، وإحراق المدن، وإحداث الفوضى، وتشريد الناس، وإهلاكهم بالجوع والعطش، والفقر، والحزن والهم، والبكاء، وضررهم في الشتاء بالبرد، والصيف بالحر، وفقدهم للآباء، والأمهات، والزوجات، والأبناء، والبنات، وغير ذلك من الدمار الشامل للناس وبلدانهم، هؤلاء هم المبتدعة([11]) الزنادقة، اللهم غفرا.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح السنة» (ص292): (الزندقة: هي النفاق؛ وهو إظهار الإيمان، وإبطال الكفر. فالزنادقة: هم الذين كانوا يسمون بــ«المنافقين» في صدر الإسلام، ويعشون بين الناس، وإذا سنحت لهم فرصة ظهر شرهم، وكشرت عن أنيابهم ضد الحق وأهله؛ كما هو موجود في زماننا الآن). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص497): (هذا مع العلم بأن كثيرا من المبتدعة منافقون النفاق الأكبر، وأولئك كفار في الدرك الأسفل من النار، فما أكثر ما يوجد في الرافضة، والجهمية، ونحوهم، زنادقة منافقون، بل أصل هذه البدع هو من المنافقين الزنادقة). اهـ
قلت: ولا شك أن الناظر في كثير من رؤوس أهل البدع يجد أن النفاق قد كثر فيهم، وهذا مشاهد معلوم!، بل وحتى في أفراد بعض المبتدعة، فإن النفاق فيهم كثير، وقد يكون بعضهم قد قامت به بعض شعب النفاق، لأن البدع تحمل أصحابها على الشك، والحيرة مما قد لا يستطيع كثير من أهل البدع إظهاره أمام الناس؛ إما خوفا، أو لأمر آخر، وهذا هو النفاق، وهو الزندقة.([12])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص380): (والزنديق: هو المارق عن الدين، وقيل الزنديق هو المنافق، ولعل الزنديق أشد من المنافق؛ لأن المنافق ربما يتصنع للمسلمين، ويظهر أنه مسلم، كما هو الشأن في المنافقين في عهد الرسول r). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «المناظرة في القرآن» (ص50) عندما ذكر اعتقادات المبتدعة، وما أبطنوا من البدع: (وهذا هو النفاق في عهد رسول الله r وهو الزندقة اليوم، وهو: أن يظهر موافقة المسلمين في اعتقادهم، ويضمر خلاف ذلك، وهذا حال هؤلاء القوم لا محالة، فهم زنادقة بغير شك، فإنه لا شك في أنهم يظهرون تعظيم المصاحف إيهاما أن فيها القرآن، ويعتقدون في الباطن أنه ليس فيها إلا الورق والمداد، ويظهرون تعظيم القرآن، ويجتمعون لقراءته في المحافل، والأعرية -يعني الموضع الخالي- ... وليس في أهل البدع كلهم من يتظاهر بخلاف ما يعتقده غيرهم، وغير من أشبههم من الزنادقة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج1 ص259): (فإن التجهم، والرفض هما أعظم والبدع، أو من أعظم البدع التي حدثت في الإسلام، ولهذا كان الزنادقة المحضة؛ مثل الملاحدة من القرامطة، ونحوهم، إنما يتسترون بهذين: بالتجهم، والتشيع). اهـ
قلت: كل ذلك باسم الإسلام، وباسم الأعمال الخيرية، وباسم الجهاد، وباسم الدعوة، وباسم الإصلاح، وهذه الأمور لا يدركها إلا أهل العلم، واتخاذهم المساجد مقرا لهم، والتآمر فيما بينهم في جمع التبرعات فيها، والاستفادة من المصلين، ومن أموالهم.
ولا يزال هؤلاء سبب ريبة، وشك في الدين لكثير من الناس؛ لأنهم يظهرون شيئا، ويبطنون شيئا آخر، اللهم سلم سلم.
قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله -عضو هيئة كبار العلماء- في «إعانة المستفيد» (ج1 ص242): (التنبيه على خداع المخادعين، وأن يكون المؤمنون على حذر دائما من المشبوهين، ومن تضليلهم، وأنهم قد يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالمشاريع الخيرية -كبناء المساجد-، ولكن ما دامت سوابقهم، وما دامت تصرفاتهم تشهد بكذبهم؛ فإنه لا يقبل منهم، ولا ننخدع بالمظاهر دون النظر إلى المقاصد، وإلى ما يترتب -ولو على المدى البعيد- على هذه المظاهر ... فتنبه المسلمين إلى الحذر في كل زمان، ومكان من تضليل المشبوهين، وأن كل من تظاهر بالخير، والصلاح، والمشاريع الخيرية لا يكون صالحا... فإننا نأخذ الحذر منه، ولا ننخدع). اهـ
وسئل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /. ما واجب علماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات، والجماعات في كثير من الدول الإسلامية، وغيرها، واختلافها فيما بينها حتى إن كل جماعة تضلل الأخرى. ألا ترون من المناسب التدخل في مثل هذه المسألة؛ بإيضاح وجه الحق في هذه الخلافات، خشية تفاقمها، وعواقبها الوخيمة على المسلمين هناك؟.
فأجاب سماحته: (إن نبينا محمدا r بين لنا دربا واحدا يجب على المسلمين أن يسلكونه وهو صراط الله المستقيم، ومنهج دينه القويم، يقول الله تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[ ([13]).
كما نهى رب العزة، والجلال أمة محمد r عن التفرق، واختلاف الكلمة؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفشل، وتسلط العدو، كما في قوله جل وعلا: ]واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[([14]) وقوله تعالى: ]شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه[([15]).
فهذه دعوة إلهية إلى اتحاد الكلمة، وتآلف القلوب، والجمعيات إذا كثرت في؛ أي: بلد إسلامي من أجل الخير، والمساعدة، والتعاون على البر والتقوى بين المسلمين دون أن تختلف أهواء أصحابها([16])؛ فهي خير، وبركة، وفوائدها عظيمة.
أما إن كانت كل واحدة تضلل الأخرى، وتنقد أعمالها([17]) فإن الضرر بها حينئذ عظيم، والعواقب وخيمة. فالواجب على المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية، ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي بينه الله تعالى لعباده، ودعا إليه نبينا محمد r، ومن تجاوز([18]) هذا، واستمر في عناده لمصالح شخصية، أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله، فإن الواجب التشهير به، والتحذير منه ممن عرف الحقيقة([19])، حتى يتجنب الناس طريقهم، وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه، ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله تعالى باتباعه في قوله جل وعلا: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[.([20])
ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولا وأعداء الإسلام من الإنس ثانيا؛ لأن اتفاق كلمة المسلمين، ووحدتهم، وإدراكهم الخطر الذي يهددهم، ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك، والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين، ودرء الخطر عن دينهم، وبلادهم، وإخوانهم، وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين، وتشتيت شملهم، وبذر أسباب العداوة بينهم، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه).([21]) اهـ
وسئل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /:
ما هو موقف المسلم من الخلافات المذهبية المنتشرة بين الأحزاب، والجماعات؟ .
فأجاب سماحته: (الواجب عليه أن يلزم الحق الذي يدل عليه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وأن يوالي على ذلك، ويعادي على ذلك، وكل حزب، أو مذهب يخالف الحق يجب عليه البراءة منه، وعدم الموافقة عليه.
فدين الله تعالى واحد، وهو الصراط المستقيم، وهو عبادة الله تعالى وحده، واتباع رسوله محمد عليه الصلاة والسلام.
فالواجب على كل مسلم أن يلزم هذا الحق، وأن يستقيم عليه، وهو طاعة الله تعالى، واتباع شريعته التي جاء بها نبيه محمد عليه الصلاة، والسلام مع الإخلاص لله في ذلك، وعدم صرف شيء من العبادة لغيره سبحانه وتعالى، فكل مذهب يخالف ذلك، وكل حزب لا يدين بهذه العقيدة يجب أن يبتعد عنه، وأن يتبرأ منه، وأن يدعو أهله إلى الحق بالأدلة الشرعية مع الرفق، وتحري الأسلوب المفيد، ويبصرهم بالحق).([22]) اهـ
وقال الحافظ ابن حزم / في «الفصل» (ج4 ص227): (واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الحسبة في الإسلام» (ص26): (فأما الغش في الديانات؛ فمثل البدع المخالفة للكتاب والسنة، وإجماع السلف الأمة من الأقوال والأفعال). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «الموقظة» (ص60) عن المبتدعة الزنادقة: (فمنهم من يفتضح في حياته، ومنهم من يفتضح بعد وفاته، فنسأل الله الستر والعفو). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص60): (كل من خالف جماعة أهل السنة فهو ضال، ما عندنا إلا جماعة واحدة هم أهل السنة والجماعة، وما خالف هذه الجماعة فهو مخالف لمنهج الرسول r.
ونقول أيضا: كل من خالف أهل السنة والجماعة فهو من أهل الأهواء، والمخالفات تختلف في الحكم بالتضليل، أو بالتكفير حسب كبرها وصغرها، وبعدها وقربها من الحق([23]». اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج2 ص482): (ومذهب أهل السنة والجماعة قديم معروف ... فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم r، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص178): (الطرائق المبتدعة؛ كلها يجتمع فيها الحق والباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414): (البدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء: ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة؛ كبدعة الخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج4 ص363): (أن الذي ابتدع مذهب الرافضة كان زنديقا([24]) ملحدا عدوا لدين الإسلام وأهله، ولم يكن من أهل البدع المتأولين؛ كالخوارج والقدرية، وإن كان قول الرافضة راج بعد ذلك على قوم فيهم إيمان لفرط جهلهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص170)؛ عن المبتدعة الذين علمهم مخلط فيه الحق والباطل: (فمبتدعة أهل العلم والكلام طلبوا العلم بما ابتدعوه، ولم يتبعوا العلم المشروع ويعملوا به). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص356)؛ عن المبتدعة الزنادقة: (وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات على مذهبهم، ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه، ومن هؤلاء فرق الخوارج، والروافض، والجهمية، والمعتزلة، والقدرية، والمرجئة، وغيرهم). اهـ
قلت: فلفظ: «زنديق»؛ لفظ مشترك قد أطلق على معان عدة، مختلفة فيما بينا على الرغم مما قد يجمع بينها من تشابه، فكان يطلق عليه من يؤمن بــ«المانوية»([25])، ويثبت أصلين أزليين للعالم: هما النور والظلمة، ثم اتسع المعنى من بعد اتساعا كبيرا حتى أطلق على كل صاحب بدعة، وكل ملحد، بل انتهى به الأمر أخيرا إلى أن يطلق على من يكون مذهبه مخالفا لمذهب أهل السنة والجماعة، أو حتى من كان يحيا حياة المجون من الشعراء، والممثلين، والمغنين، والفسقة، والكتاب الجهلة الذين يتكلمون بالباطل، ولا يبالون بذلك([26])، اللهم سلم سلم.([27])
قلت: واختلف في أصلها؛ أي: الزندقة:
فقيل: «زن دين»؛ أي: دين المرأة؛ أي: دين الحماقة.
وقيل: «زنده كرد»؛ وهي كلمة فارسية؛ بمعنى حي، و«زنده»: الحياة، و«كرد»: العمل.
وقيل: «زند كراي»؛ أي: من يقول بدوام الدهر.
قال العلامة الزبيدي اللغوي / في «تاج العروس» (ج6 ص373): (والصواب أن الزنديق نسبة إلى «الزند»، وهو كتاب: «ماني المجوسي»). اهـ
قلت: فالزنديق معروف في اللغة، وزندقته؛ أنه لا يؤمن بالآخرة، ولا يؤمن بوحدانية الخالق.
وليس في كلام العرب زنديق، وإنما تقول العرب: رجل زندق، وزندقي إذا كان شديد البخل، فإذا أرادت العرب معنى ما تقوله العامة؛ قالوا: ملحد، ودهري، وهذا هو المشهور عند الناس!.
قال العلامة الجوهري اللغوي / في «الصحاح» (ج4 ص1489): (الزنديق من الثنوية([28])، وهو معرب، والجمع: الزنادقة وقد تزندق، والاسم الزندقة).اهـ
وقال الإمام الخليل / في «العين» (ج2 ص766): (الزنديق ... زندقة الزنديق: ألا يؤمن بالآخرة، وبالربوبية). اهـ
وقال ابن منظور اللغوي / في «لسان العرب» (ج2 ص1871): (الزنديق: القائل ببقاء الدهر، فارسي معرب، وهو بالفارسية: زند كراي، يقول بدوام بقاء الدهر). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص471): (والمقصود هنا: أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد النبي r. وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره سواء أبطن دينا من الأديان: كدين اليهود، والنصارى، أو غيرهم، أو كان معطلا جاحدا للصانع، والمعاد، والأعمال الصالحة، ومن الناس من يقول: «الزنديق» هو الجاحد المعطل، وهذا يسمى الزنديق في اصطلاح كثير من أهل الكلام، والعامة، ونقلة مقالات الناس.
ولكن الزنديق الذي تكلم الفقهاء في حكمه: هو الأول؛ لأن مقصودهم هو التمييز بين الكافر وغير الكافر، والمرتد وغير المرتد، ومن أظهر ذلك أو أسره. وهذا الحكم يشترك فيه جميع أنواع الكفار والمرتدين، وإن تفاوتت درجاتهم في الكفر والردة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بغية المرتاد» (ص338): (لفظ الزندقة لا يوجد في كلام النبي r، كما لا يوجد في القرآن، وهو لفظ أعجمي معرب، أخذ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام وعرب، وقد تكلم به السلف، والأئمة في توبة الزنديق، ونحو ذلك. فأما الزنديق الذي تكلم الفقهاء في قبول توبته في الظاهر، فالمراد به عندهم المنافق، الذي يظهر الإسلام، ويبطن الكفر، وإن كان مع ذلك يصلي ويصوم، ويحج، ويقرأ القرآن، وسواء، كان في باطنه يهوديا أو نصرانيا، أو مشركا، أو وثنيا، وسواء كان معطلا للصانع وللنبوة، أو للنبوة فقط، أو لنبوة نبينا r فقط، فهذا زنديق، وهو منافق، وما في القرآن والسنة من ذكر المنافقين يتناول مثل هذا بإجماع المسلمين، ولهذا كان هؤلاء مع تظاهرهم بالإسلام قد يكونون أسوأ حالا من الكافر المظهر كفره من اليهود والنصارى). اهـ
قلت: وعند التأمل؛ لمن أطلق عليهم وصف: «الزندقة» نجد اختلافا ظاهرا:
v فمنهم من يطلقه على: «ماني الثنوي المجوسي([29]»)، ومعتنقي مذهبه.
v ومنهم من يطلقه على فرقة خاصة؛ قرينه لليهود، والنصارى، كــ«الفرقة الشيعية»، و«الفرقة الصوفية».
v ومنهم من يطلقه على أهل المجون، والخلاعة؛ من الشعراء، والممثلين، والمغنين، والفسقة، وغيرهم.
v ومنهم من يطلقه على المبتدعة؛ من الجهمية، والمعتزلة، والأشعرية، والمرجئة، والخارجية، وغيرهم.
v ومنهم من يطلقه على غيرهم على حسب الضلالة فيهم، بغض النظر هل هم كفار، أو ليسوا بكفار، فنتبه.
إذا فالزندقة لم يكن معناها واحدا عند الناس على السواء؛ فمعناها في أذهان العلماء غير معناها في أذهان العامة، فاتنبه.
قلت: ويستخلص بعد بسط القول في توضيح ذلك أن «الزندقة» تطلق على معان، وهي:
1) التهتك، والاستهتار، والفجور من تبجج في القول يصل أحيانا إلى ما يمس الدين.
2) اتباع دين المجوس، وخاصة دين «ماني المجوسي»، وأتباعه «المانوية».
3) ملحدون لا دين لهم كــ«الشيوعية»؛ بمعنى: اللادينية، فالزنديق من لا يتدين بدين، وهذا هو المشهور عند العامة أتباع الجماعات الحزبية.
4) المبتدعة الذين توسعوا في التمسك بالبدع الظاهرة والباطنة، وحرفوا، وأولوا([30]) في الاعتقاد، والدين.([31])
قلت: وهذا من جملة ما أطلقه علماء أهل السنة على الجهمية، والمعتزلة، والأشعرية، والمرجئة، والصوفية، وغيرهم([32]) الذين يقولون بالبدع، والأهواء في الدين، والدعوة، والجهاد، والاعتقاد، والعلم، والعمل.([33])
إذا فالزندقة تطلق على الملحدين، والمرتدين، والمبتدعين، والحزبيين، والقصاصين، والممثلين، والمغنين، والثوريين، والعقلانيين، والمفكرين([34])، والعاصين، ومن نهج منهجهم، وسلك مسلكهم، اللهم سلم سلم.
قلت: فكل من خالف ما ثبت في الدين، وأصر عليه، وعمل به، ولم يتب منه، فهو زنديق!، سواء كفر، أم لم يكفر([35])، فافهم لهذا.([36])
وقد نص جمع من أئمة السلف على أن الجهمية، وغيرهم من أهل البدع؛ من الزنادقة، ومن هؤلاء الأئمة: عبدالله بن المبارك([37])، ويزيد بن هارون([38])، وعبدالوهاب الوراق -صاحب الإمام أحمد-([39]) وغيرهم.([40])
قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص209)؛ بعد أن ذكر حديث «من بدل دينه فاقتلوه»([41]): (الجهمية عندنا زنادقة، من أخبث الزنادقة، نرى أن يستتابوا من كفرهم، فإن أظهروا التوبة تركوا...، وإن شهدت عليهم بذلك شهود فأنكروا، ولم يتوبوا قتلوا. كذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب t أنه سن في الزنادقة). اهـ
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص200): (فرأينا هؤلاء الجهمية، أفحش زندقة، وأظهر كفرا، وأقبح تأويلا لكتاب الله، ورد صفاته فيما بلغنا عن هؤلاء الزنادقة الذين قتلهم علي t وحرقهم... ثم قال: فقال لي المناظر الذي ناظرني: أردت إرادة منصوصة في إكفار الجهمية باسمهم، وهذا الذي رويت عن علي t في الزنادقة!.
فقلت: الزنادقة والجهمية أمرهما واحد، ويرجعان إلى معنى واحد، ومراد واحد، وليس قوم أشبه بقوم منهم بعضهم ببعض، وإنما يشبه كل صنف، وجنس بجنسهم وصنفهم). اهـ
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «النقض» (ج1 ص580): (الجهمية عندنا أخبث الزنادقة؛ لأن مرجع قولهم إلى التعطيل كمذهب الزنادقة سواء). اهـ
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «النقض»» (ج2 ص904): (والتجهم عندنا باب كبير من الزندقة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص352): (... وهكذا كان الجهم يقول أولا: إن الله لا كلام له. ثم احتاج أن يطلق أن له كلاما لأجل المسلمين فيقول: هو مجاز؛ ولهذا كان الإمام أحمد، وغيره من الأئمة يعلمون مقصودهم، وأن غرضهم التعطيل، وأنهم زنادقة؛ والزنديق: المنافق. ولهذا تجد مصنفات الأئمة يصفونهم فيها بالزندقة، كما صنف الإمام أحمد «الرد على الزنادقة والجهمية»، وكما ترجم البخاري آخر كتاب الصحيح بــ«كتاب التوحيد والرد على الزنادقة والجهمية»).([42]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص302): (ومن تدبر كلام السلف والأئمة في هذا الباب، علم أن الجهمية النفاة للصفات كانوا عند السلف والأئمة من جملة الزنادقة). اهـ
قلت: وكذلك أهل البدع لا يخلو شيوخهم وكبراؤهم من النفاق والزندقة، ولذلك لما تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية على الفارابي، وابن سينا، وابن سبعين؛ وصفهم بالزندقة.([43])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بغية المرتاد» (ص341): (وبالجملة فقد ذكر الله تعالى من أمور المنافقين في السور المدنية ما يطول ذكره، وعامة ما يوجد النفاق في أهل البدع، فإن الذي ابتدع الرفض كان منافقا زنديقا، وكذلك يقال عن الذي ابتدع التجهم، وكذلك رؤوس القرامطة، والخرمية وأمثالهم لا ريب أنهم من أعظم المنافقين، وهؤلاء لا يتنازع المسلمون في كفرهم). اهـ
قلت: وأعظم منه كلام الإمام ابن قدامة لما تكلم على الأشاعرة لما زعموا أن ما بين دفتي المصحف إنما هو الحبر والورق، وليس فيه من كلام الله شئ قال في «مناظرة في القرآن العظيم» (ص78): (ثم كيف يحل لهم أن يوهموا العامة ما يقوى به اعتقادهم -الذي يزعمون أنه بدعة- من تعظيمهم للمصاحف في الظاهر، واحترامها عند الناس، وربما قاموا عند مجيئها، وقبلوها، ووضعوها على رؤوسهم! ليوهموا الناس أنهم يعتقدون فيها القرآن... وهذا عندهم اعتقاد باطل، فكيف يحل لهم أن يتظاهروا به، ويضمرون خلافه؟!([44]) وهذا هو النفاق في عهد رسول الله r، وهو الزندقة اليوم، وهو: أن يظهر موافقة المسلمين في اعتقادهم، ويضمر خلاف ذلك، وهذا حال هؤلاء القوم لا محالة، فهم زنادقة بغير شك). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص122): (وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده، ويريد القرآن؛ فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة، فقم من عنده ودعه، واعلم أن الأهواء كلها ردية تدعو كلها إلى السيف، وأردؤها وأكفرها: الروافض، والمعتزلة، والجهمية، فإنهم يردون الناس على التعطيل والزندقة). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبدالرحمن بن حسن / في «الدرر السنية» (ج3 ص215): (أن معنى استوى: استقر، وارتفع، وعلا، وكلها بمعنى واحد، لا ينكر هذا إلا جهمي زنديق، يحكم على الله، وعلى أسمائه، وصفاته بالتعطيل، قاتلهم الله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج17 ص391)؛ عن ابن قتيبة([45])/: (وابن قتيبة هو من المنتسبين إلى أحمد، وإسحاق، والمنتصرين لمذاهب السنة المشهورة، وله في ذلك مصنفات متعددة... وكان معاصرا لإبراهيم الحربي، ومحمد بن نصر المروزي، وكان أهل المغرب يعظمونه، ويقولون: من استجاز الوقيعة في ابن قتيبة يتهم بالزندقة). اهـ
وقال الإمام حرب الكرماني / في «مسائله» (ص363)؛ عن القدرية المبتدعة: (يزعمون أن إليهم الاستطاعة، والمشيئة، والقدرة، وأنهم يملكون لأنفسهم الخير والشر... وأن العباد يعملون بدئا من أنفسهم من غير أن يكون سبق لهم ذلك في علم الله تعالى، وقولهم يضارع قول المجوسية والنصرانية، وهو أصل الزندقة). اهـ
وقال الإمام حرب الكرماني / في «مسائله» (ص363)؛ عن الجهمية المبتدعة: (أعداء الله تعالى، وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق، وأن الله تعالى لم يكلم موسى، وأن الله لا يتكلم، ولا يرى، ولا يعرف لله تعالى مكان، وليس لله عرش، ولا كرسي وكلام كثير أكره حكايته، وهم كفار زنادقة أعداء الله تعالى، فاحذروهم). اهـ
وقال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج10 ص401): كتاب التوحيد، والرد على الزنادقة والجهمية، وغيرهم.([46])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص320): (أن يقال: القول بتقديم غير النصوص النبوية عليها، من عقل، أو كشف، أو غير ذلك، يوجب أن لا يستدل بكلام الله تعالى، ورسوله r على شيء من المسائل العلمية، ولا يصدق بشيء من أخبار الرسول r؛ لكون الرسول أخبر به، ولا يستفاد من أخبار الله تعالى، ورسوله r هدى ولا معرفة بشيء من الحقائق، بل ذلك مستلزم لعدم الإيمان بالله تعالى ورسوله r، وذلك متضمن للكفر، والنفاق، والزندقة، والإلحاد، وهو معلوم الفساد بالضرورة من دين الإسلام، كما أنه في نفسه قول فاسد متناقض في صريح العقل، وهذا لازم لكل من سلك هذه الطريق). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص307)؛ بعد أن ذكر كلاما للدارمي في تستر أهل البدع، ومراوغتهم، وإخفائهم بعض ما يعتقدون: (وهذا الذي حكاه عثمان بن سعيد عن هذا الرجل([47]) هو لسان حال أئمة الجهمية المتشيعة، كالقرامطة الباطنية، من الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم([48])، وهم رؤوس الملاحدة وأئمتهم([49])، وقد دخل كثير من إلحادهم على كثير من الشيعة والمتكلمين، من المعتزلة، والنجارية، والضرارية، والأشعرية، والكرامية، ومن أهل التصوف، والفقه والحديث والتفسير والعامة.
لكن عامة هؤلاء لا يعتقدون الزندقة، بل يقرون بنبوة الرسول r، لكن دخل فيهم نوع من الإلحاد، وشعبة من شعب النفاق، والزندقة أضعف إيمانهم، وحصل في قلوبهم نوع شك وشبهة في كثير مما جاء به الرسول، مع تصديقهم للرسول r.
وتجدهم في هذا الباب في حيرة واضطراب، وشك وارتياب، لم يحققوا ما ذكره الله تعالى في قوله: ]إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون[ [الحجرات: 15].
ولكن ليس كل من دخل عليه شعبة من شعب النفاق، والزندقة، فقبلها جهلا، أو ظلما، يكون كافرا منافقا في الباطن، بل قد يكون معه من الإيمان بالله، ورسوله ما يجزيه الله عليه، ولا يظلم ربك أحدا).([50]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص321): (وحقيقة هذا سلب الإيمان برسالة الرسول r، وعدم تصديقه، ثم إن لم يقم عنده المعارض المقدم بقى لا مصدقا بما جاء به الرسول r، ولا مكذبا به، وهذا كفر باتفاق أهل الملل، وبالاضطرار من دين الإسلام، وإن قام عنده المعارض المقدم كان مكذبا للرسول r، فهذا في الكفر الذي هو جهل مركب([51])، وذلك في الكفر الذي هو جهل بسيط([52])... ولهذا كان الأصل الفاسد مستلزما للزندقة، والإلحاد في آيات الله وأسمائه، فمن طرده أداه إلى الكفر، والنفاق، والإلحاد، ومن لم يطرده تناقض، وفارق المعقول الصريح، وظهر ما في قوله من التناقض والفساد). اهـ
قلت: وهذا لازم لكل من سلك هذه الطريق، والله المستعان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص204): (أن يقال: معارضة أقوال الأنبياء بآراء الرجال، وتقديم ذلك عليها؛ هو من فعل المكذبين للرسل، بل هو جماع كل كفر، كما قال الشهرستاني في أول كتابه المعروف «بالملل والنحل» ما معناه: (أصل كل شر هو من معرضة النص بالرأي، وتقديم الهوى على الشرع(
وهو كما قال، فإن الله تعالى أرسل رسله، وأنزل كتبه، وبين أن المتبعين لما أنزل هم أهل الهدى والفلاح، والمعرضين عن ذلك هم أهل الشقاء والضلال.
كما قال تعالى: ]قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (123) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) [ [طه: 123-126].
وقال تعالى: ]يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (35) والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون[ [الأعراف 35-36].
وقد أخبر عن أهل النار أنهم إنما دخلوها لمخالفة الرسل، قال تعالى: ]ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس[ [الأنعام: 128]، إلى قوله تعالى: ]يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين[ [الأنعام: 130].
وقال تعالى: ]وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين[ [الزمر: 71].
وقال تعالى: ]كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير (8) قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير[ [الملك: 8 و9].
ومعلوم أن الكلام الذي جاءت به الرسل عن الله نوعان: إما إنشاء، وإما إخبار. والإنشاء: يتضمن الأمر والنهي والإباحة، فأصل السعادة تصديق خبره، وطاعة أمره وأصل الشقاوة معارضة خبره، وأمره بالرأي والهوى، وهذا هو معرضة النص بالرأي، وتقديم الهوى على الشرع.
ولهذا كان ضلال من ضل من أهل الكلام، والنظر في النوع الخبري، بمعارضة خبر الله عن نفسه، وعن خلقه بعقلهم ورأيهم، وضلال من ضل من أهل العبادة، والفقه في النوع الطلبي، بمعارضة أمر الله تعالى الذي هو شرعه بأهوائهم، وآرائهم.
والمقصود هنا أن معارضة أقوال الرسل بأقوال غيرهم من فعل الكفار، كما قال تعالى: ]ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد[ [غافر: 4]، إلى قوله: ]وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب[ [غافر: 5].
وقوله تعالى: ]وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق[ [الكهف: 56].
وقوله تعالى: ]ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا[ [غافر 4].
ومن المعلوم أن كل من عارض القرآن، وجادل في ذلك بعقله ورأيه، فهو داخل في ذلك([54])، وإن لم يزعم تقديم كلامه على كلام الله تعالى، ورسوله r، بل إذا قال ما يوجب المرية، والشك في كلام الله تعالى، فقد دخل في ذلك، فكيف بمن يزعم أن ما يقوله بعقله، ورأيه مقدم على نصوص الكتاب والسنة؟!.
وقد جمع الله هؤلاء بقوله: ]ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله[ [الأنعام: 93].
فذكر سبحانه من يفترى الكذب على الله، ومن يقول أنه يوحى إليه، ومن زعم أنه يقول كلاما مثل الكلام الذي أنزله الله تعالى.
وهذا الأصل هو مما يعلم بالضرورة من دين الرسل من حيث الجملة: يعلم أن الله تعالى إذا أرسل رسولا، فإنما يقول ما يناقض كلامه ويعارضه من هو كافر، فكيف بمن يقدم كلامه على كلام الرسول؟، وأما المؤمنون بما جاء به فلا يتصور أن يقدموا أقوالهم على قوله، بل قد أدبهم الله بقوله: ]لا تقدموا بين يدي الله ورسوله[ [الحجرات: 1].
ولكن البدع مشتقة من الكفر، فلهذا كانت معارضة النصوص الثابتة عن الأنبياء بآراء الرجال هي من شعب الكفر، وإن كان المعارض لهذا بهذا يكون مؤمنا بما جاء به الرسول في غير محل التعارض.
وإذا كان أصل معارضة الكتب الإلهية بقول فلان، وفلان من أصول الكفر، علم أن ذلك كله باطل، وهذا مما ينبغي للمؤمن تدبره، فإنه إذا حاسب نفسه على ذلك، علم تصديق ذلك. ومما بين هذا). اهـ
قلت: وتأثير كلام أهل البدع على القلوب مشاهد محسوس، فكم من أناس تأثروا بسماع كلامهم في القديم، والحديث، ولهذا كان السلف الصالح يعظمون السماع من أهل البدع، وينهون عنه أشد النهي خوفا من تغير القلوب، واستمالتها لكلامهم، اللهم سلم سلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص517): (فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول، والأديان على خلق من المشايخ، والعلماء، والملوك، والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله تعالى).([55]) اهـ
قلت: لذلك كان السلف يحذرون من مجالسة المبتدعة الزنادقة.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لا تجالس أهل الأهواء، فإن مجالستهم ممرضة للقلوب).([56])
أثر حسن
أخرجه الآجري في «الشريعة» (133)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (598) من طريق هشام بن عبدالملك الحمصي قال: حدثنا محمد بن حرب عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن أبي حصين عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن الزبرقان السراج قال: (نهانى أبو وائل أن أجالس أصحاب أرأيت).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص282)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص203)، والبيهقي في «المدخل» (229)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (415)، وابن عبدالبر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1076) من طرق عن الزبرقان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن أبي قلابة / قال: «لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم([57])، فإنى لا آمن أن يغمسوكم فى الضلالة، أو يلبسوا([58]) عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم».
وفي رواية: (أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون).
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص212 و213)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (233)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص36)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (99)، وابن البناء في «المختار» (17)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص60)، وفي «الاعتقاد» (ص48)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (328)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص552)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص287 و437)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص184)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص284)، والذهبي في «السير» (ج4 ص472)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص389)، والآجري في «الشريعة» (61)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص134)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص120)، وابن وضاح في «البدع» (55)، والخلال في «السنة» (1968)، والأصبهاني في «الترغيب» (462) من طرق عن أيوب السختياني عن أبي قلابة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده ابن بطة في «الإبانة الصغرى» (65)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص227).
وعن يحيى بن أبي كثير / قال: (إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في غيره). يعني: هجره.
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «القدر» (ص214)، والآجري في «الشريعة» (67)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص137)، وابن وضاح في «البدع» (55)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص69)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص315)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (490)، وأبو إسحاق الفزاري في «السير» (ج6 ص29)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص60)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص49) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده الذهبي في «السير» (ج6 ص29).
وعن أيوب السختياني قال: قال لي أبو قلابة: (لا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاءوا).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص134)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص445) من طريقين عن أحمد بن عصمة الخزاز قال: حدثنا محمد بن عمر الأنصاري عن أيوب السختياني به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن الفضيل بن عياض / قال: (احذروا الدخول على أصحاب البدع، فإنهم يصدون عن الحق).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص137) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبدالصمد بن يزيد الصائغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن الحسن البصري / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب).
أثر صحيح
أخرجه ابن وضاح في «البدع» (138)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص438) من طريقين عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص83).
وعن الفضيل بن عياض / قال: (صاحب البدعة لا تأمنه على دينك، ولا تشاوره في أمرك، ولا تجلس إليه، فمن جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى). يعني: في قلبه!.
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص138) من طريق أحمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبدالصمد بن يزيد الصائغ قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن إبراهيم النخعي / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء, فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب, وتسلب محاسن الوجوه, وتورث البغضة في قلوب المؤمنين).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص439) من طريق عباس الدوري قال: حدثنا محاضر عن الأعمش قال: قال إبراهيم النخعي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فالجلوس مع أهل البدع يغرر بالآخرين([59]) الجاهلين، فيقعوا معهم، والله المستعان.
فمن جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث:
الأولى: إما أن يكون فتنة لغيره.
والثانية: وإما أن يقع في قلبه شيء فيزل به، فيدخل مع أهل البدع ويكون منهم.
والثالثة: وإما أن يقول والله ما أبالي ما تكلموا به من البدع، وأعلم بأخطائهم وأميز بين الحق والباطل، وأعرفهم على حقيقتهم في التحزب، وأنا سلفي قوي! وإني واثق بنفسي، فمن أمن الله تعالى على دينه طرفة عين سلبه إياه، أو بعضه، اللهم سلم سلم.
قلت: هكذا يهدم المرء دينه بالتهاون في الجلوس مع أهل البدع، لأن المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.([60])
قال تعالى: ] قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون[ [الأنعام:65].
وقوله تعالى: ]أو يلبسكم شيعا[؛ أي: يخلطكم فرقا ويبث فيكم الأهواء المضلة المختلفة والقتال، ]ويذيق بعضكم بأس بعض[ ([61]) بالخلاف، والقتال.
بمعنى: يخلط أمركم خلط اضطراب، لا خلط اتفاق، أي: يبث فيكم الأهواء المختلفة؛ فتصيرون فرقا يخالف بعضكم بعضا، ويقاتل بعضكم بعضا.([62])
وعن معمر الأزدي قال: كان ابن طاوس جالسا، فجاء رجل من المعتزلة، فجعل يتكلم.
قال: فأدخل ابن طاووس إصبعيه في أذنيه، قال: وقال لابنه: (أي بني، أدخل إصبعيك في أذنيك واشدد، ولا تسمع من كلامه شيئا).([63])
قال معمر: يعني أن القلب ضعيف.
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص446)، وعبدالرزاق في «المصنف» (2099)، واللالكائي في «الاعتقاد» (248)، من طريق معمر الأزدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن مفضل بن مهلهل / قال: (لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته وفررت منه, ولكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدو مجلسه, ثم يدخل عليك بدعته, فلعلها تلزم قلبك, فمتى تخرج من قلبك).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» الكبرى (ج2 ص444) من طريق أبي حاتم قال حدثنا الحسن بن ربيع قال حدثنا نوفل بن مطهر عن مفضل بن مهلهل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: وقد بين النبي r أمر أهل الأهواء الزنادقة في السنة النبوية في الأمة الإسلامية، اللهم غفرا.
فكل من دخل من أمة النبي r في هوى من تلك الأهواء، ورآها وذهب إليها، فإن هواه يجري فيه مجرى الكلب([64]) بصاحبه، فلا يرجع أبدا عن هواه، ولا يتوب عن بدعته، ولا زندقته!، اللهم غفرا.
فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (إنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء؛ كما يتجارى الكلب بصاحبه، فلا يبقى منه عرق، ولا مفصل إلا دخله).
حديث حسن
أخرجه أبو داود في «سننه» (4597)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص102)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص379)، والعطار في «الاعتقاد» (ص58)، واللالكائي في «الاعتقاد» (150)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص128)، وابن أبي عاصم في «السنة» (2 و65 و69)، والمروزي في «السنة» (ص14 و15)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص249)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص541)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص331)، و(ج3 ص388)، والآجري في «الشريعة» (29) من طريق أزهر بن عبدالله عن أبي عامر عبدالله بن يحيى عن معاوية بن أبي سفيان به.
قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه ابن حجر في «الكافي الشاف» (ص63)، وجوده العراقي في «المغني» (ج3 ص199)، وحسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج3 ص869).
قلت: لذلك يجب البراءة من أهل البدع والأهواء دعاة الزندقة.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال في «أهل القدر» المبتدعة الزنادقة: (فإذا لقيت أولئك، فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني).([65])
وعن عائشة رضي الله عنها قالت تلا رسول الله r هذه الآية ]هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات[ فقال رسول الله r: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه([66]) منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) وفي رواية: (فلا تجالسوهم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص209)، وفي «خلق أفعال العباد» (167)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2053)، وأبو داود في «سننه» (4598)، والترمذي في «سننه» (2994)، و(2993)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص185)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص50)، وابن أبي حاتم في «التفسير» (ج2 ص64)، والطبري في «التفسير» (ج3 ص179)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص208)، والبيهقي في «الاعتقاد» (ص124)، وفي «الأسماء والصفات» (958) من طريق ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها به.
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (يكون في آخر الزمان دجالون كذابون ([67]) يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم)؛ وهم: المبتدعة الزنادقة!.
حديث حسن
أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ص23)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص302)، والخطيب في «الكفاية» (ص429)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج12 ص412)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص97)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج7 ص397)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص43)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214)، وابن بشران في «الفوائد» (680) من طريق أبي شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يقول أخبرني مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله r فذكره.
قلت: وهذا سنده حسن من أجل مسلم بن يسار الطنبذي([68]) ذكره ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص390)، ومسلم في «الكنى والأسماء» (ق/72/ط)، والجياني في «تقييد المهمل في تمييز المشكل» (ج2 ص337)، وقال عنه الذهبي في «الميزان» (ج4 ص107): ولا يبلغ حديثه درجة الصحة، وهو في نفسه صدوق، وقال الذهبي في «الكاشف» (ج3 ص126): ثقة، وروى عنه ستة، وقال ابن حجر في «التقريب» (ص941): مقبول؛ أي: حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، وقد توبع بأبي عثمان شفي بن ماتع الأصبحي، وهو ثقة؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص439).
وأخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص12)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص321)، وإسحاق بن راهوية في «المسند» (ج1 ص340)، وابن حبان في «صحيحه» (ج15 ص168)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص96)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223)، وابن وضاح في «البدع» (ص173)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص275)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص103)، وفي «معرفة علوم الحديث» (ص12)، والخطيب في «الموضح» (ج2 ص395)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص550)، وأبو يعلى في «المسند» (ج11 ص270)، والجورقاني في «الإباطيل والمناكير» (ج1 ص213)، والذهبي في «المعجم المختص» (ص40)، وأبو الحسين الثقفي في «الفوائد» (ص276)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص65)، وأبو العباس الأصم في «حديثه» (ص236)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص59)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص14) من طريقين عن سعيد بن أبي أيوب حدثني أبو هانئ عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة به.
قلت: وهذا سنده كسابقه، وفيه متابعة أبي هانئ، لشراحيل بن يزيد.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص349)، وابن وضاح في «البدع» (ص34)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص60) من طرق عن ابن لهيعة عن سلامان بن عامر عن أبي عثمان الأصبحي قال سمعت أبا هريرة يقول أن رسول الله r قال: (يكون في أمتي دجالون كذابون، يأتونكم ببدع من الحديث ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم لا يفتنونكم).
وإسناده حسن في المتابعات، فيه ابن لهيعة اختلط بعد احتراق كتبه؛ كما في «تهذيب الكمال» للمزي (ج15 ص487)، وسلامان بن عامر الشعباني روى عنه ثلاثة، ونقل ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (ص157) عن ابن يونس أنه قال فيه: (كان رجلا صالحا)، وترجم له ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (ج5 ص113)، وابن ماكولا في «الإكمال» (ج4 ص547)، والسمعاني في «الانساب» (ج7 ص341)، ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا، وهما لم يتفردا، كما تقدم في السند السابق.
والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيح» (ج3 ص217)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214)، وحسنه البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223).
وذكره السيوطي في «تحذير الخواص من أكاذيب القصاص» (ص145).
وبوب على حديث أبي هريرة البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص223) بقوله: باب: مجانبة أهل الأهواء.
قال الجورقاني / في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص214): (أخبر رسول الله r بكذابين يكونون في آخر الزمان، يكذبون عليه). اهـ
قلت: فهذا تحذير صريح منه r من أهل الأهواء، والذين في قلوبهم زيغ، وأهل التحريف، وأهل التقليد، وأهل التعصب، وأهل التحزب.
قال الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص221): (وكذلك ذكر في أهل الزيغ أنهم يتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة، فهم يطلبون به أهواءهم لحصول الفتنة، فليس نظرهم إذا في الدليل نظر المستبصر حتى يكون هواه تحت حكمه بل نظر من حكم بالهوى ثم أتى بالدليل كالشاهد له). اهـ
قلت: فاحتجاج أهل الإرجاء على إرجائهم من اتباع المشابه فاحذروهم.
فهؤلاء اعتمدوا على آرائهم وعقولهم، فجعلوها هي المحكمة في النصوص دون مراعاة أصول الاستدلال، والفهم السليم، وهذا فيه فتنة لهم، والله المستعان.
وعن سفيان بن عيينة / قال: (ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر، إنما العاقل إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه).([69])
قال الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص5): (وهذا أصل كبير في الكف عن بث الأشياء الواهية، والمنكرة من الأحاديث في الفضائل، والعقائد والرقائق، ولا سبيل إلى معرفة هذا من هذا إلا بالإمعان في معرفة الرجال). اهـ
قلت: ولهذا كان المؤمن يثاب على العلم الشرعي الصحيح إذا قصد به وجه الله تعالى، ولا يثاب على العلم المخلط حتى لو قصد به وجه الله تعالى؛ لأنه يصد عن سبيل الله تعالى؛ فافهم هذا ترشد.
قال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا[ [الإسراء:36].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد – يعني من تقليد – فإنه آثم، وإن كان قد صادف الحق!!!). اهـ
وقال ابن حزم / في «المحلى» (ج1 ص69): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب). اهـ
وقال أبو حيان / في «البحر المحيط» (ج4 ص367): (والتقليد باطل إذ ليس طريقا للعلم). اهـ
قلت: فالمتشابه من الإرجاء وغيره، لا يجوز أن يذكر عند العامة.([70])
ومن هنا لابد من تيسير العلم الشرعي للناس، ومن ثم تبيين السنن لهم وفق الكتاب والسنة.([71])
وعن أبي موسى t قال: قال رسول الله r: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة».
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص227)، و(ج12 ص82)، ومسلم في «صحيحه» (ج16 ص178)، والحميدي في «المسند» (ج3ص339)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص408)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (ص876)، والطيالسي في «المسند» ( 517)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص26)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص36)، وفي «الآداب» (ص186)، وفي «شعب الإيمان» (ج16 ص463)، وأبو الشيخ في «الأمثال في الحديث» (ص377)، وأبو داود في «سننه» (4830)، وأبو يعلى في «المسند» (7270)، و(7307)، وابن حبان في «صحيحه» (561)، و(579)، وهناد في «الزهد» (1237)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج1 ص160)، والبزار في «المسند» (ج8 ص166)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص440)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص11)، ويحيى بن معين في «التاريخ» (ج3 ص38)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1377)، وابن ماجه في «سننه» (88)، وأبو عوانة في «المسند» (ج10 ص99- إتحاف المهرة)، والدارقطني في «الأربعين» (ص85 و86 و87)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص68)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص378)، والسمعاني في «معجم الشيوخ» (ج1 ص272)، وأبو بكر المروزي في «الفوائد» (ص285)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج5 ص75)، والروياني في «المسند» (474) من طرق عن أبي موسى الأشعري به.
قلت: وفي الحديث الحث على مجالسة أهل السنة الصلحاء، ومجانبة أهل البدع البطلاء، والله المستعان.
والحديث بوب عليه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج16 ص463) بقوله: ومن هذا الباب مجانبة الفسقة والمبتدعة، ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل.
وقال النووي / في «المنهاج» (ج16 ص178): (فيه -يعني الحديث- تمثيله r الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير، وفيه فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة، ومكارم الأخلاق، والورع والعلم والأدب، والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع، ومن يغتاب الناس، أو لكثير فجره، وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة). اهـ
وقال القسطلاني / في «إرشـاد السـاري» (ج5 ص76): (وفيه -يعنى الحديث- النهي عن مجالسة من يتأذى بمجالسته في الدين والدنيا). اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح حلية طالب العلم» (ص104): (قول الرسول r: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير)، فعليك باختيار الصديق الصالح الذي يدلك على الخير، ويبينه لك، ويحثك عليه، ويبين لك الشر، ويحذرك منه، وإياك وجليس السوء، فإن المرء على دين خليله، وكم من إنسان مستقيم قيض الله له شيطانا من بني آدم، فصده عن الاستقامة، وكم من إنسان جائر قاصد، يسر الله له من يدله على الخير بسبب الصحبة). اهـ
قلت: فقد بين النبي r في هذا التشبيه البليغ: أن مجالسة أهل السنة في الانتفاع بها كمجالسة بائع المسك ... ومجالسة أهل البدع في التضرر بها كمجالسة نافخ الكير، والله المستعان.
فالمقصود بهذا أن يهجر المسلم السيئات، ويهجر قرناء السوء من أهل البدع، وغيرهم الذين تضر صحبتهم.([72])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص120): (من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله؛ إلا بعدا). اهـ
فالطريق إلى الله تعالى، والهادي إلى الحق طريق واحد، والصوارف عن الحق سبل كثيرة جدا، والعياذ بالله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج8 ص425): (فالبدع تكون في أولها شبرا؛ ثم تكثر في الاتباع، حتى تصير أذرعا، وأميالا، وفراسخ). اهـ
وعن عبد الله بن مسعود t قال: «خط لنا رسول الله r خطا ثم قال: هذا سبيل الله؛ ثم خط خطوطا عن يمينه، وعن شماله ثم قال هذه سبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ ]إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل([73]) فتفرق بكم عن سبيله[.
حديث حسن
أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص435)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص67)، والطيالسي في «المسند» (ص33)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص343)، ومحمد ابن نصر في «السنة» (ص5)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص13)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص80)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص10)، والآجري في «الشريعة» (ص10)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص318)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص196)، وفي «معالم التنزيل» (ج2 ص440)، وفي «الأنوار» (ج2 ص768)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص88)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص66)، وفي «الحلية» (ج6 ص63)، وابن وضاح في «البدع» (ص13)، والبزار في «المسند» (ج5 ص131)، وابن أبي زمنين في «السنة» (ص36)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص6)، وفي «الحدائق» (ج1 ص539)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص293)، وسعيد بن منصور في «تفسيره» (ج5 ص112)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص48)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج5 ص1422) والسمرقندي في «تفسيره» تعليقا (ج1 ص512) من طريقين عن ابن مسعود t به.
قلت: وإسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، وهو صدوق؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص471).
قال ابن كثير / في «تفسيره» (ج3 ص361): (ولعل هذا الحديث عند عاصم بن أبي النجود، عن زر، وعن أبي وائل شقيق بن سلمة، كلاهما عن ابن مسعود به). اهـ
قال الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص76): (فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السنة، والسبل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين([74]) عن الصراط المستقيم، وهم أهل البدع، وليس المراد سبل المعاصي; لأن المعاصي من حيث هي معاص لم يضعها أحد طريقا تسلك دائما على مضاهاة التشريع، وإنما هذا الوصف خاص بالبدع المحدثات). اهـ
وقال الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص80): (فهذا التفسير يدل على شمول الآية لجميع طرق البدع، لا تختص ببدعة دون أخرى). اهـ
ومن اللآيات قول الله تعالى: ]وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين[ [النحل:9].
وعن مرداس الأسلمي t قال: قال رسول الله r: (يذهب الصالحون، الأول فالأول، ويبقى حفالة -حثالة- كحفالة الشعير، أو التمر([75])، لا يباليهم الله باله). يعني: لا يبالي الله بهم.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج11 ص51)، وفي «التاريخ الكبير» (ج8 ص434)، وابن حبان في «صحيحه» (ج8 ص300)، وابن أبي نصر في «الأربعين» (ص308 و309)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص122)، وفي «الزهد الكبير» (ص120)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (ج3 ص579)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص193)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص299)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج4 ص333 و334)، والأزدي في «المخزون» (ص150)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (ص126)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج5 ص142)، وابن قانع في «معرفة الصحابة» (ج3 ص118)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج5 ص2566)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج27 ص371)، والبغوي في «شرح السنة» (ج14 ص393) من طريقين عن قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي t به.
قال البغوي / في «شرح السنة» (ج14 ص393): (قوله r: (لا يباليهم الله باله) أي: لا يرفع لهم قدرا، ولا يقيم لهم وزنا). اهـ
قلت: فهذا الحديث بين ذهاب الصالحين، والأخيار منهم الأول فالأول؛ حتى لا يبقى إلا الأراذل، ويقل العلم، ويظهر الجهل... وهذه أعظم نكبة يصاب بها الناس... ألا وهي انقراض العلماء، وقبض العلم، ويظهر الجهل في الناس، ويصل بهم الحال إلى حد أنهم يتخذون الجهال رؤساء([76]) لهم يفسدون عليهم دينهم، ودنياهم([77]) بسبب جهلهم؛ نعوذ بالله من الخذلان.
قلت: فويل للعامة الهمج([78]) من الزنادقة.
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص1218): باب: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه.
لذلك يجب على العبد من لزوم خاصة نفسه، وإصلاح عمله عند تغيير الأمر، ووقوع الفتن، ولابد بالانفراد بالدين عند وقوعها.([79])
وعن حذيفة بن اليمان t قال: (كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني؛ فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟؛ قال: نعم قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة([80]) إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟، فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟، قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم؟؛ قلت: فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص615)، ومسلم في «صحيحه» (ج12 ص235-النووي)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1317)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص432)، والبغوي في «شرح السنة» (ج5 ص14)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص444)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص403)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص342)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص9 و17)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص190)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص490)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص272)، وابن وضاح في «البدع» (ص77) من طرق عن حذيفة بن اليمان t به.
وفي رواية لأبي داود في «سننه» (ج4 ص444): (تكون هدنة على دخن، ثم تكون دعاة الضلالة).
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ج13 ص299)؛ بإسناد صحيح؛ بلفظ: (قلت: يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر؟ قال فتنة عمياء صماء عليها دعاة([81]) على أبواب النار، فإن مت يا حذيفة، وأنت عاض على جذر خشبة يابسة خير لك من أن تتبع أحدا منهم).
وفي رواية لابن حبان في «صحيحه» (5963)؛ بإسناد صحيح: (هدنة على دخن لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه...يا حذيفة، تعلم كتاب الله، واتبع ما فيه ثلاث مرات يكررها).
قال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج15 ص15): (قوله r: (وفيه دخن)؛ أي: لا يكون الخير محضا، بل فيه كدر، وظلمة، وأصل الدخن أن يكون في لون الدابة كدورة إلى السواد). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص36): (الدخن: هو الحقد، وقيل: الدغل وقيل: فساد القلب، ومعنى الثلاثة متقارب. يشير إلى أن الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرا خالصا بل فيه كدر). اهـ
وقال الإمام أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج2 ص262)؛ في تفسيره للحديث: (لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه، والهدنة: السكون بعد الهيج، وأصل الدخن أن يكون في لون الدابة، أو الثوب، أو غير ذلك كدورة إلى سواد فوجهه أنه يقول: تكون القلوب هكذا لا يصفو بعضها لبعض، ولا ينصع حبها؛ كما كانت، وإن لم تكن فيهم فتنة). اهـ
قلت: وهذا بيان من النبي r بأن الدعاة إلى الفتن عند وقوعها؛ إنما هم الدعاة إلى النار، نعوذ بالله منها.([82])
قلت: فالشر الفتنة، ووهن عرى الإسلام في الناس، واستيلاء الضلال فيهم، وفشو البدعة بينهم.([83])
قال العلامة علي القاري / في «مرقاة المفاتيح» (ج9 ص257): (قوله r: (نعم وفيه دخن)؛ بفتحتين أي: كدورة إلى سواد، والمراد أن لا يكون خيرا صفوا بحتا، بل يكون مشوبا بكدورة، وظلمة). اهـ
وقال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج10 ص52): (قوله r: (نعم، وفيه دخن)؛ أي: يكون بعد ذلك الشر خير، والحال أن في ذلك الخير شرا، والمعنى: أن ذلك لا يصفو بل يشوبه كدورة، ومنه قولهم: هدنة على دخن؛ أي: سكون لعلة لا للصلح، وأصل: الدخن أن يكون في لون الدابة كدورة إلى السواد). اهـ
قلت: فتعرف منهم، وتنكر؛ أي: ترى فيهم ما تعرفه أنه من الدين، ومن الخير، وهو ليس من الدين، ولا من الخير، لأنهم يستنون بغير سنة الرسول r، فتعرف فيهم الخير فتقبل، وترى فيهم الشر فتنكر، فتعرف وتنكر، والله المستعان.
قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج10 ص53): (قوله r: «دعاة على أبواب جهنم» أي: جماعة يدعون الناس إلى الضلالة، ويصدونهم عن الهدى؛ بأنواع من التلبيس لإدخالهم إياهم في جهنم، دخولهم فيها.
وجعل كل نوع من أنواع التلبيس بمنزلة باب من أبواب جهنم. «من جلدتنا» أي: من أنفسنا وعشيرتنا. قيل: معناه من أهل ملتنا. ويتكلمون بما قال الله تعالى، وقال رسول الله r، أي: بالمواعظ، والحكم، وما في قلوبهم شيء من الخير يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم!). اهـ
قال العلامة علي القاري / في «مرقاة المفاتيح» (ج9 ص259): (قوله r: (ولا يستنون بسنتي)؛ أي: من حيث العمل، والمعنى: أنهم لا يأخذون بالكتاب والسنة. و قوله r: (وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين)؛ أي: كقلوبهم في الظلمة، والقساوة، والوسوسة، والتلبيس، والآراء الكاسدة، والأهواء الفاسدة. (في جثمان إنس) بضم الجيم؛ أي: في جسده، والمراد به جنس الإنس؛ فيطابق الجمع السابق). اهـ
وقال العلامة علي القاري / في «مرقاة المفاتيح» (ج9 ص273): (وأصل الدخن هو الكدورة، واللون الذي يضرب إلى السواد فيكون فيه إشعار إلى أنه صلاح مشوب بالفساد). اهـ
تتمخض هذه الشروحات عن أمور:
1) أن هذه مرحلة ليست خيرا خالصا، وإنما مشوبة بكدر يعكر صفو الخير، ويجعل مذاقه ملحا أجاجا!.
2) أن هذا الكدر يفسد القلوب، ويجعلها ضعيفة؛ حيث يدب إليها داء الأمم؛ وتتخطفها الشبهات!.
3) أن الفتنة التي تقع عمياء صماء([84])؛ والمراد بكونها عمياء صماء أن تكون بحيث لا يرى منها المخرج، ويقع الناس على غرة من غير بصيرة، فيعمون فيها، ويصمون عن تأمل الحق، واستماع النصح!.
4) أن اجتماع الناس من الحزبية على الفتنة يكون بسبب فساد مافي قلوبهم، وهي مشوبة بشيء من البدع، وارتكاب المناهي، بل يفعلون هدنة فيما بينهم مع خداع، وخيانة، ونفاق!: ]تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون [ [الحشر:14]. فلو كانوا يعقلون لعملوا على اجتثاث الخلاف من أصوله، فتوحدوا على الكتاب والسنة والآثار، ولم يصروا على الاختلاف، والتفرق فيما بينهم، والله المستعان.
5) أن الهدنة([85]) تكون على دخن فيها لما بين دعاة الضلالة من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر!، فهي فتنة عمياء صماء؛ عليها دعاة على أبواب جهنم، والعياذ بالله.
6) أن أصل الدخن هو: الكدورة، واللون الذي يضرب إلى السواد، فيكون فيه إشعار إلى أنه صلاح منسوب بالفساد ذلك فيما يكون بين الجماعات الحزبية، والفرق الضالة([86])!، و«القديمة»، و«الجديدة».
7) أن ظهور دعاة الضلال يقترن بذلك ظهور البدع، والمعاصي فيمن يتبعهم، والمراد ظهور جماعة يدعون الناس إلى البدع، والمعاصي، والضلال، نعوذ بالله من الخذلان!.
8) أن قلوب المبتدعة في حين الهدنة مع بعضهم بعضا؛ لا تكون صافية عن الحقد، والبغض فيما بينهم، كما كانت صافية قبل ظهورهم البدع فيهم، نعم يقع شر هو فتنة عظيمة، وبلية جسيمة، يعمى فيها الناس عن أن يروا الحق، ويصم أهلها عن أن يسمعوا فيها كلمة الحق، والنصيحة!.
9) أن يكون وصف الفتنة للناس لما فيها من الظلام، وعدم ظهور الحق فيها، وشدة أمرها، وصلابة أهلها في العصبية للباطل، وعدم التفات بعضهم إلى بعض في المشاهدة والمكانة!.
10) أن المبتدعة على ضلالة وهم: السبب فيها، بل هم كائنون على شفا جرف من النار يدعون الناس إليها حتى يتفقوا على الدخول فيها!، والعياذ بالله.
11) أن النبي r جعل دعوة الدعاة([87])، وإجابة المدعوين سببا لإدخالهم إياهم في جهنم، ودخولهم فيها!، والعياذ بالله.([88])
وعن أبي هريرة t أنه سمع رسول الله r يقول: (إن شر الناس ذو الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص474)، وفي «الأدب المفرد» (ص148)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1958)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص245)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص190)، وأبو إسحاق الهاشمي في «الأمالي» (ص46)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص991)، والخطابي في «العزلة» (ص30)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص374)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص246)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص155)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص59)، والمقرئ في «جزء نافع بن أبي نعيم» (ص40)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص145)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص558)، والسمرقندي في «تنبيه الغافلين» (ص131)، وهناد في «الزهد» (ج2 ص557)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص163)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص80)، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص139)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج1 ص354) من طرق عن أبي هريرة t به.
قلت: والويل لهذا الصنف من الناس، يوم القيامة، والله المستعان.([89])
وعن أنس بن مالك t عن النبي r ليلة أسري به قال: (رأيت أقواما تقرض شفاههم، وألسنتهم([90]) بمقاريض من نار -أو من حديد- فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء من أمتك!([91]». وفي رواية: (تقطع ألسنتهم، وشفاههم بمقاريض من نار!).
حديث صحيح
أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص118 و180)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص237) من طريقين عن معتمر بن سليمان قال وحدث أبي أن أنسا حدث عن رسول الله r فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وتابعه ابن المبارك عن سليمان التيمي به.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص172) من طريق يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا عبدالله بن موسى ثنا ابن المبارك به.
وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص180)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص135)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص238) من طريق محمد بن المنهال حدثنا يزيد بن زريع عن هشام بن أبي عبدالله عن المغيرة عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه إبراهيم بن أدهم عن مالك بن دينار به.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص43) من طريق بقية حدثنا إبراهيم بن أدهم به.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص239) من طريق مسلم حدثنا صدقة عن مالك بن دينار عن ثمامة بن عبدالله بن أنس عن أنس بن مالك t به.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص120)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص367)، وأبو يعلى في «المسند» (ج7 ص69)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص353)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج6 ص199)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج14 ص308)، وابن المبارك في «الزهد» (ص282)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص249) من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، كما في «التقريب» لابن حجر (ص696).
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص239) من طريق المحاربي أخبرنا سفيان عن خالد بن سلمة عن أنس بن مالك t به.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص265) من طريق جعفر بن سليمان عن عمر بن نبهان عن قتادة عن أنس بن مالك t به.
قلت: فالخطباء هم القدوة، والأسوة يأمرون الناس بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، وهم في أعين الناس مقياس الفضائل، والالتزام بشعائر الدين، والالتزام بالأخلاق.
فإذا هم لم يطبقوا، ولم يعملوا بما قالوا سقطت هيبتهم من أعين الناس، وأصبحوا لأهل الأهواء حجة يعلق عليها هؤلاء إفسادهم، ويبررون بها شهواتهم؛ كما هو مشاهد.
فالقول بغير عمل زخرفة لا فائدة فيه، وشعار زائف يتاجر به أصحاب المنافع من الحزبيين، وغيرهم، ويتستر وراءه كل طامع في الدنيا.
وما أحسن الاستنكار من الله تعالى على هذا الصنف، وأمثالهم في قوله تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون [ [الصف:2 و3].
فالأخطاء إذا انتشرت في المجتمع أفسدته؛ بل قضت عليه، لهذا كانت للخطباء المتعالمين المفسدين هذه العقوبة التي ينخلع لها القلب، ويطير لها الفؤاد جزاء يستحقونه من الله تعالى، لإضلالهم الناس بتعليمهم العقائد الفاسدة، والمناهج السياسية، والفتاوى الباطلة، والأحاديث الضعيفة، والمنكرة، والقصص الموضوعة والباطلة، والأخطاء في الأحكام الفقهية([92])... نسأل الله العافية والسلامة.
وعن أنس بن مالك t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتشرب الخمر، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الرجل الواحد).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص178)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص107)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2056)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص491)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص98)، والطيالسي في «المسند» (ص166)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص28)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص359)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص151)، وابن عبدالبر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص151)، والبغوي في «شرح السنة» (ج15 ص24)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1343)، وأبو الشيخ في «الفوائد» (ص35)، وأبو بكر الشافعي في «الفوائد» (ج1 ص382)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص257)، وابن جماعة في «مشيخته» (ج1 ص393)، والنسائي في «العلم» (ص186)، والمراغي في «مشيخته» (ص463) من طريقين عن أنس بن مالك t به.
قلت: فمن أشراط الساعة أن يقل العلم، ويفشو الجهل.([93])
قال الفقيه ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج10 ص13): (هذا كله إخبار من النبى بأشراط الساعة، وقد رأينا من هذه الأشراط عيانا وأدركناها، فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وألقي بالشح فى القلوب، وعمت الفتن، وكثر القتل).([94]) اهـ
وعقب على ذلك الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص16): (الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير، مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر، وإليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم، فلا يبقى إلا الجهل الصرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم، لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك). اهـ
قلت: والمراد بالعلم هنا علم الكتاب والسنة، وهو العلم الموروث عن الأنبياء عليهم السلام؛ فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، وبذهابهم يذهب العلم، وتموت السنن، وتظهر البدع، ويعم الجهل([95])، والعياذ بالله.
قال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج3 ص1013)؛ بعد ذكره لطائفة من العلماء: (وما أوتوا من العلم إلا قليلا، وأما اليوم فما بقي من العلوم القليلة إلا القليل، في أناس قليل, ما أقل من يعمل منهم بذلك القليل, فحسبنا الله، ونعم الوكيل). اهـ
قال أبو عبدالرحمن الأثري: وإذا كان هذا في عصر الذهبي؛ فما بالك بزماننا هذا؟. فإنه كلما بعد الزمان من عهد النبوة قل العلم، وكثر الجهل، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أعلم هذه الأمة، ثم التابعين، ثم تابعيهم، وهم خير القرون.([96])
قلت: ونقص العلم، وظهور الجهل في الناس هذا بسبب تركهم طلب العلم خاصة، والرضى بالجهل، ومن هنا فلا بد أن يتساووا إذا كانوا جهالا، وبعد ذلك لا يرضى أحد منهم أن يرجع إلى الآخر، فيتفرد كل واحد برأيه، ويعجب به، فيقع الخلاف فيهم، وتعم الفتن فيما بينهم، حتى يصل بهم الأمر إلى القتل، اللهم سلم سلم.
ومعنى ذلك تقارب أحوال الناس في قلة الدين، والعلم؛ حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر إلا ما أشرب من هواه!؛ أي: إذا أراد، وذلك لغلبة الأهواء في الناس في آخر الزمان، هذا كله إخبار من النبي r بأشراط الساعة، وقد رأينا هذه الأشراط عيانا وأدركناها في هذا الزمان، فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وعمت الفتن، وكثر القتل، وليس في الحديث ما يحتاج إلى تفسير، والله المستعان.([97])
وبوب الإمام البخاري / في «صحيحه» (ص1218): باب؛ ظهور الفتن.
وبوب الإمام البخاري / في «صحيحه» (ص1218): باب؛ لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه.
وبوب الإمام البخاري / في «صحيحه» (ص1222): باب؛ التعوذ من الفتن.
وقال الإمام الطحاوي /: (قد يكون معناه في ترك طلب العلم خاصة، والرضا بالجهل، وذلك أن الناس لا يتساوون في العلم؛ لأن درج العلم تتفاوت، قال الله تعالى: ]وفوق كل ذى علم عليم[ [يوسف: 76] وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا).([98]) اهـ
قلت: فإذا تساووا في الجهل هلكوا وهذا المسلك مسلك الزنادقة وأتباعهم من الناس، نعوذ بالله من الخذلان.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا([99]) جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (100)، ومسلم في «صحيحه» (2673)، والفربري في «زوائده على صحيح البخاري» (ص23) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما به.
قال الإمام الطرطوشي في «الحوادث والبدع» (ص53): (فتدبروا هذا الحديث؛ فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم، وإنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم؛ أفتى من ليس بعالم، فيؤتى الناس من قبله). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج3 ص128) -في المتعالم الذي يعد رأيه رأيا، وخلافه خلافا-: (ولكن تارة يكون ذلك في جزئي، وفرع من الفروع، وتارة يكون في كلي، وأصل من أصول الدين، فتارة آخذا ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها، حتى يصير منها ما ظهر له بادي رأيه، من غير إحاطة بمعانيها، ولا رسوخ في فهم مقاصدها، وهذا هو المبتدع، وعليه نبه الحديث الصحيح أنه r قال: (لا يقبض الله العلم انتزاعا ينتزعه من الناس...الحديث). اهـ
قلت: وهذا هو الرجل التافه الذي يتكلم في أحكام الدين بلا علم، بل بآراء وسفه، والله المستعان.
فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة([100])؟ قال: الرجل([101]) التافه([102]) يتكلم في أمور العامة).
وفي رواية: (السفيه يتكلم في أمر الناس).
حديث حسن
أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ج2 ص339)، وابن أبي شيبة في «المسند» (ج10 ص287 -الإتحاف)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص256)، وابن حبيب الأندلسي في «أشراط الساعة» (ص82)، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (ج1 ص185) من طريق عبد الملك بن قدامة الجمحي عن إسحاق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة t به، بدون زيادة عن (أبيه) في الإسناد.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه عبد الملك بن قدامة الجمحي، وهو ضعيف. وإسحاق بن أبي فرات مجهول، وضعفه البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج10 ص287).
وانظر «الميزان» للذهبي (ج2 ص166) و«التقريب» لابن حجر (ص131)، و«مصباح الزجاجة» للبوصيري (ج4 ص191).
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص291)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص465)، والمزي في «تحفة الأشراف» تعليقا (ج9 ص469)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (310)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص265 و273)، وابن تيمية في «الأبدال العوالي» (ص64) من طرق عن يزيد بن هارون عن عبد الملك بن قدامة عن إسحاق بن أبي الفرات([103]) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة به. بزيادة عن (أبيه) في الإسناد.
قال الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (ج9 ص469) بعد أن عزا الحديث لابن ماجة: (رواه محمد بن عبدالملك الدقيقي عن يزيد بن هارون قال عن (أبيه) عن أبي هريرة).
قلت: وللحديث طرق أخرى يتقوى بها.
فأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص238) من طريق فليح عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبي هريرة t به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به، فيه فليح وهو ابن سليمان الخزاعي، وهو صدوق فيه كلام من قبل حفظه.
وله شاهد: أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص230) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك t به وفيه (الفويسق) بدل (التآفه).
قلت: وهذا سنده فيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس.
لكن صرح بالتحديث في رواية البزار.
فأخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص220)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص405)، وابن أخي ميمي الدقاق في «الفوائد» (ص251)، والبزار في «المسند» (ج7 ص147)، وعبدالله بن أحمد في «الزوائد» (12887)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص378)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص542)، وابن عدي في «الكامل» (ج6 ص2118) من طريق محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن دينار عن أنس بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده حسن، وجود إسناده ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص84).
وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج7 ص884): (رواه البزار، وقد صرح ابن إسحاق([104]) بالسماع من عبد الله بن دينار، وبقية رجاله ثقات). اهـ
وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (20803) عن عبد الله بن دينار مرسلا به.
وأخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (ص360) من وجه آخر عن أنس بن مالك t به.
وإسناده تالف.
وانظر: «التاريخ» لابن معين (565)، و«السؤالات» للبرذعي (ص311)، و«العلل» لابن أبي حاتم (2792).
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (3258) من وجه آخر أيضا عن أنس بن مالك t به.
وإسناده واه أيضا.
وذكره الهيثمي في «مجمع البحرين» (ج7 ص257).
وله شاهد آخر:
أخرجه البزار في «المسند» (ج7 ص147)، وأبو يعلى([105]) في «المسند الكبير» (ج5 ص89 - المطالب)، والخطيب في «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص34)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص56)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص51)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص132)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج58 ص47)، والسلفي في «معجم السفر» (562)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص542) من طرق عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي t به.
قلت: وهذا سنده فيه شمر بن يقظان، وهو والد إبراهيم بن أبي عبلة، لم يرو عنه إلا ابنه، ولم يوثقه غير ابن حبان في «الثقات» (ج4 ص376)، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص376)، وباقي رجاله ثقات.
قلت: فمثله حسن في المتابعات.
وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج10 ص287): (رواه أبو يعلى الموصلي، والبزار بسند واحد رواته ثقات).
والحديث حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج4 ص508).
قال الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص681): (قالوا: هو الرجل التافه الحقير ينطق في أمور العامة، كأنه ليس بأهل أن يتكلم في أمور العامة، فيتكلم).اهـ
وقال أبو منصور السمعاني / في «غرائب الأحاديث» (ج2 ص527): (تفسير الرويبضة مذكور في الحديث، وكأنه في الأصل تصغير الرابضة وهي الدابة التي تربض فلا تتحرك، فشبه الرجل الدون به.([106])
وأما التافه فهو: الخسيس، الخامل من الناس، ولذلك كل خسيس تافه).اهـ
قلت: فتأمل أيها الداعية الجاهل هذا الكلام جيدا.
قال ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن، هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة، بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ
قلت: والمقصود أن على أمثال هؤلاء الدعاة الجهال أن لا يركبوا رؤوسهم، فيدعوا ويجتهدوا بجهل، ونشاط مجرد من العلم فيأثموا.
وعن أبي برزة t عن النبي r قال: (إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم، وفروجكم، ومضلات الهوى). وفي رواية: (ومضلات الفتن).
حديث صحيح
أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص420)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص250)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص12)، والبيهقي في «الزهد الكبير» (372)، و(373)، والدولابي في «الكنى والأسماء»([107]) (ج1 ص154) والبزار في «المسند» (ج9 ص292)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص21)، وفي «المعجم الصغير» (ج1 ص309)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص32)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص382)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج7 ص214)، وفي «ذم الهوى» (ص23) من طرق أبي الأشهب العطاردي عن أبي الحكم البناني عن أبي برزة t به.
قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ج1 ص12).
وقال الطبراني: لا يروى عن أبي برزة إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو الأشهب.
وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج1 ص188) ثم قال: رواه أحمد، والبزار، والطبراني في الثلاثة، ورجاله رجال الصحيح.
قلت: وهذا الصنف (صاحب الهوى) اغتر بستر الله تعالى عليه، وحلمه عنه، وإمهاله إياه، فانبعث في المخالفات الشرعية يتبع فيها مضلات الهوى ليلا ونهارا([108])، ولم يرعو، ولا يدري هذا المسكين أن إمهال الله تعالى له ليزداد بالإمهال إثما، أو لعله يتوب ويرجع، ولجهل هذا بحقيقته يظن أن تمكنه من المخالفات للكتاب، والسنة، وعلماء الأمة عناية من الله تعالى به، والله يمهل، ولا يهمل، اللهم سلم سلم.
فعن الحسن البصري / قال: في قوله تعالى: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه[ [الجاثية:23] (المنافق يعبد هواه، لا يهوى شيئا إلا ركبه).
أثر صحيح
أخرجه ابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص21)، والفريابي في «صفة المنافق» (ص60)، والذهبي في «السير» (ج4 ص570)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج1 ص99) من طريق شيبان بن فروخ قال: حدثنا مبارك بن فضالة قال: حدثنا الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه ابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص22)، والفريابي في «صفة المنافق» (ص61) من طريق شعيب بن حرب قال: حدثنا أبو الأشهب عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص554).
فالمبتدع الزنديق لا يهوى شيئا من البدع إلا فعلها، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [ص26].
قلت: فيتدبر العبد عز الغلبة، وذل القهر، فإنه ما من أحد غلب هواه إلا أحس بقوة عز، وما من أحد غلبه هواه إلا وجد في نفسه ذل القهر.([109])
قال الحافظ ابن رجب / في «رسالة: كلمة التقوى» (ص35): (وقد ورد إطلاق الآله على الهوى المتبع، قال الله تعالى: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه[ [الجاثية:23]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الداء والدواء» (ص281): (فمن لم يكن إلهه مالكه ومولاه، كان إلهه هواه، قال تعالى: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون[ [الجاثية: 23]). اهـ
قلت: فتأملوا كيف اتباع الهوى، وإلى أين ينتهي بصاحبه؟!، وهو أصل الزيغ عن الصراط المستقيم.([110])
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (الهوى كله ضلالة).([111])
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج3 ص241): (اتباع الهوى، وهو الذي نبه عليه قوله تعالى: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ[ [آل عمران: 7]، والزيغ: هو الميل عن الحق اتباعا للهوى، وكذلك قوله تعالى: ]ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله[ [القصص: 50]، وقوله: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون[ [الجاثية: 23]). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج4 ص612): (قوله تعالى: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه[ [الجاثية: 23]، أي: إنما يأتمر بهواه، فما رآه حسنا فعله، وما رآه قبيحا تركه). اهـ حتى لو رآه حقا!.
قال تعالى: ]من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون[ [الأعراف: 186].
وقال تعالى: ]وجعلنا بعضكم لبعض فتنة[ [الفرقان: 20].
قلت: فالزنديق كلما هوي شيئا ركبه، وكلما اشتهى شيئا أتاه، لا يخاف الله تعالى.
وعن عقبة بن عامر الجهني t قال: سمعت رسول الله r يقول: (هلاك أمتي في الكتاب واللبن، فقيل: يا رسول الله! ما الكتاب واللبن؟ قال: يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزله الله عز وجل، ويحبون اللبن فيدعون الجماعات والجمع ويبدون).([112])
حديث صحيح
أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص146)، وأبو يعلى في «المسند» (ج3 ص285)، وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» (ص197)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص507)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص41)، وأبو نعيم في «صفة النفاق» (ص160)، والبيهقي في (شعب الإيمان» (ج6 ص266)، والروياني في «المسند» (ج1 ص182)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص142)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص815) وابن عبدالبر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1199) من طرق عن أبي قبيل حيي بن هاني المعافري المصري قال: سمعت عقبة بن عامر t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص155)، وفي «العلل» (ج3 ص452) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ عن ابن لهيعة قال: وحدثنيه يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
والحديث صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج6 ص647).
قال ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1199): (أهل البدع([113]) أجمع أضربوا عن السنة، وتأولوا الكتاب على غير ما بينت السنة فضلوا وأضلوا، ونعوذ بالله من الخذلان، ونسأله التوفيق والعصمة برحمته). اهـ
فالرأي المذموم هو القول في أحكام شرائع الدين بالاستحسان والظنون، والاشتغال بحفظ الاختلاف بين العلماء دون رده إلى أصول الكتاب والسنة.([114])
قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس:32].
وقال تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].
قلت: فقد أخبر سبحانه أن الاختلاف ليس من عنده([115])، وما لم يكن من عنده؛ فليس بالصواب.
قال الإمام ابن القيم /: (وأنت لا تجد الخلاف في شيء أكثر منه في آراء المتأولين التي يسمونها قواطع عقلية، وهي عند التحقيق خيالات وهمية، نبذوا بها القرآن والسنة وراء ظهورهم؛ كأنهم لا يعلمون، واتبعوا ما ]يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون * ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون * أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين *[ [الأنعام: 112 و113 و114).([116]) اهـ
قلت: وهذا القصد ينافي قصد تحريفه، وتأويله؛ بالتأويلات الباطلة... لذلك لا يجتمع قصد الهدي، وقصد ما يضاده أبدا!.([117])
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص683): (من أسباب الخلاف: اتباع الهوى، ولذلك سمي أهل البدع «أهل الأهواء»؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها!). اهـ
فالقرآن الكريم لم ينزل لمجرد التلاوة، وانعقاد الصلاة به، بل أنزل ليتدبر، ويعقل ويهتدى به علما، وعملا، ويبصر من العمى، ويرشد من الغي، ويعلم من الجهل، ويشفي من العي، ويهدي إلى صراط مستقيم.([118])
قلت: وهؤلاء الزنادقة يحملون أوزارهم، وأوزار الذين يضلونهم بغير علم.
قال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل:25].
قال الإمام مجاهد / في «تفسيره» (ص421)؛ عن الآية: (حملهم ذنوب أنفسهم، وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئا).
وعن الإمام يحيى بن معين / قال: في قوله تعالى: ]وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون[ [الزمر:47]، قال: (لقوا الله بأعمال كانوا يظنون أنها حسنات، فإذا هي سيئات).([119])
وعن عكرمة قال: (أتي علي t، بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم، لنهي رسول الله r: «لا تعذبوا بعذاب الله» ولقتلتهم، لقول رسول الله r: «من بدل دينه فاقتلوه»).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص149)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج6 ص545)، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (ج3 ص35)، ونصر المقدسي في «الحجة» (ج1 ص104)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص139)، والطيالسي في «المسند» (2689)، وابن الجارود في «المنتقى» (843)، والفسوي في «المعرفة» (ج1 ص516)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص520)، وعبد الرزاق في «المصنف» (9413)، والطبراني في «المعجم الكبير» (11850)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص538)، والحازمي في «الاعتبار» (ص291)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2864)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص59)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3523)، وفي «السنن الصغرى» (ج7 ص104)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص282)، وابن راهويه في «المسند» (ص403)، وابن عيينة في «حديثه» (ص261)، وتمام الرازي في «الفوائد» (ج3 ص40)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص74)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج2 ص1218)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج5 ص304)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (ج2 ص429)، والذهبي في «المنتقى» (ص35)، وفي «السير» (ج3 ص346)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج4 ص100)، وعثمان الدارمي في «النقض على المريسي» (ص590)، وفي «الرد على الجهمية» (ص172)، والمراغي في «مشيخته» (ص308 و309)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص848)، والشافعي في «المسند» (ج2 ص87)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص238)، والبيهقي في «المعرفة» (5018)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص278)، وفي «السنن الكبرى» (ج8 ص1895)، والدارقطني في «سننه» (ج3 ص113)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص409)، وابن حبان في «صحيحه» (ج12 ص412)، والخطيب في «السابق واللاحق» (ص129)، والحميدي في «المسند» (ج1 ص244) من طريق أيوب عن عكرمة به.
وفي رواية عند الترمذي: (فبلغ ذلك عليا، فقال: صدق ابن عباس).
وفي رواية عند البلاذري: (فبلغ ذلك عليا، فقال: لله در ابن عباس).([120])
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ومن هذا الوجه ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج7 ص555).
وعن قطبة بن مالك t قال: (كان النبي r يقول: اللهم جنبني منكرات الأخلاق، والأهواء، والأدواء). وفي رواية: (منكرات الأخلاق والأعمال).
حديث صحيح
أخرجه الترمذي في «سننه» (3591)، والبيهقي في «الدعوات الكبير» (ج1 ص169)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص7)، والبزار في «المسند» (ج9 ص155)، والرافعي في «أخبار قزوين» (700)، وأبو مطيع المصري في «الأمالي» (1/39/ط)، والوخشي في «الوخشيات» (1/1/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج2 ص1016)، وفي «تاريخ دمشق» (37408)، وابن المقرئ في «المعجم» (1295)، وابن بشكوال في «غوامض الأسماء المبهمة» (485)، والأصبهاني في «الترغيب» (1219)، وفي «الحجة» (79)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (235)، وابن أبي عاصم في «السنة» (13)، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ج3 ص421)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص240)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص19)، وفي «الدعاء» (ج3 ص1447)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص532)، وأبو نعيم في «صفة النفاق» (ص38)، وفي «أخبار أصبهان» (165)، وفي «الحلية» (ج2 ص154)، وابن قانع في «معرفة الصحابة» (ج2 ص363) من طريق أبي أسامة عن مسعر بن كدام عن زياد بن علاقة عن عمه قطبة بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
ومن هذا الوجه ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج12 ص718).
والحديث صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (ج3 ص184).
وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج10 ص188) ثم قال: روى الترمذي منه التعوذ من الأهواء، ورواه البزار ورجاله ثقات.
وعن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: سمعت بلال بن سعد يقول في دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من زيغ القلوب، ومن تبعات الذنوب، ومن مرديات الأعمال، ومضلات الفتن).
أثر صحيح
أخرجه ابن مهنا في «تاريخ داريا» (ص83)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (836)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص229)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج10 ص499) من طريق العباس بن الوليد قال: أخبرني أبي قال: حدثنا ابن جابر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن ابن المبارك / قال: (أن البصراء لا يأمنون من أربع خصال ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع الرب فيه، وعمر قد بقي لا يدري ماذا فيه من الهلكات، وفضل قد أعطي لعله مكر، واستدراج، وضلالة، وقد زينت له فيراها هدى ومن زيغ القلب ساعة ساعة أسرع من طرفة عين قد يسلب دينه، وهو لا يشعر).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (835)، والذهبي في «السير» (ج8 ص406) من طريقين عن ابن المبارك به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال: (ومن خاصم في باطل وهو يعلمه([121])، لم يزل في سخط الله حتى ينزع([122]) عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال([123]) حتى يخرج مما قال).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص23)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص70)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (699942)، و(699945)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص27)، والبيهقي في (السنن الكبرى» (ج6 ص82)، وفي «شعب الإيمان» (ج6 ص121) من طريق زهير ثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد عن ابن عمر به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص798).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وقال المنذري في «الترغيب» (ج3 ص152): (رواه أبو داود، والطبراني بإسناد جيد). اهـ
وأخرجه أبو الشيخ في «التوبيخ والتنبيه» (221)، و(222)، والحاكم في «المستدرك» (7118)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (2921)، وفي «المعجم الكبير» (ج12 ص388)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (90)، والواحدي في «الوسيط» (239)، وابن بشران في «الأمالي» (4)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (10583)، وفي «شعب الإيمان» (ج12 ص123)، والخطيب البغدادي في «الموضح» (173)، وفي «تاريخ بغداد» (2714)، وابن ماجه في «سننه» (2320)، وابن أبي العقب في «فوائده» (1/62/ط)، والهروي في «ذم الكلام» (124)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص23)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (160)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص82) من عدة طرق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (من أعان على خصومة بباطل؛ فقد باء بغضب من الله حتى ينزع)، وفي رواية: (حتى يرجع) أي: حتى يرجع، ويتوب إلى الله تعالى.
وعن ثوبان t قال: قال النبي r: (أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلين)؛ أي: رؤوس الزندقة. وفي رواية: (أخوف ما أخاف على أمتي تعدي الأئمة المضلين).
حديث صحيح
أخرجه أبو دواد في «سننه» (ج4 ص451)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص437)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص278)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص401)، وابن حبان في «صحيحه» (ج16 ص220)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص372)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1304)، وشهدة في «مشيختها» (ص114)، والروياني في «المسند» (ج1 ص410)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص11)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص449)، من طرق عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الإمام ابن القيم / في «هداية الحياري» (ص21):
(1) الجهل به -يعني بالحق- وهذا الغالب على أكثر النفوس، فإن من جهل شيئا عاداه، وعادى أهله!.
2) فإن انضاف إليه بغض من أمره بالحق، ومعاداتهله، وحسده كان المانع من القبول أقوى!.
3) فإن انضاف إلى ذلك ألفه، وعادته، ومرباه على ما كان عليه آباؤه قوي المانع!.
4) فإن انضاف إلى ذلك توهمه أن الحق الذي دعي إليه يحول بينه، وبين جاهه قوي المانع!.
5) فإن انضاف إلى ذلك خوفه من عشيرته، وقومه على نفسه، وماله، وجاهه ازداد المانع من قبول الحق قوة!). اهـ
وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (سمعت أنه يقال: لا تمكن رجلا زائغ القلب من أذنك).
أثر صحيح
أخرجه ابن محرز في «معرفة الرجال» (ص292) من طريق يحيى بن معين قال: حدثنا معن قال: قال مالك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الباجي في «المنتقى» (ج4 ص274)، والشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص131).
وعن أبي الحسن الطرخاباذي الهمذاني / قال: (أحمد بن حنبل محنة به يعرف المسلم من الزنديق).([124])
وقال الإمام أحمد /: (قولوا لأهل البدع، بيننا وبينكم، يوم الجنائز).
أثر حسن
أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في «سؤالاته» (ص146) من طريق أبي علي الصواف يقول: سمعت عبدالله بن أحمد يقول: سمعت أبي / يقول: فذكره.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في «سؤالاته» (ص146)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج1 ص67)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص560) من طريق أبي سهل بن زياد القطان به.
وإسناده حسن.
وأورده الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج11 ص340)، نقلا عن السلمي.
وذكره ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج10 ص387)، وابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج1 ص65).
قلت: ومراد الإمام أحمد / أن المبتدعة الزنادقة يحصل لهم في موتهم من الذل، والعقاب، وما يروا من الأهوال، فيتمنى هؤلاء أنهم لم يبتدعوا في دين الله تعالى شيئا فــ: ]لله الأمر من قبل ومن بعد[ [الروم:4]، اللهم سلم سلم.([125])
قال تعالى: ]حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون (99) لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون (100)[ [المؤمنون: 99 و100].
وقال تعالى: ]ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق (50) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (51)[ [الأنفال: 49 و50].
وقال تعالى: ]اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون[ [المنافقون:2].
وقال تعالى: ]ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون[ [الأنعام:93].
وقال تعالى: ]ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (18) وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد (19)[ [ق: 18 و19].
وقال تعالى: ]واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون (55) أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين (56)[ [الزمر: 55 و56].
وهذا الإمام أبو طاهر مطيار بن أحمد الرستمي / الذي قال الحافظ محمد بن عبد الواحد الدقاق في حقه:
ما رأيت رجلا قط خيرا منه في هجر أهل البدع، قال:
الأشعرية ضلال زنادقة
إخوان من عبد العزى مع الـــــــلات
بربهم كفروا جهرا وقولهم
إذا تــــــــــدبـــــــــرتـــــــــه أســـــوا الـــمــقــالات
ينفون ما أثبتوا عودا ببدئهم
عقائد القوم من أوهي المــحالات
والرفض والنصب والإرجاء صاحبها
لاه عــن الله مــــلـــعـــون الـــمـقـــامـات([126])
وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (لرجل؛ يا هذا ما تلاعبت به فلا تلعبن بدينك! ([127]».
أثر صحيح
أخرجه الغضائري في «حديثه» (ص21)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1538)، واللالكائي في «الاعتقاد» (295) من طريقين عن القعنبي قال: قال مالك بن أنس به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج7 ص9): (أصل الرفض كان من وضع قوم زنادقة منافقين، مقصودهم الطعن في القرآن، والرسول r، ودين الإسلام، فوضعوا من الأحاديث ما يكون التصديق به طعنا في دين الإسلام... ولهذا دخلت عامة الزنادقة من هذا الباب؛ فإن ما تنقله الرافضة من الأكاذيب تسلطوا به على الطعن في الإسلام، وصارت شبها عند من لم يعلم أنه كذب،... وضلت طوائف كثيرة من الإسماعيلية والنصيرية، وغيرهم من الزنادقة الملاحدة المنافقين، وكان مبدأ ضلالهم تصديق الرافضة في أكاذيبهم التي يذكرونها في تفسير القرآن والحديث؛ كأئمة العبيديين إنما يقيمون مبدأ دعوتهم بالأكاذيب التي اختلقتها الرافضة; ليستجيب لهم بذلك الشيعة الضلال، ثم ينقلون الرجل من القدح في الصحابة رضي الله عنهم، إلى القدح في علي رضي الله عنه، ثم في النبي صلى الله عليه سلم ثم في الإلهية، كما رتبه لهم صاحب البلاغ الأكبر، والناموس الأعظم، ولهذا كان الرفض أعظم باب، ودهليز إلى الكفر والإلحاد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج7 ص210): (فالرافضة فيهم شبه من اليهود من وجه، وشبه من النصارى من وجه، ففيهم شرك، وغلو، وتصديق بالباطل كـ «النصارى»، وفيهم جبن، وكبر، وحسد، وتكذيب بالحق كــ «اليهود»، وهكذا غير الرافضة من أهل الأهواء والبدع، تجدهم في نوع من الضلال، ونوع من الغي، فيهم شرك، وكبر، لكن الرافضة أبلغ من غيرهم في ذلك). اهـ
قلت: فما من أحد من أهل الأهواء والبدع([128])؛ إلا وفيه هذا الشبه من اليهود والنصارى، والكل بحسبه في الميل إلى الأهواء والبدع([129])، اللهم سلم سلم.
قلت: وإن كانوا يقولون: هم كفار، فقلوبهم، وأبدانهم إليهم أميل منها إلى أهل السنة والجماعة.([130])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (ج7 ص409): (ولهذا ما زال أهل العلم يقولون: إن الرفض من أحداث الزنادقة الملاحدة، الذين قصدوا إفساد الدين؛ دين الإسلام، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فإن منتهى أمرهم تكفير علي، وأهل بيته، بعد أن كفروا الصحابة، والجمهور). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (ج8 ص236): (وقد دخل في شيعة علي t من الزنادقة، والمرتدين ما لا يحصي عدده إلا الله تعالى... والرافضة يوالون اليهود، والنصارى، والمشركين على قتال المسلمين؛ كما عرف منهم!).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على الإخنائي» (ص213): (فإذا عرف الجاهل بسنته المعلومة عند جميع علماء أمته، ثم بعد ذلك يشاق الرسول r من بعد ما تبين له الهدى، ويتبع غير سبيل المؤمنين؛ فإن الله يوليه ما تولى، ويصليه جهنم، وساءت مصيرا([131]». اهـ
قلت: فالمبتدع العابد الجاهل يشبه أهل والأهواء من هذا الوجه، فلا يعذر بعد ذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على الإخنائي» (ص313): (من قامت عليه الحجة استحق العقوبة، وإلا كانت أعماله البدعية المنهي عنها باطلة لا ثواب فيها، وكانت منقصة له خافضة له بحسب بعده عن السنة، فإن هذا حكم أهل الضلال، وهو البعد عن الصراط المستقيم... ثم من قامت عليه الحجة استحق العقوبة، وإلا كان بعده، ونقصه، وانخفاض درجته، وما يلحقه في الدنيا، والآخرة من انخفاض منزلته، وسقوط حرمته، وانحطاط درجته هو جزاؤه، والله حكم عدل لا يظلم مثقال ذرة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على الإخنائي» (ص312): (والبدعة كلما كانت أظهر مخالفة للرسول r يتأخر ظهورها، وإنما يحدث أولا ما كان أخفى مخالفة للكتاب والسنة؛ كبدعة الخوارج، ومع هذا فقد جاءت الأحاديث الصحيحة فيها بذمهم، وعقابهم، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على الإخنائي» (ص311)؛ عن الرفض: (يقال: إن أول من ابتدعه كان منافقا زنديقا، فإن هؤلاء –يعني: الرافضة- من جنس أمثالهم من الزنادقة، والمنافقين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص79): (ومما عليه العلماء أن مبدأ «الرفض» كان من الزنادقة المنافقين، ومبدأ «التجهم» كان من الزنادقة المنافقين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص82): (ولهذا استجاب لهؤلاء الزنادقة المنافقين طوائف من المؤمنين في بعض ما دعوهم إليه!، حتى أقاموا الفتنة، وهذا موجود في الزنادقة الجهمية، والزنادقة الرافضة، والزنادقة الجامعة للأمرين، وأعظمهم القرامطة، والمتفلسفة ونحوهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (ج6 ص370): (كما فعلت الرافضة، وبهم تسترت الزنادقة، كالغالية من النصيرية وغيرهم، ومن القرامطة الباطنية، والإسماعيلية وغيرهم، فهم منشأ كل فتنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (ج5 ص157): (ودخل في الرافضة من الزنادقة المنافقين: الإسماعيلية، والنصيرية، وغيرهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (ج2 ص81): (وأكثر ما تجد الرافضة؛ إما في الزنادقة المنافقين الملحدين؛ وإما في جهال ليس لهم علم لا بالمنقولات، ولا بالمعقولات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (ج12 ص353)؛ عن المتفلسفة: (فإن قول هؤلاء الزنادقة...). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (ج12 ص355)؛ عن المبتدعة: (ولما ظهر هؤلاء تكلم السلف من التابعين، وتابعيهم في تكفيرهم، والرد عليهم بما هو مشهور عند السلف، واطلع الأئمة الحذاق من العلماء على أن حقيقة قول هؤلاء هو التعطيل، والزندقة، وإن كان عوامهم لا يفهمون ذلك، كما اطلعوا على أن حقيقة قول القرامطة والإسماعيلية، هو التعطيل والزندقة، وإن كان عوامهم إنما يدينون بالرفض). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (ج12 ص358): (والجهمية([132]) هم: نفاة صفات الله تعالى المتبعون للصابئة الضالة). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن /؛ عن الجهمية: (وذلك أن الإمام أحمد وأمثاله من أهل العلم والحديث، لا يختلفون في تكفير الجهمية، وأنهم ضلال زنادقة، وقد ذكر من صنف في السنة تكفيرهم عن عامة أهل العلم والأثر([133])). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص550) عن توبة الزنديق: (ومما يدل على أن توبة الزنديق بعد القدرة لا تعصم دمه قوله تعالى: ]قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا[ [التوبة: 52] قال السلف في هذه الآية: ]أو بأيدينا[ [التوبة: 52] بالقتل إن أظهرتم ما في قلوبكم، وهو كما قالوا؛ لأن العذاب على ما يبطنونه من الكفر([134]) بأيدي المؤمنين لا يكون إلا بالقتل؛ فلو قبلت توبتهم بعد ما ظهرت زندقتهم لم يمكن المؤمنين أن يتربصوا بالزنادقة أن يصيبهم الله تعالى بأيديهم). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الزنديق له وجود بين المسلمين، فلابد علينا أن نتربص به أن يصيبه الله تعالى بعذاب، أو يصيبه الله تعالى بعذاب بأيدينا([135])، اللهم سدد.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص548): (فهذا الزنديق قد قام الدليل على فساد عقيدته، وتكذيبه واستهانته بالدين، وقدحهفيه). اهـ
فعن الإمام سهل بن عبد الله التستري / قال: (الناس نيام، فإذا انتهبوا ندموا؛ وإذا ندموا لم تنفعهم ندامتهم).([136])
وعن الإمام سهل بن عبد الله التستري / قال: (إنما سمي الزنديق زنديقا، لأنه وزن دق الكلام بمخبول عقله وقياس هوى طبعه، وترك الأثر، والاقتداء بالسنة، وتأول القرآن بالهوى، فسبحان من لا تكيفه الأوهام).([137])
وعن الإمام سهل بن عبد الله التستري / قال: (لا يصح الإخلاص إلا بترك سبعة: الزندقة والشرك والكفر، والنفاق والبدعة، والرياء والوعيد).([138])
وعن الإمام سهل بن عبد الله التستري / قال: (الدنيا كلها جهل إلا العلم فيها، والعلم كله وبال إلا العمل به، والعمل كله هباء منثور إلا الإخلاص فيه والإخلاص فيه أنت منه على وجل حتى تعلم هل قبل أم لا؟).([139])
وعن الإمام سهل بن عبد الله التستري / قال: (الفتن ثلاثة: فتنة العامة؛ من إضاعة العلم وفتنة الخاصة؛ من الرخص والتأويلات، وفتنة أهل المعرفة؛ من أن يلزمهم حق في وقت فيؤخروه إلى وقت ثان).([140])
قال الإمام أبو حاتم الرازي /: (علامة أهل البدع الوقعية في أهل الأثر، وعلامة الجهمية: تسميتهم أهل السمة مشبهة([141])، ونابتة([142])، وعلامة القدرية: تسميتهم أهل الأثر مجبرة([143])، وعلامة الزنادقة([144]): تسميتهم أهل السنة حشوية([145]) يريدون إبطال الآثار، وعلامة المرجئة: تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية([146])، وعلامة الرافضة: تسميتهم أهل السنة ناصبة([147])، ولا يلحق أهل السنة إلا أسم واحد وستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء).([148])
قلت: ولا يلحق أهل السنة؛ إلا اسم واحد، ويستحيل أن تجتمع هذه الأسامي، لأن جرت عاده أهل البدع والأهواء قديما وحديثا، ويعيبون أهل السنة والجماعة بألقالب شنيعة، وذلك لأن أهل السنة يشنعون عليهم، ويردون أباطيلهم، ويهتكون أستارهم، ويفحونهم أمام الملأ، فيطلقون عليهم هذه الألقاب الشنيعة، لكن السنة ماضية أهل البدع والأهواء؛ أنهم أحق بهذه الأوصاف، والألقاب، والأسماء التي يطلقونها على مخالفتهم أهل السنة، كما أن أولتهم تنقلب عليهم؛ لالهم([149])، اللهم غفرا.([150])
قلت: ومراد أهل البدع والأهواء من إطلاق تلك الألقاب والأوصاف على أهل السنة والجماعة؛ تنفير الناس عنهم، وهؤلاء هم: الزنادقة.
فعن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل /: (وقد رأيت لأهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنعة قبيحة يسمون بها أهل السنة يريدون بذلك عيبهم والطعن عليهم، والوقيعة فيهم، والإزراء بهم عند السفهاء والجهال).([151])
وعن أحمد بن الحسن الترمذي قال: (يا أبا عبد الله -يعني الإمام أحمد- ذكروا لابن أبي قتيلة([152]) بمكة أصحاب الحديث، فقال: أصحاب الحديث قوم سوء. فقام أبو عبد الله، وهو ينفض ثوبه، فقال: زنديق، زنديق، زنديق!([153])، ودخل بيته).([154])
قلت: والزنديق؛ كما يطلق على الملحد، يطلق على المبتدع الذي يعيب أهل الحديث سواء بسواء، كما هو ظاهر قول الإمام أحمد /، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (ج4 ص96): (ليتبين لك أن الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب. ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن ابن أبي قتيلة أنه ذكر عنده أهل الحديث بمكة فقال: قوم سوء. فقام الإمام أحمد وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق زنديق زنديق ودخل بيته فإنه عرف مغزاه). اهـ
نعم هكذا كان ربانيو هذه الأمة لدعاة الضلال وأفراخهم الذين يطعنون في أهل الحديث من أئمة الدعوة، وغيرهم.
وعن الإمام أبي يوسف الكوفي القاضي / قال: (من طلب الدين بالكلام -يعني الآراء- تزندق).([155])
لذلك أنشد الفقيه أبو زيد عمر بن شبة النمري /؛ لبعض علماء شاش شعرا:
كل الكلام سوى القرآن زندقة ... إلا الحديث وإلا الفقه في الديـــــــــــــن
والعلم متبع ما كاـــــن حـــــــــدثنـــــــــا ... وما سوى ذاك وسواس الشياطين([156])
قلت: يعني الآراء التي يتكلم بها أهل البدع والأهواء، هي زندقة؛ لأنها تخالف القرآن، والله المستعان.
وعن الإمام إبراهيم الخواص / قال: (ما كانت زندقة ولا كفر، ولا بدعة، ولا جرأة في الدين، إلا من قبل الكلام، والجدل والمراء، والعجب، وكيف يجترئ الرجل على الجدال والمراء والله يقول: ]ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا[ [غافر:4]).([157])
قلت: وهذا يدل أن أهل الكلاك، وهم الذيم يتكلمون بالآراء والحادلات في الدين؛ من الزنادقة، لأن قرن مع الزندقة الكفر، والبدعة([158])، اللهم سلم سلم.
لذلك قال الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم /: (سمعت أبي([159]) وأبا زرعة؛ يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع، يغلظان في ذلك أشد التغليظ، وينكران وضع الكتب برأي في غير آثار، وينهيان عن مجالسة أهل الكلام –يعني أهل الرأي- والنظر في كتب المتكلمين، ويقولان لا يفلح صاحب كلام أبدا).([160])
وعن الإمام عبد الرحمن بن مهدي / قال: (من طلب الكلام، فآخر أمره الزندقة).([161])
وقال ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص534)؛ عن أهل الأهواء بعد الخوض في الكلام، والرأي: (فالمخطئ منهم زنديق , والمصيب على غير أصل ولا تحقيق). اهـ
وقال الحافظ القرطبي /: (أفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك وببعضهم إلى الإلحاد وببعضهم إلى التهاون بوظائف العبادات وسبب ذلك إعراضهم عن نصوص الشارع).([162]) اهـ
وقال الإمام الطحاوي في «عقيدته» (ج1 ص242)؛ واصفا حال صاحب الكلام: (فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار، موسوسا تائها، شاكا زائغا، لا مؤمنا مصدقا، ولا جاحدا مكذبا). اهـ
وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي /؛ شارحا ذلك في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص242): (وهذه الحالة التي وصفها الشيخ / حال كل من عدل عن الكتاب والسنة إلى علم الكلام المذموم، أو أراد أن يجمع بينه –يعني الكلام- وبين الكتاب والسنة، وعند التعارض يتأول النص ويرده إلى الرأي والآراء المختلفة، فيئول أمره إلى الحيرة والضلال والشك).([163]) اهـ
قلت: وقد اعترف بهذه الحيرة أهل الكلام، فمن ذلك اعتراف أبي عبد الله محمد الرازي المتكلم في كتابه صنفه «أقسام اللذات» بقوله:
نهاية إقدام العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه: قيل وقالوا([164])
ولذلك قول أبي المعالي الجويني المتكلم: (يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به).([165]) اهـ
قلت: ولا ريب أن إيجاب الاشتغال بالكلام، ومقدماته الفاسدة أمر خطير، يتضمن تنقص الرسول r، وأصحابه الكرام، وكذا من بعدهم ممن اقتضى أثرهم، حيث لم يشتغلوا بهذا الكلام.([166])
وعن الإمام أبي زرعة / قال: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله r فاعلم أنه زنديق, وذلك أن الرسول r عندنا حق, والقرآن حق, وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله r, وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة, والجرح بهم أولى وهم زنادقة).([167])
قلت: فلو كان الكلام من الدين لكان ذلك أهم ما يأمر به رسول الله r، ويعلم طريقه، ويثني عليه، وعلى أربابه.
فعن الإمام مالك بن أنس / قال: (إياكم والبدع؛ قيل: يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله، وصفاته وكلامه، وعلمه، وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان).([168])
وعن الإمام أبي حنيفة / قال: (لعن الله عمرو بن عبيد([169]) فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا يعنيهم من الكلام).([170])
وعن أحمد بن الوزير القاضي قال: قلت؛ لأبي عمر حفص الضرير البصري: الرجل يتعلم شيئا من الكلام يرد به على أهل الجهل، فقال: (الكلام كله جهل، لا تتعلم الجهل، فإنك كلما كنت بالجهل أعلم كنت بالعلم أجهل).([171])
وعن عبد الله بن داود الخريبي يقول (سألت سفيان الثوري عن الكلام فقال دع الباطل أين أنت عن الحق اتبع السنة ودع الباطل).([172])
وعن الإمام أبي يوسف القاضي الكوفي /: (العلم بالكلام والخصومة جهل، والجهل بالكلام والخصومة علم).([173])
قلت: أراد به اعتقاد عدم صحته، فإن ذلك علم نافع، أو أراد به الإعراض عنه، وترك الالتفات إلى اعتباره، فإن ذلك يصون علم الرجل وعقله، فيكون علما بهذا الاعتبار.
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال دخلت على مالك بن أنس / وعنده رجل يسأله عن القرآن، فقال مالك: (العلك من أصحاب عمرو بن عبيد، لعن الله عمرا، فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام، ولو كان الكلام علما، لتكلم فيه الصحابة والتابعون، كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل).([174])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص182): (أهل الكلام الذين ذمهم السلف لا يخلو كلام أحد منهم على مخالفة السنة، ورد بعض ما أخبر به الرسول، كالجهمية والمشبهة، والخوارج والروافض، والقدرية، والمرجئة). اهـ
قلت: وعلم الكلام هو علم العقائد الباطلة القائم على الأدلة العقلية فقط، ويتضمن المخاصمة عن تلك العقائد الباطلة بالمعقولات، فإدخال هذا العقل الضعيف من قيل أهل الأهواء في نصوص الكتاب والسنة؛ هذا هو الضلال المبين.
قال تعالى عن أهل الأهواء: ]يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا[ [الأنعام:112].
فعن عمر بن هارون / قال: (نظرت في العلم فإذا القرآن والأثر، ثم نظرت في الرأي، فإذا هو الخديعة، والمكر، والخيانة، والحيل، وقسوة القلب، وأشياء كثيرة من الشر([175])، فأخذت الأثر وتركت الرأي).([176])
قلت: والمقصود أن ما ليس له أصل في الشرع؛ لا في كتاب الله تعالى، ولا سنته رسوله r، ولا فعل الصحابة رضي الله عنهم؛ فهو بدعة محدثة، اللهم غفرا.
قلت: ولعل أهم دواعي الإعراض عن الكتاب والسنة، أو شيء منها من قبل أهل الكلام والرأي؛ هو تقديم العقل على النقل.
قال الإمام أبو المظفر ابن السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص81): (واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل فإنهم أسسوا دينهم على المعقول وجعلوا الاتباع والمأثور تبعا للمعقول.
وأما أهل السنة قالوا الأصل الاتباع والعقول تبع ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم ولبطل معنى الأمر والنهي ولقال من شاء ما شاء). اهـ
قلت: والعاقل من عقل عن الله تعالى أمره، ونهيه.([177])
فعن عروة بن مروان الرقي / قال: (حب الله العمل بكتاب الله، وحب رسول الله العمل بسنته).([178])
وعن خالد بن الحارث الهجمي / قال: (إياكم وأصحاب الجدال والخصومات؛ فأنهم شرار أهل القبلة).([179])
قال الإمام أبو المظفر ابن السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص78): (إن الله تعالى أسس دينه وبناه على الاتباع وجعل إدراكه وقبوله بالعقل). اهـ
وعن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير قال: (كنت عند هارون الرشيد، فجرى حديث؛ النبي r: (التقى آدم، ووسى)، فقال شاب([180])؛ عند هارون الرشيد: وأين التقيا؟، فقال هارون الرشيد: علي بالنطع، والسيف([181])، فقلت له: يا أمير المؤمنين، هذا شاب تكلم بشئ ما يدري ما يقول؛ فقال هارون الرشيد: إني أدري أن هذا ليس من كلامه، ولكن يجبني من أي زندقة تلقه؟!، قال: فلم أزل به حتى سكت). وفي رواية: (النطع والسيف زنديق يطعن في حديث رسول الله r). وفي رواية: (أمر بحبس هذا الشاب؛ فحبس!).([182])
قلت: فهؤلاء الزنادقة جعلوا عقولهم دعاة إلى الله تعالى؛ فخاضوا بها في كتابة بجهل، وفي سنة نبيه بضلال، ووضعوها موضع الرسل فيما بينهم.
قال الإمام أبو المظفر ابن السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص77)؛ عن أهل الأهواء: (فقد جعلوا عقولهم دعاة إلى الله تعالى ووضعوها موضع الرسل فيما بينهم). اهـ
وقال الإمام أبو المظفر ابن السمعاني / في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص75): (اعلم أن مذهب أهل السنة أن العقل لا يوجب شيئا على أحد ولا يرفع شيئا عنه ولا حظ له في تحليل أو تحريم ولا تحسين ولا تقبيح). اهـ
قلت: فأهل الكلام؛ هم: أعداء الدين!.([183])([184])
وعن الإمام الشافعي / قال: «تركت بالعراق شيئا يقال له: (التغبير)([185])، أحدثته الزنادقة يصدون الناس عن القرآن».
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج9 ص146)، والخلال في «الأمر بالمعروف» (ص151)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص244)، وابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص309)، وابن عساكر في «ذم الملاهي» (ص145)، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص283). بإسناد صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص507): (وما ذكره الشافعي من أنه من إحداث الزنادقة كلام إمام خبير بأصول الإسلام، فإن هذا السماع لم يرغب فيه ويدعو إليه في الأصل إلا من هو متهم بالزندقة). اهـ
قلت: ولما نسب ابن المطهر الشيعي إلى أهل السنة (إباحة الملاهي والغناء) كذبه ابن تيمية في رده عليه في «منهاج السنة» فقال (ج3 ص439): (هذا من الكذب على الأئمة الأربعة فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه، ولو أتلفها متلف عندهم لم يضمن صورة التالف، بل يحرم عندهم اتخاذها). اهـ
وعن إسحاق بن عيسى الطباع قال: «سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقال: إنما يفعله عندنا الفساق».([186])
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص142)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص282). بإسناد صحيح.
وعن الإمام إبراهيم بن المنذر المدني أنه سئل فقيل له: «أنتم ترخصون في الغناء؟ فقال: معاذ الله! ما يفعل هذا عندنا إلا الفساق».
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص142). بإسناد صحيح.
وعن الإمام سعيد بن المسيب قال: (إني لأبغض الغناء).
أثر صحيح
أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص6) بإسناد صحيح.
وعن الإمام إبراهيم النخعي قال: «الغناء ينبت النفاق في القلب».
أثر حسن
أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (ص44) من طريق شريك عن منصور عن إبراهيم به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه شريك القاضي وهو سيئ الحفظ.
وقد توبع:
فأخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (ص44) من طريق أبي عوانة عن حماد عن إبراهيم به.
وهذا سنده حسن.
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: (سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص142)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص228). تعليقا بإسناد صحيح.
وأخرج هذه الرواية عبدالله بن أحمد في «مسائله» (1175).
وقال الإمام الأصبهاني / في «الحجة في بيان المحجة» (ج2 ص502): (وأن الأوتار والمزامير كلها من فعل الشيطان لا يحل لمسلم أن يسمعها أو يستعملها فإن فعل ذلك كان عاصيا آثما). اهـ
وقال الإمام الأصبهاني / في «الحجة في بيان المحجة» (ج2 ص266): (والمزامير والطنابير حرام). اهـ
وعن عبيد الله بن عمر قال: سأل إنسان القاسم بن محمد عن الغناء؟ قال: أنهاك عنه، وأكرهه لك، قال: أحرام هو؟ قال: انظر يا ابن أخي، إذا ميز الله الحق من الباطل، في أيهما يجعل الغناء؟!!!).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (ص48)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص224)، وابن عساكر في «ذم الملاهي» (ص43)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» تعليقا (ص335). بإسناد حسن.
وعن عبد العزيز الماجشون قال: (مر ابن عمر بجارية صغيرة تغني فقال: لو ترك الشيطان أحدا ترك هذه).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (ص265)، وابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (ص48)، والآجري في «تحريم النرد» (ص385)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص223)، وفي «شعب الإيمان» (ج9 ص330).
وإسناده صحيح.
عن عبيد الله بن عمر قال: حدثني نافع أن ابن عمر مر عليه قوم محرمون وفيهم رجل يتغنى فقال: (ألا لا سمع الله لكم, ألا لا سمع الله لكم).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (ص48).
وإسناده صحيح.
وعن نافع مولى ابن عمر، أن ابن عمر (سمع صوت زمارة راع، فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، يقول: يا نافع، أتسمع؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتى قلت: لا، فوضع يديه، وأعاد راحلته إلى الطريق، وقال: رأيت رسول الله r وسمع صوت زمارة راع، فصنع مثل هذا).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص223)، والخلال في «الأمر بالمعروف» (ص146)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص8، 38)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج4 ص163)، وأبو سعيد الشاشي في «حديثه» (ق/4/ط)، وابن حبان في «صحيحه» (ج6 ص328-الموارد)، والآجري في «تحريم النرد» (ص125)، والطبراني في «المعجم الصغير» (ج1 ص13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص222)، وفي «شعب الإيمان» (ج4 ص283)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص247)، وابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (ص63)، وفي «الورع» (ص68)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص129) من طرق عنه.
وإسناده صحيح.
وعن الأوزاعي قال: (كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتابا فيه: (... وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمتك جمة السوء).([187])
أثر صحيح
أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص326)، وفي «السنن الصغرى» (ج7 ص129)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص270)، وأبو إسحاق الفزاري في «السير» (ص293) عن الأوزاعي به.
وتابعه أيوب بن محد الوزان، ثنا صخر بن ربيعة عن ابن شوذب قال: كتب عمر بن عبدالعزيز به.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص309).
والأثر صححه الشيخ الألباني في «تحريم آلات الطرب» (ص120).
قلت: فيتبين من هذا أن المعازف والغناء كانت مستنكرة عند السلف، وأن الساعي إلى إشهارها وإباحتها ونشرها يستحق التعزير والتشهير والإنكار عليه.
وعن الإمام أحمد بن سنان / قال: (من زعم أن القرآن شيئين أو أن القرآن حكاية فهو والله الذي لا إله إلا هو زنديق كافر بالله هذا القرآن هو القرآن الذي أنزله الله على لسان جبريل على محمد لا يغير ولا يبدل).([188])
قلت: وهذا أبو السعادات أحمد بن منصور يصحب المتهمين في الدين، وعنده قلة المبالاة بأمر الإسلام، ويضع الأحاديث على رسول الله r سيد المرسلين.([189])
قال عنه الإمام أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده /: (أبو السعادات كذاب زنديق ملحد).([190])
وقال الحافظ ابن الجوزي في «الموضوعات» (ج1 ص123): (هذا حديث موضوع لعن الله واضعه ولا رحم صانعه فإنه كان من أخس المشبهة وأسوئهم اعتقادا، وما أظنه كان يظهر هذا إلا الطغاة من المشبهة الذين لم يجالسوا عالما وهو عمل أبي السعادات لا أسعده الله، فإنه كان يرمى بسوء المذهب وصحبة المبهمين في الدين وقلة المبالاة بأمر الاسلام). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج1 ص159)؛ عن أبي السعادات المبتدع: (فهذا هو الشيخ المجسم([191]) الذي لا يستحى الله من عذابه، إذ كيف وافترى). اهـ
قلت: ولما وضع المبتدع عمرو بن عبيد حديثا في: قتل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، رموه بالزندقة.([192])
قال الحافظ الجوزقاني / في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص201): (هذا حديث موضوع باطل، لا أصل له في الأحاديث، وليس هذا إلا من فعل المبتدعة الوضاعين، خذلهم الله في الدارين، من اعتقد هذا وأمثاله، أو خطر بباله أن هذا مما جرى على لسان رسول الله r فهو زنديق، خارج من الدين، وعمرو بن عبيد، الذي روى هذا الحديث، قد رمي بالكذب). اهـ
قال الإمام الهروي / في «ذم الكلام» (ج5 ص112) عن عمرو بن عبيد المعتزلي: (إمام الكلام، وداعية الزندقة الأولى، ورأس المعتزلة... وهو الذي لعنه إمام أهل الأثر مالك بن أنس). اهـ
وعن المروذي قال: سألت أبا عبد الله – يعني الإمام أحمد - عن عمرو بن عبيد؟ قال: (كان لا يقر بالعلم، وهذا الكفر بالله عز وجل).([193])
وقال الإمام ابن حبان / في «المجروحين» (ج2 ص69) عنه: (كان يشتم الصحابة، ويكذب في الحديث). اهـ
وعن الإمام يزيد بن هارون / قال: (من زعم أن كلام الله مخلوق فهو، والذي لا إله إلا هو، عندي زنديق).([194])
وعن أحمد بن غسان قال: قلت لحمدويه؛ بأي شيء تعرف الزنادقة؟ فقال: الزنادقة ضروب، ولكن من رأيته يقول: إن الله لا يرى، وأن القرآن مخلوق، فهو زنديق).([195])
وعن عمرو بن عثمان الواسطي قال: سألت هشيما، وجريرا، والمعتمر، ومرحوما، وعمي علي بن عاصم، وأبا بكر بن عياش، وأبا معاوية، وسفيان، والمطلب بن زياد، ويزيد بن هارون عن من قال القرآن مخلوق؟، فقالوا: «زنادقة»، قال أبو بكر بن عياش: «زنادقة يقتلون»، قلت: ليزيد بن هارون: يقتلون يا أبا خالد بالسيف؟ قال: بالسيف).([196])
وعن عفان بن مسلم قال: (شهدت سلام بن المنذر المزني قارئ أهل البصرة، وقد جاءه رجل جهمي، والمصحف في حجره، فقال: ما هذا يا أبا المنذر؟ قال: قم يا زنديق، هذا كلام الله غير مخلوق).([197])
وعن الإمام محمد بن عبدالله بن نمير / يقول: (القرآن كلام الله وليس بمخلوق، ومن قال إنه مخلوق فقد كفر، والواقفة شر ممن يقول القرآن مخلوق؛ لأن هؤلاء قد بان أمرهم، وهؤلاء يوهمون الناس).([198])
وعن يحيى بن يوسف الزمي قال: (حضرت عبد الله بن إدريس الأودي؛ فقال له رجل: يا أبا محمد إن قبلنا ناسا يقولون القرآن مخلوق، فقال: من اليهود؟، قال: لا. قال: فمن النصارى؟، قال: لا. قال: فمن المجوس؟ قال: لا. قال: فممن؟، قال: من الموحدين، قال: كذبوا ليس هؤلاء بموحدين؛ هؤلاء زنادقة، من زعم أن القرآن مخلوق، فقد زعم أن الله تبارك وتعالى مخلوق، ومن زعم أن الله تعالى مخلوق، فقد كفر).([199])
وفي رواية: (قال: فمجوس؟، قلت: لا. مسلمين ، قال. فقال: معاذ الله ما هؤلاء مسلمين، هؤلاء كفرة ضلال).
وعن الإمام أبي الأسود النضر بن عبد الجبار / قال: (القرآن كلام الله من قال القرآن مخلوق؛ فهو كافر؛ هذا كلام الزنادقة).([200])
قلت: إذا الكلام في القرآن بدعة، وضلالة، وكفر لم يتكلم فيه النبي r، ولم يتكلم فيه الصحابة y، ولم يتكلم فيه التابعون الكرام، ولم يتكلم فيه المحدثون.([201])
وعن هارون بن معروف / يقول: (من قال القرآن مخلوق، فقد عبد صنما، ثم قال لي: احك عني هذا)([202])، وفي رواية: (من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام).
وعن الإمام إبراهيم بن سعد الزهري / قال: (من قال القرآن مخلوق، فهو يعبد صنما).([203])
قلت: فهذا الزنديق قد قام الدليل على فساد عقيدته، واستهانته بالدين.
وعن أبي داود؛ قال: سألت أحمد بن صالح عن من قال: القرآن مخلوق؟، فقال: كافر، وسألت أحمد بن يونس؟، فقال: (لا تصل خلف من يقول: القرآن مخلوق).([204])
قلت: فهؤلاء زنادقة، لا تعودوهم إن مرضوا، ولا تشهدوا جنائزهم إن ماتوا.([205])
وعن الإمام عبدالرحمن بن مهدي / قال: (من قال القرآن مخلوق؛ فلا يصلى خلفه، وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشهد جنازته).([206])
قلت: وهذا القول في الجهمية الزنادقة، ومن تابعهم في تعطيل الصفات لله تعالى، كـ«الأشاعرة»، و«الصوفية»، و«العقلانية» وغيرهم.
وعن محمد بن جعفر، ومحمد بن موسى؛ أن أبا الحارث حدثهم؛ قال: أن أبا عبد الله – يعني الإمام أحمد – قال: (لا يعادون).([207])
وعن أبي بكر؛ قال: سمعت أبا عبدالله يقول: (من قال القرآن مخلوق، فلا تشهد جنازته).([208])
وعن محمد بن جعفر، ومحمد بن موسى؛ أن أبا الحارث حدثهم؛ قال: قال أبا عبد الله: (لا يصلى عليه).([209])
وعن عبدالله بن أحمد قال: سمعت أبي مرة أخرى، وسئل عن «اللفظية»؟([210])، فقال: من كان منهم يحسن الكلام بالقرآن، فهو جهمي، وقال مرة أخرى: هم أشر من الجهمية، وقال مرة أخرى: هم الجهمية).
قلت: لأن «الفرقة اللفظية» يلبسون على الناس في القرآن.([211])
وعن حنبل قال: سمعت أبا عبد الله؛ يقول: (الذين قالوا: لفظنا بالقرآن مخلوق؛ هذا كلام الجهمية).([212])
وعن حنبل قال: سمعت أبا عبد الله يقول: (قد نهيتهم أن تماروا في القرآن، وأن تضربوا بعضه ببعض، فما لكم، وللجدال في القرآن، القرآن كلام اللع غير مخلوق على كل وجه، وعلى كل حال، وحيث تعرف، ما أحب الكلام، ولا المراء).([213])
وعن أبي داود سليمان بن الأشعث، قال: سمعت أحمد بن صالح، ذكر «اللفظية»، فقال: (هؤلاء أصحاب بعدة، ويدخل عليهم أكثر من البدعة).([214])
قلت: وهذا يوسف بن خالد البصري من أهل الرأي، وهو يكذب في الحديث([215])، يقول عنه الإمام يحيى بن معين /: (كذاب زنديق؛ لا يكتب حديثه).([216])
واستمع إلى قول الإمام أبي حاتم / فإن فيه فائدة، وهي أن أهل الديث لا يتكلمون في الرجال إلا عن علم بجالهم، فلا تنكر عليهم ذلك بجهل، وسلم لهم، فيسعك ما وسهم، والسلام.
فيقول الإمام أبو حاتم /: (أنكرت قول ابن معين فيه «زنديق»، حتى حمل إلي كتاب قد وضعه في التجهم ينكر فيه الميزان، والقيامة، فعلمت أن ابن معين لا يتكلم إلا عن بصيرة، وفهم!).([217])
([5]) قلت: فالمسلم الفاسق زنديق!، وإن كان مسلما، لأنه ضال، ولأنه يشترك مع الزنديق الأصلي في الإفساد، وأي مفسد، فهو زنديق، وفيه زندقة، سواء كان كافرا، أو مسلما!، والله المستعان.
([8]) وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص134)، و«تاج العروس من جواهر القاموس» للزبيدي (ج6 ص373)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص175)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج3 ص250)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج9 ص400)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص471)، و«المغني» لابن قدامة (ج9 ص159)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص209).
([9]) من نفاق الجماعات الحزبية، كـــ«الإخوانية، والتراثية، والقطبية، والسرورية، والصوفية، والأشعرية، والادنية، والمرجئة، وغيرهم) من أهل النفاق في هذا العصر، والله المستعان.
([10]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج9 ص159)، و«مناظرة في القرآن الكريم» له (ص50)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج10 ص326)، و«حاشية ابن عابدين» (ج4 ص241)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص471)، و«بغية المرتاد» له (ص338)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج12 ص282)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص209)، و«شرح السنة» للبربهاري (ص122)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ج1 ص19)، و«الكواكب الدرية» لابن مانع (ص191)، و«المصطلحات العلمية في شرح العقيدة الطحاوية» للخميس (ص11)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج3 ص444)، و«شرح العقيدة السفارينية» لشيخنا ابن عثيمين (ص380).
([11]) وانظر: «الرسالة الوافية» للداني (ص288)، و«مفتاح دار السعادة» لابن القيم (ج1 ص271)، و«جلاء الأفهام» له (ص415)، و«فتح القدير» لابن الهمام (ج6 ص98)، و«طرح التثريب» للعراقي (ج7 ص181)، و«القواعد الكبرى» للعز بن عبدالسلام (ج1 ص153)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج2 ص308)، و«الفتاوى» له (ج7 ص471)، و«بغية المرتاد» له أيضا (ص338)، و«لوامع الأنوار» للسفاريني (ج1 ص392)، و«الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص169)، و«مناظرة في القرآن الكريم» لابن قدامة (ص50 و51)، و«المنتقى شرح الموطأ» للباجي (ج5 ص281)، و«الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية» جمع الحصين (ص17 و43 و61 و111)، و«فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة» جمع القحطاني (ص16 و43 و121 و189)، و«الاجتماع ونبذ الفرقة» للشيخ الفوزان (ص57 و63 و65)، و«الجهاد» له (ص90 و93).
([12]) وانظر: «شرح العقيدة السفارينية» لشيخنا ابن عثيمين (ص380)، و«مناظرة في القرآن العظيم» لابن قدامة (ص50)، و«الرد على البكري» لابن تيمية (ص356)، و«الإيمان» له (ص203)، و«منهاج السنة» له أيضا (ج2 ص81) و(ج5 ص157) و(ج6 ص370)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص1070 و1071)، و«الفوائد» له (ص207)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج13 ص147)، و«الدرر السنية» (ج3 ص294)، و«الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص170).
([16]) ولقد اختلفت أهواء أصحابها بالانتصار -بالحمية الحزبية- للجمعية، أو الحزب، أو الجماعة، أو الإنسان الذي ينتسب لهم؛ لأنه من جمعيته، أو حزبه، أو جماعته حتى وإن كان على خطأ أو خطيئة!!!. والويل أشد الويل لمن لم يكن من جمعيته، أو حزبه، أو جماعته، فإنه لا يجد منه النصرة حتى في ساعة العسرة !!!.
قلت: وكل جمعية تختط لنفسها خطة تأبى على غيرها... أن تنازعها إياها، فهي متمسكة بفهم من أنشأها، وقد تدعي لنفسها أنها بذلك تتمسك بالكتاب والسنة! ولذلك تجد الجمعيات الحزبية المزعومة لا تتعاون مع بعضها إلا لمصلحة ]تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون[ [الحشر:14]؛ لأن كل جمعية من حزب آخر!...بل الجمعية الفلانية تطعن في الجمعية الأخرى؛ كأنها غير إسلامية !.
([18]) تأمل جيدا هذا الكلام ... فلقد تجاوزت هذه الجمعيات المزعومة، واستمرت في عنادها لمصالح حزبية، فالواجب التشهير بها، والتحذير منها ممن عرف حقيقتها، حتى يتجنب الناس طريقهم، وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه، ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه، والله ولي التوفيق.
([23]) لأن هذه الجماعات القائمة في عصرنا مرفوضة شرعا، وأنها امتداد للفرق التي انشقت عن جماعة المسلمين بعد عصر الخلافة الراشدة.
ولذلك وإن قلنا بأن هذه الجماعات انشقت عن جماعة المسلمين، وخرجت عنها؛ إلا أنه لا يلزم تكفيرها، وخروجها عن ملة الإسلام، لأن مخالفات هذه الجماعات تختلف في الحكم بالتكفير، أو تضليل فقط دون تكفير، وذلك بحسب بعدها وقربها عن الإسلام.
([25]) وهم اتباع ماني بن فتق بابك المجروسي الثنوي الزنديق؛ صاحب القول بالنور، والظلمة؛ ظهر أيام سابور بن أرد شير ملك الفرس، ولم يتبعه إلا القليل ثم رجع إلى المجوسية دين آبائه.
أحدث دينا بين المجوسية والنصرانية، وقتله بهرام بن هرمز بن سابور، وذلك بعد عيسى ابن مريم عليه السلام.
وانظر: «الملل والنحل» للشهرستاني (ص290)، و«التاريخ» لابن خلدون (ج1 ص256)، و«فهرست» ابن النديم (ص465).
([26]) قلت: فلفظ: «زنديق» قد اتسع معناه إلى حد لا يسمح بتحديده على أهل الإلحاد فقط، بل يطلق على أهل البدع، وبنحوهم من أهل الأهواء.
([28]) قلت: والثنوية: هم الزنادقة، وهؤلاء هم أصحاب الأثنين الأزليين: يزعمون أن النور، والظلمة أزليان قديمان، وهم الذين يعبدون النور، والظلمة.
v فيزعمون أن فعل النور: الخير، والصلاح، والنفع، والسرور!
v وفعل الظلمة: الشر، والفساد، والضرر، والحزن!.
وانظر: «الملل والنحل» للشهرستاني (ص290 و291).
([30]) والزندي: بالفارسي؛ هو المؤول، والمنحرف عن الظاهر، والبين، فلما أن جاءت العرب أخذت هذا المعنى عن الفرس، وقالوا: زنديق.
([31]) وانظر: «الملل والنحل» للشهرستاني (ص278 و290)، و«إثبات الحد لله» للدشتي (ص196)، و«الدرر السنية» (ج3 ص215)، و«الرد على الجهمية والزنادقة» للإمام أحمد (ص52)، و«الرد على المبتدعة» لابن البناء (ص57)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج17 ص391) و(ج12 ص498)، و«منهاج السنة» له (ج4 ص363)، و«الرد على الإخنائي» له أيضا (ص311)، و«المناظرة في القرآن» لابن قدامة (ص50)، و«شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص292)، و«المصطلحات العلمية» للخميس (ص11)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص1871).
([35]) وانظر: «توضيح بعض المصطلحات العلمية في شرح العقيدة الطحاوية» للدكتور محمد الخميس (ص11 و12)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج5 ص307 و320)، و«بيان تلبيس الجهمية» له (ج2 ص79 و82)، و«منهاج السنة» له أيضا (ج7 ص9)، و«الرد على المبتدعة» لابن البناء (ص59)، و«مناظرة في القرآن» لابن قدامة (ص87).
([36]) قلت: لأن الزندقة تتفاوت في المخالفين، وذلك على حسب المخالفة الشرعية من معصية، أو بدعة، أو كفر، أو شرك، أو نفاق، اللهم سلم سلم.
قلت: كذلك تتفاوت المعصية، والبدعة في الناس، ويتفاوت الكفر، والشرك، والنفاق في الناس، الكل بحسب قربه، وبعده من السنة وأهلها.
([38]) أخرجه عبدالله في «السنة» (ج1 ص121)، والخلال في «السنة» (ج5 ص90)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص64).
([40]) وكانوا يقولون فيمن قال إن القرآن مخلوق إنه زنديق.
انظر: «الإبانة الكبرى» لابن بطة رقم (57، 256، 268، 289، 400)، و«السنة» للخلال رقم (1938، 1939، 1942، 1985، 1988، 2018، 2025، 2030، 2049)، و«الاعتقاد» للآلكائي (ج2 ص305).
([42]) انظر: «صحيح البخاري» (ج13 ص357) ولفظ «الزنادقة» ليس في شئ مما اطلعت عليه من شروح «صحيح البخاري» التي تذكر النسخ، وعليه فهذه فائدة نفيسة من شيخ الإسلام ابن تيمية /.
قال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص344): (قوله: «بسم الله الرحمن الرحيم»؛ كتاب «التوحيد»؛ كذا للنسفي، وحماد بن شاكر، وعليه اقتصر الأكثر عن الفربري، وزاد المستملي: «الرد على الجهمية وغيرهم» وسقطت البسملة لغير أبي ذر). اهـ
وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج15 ص381)، و«عمدة القاري» للعيني (ج20 ص266).
([43]) انظر: «الفتاوى» له (ج12 ص352 و353 و355)، و«منهاج السنة» (ج1 ص321)، و«بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص79).
([44]) لأن أهل البدع يتكتمون على بدعهم فمتى ما استطاعوا أن يدعوا إليها، أو ينشروها بين الناس فعلوا.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص114): (مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رؤوسهم، وأبدانهم في التراب، ويخرجون أذنابهم، فإذا تمكنوا؛ لدغوا. وكذلك أهل البدع، هم مختفون بين الناس. فإذا تمكنوا، بلغوا ما يريدون). اهـ
([46]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج10 ص401)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج12 ص352)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص344).
([48]) قلت: فمن رد القرآن، فهو زنديق، ومن رد السنة، فهو زنديق، وهذا لازم لكل من سلك طريق العصاة، والمبتدعة، والله المستعان.
([49]) وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص157) و(ج6 ص370) و(ج7 ص9): «أن «النصرية» و«الإسماعيلية» من جملة الزنادقة».
([50]) قلت: يريد شيخ الإسلام ابن تيمية / بعض من يعتني بدراسة الحديث، والفقه، والتفسير، وغير ذلك، وهذا يوجد فيمن ينتسب لأهل الحديث من هو مستتر ببدعة، أو انحراف، أو نفاق، أو إلحاد، ويحاول دس بدعته في صفوف أهل السنة من خلال ما ينشره في مؤلفاته أو كلامه، كــ: «الكوثري، والغماري، وأبي غدة، وعبدالرحمن عبدالخالق، وسلمان العودة، وعدنان عرعور، وربيع المدخلي، ويوسف القرضاوي، وعائض القرني» وغيرهم من أهل البدع الذين ينتسبون إلى العلم، والله المستعان.
([53]) قال الشهرستاني في «الملل والنحل» (ج1 ص23): (اعلم أن أول شبهة وقعت في الخليقة: شبهة إبليس لعنه الله. ومصدرها: استبداده بالرأي في مقابلة النص. واختياره الهوى في معارضة الأمر). اهـ
([55]) قلت: فرحم الله تعالى شيخ الإسلام ابن تيمية، فإن هذا الكلام في غاية من الدقة، والأهمية، والله المستعان.
([57]) قال الذهبي / في «السير» (ج7 ص261): (أكثر السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة!). اه
([59]) وعلى العوام البعد عنهم ما أمكنوا، بل الأمر المتعين عليهم، لأنهم يلبسوا عليهم دينهم، والله المستعان.
([60]) قلت: فعليكم بالسنة، فمن اهتدى بها فهو مهتدي، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى.
وانظر: «الرسالة الوافية» للداني (ص149).
([62]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص104)، و«الوسيط في تفسير القرآن» للواحدي (ج2 ص284)، و«جامع البيان» للطبري (ج7 ص142)، و«تفسير القرآن» ابن كثير (ج2 ص143).
([63]) قلت: لأن القلب ضعيف، ولعله أن يسمع من المبتدع كلمة ضالة فتدخل قلبه، فلا يرجع قلبه بعد ذلك عن هذه الضلالة، والله المستعان.
([64]) الكلب: داء يصيب الإنسان من عض الكلب المسعور، فيصيبه شبه الجنون، ويلحق به حتى يموت.
و«تتجارى بهم الأهواء»؛ أي: يتواقعون فيها، ويتداعون، ويتهافتون في الأهواء.
قلت: والمراد أن الأهواء تسري في عروقهم، ومفاصلهم.
انظر: «لسان العرب» لابن منظر (ج1 ص723) و(ج14 ص141).
([66]) ومن ذلك بأنهم يتخذون الخلاف بين العلماء ذريعة للوصول إلى الفتاوى المخالفة للكتاب والسنة التي تخدم مآربهم الدنيوية، والله المستعان.
([68]) الطنبذي: بطاء مهملة مضمومة؛ بعدها نون ساكنة؛ ثم باء معجمة بنقطة واحدة، وذال معجمة.
وهو منسوب إلى طنبذ، قرية من قرى مصر؛ كما قال الجياني في «تقييد المهمل وتمييز المشكل» (ج2 ص337)، وكذا قال السمعاني في «الأنساب» (ج4 ص75)، وزاد: من البهنا، وهي من الطبارحيات.
لكن ضبطها ياقوت في «معجم البلدان» (ج4 ص12) بخلاف ذلك فقال: (طننذة: ثانية ساكن، والباء مفتوحة موحدة، وآخره ذال معجمة...).
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج8 ص536)، وعبدالله بن أحمد في «زوائد الزهد» (ص167)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص274)، وابن أبي الدنيا في «العقل» (ص22) بإسناد صحيح.
([71]) فالأمر يكون شيئا فشيئا إلى أن يتعلموا، ويصلوا إلى معرفة الحق بالمحاورة، والمناقشة العلمية.
واعلم أن إذا أراد المحاور بحواره وجه الله تعالى، والوصول إلى الحق؛ فإنه لابد أن يكون موضوعيا في محاورته بعيدا عن المغالطات والمكابرة؛ فيقبل الحق أيا كان مصدره، ويسلم للأدلة والشواهد، وإلا كان مكابرا مجادلا بالحق والباطل، والعياذ بالله.
([72]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج28 ص216)، و«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص330)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج13 ص106).
([74]) قلت: وهم الزنادقة المبتدعة، لأنهم هم أهل التفرق، والاختلاف، والسبل الشيطانية، وهم الذين يفرقون الأمة إلى أحزاب في البلدان الإسلامية، والله المستعان.
([75]) قلت: فأخبر النبي في تمثيله من تبقى في آخر الزمان بحثالة الشعير، والتمر، وهم المبتدعة الزنادقة ومن تابعهم من الرعاع والهمج من العامة الزنادقة، اللهم سلم سلم.
وانظر: «الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان» (ج8 ص300) لابن بلبان.
([76]) قلت: وهذا ظاهر فيمن يقوم على الثورات الغواغائية من الرجال والنساء!، والأبناء والبنات!، في بلدان المسلمين، نعوذ بالله من الخذلان.
([77]) من رؤوس الزندقة من «الإخوانية»، و«التراثية»، و«السرورية»، و«القطبية»، و«الربيعية»، و«الداعشية»، و«اللادنية»، و«الصوفية»، و«الأشعرية»، و«التبليغية»، و«الإباضية»، وغيرهم.
([80]) هم في هذا الزمان: «الإخوانية»، و«التراثية»، و«السرورية»، و«القطبية»، و«الصوفية»، و«الأشعرية»، و«اللادنية»، و«الداعشية»، و«التبليغية»، و«الربيعية»، و«الإباضية»، وغيرهم من دعاة الزندقة في هذا العصر، نعوذ بالله من الخذلان.
([82]) وانظر: «الإحسان إلى تقريب صحيح ابن حبان» لابن بلبان (ج13 ص292)، و«معالم السنن» للخطابي (ج4 ص377)، و«المنهاج» للنووي (ج12 ص237).
([83]) وانظر: «الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج10 ص51)، و«مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للقاري (ج9 ص257).
([86]) قلت: فعلى المسلم أن يعتزل دعاة الضلالة، ويصبر على غصص الزمان، والتحمل لمشاقه، وشدائده إلى أن يموت على السنة، والحمد لله تعالى.
([87]) قلت: ويدخل في الدعاة من قام بالفتنة في طلب الحكم، والملك من الخوارج، والروافض، والإباضية، والإخوانية، والقطبية وغيرهم ممن لم يوجد فيهم شروط الإمارة، والإمامة، والولاية، وهذا ظاهر في الثورات التي قامت في «تونس»، و«اليمن»، و«لبيا»، و«سوريا»، و«مصر»، وغير ذلك.
وانظر: «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للقاري (ج9 ص258).
([88]) وانظر: «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للقاري (ج9 ص258 و272)، و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج10 ص51 و60)، و«المنهاج» للنووي (ج12 ص237)، و«عون المعبود شرح سنن أبي داود» للعظيم آبادي (ج11 ص316).
([89]) وهم: الزنادقة في الدعوة إلى الله تعالى، الذين يأتون المسلمين بوجه، ويأتون المبتدعين، أو الكافرين بوجه آخر، نعوذ بالله من الخذلان.
([90]) لأنهم كانوا يتكلموا بشفاههم، وألسنتهم بالباطل، ونصرة أهل الباطل فوق المنابر فكان لهم هذاالعقاب الشديد.
([91]) قلت: هؤلاء خطباء من أمة النبي من أهل الأهواء كانوا يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون القرآن والسنة، فهم لا يعقلون، ولا يتوبون عن البدع، والمعاصي، وهم الآن أتباع الجماعات البدعية، والجمعيات الحزبية؛ من «الإخوانية»، و«التراثية»، و«القطبية»، و«السرورية»، و«الداعشية»، و«اللادنية»، و«الربيعية»، و«الصوفية»، و«الأشعرية»، و«الإباضية»، وغيرهم.
([93]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص16).
قلت: وعندما يقل العلم في الناس، ينتشر الجهل، ثم بينهم يخرج دعاة الزندقة، والعياذ بالله.
([94]) قلت: يمكن أن تكون قلة الرجال من اشتداد الفتن، وترادف المحن، فيقتل الرجال، والله المستعان.
وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج7 ص357).
([99]) قلت: وهذا بسبب قلة دينهم، فيتخذ هؤلاء الأتباع الجهلة رؤوس الزندقة لهم قدوة في الدعوة، فيتكلمون في الدين بغير علم، فضلوهم، والعياذ بالله.
([100]) الرويبضة: تصغير الرابضة، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، كما قعد المتعالم عن طلب العلم، ومع هذا يتصدر.
وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص185).
([101]) يقصد بذلك الرجل المتعالم الجاهل الذي يتكلم في أحكام الدين بلا علم كـ (السياسي، والمثقف، والجامعي، والدكتور، والمفكر...)، وللأسف أن هذا الرجل الجاهل يؤتمن على الأعمال الخيرية، والمسئولية، ومساجد الله، من خطابة، وإمامة، وتأذين، فيؤتمن الخائن، ويخون الأمين، والله المستعان.
وانظر: «التعالم» للشيخ بكر بن عبدالله (ص6).
([104]) وابن إسحاق حافظ كبير، واسع الرواية، وقد ذكره ابن المديني في الذين مدار الإسناد عليهم في «العلل» (ص36 و37).
([105]) وفيه عند أبي يعلى في تفسير الرويبضة: (من لا يؤبه له).
قلت: يقصد بذلك الجاهل المتعالم.
وانظر: «التعالم» للشيخ بكر بن عبدالله (ص6).
([106]) فربض عن (العلم الشرعي)، فلم يطلبه على الحقيقة عند العلماء الربانيين من أهل السنة والجماعة، ولم يبحث في مسائل علم الأحكام، فهو جامد لا يتحرك، لأن هذا العلم هو الذي يؤصل في العبد البحث في الفقه الصحيح.
فهو ربض على (العلم الآكاديمي) علم الجامعات، وعلم الشهادات، وهذا العلم يؤصل في العبد الجهل المركب بعلم الشريعة المطهرة، والله المستعان.
([107]) ووقع في المطبوع من كتاب: «الكنى» في الإسناد تحريفان:
الأول: تحرف أبو الأشهب إلى ابن الأشعث.
والثاني: تحرف أبو برزة إلى أبي هريرة، والحديث لا يعرف إلا بأبي برزة.
([108]) قلت: وأكثر بلاء الناس من قبل فروجهم، وألسنتهم، وأهوائهم، والعياذ بالله.
وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج8 ص428).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص126)، واللآلكائي في «الاعتقاد» (225)، والآجري في «الشريعة» (126)، والهروي في «ذم الكلام» (484).
وإسناده صحيح.
([112]) معنى يبدون: أي يخرجون إلى البادية لطلب مواضع اللبن في المراعي.
انظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني (ج6 ص647).
([113]) قلت: فالمبتدعة الزنادقة أضربوا عن السنة، وتأولوا القرآن على غير تأويله الصحيح عن السلف الصالح، فضلوا وأضلوا، نعوذ بالله من الخذلان.
([114]) قلت: والزنادقة إذا أرادوا أن يروجوا بدعهم ومعاصيهم، احتجوا بالخلافيات بين العلماء، بدون بيان الراجح والمرجوح في ذلك.
وهذا ابن الراوندي الزنديق يحتج على إباحته للغناء بإختلاف العلماء!.
انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج11 ص570)، و«المنتظم» لابن الجوزي (ج3 ص108)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج10 ص474)، و«تحريم آلات الطرب» للشيخ الألباني (ص164).
([117]) قلت: لذلك يجب الإنكار على الزنادقة في باطلهم، وبيان الحق فيهم، لأنه معلوم إذا ازدوج التكلم بالباطل، والسكوت عن بيان الحق تولد من بينهما جهل الحق، وإضلال الخلق، اللهم سدد سدد.
وانظر: «الفرق بين النصيحة والتعيير» لابن رجب (ص26).
أخرجه ابن محرز البغدادي في «معرفة الرجال» (ص293).
وإسناده صحيح.
وذكره القرطبي في «جامع أحكام القرآن» (ج8 ص5709)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج7 ص103).
([120]) قال الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص173): (فمضت السنة من علي، وابن عباس رضي الله عنهما في قتل الزنادقة). اهـ
([121]) أي: يعلم أنه باطل، أو يعلم نفسه أنه على باطل، أو يعلم أن خصمه على الحق، أبو يعلم الباطل، أي: ضده الذي هو الحق، ويصر عليه.
انظر: «عود المعبود» للآبادي (ج3 ص334).
([125]) قلت: ويحتمل أيضا أن يكون مراد الإمام أحمد / أن يشيع جنائز المبتدعة القليل من الناس، كما ذكر الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج1 ص387). لكن هذا لا يكون على كل حال.
([128]) قلت: من «الإخوانية»، و«التراثية»، و«السرورية»، و«القطبية»، و«الداعشية»، و«اللادنية»، و«الصوفية»، و«الربيعية»، و«الأشعرية»، وغيرهم.
([130]) قلت: وهذا ظاهر من أهل الأهواء من سكنهم في الغرب، وقبول أفكارهم السياسية، والدعوة إليها في حياتهم اليومية، والإستعانة بهم للقضاء على بلدان المسلمين بالثورات الجائرة، بل ويتعاونون معهم بكل ما أوتوا من قوة، ولم يميلوا إلى التعاون مع «بلد الحرمين»، وغيرها من بلدان المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج7 ص209): (وهكذا يوجد من فيه شبه من النصارى، والرافضة من الغلاة في أنفسهم وشيوخهم... وإن كانوا يقولون: هم كفار، فقلوبهم وأبدانهم إليهم أميل منها إلى المهاجرين، والأنصار، والتابعين، وجماهير المسلمين). اهـ
([132]) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص359): (فقابلهم قوم أرادوا تقويم السنة، فوقعوا في البدعة، وردوا باطلا بباطل، وقابلوا الفاسد بالفاسد). اهـ
([134]) قلت: لذلك لا تنخدع بتوبة الزنديق، فلا بد من التأكد من ذلك، لأن الزنديق هو المنافق، فيظهر شيئا، ويبطن شيئا آخر، اللهم سلم سلم.
وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص547 و548).
([135]) انظر: «الصارم المسلول» لابن تيمية (ج3 ص653)، و«المجموع» للنووي (ج1 ص207)، و«أحكام القرآن» للجصاص (ج3 ص274)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج12 ص273)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج7 ص205)، و«عمدة القاري» للعيني (ج24 ص77)، و«الإشراف» لابن المنذر (ج2 ص247)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج10 ص75)، و«التاريخ في الرجال» لابن معين (ص41) رواية: «ابن طهمان».
([141]) لزعمهم أن أهل السنة في إثباتهم للأسماء والصفات يشتبهو الله تعالى بخلقه، فأهل السنة يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات في الكتاب والسنة.
وانظر: «
([142]) النابت من كل شيء الطري حيث ينبت صغيرا، ويقال: نبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم شيء صغار، والنوابت من الأحداث الأغمار.
وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص563)، و«الصحاح» للجوهري (ج1 ص268).
([143]) نسبة إلى الجبر؛ والجبر: هو نفي الصغل حقيقة العبد، وإضافته إلى الرب تعالى، وأهل السنة يقولون: كل شيء بقدر الله تعالى، والقدرية تزعم أن لازم هذه المقولة أن العباد مجبورون، والقدرية المعتزلة؛ لأنهم زعموا أن الناس يخلقون أفعالهم، وليس لله فيها تقدير.
وانظر: «الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص24)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص43)، و«البرهاني» (ص26).
([144]) قلت: والزنادقة هم: الملاحدة عند عامة الناس، والواقع أن الزندقة تطلق على الملحدين، والمرتدين، والمبتدعين، والعاصين، ومن سلك مسلكهم.
انظر: كتابي «التحقيق في معرفة الزنديق»، و«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص244).
([145]) والحشوية؛ نسبة إلى الحشو، والمراد بذلك العامة، والذين لا يعرفون، ولا يفهمون؛ يردون بذلك العيب على أهل السنة والجماعة، فهم عندهم حشو في الوجود؛ يعنون لا قيمة لهم في الأرض.
وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج1 ص244)، و«نقض المنطق» له (ص22).
([146]) نقصانية؛ أي: إن أهل السنة يقولون: إن الإيمان يزيد وينقص خلافا لمعتقد المرجئة القائل بأن الإيمان لا يزيد، ولاينقص!.
وانظر: «
([147]) الناصبة: هم الذين ينصبون العداوة لعلي بن أبي طالب، وأهل البيت، ويتبرؤن منهم، ولا يحبونهم؛ كالخوارج.
وانظر: «القاموس المحيط» للفيوز آبادي (ج4 ص379).
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص193)، والصابوني في «عقيدة السلف» (ص304)، ومحمد بن طاهر في «المحجة» (ج2 ص713)، وابن أبي حاتم في «السنة» (ص135).
وذكره الذهبي في «العلو» (ج2 ص1162).
وإسناده صحيح.
([150]) قلت: وأهل أهل عصامة من هذه المعائب برية، نقية، زكية، تقية، وليسوا إلا أهل السنة المضية، والسيرة المرضية، والسيل السوية، والحجج البالغة القوية، قد وقهم الله تعالى لاتباع كتابه، ووصية وحظابه، والاقتداء برسوله r في أخباره.
انظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص306).
([152]) هو يحيى بن يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن داود بن أبي قتيبة السلمي، أبو إبراهيم المدني.
قال أبو حاتم ثقة، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: ربما وهم، وخالف.
انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص174)، و«تقريب التهذيب» له (ج2 ص341).
([153]) الزنديق: القائل ببقاء الدهر، فارسي معرب، وزندقة الزنديق: عدم إيمانه بالآخرة، ولا بوحدانية الخالق، وليس في كلام العرب زنديق، وإنما تقول العرب زنديق، وزندقي إذا كان شديد البخل.
والمشهور على ألسنة الناس أن الزنديق: هو الذي لا يتمسك بشريعة الله، ويقول بداوم الدهر، والعرب تعبر عن هذا بقولهم: ملحد؛ أي طاعن في الأديان.
وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص51)، و«المصباح المنير» للفيومي (ج1 ص256).
أخرجه الصابوني في «عقيدة السلف» (ص301)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص4)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص74)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص160)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص233)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص38).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج11 ص299).
أخرجه محمد بن طاهر في «الحجة» (ج2 ص588)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص147)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص201)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (671)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص58)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1986)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص5)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج ص)، وابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» (ص334)، وأبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ج ص)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص230).
وإسناده صحيح.
([156]) أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص79)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة على تارك المحجة» (ج1 ص230).
أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص232)، والهروي في «ذم الكلام» (ج ص)، وأبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص89).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «صون المنطق» (ص77).
([158]) قلت: والكفر يورث الجدال والمراء في الدين، وكذلك البدعة، فأهل الكفر، وأهل البدع: هم الزنادقة، والزندقة تورث الجدال بغير حق، لذلك الله تعالى يقول: ]ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا[ [غافر:4]، والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوث السيب.
وانظر: «قواعد الحسان» للشيخ السعدي (ص).
([159]) هو الإمام محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي أحد الحفاظ.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص279).
أخرجه ابن أبي حاتم في «السنة» (ص136)،والهروي في «ذم الكلام» (ج ص)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص234)، والالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص179).
وإسناده صحيح.
أخرجه أبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص97)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص227).
وإسناده حسن.
وذكره الذهبي في «السير» (ج9 ص199)، والسيوطي في «صون المنطوق» (ص61).
([163]) قلت: وقد اعترف بهذه النتيجة السيئة أرباب الكلام أنفسهم ممن خاض غمار الكلام، وتعمق فيه، كــ(أبي عبد الله محمد الرازي، وأبي المعالي الجويني، وأبي حامد الغزالي)، وغيرهم.
وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج1 ص159)، و«نقض المنطق» له (ص25)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج21 ص510)، و(ج18 ص474)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ج1 ص244 و245).
([164]) انظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص244)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج1 ص159)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج31 ص510).
([166]) قلت: فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف، واجتنب ما أحدث الخلف.
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
أخرجه أبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص82)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص70)، والصابوني في «عقيدة السلف» (ص242)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص103)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص217).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «صون المنطق» (ص56).
([169]) هو عمرو بن عبيد بن باب البصري المعتزلي القدري المبتدع.
انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص273)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص70).
أخرجه أبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص88)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص221)، والسفاريني في «لوامع الأنوار» (ج1 ص109).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «صون المنطق» (ص160).
أخرجه أبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص93)، والهروي في «ذم الكلام» (ج ص).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «صون المنطق» (ص67).
أخرجه أبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص96)، والهروي في «ذم الكلام» (1010)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص536)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص49).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «صون المنطوق» (ص60)، وابن أبي العز في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص17).
أخرجه أبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص97)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص73)، والبغوي في «شرح السنة» تعليقا (ج1 ص217).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «صون المنطق» (ص57).
([175]) قلت: لذلك وجب الابتعاد عن كنت أهل الأهواء، والزندقة، والإلحاد، لأنها تفسد الفطرة، وتدمر المجتمع، ففسادها عظيم، وشرها مستطير، لأن في هذه الكتب ما يضل ويشقي، وفي كتاب الله تعالى، وسنة رسوله rما يكفي ويشفي، والله المستعان.
لا يشعرون بما في دينهم نقصوا
جهلا وإن نقصت دنياهم شعرا
([177]) انظر: «الانتصار لأصحاب الحديث» لأبي المظفر السمعاني (ص80).
قلت: والعقل: هو سبب التكليف، إلا أن صاحبه لا يستغني عن توفيق الله تعالى له في كل وقت، والعاقل محتاج في كل وقت إلى توفيق جديد تفضلا من الله تعالى: «وما توفيقي إلا بالله» [ : ]
([181]) قوله: (علي بالنطع والسيف)؛ أي: أحضروا لي نطعا، وسيفا، ليضرب عنقه، لأن هذا الشاب خاص في حديث رسول الله r بغير علم، وهذا انتصرات من هارون الرشيد للسنة، يضاف إلى مناقيه في نشر السنة، وقمع البدعة، والله المستعان.
قلت: والنطع: هو بساط من جلد، كثيرا ما يقتل فوقه المحكوم عليه بالقتل.
انظر: «المعجم الوسيط» (ج2 ص930)، و«أخبار قزوين» للرافعي (ج4 ص189).
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج6 ص50)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج4 ص189)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص181)، والصابوني في «عقيدة السلف» (ص71)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص243)، و(ج14 ص7).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج9 ص288).
([184]) قلت: فأهل السنة لم ترج عليهم أغاليط الرواة في الأسانيد، والمتون، فكيف يروج عليهم دعوة الزنادقة، وتوليدهم البدع فالدين!.
وانظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (ج1 ص2618).
([185]) التغبير: هو شعر يزهد في الدنيا، يغني به مغني فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه.
انظر: «إغاثة اللهفان» لابن القيم (ج1 ص244)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج8 ص122)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج3 ص238).
([187]) قال السندي / في «حاشيته» (ج7 ص130): (المعازف، أي: آلات اللهو، من يجز، أي: يقطع، جمتك: هي من شعر الرأس ما سقط على المنكبين). اهـ
([189]) وانظر: «الأباطيل والمناكير» للجوزقاني (ج1 ص82)، و«لسان العرب» لابن حجر (ج1 ص314)، و«الموضوعات» لابن الجوزي (ج1 ص122)، و«الفوائد المجموعة» للشوكاني (ص447).
([191]) لأنه يثبت لله تعالى الصورة، والرؤية، والكيفية، فهو مجسم؛ والعياذ بالله.
وانظر: «لسان الميزان» لابن حجر (ج1 ص314).
([192]) وانظر: «الموضوعات» لابن الجوزي (ج2 ص25)، و«اللآي المصنوعة» للسيوطي (ج1 ص425)، و«تنزيه الشريعة» لابن عراق (ج2 ص8).
أخرجه الخلال في «السنة» (863).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن عبدالهادي في «بحر الدم» (765).
أخرجه الجوزقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج2 ص290)، والبيهقي في «الاسماء والصفات» (548)، وبحشل في «تاريخ واسط» (778)، والخلال في «السنة» (1938)، و(1985)، و(2049)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (50)، وأبو داود في «المسائل» (ص68)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص49 و50 و57).
وإسناده حسن.
أخرجه الخلال في «السنة» (1939) و(2018)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص57).
وإسناده حسن.
قلت: وهؤلاء أئمة الحديث يطلقون الزندقة على من يقول القرآن مخلوق، وهم: هشيم بن بشير الواسطي، وأبو معاوية محمد بن حازم الضرير، وسفيان الثوري، والمطلب بن زياد، وجرير بن حازم، والمعتمر بن سليمان، ومرحوم بن عبدالعزيز العطار، وعلى بن عاصم الواسطي، وأبو بكر بن عياش، ويزيد بن هارون.
أخرجه الخلال في «السنة» (1936)، و(2025)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص55).
وإسناده صحيح.
أخرجه الخلال في «السنة» (1977)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (86)، و(292).
وإسناده صحيح.
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص113)، والخلال في «السنة» (1982)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص44)، والآجري في «الشريعة» (7825)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج2 ص283).
وإسناده صحيح.
أخرجه عبدالله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص127)، والخلال في «السنة» (2023)، والنجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص70).
وإسناده صحيح.
أخرجه الخلال في «السنة» (2024)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص63).
وإسناده حسن.
أخرجه أبو داود في «المسائل» (ص268)، والخلال في «السنة» (2051)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (265)، و(267).
وإسناده صحيح.
([210]) هم الذين يقولون: لفظي بالقرآن مخلوق؛ أي: يزعمون أن القرآن كلام الله تعالى، فإذا تلوته، فتلاوته مخلوقة، وقول الجهمية بعيته، لأن القرآن هو كلام الله تعالى على كل حال.
وانظر: «السنة» للخلال (ج7 ص63)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج12 ص74).
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج9 ص221)، والدوري في «التاريخ» (ص).
وإسناده صحيح.
ونقله عنه البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج2 ص28).